القائمة الرئيسية

الصفحات



جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد على ضوء قانون العقوبات والاجتهاد القضائي

جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد  على ضوء قانون العقوبات والاجتهاد القضائي

جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد  على ضوء قانون العقوبات والاجتهاد القضائي 

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

         وزارة العـــــــــــــــدل                       مجلـس قضــاء الأغــــواط
المدرسة العليا للقضاء الدفعــة الثالثـة عشــر



 

مـن إعــداد الطلبـــة القضــــاة =     =  تحـــت إشـــراف السيـــد =
* بلغيـــــت ياقـوتـــة        * حمــدانــي نبيــلــة          براهيــمــــي سليمــــــــــان
* براهــــم جيهـــان           * زوغمــــاز جميـلــة        رئيــــــس مجلـــــــس قــضــــاء
* بوعـــونــــي نــــوال       * فرنــــان صبيـحـــة                                           الأغــــــــــــــــواط


 

الفصل الأول: أركان جنحة إصدار شيك بدون رصيد و الدفوع التي يمكن أن تثار بشأنهــا.


أظهـرت الأهميـة البالغـة للشيكـات فـي الحيـاة الاقتصاديـة و الـدور الذي تؤديـه فـي المعامـلات ، لاسيمـا فـي مجـال الأعمـال التجاريـة ، ضـرورة توفيـر حمايـة فعالـة لهـا ، ضمانـا لقيامهـا بأداء وظائفهـا الاقتصاديـة ، و بصفـة خاصـة وظيفتهـا كـأداة وفـاء فـي المعامـلات تقـوم مقـام النقـود ، فمـن الملاحـظ أن اعتبـار  الشيـك أداة وفـاء مثـل النقـود دفـع بعـض الأفـراد إلـى إسـاءة استعمـال الشيكـات بغيـة التوصـل عـن طريقهـا إلـى الاستيـلاء علـى أمـوال الغيـر ، ودلك بتحريـر شيكـات ليـس لهـا مقابـل وفـاء لـدى المسحـوب عليـه ، ولا شـك فـي أن إسـاءة استعمـال الشـك علـى هـدا النحـو يـؤدي إلـى فقـدان الأفـراد للثقـة فيـه كـأداة وفـاء و تجعلـه بالتالـي غيـر قـادر علـى أداء وظائفـه الاقتصاديـة  و التـي وجـد مـن اجلهـا . وحمايـة لذلـك اتجـه المشـرع إلـى تجريـم فعـل إصـدار شيـك دون رصيـد و تدعيـم هـذا التشريـع بالجـزاء الجنائـي، و بهـذا جعلـه جريمـة قائمـة بذاتهـا لهـا أركانهـا الخاصـة  بهـا و هـذا مـا سنعالجـه فـي هـذا الفصـل بالتطـرق لجريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد مـن حيـث الأركـان التـي بهـا تقـوم الجريمـة . و مـن الملاحـظ أن هـذه الأخيـرة يمكـن هدمهـا عـن طريـق مـا يقدمـه المتهـم مـن دفـوع قـد تـؤدي إلـى نفيهـا ، كمـا قـد لا تؤثـر فيهـا فتبقـى الجريمـة قائمـة علـى الرغـم مـن إثارتهـا .
 و هـذا مـا سنتطـرق إليـه فـي المبحثيـن الموالييـن حيـث سنتنـاول فـي المبحـث الأول أركـان الجريمـة بالدراسـة فـي حيـن المخصـص المبحـث الثانـي للدفـوع التـي مـن شأنهـا أن تعتـرض قيـام هـذه الأركـان. 





المبحـث الأول :أركـان جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.

 باستقـراء نـص المادتيـن :) 374 و 375( مـن قانـون العقوبـات نجـد أن المشـرع لـم يحصـر جرائـم الشيـك فـي صـورة وحيـدة ، بحيـث جعلهـا تتخـذ عـدة مظاهـر يمكـن إيجازهـا فيمـا يلـي : 
أ – تسليـم أو قبـول شيـك كضمـان أو تظهيـر مثـل هـذا الشيـك ، وهـي الصـورة المشـار إليهـا بنـص المـادة) 374( فـي فقرتهـا الثالثـة ، فالأصـل فـي الشيـك أنـه أداة وفـاء ولا أداة قـرض و ائتمـان ، و لأنـه كـذلك فـإن القانـون يجـرم تسليـم الشيك أو قبولـه علـى سبيـل الضمـان ، وكـذا فعـل تظهيـر المستفيـد للشيـك المسلـم لـه كضمـان. 
  و جديـر بالذكـر أن المشـرع لـم يشتـرط فـي تظهيـر شيـك سلـم أو قبـل كضمـان سـوء النيـة ، فتقـوم الجريمـة بمجـرد توافـر القصـد الجنائـي العـام المستخلـص مـن الوقائـع. 
 ب- تزويـر أو تزييـف الشيـك ،و أشـارت إلـى هـذه الصـورة المـادة 375 مـن قانـون العقوبـات و تأخـذ مظهريـن أساسييـن و همـا : تزويـر أو تزييـف الشيـك بوضـع توقيـع مـزور ) سـواء كـان التزويـر ماديـا أو معنويـا  ( ، وقبـول استـلام شيـك مـزور أو مزيـف.
ومـع تعـدد صـور جرائـم الشيـك فإننـا ارتأينـا حصـر نطـاق دراستنـا فـي صـورة واحـدة وهـي : جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد كونهـا الصـورة الأكثـر انتشـارا والتـي سنتطـرق إليهـا بنـوع مـن التفصيـل مـن خـلال تجسيـد أركانهـا كمـا يأتـي:


المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة .


تتحقـق الجريمـة بالفعـل الصـادر عـن الشخـص ، فتتخـذ صـورة ماديـة معينـة ، وتختلـف الأفعـال الماديـة باختـلاف نشاطـات الأشخـاص وهـذا مـا يجعـل المشـرع يتدخـل لتحديـد فئـة الأفعـال الضـارة أو الخطـرة علـى سلامـة أفـراد المجتمـع ، فينهـي عنهـا بموجـب نـص قانونـي جزائـي يجـرم هـذه الأفعال ويحـدد عقوبـة مـن يأتـي علـى ارتكابهـا ، وبالتالـي فـإن قانـون العقوبـات هـو الـذي يحـدد الجرائـم ويضـع لهـا عقابـا فـلا وجـود للجريمـة بـدون نـص تشريعـي.
ويقصـد بالركـن الشرعـي للجريمـة الصفـة غيـر المشروعـة للفعـل هـذه الصفـة التـي خلقهـا نـص التجريـم  الـواجب التطبيـق علـى الفعـل بشـرط أن لا يكـون هنـاك سبـب مـن أسبـاب الإباحـة :
وقـد نصـت المـادة الأولـى مـن قانـون العقوبـات علـى أنـه : *لا جريمـة ولا عقوبـة أو تدبيـر أمـن بغيـر قانـون *
فالركـن الشرعـي هـو الـذي يحـدد الماديـات التـي يصبـغ عليهـا المشـرع الصفـة الغيـر مشروعـة ، هـذه الماديـات التـي تكـون جوهـر الركـن المـادي للجريمـة   .
ويعنـي مبـدأ الشرعيـة حصر الجرائـم والعقوبـات فـي نصـوص القانـون فيختـص بتحديـد الأفعـال التـي تعتبـر جرائـم وبيـان أركانهـا ، وفـرض العقوبـات علـى هـذه الأفعـال .وعلـى القـاضي تطبيـق مـا يضعـه المشـرع مـن قواعـد فـي هـذا الشـأن .فـلا يستطيـع القاضـي تجريـم فعـل معيـن إلا إذا وجـد نـص يعتبـر هـذا الفعـل جريمـة  .
وعنـد تطبيـق مـا سبـق ذكـره علـى جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد نجـد المشـرع قـد نـص فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات علـى أنـه :
* يعـاقب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـــك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد : 

    
1. كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم ، وقابـل للصـرف أو كـان الرصيـد أقـل مـن قيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحـوب عليـه مـن صرفـه.
2. كـل مـن قبـل أو ظهـر شيكـا صـادرا فـي الظـروف المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـع علمـه بذلـك.
3. كـل مـن أصـدر أو قبـل أو ظهـر شيكـا واشتـرط عـدم صرفـه فـورا بـل جعلـه كضمـان*.

وقـد وردت هـذه المـادة  المتعلقـة بجريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد حسـب موقعهـا فـي قانـون العقوبـات بالقـسـم الثانـي الـذي ورد بعنـوان: * النصـب وإصـدار شيـك دون رصيـد * مـن الفصـل الثالـث المتعلـق بالجنايـات والجنـح ضـد الأمـوال مـن البـاب الثانـي الـذي يحتـوي على الجنايـات والجنـح ضـد الأفـراد مـن الكتـاب الثالـث الـوارد بعنـوان الجنايـات والجنـح وعقوباتهـا مـن الجـزء الثانـي المتعلـق بالتجريـم ، مـن قانـون العقوبـات والـذي صـدر بموجـب الأمـر رقـم 66-156 المـؤرخ فـي 18 صفـر عـام 1386 المـوافق لـ 8 يونيـو سنـة 1966 المتضمـن قانـون العقوبـات.
كمـا تجـدر الإشـارة إلـى أن تجريـم فعـل إصـدار شيـك بـدون رصيـد قـد ورد أيضـا فـي القانـون التجـاري وذلـك فـي نـص المـادة 538 منـه ، والتـي جـاء فيهـا :
 * يعاقـب بالسجـن مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن مبلـغ الشيـك أو عـن باقـي قيمتـه:
1. كـل مـن أصـدر عـن سـوء نيـة شيكـا ليـس لـه مقابـل وفـاء سابـق وقابـل للتصـرف فيـه ، أو كـان مقابـل الوفـاء أقـل مـن مبلـغ الشيـك أو تراجـع بعـد استصـدار الشيـك كامـل مقابـل الوفـاء أو بعضـه أو منـع المسحـوب عليـه مـن الوفـاء.



2. مـن قبـل عمـدا تسلـم الشيـك أو ظهـره وكـان هـذا الشيـك صـادرا فـي الأحـوال المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـع علمـه بـذلك.
3. كـل مـن أصـدر وقبـل وظهـر شيكـا علـى شـرط ألا يقبـض مبلغـه فـورا وإنمـا علـى وجـه الضمـان *. 
وقـد وردت هـذه المـادة ، حسـب موقعهـا مـن القانـون التجـاري بالفصـل التاسـع المتعلـق بالتقـادم مـن البـاب الثانـي و الـذي عنوانـه الشيـك مـن الكتـاب الرابـع المتضمـن السنـدات التجاريـة ، مـن القانـون التجـاري و الـذي صـدر بموجـب الأمـر رقـم 75-59 المـؤرخ فـي 20 رمضـان عـام 1395 المـوافق لـ 26 سبتمبـر سنـة 1975 المتضمـن القانـون التجـاري المعـدل و المتمـم.
و الملاحـظ علـى هـذه المـادة هـو أن المشـرع قـد استعمل عبـارة * يعاقب بالسجن ...* في النص العربي بينما في النص الفرنسي ذكر* * EST PUNI D’UN EMPRISONNEMENT و هـذا لا يمكـن أن يفسـر علـى أنـه تناقـض بيـن النصيـن العربـي و الفرنسـي ، بـل إن قصـد المشـرع هنـا واضـح خـال مـن أي غمـوض و هـو يعنـي بهـا الحبـس و ليـس السجـن  و هو مـا يؤكـده نـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات.
كمـا تجـدر الإشـارة إلـى أن المشـرع قـد نـص علـى تجريـم فعـل إصـدار الشيـك بـدون رصيـد فـي كـل مـن القانونيـن التجـاري والعقوبـات ، و بالعقوبـة نفسهـا مضيفـا فـي القانـون التجـاري حسـب نـص المـادة 540 بـأن مرتكـب جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد لا يستفيـد مـن الظـروف المخففـة المقـررة بالمـادة 53 مـن قانـون العقوبـات . عـدا حالتـي إصـدار أو قبـول شيـك دون مقابـل وفـاء. كمـا أضـاف القانـون نفسـه عقوبـات تبعيـة تتمثـل فـي الحرمـان مـن الحقـوق الوطنيـة المبينـة فـي نـص المـادة الثامنـة مـن قانـون العقوبـات سـواء بصفـة كليـة أو جزئيـة ، كمـا استوجبـت ذلـك المـادة 541 مـن القانـون التجـاري ، و قـد أجـازت الحكـم علـى المتهـم المـدان بعقوبـة حظـر الإقامـة كعقوبـة تكميليـة.
و لعـل هـذا التكـرار الـذي قصـده المشـرع مـن خـلال النـص علـى التجريـم فعـل إصــدار شيـك دون رصيـد و العقـاب عليـه، فـي القانـون التجـاري بعـد أن تناولهـا فـي قانـون العقوبـات ، هـو فـي حقيقـة الأمـر تأكيـد مـن قبلـه علـى 

الحمايـة الجنائيـة التـي أراد أن يقـررهـا حمايـة للشيـك فـي حـد ذاتـه باعتبـاره أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعامـلات .

المطلــــب الثـانـي : الركــن المــادي للجريمــة.


يتمثـل الركن المـادي فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي فعـل الإعطـاء مـع عـدم إمكـان السحـب ، والتعـرض للركـن المـادي بالشـرح والتفصيـل يقتضـي منـا التعـرض لمفهـوم الشيـك ومفهـوم مقابـل الوفـاء فـي الشيـك وهـو مـا عبـر عنـه المشـرع بلفـظ الرصيـد ، باعتبارهمـا العنصريـن الأساسييـن فـي الجريمـة.
ونتنـاول فيمـا يلـي الركـن المـادي بالتطـرق إلـى إصـدار الشيـك بتحريـره وطرحـه للتـداول فـي فـرع أول ، ثـم فـي فـرع ثـان نـدرس عـدم امكـان السحـب.

الفـــرع الأول :  إصـــدار الشيـــك.
 يفتـرض أن نقـوم بتحديـد مفهـوم الشيـك فـي مرحلـة أولـى ، ثـم نتطـرق إلـى فعـل إصـداره.
أولا:  تعريـــف الشيـــك. 
الشيـك هـو محـرر يقـوم مقـام النقـود فـي الوفـاء ، وبمعنـى آخـر هـو ورقـة تجاريـة تحـرر وفـق شـروط معينـة ، تتضمـن أمـرا مـن موقعهـا) الساحـب( موجهـا إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع إلـى المستفيـد أو لحاملـه مبلغـا معينـا مـن النقـود ، فالساحـب هـو الـذي يصـدر الشيـك و يوقـع عليـه، أمـا المسحـوب عليـه فهـو البنـك أو أيـة مؤسسـة ماليـة يـودع السـاحب رصيـده لديهـا ، والمستفيـد هـو صاحـب الحـق أو الدائـن الـذي يصـدر الشيـك باسمـه وأحيانـا يحـرر الشيـك لحاملـه أي  دون تعييـن اسـم الساحـب  وهـذا جائـز.
وبالرجـوع إلـى قانـون العقوبـات ، لا يوجـد نـص يعـرف الشيـك ، لكـن باستقـراء نـص المـادة 472 مـن القانـون التجـاري نجدهـا قـد عرفـت الشيـك علـى أنـه أمـر 

مكتـوب مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع بمجـرد الإطـلاع عليـه مبلغـا مـن النقـود لمصلحـة مـن يحـدده الأمـر ، كمـا حـددت نفـس المـادة البيانـات التي يجـب أن يحتـوي عليهـا الشيـك  .
وقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى اعتبـار الشيـك أداة وفـاء ودفـع ، وليـس أداة قـرض وائتمـان ، وعليـه فـان الأمـر بالدفـع لا يجـب أن يكـون بـأي حـال مـن الأحـوال معلقـا علـى شـرط سـواء كـان واقفـا أو فاسخـا .
لكـن حتـى يـؤدي الشيـك الوظيفـة التـي وجـد لأجلهـا و حتـى يكـون ورقـة تجاريـة يعتـد بهـا كسنـد بمفهـوم القانـون التجـاري فـان المشـرع استوجـب أن تتوافـر فيـه جملـة مـن الشـروط الشكليـة و الموضـوعية وهـذا مـا سنتناولـه فيمـا يلـي:  
1-الشروط الشكلية:
مـن أهـم البيانـات الواجـب توفرهـا فـي الصـك استوجـب المشـرع أن يكـون مكتوبـا ، فلا يعـرف الشيـك الشفهـي لأنـه ورقـة تجاريـة ويحـرر بأيـة لغـة متعـارف عليهـا ، لكـن الـدارج أن يكتـب باللغـة السائـدة فـي المجتمـع .
كمـا يجـب أن يتضمـن الشيـك توقيـع الساحـب ذلـك أن هـذا الأخيـر  يفيـد صـدور الشيـك مـن الساحـب ، وبـدونه لا يكـون للشيـك أيـة قيمـة .هـذا و يجـب أن يكـون التوقيـع بيـد الساحـب لا بالآلـة الكاتبـة أو بأيـة وسيلـة أخـرى.
ويضيـف المشـرع فـي القانـون التجـاري وجـوب احتـواء الشيـك علـى اسـم المسحـوب عليـه وهـو الـذي يصـدر إليـه أمـر السـاحب بدفـع قيمـة الشيـك، فـإذا لـم يحـدد المسحـوب عليـه فـي الشيـك ، يفقـد الصـك صفتـه هـذه ويصلـح فقـط لتحديـد علاقـة المديونيـة بيـن الساحـب والمستفيـد ، لكـن عمليـا تحـرر الشيكـات علـى نمـاذج مطبوعـة تتضمـن اسـم المسحـوب عليـه الـذي هـو مؤسسـة ماليـة أو مصرفيـة ، كمـا يجـب أن يكـون الساحـب غيـر المسحـوب عليـه.

