القائمة الرئيسية

الصفحات



التوريق المصرفي للديون الممارسة والإطار القانوني

التوريق المصرفي للديون الممارسة والإطار القانوني

التوريق المصرفي للديون الممارسة والإطار القانوني




العنوان : التوريق المصرفي للديون الممارسة والاطار القانوني
المؤلف : د.حسين فتحي عثمان

التوريق المصرفي للديون الممارسة والاطار القانوني


د.حسين فتحي عثمان

تمهيد

تطوير أساليب الإقراض الدولي :

برهنت التجربة العلمية على أن تحرير تدفقات رؤوس الأموال عبر حدود الدول والقارات، وفتح الأبواب أمام الإستثمار الأجنبي هي إجراءات معززة لقدرات السوق المصرفي وسوق راس المال بإعتبارهما سوقين متممين لبعضهما البعض Complements، فلا يحل أحدهما مكان الآخر، Not substitutes وان إزدهار السوقين معا يشكل حجر الزاوية للنمو الإقتصادي، وتراكم رؤوس الأموال وتطور الإنتاج ([1])   .

وإذا كان تمويل عمليات التنمية – سواء على الصعيد الوطني أو الدولي – هو لب نشاط البنوك التجاريةة، إلى جانب أنه نشاط استثماري يرتبط إبتداءا بتوافر وتدفق السيولة باستمرار لدى هذه البنوك، فإن هذه الإستثمارات يتعين ان تتأسس على قدر لا يستهان به من اليقين بالجدوى منها، وعدم تسببها – بعكس المأمول – في عجز أو تهديد بالعجز في السيولة ([2])   .

وقد تأثر آليات الإقراض المصرفي بطبيعة العصر وإختلاف الظروف الدولية أو الإقليمية أو الوطنية، بدأ الامر منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 بتقديم البنوك التجاريةة الكبرى لمساعدات حكومية للدول الأوروبية التي تأثرت بويلات الحرب وللدول النامية خاصة في أميريكا اللاتينية دون أن يصل الأمر لتقديم قروض استثمارية مباشرة للمشروعات ([3])   .

وقد شهدت الأسواق المصرفية خلال السبعينيات نقلة نوعية عامة لم تكن بالحسبان حين اندلعت حرب أكتوبر المجيدة سنة 1973 وبدأ الحظر النفطي إبان هذه الحرب فإرتفعت اسعار النفط بدرجة غير مسبوقة حققت لدول الخليلج العربي فوائض هائلة لم تكن قادرة بمؤسساتها المالية الموجودة آنذاك على إستيعابها، ولم يكن هناك بد من استثمار هذه الفوائض لدى البنوك التجارية القادرة على توظيفها واستثمارها خاصة في الولايات المتحدة ودول غرب اوربا وقد ترتب على ذلك توجيه تلك البنوك بشكل قسري لاستثمار هذه السيولة الضخمة وغير المتوقعة في دول غرب اوروبا، وقد ترتب على ذلك توجيه تلك البنوك بشكل قسري لاستمثار هذه السيولة الضخمة وغير المتوقعة في دول العالم الثالث التي ازدادت اوضاعها الداخلية تفاقما بعد ارتفاع اسعار الطاقة عالميا.

ومن العلامات المميزة لذات الحقبة المشار إليها ظهور ما يسمى " بنوك الأوفشور " (OBU) Offshor Banking Units وهي عبارة عن بنوك أجنبية تتعامل عادة مع صفقات الصرف الأجنبي للعملات في مواقع معينة من العالم كالبحرين وجزر ناسو  Nassu و كايمن Caymen وغيرها حيث تتمتع المصارف بمزايا وتسهيلات ضرائبية غير تقليدية، وحرية في الإقراض المصرفي لا تتقيد فيها بمراعاة حجز نسبة مئوية من أموالها، في ظل ذلك المناخ الإستثماري المثالي بدأت " بنوك الأوفشور " في أنشطة الإقراض التجاري ذو الأجل الطويل ([4])  .

ومع بداية الثمانينات، ظهرت أزمة المديونية الخارجية لمعظم الدول النامية حيث بدأ تعثر هذه الدول في دفع ديونها وأعباء هذه الديون في مواعيد إستحقاقها و بدأت محاولات اللجوء لجدولة الديون وهو ما واكبه إنحسار سريع في مد الإقراض المباشر من المصارف التجارية لمشروعات التنمية على مستوى العالم حيث استشعرت كثير من هذه المصارف الخطر المحدق الذي يهددها بالإفلاس ([5])   .

ومع بداية عقد التسعينات ظهرت طفرة حقيقية في عمليات البنوك التجارية والتي كانت وليدة عوامل كثيرة متضافرة وفرت لها الطمأنينة في استمرار دورها الخاص بمنح الإئتمان قصير ومتوسط وطويل الأجل دون مخاطر حقيقية من فقدان السيولة النقدية، وتمثلت هذه العوامل – بشكل مجمل – في إنحسار مد الإيديولوجية الشيوعية وما ترتب على ذلك من ظهور التوجه نحو تخصيص وحدات القطاع العام، وزوال الحواجز الجغرافية بين المصارف والبورصات على مستوى العالم، وإلغاء الرقابة على النقد الأجنبي، وتحرير اسعار الفائدة المصرفية وخفض الضرائب على الخدمات والعمليات المصرفية بشكل عام، وتحرير اسعار الصرف، وإزالة معظم القيود على تدفقات رؤوس الأموال من المصارف المالكية للفوائض إلى المشروعات المتطلعة إليها Deregulation  وهو ما أطلق عليه – بحق إصطلاح " عولمة الأسواق " Globalization of Markets" ([6]).

ويمثل ذلك التوجه الملفت خاصة على الصعيد المصرفي الدولي لتحويل قروض النمو المباشرة للدول والمشروعات إلى اوراق مالية قابلة للتداول في البورصات العالمية أهمية كبيرة كأداة مصرفية حديثة تؤمن السيولة ومنح الإئتمان مع خفض حجم مخاطر التعثر أو الافلاس، ويزداد هذا التوجه الجديد رسوخا في الممارسات المصرفية تزايدا مناظرا لتوافر العوامل الميسرة لمنح الإئتمان سالفة الذكر ([7]) . ويطلق على هذه الآليه المصرفية الواعدة تعبير " توريق الديون " وهي ما ينصب عليه موضوع هذه الدراسة.

تقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول :


حيث نتناول بالبحث ما هية التوريق المصرفي ودوافعه وآلياته الرئيسية وذلك في الفصل الأول، على ان نفرد الفصل الثاني والثالث لإبراز الإطار القانوني لأنشطة التوريق المصرفي .

الفصل الأول
ماهية التوريق المصرفي

تمهيد وتقسيم : عمليات التوريق – كما سنرى – هي أنشطة ذات اغراض عظيمة الأهمية لكل المنشآت الإئتمانية الكبرى، وبشكل خاص البنوك، وحيث ان هذه الانشطة مستحدثة وتتشكل من منظومة فريدة من العمليات، فإنه يتعين لسبر أغوارها الوقوف على ماهية التوريق المصرفي ومزاياه الجاذبة للولوج لإجراءاته المركبة من جانب، وإظهار المفاهيم الأساسية التي لا غنى عنها لأي إدارة مصرفية تزمع تنظيم صفة من هذا النوع وبشكل خاص دعم إئتمان هذه الصفقة من جانب آخر .

إجراءات التوريق: برز التوجه المصرفي لتوريق الديون، وبالذات القروض المصرفية كظاهرة([8]). Securitization Phenomenon. وقد ساعد على ملائمة هذا التعبير وتداوله تزايد أعداد و أنواع المؤسسات المالية والمصرفية الناشطة في مجال " صيرفة الإستثمار Investment Banking ([9]) " والصرفية الشاملة " Universal Banking ([10])   .

وبالتوازي مع ذلك فقد تطورت سوق عالمية جديدة لإصدارات الأسهم بسرعة مذهلة منذ بداية حقبة التسعينات بحيث تجاوزت الحدود الإقليمية، والقومية وتعزز نشاط هذه السوق بنمو سريع مناظر في أسواق المال التابعة للدول النامية عموما مما أدى لظهور ما يسمى " أسواق المال الناشئة "  Emerging Stock Markets([11])   .

 كل ذلك يدعونا لضرورة الوقوف على اجراء صفقات التوريق بشكلها التقليدي المبسط مع ترك التفضيلات المركبة للعمليات الملازمة لتلك الإجراءات لبحثها فيما بعد، ويمكننا عرض الأمر على النحو التالي :

