القائمة الرئيسية

الصفحات



حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة

حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة


حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة



الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية
وزارة العدل
المدرسة العليا للقضاء


مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء
الموضــوع
حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة



إعداد الطالبين القاضيين:                 
  ـ عبـد السلام يوسف                      الدفعـــة
  ـ حططاش عبد العزيز                     الخامسة عشر






مدة التكوين
من أكتوبر 2004 إلى يوليو 2007

مقدمـــــة



تمتلك الدول مجموعة من الأملاك والحقوق العقارية والمنقولة التي تستعملها إما لحاجياتها الخاصة أو تضعها تحت تصرف الجمهور، إما بصفة مباشرة أو بواسطة المرافق العمومية، يصطلح عليها "الأملاك الوطنية" أو أملاك الدومين العام.
هذه الأملاك يرتبط نظامها القانوني بالنظام السياسي والاقتصادي للدولة ارتباطا وثيقا، فبينما يتقلص حجم الأملاك الوطنية في الدول الرأسمالية التي تقدس الملكية الفردية، يتسع نطاقها في الأنظمة الاشتراكية التي تقدم الملكية العامة على الملكية الفردية.
         أما في الجزائر فإن شساعة مساحتها وتنوع تضاريسها ساهم في إيجاد أملاك وطنية كبيرة من حيث حجمها ومتنوعة من حيث محتواها، وقد ساهم في إثرائها الموقع الجغرافي للبلاد، هذه الأملاك خضعت لأنظمة مختلفة ومتغيرة باختلاف الحقب الزمنية التي مرت بها البلاد.
         فبينما كان يطلق عليها "أملاك البايلك" في العهد العثماني، قام الاستعمار الفرنسي بضمها إلى أملاك الدولة الفرنسية والتي يعتمد نظامها على تقسيم الأملاك الوطنية إلى أملاك وطنية عمومية وأملاك وطنية خاصة، وبعد الاستقلال بقيت الأملاك الوطنية خاضعة للنظام القانوني الموروث عن الاستعمار إلى غاية سنة 1984، حيث تم تنظيمها لأول مرة بموجب القانون 84/16[1]، هذا الأخير وضع في ظل النظام الاشتراكي المعتمد آنذاك، وكان مبدأ وحدة الأملاك الوطنية من أهم المبادىء التي اعتمدها المشرع[2]، واستمر هذا الوضع إلى غاية صدور دستور 1989 والقوانين اللاحقة له، ومنها القانون 90/25 والقانون 90/30 أين عاد المشرع من جديد إلى اعتماد نظام ازدواجية الأملاك الوطنية[3].
         ونظرا للخصوصية التي تتميز بها الأملاك الوطنية وكذا أهمية الوظائف التي تلعبها، فقد خصها المشرع بنظام حماية خاص، يكفل لها حماية أكبر من تلك المقررة للأصناف الأخرى من الملكية، وذلك من خلال تكريس بعض المبادئ والأحكام الحمائية التي لا نجد لها مثيلا في نظام الحماية المقرر لباقي أصناف الملكية.
واعتبارا لضرورات التخصص التي تقتضيها منهجية البحث العلمي ارتأينا أن نقصر دراستنا على موضوع حماية الأملاك الوطنية العامة فقط دون الأملاك الوطنية الخاصة التي نرى أنها جديرة بأن تكون موضوع بحث خاص.
         ولعل ما يلاحظ من خلال استقراء النصوص التي أقرها المشرع لحماية أملاك الدومين العام أنها نصوص مبعثرة ومتفرقة عبر قوانين وتنظيمات مختلفة، وهذا ما يشكل نوعا من الصعوبة في دراستها، هذا إضافة إلى عدم استقرار هذه النصوص وتغيرها المستمر.
من جهة أخرى فإن موضوع الأملاك الوطنية ليس محل دراسة في أغلب كليات الحقوق، كما أنه لم ينل حظه من الدراسات الفقهية مما يشكل عائقا آخر للبحث في الموضوع.
         وسنحاول من خلال هذه الدراسة التطرق إلى ماهية الحماية التي أقرها المشرع لأملاك الدومين العام، والجهات المنوط بها توفير هذه الحماية، وما هو الدور المخول للقضاء في ذلك؟.
         وقبل التفصيل في طرق حماية الأملاك الوطنية العامة ارتأينا أنه من الأنسب التوطئة للموضوع بفصل تمهيدي نحاول فيه إبراز وضبط أهم الأحكام المنظمة للأملاك الوطنية، ببيان مفهومها وطرق تكوينها ومشتملاتها وكذا استعمالها، وذلك بقصد تسهيل فهم أحكام الحماية، لاسيما أن النظام القانوني للأملاك الوطنية يتسم بشيء من التعقيد.
ثم نتناول في فصل أول الحماية الوقائية - بشقيها الإدارية والمدنية – والحماية القضائية في فصل ثان، مركزين أكثر على الحماية القضائية، التي نرى أنها الأكثر أهمية، ذلك لأن الأملاك الوطنية قد تكون عرضة لاعتداءات كثيرة قد تكون صادرة حتى من الهيئات المالكة أو المخصص لها الملك العمومي، وذلك وفقا للخطة التالية:
فصل تمهيدي: مفهوم الأملاك الوطنية العمومية.
         المبحث الأول: تعريف الأملاك الوطنية العمومية ومشتملاتها.
         المبحث الثاني: طرق تكوين واستعمال الأملاك الوطنية العمومية.
الفصل الأول: الحماية الوقائية للأملاك الوطنية العمومية.
المبحث الأول: قواعد الحماية الإدارية.
         المبحث الثاني: قواعد الحماية المدنيــة.
الفصل الثاني: الحماية القضائية للأملاك الوطنية العمومية.
المبحث الأول: الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية.
         المبحث الثاني: الحمايــة الجزائيــة للأمـلاك العموميــة.
خاتمــة.






فصل تمهيدي: مفهوم الأملاك الوطنية العمومية


         ارتأينا قبل الخوض في موضوع الحماية المقررة للأملاك الوطنية العمومية أن نتطرق إلى تعريفها وبيان مشتملاتها وطرق تكوينها، وذلك بقصد تسهيل فهم أحكام الحماية التي أقرها المشرع لهذا النوع من الأملاك، لأنه لا يمكن فهم هذه الأحكام ما لم يتم الإلمام بأهم القواعد المنظمة لها، نظرا لأن النظام القانوني للأملاك الوطنية العمومية يتسم بشيء من التعقيد وتداخل المفاهيم، وقد ساهم في هذا التعقيد كثرة النصوص المنظمة لهذا القطاع سيما بعد صدور دستور 1989، وانتقال البلاد من النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي.
         ولم تكن الأملاك الوطنية في منأى عن هذا التغيير فكان لزاما على المشرع الجزائري أن يقوم بتكييفها مع النظام الجديد، ولذلك تم استحداث ترسانة كبيرة من القوانين الجديدة التي وضعت من أجل وضع نظام قانوني جديد لهذه الأملاك، يتماشى وتوجه البلاد إلى اعتماد نظام رأسمالي يميل أكثر إلى تقديس ملكية الفرد على حساب الملكية العامة.
         ومن أهم معالم هذا التغيير، ظهور تقسيم جديد للأملاك الوطنية، حيث أصبحت تنقسم إلى أملاك وطنية عمومية (domaine public)، وأملاك وطنية خاصة (domaine privé)، بعدما كان نظام وحدة الأملاك الوطنية هو المعتمد في ظل النظام الاشتراكي.
لذلك سنتطرق إلى تعر يف الأملاك الوطنية العمومية وبيان مشتملاتها في مبحث أول، ثم طرق تكوينها واستعمالها في مبحث ثان، مستندين في ذلك أساسا على النصوص القانونية المنظمة لأملاك الدومين العام.
  
المبحث الأول: تعريف الأملاك الوطنية العمومية ومشتملاتها
         نحاول إعطاء تعريف للأملاك الوطنية العمومية، اعتمادا على النصوص القانونية التي تحكمها وذلك في مطلب أول، ثم بيان مشتملاتها في مطلب ثان، وهذا في ظل القوانين والتنظيمات الحالية التي تحكمها[4].

المطلب الأول: تعريف الأملاك الوطنية العمومية

تنص المادة 17 من دستور الجزائر لسنة 1996 على أن: "الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية، وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقالع، والموارد الطبيعية للطاقة، والثروات المعدنية الطبيعية والحية، في مختلف مناطق الأملاك الوطنية البحرية، والمياه، والغابات.
كما تشمل النقل بالسكك الحديدية، والنقل البحري والجوي، والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وأملاكا أخرى محددة في القانون".
         كما تنص المادة 18 منه على أن: "الأملاك الوطنية يحددها القانون.
وتتكون من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها كل من الدولة، والولاية، والبلدية.
يتم تسيير الأملاك الوطنية وفقا للقانون".
         كما نصت المادة 25 من القانون 90/25 المتضمن قانون التوجيه العقاري على أنه[5]: " تتكون الأملاك العمومية من الأملاك الوطنية التي لا تتحمل تملك الخواص إياها بسبب طبيعتها أو الغرض المسطر لها، أما الأملاك الوطنية الأخرى فتكون الأملاك الخاصة[6]".
وتنص المادة 02 من القانون 90/30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية على أنه[7]:" عملا بالمادتين 17 و 18 من الدستور، تشمل الأملاك الوطنية على مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها الإقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة، وتتكون هذه الأملاك من:
-        الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة.
-        الأملاك العمومية والخاصة التابعة للولاية.
-        الأملاك العمومية والخاصة التابعة للبلدية".
كما نصت المادة 03 من نفس القانون على ما يلي: " عملا بالمادة 12 من هذا القانون، تمثل الأملاك الوطنية العمومية، الأملاك المنصوص عليها في المادة الثانية السابقة التي لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة يحكم طبيعتها أو غرضها.
أما الأملاك الوطنية الأخرى غير المصنفة ضمن الأملاك العمومية والتي تؤدي وظيفة امتلاكية ومالية فتمثل الأملاك الوطنية الخاصة".
وبالرجوع إلى المادة 12 من نفس القانون، نجدها تنص على ما يلي: "تتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية التي يستعملها الجميع والموضوعة تحت تصرف الجمهور المستعمل إما مباشرة وإما بواسطة مرفق عام شريطة أن تكيف في هذه الحالة، بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخاصة تكييفا مطلقا أو أساسيا مع الهدف الخاص بهذا المرفق، وكذا الأملاك التي تعتبر من قبيل الملكية العمومية بمفهوم المادة 17 من الدستور.
لا يمكن أن تكون الأملاك الوطنية العمومية موضوع تمليك خاص أو موضوع حقوق تمليكية".
باستقراء مجموع هذه النصوص، يمكننا القول أن المشرع الجزائري لم يعط تعريفا محددا وشاملا للأملاك الوطنية، وإنما أعطى مفهوما لها باعتماد معيارين[8]:
- المعيـار الأول: وهو معيار تقليدي، استند فيه المشرع إلى المبادئ التي تحكم الأملاك الوطنية العمومية، مثلما نص عليه المشرع في المادة 12 من القانون 90/30 والمادة 25 من القانون 90/25، وهذه المبادئ هي:
أ/ مبدأ الاستعمال الجماهيري العام المباشر والمجاني:
نصت عليه المادتين 03 و 12 من قانون الأملاك الوطنية، ويقصد به تلك الأملاك التي يستعملها الجمهور مباشرة دون المرور على المرافق العامة وبصفة مجانية، مثل الطرقات والحدائق العمومية، شواطئ البحار، الساحات العمومية ... الخ.
ب/ مبدأ الاستعمال عن طريق المرافق العامة:
نصت عليه المادة 12 من قانون الأملاك الوطنية والمادة 688 من القانون المدني، هذا النوع من الأملاك عكس الأولى لا يستعملها الجمهور مباشرة وإنما بواسطة المرافق العامة، ويشترط أن تكون هذه الأملاك ضرورية لسير المرفق ومخصصة له، مثل المستشفيات والعيادات العمومية، المدارس ومعاهد التكوين والجامعات، الموانئ، النقل بالسكك الحديدية، ... الخ.
ج/ مبدأ عدم القابلية للتملك الخاص والاكتساب عن طريق التقادم والحجز:
نصت عليه المادتين 03/01 و 12/02 من قانون الأملاك الوطنية، والمادة 689 من القانون المدني.[9]
- المعيـار الثانـي: وهو معيار التعداد، أو ما يطلق عليه "الأملاك الوطنية بحكم الدستور"، وهي تلك الأملاك المنصوص عليها بموجب المادة 17 من الدستور، وهي تتضمن مجموعة من الثروات الطبيعية وبعض النشاطات الاقتصادية الحيوية[10]، وكذا بعض الأملاك المذكورة على سبيل المثال في المادتين 15 و 16 من قانون الأملاك الوطنية.
من خلال استقراء مجموع النصوص التي سبق ذكرها يمكن القول أن الأملاك الوطنية العمومية هي: "تلك الأموال والحقوق العقارية والمنقولة المحددة بموجب القانون أو تلك التي تملكها الدولة وجماعاتها الإقليمية، والتي يستعملها الجميع إما مباشرة أو بواسطة المرافق العامة وبصفة جماعية ومجانية، وهي بهذه الصفة لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة إما بحكم طبيعتها أو الغرض المخصصة من أجله".
وعليه فإن المشرع الجزائري اعتمد كما رأينا أسلوب مزدوج، فمن جهة يعرف الأملاك الوطنية استنادا على المبادئ التي تحكمها، ومن جهة أخرى اعتمد الدستور على أسلوب التعداد[11]، والسبب في رأينا في عدم وجود تعريف جامع لكل هذه الأملاك هو اتساع رقعتها وصعوبة حصرها، ومن جهة أخرى يبدو أنه تشدد من المشرع في حصر نطاق هذه الأملاك وبيانها بالتفصيل تسهيلا لجردها وتعدادها واستعمالها، ومنعا من وقوع التباس وخلط بينها وبين باقي الأصناف من الأملاك خاصة منها الأملاك الوطنية الخاصة[12]، وهذا بقصد التحكم في طرق ووسائل حمايتها.
أما عن معيار التمييز بين الأملاك الوطنية العمومية والخاصة، فيمكن القول أن الأملاك الوطنية الخاصة هي تلك الأملاك غير المصنفة ضمن الأملاك الوطنية العمومية، والتي تؤدي وظيفة امتلاكية، إضافة إلى ذلك فإن الأملاك الوطنية العامة غير قابلة للتملك الخاص، عكس الأملاك الوطنية الخاصة التي يمكن أن تتصرف فيها الهيئة المالكة بأي شكل من أشكال التصرفات، وهو معيار مهم للتفرقة بين النوعين من الأملاك.
كما يعد معيار الوظيفة التي يؤديها الملك العمومي مهم كذلك، فالأملاك الوطنية العمومية لا تؤدي وظيفة امتلاكية، بل أنها تهدف إلى تحقيق مهمة من مهام المرفق العمومي المخصصة له، أما الأملاك الوطنية الخاصة فعموما تؤدي وظيفة امتلاكية (المادة 03 من قانون الأملاك الوطنية)، وقد نصت المواد 17، 18، 19، 20 من القانون 90/30 على أنواع الأملاك الوطنية الخاصة[13].

المطلب الثاني: مشتملات الأملاك الوطنية العمومية


يتضح من خلال استقراء النصوص القانونية التي تحكم الأملاك الوطنية، أنها تشتمل على صنفين من الأملاك، أملاك عمومية طبيعية وأملاك عمومية اصطناعية، وذلك ما نصت عليه المادة 14 من القانون 90/30.
أولا: الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية[14]
هي تلك الأملاك الموجودة داخل إقليم الدولة، والتي أنشأتها الطبيعة دون تدخل من الإنسان، نصت عليها المادة 15 من القانون 90/30، وهي تشمل على الخصوص:
-        شواطئ البحر[15].
-        قعر البحر الإقليمي وباطنه.
-        المياه البحرية الداخلية.
-        طرح البحر ومحاسره[16].
-   مجاري المياه، ورقاق المجاري الجافة، وكذلك الجزر التي تتكون داخل رقاق المجاري والبحيرات والمساحات المائية الأخرى أو المجالات الموجودة ضمن حدودها.
-        المجال الجوي الإقليمي.
-   الثروات والمواد الطبيعية السطحية والجوفية المتمثلة في الموارد المائية بمختلف أنواعها، والمحروقات السائلة منها والغازية، والثروات المعدنية الطاقوية والحديدية، والمعادن الأخرى أو المنتوجات المستخرجة من المناجم والمحاجر، والثروات البحرية، وكذلك الثروات الغابية الواقعة في كامل المجالات البرية والبحرية من التراب الوطني في سطحه أو في جوفه و/أو الجرف القاري، والمناطق البحرية الخاضعة للسيادة الجزائرية أو لسلطتها القضائية[17].

ثانيا: الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية
هذه الأملاك عكس الأولى تنشأ بفعل الإنسان، نصت عليها المادة 16 من قانون الأملاك الوطنية، وذكرت منها على سبيل المثال:
-        الأراضي المعزولة اصطناعيا على تأثير الأمواج.
-        السكك الحديدية وتوابعها الضرورية لاستغلالها[18].
-        الموانئ المدنية والعسكرية وتوابعها لحركة المرور البحرية[19].
-        الطرقات العادية والسريعة[20].
-        المنشآت الفنية الكبرى وتوابعها.
-        الآثار العمومية والمتاحف والأماكن الأثرية[21].
-        الحدائق المهيأة والبساتين العمومية.
-        الأعمال الفنية ومجموعات التحف المصنفة.
-        المنشآت الأساسية الثقافية والرياضية.
-        المحفوظات الوطنية.
-        حقوق التأليف وحقوق المكتبية الثقافية الآيلة إلى الأملاك الوطنية العمومية.
-        المباني العمومية التي تأوي المؤسسات الوطنية وكذلك العمارات الإدارية المصممة والمهيأة لإنجاز مرفق عام.
-        المنشآت ووسائل الدفاع المخصصة لحماية التراب الوطني برا وبحرا وجوا.
-        المطارات المدنية والعسكرية[22].