ولا يلـزم قبـول المسحـوب عليـه الشيـك قبـل الوفـاء بقيمتـه ، إذ يفتـرض أن يكـون للشيـك بطبيعتـه مقابـل الوفـاء وقـت إعطائـه مـن الساحـب لـدى المسحـوب عليـه فالشيـك يقـدم إليـه للوفـاء لا للقبـول .
فضـلا عـن البيانـات السابـق ذكرهـا أعـلاه يستوجـب القانـون أن يذكـر اسـم المستفيـد وهـو الشخـص الـذي يحـرر الشيـك لمصلحتـه ) سـواء كـان شخصـا طبيعيـا أو معنويـا ( وقـد يتعـدد المستفيـدون ، ففـي هـذه الحالـة يجـب الوفـاء لهـم مجتمعيـن أو لأحدهـم إذا تقـدم عـن نفسـه وبالوكالـة عـن الباقيـن لصـرف قيمـة الشيـك.
ومتـى كـان الشيـك أداة وفـاء و دفـع فـان المشـرع يشتـرط أن يتضمـن وجوبـا أمـرا بالدفـع يوجهـه الساحـب إلـى المسحـوب عليـه ، علـى أن يكـون الأمـر بالدفـع غيـر معلـق علـى شـرط واقـف أو فاسـخ ، وأن ينصـب الأمـر علـى مبلـغ معيـن مـن النقـود.
و مـن قبيـل البيانـات التـي ينبغـي تواجدهـا بالشيـك هـو مكـان سحـب الشيـك و الوفـاء بـه وان كـان لا يعتبـر مـن البيانـات الجوهريـة ، إذ أن إغفالـه لا أثـر لـه علـى طبيعـة الورقـة كشيـك ويكـون محـل الدفـع هـو محـل سحـب الشيـك غيـر أنـه لا مانـع مـن اختلافهمـا. بالإضافـة إلـى وجـوب ذكـر تاريـخ سحـب الشيـك علـى الرغـم مـن كونـه مستحـق الدفـع دائمـا بمجـرد الإطـلاع عليـه ويترتـب علـى ذلـك ضـرورة أن يثبـت بالشيـك تاريـخ واحـد فقـط الـذي هـو تاريـخ الاستحقـاق ولا يضيـره إذا كـان خاليـا منـه لأنـه أصـلا قابـل للوفـاء بمجـرد الإطـلاع.

2 - الشروط الموضوعية :
طالمـا كـان تحريـر الشيـك والتوقيـع عليـه مـن الساحـب تصرفـا قانونيـا فإنـه يشتـرط لصحتـه وجـوب توافـر جملـة مـن الشـروط الموضـوعية التـي تتعلـق بالأهليـة والرضـا  والمحـل والسبـب .


إذ تكتمـل أهليـة الشخـص المدنيـة بتمـام بلوغـه 19 سنة كاملـة ، كمـا هـو مقـرر بنـص المـادة 40 مـن الفانـون المدنـي ، أمـا الأهليـة الجزائيـة فإنهـا تعتبـر متوافـرة ومكتملـة متـى بلـغ الشخـص 18 سنـة كاملـة عمـلا بنـص المـادة 442 مـن فانـون الإجـراءات الجزائيـة ، وهـذا مـا يهمنـا فـي موضـوع بحثنـا هـذا ، والـذي نحـن بصـدد دراستـه ذلـك أن المسؤوليـة الجزائيـة للساحـب الـذي أصـدر شيكـا بـدون رصيـد تكـون قائمـة متـى بلـغ سن الرشـد الجزائـي لا المدنـي .
و لا يكفـي أن يكـون الشيـك صـادرا عـن ذي أهليـة بـل يقتضـي الأمـر أن يكـون إصـدار الشيـك مبنيـا علـى رضـا صحيـح  خـال مـن العيـوب المنصـوص عليـه فـي القانـون  المدنـي مـن غلـط أو تدليـس أو إكـراه والتـي مـن شأنهـا أن تعـدم التصـرف مـن أساسـه أو تجعلـه معيبـا و ناقصـا. 
كمـا يستوجـب الأمـر أن يكـون  محـل الالتـزام فـي الشيـك مبلغـا محـددا مـن النقـود وليـس شيئـا آخـر حتـى يستحـق وصفـه كشيـك بمفهـوم القانـون التجـاري.
بالإضافـة إلـى السبـب الـذي يـراد بـه أسـاس الالتـزام بالشيـك علـى أن يكـون مشروعـا ، وإذا كـان عـدم مشروعيـة السبـب يؤثـر علـى مصيـر الدعـوى المدنيـة بالرفـض فإنـه يبقـى عديـم الأثـر علـى الدعـوى الجزائيـة طالمـا توافـرت أركـان إحـدى جرائـم الشيـك ، فالمسؤوليـة الجزائيـة لا تتأثـر بالسبـب أو البـاعث الـذي أعطـي مـن أجلـه الشيـك كمـا استقـرت علـى ذلـك المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا.
وعمومـا ، فـإن تطلـب بعـض البيانـات فـي الشيـك لا يعنـي ضـرورة وجـود شيـك ماديـا لإمكـان الحكـم بالعقوبـة فـي إحـدى جـرائم الشيكـات ، فـلا ينفـي وقـوع الجريمـة عـدم وجـود أصل الشيـك لـدى المحكمـة سـواء كـان ذلك لإتلافـه أو فقـده أو سرقته أو لغير ذلـك مـن الأسبـاب ، فيكفـي أن يثبـت لـدى المحكمـة أن ثمـة شيكـا قـد أصـدره الساحـب لا يقابلـه رصيـد ، ولهـا أن تكـون عقيدتـها فـي هـذا الموضوع بكافـة طـرق الإثبات .


وممـا ذهبت إليـه المحكمة العـليا فـي هـذا الصدد فـي اجتهادها مـا جـاء فـي قـرارها الصادر بتـاريخ 27.مارس 2000 : *......أن عـدم وجـود الشـيك عنـد المحاكمة لا ينفـي بتاتـا وقوع الجريمة متـى قـام الدليل عـلى سبـق وجـوده مستوفيا شرائطـه القانـونية وللمحكمة أن تكـون عقيدتـها بكافـة طرق الإثبات ......
أن القضاة غيـر مقيدين بقواعد الإثبات المقررة فـي القـانون المدني والقـانون التجاري وأنـه يحق لهـم الأخـذ بالصورة الشمسيـة كدليـل فـي الدعوى أو بشهادة عـدم الدفع أو اعتراف المتهـم أو أي وثيقـة أخـرى*    
ومـن اجتهاداتهـا أيضـا مـا استقـرت عليه مـن خـلال قرارها الصادر بتـاريخ 27فيفـري 2000 والـذي جـاء فيـه : * مـن المستقـر فقـها وقضـاء أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف لا ينفـي وقـوع الجريمة المنـصوص عـليها فـي الـمادة 374 مـن فانــون العقوبـات .
وأنـه يحـق لجهـة الحكـم أن تأخـذ بالصـورة الشمسيـة للشيـك محـل المتابعـة كدليـل للإثبـات ، وأنهـا غيـر مقيـدة بالقواعـد المقـررة فـي القانـون المدنـي أو التجـاري.
 وعليـه فـإن القضـاء ببـراءة المتهـم علـى أسـاس عـدم وجـود أصـل الشيـك عـرض القـرار المطعـون فيـه للبطـلان* 
 
ثانيـــا:لشيــك وطرحـه للتـــداول .
وقبـل تنـاول إنشـاء الشيـك وطرحـه للتـداول ، يجـب أن نميـز بيـن إصـدار الشيـك وإنشـاءه ، فإنشـاء الشيـك يكمـن فـي كتابتـه و هـو سابـق علـى الإصدار الـذي هـو مـن قبيـل الأعمـال التحضيريـة التـي لا يعاقـب عليهـا القانـون تحريـر الشيـك دون طرحـه للتـداول طالمـا لـم يسلـم إلـى المستفيـد ، ومـن ثمـة فـإن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـي جنحـة مركبـة مـن عنصريـن : إنشـاء الشيـك بكتابتـه وتحريـره ، ثـم طرحـه فـي التـداول بتسليمـه إلـى المستفيـد.

إذا فـإن الركـن المـادي للجريمـة لا يقـوم علـى مجـرد تحريـر الشيـك وإنمـا يتعـدى ذلـك إلـى إعطائـه للمستفيـد ، أمـا تقديـم الشيـك إلـى المسحـوب عليـه ) البنـك مثـلا ( فـلا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة فهـو إجـراء مـادي متجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـك و إفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد ليسـت إلا إجـراء كاشـف للجريمـة.

ثالثــا : شـروط التخلـي لقيـام النشـاط الإجـــرامي. 
إن التخلـي الواجـب لقيـام النشـاط الإجرامـي ينبغـي أن يكـون نهائيـا : فـإذا كـان فعـل الإعطـاء يستلـزم خـروج الشيـك مـن حيـازة الساحـب إلا أن هـذا الخـروج متوقـف علـى أن يكـون نهائيـا ، ويتـم ذلـك بانتقـال الشيـك مـن حـوزة الساحـب إلـى المستفيـد نهائيـا ولمـا كـان مـن الجائـز للساحـب استـرداد الشيـك مـن المـودع لديـه إذا قدمـه علـى وجـه الوديعـة ، فـإن التخلـي هنـا لا يكـون نهائيـا .
كمـا يقتضـي الأمـر أن يكـون التخلـي إراديـا ؛ ففعـل الإعطـاء لا يقتصـر علـى كـون التخلـي نهائيـا وإنمـا يتعـداه بانصـراف إرادة الساحـب إلـى التخلـي عـن حيـازة الشيـك ، فبانتفـاء هـذه الإرادة ينتفـي الركـن المـادي للجريمـة ، ومـن ذلـك فـإذا فقـد الشيـك أو سـرق وبـادر الساحـب بإصـدار أمـر بعـدم الدفـع فإنـه يكـون بامكـان الساحـب إثبـات أن لا دخل لإرادتـه فـي التخلـي عـن حيـازة الشيـك وبذلـك يكـون الركـن المـادي للجريمـة غيـر قائـم .
 ومـن اجتهـاد القضـاء الجزائـري فـي ذلـك ما جـاءت به المحكمـة العليـا فـي قرارهـا الصـادر فـي 24 جويليـة 1994 : * إذا كـان مـن الجائـز المعارضـة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السرقـة فـإن هـذا موقـوف على تقديـم الدليـل القاطـع ، ذلـك أن الادعـاء المدنـي وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم  أو قـرار قضـائي نهائـي يؤكـد الادعـاء .*  

 

 الفــرع الثانــي : عــدم إمكــان السحــب 

  ينبغـي لاكتمـال قيـام الركـن المـادي للجريمـة ألا يتمكـن المستفيـد مـن سحـب الرصيـد أو أن يكـون هـذا الأخيـر غيـر كـاف و قبـل أن نتنـاول هـذا العنصـر بالشــرح و التفصيـل ينبغـي أولا إعطـاء مفهـوم للرصيـد، ،وتحديـد شروطـه فيمـا يلـي : 
أولا: تعريـف مقابـل الوفـاء فـي الشيـك )الرصيـد ( .
إن الرصيـد هـو عبـارة عـن ديـن نقـدي للساحـب فـي ذمـة المسحـوب عليـه مسـاو علـى الأقـل لقيمـة الشيـك ويجـب أن تتوافـر فـي المقابـل النقـدي )الرصيـد( جملـة مـن الشـروط كـأن يكـون مبلغـا مـن النقـود ذلـك أن الشيـك يتضمـن أمـرا بدفـع مبلـغ مـن النقـود صـادر مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه ممـا يقتضـي بالضـرورة أن يكـون الرصيـد مبلغـا مـن النقـود وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـان مقابـل الوفـاء مـالا آخـر غيـر النقـود كـان الشيـك بغيـر رصيـد واستحـق لذلـك العقـاب ، علـى أن يكـون الرصيـد معيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع ، ولا يهـم مصـدر الديـن النقـدي الـذي فـي ذمـة المسحـوب عليـه طالمـا ثبـت وجـوده .
وتثـار إشكاليـة تسليـم الساحـب للأوراق التجاريـة للمسحـوب عليـه قصـد تحصيـل قيمتهـا ، فهـل تصلـح هـذه الأوراق مقابـلا  للوفـاء؟
إذا كـان صحيحـا أن الأوراق التجاريـة تمثـل قـدرا مـن المـال إلا أنهـا لا تصلـح رصيـدا قبـل تحصيـل قيمتهـا و يكـون  بذلـك  الشيـك بغيـر رصيـد ، أمـا إذا تـم تحصيـل قيمـة هـذه الأوراق فـإن نقديـة مقابـل الوفـاء تكـون قـد تحققـت وفـي هـذا الصـدد قضـي فـي فرنسـا بأن تسلـم البنـك سفاتـج لخصمهـا ووضعهـا فـي الرصيـد الدائـن للعميـل ليـس احتمـال للدائنيـة لا يعـد إيجـادا للرصيـد القابـل للسحـب المستحـق الأداء  .




كمـا يستوجـب الأمـر أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك بمـا أن هـذا الأخيـر هـو أداة وفـاء مستحـق الأداء لـدى الإطـلاع ، أي بمجـرد إنشـاءه فـإن ذلـك يعنـي أن يكـون رصيـد الشيـك قائمـا منـذ إصـداره .
كمـا يجـب أن يكـون مقابـل الوفـاء موجـودا عنـد سحب الشيـك ، فـلا يكفـي فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار شيـك ولكـن يتعيـن أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك بالصـرف .ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، وفـي هـذا السيـاق نجـد الاجتهـاد المصـري يؤكـد علـى : * وجـوب توافـر الرصيـد القائـم والقابـل للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ولأن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك إلـى المصـرف ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، تخلـف ذلـك الرصيـد فـي أي وقـت خـلال تلـك الفتـرة ، أثـره ، توافـر جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي حـق مصـدره........تقديـم الشيـك للصـرف إجـراء مـادي يتجـه إلـى استيفـاء مقابلـه ولا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة * 
كمـا أن مـن بيـن الشـروط الواجـب توافرهـا فـي الرصيـد هـوان يكـون قابـلا للتصـرف بموجـب الشيـك، فكمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـإن كـون الشيـك مستحـق الوفـاء لـدى الإطـلاع يستوجـب أن يكـون مقابـل الوفـاء بـه دينـا نقديـا في ذمـة المسحـوب عليـه، محقـق الوجـود ، معيـن المقـدار ، مستحـق الأداء وأن يكـون قابـلا للسحـب بموجـب شيـك .
  فيشتـرط أن يكـون الرصيـد دينـا محقـق الوجـود ونميـز فـي هـذا الصـدد بيـن حالتيـن ، فـإذا كـان مقابـل الوفـاء بشيـك محتمـلا أو معلقـا علـى شـرط واقـف ولـم يتحقـق هـذا الشـرط حتـى وقـت الإصـدار فـإن الرصيـد يعتبـر غيـر قائـم ،أمـا إذا كـان الديـن معلقـا علـى شـرط فاسـخ فإنـه يصلـح أن يكـون مقابـلا للوفـاء بالشيـك طالمـا أن الشـرط لم يتحقـق حتـى إصـدار الشيـك ، فـي حيـن أنـه إذا تحقـق الشـرط الفاسـخ قبـل التقديـم الشيـك للوفـاء فـإن أثـره ينسحـب إلـى الماضـي ويعتبـر الرصيـد كـأن لـم يوجـد أصـلا منـذ إصـدار الشيـك وتقـوم بذلـك جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .

ويقصـد بـأن يكـون الرصيـد ديـن مستحـق الأداء وقـت إصـدار الشيـك أن يتـم الوفـاء بقيمتـه بمجـرد الإطـلاع عليـه، فـإذا كـان الديـن مرتبطـا بأجـل لـم يحـل وقـت إصـدار الشيـك يكـون الرصيـد غيـر قائـم ، علـى أن يكـون ديـن مقابـل الوفـاء معيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع وقـت إصـدار الشيـك بحيـث يتـم الوفـاء بقيمتـه بمجـرد الإطـلاع عليـه وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـان ديـن مقابل الوفـاء موضـوع نـزاع لم يفصـل فيـه فـإن الشيـك يعـد فـي هـذه الحالـة بـلا رصيـد كـأن يكـون مثـلا ديـن مقابـل الوفـاء حسـاب جـاري موضـوع تصفيـة فيصبـح الديـن محتمـلا وغيـر محـدد المقـدار إلـى غايـة تصفيـة الحسـاب.
كمـا يجـب  أن يكـون الرصيـد قابـلا للتصـرف فيـه بموجـب شيـك وهـو مـا تؤكـده المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات والتـي تعاقـب علـى إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للسحـب .
  أمـا أن يكـون مقابـل الوفـاء مساويـا علـى الأقـل بقيمـة الشيـك يعنـي إمكانيـة استيفـاء كـل المبلـغ ، فـإذا كـان أقـل مـن قيمـة الشيـك فـلا يعـد مقابـل الوفـاء قائمـا وبالتالـي تقـوم جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
وعمومـا ، فإنـه يجـب توافـر الرصيـد القائـم والقابـل للسحـب وقـت إصـدار الشيـك و أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك للصـرف ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، لأن تقديـم الشيـك للصـرف لا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة بـل هـو إجـراء مـادي يتجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـك ومـا إفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد إلا إجـراء كـاشف للجريمـة التـي تحققـت بإصـدار الشيـك.

