القائمة الرئيسية

الصفحات



حجية السندات الرسمية والعرفية في القانون المدني الجزائري

حجية السندات الرسمية والعرفية في القانون المدني الجزائري

حجية السندات الرسمية والعرفية في القانون المدني الجزائري


المبحث الأول: حجيــة السنــدات الرسميـــة
المطلب الأول: مفهــوم السنــدات الرسميــة
الفرع الأول: تعريف السندات الرسمية
الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها في السندات الرسمية
الفرع الثالث: الآثار المترتبة على الإخلال بشروط السند الرسمي
المطلب الثاني: حجية السندات الرسمية في القانون المدني.
الفرع الأول: حجية السند الرسمي فيما بين الطرفين
الفرع الثاني: حجية السند الرسمي بالنسبة للغير
الفرع الثالث: حجية صور السند الرسمي
الفرع الرابع: بعض الأمثلة عن العقود الرسمية ومدى حجيتها
المبحث الثاني: حجيـــة السنـــدات العرفيـــة
المطلب الأول: مفهــوم السنــدات العرفيــة
الفرع الأول: تعريف السند العرفي
الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها في السند العرفي
الفرع الثالث: جزاء الإخلال بمبدأ التوقيع على الورقة العرفية
المطلب الثاني: حجية السندات العرفية في القانون المدني.
الفرع الأول: حجية السند العرفي المبرم قبل قانون التوثيق
الفرع الثاني: حجية السند العرفي المبرم بعد قانون التوثيق
الفرع الثالث: أمثلة عن العقود العرفية
المبحث الثالث: مــوقـف الاجتهـــاد القضائــي
المطلب الأول: موقف الاجتهاد القضائي من مسألة الشكلية في العقود 
المطلب الثاني: موقف الاجتهاد القضائي من مسألة العقود العرفيـة





المبحـث الأول: حجـيــة الســنـدات الرسميـــة

تكتسي العقود الرسمية أهمية بالغة في الإثبات في جميع المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها ولهذا فقد احاطها المشرع بعناية خاصة فحدد مدلول العقد الرسمي وشروطه والآثار المترتبة على تخلف شروطه وحجيته بين الأطراف واتجاه الغير.
المطلب الأول: مفهـوم السنـدات الرسميـة
الفرع الأول: تعريف السندات الرسمية
وهي الأوراق التي يقوم موظف عام مختص بتحريرها وفقا لأحكام قانونية مقررة وهي كثيرة ومتنوعة منها الأوراق الخاصة بالحالة المدنية ومنها الوثائق الرسمية القضائية كالأحكام والقرارات ومحاضر المنفذين ومنها الوثائق الرسمية العامة كالقرارات الإدارية والقوانين والمعاهدات. ومن أهمها أوراق الموثقين لأنها تتميز بتدخل إرادة الأطراف.
وقد عرفها المشرع الجزائري في نص المادة 324 من القانون المدني"بأن العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه" ويقابلها نص المادة 390 من القانون المصري والمادتين 1317 و1318 من التقنين المدني الفرنسي.
- والعقود الرسمية نوعان( ):
1- تعاقدية: تتوفر فيها ارادتين متبادلتين أي إيجاب من الطرف الأول وقبول من الطرف الآخر كالبيع، الهبة، الإيجار، الشركة.
2- تصريحية: ويقتصر فيها دور الموثق على استقبال التصريح ويحرر بشأنه عقد في قالب رسمي متى كان هذا التصريح غير مخالف للقانون مثل طلب إعداد فريضة، شهادة توثيقية، تصريح شرفي أو إقرار بالزواج من طرف واحد. 
الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها في السندات الرسمية
بالرجوع إلى نص المادة 324 من القانون المدني يتبين أن الشروط التي يجب توافرها ليكون السند الرسمي صحيحا هي:
أولا: صدور الورقة الرسمية من موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة:
أن الموظف العام هو الشخص الذي تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها ويتنوع الموظفون العموميون بتنوع السندات الرسمية التي يصدرونها( ).
ويشمل تعريف الموظف جميع موظفي الدولة بمختلف مصالحها المركزية والخارجية، الولاية بجميع مصالحها الإدارية، البلدية بجميع مصالحها، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري التابعة للدولة والولاية والبلدية ويخرج من مفهوم الموظف جميع عما ل المؤسسات العمومية ذات الطابع الاقتصادي والتجاري وغيرها من المؤسسات التي تخضع لأحكام القانون العام ويخضع العاملون فيها لأحكام القانون رقم 90-11 المتضمن علاقات العمل المعدل والمتمم بالأمر رقم 96/21.
- أما الضابط العمومي: مثل الموثق، المحضر القضائي، المترجم.
- وليس من الضروري أن يكون من تصدر منه الورقة الرسمية موظف عام بل يكفي أن يكون مكلف بخدمة عامة ومثال المكلفين بالخدمة العامة الخبراء المقبولون الذين تعينهم المحكمة ورؤساء المجالس الشعبية المنتخبون.
- والسبب في إعطاء هذه الأهمية في الإثبات للمحررات التي يصدرها هؤلاء الموظفون والمكلفون بالخدمة هو الثقة التي توحيها مهمتهم بالنسبة لعموم الناس ومن ثمة فإنه لا يمكنهم تفويض سلطتهم إلى غيرهم.
- أما بالنسبة للعقود التي كانت تحرر سابقا من قبل القاضي الشرعي فهي تكتسي نفس الطابع الرسمي الذي يضفى على العقود التي تحرر من قبل الموظف العام أو الضابط العمومي وهو ما كرسته المحكمة العليا في القرار رقم: 40097 المؤرخ في:03/06/1989 مجلة قضائية1992 عددها 01 ص 119: "من المستقر عليه فقها وقضاءا أن العقود التي يحررها القضاة الشرعيون تكتسي نفس طابع الرسمية التي تكتسيه العقود المحررة من قبل الأعوان العموميون وتعد عنوانا على صحة ما يفرغ فيها من اتفاقات وما تنص عليه من تواريخ بحيث لا يمكن إثبات ما هو مغاير أو معاكس لفحواها ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بخرق القانون غير مؤسس – ولما كان من الثابت – في قضية الحال أن القسمة المحررة من طرف القاضي الشرعي صحيحة ومعترف بها ومن ثم فإن قضاة الموضوع طبقوا القانون تطبيقا صحيحا."
- ثانيا: سلطة الموظف أو الضابط العمومي واختصاصه في إصدار السند الرسمي:
لا يكفي أن يكون السند صادرا عن موظف أو ضابط عمومي ليكون رسميا بل لابد أن يكون هذا الموظف أو الضابط العمومي قد تصرف في حدود سلطته واختصاصاته والمقصود بالسلطة – كما يعرفها فقهاء القانون- هي ولاية الموظف أو الضابط العمومي و أهليته( ).
- الولاية: يجب أن تكون ولاية الموظف أو الضابط العمومي قائمة وقت تحرير السند الرسمي فلو قام الموظف قبل تعيينه بتحرير سند رسمي فإنه يكون باطلا.
- الأهلية: يجب أن يكون الموظف أو الضابط العمومي أهلا لتحرير جميع العقود التي تدخل في اختصاصه.
* اختصاص الموظف أو الضابط العمومي إقليميا في إصدار أو تحرير السند الرسمي: يرتبط الاختصاص الإقليمي لكل موظف عمومي في السلك الإداري بدائرة الاختصاص للهيأة الإدارية التابع لها فاختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي يمتد إلى مجموع إقليم البلدية واختصاص مدير أملاك الدولة يمتد إلى كامل إقليم الولاية وهكذا. غير أن الاختصاص الإقليمي للموثق يخرج عن هذه القاعدة ليمتد اختصاصه إلى كامل التراب الوطني وهو ما نصت عليه المادة 2 من قانون رقم 88-27 مؤرخ في: 12 يوليو سنة 1988 يتضمن تنظيم التوثيق، ويتعلق الاختصاص الإقليمي عموما بأحد الأمرين:
1- موطن الأطراف أو محل إقامتهم أو الموطن المختار من طرفهم لإبرام العقد أو مكان حصول الواقعة القانونية كما هو الحال في عقود الزواج وسائر عقود الحالة المدنية.
2- موقع ومحل وجود الأموال موضوع العقد لاسيما في المعاملات الواردة على الأموال العقارية والمحلات التجارية والأموال المرهونة.
ثالثا: مراعاة الأشكال والأوضاع التي قررها القانون:
- أن هذا الشرط مكرس بموجب المادة 324 من القانون المدني وتحدد النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة عادة كيفية تحرير السندات الرسمية فتحدد العناصر والبيانات التي يجب أن تشتمل عليها والشكليات التي يخضع لها كل عقد مثلما هو الحال بالنسبة لقانون التوثيق الذي حدد في نص المادة 18 كيفية تحرير العقود. وكذلك الأمر في قانون الحالة المدنية من خلال نص المادة 63 والمرسوم رقم 76-63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري المواد 61 و71. إن بعض النصوص التشريعية لا تكتفي بتحديد تلك العناصر والشكليات بل تحيل على التنظيم مهمة إصدار نماذج كاملة للسندات كما هو الحال في المرسوم التشريعي رقم 93-03 المؤرخ في: 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري الذي تلاه صدور مرسومين تنفيذيين تضمن الأول تحديد نموذج عقد بيع على التصاميم والثاني نموذج عقد الإيجار وتنطبق هذه القاعدة بصفة عامة على العقود التي يختص بتحريرها كل من مدير أملاك الدولة ورئيس المجلس الشعبي البلدي واهم البيانات الواردة في السند الرسمي: الهوية الكاملة لأطراف العقد، بالإضافة إلى الهوية الكاملة للشهود، ذكر تاريخ العقد، اسم الضابط العمومي محرر السند بالإضافة إلى توقيعه.
- أما شهود العقد الرسمي ثلاثة أنواع: ( )
1- شهود التعريف" شهود التأكيد les témoin certificateurs"
وهم الشهود الذين يضمنون هوية المتعاقدين وحضورهما في العقد ليس واجبا إلا إذا كان الموثق يجهل هوية الأطراف وهذا طبقا لنص المادة 324 مكرر2 فقرة3 من القانون المدني، لذلك يجوز للموثق تحرير عقد بيع أو عقد إيجار أو عقد شركة بدون حضور شهود الإثبات
2- شهود العدل: "شهود العقد" les témoins instrumentaires
وهم الذين يساهمون في انشاء العقد وتكوينه وشهادتهم واجبة في العقود الإحتفالية "Actes solennels "   تحت طائلة البطلان إعمالا بنص المادة 324 مكرر3 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو سنة 2005 بموجب المادة 45 التي تنص:" يتلقى الكاتب العمومي تحت طائلة البطلان العقود الاحتفائية بحضور الشاهدين"، ومثالها الهبة، الوصية، الوقف والزواج فهذه الأنواع من العقود حضور شهود العدل فيها ضروري.
3- شهود التشريف: les temoins d’honneurs  وليس لهم أية قيمة قانونية وإنما يحضرون على سبيل التشريف.
- أما بالنسبة للعقد الرسمي الناقل للملكية العقارية فإن المادة 324 مكرر 4 من القانون المدني أضاف شروط أخرى والتي تتمثل في: 
- أن يكون العقد محررا أمام الموثق بالنسبة للعقارات التابعة للأفراد وبمعية مدير أملاك الدولة بالنسبة للعقارات التابعة لهذا الأخير.
- أن يكون مكرس لاتفاق الطرفين أي أن يتطابق الإيجاب مع القبول حول جميع المسائل الجوهرية في العقد.
- أن يكون مبرم بين الطرفين يحوزان أهلية التعاقد: أي بالغين لسن الرشد المدني وهو19 سنة وغير محجور عليهما طبقا للمادة 40 من القانون المدني.
- أن يحتوي على أصل الملكية: وذلك بتبيان أسماء المالكين السابقين وعند الإمكان صفة وتاريخ التحويلات المتتالية وهذا من اجل تجنب الوقوع في التصرف في ملك الغير.
- محدد للعقار تحديدا نافيا للجهالة من ناحية موقعه، رقمه، مساحته ومعالمه الحدودية.
- مراعيا للإجراءات الشكلية المنصوص عليها في المادة 324 مكرر 02 وما بعدها من القانون المدني والمادة 61 وما بعدها من المرسوم 76-63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري والمادة 15 وما بعدها من القانون رقم88/27 المؤرخ في: 12/07/1988 والمتضمن تنظيم مهنة التوثيق.
- معاين لتسديد المبلغ بالنسبة للعقود المبرمة أمام الموثق: بعد صدور قانون المالية لسنة 1998 أصبح فقط خمس 1/5 ثمن نقل الملكية يدفع لزوما مابين يدي الموثق( ).
- وهذا ما أكده قرار المحكمة العليا رقم011 112 مؤرخ في: 08/06/1994" غير منشور" )أن الحكم الأول والاشهاد بصحة بيع محل تجاري وبصرف الأطراف أمام الموثق للقيام بإجراءات نقل الملكية طعن بالنقض لأن المادة 79 من القانون التجاري و324 مكرر1 من القانون المدني توجب الرسمية تحت طائلة البطلان.
- أن الشكل الرسمي في عقد بيع القاعدة التجارية شرط ضروري لصحته وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان العقد(.
رابعا: وظيفــة التسجيـل
إضافة إلى تحرير العقد على الشكل الرسمي الذي اشترطه القانون للتعبير عن الإرادة اشترط قانون التسجيل الصادر بتاريخ:09/12/1976 بموجب الأمر76-105 على الموثق تسجيل مختلف العقود التي يبرمها لدى مصلحة التسجيل والطابع التابع لها مكتب التوثيق إقليميا، إذ جاء بالمادة 75 فقرة 01 من قانون التسجيل: ) لا يمكن للموثقين أن يسجلوا عقودهم إلا في مكتب التسجيل التابع للدائرة أو عند الاقتضاء في مكتب الولاية الذي يوجد بها مكتبهم(.
ويلزم نفس القانون الموثقين تسجيل جميع العقود التي تحرر بمعيتهم في اجل لا يتجاوز شهرا وفي حالة التأخير في التسجيل يتعرض الموثق لعقوبات جبائية (دون نزع الصبغة الرسمية على العقد( طبقا للمادة 58 من قانون التسجيل: )يجب أن تسجل عقود الموثقين في اجل شهر ابتداءا من تاريخها...( وأضافت المادة 93 :) أن الموثقين الذين لم يسجلوا عقودهم في الآجال المحددة تطبق عليهم العقوبات التأديبية من قبل السلطة المختصة التي يتبعونها من دون المساس بتطبيق العقوبات الأخرى المنصوص عليها في القوانين والأنظمة السارية المفعول عند الاقتضاء)( ).
- والغرض من عملية تسجيل العقود الرسمية تمكين إدارة الضرائب من مراقبة ومتابعة جميع التحويلات في الملكية خاصة العقارية واعادة تقويمها وتحصيل الرسوم والضرائب المترتبة عليها( ).