المبحث الثاني: طرق تكوين واستعمال الأملاك الوطنية العمومية
يعد موضوعا تكوين واستعمال الأملاك الوطنية العمومية ذوا أهمية كبيرة، وهذا لأن قواعد تكوين الأملاك العمومية هي الأساس في وجودها، كما أن استعمال هذه الأملاك يتطلب وجود نظام قانوني صارم وواضح حتى يتسنى لهذه الأملاك تحقيق الغاية المرجوة منها بصفة فعالة، ويضمن لها الحماية اللازمة من سوء استعمالها، لذلك سنفرد المطلب الأول لدراسة طرق تكوين الأملاك الوطنية العمومية[23]، وندرس في المطلب الثاني طرق استعمالها[24].
المطلب الأول: طرق تكوين الأملاك الوطنية العمومية
تنص المادة 27 من القانون 90/30[25] على أنه: "يمكن أن يتفرع تكوين الأملاك الوطنية العمومية عن إجراءين متميزين مع مراعاة أحكام المواد 35 إلى 37 أدناه، والإجراءين هما:
-        إما تعيين الحدود.
-        وإما التصنيف.
وحتى يكون تعيين الحدود والتصنيف مقبولين يجب أن يسبقهما الاقتناء باعتباره فعلا أو حدثا معينا يترتب عليه التملك القبلي للملك الذي يجب أن يدرج في الأملاك الوطنية العامة"[26].
إن الملك العمومي قبل إصباغ هذه الصفة عليه، يجب أن يمر بمرحلة تمهيدية تسمى عملية الاقتناء أو الإدراج، وهذه العملية تتم حسب المادة 26 من القانون 90/30 بإحدى الوسيلتين، إما بفعل الطبيعة وإما بالوسائل القانونية، وهذا حسب طبيعة الملك ذاته ما إذا كان من الأملاك الطبيعية أو الاصطناعية، ويتم الاقتناء إما بالطرق العادية لكسب الملكية مثل البيع، التبرع، التبادل، الحيازة، وإما بطرق استثنائية مثل نزع الملكية وحق الشفعة.
أولا: إدراج الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية
نصت المادة 28 من القانون 90/30 في فقرتها الثانية على أنه: "يثبت الإدراج في الأملاك الوطنية العمومية بالعملية الإدارية لتعيين الحدود".
وعرفت المادة 29 من نفس القانون عملية تعيين الحدود (la délimitation) بأنها: " معاينة السلطة المختصة لحدود الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية.
وتبين هذه العملية بالنسبة لشواطئ البحر من جهة الأرض وبالنسبة لضفاف الأنهار حين تبلغ الأمواج أو المياه المتدفقة أعلى مستواها حدود المساحات التي يغطيها المد والجزر أو مجاري المياه والبحيرات.
ولهذه العملية طابع تصريحي، ولا تتم إلا بمراعاة حقوق الغير بعد استشارته لزوما لدى القيام بإجراءات المعاينة.
ويبلغ عقد تعيين الحدود للمجاورين وينشر طبقا للتشريع المعمول به"[27].
         ونصت المادتين 35 و 36 من نفس القانون، على أن الثروات الطبيعية تدرج قانونا ضمن الأملاك الوطنية العمومية بمجرد معاينة وجودها، كما ألحقت المادة 37 منه الغابات والثروات الغابية ضمن الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية.
ثانيا: إدراج الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية
نصت المادة 28/2 من قانون الأملاك الوطنية في فقرتها الثانية على ما يلي: "يكون الإدراج في الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية على أساس الاصطفاف بالنسبة لطرق المواصلات وعلى أساس التصنيف حسب موضوع العملية المقصودة بالنسبة للأملاك الأخرى".
إن المشرع قد ميز في الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية بين إدراج الطرق، وبين إدراج الأملاك الأخرى من غير الطرق.
فبالنسبة لطرق المواصلات، يتم إدراجها ضمن الأملاك الوطنية العمومية على أساس عملية الاصطفاف أو التصفيف (l'alignement)، وقد عرفت المادة 30 من القانون 90/30 الاصطفاف بأنه: "إثبات تعيين الحدود الفاصلة بين الطرق العمومية والملكيات المجاورة".
ويختص الوالي بالطرق الولائية والوزير المعني بالطرق الوطنية، وإذا كانت الأملاك المجاورة تابعة للأفراد، فإنه يتم إدماجها عن طريق نزع الملكية للمنفعة العامة، وإذا تم إلغاء التصفيف فإنه يمكن للأفراد استعمال حق الشفعة لاسترجاع الأملاك التي يتم رفع التخصيص عنها.
أما بالنسبة لباقي الأملاك الأخرى، فإنه يتم إدراجها عن طريق ما يسمى عملية التصنيف (le classement)، ونصت المادة 31 من القانون 90/30 على أن التصنيف هو"عمل السلطة المختصة الذي يضفي على الملك المنقول أو العقار طابع الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية"، وتشترط نفس المادة أن يكون الملك المطلوب تصنيفه ملكا مؤهلا ومهيئا للوظيفة المخصص لها[28].
وتعلق المادة 33 من قانون الأملاك الوطنية إدراج ملك ما ضمن الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية على صدور قرار إداري بذلك، ولا يسري مفعول هذا القرار إلا بعد استلام المنشأة وتهيئتها تهيئة خاصة وفقا لطبيعتها وحسب الغاية منها[29].
ثالثا: تجريد الملك من صفة الأملاك الوطنية العمومية
يخرج الملك من نطاق الأملاك الوطنية العمومية بانتهاء تخصيصه، والتجريد أو إلغاء التخصيص كما اصطلح عليه المشرع الجزائري، هو عمل السلطة المختصة الذي يجرد الملك من طابع الملكية العمومية.
وينتهي التخصيص إما بصدور قرار إداري بإنهاء التخصيص، ويشترط في القرار أن يكون من سلطة مختصة أو مؤهلة وهي عموما نفس الهيئة التي أصدرت قرار التخصيص، وذلك مراعاة لقاعدة توازي الأشكال، وينتهي تخصيص الملك بنفس الطريقة التي نشأ بها.
وقد ينتهي التخصيص بدون صدور قرار إداري بذلك في حالة عدم وجود حاجة إلى ذلك، مثل هلاك الملك أو جفاف النهر، ففي هذه الحالات ينتهي التخصيص بصفة تلقائية[30].

المطلب الثاني: قواعد استعمال الأملاك الوطنية العمومية[31]

إن الهدف من اقتناء الأملاك الوطنية العمومية وتكوينها هو تمكين الجمهور من استعمال هذه الأملاك والانتفاع بها وجعلها في خدمة المصلحة العامة وتمكين المرفق العمومي المخصصة له من أداء مهمته، وقد حدد المشرع طرق استعمال هذه الأملاك بموجب نصوص قانونية وتنظيمية تهدف إلى تحسين استغلالها والانتفاع بها، ويتم استعمال الأملاك الوطنية العمومية إما استعمالا جماعيا وإما استعمالا خاصا[32].
أولا: الاستعمال الجماعي العام للأملاك الوطنية العمومية
تنص المادة 61 من القانون 90/30 أنه:" يمكن أن يستعمل الجمهور الأملاك الوطنية العمومية استعمالا مباشرا أو عن طريق مصلحة عمومية في شكل تسيير بالوكالة أو استغلال بامتياز على أن تكون هذه المصلحة قد اختصت بتلك الأملاك..."
وتنص المادة 62/02 من نفس القانون على أنه:" يخضع الاستعمال الجماعي للأملاك الوطنية الذي يمارسه الجمهور لمبادئ الحرية والمساواة والمجانية، مع مراعاة بعض الرخص الاستثنائية".    
إن هذين النصين قد كرسا القواعد العامة والمبادئ التي تحكم استعمال الأملاك الوطنية العمومية التي يمكن تلخيصها فيما يلي[33]:
-   إن هذا النوع من الاستعمال يكون مطابقا لهدف التخصيص، ومثال ذلك استعمال طرق المواصلات العمومية، الشواطئ والاستجمام في الغابات.
-   استعمال الجمهور لهذه الأملاك يمكن أن يكون إما بطريقة مباشرة أو بواسطة المرافق العامة، فقد يستعمل الجمهور المرافق العمومية بحرية ودون حاجة إلى رخصة بذلك، ولا تملك الإدارة هنا سوى سلطة التنظيم، مثل استغلال الشواطئ والطرقات، وقد يكون هذا الاستغلال بواسطة المرافق العامة مثل استغلال المتاحف وقاعات الحفلات والمستشفيات والمدارس.
-   الحرية في الاستعمال: يخول هذا المبدأ للفرد استعمال الأملاك بحرّية كيفما يشاء ووقت ما شاء، مادام أن هذا الاستعمال يتفق مع الغرض المخصص له المرفق، ويشترط أن يكون هذا الاستعمال عاديا، مع ضرورة احترام ضوابط الاستعمال التي تحددها القوانين والتنظيمات، مثل منع السباحة في الشواطئ الملوثة أو في غير أوقات السباحة أو الخضوع إلى إشارات المرور في الطرق.
-   المساواة في الاستعمال: وقد نصت على هذا المبدأ المادة 150 من المرسوم التنفيذي 91/454، ومقتضاه أن الجميع متساوون في استعمال الأملاك الوطنية العمومية[34].
غير أن المساواة هنا يجب أن تفهم بمعناها الإيجابي وليس السلبي، بمعنى أن المساواة ليست بين جميع المواطنين وإنما بين جميع من تتوفر فيهم نفس الشروط، أي بين نفس الفئة من الأفراد، ومثال ذلك المساواة لدخول الجامعات لكل من له شهادة تمكنه من ذلك.
- المجانية في استعمال الأملاك الوطنية العامة: الأصل أن المواطن لا يدفع إتاوات على استعماله للمرافق العمومية، غير أن القانون قد يجيز فرض بعض الرسوم على استعمال بعض أنواع الأملاك ولا شك في أن هذه الإتاوات تهدف إلى حسن سير المرافق وتوفير موارد تسمح بصيانتها وحسن استغلالها[35].
ثانيا: الاستعمال الخاص للأملاك الوطنية
يعد الاستعمال الجماعي للأملاك الوطنية العمومية هو الأصل والاستعمال الخاص هو الاستثناء، ويعد هذا الاستعمال غير عادي ولا يتطابق مع أهداف تخصيص الملك، غير أنه لا يتعارض مع الهدف من التخصيص، ويكون هذا الاستغلال إما عن طريق رخصة أو بطريقة تعاقدية ويكون بمقابل مالي.
مقتضى الاستعمال الخاص للأملاك الوطنية العمومية هو استحواذ شخص أو فئة معينة من الأشخاص على جزء من الأملاك الوطنية العمومية وحرمان بقية الأفراد من استعمالها، شريطة أن لا يعيق هذا الاستعمال الانتفاع العام والمصلحة العامة[36]، وقد نص المشرع الجزائري على شروط هذا النوع من الاستعمال في المادة 156 من المرسوم التنفيذي 91/454.
1/ الاستعمال الخاص بناء على رخصة الاستعمال:
يكون هذا الاستعمال بناء على رخصة تمنحها الإدارة لشخص لاستغلال جزء من الأملاك الوطنية العامة، وتكون هذه الرخصة مؤقتة، ولا ترتب حقوقا امتلاكية للمستفيد منها وتكون بمقابل مالي، تكون للإدارة السلطة التقديرية في منح الرخص وكذا في سحبها في حالة عدم وفاء صاحب الرخصة بالالتزامات المترتبة عليه، وباستقراء نصوص القانون 90/30 نجد أن هناك نوعين من الرخص:
أ/ رخصة الوقوف: نصت عليها المادة 64 من القانون 90/30، وعرفتها المادة 163 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنها:" الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العامة لاستعمال الجميع شغلا خاصا دون إقامة مشتملات على أرضيتها وتسلم لمستفيد معين اسميا".
يسلم الوالي الرخصة بالنسبة للطرق الوطنية والولائية الواقعة خارج التجمعات السكانية، ورئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة للطرق الواقعة داخلها.
ب/ رخصة الطريق: نصت عليها المادة 64 من القانون 90/30، وعرفتها المادة 164 من المرسوم التنفيذي 91/454 بأنها:" الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العامة المخصصة لاستعمال الجميع شغلا خاصا مع إقامة مشتملات في أرضيتها، وتسلم لفائدة مستعمل معين، كما تنجر عنها أشغال تغير أساس الأملاك المشغولة".
إذا فرخصة الطريق هي تصرف من الإدارة تسمح بموجبه لشخص بشغل جزء من الأملاك العمومية وإقامة منشآت مثبتة على الأملاك تؤدي إلى تغيير في أساس الأملاك، وللإدارة التي منحت الرخصة أن تقوم بسحبها.
2/ الاستعمال الخاص ذو الطابع التعاقدي:
يقصد به شغل جزء من الأملاك العمومية بناء على اتفاق يبرم بين الإدارة وأحد الأشخاص بهدف ممارسة شغل غير عادي لقطعة من الأملاك الوطنية العمومية[37].
يخضع استعمال الأملاك الوطنية العامة في هذه الحالة إلى الشروط الواردة في عقد الاستغلال المبرم بين الإدارة والمستغل، وفي هذه الحالة يكون المستغل في وضع أحسن من حالة الاستغلال بواسطة رخصة، لأن شروط الاستغلال هنا تكون محددة وفقا لدفتر الشروط، وهذا يشكل حماية للمستغل من تعسف الإدارة، ويجعله في مأمن من سحب الرخصة، لأن الإدارة يمكنها أن تسحب الرخصة في أي وقت باعتبار أنها قرار إداري قابل للسحب[38]، يرتب عقد الاستغلال هذا للمستغل حقوقا وواجبات.
يحق لصاحب حق امتياز أو حق شغل جزء من الأملاك الوطنية العمومية أن يقوم بالاستغلال وفقا لشروط العقد، ويحق له الانتفاع بالملك دون سواه والاستفادة من ناتجه وتحصيل الأتاوى من المستعملين، وإذا تعلق الأمر بالأملاك الوطنية العمومية المخصصة لمهمة مصلحة عمومية، يمكن لصاحب حق الامتياز أو الاستغلال أن يمنح لقاء إيجار لمستأجرين مؤقتين حق انتفاع بالمساحات أو العقارات المحجوزة حسب ما نصت عليه المادة 65 من القانون 90/30[39].
أما عن الأعباء التي تقع على عاتق المستغل فقد حددتها المادة 03 من المرسوم 89/195 المؤرخ في 17/10/1989 المتعلق بالاتفاقية النموذجية للاستعمال الخاص ذي الطابع التعاقدي للأملاك الوطنية العمومية، وتتمثل في التزام الشاغل بتنفيذ جميع الأعباء والشروط التي تنص عليها الاتفاقية، ومنها الالتزام بعدم الاعتراض على الزيارات التي يقوم بها الأعوان المكلفون بالمراقبة، وكذلك الالتزام بصيانة الملك الموضوع تحت تصرفه[40].










الفصل الأول: الحماية الوقائية للأملاك الوطنية العامة

لقد وضع المشرع مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية تهدف إلى حماية الأملاك الوطنية من الضياع والتلف، فإضافة إلى الحماية القضائية التي تستهدف متابعة وعقاب المعتدين على هذه الأملاك والتي سنتناولها في الفصل الثاني، أورد المشرع نصوصا وقواعد أخرى تستهدف حماية الأملاك العامة قبل حصول الاعتداء وهذه القواعد يمكن أن يطلق عليها " قواعد الحماية الوقائية " أو "قواعد الحماية القبلية "، ويمكن تصنيف هذه القواعد إلى صنفين:
الصنف الأول: يتمثل في مجموعة من القواعد التي تلزم الإدارة باتخاذ إجراءات معيّنة اتجاه الأملاك العامة لتسييرها وحمايتها، يمكن الاصطلاح عليها " قواعد الحماية الإدارية"[41]، وهي عموما تتضمن أعباء على الإدارة المالكة أو المخصص لها الملك العمومي، وتحتوي على أحكام متعلقة بتنظيم تسيير هذه الأملاك من أجل تحقيق الغاية من وجود الملك، وكذا ضمان رقابة مستمرة تضمن حماية فعالة له.
الصنف الثاني: عبارة عن مبادئ أوردها المشرع في النصوص التي تحكم هذه الأملاك في القانون المدني، يمكن الاصطلاح عليها " قواعد الحماية المدنية "، وهي مبادئ تقليدية عرفتها الأنظمة القانونية للأملاك العامة منذ القدم، ترتكز أساسا على الأحكام المتعلقة بعدم جواز التصرف في أملاك الدومين العام بأي نوع من أنواع التصرفات المعروفة بين الأفراد العاديين، ويستمر هذا الحظر مادام الملك مصنف بأنه من الأملاك الوطنية العمومية على النحو الذي سبق لنا بيانه في الفصل التمهيدي، غير أن هذا الحضر ليس مطلقا إذ أنه تستثنى منه التصرفات التي تقوم بها الهيئات العمومية فيما بينها أو بينها وبين الخواص طالما أنها لا تخرج الملك العمومي عن طبيعته ولا يتعارض مع هدف المرفق والغاية التي خصص من أجلها، كما سنبينه لاحقا.
وسنتناول هذه القواعد في المبحثين التاليين.





المبحث الأول: قواعد الحماية الإدارية


إن القانون أوجب على الإدارة المالكة للمال العام أو المخصص لها أو المسيرة له حمايته، وذلك باستعمال الوسائل القانونية المخولة لها[42]، هذه الوسائل القانونية التي خولها المشرع للإدارة لحماية الأملاك الوطنية العمومية تتلخص في[43]:
- جرد الأملاك الوطنية: حتى تتمكن الإدارة من حماية المال العام يجب عليها معرفته وحصره.
- إجراءات الرقابة: وتقوم بها الهيآت المختصة بالرقابة وعلى رأسها مديرية أملاك الدولة.
- لوائح الضبط الإداري: وهي ترمي إلى صيانة وحفظ بعض الأموال المعرضة للتلف أو الاستهلاك نتيجة استعمالها المستمر[44]، وسنتناول هذه القواعد في المطالب الثلاثة التالية.

المطلب الأول: جـرد الأملاك الوطنيــة

نصت المادة 02 من المرسوم التنفيذي 91/455 على أنه: "يعني الجرد العام للأملاك الوطنية التسجيل الوصفي والتقويمي لجميع الأملاك الخاصة والعامة التابعة للدولة والولاية والبلدية والتي تحوزها مختلف المنشآت والمؤسسات والهياكل التي تنتمي إليها أو التي تخصص للمؤسسات والهيآت العمومية"[45].
فالجرد إذا، هو إجراء شامل بالنسبة لجميع الأملاك الوطنية الخاصة منها والعمومية إلا ما استثني بنص، وذلك مثل الأشياء التي تستهلك بالاستعمال مرة واحدة، أو الأشياء غير القابلة للاستهلاك بالاستعمال الأول والتي لا تتجاوز قيمة شرائها الوحدوية مبلغا بسيطا يحدده الوزير المكلف بالمالية[46]، كما لا يشمل الجرد أملاك وزارة الدفاع[47].
وعليه واستنادا إلى أحكام المرسوم التنفيذي 91/455 الذي يحدد كيفيات جرد الأملاك الوطنية، فإن كل المؤسسات الوطنية يجب عليها أن تمسك دفاترا لجرد كل الأملاك العقارية الموجودة بحوزتها، سواء كانت مالكة لها أو مخصصة لها[48].
ويبين هذا المرسوم أن الجرد يتم بإعداد بطاقة تعرّف فيها المؤسسة أو الهيأة الإدارية الإقليمية أو المصلحة التي تحوز العقار وتبيّن في هذه البطاقة نوع العقار ومحتواه وحدوده وأصل ملكيته وقيمته والحقوق الواردة عليه، بالنسبة للعقارات، أما بالنسبة لجرد المنقولات فقد تناولتها المادة 17 من المرسوم التنفيذي المذكور.
إن عملية الجرد تقوم بها الوزارات المعنية مع الوزير المكلف بالمالية، وإذا كان هناك بعضا من عناصر الأملاك العمومية التي تستدعي جردا خاصا وجب إعداد جرد بما يتفق وخصوصيات هذا العنصر.
وتختلف تقنيات الجرد بالنسبة للأملاك العمومية الطبيعية عن الأملاك العمومية الاصطناعية، وتحدد هذه التقنيات عن طريق قرارات وزارية مشتركة بين كل وزير معني ووزير المالية.
إن عملية الجرد لا تنتهي بمجرد تسجيل الأملاك في سجلات الجرد، وإنما يجب متابعة العملية عن طريق الفحص الدوري للسجلات والمعاينة المستمرة لوجود هذه الأملاك وتدوين كل جديد يطرأ عليها، وهذا ما نصت عليه المواد 27، 28، 29 من المرسوم التنفيذي 91/455.
كما نصت المادة 33 من نفس المرسوم على ضرورة جرد الأملاك الموجودة في الخارج، والتي تملكها الدولة وتستعملها الممثليات الدبلوماسية والقنصلية، وذلك في بطاقات تعريفية فيما يخص العقارات، وفي جرود بالنسبة إلى المنقولات، وتقوم الممثليات الدبلوماسية والقنصلية بهذه العملية تحت إشراف وزارة الخارجية.
بعد انتهاء عمليات الجرد، فإن مصالح وزارة المالية تعد جدولا عاما للأملاك العقارية كلما انتهت عمليات الجرود الخاصة، وكلما تم إصلاح سجلات تدوين محتويات أملاك الدولة، وهذا حسب ما قضت به المادة 37 وما بعدها من المرسوم التنفيذي 91/455[49].