·        عند زيادة بنك لرأس ماله لغرض أو لاخر أو حين يحتاج لسيولة نقدية فإنه لن يكون لديه إلا طريق من ثلاثة : فإما ان يطرح أسهما لزيادة راس المال للإكتتاب العام، أو يلجأ للاقتراض من بنك أو بنوك أخرى، أو أخيرا، بطرح سندات مديونية للإكتتاب العام، وهو ما يعد قرضا جماعيا مقابل فائدة ثابتة ولاجال طويلة وهو ما يفضله حملة الأسهم بالبنك خشية إدخال مساهمين جدد يقاسمونهم الأرباح عند ولوج الطريق لأول، أو بالتعرض لضغط فائدة بنكية مرتفعة أو آجال قصيرة لسداد أصل مبلغ القرض المصرفي في الحالة الثانية .
·        في حالة إصدار سندات المديونية فإن البنك قد يمنح حق الدائنين حق امتياز أو إختصاص أو رهن على بعض ممتلكاته، وفي كل الأحوال فإن الدائنين سيعولون – بالدرجة الاولى – في شأن الوفاء بديونهم على البنك فإذا ما تعرض لاضطراب يخل بمركزه المالي أو يضطره للإفلاس، فإن الوفاء  بقيمة السندات يصبح معرضا لخطر العجز عن الوفاء أو على الاقل الوفاء المتأخر لاجال غير معلومة أو منضبطة .
·        أسلوب التمويل المنظم يفيد جميع الأطراف ويتم ذلك بفصل مصدر الوفاء بقيمة فوائد سندات الديون واصل مبلغ القرض عن البنك نفسه، ولكن يثور التساؤل حول كيفية تنفيذ ذلك .
·        اجابة السؤال السابق تتلخص في ([12]).بيع البنك بعض أصوله المضمونة Secured Assets بسعر مخفض لمنشأة متخصصة ([13]). غالبا ما تكون في صورة بنك متخصص في ذلك النشاط – يطلق عليها " وسيلة ذات غرض خاص "  Special Purpose Vehicle (SPV) ([14]).من المستبعد تعرضها للإفلاس من خلال دعمها إئتمانيا فتدخل الأصول في الذمة المالية للبنك المتخصص وتبتعد عن مخاطر افلاس البنك الراغب في التوريق .
·        هذه الأصول تكون في معظم الاحيان سندات مديونية Receivables مضمونة بحقوق رهن أو ملكية لدى البنك الذي يكون دائنا بها لمجموعة من المدنيين الذين يكونون غالبا مقترضين وتجسد هذه السندات مديونياتهم للبنك فتنتقل الأصول ( سندات المديونية ) بضماناتها للمنشأة المتخصصة  (SPV).
·        تصدر المنشأة ذات الغرض الخاص أوراقا مالية تكون غالبا سندات بعلاوة إصدار وبقيمة تعادل قيمة الديون محل التوريق Leveraged Buyout (LBO) ([15]) وذلك للحصول على سيولة نقدية يمكنها من شراء سندات المديونية ولذلك يطلق على تلك المنشأة أحيانا وصف " المصدر "Issue  وغالبا ما تلجأ الـ SPV) ) للقروض المصرفية البسيطة لتمويل شراء السندات مع مراعاة أن تكون مواعيد وفاء المدينين بقيمة السندات وفوائدها قبل أو عند حلول آجال الوفاء بقيمة القرض المصرفي([16]).
·        المستثمر الذي يشتري الأوراق المالية المصدرة من المنشآت ذات الغرض الخاص يكون شاغله الأساسي ما تدره هذه الأوراق من فوائد دون ان يعني كثيرا بإئتمان البنك البائع لسندات المديونية .
·        الفصل بين البنك البادئ لعملية التوريق من خلال سندات مديونياته – ويطلق عليه إصطلاح البادئ للتوريق The Originator  لهذا السبب – وبين هذه السندات ذاتها يمكنه بسرعة وقبل حلول تاريخ إستحقاق مديونياته لدى المدينين الاصليين (المقترضين غالبا) زيادة قدرته التحويلية بكلفة منخفضة عن طريق ما تصدره ل(SPV  ) من الأوراق المالية أكثر مما لو كان البنك هو الذي أصدر هذه الأوراق المالية وتجشم مصاريق إصدارها وما يرتبط بذلك الإصدار من عمليات الترويج والدعاية والإكتتاب ... الخ .
·        يتعين على البنك البادئ للتوريق والـ SPV ضرورة الاتفاق بشكل بالغ الاهمية ومحدد على التوفيق ما بين تواريخ إستحقاق المتحصلات النقدية من المدينين وتواريخ إستحقاق المستثمرين لفوائد ديونهم .
·        يجب ان يحرص أطراف صفة التوريق على التوفيق ما بين أقيام الفوائد المقررة على الديون الأصلية واقيام الفوائد على الأوراق المالية الموجودة بحوزة المستثمرين .

الفصل الثانيالأساليب القانونية لنقل ملكية الأصول للمصدر 

تبنت الممارسة آليتين قانونيتين في كافة الأنظمة القانونية لنقل ملكية الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر، الآليه الاولى ترتبط بحوالة الحق كطريق لإنتقال الالتزامات أو الحقوق، اما الثانية فهي تجديد الإلتزام كوسيلة لإنقضاء الإلتزام بما يعادل الوفاء بالإضافة لذلك يتبع عدد من البنوك الأنجلو اميريكية أسلوب معروف في هذه الأنظمة القانونية دون غيرها وهو أسلوب " المشاركة الفرعية " .

نقل الأصول بحوالة الحق أو التجديد أو المشاركة الفرعية .

وفي هذا الإطار مطالب نلقى الضوء فيها على تلك الأساليب الثلاثة المشار إليها لنقل الأصول محل التوريق .

(أولا ) نقل الأصول بحوالة الحق :

كما هو معلوم، فإن، حوالة الحق Assignment هي إتفاق يتم بمقتضاه نقل الدائن ( المحيل ) Assignor  إلى طرف آخر ( المحال إليه ) Assignee حق شخص له قبل مدينه (المحال عليه) فيحل محله في هذا الحق ويكون بذلك دائنا جديدا لهذا المدين .

والغرض من حوالة الحق يمكن ان يقصد به مجرد التصرف في هذا الحق كقيمة مالية في ذمة المحيل ولكن استحقاقها الأجل يحول دون تلبية حاجته للاموال، كما قد تستهدف الحوالة الوفاء فينقضي بها إلتزام المحيل الملتزم في مواجهة المحال إليه، واخيرا قد يكون المقصود من الحوالة مجرد تقديم ضمان من المحيل لدائنيه فإذا لم ينفذ المحيل إلتزامه في مواجهة المحال إليه يمكن للاخير مطالبة المحال عليه بتنفيذ هذا الإلتزام([17]).

والاصل وفقا للمادة 303 من التقنين المدني المصري ان الحق الشخصي، أي حق الدائنية قابل للحوالة ايا كان محله، وبصرف النظر عما إذا كان هذا الحق منجزا أو معلقا على شرط أو مقترنا بأجل أو كان حقا مستقبلا([18]) ويسري هذا الاصل طالما لم تحظر الحوالة بنص قانوني، كحظر حوالة الحق غير القابل للحجز([19]). أو بسبب منافاة الحوالة لطبيعة الإلتزام كالحقوق اللصيقة بشخصية الدائن أو نتيجة لإتفاق المتعاقدين على عدم جواز حوالة الحق([20]) .

ولا تكون الحوالة نافذة قبل المدين، إلا بقبول المدين لها أو بإعلانه بها وهو ما يطلق عليه وصف " شهر الحوالة " علما بأن نفاذ الحوالة قبل الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ ([21]) .
ويرى جانب من الفقه الأنجليزي ([22]) ضرورة مراعاة عدد من القواعد المرشدة إذا إتفق أطراف صفقة التوريق على ان يتم نقل الأصول من خلال حوالة الحق على النحو الآتي :

1.     التأكد من عدم وجود أية وثائق ذات صلة بالاصول موضوع النقل تتضمن إشتراطات تحظر حوالتها، وفي هذا الصدد يجب التأكد من آجال هذه الأصول والشروط الملازمة لها .
2.     ان تكون الأصول قابلة للتحويل Assignable وفقا للانظمة القانونية المطبقة عليها .
3.     أهمية تحري الدقة في الوقوف على اشتراط النظام القانوني المطبق أو عدم إشتراطه لضرورة موافقة المدين على الحوالة خصوصا اذا كانت هناك عبارات مثيرة للجدل القانوني Arguable مع الأخذ في الاعتبار إلى أنه لو تضمنت الاتفاقات المطبقة على الأصول التزامات على عاتق البنك البادئ للتوريق، أي كان الامر يتعلق باتفاق ملزم للجانبين فإن الممارسة المصرفية تجري على عدم جواز التحويل إلا بموافقة المدين على الحوالة ([23]) .
4.     اذا تبين عدم وجود قيود على البنك البادئ للتوريق في الحوالة فإن ذلك يعني أنه بمجرد انعقاد الحوالة ينتقل الحق المحول للمحال إليه بجميع ضماناته ودفوعه وصفاته وملحقاته ([24])، وقد اوحت الممارسة مسارعة المدينين أو الكفلاء بإضافة شروط مقيدة لتحويل الرهون العقارية أو أي اصول أخرى ضامنة للاصول المحالة وهو ما يجب التحرز منه عند تبني حوالة الحق سبيلا لإنتقال ملكية الأصول للمصدر .
5.     سندات المديونية – أو أي ضمانات أخرى لها كمحل للحق الذي يتم نقله بالحوالة – قد تتضمن " سعر فائدة متغير " Variable Rate of Interests وهو ما يمثل إئتمانا متهافتا بالنسبة للمستثمرين في الأوراق المالية للمصدر، وعندئذ فإنه في حالة الإصرار على تمرير صفقة التوريق عبر حوالة الحق فإنه يتعين الاتفاق على حد ادنى لسعر الفائدة لا يجوز النزول عنه لضمان الوفاء بالفوائد والمصروفات الحيوية للمستثمرين والمصدر وهو ما تجري به الممارسة المصرفية في صفقات الرهون العقارية في بريطانيا ([25]) ولا يعرف النظام القانوني الفرنسي بديلا لحوالة الحق La cession  في نقل الأصول حيث حددت المادة ([26])، من مرسوم تطبيق قانون 23 ديسمبر سنة 1988 في شأن المنشآت المعينة بالنقل المجمع للاوراق المالية أو بالمنشآت المالية المتخصصة في توظيف الديون المجمعة والصادر في 9 مارس سنة 1989 حوالة الحق كطريق وحيد لنقل ملكية الأصول لمنشأة الإئتمان الوسيطة(المصدر) Fonds Commun de Creances([27])، وذلك من خلال إتفاق بين البنك البادئ للتوريق وهذه المنشأة الوسيطة ملحق به قائمة([28]) Borderedu تتضمن ما يلي :
1.     عقد أو صك الحوالة Acte de Casseion de Creances
2.     عبارة يفاد منها خضوع الحوالة لاحكام قانون 23 ديسمبر سنة 1988.
3.     تعيين المحال إليه  Designation du cessionnare
4.     تعيين وتفريد الديون المحالة Des Creances Cedees
5.     التفاصيل الخاصة بالمدينين Debiteurs.
6.     إجمالي مبلغ الديون وتواريخ استحقاقها النهائي .
7.     الأساليب المقبولة للوفاء بالديون .
8.     عبارة تفيد أن الحوالة تلزم المحيل  Le Cedant   بأن يقوم – بناء على  طلب من المحال إليه – بأي عمل ضروري للمحافظة على ضمانات الديون ( الأصول ) .

·        النقل القانوني والانصافي للاصول :

Legal & Equitable Transfr of Assest:

تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من النظم القانونية الأنجلو اميريكية تميز ما بين الملكية القانونية Ownership Legal  التي تتضمن حق الانتفاع والتصرف وتسمى أحيانا الملكية التامة أو الكاملة Perfct Title  وبين حق الانتفاع Beneficial Ownership .

بناء على التقسيم السابق يثور التساؤل بشأن الأصول موضوع الحوالة وما إذا كان يتم نقل ملكيتها القانونية أو الكاملة للمصدر ام ان ما ينتقل فقط هو حق الانتفاع، وفي هذه الحالة الاخيرة لن يحصل المصدر إلا على سند إنصافي بحق الانتفاع  Title in Equity([29]) .