خامسا: وظيفـة الشهـر

 يعرف الاشهار العقاري بأنه نظام قانوني، له مجموعة من القواعد والإجراءات يضمن بها حق الملكية العقارية وكذا الحقوق العينية العقارية الأخرى وجميع العمليات القانونية الواردة على العقارات. إذن فإن الإشهار العقاري يلعب دورا هاما يتمثل في إعلام الغير حول الوضعية القانونية لعقارما وأيضا حول الثروة العقارية لشخص ما فضلا على أنه يلعب دور مهم في التشريع الجزائري يتمثل أساسا في إتمام نقل الملكية حتى بين الطرفين المتعاقدين، ومن جهة أخرى يبقى الإشهار إجباري ليس فقط بين طرفي العقد وإنما أيضا بالنسبة لكل طرف مشارك في العمليات الخاضعة لهذا النظام أو ما نسميهم بالمحررين)الموثقين، السلطات الإدارية، كتاب الضبط، القناصلة( طبقا لنص المادة90 من المرسوم 76-63 المؤرخ في: 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري واستينادا لأحكام المادة 14 من الأمر 75-74 مؤرخ في: 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري. ويكون الشهر إلزاميا بالنسبة للعقود التالية( ).
- كافة العقود الرسمية المنشاة أو الناقلة أو المعلنة أو المعدلة الواردة على الملكية العقارية المعدة بعد تأسيس مجموعة البطاقات العقارية.
- كافة العقود والأحكام القضائية اللاحقة للإجراء الأول الذي كان محل تأسيس لمجموعة البطاقات العقارية الخاضعة للإشهار العقاري بمقتضى التشريع الجاري به العمل وكذا تسجيل الرهون أو الامتيازات.
- المحاضر المعدة من قبل مصلحة مسح الأراضي والمثبتة للتعديلات التي تخص العقارات المشهرة في مجموعة البطاقات العقارية.
- وبصفة عامة كل التعديلات للوضعية القانونية لعقار محدد ومشهر في مجموعة البطاقات العقارية.
إضافة إلى ذلك أوجب المشرع شهر نوع من العقود تتعلق بالحقوق الشخصية وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 17 من الأمر 75-74 المؤرخ في: 12/11/1975)أن الإيجارات لمدة 12 سنة لا يكون لها أثر بين الأطراف ولا اتجاه الغير في حالة عدم إشهارها(.
- وفيما يتعلق بأجال الشهر ألزمت المادة 90 من المرسوم 76-63 المؤرخ في:25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري الموثق إيداع العقود لدى المحافظة العقارية في الآجال التي حددتها المادة 99 من نفس المرسوم وهذه المدة هي شهران يبدأ سريانها من تاريخ إبرام العقد.
وهو ما أكدته المحكمة العليا في القرار رقم 476 68 المؤرخ في: 21/10/1990 مجلة قضائية 1992 عدد1 ص 86:) وأن عملية الشهر العقاري هي وحدها التي تستطيع نقل الملكية طبقا لمقتضيات المادة 793 من القانون المدني(.
وعليه في حالة تزاحم المشترين فإن الملكية تنتقل إلى من اتخذ إجراءات الإشهار قبل الآخر ولو بساعات محدودة.
الفرع الثالث: الآثار المترتبة على الإخلال بشروط السند الرسمي: 
يترتب على مخالفة الأوضاع أو اختلال شرط من الشروط السالف ذكرها بطلان السند الرسمي وفقد قرينة الرسمية التي يتمتع بها وبالتالي فقدان حجيته كسند رسمي ولو كان التصرف القانوني موضوع السند في حد ذاته صحيحا( ).
- لم يحدد القانون المدني ولا قانون التوثيق الحالات التي يترتب عليها بطلان السند الرسمي بحكم القانون ماعدا حالتي: عدم دفع الثمن بين يدي الضابط العمومي وتلقي السند)العقد( الاحتفالي( ) بدون شاهدين.
- ومن ثم فإنه يجب التمييز بين الأوضاع والشكليات التي تعتبر جوهرية ويترتب عليها البطلان وتتجلى في إحدى الصور التالية على سبيل المثال لا الحصر:

- صدور السند من شخص ليس موظف ولا ضابط عموميا
 - صدور السند من موظف أو ضابط عمومي لكنه غير مختص إقليميا أو موضوعيا. 
- صدور السند بدون تاريخ.
- تلقي العقود الاحتفالية بدون شاهدين.
- تحرير السند بغير اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية.
- عدم اشتمال السند على هوية الأطراف.
- والبطلان هنا مقرر قانونا إما بالنص عليه صراحة أو لكون المخالفة المستوجبة للبطلان تشكل مخالفة لقاعدة قانونية آمرة وملزمة أو لكونها تمس بقاعدة من القواعد المتعلقة بالنظام العام كقواعد الاختصاص والصفة والأهلية.
 - أما مخالفة الأشكال والأوضاع والشروط التي لا تعد جوهرية ولا تشكل مخالفة للنظام العام، وليس من شأنها أن تؤثر على السند الرسمي فلا يترتب عليها البطلان ومثال ذلك:
- عدم كتابة التاريخ والأرقام بالحروف.
- الكتابة بين الأسطر أو التشطيب أو التحشير ما لم يكن ماسا بجوهر العقد 
- أما الآثار المترتبة على بطلان السند الرسمي:
الأصل أن بطلان السند الرسمي يشمل السند كله بكل ما إشتمل عليه من بيانات بما في ذلك ثبوت تاريخه، ولكن يجب التمييز بين السند الرسمي والتصرف القانوني الذي يثبته هذا السند، فبطلان السند لا يستلزم حتما بطلان التصرف القانوني الذي يبقى قابلا للإثبات بالوسائل الأخرى التي يسمح القانون بها، ويجوز إثباته بالسند الباطل نفسه بوصفه سندا عرفيا متى توافرت شروطه وذلك باستثناء العقود والتصرفات القانونية التي يوجب فيها القانون الرسمية كشرط لصحتها مثل التصرفات الواردة على العقار والحقوق العينية العقارية وعقود الشركات والمحلات التجارية والرهون العقارية والحيازية وغيرها فإنها تبطل ببطلان السند المعد لإثباتها باعتبار شكل الرسمية ركن في العقد ذاته.
- وهو ما أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات نذكر منها:
- القرار رقم 36662 المؤرخ في: 19/10/1985 مجلة قضائية لسنة 1989 العدد الرابع صفحة 152 )إيجار- محل تجاري- تنازل عليه- عقد رسمي – تلقي موظف مصلحة السكن التنازل- ورقة رسمية- قضاء بخلاف ذلك- إنعدام الأساس القانوني- مخالفة القانون.
- متى كان من المقرر قانونا أن الورقة الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عمومية ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن طبقا للأوضاع القانونية في حدود سلطته واختصاصه لذا فإن القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
- إذا كان ثابت في النزاع أن موظف مصلحة السكن كان قد تلقى تنازل المطعون ضده عن حقه في المحل التجاري المتنازع فيه لفائدة الطاعن ومنح هذا الحق المتنازل عنه لهذا الأخير فإن قضاة الاستئناف بقضائهم رفض طلبات الطاعن كلها بسبب البطلان الناشئ عن عدم وجود إثبات تنازل بعقد رسمي طبقا للمادتين 69 و83 من القانون التجاري مع اعتبار أن المطعون ضده يظل حقه قائما في المحل التجاري، خرقوا القانون بتطبيقهم أحكام القانون التجاري على بطلان الوصل المؤرخ في: 11/04/1973 إذا لم يكن هذا القانون قد صدر في ذلك الوقت ودون الإشارة إلى شهادة مصالح السكن ولا تنازل المطعون ضده ولا لوصولات الإيجار المحررة منذ فاتح شهر سبتمبر 1973 وكان لذلك نعي الطاعن على قرارهم مؤسسا، مما يستوجب معه نقض وإبطال القرار المطعون فيه تأسيس على مخالفة أحكام هذا المبدأ).
- القرار رقم 11699 المؤرخ في 09/11/1994 نشرة القضاة العدد 51 طبعة 1997 ص116 ( إلغاء الحكم الأول والإشهاد بصحة بيع المحل التجاري وبصرف الأطراف أمام الموثق للقيام بإجراءات نقل الملكية- طعن بالنقض لأن المادة 79 من القانون التجاري والمادة 324 مكرر 01 من القانون المدني توجب الرسمية تحت طائلة البطلان- قبول الطعن.
- إن الشكل الرسمي في عقد بيع القاعدة التجارية شرط ضروري لصحته وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان العقد(.
- وتنص المادة 326 مكرر2 من القانون المدني المعدل على أنه: (يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو إنعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف ( ويستفاد من نص المادة أن السند الرسمي متى كان باطلا لأي سبب من الأسباب المذكورة أعلاه سواء ما تعلق منها بعدم اختصاص أو عدم أهلية الضابط العمومي أو عدم احترام الأشكال والأوضاع المقررة قانونا، فإنه يعتبر غير رسمي ويأخذ مرتبة السند العرفي بشرط أن يكون موقعا من قبل الأطراف، وتكون له حجية السند العرفي ولا يكون لتحريره من طرف ضابط عمومي أي أثر فيما يتعلق بثبوت التاريخ إلا من تاريخ تسجيله والتأشير عليه من طرف مفتشية التسجيل أو إيداعه وهذا تطبيقا للقاعدة العامة.
 