المطلب الثاني: الرقابة كوسيلة لحماية الأملاك الوطنية

تنص المادة 24 من القانون 90/30 على أنه: "تتولى أجهزة الرقابة الداخلية التي تعمل بمقتضى الصلاحيات التي يخولها إياها القانون والسلطة الوصية معا رقابة الاستعمال الحسن للأملاك الوطنية وفقا لطبيعتها وغرض تخصيصها، وتعمل المؤسسات المكلفة بالرقابة الخارجية حسب تخصص كل منها وفق الصلاحيات التي يخولها إياها التشريع".
من بين السبل التي وضعها المشرع لحماية الأملاك الوطنية العمومية أسلوب الرقابة، بحيث يعد إجراءا سابقا عن كل أشكال الحماية، وتتم عملية الرقابة هذه بإتباع الإجراءات القانونية المحددة لذلك من طرف هيئات أسند إليها المشرع هذه المهمة[50].
وتتجلى إجراءات الرقابة للأملاك الوطنية العمومية في تسيير و تعيين حدودها، وتشمل هذه الرقابة جميع أنواع الأملاك الوطنية العمومية سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، ويعتبر هذا النوع من الرقابة ذا طابع وقائي، وفي سبيل ذلك نص القانون على إنشاء هيئات إدارية توكل لها مهمة القيام بهذا الدور، ومن أهم هذه الهيئات مديرية أملاك الدولة.
وفي سبيل اضطلاع مديرية أملاك الدولة بمهامها، نصت المادة 178 من المرسوم التنفيذي 91/454 في فقرتها الثانية على ما يلي: "غير أنه عملا بالمادة 134 من القانون 90/30 تتمتع إدارة الأملاك الوطنية بحق دائم في مراقبة ظروف استعمال الأملاك المنقولة والعقارية التابعة للدولة وصيانتها سواء كانت أملاكا خاصة أو أملاكا عمومية مخصصة أو مسندة أو موضوعة تحت التصرف"[51].
كما منحت المادة 179 من المرسوم التنفيذي 91/454 لمديرية أملاك الدولة سلطة التدخل في تحقيق عمليات اقتناء العقارات أو الحقوق العقارية، وفي إبرام عقود الإيجار للأملاك الوطنية، وفي مختلف العقود والاتفاقيات التي تستهدف استعمال الأملاك الوطنية، كما تراقب ظروف اقتناء هذه الأملاك ومدى استعمالها المطابق.
وألزمت المادة 180 من نفس المرسوم جميع الهيئات بتبليغ مديرية أملاك الدولة بجميع القرارات المتعلقة بضبط حدود الأملاك الوطنية وإدراج هذه الأملاك أو إنشاء ارتفاقات عليها، قصد تدوينها في سجلات الأملاك الوطنية، كما تبلغ لها قرارات التخصيص وإنهاء التخصيص، ويخول أعوان إدارة أملاك الدولة المكلفون قانونا بالإطلاع في عين المكان على ظروف تسيير الأملاك الوطنية المخصصة لمختلف الهيئات العمومية أو التي تحوزها، كما يخولون قانونا بالإطلاع على مختلف وثائق المحافظة على تلك الأملاك، وفي سبيل ذلك يمكنهم أن يحصلوا على أية وثيقة تتعلق بذلك، وأن يطلبوا جميع المعلومات المتعلقة بتسيير الأملاك الوطنية، ويحرر الأعوان محاضر بعملهم ويرسلون نسخا منها إلى السلطة المركزية[52].
كما تلعب مديرية أملاك الدولة دورا استشاريا للمصالح العمومية التابعة للدولة، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والجماعات المحلية، وتقدم لها جميع الآراء والاستشارات دفاعا عن أملاك الدولة التي تستعملها أو تسيرها أو أوكل إليها المحافظة عليها، وهذا ما قضت به المادة 186 من المرسوم التنفيذي 91/454.

المطلب الثالث: المحافظة على الأملاك الوطنية

لمجابهة الأخطار التي تحدق بالأملاك الوطنية العمومية، أوجب القانون على المستعملين والمنتفعين بهذه الأملاك أن يراعوا في استعمالها القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل، وحمّلهم مسؤولية الأضرار الناجمة عن سوء الاستعمال أو سوء التسيير[53]، كما أوجب على الإدارة التي تسير أو تستعمل الأملاك العمومية أن تسهر على حمايتها والمحافظة عليها وفقا لأحكام الدستور والقوانين والتنظيمات السارية المفعول[54].
حتى يتسنى للإدارة المحافظة على الأملاك الوطنية خولها القانون وسيلتان لذلك، الوسيلة الأولى قانونية والثانية مادية[55].
أولا: الوسائل القانونية للمحافظة على الأملاك الوطنية العامة
تتمثل هذه الوسائل فيما للإدارة من حق في إصدار لوائح تنظيمية هي عبارة عن لوائح الضبط الإداري، وهذه اللوائح تختلف عن قرارات الضبط الإداري التي تستهدف المحافظة على النظام العام (الأمن العام، الصحة والسكينة العامة)، حيث إن لوائح الضبط الإداري التي تصدرها الإدارة في مجال المحافظة على الأملاك الوطنية تختلف في مضمونها عن قرارات الضبط الإداري، كونها تستهدف حماية الأملاك الوطنية من الأخطار التي تهددها، ولذلك فهي تسمى لوائح ضبط الصيانة[56]، غير أن هذا لا ينزع عنها صفة لوائح الضبط الإداري، ويلزم الأفراد بتنفيذها تحت طائلة عقوبات جزائية[57]، وهذا ما يجعل لوائح ضبط الصيانة تقترب من لوائح الضبط الإداري.
لقد خول قانون الأملاك الوطنية الجهة الإدارية المكلفة بالمحافظة على الأملاك الوطنية سلطة سنّ قواعد تنظيمية تستهدف المحافظة على هذه الأملاك، وفي ذلك نصت المادة 68 من القانون 90/30 على أنه: "يشكل نظام المحافظة، إلى جانب نظام استعمال الأملاك الوطنية، عنصرا من عناصر نظام الأملاك الوطنية يستهدف ضمان المحافظة على الأملاك الوطنية العمومية بموجب تشريع ملائم مرفق بعقوبات جزائية.
ولضمان المحافظة المادية على بعض توابع الأملاك الوطنية، تخول السلطة الإدارية المكلفة بالمحافظة على الأملاك الوطنية العمومية صلاحية سن قواعد تنظيمية..."[58].
ثانيا: الوسائل المادية للمحافظة على الأملاك الوطنية العمومية
تتمثل في الالتزام الذي يفرضه القانون على الإدارة للقيام بواجب الصيانة الدورية للأملاك الوطنية التي تملكها أو التي خصصت لها، وقد نصت المادة 67 من القانون 90/30 على أنه: "يترتب على حماية الأملاك الوطنية نوعان من التبعات هما:
ـ أعباء الجوار لصالح الأملاك الوطنية العمومية، التي يقصد بها، أعباء القانون العام، الارتفاقات الإدارية المنصوص عليها لفائدة الطرق العمومية مثل ارتفاقات الطريق، ومصبات الخنادق، والرؤية والغرس، والتقليم، وتصريف المياه، ومكس الأسواق، والارتكاز، أو أعباء أخرى ينص عليها القانون.
ـ الالتزام بصيانة الأملاك الوطنية العمومية، وتفرضه القواعد القانونية الخاصة التي تخضع لها الهيأة أو المصلحة المسيرة، وكذلك الجماعة العمومية المالكة في حالة القيام بإصلاحات كبيرة، ويتم ذلك وفق الشروط المنصوص عليها في التخطيط الوطني وحسب الإجراءات المتعلقة بها".
يمكن القول إن الالتزام بالصيانة هو واجب يفرضه القانون على الإدارة، يقتضي منها تخصيص مبالغ مالية من ميزانيتها ترصد لصيانة الأملاك الوطنية، وتقوم بالإصلاحات إما بواسطة أجهزتها الفنية أو عن طريق التعاقد مع الأشخاص والمؤسسات الخاصة المؤهلة
يختلف التزام الإدارة بصيانة الملك العمومي باختلاف علاقتها بالملك، حيث تلتزم الإدارة المالكة بأشغال الصيانة الكبرى، بينما تلتزم الإدارة المخصص لها الملك بأشغال الصيانة العادية والترميمات، وهذا ما قضت به المادة 67/02[59].

المبحث الثاني: قواعد الحماية المدنيــة
نص المشرع الجزائري على هذه القواعد في القانون المدني، وكرسها بنصوص خاصة أخرى، وهذا النوع من الحماية يتمثل في مجموعة من المبادئ والأحكام في مجملها تتفق وطبيعة الأملاك الوطنية العمومية، ومن خلال هذه المبادئ تبرز جليا الفروق الموجودة بين الأملاك الوطنية العمومية وملكية الخواص[60].
نصت المادة 689 من القانون المدني على أنه: "لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم، غير أن القوانين التي تخصص هذه الأموال لإحدى المؤسسات المشار إليها في المادة 688 تحدد شروط إدارتها وعند الاقتضاء شروط عدم التصرف فيها"[61].
من خلال نص هذه المادة يتضح بأن المشرع قد أرسى ثلاثة قواعد أساسية لضمان حماية الأملاك الوطنية، يمكن أن يصطلح عليها "قواعد الحماية المدنية" وهي: قاعدة عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية، قاعدة عدم جواز تملكها بالتقادم وقاعدة عدم جواز الحجز عليها.
كما أكد قانون الأملاك الوطنية هذه المبادئ، حيث نص في المادة 04 منه أن الأملاك الوطنية غير قابلة للتصرف فيها ولا للتقادم ولا الحجز، وأضافت المادة 66 من نفس القانون على أنه:" تستمد القواعد العامة لحماية الأملاك العمومية مما يأتي: مبادئ عدم قابلية التصرف، عدم قابلية التقادم وعدم قابلية الحجز"[62].
وفيما يلي نحاول التطرق إلى هذه المبادئ في المطالب الثلاثة التالية:





المطلب الأول: عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية
L'inaliénabilité du domaine public

إن هذا المبدأ قد أقرت به مختلف تشريعات الدول، ويقصد به إخراج الأملاك العامة من دائرة التعامل فيها.
وإذا كانت العبارات المستعملة في نص المادتين 689 من القانون المدني و 66 من القانون 90/30، قد توحيان بأنه لا يجوز التصرف بشكل مطلق في الأملاك العمومية، إلا أن المقصود في الحقيقة هو عدم جواز إجراء التصرفات المدنية الخاضعة للقانون الخاص كالبيع والهبة والتبادل، أما التصرفات الأخرى التي تتلاءم وطبيعة الأملاك الوطنية العمومية مثل الترخيص باستغلالها فلا يشملها هذا المبدأ[63].
كما سبق البيان عند التطرق إلى فكرة تكوين الأملاك الوطنية العمومية، فإن معيار اكتساب الملك صفة العمومية هو تخصيصه، لذلك يمكن القول أن مبدأ عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية جاء خصوصا لحماية فكرة التخصيص، فلا شك أن التصرف في الملك العمومي يرفع عنه التخصيص وهذا أمر لا يستقيم ولا يتفق مع طبيعة الأملاك العمومية[64].
إن هذه القاعدة مقررة أساسا لصالح المرافق العامة، ومن أجل تحقيق الغرض الذي تم من أجله تخصيص الملك، وهذا يعتبر قيدا على الإدارة المالكة أو المسيرة لهذا الملك[65]، إذ لا يجوز لها نقل ملكية الملك العمومي بأي نوع من أنواع التصرفات الناقلة للملكية، وذلك تحت طائلة البطلان المطلق للتصرف[66].
غير أن هذا المبدأ ليس مطلقا، لأنه كما رأينا مرتبط بفكرة التخصيص، فإذا تم رفع التخصيص عن الملك فإنه يفقد صفته كملك وطني عمومي، وبالتالي جاز التصرف فيه، ويمكن القول أن قاعدة عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية هي قاعدة نسبية وليست مطلقة، خاصة بعد رجوع المشرع الجزائري في دستور 1989 إلى تبني فكرة ازدواجية المال العام، وعليه وجب التفرقة بين الأملاك الوطنية العامة والخاصة، إذ أن هذه الأخيرة لا تخضع لهذا المبدأ، وهذا ما كرسه القانون 90/30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية والقانون 90/25 المتضمن قانون التوجيه العقاري.
كما تجدر الإشارة إلى أن التصرفات التي تقع على الأملاك الوطنية من قبل الهيئات المالكة أو المسيرة أو المخصص لها الملك فيما بينها تعتبر سليمة طالما أنها لا تتعارض مع فكرة التخصيص للمنفعة العامة، وبذلك يجوز انتقال الملك العام من الدولة إلى أحد الأشخاص العامة والعكس.
ومن الآثار الناتجة عن مبدأ عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية كذلك نذكر ما يلي:
-        عدم خضوع الأملاك الوطنية العمومية لإجراءات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ما دام الملك لم يخرج عن طبيعته.
-        عدم قابلية الأملاك الوطنية العمومية لإنشاء حقوق عينية عليها.
-        عدم قابلية الأملاك الوطنية العمومية للتبادل.
-        عدم إمكانية حصول الأفراد على امتيازات على الأملاك الوطنية العمومية[67].
إن عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العامة يعد من النظام العام، وبالتالي فإنه يجوز لكل ذي مصلحة سواء الإدارة صاحبة الصفة في التقاضي باسم الملك أو الأفراد، وعلى العموم كل من له مصلحة في الدفع بعدم صحة التصرف وهذا حماية للملك العام.

المطلب الثاني: عدم جواز تملك الأملاك الوطنية العمومية بالتقادم
L'imprescriptibilité du domaine public

تعتبر قاعدة عدم جواز تملك الأملاك الوطنية العمومية بالتقادم نتيجة مباشرة لقاعدة عدم جواز التصرف فيها التي سبق بيانها، تعد بمثابة ركيزة ثانية يتم الاعتماد عليها لحماية الأملاك العمومية، وهي تهدف إلى منع الأشخاص من الاستفادة من قاعدة التقادم المكسب المعروفة في القانون المدني.
غير أنه من حيث الفعالية في حماية الأملاك العمومية، فإن هذه القاعدة تبدو أهم من قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام، لأن خطر التعدي على الأملاك الوطنية عن طريق وضع اليد عليها من قبل الأفراد يبدو أشد تهديدا من تصرف الإدارة في هذه الأملاك[68].


بالمقابل فإن للإدارة الحق في استرجاع الأملاك التي تم الاستيلاء عليها مهما طالت مدة وضع اليد عليها[69].
وتجدر الإشارة هنا أن المشرع الجزائري في المادة 689 من القانون المدني لا يميز بين الأملاك الوطنية العامة والخاصة، وبالتالي فإن قاعدة عدم جواز تملك الأملاك الوطنية بالتقادم حسب هذا النص تنطبق على الأملاك العمومية والخاصة، غير أننا نقول أنه إذا كان هذا النص ينسجم مع النظام الاشتراكي الذي كان يتبناه المشرع الجزائري قبل 1989، فإنه أصبح لا يتفق ولا يتلاءم مع التقسيم الجديد للملكية الذي جاء به دستور 1989 وجسده قانون التوجيه العقاري 90/25 في المواد 23 ، 24 و 25 منه وكذا القانون 90/30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية في مادته الثانية، حيث أصبحت الأملاك الوطنية مقسمة إلى عمومية وخاصة، وبالتالي فإن قاعدة عدم جواز تملكها بالتقادم تنصرف إلى الأملاك العمومية دون الخاصة.
لعل أهم أثر لهذا المبدأ هو استحالة كسب الأفراد ملكية أملاك وطنية عمومية بوضع أيديهم عليها لمدة من الزمن بطريق التقادم المكسب، وقد جرى قضاء المحكمة العليا على تطبيق هذا المبدأ بصرامة، حيث أقرت في الكثير من قراراتها عدم خضوع الأملاك التابعة للدومين العام للتقادم المكسب.
غير أن الملاحظة التي يمكن استنتاجها من خلال استقراء المواد التي نصت على مبدأ عدم جواز اكتساب الأملاك العامة بالتقادم، أنها نصت فقط على طريق واحد من طرق كسب الملكية، ولم تتطرق إلى باقي الطرق مثل الالتصاق وقاعدة الحيازة في المنقول بحسن نية سند الحائز.
حيث أنه ولا شك أن هذه القاعدة تمتد إلى الطرق الأخرى لكسب الملكية، ومن ذلك نجد ما نصت عليه المادة 780 من القانون المدني التي قضت بأن مالكي الأراضي الملاصقة للمياه الراكدة كمياه البحيرات والبرك لا يملكون الأراضي التي تنكشف عنها هذه المياه[70]، كما نصت المادة 781 من نفس القانون على أن:" الأراضي التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها والجزر التي تتكون من مجراه تكون ملكيتها خاضعة للقوانين الخاصة بها"، وبذلك نقول إن القاعدة التي تقضي بأن الأشياء الأقل أهمية تندمج في الأموال الأكثر أهمية التي تلتصق بها لا تنطبق بالنسبة للأملاك الوطنية العامة.