إنتقال الملكية الكاملة SPV يمثل في هذه النظم ضمانا اقوى – بطبيعة الحال – من مجرد السند الانصافي بحق الانتفاع بالاصول، خصوصا عندما تلوح بعض الشكوك أو النذر في شأن البنك البادئ للتوريق وإمكان تعرضه للاعسار أو للإفلاس .

مع ذلك فإن المشاهد حاليا من الممارسة المصرفية لأسواق التوريق يشير لتزايد التوجه نحو الإكتفاء بمنح المصدر سندات إنصافية لحق الانتفاع بالاصول، وزيادة مناظرة لقبول وكالات التصنيف لهذا الخيار بشكل غير متوقع في إطار تنظيم صفقات التوريق على اساس ان الفحص الدقيق للمركز المالي للبنك البادئ للتوريق، والضمانات الاضافية للصفقة يهونان كثيرا من أهمية مخاطر الإعتماد على هذه السندات الانصافية ([30]).

إعلان المدين بحوالة الحق في الأصول :        Notice

من الأهمية بمكان ان يقوم المصدر (SPV) بإعلان المدين بالحوالة سواء كانت تلك الحوالة قانونية Legal Assignment أم إنصافية Equitable Assignment لأنه لو لم يعلم بأمر حوالة الحق فسوف يستمر في الوفاء للبنك البادئ للتوريق، ولن يكون من الممكن إلزامه مرة أخرى في حالة عدم وفاء الأخير بالمبلغ الموفى به للمصدر نتيجة غش أو خطأ غير مقصود، وان كانت الممارسة تجري حتى الآن على إفتراض وكالات التصنيف حسن نية أطراف الصفقة أيان تنفيذها وعدم تصرفهم بشكل إحتيالي إلى جانب عدم توقع إقتراف البنك البادئ للتوريق لاخطاء ادارية فاحشة([31])، وتعتبر حوالات الحقوق في سندات الديون قد تمت فعلا وبشكل قانوني في معظم النظم القانونية الأوروبية دون تعليق ذلك على إعلان المدين بالحوالة طالما لم تصطدم هذه الحوالات بنص قانوني أو بالآداب العامة، لكن تشترط هذه النظم أحيانا ضرورة إعلان المدين كشرط شكلي لنفاذ انتقال الحق في السندات، أو كسبيل لتغيير صورة الحوالة، من حوالة إنصافية لا يهم فيها الشكل القانوني بقدر الاهتمام التشريعي بقصد انتقال الحق المحال إلى الشخص المحال إليه، إلى حوالة قانونية مستكملة للأركان الموضوعية والشكلية، أو أخيرا لإحاطة المدين علما بأن البادئ للتوريق اصبح معسرا([32]).

وتجري معظم التشريعات في خصوص ذلك التقسيم لحوالة حق قانونية واخرى إنصافية على غرار المادة 36/1من قانون أحكام الملكية الأنجليزي الصادر سنة 1925 والتي نص على شروط في الحوالة القانونية على النحو التالي : ([33]).

1.     ان تكون الحوالة مكتوبة بخط يد المحيل ([34]).
2.     محل الحوالة دين أو أي منقولات أخرى ([35]).
3.     تسليم إعلان صريح ومكتوب للمدين أو للأمين المودع لديه الدين ([36]).

معنى ذلك ان عدم توافر أي شرط من الشروط الثلاثة السابقة في القانون الأنجليزي تستحيل معه الحوالة حوالة إنصافية وهو ما يترتب عليه ان المحال إليه لا يستطيع ان يرفع دعوى على المدين مباشرة لاستيفاء حقه ولكن لا بد من تدخل المحيل معه في هذه الدعوى .

ويتخذ شرط تسليم الإعلان للمدين أهمية – خاصة في الفقه الأنجليزي – خشية استمرار الوفاء للبنك البادئ للتوريق كما اوضحنا بالإضافة إلى ان تخلف شرط الاعلاان وصيرورة الحوالة إنصافية قد يدخلها في غمار حوالات أخرى إنصافية انشأها المحيل البادئ للتوريق فتكون الأولوية في وفاء المدين للحوالة المعلنة له، واخيرا، فإن تمام إعلان المدين يحول بينه وبين التمتع بأي حق جديد في التمسك بالمقاصة Off  - Set أو بأي حق مقابل لحق المحيل ([37]).

ويسير القضاء الأنجليزي على ضرورة موافقة الغير ذى الصلة بديون القروض المصرفية على الحوالة والا فإن أي حوالة للحق في الأصول من جانب البنك البادئ للتوريق سيترتب عليها انتقال الحقوق وفوائد سندات ديون القرض للمصدر (SPV)  فقط وتظل الالتزامات على عاتق البنك وحده ([38]).

وفي القانون المدني المصري – كما ذكرنا – فقد نصت المادة 305 على أنه : " لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أو قبل الغير إلا اذا قبلها المدين أو اعلن بها، على أن نفاذها قبل الغير بقبول المدين يستلزم ان يكون هذا القبول " ثابت التاريخ ".

ويستفاد من هذا النص نفاذ الحوالة فيما بين البنك البادئ للتوريق والمصدر المحال إليه لكنها تظل غير نافذة في مواجهة المدين أو الغير، بالنسبة للمدين يجب علمه بالحوالة ليتم الوفاء للمصدر كدائن جديد والا يتعرض لضرورة الوفاء مرتين، وبالنسبة لتحديد مفهوم الغير فقد قررت محكمة النقض أنه " يعد من الغير في الحوالة كل شخص كسب من جهة المحيل حقا على الحق المحال به يتعارض مع حق المحال له([39]). كذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه : " يعد من الغير هؤلاء الذين لم يكونوا طرفا في إتفاق الحوالة وتكون لهم مصلحة في ان يظل المحيل دائنا " ([40]).

  في القانون المدني لهونج كونج([41]) – والذي يتأثر كثيرا بالنظام القانوني الأنجليزي – تعد الحوالة قانونية لو توافرت لها الشروط الآتية :
1.     كانت مكتوبة وموقعة من البنك البادئ للتوريق .
2.     لم يكن يفهم من الحوالة أنها مجرد نقل لوديعة موضوعة تحت إشراف شخص آخر غير البنك .
3.     الإعلان الصريح المكتوب بالحوالة تم تسليمه فعليا للمدين من جانب الشخص المخول تسلم هذا الدين أو المطالبة به (الـ SPV) من تاريخ تسلم المدين للاعلان، وينجم عن تسليم المدين لاعلان حوالة الحق في الأصول من البنك البادئ للتوريق للـ SPV في قانون هونج كونج بعض الآثار القانونية على النحو التالي :
1.     إمكان تمسك المدين بالمقاصة الانصافية Equitable Set – Off  وذلك في مواجهة المصدر الذي يطالبه بالوفاء له بمقتضى سندات الدين التي تسلمها من البنك البادئ للتوريق .
2.     إمكان قيام المدين والبنك البادئ للتوريق بتعديل النصوص أو الشروط المرتبطة بالاصول دون إشتراك المصدر، ويمكن ان يتم تفادى ذلك بفرض اشتراط على البنك يقضي بعدم قيامه أو موافقته على قيام المدين بإجراء أي تعديلات أو إضافات أو تحريف للنصوص والشروط المرتبطة بالأصول ذات الصلة بالتوريق وذلك لمصلحة المصدر والأمين على ضمانات Trustee Security.
3.     ضرورة ضم البنك البادئ للتوريق في أي دعوى قانونية يرفعها المصدر ضد المدين واعتبارهما طرفا واحدا في الدعوى ويمكن – في هذا الصدد – ان يطلب من المدين الموافقة على اشتراط مفاده ضرورة مساعدة المصدر أو انجاز أي خطوات اجرائية مطلوبة في أي دعوى قضائية تتعلق بالاصول .
4.     من حق المدين التخلص من التزامه بالوفاء بدينه في مواجهة البنك البادئ للتوريق بكافة الطرق المفضية لذلك الهدف .

ثانيا : نقل الأصول عن طريق التجديد :


إذا كانت الحوالة وسيلة لإنتقال الحق من البنك البادئ للتوريق للمصدر (SPV)  فإن التجديد Novation يمثل احد أهم الأسباب لإنقضاء ذلك الحق في جانب البنك ونشوء حق جديد للمصدر يحل محله ذلك الحق القديم .

ويشترط المشرع المصري التجديد ضرورة الاتفاق عليه صراحة أو استخلاصه من الظروف، فلا يجوز اقتراض وجوده ( م 453/1) مدنى ([42]). ويتجدد الحق أو الإلتزام بتغيير الدين أو بتغيير المدين أو أخيرا بتغيير الدائن (م 352/3). في صفقات التوريق فإننا نكون بلا شك في إطار الصورة الثالثة المشار إليها وهي التجديد بتغيير الدائن الذي يصبح هو المصدر بدلا من البنك البادئ للتوريق. ويتعين في هذه الصورة ان يتم الاتفاق بين المدين من جانب والبنك البادئ للتوريق والمصدر من جانب آخر على صيرورة المصدر هو الدائن الجديد، ويترتب على التجديد إنقضاء الإلتزام الأصلي على عاتق المدين بتوابعه ونشوء إلتزام جديد مكانه بحيث لا ينشأ الإلتزام الجديد إلا بانقضاء الإلتزام الأصلي، ولا ينتقل إلى الإلتزام الجديد التأمينات التي تكفل تنفيذ الإلتزام الأصلي الابنص القانون إلا اذا تبين من الاتفاق أو من الظروف ان نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك  ([43])، وتبقى التأمينات العينية التي قدمها المدين بكفالة الإلتزام الأصلي فقط اذا إتفق المدين والبنك البادئ للتوريق والمصدر على ذلك ([44]) ولا ينتقل إلى الإلتزام الجديد التأمينات التي تقدم من الغير كالكفالة العينية أو الشخصية أو التضامن إلا برضاء الكفلاء والمدينون المتضامنون([45]).

بناء على ذلك تختلف حوالة الحق في القانون المصري كوسيلة لنقل الحق في الأصول عن التجديد بتغيير الدائن في ان الحوالة تتم باتفاق البنك البادئ للتوريق (المحيل) والمصدر ( المحال إليه ) دون تدخل المدين، إلى جانب انتقال الحق بكل ضماناته باعتبارها توابعه كالكفالة والامتياز والرهن، بينما يترتب على التجديد إنقضاء الإلتزام الأصلي ونشوء إلتزام جديد مكانه وعدم انتقال التأمينات المقدمة من المدين أو الغير لضمان الدين القديم إلا بقيود.

