📁 آخر الأخبار

تحديد سن ابتداء الزواج روؤية شرعية

تحديد سن ابتداء الزواج روؤية شرعية 





بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحقِّ؛ ليُظهره على الدين كلِّه، وكفى بالله شهيداً، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فهدى بنوره من الضَّلالة، وبصَّر به من العَمى، وأرشد به من الغَيِّ، وفتح به أعيُناً عُمياً وآذاناً صُمَّاً، وقلوباً غُلفاً، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً.
أمَّا بعد:
فإنَّ الزواج آيةٌ من آيات الله تعالى الَّتي ﭐمتنَّ بها على الخلق، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 21). وهو الطّريقُ الّذي جعله الله تعالى سببًا لحفظ الجنس البشريِّ وبقائه، فمنه تتكوَّن الأسرة، وعنه تنشأ الذُّرِّية، يقول الله تعالى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ (النحل: 72)، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء﴾ (النساء: 1). ولذلك كلِّه؛ حثَّتِ الشّريعة على النّكاح، وأمرت به ودعت إليه، وذلَّلت كلَّ سبيلٍ لإشاعته، حتّى غدا سهل المنال لكلِّ راغبٍ في العفاف، فسهَّلت شروطه، ويسَّرت أسباب حصوله وانعقاده. ومع هذا كلّه، فقد عظَّمت الشّريعةُ هذا العقد، ففي خطبة عرفة قال النّبيُّ ﷺ: «فاتَّقوا الله في النساء، فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله»(1). فجعل تزويجهنَّ بعهد الله وكلمته الّتي هي القرآنُ أو حكم الله، ولم يأتِ في عقد من العقود نظيرٌ لهذا الّتعظيم، الّذي يستوجب التّحرِّي في تحقيق شرع الله تعالى في الزّواج، ابتداءً وعقدًا. ومن تعظيمه بيانُ منزلة حقوقه، ومن ذلك شروطُه، فقد قال فيها النّبيُّ ﷺ: «إنَّ أحقَّ الشّروط أن يُوفى به: ما استحللتم به الفروج»(1). وقد بيّن الكتابُ والسّنّة أحكامه مفصّلاً، على وجهٍ لا خفاءٌ فيه ولا ﭐلتباس، عقداً ومعاشرةً وانفصالاً، ما يحلّ منه وما يحرّم. وقد تناول ذلك العلماءُ رحمهم الله، بياناً وإيضاحاً، في كتبهم ومدوَّناتهم العلميّة، أَفقهيَّةً كانت أم غير فقهيّة.
ومع هذه الحفاوة الشَّرعيَّة بأمر النِّكاح والزّواج، إلّا أنَّ كثيرًا من الأولياء تهاونوا في القيام بحسن النَّظر في نكاح بناتهم ومولياتهم، فترتَّبتْ على ذلك مشاكلُ عدّة، كان منها تفريطُ بعضهم في تزويج الصَّغيرات، دون نظرٍ في مصلحتهنَّ، بل طلباً للتَّكثُّر بالمال، ابتداءً من خلال المهور والهدايا والهبات، وعاقبةً من خلال الميراث، حتّى غدت الحالُ كما قال الحسينيُّ في وصف حال الآباء في زمانه: «ولكنَّ الآباء عندنا -في الغالب- يُهملون أمر تعليم أولادهم وتربيتهم، ويخطبون لهم الزَّوجات وهم في المهد، بقصد أن يُسرُّوا بهم أو يُكسبوهم ميراثًا»(2). ونتج عن ذلك كثيرٌ من الإشكالات، لما ضُيِّع النّظر إلى مصلحة الصّغار، وغُلِّبت مصلحةُ الأولياء، فصدق في كثير من هؤلاء الصّغار، أنَّ تزويجهم بهذه الطّريقة، صار أساسَ مصائبهم وتدمير مستقبلهم. ومن هنا نشأت فكرةُ سَنِّ نظامٍ أو قانونٍ يُحدِّد سنَّ ابتداء الزّواج للفتيات، قبلَ قرابة مئة عام في أواخر الدَّولة العثمانية. ثمّ صار ذلك - أي تحديد سنّ ابتداء الزواج - مادّةً تضمَّنتها غالب التّشريعات والأنظمة العربيّة، الّتي اهتمّت بإصدار تقنينٍ للأحوال الشَّخصيّة.
وفي هذه الدّراسة، سأحاول - بإذن الله تعالى- تقديمَ رؤية شرعية حول تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، وبعبارة أخرى: سأحاول بيان ما إذا كان يجوزُ لوليِّ الأمر سنُّ نظامٍ يُحدِّد السنَّ الأدنى للزّواج من القاصرات، ويمنعُ من تزويج القاصرات، إذا دعت حاجة أو اقتضت ذلك مصلحة.
وسأتناول بحث قضيّة تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، من خلال النِّقاط التالية:
أوّلاً: تمهيد.
وسيتضمّن التّعريف بالزَّواج، والتّعريف بالقاصرات، وبيان الفرق بين القاصر والصَّغير.
ثانياً: المبحث الأول: زواج القاصرات. وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: المراد بزواج القاصرات.
المطلب الثّاني: حكم تزويج القاصرة.
ثالثاً: المبحث الثّاني: تحديد ابتداء سنّ الزّواج.
وفيه مطالب:
المطلب الأوّل: التّاريخ والنّشأة.
المطلب الثّاني: الأسباب والدّواعي.
المطلب الثّالث: حكم تحديد ابتداء سنِّ الزّواج.
المطلب الرّابع: سنُّ ابتداء الزّواج.
ولأسباب عدّة، فإنَّ مسألة تحديد ابتداء سنّ الزّواج، أصبحت من القضايا الّتي شغلت الرّأي العام، وقد تناولها كُثرٌ من الكُتّاب والمهتمّين، من المختصِّين وغيرهم. وقد صدر بخصوصها عدّة فتاوى شرعيّة، ومقالات علميّة، وكذلك تحقيقات صحفيّة. أمّا الكتب والأبحاث والرّسائل، فقد اطّلعت على رسالة بعنوان «حكمُ تقنين منع تزويج الفَتَيَات (أقل من 18 سنة)»، من تأليف عبد الرّحمن الشثري، وقد أجاد وأفاد(1). وثمّة بحث آخر بعنوان «المبرِّرات لمنع تزويج الصّغيرات»، للباحثة فوزيّة الخليوي(2). واللهَ أسألُ أن تسهم هذه الدّراسة في تجلية الموضوع، وبيان هذه المسألة، وما قاله أهل العلم رحمهم الله قديماً وحديثاً فيها.

 تمهيد

أولاً: تعريف الزَّواج والتَّزويج:
الزَّواج في اللّغة مصدر من «زَوَّجَ» مثل سلَّم سلامًا وكلَّم كلامًا(1). وأصل المادّة يدور «على مقارنة شيءٍ لشيء، من ذلك: الزَّوج زوج المرأة، والمرأة زوج بعلها»(2).
أما الزَّواج في الاصطلاح فهو النّكاح(3). وقد عرّفه الفقهاء بتعريفات متقاربة يجمعها أنّه عقد التَّزويج(4). وهو «عقدٌ يُفيد حلَّ استمتاع كلٍّ من العاقدين بالآخر، على الوجه المشروع»(5).
أما التّزويج لغةً، فهو مصدر «زوَّج» أي قرن بين شيئين. وفي الشَّرع: التّزويج هو الإنكاح.
ثانياّ: تعريف القاصرات:
القاصراتُ لغة جمع قاصرة، والقاصرةُ من لم تبلغ سنَّ الرّشد(6)، فالقِصَر يُقابل الرُّشد(7).
أما في اصطلاح الفقهاء وعلماء الشّريعة المتقدِّمين، فلم يكن هذا اللّفظ شائعاً بينهم فيما وقفت عليه، لكن ﭐستعمل بعض الفقهاء وصف القاصر بمعنى الصَّغير الّذي لم يبلغ في هذا الباب، من ذلك قول ﭐبن نجيم: «هذا إذا كان في تزويج الصّغير مصلحةٌ، ولا مصلحةَ في تزويج قاصر...»(1)، وقال الهيتميُّ: «فلا بدَّ من إذنٍ منها، إن كانت بالغةً، وإلا فلا تُزوَّج اهـ. صريح في عدم صحّة تزويج أمة البكر القاصر»(2). والشّائع استعمالُه من الألفاظ في من لم يبلغ الحُلُمَ الصّغيرُ والصَّبيُّ والجارية، وهم مَن دون البلوغ، سواء أكان مميّزاً أم غير مميّز. فالبلوغ به ينتهي حدُّ الصِّغر في الشَّرع(3)، عرّفه بعض المالكيّة فقال: «هو قوَّة تحدث في الصَّبيِّ يخرج بها عن حالة الطفوليَّة إلى غيرها»(4). وهي حال التَّكليف(5). كما دلَّ عليه قولُ النَّبيِّ «رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصَّغير حتّى يبلغَ...»(6).
وأكثرُ من يستعمل هذا التَّوصيف بهذا المعنى، هم الحقوقيُّون والقانونيُّون، وقد عرَّفوا القاصر بأنّه من لم يكن راشداً، ومعيارُ الرُّشد في اصطلاحهم هو من بلغ عمره ثمانية عشر عاماً، وهو عاقلٌ غيرُ محجورٍ عليه، هذا هو المؤهِّل لنيل ومباشرة حقوقه المدنيّة(7). وهذا المعنى يلتقي مع ما ذكره صاحبُ معجم لغة الفقهاء، حيث قال: «القاصرُ العاجز عن التّصرف السّليم»(8).
ثالثاً: الفرقُ بين القاصرة والصّغيرة:
القاصرة هي من لم تبلع الرُّشد، وكذا هي الصّغيرةُ، فهي من لم تبلغ الحُلُم(9). إلا أنَّ الفرق بينهما يظهر في المعنى الاصطلاحيّ وتحديد معيار الرشّد، ففي حين تتوافق أكثرُ القوانين على تحديد سنِّ الرُّشد بسنِّ الثمانية عشر عامًا(1)، فإنَّ مَظِنَّة الرُّشد في الشَّرع البلوغ، وقد يتأخَّر عنه، قال تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (النساء: 6). قال القرطبي - رحمه الله -: «فجمع بين قوّة البدن وهو بلوغ النّكاح، وبين قوّة المعرفة وهو إيناس الرشد»(2). لم يحدّد الفقهاء سناً معيّنة للرُّشد، لكن لما كان البلوغ مَظِنَّة الرّشد فيمكن الاسترشاد بما ذكروه في سنّ البلوغ لمعرفة سنِّ الرّشد، وقد تنوَّعت كلمات الفقهاء في تحديد سنّ البلوغ. وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ سنّ البلوغ هو تمام خمسة عشر عاماً(3)، وقيل: ثمانية عشر عامًا، كما هو مذهب الحنفيّة(4)، والمالكيّة(5).