ثـانيا : عـدم إمكـان السحـب)عـدم وجـود رصيـد كـاف (
بالرجـوع إلـى نـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات ، نجـد أن عـدم وجـود رصيـد كـاف يمكـن أن يكـون علـى أربـع أشكـال ، ثـلاثة منهـا منصـوص عليهـا فـي الفقـرة الأولـى مـن المـادة المذكـورة ، أمـا الشكـل الرابـع فنستخلصـه مـن خـلال الفقـرة الثـانية وهـو مـا نعـالجه فـي الأوضـاع الآتيـة:


1- عـدم وجـود رصيـد كـاف وقابـل للسحـب:
تتخـذ هـذه الصـورة بـدورها ثـلاث حـالات ، فقـد يكـون الرصيـد غيـر موجـود إطلاقـا أو موجـود لكـن غيـر كـاف أو أن يكـون موجـودا وكـافيا إلا انـه غيـر قابـل للسحـب .
-الحـالة الأولـى: عـدم وجـود الرصيـد إطـلاقا . 
يقـوم الركـن المـادي للجريمـة إذا لـم يكـن للساحـب رصيـد مـودع لـدى المسحـوب عليـه ولـو كـان المستفيـد يعلـم وقـت إعطـائه الشيـك بأنـه لا يقابـله رصيـد ، ولعـل العبـرة مـن ذلـك ليـس مجـرد حمـاية المستفيـد فحسـب وإنمـا يعـدو ذلـك بحمـاية الثقـة فـي الشيـك باعتبـاره أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعـاملات،   بـل أن المستفيـد ذاتـه يعـاقب بقبـوله الشيـك بـدون رصيـد مـع علمـه بذلـك .
والعبـرة فـي وجـود الرصيـد مـن عدمـه تكـون بتـاريخ إصـدار الشيـك ) بإنشـائه وطـرحه للتـداول (  ويفتـرض أن يكـون هـذا التـاريخ  مطـابقا للتـاريخ المـدون علـى الشيـك يعنـي تـاريخ الاستحقـاق ولا يهـم إن ملـئ الرصيـد بعـد الإصـدار أو تصـدير قيمـة الشيـك لاحقـا علـى إصـداره سـواء قبـل المتـابعة أو بعـدها ، وقـد استقـرت المحكمـة العليـا فـي العـديد مـن قـراراتها علـى أن : * ......تسـديد قيمـة الشيـك للمستفيـد لاحقـا علـى إصـداره وهـو بـدون رصيـد لا يـؤثر فـي قيـام الجنحـة التـي تبقـى قـائمة بمجـرد أن يسلـم الجـاني الشيـك إلـى المستفيـد مـع علمـه بأنـه بـدون رصيـد بصـرف النظـر عـن تسـوية وضعيتـه بعـد ذلـك * .
 وكذلـك : *إن تسـديد قيمـة الشيـك قبـل المتـابعة أو بعـدها لا يـؤثر في شـيء فـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد التـي تلتئـم عناصـرها بتسليـم شيـك للمستفيـد لا يقابـلها رصيـد أو يقابـله رصيـد غيـر كـاف *  



وبمفهـوم آخـر ، يجـب أن يكـون الرصيـد قائمـا قبـل وضـع الشيـك للتـداول ، أي قبـل الإصـدار أو علـى الأقـل أن يكـون موجـودا عنـد تقـديم الشيـك للدفـع   .
وفـي نفـس السيـاق ، نجـد أن المحكمـة العليـا فـي قرارهـا الصـادر بتـاريخ 08 أكتـوبر 1985 اعتبـرت أنـه : *مـادام الرصيـد غيـر كـاف عنـد تقـديم الشيـك للدفـع تقـوم الجريمـة بصـرف النظـر عمـا إذا كـان الرصيـد كافيـا عنـد تحريـر الشيـك لأن انعـدام الرصيـد عنـد تقـديم شيـك للدفـع يعـد جريمـة وكـذا سحـب الرصيـد قبـل تسـديد مبلـغ الشيـك *  .
وفـي قـرار آخـر لهـا صـادر فـي 23 مـارس 1998 جـاء فيـه : * تتحقـق جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بمجـرد أن يصـدر المتهـم شيكـا دون التـأكد مـن أن رصيـده قائـم وموجـود عنـد إصـداره والحـرص علـى أن يبـق كذلـك إلـى غـاية سحـب المستفيـد مبلـغ الشيـك *  .
- الحـالة الثـانية :أن يكـون الرصيـد موجـودا  لكنـه غيـر كـاف. 
قـد يكـون للساحـب رصيـد لـدى المسحـوب عليـه لكنـه غيـر كـاف لدفـع قيمـة الشيـك فتقـوم فـي هـذه الحـالة الجريمـة ولـو حصـل المستفيـد علـى الرصيـد الغيـر كـاف الموجـود ولا يهـم قيمـة النقـص فـي الرصيـد عـن قيمـة الشيـك مـن حيـث تفاهتهـا أو جسامتهـا لقيـام الجريمـة ، فالعبـرة بعـدم كفايـة مقابـل الوفـاء لتسـديد مبلـغ الشيـك. 
- الحـالة الثـالثة : أن يكـون الرصيـد موجـودا وكـاف ولكنـه غيـر قابـل للسحـب . 
وتتحقـق هـذه الحـالة بتـوافر الرصيـد الكـافي لـدى المسحـوب عليـه مـع عـدم إمكـانية السحـب بسبـب الحجـز القضـائي مثـلا ، أوفـي حـالة مـا إذا كـان السـاحب تـاجرا  أشهـر إفـلاسه .
والعبـرة لوقـوع الجريمـة أن يكـون الرصيـد غيـر قابـل للسحـب وقـت إعطـاء الشيـك أمـا إذا حـدث وأن  تحققـت عـدم قابليـة للسحـب بعـد إعطـاء الشيـك 

فـإن الجريمـة تنتفـي فـي هـذه الحـالة كـأن يصـدر الساحـب الشيـك ثـم يحجـز علـى مـاله لـدى المسحـوب علـيه أو يشهـر إفـلاسه وبالتـالي فـإنه يشتـرط فـي هـذه الحـالة أن يكـون السـاحب علـى علـم بعـدم  قابليـة السحـب و إلا انتفـت مسؤوليتـه  .   
2-سحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك : 
لا يكفـي أن يكـون الرصيـد كافيـا وقابـلا للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ، وإنمـا يجـب أن يظـل الرصيـد تحـت تصـرف المستفيـد إلـى حيـن الحصـول علـى مقابـل الشيـك وبالتالـي فـإن الركـن المـادي لجنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد يكـون قائمـا متـى قـام السـاحب بأخـذ جـزء أو كـل الرصيـد بحيـث يصـبح البـاقي غيـر كـاف للوفـاء بقيمـة الشيـك . وبمعنـى آخـر يجـب أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك وأن يبقـى كذلـك إلـى حيـن الوفـاء بقيمتـه فتقـوم الجريمـة حتـى وإن تـأخر المستفيـد فـي صـرفه الشيـك علـى المواعيـد التـي قـررتها المـادة 501 مـن القانـون التجـاري وهـو مـا خلـص إليـه القضـاء الجـزائري ، بحيـث اعتبـرت المحكمـة العليـا أن تقـديم الشيـك بعـد تـاريخ الاستحقـاق أي بعـد المـدة التـي يقـدم فيهـا للوفـاء المحـددة فـي المـادة 501 مـن القـانون التجـاري ب 20 يـوم يعتبـر كافيـا لقيـام الجريمـة   .   
وعلـة ذلـك مـن خـلال قـرارات المحكمـة العليـا تكمـن فتي أنـه بإصـدار الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد إلـى ذمـة المستفيـد ، وكذلـك بالرجـوع إلـى نـص المـادة 503 مـن القـانون التجـاري فـي فقـرتها الأولـى نجـد أنـه فـي حالـة توافـر الرصيـد يجـب علـى المسحـوب عليـه استيفـاء قيمـة الشيـك حتـى بعـد انقضـاء الأجـل المحـدد لتقـديمه .
* إن تقـديم الشيـك خـارج ميعـاد الدفـع المحـدد فـي نـص المـادة 501 مـن القـانون التجـاري لا ينفـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه مـا 


أن يصـدر الساحـب الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد لذمـة المستفـيد والساحـب لا يتمتـع بـأي حـق علـى الرصيـد المقابـل للمبـلغ المسحـوب بـواسطة الشيـك  * . 
وفـي قـرار آخـر صـادر فـي 24 .01. 2000 اعتبـرت المحكمـة العليـا :* أن تقـديم الشيـك للمخـالصة خـارج أجـل 20 يـوم مـن تـاريخ تحريـره  لا يـؤثر فـي قيـام الجريمـة فـإذا كـانت المـادة 501 الفقـرة الأولـى مـن القانـون التجـاري قـد حـددت أجـل تقـديم الشيـك للمخـالصة ب 20 يـوما مـن تـاريخ الإصـدار ، فـإن المـادة 503 الفقـرة الأولـى مـن القانـون نفسـه تنـص علـى انـه فـي حالـة توافـر الرصيـد يجـب علـى المسحـوب عليـه أن يستـوفي قيمـة الشيـك حتـى بعـد انقضـاء الأجـل المحـدد لتقـديمه *  
ومـن قـراراتها أيضـا : * يجـوز تقـديم الشيـك للمخـالصة قبـل اليـوم المعيـن فيـه كتـاريخ لإصـداره*  
3- إصدار أمر للمسحوب عليه لعدم الدفع : 
ويقـوم الركـن المـادي فـي هـذه الحـالة بأمـر الساحـب المسحـوب عليـه – وذلـك بعـد إصـدار الشيـك – بعـدم دفـع قيمتـه ، فتقـع الجريمـة بمجـرد صـدور الأمـر بعـدم الدفـع ، إلا أن المشـرع الجـزائري أبـاح المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة ضـياعه أو تفليـس حامـله وهـو مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـا  مـن خـلال قـرارها الصـادر فـي 10. 12. 1981 بحيـث اعتبـرت أنـه : * لا يمكـن للسـاحب المعـارضة فـي دفـع الشيـك إلا فـي الحـالات المنصـوص عليهـا فـي المـادة 503 مـن القـانون التجـاري وهـي حـالات فقـدان الشيـك أو إفـلاس حاملـه *   
كمـا أن القانـون المصـري يبيـح المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة سرقتـه   وقـد أخـذ القضـاء الجـزائري بهـذه الحـالة إلا أنـه متشـدد فـي قبـولها ، 

بحيـث يكـون ذلـك متوقفـا علـى تقديـم الدليـل القـاطع علـى قيـام السـرقة ، وفـي هـذا الصـدد قضـت المحكمـة العليـا فـي قـرارها الصـادر فـي 24. 07 .1994 بأنه : * إذا كـان مـن الجـائز المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السـرقة فـإن هـذا متـوقف علـى تقديـم الدليـل القـاطع  ذلـك أن الادعـاء المـدني وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضـائي نهـائي  يـؤكد الادعـاء *  
وفـي قـرار آخـر  قضـت انـه : * إذا كـانت سـرقة الشيـك مـن صـاحبه مـن الأسبـاب التـي تعفيـه مـن المسـؤولية الجـزائية فـي حالـة إصـداره دون رصيـد فـإن الأخـذ بهـذا الدفـع يقتضـي بالضـرورة إثبـات واقعـة السـرقة بوثيقـة صـادرة عـن الجهـات المختصـة وهـذا غـير وارد فـي القـرار المطعـون فيـه * .

4- قبول أو تظهير شيك صادر في الظروف المذكورة سابقا مع العلم بذلك:
وهـي الحـالة التـي أشـارت إليهـا المـادة 374 فـي فقـرتها الثـانية ، ففضـلا عـن معاقبـة السـاحب الـذي يصـدر شيكـا دون رصيـد أو كـان رصيـده أقـل مـن قيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحـوب عليـه مـن صـرفه ، فـإن القانـون يجـرم كذلـك قبـول المستفيـد لشـيك دون رصيـد أو تظهيـره لـه مـع علمـه بذلـك ، وبمعنـى آخـر فـإذا كـان المستفيـد يعلـم أن السـاحب أصـدر لـه شيـكا دون رصيـد أو أن مقابـل الوفـاء أقـل مـن قيمـة الشيـك أو أن السـاحب قـام بسحـب جـزء مـن الرصيـد أو كلـه بعـد إصـدار الشيـك أو أصـدر أمـرا للمسحـوب عليـه بعـدم الصـرف ، ورغـم ذلـك قـام بقـبول أو تظهيـر هـذا الشيـك ، فإنـه لا يفـلت مـن العقـاب شأنـه فـي ذلـك شـأن السـاحب الـذي أصـدر شيـكا بـدون رصيـد ، وإن كـان الهـدف مـن عقـاب هـذا الأخيـر هـو حمـاية الثقـة فـي المعـاملات بالشيـك لاسيمـا أنـه أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعـاملات بيـن الأفـراد .



المطلــب الثـالـث : الركـن المعـنـوي .


بعـد أن تطرقنـا فـي المطلبيـن الأول والثـاني مـن هـذا المبـحث إلـى الركنيـن الشرعـي و المـادي الـلازمين لقيـام الجريمـة نتطـرق الآن إلـى الركـن المعنـوي الـواجب توافـره لاكتمـال جسـم جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد وسنعـالج هـذا الركـن مـن حيـث طبيعتـه و نـوع القصـد الجنـائي المتطلـب فـي الجريمـة بالإضـافة إلـى وقـت توافـر العلـم بعـدم وجـود الرصـيد  وأخيـرا عـبء إثبـات توافـر القصـد الجنـائي، وسنعـالج هـذه العنـاصر فـي ضـوء القانـون والاجتهـاد القضـائي الجـزائري وكـذا الاجتهـاد القضـائي المصـري والفرنسـي فيمـا يلـي: 

الفـرع الأول : طبيـعة القصـد الجنـائي المتطـلب فـي جريمـة إصـدار شيـك 
                 دون رصيـد.
  تعتبـر جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد مـن الجـرائم العمـدية ، وهـذا مـا يستفـاد مـن نـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات ، حيـث يشتـرط لقيـام الجريمـة توافـر القصـد الجنـائي العـام ، هـذا الأخيـر الـذي يتوافـر بوجـود عنصـري  العلـم والإرادة ، ذلـك أتـه يجـب أن تتجـه إرادة الجـاني صـوب تحقيـق الفعـل المكـون للركـن المـادي فـي الجريمـة ، وأن تكـون هـذه الإرادة مسئـولة جنـائيا ، أي يتـوفر لـها التمييـز والإدراك والاختيـار ، كمـا يلـزم أن يحيـط الجـاني علمـا بعناصـر الجريمـة ، وبالتـالي يتحقـق القصـد الجنـائي بمجـرد علـم الساحـب بأنـه وقـت إصـدار الشيـك لـم يكـن لـه مقابـل الوفـاء ، أو أن مقابـل الوفـاء أقـل مـن قيمـة الشيـك ، كمـا يتحقـق بـأن يستـرد الساحـب مقابـل الوفـاء كلـه أو بعضـه ، وهـو يعلـم بـان قيمـة الشيـك لـم تدفـع بعـد للحامـل ، كمـا أن مجـرد إصـدار الأمـر بعـدم الدفـع يتوافـر بـه القصـد الجنـائي بمعنـاه العـام ، الـذي يكـفي فيـه علـم مـن أصـدره بأنـه يعطـل دفـع الشيـك الـذي سحبـه مـن قبـل    ولا عبـرة بعـد ذلـك بالأسبـاب التـي دفعتـه إلـى إصـداره لأنهـا مـن قبيـل البـواعث 

التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسـؤولية الجنـائية ، وفـي هـذه الحـالة الأخيـرة نجـد قـرار للمحكمـة العليـا الصـادر بتـاريخ 22. 10. 1995  مـلف رقـم 125029 جـاء فيـه * إن إقـدام الساحـب علـى منـع المسحـوب عليـه مـن صـرف الشيـك بعـد إصـداره يكفـي لقيـام الركـن المعنـوي * - غيـر منشـور- 
كمـا أن هنـاك قـرار آخـر للمحكمـة العليـا الصـادر بتـاريخ 24. 07. 1997 جـاء فيـه * إن تسليـم شيكـات علـى بيـاض مـع اشتـراط عـدم صـرفها فـي الحيـن ، يكفـي وحـده مبـررا لقـيام عنصـر سـوء النيـة * .
كمـا جـاء فـي قـرار صـادر بتـاريخ 23 .10 .2000 ملـف رقـم 222485 : * مـن الثـابت قانـونا أن جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تعـد قائمـة بمجـرد تسليـم شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن الأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـك بهـا السـاحب ...* 
أمـا فـي القضـاء المصـري فهنـاك قـرار لمحكمـة النـقض مـؤرخ فـي 10. 03. 1997 جـاء فيـه : * سـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تتوفـر بمجـرد علـم مصـدره بعـدم وجـود مقابـل الوفـاء لـه ...* 

الفرع الثاني : نوع القصد الجنائي في جريمة إصدار شيك دون رصيد .
أثـارت عبـارة *سـوء النيـة* التـي اشتـرط المشـرع الفـرنسي ونظيـره الجـزائري توافـرها لـدى الجـاني عنـد ارتكـاب جريمـة إعطـاء شيـك دون رصيـد خلافـا فـي الفقـه والقضـاء ، فدعـت إلـى التسـاؤل عمـا إذا كـان المشـرع قـد تطلـب وجـود قصـد خـاص فـي هـذه الجريمـة أم يكتفـي بتوافـر القصـد العـام ؟ 
فـإذا كـان القصـد الجنـائي العـام تتحقـق فيـه سـوء النيـة بمجـرد العلـم كمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـان القصـد الجنـائي الخـاص لا يتوفـر إلا إذا اشتـرط المشـرع وجـود نيـة أخـرى بالإضـافة إلـى القصـد العـام بعنصريـه ، ويترتـب علـى انتفـاء هـذه النيـة عـدم قيـام الجريمـة ، وتطلـب وجـود قصـد خـاص فـي جريمـة إعطـاء شيـك دون رصيـد يعنـي أن الجريمـة لا تقـوم إلا إذا ثبـت توافـر نيـة الإضـرار 


بالمستفيـد بحرمانـه مـن الحصـول علـى قيمـة الشيـك   وقـد خـاض الفقـه فـي هـذا المجـال واختلفـت آراءه ، فهنـاك مـن اتجـه إلـى ضـرورة انصـراف إرادة الجـاني إلـى التدليـس وبالتالـي عـدم وجـود رصيـد قائـم وقابـل للسحـب فـي تاريـخ استحقـاق الدفـع .
بينمـا ذهـب الـرأي الـراجح فـي الفقـه  والمستقـر عليـه فـي القضـاء إلـى أن القصـد الجنـائي المطلـوب توافـره فـي جرائـم الشيـك هـو القصـد الجنـائي العـام ، ويستنـد هـذا الـرأي إلـى الأسانيـد الآتيـة :  
1- أن القضـاء الفـرنسي جـرى علـى أن سـوء النيـة يعنـي مجـرد العلـم ، فيكفـي لتوافـر القصـد الجنـائي أن يكـون الساحـب عالمـا وقـت إعطـاء الشيـك أنـه لا يقابـله رصيـد كافـي وقابـل للسحـب ، وفـي حالـة سحـب الرصيـد يكفـي أن يكـون الجـاني عالمـا وقـت ذلـك أن الشيـك لـم يصـرف و مجـرد الأمـر بعـدم الدفـع يتضمـن فـي حـد ذاتـه سـوء القصـد    وهـذا مـا يـؤيده  قـرار محكمـة النقـض المصـرية الصـادر فـي 11. 03. 1952الـذي جـاء فيـه :
* إن الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 337 مـن قانـون العقـوبات ، تتحقـق بمجـرد صـدور الأمـر مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه بعـدم الدفـع حتـى ولـو كـان هنـاك سبـب مشـروع*.
2- أنـه لا محـل لاستلـزام نيـة الإضـرار لان الضـرر عنصـر مفتـرض منـدمج فـي الفعـل المـادي ومتصـف بـه بحيـث لا يتصـور وقـوع هـذا الفعـل دون تحقـق الضـرر ، كمـا أنـه لا محـل لتطلـب نيـة التملـك أو الإثـراء لان هـذه الجريمـة لا تقـع علـى مـال الغيـر ، بـل هـي جريمـة ملتـزم بالوفـاء يرغـب فـي التحلـل مـن التـزامه.
3- أن تطلـب القصـد الخـاص فـي هـذه الجريمـة لا يتفـق مـع علـة التجريـم والتـي ليسـت هـي حمـاية للمستفيـد حتـى تنتفـي بانتفـاء نيـة الأضـرار بـه ، وإنمـا هـي حمـاية الثقـة العـامة فـي الشيـك ، ويتحقـق الإخـلال بهـذه الثقـة بإرادة طـرح 

الشيـك فـي التـداول مـع العلـم بأنـه لا يقابـله رصيـد متـى توافـرت لـه الشـروط التـي يتطلبـها القانـون .
والحديـث عـن القصـد الجنـائي فـي القانـون الجـزائري لا يختـلف عـن نظيـره فـي فرنسـا ومصـر ، ذلـك أن سـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد ، تتوفـر بمجـرد علـم مصـدره بعـدم وجـود مقابـل الوفـاء لـه فـي تـاريخ إصـداره ، وهـو علـم مفتـرض فـي حـق الساحـب لأن عليـه متابعـة حركـات رصيـده لـدى المسحـوب عليـه ليستوثـق مـن قدرتـه علـى الوفـاء حتـى يتـم صـرف الشيـك   .
وقـد جـاء فـي قـرار للمحكمـة العليـا الصـادر بتـاريخ 26. 07 . 1999ملـف رقـم 219390 فـي إحـدى حيثيـاته :* ...أن الركـن المعنـوي للجريمـة المنصـوص والمعاقـب عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات هـو مفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعلـم بمجـرد إصـدار شيـك لا يقابـله رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ولا عبـرة بعـد ذلـك بضآلـة أو تفـاهة النقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـد مـن قبيـل البـواعث التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسـؤولية الجنـائية ، ويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـع العقـوبة ....* 
  كمـا أن المحكمـة العليـا فـي جميـع إجتهـاداتها تـرى أن سـوء النيـة مفتـرض فـإن قضـاة الموضـوع غيـر ملـزمين بتبيـانها صـراحة  بـل يكفـي لإثبـات القصـد الجنـائي الإجـرامي مجـرد معـاينة الرصيـد أو عـدم كفايتـه أو عـدم قيـامه وقـت إصـدار الشـيك .
ومـن ابـرز الإجتهـادات التـي تبـرر مـا سبـق ذكـره مـا يأتـي : 
* إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد علـم السـاحب بعـدم وجـود رصيـد كـافي فـي حسـابه * - 20 .01. 1970 – نشـرة القضـاة-.
* إن سـوء نيـة المتهـم فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تستنتـج مـن واقـع أن مصـدر الشيـك لا يـوجد لديـه أي رصيـد سابـق عنـد إصـدار الشيـك *  .