ويسير النظام القانوني الأنجليزي تقريبا على نفس القواعد السابقة في النظام المصري غير ان العقبة الأساسية في تطبيق التجديد في توريق الديون المصرفية في الممارسة الانجليزية كانت هي ضرورة إتفاق الأطراف جميعها في هذا التجديد بتغيير الدائن حيث يعتمد تنظيم التوريق في معظم الاحيان في الممارسة العملية على حشد ديون قروض مجمعة Syndicated Loans  وهو ما يتطلب تراضي عدد كبير من المدينين مع الدائن القديم (البنك البادئ للتوريق ) والدائن الجديد (SPV)، أو حشد عدة بنوك بادئة للتوريق تشترك معا لاقراض مدين واحد على ان تتم صفقة القرض على  عقد واحد بحيث يتحتم تراضي كافة البنوك المشتركة في القرض مع المدين والمصدر على تجديد دين القرض وهو ما أثار صعوبات بالغة أمام إنسجام الممارسة المصرفية مع النظام القانوني للتجديد([46]).

مع ذلك فإن إستخدام التجديد كآلية لنقل الحق في ملكية الأصول للمصدر لا زال مزدهرا في الممارسات المصرفية حينما تكون سندات الديون مرتبطة بمسؤولية محتملة Liability Contingent  كمسؤولية البنك البادئ للتوريق عن تبعات التسهيلات المشروطة لتمويل القروض Loan Facilities Back-Stop([47]) أو تسهيلات الإئتمانات المتجددة Revolving Credit Facilities طويلة الأجل وعندئذ يكون الخيار الافضل هو ان تتضمن عقود هذه التسهيلات "صياغة " تتيح نقل اصول ديون القروض من خلال تجديد هذه الديون  ([48]).

وقد اثمر توجيه المجموعة الإقتصادية الاوربية (EEC) رقم 3180 بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1978 في شأن وحدة النقد الاوربية (ECU)European Currency Unit  التي سيتم التعامل بها لحين إتمام الوحدة الأوروبية تعميما اطلق عليه " إتفاق القرض النموذجي " Speciman Loan Agreement ([49]). تضمن في الشروط رقم 25/2 منه نموذجا لتلك الصياغة التي يجب كتابتها لتسهيل إستخدام التجديد للتخلص من ديون القروض فيما بين البنوك الاوربية اذا كانت هذه الديون مجمعة وفي صورة تسهيلات معززة للقروض وذلك على النحو الآتي :
أولا : لو اراد أي بنك نقل ملكية كل أو أي جزء من حقوقه أو فوائد ديونه والتزاماته لدائن جديد (الـ SPV) وفقا لإتفاق يتم في هذا الشأن فإن هذا النقل يكون ساري المفعول يتسلم بنك معتمد  Agent Bank شهادة نقل كاملة ومستوفاة Duly completed and Transfer Certificate Executed  بياناتها على النحو الموضح بالنموذج وينقل فيها بيانات الاتفاق السابق بين البنك والدائن الجديد وتتضمن أيضا ما يلي :

‌أ.        المقترض والبنك ( البادئ للتوريق ) تتقضى التزامات كل واحد منهما قبل الآخر وكذلك حقوق كل واحد منهما لدى الآخر ويطلق على هذه الالتزامات والحقوق بعد ذلك إصطلاح " الالتزامات والحقوق الملغاة " & Rights Discharged Obligations.
‌ب.   سيناط بالمقترض والدائن الجديد (SPV) حقوق والتزامات جديدة متقابلة تختلف عن تلك التي كانت موجودة بين المقترض والبنك .
‌ج.    على البنك المعتمد أن يقوم بسرعة Promptly  بتسليم نسخة من شهادة النقل للمقترض (المدين) وإشعار الغير ذي الصلة – كدائني البنك البادئ للتوريق – بتسلمه لهذه الشهادة المتضمنة تجديد الدين، ويسهل الشرط رقم 25 المشار إليه في النموذج عمليات التجديد التي يمكن ان يحتاج إليها أطراف إتفاق القرض كوسيلة لنقل الأصول المصرفية([50]).

** مآخذ التجديد كوسيلة لنقل الأصول :


إذا كان نجاح التجديد كطريق لنقل الأصول موضوع التوريق يعتمد على ضرورة أن يكون الدين قرضاً مصرفياً، فقد أثبتت الممارسة العملية أن معظم صفقات التوريق تتضمن – في العادة – محافظ ضخمة ومتنوعة للاصول المدنية غير القروض المصرفية ناهيك عن رغبة معظم البنوك البادئة للتوريق في عدم تدخل أي طرف آخر ( الـ SPV أو غيرها ) في علاقاتها بعملائها .
ويضيف جانب من الفقه  ([51]) أنه بالرغم من ان التجديد يمثل الطريق الوحيد الذي يتم بموجبه التحويل الحقيقي لكل من الحقوق والالتزامات لإستبداله للحقوق والالتزامات الأصلية بأخرى جديدة، ونجاحه كالية مستخدمة حتى الآن في بيع الذمم المدينة الناتجة عن البطاقات الإئتمانية المخصصة لتجارة التجزئة، فإن لقوانين حماية المستهلك اثر كبير على قدرة المقرض الأصلي (البنك البادئ للتوريق) والدائن الجديد (الـ SPV) على تنفيذ العقد ضد المقترض (المستهلك المدين). فمثلا ينظم (قانون الإئتمان الإستهلاكي) في بريطانيا والصادر عام 1974 الإئتمان الممنوح بمبالغ تقل عن 150.000 جنيه إسترليني اذ يتطلب الحصول على الترخيص المسبق ويفرض نوع من الرقابة على التجارية فيما يخص تجهيز البضائع على أساس الايجار والشراء اللاحق (Hire, or Hire Purchase) فإذا لم يتم الوفاء بمتطلبات الترخيص فإنه لا يمكن للبائع المقرض تنفيذ الدين .

(ثالثا) المشاركية الفرعية Sub- Participation

هو ثالث الأساليب المعروفة لنقل الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر، وربما الاكثر شهرة كمصطلح مصرفي وان لم يكن له أي مدلول قانوني إلا في القانونين الأنجليزي والاميريكي، هذا الأسلوب يستخدم لوصف ترتيب تمويلي Funding Arrangement يتم ما بين البنك البادئ للتوريق وبنك آخر يطلق عليه أسم البنك " المشارك " Participant Bank  أو " البنك القائد " Leading Bank .

بمقتضى هذا الترتيب يقوم البنك المشارك – الذي سيقوم المصدر (SPV) بدوره في التوريق – بتقديم مبلغ من المال للبنك الأول مقابل سندات مديونية على أن يسترد البنك المشارك أمواله وفوائدها – فقط عندما يحين موعد الوفاء بمبلغ مناظر – يشمل اصل المبلغ المقدم من البنك المشارك وفوائده – من المدين في هذه السندات(غالبا مقترض) للبنك البادئ للتوريق حيث يسلم هذا المدين للبنك الأخير ذلك المبلغ وفوائده فيقوم البنك بدوره بالوفاء للبنك المشارك .

في إطار الآليه لا يملك البنك المشارك رجوعا Non- Recourse  على البنك البادئ للتوريق حيث لا يكون الأخير مسؤولا عن المبلغ المتفق على إعادة الوفاء به لو لم يستلمه من المدين ([52]).

  مآخذ أسلوب المشاركة الفرعية وطرق الحد منها :
المآخذ التي يمكن رصدها بالنسبة لهذا الأسلوب تنطلق من فرضية عدم علاقة تعاقدية Contractual Nexus على الإطلاق فيما بين البنك المشارك والمدين بعكس الحال في حوالة الحق والتجديد حيث تترتب علاقة بشروط محددة فيما بين المحال له والدائن الجديد وبين المدين وهو ما يترتب عليه الآثار الآتية :

أولا : عدم تمتع البنك المشارك ( الـ SPV) بحق انتفاع على الدين،  واذا كان هذا الدين دين قرض فلا يتمتع بأي حق من حقوق البنك الباديء للتوريق بموجب إتفاق " تسهيلات القروض "  Loan Facility .
 ثانيا: عدم إستطاعة البنك المشارك رفع دعوى لمطالبة المدين (غالبا مقترض) بالوفاء بقيمة المبلغ المدفوع للبنك البادئ للتوريق وفوائده وذلك في حالة تأخر هذا المدين في الوفاء للبنك الأخير في تاريخ الإستحقاق بمقتضى التزاماته المقررة في العقد المبرم بينه وبين هذا البنك، ولن يكون بمقدوره – خاصة- في القانون الأنجليزي – إلا الإعتماد على قيام البادئ للتوريق برفع دعوى استرداد Recovery Action  لإسترداد قيمة دينه المتأخر في الوفاء لدى المدين، و إنتظار نتيجة هذه الدعوى، لدى المدين، وانتظار نتيجة هذه الدعوى، وقد جرت الممارسة المصرفية على قبول اتخاذ البنك المشار لاجراءات قانونية مؤثرة على سير الدعوى، كما يبقى له الحق في توجيه (إعتراض) Veto على إجراءات أو تصرفات البادئ للتوريق في هذا الشان ليجبره على ضرورة إستشارته قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات أو التصرفات خصوصا فيما يتعلق بجدوله التسهيلات الإئتمانية للمدين لمساعدته على الوفاء، سواء بمد اجل إستحقاق الدين أو بتقليل سعرالفائدة  ([53]).
 ثالثا: تجشم البنك المشارك لخطر إئتماني مزدوج  ([54]) Double Credit Risk  ويمكن توضيح  ذلك على النحو الآتي :
1.     لو ا فلس البنك البادئ للتوريق وبدأت إجراءات الإفلاس لتصفية أمواله فإن الأموال المستردة من المدين لن تخصص للوفاء بدين البنك المفلس للبنك المشارك وإنما ستخصص للوفاء بديون كتلة الدائنين بشكل عام General Body of Creditors .
2.     تعرض المدين لإعسار أو للإفلاس قد يؤخر أو يعدم فرصة سداده لدينه في مواجهة البنك البادئ للتوريق، وهو ما يعرض البنك المشارك لخطر إئتماني محقق – كما ذكرنا – لتخلف العلاقة التعاقدية فيما بينه وبين ذلك المدين .

وإذا كان من أهم أسباب نمو السوق الثانوي لبيوع الأصول في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هو عدم فرض أي قيود جوهرية من جانب السلطات المصرفية المختصة في هذا الشأن على البنوك البائعة أو المشترية، فقد إرتأى جانب من هذه السلطات ضرورة التدخل للحد من مثالب أسلوب نقل الأصول بالمشاركة الفرعية، ففي الولايات المتحدة قيد مراقبة العملة Office of Comptroller of the Currency ( OCC) ممارسات البيع والشراء في هذه الاسوق ببعض القواعد الإرشادية، وعلى وجه الخصوص البيوع التي تتم على اساس المشاركة الفرعية وذلك لتفعيل ممارسات البنوك العاملة في هذه السوق واداء دورها ولكن بشكل يتسم بالحذر ([55]).