المبحث الأوّلزواج القاصرات

جاءت هذه الشَّريعة المطهَّرة الخاتمةُ، ببيان أحكام النّكاح بيانًا مفصّلاً، على وجه لا خفاء فيه ولا التباس، عقداً ومعاشرة وانفصالاً، وكذلك أبانت ما يحِلُّ من النِّكاح وما يحرُم. وفي هذا المبحث سأبيِّن حكم زواج القاصرات، من خلال ما ذكره الفقهاءُ وأهل العلم في مؤلَّفاتهم وكتبهم، وذلك في مطلبين:
المطلب الأوّل: المراد بزواج القاصرات:
زواجُ القاصرات مصطلح مركَّب، يُقصد به تزويجُ من له الولايةُ البنتَ الصّغيرةَ الّتي لم تصل سنَّ البلوغ، أو السّنَّ الّذي يحدّده النِّظامُ للزواج، وذلك يختلف باختلاف الأنظمة والقوانين من بلدٍ إلى آخر(1). ويظهر لي من خلال ما اطَّلعت عليه من القوانين والأنظمة، أنّه ليس ثمَّة رابطٌ بين سنّ التَّزويج وبين الرُّشد. فجميعُ ما وقفت عليه من القوانين، تُحدِّد سنّاً معيّناً للزواج، وليس فيه إشارةٌ إلى الرّشد.
المطلب الثّاني: حكم تزويج القاصرة:
مما تناوله الفقهاءُ حكمُ تزويج القاصرة أو الصّغيرة، وهي مَن دون البلوغ، وقد نقل الإجماع على الجواز غيرُ واحد من أهل العلم، والواقع أنَّ ثمّة خلاف، فللعلماء قولان:
القول الأوّل: جواز تزويج الصّغيرة، وبه قال عامَّة الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم، وقد حُكي الإجماع على ذلك، كما سيأتي عند ذكر الأدلّة.
القول الثَّاني: لا يجوز تزويج الصّغيرة حتّى تبلغَ وتأذنَ، وبهذا قال ابن شُبْرُمة، وأبـو بكـر بن الأصم، وعثمان البتي(1). وقد قوَّى شيخُنا محمّد بن عثيمين - رحمه الله - هذا القولَ واستدلَّ له فقال: «ولكن هل يجوز لأبيها أن يُزوِّجَها في هذه الحال - أي الصغيرة-؟ نقول: الأصلُ عدمُ الجواز»(2). بل رجَّح قول ﭐبن شبرمة صـراحةً، حيث قـال بعـد كـلامـه: «وهذا القول هو الصَّواب، أنَّ الأب لا يُزوِّج بنته حتّى تبلغ، وإذا بلغت فلا يُزوِّجها حتّى ترضى»(3).
أدلَّة القول الأوّل:
استدلَّ القائلون بجواز تزويج الصَّغيرة، بأدلة متنوِّعةٍ، أبرزها ما يلي:
الأوّل: قول الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ...﴾ (الطلاق: 4).
وجه الدِّلالة: أنَّ الآية الكريمة تضمَّنت ذكر عِدَّةِ المرأة الّتي لم تحض، وممن يدخل في ذلك عِدَّةُ من لم تحض لصِغَر، «فحَكَم بصحَّة طلاق الصغيرة التي لم تحض، والطلاقُ لا يقع إلاَّ في نكاحٍ صحيح، فتضمَّنت الآيةُ جوازَ تزويج الصَّغيرة»(4).
الثَّاني: قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ...﴾ (النساء: 3)، وقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَـابِ فِي يَتَامَى النِّسَـاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُـومُـوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْـطِ وَمَا تَفْعَلُـوا مِـنْ خَيْرٍ فَـإِنَّ اللهَ كَـانَ بِهِ عَـلِيمًا﴾ (النسـاء: 127).
وجه الدِّلالة: دلّت الآيتانِ على جواز تزويج اليتيمة، وهي مَن دون البلوغ(1). وقول بعضهم المراد باليتم قريبة العهد بالبلوغ، فوصفها باليتم اصطحاباً للحال القريبة. فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:«ولو أريد باليتيم ما بعد البلوغ فبطريق المجاز؛ فلا بد أن يعم ما قبل البلوغ وما بعده. أما تخصيص لفظ اليتيم بما بعد البلوغ فلا يحتمله اللفظ بحال؛ ولأن الصغير المميز يصح لفظه مع إذن وليه كما يصح إحرامه بالحج بإذن الولي وكما يصح تصرفه في البيع وغيره بإذن وليه عند أكثر العلماء كما دل على ذلك القرآن بقوله: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ (النساء: 6). فأمر بالابتلاء قبل البلوغ؛ وذلك قد لا يأتي إلا بالبيع ولا تصح وصيته وتدبيره عند الجمهور، وكذلك إسلامه؛ كما يصح صومه وصلاته وغير ذلك لما له في ذلك من المنفعة. فإذا زوجها الولي بإذنها من كفؤ جاز وكان هذا تصرفا بإذنها وهو مصلحة لها وكل واحد من هذين مصحح لتصرف المميز»(2).
الثّالث: زواج النّبيِّ ﷺ من عائشة رضي الله عنها، فقد قالت: «تزوَّجني رسولُ الله ﷺ لستِّ سنينَ، وبَنَى بي وأنا بنتُ تسع سنينَ»(3).
وجه الدِّلالة: أنَّ تزوج النَّبيِّ ﷺ من عائشة بهذا السِّنِّ، يصلُح أن يكون أصلاً في جواز تزويج الصّغيرة، قال القاضي عياض: «وحديثُ عائشةَ هذا، أصلٌ في جبر الآباء بناتهم الأبكار، وتزويج الصّغار منهنَّ، ولا خلافَ بين العلماء في جواز تزويج الأب ابنته الصّغيرة الّتي لا يُوطأُ مثلُها»(4).
المناقشة:
أنَّ هذا من خصائص النّبيّﷺ. فالنَّبيُّ ﷺ له خصائصُ في باب الزواج، وهذا منها(1).
الإجابة:
أُجيب بأنَّ الأصلَ عدمُ الخصوصيَّة، فالنَّبيُّ ﷺ قد جعله الله تعالى أسوةً للأمَّة، في أقواله وأفعاله، ما لم يرد دليلٌ على التَّخصيص «فمن ادَّعى أنه خصوصٌ لم يُلتفت لقوله؛ لقول الله عز وجل: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21)، فكلُّ ما فعله عليه الصّلاة والسّلام فلنا أن نتأسَّى به فيه، إلا أن يأتي نصٌّ بأنّه له خصوص»(2).
الرّابع: الإجماع، فقد حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم، منهم المهلَّب(3)، وﭐبن المنذر(4)، والنَّوويُّ(5)، وﭐبن قدامة(6). وقد نفى الخلاف في ذلك الشَّافعيُّ(7) وأحمد(8).
المناقشة:
نوقش هذا بأنَّ ثمّة خلافًا في المسألة، حيث نقل غيرُ واحدٍ من أهل العلم خلافَ جماعةٍ من الفقهاء في ذلك، كابن شُبرمة وغيره كما سيأتي، وهذا الخلاف لن يُغيِّبَه أو يُلغِيَه الإجماعُ المحكيُّ، مهما تعدَّد ناقلوه.
الخامس: ما ورد من آثار الصَّحابة في تزويجهم صغارَ بناتهم قبل البلوغ(1)، كما جاء عن عليٍّ في تزويجه ابنته أمّ كلثوم، وهي صغيرةٌ لم تبلغ فقد زوَّجها عمرَ رضي الله عنهما(2).
أدلّة القول الثَّاني:
الأوّل: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ (النساء: 3).
وجه الدِّلالة: أنَّ الله جعل بلوغ الحُلُم بلوغًا للنّكاح، «فلو جاز التَّزويجُ قبل البلوغ، لم يكن لهذا فائدة»(3).
المناقشة:
نوقش بأنَّ المراد بالنِّكاح هنا الحُلُم أي الاحتلام وليس التَّزويج(4)، فلا يكونُ في الآية دليل على تحديد سن الزواج بالاحتلام، وأنه لا يجوز قبله.
الثَّاني: قول النَّبيِّ ﷺ: «لا تُنكَح البكرُ حتّى تُستأذن»(5).
وجه الدِّلالة: أنَّ النّبيَّ ﷺ نهى عن نكاح البكر حتّى تستأذن، فمن كانت صغيرة «دون تسع السّنين ليس لها إذنٌ معتبر؛ لأنها ما تعرف عن النِّكاح شيئاً، وقد تأذن، وهي تدري، أو لا تأذن؛ لأنَّها لا تدري، فليس لها إذن معتبر»(6).
المناقشة:
نوقش بأنَّه جاء في رواية الترمذي أن النّبيِّ ﷺ:« اليتيمة تستأمر»(7). «قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ - رحمه الله -: يشبه أن يكون قوله في الحديث: والبكر تستأمر، إنما أراد البكر اليتيمة»(8).
الثّالث: قول النّبيِّ ﷺ لما خطب أبو بكرٍ وعمرُ فاطمةَ - y -: «إِنَّها صغيرةٌ، فخطبها عليٌّ، فزوّجها منه»(1).
المناقشة:
نوقش بأنَّ اعتذار النّبيِّ ﷺ بأنَّ فاطمة صغيرةٌ، أي بالنَّظر إلى سنِّ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. لذا ترجم النَّسائيُّ الباب الّذي خرَّج فيه هذا الحديثَ «بابُ تزوُّج المرأة مثلَها في السِّنّ»، فالصِّغَر أمرٌ نسبيٌّ، وهو ضدُّ الكِبَر(2)، ولا يلزم حمله في كلِّ موارده على ما دون البلوغ.
الرّابع: علَّلوا بعدَّة تعليلاتٍ، أبرزها أنّه: «لا حاجةَ بهما إلى النِّكاح؛ لأنَّ مقصود النّكاح طبعًا: هو قضاء الشّهوة، وشرعاً: النّسل، والصّغر ينافيهما»(3).
المناقشة:
نوقش بأنَّ الحاجة إلى النِّكاح ليست الشّهوة فقط، فثمّة حوائج ومصالح أخرى تحصل بالنِّكاح(4).
التَّرجيح:
الرَّاجح من هذين القولين، ما ذهب إليه عامَّة الفقهاء، من جواز تزويج الصَّغيرة من حيث الأصلِ، لقوَّةِ ما استدلُّوا به، وسلامتِه من المناقشات، وضعفِ حجّة المانعين.
وينبغي أن يُلاحظ أنَّ هذا التّرجيحَ، ليس معناه أن يُزوَّج الصّغارُ كيفما ﭐتّفق، بل يجب على الوليِّ أن يتحرَّى مصلحة الصّغيرة في تزويجه(5). ولكون الأمر قد يلتبسُ، فقد استحبَّ الشافعيُّ وأصحابه «ألا يُزوِّجَ الأبُ والجدُّ البكرَ حتى تبلغ، ويستأذنَها؛ لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهةٌ، وهذا الذي قالوه لا يُخالف حديث عائشة؛ لأنَّ مرادهم أنه لا يُزوجها قبل البلوغ، إذا لم تكن مصلحةٌ ظاهرة يُخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة، فيُستحب تحصيل ذلك الزوج؛ لأنَّ الأب مأمورٌ بمصلحة ولده فلا يفوتها»(1).