المطلب الثالث: مبدأ عدم جواز الحجز على الأملاك الوطنية العمومية
L'insaisissabilité du domaine public
من مظاهر الحماية المقررة لحماية المال العام كذلك، قاعدة عدم جواز الحجز عليه، وتؤسس هذه القاعدة على أساس منطقي مقتضاه أن إتباع سبيل التنفيذ الجبري ضد الأشخاص العامة غير ممكن لتعارضه مع المصلحة العامة، وهي القاعدة الثالثة التي أقرها القانون المدني وقانون الأملاك الوطنية.
تعتبر هذه القاعدة نتيجة لقاعدة عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية، ذلك أنه إذا كان نقل ملكية الأملاك الوطنية إلى الغير بإحدى التصرفات القانونية مثل البيع والهبة والمبادلة غير جائز لتعارض ذلك مع تخصيص المال للمنفعة العامة، فإنه من باب أولى أن يمنع نقل ملكية هذه الأملاك عن طريق التنفيذ الجبري عليها، والعلة في ذلك واضحة إذ أن التنفيذ الجبري يؤدي حتما إلى نقل ملكية الملك العمومي إلى ذمة طالب التنفيذ، وهذا غير جائز لأنه سيؤدي لا محالة إلى التعارض مع المنفعة العامة وتعطيل أداء المرفق المخصص له الملك.
إذا كان من المتفق عليه بين الفقه والقضاء عدم جواز الحجز على الأموال العامة للدولة، فإنه قد وقع الخلاف في الفقه والقضاء المصري والفرنسي حول جواز أو عدم جواز الحجز على الأموال الخاصة للدولة، فهناك رأيان الأول يجيز والرأي الثاني يمنع ذلك[71].
في الجزائر ورغم وجود تمييز بين الأملاك الوطنية العامة والخاصة، واختلاف المبادئ التي تحكم كلا منها، يمكن القول أن مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة ينطبق على كل من الأملاك الوطنية العامة والخاصة[72]، ذلك أن مبدأ عدم جواز الحجز على الأملاك الوطنية يجد أساسا له في فرضية ملاءة ذمة الدولة، إذ أن التنفيذ الجبري على أملاكها قد يزعزع الثقة المفترضة في تصرفات الدولة ومرافقها، لأن الدولة كما يصطلح عليها أنها" مدين شريف"، ومن جهة أخرى فإن التنفيذ الجبري يهدف إلى حماية مصلحة خاصة وذلك على حساب مصلحة عامة، ومن البديهي أنه لا يمكن تقديم المصلحة الخاصة على العامة.
إن ما يمكن قوله على مبدأ عدم جواز الحجز على الأملاك الوطنية هو أنه مكمل لمبدأ عدم جواز التصرف فيها كما أسلفنا، وكنتيجة لذلك فإنه لا يجوز للأفراد ترتيب حقوق عينية تبعية على الأملاك الوطنية مثل الرهن الرسمي أو الحيازي أو حق التخصيص ضمانا للديون التي للأفراد على الدولة أو إحدى هيئاتها[73]، والعلة في ذلك أن الرهن يهدف إلى تفضيل دائن على آخر، ويفترض في المدين عدم قدرته على الوفاء بجميع ديونه أو بعضها، وهذا لا يتلاءم مع فرضية ملاءة ذمة الدولة التي يفترض فيها قدرتها على الوفاء بجميع ديونها.
إن هذه القاعدة من النظام العام يجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه، كما يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بها، ولذلك يمكن القول أنه لا يجوز للمكلفين بالتنفيذ مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري ضد الإدارة.
 ↚ 
الفصل الثاني: الحماية القضائية للأملاك الوطنية العمومية

رأينا في الفصل الأول أن المشرع قد أحاط أملاك الدومين العام بمجموعة من المبادئ التي تستهدف حمايتها إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة[74]، غير أن هذه المبادئ والقواعد لا تكفي وحدها لإضفاء حماية فعالة للأملاك الوطنية، ولكنها تعتبر كما رأينا وسائل حماية وقائية، لأنها في الحقيقة لا تعد ضمانة كافية لهذه الأملاك من التعدي.
لذلك فإن المشرع قد أقر أساليب حماية أخرى تكون غالبا لاحقة لوقوع الاعتداء، وذلك عن طريق رفع الأمر إلى الجهات القضائية المختصة إذا لم تفض الأساليب الوقائية إلى نتيجة، وهنا يبدو لنا جليا دور القضاء في توفير الحماية اللازمة للأملاك الوطنية العمومية، ويكون تدخل القضاء بطريقتين:
الأولى: عن طريق مختلف الدعاوى التي ترفع إليه، سواء من قبل الهيئة المالكة أو المخصص لها الملك العمومي أو من قبل الأشخاص المستغلين أو من غيرهم.
الثانية: عن طريق المتابعات الجزائية الناجمة عن جرائم الاعتداء على الأملاك الوطنية العمومية، وهو ما يمكن أن يصطلح عليه بالحماية الجزائية.
         ولذلك ارتأينا التطرق إلى موضوع الحماية القضائية للأملاك الوطنية العمومية في هذا الفصل وذلك في مبحثين، نخصص المبحث الأول إلى أنواع الدعاوى المدنية التي تستهدف حماية هذه الأملاك، ثم في مبحث ثاني نتناول الحماية الجزائية لها.
  
المبحث الأول: الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية
نتناول في هذا المبحث الدعاوى المدنية الرامية إلى حماية أملاك الدومين العام، وسنتطرق من خلاله إلى الأشخاص والهيئات الذين لهم الصفة في تمثيل الأملاك الوطنية العمومية أمام القضاء، وكذا الجهات القضائية المختصة في الفصل في هذه الدعاوى في مطلب أول، ثم نحاول في مطلب ثاني استعراض بعض أنواع هذه الدعاوى.
المطلب الأول: الصفة في تمثيل الأملاك الوطنية العمومية أمام القضاء
وجهات القضاء المختصة
يثور التساؤل حول الجهات التي لها الصفة في تمثيل أملاك الدومين العام أمام الجهات القضائية سواء بصفتها مدعية أو مدعى عليها[75]، وكذلك بالنسبة للجهة القضائية المختصة في الفصل في المنازعات المتعلقة بحماية هذه الأملاك، وكذا المعايير التي يتم بموجبها توزيع الاختصاص.
أولا: الهيئات المؤهلة لتمثيل الأملاك الوطنية العمومية أمام القضاء
         باستقراء النصوص التي تناولت مسألة تمثيل أملاك الدومين العام أمام القضاء، نجد أن القانون 90/30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية وكذا المرسوم التنفيذي 91/454 المتضمن تحديد شروط إدارة الأملاك الخاصة والعامة التابعة للدولة وتسييرها ويضبط كيفيات ذلك، قد وزعا الاختصاص في التمثيل أمام القضاء بين أربع جهات وهي: الوزير الكلف بالمالية وبعض الوزراء الآخرين، الوالي، رئيس المجلس الشعبي البلدي، وأخيرا مديرية أملاك الدولة.
1/ اختصاص الوزير المكلف بالمالية وبعض الوزراء الآخرين:
تنص المادة 09 من القانون 90/30 على أنه:" يتولى الوزراء المعنيون والولاة ورؤساء المجالس البلدية والسلطات المسيرة الأخرى تمثيل الدولة والجماعات الإقليمية في الدعاوى القضائية المتعلقة بالأملاك الوطنية طبقا للصلاحيات التي تخولها إياهم القوانين والتنظيمات".
وأضافت المادة 10 من نفس القانون أنه "يتولى الوزير المكلف بالمالية والوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي تمثيل الدولة والجماعات الإقليمية في الدعاوى القضائية المتعلقة بالأملاك الوطنية طبقا للقانون"[76].
وأشارت المادة 184 من المرسوم التنفيذي 91/454 إلى أنه يمكن لوزير المالية أن يتصرف وحده أو يشترك مع الوزير أو الوزراء المختصين في تسيير الأملاك التي تتكون منها الأملاك العمومية التابعة للدولة في الدعوى التي ترفع في شأن هذه الأملاك.
كما أنه يمكن للوزير المكلف بالمالية أن يكلف موظفي إدارة الأملاك الوطنية الذين يخولهم بتمثيله قانونا في الدعاوى القضائية، وذلك حسب ما قضت به المادة 184/3 من نفس المرسوم.
         باستقراء مجمل هذه النصوص يمكننا القول أن الوزير المكلف بالمالية قد منحه المشرع اختصاصا عاما في تمثيل الدولة في جميع الدعاوى القضائية الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية، ويعد هذا الاختصاص شاملا لكافة الأملاك الوطنية العمومية التابعة للدولة بمفهوم المادة 02 من القانون 90/30، ويمكن للوزير المكلف بالمالية أن يشرك معه الوزير المختص بقطاع معين في الدعاوى المتعلقة بأملاك عمومية تابعة أو مخصصة لهذا القطاع، ومثال ذلك أن ترفع دعوى من قبل وزير المالية رفقة وزير الثقافة في الدعاوى الرامية إلى حماية بعض المنشآت الثقافية التابعة للأملاك الوطنية العمومية[77].
         غير أن التساؤل المطروح هو ما مدى إمكانية مثول وزير آخر من غير الوزير المكلف بالمالية أمام القضاء سواء بصفته مدعيا أو مدعى عليه أمام القضاء في شأن الدعوى المتعلقة بأملاك عمومية تابعة لقطاعه، دون أن يكون مرفوقا في الدعوى بالوزير المكلف بالمالية.
والجواب حسب رأينا أن أنه لا يوجد مانع من ذلك، طالما أن الملك العمومي الذي رفعت في شأنه الدعوى مخصص للوزارة التي يسيرها، كما أنه هو المختص في تسيير الأملاك العمومية التابعة لقطاعه طبقا للمادة 148 من المرسوم التنفيذي 91/454، غير أن اختصاص أي وزير آخر من غير الوزير المكلف بالمالية محصور فقط في الأملاك التابعة لوزارته أو المخصصة لها.
2/ اختصاص الوالي:
إضافة إلى نص المادتين 09 و 10 من القانون 90/30، نصت المادة 184/2 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنه: "يمارس الوالي المختص إقليميا فيما يخص الأملاك الوطنية الواقعة في ولايته دعوى المطالبة بمصالح الدولة في مجال أملاكها مطبقا لقانون الولاية، إلا إذا نص القانون على غير ذلك".
         باعتبار أن الوالي كما يطلق عليه أنه شخص ذو قبعتين، فتارة يتصرف بصفته ممثلا للدولة، وتارة أخرى بصفته ممثلا للولاية، لذلك يمكن القول عنه أنه صاحب اختصاص مزدوج، ولذلك منحه المشرع الصفة في تمثيل الدولة أمام القضاء في شأن الدعاوى المرفوعة أمام القضاء دفاعا عن أملاك وطنية عمومية تابعة للدولة، وذلك ما يستفاد من نصوص المواد 09، 10 من القانون 90/30 وكذا المادة 184/2 من المرسوم التنفيذي 91/454، ومن جهة أخرى فإن الوالي مكلف بالدفاع عن الأملاك الوطنية العمومية التابعة لولايته[78].
         غير أن الوالي في ممارسته لهذا الاختصاص محكوم بمبدأ الإقليمية، أي أنه لا يملك صفة التقاضي في شأن أملاك وطنية عمومية سواء تابعة للدولة أو الولاية والتي تكون واقعة خارج إقليم الولاية.
3/ اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي:
من خلال نصي المادتين 09 و 10 من القانون 90/30 يتضح أن نفس المبادئ التي قلناها بالنسبة للوالي تنطبق على رئيس المجلس الشعبي البلدي، حيث أن اختصاص هذا الأخير إقليمي بحيث لا يتعدى دائرة اختصاص البلدية، وهو كذلك مسؤول عن تمثيل الدولة أمام القضاء في الدعاوى المتعلقة بالأملاك الوطنية العمومية سواء بصفته مدعيا أو مدعى عليه.
4/ اختصاص مديرية أملاك الدولة:
تنص المادة 185 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنه: "تختص إدارة الأملاك الوطنية وحدها بمتابعة الدعاوى المتعلقة بصحة عقود اقتناء الأملاك العقارية أو تأجيرها، والحقوق العقارية وحقوق المحال التجارية التي تبرمها بمقتضى المادة 157 من القانون 82/14 المؤرخ في 30 ديسمبر سنة 1982 المذكورة أعلاه، وصحة شروطها المالية على أن تكون المصلحة العمومية التابعة للدولة أو المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري التي أبرمت هذه العقود لفائدتها ممثلة في الدعوى قانونا[79]".
يتضح من خلال هذا النص أن المشرع منح مديرية أملاك الدولة صفة التقاضي في شأن الأملاك الوطنية في أنواع معينة من التصرفات عددتها نص هذه المادة وهي:
- صحة عقود اقتناء الأملاك العقارية أو تأجيرها.
-        الحقوق العقارية وحقوق المحال التجارية.
-        صحة الشروط المالية لهذه العقود.
غير أن المادة 123 من القانون 90/30 نصت على اختصاص الأعوان المؤهلون قانونا بمعاينة أنواع المساس بالأملاك الوطنية العمومية وملاحقة من يشغلون هذه الأملاك بدون سند بغض النظر عن المتابعات الجزائية.
وعليه يمكننا القول أن أعوان مديرية أملاك الدولة لهم اختصاص عام في معاينة جميع أنواع المساس بالأملاك الوطنية العمومية وليس فقط تلك المنصوص عنها بالمادة 185 من المرسوم التنفيذي 91/454.
فإذا تعلق الأمر بالتقاضي أمام المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو محكمة التنازع، فإن المدير العام للأملاك الوطنية هو المؤهل في تمثيل الدولة في هذه المنازعات، أما بشأن القضايا المرفوعة أمام المحاكم أو المجالس فيكون تمثيل الدولة فيها من قبل المدير الولائي للأملاك الوطنية[80].
         من جهة أخرى منح المشرع مديرية أملاك الدولة دورا استشاريا للهيئات الإدارية والجماعات المحلية وتقدم لها الآراء والاستشارات دفاعا عن أملاك الدولة التي تستعملها أو تسيرها هذه الهيئات وذلك تطبيقا لنص المادة 186 من المرسوم التنفيذي 91/454.
ثانيا: الاختصاص القضائي
         من المستقر عليه أن النزاعات المتعلقة بدعاوى الأملاك الوطنية هي من اختصاص القضاء الإداري، وذلك استنادا إلى المعيار العضوي المعتمد في توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية الذي اعتمده المشرع الجزائري وذلك بموجب المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية[81]، إلا أنه يجب التمييز بين قواعد الاختصاص المحلي وقواعد الاختصاص النوعي.
1/ الاختصاص المحلي: لا يطرح الاختصاص المحلي إشكالات عملية وذلك لأن الاختصاص يتحدد بموقع العقار إذا كان النزاع يتعلق بعقار أو حقوق عينية عقارية تابعة للأملاك الوطنية العمومية، أو بموطن المدعى عليه إذا كان الأمر يتعلق بالدعاوى المنقولة طبقا للمادة 08 من قانون الإجراءات المدنية، وفي ذلك نصت المادة 168/3 من المسوم التنفيذي 91/454 على أنه: " تشكل الخلافات الناشئة عن شغل الأملاك العامة المخصصة للاستعمال المشترك بين الجمهور شغلا خاصا، منازعات من صميم صلاحيات القضاء ومن اختصاص الجهة القضائية المختصة إقليميا، نظرا لأهمية المكان الذي يوجد فيه مرفق الأملاك العامة المشغول".
2/ الاختصاص النوعي:يتحدد الاختصاص النوعي في الدعاوى المتعلقة بالأملاك الوطنية العمومية تبعا للهيئة الإدارية التي تكون طرفا في الدعوى، وذلك تبعا لما يلي[82]:
-   يكون من اختصاص الغرف الإدارية (في انتظار تنصيب المحاكم الإدارية) الدعاوى التي يكون أحد طرفيها البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري المحلية أو مديرية أملاك الدولة.
-        يؤول الاختصاص إلى الغرف الإدارية الجهوية إذا كانت الدعوى مرفوعة من أو ضذ الوالي.
-        ويكون من اختصاص مجلس الدولة الدعاوى التي تكون مرفوعة من أو ضد إحدى الهيئات الإدارية المركزية.