بشكل رئيسي ظهر منشور للـ (OCC) عام 1983 موجه " للبنوك المشاركة فرعيا " ويلغى عليها مسؤولية ضرورة التأكد من الحصول على جميع الوثائق اللازمة واجراء التحليلات الإئتمانية الكاملة، والاحتفاظ بحق إدارة الديون خلال فترة المشاركة، كذلك يحمل هذا المنشور، المشار إليه، البنوك البادئة للتوريق – بإعتبارها البنك البائع لسندات المديونية – إلتزاما بضرورة تزويد البنوك المشاركة بالمعلومات وتعزير إئتمانها بالتأمينات Insurances والكفالات Warranties التي تمكنهم من تنفيذ مسؤولياتهم  ([56]).
وعلى الرغم مما ذكرناه الآن من عدم تدخل السلطات المركزية في بريطانيا والولايات المتحدة بفرض قيود على أسواق بيوع الأصول، فإن هذه السلطات تهتم بدعم البنوك خصوصا اذا كانت بنوك مشترية (SPVs) لضبط ميزانياتها العمومية وعدم تعريضها للمخاطر الإتمانية Balance Sheet Exposure لو كان نقل الأصول يتم من خلال أسلوب المشاركة الفرعية، وبشكل خاص إذا استشعرت هذه السلطات المركزية وجود التزامات أو مسؤوليات محتملة ستدرج في الميزانيات العمومية للبنوك المشاركة  ([57]).

في المقابل فقد شكك " المعهد الامريكي للمحاسبين العموميين المرخص لهم " American Institute of Certified Public Accountants (AICPA) في المخاطر الإئتمانية التي تنجم عن بيوع الأصول عن طريق المشاركة الفرعية مؤكدا أنه لا ينبغي استنتاج وجود هذه المخاطر من مجرد التأخر في الوفاء Default  أو الادعاء الكاذب Misrepresentation بعدم الملاءة وإنما يتعين ان يعكس واقع الحال ذلك بحيث يثبت وقوع المدين في ضائقة مالية ويمثل رد فعله كعميل في مواجهة البنك البادئ للتوريق ( البنك البائع ) " تغييرا مناقضا بشكل جوهري " Material Adverse Change لممارسته السابقة مع هذا البنك ([58]).

 ↚

الفصل الثالثآليات الحد من آثار الإفلاس علىعمليات التوريق


تمهيد وتقسيم :

تمثل سندات المديونية الموجودة بحوزة البنك البادئ للتوريق أصوله التي يعول المصدر وجمهور المستثمرين المكتتبين في أوراقه المالية عليها، معنى ذلك ان هذه الأصول تمثل مصدر إعادة الوفاء أو"  مورد الوفاء " Payment Stream الذي يعد العمود الفقري لصفقه التوريق بكاملها، وبالتالي فإن أي خطر مهدد لهذه الأصول قبل انتقالها من الذمة المالية للبنك البادئ للتوريق يمثل دون شك تهديدا للمصدر وللمستثمرين، وتفويضا للثقة والإئتمان الملازمين لصفقات التوريق .


أولا العوامل المؤثرة في التنبؤ بقدرة الأصول على الوفاء :

يتأثر ذلك التنبؤ ببعض المخاطر التي يمكن ان تحيق بالمدينين Obligors في شأن وفائهم بالتزاماتهم المقررة في صكوك المديونية سواء في مواجهة الدائن القديم(البنك البادئ للتوريق)أو في مواجهة الدائن الجديد(الـ (SPV

من جهة أخرى قد تتعرض سندات المديونية لمخاطر عدم الوفاء بسبب طبيعة هذه السندات، واخيرا فإن إضطراب المركز المالي للبنك البادئ للتوريق يمثل خطرا مهددا بإفلاسة وهو ما ينعكس بالضرورة على أصوله.

ونلقي الضوء على العاملين الأول والثاني مع إفساح المجال لمناقشة العامل الثالث في موضعه المناسب .
1.     التأخر والعجز عن الوفاء :

تكمن المخاطر الإئتمانية في خطرين أساسيين هما " خطر التأخر في الوفاء " Slow Pay Risk، و " خطر العجز عن الوفاء " No Pay Risk، بالنسبة لخطر الوفاء المتأخر فإنه من المعلوم أنه إذا علم المستثمر حامل الأوراق المالية ان فوائد دينه التي تصرف له كل شهر أو كل عدة شهور ستتاخر لان المدين ينوي تأخير الوفاء فإنه سيصاب بخيبة أمل لن تؤثر فقط في تنبؤه بقدرة الأصول على الوفاء وانما ينعكس ذلك على الثقة في صفقات التوريق برمتها.([59])

ترتيبا على ذلك فإنه يتعين ان يزداد عدد المدينين في السندات بشكل يكفي لضمان أنه حتى لو كان من المتوقع أن يتأخر عدد منهم في الوفاء فإن ذلك التأخير لن يكون معوقا مانعا للوفاء بفوائد الأوراق المالية المصدرة .

أما بالنسبة لخطر العجز عن الوفاء فإن هذا الخطر يعتمد وقوعه على الجدارة الإتمانية للمدينين حيث قد يعحز المدين عن الوفاء بسبب التعثر المالي أو الافلاس أو قد يكون لديه دفع قانوني لعدم الوفاء في مواجهة المصدر، ولا مفر هنا أيضا من ضرورة اللجوء لزيادة عدد المدينين بالسندات لتحجيم خطر العجز عن الوفاء ([60]).

2.     مخاطر عدم الوفاء الراجعة لطبيعة السندات :

قد تتدخل طبيعة أو نوع سندات المديونية في خلق مخاطر إئتمانية بإحتمال عدم الوفاء بفوائدها أو بأصل مبلغ الدين، أبرز مثال لذلك هو السندات التجارية  Trade Receivable  التي تمثل إلتزامات مستحقة عن بضائع تم بيعها أو خدمات تم تقديمها. في هذا النوع من السندات قد يثبت ان بعض المدينين كانوا قصرا Minors أو أن البضائع المباعة بها نقص أو عيب Defective ... الخ ([61]) في مثل هذه الحالات لن يكون أمام المصدر كمشتري لسندات المديونية سوى التعجيل بتحصيل عوائد السندات قبل وقوع مخاطر التأخير أو العجز .
من جهة أخرى فإن هذا النوع من التنبؤ بالخطر لن يمكن بلوغه لو كانت سندات المديونية تمثل وفاءا بالتزامات يتم تنفيذها في المستقبل Future Performance Obligations، هذا المقابل يدفع من المدين الممنوح له الأمتياز Franchisee لمانح الأمتياز Franchisor (وهو هنا البادئ للتوريق ) للحصول على ترخيص إدارة العمل مستخدما الاسم التجاري الخاص أو العلامة التجارية للمانح وبيع منتجات أو تقديم خدمات معينة يتم الاتفاق عليها، مقابل منح الاميتاز لا يعد في الغالب " التزاما بالوفاء "ayment Obligation" وانما مجرد " أمل في الوفاء " Expectation of Payment ويمكن حساب هذا المقابل بنسبة معينة من المدخولات أو الأرباح الشهرية أو ربع السنوية للمنوح له الأمتياز، ولو لم يكن هناك أرباح أو مدخولات فلن يتمكن المدين من الوفاء بهذا المقابل – كذلك لو عجز مانح الأمتياز ( البادئ للتوريق ) أو قصر في أداء ما إتفق عليه في عقد منح الأمتياز بالنسبة لتقديم ما وعد به من خدمات للمنوح له الأمتياز، فإن للاخير ان يدفع بعدم الوفاء بالمقابل ([62]).

ووفقا للمادة 365 من تقنين الافلاس الفيدرالي الأمريكي Federal Bankruptcy code  سنة 1978 فإنه في حالة إفلاس البادئ للتوريق فسيكون له أو للأمين ( السنديك ) Trustee الحق في أن يرفض Reject أو يسلم بـ Assum  إتفاق منح الأمتياز باعتباره من العقود آجلة التنفيذ Excutory Contract  ([63]).

والعقد الأجل التنفيذ المشار إليه هو عقد ملزم للجانبين، وبالتالي فإنتهاك أي طرف لالتزاماته يبرر للطرف الآخر الاحجام عن تنفيذ التزاماته هو الآخر ولما كان عقد منح الأمتياز يمثل نموذجا لهذا النوع من العقود فإن للبادئ للتوريق الذي يتعرض للإفلاس ان ينهي هذا العقد من جانبه لو كان لديه " مبررات تجارية " Business Reasons لذلك ([64]). الأخطر من ذلك أن طرح أو رفض البادئ للتوريق عند افلاسه للعقد ذو الالتزامات الآجلة قد يعرضه لمطالبة الطرف الآخر بالتعويض عما حاق به من أضرار بسبب اخلاله بالتزامه، غير ان هذا التعويض ليس له أولوية في القانون الأمريكي ويصنف في نفس مصاف التعويضات العامة غير المضمونة General Unsecured Claim بالنسبة للبادئ للتوريق ([65]).

صفوة القول ان كل العقود التي يكون فيها مورد الوفاء مستقبل Future Payment Stream كعقود الإيجار وعقود منح التراخيص ... الخ ستصل لنفس نتائج عقد منح الأمتياز كعقد اجل وبالتالي فإن اخلال البادئ للتوريق بالتزاماته العقدية يمكن المدينين من التمسك بالدفع بعدم الوفاء، على صعيد آخر هناك مخاطر ملازمة للتنبؤ بالوفاء وتتعلق بطبيعة سندات المديونية وذلك اذا كانت هذه السندات قابلة للوفاء المبكر قبل تاريخ استحقاقها Repayable Receivables، مثلا السندات الناجمة عن مديونية القروض المضمونة برهن رسمي Mortgage Loan  وحدث هبوط في سعر الفائدة على القروض، فإن المدينين قد يقومون بوفاء كافي ومبكر لاصل ديون الأوراق المالية المصدرة من الـ SPV لكن سيصيب المستثمرين حملة الأوراق بالإحباط حيث كانوا يراهنون على بقاء أوراقهم المالية لفترة طويلة يستفيدون خلالها من سعر فائدة ثابت يدر عليهم سيولة مالية منتظمة ([66]).