المبحث الثّانيتحديد ابتداء سنّ الزواج

وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأوّل: التّاريخ والنّشأة.
المطلب الثّاني: الأسباب والدَّواعي.
المطلب الثّالث: حكم تحديد ابتداء سنِّ الزّواج.
المطلب الرّابع: سنُّ ابتداء الزّواج.
المطلب الأوّل: التّاريخ والنّشأة:
عامَّة الفقهاء -رحمهم الله- على أنه ليس ثمة سنٌّ للتّزويج، وإنّما قال ذلك بعضُهم حيث حدّدوهُ بالبلوغ(1)، وبعضُهم خصَّه باليتيمة فلا تُزوَّج قبل البلوغ(2).
أما تحديد ذلك قانوناً، وإلزام النّاس به سلطةً أو نظامًا، فقد عُرف تحديد سنٍّ لابتداء الزّواج، منذ أواخر عهد الدّولة العثمانيّة، في أوّل العام 1336هـ؛ حيث صدّرته في مشروع قانون (قرار حقوق العائلة في النّكاح المدنيّ والطّلاق) ، فقد جاء في المادّة السّابعة منه: «لا يجوز لأحدٍ أن يُزوِّج الصّغير الّذي لم يُتمَّ الثَّانية عشرة من عمره، ولا الصّغيرة الّتي لم تُتمّ التّاسعة من عمرها»(3). وبعد مدّةٍ من الزّمن طُرح موضوعُ تحديد سنّ التّزويج في مصر، عام 1342هـ(4)، وتضمّن ثلاث موادّ قانونيّة تتّصل بتحديد سنّ الزّواج، فجاء في قانون الزّواج ما نصُّه: «ولا تُسمع دعوى الزّوجية، إذا كانت سنُّ الزّوجة تقلُّ عن ستّ عشرة سنة، وسنُّ الزّوج تقلُّ عن ثماني عشرة سنةً، وقتَ العقد، إلّا بأمرٍ منَّا»(5). وفي المادّة الثّانية: «ولا يجوز مباشرةُ عقد الزّواج، ولا المصادقةُ على زواجٍ مسند إلى ما قبلَ العمل بهذا القانون، ما لم تكن سنُّ الزّوجة ستّ عشرة، وسنّ الزوج ثماني عشرة سنة، وقتَ العقد»(1).
ثم تتابعت بعد ذلك الدّولُ العربيّة في سَنِّ القوانين التي تُحدِّد سنّ التَّزويج(2). وكان من أوائل الدّول العربيّة تقنيناً لسنِّ الزّواج لبنان وسوريا(3). وكان أشدَّها فيما يظهر لي ما جاء في القانون التّونسي وكذا المصريّ، حيث قضى بفساد عقد الزّواج، إذا كان أحدُ الزّوجين غيرَ بالغ(4).
أمّا على مستوى قرارات المحافل الدّوليّة والمنظمات الأمميّة، فكان من أوائل ذلك ما تضمَّنه قرارُ الجمعيّة العامَّة للأمم المتّحدة، رقم (843) في الدّورة (9) في تاريخ 17 ديسمبر 1954م، من حثِّ الدّول الأعضاء على الإلغاء «التامِّ لزيجات الأطفال ولخطبة الصّغيرات قبل سنِّ البلوغ، وبتقرير العقوبات الملائمة عند اللّزوم» . وجاء في ذلك القرار في مادّته الثّانية: «تقوم الدّول الأطراف في هذه الاتّفاقيّة: باتخاذ التّدابير التشريعيّة اللّازمة لتعيين الحدِّ الأدنى لسنِّ الزّواج، ولا يجوز التّزوُّج قانوناً لمن لم يبلغها، ما لم تُعْفِهِ السّلطة المختصَّة من شرط السنِّ لأسباب جديَّة، وتحقيقاً لمصلحة طالبي الزّواج»(5). ثم تتابعت الدّعوات والقرارات الأمميّة الّتي تؤكّد تحديد سنٍّ للتَّزويج، وتدعو إلى الإلزام به، ومن آخر ذلك ما تضمّنته ﭐتّفاقية (سيداو) وهي «»اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال التَّمييز ضدّ المرأة" من الدّعوة إلى التزام حدٍّ أدنى للتّزويج(6).