المطلب الثاني: حجيـة السنـدات الرسميـة في القـانون المـدني

يتمتع السند الرسمي بافتراض تفيد صحته قانونا كلما كان مظهره الخارجي يوحي بذلك وهذه القاعدة مكرسة بنص المادة 324 مكرر 5 من القانون المدني( ) والتي تنص " يعتبر ما ورد في العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره، ويعتبر نافذا في كامل التراب الوطني".
- وهذه القرينة التي تتمتع بها الورقة الرسمية لا تحدث أثرها إلا إذا اتسمت بحالة ظاهرة من الصحة والمشروعية كما تقدم فإذا ظهر على شكلها أنها مشوبة بعيب ظاهر للعيان كأن تكون مشتملة على حشو أو محو أو تشطيب فإن من حق المحكمة وبدون أن يطعن فيها بالتزوير مسبقا أن تستبعدها من النزاع إذا تراءى للقاضي أن الفصل في الدعوى لا يتوقف على المستند المدعى بتزويره وهذا طبقا لنص المادة 156 من قانون الإجراءات المدنية.( )
الفرع الأول: حجية السند الرسمي فيما بين الطرفين:
تنص المادة 324 مكرر6/1: )يعتبر العقد الرسمي حجة لمحتوى الاتفاق المبرم بين الأطراف المتعاقدة وورثتهم وذوي الشأن.
غير أنه في حالة شكوى بسبب تزوير في الأصل، يوقف تنفيذ العقد محل الاحتجاج بتوجيه الاتهام، وعند رفع دعوى فرعية بالتزوير يمكن للمحاكم حسب الظروف إيقاف تنفيذ العقد مؤقتا(.
والمادة 324 مكرر7: ) يعتبر العقد الرسمي حجة بين الأطرف حتى ولو لم يعبر فيه إلا ببيانات على سبيل الإشارة، شريطة أن يكون لذلك علاقة مباشرة مع الإجراء.
- ولا يمكن استعمال البيانات التي ليست لها صلة بالإجراء سوى كبداية للثبوت(.
- ويستفاد من نص المادتين أن السند الرسمي حجة على الأطراف وورثتهم وخلفهم ويشمل الخلف العام والخلف الخاص وهذه الحجية مستمدة من قرينة الرسمية التي توحي بالثقة والإئتمان متى كان السند في مظهره يوحي بصحته وسلامته إلى أن يثبت تزويره أو يثبت ما يخالفه.
فالخصم الذي يتمسك بسند رسمي لا يلزم بإثبات صحته طالما كان مظهره سليما. ويحمل الختم الرسمي للدولة وتوقيع الضابط العمومي الذي حرره.
- غير أنه ينبغي التذكير بأن البيانات الواردة في السند الرسمي ليست على مستوى واحد من الأهمية فهناك نوعان من البيانات التي يتضمنها السند الرسمي:
أ- بيانات يكون فيها للسند الرسمي حجيته حتى يطعن فيه بالتزوير:
وتشمل كل البيانات التي دونها الضابط العمومي فيما وقع من ذوي الشأن بمحضره وتحت نظره، أما ما دونه بحكم وظيفته ومهامه وتتمثل فيما يلي:
- حضور الأطراف والشهود والتأكد من هوية وشخصية المتعاقدين إما بوثائق رسمية أو بشهادة شاهدين تحت مسؤوليتهما.
- التأكد من أهلية المتعاقدين ببلوغ سن الرشد والخلو من العوارض الأهلية الظاهرة كالجنون أو العته أما العوارض الخفية في تأكد منها بواسطة شاهدين.
- تدوين مضمون تصريح الطرفين أمامه بالإيجاب والقبول والشروط الخاصة للعقد والعلم بها من قبل الأطراف.
- دفع وقبض الثمن إذا كان واجب الدفع بمعاينة وبين يدي الضابط العمومي.
- تاريخ السند وتوقيعه من قبل الأطراف والشهود بمحضر الضابط العمومي.
- الإشارة إلى تلاوة السند على الأطراف.
- صدور السند من الضابط العمومي ببيان اسمه ولقبه وصفته ومحل إقامته المهنية.
- فمثل هذه البيانات لا تكون قابلة للطعن فيها إلا بالتزوير ولا يقبل من الخصم الذي يدعي خلافها أية وسيلة أخرى لدحض ما ورد بالسند الرسمي.
ب- بيانات تكون لها الحجية حتى يثبت العكس:
وتتمثل في كل ما أثبته الضابط العمومي في السند الرسمي باعتباره وارد على لسان الأطراف أو الشهود أو ما دونه بناء على استماعه للأطراف، فلا تصل حجيته إلى حد الطعن بالتزوير وإنما يجوز إثبات عكسها بوسائل الإثبات المقررة قانونا مع التذكير أنه لا يجوز إثبات خلاف ما ورد بسند مكتوب إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة تعززه البينة أو القرائن ومن أمثلة هذه البيانات:
- التصريح بمبلغ الثمن المتفق عليه وإقرار البائع باستلامه خارج مكتب الموثق في غير الحالات التي يتم فيه الدفع بين يدي الموثق لزوما.
- تصريح المشتري بأنه قد عاين المبيع وقبوله به على الحالة التي هو عليها.
- تصريح البائع بأن العقار المبيع خال مل كل قيد أودين أو تبعية.
- تصريح الأطراف بأنهم ليسوا في حالة حجر ولا إفلاس ولا تسوية قضائية ولا توقف عن الدفع.
- تصريح الأطرف بمهنهم، ومحل إقامتهم
- تعيين المبيع واصل الملكية، الذي يستنسخ من سندات أصل الملكية السابقة
- تعيين الورثة الشرعيين في عقد الفريضة الذي يدونهم الموثق بناءا على تصريح طالب الفريضة وشهادة الشاهدين.
- الإخفاء أو التخفيض من مبلغ الثمن المصرح به
فكل هذه البيانات وما يماثلها، التي يمكن أن ترد في سند رسمي تكون قابلة لدحضه بإثبات العكس ولا تكون قابلة للطعن فيها بالتزوير، حيث أن الضابط العمومي يدونها بالسند بناء على تصريحات الأطراف وبالتالي تكون على مسؤوليتهم ولا يكون الضابط العمومي محرر السند مسؤولا عن صحة مضمونها وإنما يكون مسؤولا فقط من حيث مطابقة التصريحات لما دون بالسند الرسمي.
لكن ما مدى صحة مضمون التصريحات ؟ قد تحتمل التصريحات الصدق أوالكذب من الأطرف وبالتالي تقبل إثبات العكس لأن الموثق لم يكتب إلا ما أقره الأطراف صادقين كانوا أم كاذبين.
ولكن هناك نوع ثالث من البيانات التي يمكن أن يتضمنها السند الرسمي وهي واردة على سبيل الإشارة كما عرفتها المادة 324 مكرر 7 من القانون المدني أي أنها لا تشكل عنصر أساسيا في العقد مثل: ذكر مهنة الأطراف والشهود وذكر أن المرأة متزوجة أو عازبة أو مطلقة في غير عقود الزواج وعقود الأحوال الشخصية، فإن هذا النوع من البيانات تكون له حجية حتى يثبت العكس إذا كانت متعلقة مباشرة بموضوع العقد أما إذا لم تكن متعلقة بموضوع العقد فلا تعد إلا كبداية ثبوت بالكتابة.
وقد أكدت المحكمة العليا على ذلك في القرار رقم 20264 مؤرخ في 27/09/2000 عن حجية عقد الشهرة( ) وجاء فيه ما يلي:)حيث أن العقد التوثيقي يتضمن نوعين من البيانات:
البيانات التي تتعلق بالوقائع التي يباشرها الموثق نفسه أو الوقائع المادية التي يقوم بها الأطراف أمام الموثق الذي يعاينها وهذه البيانات تكون حجة حتى يطعن فيها بالتزوير أما البيانات بالتصريحات والاتفاقات التي يتلقاها الموثق من الأطراف تكون حجة إلى أن يثبت عكسها، حيث أن قضاة المجلس الذين سمحو بإثبات عكس ما تضمنه عقد الشهرة المحتج به من طرف الطاعن فيما يخص التصريحات التي أدلى بها الموثق لم يخالفوا أحكام المادة 324 مكرر 5 من القانون المدني ذلك أن التصريح الشرفي المدلى به للموثق من طرف الطاعن حول حيازة القطعة الأرضية المذكور مساحتها وحدودها في عقد الشهرة يمكن أن يدحضه من ينازع في محتوى هذا التصريح وذلك بالدليل العكسي ودون حاجة إلى الطعن بالتزوير في عقد الشهرة(.
وأكدت المحكمة العليا نفس التمييز في قرار مؤرخ في: 29/03/2000 ملف رقم 190451 ويكيف عقد الشهرة "ما هو إلا عقد تقريري يقتصر على مجرد الإثبات"
وبالرغم من الحجية التي يعطيها القانون للورقة الرسمية، فإن ذلك لا يمنع القاضي من أن يقوم بتفسيرها ولا يعتبر تفسيره مساسا بحجية الورقة لأنه إنما يبحث عن نية المتعاقدين وعن محتوى الاتفاق المبرم بينهما ولكن يجب ألا يتعرض للشكل الذي صيغ فيه ذلك الاتفاق( ).

الفرع الثاني: حجية السند الرسمي بالنسبة للغير

وردت المادة 324 مكرر5 من القانون المدني بصيغة مطلقة في نصها على حجية العقد الرسمي على خلاف المادتين المواليتين –ومن هذه المادة نستخلص أن السند الرسمي حجة على الكافة وليس على أطراف العقد وخلفهم فقط ويسري على الغير ما يسري على الأطراف فيما يتعلق بحجية السند الرسمي سواء فيما يتعلق بالبيانات القابلة للطعن بالتزوير وحتى البيانات الواردة في السند على سبيل الإشارة، فإذا ادعى الغير أن التصرف المدون في الورقة الرسمية ليس بيعا كما تدل عليه وإنما هو هبة مستترة فإن بامكانه أن يثبت ذلك بالوسائل المختلفة أما إذا أنكر حصول العقد أمام الموظف فليس أمامه إلا طريق الطعن بالتزوير.
الفرع الثالث: حجيـة صـور السنـد الـرسمي
أن الأوراق التي يحررها الموثق على نوعين:
أ- الأصول التي يحتفظ بها في مكتبه وتحت مسؤوليته وهذا طبقا لنص المادة 6/4 من قانون رقم 88-27 المؤرخ في: 12 يوليو1988 الذي يتضمن تنظيم التوثيق.
ب- أصول أخرى يحررها أو يصادق عليها ولكنه لا يحتفظ بها وإنما يسلمها لذوي الشأن مباشرة كالوكالات البسيطة والمخالصات والاشهادات، غير أنه من الناحية الواقعية فإن جميع السندات يحتفظ بأصلها على سبيل الاحتياط والاحتراز من التلاعب بها وتزويرها.
* الفرق بين الأصل والصورة: أن أصل الورقة الرسمية هو الذي يحمل التوقيعات وهي التي تعتبر من صنع الموثق، أما الصورة فهي لا تحمل التوقيعات وليست صادرة من الموثق إلا في حدود ما هي منقولة عن الأصل بواسطته أو بواسطة موظف تابع له، فهي من هذه الناحية ورقة رسمية ولكن رسميتها محدودة في كونها صورة لا في كونها أصلا، والمفروض أنها مطابقة للأصل مطابقة تامة بما ورد فيه من بيانات وما تحمله من توقيعات وأنه لا فرق بين الصورة الخطية أي النسخة وبين الصورة الفتوغرافية.
ولكن في الغالب هو أن لا تكون الورقة التي يدلى بها أمام القاضي إلا صورة أو نسخة من الأصل الذي دونت فيه الحقوق أساسا، وبالرغم من أن الصورة تعكس أقل التفاصيل وأدق الجزئيات الموجودة في أصل الورقة الرسمية المصورة إلا أن القضاء يتخذ بشأنها قيمة الورقة الرسمية الأصل، كلما عرضت صورة كدليل للإثبات.
- فما هي قيمة هذه الصورة أو النسخة ؟ وإلى أي حد يمكن للقاضي أن يطمئن إلى حقيقة الوقائع المسجلة بها ؟( ).
- إن ما يستنسخ أو يستخرج عن الأصل ولا يحمل إلا إمضاء وختم الموظف أو الضابط العمومي فيسمى نسخة عادية، أو نسخة تنفيذية أو مستخرج، وتتضمن النسخة العادية النص الكامل للسند الرسمي المحفوظ قانونا وتسلم عادة للأطراف عند كل طلب، وذلك من اجل الاحتفاظ والاستعمال أو الاستدلال أو الاستظهار بها عند الحاجة.
بينما يتضمن المستخرج ملخص يشمل كل البيانات الرئيسية في العقد كالتاريخ وبيانات محرر السند وهوية أطراف العقد وتعيين العقار وتعيين الثمن وتحرر هذه المستخرجات بصفة رئيسية لتقديمها إلى مصالح التسجيل والطابع رفقة الكشوف الخاصة بتسجيل العقود الرسمية ولا يوجد ما يمنع من تسليمه للأطراف بناءا على طلبهم.
- أما النسخة التنفيذية فإنها تشتمل بالإضافة إلى النص الكامل للسند، الصيغة التنفيذية وهي نفس الصيغة التنفيذية الخاصة بالأحكام الصادرة عن المحاكم مثلما حددتها المادة 320 من قانون إجراءات المدنية، وتسلم النسخة التنفيذية مرة واحدة بناء على طلب احد الأطراف أو بأمر من رئيس المحكمة من اجل تمكين الدائن بالالتزام من تنفيذ السند الممهور بالصيغة التنفيذية ضد المدين بكل وسائل التنفيذ بما في ذلك الحجز التنفيذي واستعمال القوة العمومية عند الإقتضاء وذلك طبقا للمادة 20 من قانون رقم 88-27 المؤرخ في:12 يوليو1988 الذي يتضمن تنظيم التوثيق( ).
- تنص المادة 325 من القانون المدني:"إذا كان اصل الورقة الرسمية موجودا، فإن صورتها الرسمية خطية كانت أو فتوغرافية تكون حجة بقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل.
- وتعتبر الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين، فإذا وقع تنازع ففي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل".
- وتنص المادة 326 من القانون المدني:"إذا لم يوجد أصل الورقة الرسمية كانت الصورة حجة على الوجه الآتي:
- يكون للصورة الرسمية الأصلية تنفيذية كانت أو غير تنفيذية حجية الأصل متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل.
- ويكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها ولكن يجوز في هذه الحالة لكل من الطرفين أن يطلب مراجعتها على الصورة الأصلية التي أخذت منها.
- أما ما يؤخذ من الصورة الرسمية للصورة المأخوذة من النسخ الأول فلا يعتد به إلا لمجرد الاستئناس تبعا للظروف".
-يتبين من هذه النصوص أن هناك حالتين متميزتين:
أ/- حالة ما إذا كان اصل الورقة الرسمية موجودا.
ب/- حالة ما إذا كان اصل الورقة الرسمية مفقودا.
أولا: حجية الصورة إذا كان الأصل موجود.
لكي تكون للصورة حجية الورقة الرسمية ذاتها فإن القانون في المادة 325 من القانون المدني يشترط توافر أمرين أساسين( ):
* يجب أن يكون اصل الورقة الرسمية موجودا: أي محفوظا لكي يمكن الرجوع إليه عند الحاجة وعلة ذلك أنه لا قيمة للصورة أو النسخة الخطية في حد ذاتها وإنما تستمد قيمتها من مدى مطابقتها للأصل ومن ثم فأن بإمكان الخصم الذي يحتج عليه بصورة رسمية أن يطلب إحضار الأصل، ولا يشترط القانون أي شكل في ذلك ويلزم القاضي بالأمر بإحضارها ولا يستطيع الامتناع عن ذلك بحجة أن الصورة تشتمل على ضمانات تدل على مطابقتها التامة للأصل، كما أنه لا أهمية للموظف الذي حرر الصورة أو استخرجها.
* يجب أن تكون هذه الصورة رسمية: فإذا كانت صورة عادية فإنه لا يعتد بها وقد تكون هذه الصورة الرسمية صورة عن الأصل ذاته كما قد تكون صورة عن صورة رسمية للأصل والحل في جميع الحالات سواء طالما أن الأصل موجود فإنه يمكن دائما مضاهاتها به.
- فإذا توافر هذان الشرطان قامت قرينة قانونية على أن الصورة مطابقة للأصل وتكون لها حجيتها، غير أن هذه القرينة غير قاطعة وهي قائمة مادام لم ينكرها الخصم فإذا نازع فيها وجب مراجعتها على الأصل.
ثانيا: حجية الصورة متى كان الأصل غير موجود
أن هذه الحالة تنطبق على صور الأوراق الرسمية ولا تنطبق على الأوراق العرفية وهذا أمر طبيعي لأن المحررات العرفية لا توفر أدنى شيء من الضامانات لأنها لم تحرر أمام موظف عمومي وتشمل هذه الحالة كل الصور التي ينعدم فيها الأصل نتيجة تلف أو حرق أو نحو ذلك وتشمل حتى الأوضاع التي يوجد الأصل فيها لدى موظف أجنبي مثل الاحتلال أو الثورات.
- ويجب على الخصم الذي يريد الاستفادة من هذه الحالة بتقديم صورة لأصل يزعم عدم وجوده أن يتولى إثبات انعدام الأصل.
- وتشمل هذه الحالة على ثلاثة فروض:
-أولا: أن تكون الصورة الرسمية مأخوذة عن الأصل مباشرة سواءا كانت مأخوذة عن الأصل ذاته المحفوظ أي عن الصورة التنفيذية أو عن النسخة العادية الأولى وهذه الصورة الرسمية كلها لها حجية واحدة هي حجية الأصل المفقود وذلك متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل، أما إذا كان العكس كما إذا كانت مشتملة على شطب أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها فهي لا تستمد هذه الحجية من الأصل لأنه مفقود. وإنما من ذاتها بالرغم من أنها لا تحمل توقيع الخصم وبالرغم من عدم إمكانية مطابقتها على الأصل وهذا طبقا لنص المادة 326/1 من القانون المدني.
ثانيا: أن تكون الصورة الرسمية مأخوذة عن الصورة الرسمية الأصلية، وهي لا تعتبر صورة عن الأصل إلا بطريق غير مباشر وهذه الصورة لها نفس الحجية للصورة الرسمية الأصلية بشرط أن تكون الصورة الرسمية الأصلية موجودة ليتمكن مقارنتها بها، وأما إذا كانت هذه الصورة مفقودة فإنها لا يعطى لها هذه الحجية وهذا طبقا لنص المادة 326/2 من القانون المدني.
ثالثا: أن تكون الصورة الرسمية مأخوذة عن الصورة المأخوذة عن النسخة الأولى وهنا تبتعد المسافة مابين الصورة والأصل فهي صورة الصورة أي الصورة الثالثة في هذه الحالة لا تكون للصورة أية حجية وإنما يمكن أن تؤخذ على سبيل الاستئناس لا غير أما إذا أقر بها الخصم فإن المشكل يزول وتسترجع الصورة حجيتها وهذا طبقا لنص المادة 326/3 من القانون المدني.
*حجية البيانات المقيدة في الفهارس والسجلات الرسمية:
أن السجلات العمومية التي يمسكها ويحتفظ بها الموظف أوالضابط العمومي( ) والخاصة بقيد السندات الرسمية والتي تخضع وجوبا للقيد في سجلات يومية وفهارس لعقود مرقمة ومؤشرة من طرف رئيس المحكمة المختص، تقيد فيها العقود وقد أوردت المادة 326 مكرر1 من القانون المدني حكما خاصا بها واعتبرت البيانات الواردة بها كبداية ثبوت بالكتابة ولكنها قيدت ذلك بشرطين اثنين هما:
1- أن يثبت فقدان جميع أصول الوثائق للسنة التي يبدو أن السند المحتج به قد حرر خلالها أو أن يثبت أن فقدان أصل هذا السند كان نتيجة حادث خاص.
2- أن يكون لدى الموثق فهرس قانوني منظم أي تتوافر فيه الشروط التي يفرضها القانون ويتضمن البيان بأن العقد المراد الاحتجاج به قد حرر فعلا في نفس التاريخ المدعى بتحريره فيه.
- ففي حالة تحقق هذين الشرطين تعتبر البيانات الواردة في السجلات كبداية ثبوت بالكتابة ويقبل عندئذ الإثبات بالبينة أي بشهادة الشهود ويصبح من الضروري الاستماع لمن كان شاهدا على العقد إن وجد على قيد الحياة ليتحول الشاهد بذلك من شاهد على صحة السند الرسمي، إلى شاهد إثبات على التصرف القانوني وفقا لأحكام المادة 333 من القانون المدني.
الفرع الرابع: أمثلة عن العقود الرسمية ومدى حجيتها
أن العقود الرسمية كثيرة ومتنوعة- إلا أنه سنذكر البعض منها- فقد نصت على البعض منها المادة 324 مكرر1 من القانون المدني:) زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أوكل عنصر من عناصرها أو التنازل عن أسهم من شركة أو حصص فيها، أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو عقود تسيير محلات تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد.
- كما يجب تحت طائلة البطلان إثبات العقود المؤسسة أو المعدلة للشركة بعقد رسمي وتودع الأصول الناتجة عن هذه العمليات لدى الضابط العمومي المحرر للعقد(.
- المادة 39 و91 من المرسوم رقم 76- 63 المؤرخ في: 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري والذي يؤكد أن الشهادة التوثيقية من العقود الرسمية.
- بالإضافة إلى المادة 324 مكرر3 من القانون المدني المعدلة بموجب القانون رقم05-10 المؤرخ في: 20 يونيو2005 والتي تتكلم عن العقود الإحتفائية( ) بقولها:) يتلقى الضابط العمومي تحت طائلة البطلان العقود الإحتفائية بحضور شاهدين(.
وأهم العقود الاحتفائية عقد الهبة، الوصية، الوقف
- وسنتطرق إلى أهم العقود التوثيقية ونقسمها على النحو التالي:

أولا: العقــود الـرسميـة

1-عقد البيع: يعد عقد البيع أهم السندات التنفيذية المثبتة للملكية العقارية بموجبه يقوم البائع بنقل ملكية عقار)مبنى أو غير مبنى) إلى المشتري مقابل ثمن نقدي يدفع الخمس 5/1 أمام مرأى الموثق( ).
وعقد البيع المنصب على العقارات بمختلف أنواعها هو اليوم أكثر العقود تداولا بين الناس وبالتالي يعتبر من أهم مجالات تدخل الموثق.
إذ جاء في القرار رقم 210419 المؤرخ في: 26/02/2000 مجلس الدولة الغرفة الثالثة )حيث أن عقد بيع العقار لا ينعقد ولا وجود قانوني له إلا إذا حرر أمام الموثق(
- وقد جاء في قرار آخر عن المحكمة العليا رقم 11699 مؤرخ في:09/11/1994 فيما يخص بيع المحل التجاري:) إلغاء الحكم الأول والاشهاد بصحة بيع المحل التجاري وبصرف الأطراف أمام الموثق للقيام بإجراءات نقل الملكية- طعن بالنقض- لأن المادة 79 من القانون التجاري والمادة 324 مكرر1 من القانون المدني توجب الرسمية تحت طائلة البطلان – قبول الطعن.
- أن الشكل الرسمي في عقد البيع شرط ضروري لصحته وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان العقد(.
2- عقد الإيجار: يترتب البطلان المطلق بالنسبة لعقد الإيجار، إذا تخلف ركن من أركانه كأن يتخلف الشكل المطلوب لانعقاده بالنسبة لعقود إيجار التسيير الحر للمحلات التجارية التي أوجب المشرع في المادة 203 من القانون التجاري إفراغها في قالب رسمي تحت طائلة بطلان العقد( ) وهو ما أشارت إليه المحكمة العليا في القرار رقم 164 36 المؤرخ في 26 جوان 1985 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1989 عدد 3 ص 116: )متى كان من المقرر قانونا أن عقد إيجار التسيير الحر يحرر في شكل رسمي وينشر خلال خمسة عشرة يوما من تاريخه، على مستخرج أو إعلام في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية وينتهي بنفس الإجراءات التي نشر بها(
كما نصت المادة 324 مكرر01 من القانون المدني على أن عقود الإيجار التجارية وعقود تسيير المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعية لا بد أن تكون في شكل رسمي وإلا كانت باطلة.
3- عقد الشركة: تثبت الشركة بعقد رسمي وإلا كانت باطلة وهذا وفقا لنص المادة 545 من القانون التجاري ولا يقبل أي دليل إثبات بين شركاء فيما يتجاوز أو يخالف ضد مضمون عقد الشركة( ).
يجوز أن يقبل من الغير إثبات وجود الشركة بجميع الوسائل عند الاقتضاء وهذا ما أكده قرار المحكمة العليا رقم 38060 مؤرخ في: 07/12/1985 مجلة قضائية 1989 عدد 4 ص 159: )من المقرر قانونا أن جميع الوثائق التي تنشأ أو تعدل الشركات يجب أن تحرر في شكل عقد رسمي تحت طائلة البطلان.
ومن المقرر كذلك أن شركة الأسهم بين الأفراد محظورة بينهم ومن ثم فإن القضاء بما يخالف ذلك يعد خرقا للقانون.
- ولما كان – في قضية الحال- أن إنشاء الشركة كان في سنة 1975 دون توضيح التاريخ ودون تبرير هذا التصريح بورقة رسمية، فإن قضاة الاستئناف بأمرهم بإجراء خبرة لتصفية الحسابات بين الأطراف وإجراء تقييم المحل المتنازع عليه وتوزيع ثمنه، اعترفوا ضمنيا بوجود الشركة بين الأطراف وهم بذلك خرقوا القانون(.
- الأمر الذي أكدته المحكمة العليا فيما يخص "الشركة الفعلية" في القرار رقم 112011 مؤرخ في: 08/06/1994 غير منشور".
)حيث أن الطاعن يقر صراحة في أقواله أمام محكمة أول درجة وفي مختلف مراحل الدعوى وأنه قام فعلا شركة مع المطعون ضده المدعي أصلا تتعلق بالأرباح فقط وليس برأس مال الشركة وهذا يكفي لإثبات الالتزام التعاقدي القائم بينهما والمتمثل في الشركة الفعلية المتنازع من اجلها وهذا في غياب الوثيقة الرسمية المنصوص عليها في المادة 418 من القانون المدني إذ أن المشرع لما اشترط إثبات الشركة كتابة فإنه أراد بذلك ضمان حقوق الأطراف بوسائل إثبات قاطعة والحفاظ على مصالح خزينة الدولة.
وعليه فأن الدفع بخرق القانون لعدم ثبوت الشركة كتابة يكون مردود مما يستوجب رفض الطعن لعدم تأسيسه.
4-عقد المبادلة)المقايضة(( ): المبادلة عقد يلتزم بموجبه كل من المتعاقدين أن ينقل للآخر على سبيل التبادل ملكية مال ليس من النقود ومن الإشكاليات التي أثيرت على الصعيد التطبيقي بشأن المبادلة: " تطبيق أحكام رسمية على عقد المبادلة" فالكثير من عقود المبادلة العقارات التي تقدم للمناقشة أمام المحاكم ترد في شكل عرفي خاصة بالنسبة للأراضي الزراعية في المناطق الريفية، لكن المحاكم تتصدى لها بالرفض لعدم إفراغها في قالب توثيقي.
- تأسيس على نص المادة 415 من القانون المدني التي أكدت على أنه تسري أحكام عقد البيع على عقد المبادلة إذ يعتبر كل متقايض بائعا للشيء الذي كان مملوكا له وقايض به، ومشتريا في الوقت ذاته للشيء الذي كان مملوكا للطرف الآخر وقايض هو عليه.
- وبما أن الشكلية المطلوبة في عقد البيع هي الكتابة الرسمية فأن عقد المقايضة يخضع بدوره للكتابة الرسمية وبالتالي وجوب إثباته بعقد رسمي مشهر بالمحافظة العقارية عملا بنص المادة 29 من قانون التوجيه العقاري التي نصت على أنه:"يثبت الملكية الخاصة للأملاك العقارية والحقوق العينية بعقد رسمي يخضع لقواعد الإشهار العقاري".
ثانيا: العقود الإحتفالية:
هناك نوع معين من العقود تسمى العقود الإحتفالية والتي هي في أساسها عقود رسمية لكن ليس كل العقود التوثيقية على عمومها عقودا إحتفالية نذكر منها على سبيل المثال:
أ- عقد الهبة: تعتبر الهبة من التصرفات الناقلة للملكية والتي يتبرع بمقتضاها الواهب عما له لشخص آخر يسمى الموهوب له بدون مقابل.
وأكدت غرفة الأحوال الشخصية والمواريث للمحكمة العليا في القرار رقم 103056 المؤرخ في: 09/11/1994 نشرة القضاة 1997 عدد 51 ص 67: )يشترط في العقود المتضمنة نقل الملكية العقارية أن تحرر على الشكل الرسمي وإلا وقعت تحت طائلة البطلان(.
وتنص المادة 206 من قانون الأسرة أن الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول مع مراعاة أحكام قانون التوثيق في العقارات لذا فإن الهبة تعتبر باطلة لعدم استيفائها الشروط الجوهرية.
ب- الوصية: هي عقد احتفالي ورسمي لذا أخضعها المشرع للشكل التوثيقي وهو ما أشارت إليه المحكمة العليا في القرار رقم 160350 المؤرخ في: 23/12/97 مجلة الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص لسنة 2001 ص 295 ) من المقرر قانونا أنه تثبت الوصية بتصريح الموصى أمام الموثق وتحرير عقد بذلك وفي حالة وجود مانع قاهر تثبت بحكم ويؤشر به على هامش أصل الملكية ومن ثمة فإن قضاة المجلس بقضائهم باستبعاد الوصية الشفوية لسبب عدم التصريح بها أمام الموثق طبقوا صحيح القانون(.
ثالثا: العقود التصريحية: وهي تلك العقود التي يقتصر فيها دور الموثق على استقبال التصريح من الطالب ويحرر بشأنه عقد في قالب رسمي متى كان هذا التصريح غير مخالف للقانون ومن جملة العقود التوثيقية التصريحية في التشريع الجزائري الحالي:
أ- عقد الشهرة: هو عبارة عن محرر رسمي يعد من قبل الموثق طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه يتضمن إشهار الملكية على أساس التقادم المكسب بناء على تصريح طالب العقد.
- وما يلاحظ من خلال الممارسة التطبيقية أن بعض الجهات القضائية أعطت لعقد الشهرة حجة أكثر من تلك التي منحها له القانون حتى وصل بها الأمر إلى القول بأن عقد الشهرة لا يقبل الطعن فيه إلا بالتزوير.
- ويعد هذا الاتجاه منعدم الأساس القانوني كون أن عقد الشهرة ما هو إلا عقد تقديري وليس له أية حجية إلا تلك التي منحها القانون له وهو ما أشارت إليه الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 190541 المؤرخ في: 29/03/2000 مجلة قضائية 2000 عدد 1 ص 152( ).
ويذهب بنا القول إلى طرح التساؤل: هل جميع العقود المحررة من طرف الموثق عقود رسمية ؟
- هناك بعض العقود التي يحررها الموثق إلا أنها عقود عرفية الأمر الذي أكدته المحكمة العليا في عدة قراراتها فنأخذ أهم مثال.
* عقد لفيف: لتعريف عقد اللفيف نرجع إلى قرار المحكمة العليا رقم 68467 المؤرخ في: 21/10/1990 مجلة قضائية 1992 عدد 1 ص 84: )من المقرر أن اللفيف هو عقد عرفي يحرر أمام الموثق يثبت فيه تصريحات الأطراف والشهود فقط ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد منعدم الأساس القانوني.
ولما كان الثابت في قضية الحال أن كلا من العقدين المقدمين للمحكمة عرفيين ومن ثم فإن قضاة الموضوع بأخذهم باللفيف واعتباره عقد رسمي دون توفره على الشروط المنصوص عليها قانونا خرقوا القانون(
- وكذلك القرار رقم 113840 المؤرخ في: 07/02/1994 مجلة قضائية 1994 عدد 2 ص 158 : )حيث أن العقد المؤرخ 13/10/1985  ليس عقدا رسميا رغم تحرير بواسطة موثق لأنه اكتفى بقيد اتفاق الأطراف فقط ولم يتم تسجيله أو شهره وليس له رقما تسلسليا ولا يحمل رقم الفهرس لهذا فالأمر يتعلق بمجرد عقد لفيف يعتبر بمثابة عقد عرفي(.
وعليه فإن عقد اللفيف الذي يعد عقدا عرفيا على الرغم من تحريره من قبل الموثق – حسب القضاء الجاري به لا يؤدي إلى نقل الملكية العقارية.
ومنه فإن العقد الرسمي هو العقد الذي توافرت فيه الشروط السابق ذكرها وإذا اختل أحد هذه الشروط أعتبر العقد باطل.
- إلا أنه من الناحية العملية فإن العقد الرسمي لا يطرح إشكالات بمقارنته بالعقد العرفي الذي ولحد الآن مازال التعامل به قائما، رغم أنه بعد 1970 فإن العقود العرفية المحررة بعد 15/12/1970 تعتبر عقود باطلة بطلان مطلقا لهذا سنتطرق في المبحث الموالي إلى مفهوم العقد العرفي وحجيته وما هي أنواع العقود العرفية خاصة المنصبة حول العقارات.
 
