الحق في العقاب
الدكتور أحـــمـــد لــطــفــى الـــســـيــد
1-
وتقسيم :
تمثل مكافحة الظاهرة الإجرامية
والحد منها الهدف الأسمى الذي يرمي إليه كافة المهتمين بتلك الظاهرة ، وبلوغ تلك
الغاية أو الفشل فيه مقياس على مدى نجاح السياسة
الجنائية المتبعة داخل المجتمع.
وللسياسة الجنائية - بحسبانها
العلم الذي يهدف إلى استقصاء حقائق الظاهرة الإجرامية للوصول إلى أفضل السبل إلى
مكافحتها - مراتب تبدأ بالمستوى القاعدي المتعلق بشق التجريم من القاعدة الجنائية
، فتبحث في مدى تلائم التجريم المقرر من قبل المشرع الداخلي مع قيم وعادات المجتمع
، ومدى الحاجة إلى هذا التجريم في الفترة المقرر فيها ،
حيث تتباين المجتمعات في هذا بحسب مستواها من التطور الاجتماعى والخلقى
والروحي. وكذلك تبحث في طبيعة الوقائع المجرمة لتحديد أى
الوقائع يجب أن تظل مجرمة ،
وأيها يجب إباحته ، وأيها يجب أن يصبغ عليها وصف
التجريم[1].
وتنتقل السياسة الجنائية إلى الشق الجزائي من القاعدة
الجنائية ، كي تقيم العقوبات المقررة وحالات التخفيف والتشديد والإعفاء وسبل
التفريد التشريعي المقررة في مدونة العقوبات[2]. ثم تنتهي السياسة الجنائية إلى
مرتبتها الثالثة المتعلقة بتحديد أساليب المعاملة العقابية حال التنفيذ الفعلي
للجزاء الجنائي داخل المؤسسات العقابية ، خاصة ما يتعلق بالتفريد التنفيذي للعقوبة
والتدابير الجنائية ، وكفالة إتباع أسلوب علمي في تنفيذ الجزاء على المجرم بما
يضمن تأهيله وإصلاحه وتهذيبه وإعادة اندماجه في المجتمع مرة أخرى.
وعلى ذلك فإن هدف السياسة
الجنائية لا يقتصر على الحصول على أفضل صياغة لقواعد قانون العقوبات وإنما يمتد
إلى إرشاد القاضي الذي يضطلع بتطبيق هذه الأخيرة وإلى الإدارة العقابية المكلفة
بتطبيق ما قد يحكم به القاضي[3]. وهذا الشق الأخير للسياسة
الجنائية - والمسمى بالسياسة العقابية - هو الذي يضمه علم العقاب موضوع
هذا الكتاب ، والذي يرمي بالتالي إلى الوقوف
على الكيفية التي ينبغي بها مواجهة الظاهرة الإجرامية في مرحلة التنفيذ العقابي ، بما
يكفل تحقيق أهداف المجتمع في منع الجريمة أو تقليصها إلى أبعد مدى[4]. فكأن علم العقاب علم يسلم بحقيقة
الظاهرة الإجرامية ، ويتلقفها بالدراسة والتحليل في أعقاب وقوع الجريمة وثبوتها
على جان أو أكثر ، ثم يبدأ التعامل معها في مرحلة تنفيذ الجزاء الجنائي كي يباعد
بين الجاني - وكذا بقية أفراد المجتمع - وبين تكرار وقوعها. من هنا تظهر أهمية دراسات علم
العقاب حيث يتوقف على هذا العلم نجاح المجتمع في مواجهة الظاهرة الإجرامية[5]. وكان لزامًا علينا والحال كذلك
أن نكشف في مهد مؤلفنا عن بعض الأوليات والعموميات حول الحق في العقاب التي تعين على إدراك مبادئ هذا
العلم وتفهم مشكلة الجزاء الجنائي ،
كل ذلك من خلال الباب التمهيدي
من هذه الدراسة.
ومن الحقائق الثابتة أن أي علم من
العلوم ، طبيعياً كان أم إنسانياً ، ينمو ويتطور بقدر نمو وتطور موضوع هذا العلم
والمحل الذي يعني بدراسته. وإذا كانت العقوبة قديماً ، بحسبانها نوعاُ من الألم
يعادل ويكافئ ما قد وقع من جرم ، هي الصورة الأولى للجزاء الجنائي إلا أنه سرعان
ما تبين أن هذا النمط يظل قاصراً عن تحقيق أغراض المجتمع من توقيع العقاب والمتمثل
في منع ومكافحة الجريمة ، لذا فقد كشف التطور عن نمط آخر من أنماط الجزاء الجنائي
ألا وهو التدابير ، سواء أكانت وقائية أو عقابية أم
علاجية ، والتي ظهرت أواخر القرن التاسع عشر على يد المدرسة الوضعية الإيطالية حين قالت بفكرة الخطورة الإجرامية. فكأن هناك تطوراً قد أصاب ما يمكن أن
نطلق عليه صور رد الفعل العقابي ، وهو ما سوف نوضحه من خلال الباب الثاني من المؤلف.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن نجاح
سياسة المكافحة للظاهرة الإجرامية على مستوى التنفيذ العقابي يتوقف في نهاية الأمر
على أساليب وطرق المعاملة العقابية المتبعة داخل وخارج المؤسسة العقابية وقدرتها
على إعادة تأهيل المجرم وتحقيق كلاً من الردع العام والخاص والحد من معدلات الجريمة في المجتمع.
من هنا فقد خصصنا الباب الثالث
والأخير
من هذا المؤلف لبيان الكيفية التي يتم بها اقتضاء الحق في العقاب ، أي بيان أساليب المعاملة العقابية ، سواء أكانت داخلية كالتصنيف
والرعاية الصحية والاجتماعية والعمل ، أو خارجية كالوضع تحت الاختبار وإيقاف
التنفيذ والإفراج الشرطي والعمل للمصلحة العامة والرعاية اللاحقة.
بيد أن التطور الذي أصاب نوع العقاب وأساليب المعاملة العقابية (صور رد الفعل العقابي وكيفية
اقتضاء الحق في العقاب) ما كان
ليتم لولا التطور الذي طرأ على فلسفة وأساس حق العقاب ذاته ؛ هذا التطور الذي نجم عن
تبدل وتنوع المدارس الفكرية في مجال الدراسات الجنائية. من
هنا كان ولابد قبل بيان صور رد الفعل العقابي وكيفية اقتضاء الحق في
العقاب أن تبدأ الدراسة
بتسليط الضوء على فلسفة الحق في العقاب ، وهو ما خصصنا له الباب الأول من الدراسة.