المطلب الثَّاني: الأسباب والدَّواعي:
أمّا الأسباب الّتي دعت إلى تلك التَّحديدات فمتعددة، يمكن إجمالُ أبرزها فيما يلي:
أوّلاً: أنَّ الصّغيرة والصّغير في هذه المرحلة العمريَّة، ليسا بحاجة إلى «النِّكاح، لأنَّ مقصود النِّكاح طبعًا هو قضاء الشّهوة، وشرعاً النَّسل، والصِّغر يُنافيهما»(1).
ثانياً: أنَّ عقد النِّكاح للصَّغيرة يترتَّب عليه ضررٌ بها، فالنِّكاح «يُعقد للعمر، وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ، فلا يكون لأحد أن يُلزمهما»(2) بتلك الالتزامات الّتي تمتدّ مدى العمر؛ يوضح ذلك الشّيخ أبو زهرة حيث يقول: «فلا ثمرة في العقد قبل البلوغ، لأنَّه عقد لا تظهر ثمراته قبل البلوغ، وفي إثباته قبله ضررٌ بالصَّغير، لأنَّه لا يستفيد من العقد، ويبلغ فيجد نفسه مكبّلاً بقيود الزّوجيّة»(3).
ثالثاً: أنَّ الصّغيرة والصّغير لا فائدة لهما في النّكاح ولا يعرفانه ولا يدركان مصالحه. قال شيخنا ﭐبن عثيمين: «أيُّ فائدةٍ للصَّغيرة في النّكاح؟!»(4)، ثم قال: «لننتظر حتّى تَعرف مصالح النّكاح، وتعرف المراد بالنّكاح ثمّ بعد ذلك نُزوِّجها، فالمصلحةُ مصلحتها»(5).
رابعاً: أنَّ الصّغيرة والصّغير لم تكتمل قواهم البدنيّة، وتزويجهم يثبت لهم حقوقًا، و«يستلزم تحميلهم وظائف وواجباتٍ، مقابلَ تلك الحقوق، تؤدّي في العاقبة إلى ضررهم»(6). يقول الشّيخ ﭐبن منيع: «ينبغي أن تؤجَّل الزِّيجةُ، حتّى تبلغَ الزّوجةُ وتنضجَ عقليًّا وبدنيًّا، وتستطيع تحمُّل المسؤولية»(7).
خامساً: أنَّ حياة الصّغير والصّغيرة، حياة لهوٍ ولعب، ففي تحميلهم مسؤوليّاتِ الزّوجية والأسرة إشغالٌ لهم بما هو خلاف طبيعة المرحلة العمريّة. وهذا سيترك آثارًا نفسيّة وبدنيّة، يعود على بناء الأسرة بالهشاشة والضّعف(1). وذلك سيُعيق بناء أسرة منتظمة.
سادساً: أنَّ الصّغيرة والصّغير بحاجة إلى بناءٍ علميٍّ ومعرفيٍّ وتربويٍّ، وفي تزويجهم مزاحمة لهذا التّأسيس المهمّ في نجاح الحياة الزّوجية. ولا سيَّما وأنَّ طبيعة الحياة البشريّة، قد تطوَّرت على نحوٍ يتطلّب «استعدادًا كبيرًا؛ لحسن القيام بها»(2).
سابعاً: أنَّ تزويج الصِّغار من البنات، فتح باب الجشع والطّمع لدى بعض الأولياء الّذين صيَّروا بناتهم سلعاً يتكسَّبون بهنَّ، دون نظرٍ في مصالحهنَّ، ولا اعتبارٍ لمستقبلهنَّ(3). وفي سياق ذكر أسباب توسُّع ظاهرة تزويج الصّغيرات في البلاد العربية، فقد أشارت الباحثة الخليوي، إلى أنّه «بسبب الوضع المادِّيِّ المتردِّي للأسر الفقيرة، الّتي ترغب بالتّخلُّص من أحد أفرادها بطريقة شرعيّة، أو طلباً للكسب المادّيّ»(4).
ثامناً: أنَّ زواج الصَّغيرة يُعرِّضها إلى أنواعٍ من المخاطر الصّحيّة، الّتي تنتج عن عدم اكتمال البِنية البدنيّة والنّفسيّة للزّواج، وقد استند تقرير منظّمة الصّحة العالميّة، إلى إحصاءات وأرقام تؤكّد ما توصَّل إليه من نتائج. ولذا جاء في توصياته للمعالجة ما يلي: «ومن الأمور الّتي يمكنها الإسهامُ في خفض حالات الحمل المبكّرة للغاية: سَنُّ وإنفاذ قوانين تحدّد السنّ الأدنى للزَّواج»(5).
تاسعاً: معاهدات دوليّة ومواثيق أمميّة عديدة، تطالب دول العالم، ومن بينها المملكة العربيّة السعوديّة، بتحديد سنّ الزّواج للفتيات(1)، وتذكر في ذلك أنَّه لصيانة المرأة والحدِّ من العنف الموجَّه لها(2)، وحفظ حقوق الطّفل(3). ومِن جملة مَن طالب بذلك أيضاً، جمعيّة حقوق الإنسان السّعوديّة «أنَّ دور الجمعيّة: الحصولُ على تشريعٍ يمنع ويُجرِّم تزويج أيِّ طفلٍ يقلُّ عمره عن الـ 18 من عمره»(4).
المطلب الثّالث: حكم تحديد ابتداء سنِّ الزَّواج:
بين يديّ تناول الموضوع، نحتاج إلى تحرير محلّ النّزاع؛ لتتَّضح معالم المسألة وحدودها؛ لئلا تشتبه بغيرها ويدخل فيها ما ليس منها. فموضوعُ البحث ومأخذُ المسألة الرّئيس هو: هل يسوّغ لوليِّ الأمر تحديدُ سنٍّ لبدء التّزويج، بحيث لا يتمُّ توثيق الزّواج قبل تلك السّنّ، ولا اعتبار آثاره؟
وممّا لا يخفى، أنَّ قضيّة إصدار قانون يحدّد سنّاً لابتداء التّزويج، كانت مثار اختلاف منذ زمن بعيد، فقد ثار خلافٌ كبير في مصر عندما طُرح القانون قبل نحو مئة سنة. يقول الشيخ محمّد أمين الحسينيّ -واصفاً ردّة الفعل على القانون الَّذي حدَّد سنَّ التّزويج في القطر المصريِّ، رغم أنَّ القرار كان مستندًا إلى فتوى شرعيَّة من مفتي الدّيار المصريّة -شيخ الجامع الأزهر آنذاك-: «فاضطرب القطر المصريُّ بهذا القانون أي اضطراب؛ أنكره جمهورُ فقهاء الأزهر، وما يتبعه من المعاهد الدينيّة، فيما يظهر لنا من كلامهم ومن المقالات التي نُشرت في الجرائد، وحسَّنه وانتصر له الشّيخ محمّد الخضريّ بك»(5). ومن خلال هذا يتبيّنُ أنَّ ثمّة توجّهين إزاء تحديد ابتداء سنّ التَّزويج منذ طرحه قبل مئة عامٍ تقريباً، وأنَّه قد رافق ذلك اضطراب واختلاف، وهذا الاضطراب ملازمٌ عادة للمستجدّات الّتي تخالف ما عهده الناس وألفوه، ولو في الأمور الدنيويّة العاديّة الحياتيّة، ولو لم يكن لها بعدٌ دينيٌّ، فإذا كان ثمَّة أبعادٌ أخرى، دينيّة أو سياسيّة أو غير ذلك؛ فإنه سيُكسِب القضيّة زخماً أكبر.
وقد طُرحت هذه القضيَّة في بلادنا المملكة العربيّة السّعوديّة حديثًا، من خلال عدَّة قنوات إعلاميّة وطنيّة وأجنبيّة، وتكلّم فيها العديد من المهتمّين، شرعيِّين وحقوقيِّين وإعلاميِّين وصحفيِّين؛ إمَّا ابتداءً وإما إثرَ قضايا منظورة لدى المحاكم(1)، وفي خضمِّ ذلك كثرت الدَّعوات لتحديد سنِّ ابتداء الزّواج. ولما كان لهذه القضية بُعدٌ دينيٌّ شرعيٌّ بيِّنٌ واضح، فقد توجهت الأنظار إلى الشّرعيين من العلماء وطلبة العلم والباحثين، وقد أفادت هيئةُ حقوق الإنسان في المملكة العربيّة السّعوديّة، أنّها تسعى للوصول إلى موافقة هيئة كبار العلماء، على مقترح تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، وأوضح رئيسُ جمعيّة حقوق الإنسان السّعوديّة «أنَّ دورَ الجمعيّة الحصولُ على تشريعٍ يمنع ويُجرِّم تزويج أيِّ طفل يقلُّ عمره عن الـ 18 من عمره»(2).
وقد تناول جماعةٌ من العلماء والباحثين مسألة تحديد ابتداء سنّ الزّواج، ويمكن إجمال أقوال أهل العلم في قولين رئيسين:
القول الأوّل: أنه لا يجوزُ إصدار قانونٍ لتحديد ابتداء سنّ الزَّواج.
وهذا ما ذهب إليه كثيرٌ من أهل العلم، من أبرزهم: العلّامة الشّيخ محمّد نجيب المطيعي(3)، وشيخنا عبد العزيز بن باز(4)، والدكتور صالح الفوزان(5)، وغيرهم.
القول الثّاني: يجوز إصدار قانون يحدّد ابتداء سنّ الزّواج.
وهذا ما ذهب إليه جماعة من العلماء، من أبرزهم: الشيخ عبد الرحمن قراعة مفتي مصر، وشيخ الأزهر الشّيخ محمد أبو الفضل(1)، والشّيخ محمّد بك الخضريّ(2)، والعلّامة الشّيخ محمد رشيد رضا(3)، وشيخنا محمّد بن صالح العثيمين(4)، والشيخ عبد الله بن منيع(5).
أدلّة القول الأوّل:
استدلَّ القائلون بأنه لا يجوزُ إصدار قانون يحدد سنَّ ابتداء الزواج بعدة أدلة، غالبُها هو ما استدلَّ به القائلون بأنَّه يجوز تزويج الصغيرة، وأنه لا حدَّ لسنِّ الزّواج صغراً ولا كبراً. وقالوا إنَّ تحديد سنٍّ للزَّواج معارِضٌ لتلك الأدلّة الشّرعية. يقول الشّيخ عبد المحسن العبّاد: «فلا يجوزُ الإقدامُ على تبديل أو تعديل ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنة والإجماع، من عدم تحديد سنِّ الزّواج، بل الواجبُ الاستسلامُ والانقيادُ لِما دلَّت عليه الأدلَّةُ، دون اعتراضٍ عليها أو تقييدٍ لها»(6).
وأبرز ما استندوا إليه في منع تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، ما يلي:
الأوّل: أنَّ تحديد سنّ ابتداء الزّواج يخالف الإجماع على جواز تزويج الصّغيرة(1). وما خالف الإجماعَ فهو باطلٌ مردود.
ونوقش من وجهين:
1- أنّه ليس ثمّة إجماعٌ في أصل المسألة، وهي جواز تزويج الصّغيرة، فالخلاف منقولٌ كما تقدّم عن ﭐبن شُبرمة، وأبو بكر بن الأصم، وعثمان البتي من المتقدّمين(2). فهؤلاء الفقهاء قد قالوا بمنع تزويج الصّغيرة قبل البلوغ، وحدَّدوا سنّ ابتداء التّزويج بالبلوغ. ومع هذا الخلافِ لا يكون إجماع.
2- لو سلَّمنا أنَّ ثمّة إجماعاً؛ فإنَّ بحث مسألة إصدار قانونٍ يُحدِّد سنَّ ابتداء التّزويج، ليس خرقًا للإجماع، بل هو نوع من التّنظيم الإداريّ لتحصيلِ مصالح ودرءِ مفاسد، ولهذا نظائر في باب السّياسة الشّرعيّة، وسيأتي بسطُ ذلك قريباً. وقد أفتى به جماعةٌ من أهل العلم المعاصرين كما تقدّم، من أمثال مفتي مصر الأسبق عبد الرّحمن قراعة، وشيخ الأزهر أبو الفضل، والشّيخ الخضريّ، والشّيخ محمّد رشيد رضا، وشيخنا العثيمين.
الثّاني: أنَّ تحديد سنِّ ابتداء التّزويج، ومنعَ الزّواج قبله، يُفضي إلى تحريمٍ لما أحلَّ الله. ولا يجوزُ إصدارُ ما يمنع النّاس مما أحلّ الله لهم. يقول الشّيخ نجيب المطيعيّ: «أنَّ تحديد سنّ الزّواج، والنّهيَ عن مُباشرة عقده قبل هذه السنِّ الْمُحدَّدة يقتضي تحريم الحلال، الّذي ندَبَ الشارعُ إليه وحضَّ النّاس عليه، أو تحريم السّنة المؤكّدة، وكلا الأمرين معصيةٌ بإجماع المسلمين»(3). وقريب من هذا ما قاله شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: «فليس لأحد أن يشرع غير ما شرعه الله ورسوله، ولا أن يُغيِّر ما شرعه الله ورسوله، لأن فيه الكفاية، ومَن رأى خلاف ذلك فقد ظلَمَ نفسه، وشرَعَ للناس ما لم يأذن به الله»(4).
ونوقش: بأنّ هذا القانون لا يُحرِّم ما أحلّ الله، بل هو تقييدٌ للمباح، بما يُحصِّل المصالح ويدرأُ المفاسد. ومثلُ هذا لا يوصف بأنّه محرّمٌ كسائر المحرّمات في الشّرع. وقد نبّه إلى هذا شيخ الإسلام ﭐبن تيمية -رحمه الله- لما ذكر إمضاءَ عمرَ طلاق الثّلاث بكلمة واحدة على من طلّق، فقال: «وأمَّا القول بكون لزوم الثّلاث شرعًا لازمًا، كسائر الشَّرائع: فهذا لا يقوم عليه دليلٌ شرعيٌّ»(1)، إنما هو نوعٌ من الاجتهاد لتحصيل مصلحة ودرء مفسدة.
الثّالث: كثرة المفاسد المترتِّبة على تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، كما أنَّ في ذلك التّحديد تفويتًا للمصالح المترتّبة على الزّواج المبكر، لا سيَّما في زمن استعار الشّهوات وكثرة الفتن.
المناقشة:
نوقش بأنَّ تحديد سنّ ابتداء الزّواج، له مفاسد ومصالح، كما أنَّ ترك تحديد سنّ ابتداء الزّواج له مفاسد ومصالح. يقول الشّيخ محمّد رشيد رضا: «ومن ادَّعى أنَّ كلَّ زواج قبل السِّنِّ المحدّدة في القانون، فهو ضارٌّ، كذَّبه الطّبّ والحقُّ الواقع. ومن ادَّعى أنَّه لا ضرر في شيءٍ منه فهو جاهلٌ بالواقع أو مكابر»(2). وعليه فإنَّه لا ينبغي أن يُغلَّب جانبٌ على جانب بمجرد الظُّنون، بل لا بدَّ من أن يتوافرَ عددٌ من أهل الاختصاص والخبرة، في الشّرع والطِّب والاجتماع وشؤون الأسرة، للموازنة بين تلك المصالح والمفاسد، والتّوصّل إلى كلمة سواءٍ، في أيِّهما يُغلَّب. وقد تواطأت كلماتُ كثيرٍ منهم -رغم اختلاف بلدانهم وتخصّصاتهم- على تغليب مضارّ زواج الصّغيرات على منافعه. وسيأتي بيان ذلك.
الرّابع: أنَّ في سَنِّ قانون يُحدِّد سنَّ ابتداء الزّواج، استجابةً للدّعوات العالميّة المشبوهة الّتي تصدر عن منظّمات وهيئات تسعى لإشاعة الثّقافة الغربيّة وإفساد المجتمعات الإسلاميّة. يقول الشّيخ عبد الرّحمٰن البرّاك -في سياق إنكار ذلك-: «بل الدَّعوةُ إلى منع تزويج الصّغيرات، وتقنين ذلك بتحديد سنّ زواج الفتاة بستّ عشرة سنة أو فوق ذلك، دعوةٌ قديمةٌ بالبلاد العربيّة، أوَّلُ ذلك منذ تسعين سنة، وصدَرَ في ذلك عدَّةُ قرارات من عدد من المؤتمرات: كالمؤتمر الدوليّ المعنيّ بالسّكان، مكسيكو، عام 1404ه، المؤتمر العالميّ للمساواة والتنمية والسّلم، نيروبي، عام 1405هـ. المؤتمر الدوليّ للسّكان والتّنمية، القاهرة، عام 1415هـ، المؤتمر العالميّ الرّابـع المعنيُّ بالمرأة، بكين، عام 1416هـ». - ثم قال: «فتوجُّهُ الهيئة - أي هيئة حقوق الإنسان في المملكة- إلى منع زواج القاصرات، وتنظيم قانونٍ في ذلك، ما هو إلاَّ امتدادٌ وتنفيذ لِما دَرَجَت عليه البلاد العربيّة. فالأمرُ مُبيَّتٌ ومخطَّط له، وهو جزءٌ من التّبعيَّة للغرب والبلاد العربيّة الْمُغرَّبة»(1).
المناقشة:
نوقش منعُ تحديد سنّ ابتداء الزّواج بأنّه تغريبٌ، بما يلي:
1- أنَّ ذلك لا يسنده دليلٌ، فموضوع التَّحديد بُحث منذ زمن بعيد، فجماعة من الفقهاء الأوائل منعوا تزويج الصّغيرة قبل البلوغ، كما تقدم.
2- لو سلَّمنا أنَّ هذه الدّعوة جاءت من الغرب، فإنَّ كونها غربيّة المصدر ليس موجباً لردِّها دون نظرٍ فيها بميزان القسط الّذي يوازن بين المصالح والمفاسد، ويقيس المنافع والمضار. فإنَّ النّبيَّ ﷺ قال لأبي هريرة في قصة حراسته الصّدقة، وقولِ الشيطان له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيِّ، لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطان حتّى تصبح: «صدقك، وهو كذوب»(2). قال الحافظ ﭐبن حجر: «أنَّ الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها، وتؤخذ عنه فينتفع بها»(3). فالحكمة ضالَّة المؤمن يبتدرها حيث ظفر بها، وهذا هو المسلك القويم الّذي دلَّت عليه نصوص الشّرع الحكيم. وفي مسألة تحديد ابتداء سنِّ الزّواج، وهي محلُّ البحث، لم تكن دعوى مجيئها من الغرب موجبةً لردِّها بالمطلق، فهذا الشّيخ محمّد رشيد رضا -رغم كثرة إشارته للتّفرنج والمتفرنجين(1)- إلّا أنه لم يرُدَّ تحديد سنّ ابتداء الزّواج بالجملة، وقد أشار إلى المتفرنجين في ثنايا حديثه عن الموضوع، ومع هذا قال - رحمه الله -: «ومن المغالطة أن يُجعل الخلاف في هذا القانون، دائرًا بين منع زواج الصّغير والصّغيرة مطلقًا وإباحته مطلقًا، فإنَّ بين الأمرين وسطًا»(2).
أدلّة القول الثَّاني:
استدلّ القائلون بجواز تحديد سنِّ ابتداء الزّواج، بكلِّ ما استدلَّ به القائلون بعدم جواز تزويج الصّغيرة قبل البلوغ. كما احتجُّوا بعدّة حُجج. وسأذكر أبرزها فيما يلي:
أولاً: إنَّ تحديد سنّ ابتداء الزّواج، له أصلٌ في كلام أهل العلم؛ فقد تقدَّم النقلُ عن ﭐبن شُبرمة، وأبي بكر بن الأصم، وعثمان البتي، قولُهم بتحديد سنِّ ابتداء الزّواج بالبلوغ، وأنّه لا يجوز تزويج الصّغيرة قبل بلوغها، وقد قوَّاهُم من علماء العصـر شيخُنـا بن عثيميـن - رحمه الله -. وقـد أشـار الشّـيخ أبـو زهرة إلى استئناس القانون المصريِّ بهذا القول، في تحديد سنّ ابتداء الزّواج، قال - رحمه الله -: «وبهذا الرّأي ﭐستأنس القانون رقم 56 لسنة 1923م، الّذي حدّد سنّ الزواج، ومنع سماع الدّعوى، إذا لم تصل سنُّ أحد الزّوجين إلى القدر المحدود، وقلنا ﭐستأنس؛ لأنّ القانون منع سماع الدّعوى فقط، بينما ذلك الرّأي يمنع صحة الزّواج»(3).
ثانياً: إنَّ زواج الصّغيرات لا يحقق مقاصد الشَّريعة في النّكاح ولا يحرز مصالحه، بل يُدخل الصّغيرة فيما لا تعرف ولا تحسن، يقول شيخنا محمّد العثيمين - رحمه الله -: «أيُّ فائدة للصّغيرة في النّكاح؟! وهل هذا إلا تصرّفٌ في بضعها على وجهٍ لا تدري ما معناه؟! لننتظر حتّى تعرفَ مصالح النّكاح، وتعرفَ المراد بالنّكاح ثم بعد ذلك نزوّجها، فالمصلحة مصلحتها»(1).
ثالثاً: إنَّ زواج الصّغيرات غالباً لا تُراعى فيه مصلحةُ الصّغيرة ولا الأحظّ لها، بل يُنظر إلى مصالح أخرى لا تعود إليها، هذا ما شهدتْ به كثير من الوقائع. وقد أشار إلى ذلك الشّيخ الخضريّ في حديثه عن دوافع تزويج الصّغار في زمانه، قبل نحو مئة سنة، وأنَّ زواج الصّغار «لا لمصلحة الصّغيرة والصّغير بل لمصالح آخرين، يُريدون الاستفادة من تقييد أحد الزّوجين بالآخر، قبل أن تُعرف إرادتهما أو إرادة أحدهما، وكثير من المطَّلعين على أحوال النّاس يقولون: إنَّ عاقبة مثل هذا الزّواج في الغالب نكدٌ على الزَّوجين جميعاً»(2). وقال شيخنا محمّد العثيمين - رحمه الله -: «وكم من ﭐمرأةٍ زوَّجها أبوها بغير رضاها، فلمَّا عرفت وأتعبها زوجُها قالت لأهلها: إمَّا أن تفكُّوني من هذا الرّجل، وإلا أحرقت نفسي، وهذا كثيراً ما يقع، لأنَّهم لا يراعون مصلحة البنت، وإنّما يراعون مصلحة أنفسهم فقط، فمنعُ هذا عندي في الوقت الحاضر متعيِّنٌ، ولكلِّ وقتٍ حكمُه»(3).
رابعاً: إنَّ الشّريعة جاءت - في كلِّ ما أمرت به ونهت عنه- في المصالح إيجاداً وتكثيراً، وفي المفاسد إعداماً وتقليلاً. قال شيخ الإسلام ﭐبن تيمية: «والشّريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها»(4). والإخلالُ بهذا مزلَّة أفهام كما قال الشّيخ - رحمه الله -: «فمن لم يُوازن ما في الفعل والتّرك من المصلحة الشّرعية والمفسدة الشّرعية، فقد يدع واجباتٍ، ويفعلُ محرَّمات»(1). ومفاسدُ زواج الصّغيرات غالبةٌ على مصالحه، مع ضعف الأمانة والتعلّق بالدّنيا. فيكونُ تحديد سنّ ابتداء الزّواج وسيلةً لمنع تلك المفاسد. ولهذا نظيرٌ في منع عمر بن الخطّاب - t - بعضَ الصّحابة من الزّواج بالكتابيّات؛ لما خشي أن يُفضي إلى المفاسد(2). ومِن فعل عمر يتبيّنُ ما ذكره شيخ الإسلام بن تيمية حيث قال: «فإنَّ الأمر والنّهي، وإن كان متضمِّنًا لتحصيل مصلحةٍ ودفع مفسدة، فينظر في المعارض له، فإن كان الّذي يُفوَّت من المصالح أو يُحصل من المفاسد أكثرَ؛ لم يكن مأمورًا به؛ بل يكون محرّمًا إذا كانت مفسدته أكثرَ من مصلحته»(3).
المناقشة:
نوقش بأنَّ المفاسد الّتي يُقال إنَّها تحصل «من تزويج الصّغيرة، فهذه المفسدة ممنوعةٌ تمنع تزويجها، وذلك في واقعةٍ خاصَّة لا تقتضي منعَ عموم المسألة»(4).
الإجابة:
أجيب بأنّ تلك المفاسـد لا يمكـن ضبطهـا ولا التحقُّق مـن انتفـائهـا، وهي ليست حالاتٍ خاصّة، بل هي في حالات غالبة. قال شيخنا محمّد العثيمين - رحمه الله -: «فالَّذي يظهر لي أنّه من النّاحية الانضباطيَّة في الوقت الحاضر، أن يُمنع الأبُ من تزويج ابنته مطلقًا، حتّى تبلغ وتُستأذن»(5). وما كان كذلك فإنَّ المعالجة فيه تكون عامّة كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب - t - في مسألة طلاق الثَّلاث، حيث قال: «إنَّ النّاس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌ؛ فلو أمضيناه عليهم!»(1). لذلك قال شيخنا ﭐبن عثيمين: «ولا مانع من أن نمنعَ النّاس من تزويج النّساء اللّاتي دون البلوغ مطلقًا»(2).
خامساً: إنَّ زواج الصّغيرات بالتزاماته وتداعياته الكثيرة، من حقوق وواجبات، وحملٍ وإنجاب، ومشاكل زوجيّةٍ، مصادر لضغوطات حياتيّةٍ، ينتج عنها مفاسد عديدة، سواء أكان من النّاحية الطّبّيّة أو النّفسيّة أو الاجتماعيّة أو التّعليميّة أو السّلوكيّة. وقد أفاض كثيرون في بيان تلك المفاسد، واستندوا إلى تقاريرِ لجانٍ درست تلك الآثار، وبناءُ الشّريعة على منع الضّرر ففي الحديث قال النّبيُّ ﷺ: «لا ضررَ، ولا ضرار»(3). وأشير فيما يلي إلى أبرز ما قيل في ذلك:
فمن النّاحية الطّبّيّة والنّفسيّة -قد ذكرها بعض المتقدّمين قبل نحو مئة عام- قال الشّيخ الخضريّ: «وأكثرُ من ذلك أنَّ ذوي الخبرة من الأطبّاء، قرروا لهذا الاجتماع أضرارًا، ليس شرحها بميسور على صفحات الجرائد، وقد سمعتُ الكثير منها فآلمني سماعُه»(4). وهذا ما انتهت إليه اللّجنة الّتي شكَّلتها وزارةُ الصّحّة في المملكة العربيّة السّعوديّة عام 1429هـ، لدراسة الآثار الصّحّيّة المترتّبة على زواج صغار السّنّ: «زواجُ القصر يكون أحدَ العوامل الرّئيسيّة التي تُساعد في ظهور مشكلات صحّيّة ونفسيّة، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض في الأسرة والمجتمع، وبالتّالي تُشكّل عبئاً قتصاديّاً على النِّظام الصِّحّيّ»(5).
أمّا من النّاحية الاجتماعيّة، فإنَّ الصّغيرة لا تقدر على القيام بالرّعاية المنوطة بالمرأة، في بيت زوجها، كما قال النّبيُّ ﷺ: «والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها»(6)، «والّذي يستدعي مزيد الرّحمة في هذه المسألة هو حالة البنات؛ إذ من المعلوم أنَّ الزّوج والزّوجة هما مشتركان في تأليف الأسر (البيوت) وإدارتها، ففي السّنِّ الّتي يكون الأطفالُ فيها معذورين بإضاعة أوقاتهم باللّعب في الأزقَّة، تكون البنتُ في مثلها مشغولةً بأداء وظيفة من أثقل الوظائف في نظر الجمعيّة البشريّة، وهي كونها والدةً ومدبرةَ أمور أسرة. وإن صيرورة بنت مسكينة لم يكمُل نموّها البدنيّ أُمًّا؛ يضعف أعصابها إلى آخر العمر، ويُكسبها عللاً مختلفةً، ويكون الولد الّذي تلده ضاويًا (ضعيفًا هزيلاً) مغلوبًا للمزاج العصبيِّ»(1).
أمّا من النّاحية التّعليميّة «فعادةً يصاحب هذا الزّواجَ تركُ الفتاة الدّراسةَ والتّفرغَ لحياتها، وهذا في حدِّ ذاته يُعتبر صدمةً أولى في حياتها، وعاملاً مُدمِّراً يؤثِّر على مستقبلها»(2).
المناقشة:
نوقشت تلك المفاسدُ العديدة، سواء أكانت من النّاحية الطّبّيّة أو النّفسيّة أو الاجتماعيّة أو التّعليميّة أو السّلوكيّة، بأنّها غيرُ مسلَّمة، وأنَّ كلَّ ما يُذكر من المفاسد غيرُ لازم، ومحلُّ نقاش(3). قال الشّيخ محمّد بخيت المطيعي: «وأمَّا ما قالوه، ترويجًا لتحديد سنّ الزّواج، مِن أَنّ الزّواج في الصّغر تترتّب عليه المفاسد الّتي ذكروها، ويضرُّ بصحّة الصّغير والصّغيرة؛ فغيرُ مسلَّم؛ لأنّه لم يقُل أحدٌ من المسلمين بأنَّ الزّواج فيه مفسدةٌ، لا في وقت الصِّغر، ولا في وقت الكِبَر. والأطبّاء مختلفون في أنَّ الأفضلَ التّبكيرُ بالزّواج أو التّأخير، واختلافُهم يوجب الشَّكَّ في أقوالهم، على أنَّه لا يُمكن لعاقل أن يقول: إنَّ مجرد حصول عقد الزّواج، يحصل به ضررٌ لصحّة الصّغير أو الصّغيرة. وإنَّما لّذي يُتوهّم أن يُقال: إنما هو في الوطء، وأمّا العقد فلا يترتب عليه شيء أصلاً، فلا وجه لتحديد السّنِّ له»(4).
الإجابة:
أُجيب بأنّه لا يمكن نفيُ الضّرر المترتّب على تزويج الصّغيرات بالكلّيّة ، وأعدل ما قيل ما علَّق به العلّامة محمّد رشيد رضا - رحمه الله - حيث قال: «ومن دَّعى أنَّ كل زواج قبل السِّنِّ المحدّدة في القانون، فهو ضارٌّ؛ كذَّبه الطِّبّ والحقّ الواقع. ومن ادَّعى أنّه لا ضرر في شيءٍ منه فهو جاهلٌ بالواقع أو مكابر»(1). فإذا كان كذلك فإنَّ الواجب هو في الموازنة بين المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، والأخذ بالمترجِّح والغالب منهما.
سادساً: تحديد سنّ ابتداء الزّواج، يمكن أن يندرج ضمن ما لوليِّ الأمر من التصرفات والتّدابير، الّتي يُقيم بها العدل، ويحقّق بها المصالح ويدرأُ المفاسد. فإنَّ النّاس يمكن أن «يُحدثوا أمراً تقتضي أصولُ الشّريعة فيه غيرَ ما اقتضته قبل حدوث ذٰلك الأمر»(2). وقد قال الإمام مالك: يحدث للنّاس أقضيةٌ، بقدر ما أحدثوا من الفجور(3). وفي سير الخلفاء الرّاشدين من ذلك ما يصلُح أن يكون أصلاً يُبنى عليه، وأساساً يُفرَّع منه؛ وكثيرٌ منها في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، ﭐلّذي فُتح في عهده أكثرُ الأمصار، واتَّسعت رقعة الأمّة، وجدَّت أمور واختلفت أحوال، فصدق ما قال مالك. وممَّا يتّصل من ذٰلك بقضايا الأسرة احتسابُه الطّلاقَ الثّلاثَ بكلمةٍ واحدة ثلاثًا، بعد سنتين من ولايته، على خلاف ما كان عليه الأمر زمن النّبيِّ ﷺ، وزمن أبي بكر، وعلَّل ذٰلك بقوله: «إنَّ النّاس قد استعجلوا في أمرٍ قد كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم!»(4).
سابعاً: تحديد سنّ ابتداء الزّواج، سيؤدّي إلى منع ظلم الصّغيرات بتزويجهنَّ غير الأكفّاء، لتحصيل مصالح مادّيّة أو غيرها، حاضرةً أو مؤجَّلة. فيكون تحديدُ سنِّ ابتداء الزّواج مندرجًا في قاعدة سدّ الذّرائع، وهي الوسائل المباحة إذا كانت تفضي إلى محرَّم غالباً(1)؛ علمًا أنَّه لا يقتصر الأمرُ فقط على منع الظّلم، بل وعلى منع كثير من الفساد الحاصل بسبب هذا النّوع من الزّواجات.
ثامناً: تحديد سنِّ ﭐبتداء الزواج، له نظائرُ عديدة في التّنظيمات الصّادرة والمعمول بها، فيما يتعلَّق بشأن الزّواج، واعتُبر ذٰلك تنظيماً معمولاً به في المحاكم منذ سنواتٍ بعيدة، من ذٰلك تنظيمُ زواج غير السُّعوديِّ بغير السعوديَّة، ومثله زواج غير السّعودي بالسّعودية، وفي منع فئات من الزّواج من غير السّعوديات بالكلّيّة، وقيود عديدة تضمَّنتها التّعاميم. ومما جاء فيها ما نصُّه: «لا يجوز أن يتزوّج السّعوديُّ بغير السّعوديّة، إذا كان من الفئات التّالية»(2). ولم تقابل تلك التنظيماتُ بشيء من الاعتراضات التي وُجِّهت لتنظيم سنِّ ابتداء الزّواج.
التّرجيح:
ﭐلّذي يظهر من هٰذين القولين، أنه يجوز لوليِّ الأمر تحديدُ ﭐبتداء سنّ الزّواج، على وجه التّنظيم؛ تحصيلاً لمصالح الأمّة ودرءاً للمفاسد، وتحقيقاً للعدل، فإن الله «قد بيَّن سبحانه بما شرعه من الطّرق، أنَّ مقصوده: إقامةُ العدل بين عباده، وقيامُ النّاس بالقسط، فأيُّ طريق استُخرج بها العدلُ والقسطُ فهي من الدّين، وليست مخالفةً له»(3). وكونُ هذا التّنظيم يُسمى قانوناً أو تقنيناً أو غير ذٰلك من المسمّيات العصـريّة، لا يخـرجه عن كونه جائزاً، فالأسماء لا تغيِّر الحقائقَ، يقول بن القيّم - رحمه الله -: «فلا يُقال: إنَّ السّياسة العادلة مخالفةٌ لما نطق به الشّرع، بل هي موافقةٌ لما جاء به، بل هي جزءٌ من أجزائه. ونحن نسمّيها سياسةً تبعاً لمصطلحهم، وإنَّما هي عدلُ الله ورسوله»(4).
وفي حال وجود ما يستدعي التّزويجَ، قبل السّنّ المحدَّد نظاماً؛ فإنّه يمكن أن يتقدَّم الوليُّ بطلب ذٰلك، من جهة مختصَّة للنّظر في تلك الطّلبات ومسوِّغاتها، والتّحقق من أنّه يُحصِّل مصلحة الصّغيرة ويحميها. وهذا الاستثناء معمولٌ به في قوانين الأسرة، في كثير من البلاد العربيّة والإسلاميّة. فقد تركت الأنظمة والقوانينُ البابَ مواربًا لمعالجة الحالات ﭐلّتي تُقدِّر الجهاتُ المختصّةُ استثناءها من التّحديد(1). وهذا ما تضمَّنته توصياتُ اللّجنة المشكَّلة في المملكة العربيّة السّعوديّة، من وزارة الدّاخليّة، ووزارة العدل، ووزارة الشّؤون الإسلاميّة، ووزارة الشّؤون الاجتماعيّة، حيث أوصت بما يلي:
1- «قصر الإذن بزواج من هي دونَ السّادسة عشر على المحاكم المختصّة»(2). وقـد ذهـب شـيخنا محمّـد العثيمين إلى أنّه إذا زُوِّجـت الصّغيرة للمصلحة حسـب نظـر وليِّها، فـإنَّ لها الحقَّ في الخيـار بين الاسـتمرار وبين الانفصال. قال - رحمه الله -: «لكن لو فرضنا أنَّ الرّجل وجد أنَّ هذا الخاطب كفءٌ، وهو كبيرُ السّن، ويخشى إن انتقل إلى الآخرة صارت البنت في ولاية إخوتها أن يتلاعبوا بها، وأن يزوِّجوها حسب أهوائهم، لا حسب مصلحتها، فإن رأى المصلحة في أن يزوّجها مَن هو كفء فلا بأس بذلك، ولكن لها الخيار إذا كبرت؛ إن شاءت قالت: لا أرضى بهذا ولا أريده. وإذا كان الأمر كذلك فالسّلامة ألّا يُزوِّجها، وأن يدعها إلى الله»(3).
المطلب الرَّابع: سنُّ ابتداء الزَّواج:
من الجدير ذكره أنَّ للدّيانة حضوراً في تحديد سنَّ الزّواج، فالّذين ذهبوا إلى تحديد ابتداء سنّ الزّواج بالبلوغ من الفقهاء، استندوا في ذٰلك إلى أدلّة من الكتاب والسّنّة، كما تقدم ذكر ذٰلك وبيانه. وعلى هذا النّحو غالبُ الأنظمة والقوانين الّتي تحدّد سنَّ ابتداء الزّواج، حتّى الغربيّة منها(1). فمثلاً إلى عهد قريب كان القانون البريطانيُّ ينص على أنّ سنّ الزّواج بالنّسبة للزَّوج أربعَ عشرة سنةً، وبالنّسبة للزّوجة اثنتا عشرة سنةً، ومرجعهم في ذلك إلى الكنيسة. وكذلك القانون المدنيّ الفرنسيُّ جاء في المادة (144) منه: «لا يجوز زواجُ الرّجل قبلَ تمام ثماني عشرة سنةً، ولا زواجُ امرأةٍ قبل بلوغها خمس عشرة سنةً كاملةً»(2). وكذا في الدّولة العثمانيّة ومصر، فالحسينيُّ بعد أن ذكر أنَّ منتهى البلوغ عند الحنفيّة ثمانية عشر عامًا، قال «وبُنيت المادَّتان الخامسة والسَّادسة على هذا الأساس (وهذا نصُّهما) :
المادة 5- إذا ادَّعى المراهقُ الذي لم يُتمَّ الثامنة عشرة من عمره البلوغَ، فللحاكم أن يأذن له بالزواج، إذا كانت هيئته محتمِلةً.
المادة 6- إذا ادَّعت المراهقة التي لم تتمَّ السابعة عشرة من عمرها البلوغَ، فللحاكم الشرعي أن يأذن لها بالزواج، إذا كانت هيئتها أيضًا محتملة، ووليُّها أذِن بذلك»(3).
كذا بعضُ القوانين العربيّة الحديثة، ﭐلّتي نصَّت على تحديد سنِّ الزّواج، مثلُ قانون حقوق العائلة الفلسطينيِّ، مع ذهابه إلى تحديد أهليّة الزّواج بأن يكون سنُّ الخاطب ثماني عشرة سنة فأكثر، وسنُّ المخطوبة سبع عشرة سنةً فأكثر. إلّا أنّ المادّة الثّامنة منه نصّت على أنّه «لا يجوز لأحد أن يُزوّج الصَّغير ﭐلّذي لم يُتمَّ الثّانية عشرة من عمره، ولا الصَّغيرة ﭐلّتي لم تُتِمَّ التَّاسعة من عمرها»(4).
وقد غدتِ السِّنُّ القانونيَّةُ للزّواج الأكثرُ انتشاراً في قوانين الدّول وأنظمتها هي سنُّ الثّامنة عشرة. وﭐلّذي تقتضيه الحكمةُ أن يُراعى في التَّحديد ما تتحقّق به المصلحة وتندفع به المفسدة، وذلك يختلف باختلاف البلدان والبيئات والشّعوب وغير ذلك من العوامل المؤثّرة. والمقصود أنّه ينبغي في تحديد ابتداء سنِّ الزّواج ملاحظةُ كلّ الاعتبارات المؤثّرة، وعدم التّأثُّر بدعوة المنظّمات أو الهيئات ﭐلّتي لا تُراعي هذه الفروقات، فلكل بلد خصوصيَّاته ﭐلّتي ينبغي ألّا تُهمل. وقد لفت نظري أنَّ أسبانيا، وهي إحدى دول الاتّحاد الأوربيّ، محافظة على أن يكون ابتداء سنّ الزّواج فيها أربعة عشر عاماً، رغم المطالبات برفعه من عدّة جهات، فجاء جواب وزيرة الصّحّة الأسبانيّة ليري باخين: «إنَّ إسبانيا ستحافظ على السّنّ القانونيّة للزّواج، عند مستوى 14 عاماً»(1).
أمّا السِّنُّ ﭐلّتي أوصت به اللّجنة السّعوديّة، المشكَّلة من وزارة الدّاخليّة، ووزارة العدل، ووزارة الشّؤون الإسلاميّة، ووزارة الشّؤون الاجتماعيّة؛ فهي سنُّ السّادسة عشر(2).
والّذي يظهر لي أنه أقربَ التَّحديدات للسَّلامة، هو تحديد سنِّ ابتداء الزواج بسنُّ البلوغ للذَّكر والأنثى وهو خمسةَ عشر عاماً، وذلك لما يلي:
أوّلاً: أنّ سن الخامسة عشرة هو أقرب الأقوال في تحديد سن البلوغ(3). فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في تحديد سن البلوغ بعد اتفاقهم على أن السن في الجملة إحدى علامات البلوغ. فكان أقصى ما وقفت عليه في تحديد سن البلوغ تسع عشرة سنة، وهو قول عند الحنفية والمالكية. وفي قول آخر إنه خمس عشرة سنة وهو قول صاحبي أبي حنيفة(4)، وقول عند المالكية(5)، وهو مذهب الشافعية والحنابلة(6). فهذه هي السّنّ ﭐلّتي جعلها الله فاصلاً بين الصِّغَر والكبر، ورتَّب عليها أحكامًا، وجعلها بلوغاً للنّكاح، كما قال تعالى:﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ (النساء: 3).
ثانياً: أنّها السِّنُّ ﭐلّتي يبتدئ بها الميلُ الطّبعيُّ من الرّجل للمرأة، ومن المرأة للرّجل. ولذلك أناط الله به أحكام الاستئذان، صيانةً للعورات فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ (النور: 57)، وقال أيضاَ: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا (النور: 58). والحُلُم هو «البلوغ، وحال النّكاح»(1).
ثالثاً: أنّ في التّأخير عن هذه السّنِّ حرماناً لمن يرغب في تزويِّج موليِّته بعد قيام المُوجب وهو الحاجة إلى النّكاح.
رابعاً: أنّ هذه السّنّ لها مسوّغاتها الجليِّة المميزة لها، بخلاف سائر التّحديدات. وما يقال من طبيعة المرحلة وما يعتريها من تقلّبات أمر تشترك فيه كلّ التّحديدات المذكورة.