 ثانيا- إقصاء خطر الإفلاس عن المصدر Making the SPV Bankruptcy Remote

في إطار البحث في ماهية التوريق المصرفي أشرنا لضرورة عزل الأصول عن البنك البادئ للتوريق Isolate the Assets from the Originator وذلك ببيعها للمصدر (SPV) ذو المركز المالي القوى والمنظم إئتمانيا بشكل يرجح معه ابتعاده عن احتمالات التعثر أو الافلاس فتدخل تلك الأصول في الذمة المالية للمصدر وتصير بمنأى عن التهديد بإدخالها كعنصر في تفليسة البنك لو توقف عن دفع ديونه التجارية في تواريخ استحقاقها .

الواقع أن هذه الصورة هي الحالة النموذجية التي يجب ان تكون عليها صفقات التوريق لكفالة الطمأنية للمصدر (SPV) والمستثمرين المكتتبين في أوراقه المالية، مع ذلك يتعين الآن التعرف على الصور التي يمكن ان يتحقق فيها وقوع تأثير سلبي لإفلاس البنك البادئ لتوريق رغم اتخاذ الإحتياطات السابقة بعزل الأصول كمصدر للوفاء عن البنك البادئ للتوريق وسبل الإفلات بين هذا التأثير، ومن المستحسن في هذا الوضع الإستفادة من الخبرة الاميريكية الرائدة في هذا الشأن .



·        التجربة الأميريكية لإقصاء خطر الإفلاس عن المصدر :

إهتم النظام القانوني الأمريكي بحالة إمتلاك البنك البادئ للتوريق للمصدر (SPV) أو تمتعه بالحق في  إدارته([67]) حيث يمكن للبنك في الحالتين إرغام المصدر كفرع له على تقديم التماس طوعي Voluntary Petition بمقتضى المادة 301 من قانون الإفلاس الفيدرالي([68]).

وعلاج هذه الحالة يكمن في ضرورة الحد من قدرة البنك البادئ للتوريق على تحقيق تلك النتيجة للمصدر وذلك من خلال النص في العقد التأسيسي Charter للمصدر على بعض الشروط على النحو الآتي :

1.       حظر وقوع تلك الملابسات التي يمكن ان يخضع فيها المصدر لطلب الإفلاس .
2.       حظر وضع المصدر نفسه في حالة الافلاس ما لم يكن معسرا Insolvent وتصويت نسبة محددة من أعضاء مجلس ادارته لصالح قرار الافلاس .
3.       ضرورة تصويت أغلبية طوائف المساهمين الذين يملكون فئات مختلفة من الأسهم بشكل مؤيد للإفلاس اذا كان راس المال مكون من فئتين فأكثر من الأسهم ([69]).

وقد لا يكون المصدر مملوكا أو مدارا بواسطة البنك البادئ للتوريق وانما مملوكا لشخص مستقل من الغير كمؤسسة خيرية مثلا Charitable Institution. في هذه الحالة لو أفلس البنك البادئ للتوريق فإنه ليس من مصلحة هذه المؤسسة مطلقا امتداد الافلاس إلى المصدر الأخير مستمرا في تحصيل عوائد سندات المديونية واستخدامها للوفاء بما اصدره من اوراق مالية للمستثمرين .

وقد وصلت الممارسة أحيانا إلى تحقيق الهدف بإقصاء خطر الإفلاس عن المصدر من خلال إكتسابه لشكل شركات الإئتمان غير المستهدفة للربح Non – Business Trust التي يعهد إليها بالإدارة أو الحيازة لأموال يملكها شخص لمنفعة شخص آخر، وهذا النوع من الشركات لا يمكن ان يتعرض للإفلاس وفقا للفصل السابع من تقنين الافلاس الفيدرالي([70]).

من جهة أخرى فإن تقييد قدرة المصدر على طلب الافلاس الطوعي يتعين ان تلازمه خطوات موازية تقلل من الملابسات التي يمكن فيها لدائني المصدر إجباره على ذلك في الافلاس الملزم Involuntary Bankruptcy المقرر في المادة 303 من قانون الافلاس الفيدرالي وذلك بالاخلال بالشروط التي قررها المشرع لوقوع ذلك النوع من الافلاس .

فالمادة 303 (b) تشترط توافر عدد معين من الدائنين وشروط معينة لمطالبة هؤلاء الدائنين بالافلاس الملزم ولا سبيل لحماية الـ SPV إلا بعدم تحقق هذه الشروط سواء بتقليل عدد الدائنين أو بعدم استيفاء شروط مطالبتهم بالافلاس([71]).

ويتعين الانتباه كذلك إلى ان دائني المصدر لا يستطيعون وفقا للمادة 303 (h) من تقنين الافلاس إجبار البنك على الافلاس الملزم إلا في حالات معينة تتطلب عدم وفاء البنك بديونه المستحقه أو ان الحارس Custodian المعين أو المنوط به العناية بكل ممتلكات المصدر بهدف فرض الحجز Enforcing a lien على هذه الممتلكات قد تم تعيينه أو إستولى فعلا على حيازة هذه الممتلكات .

في كل الحالات السابقة يؤيد الفقه الأمريكي فكرة إمكان المصدر دائما النص في نظامه الأساسي أو في أي وثيقة أخرى تحكم نشاطه على قيود معينة تمنع ايقاع الافلاس بشكل ملزم عليه، كما يستحسن ان يطلب ممن يتعاقد معه التنازل مقدما عن أي حقوق لهذا الطرف في ان يطلب افلاس المصدر إفلاسا ملزما ([72]).
·        نظرية الضم الموضوعي : Substantive Consoliation Doctrine

قد يرتبط البنك البادئ للتوريق بالمصدر إرتباط الشركة القابضة بفرعها سواء بتملك اسهمها الحائزة لحقوق التصويت أو بهيمنته على إدارته، أو بسبب إرتباط الثاني بالاول بدرجة كبيرة بسبب التشابك المحاسبي لمالية البنك بمنشأة المصدر، أو لان الهدف من تأسيس المصدر كان هو انجاز اعمال وانشطة تطلع إليها البنك ... الخ.

في هذا الشأن يتبنى قطاع عريض من المحاكم الاميريكية نظرية يطلق عليها " نظرية الضم الموضوعي " وتقضى في حالة الإرتباط العضوي ما بين شركتين على النحو المشار إليه، بضرورة ضم اصول ومديونيات الشركتين عند افلاس احداهما ولو أدى ذلك لافلاس الشركة الآخرى التي لم تكن معرضه للإفلاس، وقد طبقت المحاكم هذه النظرية بحذر شديد، وعلى اساس فحص كل حالة على حده Case – by- Cae Basis وعلى ضوء الوقائع الكاشفة للعلاقة الحقيقية بين الشركتين واثر الضم على دائني كل شركة والاعتبارات التي يركز عليها القضاء الأمريكي في اتخاذ قرار الضم من عدمه يمكن تلخيصها فيما يلي : ([73])

1.     درجة صعوبة عزل Segregating  وتفريد الأصول والمديونيات بشكل مستقل .
2.     وجود أو عدم وجود أو عدم وجود البيانات المالية المراد ضمها بالنسبة للحقوق والمديونيات .
3.     درجة إمتزاج Commingling اصول الشركتين وانشطتهم التجارية .
4.     وجود ضمانات حيوية مقدمة من شركة لقروض الشركة الآخرى .
5.     حدوث نقل للاصول بين الشركتين تقيد بشكليات مقررة .
6.     وحدة مصالح الشركتين .

ونظرا لخطورة تطبيق هذه النظرية على المنشآت ذات الأغراض الخاصة بالتوريق (SPV)  لا تميل المحاكم الاميريكية لتطبيقها في منازعات التوريق المصرفي للديون حتى في حالة وجود عدد من الاعتبارات السابقة، وقد تكررت الإشارة في المحاكم الاميريكية إلى ان الضم الموضوعي بمثابة " تدبير انصافي " Equitable Remedy يجب عدم استخدامه للاضرار بحاملي اوراق مالية دون جريمة اقترفوها Holders of Securities فليس هذا هو الهدف من الضم ([74]).
المطالب الحكومية : Governmental Claims

تأثرا بنظرية الضم الموضوعي فقد ظهر ميل تشريعي لإمتداد المطالبات المالية الحكومية للشركات المرتبطة ضرائبيا أو محاسبيا في إطار مجموعة، فما يسري على الشركة القابضة من مطالبات مالية يسري على الفروع وهو ما يعني تهديد أنشطة الـ SPV لو توافرت مطالبة حكومية قانونية ضد البنك البادئ للتوريق في حالة وجود ارتباط ضرائبي أو محاسبي بينهما،  على سبيل المثال تقضى المادة 1/1502/6 من قواعد الضرائب العامة Treasury Regulations  المقررة في التقنين الأمريكي للدخل القومي U.S Internal Revenue Code (IRC) بمسؤولية الشركة القابضة وكل فرع من فروع هذه الشركة " بشكل إنفرادي " Severally  ضرائبيا عن العوائد التي جنتها المجموعة في ذات السنة المالية التي كانوا فيها مرتبطين كمجموعة شركات إلا لو اثبت أي فرع انفصاله عن المجموعة بغير قصد التنصل من دفع الضرائب للدولة .

وفي نفس الإطار السابق تتخذ المطالبات الحكومية كثيرا شكل مطالبات المعاش Pension Claims، فبعض المطالبات الحكومية المرتبطة بخطط الإستفادة من المعاش يمكن ان تتقرر بمقتضى قانون الدخل القومي الأمريكي وقانون ضمان دخول معاشات الموظفينIncoms Security Act (ERISA) Employee Retirement والصادر عام 1974 في مواجهة أي مجموعة شركات تجارية تديريها شركة قابضة وهو ما يمكن إنطباقه – في كثير من الاحيان – على منشآت ال، SPV’s كفروع للبنوك البادئه لأنشطة التوريق ([75])، وامتداد لذات القواعد السابقة، سيعد البنك البادئ للتوريق كشركة قابضة راعية للمجموعة Sponsor، وكل منشأت الـ SPV’s الفروع للبنك الأول مسؤولين أمام مؤسسة ضمان إعانة المعاش Pension Benefit Guranty Corporation (PBGC)، وهي الوكالة المسؤولة عن تطبيق قواعد وخطط الـ ERISA – عن أي خسائر تحدث للبرنامج المحدد من قبلها لإعانة المعاش Defined Benefit Pension Plan، وللمؤسسة السابقة الحجز على ممتلكات الـ SPV’s  الفروع في حدود 30% من صافي مدخولات هذه المجموعة مكتملة وذلك بناء على حقها في التعويض عن الخسائر المشار إليها([76]) وقد فطن المشرع الأمريكي لخطورة مثل هذه المطالبات على المستثمرين في صفقات التوريق فقرر في قانون الدخل القومي([77]) وفي قانون ERISA([78]) – امكانية ايجاد أولوية لمطالبات حملة الأوراق المالية للـ SPV  على المطالبات الحكومية وذلك من خلال ارتهان الـ SPV لسندات مديونيتها حيازيا SPV’s Pledging حيث يحوز هذا الرهن الحيازي أولوية على مطالبات الحكومة .