وعلى هذا فسوف تنقسم الدراسة على
النحو التالي :
الباب التمهيدي
:
عموميات حول الحق في العقاب
الباب الأول :
فلسفة الحق في العقاب
الباب
الثاني : صور رد الفعل العقابي
الباب الثالث :
اقتضاء الحق في العقاب
الباب التمهيديعموميات حول الحق في العقاب
2-
أولاً : موضع
القانون الجنائي من القانون عامة :
إذا كان يمكن تعريف القانون بأنه
مجموعة القواعد القانونية التي لها صفة الإلزام
والتي تقرها الجماعة الإنسانية في
مجتمع ما من المجتمعات من أجل
تنظيم العلاقات والمبادلات والظواهر التي تسوده ،
فإننا بهذا ندرك أن القانون هو أمر قديم قدم المجتمع الإنساني ذاته. فتلاحم
الجماعة الإنسانية يؤدي وبالضرورة إلى نشوء علاقات متبادلة بعضها قد يتوافق وبعضها
قد يتنافر بحكم توافق وتنافر الرغبات والمصالح ، مما يوجب في النهاية وضع إطار
تنظيمي يضمن منع العدوان واستقرار الحقوق لأصحابها. وبالجملة فإن القانون والمجتمع
وجهان لعملة واحدة يتواجدان سوياً ولا غنى لأحدهم عن الآخر[6].
وبقدر تنوع العلاقات والمعاملات
فإن القواعد القانونية الحاكمة لها تتنوع ، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء ما نسميه
الأفرع القانونية. فمن القواعد ما يهدف إلى تنظيم العلاقات المالية التجارية بين
الأفراد كالقانون المدني والتجاري ، ومن القواعد ما يهدف إلى تنظيم علاقات الأفراد
بالسلطة أو تلك الأخيرة بغيرها من السلطات داخل المجتمع كالقانون الإداري أو
القانون العام ، ومن القواعد ما يهدف إلى تنظيم الإطار الأمني الذي تتحرك فيه كافة
العلاقات السابقة من أجل درء أي عدوان أو عصيان أو خرق يقع على النظام الذي ارتضاه
المجتمع ، وتلك هي رسالة القانون الجنائي.
فالقانون الجنائي يهدف إلى تحقيق
الأمن في المجتمع عن طريق وضع القواعد التجريمية التي تحظر أنماط السلوك التي من
شأنها أن تهدد المجتمع بالضرر أو تعرض أمنه للخطر، مع تفريد الجزاء المناسب
والمكافئ لما وقع من اعتداء.
3-
ثانياً :
علم
العقاب وموضعه من القانون الجنائي :
إذا أردنا أن نتخير من شتات
التعريفات التي قيلت بشأن علم العقاب فإننا يمكننا أن نوجز الأمر بقولنا أنه العلم
"الذي يعكف على دراسة الحق في
العقاب فيبحث في أسسه ويبين القواعد الخاصة بتنظيم الجزاء
الجنائي (رد الفعل العقابي) وسبل اقتضاء
هذا الحق
على النحو الذي يكون من شأنه أن يحقق
الجزاء الجنائي أغراضه
حال التنفيذ الفعلي داخل المؤسسة العقابية[7]". وأول ما يستلفت نظرنا في هذا
التعريف هو أن علم العقاب يظهر في ثوب علم المكافحة اللاحق ، أي ذلك الذي لا تظهر
قواعده إلا بعد وقوع الجريمة بالفعل[8].
على أنه لا ينبغي أن نفهم أن علم
العقاب هو مجرد شرح لنصوص القانون الوضعي في معاملة المجرمين ، إنما هو علم كلي
مجرد يهدف إلى استخلاص القواعد العامة والكلية التي تحكم تنفيذ الجزاء الجنائي كي
يحقق الأغراض التي ترسمها له مصلحة المجتمع في مواجهة الظاهرة الإجرامية. وبالتالي
فإن دراسات علم العقاب تهدف بالدرجة الأولى إلى توجيه المشرع في اختيار أفضل
القواعد والأحكام التي يجب أن يراعيها في تنظيم الجزاء الجنائي وطرق تنفيذه[9]. ومن ثم يظهر لنا أن موضع علم
العقاب من القانون الجنائي هو الجزء المتعلق بشق الجزاء من القاعدة الجنائية.
فالمعلوم أن قواعد قانون العقوبات
لها شقين ، الأول منها يتعلق بشق التكليف ، أي الشق الذي يحدد صور السلوك الأفعال
المحظورة. وهذا الشق يحكمه ما يسمى مبدأ الشرعية الجنائية (م5 عقوبات ، م 66 من الدستور
المصري) القائل بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، وبمعنى أخر أنه لا
يعد سلوكاً ما جريمة ما لم يكن هذا السلوك محظوراً صراحاً بنص القانون عند ارتكابه
، إذ لا رجعية لنصوص قانون العقوبات. والهدف
من تلك القاعدة هو تحقيق الاستقرار في العلاقات الاجتماعية ، كي لا يعاقب الأفراد
على أفعال هي مباحة لحظة القيام بها لمجرد أن تشريعاً ما اعتبرها جرماً في أعقاب
وقوعها[10].
أما الشق الثاني من أقسام القاعدة
الجنائية فهو شق الجزاء ،
أي الشق الذي يحدد الآثار القانونية المترتبة على مخالفة الأوامر والنواهي الواردة
في شق التكليف ، أي أنه رد الفعل تجاه الخروج على
أحكام قانون العقوبات. وهذا الشق قديم قدم الجريمة ، وإن تنوع رد الفعل تجاه
الجريمة بتطور المجتمعات ، حيث انتقل هذا الشق من صورة الانتقام الفردي والجماعي
في المجتمعات القبلية في صورة اعتداءات مستمرة من قبل المجني عليه أو عشيرته. إلى
أن وصلنا إلى صورة أكثر تهذيباً توكل أمر تنظيم رد الفعل تجاه الجريمة إلى يد سلطة
عليا ، أخذت في العصر الحديث شكل الدولة ، وبدأت بالتالي معالم علم العقاب وعلم
السياسة العقابية من أجل التنظيم الفعال الذي يجمع بين وجوب مكافحة الجريمة وبين
إعادة تأهيل الجاني مرة أخرى ليصبح عضواً نافعاً في المجتمع.