الخاتمة
تقضَّت كلماتُ هذا البحث، وأزف على الختام. وقبل الانتهاء، إليكم أبرزُ نتائج هذا البحث أسجِّلها في نقاط:
أوّلاً: زواج القاصرات يُقصد به تزويجُ من له الولايةُ البنتَ الصغيرةَ ﭐلّتي لم تصل سنَّ البلوغِ أو السّنَّ ﭐلّتي يحدّدها النِّظام للزّواج.
ثانياً: ليس ثمّة إجماعٌ على جواز تزويج الصّغيرة، فالخلاف منقولٌ عن غير واحدٍ من أهل العلم قديماً وحديثاً. فلا إجماع بل هو قولُ أكثر الفقهاء من حيث الأصل، ويجب على الوليِّ أن يتحرَّى مصلحة الصّغيرة في تزويجه لها.
ثالثاً: عامَّة الفقهاء - رحمهم الله - لم يرد عنهم تحديدٌ لسّنّ التّزويج، وإنما قال ذلك بعضهم حيث حدَّدوه بالبلوغ، وبعضهم خصَّه باليتيمة، فلا تُزوّج قبل البلوغ.
رابعاً: تحديد ﭐبتداء سنّ الزّواج قانوناً، عُرف منذ أواخر عهد الدّولة العثمانيّة، في أول عام 1336هـ.
خامساً: إنَّ المطالبة بتحديد ﭐبتداء سنِّ الزّواج، لها أسبابٌ وجيهة عديدة، تدعو إلى دراستها والنّظر في معالجتها.
سادساً: يجوز لوليِّ الأمر أن يُرتِّب نظاماً يحدِّد ﭐبتداء سنّ الزّواج، على وجه التّنظيم، تحصيلاً لمصالح الأمّة ودرءاً للمفاسد وتحقيقاً للعدل.
سابعاً: أقربُ التّحديدات لابتداء سنّ الزّواج، هو البلوغ للذّكر والأنثى، لمسوِّغاتٍ عديدة ذكرتها.
 فاللهَ أسألُ حسن الختام، وأن يُدخلنا مدخل صدقٍ، ويُخرجنا مخرج صدق، وأن يجعل لنا من لدنه سلطانًا نصيراً.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.