(ثالثا) : ضرورة إبرام بيع حقيقي للاصول Creating a True Sale of the Receivables
تدق التفرقة بين البيع الحقيقي لسندات المديونية من البنك البادئ للتوريق للمصدر كوسيلة لإبعاد الأخير عن مخاطر الافلاس وبين اعتبار صفقة انتقال الأصول بمثابة صفقة إقراض من المصدر للبنك وقد اهتم الفقه والقضاء بطرح المعايير الدالة على اعتبار الاتفاق على نقل الأصول بيعا حقيقيا من عدمه .

1.     البيع الحقيقي والقرض المضمون :
من المفاهيم الأساسية في صفقات التوريق ضرورة عزل خطري الاعسار والإفلاس"
  Insolvency Bankruptcy& Remoteness  "اللذان يمكن ان يحيقا بالبنك البادئ للتوريق عن المصدر .

بالنسبة لخطر الاعسار فإنه يجب الحذر لضمان عدم امتداد الاعسار للمصدر وعدم تعرضه للمسؤوليات من جانب الغير خارج إطار صفقة التوريق، بناء على ذلك يحظر عادة على الـ SPV’s ممارسة أي أنشطة غير تلك المرتبطة بشكل وثيق بالصفقة ويراعى دائما ضمان عدم المساس بالتدفق النقدي لها بسبب مشاكل عارضة .

مثلا: المصاريف المبتدأه The Start – Up Costs في الصفقة ستمول عادة بقرض ثانوي Subordinated loan من البنك البادئ للتوريق للمصدر على ان يوافى الأخير البنك بمبلغ القرض بعد استيفاء المستثمرين لحقوقهم، ويجب في هذا الشأن ان يكون تعامل المصدر مع الغير في أضيق الحدود وينظم بحيث يكون حصول هذا الغير على حقوقه في مواعيد محددة تحول دون إندفاعه نحو رفع دعاوى قضائية على المصدر نتيجة إعساره، كذلك فإن خطر إعساره البنك البادئ للتوريق يمثل خطورة اكبر على الصفقة حيث يتعرض للحل Dissolution وهو ما يعني ضرورة توقع انكار مصفى البنك المنحل لبعض أو كل الالتزامات التي يدين بها للمصدر([79])، جميع أمواله الحالة وجميع الأموال التي تؤول إليه ملكيتها وهو في حالة الافلاس([80]). وهو ما يعبر عنه أحيانا باصطلاح " الموت التجاري "([81]). هذه الحالة المتردية للتاجر الفرد يتضاعف اثرها بشكل خطير بالنسبة للجهاز المصرفي خصوصا في إطار أنشطة التوريق، كما سبق الإشارة لذلك خصوصا مع توجه العرف المصرفي في هذه الصفقات على استمرار البنك البادئ للتوريق في إدارة الأصول محل التوريق، ترتيبا على ذلك فإن العزل ما بين مصيري البنك البادئ للتوريق والمصدر لن يكتمل دون التأكد من ان ملكية سندات المديونية قد انتقلت فعليا للذمة المالية للمصدر، وهو ما يشار إليه – عادة – في الفقه الأنجلو اميريكي بعبارة النقل الذي يشكل بيعا حقيقيا Transfer Constituting وذلك بصرف النظر عن القالب القانوني الذي تم به النقل (الحوالة أو التجديد أو المشاركة الفرعية) والبيع المقصود هنا من الناحية القانونية إذن هو البيع الذي يترتب عليه انتقال محل أو موضوع البيع من ذمة شخص لذمة شخص آخر بصرف النظر عن التسميات المختلفة في النظم القانونية، على سبيل المثال يعالج النظام القانوني الأمريكي ما يعرف ببيع المحاسبة Accointing Sale ويتم بين الشركات وبخاصة المؤسسات المالية والبنوك وفقا لمبادئ المحاسبة الاميريكية المقبولة بشكل عام U.S  (GAAP) Generally Accepted Accounting Principles. وهذه البيوع المحاسبية لا تنتقل فيها سندات المديونية محل البيع من مالكها لمشتريها، وهو ما لا حظه مجلس البورصة الأمريكي (SEC) Securities Exchange Commission ( الذي يضطلع بتنظيم ومراقبة التعاملات في الأوراق المالية على امتداد القارة الاميريكية ) واحاط القسم المكلف بمهام المراقبة للاصدارات الجديدة بالمجلس (EITF) Emerging Issues Task Force بضرورة ان يؤخذ في الاعتبار عددا من الشروط اللازمة لاعتبار صفقة بيع سندات المديونية للـ SPV يملكها شخص مستقل من الغير Independent Third Party استثمر راس مال ضخم بشكل معظم راس مال الـSPV ([82]).
خطورة عدم الوضوح بخصوص طبيعة البيع في عقود بيع سندات المديونية ما بين البنك البادئ للتوريق والـ SPV  وهو احتمال إفتراض ان البيع قد تم على اساس محاسبي وليس كبيع حقيقي أي ناقل لملكية هذه السندات، وعندئذ يمكن بالتبعية ان يفترض ان الامر يتعلق بقرض يمنحه المصدر للبنك البادئ للتوريق بضمان السندات المتميزة التي ينقلها الثاني للاول لحين الوفاء بالقرض فنكون بصدد " قرض مضمون" Loan Secured قد يزيد من مديونية منشأة المصدر على حساب الربحية Low Leverage([83]). ينبني على ذلك ضرورة ان يكون البيع مقصودا منه تفادي امتداد اثار اجراءات الافلاس للمصدر أو كما يطلق عليه جانب من الفقه يكون " بيعا لاغراض الافلاس " A Sale for Bankruptcy Purposes وهو ما يستشف من عبارات الاتفاق المبرم بين البنك البادئ للتوريق والمصدر لان عدم وضوح ذلك الهدف من البيع يمكن ان يعتبر معه الاتفاق مجرد إتفاق على تقديم قرض أو سلفة مالية Advances of Funds  مضمونه بسندات المديونية ([84]).

من جهة أخرى لا يجب إستخدام أطراف الصفقة لعبارات أو مفرادات معززة لاعتبار الصفقة مجرد محاولة من البنك البادئ للتوريق لزيادة تفاقم حالته المالية وذلك مثلا بوصف السندات المنقوله بأنها " سندات ممتازة " Preference Receivables أو ان نقل هذه السندات للمصدر كان نقلا بقيمة بخسة Transfer at under value  والا اعتبر ذلك تصرفا غير نافذ في مواجهة كتلة الدائنين بأثر رجعي حتى لو وقع في فترة سابقة على حكم شهر الافلاس وذلك في القوانين : المصري والفرنسي والاسباني([85]). بأثر رجعي حتى لو وقع في فترة سابقة على حكم شهر الافلاس وذلك في القوانين : المصري والفرنسي والاسباني([86]).

في القانون الأمريكي فإن للمصدر حق انتفاع مضمون Security Interest لاحق ملكية  Ownership Interest على السندات، وبناء على ذلك يترتب على إفلاس البنك البادئ للتوريق وفقا للمادة 365 ([87]) من قانون الافلاس وقف جميع دعاوى الدائنين لفك الارتهان Foreclose أو الحصول على ممتلكات البنك البادئ للتوريق.

بناء على ذلك، لو كيفت المحكمة نقل السندات من البادئ للتوريق للمصدر على أنه " قرض مضمون "  أكثر منه " فلن يستطيع المصدر الوفاء للمستثمرين من عوائد السندات لحين إنتهاء توقف الدعاوي([88]).

علاوة على ذلك فإنه للمحكمة بمقتضى المادة 263 (افلاس اميريكي) أن تأمر – بعد إعلان الدائنين ومنحهم مهلة لحضور الجلسة Working Capital ([89]) لو قدم هو أو أمين التفليسة " حماية كافية " Adequate Protection  لمصالح المصدر .

واخيرا يمكن للمحكمة وفقا للمادة 364 ان تسمح للبنك البادئ للتوريق – لو لم يكن لديه ائتمان مناسب وكان قد تمكن من منح حماية كافية للـ SPV – بزيادة التدفق النقدي لديه عن طريق منح مقرضين جدد حجزا متساويا Pari Passu أو له أولوية على حجز الـ SPV أو لم يكن للحجز المتساوي القدرة على جذب تمويل جديد ([90]).

2.     المعايير المطروحة لاعتبار نقل الأصول بيعا حقيقيا :

زاد الاهتمام الفقهي والقضائي بفحص طبيعة نقل الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر، وما اذا كان يشكل هذا النقل بيعا حقيقيا – أي لاغراض الافلاس – وبالتالي ناقلا لملكية الأصول للمصدر ام مجرد قرض مضمون بالاصول وغير ناقل بطبيعة الحال للملكية .

وقد انعكس ذلك الاهتمام في صورة طرح معايير شتى وغير متجانسة لكنها تتفق جميعا في إطار عام يركز على ما اذا كان البنك البادئ للتوريق قد شارك بحق في مخاطر إقتصادية مستقبلية " Future Economic Risks وفي الإستفادة بملكية السندات التي يدعي بيعها، وما اذا كان المصدر قد شارك في هذه المخاطرة وتلك الفوائد من عدمه، ويمكننا إجمال هذه المعايير فيما يلي :

أولا :  مستوى الرجوع : The Level Of Recourse

المقصود بهذا المعيار هو النطاق أو المدى الذي يمكن للمصدر فيه الرجوع على البنك لاستيفاء حقوقه من السندات المنقولة بطبيعة الحال، كلما زاد هذا الرجوع زادت قناعة المحكمة بابتعاد الصفقة عن البيوع الحقيقية الناقلة لملكية الأصول، مع ذلك فإن النص في الاتفاق علي امكان الرجوع على البنك لا يعني بالضرورة ان الصفقة قد إبتعدت عن وصف " البيع الحقيقي" وانما سيدعو ذلك النص في فحص طبيعة هذا الرجوع وما يرتبه من اثار على أطراف صفقة التوريق([91]).