المطلب الثاني: بعض أنواع الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية
         يمكن تقسيم الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية إلى ثلاث أنواع، النوع الأول يتعلق بالدعاوى الرامية إلى التشكيك في الملكية، والنوع الثاني فيتمثل في الدعاوى الناشئة عن استغلال الأملاك الوطنية العمومية إما بناء على رخصة استغلال أو عقد امتياز، أما النوع الثالث فيشمل دعاوى أخرى قد تنتج عن سوء استغلال هذه الأملاك أو شغلها بطريقة غير قانونية.
         غير أن ما تجدر الإشارة إليه أن الدعاوى الرامية إلى حماية أملاك الدومين العام كثيرة ولا يمكن حصرها نظرا لتعدد الأخطار المحدقة بها، ولذلك فإننا سوف نكتفي بذكر البعض منها وفقا للتقسيم التالي:
أولا: الدعاوى الرامية إلى التشكيك في الملكية ودعاوى تعيين الحدود
         يمكن تقسم هذه الدعاوى إلى نوعين:
1/ المنازعات الرامية إلى التشكيك في الملكية:
هذا النوع من المنازعات يكون بين الأشخاص والهيئات الإدارية المالكة أو المخصص لها الملك العمومي، حيث يكون النزاع قائما حول المالك الحقيقي للشيء المتنازع فيه، ولعل هذا التشكيك يعد من أخطر أنواع التهديدات التي تواجه الأملاك الوطنية العمومية إذ أنها تهدد بصفة مباشرة وجود هذا الملك من عدمه[83].
         وفي ذلك تنص المادة 125 من القانون 90/30 على أنه:"عملا بالمادة 10 من هذا القانون يختص الوزير المكلف بالمالية، والوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي، كل واحد فيما يخصه وفقا للشروط والأشكال المنصوص عليها في التشريع المعمول به، بالمثول أمام القضاء مدعيا أو مدعى عليه فيما يخص الأملاك التابعة للأملاك الوطنية الخاصة ما لم تكن هناك أحكام تشريعية خاصة، ويمتد هذا الاختصاص إلى الأملاك التابعة للأملاك الوطنية العمومية عندما تؤدي المنازعة مباشرة أو غير مباشرة إلى التشكيك في ملكية الدولة للملك المعني أو التشكيك في حماية الحقوق والالتزامات التي يتعين عليهم الدفاع عنها أو المطالبة بتنفيذها أمام القضاء".
كما نصت المادة 183 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنه: "عملا بأحكام المواد 09، 125 و 126 من القانون 90/30 يختص الوزير المكلف بالمالية بمتابعة الدعاوى على اختلاف أنواعها بصفته مدعيا أو مدعى عليه، وتتعلق هذه الدعاوى بما يأتي:...
-        تحديد طابع الملكية الوطنية العامة والخاصة طبقا للقوانين المعمول بها.
-   حق ملكية الدولة وجميع الحقوق العينية الأخرى التي يمكن ان تنجم عن الأملاك المنقولة والعقارية التابعة للأملاك الوطنية.
-   صحة جميع الاتفاقيات التي تتعلق باقتناء الأملاك الوطنية وتسييرها أو التصرف فيها، وتطبيق الشروط المالية لهذه الاتفاقيات".
إن الملاحظ في هذا النوع من المنازعات أنها قد ترفع من قبل الهيئة المالكة أو المخصص لها الملك ضد الشخص المعتدي الذي يدعي أن الملك أو الحق ملك له[84]، كما قد ترفع من الشخص ضد هذه الهيئات.
تبعا لذلك فإنه يعد من قبيل التشكيك في الملكية محاولة اكتساب عقار تابع للأملاك الوطنية العمومية عن طريق إعداد عقد شهرة، لا سيما أن هذا الأخير من شروط إعداده أن يكون واقعا على عقار ليس له مالك[85]، وكذلك الشأن بالنسبة لإعداد شهادة الحيازة[86].
2/: المنازعات المتعلقة بتعيين الحدود:
وهي دعاوى لا ترمي إلى التشكيك في الملكية برمتها، وإنما يقع التشكيك فقط في جزء منها وهو الجزء الواقع على حدود الأملاك الوطنية العمومية، وهذا النوع من المنازعات عموما يكون في مرحلة اقتناء الهيئة للملك العمومي خصوصا عند مرحلة تعيين الحدود، وتنص المادة 116 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنه: " يمكن الطعن في قرارات ضبط الحدود المذكورة في هذا القسم باستعمال وسائل القانون طبقا للتشريع المعمول به".
         يستنتج من خلال هذا النص أن الطعن المقصود به هنا هو الطعن بالإلغاء في قرار تعيين الحدود[87]، وذلك باعتبار أنه قرار إداري، وإذا صدر حكم بإلغاء القرار فإن الهيئة الإدارية ملزمة بإعادة الحدود إلى ما كانت عليه.
ثانيا: المنازعات الناشئة عن استعمال واستغلال أملاك الدومين العام
         سبق لنا القول أن استعمال واستغلال أملاك الدومين العام يتم بطريقتين، إما بناء على رخصة أو بموجب عقد امتياز يبرم بين الهيئة الإدارية والمستغل، غير أن هذا النوع من الاستغلال قد تنشأ عنه نزاعات، خاصة وأن الهيئة الإدارية تملك سلطة سحب الرخصة أو فسخ العقد إذا ما تبين لها أن الاستغلال كان غير موافق للشروط وأن المستغل قد اعتدى على الأملاك التي يستغلها أو أهمل الصيانة الواجبة لها.
1/ المنازعات الناشئة عن الاستعمال بناء على رخصة: تتمثل رخص استغلال الأملاك العامة في رخصتي الطريق والوقوف، واللتان تمنحهما السلطة الإدارية المختصة وهو ما يسمى "الاستعمال وحيد الطرف"، ومن خصائص هذا الاستعمال أنه مؤقت وقابل للإلغاء بدافع المنفعة العامة أو بسبب حفظ النظام ويجب أن لا يتعارض هذا الاستعمال مع تخصيص الملك، ويكون هذا الاستغلال بمقابل مالي.
         غير أن السلطة الإدارية يمكنها سحب هذه الرخصة وفقا لما نصت عليه المادة 166 من المرسوم التنفيذي 91/454 [88]، غير أن صاحب الرخصة لا يمكنه المطالبة بالتعويض إذا كان سبب السحب مشروعا أو بعد انتهاء المدة، أما إذا كان السحب قبل انتهاء مدة الاستغلال أو كان السبب غير مشروع فإن صاحب الرخصة يستفيد من تعويض مقابل للضرر اللاحق به.
         ويعد من الأسباب المشروعة لسحب الرخصة مثلا تغيير المستغل لطبيعة النشاط المسموح به أو إهماله واجب صيانة الملك، ويتم سحب الرخصة بصدور قرار إداري من الهيئة التي أصدرته دون اللجوء على القضاء، غير أن المستفيد من الرخصة يمكنه الطعن بالإلغاء في هذا القرار.
2/ المنازعات الناشئة عن الاستغلال ذي الطابع التعاقدي: يمكن استغلال جزء من الأملاك الوطنية العمومية استغلالا خاصا ذي طابع تعاقدي بناء على عقود شغل أو امتياز، أو بمعنى آخر هو تنازل الدولة عن تسيير بعض مرافقها لفائدة الخواص، ويكون ذلك إما بناء على أحكام تشريعية أو دفاتر شروط.
         ويشترط في هذا النوع من الاستغلال أن يكون مؤقتا، وتملك الإدارة حرية التعاقد وحق الفسخ بدافع المنفعة العامة أو لتقصير أو إهمال من صاحب حق الامتياز، وهذا كله قد ينشئ منازعات يعود الفصل فيها إلى جهات القضاء، حيث تنص المادة 168 من المرسوم التنفيذي 91/454 على أنه:" يبقى شغل الأملاك العامة المخصصة لاستعمال الجمهور شغلا خاصا له طابع تعاقدي، شغلا مؤقتا وقابلا للنقض، وتملك الإدارة التي رخصت به حق إلغائه بدافع المنفعة العامة، وحرية إبرام العقد أو رفض إبرامه، أو الاعتراض على تجديده بدافع المنفعة العامة، ما عدا الحالات التي ينص عليها القانون.
يحق لشاغل الأملاك العامة شغلا خاصا ذا طابع تعاقدي أن يحصل على تعويض إذا غيرت الإدارة عقد الشغل أو ألغته، قبل انقضاء الأجل المتفق عليه، غير أنه يرفض الحق في التعويض إذا فسخ العقد بسبب خرق الشاغل بنودا تعاقدية أو لعدم امتثاله إياها على الوجه الأكمل، ويبطل هذا الحق أيضا، إذا كان الإلغاء ناجما عن إجراء عام يقضي إلغاء تخصيص مرفق الأملاك العامة المشغول إلغاء كاملا.
تشكل الخلافات الناشئة عن شغل الأملاك العامة المخصصة للاستعمال المشترك بين الجمهور شغلا خاصا، منازعات من تمام صلاحيات القضاء ومن اختصاص الجهة القضائية المختصة إقليميا، نظرا لأهمية المكان الذي يوجد فيه مرفق الأملاك العامة المشغول".
         من خلال هذا النص يمكن استنتاج بعض المنازعات التي قد تنشأ بين المستغل والهيئة الإدارية والتي يمنح المشرع اختصاص الفصل فيها للقضاء[89]، ونذكر منها، منازعات فسخ عقد الاستغلال، منازعات التعويض عن الفسخ، وقد تكون الهيئة الإدارية مدعية أو مدعى عليها في هذه الدعاوى، أي بمعنى أن الهيئة الإدارية هي التي تلجأ إلى القضاء من أجل فسخ العقد، أو العكس.
ثالثا: أنواع أخرى من الدعاوى
كما سبق لنا القول فإن المنازعات المتعلقة بأملاك الدومين العام لا يمكن حصرها بسب كثرتها، لذلك سوف نحاول ذكر بعض أنواع هذه الدعاوى فقط ومنها:
-   الدعاوى المرفوعة من الإدارة ضد الشاغل بدون سند[90].
-   الدعاوى المتعلقة باقتناء الأملاك الوطنية العمومية[91].
-  المنازعات الناتجة عن مسؤولية الأضرار المترتبة عن استعمال الأملاك والثروات واستغلالها وحراستها بمفهوم المادة 07 من القانون 90/30.
- المنازعات الناشئة عن عدم احترام أعباء الجوار المقررة لصالح الأملاك الوطنية العمومية، والارتفاقات المقررة لها، وكذا مخافة واجب الصيانة المقرر لهذه الأملاك طبقا لنص المادة 67 من القانون 90/30.
-  الدعاوى المتعلقة بتحصيل الأتاوى الناتجة عن استغلال جزء من الأملاك الوطنية العمومية بمفهوم المواد 70، 71 و 124 من القانون 90/30[92].

المبحث الثاني:الحمايــة الجزائيــة للأمـلاك الوطنية العموميــة
يقصـد بالحمايـة الجزائيـة للأمـلاك العموميـة، تلك العقوبـات الـتي يقررهـا القانـون للأعمـال الإجراميـة التي تشكل اعتداءا على الأموال العامة، ومعلوم أن الجزاءات الجزائية يوقعها القاضي الجزائي وبذلك يكون هذا الأخير حارساً للأموال العامة.
وكمـا سبق ذكره، فإن الاستعمال العام يشكل الصيغة الأساسية لنوعية الاستعمال لغالبية عناصر الأموال العامة وهو ما يعرضها للاحتكاك المستمر بسلوكيات الجماهير، مما يزيد في تعدد مصادر الأخطار التي تهددها، وهذا ما يحتم ضرورة وضع نظام قانوني يكفل لها حماية أشد من النظام الذي يحمي الأملاك الخاصة، هـذا النظام يشمل إلى جانب النصوص العقابية التي تخص المساس بالأملاك الوطنية العمومية التي تضمنها قانون العقوبات، نصوصا أخرى جاءت في القوانين الخاصة التي تحكم مختلف مكونات الأملاك العمومية، والتي حددت الإجراءات والجهات المنوط بها معاينة المخالفات الماسة بهذه الأملاك.
لذلك سنتطرق في مطلب أول إلى الجهات المنوط بها معاينة المخالفات الماسة بالأملاك الوطنية العمومية ومتابعة مرتكبيها وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية، وكذا وفقاً للقوانين الخاصة التي تحكمها، ثم نتطرق في مطلب ثان إلى النصوص العقابية التي تخص هذه الأملاك وفقاً لقانون العقوبات وكذا وفقاً للقوانين الخاصة.
المطلب الأول:الضبط القضائي في مجال الأملاك الوطنية العمومية ومتابعة مرتكبي الجرائم الماسة بها
         تحدد قواعد الإجراءات الجزائية سبل المطالبة بتطبيق القانون على كل من أخل بنظام الجماعة بارتكابه للجريمة، فيحدد الأجهزة القضائية واختصاصاتها والإجراءات المتبعة في مختلف مراحل المتابعة الجزائية التي ترمي إلى تطبيق القانون على من خرق أحكامه عن طريق الإجراءات الأولية التي تقوم بها الضبطية القضائية، وعن طريق الدعوى العمومية[93].
وكمـا أسلفنا الذكر، فإنه نظراً لتعدد مصادر الأخطار التي تهدد الأملاك الوطنية العمومية فقد خصها المشرع بحماية خاصة، وأناط مهمة معاينة المخالفات إلى بعض الفئات التي منح لها مهام الضبطية القضائية في هذا المجال، فقد نصت المادة 138 من القانون 90/30 على أنه يتم معاينة المخالفات المنصوص عليها في المادة 136 وملاحقتها طبقاً للقواعد والإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجزائية.
وبالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية، فقد نصت المادة 14 منه على أنه يشمل الضبط القضائي:
1/ ضباط الشرطة القضائية.
2/ أعوان الضبط القضائي.
3/ الموظفون والأعوان المنوط بهم قانوناً بعض مهام الضبط القضائي.
بينما عدّدت المادة 21 الموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الضبط القضائي المتمثل في البحث والتحري ومعاينة جنح ومخالفات قانون الغابات وتشريع الصيد ونظام السير وجميع الأنظمة التي عينوا فيها.
         كما نصت المادة 24 من ذات القانون، على أن يباشر الموظفون وأعوان الإدارات والمصالح العمومية بعض سلطات الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفقا للأوضاع والحدود المبينة بتلك القوانين، ويكونون خاضعين في مباشرتهم مهام الضبط القضائي الموكلة إليهم لأحكام المادة الثالثة عشر من هذا القانون[94].
وعلـى هـذا فسنحاول التطرق إلى أعوان الضبط القضائي ذووا الاختصاص العام المنصوص عليهم في قانون الإجراءات الجزائية، ثم نتطرق إلى أحكام الضبط القضائي المنصوص عليها في بعض القوانين الخاصة التي تحكم الأملاك الوطنية، وأخيراً نتطرق إلى متابعة الجرائم الواردة على الأملاك الوطنية العمومية.
أولاً: الضبط القضائي ذو الاختصاص العام وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية
الضبط القضائي هو مجموع الإجراءات التي يتخذها ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم في البحث عن الجرائم ومرتكبيها، وجمع الاستدلالات التي تلزم التحقيق والدعوى لإثبات التهمة عليهم مالم يبدأ فيها تحقيق قضائي[95].
ويناط الضبط القضائي وفقاً للمادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية لرجال القضاء، والضباط والأعوان المبنيين في قانون الإجراءات الجزائية، ويتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي تحت إشراف النائب العام[96].
والضبط القضائي ذو الاختصاص العام هو: الضبط الذي يختص بالتحري والبحث عن جميع الجرائم التي يقررها قانون العقوبات والقوانين المكملة له، ومن ذلك الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية.
ويتكون جهاز الضبط القضائي ذو الاختصاص العام من ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم، فوفقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية:
1/ رؤساء المجالس الشعبية البلدية.
2/ ضباط الدرك الوطني.
3/ محافظو الشرطة.
4/ ضباط الشرطة.
5/ ذوو الرتب في الدرك ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل، والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع الوطني ووزير العدل بعد موافقة لجنة خاصة.
6/ مفتشو الأمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل وعينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة.
7/ ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصاً بموجب قرار مشترك بين وزير الدفاع ووزير العدل.
بينما عددت المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية أعوان الضبط القضائي بنصها على أنه:[97] "يعدّ من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة وذوو الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك الوطني ومستخدمو مصالح الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية ".
والاختصاص العام لعضو الضبط القضائي يخوله سلطة مباشرة جميع الصلاحيات بشأن جميع أنواع الجرائم حتى تلك التي تدخل في نطاق الاختصاص الخاص الذي سنتطرق له فيما بعد، لأن هذا الأخير لا يقيد الاختصاص العام[98]، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات[99].
وعلى هذا فإنه لضباط الشرطة القضائية المذكورين أنفاً بمساعدة أعوانهم، أن يقوموا بإثبات الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية بمختلف أنواعها، سواء تلك الواردة في قانون العقوبات، أو تلك الواردة في النصوص الخاصة التي تحكم هذه الأملاك، وذلك وفقا لمقتضيات المادة 138 من قانون الأملاك الوطنية[100].
ويقـوم أعضاء جهاز الضبط القضائي بمهامهم وفقاً للإجراءات المحددة في قانون الإجراءات الجزائية، ويحررون محاضر بأعمالهم، ويبادرون بدون تمهل إلى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات والجنح التي تصل إلى علمهم، وترسل المحاضر الخاصة بالمخالفات والأوراق المرفقة بـهـا إلى وكيل الجمهورية، وينوّه في تلك المحاضر عن صفة الضابط الذي حررها[101].
ويثبـت لأعضاء الضبطية القضائية اختصاصهم المخول لهم قانونا في نطاق إقليمي محدد يسمى بدائرة الاختصاص المكاني، ويتحدد مدى هذا الاختصاص بحسب الصفة وبحسب الجهة التي ينتمي إليها ضابط أو عون الشرطة القضائية[102].
فبالنسبة لضباط الشرطة القضائية وأعوانهم المنتمين إلى الأمن الوطني أو الدرك الوطني، يتحدد اختصاصهم بدائرة الحدود التي يباشرون فيها مهامهم[103]، أما بالنسبة لضباط الشرطة القضائية من مصالح الأمن العسكري فإنه وفقاً لنص المادة 16/6 من قانون الإجراءات الجزائية فإن اختصاصهم يكون على كافة التراب الوطني.
ولم يحدد القانون ضوابطاً لانعقاد الاختصاص للضبطية القضائية، وعليه يجب العودة إلى القواعد العامة المحددة لهذه الضوابط في تحديد الاختصاص المحلي للقضاء[104]، وهي تلك التي اعتمدها المشرع لتجديد سبل انعقاد الاختصاص لوكيل الجمهورية من جهة[105]، وقاضي التحقيق من جهة أخرى[106].
ثانيـاً: الضبط القضائي ذو الاختصاص الخاص وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية وبعض النصوص الخاصة بالأملاك الوطنية العامة.
إضافة إلى ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم ذوو الاختصاص العام الذين يناط بهم البحث والتحري عن الجرائم الماسة بالأملاك الوطنية العامة بصفتها تدخل ضمن جرائم قانون العقوبات والقوانين المكملة له، فقد أناط المشرع مهمة التحري عن الجرائم الماسة بهذه الأملاك لبعض الطوائف من الأعوان والموظفين، وخولهم بعض سلطات الضبطية القضائية، التي تحدد بنطاق الوظيفة التي يباشرون فيها عملهم العادي أو الإداري[107]، ولذلك يجب أن يقتصر عملهم على ضبط الجرائم ومعاينتها دون أن يتعدى ذلك إلى اتخـاذ أي إجراء من الإجراءات التي فيها مساس للحرية الفردية للأشخاص[108].
وقد ورد النص على هذا الصنف من الضبط القضائي في قانون الإجراءات الجزائية، وذلك في المواد من 21 إلى 25 منه التي تناولت الضبط في مجال الغابات وتشريع الصيد ونظام السير، إضافة إلى المادة 27 التي أحالت إلى القوانين الخاصة، وباعتبار الغابات جزء من الأملاك الوطنية العمومية، سنتناول الضبط القضائي في هذا المجال على ضوء قانون الإجراءات الجزائية وقانون الغابات[109]، ثم نتطرق إلى الضبط القضائي من خلال بعض النصوص الخاصة التي تحكم الأملاك الوطنية العامة.
1/ الضبط القضائي في مجال الغابات:
نصت المادة 21 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يقوم رؤساء الأقسام والمهندسون والأعوان الفنيون والتقنيون المختصون في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها بالبحث والتحري ومعاينة جنح ومخالفات قانون الغابات وإثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة.
وعليه فإن هذا النص يحيل على ما تضمنه قانون الغابات في مادتيه 62 و 62 مكرر، حيث تنص الأولى على أن يتولى الضبط الغابي أعوان الشرطة القضائية وكذا الهيئة التقنية الغابية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية، وتنص الثانية على أنه يتمتع كذلك بصفة ضابط الشرطة القضائية، الضباط المرسمين التابعين للسك النوعي لإدارة الغابات والمعينين بموجب قرار وزاري مشترك صادر عن وزير العدل والوزير المكلف بالغابات، ونصت المادة 62 مكرر2 منه على أنه يعد من أعوان الضبط القضائي، الضباط وضباط الصف التابعين للسلك النوعي لإدارة الغابات الذين لم تشملهم المادة 62 مكرر، وتحدد المواد 63، 64، 67 من قانون الغابات شروط ممارسة مهام الضبط القضائي الغابي وهي الانتماء إلى إحدى الفئات المحددة، أداء اليمين، ارتداء الزي الرسمي والتقيد بأحكام قانون الإجراءات الجزائية.
مـن خـلال هـذه النصـوص يمكن القول أن المشرع قد أحاط مهمة الضبط الغابي بعناية خاصة، حيث بين بوضوح القائمين عليها وحدود اختصاصاتهم النوعية والإقليمية، وذلك تفاديا لتداخل الصلاحيات فيما بينهم، وكذا تحديد مسؤوليات كل فرد منها[110].
2/ الضبـط القضائـي فـي مجـال الميـاه:
تعتبر المياه إحدى أهم مشتملات الأموال الوطنية العامة، ونظراً لأهميتها فقد أفردها المشرع بحماية خاصة تضمنها قانون المياه الصادر بموجب الأمر رقم 05/12 المتضمن قانون المياه[111]، وقد تطرق القانون المذكور إلى مسألة الضبط القضائي في هذا مجال، وأنشأ شرطة خاصة سميت "شرطة المياه" وذلك بموجب المادة 159/1 منه التي نصت على أنه: "تنشأ شرطة للمياه تتكون من أعوان تابعين للإدارة المكلفة بالموارد المائية"، وأضافت المادة 160 منه على أنه يمارس أعوان شرطة المياه صلاحياتهم طبقا لقانونهم الأساسي ولأحكام قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المادة 14/3 والمادة 27 منه.
كما نصت المادة 161 من قانون المياه على أنه تكون المخالفات المتعلقة بقانون المياه محل بحث ومعاينة يقوم بها ضباط الشرطة القضائية وكذا أعوان شرطة المياه، ونصت المادة 164 من نفس القانون على أن أعوان شرطة المياه مؤهلون لتقديم كل شخص متلبس بتهمة المساس بالأملاك الوطنية العمومية للمياه أمام وكيل الجمهورية أو ضابط الشرطة القضائية المختص.
3/ الضبـط القضائـي فـي مجـال الجرائـم المتعلقـة بالساحـل:
تعتبر السواحل جزءاً هاماً من الأملاك الوطنية العمومية، وقد صدرت العديد من النصوص الخاصة التي تحميها ومن أهمها القانون 02/02 المتعلـق بحمايـة الساحل وتنميته[112]، والقانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ[113]، وقد تطرق هذين النصين لمسألة الضبط القضائي في هذا المجال، حيث نصت المادة 37 من القانون 02/02 على أنه يؤهل للبحث ومعاينة وإثبات مخالفات أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه، ضباط الشرطة القضائية وأعوانها وكذا أسلاك المراقبة الخاضعة لقانون الإجراءات الجزائية، وكذا مفتشو البيئة.
ونصت المادة 38 منه على أنه تثبت مخالفة أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه بمحاضر تبقى حجيتها قائمة إلى أن يثبت خلاف ذلك، ويجب أن يرسل العون الذي عاين المخالفة المحاضر تحت طائلة البطلان في أجل خمسة أيام إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا، وأن يبلغ نسخة منها إلى السلطة الإدارية المختصة.
بينما نصت المادة 39 من القانون 03/02 على أنه: "يؤهل للبحث ومعاينة مخالفات أحكام هذا القانون:
- ضباط وأعوان الشرطة القضائية.
- مفتشو السياحة.
- مفتشو الأسعار والتحقيقات الاقتصادية.
- مفتشو البيئة.
ويحرر الأعوان المؤهلين قانوناً محاضر عند معاينة المخالفات، ويبقى هذا المحضر ذات حجية إلى غاية إثبات العكس، ويرسل إلى الجهة المختصة إقليمياً في أجل خمسة عشر يوما"[114].
4/ الضبـط القضائـي فـي مجـال الطـرق العموميـة:
تعتبر الطرق من أهم الأملاك العمومية التي أحاطها المشرع بحماية خاصة في قانون العقوبات وفي قانون المرور، وفي مجال الضبط القضائي، نصت المادة 130 من القانون 01/14 المعدل والمتمم بالقانون 04/16 المتعلق بقانون المرور على أنه تتم معاينة المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون بموجب محضر يحرر من طرف:
- ضباط الشرطة القضائية.
- الضباط وذوو الرتب وأعوان الدرك الوطني.
- محافظو الشرطة والضباط ذوو الرتب وأعوان الأمن الوطني.
وتنص المادة 131 من نفس القانون على أنه يمكن لمهندسي الأشغال العمومية ورؤساء المناطق والأعوان التقنيين في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها، معاينة المخالفات عندما ترتكب على المسالك الغابية المفتوحة للسير العمومي.
كما تنص المادة 132 منه على أنه يمكن لمهندسي وتقنيي الأشغال العمومية دون المساس بالحق المخول لجميع الموظفين و الأعوان المذكورين في المادة 130 منه، معاينة الأضرار التي تلحق بالمسالك العمومية، وإعداد محضر عن الأعمال التخريبية المرتكبة بحضورهم، بينما نصت المادة 133 على اختصاص الأعوان المذكورين في المادة 130 بمعاينة المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون بموجب محضر وهذا:
- عند اقترانـها بالمخالفات المتعلقة بسلامة الأملاك العمومية الخاصة بالطرق.
- عندما تكون مرتكبة في موقع الورشات الواقعة على المسلك العمومي أو بجوارها وينتج عنها أو يمكن أن ينتج ضرر.
إن اهتمام المشرع بتجديد الجهات المنوط بها مهام الضبط القضائي، لاسيما بموجب التعديلات التي مست قانوني الغابات والمياه، تبين العناية التي يوليها لهذا المجال ولأهميته، فتوسيع مهام الضبط القضائي إلى بعض الفئات من الموظفين المختصين في بعض المجالات بصفتهم أكثر دراية بالمجالات التي يعملون بها، يعتبر أفضل طريق للكشف عن المخالفات التي تخص أهم الأملاك العمومية مما يؤدي إلى توفير حماية أفضل لهذه الأملاك.
ثالثاً: متابعة الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية
يتولـد عـن الجريمة حقين، حق الجماعة في توقيع العقاب، وحق المضرور في التعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب تلك الجريمة[115].
فالحـق فـي العقـاب ينشـأ بمجرد ارتكاب الجريمة، ووسيلة تحقيقه هي الدعوى العمومية التي تباشرها النيابة العامة وذلك كأصل عام[116]، وعليه فبعد إحالة الأعوان المؤهلين لمعاينة أنواع المساس بالأملاك الوطنية الملف للنيابة وفقاً لقواعد قانون الإجراءات الجزائية تقوم النيابة بالتصرف في المحاضر وفقاً للقواعد العامة في مجال الإجراءات الجزائية.
وإن كان تحريك الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة، فإنه ووفقاً للمادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية التي تجيز للمدعي المدني تحريك الدعوى العمومية، يمكن للمدير الولائي لأملاك الدولة تحريك الدعوى العمومية بإيداع شكوى مصحوبة بادعاء مدني[117].
ويكون التأسيس كطرف مدني أثناء مرحلة التحقيق أو قبل الجلسة أو خلال الجلسة وقبل إبداء النيابة لطلباتها وفقاً للقواعد العامة، ويكون حق التأسس كطرف مدني للجهة التي يتبعها الملك المعتدي عليه أو للطرف الـذي يسمـح له القانون بذلك، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 65 من قانون الغابات التي تنص على أنه تمارس الشرطة الغابية كل الأعمال المتعلقة بدعوى التعويض عن المخالفات في المجال الغابي طبقاً لقانون الإجراءات الجزائية.
أما الحق في التعويض عن الضرر الذي سببته الجريمة، فوسيلة تحقيقه هي الدعوى المدنية ويمكن المطالبة به أمام القاضي الجزائي عن طريق الدعوى المدنية التبعية.
كما يمكن ذلك للجهة المخصص لها الملك باعتبارها مسيرة له، وعليها القيام بكل ما يكفل حماية الملك العمومي ومن ذلك المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق به جراء الاعتداء عليه.
كما تخول بعض النصوص الخاصة ذلك لبعض الجهات، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 42 من القانون المتعلق بالاستعمال والاستغلال السياحيين للشاطئ، التي تنص على أنه: "يمكن لكل جمعية مؤسسة قانوناً تبادر بقوانينها الأساسية إلى حماية الشواطئ، وتتأسس كطرف مدني فيما يخص المخالفات لأحكامه".