وتجـدر الإشـارة إلـى أن الركـن المعنـوي فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد لا يتمثـل فـي قصـد إلحـاق الأذى والضـرر بالمستفـيد ، ذلـك أن غـرض المشـرع اتجـه إلـى حمـاية الثقـة فـي التعامـل بالشيـك أكثـر مـن حماية المستفيـد ، ولهـذا فإنـه ينبغـي الأخـذ بعيـن الاعتبـار فقـط بوجـود الرصيـد يـوم إصـدار الشيـك ، أي رصيـد كـاف وقـائم لان مـا يهـم أصـلا فـي متـابعة الجريمـة ليـس نيـة الإضـرار أي إرادة اقتـراف الجريمـة ، ولكـن المهـم هـو مجـرد علـم الساحـب وقـت إصـداره الشيـك بانعـدام الرصيـد ، أو عـدم كفايتـه ، أو عـدم قيـامه .وبهـذا قـد استقـر القضـاء علـى أن هـذا العلـم مفتـرض ، وانـه يقـوم بمجـرد إصـدار شيـك دون رصيـد أو برصيـد غيـر كافـي أو غيـر قـائم .
كمـا تجـدر الإشـارة إلـى أن دفـع قيمـة الشيـك بعـد إصـداره لا يغنـي عـن قيـام الجريمـة كمـا انـه لا يـدل عـن حسـن نيـة مصـدره ، وفـي هـذا جـاء قـرار للمحكمـة العليـا كمـا يلـي : * إن المبـادرة إلـى تسـديد قيمـة الشيـك كـان دون رصيـد وقـت إصـداره لا تشكـل دليـلا علـى حسـن النيـة *  .
كمـا أن الحكـم بالبـراءة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد علـى أسـاس أن سـوء النيـة غيـر ثـابتة فـي حـق المتهـم عنـد إصـداره الشيـك هـو تطبيـق خـاطئ للقانـون وهـو مـا جـاء فـي قـرار للمحكمـة العليـا صـادر بتــــاريخ 27. 03. 2000:
 * إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد إصـدار شيـك لا يقـابله رصيـد وأن المتـابعة تبنـى علـى الإشعـار بعـدم الدفـع الصـادر مـن البنـك المسحـوب عليـه ، إذ يتعيـن وجـوبا علـى الساحـب متـابعة حركـات رصيـده قبـل وبعـد إصـدار الشيـك  ، ولا دخـل لأي اعتبـارات أخـرى لإبعـاد سـوء النيـة المفتـرض ، وإن الحكـم لمـا قضـى بالبـراءة لانتفـاء سـوء النيـة المفتـرض يكـون قـد عـرض نفـسه للنقـض والبطـلان ...*  . 

 
إضـافة إلـى مـا سبـق ذكـره يجـدر بنـا القـول أن القـاضي لا يجـب عليـه فـي أي حـال مـن الأحـوال الأخـذ بالبـواعث أو الأسبـاب التـي أدت بالساحـب إلـى تحـرير شيـك دون رصيـد ، أو إلـى سحـب الرصيـد بعـد تحـريره ، وهـو مـا أكـدت عليـه المحكمـة العليـا فـي قـرار لهـا جـاء فيـه : * مـن الثـابت قانونـا أن جريمـة إصـدار شيـك دون رصـيد تعـد قائمـة بمجـرد تسليـم شيـك لا يقـابله رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن الأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـك بهـا السـاحب لان سـوء النيـة مفتـرض فـي حقـه ، وبالتـالي فـإن الحكـم  بالبـراءة  علـى أسـاس حسـن النيـة  هـو قضـاء خـاطئ ومخـالف للقانـون *  . 
وقـد جـاء فـي إحـدى حيثيـات هـذا القـرار : * ... حيـث بالـرجوع إلـى القـرار المطعـون فيـه فإنـه يتبيـن فعـلا أن التصـريح بالبـراءة جـاء مبنيـا علـى تعليـل مخـالف لأحكـام المـادة 374مـن قانـون العقـوبات ، إذ أن المجـلس اعتبـر خطـأ أن المتهـم كـان حسـن النيـة لمـا دفـع ثمـن جهـاز التلفـزة الـذي اشتـراه بمـوجب الصـك محتل المتابعـة ، معتقـدا بـان راتبـه الشهـري وصـل الحسـاب كالعـادة مـن كـل شهـر والحـال أن الجريمـة المنسوبـة تعـد قائمـة بمجـرد تسليـم شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ،و ذلـك بغـض النظـر عـن الأسبـاب والبواعـث التـي قـد يتمسـك بهـا الساحـب لان سـوء النيـة دائمـا مفتـرض فـي حقـه...  *
وبالتالـي يتبيـن لنـا مـن هـذا القـرار أن المحكمـة العليـا لـم تأخـذ بالبواعـث وفـي قضيـة الحـال لـم تأخـذ باعتقـاد المتهـم أن رصيـده كـاف لان راتبـه الشهـري قـد وصـل حسابـه ، فهـذا لا يـدل أبـدا علـى حسـن نيتـه ، ومنـه نخلـص إلـى القـول أن الباعـث فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد لا يحـول دون قيـام القصـد الجنائـي ولا يؤخـذ بـه للتصريـح بالبـراءة. 



الفـرع الثالـث :  وقـت توافـر العلـم بعـدم وجـود الرصيـد.

 
تعتبـر جريمـة إصـدار الشيـك  دون رصيـد مـن الجرائـم الوقتيـة ، لذلـك فـإن الـوقت الـذي يجـب أن يتوافـر فيـه علـم الساحـب بعـدم وجـود رصيـد لـه ، أو عـدم كفايـة المقابـل ، أو عـدم قابليـة الرصيـد للسحـب ، هـو وقـت إعطـاء الشيـك للمستفيــد أو لوكيلـه ، ويعتـر القصـد متوافـرا ولـو كـان الساحـب يأمـل فـي أربحيـة للبنـك وأنـه يقـوم بصـرف الشيـك رغـم عـدم وجـود رصيـد كافـي لهـم ، ثـم يسـوى حسابـه معـه بعـد ذلـك   .     
وفـي هـذا المجـال نجـد عـدة قـرارات للمحكمـة العليـا ، والتـي تؤكـد هـذا الاتجـاه منها : 
* إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد علـم الساحـب بعـدم وجـود رصيـد كافـي فـي حسابه * - قـرار بتاريـخ 20 جانفــي 1970. 
* لقـد فـرض القضـاء علـى كـل شخـص يصـدر شيكـا أن يتحقـق مـن وجـود الرصيـد وقـت إصـداره ، وعليـه فـإن كـل إهمـال أو تغافـل مـن طـرف الساحـب معاقـب عليه*- -قـرار بتاريـخ 12 جانفــي 1971 .
بيـد أنـه إذا كـان الشيـك يحمـل تاريـخ لاحـق علـى التاريـخ الفعلـي لإصـداره وذلـك نتيجـة لاتفـاق بيـن الساحـب والمستفيـد علـى عـدم تقديمـه إلـى المسحـوب عليـه إلا فـي التاريـخ اللاحـق سـواء كـان هذا الاتفـاق شفاهـة أو كتابـة ، فـإن العلـم متوافـر ومـن ثمـة القصـد الجنائـي فـي حـق الساحـب ، يبـدأ مـن وقـت إصـداره الفعلـي وليـس مـن التاريـخ اللاحـق المثبـت فـي الشيـك ، إذ أن العبـرة فـي هـذه الحالـة هـي بحقيقـة الحـال ، وليـس بمـا يضيفـه المتعاملـون بالشيـك مـن مظاهـر غيـر مطابقـة للحقيقـة  .
وفـي هـذا أيضـا عـدة إجتهـادات للمحكمـة العليـا نذكـر منهـا :

 
* إن اعتـراف المتهـم بإصـداره شيـك بينمـا لـم يمكـن حسابـه الجـاري ممـولا ، يكفـي لإثبـات سـوء النيـة *- قـرار  بتاريـخ  19 فيفـري 1981.
* إن سـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تتوفـر بمجـرد عـدم وجـود رصيـد قائـم وكـاف وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن مـدة تقديـم الشيـك للوفـاء لان ملكيـة الوفـاء تنتقـل بمجـرد إصـدار شيـك وتسليمـه إليـه  .

الفـرع الرابــع :  إثـبات القصـد. 
إن العلـم بعـدم توافـر الرصيـد المطلـوب أو بوجـود مانـع يحـول دون صرفـه علـم  مفتـرض لـدى الساحـب أو بعبـارة أخـرى أن عـدم وجـود رصيـد كـاف وقابـل للسحـب  يعـد قرينـة  علـى سـوء القصـد ، إذ أن الساحـب يعلـم عـادة الظـروف المحيطـة برصيـده ولكنهـا بداهـة قرينـة  غيـر قاطعـة ، بمعنـى أن له أن يثبـت انتفـاء العلـم بهـذه الظـروف واعتقـاده لأسبـاب جديـة بتوافـر الرصيـد المطلـوب ، وهـذا أمـر تستخلصـه  المحكمـة من كافـة القرائـن .
والقاعـدة العامـة هـي أن عـبء الإثبـات يقـع علـى عاتـق النيابـة العامـة وطبقـا لاجتهـادات المحكمـة العليـا فـإن سـوء النيـة مفتـرض فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد وهـي قرينـة  قابلـة لإثبـات العكـس ، ذلـك  أنـه  مـادام القصـد الجنائـي فـي جرائـم الشيـك يقـوم بمجـرد توافـر العلـم لدى الجاني إلا أن هذا لا ينفي أنه بمقدور الساحب أن يقيم الدليل على انتفاء القصد الجنائي لديه أي على حسـن النيـة إعمـالا للقواعـد العامـة فـي الإثبـات متبعـا فـي ذلـك أي دليـل يـراه موصـلا إلـى تلك الغايـة دون التقيـد بقاعـدة معينـة ويترتـب علـى إثبـات حسـن النيـة انتفـاء المسؤوليـة الجزائيـة   .
وخلاصـة القـول ، تجـدر بنـا الملاحظـة أن اجتهـاد المحكمـة العليـا جـاء مجانـب للصـواب مقارنـة بنـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ، ذلك أن المشـرع وفـي هـذه المـادة اشتـرط صراحـة سـوء نيـة الساحـب دون أي إشكـال أو جهالـة فيهـا ، ورغـم ذلك استقـرت إجتهـادات المحكمـة العليـا علـى أن هـذا 

العلـم مفتـرض وبتـرت النـص بـأن جعلتـه كذلـك ، ومـا هـذا التشديـد إلا مـن أجـل ضـرورة إقامـة حمايـة ناجعـة للشيـك كـأداة وفـاء ومـن ثمـة بعـث الطمأنينـة فـي حاملـه ممـا يجعـل كـل إفـراط أو إهمـال أو لا مبـالاة مـن طـرف الساحـب فـي استعمـال حسابـه يعـد جريمـة فـي حقـه لا لشـيء إلا لمحاربـة وردع النصابيـن والمحتاليـن فـي معاملاتهـم مـن خـلال استعمـال الشيـك كـأداة ضمـان وائتمـان. 









المبحـث الثانـي : الدفـوع التـي تثـار بشـأن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .  


 بعـد أن تطرقنـا فـي المبحـث الأول مـن هـذا الفصـل إلـى الأركـان الواجـب توافرهـا لقيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد علـى  ضـوء قانـون العقوبـات والاجتهـاد القضائـي نتنـاول فـي هـذا المبحـث الدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن أركـان هـذه الجريمـة والتـي متـى كانـت مؤسسـة قانونـا تـؤدي إلـى انتفـاء جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد  وذلـك بغـض النظـر عـن مختلـف الدفـوع  العامـة التـي تعتـرض كافـة الجرائـم مـن دون تحديـد كالدفـع بـعدم الاختصـاص والدفـع بانقضـاء الدعـوى العموميـة لوفـاة المتهـم أو التقـادم ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع.
 ونظـرا لتعـدد وكثـرة الدفـوع التـي تستأثـر بهـا جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دون غيرهـا مـن الجرائـم فإننـا ارتأينـا تناولهـا فـي ثلاثـة مطالـب مستقلـة نخصـص الأول منهـا للدفـوع التـي تثـار بشـأن الركـن المـادي للجريمـة ونفـرد المطلـب  الثانـي للدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنـوي لهـا فـي حيـن نتطـرق فـي المطلـب الثالـث مـن هـذا المبحـث إلـى الدفـوع التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام أركـان جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.  
 وقبـل التطـرق لهـذه الدفـوع التـي تنفـرد بهـا جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد لابـأس مـن تعريـف الدفـع بصفـة عامـة : * فلقـد جـرى العمـل فـي المسائـل الجنائيـة علـى إطـلاق كلمـة الدفـع علـى مختلـف أوجـه الدفـاع موضوعيـة كانـت أو قانونيـة التـي قـد يثيرهـا الخصـم لتحقيـق غايتـه مـن الخصومـة فـي الدعـوى المنشـورة أمـام المحكمـة إثباتـا لادعائـه أو نفيـا لادعـاء خصمـه*   وعـادة مـا يكـون المتهـم هـو مـن يقـوم بإثـارة الـدفع للتنصـل مـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـة علـى عاتقـه مـن خـلال تهديـم أركـان الجريمـة أو أحدهـــا.




المطلـب الأول : الدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المـادي للجريمـة . 
لقـد جـاء فـي نـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ما يلـي : 
* يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيــك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد : 
1. كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصــرف أو كـان الرصيـد أقـل مـن قيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحوب عليـه مـن صرفـه.
2. كـل مـن قبـل أو ظهـر شيكـا صـادرا فـي الظـروف المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـع علمـه بذلـك.
3. كـل مـن أصـدر أو قبـل أو ظهـر شيكـا وأشتـرط عـدم صرفـه فـورا بـل جعلـه كضمـان*.
ومـا أعـرب عنـه المشـرع حسـب نـص المـادة المذكـورة أعـلاه أنـه يشتـرط لقيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد توافـر ثلاثـة عناصـر أساسيـة لقيـام الركـن المـادي لهـا و تتمثـل فـي إصـدار الشيـك موضـوع الجريمـة وتسليمـه للمستفيـد وعـدم كفايـة أو النقـص فـي الرصيـد.
وانطلاقـا مـن ذلـك فإنـه يمكـن القـول بـان الدفـوع التـي يمكن أن تثـار بشـأن الركـن المـادي فتحـول دون قيامـه هـي مجموعـة الدفـوع التـي تنصـب علـى الشـروط الشكليـة المستوجبـة قانونـا لقيـام الشيـك كورقـة تجاريـة تستحـق الحمايـة الجنائيـة المقـررة بموجـب المـادة 374 السابـق ذكرهـا أعـلاه ، ذلـك أن المشـرع الجزائـري استوجـب توافـر عناصـر يلـزم وجودهـا فـي الصـك ذاتـه حتـى يثبـت لـه وصـف الشيـك الـذي يعنيـه القانـون التجـاري باعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات.   





الفــرع الأول :    الدفع بأن الشيك يحمل تاريخين .
قـد يحـدث و أن يحـرر الساحـب الشيـك بتاريخيـن أحدهمـا للسحـب و الآخـر للاستحقـاق فنتسـاءل حينئـذ عـن مـدى صحـة هـذا الشيـك و مـدى خضوعـه 

للحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا متـى انعـدم الرصيـد أو كـان غيـر كافيـا   . ولـذا فيعتبـر الدفـع بـأن الشيـك يحمـل تاريخيـن مـن أهـم الدفـوع التـي تثـار فـي مجـال جرائـم الشيـك و قـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة فـي العديـد مـن أحكامهـا علـى اعتبـار الشيـك الـذي يحمـل تاريخيـن باطـلا و فاقـدا لمقوماتـه كـأداة وفـاء و خارجـا بذلـك عـن نطـاق تطبيـق أحكـام قانـون العقوبـات فـي هـذا الشـأن    .
و ممـا جـاء فـي اجتهـاد قضـاء محكمـة النقـض المصريـة بأنـه : 
* . لمـا كـان الحكـم المطعـون فيـه إذ سـاءل الطاعـن هـذه الجريمـة قـد شابـه غمـوض و تناقـض فـي تحديـد تاريـخ الشيـك بحيـث لا يفهـم منـه مـا إذا كـان يحمـل تاريخـا واحـدا أو أكثـر مـع مـا لذلـك مـن أثـر فـي الوقـوف علـى توافـر و عـدم توافـر هـذه التهمـة ذلـك فإنـه بعـد أن أشـار إلـى تاريـخ الواقعـة الـواردة فـي وصـف النيابـة العامـة علـى أنهـا فـي 01 سبتمبـر 1971 عـادة أنـه يستحـق فـي 25 نوفمبـر 1971 ثـم عـاد فذكـر أنـه فـي تاريـخ 09 أكتوبـر 1971 الأمـر الـذي يشـوب الحكـم بالإبهـام و التناقـض فـي بيـان توافـر أركـان التهمـة بمـا يعيـب الحكـم بالقصـور الـذي يتسـع لـه وجـه الطعـن و يعجـز محكمـة النقـض عـن مراقبـة صحـة تطبيـق القانـون علـى الواقعـة*. 
لكـن الـرأي الغالـب فـي الفقـه ينتقـد هـذا الاجتهـاد القضائـي ذلـك أنـه مـن شأنـه أن يفتـح المجـال لإضعـاف الثقـة فـي التعامـل بالشيكـات و التقليـل كذلـك مـن الحمايـة الجنائيـة لهـا ليـس لسبـب إلا لكـون المستفيـد قـد يجهـل وجـوب احتـواء الشيـك علـى تاريـخ واحـد فيقـع ضحيـة الساحـب السيـئ النيـة الـذي هـو علـى 

درايـة بهـذا الحكـم فيضـع علـى الشيـك تاريخيـن متعمـدا إفقـاده وصفـه كشيـك لمنـع المستفيـد مـن سحبـه مـع إفلاتـه مـن العقـاب لأن فقـد الورقـة لوصفهـا كشيـك يفقدهـا تبعـا لذلـك الحمايـة الجنائيـة المقـررة للشيـك فـي مثـل هـذه الأحـوال و عليـه فقـد اتجـه الـرأي الغالـب فـي الفقـه إلـى القـول بـأن الشيـك 

الـذي يشتمـل علـى التاريخيـن يبقـى محافظـا مـع ذلـك علـى وصفـه و لا يغيـر مـن طبيعتـه بـل يبقـى أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا بموجـب قانـون العقوبـات. 
و يعتبـر هـذا الدفـع من الدفـوع الجوهريـة التـي متـى تمـت إثارتهـا تعيـن علـى المحكمـة الـرد عليهـا سـواء بالقبـول أو الرفـض و إلا تعـرض قضاؤهـا للنقـض لكونـه مشوبـا بالقصـور ، لكنـه لا يعتبـر مـن الدفـوع المتعلقـة بالنظـام العـام و لا يتمتـع تبعـا لذلـك لخصائـص هـذه الأخيـرة فـلا يجـوز إثارتـه أمـام المحكمـة العليـا.