واتصال علم العقاب بشق الجزاء من
القاعدة الجنائية يفرض عليه من أجل مكافحة الظاهرة الإجرامية القيام بتفعيل الجزاء الجنائي في
مرحلة الاختيار ، وكذا تفعيل أغراض الجزاء الجنائي والمعاملة العقابية ، وذلك على التفصيل التالي :
4- أ : تفعيل الجزاء الجنائي في مرحلة الاختيار :
بعد قيام المشرع بتحديد أنماط
السلوك التي يعتبرها جريمة تمس الهيئة الاجتماعية عليه أن يتخير أفضل الأجزية التي
تتناسب مع جسامة الفعل والأضرار الناشئة عنه. وهذا الاختيار لا يتم بصورة عشوائية
إنما بعد دراسة مختلف الأجزية الجنائية المتاحة وفق تطور المجتمع ومفاهيمه
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية.
وهذه الدراسة تقع موقع القلب من
علم العقاب ، فهي جوهره. وكان لهذا العلم دوره في تفعيل الجزاء الجنائي ، حيث لم
يعد هذا الأخير يقتصر على العقوبات باعتبارها الألم الذي يتناسب مع جسامة الجريمة
المرتكبة والذي يصيب المحكوم عليه في حياته أو حريته أو ذمته المالية ، وإنما اتسع
الأمر ليشمل سلسلة من التدابير الاحترازية التي تطبق على طائفة معينة من الجناة
الذين وفق قياسات معينة ينبئ وضعهم الجنائي عن عدم صلاحية العقوبة التقليدية في
إصلاحهم وتقويمهم. وهكذا اتسعت فرصة الاختيار أمام القاضي الجنائي حال القيام
بدورة في مكافحة الجريمة ، وما هذا إلا نتيجة للتطور الذي شهدته أبحاث علم العقاب
والسياسة العقابية.
5-
ب : تفعيل
أغراض الجزاء الجنائي والمعاملة العقابية :
كان لدراسات علم العقاب أثرها في
تطوير أغراض الجزاء الجنائي وأساليب المعاملة العقابية.
ففي الوقت الذي كانت فيه العقوبة هي الجزاء الأساسي بدأ علماء القانون الجنائي في
القرن الثامن عشر في الانتقال بالعقوبة من مرحلة اعتبارها مجرد قصاص تستوجبه قواعد
الأخلاق أو مجرد اعتبارها تعويضاً عادلاً ومستحقاً للمجتمع إلى مرحلة الوظيفة
الوقائية للعقوبة. إذ يجب على العقوبة أن تلعب دوراً في حماية المجتمع بمنع تكرار
الجريمة سواء من غير المحكوم عليه وهو ما يسمى بالردع العام Prévention générale ، وسواء من المحكوم عليه ذاته
وهو ما يسمى بالردع الخاص Prévention spéciale.
وفي المرحلة التي كان ينظر فيها
للعقوبة على أساس أن لها طابع القصاص والانتقام اصطبغت بما يسمى بالوظيفة
الاستبعادية للعقوبة Fonction d’élimination ، والتي ترى أن كفاح
المجتمع ضد الجريمة لا يكون إلا بإقصاء المجرم عن المجتمع ككل. من هنا ازدادت
أهمية عقوبة الإعدام وكذلك العقوبات السالبة للحرية (خاصة طويلة المدة أو المؤبدة)
لأنها تؤدي في النهاية إلى إبعاد المحكوم عليه عن المجتمع. لذا فإن الدراسات
العقابية في هذه المرحلة كانت تسمى " بعلم السجون "Science Pénitentiaire".
وإزاء العيوب التي ظهرت للوظيفة
الاستبعادية للعقوبة ، لما لها من نتائج سلبية على المحكوم عليه ذاته وعلى أسرته
وعدم تناسبها مع الجرائم القليلة الجسامة من وجهة النظر الاجتماعية ، بدأ الاهتمام
بغرض عقابي آخر للجزاء الجنائي ألا وهو غرض الردع الذي قد يتحقق بطريق التخويف La dissuasion par l’intimidation أو بطريق الإصلاح La dissuasion par l’amendement .
والطريق الأول له قسمان : الأول
هو الردع العام الموجه للكافة من الناس لما يحدثه الجزاء الجنائي الواقع
على عاتق المحكوم عليه من ترهيب لبقية أفراد المجتمع وإحباط الإرادة الإجرامية
لديهم[11].
وهذا الردع يتفاوت فيه الناس بحسب نوع الجريمة المرتكبة ، فالعقوبات المقررة
لجرائم التهرب الضريبي والجمركي وللمخالفات عموماً لا تحدث درجة التخويف بذات
القدر الذي تحدثه العقوبات في الجرائم الأخرى.
كما أن الردع يتفاوت حسب نوع العقوبة ودرجة جسامتها ، فالإعدام أشد من الحبس في
درجة الردع كما أن هذا الأخير له أثر رادع أشد من الغرامة. ويتوقف أخيراً غرض
الردع العام على نوعية المجرم ، فالمجرم العاطفي مثلاً لا يتمثل العقاب في ذهنه
قبل الإقدام على فعله الآثم ، كما أن هناك طوائف أخرى تقل لديها حدة الردع لما
يثور لديهم من باعث الأمل من الإفلات من العقاب[12].
أما القسم الثاني فهو التخويف الذي ينصرف إلى المحكوم
عليه وحده ، أو ما يسمى بالردع الخاص. وهذا التخويف ينصرف أثره للمستقبل بعد تنفيذ
العقوبة ، بمعنى أنه يستهدف الحيلولة بين المحكوم عليه وبين العودة إلى
سلوك سبيل الجريمة مرة أخرى. غير
أن هذا التخويف الخاص في حالات العقوبة القاسية السالبة للحرية ، وأحيانا المغالي
فيها ، من شأنه أن يجعل المحكوم عليه أكثر عدوانية وكراهية للهيئة الاجتماعية لما
للسجن من أثر سلبي على صحة ونفسية وجسد وأسرة المحكوم عليه.
ولقصور وظيفة الردع بشقيقها العام
والخاص عن مكافحة الجريمة كان لابد أن تنهج الدراسات العقابية نهجاً حديثاً في
النظرة إلى أغراض الجزاء الجنائي وأساليب المعاملة العقابية ، الأمر الذي تم على يد أنصار
المدرسة الوضعية الإيطالية ، التي لا تنظر للجسامة الذاتية للواقعة الإجرامية
كأساس للعقاب وإنما للخطورة الإجرامية للفاعل واحتمال وقوع الجريمة منه في
المستقبل.