المبحث الثاني: حجــيـة السنـدات العـرفيـــة. 
السندات العرفية هي التي يحررها الأطراف بمعرفتهم وقد شاعت هذه الكتابة بين الأفراد في مختلف المجتمعات مما استوجب تنظيمها وتحديد أحكام وقواعد لتسويتها حماية لما تحمل من حقوق الأفراد في المجتمع ولقد مر العقد العرفي بعدة مراحل في التشريع الجزائري من عقد له حجية العقد الرسمي إلى عقد باطل، وقبل التطرق إلى حجية العقد العرفي عبر هذه المراحل ارتأينا دراسة ما هو العقد العرفي؟ وما هي الشروط الواجب توافرها فيه؟ وما هـو حجيتـه ؟ وفي الأخير نتطرق إلى أنواع العقود العرفية التي عرفتها الجزائر.
المطلـب الأول: مفهـوم السنـدات العرفيـة
الفرع الأول: تعـريف السنـدات العرفية
السندات العرفية وهي تلك المحررات التي يقوم بإعدادها الأطراف سواء بأنفسهم أو بواسطة كاتب من أجل تصرف قانوني ويتم توقيعها من قبل المتعاقدين وحدهم والشهود إن وجدوا من دون تدخل موظف عام أو ضابط عمومي مختص ولا يعد التصديق على توقيعات الأفراد من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي أو نائبه أو الموظف الذي ينتدبه لهذا الغرض من قبيل إضفاء طابع الرسمية على المحرر العرفي المصادق عليه وذلك لأن التصديق على التوقيعات لا يستهدف إثبات شرعية أو صحة العقد أو الوثيقة إنما يثبت فقط هوية الموقع دون ممارسة الرقابة على محتوى ومضمون العقد وهو ما تنص عليه صراحة أحكام المادتين 1و2 من المرسوم رقم 77-41 المؤرخ في: 19/02/1977 المتعلق بالتصديق على التوقيعات، غير أن التصديق على التوقيعات من طرف المجلس الشعبي البلدي أو الموظف المفوض يعطي للسند العرفي تاريخا ثابتا ابتداءا من تاريخ التصديق على التوقيع تطبيقا لأحكام المادة 328 من القانون المدني( ).

الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها في السندات العرفية
لم يضع المشرع الجزائري تعريف العقد العرفي بل اكتفى المشرع بتعريف العقد الرسمي بنص المادة 324 من القانون المدني: (العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة....( فبالمعنى المخالف فإن العقد العرفي هو العقد المحرر من غير الأشخاص المذكورين في المادة أومن طرفهم لكن خارج أداء مهامهم وهذا ما أكدته المادة 326 مكرر 2 من القانون المدني)يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو إنعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف(.
- فمن خلال هذا التعريف نلاحظ وجود شرطين للعقد العرفي هما الكتابة والتوقيع. 
أولا: الكتـابة: يتميز هذا النوع من الأوراق المعدة للإثبات بأن القانون لا يتطلب أي شكل معين في إعداده فليس من اللازم أن يتولى الأطراف المتعاقدون تحرير الورقة العرفية بأنفسهم بل يمكن أن يقوم بذلك أي شخص كان سواء في هيئة كاتب تابع لهم أولا أو يكون مستخدما متخصص في ذلك وقد يكون موظف عاما في غير هيئته الرسمية. كما قد تكون مكتوبة بخط اليد أو مهيأة على الآلة الراقنة أو آلة طباعة.
- كما لا يجب أن تكون اللغة المكتوبة بها الورقة العرفية هي اللغة الوطنية ضرورة -عكس الورقة الرسمية- فيمكن تحريرها باللغة العربية أو أية لغة أجنبية أخرى.
- ولا يشترط القانون كتابة التاريخ على الورقة العرفية ولكن هذه الورقة لا تكون حجة على الغير إلا إذا كان لها تاريخ ثابت حسب المادة 328 من القانون المدني.
- ومع ذلك فقد يوجب القانون على سبيل الاستثناء ذكر التاريخ على بعض المحررات العرفية ومثال ذلك السفتجة المادة 390 من التجاري، الشيك 742 من القانون التجاري، السند لأمر المادة 465 من القانون التجاري ولكن عدم ذكر التاريخ فيها لا يشكل سببا من أسباب البطلان.
- وإذا تعددت التواريخ في المحرر العرفي فإن التاريخ الأخير هو الذي يجب أخذه بعين الاعتبار إلا إذا ثبت تزويره( ).
- وقد يساهم الشهود في إنشاء الورقة العرفية ولكن هذه المساهمة لا يزيدها شيئا من الحجية ومع ذلك فقد يكون توقيع الشهود على الورقة العرفية مفيدا لاحتمال أنه في حالة وقوع إجراءات مضاهاة الخطوط عليها يستدعى هؤلاء للتأكد على المصدر الحقيقي للورقة المتنازع فيها كما أن وفاة أحد الشهود الذين وقعوا على الورقة العرفية يعطي لها تاريخا ثابتا حسب المادة 328 من القانون المدني.
- ولا يشترط القانون ذكر المكان الذي حررت فيه الورقة العرفية ولكن قد يتعلق بذكر المكان في الورقة العرفية أهمية خاصة لأن المكان إذا وقع ذكره كان ذلك قرينة على أنه هو المكان الحقيقي الذي ابرم فيه العقد ولذا فقد تترتب عليه نتائج هامة خاصة ما يتعلق بالاختصاص المحلي.
ثانيا: التوقيـع على الورقـة: يتمثل التوقيع على الورقة العرفية في أن يضع الشخص بخط يده عليها لقبه أو اسمه أوهما معا أو كنيته أو أية كتابة أخرى ومن ثم لا بد أن يكون التوقيع باليد وأما في المواد التجارية فإن بالإمكان أن يكون التوقيع بوضع ختم خاص في شكل توقيع la griffe
- ولا يمكن إعطاء أية قيمة للتوقيع إلا إذا كان صادرا من الطرف الذي ينسب إليه ولذلك فإن الوكيل لا يوقع باسم موكله ولو تلقى تعليمات في ذلك وإنما يجب أن يوقع باسمه الشخصي وبصفته نائبا عن موكله.
- وقد يقع التوقيع على الورقة العرفية من طرف جميع ذوي الشأن في وقت واحد كما أنه قد يتم متفرقا وعلى مراحل أوفي أماكن مختلفة.
- وقد يكون التوقيع قبل كتابة النص وعلى ورقة بيضاء ليقع ملؤها فيما بعد وهذا ما يسمى بالتوقيع على بياض غير أن هذه الطريقة فيها نوع من المشاكل إلا أن الشخص الذي يوقع على بياض مهما كانت غفلته يستطيع أن يتنصل من الالتزام المضاف على تلك الورقة فيثبت أن البيانات الموجودة بها ليست مطابقة لنواياه الحقيقية، وقد أضاف المشرع الجزائري إثر تعديل القانون المدني وفق القانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو2005 يعدل ويتمم القانون المدني البصمة، وهذا طبقا لنص المادة 48 منه.
- والتوقيع ببصمة الإصبع لم يكن التقنين القديم ينص عليه إلا أنه ظهر في العمل أكثر ضمانا من التوقيع حيث أثبت العلم أن بصمات الأصابع لا تتشابه( ) وقد جعل المشرع الجزائري للبصمة قوة الإمضاء تلبية للطرف الآخر الذي يقصد التحفظ من الطعون التي قد توجه في المستقبل إلى صحة الإمضاء.
- وقد أضاف المشرع الجزائري إثر التعديل السابق ذكره: أنه يعتد بالتوقيع الإلكتروني وهذا طبقا للمادة 327 من القانون المدني المعدل متى توافر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 323 مكرر1 من مدى إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها.
الفرع الثالث: جزاء الإخلال بمبدأ التوقيع على الورقة العرفية
أن التوقيع هو الشكلية الأساسية اللازمة لصحة الورقة العرفية لأنها هي وحدها التي تدل على وجود الرضاء الضروري لإنشاء أي تصرف قانوني وبدون تلك الشكلية فليس هناك ما يدل على وقوع التراضي ومن ثم فإن الورقة تعتبر باطلة بدون توقيع عليها، ومع ذلك فقد يثور التساؤل عندما تكون الورقة مشتملة على إلتزامات ذات طابع تضامني كما هو الشأن في الكفالة إذا وقّع عليها بعض المتضامنين دون البعض الآخر، إن مما لا شك فيه أن توقيع هؤلاء المتضامنين أو بعض منهم لا يشكل حجة على الذين لم يوقعوا على الورقة العرفية.
- أما إذا تبين من ظروف الدعوى أن عدم توقيع بعض الأطراف ليس امتناعا من موافقتهم على مضمونها أو أن ظروفا خاصة منعتهم من توقيعها فإنه بإمكان القاضي أن يعتبر الورقة حجة بالنسبة للجميع.
- وإذا كانت الورقة العرفية منشأة لالتزام من جانب واحد فإن التوقيع اللازم لصحة الورقة هو توقيع هذا الملتزم وحده( ).
- الأمر الذي أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات والتي نذكر منها:
- قرار مؤرخ في: 07/12/1987 ملف رقم 45658 المجلة القضائية لسنة 1990 العدد الرابع الصفحة 61.
- إثبات عقد عرفي- قيامه بتطابق الارادتين- غير منكر ممن وقعه- صحيح) من المقرر قانونا أن العقد يتم بمجرد تبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما ومن المقرر أيضا أن العقد العرفي يعتبر صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه في غير محله ويستوجب رفضه ولما كان من الثابت – في قضية الحال- أن الطاعن لا ينكر اتفاقه مع مطلقته باقتسامه المنزل الزوجي معها والزوجية قائمة بينهما طبقا للعقد العرفي الممضي من قبله فإن قضاة المجلس بتأييدهم الحكم المستأنف لديهم القاضي بإرجاع الغرفة والمطبخ للمطعون ضدها طبقوا صحيح القانون ومنى كان كذلك استوجب رفض الطعن).
- وكذلك القرار المؤرخ في:25/03/1992 ملف رقم 81688 "غير منشور"
)العقد العرفي- عقد صحيح ممن وقعه- إذا لم يقع إنكاره ممن له عليه خط وإمضاء – القضاء بخلاف ذلك- نقض
حيث يستفاد من وقائع القضية والقرار أن قضاة الموضوع عوض أن يناقشوا عقد البيع العرفي المذكور والذي أصبح له تاريخ ثابت بعد تسجيله يوم 26/12/1983 وبينوا إن توفرت أركانه حسب مفهوم المادة 351 من القانون المدني وإن أنكره أحد أطرافه أم لا كي يقروا قرارهم حول حجيته ذهبوا رأسا إلى إبعاده بحجة أن البائع لم يثبت ملكيته للأرض المبيعة مع أنه لا يوجد ما يفيد أنهم قد باعوا ملك الغير وأن هذا الغير قد نازعهم في ذلك لأن البيع الفضولي يظل موقوفا على صاحب الملك إن شاء إمضاه وإن شاء أبطله– نقض).
المطلب الثاني: حجيـة السنـدات العـرفية في القانون المدني
أن التعرف على الحجية التي يمكن أن تعطي للورقة العرفية يستلزم التعرض إلى عدد من المسائل وهي أهم المراحل التي مرت بها الورقة العرفية ومدى حجيتها في كل مرحلة بالإضافة إلى كيفية تنظيمها من قبل المشرع والمحكمة العليا.
الفرع الأول: حجية السندات العرفية قبل صدور قانون التوثيق
للعقد العرفي حجية فيما بين المتعاقدين وحجية في مواجهة الغير إذا استوفى الشروط القانونية التي سوف يأتي بيانها وعلى هذا الأساس سوف نتطرق لهذه الحجية في ثلاث فروع:
أولا: حجية الورقة العرفية من حيث مصدرها
على العكس مما قيل في الورقة الرسمية فإن الورقة العرفية ليست لها حجية في ذاتها من حيث المصدر وذلك لأنه لا تساندها أية قرينة تدل على صدورها حقيقة ممن تنسب إليه أومن الشخص الذي وقعها.
- ويستثنى من ذلك ما إذا أودعت الورقة العرفية لدى الموثق ولكن بشرط أن يكون الإيداع ثابتا وأن يقوم به جميع الأطراف المتعاقدة أو على الأقل الطرف المدين وعلة ذلك كما هو ظاهر هو أن القيمة التي تعطى للورقة العرفية في هذه الحالة إنما تستمد من محضر الموثق عند الإيداع الذي يثبت وحده مصدر الورقة العرفية وفيما عدا ذلك فليس للورقة العرفية حجية الإقناع إلا إذا اعترف بالتوقيع الوارد فيها بصفة تلقائية من طرف الشخص المنسوب إليه أو إذا قرر القاضي ثبوت ذلك التوقيع على صاحبه.
- وسواء كان الأمر إنكار للتوقيع أو عدم تعرف عليه فإن على القاضي أن يفصل في الورقة موضوع النزاع ويبدي رأيه فيها باعتبارها مسألة أولية.
- فالورقة العرفية تفقد قيمتها وتنهار حجيتها بصفة مؤقتة بمجرد الإنكار ويتعين على من يدعي صحتها أن يثبت ذلك( ).
- وللتأكد من صحة التوقيع أو عدمه يلتجيء القضاة إلى طريقة مضاهاة الخطوط إما مباشرة بأنفسهم وإما بالشهود أو الخبراء. وهذا حسب نص المادة 76 من قانون الإجراءات المدنية:"إذا أنكر احد الخصوم الخط أو التوقيع المنسوب إليه أو ادعى عدم تعرفه على خط أو توقيع الغير فيجوز للقاضي أن يصرف النظر عن ذلك إذ رأى أن هذه الوسيلة غير منتجة في الفصل في النزاع وإلا فإنه يؤشر بإمضائه على الورقة المطعون فيها ويأمر بإجراء تحقيق الخطوط إما بمستندات أو بشهود وإذا لزم الأمر بواسطة خبير.
- وتطبق القواعد المقررة للتحقيقات وإعمال الخبرة على إجراءات تحقيق الخطوط(.
- حيث أنه يستفاد من هذا النص أنه لا يلزم القضاة باللجوء إلى طريقة مضاهاة الخطوط بمجرد الإنكار فإن بإمكانهم أن يصرفوا النظر عن ذلك إذا تبين لهم أن هذه الوسيلة غير منتجة في الفصل في النزاع ويرفضوا الورقة باعتبارها مزورة أو مشبوهة لا توحي لهم بأية ثقة كما أن بإمكانهم أن يحكموا بصحة التوقيع الوارد فيها إذا قامت مؤيدات في ذلك.
ثانيا: حجية الورقة العرفين من حيث مضمونها:
إذا وقع الاعتراف بالورقة العرفية أو حكم بصحتها فإنها تصبح حجة عما ورد فيها( ).
إلا أنه لا بد من تحديد بعض مجالات الخلاف بينها وبين الورقة الرسمية.
أ/- السند الرسمي لا تسقط حجيته من حيث المبدأ إلا بالطعن فيه بالتزوير بينما يكفي انكار الخط أو التوقيع من طرف المدين في السند العرفي لتسقط حجيته.
ب/- يكون تاريخ السند الرسمي حجة على الكافة منذ توقيعه أما تاريخ السند العرفي فيكون حجة على موقعيه، ولا يكون حجة على الغير إلا منذ أن يكتسب تاريخا ثابتا بإحدى الطرق المقررة قانونا في المادة 328 من القانون المدني.
ج/- للسند الرسمي قوة التنفيذ، ويكون قابلا للتنفيذ جبرا بمجرد استخراج صورته التنفيذية، دون حاجة للحكم القضائي وذلك وفقا لمقتضيات المادة 320 وما يليها من قانون الإجراءات المدنية والمادتين )6 و21( من قانون التوثيق رقم 88- 27.
أما السند العرفي فليس له أية قوة تنفيذية فلا يجبر الخصم على تنفيذه إلا إذا حصل الدائن بالالتزام على حكم قابل للتنفيذ فينفذ حينئذ الحكم وليس السند العرفي.
ثالثا: حجية التاريخ بالنسبة للغير:
أن الورقة العرفية ليست في حد ذاتها إلا واقعة مادية من شأنها أن تحدث وضعا لدى الغير قد يكون قليلا وقد يكون كثيرا بحسب التاريخ الذي وقعت فيه تلك الورقة ولهذا تدخل المشرع ليمنع التحايل على الغير فوضع قرائن تدل على صحة التاريخ الذي تحمله الورقة العرفية وهذا ما يسمى بالتاريخ الثابت، إلا أنه قبل التطرق إلى الحالات التي يكون فيها التاريخ الذي تحمله الورقة العرفية ثابت لا بد من التطرق إلى مفهوم الغير.
* مفهـوم الغيـر
لكي يعتبر الشخص من الغير يجب أن تتوفر فيه ما يلي:
1- يجب أن لا يكون قد ذكر اسم الشخص كطرف في العقد
2- يجب أن يدعي الشخص بحق خاص به: وبالتالي يستبعد من فكرة الغير كل شخص يستمد حقه مباشرة من أحد الأطراف المتعاقدة في الورقة العرفية وعلى هذا فلا يعتبر من الغير الخلف العام وكل من كان في حكمه مثل الورثة أو الموصى لهم بحصة من التركة من قبل احد المتعاقدين في الورقة العرفية وهذا لأنهم يتلقون الحق عنه ويعتبرون ممثلين فيها.
- ولذا تعتبر من الغير في هذا الصدد:
أ- الخلف الخاص: هو كل من تلقى من سلفه حقا معينا كالمشتري الذي يعتبر خلفا خاصا للبائع، فإذا تصرف السلف ) البائع( في المال المبيع للخلف )المشتري( فإن تصرفه لا يكون نافذا في حق المشتري إلا إذا كان ثابت التاريخ.
ب- الدائن الحاجز: إذا قام الدائن بإجراء حجز على أموال منقولة موجودة عند مدينه أو موجودة عند مدين مدينه فإنه يعتبر غيرا بالنسبة للتصرفات التي يجريها مدينه بعد إجراء الحجز على أمواله ولا تسري هذه التصرفات في مواجهة دائنه الحاجز إلا إذا كانت ثابتة التاريخ أي ثبوت واقعة تؤكد أن التصرف الذي أجراه المدين كان قبل إجراء الحجز على أمواله من طرف دائنه.
ج- دائنوا التاجر المفلس: فالقانون يرتب على الحكم بشهر إفلاس التاجر رفع يده عن إدارة أمواله ونشوء حق للدائنين على أمواله كالحق الذي يترتب للدائن الحاجز على المال المحجوز فلا يكون التصرف نافذا في حق الدائنين إلا إذا كان له تاريخ ثابت قبل شهر إفلاسه( ).
د- الدائن الطاعن في تصرف صادر من مدينه بعدم نفاذ التصرف: إذا ابرم مدين تصرفا مع شخص آخر لإفتقار ذمته المالية التي هي ضامنة للوفاء بديونه فإن دائنه إذا طعن ببطلان تصرفه مع الشخص الآخر فلا يحتج عليه بتاريخ المحرر العرفي إلا إذا كان ثابتا لأن هذا الدائن الطاعن ببطلان تصرف مدينه يعتبر من الغير في مفهوم المادة 328 من القانون المدني
وعليه فبالرجوع للمادة 328 من القانون المدني التي تنص على:"لا يكون العقد العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت ويكون العقد ثابتا إبتداءا: 
- يوم تسجيله.
- من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام.
- من يوم التأشير عليه على يد ضابط عام مختص.
- من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط وإمضاء.
غير أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف، رفض تطبيق هذه الأحكام فيما يتعلق بالمخالصة.
- فيتبين من هذا النص أن المشرع وضع أربعة قرائن للتدليل على ثبوت تاريخ الورقة العرفية وهي:
1- تسجيل المحرر العرفي: إن مما لاشك فيه أن التسجيل يعطي للمحرر العرفي تاريخا أكيدا وذلك لأنه يدل على أنه قد أبرم قبل ذلك التاريخ حتما وهنا توجد واقعة مادية شهد بها موظف التسجيل ولذلك فليس بإمكان الغير أن يطعنوا في تاريخ التسجيل إلا بطريق التزوير وهو الأمر نفسه إذا ما أشر موظف أو ضابط عمومي مختص على الورقة العرفية.
2- من يوم أن يؤشر على الورقة العرفية موظف عام مختص: مثل ذلك أن تقدم الورقة في قضية فيؤشر عليها القاضي أوكاتب الجلسة.
3- ثبوت مضمون المحرر العرفي في عقد آخر حرره موظف عام: فمن الطبيعي أن يكتسب المحرر العرفي الذي ينقل في المحرر الرسمي تلك الحجية تبعا له وذلك من اليوم الذي تم فيه تحرير المحرر الرسمي.
- ولا يلزم أن يتضمن المحرر الرسمي جميع محتويات المحرر العرفي وإنما يكتفي أن يشتمل على ما هو أساسي وجوهري فيه بحيث يمكن التعرف عليه أو ضبط تاريخه ولكن الإشارة العابرة لا تكفي.
4- وفاة احد الذين لهم على الورقة خط أو إمضاء: إذا توفى شخص أو أكثر من الأشخاص الذين سبق لهم أن وضعوا توقيعهم أو خطهم على الورقة العرفية فإن ذلك يدل على أنها كانت موجودة يوم حصول الوفاة على الأقل ولهذا فإن لم يقع تسجيل الورقة العرفية أولم يؤشر عليها موظف عام فأن الوفاة هي الواقعة التي تعطي لها التاريخ الثابت ويستوي في ذلك أن يكون الأشخاص المتوفون ممن وقعوا على المحرر العرفي بصفتهم متعاقدين أو شهودا أو مجرد كاتبين.
* الاستثناء:
هناك بعض الحالات التي لا يكون فيها للورقة العرفية تاريخ ثابت ولكنها مع ذلك تكون حجة على الغير، وهذه الحالات هي:
الحالة الأولى: وتشمل الحالات التي لا تخضع لتطبيق المادة 328 من القانون المدني ليست جميع الأوراق العرفية قابلة لأن تنطبق عليها أحكام المادة 328 فهناك بعض منها يخرج عن نطاقها ومعنى ذلك أن الأشخاص الذين يصدق عليهم وصف الغير يمكن أن يحتج عليهم مع ذلك بتاريخ الورقة العرفية ومن هذه الحالات:
المادة التجارية: أن المادة 328 من القانون المدني لا تنطبق على المنازعات التجارية وهذه القاعدة راجعة إلى مبدأ حرية الإثبات الذي تتسم به هذه المنازعات.
المخالصات:les quittances   لقد استقر في الاجتهاد القضائي أن المخالصات لا تخضع لأحكام المادة 238 من القانون المدني وأن المدين يستطيع أن يثبت تحرره من الدين بمخالصة ليست بذات تاريخ ثابت وتبرر هذه القاعدة نص المادة 328 في فقرتها الأخيرة على أنه " يجوز للقاضي، تبعا للظروف رفض تطبيق هذه الأحكام فيما يتعلق بالمخالصة" وينطبق هذا الاستثناء على المخالصات التي وقعت في ميعادها أما إذا كانت سابقة لأوانها فإن على المدين الذي يدفع دينه قبل حلول أجله أن يقدم البينة للغير، شرط أن يكون الدفع حقيقيا لا شبهة فيه.
الكتابات الخاصة: أن المادة 328 من القانون المدني لا تعني إلا  المحررات العرفية المعدة خصيصا للإثبات وهي ما يسمى بالسندات (actes insrumentaires) أما ما عداها كالأوراق المنزلية والدفاتر التجارية فتعتبر أجنبية عن هذه المادة.
الحالة الثانية: حالة علم الغير بالورقة: إذا ثبت أن الغير كان عالم بالورقة العرفية التي ليست ذات تاريخ ثابت فإنه يحتج بها عليه( ).
الحالة الثالثة: التنازل عن الحق في التمسك بعدم التاريخ الثابت: إن مقتضيات المادة 328 من القانون المدني ليست من النظام العام، لأنها شرعت لحماية مصالح الأفراد ضد التعسفات الناجمة عن تسبق التواريخ في المحررات العرفية ويترتب على ذلك أن بإمكان الغير أن يتنازل عن هذه الحماية القانونية بالاعتراف إما صراحة، بصحة التاريخ الموجود على الورقة التي يحتج بها عليه وإما ضمنيا بأن يتصرف بما لا يقبل مجالا للشك في أن قصده هو عدم التمسك بعدم وجود التاريخ الثابت.
* تنظيم العقود المبرمة قبل قانون التوثيق: دراسة خاصة بالنسبة للعقود العرفية الواردة على العقار والمبرمة قبل 1971.
- أن عملية نقل الملكية العقارية وإثباتها في تلك الفترة لم يكن يشترط في صحتها الشكل الرسمي ويكفي فيها الشكل العرفي تكريسا لمبدأ الرضائية الذي كان يسود ويطبع المعاملات العقارية في تلك الحقبة الزمنية مع ضرورة توافر أركان العقد من تراضي، محل وثمن...الخ.
- لكن انتقال المشرع الجزائري من نظام الشهر الشخصي الموروث عن الحقبة الاستعمارية إلى نظام الشهر العيني المستحدث بالأمر 75-74 المؤرخ في: 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام، وتأسيس السجل العقاري والنصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه والذي أساسه وركيزته شهر الممتلكات العقارية أدى بالسلطة التنفيذية التدخل ثلاث مرات لتصحيح العقود العرفية الثابتة التاريخ:
أولا: بمقتضى المرسوم رقم 80-210 المؤرخ في: 13/09/1980 والذي عدل المرسوم رقم 76- 63 المؤرخ في: 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري إذ بموجب المادة 03 منه أصبحت المادة 89 من المرسوم 76- 63 محررة على النحو التالي:
)تعدل المادة 89 من المرسوم رقم 76- 63المؤرخ في: 25/03/1976 المذكور أعلاه وتتم ويستبدل بها ما يلي: المادة 89: لا تطبق القاعدة المدرجة في الفقرة الأولى من المادة 88 أعلاه.
-عند الإجراء الأول الخاص بشهر الحقوق العينية العقارية في السجل العقاري والذي يكون متمما تطبيقا للمواد من 8 إلى 18 من هذا المرسوم.
-عندما يكون صاحب الحق المتصرف أو صاحب الحق الأخير ناتجا عن سند إكتسب تاريخا ثابتا قبل أول مارس 1961(.
 -وعليه فحسب هذا المرسوم اكتسبت العقود العرفية الثابتة التاريخ المحررة قبل 01/03/1961 صيغتها الشرعية( ).