الفـرع الثانـي: الـدفـع بخلـو الشيـك مـن توقيـع الساحـب .

يحـب أن يشتمـل الشيـك علـى توقيـع الساحـب و إلا فقـد وصفـه كشيـك، ذلـك أن الصـك الـذي يخلـو مـن توقيـع مـن أنشـأه يعـد ورقـة عاديـة لا قيمـة لهـا مـن الناحيـة القانونيـة فـلا تثبـت بذاتهـا حقـا و لا يؤبـه بهـا فـي التعامـل.   
ولمـا كـان التوقيـع مـن البيانـات الإجباريـة الواجـب توافرهـا فـي الشيـك عمـلا بنـص المـادة 472 مـن القانـون التجـاري فـإن خلـوه منـه يفقـده صفتـه كشيـك طبقـا لنـص المـادة 473 مـن القانـون التجـاري علـى أن يكـون التوقيـع بخـط يـد الساحـب لا بالآلـة الحاسبـة أو بـأي وسيلـة أخـرى ليفيـد كونـه صـادر مـن الساحـب نفسـه.


و لقـد استقـر القضـاء المصـري علـى اعتبـار الالتـزام المتضمـن بالشيـك الخالـي مـن التوقيـع باطـلا لانعـدام الرضـا و إن كـان يمكـن اعتبـاره كمـا ذهـب إلـى ذلـك بعـض الفقـه مبـدأ ثبـوت بالكتابـة يمكـن اسكتمالـه بوسائـل الإثبـات المتممـة كالبنيـة و القرائـن .
  و يعتبـر هـذا الدفـع كذلـك مـن الدفـوع الجوهريـة التـي تستوجـب نظـرا لصفتهـا هـذه مـن المحكمـة الجالسـة للفصـل فـي القضيـة التـي تثـار أمامهـا هـذه 

الدفـوع أن تتصـدى لهـا بمـا يكفـي مـن الأسبـاب لتتجنـب أن يشـوب قضائهـا أي قصـور يرتـب النقـض و الإبطـال، لكنـه مـن جهـة أخـرى لا يعتبـر مـن الدفـوع التـي تتعلـق بالنظـام العـام بمعنـى أنـه يمنـع إثارتـه لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا التـي تبقـى محكمـة قانـون فقـط و لا يسـوغ لهـا بـأي حـال مـن الأحـوال التعقيـب على الوقائـع بأي شكل كان.

الفـرع الثـالـث : الـدفـع بخلـو الشيـك مـن الأمـر بالدفـع .
تستوجـب المـادة 472 مـن القانـون التجـاري أن يتضمـن الشيـك أمـرا غيـر معلـق علـى شـرط مـن الساحـب صاحـب الرصيد إلى المسحـوب عليـه المؤسسـة المـودع لديهـا بأدائـه لشخـص ثالـث يسمـى المستفيـد مبلغـا معينـا مـن النقـود ، و لـذا فيعتبـر باطـلا كـل أمـر يصـدره الساحـب و يتضمـن فـي طياتـه شرطـا فاسخـا أو واقفـا يحـول دون الدفـع ذلـك أن الشيـك هـو أداة وفـاء حالـة الدفـع بمجـرد تقديمـا لكونهـا تجـري مجـرى النقـود فـي المعامـلات  .
 لكـن و لمـا كـان الأمـر بالدفـع هـو جوهـر الالتـزام المتضمـن بالشيـك فـإن خلـوه منـه يفقـد صفتـه هـذه و يفقـده تبعـا لذلـك الحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا.
 و يعتبـر هـذا الدفـع بـدوره مـن الدفـوع الجوهريـة التـي تلقـى علـى عاتـق المحكمـة التـي يثـار أمامهـا التـزام التصـدي لـه قبـولا أو رفضـا لتتجنـب أن يشـوب حكمهـا قصـورا يعرضـه للنقـض و الإبطـال ، و مـع ذلـك فـإن الدفـع بخلو 

الشيـك مـن الأمـر بالدفـع ليـس مـن الدفـوع المتعلقـة مـن النظـام العـام لـذا يتعيـن تبعـا لذلـك إثارتـه أمـام محكمـة الموضـوع و يمنـع إثارتـه أمـام المحكمـة العليـا لأول مـرة .
لكـن السـؤال الـذي يطـرح نفسـه ،هـل أن خلـو الشيـك مـن الأمـر بالدفـع إذا مـا أفقـده وصفـه كشيـك أي أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات ، فهـل مـن شأنـه أن يفقـده الحمايـة الجنائيـة المقـررة بنـص المـادة 374 مـن قانـون 
العقوبـات الجزائريـة خاصـة إذا تعمـد الساحـب الـذي هـو على درايـة و علـم بأحكـام القانـون فـي هـذا الشـأن الإضـرار بالمستفيـد ، وإجحافـه فـي حقوقـه؟.
هـذا عـن الدفـوع التـي تثـار بشـأن الشيـك كسنـد بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري والتـي تفقـده وصفـه هـذا وقـد تهـدم تبعـا لذلـك الركـن المـادي لجنحـة إصـدار بشيـك بـدون رصيـد . وليسـت هـذه الدفـوع لوحدهـا التـي مـن الممكـن أن تثـار بشـأن جرائـم الشيـك فقـد يحـدث وأن يتمسـك المتهـم المتابـع بشـأن الجنحـة بدفـوع مـن شأنهـا اعتـراض قيـام الركـن المعنـوي كالدفـع بالتزويـر خاصـة فـي التوقيع ، والدفـع بكـون الشيـك موضـوع المتابعـة قـد حـرر تحـت تأثيـر الإكـراه المادي أو المعنوي والدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـن جريمـة ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع التـي تعـدم ركـن الرضـا فـي تحريـر الشيـك وتعـدم بذلـك الركـن المعنـوي للجريمـة وهـذا مـا سـوف تتطـرق إليـه فـي المطلـب الثانـي.

المطـلب الثانـي: الـدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنـوي للجريمـة.
كمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـي المبحـث الأول مـن هـذا الفصـل تعتبـر جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد مـن الجرائـم العمديـة التـي تقتضـي توافـر القصـد الجنائـي لقيامهـا و مقتضـى القصـد الجنائـي هنـا هـو إصـدار الشيـك مـع علـم الساحـب بعـدم وجـود أو كفايـة الرصيـد أي وجـوب توافـر سـوء النيـة لـدى المتهـم ، هـذا الأخيـر الـذي يمكنـه أن يحتـج بجملـة مـن الدفـوع التـي متـى كانـت مبـررة و مؤسسـة قانونـا فإنهـا تثبـت حسـن نيتـه و تدحـض بذلـك قرينـة سوء النيـة المفترضـة فـي حقـه، الأمـر الـذي سنتنـاوله فـي الفـروع التاليـة:

الفـرع الأول: الدفـع بالتزويـر.
يعتبـر الدفـع بالتزويـر لاسيمـا فـي التوقيـع مـن الدفـوع التـي تهـدم الركـن المعنـوي فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد لا لشـيء إلا لكـون التوقيـع الـذي يعتبـر أهـم بيـان فـي الشيـك و مـن دونـه يفقـد السنـد وصفـه هـذا هـو فـي حقيقـة الأمـر تعبيـر عـن إرادة الساحـب فـي إتيـان العمـل المـادي اللازم لاكتمـال
جسـم الجريمـة و قيامهـا بركنهـا المـادي و المعنـوي و متـى ادعـى المتهـم بالتزويـر و ثبـت لـه ذلـك فإنـه يتعـذر نسـب المحـرر لـه و تنتفـي بذلـك الجريمـة فـي حقـه.
لكـن مـا تجـدر الإشـارة إليـه فـي هـذا المقـام أنـه علـى القاضـي حـال التصـدي للدفـع بالتزويـر أن يتمحـص الدفـع بالعنايـة اللازمـة التـي يقتضيهـا عملـه و هدفـه فـي البحـث عـن الحقيقـة و يأمـر بالمضاهـاة المطلوبـة قصـد التحقيـق مـن ثبـوت التزويـر مـن عدمـه لسـد البـاب علـى كـل مـن يريـد إطالـة أمـد النـزاع مـن خـلال إثارتـه هـذا الدفـع مـع عملـه بـأن التوقيـع توقيعـه .
و الدفـع بالتزويـر هـو مـن الدفـوع الجوهريـة التـي تستوجـب علـى المحكمـة التـي تثـار أمامهـا التصـدي لهـا بالرفـض أو القبـول لتتفـادى أن يشـوب حكمهـا قصـور يترتـب عليـه النقـض و الإبطـال، كمـا أنـه يعـد مـن قبيـل الدفـوع الموضوعيـة التـي يتعيـن وجوبـا إثارتهـا أمـام محكمـة الموضـوع و لا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال إثارتهـا لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا.
و عنـد إثـارة الدفـع بالتزويـر فـإن المحكمـة تفصـل فيـه عمـلا بنـص المـادة 325 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة التـي جـاء فـي فقرتهـا الثالثـة: * و المحكمـة ملزمـة بالإجابـة عـن المذكـرات المودعـة علـى هـذا الوجـه إيداعـا قانونيـا يتعيـن عليهـا ضـم المسائـل الفرعيـة و الدفـوع المبـداة أمامهـا للموضـوع و الفصـل فيهـا بحكـم واحـد يبـث فيـه أولا فـي الدفـع ثـم بعـد ذلـك فـي الموضـوع*.



و قـد تـم تنظيـم الإجـراءات التـي يتخذهـا كـل مـن قضـاة النيابـة أو الحكـم كلمـا أثيـر أمامهـم دفـع بالتزويـر بموجـب أحكـام المـواد مـن 532 إلى 537 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة.
فـإذا وصـل إلـى علـم وكيـل الجمهوريـة أن الشيـك الـذي أمامـه مـزور استوجـب عليـه أخـذ إجـراءات الفحـص و التحقيـق اللازمـة للتأكـد مـن ذلـك قبـل اتخـاذ أي إجـراء آخـر و كذلـك الحـال إذا مـا تـم إثـارة الدفـع بالتزويـر أمـام قاضـي التحقيـق.

أمـا إذا تـم الطعـن بالتزويـر أمـام المحكمـة فإنـه ينبغـي علـى الجهـة الجالسـة للفصـل فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أن توقـف الفصـل فـي الدعـوى إلـى حيـن البـت فـي دعـوى التزويـر شريطـة ألا تكـون الدعـوى العموميـة بشـأن هـذه الأخيـرة قـد انقضـت و أن يمكـن تحريكهـا بعنـوان جريمـة التزويـر و أن يثبـت مـن خـلال تفحـص الدعـوى أن التزويـر كـان متعمـدا ، و فـي غيـاب هـذه الشـروط فـإن الدفـع بالتزويـر يفصـل فيـه بصفـة فرعيـة .
و لا يتوقـف الدفـع بالتزويـر عنـد التوقيـع فحسـب بـل قـد يتعـداه إلـى باقـي البيانـات المتضمنـة بالشيـك كالتاريـخ أو القيمـة أو اسـم المستفيـد، و كـل هـذه الدفـوع غيـر ذات قيمـة و لا تأثيـر لهـا علـى قيـام أركـان جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه متـى ثبـت أن التوقيـع يصـح نسبتـه إلـى الساحـب فـإن ذلـك يعـد مـن قبلـه رضـا صريـح علـى كـل مـا هـو مـدون بالشيـك سـواء وقعـه علـى بيـاض أو دون فيـه البيانـات الأخـرى، غيـر أن الدفـع بالتزويـر فـي القيمـة كـأن يوقـع الساحـب علـى شيـك بمبلـغ معيـن ثـم يضيـف المستفيـد صفـرا علـى اليميـن يغيـر بـه قيمـة المبلـغ و يجعـل الشيـك الـذي بحوزتـه بـدون رصيـد فـإن مثـل هـذا الدفـع تتخـذ بشأنـه إجـراءات الدفـع التـي تـم التطـرق إليهـا عنـد الحديـث عن الدفـع بالتزويـر فـي التوقيـع.
هـذا واستقـرت محكمـة النقـض المصريـة علـى اعتبـار الطعـن بالتزويـر مـن وسائـل الدفـاع التـي يخضـع لتقديـر محكمـة الموضـوع مـن دون تعقيـب عليهـا مـن جهـة النقـض .

الفـرع الثـانـي : الـدفـع بتحريـر الشيـك تحـت الإكــراه.
 يشتـرط لصحـة الالتـزام الناشـئ عـن علاقـة قانونيـة مـا أن يكـون مبنيـا علـى رضـا صحيـح ، وهـذا الأخيـر لا يكـون كذلـك إذا شابـه أي عيـب مـن عيـوب الإرادة المعروفـة مـن غلـط أو إكـراه أو تدليـس وأهـم أثـر يرتبـه المشـرع

الجزائـري فـي القانـون المدنـي عنـد توافـر أحـد هـذه العيـوب هـو جعـل الالتـزام باطـلا بطلانـا مطلقـا أو نسبيـا وفقـا للقواعـد العامـة التـي يقررهـا القانـون المدنـي فـي هـذا الشـأن   .
ونظـرا لكـون إصـدار الشيـك تحـت تأثيـر غلـط أو تدليـس لا يقـع إلا نـادرا لاسيمـا أمـام قرينـة سـوء النيـة المفترضـة فـي حـق المتهـم فـإن تحـرر الشيـك تحـت الإكـراه المـادي أو المعنـوي أمـر متصـور جـدا والدليـل علـى ذلـك هـو الدفـوع التـي تثـار فـي هـذا  المجـال.
والمشكلـة التـي يمكـن أن تثـور فـي مجـال جرائـم الشيـك بصفـة عامـة وجنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد بصفـة خاصـة هـو مـدى تأثيـر بطـلان الالتـزام الـذي أنشـئ الشيـك للوفـاء بـه بسبـب عيـوب الإرادة لاسيمـا منهـا الإكـراه علـى المسؤوليـة الجنائيـة للساحـب ومـدى تأثيـر بطـلان  الشيـك نفسـه متـى ثبـت أنـه حـرر تحـت تأثيـر  الإكـراه علـى المسؤوليـة الجنائيـة دائمـا   .
فـإذا كـان بطـلان الالتـزام الـذي تـم تحريـر الشيـك للوفـاء بـه لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة كمـا هـو مستقـر عليـه فـي اجتهـاد المحكمـة العليـا فـإن تحريـر الشيـك تحـت تأثيـر الإكـراه أو أي عيـب مـن عيـوب الإرادة يقتضـي مـن 


القاضـي تمحـص وقائـع كـل قضيـة علـى حـدة لتحديـد توافـر القصـد الجنائـي مـن عدمـه.
فـإذا كـان الإكـراه قـد شـاب عمليـة إصـدار الشيـك ذاتهـا بـأن حـرر الساحـب الشيـك تحـت وطـأة تهديـد مـادي أو معنـوي أعـدم حريتـه فـي إتيـان التصـرف انتفـت مسؤوليتـه الجنائيـة والسبـب فـي ذلـك هـو انعـدام الإرادة الحـرة فـي تحريـر الشيـك الـذي تبيـن فيمـا بعـد أنـه مـن دون رصيـد ، ذلـك أن القصـد الجنائـي وفقـا للقواعـد العامـة يقتضـي توافـر عنصـري العلـم والإرادة الحـرة لإتيـان الفعـل المـادي المكـون للجريمـة . 
          
فمـن أكـره علـى تحريـر الشيـك تحـت وطـأة التهديـد بالسـلاح مثـلا لا يمكـن مساءلتـه جنائيـا عـن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
ويبقـى تقديـر توافـر حريـة الاختيـار مـن عدمـه مسألـة موضوعيـة يفصـل فيهـا قاضـي الموضـوع تبعـا لظـروف كـل قضيـة ولا يمكـن إثارتهـا لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا .كمـا أنـه لا يعتبـر مـن الدفـوع المتعلقـة بالنظـام العـام ولا يخضـع تبعـا لذلـك لمـا تخضـع هـذه الأخيـرة مـن مميـزات وخصائـص ، ونظـرا لكونـه مـن الدفـوع الجوهريـة فإنـه يتطلـب مـن المحكمـة الـرد عليـه قبـولا أو رفضـا لتجنـب أن يشـوب حكمهـا قصـورا أو يعتريـه نقـص يستوجـب النقـض والإبطـال ومتـى أجابـت المحكمـة بالقبـول علـى هـذا الدفـع إذا مـا كـان مؤسسـا فـإن ركـن الرضـا ينتفـي بذلـك وينتفـي معـه الركـن المعنـوي للجريمـة فـلا تقـوم فـي حـق الساحـب الـذي ينبغـي  والحـال كذلـك التصريـح ببراءتـه.  