من هنا ظهر الطريق الثاني ألا وهو
الردع بطريقة الإصلاح ، أي العمل بأساليب مختلفة على دفع المحكوم عليه في المستقبل
وبعد انتهاء مرحلة التنفيذ العقابي إلى التوافق في سلوكه مع القواعد الاجتماعية
السائدة في المجتمع ، وبالجملة تحوله إلى رجل شريف. وهذا
الهدف - كما ترى المدارس العقابية في فرنسا خاصة مدرسة الدفاع الاجتماعي - هو من
مهام الإدارة العقابية التي يجب أن تعمل على خلق وتنمية الإرادة داخل المحكوم عليه
وتهذيبه وتأهيله كي يعتاد على العمل الشريف في أعقاب خروجه من المؤسسة العقابية. وهذا يلقى على هذه الإدارة عبء
تثقيفي وعبء القيام بالرعاية الصحية والاجتماعية للمحكوم عليه ، سواء أكان ذلك
أثناء مرحلة التنفيذ العقابي أو بعد ذلك في إطار ما يسمى بالرعاية اللاحقة للمحكوم
عليه بهدف ضمان تأهيله وانخراطه عضوا نافعاً في المجتمع. وقد أصبح تحقيق هذا الهدف
أهم ما يشغل الباحثين في علم العقاب[13].
هذا
التطور دفع
البعض - ومع سيادة هذه المفاهيم الحديثة
في المعاملة العقابية - إلى إطلاق اصطلاح "علم
معاملة المجرمين" Science de traitement des
délinquants على ذلك
العلم الذي يعكف على دراسة القواعد التنفيذية لمختلف الجزاءات الجنائية (عقوبات
وتدابير) ودراسة وسائل المكافحة العامة للجريمة والوقاية منها. هذا الأمر الذي
تهتم به منظمة الأمم المتحدة في إطار دعوتها المتكررة للعديد من المؤتمرات الدورية
والتي تنعقد كل خمس سنوات حول "الوقاية من الجريمة ومعاملة المذنبين"
ومنها المؤتمر الأول الذي انعقد بمدينة جنيف بسويسرا عام 1955. وفى هذا المؤتمر تم
عرض المشروع الذي أعدته سكرتارية الأمم المتحدة حول قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين
وتم إقراره واعتماده من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في 31
يوليو 1957 ليمثل جملة القواعد التي أجمع الخبراء في المجال العقابي على قبوله
بوجه عام كمبادئ وأساليب صالحة في مجال معاملة المسجونين وإدارة المؤسسات العقابية
، وليعد بمثابة دليل العمل في مجال الإصلاح العقابي[14].
جملة القول أن الدراسات العقابية
الحديثة لم تعد تقتصر على دراسة كيفية تنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية Mesures de sûreté أياً كان نوعها ، بل أصبحت تتناول فوق ذلك أساليب المعاملة
العقابية التي تجري داخل المؤسسة العقابية أو التي تجري خارجها (الإفراج الشرطي
ونظام الرعاية اللاحقة…الخ) على النحو الذي سيظهر في ثنايا هذا المؤلف.
6-
ثالثاً :
طبيعة
التنفيذ العقابي :
من بين الأسئلة التقليدية التي
تحاول دراسات علم العقاب الإجابة عليها التساؤل حول طبيعة التنفيذ العقابي. وفي
الإجابة على هذا التساؤل يمكنا القول أن هناك سمات ثلاث تحكم طبيعة التنفيذ
العقابي نتولاها بالإيضاح على النحو التالي :
7-
أ : الطبيعة
الإدارية لقواعد التنفيذ العقابي :
غالباً ما يكون سند التنفيذ
العقابي هو الحكم الجنائي النهائي الذي يصدر من القاضي المختص بعد إحالة الدعوى
إليه من السلطة المختصة بذلك وفق القانون ، متضمناً
هذا الحكم توقيع عقوبة جنائية أو تدبير يحدده التشريع على متهم ثبتت إدانته. وقد
يكون سند التنفيذ العقابي أمراً جنائياً يصدره قاضي أو أحد أعضاء النيابة من
درجة معينة وفي أحوال تعينها
النصوص القانونية. والأمر الجنائي له طبيعة قضائية ،
إذ هو في حقيقة الأمر حكماً واجب التنفيذ متى صار نهائياً يتضمن توقيع عقوبة دون
اتخاذ الإجراءات العادية للدعوى الجنائية من تحقيق ومحاكمة ، وبه تنقضي سلطة الدولة في العقاب
قِبل المتهم (المواد 323 إلى 330
إجراءات جنائية مصري)[15].
وبمجرد صيرورة الحكم الجنائي
حكماً باتاً لا يجوز الطعن فيه ،
إما باستنفاذ طرق الطعن أو بسبب انقضاء مواعيده المقررة ،
فإن الرابطة القانونية العقابية التي تترتب على وقوع الجريمة بين الدولة صاحبة
الحق في العقاب وبين مرتكب الجريمة تكون واجبة التنفيذ. وفي هذه المرحلة (مرحلة
التنفيذ العقابي) تكون الدعوى قد خرجت من حوزة المحكمة ويصبح أطراف الرابطة
الإجرائية هما المحكوم عليه محل التنفيذ والسلطات
الإدارية في الدولة التي يوكل إليها أمر تنفيذ ما جاء في الحكم الجنائي.
من أجل هذا فإن القواعد التي
يشملها علم العقاب وتحكم مرحلة التنفيذ العقابي هي قواعد ذات طبيعة
إدارية وليست قضائية. ويترتب على ذلك أن السلطة القضائية تغل يدها عن التدخل في
هذه المرحلة إلا في الحالات الاستثنائية التي قد يقررها المشرع[16].
8-
ب : الطابع
الاستقلالي لقواعد علم العقاب :
ونقصد بالطابع الاستقلالي لقواعد تنفيذ
الجزاء الجنائي هو استقلال هذه الأخيرة عن التشريع الوضعي باعتباره التجسيد الحي للقواعد القانونية التي تحكم تنفيذ
الجزاء. فقواعد علم العقاب هي قواعد ودراسات إرشادية تهدف إلى توجيه المشرع إلى
الوسائل العلمية والفنية الحديثة التي يمكن أن تتلافى عيوب الأساليب العقابية
المأخوذ بها بالفعل في التشريع القائم.
وعلم العقاب في وصوله لهذه
المبادئ الحديثة التي يوجها إلى المشرع لا يعتمد على تشريع وضعي معين ، ولا يتقيد بإدارة شارع بعينة.