المطلب الثاني:الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية وفقاً لقانون العقوبات وبعض القوانين الخاصة
الجريمة هي كل عمل غير مشروع يقع على الإنسان في نفسه أو ماله أو عرضه، أو على المجتمع ومؤسساته ونظمه السياسية والاقتصادية، أو على الحيوان[118].
كمـا تعـرف أنها كل نشاط خارجي للإنسان يفرض له القانون عقابا، ويقصـد بالنشاط هنا الفعـل الإيجـابي أو السلبي أي الامتنـاع[119].
ولكون الأملاك الوطنية بصفة عامة تؤدي وظيفة هامة في الحياة السياسية والاقتصادية للمجتمع، فإن المشرع تدخل لحمايتها من الأعمال الغير مشروعة المضرة بها، وهذا بموجب قانون العقوبات وكذا مختلف النصوص التي تخص كل نوع من الأملاك الوطنية.
وتتعدد القواعد القانونية في قانون العقوبات التي تحمي الأملاك الوطنية، فباعتبار المنقولات والعقارات من مشتملات هذه الأملاك، فهي محمية بموجب النصوص التي تحمي الملكية العقارية والمنقولة بصفة عامة، كما نجد أن بعض المواد تجعل من كون المال ملكاً عمومياً ظرفاً مشدداً للعقوبة، بينما نجد نصوصاً أخرى تقتصر على حماية الأملاك الوطنية، وهو الحال بالنسبة لمخالفات الطرق.
أما بالنسبة للنصوص الخاصة فهي كثيرة ومتعددة ونجدها في مختلف القوانين الخاصة المنظمة لكل صنف من أصناف الملكية العمومية، وعليه فسنحاول في هذا المطلب التطرق إلى بعض النصوص التي تناولت هذه الحماية بصفة مباشرة أو غير مباشرة، لنتطرق فيما بعد إلى النصوص العقابية التي تضمنتها بعض النصوص الخاصة.
أولا: الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية وفقاً لقانون العقوبات
أحال قانون الأملاك الوطنية في مجال محاربة الجرائم الماسة بالأملاك الوطنية العمومية والخاصة على أحكام قانون العقوبات، حيث نصت المادة 136 من القانون 90/30 على أنه: "يعاقب على كل أنواع المساس بالأملاك الوطنية كما يحددها هذا القانون طبقا لقانون العقوبات"
وبالرجوع إلى قانون العقوبات[120]، نجد أن المواد الخاصة بقمع التعدي على الأموال العامة متناثرة في مواضع متفرقة من أبوابه مما يصعّب الإحاطة بكل هذه المواد.
فهناك من المواد التي تطرقت في هذا القانون إلى جرائم تخص أملاكاً عمومية بصفة مباشرة، كما هو الحال بالنسبة للجرائم الواقعة على الطرق العمومية، وهناك من المواد التي تخص حماية الملكية أو الأملاك بصفة عامة، وباعتبار الأملاك الوطنية العمومية أملاكاً مملوكة للدولة أو الولاية أو البلدية فهي معنية بهذه الحماية، كما نجد بعض مواده تتعلق بحماية الشيء العمومي أو الخاص بصفة عامة من تصرفات الموظف العمومي القائم عليها، وهو ما كانت تنص عليه المواد 119 وما يليها من قانون العقوبات، والتي ألغيت وحولت مضامينها إلى نصوص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الصادر سنة 2006[121]، وعليه فللإمام بأهم هذه النصوص نتناولها للتقسيم التالي.
1/ جرائـم التعـدي علـى الملكيـة:
تنص المادة 12 من قانون الأملاك الوطنية على أنه: "تتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية التي يستعملها الجميع والموضوعة تحت تصرف الجمهور المستعمل لـهـا مباشرة وإما بواسطة مرفق عام وتكون الدولة أو الولاية أو البلدية هي المالك حسب كل حالة".
وعليه فإن الملكية الوطنية العمومية تشمل الأملاك المنقولة والعقارية، ولذلك فهي محمية بموجب النصوص الحامية للملكية بغض النظر عن طبيعتها، كما أن صفة الملكية العمومية قد تكون ظرفاً مشدداً للعقوبة.      
وبالرجوع إلى قانون العقوبات، فقد تضمن العديد من النصوص التي تجرم الاعتداء على الملكية، وهذا بغض النظر عن المالك[122].

ففي مجال الاعتداء على الملكية العقارية نصت المادة 386 منه على أنه[123]، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 2000 إلى 20.000 دج كل من انتزع عقاراً مملوكاً للغير، وذلك خلسة أو بطرق التدليس، وتشدد العقوبة بموجب الفقرة الثانية من نفس المادة إذا كان انتزاع الملكية وقع ليلاً بالتهديد أو بالعنف أو بطريقة التدليس أو الكسر من عدة أشخاص أو مع حمل سلاح، فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات، والغرامة من 10.000 إلى 30.000 دج.
باستقراء نص هذه المادة فإن الركن المادي في هذه الجريمة يتمثل في انتزاع عقار مملوك للغير، مع اقتران ذلك بالخلسة و التدليس[124].
وبذلك فإن الركن المادي في هذه الجريمة يستوجب قيام الجاني بسلوك إيجابي وهو فعل الانتزاع، أي الأخذ بالقوة دون رضا المالك، وأن يرد هذا الانتزاع على عقار[125]، ولا يهم في ذلك أن تكون ملكية العقار عامة أو خاصة[126]، وبذلك تكون الأملاك الوطنية العمومية معنيّة بالحماية بموجب هذا النص.
كما يشترط أن يكـون هـذا الانتـزاع بطريق الخلسـة والتدليس، بينما نص المشرع الفرنسي على الخلسـة والغش "fraude" وليس التدليس"le dol ".
إضافة إلى النص العام الذي تضمنته المادة 386 من قانون العقوبات في مجال حماية الملكية العقارية، فقد نصت المادة 417 على جريمة نقل أو إزالة الحدود، والتي تنص على أنه: "كل من ردم حفرة أو هدم سوراً مهما كانت المواد التي صنع بها أو قطع أو اقتلع سياجاً أخضر أو أخشاباً جافة منه أو نقل أو ألغى أنصاب الحدود أو أية علامات أخرى غرست لفصل الحدود بين مختلف الأملاك، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 500 إلى 1000 دج.
أما في مجال حماية الملك نفسه، فقد نصت المادة 395 من قانون العقوبات أنه: "كل من وضع النار عمداً في مبان أو مساكن أو غرف أو خيم أو أكشاك ولو متنقلة أو معدة للسكن...غير مملوكة لمرتكب الجريمة، يعاقب بالإعدام".
بينما نصت المادة 396 على أن يعاقب بالحبس المؤقت من 10 إلى 20 سنة كل من وضع النار في الأموال التالية:
- مبان أو مساكن أو غرف أو خيم أو أكشاك ولو متنقلة أو بواخر أو سفن أو مخازن أو ورش إذا كانت غير مسكونة أو غير مستعملة للسكن.
- مركبات أو طائرات ليس بها أشخاص.
- غابات أو حقول...".
ونصت المادة 396 مكرر على أنه: "إذ كانت المخالفات المشار إليها في المادتين 395 و 396 تتعلق بأملاك الدولة فتطبق عقوبة الإعدام"، وبذلك يكون صنف الملكية عمومية ظرفاً مشددا للعقوبة في هذه الجريمة.
ويعتبر كون الأملاك عمومية ظرفاً مشددا للعقوبة كذلك في جريمة "التخريب عن طريق مواد متفجرة"، المنصوص عليها في المادة 400 التي تقرر العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في المواد من 395 إلى 399، وذلك لكل من يخرب عمداًَ مبان أو مساكن أو غرفاً...وعلى العموم أية أشياء منقولة أو ثابتة من أي نوع، كلياً أو جزئياً أو يشرع في ذلك بواسطة لغم أو أية مادة متفجرة أخرى.
إن كون الأملاك عمومية ظرفا مشددا للعقوبة يؤكد على تشدد المشرع في حماية الملكية العمومية، وهذا نظراً للاعتبارات التي سبق ذكرها في بداية هذا المبحث، وهو ما جاء أيضاً في بعض النصوص القانونية الخاصة، ومثال ذلك ما تضمنته المادة 50 من المرسوم التشريعي 94/07[127] التي تنص على جريمة تشييد بناء دون رخصة، إذ تقرر عقوبة 1000 دج إذا كان تشييد البناية دون رخصة على أرض خاصة، وعقوبة 1500 دج إذ كان التشييد على أرض تابعة للأملاك الوطنية الخاصة، أو ملكية خاصة تابعة للغير، وعقوبة 2000 دج إذا كان التشييد على أرض تابعة للأملاك العمومية.
إلى جانب النصوص الآنفة الذكر، فإن أحكام المادتين 397 و 398 المعاقبة لكل من تسبب في إحداث ضرر بالغير بسبب وضعه النار في أموال مملوكة له أو للغير وامتدت النار إلى ملك الغير بعقوبة السجن من 05 إلى 10 سنوات، وكذا المادة 405 التي تعاقب من تسبب في ضرر لحق ملك الغير بسبب حريق ناتج عن عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاة الأنظمة، بعقوبة حبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من 10.000 إلى 20.000 دج، فإن هذه العقوبات تنطبق على الأملاك العمومية إذا مسها ضرر بسبب الأعمال المذكورة بصفتها أملاكاً للغير.
كذلك الأمر بالنسبة للمادتين 406 التي تعاقب على جرم التخريب العمدي لجزء من ملك الغير[128]، والمادة 407 التي تعاقب على تخريب أو إتلاف أموال الغير المنصوص عليها في المادة 496كلياً أو جزئياً[129].