الفـرع الثـالـث : الـدفـع المتعلـق بالـوكيـل فـي الشيـك.
إذا كـان الأصـل يقتضـي أن يوقـع الساحـب علـى الشيـك بنفسـه فـإن القواعـد العامـة للالتـزام تجيـز للساحـب التوكيـل فـي التوقيـع سـواء كـان التوكيـل عامـا أو خاصـا   ، وإذا كـان الأصـل يقتضـي كذلـك أن يلتـزم الوكيـل الحـدود المسطـرة لـه بموجـب الوكالـة التـي تجيـز لـه التوقيـع قانونيـة كانـت أو قضائيـة أو اتفاقيـة فإنـه قـد يحـدث وأن يخـرج عنهـا ومتـى تـم ذلـك فإنـه ينبغـي البحـث فـي حـدود المسؤوليـة الجنائيـة عـن جرائـم الشيـك لكـل مـن الموكـل والوكيـل. فطبقـا للقواعـد العامـة يعتبـر الوكيـل ممثـلا للموكـل يتصـرف باسمـه ويعمـل لحسابـه فتنصـرف بذلـك آثـار التصرفـات التـي يبرمهـا الوكيـل للموكـل الـذي فوضـه والـذي يمكنـه أن يوجـه لـه الأوامـر عمـلا بالوكالـة التـي تربطهمـا .
لكنـه إذا حـدث وأن خـرج الوكيـل عـن الحـدود المسطـرة لـه بموجـب الوكالـة فأعطـى شيكـا لـم يكـن لـه وقـت تقديمـه للوفـاء الرصيـد الكافـي وذلـك 
دون موافقـة الموكـل فـلا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال مساءلـة هـذا الأخيـر جنائيـا عـن جنحـة إصـدار شيـك دون رصيـد نظـرا لانتفـاء القصـد الجنائـي فـي حقـه لان إرادتـه لـم تتجـه إطلاقـا إلـى القيـام بالتصـرف المـادي الـذي يكـون جسـم الجريمـة .
أمـا الوكيـل فإنـه يسـأل فـي هـذه الحالـة عـن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بوصفـه فاعـلا للجريمـة وقـد قضـى تطبيقـا لذلـك بـأن : 
* متى كان من الثابـت أن الطاعـن هـو الـذي أصـدر الشيـك بوصفـه وكيـلا عـن زوجتـه –صاحبـة الحسـاب – دون أن يكـون لـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف فانـه يكـون مسـؤولا ويحـق عقابـه بوصفـه فاعـلا أصليـا للجريمـة ، لأن وكالتـه عـن زوجتـه صاحبـة الحسـاب لا تنفـي أنـه هـو الـذي اقتـرف الجريمـة التـي أديـن مـن أجلهـا .*   


وإذا التـزم الوكيـل حـدود وكالتـه فإنـه يسـأل كذلـك عـن الجريمـة بوصفـه فاعـلا أصليـا ولو كـان تحريـره للشيـك بموافقـة الموكـل متـى توافـر القصـد الجنائـي لديـه ،أمـا الموكـل فإنـه يسـأل عـن الجريمـة كذلـك علـى حـد مـا ذهـب إليـه الـرأي السائـد فـي الفقـه ليـس باعتبـاره فاعـلا أصليـا وإنمـا بوصفـه شريكـا أو محرضـا متـى توافـرت أركـان الاشتـراك أو التحريـض المنصـوص عليهـا مـن قانـون العقوبـات  .
ويعتبـر هـذا الدفـع مـن الدفـوع الموضوعيـة التـي لا يمكـن إثارتهـا لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا كمـا أنـه يعـد مـن قبيـل الدفـوع المقـررة أساسـا لمصلحـة الخصـوم وعليـه فـلا يمكـن للمحكمـة إثارتهـا مـن تلقـاء نفسهـا .

الـفـرع الـرابـع : الـدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـن سرقـة .
حتـى يكتمـل جسـم جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ينبغـي أن تنصـرف إرادة الجانـي إلـى ذلـك بتحريـر شيـك مـع علمـه بـأن ليـس لديـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ، لكـن قـد يحـدث وأن يحـرر الساحـب الشيـك أو لا يحـرره أصـلا
 لكنـه يخـرج مـن حوزتـه مـن دون أن تنصـرف إرادتـه لذلـك كـأن يسـرق منـه مثـلا فيستعملـه الشخـص الـذي سرقـه رغبـة منـه فـي الإضـرار بصاحـب الشيـك هـذا الأخيـر الـذي يمكنـه حينئـذ أن يحتـج أمـام المحكمـة بكـون الشيـك الـذي توبـع بشأنـه قـد سـرق منـه فينتفـي بذلـك القصـد الجنائـي فـي حقـه وتنتفـي معـه مسؤوليتـه الجنائيـة. 
إن الـذي يقـدم دفعـا بكـون الشيـك المحتـج بـه فـي مواجهتـه بموجـب دعـوى عموميـة عـن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـو فـي حقيقـة الأمـر قـد سـرق منـه يعتبـر ذلـك الخـروج للشيـك مـن سلطـة حائـزه الشرعـي خارجـا عـن نطـاق إرادتـه الصحيحـة التـي لـم تتجـه أصـلا إلـى نقـل حيازتـه وعليـه فـإن الركـن المعنـوي لهـذه الجريمـة لا يقـوم فـي هـذه الحالـة متـى ثبـت أن 


الشيـك قـد سـرق فعـلا ومـن ذلـك مـا جـاء فـي قـرارات المحكمـة العليـا حيـث قضـت :
* إذا كـان قضـاء المحكمـة العليـا قـد استقـر علـى أنـه مـن السائـغ استخـلاص توافـر عنصـر سـوء النيـة مـن الوقائـع فإنـه استقـر أيضـا علـى أن السرقـة الشيـك مـن أسبـاب نفـي سـوء النيـة وإذا كـان الحكـم والقـرار اللـذان دفـع بهمـا الطاعـن أمـام المجلـس لإثبـات حسـن نيتـه لا يحتويـان فعـلا علـى البيانـات التـي تسمـح بالتأكـد مـن تطابـق الشيـك محـل المتابعـة مـن أجـل جريمـة إصـدار بـدون رصيـد مـع الشيـك محـل المتابعـة مـن أجـل السرقـة فإنـه لا يجـوز تحميـل الطاعـن نتائـج عيـوب الحكـم والقـرار المذكوريـن ومـن ثـم كـان علـى المجلـس أن يستعمـل الصلاحيـات التـي خولهـا لـه القانـون للتأكـد بنفسـه مـن سـداد الدليـل الـذي قدمـه لـه المتهـم فـي معـرض المرافعـات*   )غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث ملـف 162130 قـرار29 جـوان 1998، غيـر منشـور(  .  
لكـن ما تجدر الإشـارة إليـه فـي هـذا المقـام أنـه إذا كـان مـن الممكـن علـى المتهـم إثـارة هـذا الدفـع لنفـي المسؤوليـة الجنائيـة فـي حقـه فـإن هـذا الأمـر 
يبقـى متوقفـا علـى تقديـم دليـل قاطـع يثبـت هـذا الادعـاء وهـذا مـا كرستـه المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا المستقـر الـذي جـاء فيـه :
* إذا كـان مـن الجائـز المعارضـة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السرقـة فـإن هـذا موقـوف علـى تقديـم الدليـل القاطـع ، ذلـك أن الادعـاء المدنـي وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضائـي نهائـي يؤكـد الادعـاء * )غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث الملـف 374 قـرار24 جويليـة 1994، غيـر منشـور( .  
 وكـذا القـرار الصـادر بتاريـخ 14/12/1998 تحـت رقـم 181427 غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث الـذي جـاء فيـه : 
إذا كانـت سرقـة الشيـك مـن صاحبـه مـن الأسبـاب التـي تعفيـه مـن المسؤوليـة الجزائيـة فـي حالـة إصـداره بـدون رصيـد فـإن الأخـذ بهـذا الدفـع يقتضـي 


بالضـرورة إثبـات واقعـة السرقـة بوثيقـة صـادرة عـن الجهـات المختصـة وهـذا غيـر وارد فـي القـرار المطعـون فيـه* .
وقياسـا علـى السرقـة فقـد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة إلـى اعتبـار الضيـاع أو الحصـول علـى الشيـك عـن طريـق التهديـد أو النصـب أو عـن طريـق أيـة جريمـة مـن جرائـم سلـب المـال دفوعـا مـن نفـس القبيـل يمكـن إثارتهـا بشـأن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ومـن شأنهـا تهديـم الركـن المعنـوي لهـا وتهديـم الجريمـة برمتهـا فتنتفـي بذلـك المسؤوليـة الجنائيـة للمتهـم   .
ويتعيـن علـى الساحـب فـي جميـع هـذه الأحـوال ولنفـي قرينـة سـوء النيـة المفترضـة فـي حقـه أن يثبـت الدفـع الـذي أثـاره ولا يكتفـي بإثارتـه كمـا أن مجـرد المعارضـة المقدمـة للبنـك أو مركـز البريـد لمنعـه مـن صـرف الشيـك كمـا هـو جائـز بموجـب المرسـوم التنفيـذي رقـم 04 -175 المـؤرخ فـي 12 يونيـو 2004 و المحـدد لحـالات عـدم تنفيـذ صـك بريـدي يقدمـه للدفـع المستفيـد منـه لا تعتبـر دليـلا كافيـا لإثبـات الضيــاع أو السرقـة وهـذا مـا ذهبـت إليـه المحكمـة العليـا حيـن قضـت فـي أحـد قراراتهـا بمـا يلـي :
* إذا كـان ضيـاع الشيـك مـن صاحبـه سببـا مـن أسبـاب عـدم قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي حـق صاحـب الشيـك فـإن الاعتـداد بذلـك والأخـذ بـه موقـوف علـى قيـام الدليـل القاطـع الـذي يخضـع لتقديـر قضـاة الموضـوع ، وطالمـا أن المدعـي لـم يطعـن فـي صحـة التوقيـع علـى الشيـك بالتزويـر طبقـا للمـادة 536 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة فـإن مجـرد المعارضـة  فـي صـرف الشيـك المقدمـة للبنـك لا تكفـي دليـلا لنفـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد * )غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث ملـف5 12480 قـرار صـادر بتاريـخ 21 /04 /1996، غيـر منشـور(.
ويعتبـر الدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـن جريمـة مـن جرائـم سلـب المـال كالسرقـة ، والدفـع بضياعـه مـن الدفـوع الجوهريـة التـي تتطلـب مـن المحكمـة الجالسـة للفصـل فـي القضيـة الإجابـة عليهـا حتـى لا يتعـرض حكمهـا للنقـض 

والإبطـال بسبـب القصـور فـي التسبيـب أو انعدامـه ، لكنـه لا يعـد مـن قبيـل الدفـوع المتعلقـة بالنظـام العـام إنمـا هـو مقـرر لمحـض مصلحـة الساحـب. 

المطلـب الثـالـث : الدفـوع التـي لا تـؤثـر فـي قيـام الجـريمـة.  
لقـد تناولنـا فـي المطلبيـن الأول والثانـي مـن هـذا المبحـث الدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن الركنيـن المـادي والمعنـوي لجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد والتـي إذا مـا توافـرت وكانـت قائمـة ومؤسسـة قـد تهـدم أحدهمـا فتنتفـي بذلـك الجريمـة فـي حـق المتهـم . لكـن لا تعتبـر هـذه الدفـوع لوحدهـا التـي قـد تثـار بشـأن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد و إنمـا توجـد دفـوع أخـرى يمكـن للمتهـم الاحتجـاج بهـا وإثارتهـا وإن كـان ذلـك لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة فـي شـيء وتتعلـق الأولـى بالدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن الشـروط الشكليـة اللازمـة لقيـام الشيـك كسنـد تجـاري بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري ليصبـح أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجـب المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات وتتعلـق الأخـرى بالدفـوع المتنوعـة التـي لا تنصـب علـى الشـروط 
الشكليـة للشيـك والتـي يحتـج بهـا المتهـم للتهـرب مـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـة علـى عاتقـه ، وهـذا مـا سنتنـاولـه فـي الفرعيـن التالييـن:

الـفـرع الأول : الـدفـوع المتعلقـة بالشـروط الشكليـة فـي الشيـك  .
تتلخـص هـذه الدفـوع فـي الدفـع بصوريـة التاريـخ فـي الشيـك والدفـع بخلـو الشيـك مـن بيـان مكـان سحبـه أو مـن اسـم المستفيـد أو مـن مبلـغ الشيـك وكـذا الدفـع بالتوقيـع علـى بيـاض والدفـع بانتفـاء مسؤوليـة الساحـب لكـون عـدم الصـرف مـرده اختـلاف نمـوذج التوقيـع و أخيـرا الدفـع بعـدم تحريـر الشيـك علـى نمـوذج مطبـوع.
فقـد يتـم تحريـر الشيـك فـي تاريـخ معيـن ثـم يوضـع تاريـخ لاحـق للاستحقـاق يختلـف عنـه ثـم يدفـع الساحـب بصوريـة تاريـخ الاستحقـاق وقـد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة إلـى أن مثـل هـذا الشيـك يعتبـر صـادرا فـي 

تاريـخ واحـد ويكـون لحاملـه الحـق فـي استيفـاء قيمتـه وقـد أيـد الفقـه هـذا القضـاء وذهـب إلـى جعـل هـذا الدفـع لا يؤثـر فـي قيـام الجريمـة لا لشـيء إلا لحمايـة الشيـك باعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات وسـد البـاب لمـن يريـد الطعـن فيـه وينفـي عنـه صفتـه هـذه وسـد بـاب الغـش والتلاعـب الـذي مـن شأنـه إضعـاف الثقـة فـي التعامـل بالشيـك كـأداة وفـاء كمـا سبـق ذكـره أعـلاه.
وقـد يثـور التسـاؤل عـن أثـر صوريـة التاريـخ علـى المسؤوليـة الجنائيـة للساحـب فقـد قضـت محكمـة النقـض المصريـة بـأن الشيـك متـى كـان مستوفيـا لجميـع الشـروط الشكليـة التـي يتطلـب القانـون توافرهـا فهـو يعـد شيكـا بمفهـوم القانـون التجـاري و لا يجـدي فـي المتهـم أن يثبـت أن تحريـره إنمـا كـان فـي تاريـخ سابـق عـن التاريـخ الثابـت فـي الشيـك.لـذا فقـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة علـى أن الصوريـة فـي تاريـخ تحريـر الشيـك و أن الشيـك مؤخـر التاريـخ هـــو
 شيـك صحيـح و متـى كـان بـدون رصيـد فهـو يستوجـب حينئـذ المسؤوليـة الجنائيـة  .
كمـا قـد يدفـع المتهـم بخلـو الشيـك مـن مكـان سحبـه الأمـر الـذي قـد يفعلـه الساحـب متعمـدا أو دون قصـد فهـل مـن شـأن تخلـف هـذا البيـان التأثيـر فـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد؟.
للإجابـة عـن هـذا السـؤال ينبغـي الإشـارة إلـى أن محكمـة النقـض المصريـة استقـرت علـى أن مكـان السحـب ليـس مـن البيانـات الجوهريـة التـي يرتـب القانـون علـى تخلفهـا فقـدان الشيـك لصفتـه فـي القانـون التجـاري  .
هـذا الحكـم الـذي كرسـه المشـرع الجزائـري بموجـب المـادة 473 مـن القانـون التجـاري التـي جـاء فيهـا :
* إذا خـلا السنـد مـن أحـد البيانـات المذكـورة فـي المـادة السابقـة، فـلا يعتبـر شيكـا إلا فـي الأحـوال المنصـوص عليهـا فـي الفقـرات التاليـة :

- إذا خـلا الشيـك مـن بيـان مكـان الوفـاء فـإن المكـان المبيـن بجانـب اسـم المسحـوب عليـه يعتبـر مكـان الوفـاء، فـإذا ذكـرت عـدة أمكنـة بجانـب اسـم المسحـوب عليـه فيكـون الشيـك واجـب الدفـع فـي المكـان المذكـور أولا.
- إذا لـم تذكـر هـذه البيانـات أو غيرهـا يكـون الشيـك واجـب الدفـع فـي المكـان الـذي بـه المحـل الأصلـي للمسحـوب عليـه.
- إن الشيـك الـذي لـم يذكـر فيـه مكـان إنشائـه يعتبـر إنشـاؤه قـد تـم فـي المكـان المبيـن بجانـب اسـم الساحـب*.
وقـد يثيـر المتهـم دفعـا بخلـو الشيـك مـن اسـم المستفيـد ونتسـاءل حينئـذ عمـا إذا كـان مـن الممكـن تقديـم شيـك خاليـا مـن هـذا البيـان إذ يحـرر الساحـب الشيـك تاركـا بيـان اسـم المستفيـد علـى بيـاض ليتسنـى لهـذا الأخيـر فيمـا بعـد وضـع اسمـه أو اسـم أي شخـص آخـر يرغـب فـي أن يمنـح لـه الشيـك لاستيفـاء المبلـغ المـدون بـه  ، ولكـن مثـل هـذا التحريـر لا يؤثـر فـي الشيـك باعتبـــاره
 سنـد تجـاري شيئـا وإنمـا يبقـى محافظـا علـى صفتـه هـذه بـل ويبقـى أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجب المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ولا يمكـن حينئـذ للساحـب التـذرع بعـدم تحريـره لاسـم المستفيـد لنفـي المسؤوليـة الجنائيـة عنـه.
كمـا قـد يدفـع المتهـم كذلـك بخلـو الشيـك مـن المبلـغ كـان يصـرح بكونـه قـد حـرر الشيـك دون تحديـد المبلـغ تاركـا للمستفيـد  القيـام بذلـك ، هـذا الأخيـر الـذي قـد يضـع مبلغـا مجـاوزا لقيمـة التعامـل الـذي يربطـه بالساحـب ومـع ذلـك فلا يمكـن للمتهـم بأي حـال مـن الأحـوال بـأن يدفـع  بأنـه قـام بالتوقيـع علـى شيـك خالـي مـن المبلـغ ذلـك أنـه عندمـا فعـل فقـد فـوض للمستفيـد أمـر وضـع المبلـغ الـذي يريـده.
وفـي الحيـاة العمليـة أمثلـة كثيـرة لقضايـا تـم الدفـع فيهـا مـن قبـل المتهـم بتوقيعـه علـى الشيـك موضـوع المتابعـة علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لا الوفـاء لكن اجتهـاد محكمـة النقـض المصريـة استقـر علـى كـون توقيـع الساحـب 