فهو علم توجيهى تجريبي يدرس الأصول والمبادئ
الكلية المجردة التي تكفل تحقيق الأغراض المبتغاة من تنفيذ الجزاء الجنائي. إذاً لا تعني دراسات علم العقاب
بتحليل النصوص القانونية القائمة وشرحها ، ولكن
الدور الرئيسي هو تقيمها بهدف الوصول إلى أفضل النظم التي تحكم التنفيذ العقابي. ويعتمد علم العقاب في تحقيق ذلك - شأنه
شأن بقية العلوم الاجتماعية -
على أسلوب الدراسة المقارنة ،
فهو يفاضل ويقارن بين التشريعات الأجنبية من أجل توجيه المشرع الوطني إلى النظم
التي ارتقت بأساليب التنفيذ العقابي بغية التطوير على المستوى الوطني أو الداخلي[17].
9-
ج : الطابع
العلمي لقواعد التنفيذ العقابي :
دائماً ما يطرح الفقه التساؤل حول
ما إذا كان العقاب يعد علماً Science أم أنه يعتبر مجرد فن Technique.
ولكي نجيب على هذا التساؤل نبادر
إلى القول أنه إذا كانت الدراسات العقابية تعني باستقراء الواقع
العملي للتنفيذ العقابي ،
كي تفاضل بين الأنظمة العقابية الواجب إتباعها ، محاولة
من ناحية استخلاص مجموعة من القوانين العلمية تحدد علاقة السببية بين وسائل تنفيذ
العقوبات والتدابير المختلفة على نحو معين وتحقيق غرض معين من ناحية أخرى ، وتضع
بذلك للمشرع الخطط التي يجب إتباعها حال التنفيذ العقابي ،
فإن هذه الدراسات يكون لها الصبغة العلمية ، ويكون
العقاب علماً بالمعنى الفني الدقيق للكلمة. ذلك أن العلم ما هو إلا مجموعة من
القوانين التي تحدد صلة سببية بين ظاهرتين أو أكثر من ظواهر الدراسة[18].
وهذه الصلة قد تكون حتمية وقد تكون احتمالية حسب نوع العلم (علم طبيعي ـ علم
إنساني أو اجتماعي)[19].
وإلى هذه الأخيرة ينتمي علم العقاب ، فهو لا يعطي قوانين عامة ويقينية كتلك
المعروفة في العلوم الطبيعة.
ورغم الطابع العلمي للعقاب فإن
الأخير له شق فني كجزء أساسي
من مستلزمات علم العقاب،
ذلك لأن القواعد التي تخص التنفيذ هي قواعد عامة ومجردة ويوكل تنفيذها إلى أشخاص متخصصين عليهم واجب العلم بوسائل وأدوات
التنفيذ التي تصلح لكل مجرم على حدة حتى يمكن تطبيق
كافة القواعد التي توصل إليها علم العقاب في مجال التنفيذ العقابي. ففن العقاب هو
الأداة اللازمة لتطبيق علم العقاب ، وهو
السلاح في يد رجال الإدارة العقابية يمكنهم من إعمال
قواعد التفريد العقابي[20].
جملة القول أنه إذا العقاب في
المقام الأول هو علم يستهدف
الوصول للقواعد المثلى للتنفيذ العقابي من
خلال مقارنة النظم العقابية بعضها ببعض ،
إلا أن هذا العلم لن يكون له القيمة الفعلية إلا بالاهتمام بفن العقاب ، أي الاهتمام بالكيفية التي بها
يتم تطبيق قواعد هذا العلم على المستوى العملي داخل وخارج المؤسسات العقابية. وهذا التركيز على جانب فن العقاب
هو تمسك بحقيقة تاريخية مؤداها أن فن العقاب كان أسبق في الظهور من قواعد علم
العقاب[21].
10-
رابعاً :
علم
العقاب وأفرع العلوم الجنائية الأخرى :
لعلم العقاب طبيعة ذاتية تجعله
مستقلا عن فروع القانون الجنائي الأخرى. هذه الذاتية تنشأ من اختلاف
موضوعه وأغراضه عن موضوع وأغراض العلوم الأخرى ، مما يؤكد من جديد الطابع العلمي
الخاص لهذا العلم. ورغم تلك الذاتية إلا أنه تظل لهذا العلم صلة وثيقة بغيره من
العلوم الجنائية ، كقانون العقوبات وقانون
الإجراءات الجنائية وعلم الإجرام وعلم السياسة الجنائية. وهو ما
سنوضحه بإيجاز في النقاط التالية.
11-
أ : علم
العقاب وقانون العقوبات :
من المعلوم أن قانون العقوبات هو
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم التجريم والعقاب.
بمعنى أن المشرع من خلال هذا القانون يحدد أنماط السلوك (السلبي أوالإيجابي) التي توصف بأنها جريمة ، ويحدد لهذه الأنماط الأجزية
(عقوبات وتدابير) المناسبة. وبهذا المعنى فإن قانون العقوبات هو علم قاعدي يهدف
إلى دراسة القواعد التي تحكم التجريم والعقاب بقصد تفسيرها وبيان مضمونها ثم
استخلاص النظريات التي تحكم الأشكال القانونية لنماذج السلوك محل التجريم
والجزاءات المنصوص عليها كأثر لوقوع الجريمة وثبوت مسئولية مرتكبيها.
أما علم العقاب ، ورغم أنه هو
أيضاً علم قاعدي يهتم بتنظيم الجزاءات الجنائية
المختلفة وأساليب المعاملة العقابية بهدف الوصول إلى الغايات
المرجوة من التنفيذ العقابي ,
إلا أنه علم مستقل عن قانون العقوبات.
إذ أن هذا العلم – علم العقاب - كما قلنا لا يعتمد في دراساته
على تشريع وضعي معين أو على ما هو مطبق بالفعل
في دولة ما من الدول ، ولكنه يهتم بدراسة الأصول والقواعد الكلية التي تحكم
التنفيذ العقابي ، أو بمعنى أدق يرسم الصورة لما يجب أن يكون عليه بالفعل
تنفيذ الجزاء الجنائي. فجوهر دراساته هو تحديد أثر
جزاء معين بنوع وقدر معين وكيفية تطبيق معينة في تحقيق الغايات المبتغاة من توقيع
الجزاء من الناحية الفعلية[22].
وبالجملة فإن دراسات قانون
العقوبات تعتمد على تحليل ما هو كائن بالفعل من تجريم
وعقاب، أما دراسات علم العقاب فهي تبحث فيما يجب أن يكون عليه
الحال في مرحلة التنفيذ العقابي.
ورغم هذه الاستقلالية إلا أنه يظل
بين الفرعين صلة وثيقة تنشأ لعدة أسباب منها :
*- أن
دراسات علم العقاب هي التي تقدم للمشرع الجزاء الجنائي المناسب عند محاولة المشرع
الجنائي التدخل لتجريم سلوك ما. وعند إفراغ هذا الجزاء في قاعدة قانونية مضافاً
إلى شق التجريم تبدأ قواعد قانون العقوبات في التشكيل والتكوين.