2/ الجرائم المتعلقة بالطرق وبعض المنشآت العمومية:
يخص قانون العقوبات بعض مشتملات الأملاك الوطنية العمومية بحماية خاصة، وتعد الطرق العمومية والمنشآت التي تكملها كالجسور أكثر هذه الأملاك حماية بالنظر إلى عدد النصوص التي تطرقت إليها، ولعل هذه العناية ترجع إلى الأهمية والمصلحة العامة التي تؤديها الطرق، وكذا في كونها أكثر الأملاك الوطنية استعمالاً من قبل الجمهور استعمالاً مباشراً.
فبالنسبة للطرق العمومية وبعض المنشآت الأخرى، نصت المادة 401 من قانون العقوبات على أنه: "يعاقب بالإعدام كل من هدم أو شرع في ذلك بواسطة لغم أو أية مادة متفجرة أخرى طرقاً عمومية أو سدوداً أو خزانات أو طرقاً أو جسور أو منشآت تجارية أو صناعية أو حديدية أو منشآت الموانئ أو الطيران أو استغلالها أو مركباً للإنتاج أو كل بناية ذات منفعة عامة".
وتعتبر جل المنشآت التي عددتها هذه المادة أملاكاً وطنية عمومية، باستثناء المنشآت التجارية والصناعية ومركبات الإنتاج، ولعل إدراجها في هذه المادة كان في ظل الاقتصاد الاشتراكي حيث كانت هذه المنشآت عمومية في غالبيتها وتؤول ملكيتها للدولة، حيث لم يكن هناك فرق بين الملكية الوطنية العمومية والخاصة.
ويعاقب على هذه الجريمة بالإعدام وهي أشد عقوبة لما في هذه الأفعال من خطورة على الاقتصاد الوطني وكذا أمن مستعملي هذه المنشآت.
كما تنص المادة 407 على أن كل من وضع عمداً آلات متفجرة في طريق عام أو خاص يعاقب بالسجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة، وإذا وضعت الآلة بقصد القتل فيعتبر إيداعها شروعاً في القتل ويعاقب عليه بهذه الصفة[130].
وتنص المادة 403 على ظرف مشدد للجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 401 و 402 وهو تسبب الفعل في إحداث وفاة شخص فتغلظ العقوبة إلى الإعدام، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا نتج عن العمل الإجرامي جرحاً أو عاهة مستديمة.
والملاحظ أن نص المادة 403 تبقى بدون موضوع بالنسبة إلى الجريمة المنصوص عليها في المادة 401 لكون هذه الجريمة يعاقب عليها بالإعدام في كل الحالات.
أما المادة 408 فتقرر عقوبة السجن من 05 إلى 10 سنوات لكل من وضع شيئاً في طريق أو ممر عمومي من شأنه أن يعيق سير المركبات وذلك بقصد التسبب في ارتكاب حادث مرور أو عرقلة المرور[131].
الملاحظ في هذه الجريمة أن المشرع لا يحمي الملك العمومي المتمثل في الطريق العمومي في حد ذاته، ولكن يهدف إلى حماية مستعملي الملك العمومي، باعتبار الطريق من أكثر الأملاك العمومية استعمالاً من قبل الجمهور.
كما يتضمن قانون العقوبات جملة من الجرائم التي تخص الطرق العمومية، فقد نصت المادة 444 مكرر على جريمة إعاقة الطريق العام، وهذا بوضع مواد أو أشياء كيفما كانت من شأنها منع أو الإنقاص من حرية المرور أو جعلها غير مأمونة وعقوبتها الغرامة من 100 إلى 1000 دج، وعقوبة جوازية بالحبس من 10 أيام إلى شهرين.
ونصت المادة 455 على عقوبة الغرامة من 100 دج إلى 500 دج وعقوبة حبس جوازية لمدة خمسة أيام على الأكثر لكل من:
- أتلف أو خرب الطرق العمومية أو اغتصب جزءا منها بأية طريقة.
- كل من أخذ حشائش أو أتربة أو حجارة من الطرق العمومية دون ترخيص.
أما المادة 462 فقد جاءت لحماية مستعملي الطريق العمومي، وهذا بنصها على عقوبة الغرامة من 30 إلى 100 دج وكذا عقوبة الحبس لمدة ثلاثة أيام على الأكثر لكل من:
-كان ملزما بإنارة جزء من الطريق العام وأهمل ذلك.
-كل من أهمل إنارة المواد أو الحفر التي يحدثها في الشوارع.
-كل من أهمل تنفيذ اللوائح التنظيمية المتعلقة بالطرق العمومية.
-كل من ألقى أو وضع أقذاراً أو كناسات أو مياه قذرة أو أية مواد أخرى في الطريق.
كما تضمن قانون المرور رقم 01/14، المعدل والمتمم بالقانون رقم 04/16 نصوصاً عقابية للمعتدين على الطرق العمومية وذلك في مواده من 77 إلى 82 منه وهي:
- عبور أجزاء من طرق غير صالحة أو جسور ذات حمولة محدودة، وعقوبتها الغرامة من 1500 إلى 5000 دج.
- تنظيم سباقات العدو دون رخصة، وعقوبته من 50.000 إلى 150.000 دج.
- وضع شيء على مسلك مفتوح لحركة المرور أو حافته قصد عرقلة حركة المرور وعقوبتها وفقا لنص المادة 408 من قانون العقوبات تصل إلى حد الإعدام إذا تسبب في وفاة شخص.
وهي اعتداءات تمس الاستعمال المباشر للطرق، إضافة إلـى ذلك نص نفس القانون على الجرائم التي تمس الطريق نفسه وتتمثل في:
- وضع ممهل على مسلك مفتوح لحركة المرور دون ترخيص من الوالي، وعقوبته الحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من 25.000 إلى 100.000 دج.
- إلحاق ضرر بالمسلك العمومي أو ملحقاته بسبب الخطأ أو التهاون وعقوبتها الغرامة من 1500 إلى 5000 دج.
- إلحاق ضرر بالمسلك العمومي نتيجة أشغال حفر وعقوبتها الغرامة من 5000 دج إلى 10.000 دج.
3/ الجرائم الماسة بالأملاك العمومية بغرض المساس بأمن الدولة
وهي الجرائم المنصوص عليها خاصة في المواد 61، 86 و87 مكرر من قانون العقوبات.
فالنسبة للمادة 61 والتي تعاقب على جرائم الخيانة والتجسس التي تعتبر من الجنايات ضد أمن الدولة، والتي تقرر عقوبة الإعدام لمرتكبها، نصت على تقرير هذه العقوبة في الفقرة الثالثة لكل جزائري وكل عسكري أو بحار في خدمة الجزائر، يسلم قوات جزائرية أو أرض أو مدن أو حصون أو منشآت أو مراكز أو مخازن أو مستودعات حربية أو عتاد أو ذخائر أو مياه أو سفن أو مركبات للملاحة الجوية مملوكة للجزائر أو مخصصة للدفاع عنها إلى دولة أجنبية أو إلى عملائها، وكذلك الأمر بالنسبة لكل من قام بإتـلاف أو إفسـاد الأملاك المذكورة إذا كان ذلك بقصد الإضرار بها، وذلك بموجب الفقرة الرابعة من نفس المـادة.
والملاحظ أن الفعل المادي في هذه الجريمة يرد على أحد الأملاك المذكورة آنفاً، وهي في أغلبها منشآت ووسائل مخصصة للدفاع الوطني، وذلك بتسليمها إلى دولة أجنبية أو إلى عملائها أو إتلافها أو إفسادها بقصد الإضرار بها، ومعلـوم أن المنشـآت ووسائـل الدفاع المخصصة لحماية التراب الوطني براً أو بحراً أوجواً هي أملاك وطنية عمومية اصطناعية[132].
كما نصت المادة 86 التي جاءت في قسم جنايات التقتيل والتخريب المخلة بالدولة، على أنه يعاقب بالإعدام كل من يرأس عصابات مسلحة أو يتولى فيها مهمة أو قيادة ما، وذلك بقصد الإخلال بأمن الدولة بارتكاب إحدى الجنايات المنصوص عليها في المادتين 77[133] و 84[134]، أو بقصد اغتصاب أو نهب أو تقسيم الأملاك العمومية والخصوصية أو بقصد مهاجمة أو مقاومة القوة العمومية التي تعمل ضد مرتكبي هذه الجنايات.
أما المادة 87 مكرر والتي جاءت في قسم الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية، فقد نصت على أنه يعتبر فعلاً إرهابياً أو تخريبياً في مفهوم الأمر[135]، كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية و استقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق أي عمل غرضه ما يأتي:
- عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق أو التجمهر أو الاعتصام في الساحات عمومية.
- الاعتداء على وسائل المواصلات والنقل والملكيات العمومية أو الخاصة أو الاستحواذ عليها أو احتلالها دون مسوغ قانوني.
- الاعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها عليها أو في المياه بما فيها المياه الإقليمية من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة في خطر.
ونصت المادة 87 مكرر 1 على العقوبات التي يتعرض لها مرتكب الأفعال المذكورة في المادة 87 مكرر.
ويتمثل الفعل المادي لهذه الجريمة في استهداف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية و استقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق عمل غرضه الإتيـان بعمل من الأعمال التي عددتها المادة، وهي أعمال إما تمس بالاستعمال الجماهيري المباشر لبعض عناصر الأملاك العمومية، أو الاعتداء على هذه الأملاك التي عددتها المادة في حد ذاتها.
4/ جرائم اختلاس المال العام وإتلافه:
قبل صدور الأمر 06/01 المؤرخ في 08 مارس 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، كانت المواد 119و119 مكرر و119 مكرر1، تعاقب على اختلاس الأموال العمومية والخاصة بالنسبة للأولى، والإهمال المسبب لضرر للأموال العمومية والخاصة بالنسبة للثانية، والتعسف في استعمال المال العام بالنسبة للثالثة، وبصدور الأمر 06/01 ألغيت المادتين 119 و119 مكرر1 بموجب المادة 71 منه،[136] وعوضتا بموجب المادة 72 من نفس الأمر بالمادة 29 منه، بينما بقيت المادة   119 مكرر سارية المفعول.
وعليه سنتطرق إلى هذه الجرائم وفقاً للتقسيم الجديد الذي جاء به الأمر 06/01.
في البداية نشير أنه ثار جدل فقهي حول مدى ارتباط تجريم الاختلاس بحماية الأموال العامة من عدمه،[137] وقد استقر الرأي الراجح على أن المصلحة المحمية من وراء تجريم هذا الفعل يختلف باختلاف محل الاختلاس، فإذا كان المال عاماً فإن الجريمة تأخذ صورة عدوان من الموظف على المال العام، وهو ما يشكل خيانة الموظف للأمانة التي حملته الدولة إياه، أما إذا انصب فعل الاختلاس على أموال خاصة، فإن الجريمة تشكل إساءة إلى ثقة المواطنين في الدولة، وهو الرأي الذي نشاطره باعتبار فعل الاختلاس يرد على المال العام والخاص.
قبل صدور الأمر 06/01 كانت المادة 119 تنص على جريمة الاختلاس والتبديد اللتان يرتكبها الموظف العمومي أو أحد الأشخاص الذين ذكرتهم المادة في حق المال العام أو الخاص، بينما كانت المادة 119 مكرر1 تنص على استعمال أموال الدولة أو الجماعات المحلية أو الهيئات الخاضعة للقانون العام لأغراض شخصية أو لفائدة الغير، وبصدور الأمر 06/01 عوضت المادتين بالمادة 29 منه، والتي تنص على أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من 200.000 إلى 1000.000 دج[138]، كل موظف عمومي يختلس أو يتلف أو يبدد أو يحتجز عمداً وبدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحه أو لصالح أي كيان أخر، أية ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أية أشياء أخرى ذات قيمة عهد إليها بحكم وظيفته أو بسببها.
وبالتالي فوفقاً للنص الجديد، فإن المشرع أصبح لا يفرق بين الأموال العامة والخاصة بعد أن كان يقتصر التجريم في نص المادة 119 مكرر1 على ورود الفعل على المال العام، وعليه أصبح يكفي لقيام الجريمة إتيان الركن المادي المتمثل في فعل الاختلاس أو الإتلاف أو التبديد أو الاحتجاز أو الاستعمال على نحو غير شرعي لمال عام أو خاص أو أية ممتلكات، مع توافر الركن المعنوي وهو القصد الجنائي العام الذي يقتضي العلم والإرادة.
أما المادة 119 مكرر التي لم تلغ، فتنص على جريمة الإهمال التي يرتكبها القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي أو الأشخاص الذين كانت تشير إليهم المادة 119 الملغاة وهذا بنصها على أنه: "يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة من 50.000 إلى 200.000 دج، كل قاضي أو موظف أو ضابط عمومي أو كل شخص ممن أشارت إليهم المادة 119 من هذا القانون تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو اختلاس أو إتلاف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقود أو أموال وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها ".
وبالتالي فهذه الجريمة تصنف ضمن الجرائم غير العمدية[139]، ولقيامها يجب أن تتوفر أركانها وهي:
- صفة الجاني الذي يجب أن يكون ممن عددتهم المادة.
- الركن المادي ويتكون من السلوك المجرم المتمثل في الإهمال الواضح الذي يرد على محل الجريمة، وهو مال عام أو خاص يؤدي إلى إحداث ضرر مادي به.
- العلاقة السببية بين السلوك والضرر الناجم عنه[140].
ثانياً: الجرائم الواقعة على الأملاك العمومية وفقاً لبعض القوانين الخاصة
تتضمن كل النصوص الخاصة بكل نوع من أنواع الأملاك الوطنية نصوصا عقابية تقرر جزاءات للمعتدين على هذه الأملاك، وسنحاول التطرق إلى أهم هذه النصوص وذلك بتقسيمها إلى طوائف حسب القوانين التي تضمنتها، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وذلك نظراً لتعدد هذه النصوص وكثرتها:
1/ مخالفات نظام الغابات:
الغابة هي وسط للحياة يشكل مجموعة من الأنظمة البيئة" المتناسقة فيما بينها(écosystème)، والإنسان هو أحد عناصرها، وللغابة وظيفة اقتصادية، إيكولوجية واجتماعية كبيرة[141].
تعتبر الثروة الغابية من أهم مشتملات الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية، وذلك استناداً إلى نص المادة 15 من القانون 90/30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية، وهي تتمثل في الثروات الغابية الواقعة في كامل المجالات البرية والبحرية من التراب الوطني سواء في سطحه أو في جوفه، وهي من الأموال الأكثر عرضة لخطر الاعتداء عليها من طرف الأفراد نظراً لكونها من الأموال المخصصة للاستعمال الجماهيري العام، ولذلك كان من الضروري أن يتدخل المشرع لتوفير الحماية اللازمة لهذا النوع من الأملاك لأن زوالها أو تدهورها يكون سبباً في ذهاب وانقراض كائنات حيوانية ونباتية بكتريولوجية وعضوية كثيرة لا حصر لها.
ولما كان قانون الأملاك الوطنية يحيلنا إلى قانون العقوبات بشأن حماية الأملاك الغابية،  فإن النص الخاص الذي يضفي الحماية الجزائية على هذا النوع من الأملاك - فضلاً عن قانون العقوبات - هو القانون 84/12 المعدل والمتمم بالقانون 91/20 المتضمن النظام العام للغابات، حيث تنص المادة 71 منه على أنه: "علاوة على المخالفات المنصوص عليها في قانون العقوبات، تحدد الأحكام المنصوص عليها في القانون، المخالفات التي تمس التشريع الغابي ".
وبالتالي فبالإضافة إلى نص المادة 396 من قانون العقوبات وما يليها والتي سبق التطرق إليها، والتي تشكل حماية للغابات بوصفها من الأملاك العمومية، فقد نص قانون العقوبات في بعض موارده على الجرائم الماسّة بالأشجار والأخشاب وهي من مكونات للغابة[142].
أما بالنسبة لقانون الغابات رقم 84/12 المعدل بموجب القانون 91/20، فقد نص في الفصل الثاني منه تحت عنوان المخالفات على الجرائم الماسة بالغابات وهذا في المواد من 72 إلى 88 منه، ونذكر منها:
- قطع أو قلع الأشجار.
- جمع الحطب.
- نزع أو حيازة الفلين بطريق الغش.
- استغلال الأحجار، الرمل، المعادن والتربة دون رخصة.
- الحرث أو الزراعة أو تربية النحل دون ترخيص.
- إحياء الأرض دون ترخيص.
- نزع النباتات المثبتة للكثبان الرملية.
- البناء في الأملاك الغابية دون رخصة.
- الرعي في المساحات الغابية.
- حرق النباتات والحطب أو التبن أو إشعال النار.
- قلع الحلفاء أو حرق طبقات الحلفاء.
ما يمكنه ملاحظته بالنسبة لهذه المخالفات أنها بسيطة بالنسبة لنصوص قانون العقوبات الخاصة بالجرائم الواردة على الأملاك الغابية التي تعد أكثر صرامة، والتي تصل عقوبتها في بعض الجرائم إلى حد الإعدام، رغم جسامة وخطورة الأضرار التي تلحق بالمنشآت الغابية[143]، حيث تتراوح تلك العقوبات بين الغرامات المالية التي تصل إلى 50.000 دج في جريمة البناء في الأملاك الغابية أو بالقرب منها دون رخصة والحبس من شهرين إلى سنة واحدة على أكثر تقدير وهي عقوبات بسيطة لا تحقق الردع العام.
2/ مخالفات الأملاك المائية العامة:
تعتبــر المـوارد المائيـة من مشتملات الأملاك الوطنية العمومية بنص المادة 15 من القانون 90/30 المنظم للأملاك الوطنية، ونظراً لأهميتها الحيوية والاستراتيجية في توفير حاجات السكان والاقتصاد فقد أحاطها المشرع بعناية خاصة، وجسد القضاء هذه الحماية في أكثر من قرار متى كانت الموارد المائية محل نزاع.
وقد نصت المادة 75 من قانون الأملاك الوطنية على أنه: "تخضع الموارد المائية، وعلى العموم جميع الأملاك الوطنية العمومية المائية، كما عرفها القانون بسبب طبيعتها الحيوية والاستراتيجية في توفير احتياجات السكان والاقتصاد لنظام خاص في الحماية والتسيير والاستعمال وفقاً للتشريع المعمول به لاسيما قانون المياه".
وقد حددت المادتين 04 و 16 من القانون 05/12 المتعلق بالمياه مكونات الأملاك الطبيعية والاصطناعية للمياه، وتضمن ذات القانون كيفيات استغلال الموارد المائية وكذا سبل المحافظة عليها، وجرم الأفعال التي تشكل تعدياً عليها وحدد العقوبات المقابلة لها، وذلك في الفصل الثاني من الباب التاسع منه، تحت عنوان المخالفات والعقوبات، حيث حددت الجزاءات الجزائية المقررة للاعتداءات على الملكية العامة للمياه، نذكر منها ما يلي:
- عدم التبليغ عن اكتشاف المياه الجوفية، وعقوبتها الغرامة من 5000 إلى 10.000دج، طبقا للمادتين05و166.
- البناء والغرس وكل تصرف يضر بصيانة الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط، وعقوبتها الغرامة من 50.000 إلى 100.000دج، طبقا للمادتين 12و167.
- استخراج مواد الطمي بأية وسيلة، وإقامة مرامل في مجاري الوديان، وعقوبتها الحبس من سنة إلى خمس سنوات، والغرامة من 20.000 إلى 2.000.000دج، طبقا للمادتين 14و168.
- عرقلة التدفق الحر للمياه السطحية، وعقوبتها الحبس من شهرين إلى ستة أشهر، والغرامة من 50.000 إلى 100.000دج، طبقا للمادتين 15و169.
- إنجاز آبار أو حفر جديدة أو أي تغييرات للمنشآت، وعقوبتها الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، والغرامة من 50.000 إلى 1.000.000دج، طبقا للمادتين 32 و170.
- رمي النفايات التي لا تشكل خطر التسمم أو ضرر بالأملاك الوطنية العمومية للماء، وعقوبتها الغرامة من 10.000 إلى 100.000دج، طبقا للمادتين 44 و171.
إضافة إلى نصوص جزائية أخرى كثيرة أوردها القانون 05/12 لا يتسع المجال لذكرها جميعا.