على سبيل المثال : حين ينص الاتفاق على تعهد البادئ للتوريق وضمانه بأن كل السندات المباعة كأصول لا تشوبها شائبة وقت بيعها وانه سيقدم تعويضا عن أية أضرار تقع نتيجة إنتهاكه لهذا التعهد أو تلك الضمانة للـ SPV، فإن هذه التعهدات والضمانات لا تمثل تعهدات وضمانات بتحصيل الـ SPV عوائد السندات وقت الإستحقاق وانما وقت نقلها للـ SPV، وهي تعهدات وضمانات مألوفة وغير متجاوزة للمعقول ولا يختلف عن الضمانات التي يمنحها بائع سلعة ما، ولا يتناقض ذلك – بطبيعة الحال – مع اعتبار الصفقة بيعا حقيقيا للاصول لاغراض الافلاس([92]). وقد عرضت مؤسسة ( S & P) Standard & Poor للتصنيف عدة صور للرجوع يترك تقدير اثرها على تكييف الصفقة بكاملها للمحكمة وذلك كالآتي ([93]) :
1.     استبدال البنك البادئ للتوريق للسندات المتأخرة في الوفاء بسندات أخرى مضمونة الوفاء.
2.     دفع البنك البادئ للتوريق قيمة الإئتمان الذي قدمه شخص من الغير .
3.     إحتفاظ البنك البادئ للتوريق بسندات مديونية تابعة Subordinated Notes لسندات المديونية المنقولة للمصدر .





 ثانيا : حق البنك البادئ للتوريق في الاسترداد Redemption of Transferred Receivables:

المادة 56/9 من التقنين الامريكي التجاري الموحد UCC  تسمح للمدين الراهن  The Mortgagor في الرهون العقارية باسترداد ممتلكاته المضمونة بمقابل قبل التصرف فيها من الدائن المرتهن The Mortgagee وهو الحكم الذي اخذت به كل تشريعات الولايات الأمريكية في الرهون الرسمية، وتطبيقا لذلك اذا نص في الاتفاق ما بين البنك البادئ للتوريق والـ SPV على ان يقدم الأول رهنا رسميا على بعض ممتلكاته العقارية بضمان الأصول، ونص في إتفاق التوريق على حق البنك في استرداد جزء من السندات المضمونة أو اعادة شرائه للسندات المتأخر سدادها Assets Repurchase of Defaulted فإن ذلك يجعل الاتفاق اقرب لكونه قرضا مضمونا والعكس ([94]).

ونرى ان الحق في الاستراد أو اعادة الشراء بدوره يتعين فحصه من واقع صياغته في الاتفاق فاذا كان هذا الحق مكفولا للبنك البادئ للتوريق دون ان يكون من حق الـ SPV الرفض كان المقابل المدفوع لممارسة الحق في الاسترداد أو اعادة الشراء اشبه بالتعويض عن الضرر وابعد من ان يكون ثمنا في صفقة بيع جديدة، وتكون صفقة نقل الأصول اقرب للقرض المضمون .

ويلاحظ ان المشرع الفرنسي في الاعمال التحضيرية لقانون المنشآت المعنية بالنقل المجمع للاوراق المالية أو بالمنشآت المالية المتخصصة في توظيف الديون المجمعة الصادر في 23 ديسمبر سنة 1988 قد فطن لذلك الامر وحسمه بشكل متميز حيث قرر ان نقل الأصول للـSPV لا يصح إلا اذا كان إتفاق النقل خاليا من تخويل البنك البادئ للتوريق الحق في استرداد أو اعادة شراء الأصول ([95]).

ثالثا : الحق في الفوائض :  Right to Surplus

اعتد القضاء والفقه الأنجلو اميريكيين بالاتفاق على منح البنك البادئ للتوريق الحق في أي متحصلات فائضة غير متفق عليها من عوائد السندات المنقولة للـ SPV كمؤشر واضح على اعتبار الاتفاق مجرد " قرض مضمون" وبالعكس فإذا تقرر في الاتفاق حق الـ SPV في الإحتفاظ بكل متحصلات السندات المنقولة لحسابه حتى بعد تحصيل حقوق المستمرين وحرمان البنك البادئ للتوريق من أي حقوق تتعلق بزيادة في قيمة السندات " Appreciation of the Assets " أو بأستخدام الزيادة في حصيلة هذه السندات لحسابه فإن ذلك يجعل الصفقة اقرب ما تكون إلى " البيع الحقيقي"([96]).
رابعا: إليه التسعير Pricing Mechanism

 حصول البنك البادئ للتوريق على أقيام سندات مديونياته قبل تواريخ استحقاقها من خلال توريقها يحمل فيضا من المميزات لهذا البنك – سبق ابرازها في إطار مميزات التوريق – ولن يكون هناك ثمة حافز للـ SPV على قبول شراء هذه السندات اذا كانت ستشتريها بقيمتها الفعلية والامر الاقرب للتوقع – وايضا للممارسة – هو الشراء بسعر محدد ومخفض At a Discount ثابت في كل بيع يتم للسندات لحسابة فإن ذلك يجعل الصفقة أقرب ما تكون "إلى بيع الحقيقي " .

في المقابل لو أن السعر المقدم من الـ SPV في إطار الاتفاق كان يستند لمؤشر المتذبذب Fluctuating Interest Index  كما في عدد من عقود القروض التجارية، فإننا نكون – في الغالب – بصدد " قرض مضمون " لا " بيع حقيقي"([97]).

خامسا : نية أطراف صفقة التوريق Parties Intent

المقصود هو ابراز النية الحقيقية لاطراف الاتفاق وهو ما يمكن ان يتضح من صياغة نصوص الاتفاق، ويمكن الإعتماد في هذا الشأن على دفاتر البنك والـSPV وسجلاتهم وكشوف الضرائب الموثوق في انتظامها وصدق بياناتها، كما يحتمل ان تكون هناك إشارة تصف نقل الأصول بأنه مجرد " ضمان لدين " Security Of Debt" أو تصف الصفقة بكاملها بأنها " وسيلة ضمان" Security Device  أو بالعكس انها صفقة " بيع حقيقي " ([98]).

سادسا : الإدارة وتحصيل عوائد السندات Administration & Collection Accounts:
إدارة وتحصيل عوائد السندات مؤشر جاد للاستدلال على الوصف الحقيقي لطبيعة الصفقة، بطبيعة الحال لو كان للـSPV سلطة رقابة متحصلات الحسابات ( وهو ما يتضمن ضرورة استحواذها على كل الدفاتر والسجلات والمستندات ذات الصلة بالسندات المنقولة ) وكان من صلاحيتها وضع سياسة الإئتمان وتحصيل عوائد السندات وتمتعها بحق اشعار المدينين بشرائه للسندات إلى جانب رقابتها لأنشطة أي وكيل إتفق عليه لتحصيل عوائد السندات Collection Agent، فإننا نكون بصدد " بيع حقيقي" عازل لخطر افلاس البادئ للتوريق، ولا يؤثر في ذلك الاستنتاج استقرار الممارسة في صفقات التوريق على تعيين البنك البادئ للتوريق كوكيل للتحصيل وذلك بالشروط الآتية : ([99])
1.     ان يكون من الواضح في الاتفاق ان البنك البادئ للتوريق سيقوم بعمله كوكيل عن المصدر وفقا للقواعد المعروفة للوكالة .
2.     تحديد اجر البنك البادئ للتوريق الموكل في إدارة الأصول وتحصيل عوائد السندات بقدر يكافئ ما بذله من جهد في هذا الشأن .
3.     تمتع الـ SPV  بحق عزل البنك البادئ للتوريق كوكيل للتحصيل أو إدارة الأصول ليحل بنفسه محله أو يعين أي شخص من الغير لاداء هذه الوظيفة .

سابعا : اختلاط المتحصلات بأموال البنك البادئ للتوريق :

كما سبق فإنه غالبا ما يضطلع البنك البادئ للتوريق بإدارة محفظة الأصول، ومن المتوقع في هذه الحالة ان يدفع المدينون للبنك الذي يحصل هذه العوائد، وعندئذ إذا إمتزجت هذه العوائد بأموال البنك بحكم الاتفاق فقد يستخدمها استخداما استثماريا أو ائتمانيا أو للوفاء بديونه ... الخ. في هذه الحالة سيقترب الاتفاق من كونه قرضا مضمونا حيث ان الامتزاج Commingling  المشار إليه اذا سمح به المصدر سيبدو مناقضا لمفهوم البيع، وتحدث هذه الحالة كثيرا اذا كانت عمليات التحصيل مستمرة ومتواصلة كالتحصيل اليومي مثلا في حين يكون الوفاء للـ SPV شهريا أو كل عدة شهور، والسبيل الامثل لعدم اختلاط المتحصلات بأموال البنك البادئ هو عزل هذه الأموال كوديعة لدى مودع لديه لحين اعادتها للـ SPV في تواريخ الوفاء المتفق عليها ([100]).

على أي حال فإن الممارسة الحديثة في صفقات التوريق يندر فيها التصريح بأن نقل الأصول يتم في إطار بيوع افلاس حقيقة a True Bankruptcy Sales  وانما يتحتم – على ما يبدو- إيجاد توازن يصعب تفاديه بين مصلحتي البنك البادئ للتوريق والـ SPV من جانب فإن الرجوع على البنك مطلوب من زاوية ضمان حق حملة الأوراق المالية بشكل معقول في الحصول على عوائد هذه الأوراق، ومن جانب آخر فإنه سيبدو من غير المجدي اقتصاديا بالنسبة للبنك ان يقبل حصول الـ SPV على كل فوائض عوائد سندات المديونية طالما ان حمل الأوراق المالية للـSPV قد تم الوفاء بحقوقهم .

ترتيبا على ذلك فإن اغلب الظن ان ينظم أطراف إتفاق التوريق الصفقة على اساس الموازنة ما بين الاهمية البالغة لتكييفها كبيع في مفهوم اغراض الافلاس وما بين الطموحات التجارية الآخرى للمستثمرين والبنك البادئ للتوريق، ولتحقيق هذا التوازن تضع الأطراف نصب أعينها القدرة الإئتمانية للبنك، فقد يجد المستثمرون ان اصرارهم على البيع " البيع الحقيقي " غير ذي جدوى وذلك اذا كان البنك حاصل على درجة إئتمان مرتفعة (Triple A مثلا)  من وكالات التصنيف، بعكس الحال اذا كانت أحوال البنك المالية مضطربة أو متوقف تقريبا عن العمل In a Workout([101]).

تعليقات