*- أن
لكل من قواعد قانون العقوبات وعلم العقاب طابع
معياري مشترك.
فالأولى تبين ما ينبغي أن يكون عليه نشاط الأفراد حتى لا يقعوا تحت طائلته ، أما الثانية فتبين ما ينبغي أن يكون عليه نشاط
الإدارة العقابية حتى تتحقق الأهداف المرجوة من
توقيع الجزاء الجنائي[23].
*- أن الباحث في علم العقاب لايسعه
للتعرف على النظام القانوني الذي يحكم التنفيذ العقابي في دولة ما
من أجل تحليله ونقده ومعرفة مزاياه وعيوبه إلا التوجه إلى القواعد المدونة في
قانون العقوبات لهذا البلد. فهي التي تبين للباحث في علم العقاب ما إذا كان
التشريع القائم في بلد ما يأخذ بأساليب المعاملة العقابية المتطورة أم لا.
12-
ب : علم
العقاب وقانون الإجراءات الجنائية :
قانون الإجراءات الجنائية هو
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السبيل الإجرائي لاقتضاء الدولة حقها في العقاب. فهو جملة قواعد
إجرائية تنظم إثبات الواقعة الجنائية
قبل متهم معين ، بدءاً من
التحري والاتهام والتحقيق والمحاكمة ،
انتهاءً بتنفيذ الجزاء المقضي به. فلا يكفي أن ينشأ للدولة حق في العقاب كحق موضوعي ينظمه قانون العقوبات ،
بل يجب أن يتوافر أيضاً حق أخر
يكفل وضع الحق الأول موضع التنفيذ.
هذا الحق هو حق إجرائي يرسم كيفية ممارسة الدولة
لسلطتها في العقاب وتحديد السلطة المنوط بها هذا الأمر. وكلها
أمور يعالجها قانون الإجراءات الجنائية.
من هنا يظهر أن قانون الإجراءات الجنائية هو
الأداة القانونية لتوقيع الجزاء الجنائي. فبعد المراحل المختلفة للدعوى الجنائية
وبمجرد صدور الحكم النهائي تنتهي مرحلة الإجراءات الجنائية لتبدأ مرحلة التنفيذ
العقابي كما يحددها علم العقاب. ومن هنا تبدو الصلة بين
كلا الفرعين ، فمن ناحية ساهم علم العقاب بتطوير قواعد الإجراءات الجنائية من أجل
كفالة أفضل الضمانات للمتهم ، ومن قبيل ذلك استحداث نظام قاضي
تنفيذ العقوبات في بعض الدول. ومن ناحية أخرى تأثر قانون الإجراءات الجنائية بما
وصل إليه علم العقاب من نتائج في مجال شخصية المتهم ووجوب فحصه طبيعياً ونفسياً
واجتماعياً ووجوب إعداد ما يسمى بملف الشخصية الذي ينتقل مع المتهم خلال كافة
مراحل الدعوى الجنائية.
كذلك تكشف
دراسات وبحوث علم العقاب عن ضرورة تقسيم مراحل الدعوى الجنائية إلى مرحلتين : الأولى هي مرحلة الإدانة ، وفيها
تبحث المحكمة حول ثبوت وقوع الجريمة وإسنادها إلى المتهم ،
والثانية هي مرحلة الحكم وفيها تبحث المحكمة في شخصية المتهم ووضعه الاجتماعي
والعائلي والمادي من أجل تحديد الجزاء الجنائي الذي يلائم ظروفه وحالته[24].
13-
ج : علم
العقاب وعلم الإجرام :
علم الإجرام هو فرع من العلوم
الجنائية يهتم ببحث كافة العوامل الدافعة للسلوك الإجرامي. ومن هنا يبدو الفارق
بين العلمين ، فبينما تهتم
دراسات علم العقاب بدراسة الإجراءات التي يمكن اتخاذها بعد وقوع الجريمة ، فإننا نجد أن أبحاث علم الإجرام تهتم
بدراسة الأسباب المختلفة للظاهرة الإجرامية قبل وقوع الجريمة ذاتها. علاوة على ذلك
فإن علم العقاب كما سبق القول هو علم قاعدي يتناول بالدراسة الجزاء الجنائي –
عقوبة أم تدبير – من أجل استخلاص أغراضه وبيان مجموعة القواعد والمبادئ العامة
التي يجب أن تحكم تنفيذه.
أما علم الإجرام فهو علم من العلوم السببية التفسيرية
،
التي تعني بتفسير الظاهرة الإجرامية بهدف الوصول
إلى قوانين عامة تحكم السلوك الإجرامي من حيث دوافعه وأسبابه الفردية والاجتماعية.
وعلى الرغم من هذا الاختلاف ، إلا
أن بين العلمين صله هي أقرب إلى التصاهر
والاندماج. فكلا العلمين يجعل
من الظاهرة الإجرامية موضوعاً لأبحاثه ،
ومن المنهج العلمي القائم على الملاحظة والتجريب أسلوباً ومنهجاً للدراسة. كما أن
كلا الفرعين يلتقيان عند هدف واحد هو العمل على مكافحة الجريمة ، وأن كلاهما يعد منطلق للأخر ، فلا يمكن دراسة الجزاء
الجنائي - كمحور اهتمام علم العقاب - إلا بعد التعرف على أسباب
الإجرام ذاته. وبالتالي فإن علم الإجرام - أو
علم أسباب الظاهرة الإجرامية -
هو مقدمه أولية وضرورية لعلم العقاب ،
الذي يرمى
إلى إصلاح المجرم وإعادته إلى حظيرة المجتمع الشريف مرة أخرى. لذا يصدق قول البعض
أن علم العقاب ما هو إلا "علم الإجرام التطبيقي"[25].
فبناء على ما تسفر عنه أبحاث علم الإجرام من نتائج حول أسباب الظاهرة
الإجرامية والعوامل الدافعة إليها يمكن
تحديد أفضل الأساليب في
مجال المعاملة العقابية ، كي يؤتي الجزاء الجنائي ثماره ويحدث
أثره في نفس الجاني وبقية أفراد المجتمع.
14- د : علم العقاب والسياسية الجنائية :
السياسية الجنائية هي العلم الذي
يبحث فيما يجب أن يكون عليه القانون مستقبلاً لا فيما هو كائن بالفعل[26].