أبيض


















قائمة المراجع
أولاً: الكتب:
1- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ) حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت الطبعة: الأولى، 1408 هـ - 1988 م.
2- أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية ص (34-35) . لعبد الوهاب خلاف. دار القلم. ط2 عام 1410.
3- إحكام الفصول في أحكام الأصول. لأبي الوليد الباجي، تحقيق: عبدالمجيد تركي، دار الغرب الإسلامي- بيروت- لبنان، الطبعة الأولى (1407هـ-1986م).
4- أحكام القرآن. للإمام: أبي بكر أحمد الرازي الجصاص، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث، بيروت، لبنان.
5- الأحوال الشخصية، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، الطبعة الثالثة، 1957م.
6- اختلاف الحديث، الإمام محمد بن إدريس الشافعي، مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت، الطبعة الأولى، 1405- 1985 تحقيق : عامر أحمد حيدر.
7- الأربعين النووية. تأليف: يحيى بن شرف الدين النووي، مكتبة دار الفتح- دمشق، الطبعة الرابعة (1404هـ-1984م).
8- الاستقامة. لشيخ الإسلام: أحمد بن تيمية، تحقيق الدكتور:محمد رشاد سالم، مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى(1403هـ- 1983م).
9- أسنى المطالب شرح روض الطالب. لزكريا الأنصاري، المطبعة الميمنية.
10- أنيس الفقهاء. الشيخ: قاسم القونوي، تحقيق الدكتور: أحمد بن عبدالرزاق الكبيسي، دار الوفاء، السعودية، جدة، الطبعة الأولى (1406هـ).
11- البحر الرائق شرح كنز الدقائق. لزين الدين إبراهيم بن محمد بن نجيم، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثانية.
12- بدائع كتاب الصنائع في ترتيب الشرائع. أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية (1406هـ).
13- البيان في مذهب الإمام الشافعي. لأبي الحسين يحي العمراني، اعتنى به: قاسم النوري، دار المنهاج.
14- البيان والتحصيل. لأبي الوليد ابن رشد القرطبي، تحقيق الأستاذ: سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية (1408هـ).
15- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق. لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية، الطبعة الأولى (1314هـ).
16- تحفة المحتاج بشرح المنهاج. تأليف: أحمد بن حجر الهيتمي، دار إحياء التراث، بيروت، لبنان.
17- تعاميم وزارة العدل، النكاح والمأذونية (3/675). بتأريخ 12/8/1393هـ.
18- التعليق على قانون الأحوال الشخصية، الجزء الأول، لأحمد الخمليشي، مكتبة المعارف بالرباط، ط2، 1987م، ص (60) .
19- تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، تحقيق  أبو تميم ياسر بن إبراهيم بن محمد، مكتبة الرشد - الرياض الطبعة: الأولى، 1419 هـ - 1998م.
20 جامع البيان عن تأويل آي القرآن. لمحمد بن جرير الطبري، دار الفكر - بيروت - لبنان، (1405هـ- 1984م).
21- جامع الرسائل، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق د. محمد رشاد سالم، دار العطاء - الرياض الطبعة: الأولى 1422هـ - 2001م.
22- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم. للحافظ ابن رجب البغدادي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى (1411هـ).
23- الجامع لأحكام القرآن . لأبي عبدالله محمد القرطبي، حقيقه: أبو إسحاق إبراهيم اطفيش، دار إحياء التراث العربي -  بيروت - لبنان (1405هـ- 1985م).
24- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير. للشيخ محمد عرفة الدسوقي، دار الفكر.
25- حاشية رد المحتار على الدر المختار: شرح تنوير الأبصار. لمحمد أمين الشهير بابن عابدين، دار الفكر، الطبعة الثانية (1386هـ).
26- الحاوي الكبير. لعلي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، تحقيق الشيخ: على محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى (1414هـ).
27- الزواج المدني دراسة مقارنة، للدكتور عبد الفتاح كبّارة، دار الندوة الجديدة، بيروت لبنان، ط1، 1414هـ - 1994م.
28- سنن ابن ماجه. لمحمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة دار إحياء الكتب العربية.
29- سنن أبي داود. لسليمان بن الأشعث السجستاني، دار ابن حزم، لبنان، الطبعة الأولى (1419هـ).
30- السنن الكبرى. لأبي بكر بن الحسين بن علي البيهقي، إعداد الدكتور: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، لبنان.
31- سنن النسائي. لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى المفهرسة - بيروت 1406هـ- 1986م.
32- سنن سعيد بن منصور، أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الجوزجاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، الدار السلفية - الهند الطبعة الأولى، 1403هـ -1982م.
33- شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك لمحمد الزرقاني، دار المعرفة – بيروت- لبنان.
34- الشرح الصغير على أقرب المسالك. لأحمد بن محمد الدردير، دار البخاري - السعودية - بريدة.
35- الشرح الكبير. لابن أبي عمر ابن قدامة المقدسي، تحقيق الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى (1415هـ).
36- الشرح الممتع على زاد المستقنع. شرح الشيخ محمد العثيمين، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى، عام (1422هـ).
37- شرح النووي على صحيح مسلم. لمسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، دار الفكـر (1401هـ).
38- شرح صحيح البخاري لابن بطال ت449. ضبط نصَّه: ياسر إبراهيم. مكتبة الرشد ط2 عام 1423.
39- شرح مختصر خليل للخرشي، محمد بن عبد الله الخرشي المالكي،  دار الفكر للطباعة - بيروت.
40- صحيح البخاري. لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محب الدين الخطيب، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، المطبعة السّلفية ومكتبتها القاهرة، الطبعة الأولى (1403هـ).
41- صحيحُ مسلم ، كتابُ إكمالُ المُعلمِ بفوائدِ مسلم ، للحافظ عِياض بن موسى اليحصبيّ ، تحقيق الدكتور يحيى إسماعيل ، مكتبة الرشد ، الطبعة الأولى 1419هـ
42- صحيح مسلم. للإمام: أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النسيابوري، بيت الأفكار الدولية، الرياض.
43- الصغير بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء، محمود مجيد بن سعود الكبيسي، راجعه عبد الله بن إبراهيم الأنصارى، إحياء التراث الإسلامي، قطر، د.ت .
44- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. لابن القيم الجوزية، تحقيق: بشير محمد عيون. مكتبة المؤيد، الطائف، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى (1410هـ).
45- العامي الفصيح في المعجم الوسيط، أمين علي السيد، من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
46- عقد الزواج وآثاره، مُحَمَّد أبو زهرة. مطبعة مخيمر بالقاهرة. 1958 م. ص (37).
47- الفتاوى التونسية في القرن الرابع عشر الهجري 2/ 890. جمع وتحقيق: محمد بن يونس العباسي. دار سحنون ودار ابن الجوزي. ط1 عام 1430.
48- الفتاوى الكبرى. لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، لبنان، الطبعة الأولى (1408هـ).
49- فتح الباري بشرح صحيح البخاري. لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، عبد العزيز بن عبد الله بن باز، محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة الرياض الحديثة.
50- الفروق. لأبي العباس الصنهاجي المشهور بالقرافي، دار المعرفة - بيروت لبنان.
51- القانون المدني، د. مصطفى العوجي، الناشر: مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع، عام 1996م.
52- كتاب المبسوط. لشمس الدين السرخسي، دار المعرف - بيروت - لبنان - (1406هـ-1986م).
53- مجلة المنار، (1-35).
54- مجموع الفتاوى. لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، دار عالم الكتب - الرياض.
55- مجموع فتاوى ابن باز (4/125). ملاحظات تتعلق بما نشر حول مشروع قانون الأحوال الشخصية في بعض الدول.
56- محاضرات في عقد الزواج وآثاره ص (23، 25-26) لمحمد أبو زهرة. دار الفكر العربي.
57- المَحلّى. لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم، تحقيق: أحمد بن شاكر، دار التراث - القاهرة.
58- مختصر التحرير. لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بابن النجار، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الأولى (1367هـ).
59- مختصر المزني. مع كتاب الأم للإمام: محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق محمد زهري النجار، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، عام (1393هـ).
60- المدخل للفقه الإسلامي، للدكتور: محمد سلاَّم مدكور. دار الكتاب الحديث. ط2 عام 1996م.
61- مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله، الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، 1401هـ 1981م.
62- المستدرك. للحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، بإشراف الدكتور: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، لبنان.
63- المسند تحقيق: أحمد شاكر، دار المعارف المصرية.
64- المصباح المنير. أحمد بن محمد على الفيومي المقريء، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الأولى (1417هـ).
65- معجم المقاييس في اللغة. لأحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق: شهاب الدين أبو عمرو، دار الفكر - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى (1415هـ،- 1995م).
66- معجم مصطلحات الشريعة والقانون، للدكتور عبد الواحد كرم، دار المنهج، عمان، ط2: 1418هـ- 1998م: ص231.
67- المعلم بفوائد صحيح مسلم. للإمام أبي عبد الله محمد المازري، تحقيق فضيلة الشيخ: محمد الشاذلي النيفر. الدار التونسية للنشر، الطبعة الثانية.
68- المغني.لابن قدامة، تحقيق الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور: عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى (1408هـ).
69- المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية. د. عبد الكريم زيدان. الطبعة الأولى. مؤسسة الرسالة. بيروت. 1993م.
70- النيابة عن الغير في عقد الزواج: بحث مقارن، للدكتور سيد أمين، دار عزّة للنشر، الخرطوم، ط2، 2002م.
ثانياً: مواقع الإنترنت:
(1) شبكة المعلومات القانونية لدول مجلس التعاون الخليجي، الإمارات: قانون الأحوال الشخصية (28/ 2005) :
(2) شبكة المعلومات القانونية لدول مجلس التعاون الخليجي، قطر: قانون الأسرة رقم 22/ 2006:
(3) الوضع القانوني للمرأة الفلسطينية في منظومة قوانين الأحوال الشخصية، وحدة المرأة، الإنسان، سلسلة دراسات (35) :
(4) حقوق المرأة في التشريعات اللبنانية، قانون حقوق العائلة 1917:
(5) حكمُ تقنين منع تزويج الفَتَيَات «أقل من 18 سنة»، عبد الرحمن الشثري، موقع الألوكة. http://www.alukah.net.
(6) «»المبرِّرات لمنع تزويج الصغيرات»، فوزية الخليوي، موقع صيد الفوائد.  http://www.saaid.net/daeyat/fauzea/116.htm.
(7) سيداو في الميزان، للكاتب نزار عثمان. مقال في موقع صيد الفوائد. http://www.saaid.net/Doat/nizar/6.htm
(9) المنيع لـ عكاظ : زواج القاصرات يقوض بناء الأسر المسلمة.
(10) المخاطر الصحية المحدقة بالشباب والحلول المقترحة.
(11) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان-اتفاقية نيويورك بشأن الرضا بالزواج والسن الأدنى للزواج وتسجيل عقود الزواج  http://www.un.org/ar/documents/udhr/
(12) العنف ضد المرأة: الحالة الراهنة.  http://www.un.org/ar/women/endviolence/situation.shtml
(13) اليونيسف تدعم الأطفال في شرق الهند ضد الزواج المبكر.
(14) حقوق الإنسان تنتظر رد كبار العلماء لتحديد سن الزواج.
(15) اليونيسف «قلقة» من زواج طفلة سعودية في الثامنة من العمر.
(16) كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج. http://www.mahaja.com/content.php
(17) سجال بين الشيخ صالح الفوزان والدكتور حاتم العوني.
(18) خطاب معالي وزير الصحة لمعالي رئيس هيئة حقوق الإنسان.
(19) الوضع القانوني للمرأة الفلسطينية في منظومة قوانين الأحوال الشخصية،وحدة المرأة الإنسان، سلسلة دراسات(35):   http://www.pchrgaza.org/arabic/studies/private-law-women.htm
(20) إسبانيا ستبقي سن الزواج القانونية عند مستوى 14 عاماً.























أبيض









فهرست
المـــوضـــــوع                                                                        الصفحة
تمهيد .................................................................................................................................................  7
أولاً: تعريف الزَّواج والتَّزويج .....................................................................................................  7
ثانياّ: تعريف القاصرات ................................................................................................................  7
ثالثاً: الفرقُ بين القاصرة والصغيرة .............................................................................................  8
المبحث الأول: زواج القاصرات ...............................................................................................  11
المطلب الأول: المراد بزواج القاصرات ....................................................................................  11
المطلب الثاني: حكم تزويج القاصرة ........................................................................................  11
المبحث الثاني: تحديد ابتداء سن الزواج ....................................................................................  19
المطلب الأول: التأريخ والنشأة .................................................................................................  19
المطلب الثاني: الأسباب والدَّواعي ...........................................................................................  21
المطلب الثالث: حكم تحديد ابتداء سنِّ الزَّواج .......................................................................  23
المطلب الرَّابع: سنُّ ابتداء الزَّواج ..............................................................................................  36
الخاتمة ............................................................................................................................................  41
قائمة المراجع ................................................................................................................................  43
 حديد سن ابتداء الزواج
زواج الصغار في ضوء تحديد سن الزواج

حكم زواج القاصرات

زواج القاصرات في الإسلام pdf

زواج القاصرات بين الشرع والقانون

بحث عن زواج القاصرات doc

تعليقات