علـى بيـاض لا يؤثـر علـى سلامـة الشيـك متـى كـان مستوفيـا بياناتـه قبـل تقديمـه للصـرف وهـذا هـو الـرأي الـذي استقـرت عليـه المحكمـة العليـا حيـث ذهبـت إلـى اعتبـار إصـدار شيـك علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لا يحـول دون متابعـة الساحـب ومعاقبتـه وفقـا لمـا يقضـي بـه القانـون ومـن أمثلـة ذلـك القـرار الصـادر بتاريـخ 20/03/1990 تحـت رقـم 67418 عـن غرفـة الجنـح والمخالفـات العـدد الأول صفحـة 261 الـذي جـاء فيـه : 
* إن اعتـراف المتهميـن الأول بإصـدار شيـك علـى بيـاض والثانـي بقبولـه لجعلـه كضمـان لا يحـول دون متابعتهمـا * . 
وكـذا القـرار الصـادر بتاريـخ 14/12/1998 ، ملـف رقـم 193602 والـذي جـاء فيـه :
    * أن تسليـم شيكـات للمستفيـد موقعـة علـى بيـاض لا تعفـى صاحبهـا مـن المسؤوليـة الجزائيـة فـي حالـة مـا إذا قدمـت للمخالصـة وتبيـن بأنهـا بـدون رصيـد كمـا فـي قضيـة الحـال* - قـرار غيـر منشـور- .
وقـد يكـون سبـب عـدم دفـع مبلـغ الشيـك هـو عـدم مطابقـة الإمضـاء المـدون بـه مـع التوقيـع النموذجـي المـودع لـدى المسحـوب عليـه فيدفـع المتهـم حينئـذ بانتفـاء مسؤوليتـه لهـذا السبـب  ، ويتعيـن علـى للمحكمـة إذا ما حـدث ذلـك أن تتفحـص فيمـا إذا كـان الساحـب قـد تعمـد تغييـر التوقيـع للإضـرار بالمستفيـد مـن خـلال منعـه مـن صـرف الشيـك ويدخـل الفعـل بذلـك فـي نطـاق تطبيـق المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ويكـون محـلا للمساءلـة الجنائيـة لأنـه يكـون بعملـه هـذا قـد أعطـى شيكـا ليـس لـه مقابـل وفـاء قائـم وقابـل للصـرف    ، أمـا إذا أثبـت حسـن نيتـه و دحـض بذلـك سـوء  النيـة المفترضـة فـي حقـه كـأن يكـون عـدم المطابقـة فـي الإمضـاء لإهمـال منـه أو خطـأ مـن قبلـه فـإن الركـن المعنـوي لجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ينتفـي وتنتفـي معـه المسؤوليـة 


الجنائيـة للمتهـم وإن كـان ذلـك لا يمنـع مـن قيـام المسؤوليـة المدنيـة فـي ذمتـه لتعويـض المستفيـد وفقـا للقواعـد العامـة المقـررة فـي القانـون المدنـي.
وقـد يثيـر المتهـم دفعـا بعـدم تحريـر الشيـك علـى النمـوذج المطبـوع ، هـذا الأخيـر الـذي لا يعتبـر مـن البيانـات الجوهريـة اللازمـة لقيـام الشيـك كسنـد تجـاري بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري كمـا أن القانـون لا يرتـب علـى تخلفهـا فقـدان الشيـك لصفتـه هـذه عمـلا بنـص المـادة 473 مـن القانـون التجـاري.
وقد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة فـي أحـد قراراتهـا إلـى أنـه : * لا يشتـرط أن يكـون الشيـك محـررا علـى نمـوذج مطبـوع ومأخـوذ مـن دفتـر الشيكـات الخاصـة بالساحـب* ، وهـذا هـو الـرأي الراجـح الـذي ذهـب إليـه غالـب الفقـه .  
هـذه هـي جملـة الدفـوع التـي تنصـب علـى الشـروط الشكليـة للشيـك لكنهـا لا تؤثـر علـى صفتـه هـذه كمـا أنـه لا تؤثـر علـى قيـام الجريمـة .

الـفـرع الثـانـي : الـدفـوع المتنوعـة الأخـرى التـي لا تؤثـر فـي قيـام 
                       الجريمـة .
تتمثـل أغلـب هـذه الدفـوع فـي الدفـع بانتفـاء القصـد الجنائـي والدفـع بعلـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد والدفـع بالمصالحـة والدفـع بانعـدام أصـل الشيـك والدفـع بكـون الشيـك قـد حـرر لسبـب غيـر مشـروع وكـذا الدفـع بعـدم تقديـم الشيـك فـي الآجـال المقـررة قانونـا. 
فالقصـد الجنائـي المتمثـل فـي سـوء النيـة الجانـي يقتضـي أن تنصـرف إرادة الساحـب إلـى تحقيـق وقائـع الجريمـة مـع علمـه بأركانهـا المختلفـة كمـا يستوجبهـا القانـون ولقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى أنـه لا عبـرة بالأسبـاب التـي حملـت المتهـم علـى إتيـان فعلـه فهـي مـن قبيـل البواعـث التـي ليـس مـن شأنهـا نفـي القصـد الجنائـي ، فقـد يحـدث وأن يدفـع الساحـب بكونـه يجهـل عـدم وجـود الرصيـد الكافـي والقابـل للصـرف وقـت تحريـره للشيـك لينفـي عنـه الركـن المعنـوي للجريمـة ويبقـى دفعـه هـذا عديـم الأثـر إذ أن مـن الأجـدر بـه أن يكـون 

عالمـا بحركـة رصيـده تكريسـا للثقـة التـي ينبغـي أن تصبـغ التعامـل بالشيـك وعليـه فتكـون الجريمـة ثابتـة فـي حقــه و مـا يؤكـد ذلـك مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا بكـون سـوء النيـة فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد مفترضـا لا حاجـة إلـى إثباتـه ومـن ذلـك جـاء فـي أحـد اجتهاداتهـا : 
* إن الركـن المعنـوي للجريمـة المنصـوص والمعاقـب عليهـا بنـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات هـو مفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعلـم بمجـرد إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف لا عبـرة بعـد ذلـك بضآلـة أو تفاهـة النقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـد مـن قبيـل البواعـث التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسؤوليـة الجنائيـة ويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـع العقوبـة*.
غرفـة الجنـح والمخالفـات ملتف رقـم : )219390 قـرار بتاريـخ 26/07/1999 المجلـة القضائيـة 1999 العـدد 2 صفحـة 74 (  .

كمـا قـد يثيـر المتهـم دفعـا بعلـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد فـي حالـة مـا إذا قـدم لـه الشيـك كضمـان إلـى حيـن حلـول أجـل ثـم يتقـدم المستفيـد لسحـب الشيـك بنيـة الإضـرار بالساحـب ، فهـل مـن شـأن هـذا الدفـع التأثيـر فـي قيـام الجريمـة ؟ 
لقـد أجابـت محكمـة النقـض المصريـة علـى هـذا التسـاؤل بالنفـي حيـث قـررت أن علـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد لا تأثيـر لـه علـى قيـام الجريمـة معللـة رأيهـا بـــأن: * لا عبـرة فـي قيـام جريمـة إعطـاء شيـك بـدون رصيـد قائـم وقابـل للصـرف لسبـب تحريـر الشيـك والغـرض مـن تحريـره ولا لعلـم المستفيـد وقـت استـلام الشيـك بعـدم وجـود رصيـد للساحـب فـي البنـك المسحـوب لـه * .
وبالرجـوع إلـى أحكـام القانـون التجـاري فـي هـذا الشـأن وكـذا قانـون العقوبـات فإنـه لا تأثيـر لهـذا الدفـع علـى قيـام الجريمـة ذلـك أن الشيـك هـو أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات ولا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال تحويـل غرضهـا 

هـذا بجعلهـا أداة ائتمـان وضمـان وعليـه فمتـى سلـم الساحـب شيكـا مـع علمـه بعـدم وجـود الرصيـد و أن كـان المستفيـد يعلـم بذلـك فقـد جعـل أركـان الجريمـة قائمـة فـي حقـه وكـان محـلا للمساءلـة الجنائيـة.
ومـن أمثلـة الدفـوع التـي يثيرهـا المتهـم لنفـي المسؤوليـة الجنائيـة فـي حقـه والتـي كثـر الدفـع بهـا أمـام المحاكـم هـي إبـرام المصالحـة بيـن الطرفيـن مـن خـلال تسديـد الساحـب المبلـغ للمستفيـد ، لكـن يتعيـن القـول هنـا أن هـذا الدفـع ليـس مـن شأنـه التأثيـر علـى قيـام الجريمـة فـي شـيء ذلـك أن أي إجـراء يبرمـه المتهـم بعـد اكتمـال أركـان الجريمـة لا يمكـن أن يمحـو أثـر هـذه الأخيـرة التـي تبقـى قائمـة ويبقـى المتهـم تبعـا لذلـك محـلا للمساءلـة الجنائيـة كمـا هـو مستقـر عليـه فـي اجتهـاد القضـاء المحكمـة العليـا الـذي جـاء فيـه: 
* إن تسديـد قيمـة الشيـك قبـل المتابعـة أو بعدهـا لا يؤثـر فـي شـيء فـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد التـي تلتئـم عناصرهـا بتسليـم شيـك للمستفيـد لا يقابلـه رصيـد غيـر كـاف* ) غرفـة الجنـح والمخالفـات ملـف رقـم 192908 قـرار 24/01/2000 –غيـر منشـور- (  ، وكـذا القـرار الصـادر بتاريـخ 14/04/1997 والـذي جـاء فـي إحـدى حيثياتـه : 
* إن تسديـد قيمـة الشيـك للمستفيـد لاحقـا علـى إصـداره وهـو بـدون رصيـد لا يؤثـر فـي قيـام الجنحـة التـي تبقـى قائمـة بمجـرد أن يسلـم الجانـي للشيـك إلـى المستفيـد مـع علمـه بأنـه بـدون رصيـد بصـرف النظـر عـن تسويـة وضعيتـه بعـد ذلـك * )غرفـة الجنـح والمخالفـات : القسـم الثالـث ملـف رقـم 144244 غيـر منشـور ( .

أمـا إذا دفـع المتهـم بانعـدام أصـل الشيـك بالملـف فإنـه يتعيـن أن نجيـب عليـه بـأن أصـل الشيـك غيـر لازم لتحريـك ومتابعـة الدعـوى العموميـة وتكفـي الصـور التـي تؤخـذ عنـه لذلـك وقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف عنـد المحاكمـة لا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة 

المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات وممـا جـاء فـي أحـد قراراتهـا: 
* حيـث أن مـا ينعـى هنـا علـى القـرار المطعـون فيـه هـو وجيـه لأنـه مـن المستقـر فقهـا وقضـاء أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف عنـد المحاكمـة لا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ، وذلـك متـى قـام الدليـل علـى سبـق وجـوده مستوفيـا شرائطـه القانونيـة كمـا هـو الشـأن فـي قضيـة الحـال إذ أنـه مـن الثابـت أن المتهـم المطعـون ضـده )ش.م( حـرر صكـا يحمـل رقـم 0109430 بتاريـخ17/03/1997 وبقيمـة 1376000.00 دينـار جزائـري وسلمـه باعترافـه إلـى الطـرف المدنـي مؤسسـة *كادمـاس *لصرفـه ولكـن دون جـدوى لانعـدام الرصيـد حسـب الإشعـار  بعـدم الدفـع الصـادر عـن البنـك المسحـوب عليـه* .
وكثيـرا مـا يقـدم المتهـم المتابـع بشـأن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دفعـا يتعلـق بالتـزام الـذي حـرر الشيـك لأجلـه كـأن يكـون الالتـزام باطـلا لكونـه مبنـي علـى سبـب غيـر مشـروع كالديـن الناتـج عـن القمـار أو أن يكـون مقابـل رشـوة أو لتسويـة معاملـة معيبـة لنقـص أهليـة أحـد أطرافهـا و مهمـا كـان سبـب الالتـزام الـوارد بالشيـك باطـلا فـإن ذلـك لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة و المسؤوليـة الجنائيـة فـي حـق المتهـم فمتـى كـان المحـرر قـد استوفـى فـي الظاهـر كافـة الشـروط و البيانـات التـي يستوجبهـا القانـون استحـق الحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا تدعيمـا للثقـة فـي التعامـل بـه كـأداة وفـاء إذا مـا حـدث و أن أصـدر مـن دون هنـاك رصيـد قائـم و قابـل للصـرف وقـت تحريـره  .
و قـد قضـت محكمـة النقـض المصريـة فـي ذلـك أنـه إذا كـان الشيـك قـد استوفـى شروطـه و بياناتـه كـأداة وفـاء فـإن مـا يدفـع بـه المتهـم حـول سبـب تحريـر الشيـك كـأن يكـون غيـر مشـروع لا أثـر لـه علـى طبيعتـه ذلـك أن المسؤوليـة الجنائيـة هنـا لا تتأثـر بالسبـب أو الباعـث الـذي أعطـى الشيـك مـن أجلـه ، 

 و نفـس الحكـم تـم تطبيقـه علـى مستـوى محاكمنـا لكـون المشـرع الجزائـري فـي قانـون العقوبـات صريـح مـن حيـث الأركـان الواجـب توافرهـا لقيـام الجريمـة و لـم يضـف إليهـا كـون الالتـزام الـذي حـرر الشيـك لأجلـه مشروعـا أو غيـر مشـروع.
كمـا أن مـن بيـن الدفـوع التـي لاحظنـا إثارتهـا بكثـرة أمـام المحاكـم هـو عـدم تقديـم المستفيـد للشيـك للدفـع فـي الآجـال المقـررة قانونـا بموجـب المـادة 501 مـن القانـون التجـاري ، و فـي هـذا يمكننـا القـول أنـه ليـس مـن قبيـل الدفـوع المؤثـرة فـي قيـام الجريمـة بـل أن الجريمـة تبقـى قائمـة علـى الرغـم مـن ذلـك مـا دام الشيـك قـد استوفـى الشكـل الـذي يتطلبـه القانـون لكـي يصـدق عليـه وصـف أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات و هـذا مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا حيـث جـاء فـي أحـد قراراتهـا:
* إن تقديـم الشيـك خـارج ميعـاد الدفـع المحـدد فـي نـص المـادة 501 مـن القانـون التجـاري لا ينفـي قيـام جنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد  ذلـك أنـه مـا أن يصـدر الساحـب الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد لذمـة المستفيـد ، و الساحـب لا يتمتـع بـأي حـق علـى الرصيـد المقابـل للمبلـغ المسحـوب بواسطـة الشيـك * )  جنائـي 11 جـوان 1981 مجموعـة قـرارات غ.ج صفحـة 127، جنائـي 20/12/1982 صفحـة 243(  ، و هـذا مـا ذهبـت إليـه محكمـة النقـض الفـرنسيـة التـي أكـدت علـى أن الساحـب ملـزم بالحفـاظ علـى الرصيـد المـدون بالشيـك إلـى حيـن انقضـاء أجـل تقـادم العقوبـة و أن لـم يقـدم الشيـك للدفـع فـي آجـال الدفـع المبينـة بالمـادة 29 مـن المرسـوم القانـون الصـادر فـي 30/10/1935.  






الخـــــاتمــــــة.

إن الاستعمـالات السيئـة للشيـك زعـزعت الثقـة التـي كـان ينبغـي أن يتسـم بهـا التعامـل بـه ممـا جعـل المشـرع يتدخـل مـن خـلال وضـع حمايـة جزائيـة للشيـك بموجـب أحكـام القانـون التجـاري وقانـون العقوبـات وعلـى الرغـم مـن ذلـك فقــد لـوحظ علـى مستـوى محاكمنـا التطبيـق الخاطـئ للنصـوص والناجـم عـن سـوء فهمهـا لاسيمـا فيمـا يتعلـق  بتطبيـق أحكـام وقـف التنفيـذ علـى الغرامـة التـي استوجـب القانـون صراحـة أن تكـون نافـذة ولا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال أن تكـون موقوفـة النفـاذ بالإضافـة إلـى استبـدال عقوبـة الحبـس بالغرامـة رغـم كـون العقوبتيـن واجبتـي التطبيـق معـا ، الأمر الـذي أدى إلى تدخـل المحكمـة العليـا مـن خـلال وضـع اجتهـاد قضـائي مستقـر مـن شأنـه تفسيـر النصـوص التفسيـر الصحيـح والمقصـود مـن المشـرع و ذلك بتكريسها لجملـة مـن المبـادئ ارتأينـا أن نوردهـا فـي خاتمـة بحثنـا هـذا وذلـك فيمـا يلـي: 

* مـن المستقـر عليـه قضاء أن الركـن المعنوي لجريـمة إصدار شـيك بـدون رصيـد لا يتـمثل فـي قـصد الأذى وإلـحاق الـضرر ولـكن يستخـلص مـن انعـدام الرصيـد أوعـدم كفايتـه وأن تسليـم الشيـك كضمـان يعـد صـورة مـن صـور جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.

* مـن الثابـت قانونـا أن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد تعـد قائـمة بمـجرد تسليـم شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن الأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـك بهـا الساحـب ، لأن سـوء النيـة مفتـرض فـي حقـه وبالتـالي فـإن الحكـم بالبـراءة علـى أسـاس حسـن النيـة هـو قضـاء خاطـئ ومخالـف للقانـون.



* إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد وأن المتابعـة  تبنـى علـى أسـاس الإشعـار بعـدم الدفـع الصـادر مـن البنـك المسحـوب عليـه إذ يتعيـن وجـوبا علـى الساحـب متابعـة حركـات رصيـده قبـل وبعـد إصـدار الشيـك ولا دخـل لأيـة اعتبـارات أخـرى لإبعـاد سـوء النيـة المفتـرض وأن القـرار لمـا قضـى بالبـراءة  لانتفـاء سـوء النيـة يكـون قـد عـرض نفسـه للنقـض والبطـلان.

* إن الحكـم بالبـراءة مـن جريـمة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بحجـة أن سـوء النيـة غيـر ثابتـة فـي حـق المـتهم عنـد إصـداره الشيـك هـو تعليـل خاطـئ لأن الأصـل فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أنهـا تتحقـق متـى أعطـى الساحـب شيكـا لا يقابلـه  رصيـد ولا عبـرة لذلـك بالأسبـاب التـي دعـت إلـى مصـدر الصـك بعـدم  وجـود مقابـل وفـاء لـه فـي تاريـخ إصـداره وهـو علـم مفتـرض فـي حقـه .
ومتـى كـان كذلـك يتعيـن نقـض القـرار المطعـون فيـه .

* مـن المقـرر قانونـا انـه: » يعاقـب بالحبـس وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن النقـص فـي الرصيـد ..... «  .
المستفـاد مـن القـرار المطعـون فيـه أن قضـاة المجلـس قضـوا ببـراءة المتهـم بإصـدار شيـك بـدون رصيـد علـى أسـاس أن النقـص فـي الرصيـد لا يتجـاوز مبلـغ 368.68 دينـار جزائـري تـم تسديـده بمجـرد الإشعـار بـه . إن هـذا التعليـل لا يستجيـب لأحكـام القانـون ذلـك أن الركـن المعنـوي للجريمـة المنصـوص والمعاقـب عليهـا بنـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات هـو مفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعـلم بمجـرد إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ولا عبـرة بعـد ذلـك بضآلـة  أو تفاهـة النقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـد مـن قبيـل البواعـث  الـتي لا تأثيـر لهـا بقيـام المسؤوليـة الجنائيـة   ويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـع العقـوبة .