وكما سبق وأن أوضحنا في مهد هذا
المؤلف فإن علم السياسية الجنائية يهدف إلى اقتراح الوسائل الفعالة لمحاربة
الظاهرة الإجرامية. لذا فإن هدف السياسية الجنائية لا يقتصر على الحصول على أفضل
صياغة لقواعد قانون العقوبات ، وإنما يمتد إلى إعطاء الإرشادات والتوجيهات إلى كل
من المشرع في مرحلة صياغة النصوص العقابية ، وإلى
القاضي حال تطبيق تلك النصوص ، وإلى
الإدارة العقابية حال تطبيق ما قضى به القضاء في حكمه.
على هذا فإن للسياسية الجنائية
مساحة بحثية أوسع وأرحب.
فهي تشمل دراسة القاعدة القانونية في مرحلة التجريم ، فتبحث
في الأفعال المجرمة بالفعل والأفعال التي يجب تجريمها والأفعال التي يجب أن يرفع
عنها وصف التجريم. كما تشمل دراسة القاعدة
القانونية في مرحلة اختيار الجزاء الجنائي ، فتبحث
فيما إذا كان الجزاء الجنائي القائم يحقق أغراضه أم يلزم استبداله بجزاء أخر أكثر ردعاً ، وما هي أفضل النظم والوسائل التي
يجب أن تتبع في تنفيذ الجزاء الجنائي.
عند تلك النقطة تتماس خطوط علم
العقاب بعلم السياسية الجنائية.
فعلم العقاب هو جزء من السياسية الجنائية يختص بدراسة أهداف وغايات الجزاء الجنائي
وأفضل الأساليب التي بجب أن تتبع في تنفيذ هذا الجزاء على نحو يحقق معه أغراضه.
15-
خامساً :
مصادر
قواعد التنفيذ العقابي :
تتنوع المصادر التي تحكم نشاط
المؤسسات العقابية حال التنفيذ الفعلي للجزاء الجنائي.
ويمكن أن نقسم هذه المصادر إلى نوعين رئيسيين ، فمنها ما يكون ذو طابع داخلي ومنها
ما يكون ذو طابع دولي.
16-
أ :
المصادر الداخلية لقواعد التنفيذ العقابي :
تأخذ معظم الدول بنظام توزيع
قواعد علم العقاب التي تحكم التنفيذ العقابي للجزاء الجنائي بين عدة قوانين ولوائح
داخلية[27].
وإذا نظرنا إلى التشريع المصري
نجد أن المصادر الداخلية توزعت بين عدة
قوانين منها
قانون العقوبات (كالمادة 23 عقوبات التي تنظم خصم مدة الحبس الاحتياطي بمقدار
الحكم الصادر بالغرامة ، والمادتان 34 و35
اللتان تنظمان تنفيذ العقوبات المتعددة على
محكوم عليه واحد) وقانون الإجراءات الجنائية (الكتاب الرابع المتعلق بالتنفيذ : المواد من 459 إلى 553 التي تنظم
الأحكام واجبة التنفيذ ، وكذلك
قواعد تنفيذ عقوبة الإعدام وتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وتنفيذ المبالغ المحكوم
بها والإكراه البدني وتقادم العقوبة ورد الاعتبار)
وكذلك المرسوم بقانون
رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون[28]. ويضاف إلى كل ذلك اللائحة الداخلية للسجون الصادرة
بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961. وقد تضمن هذا القانون الأخير وكذلك اللائحة
الداخلية بيان بأنواع السجون وقبول المسجونين وتصنيفهم ومعاملتهم وعلاجهم وتأديبهم
والإفراج عنهم والتفتيش على السجون والإشراف القضائي عليها.
بيد أن بعض الدول اتجهت إلى نظام
توحيد قواعد علم العقاب ، أي ضم كل قواعد التنفيذ العقابي
في مدونه واحدة ، وهو اتجاه محمود يرجع الفضل في
المناداة به إلى الأستاذ تسربوليو Zerboglio في إيطاليا
تحت تأثير مبادئ المدرسة الوضعية. وقد
لاقت هذه الدعوة قبولاً لدى بعض التشريعات ،
ومنها قانون العمل العقابي الصادر في إتحاد الجمهوريات
السوفيتية السابق في 16أكتوبر 1924 ، الذي
تم تعديله في أول أغسطس من عام 1933 منظماً أساليب
العمل العقابي وتفريد
المعاملة العقابية وفقاً لمدة العقوبة المقررة. ومن
التجارب التي سعت إلى تكريس مبدأ توحيد قواعد التنفيذ العقابي ما قام به الأستاذ
جوزيف مانيول Joseph Magnol في مؤتمر قانون العقوبات الذي انعقد في باليرمو بإيطاليا عام 1933. حيث قام هذا الأستاذ بتقديم مشروع
متكامل لقانون التنفيذ العقابي ،
ضمن الكتاب الأول منه مجموعة من القواعد العامة التي تحكم تنفيذ الجزاء الجنائي ،
وتضمن الكتاب الثاني قواعد تنفيذ العقوبات ، وخصص
الكتاب الثالث لتنفيذ التدابير الاحترازية
، ثم
خصص الكتاب الأخير من المشروع لبيان القواعد التي تطبق بعد العقوبات والتدابير.
وكما سبق وأن قلنا فإن اتجاه التوحيد هو اتجاه مرغوب الأخذ به ، حيث ازدادت أهمية مرحلة التنفيذ
العقابي بعد أن تغيرت فلسفة العقاب وأصبحت لا تنظر إلى العقوبة والغاية منها على
مجرد أنها ألم يهدف إلى الانتقام من الجاني ،
بل أصبح التهذيب والإصلاح والعدالة من بين أغراضها ، مما أدى إلى أتساع مجال علم
العقاب وتنوع أساليب المعاملة العقابية ، الأمر
الذي
يوجب على المشرع التدخل بضم كل قواعد التنفيذ العقابي في مدونه واحدة تراعي
الاتساق بين أحكامها[29].
17-
ب : المصادر
الدولية لقواعد التنفيذ العقابي :
تنبع
أهمية دراسة المصادر الدولية لعلم العقاب من كون هذه المصادر يمكن أن تحتل جزء من التشريع الداخلى إذا ما وقعت عليها الدولة وصدق
عليها البرلمان الوطني.
فتكون هذه المصادر بمثابة قانون وطني داخلي ملزم وواجب
التنفيذ من سلطات الدولة كافة ،
مثاله في ذلك مثل القوانين الوطنية التي تصدر عن البرلمان (م151
من الدستور المصري).