3/ مخالفات الأملاك البحرية العامة:
تعتبر شواطئ البحر، قعر البحر الإقليمي وباطنه، المياه البحرية الداخلية طرح البحر ومحاسره، الثروات البحرية...من الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية طبقاً للمادة 15 من القانون 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية، وقد خص المشرع مجال الأملاك البحرية بعناية خاصة، وهذا نظراً لأهمية هذه الأملاك واتساع رقعتها[144]، وكذا الأخطار المعرضة لها وتتجلى هذه العناية في كثرة النصوص التي تطرقت إليها، ومثال ذلك قانون البيئة، القانون البحري، القانون المتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات، القانون 02/02 المتعلق بحمايــة الساحل وتنميته، القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشاطئ.
وسوف نتطرق إلى دراسة النصوص العقابية الواردة في القانونين الأخيرين، لكونهما من أهم النصوص التي تحمي الشواطئ التي تعتبر أكثر الأملاك البحرية عرضة للاعتداءات، كما أنها أملاك عمومية مفتوحة للاستعمال الجماهيري المباشر كعينة فقط.
وقبل هذا نشير إلى أن القانون 01-11 المتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات، تضمن عددا هاما من النصوص العقابية المتعلقة بالمخالفات الماسة بنظام الصيد وتربية المائيات، والتي تهدف إلى حماية الأحياء البحرية وبذلك حماية الثروات البحرية.
أما بالنسبة للقانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل وتثمينه، فقد نص في مادته الأولى أنه يهدف إلى تحديد الأحكام الخاصة المتعلقة بحماية الساحل وتثمينه، ونص في مادته الثامنة أن القانون يهدف إلى حماية المنطقة الشاطئية التي تضم، الشاطئ الطبيعي، الجزر والجزيرات، المياه البحرية الداخلية، سطح البحر الإقليمي وباطنه[145].
وقد حدد ذات القانون أدوات تسيير الساحل، وأقر بموجب الباب الثالث منه على أحكام جزائية لمخالفة أحكامه، وهذه العقوبات نجملها فيما يلي:
- إقامة نشاط صناعي جديد على الساحل، باستثناء الأنشطة الصناعية والمرفئية ذات الأهمية الوطنية التي تنص عليها أدوات تهيئة الإقليم، وعقوبتها الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، وغرامة من 100.000 إلى 300.000دج.
- استخراج مواد من الشاطئ دون رخصة أو من مناطق محمية، بموجب المادة 20 من نفس القانون، وعقوبتها الحبس من سنة إلى سنتين، وغرامة من 200.000 إلى 2000.000 دج.
- السير بالعربات في الضفة الطبيعية، وعقوبتها الغرامة من 1000 إلى 2000 دج.
- البناء أو إنجاز منشآت في المناطق الشاطئية التي تكون فيها التربة هشة، وعقوبتها الحبس من ستة أشهر إلى سنة، وغرامة من 100.000 إلى 500.000 دج.
ويمكن للجهة القضائية أن تقرر مصادرة الآلات والأجهزة والمعدات المستعملة في ارتكاب المخالفة في الحالات السابقة، كما يمكن للجهة القضائية المختصة أن تأمر بإعادة الأماكن إلى حالتها الأصلية على نفقة المحكوم عليه[146].
الملاحظ على العقوبات المقررة في هذا القانون أنها كلها عقوبات جنحية، وذلك باستثناء مخالفة السير على الضفة الطبيعية، كما أن عقوبة الغرامة فيها جد مهمة.
أما بالنسبة للقانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحي للشاطئ، فقد نصت المادة الثانية منه أن القانون يهدف إلى:
- حماية وتثمين الشاطئ قصد استفادة المصطافين منه بالسباحة والاستحمام والخدمات المرتبطة بها.
- توفير شروط تنمية منسجمة للشواطئ تستجيب لحاجات المصطافين من حيث النظافة والصحة والأمن وحماية البيئة.
- تحسين خدمات إقامة المصطافين...الخ.
وبالتالي فالقانون يهدف إلى حماية حسن الاستعمال الجماهيري لهذا النوع من الملكية العامة، فحدد شروط وكيفيات استغلال الشواطئ، وأقر بموجب الفصل الرابع منه أحكاماً جزائية تتعلق بمخالفة أحكامه، فقد أقرت المادة 45 منه على سحب حق الامتياز من صاحبه إذا لم يحترم دفتر الشروط وذلك دون الإخلال بالمتابعات الجزائية[147]، ويمكن إجمال المخالفات الواردة بهذا القانون كما يلي:
- الاستغلال السياحي دون حق امتياز، وعقوبتها الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، والغرامة من 100.000 إلى 300.000 دج.
- استخراج الرمل والحصى والحجارة من الشاطئ، وعقوبتها من الحبس ستة أشهر إلى سنتين، والغرامة من 200.000 إلى 2000.000 دج[148].
- استعمال أي مركبة سواء كانت بمحرك أو شراعية أو كل آلة بحرية في المجال المحدد للسياحة، وعقوبتها الغرامة من 20.000 إلى 60.000 دج.
- إنجاز أشغال مخالفة لشروط مخطط تهيئة الشاطئ، وعقوبتها الغرامة من 60.000 إلى 100.000 دج.
- ممارسة الصيد بالغوص تحت الماء بجوار الشواطئ خلال موسم الاصطياف، وعقوبتها الغرامة من 20.000 إلى 50.000 دج.
- ممارسة الفروسية على الشواطئ وقت تواجد المصطافين، وعقوبتها الغرامة من 10.000 دج إلى 30.000دج.


 حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة
الأملاك الوطنية العامة

المرسوم التنفيذي 12-427 pdf

أملاك الدولة pdf

تعريف أملاك الدولة في الجزائر

ما هي أملاك الدولة العامة

ما هي أملاك الدولة

طبيعة حق الأشخاص المعنوية العامة والافراد على الأملاك الوطنية

الأملاك العمومية





خاتمـــــة
        
من خلال هذا العرض، رأينا أن المشرع اعتمد في حماية الأملاك الوطنية العمومية على أسلوبين، الأول يتضمن أحكام وقائية، وهي تستهدف الحيلولة دون وقوع الاعتداء على هذه الأملاك، سواء من قبل الجهة المالكة أو المخصص لها الملك أو من قبل الغير.
أما الأسلوب الثاني فيحتوي على قواعد وأحكام لاحقة لوقوع الاعتداء، هذا الأسلوب يظهر من خلاله الدور البارز الذي يلعبه القضاء في توفير هذه الحماية، وذلك من خلال مختلف الدعاوى التي ترفع إليه، والتي يتوزع اختصاص الفصل فيها عموما بين القضاء الإداري والقضاء الجزائي.
         لقد سعى المشرع إلى إعطاء حماية فعالة لمختلف أصناف الملكية العمومية، ومن مظاهر ذلك كثرة النصوص المنظمة لمختلف أصنافها، والتي من خلالها منح المشرع الصفة في معاينة مختلف أنواع المساس بهذه الأملاك لجهات كثيرة، سواء في أسلوب الحماية الوقائية أو القضائية، وهذا ما يتجلى في منح المشرع صفة الضبط لكثير من الأعوان في هذا المجال هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد منح المشرع صفة التمثيل أمام القضاء في الدعاوى التي ترفع أمام الجهات القضائية بصدد حماية الأملاك العمومية إلى جهات كثيرة كما سبق لنا بيانه.
         غير أن الملاحظ عمليا، أن مختلف عناصر الأملاك العمومية عرضة لاعتداءات كثيرة لم يحل تشدد المشرع دون وقوعها، والسب في ذلك حسب رأينا هو كثرة النصوص وكذا تعدد الجهات المسيرة لهذه الأملاك، مما أوجد نوعا من التداخل في صلاحيات هذه الجهات.
         إن المشرع الجزائري من خلال بعض القوانين الحديثة، يتجه إلى توسيع دائرة تدخل الخواص في تسيير الأملاك الوطنية العمومية، وذلك عن طريق مختلف طرق الشغل الخاص لأملاك الدومين العام، وهذا تماشيا مع توجه الاقتصاد الحر الذي تبناه المشرع منذ نهاية الثمانينيات، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو، هل أن أساليب الحماية التي سبق بيانها تبقى كافية لتوفير حماية فعّالة لأملاك الدومين العام باعتماد هذا النمط من التسيير.
وأخيرا نقول أن الحماية الأفضل لأملاك الدومين العام حسب رأينا، لا تتحقق بالنصوص القانونية وحدها مهما تشدد المشرع فيها، بل إن الحماية الحقيقية تكمن في وعي جمهور المستعملين لهذه الأملاك بأهمية الأدوار التي تلعبها في حياتهم، مما يحتم على كل فرد أن يكون حاميا لها.
                                              

تم بحمد الله وشكره



قائمــة المراجــع
أولا: المؤلفـــات
- إبراهيم عبد العزيز شيحا، أصول القانون الإداري، أموال الإدارة العامة وامتيازاتها، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، بدون سنة طبع.
- احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، الديوان الوطني للأشغال التربوية، طبعة 2002.
- الفاضل خمار، الجرائم الواقعة على العقار، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2006.
- اعمر يحياوي، منازعات أملاك الدولة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2005.
- بن رقية بن يوسف، أهم النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني والتجاري- اجتهادات المحكمة العليا- الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الثانية، 2002.
_ جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث، دار العلم للجميع، بيروت، لبنان، بدون سنة طبع.
- حمدي باشا عمر، محررات شهر الحيازة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2001.
- حمدي باشا عمر، حماية الملكية العقارية الخاصة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2002.
- حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، في ضوء أحدث القرارات الصادرة عن مجلس الدولة والمحكمة العليا، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2002.
- حمدي باشا عمر، مجمع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالعقار، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2004.
- ذيب عبد السلام، عقد الإيجار المدني، دراسة نظرية وتطبيقية من خلال الفقه واجتهاد المحكمة العليا، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، الطبعة الأولى، 2001.
- زروقي ليلى، التقنينات العقارية، الجزء الأول، العقار الفلاحي، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الثانية، 2001.
- زروقي ليلى، حمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2003.
- سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري، الكتاب الثالث، أموال الإدارة العامة وامتيازاتها - دراسة مقارنة- دار الفكر العربي، مصر، 1979.
- عمر بن سعيد، الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، طبعة 2004.
- عبد العزيز السيد الجوهري، محاضرات في الأموال العامة، دراسة مقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، الطبعة الثانية، 1987.
- عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء08، حق الملكية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1967.
- عبد الله اوهايبية، شرح قانون الإجراءات الجزائية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2005.
- محمد فاروق عبد الحميد، المركز القانوني للمال العام، دراسة مقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1984.
- محمد أنس قاسم جعفر، النظرية العامة لأملاك الإدارة والأشغال العمومية، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، 1984.
- محمد زهير جرانة، حق الدولة والأفراد على الأموال العامة، مصر، 1973.
- نصر الدين هنوني، الوسائل القانونية والمؤسساتية لحماية الغابات في الجزائر، الديوان الوطني للأشغال العمومية، طبعة 2001.
Ahmed Rahmani, Les biens publics en droit Algérien, Les éditions internationales,1996.
ثانيا: أطروحــات
- بوزكري محمد، دليوم مسعود، النظام القانوني المطبق على الأملاك الوطنية، مذكرة تخرج لنيل شهادة الدراسات العليا في المصرفة، المعهد الوطني للمالية، القليعة، الجزائر، 1996.
-  زروق النواري، بن مخلوف فارس، حماية الأملاك الوطنية في التشريع الجزائري، مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس، معهد العلوم القانونية والإدارية، جامعة فرحات عباس، سطيف، دفعة 95/99.
ثالثا: مجـــلاّت
- بلحاج العربي، تنظيم الضبط القضائي في مرحلة الخصومة الجنائية في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، العدد الأول، 1991.
- مجمع النصوص الصادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بوزارة المالية لسنة 1991/1992.
- المجلة القضائية، عدد 10 لسنة 1992.
- المجلة القضائية، عدد 04، لسنة 1993.
- المجلة القضائية، عدد 01 لسنة 1994.
- المجلة القضائية، عدد 10 لسنة 1995.
- نشرة القضاة، العدد 03.
- نشرة القضاة، العدد 46.
رابعا: قوانيــن
1/ دساتيــر:
 الدستور الجزائري لسنة 1989.
الدستور الجزائري لسنة 1996.



2/ قوانين عاديـة:
 - الأمر 66/154، مؤرخ في 08 يونيو 1966، يتضمن قانون الإجراءات المدنية، معدل ومتمم.
 - الأمر 66/155، مؤرخ في 08 يونيو 1966، يتضمن قانون الإجراءات الجزائية، معدل ومتمم.
- الأمر 66/156 مؤرخ في 08 يونيو 1966، يتضمن قانون العقوبات، معدل ومتمم.
- الأمر 75/58، مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، يتضمن القانون المدني، معدل ومتمم.
- القانون 84/12، مؤرخ في 23 جوان 1984، المتضمن النظام العام للغابات، معدل بالقانون 91/20، المؤرخ في 02 ديسمبر 1991.
- القانون 84/16 مؤرخ في 30/06/1984، يتضمن قانون الأملاك الوطنية.
- القانون 90/25، مؤرخ في 18 نوفمبر 1990، يتضمن قانون التوجيه العقاري.
- القانون 90/30، مؤرخ في 01 ديسمبر 1990، يتضمن قانون الأملاك الوطنية.
- القانون 91/11، مؤرخ في 27 أفريل 1991، يحدد القواعد المتعلقة بنزع الملكية للمنفعة العامة.
- المرسوم التشريعي 94/07، المؤرخ في 18/05/1994، يتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري.
- القانون 01/14، مؤرخ في 19 أوت 2001، المتضمن قانون المرور، معدل ومتمم.
- القانون 02/02، مؤرخ في 05 فبراير 2002، يتعلق بحماية الساحل وتثمينه.
- القانون 03/02، مؤرخ في17 فبراير 2003، يحدد القواعد العامة للاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ.
- الأمر 05/12 مؤرخ في 04 أوت سنة 2005 يتضمن قانون المياه.
- القانون 06/01 مؤرخ في20 فيفري 2006، المتضمن الوقاية من الفساد ومكافحته.
3/ نصوص تنظيميـة:
- المرسوم 86/266، المؤرخ في 02 سبتمبر 1986،  المتعلق برخصة استخراج الموارد والثروات الطبيعية من الأملاك الوطنية.
 - المرسوم 89/195، المؤرخ في 17 أكتوبر 1989، يتعلق بالاتفاقية النموذجية للاستغلال الخاص ذي الطابع التعاقدي للأملاك الوطنية.
- المرسوم التنفيذي 91/454، مؤرخ في 23 نوفمبر 1991، يحدد شروط إدارة الأملاك الخاصة والعامة التابعة للدولة وتسييرها ويضبط كيفيات ذلك.
- المرسوم التنفيذي 91/455 مؤرخ في 23 نوفمبر 1991، يتعلق بجرد الأملاك الوطنية.




4/ تعليمات:
- تعليمة رقم 275 صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية، مؤرخة في 23/01/1991 متعلقة بالأحكام التنظيمية الجديدة للأملاك الوطنية.
- تعليمة رقم 798 مؤرخة في 27/02/1991 متعلقة بتسيير الأملاك الوطنية العمومية.
- تعليمة رئاسية رقم 05 مؤرخة في 04/03/1995، متعلقة بمحاربة التوسع العمراني على حساب الأراضي الفلاحية.





















الفهرس
                                                      الصفحة
مقـــدمة................................................................................
01
فصـل تمهيدي: مفهـوم الأمـلاك الوطنـية العمومـية
03
المبحث الأول: تعريف الأملاك الوطنية العمومية ومشتملاتها..................................................
04

المطلب الأول: تعريف الأملاك الوطنية العمومية...................................................
04

المطلب الثاني: مشتملات الأملاك الوطنية العمومية..................................................
07


أولا: الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية....................................................
07


ثانيا: الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية..................................................
08
المبحث الثاني : طرق تكوين واستعمال الأملاك الوطنية العمومية..............................................
09

المطلب الأول: طرق تكوين الأملاك الوطنية العمومية................................................
09


أولا: إدراج الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية................................................
09


ثانيا: إدراج الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية.............................................
10


ثالثا: تجريد الملك من صفة الأملاك الوطنية العمومية...........................................
11

المطلب الثاني: قواعد استعمال الأملاك الوطنية العمومية............................................
11


أولا: الاستعمال الجماعي العام للأملاك الوطنية العمومية........................................
11


ثانيا: : الاستعمال الخاص للأملاك الوطنية..................................................
12
الفصل الأول: الحماية الوقائية للأملاك الوطنية العامة
15
المبحث الأول: قواعد الحماية الإدارية.................................................................
16

المطلب الأول: جـرد الأمـلاك الوطنيــة.....................................................
16

المطلب الثاني: الرقابة كوسيلة لحماية الأملاك الوطنية................................................
17

المطلب الثالث: المحافظة على الأملاك الوطنية......................................................
19


أولا: الوسائل القانونية للمحافظة على الأملاك الوطنية العامة.....................................
19


ثانيا: الوسائل المادية للمحافظة على الأملاك الوطنية العامة.......................................
20



المطلب الأول: عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية........................................
22

المطلب الثاني: عدم جواز تملك الأملاك الوطنية العمومية بالتقادم........................................
23

المطلب الثالث: مبدأ عدم جواز الحجز على الأملاك الوطنية العمومية......................................
25
الفصل الثاني: الحماية القضائية للأملاك الوطنية العمومية
27
المبحث الأول: الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية.............................................
28

المطلب الأول: الصفة في تمثيل الأملاك الوطنية العمومية أمام القضاء وجهات القضاء المختصة...................
28


أولا: الهيئات المؤهلة لتمثيل الأملاك الوطنية العمومية أمام القضاء..................................
28


ثانيا: الاختصاص القضائي.............................................................
31

المطلب الثاني: بعض أنواع الدعاوى الرامية إلى حماية الأملاك الوطنية العمومية..............................
32


أولا: الدعاوى الرامية إلى التشكيك في الملكية ودعاوى تعيين الحدود...............................
32


ثانيا: المنازعات الناشئة عن استعمال واستغلال أملاك الدومين العام................................
33


ثالثا: أنواع أخرى من الدعاوى..........................................................
35
المبحث الثاني : الحمايــة الجزائيــة للأمـلاك الوطنية العموميــة........................................
36

المطلب الأول: الضبط القضائي في مجال الأملاك الوطنية العمومية ومتابعة مرتكبي الجرائم الماسة بها................
36


أولا: الضبط القضائي ذو الاختصاص العام وفقا لقانون الإجراءات الجزائية...........................
37


ثانيا: الضبط القضائي ذو الاختصاص الخاص وفقا لقانون الإجراءات الجزائية وبعض النصوص الخاصة بالأملاك الوطنية العامة.......................................................................
39


ثالثا: متابعة الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية........................................
42

المطلب الثاني: الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية وفقاً لقانون العقوبات وبعض القوانين الخاصة......
43


أولا: الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية وفقاً لقانون العقوبات.............................
44


ثانيا: الجرائم الواقعة على الأملاك الوطنية العمومية وفقاً لبعض القوانين الخاصة........................
51
خاتمـــة.................................................................................
56
قائمة المراجع................................................................................
57
 حمايـة الأمـلاك الوطنيـة العامـة
الأملاك الوطنية العامة

المرسوم التنفيذي 12-427 pdf

أملاك الدولة pdf

تعريف أملاك الدولة في الجزائر

ما هي أملاك الدولة العامة

ما هي أملاك الدولة

طبيعة حق الأشخاص المعنوية العامة والافراد على الأملاك الوطنية

الأملاك العمومية

تعليقات