ثانيا: بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 93- 123 المؤرخ في 19 ماي 1993 المعدل والمتمم للمرسوم رقم 76-63 المؤرخ في25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري والذي تم بموجبه تمديد فترة 01/03/1961 إلى الأول من شهر يناير1971 وعليه اكتسبت العرفية الثابتة التاريخ المحررة قبل أول جانفي 1971 صيغتها الرسمية، دون حاجة للجوء إلى الجهات القضائية لغرض إشهارها كما كان الشأن سابقا، إذ يكفي اللجوء إلى الموثق لتحرير عقد إيداع( ) بشأنها يتم شهره بالمحافظة العقارية المختصة وعلى ضوء ذلك أعفيت من الإشهار المسبق الذي كان مفروض بحكم نص المادة 88 من المرسوم 76-63 المشار إليه أعلاه
ثالثا: المنشور الرئاسي بالمؤرخ في: 30/06/1976 وقد جاء هذا المنشور لتصحيح العقود العرفية الثابتة التاريخ والمبرمة قبل 05/03/1974 تاريخ العمل بقانون الإحتياطات العقارية وسن هذا المنشور إجراءات خاصة، فكلف المحاكم بإجراء تحقيق للمتقاضين عن صحة البيع ومدى توافر أركانه.
- لكن هذا المنشور الرئاسي لم يلق صدى أمام المحاكم باعتباره لا يقيد القاضي كونه يحمل وجهة نظر الحكومة في تأويل المر رقم 74- 26 المؤرخ في20/02/1974 المتعلق بالاحتياطات العقارية، فضلا على أنه تجاهل تماما الأمر رقم 70/91 المؤرخ في: 15/12/1970 المتعلق بالتوثيق الذي يوجب لصحة المعاملة العقارية إفراغها في قالب رسمي ودفع الثمن بيد الموثق تحت طائلة البطلان.
- أما بالنسبة للعقود العرفية غير الثابتة التاريخ: فإنه لا يمكن إثبات حجيتها إلا عن طريق القضاء وهو ما أكدته المذكرة رقم 1251 الصادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 29/03/1994 وكذا القرار الصادر عن الغرفة العقارية للمحكمة العليا تحت رقم 198674 المؤرخ في 26/04/2000 " غير منشور"( ) -)أن قضاة المجلس بقضائهم بإلزام الطاعنين بالحضور أمام الموثق لتحرير عقد رسمي عن البيع المنعقد بموجب عقد عرفي مؤرخ في 01/07/1963 طبقوا صحيح القانون(.
- لكن على القاضي وقبل تثبيت صحة البيع العرفي التأكد من تاريخ إبرام العقد تحت طائلة بطلان حكمه الأمر الذي أكده قرار عن المحكمة العليا الغرفة العقارية رقم 197347 مؤرخ في 28/06/2000 " غير منشور" )من المقرر قانونا أن تصحيح العقود العرفية من قبل القاضي تتطلب قبل تثبيتها التأكد من تاريخ إبرام العقد الذي يعد المدار الذي على ضوئه يعتبر المحرر العرفي صحيحا ومنتجا لجميع آثاره أو باطلا بطلانا مطلقا.
ولما كان ثابتا- في قضية الحال- أن قضاة المجلس قضوا بصحة البيع العرفي استنادا إلى أن الطرفيين اعترافا بصحته دون تحديد منهم لتاريخ البيع العرفي لمعرفة ما إذا كان الشارع يتطلب الشكلية الرسمية فإنهم بقضائهم هذا قد تجاهلوا أحكام القانون وجاءت أسباب قرارهم الواقعية ناقصة، وهو ما يتعذر معه على المحكمة العليا من بسط رقابتها وبالتالي يتعين نقضه(.
الفرع الثاني: حجية السندات العرفية بعد قانون التوثيق
بعد صدور الأمر رقم 70-91 المؤرخ في 15/12/1970 المتضمن مهنة التوثيق الذي بدأ سريان تطبيقه في01 يناير1971 جاءت المادة 12 منه على أن " العقود التي تتضمن نقل ملكية العقار والحقوق العقارية يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان في شكل رسمي وأن يدفع الثمن لدى الموثق"
وبذلك لم تعد الرسمية شرط للإثبات فقط بل أصبحت شرط لانعقاد العقد وركن فيه وتخلفهما يعرضهما للبطلان المطلق.
- وهو ما أكدته الغرف المجتمعة للمحكمة العليا بعد تردد كبير في القرار رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997، مجلة قضائية 1997 عدد01 صفحة 10 (من المقرر قانونا أن كل بيع إختياري أووعد بالبيع وبصفة أعم كل تنازل عن محل تجاري ولو كان معلقا على شرط أو صادر بموجب عقد من نوع آخر يجب إثباته بعقد رسمي وإلا كان باطلا.
من المقرر أيضا أنه زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل الملكية عقارا أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أوكل عنصر من عناصرها يجب أن يحررها على الشكل الرسمي.
ومن المقرر أيضا أن يعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله( حيث أنه كانت المحكمة العليا في تلك الفترة تعطي للعقود العرفية مرتبة العقود الرسمية وترتب عليها نفس الآثار وقد أحدث ذلك إشكالات دفعت بالأطراف المتعاقدة إلى الابتعاد عن المؤسسات الرسمية والتعامل بالعقود العرفية رغم أن المادة 351 من قانون التسجيل الصادر بموجب الأمر رقم 76- 105 المؤرخ في 09/12/1976 كانت تحظر تسجيل العقود العرفية بمصالح التسجيل والطابع. إلا أن هذه المادة 351 من قانون التسجيل تم إلغاؤها فيما بعد بموجب أحكام المادة 178 فقرة 06 من قانون المالية التكميلي لسنة 1983 ومن ثم تم تسجيل العقود العرفية. والمادة 256 من قانون التسجيل قائمة والمادتين 12 و13 من الأمر رقم 70/91 المؤرخ في 15 ديسمبر1970 نصتا صراحة على بطلان العقود العرفية المتعلقة بنقل الملكية العقارية بطلانا مطلقا وتم التراجع عن ذلك فيما بعد وأعيدت أحكام المادة 351 من قانون التسجيل وأعيد حظر تسجيل العقود العرفية بمقتضى أحكام المادة 63 من قانون المالية لسنة 1992 وبقيت العقود العرفية التي تم تسجيلها بحوزة أصحابها بدون حل بسبب تناقض وتضارب النصوص القانونية.
- ثم الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 148541 المؤرخ في 23/05/1997 مجلة قضائية 1997 عدد 1 ص 183: (من المقرر أن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها للشكل الرسمي يجب أن تحرر على هذا الشكل تحت طائلة البطلان ومن ثم فإن القرار المطعون فيه لم يخرق القانون ولم يخالف الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا الذي أعيد النظر فيه بموجب القرار رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997 المكرس بموجب المادة 324 مكرر01 من القانون المدني فيما يخص العقود العرفية.
- وأن قضاة المجلس لما قضوا ببطلان البيع بالعقد العرفي للقطعة الأرضية المشاعة بين الورثة المالكين فإنهم طبقوا صحيح القانون).
- وعليه فإن العقود العرفية المبرمة بعد 01/01/1971 تعتبر في حكم القانون باطلة بطلانا مطلقا لكون المسالة تتعلق بركن من أركان العقد حتى ولو تم تسجيلها - الأمر الذي أكده القرار رقم 62624 مؤرخ في 24/09/1990 مجلة قضائية 1992 عدد 02 ص 24.
)حيث أن تسجيل العقد العرفي لا يكسبه الرسمية بل أقصى ما يفيده التسجيل هو إثبات التاريخ فقط أما مضمون العقد فيبقى بعيدا كل البعد عن الرسمية) - بمصلحة التسجيل والطابع بمفتيشية الضرائب وهذا طبقا لنص المادة 63 من القانون رقم 91-25 المؤرخ في 16/12/1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992 )يمنع مفتشوا التسجيل من القيام بإجراء تسجيل العقود العرفية المتضمنة الأموال العقارية أو الحقوق العقارية، المحلات التجارية أو الصناعية أوكل عنصر يكونها التنازل عن الأسهم والحصص في الشركات، الإيجارات التجارية، إدارة المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعية، العقود التأسيسية أو التعديلية للشركات(( ).
- وبالتالي فإن العقود العرفية المحررة بعد 15/12/1970 ليس لها أي أثر بالنسبة لنقل الحقوق العينية العقارية ولا يترتب عنها إلا حقوق شخصية لأطرافها وبالتالي تعتبر باطلة بطلانا مطلقا ويجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب إبطالها كما يجوز للقاضي إثارتها تلقائيا تطبيقا للمادة 324 مكرر1 من القانون المدني.
- أن العقود الباطلة، ترتب آثارا والتزامات شخصية مثل التعويض عن الأضرار الناشئة عن بطلان العقد وإرجاع ثمن المبيع مقابل إخلاء العقار محل البيع إذا كان ممكنا وذلك لأن هناك حالات يستحيل فيها إعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل البيع مثلا كنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
- فالأحكام التي تقضي بصحة البيع العرفي الصادر بعد 1970 هي أحكام مخالفة للقانون ومعرضة للنقض وأن الأحكام التي تقضي بصحة الاتفاق الوارد في العقد العرفي وصرف الطرفين إلى إتمام الإجراءات الشكلية والكتابة الرسمية أمام الموثق هي أيضا أحكام مخالفة للقانون ويستحيل تنفيذها عمليا( ).
الفـرع الثـالث: أمثلـة عن العقـود العرفيـة
 يمكن التمييز بين أنواع العقود العرفية و آثارها على النحو التالي:
أ/ عقود إيجار فلاحية: نصت المادة 53/2 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في: 18 نوفمبر1990 المتضمن التوجيه العقاري على مايلي: (...ويمكن أن تحرر عقود إيجار الفلاحية في شكل عقود عرفية).
- يستخلص من هذا النص أن عقود الإيجار الزراعية لم تعد تخضع للشكل الرسمي الذي فرضته المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني، بل يمكن إبرامها على الشكل العرفي تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام.( )
ب/ العقود العرفية الواقعة على الملكية العقارية:
أولا: العقود العرفية المشهرة وفقا للمرسوم 11/03/1936 فهذا المرسوم كان يقضي بتطبيق مقتضيات المرسوم الصادر في 30/10/1935 بالجزائر و المتعلق بتعديل نظام تسجيل الرهون العقارية وكان هذا المرسوم يسمح للأشخاص بشهر عقودهم العرفية لدى المحافظة العقارية أو مايسمى بمحافظة الرهون العقارية. وإجراء هذه الشكلية يعطي للعقود العرفية المشهرة حجية في مواجهة الغير و تنص المادة 2 من مرسوم30/10/1935 بأن يتم شهر العقود العرفية بعد إيداعها لدى الموثق في خلال 03 أشهر من تاريخ توقيعها.
هناك أيضا العقود العرفية المنصبة حول العقارات غير المفرنسة في بعض الجهات من الجزائر ولاسيما في منطقة القبائل و التي أخضعها مرسوم 09/02/1947 إلى إلزامية شهرها في مصلحة الرهون العقارية وبالتالي يكون لهذه العقود العرفية حجية و قوة إثبات تقترب من العقود الرسمية نظرا لإشهارها.
ثانيا: العقود العرفية المحررة و الثابتة التاريخ قبل صدور قانون التوثيق في:12/12/1970 هذه العقود العرفية صحيحة و ناقلة للحقوق العينية العقارية فيما يتعلق بنوع الملك و هي أيضا جائزة بالنسبة للحقوق العينية التبعية مثل حق الإنتفاع، لكن بالنسبة للتصرفات الواقعة بين 1964 و 1970 يجب على أطراف العقد العرفي تقديم الرخصة الإدارية المسلمة لهم من طرف الوالي عملا بالمرسوم رقم 64-15 المؤرخ في: 20/01/1964 المتعلق بحرية المعاملات.
- أما العقود المحررة قبل 1964 فلا يطلب من الأطراف هذه الرخصة ويكفي العقد.
ج- عقد اللفيف( ): الذي سبق و أن تطرقنا إليه – بالبرغم من تحريره من طرف ضابط عمومي- الموثق- إلا انه يعد عقدا عرفي.