ومتـى كـان ذلـك يتعيـن نقـض القـرار المطعـون فيـه .

* مـن المستقـر فـي قضـاء المحكـمة العليـا أن اعتراف المتهـم بإصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم أو قابـل للصـرف يكـفي فـي حـد ذاتـه لقيـام الجريمـة وأن القضـاء بالبـراءة علـى أسـاس تسويـة الوضعيـة الماليـة أو لعـدم وجـود أصـل الشيـك أو نسخـة منـه هـو قضـاء غيـر مـؤسس يعـرض للبطـلان. 
 
* إن الشيـك هـو أداة دفـع فـي الحـال وليـس أداة قـرض فـإن إصـداره مـع إشتـراط عـدم صرفـه فـورا يعـد جريمـة يعاقـب عليهـا قانونـا بنفـس عقوبـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
وأن المجلـس لمـا صـرح ببـراءة المتهـم رغـم اعترافـه صراحـة بتسليـم الصـك محـل المتابعـة كضمـان للمبلـغ الـذي أقترضـه يعـد مخالفـة للقانـون وينجـر عنـه البطـلان.

* مـن المستقـر عليـه فـي قضـاء هـذه المحكمـة  أن عـدم وجـود الشيـك عنـد المحاكمـة لا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة متـى قـام الدليـل علـى سبـق وجـوده مستوفيـا شرائطـه القانونيـة وللمحكمـة أن تكـون عقيدتهـا بكافـة طـرق الإثبـات .
إن القضـاة غيـر مقيديـن بقواعـد الإثبـات المقـررة فـي القانـون المدنـي والقانـون التجـاري وأنـه يحـق لهـم الأخـذ بالصـورة الشمسيـة كدليـل فـي الدعـوى أو بشهـادة عـدم الدفـع أو اعتـراف المتهـم أو أيـة وثيقـة أخـرى. 

* مـن المستقـر فقهـا وقضـاء أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف لا ينـفي وقـوع الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات وأنـه يحـق لجهـات الحكـم أن تأخـذ بالصـورة الشمسيـة للشيـك محـل المتابعـة كدليـل للإثبـات وأنهـا غيـر مقيـدة بالقواعـد المقـررة فـي القانـون المدنـي والتجـاري . 

وعليـه فـإن القضـاء ببـراءة المتهـم علـى أسـاس عـدم وجـود أصـل الشيـك عـرض القـرار المطعـون فيـه للبطـلان .

*  مـن المستقـر عليـه قضـاء أن المسؤوليـة الجنائيـة عـن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد تقـع أيضـا علـى الوكيـل فـي السحـب عندمـا يسحـب رصيـد موكلـه لأنـه بفعـله هـذا يطـرح الشيـك للتـداول ويتعيـن تحمـل مسؤوليتـه عـن ذلـك وعليـه فـإن القضـاة لمـا قضـوا ببـراءة الساحـب قـد طبقـوا القانـون تطبيقـا صحيحـا.

* إن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد تبقـى مستوفيـة لشرائطهـا القانونيـة رغـم تسديـد المبلـغ وينجـر عنهـا بقـاء المسؤوليـة الجزائيـة قائمـة لمـن أعطـى صكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بـل كـل مـا هنالـك هـو مراعـاة هـذا الأمـر ضمـن ظـروف التخفيـف دون المسـاس بالإدانـة .

* مـن المقـرر قانونـا أنـه : » لا تقبـل معارضـة الساحـب علـى وفـاء الشيـك إلا فـي حالـة ضياعـه أو تفليـس حاملـه « .
ومـن المقـرر أيضـا أنـه يعاقـب بجريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد كـل مـن منـع المسحـوب عليـه مـن صـرف الشيـك . المستفـاد مـن القـرار المطعـون فيـه الـذي قضـى بالبـراءة علـى أسـاس أن المتهـم وجـه برقيـة إلـى البنـك بمعارضـة الشيـك الـذي أصـدره لفائـدة الضحيـة بعـد أن لاحـظ أن المـواد الغذائيـة التـي اشتـراها غيـر صالحـة للاستهـلاك فإنـه خالـف أحكـام المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات بتعليلـه بـأن القضيـة مدنيـة أو تجاريـة لأن الأمـر بعـدم الدفـع غيـر جائـز ولـو اكتشـف المعنـي أن البضاعـة التـي دفـع الشيـك ثمنـا لهـا فاسـدة ، إذ أن جنحـة المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات تتحقـق عندمـا يصبـح الرصيـد غيـر قابـل للسحـب نتيجـة معارضـة صرفـه مـن قبـل الساحـب لأن غايـة المشـرع مـن العقـاب هـي حمايـة الشيـك وقبـوله فـي المعامـلات ومتـى كـان كـذلك فـإن 

جهتـي الحكـم علـى مستـوى الدرجتيـن قـد أساءتـا تطبيـق القانـون ممـا يتعيـن نقـض وإبطـال قضائهمـا.

* مـن المقـرر قانونـا أنـه : يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن النقـص فـي الرصيـد : 
- كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة أو قبـل أو ظهـر شيكـا أو اشتـرط عـدم صـرفه فـورا بـل جعلـه كضمـان....  «  .
المستفـاد مـن القـرار المطعـون فيـه أن قضـاة المجلـس قضـوا بإلغـاء الحكـم الابتدائـي الـذي أدان المتهـم بتهمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بحجـة أن الوقائـع تشكـل فـي حـد ذاتهـا تسليـم شيـك كضمـان والحـال أن الجريمـة المنصـوص عليهـا بالمـادة المطبقـة تعتبـر جريمـة واحـدة مرتبطـة أساسـا بقيمـة الشيـك ومـدى قابليـة صرفـه لـدى الإطـلاع كمـا جـاء فـي المـادة 500 الفقـرة الأولـى مـن القانـون التجـاري وبالتالـي فإنـه متـى أصـدر الساحـب الصـك مستوفيـا لشروطـه الشكليـة التـي تجعـل منـه أداة وفـاء وليـس أداة ائتمـان تقـوم مقـام النقـود تعيـن البحـث بعدئـذ فـي أمـر الرصيـد فـي حـد ذاتـه مـن حيـث الوجـود والكفايـة والقابليـة للصـرف بغـض الـنظر عـن قصـد الساحـب  واعتراضـه بعـدم صـرف قيمتـه لأسبـاب وبواعـث تظهـر لـه مشروعـة وقتهـا .
وبمـا أن القـرار المطعـون فيـه لـم يبحـث فـي أمـر الرصيـد بـل أغفلـه وألغـى الحكـم الـذي أدانـه بجـرم إصـدار شيـك بـدون رصيـد فإنـه يكـون قـد أخطـأ فـي تأويـل القانـون .
* مـن المقـرر قانونـا أن المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات لا تلـزم المستفيـد من الشيـك فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد مـن إعـلام الساحـب وإخطـاره بنقـص الرصيـد كمـا أنهـا لا تشتـرط تقديـم الاحتجـاج عن عـدم الدفـع مسبقـا قبـل تقديـم الشكـوى ومباشـرة المتابعـة .


ولمـا ثبـت فـي قضيـة الحـال أن قضـاة المجلـس الذيـن أدانـوا المدعـي فـي الطعـن بجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد المنصـوص والمعاقـب عليهـا بالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات بنـاءا علـى شكـوى تقـدم بهـا المستفيـد مـن الشيـك مباشـرة للنيابـة العامـة بعدمـا قـدم الشيـك للبنـك المسحـوب عليـه ورجـع إليـه مـن غيـر دفـع لكـون الرصيـد غيـر كافـي لـم يخالفـوا أيـة قاعـدة جوهريـة فـي الإجـراءات  ممـا يجعـل الوجـه المثار غيـر مؤسـس ومتـى كـان كذلـك استوجـب رفـض الطعـن. 
        
* مـن المقـرر قانونـا أن المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات لا تلـزم المستفيـد مـن الشيـك فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد إعـلام الساحـب وإخطـاره بنقـص الرصيـد كمـا أنهـا لا تشتـرط تقديـم الاحتجـاج بعـدم الدفـع مسبقـا قبـل تقديـم الشكـوى مباشـرة المتابعـة.

* مـن الثابـت قانونـا أنـه فـي جرائـم إصـدار شيـك بـدون رصيـد لا تعـد شكـوى الطـرف المدنـي إجـراء سابـق لمباشـرة المتابعـات الجزائيـة باعتبـار أن النيابـة العامـة تتمتـع بكامـل الحريـة فـي مباشـرة الدعـوى العموميـة بمجـرد علمهـا بارتكـاب الجريمـة وبالتالـي فـإن تحريـر الاحتجـاج وتقديـم أصـل الشيـك غيـر ضرورييـن  للمتابعـة القضائيـة .

* مـن المقـرر قانونـا أنـه تخصـص محليـا بالنظـر فـي الجنحـة محكمـة محـل الجريمـة أو محـل إقامـة أحـد المتهميـن أو شركائهـم أو محـل القبـض عليهـم ولـو كـان هـذا القبـض وقـع لسبـب آخـر .
ولمـا ثبـت فـي قضيـة الحـال أن المتهـم يقطـن بالجزائـر وتحريـر الشيـك محـل النـزاع تـم فـي الجزائـر وبالتالـي فالتمسـك بالاختصـاص المحلـي مـن قبـل محكمـة المحمديـة ومجلـس قضـاء معسكـر يعـد خرقـا لأحكـام المـادة المذكـورة أعـلاه .

* مفـاد نـص المـادة 329 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة أنـه يختـص محليـا بالنظـر فـي الجنحـة محكمـة محـل الجريمـة أو محـل إقامـة المتهـم أو محـل القبـض عليـه .
والواضـح مـن القـرار المطعـون فيـه أن مكـان الجريمـة هـو مكـان إصـدار الشيـك فـإن محكمـة أفلـو هـي المختصـة محليـا وأن تمسـك قضـاة مجلـس وهـران باختصاصهـم  المحلـي يعـد مخالفـة للقانـون.

* مـن الثابـت قانونـا أن العبـرة فـي قيـام جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـي  بإصـداره أي وضعـه فـي التـداول مـن خـلال التسليـم المـادي والنهائـي للشيـك الحامـل للبيانـات الضروريـة وليـس عنـد تقديمـه للصـرف . وبمـا أن الإصدـار تـم فـي مدينـة مسيلـة فتكـون محكمـة مسيلـة هـي المختصـة محليـا  للفصـل فـي القضيـة.

* إن القضـاء بحـذف عقوبـة الحبـس كعقوبـة أصليـة والإبقـاء علـى عقوبـة الغرامـة وحدهـا فقـط دون أي تبريـر يعـد خطـأ فـي تطبيـق القانـون لأن العقوبتيـن المقررتيـن قانونـا واجبتـي التطبيـق ولا مجـال لتطبيـق إحداهمـا دون الأخـرى .

* مفـاد نـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات أنـه يعاقـب بالحبـس وبالغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو قيمـة النقـص فـي الرصيـد . 
وإن القضـاء بإلغـاء عقوبـة الحبـس )العقوبـة الأصليـة(   وتخفيـض الغرامـة الماليـة بمبلـغ لا علاقـة لـه بالصـك ودون تعليـل يعـد خرقـا للقانـون .

* يعاقـب بالحبـس وبغرامـة  لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف أو كـان الرصيـد أقـل مـن قيمـة الشيـك . فـإن القضـاء بغرامـة 


تسـاوي قيمـة الشيـك بـدل تقديـر قيمـة النقـص فـي الرصيـد الموجـود والحكـم بـه يعـد خرقـا للقانـون .

* إن القضـاء بغرامـة ماليـة قدرهـا ألفيـن دينـار جزائـري فقـط فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد  يعـد خرقـا للقانـون لأن المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات تنـص صراحـة علـى وجـوب أن لا تقـل العقوبـة الماليـة عـن قيمـة الشيـك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد كونهـا تشكـل عقوبـة تكميليـة إجباريـة لا تخضـع لعامـل الظـروف المخففـة ممـا يستوجـب نقـض القـرار المطعـون فيـه.

* مـن المستقـر عليـه قانونـا وقضـاء فـي مـادة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أنـه فـي حالـة الإدانـة تشكـل الغرامـة الماليـة المقـررة فـي حـد ذاتهـا عقوبـة تكميليـة إجباريـة لا تخضـع لعامـل الظـروف المخففـة والترتيبـات المنصـوص عليهـا فـي المـادة 53 مـن قانـون العقوبـات.

* إن  القضـاء بالغرامـة الجزائيـة دون تبيـان إن كـان المبلـغ المحكـوم بـه يسـاوي قيمـة النقـص فـي الرصيـد كمـا تقتضيـه المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ودون إعطـاء الأسـاس القانونـي لذلـك يعـد خرقـا للقانـون ويستوجـب النقـض .

* مـن الثابـت قانونـا أن العقوبـة الأصليـة التـي تخضـع لعامـل المـادة 53 مـن قانـون العقوبـات هـي عقوبـة الحبـس وحدهـا وأن الغرامـة المقـررة بجانبهـا  غيـر قابلـة للحـذف أو التخفيـض باعتبارهـا فـي حـد ذاتهـا عقوبـة تكميليـة إجباريـة والقضـاء بهـا وحدهـا غيـر جائـز ومخالفـة للمفهـوم الصحيـح للمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات .




* مـن المقـرر قانونـا أن  المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات  تنـص علـى عقوبـة الحبـس والتـي تخضـع لظـروف التخفيـف وعقوبـة الغرامـة التـي لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو قيمـة النقـص فـي الرصيـد ومعنـى هـذا أنـه لا يجـوز للقاضـي إعمـال أحكـام المـادة 53 مـن قانـون العقوبـات ولا يصـوغ لـه إخضـاع هـذه العقوبـة الماليـة لظـروف التخفيـف .

* مـن المستقـر عليـه قضـاء فـي مـادة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أن العقوبـة الأصليـة التـي تخضـع لعامـل المــادة 355 مـن قانـون العقوبـات هـي عقوبـة الحبـس وأن عقوبـة الغرامـة المقـررة بجانبهـا لقمـع هـذه الجريمـة هـي غيـر قابلـة للحـذف أو التخفيـض باعتبارهـا عقوبـة مكملـة لهـا طابـع أمنـي أساسـا وهـي إجباريـة فـي آن واحـد ومـن ثـم فـإن قضـاة الموضـوع لمـا قضـوا بالعقوبـة التكميليـة المتمثلـة فـي الغرامـة بقيمـة الشيـك وأغفلـوا الفصـل فـي العقوبـة الأصليـة المتمثلـة فـي الحبـس حتـى تكـون سنـدا للعقوبـة التكميليـة ، قـد عرضـوا قرارهـم للقصـور فـي التسبيـب .

* مـن المقـرر قانونـا أنـه :   »  يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات  وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـــد .......... «  
ومـن الثابـت قانونـا أن القاضـي فـي جرائـم إصـدار شيـك بـدون رصيـد ملـزم عنـد الحكـم بالإدانـة مـع الغرامـة أن لا يقـل مبلـغ الغرامـة عـن قيمـة الشيــك أو قيمـة النقـص فـي الرصيـد مـع بقـاء حريـة التقديـر للقاضـي فيمـا يتعلـق بالعقوبـة الأصليـة المتمثلـة فـي الحبـس تطبيقـا لأحكـام المادتيـن 53 مـن قانـون العقوبـات و 592 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة ولمـا قضـى قضـاة المجلـس بخـلاف ذلـك وقـرروا تخفيـض مبلـغ الغرامـة المحكـوم بـه فـإن قرارهـم يعـرض للنقـَض .




* تتقـادم الدعـوى العموميـة فـي مـواد الجنـح لمهـور ثـلاث سنـوات كاملة .
والواضـح مـن القـرار المطعـون فيـه أن الشيـك محـل النـزاع أصـدر فـي 22/04/1992 وأن تحـريك الدعـوى العموميـة تجـاه الساحـب لـم يتـم إلا بعـد مضـي ثـلاث سنـوات مـن هـذا التاريـخ.
ومتـى كـان كذلـك فـإن الدعـوى العموميـة تكـون قـد تقادمـت ويتعيـن                     التصريـح بهـا لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا باعتبـارها مـن النظـام العـام .  

لـذا فإننـا نحـث القضـاة المبتدئيـن والمقبليـن علـى تقلـد مناصـب الحكـم القـراءة المعمقـة لنصـوص قانـون العقوبـات فـي هـذا المجـال بغـرض تطبيقهــا التطبيـق السليـم لتكريـس حمايـة حقيقيـة للشيـك باعتبـاره أداة وفـاء ودفـع لا أداة ضمـان وائتمـان ، ذلـك فـي انتظـار أن يطـرأ تعديـل علـى قانـون العقـوبات إذ حبـذا لـو يسايـر المشـرع الجزائـري المشـرع الفرنسـي الـذي نـزع الصفـة الجنحيـة لجريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بمـوجب القانـون الصـادر فـي 30 ديسمبـر 1991 مقـررا بـدلا عنهـا أحكامـا صارمـة يتكفـل بنـك فرنسـا بتطبيقهـا علـى العميـل الـذي يكثـر مـن إصـدار شيكـات بـدون رصيـد مـن خـلال منعـه مـن تحريــر الشيكـات لمـدة عشـرة سنـوات مـع إلزامـه بوجـوب إيـداع نمـاذج الشيكـات التـي بحوزتـه الأمـر الـذي مـن شأنـه شـل نشـاط الساحـب فيكـون ذلـك سبيـلا لردعـه عـن إصـدار شيكـات بـدون رصيـد ، خاصـة وأن المتابعـات الجزائيـة التـي تـم اتخاذهـا مـن قبـل المحاكـم والمجالـس القضائيـة ببلادنـا لـم تجـد نفعـا فـي ردع الجريمـة التـي زادت انتشـارا ، و لاسيمـا وأن بنـك الجزائـر قـد  خطـى خطـوة أولـى فـي هـذا المجـال حيـث أصـدر التعليمـة رقـم 71/92 بتـاريـخ 24 نـوفمبـر 1992 التـي حـددت أحكـام تطبيـق التنظيـم رقـم 92/03 الصـادر بتـاريـخ 22 مـارس 1992 المتعلـق بالوقايـة ومحـاربـة إصـدار شيكـات بـدون رصيـد مـن خـلال وضـع أحكـام وإجـراءات يبـاشر البنـك المسحـوب عليهـا باتخاذهـا كلمـا قـدم إليـه شيكـا إتضـح أنـه بـدون رصيـد بغـرض الحـد مـن هـذه الظـاهـرة.

تعليقات