 
المبحـث الثـالث: مـوقف الإجتهـاد القـضائـي
اشترط المشرع الجزائري في المادة 324 مكرر1 وما بعدهامن القانون المدني العقود التي لابد أن يتوفر فيها الشكل الرسمي مع إشهار العقد المثبت لها في البطاقات العقارية على مستوى المحافظة العقارية المختصة لكن وعلى الرغم من صراحة النصوص ظلت المحكمة العليا متجاهلة هذه القوانين ومؤكدة على صحة العقود العرفية مرتبة عليها آثار العقد الرسمي. 
- لكن وبعد العمل بهذا- الاجتهاد- حقبة زمنية معتبرة، تراجعت المحكمة العليا عن موقفها في قرار الغرف المجتمعة الشهير الصادر في 20/02/1997 وعليه يطرح التساؤل التالي: هل تعتبر الكتابة شرط للانعقاد أم شرط للإثبات ؟ وما الجديد الذي جاء به قرار الغرف المجتمعة الصادر في:20/02/1997؟
المطلب الأول: موقف الاجتهاد القضائي من مسألة الشكلية في العقود
يرجع طرح مشكل تكييف الشكلية إلى الأمر 70-91 المؤرخ في:15 ديسمبر1970 المتعلق بالتوثيق حيث تنص المادة 12 منه" زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي فأن العقود التي تتضمن نقل العقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أوكل عنصر من عناصرها أو تخلي عن أسهم شركة أو جزء منها أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو عقود تسيير المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعية يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر هذه العقود في شكل رسمي مع دفع الثمن إلى الموثق" غير أن المشرع أدرج مضمون المادة 12) من الأمر الملغى( في القانون المدني وذلك من خلال إضافة مادة جديدة في القانون المدني تحمل رقم 324 مكرر1.
- وأما المادة 79 تجاري فأنها تنص:"كل بيع اختياري أو وعد بالبيع وبصفة أعم كل تنازل عن محل تجاري ولو كان معلقا على شرط أو صادر بموجب عقد من نوع آخر أو كان يقضي بانتقال المحل التجاري بالقسمة أو المزايدة أو بطريق المساهمة به في رأس مال الشركة يجب إثباته بعقد رسمي و إلا كان باطلا".
 أن وضوح دلالة هذه النصوص القانونية لم تمنع الاختلافات في تأويلها فهناك اجتهاد قضائي يكيف الشكلية الرسمية على أنها شكلية غير مباشرة( ) ومن ثم فلا يؤثر تخلفها على صحة العقد.
 وهناك إجتهاد قضائي يرى العكس فيعتبر الشكلية الرسمية التي أشار إليها هذان النصان ركنا في العقد يترتب على تخلفها البطلان المطلق للعقد.
- ومن بين القرارات الصادرة عن المحكمة العليا التي أخذت بالرأي الأول نذكر على سبيل المثال:
- فقد جاء في قرار مؤرخ في:07/02/90 ملف رقم 57930 المنشور بالمجلة القضائية" التطبيقات القضائية في المادة العقارية" ص 27-31 أنه:"إذا كان عقد البيع الوارد على عقار قد تم بين البائع والمشتري أو كانت أركانه كاملة من حيث الرضا، المحل والثمن ولم ينكر البائع ذلك ولم ينازع في أركانه، على المحكمة أن تأمر بإتمام النقص المتمثل في الرسمية، إما أن تلغي عقدا تام الأركان بسبب عدم احترامه للشكلية الرسمية فهذا مخالف للقانون"
- وكذلك القرار الصادر في29/06/88 ملف رقم 45312 المجلة السابقة ص 35-37: (على أن عقد البيع هو عقد رضائي وإبطال عقد البيع العرفي لعدم الرسمية خطأ في تطبيق القانون لأن المادة 351 من قانون التسجيل التي تشترط الشكلية لتسجيل العقود الناقلة للملكية قد ألغيت بقانون المالية التكميلي لسنة 1983).
- ومن بين القرارات الصادرة عن المحكمة العليا التي تعتبر الشكلية الرسمية ركنا من أركان العقد يترتب على تخلفا البطلان المطلق للعقد
- قرار صادر بتاريخ 26/10/1983 ملف رقم 29501 مجلة قضائية 1990 العدد الرابع صفحة 45:
- (ولما كان ثابت أن الطبيعة القانونية المضفاة على حق الارتفاق كحق عيني هي التي أدت إلى إخضاع انتقال ملكيته في المادة 12 من قانون التوثيق لأشكال جوهرية يترتب على تخلفها عدم جواز الاحتجاج به تجاه الغير ومن ثمة كان وجوبا على الأطراف إفراغ الاتفاق المبرم حوله في عقد رسمي وتولي إجراءات إشهاره ليصح بالتالي التمسك بحصول التصرف ومن ثمة فإن إثباته لا يجوز بشهادة الشهود أو بالقرائن والقضاة الذين حكموا ثبوته بسبب تخلف الكتابة الرسمية قد التزموا صحيحا القانون وكان تطبيقهم له سليما وغير جدير بالنقض).
- وكذلك القرار المؤرخ في:18/12/82:(... أنه إذا كان العقد يبرم من حيث المبدأ بمجرد اتفاق بين ارادتين... فإن الأمر ليس كذلك عندما يشترط القانون وبصورة استثنائية توفر شكل من الأشكال الرسمية، حيث يصبح تدخل الموثق وتحت طائلة البطلان واجبا...).
- يتضح من كل هذه القرارات ومن تواريخ صدورها أن هناك تناقض في الإجتهاد القضائي يجب وضع حد له وهذا ما قامت به المحكمة العليا بهيئة الغرف المجتمعة من خلال القرار المبدئي الصادر بتاريخ 18/02/1997 ملف رقم 136156 مجلة قضائية العدد الأول لسنة 1999 صفحة 10: )من المقرر قانونا أن كل بيع إختياري أووعد بالبيع وبصفة أعم كل تنازل عن محل تجاري ولو كان معلق على شرط أو صادرا بموجب عقد من نوع آخر يجب إثباته بعقد رسمي وإلا كان باطلا.
ومن المقرر أيضا زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أوكل عنصر من عناصرها أو... في شكل رسمي" ومن المقرر أيضا أنه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله.
ولما ثبت في قضية الحال أن قضاة الإستئناف لما اعتبروا العقد العرفي المتضمن بيع قاعدة تجارية عقدا صحيحا مكتمل الشروط الخاصة بوصف المبيع وتحديد الثمن وتترتب عليه التزامات شخصية متمثلة في إتمام إجراءات البيع يكونون بقضائهم هذا قد خرقوا القانون الذي يعتبر الشكل الرسمي في بيع قاعدة تجارية شرطا ضروريا لصحة البيع وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون يؤدي إلى بطلان ذلك العقد بطلانا مطلقا كونه يمس بالنظام العام ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار(.
- لقد انتهى قضاة المحكمة العليا في قرارهم هذا إلى أن الشكلية الرسمية التي فرضتها المادتان 79 تجاري و324 مكرر1 مدني ركن في العقد يترتب على تخلفها البطلان المطلق إضافة إلى هذا فإن الحكم الذي تتضمنه هاتان المادتان لا يدع أي شك على أن الشكل الرسمي هو ركن من أركان العقد وليس مجرد وسيلة للإثبات، ولو كان الغرض من الشكلية الرسمية هو إثبات التصرف القانوني لكان التصرف صحيحا ولو لم يحترم المتعاقدان الشكلية المقررة.
- إلا أن السيد حمدي باشا عمر يرى أن ما يعيب على قرار- الغرفة المجتمعة – للمحكمة العليا، عدم دقته في انتقاء المصطلحات القانونية الصحيحة، لأن الرسمية وعلى خلاف ما ذهب إليه قرار المحكمة العليا لا تعد شرطا لصحة العقد، بل ركنا ركينا فيه.
إذ أن شروط صحة العقد هي توافر الأهلية وخلو الإرادة من العيوب التي تشوب رضا أحد المتعاقدين وهي الغلط، التدليس، الإكراه والإستغلال.
- أما أركان العقد) شروط الانعقاد( فهي التراضي، المحل، السبب وقد يضيف القانون ركنا رابعا إلى جانب هذه الأركان الثلاثة وهو الشكل الرسمي( ).
- كما أن هذا القرار يعتبر خطوة جديدة جاء في الوقت المناسب لكي يوحد الاجتهاد القضائي في نقطة قانونية هامة وحساسة نظرا لكثرة القضايا المطروحة على مختلف الجهات القضائية وليذكر جميع القضاة بضرورة تطبيق القانون تطبيقا سليما.
المطلب الثاني: موقف اجتهاد القضائي من العقود العرفية
كانت المحكمة العليا- في ظل الاجتهاد القديم- تعطي للعقود العرفية الحجية الكاملة مؤيدة اتجاه المحاكم التي تقضي بصحة العقود العرفية وإلزام البائع بالتوجيه أمام الموثق لإتمام إجراءات البيع النهائي مع المشتري وفي حالة الامتناع قام الحكم مقام العقد.
- حيث جاء في قرار الغرفة المدنية رقم 61796 المؤرخ في: 19/11/1990 " غير منشور" )حيث كان على قضاة الموضوع مناقشة المادتين 351 و361 من القانون المدني وليس المادة 12 من الأمر 90/91 الغير قابلة للتطبيق بين الطرفين (.
- كما أكد هذا الاتجاه قرار صادر عن نفس الغرفة بتاريخ 05/05/1995 تحت رقم 108 181 "غير منشور":)وأنه بإحالة الطرفين أمام الموثق لإتمام إجراءات البيع النهائي، فأن قضاة الموضوع طبقوا القانون تطبيقا سليما، وأنه لا يمكن للمدعي الاحتجاج بخرق المادة 12 من الأمر 70-91 المؤرخ في: 15/12/1970 التي جاءت في صالح الخزينة العمومية والشهر العقاري فقط).
- وقد كان موقف المحكمة العليا هذا مبررا بالحجج التالية: ( )
1- أن البيع ينتج آثاره بمجرد تبادل الإيجاب والقبول وتحديد ثمن المبيع أما الإجراءات التي فرضتها المادة 324 مكرر01 من القانون المدني ما هي سوى إجراءات لتمام العقد.
2- أن المادتين 351 و361 من القانون المدني تلزمان البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري والامتناع عن كل ما من شأنه أن يجعل نقل الملكية عسيرا أو مستحيلا.
3- أن المادة 324 مكرر01 من القانون المدني جاءت في صالح الخزينة العمومية والشهر العقاري فقط.
4- أن الإحتكار الذي كان ممنوحا لصالح البلديات فيما يخص المعاملات العقارية في المجال الحضري المنشأ بموجب الأمر 74-26 المؤرخ في:20/02/1974 المتعلق بالاحتياطات العقارية للبلدية ) الملغى بموجب المادة 88 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في:18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري( الذي كان يستثني الأراضي المعدة للبناء التي تقع داخل المنطقة العمرانية من التداول بين الأشخاص إلا لصالح البلدية ) الذي يستثنى من هذا الحظر سوى نقل الملكية بموجب الإرث( مقابل ثمن يتم تقويمه من قبل مصالح أملاك الدولة هو الذي جعل المواطنين يلجؤون بشكل مكثف إلى المعاملات العرفية، وهو ما جعل المحكمة العليا تتماشى مع هذا الواقع الاجتماعي، وتتعاطف مع المتقاضين الذين تعاملوا في أملاكهم العقارية بموجب عقود عرفية، وربما أيضا لعدم اقتناع قضاة المحكمة العليا بالقيود الشديدة التي فرضها هذا القانون.
- ظلت المحكمة العليا قدحا من الزمن تعطي للعقود العرفية قوة ملزمة شأنها شأن العقود الرسمية إلى غاية 20/02/1997 أن اجتمعت بجميع غرفها بأمر من الرئيس الأول لها وقررت بالتاريخ المذكور في القرار الحامل رقم 136 156.
- )حيث أن الشكل الرسمي في عقد بيع- محل تجاري- شرط ضروري لصحته وأن تحرير عقد البيع في شكل آخر يخالف القانون ويؤدي إلى بطلان ذلك العقد(
- أن هذا القرار المبدئي قد فصل في نقطة قانونية هامة تتمثل في مدى صحة العقود العرفية ووضع حدا للتباين الموجود على مستوى العمل القضائي في المحاكم والمجلس القضائية.
- وبهذا تكون المحكمة العليا قد جسدت الدور المنوط بها دستوريا ألا وهو توحيد الاجتهاد وبالتالي تامين العلاقات القضائية
- ولم يكن هذا الاجتهاد سهل التكريس إذ أن عرض الملف 153 136 على الغرفة المختلطة للمحكمة العليا للنظر فيه وفقا لأحكام المادة 20 وما يليها من القانون رقم 89-22 المؤرخ 12/12/1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها لكون مسألة العقد العرفي طرحت إشكالات جدية خاصة بالتأويل القانوني.
- فاجتمعت الغرفة المختلطة- المكونة من قضاة الغرفة المدنية وقضاة الغرفة التجارية والبحرية – بتاريخ 21/05/1996 وتمت مناقشة الإشكال القانوني المتعلق بمدى حجية العقود العرفية لكن بدون الخروج برأي موحد.
- لأن الغرفة المدنية تمسكت بموقفها القائل بصحة العقود العرفية وكذلك الأمر بالنسبة للغرفة التجارية والبحرية التي تمسكت بموقفها الرامي إلى الحكم ببطلان العقود العرفية المنصبة على بيع المحل التجاري أو العقار ونظرا للتناقض الملحوظ في موقفي الغرفتين قررت الغرفة المختلطة إحالة الملف على الغرف المجتمعة للفصل فيه، لأن القرار الذي سيصدر سيؤدي إلى تغيير الإجتهاد القضائي لإحدى الغرفتين وذلك عملا بمقتضيات نص المادتين 22 و23 من القانون المؤرخ في:12/12/1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا
- ولقد إنتهت هذه الإجراءات بالقرار الصادر في: 12/02/1997 المشار إليه أعلاه.
- علما أن الحل القانوني الذي أعطته الغرف المجتمعة يتعلق بمدى صحة العقود العرفية التي تتضمن بيع محلات التجارية، لكن يمكن توسيع نطاق هذا القرار ليشمل أيضا جميع المعاملات الواردة في صلب نص المادة 324 مكرر 01 من القانون المدني وخاصة تلك التي تتعلق ببيع العقارات المبينة وغير المبينة وهو الشيء الذي أكدته المذكرة الصادرة عن المفتشية العامة لوزارة العدل بتاريخ 1997 تحت رقم 02/97، ثم القرار الصادر عن الغرفة العقارية للمحكمة العليا في 23/05/1997 تحت رقم 148541: )من المقرر قانونا أن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر على شكل رسمي.
- ومن ثم فأن القرار المطعون فيه لم يخرق القانون ولم يخالف اجتهاد القضائي للمحكمة العليا الذي أعيد النظر فيه بموجب القرار الصادر في18/02/1997 تحت رقم 136.156 .
- وعليه فإن قضاة المجلس لما قضوا ببطلان البيع بالعقد العرفي للقطعة الأرضية المشاعة بين الورثة المالكين، فإنهم طبقوا صحيح القانون(
إلا أن الأستاذ عمر زودة – المستشار بالمحكمة العليا- يرى أن القرار الصادر في 18/02/1997 قد أتى بجديد ولكنه لم يأتي باجتهاد لأن القضاء عندما يقوم بتطبيق القانون تطبيقا آ ليا فهو لا يجتهد، فعندما يقرر القاضي بطلان عقد بيع العقار الذي حرر في شكل عرفي فهو يلتزم بتطبيق نص المادة 12 من قانون التوثيق تطبيقا آليا، ويعود ذلك إلى دلالة النص الواضح حيث أصبحت عقود بيع العقار عقود شكلية منذ سريان هذا القانون، فإذا لم يحرر عقد بيع العقار أو القاعدة التجارية في شكل رسمي أصبح العقد باطلا بطلانا مطلق وهذا حكم يستدل به مباشرة من نص هذه المادة وهذا ما كرسه قرار المحكمة العليا الأخير. ( )

تعليقات