بل لا نغالي إذا قلنا أن هذه
المصادر في تلك الحالة تكون لها قوة أعلى من
القانون الوطني تعادل القوة الممنوحة للنصوص الدستورية[30]. بيد أن هناك العديد من النصوص الدولية التي ليس لها
إلا طابعاً إرشادياً بالنسبة للمشرع الوطني عند وضع النصوص الخاصة بالتنفيذ العقابي.
18-
النصوص الدولية ذات الطابع الإلزامي :
من بين أهم النصوص الدولية التي لها طابع إلزامي في مواجهة المشرع الوطني عند تنظم
أحكام التنفيذ العقابي يمكننا
أن نذكر العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية ، الصادر عن الجمعية العامة للأمم
المتحدة بقرارها رقم 2200 (د-21)
في 16 ديسمبر 1966 ، والذي دخل حيز التنفيذ في 23 مارس
1976[31].
ومن بين أهم أحكام هذا العهد المتصلة بالتنفيذ العقابي
ما جاء بالمادة السابعة منه
بحظر إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة
القاسية أو اللإنسانية أو الحاطة بالكرامة[32]. ولا يجوز على وجه الخصوص إجراء
أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.
وكذلك ما
جاء بالمادة العاشرة في فقرتها
الأولى من وجوب معاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة
الأصلية في الشخص الإنساني ، وفي الفقرة الثانية من وجوب الفصل بين الأشخاص
المتهمون عن الأشخاص المدانين ، إلا في ظروف استثنائية ومعاملتهم على حدة بما يتفق
وكونهم أشخاصاً غير مدانين. كما جاء بذات الفقرة الثانية من المادة العاشرة من
وجوب الفصل بين الأحداث والأشخاص البالغين ووجوب إحالتهم على وجه السرعة للقضاء
للفصل في قضاياهم. وأكدت الفقرة الثالثة من ذات المادة على أن يراعى نظام السجون معاملة المسجونين
معاملة يكون هدفها الأساسي
إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي ، مع التأكيد ثانياً على
وجوب الفصل بين المذنبون الأحداث والبالغين ووجوب معاملتهم بما يتفق مع سنهم
ومركزهم القانوني.
وأكدت المادة الحادية عشر من ذات
العهد على عدم جواز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي. كما أكد
البند الرابع من المادة الرابعة عشر على أنه في حالة الأحداث يراعى جعل الإجراءات
مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم.
ومن بين المصادر الدولية الإلزامية يمكن أن نذكر أيضاً اتفاقية مناهضة
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة La
lutte contre la torture et les peines ou les
traitements inhumains ou dégradants ، والتي اعتمدت وصدق عليها بموجب
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 39/46 في 10 ديسمبر عام 1984 والتي بدأ
نفاذها في 26 يونيو عام 1987[33].
هذه الاتفاقية تحظر كل أشكال التعذيب ، الذي تعرفه في مادتها الأولى بأنه
"أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً ، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص ، أو من شخص
ثالث ، على معلومات أو على اعتراف ، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه
ارتكبه ، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو شخص ثالث ، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو
العذاب للأي سبب من الأسباب يقوم على التميز أياً كان نوعه ، أو يحرض عليه أو
يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص أخر
يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك
الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي
يكون نتيجة عرضية لها"[34].
وتلقى الاتفاقية على عاتق الدول
الأطراف عبء اتخاذ كافة الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية الفعالة لمنع
أعمال التعذيب على إقليمها (م2/1).
كما توجب على الدول الأطراف
اعتبار جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب القانون الجنائي الداخلي (م4/1). كما تلزم الدول الأطراف بإدراج
التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب في برامج تدريب الموظفين المكلفين
بإنفاذ القوانين وغيرهم ممن تكون لهم علاقة باحتجاز أي فرد معرض للأي شكل من أشكال
التوقيف أو الاعتقال أو السجن أو باستجواب هذا الفرد أو معاملته (م10/1). كما توجب
الاتفاقية إبقاء كل دولة قيد الاستعراض المنظم قواعد الاستجواب وتعليماته وأساليبه
وممارسته وكذلك الترتيبات
المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين يتعرضون للأي شكل من أشكال التوقيف أو
الاعتقال أو السجن وذلك بقصد منع حدوث أي حالات تعذيب (م11). كما يجب على الدول الموقعة على
الاتفاقية أن تتعهد بصنع حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية
أو اللاإنسانية أو المهنية التي لا تصل إلى حد التعذيب وفق ما تم تحديده في المادة
الأولى (م16).
19-
النصوص الدولية ذات الطابع الإرشادي :
هناك من المصادر الدولية ماله
طابع إرشادى بالنسبة للمشرع الوطنى ، ومن قبيل ذلك
ما يصدر من اتفاقات إقليمية لا تكون الدولة بحكم موقعها الجغرافي طرفاً فيها. فعلى
سبيل المثال يمكن للمشرع المصري مثلاً أن يسترشد في تنظيمه لقواعد التنفيذ العقابي
بالاتفاقيات الصادرة عن دول الاتحاد الأوروبي
والمتصلة عموماً بحقوق الإنسان[35].
ومن قبيل ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والقواعد العقابية
الصادرة عن المجلس الأوروبي
والاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب والعقوبات وكافة أشكال المعاملة اللاإنسانية أو
الحاطة من الكرامة[36]La Convention européenne pour la
prévention de la torture et des peines ou traitements inhumains ou dégradants. ويمكن أن نضيف إلى المصادر ذات الطابع الإرشادي ما
يعرف باسم القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة المذنبين وكذلك مجموعة المبادئ
الأساسية لمعاملة السجناء.
فلقد تضمنت الاتفاقية الأوروبية
لضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية La Convention de sauvegarde des Droits de l’Homme et des
libertés fondamentales ، الصادرة
عن المجلس الأوروبي والموقعة بروما في الرابع من نوفمبر عام
1950 وأصبحت نافذة في 3 سبتمبر عام 1953[37]
، العديد من النصوص التي تتضمن حقوق
الإنسان في كافة المراحل ، خاصة في مرحلة التنفيذ العقابي ، التي يكون فيها الإنسان في أمس
الاحتياج للبحث في ضمان حقوقه الأساسية.
من قبيل ذلك يمكن أن نذكر المادة الثالثة التي تحظر التعذيب La torture وتحظر
إخضاع الأفراد للمعاملة اللاإنسانية أو المهينة Traitement inhumain ou
dégradent والمادة
الرابعة التي تحظر الرق L’esclavage أو العمل الجبري Travail forcé ، إلا في بعض الأحوال التي يحددها البند
الثالث من ذات المادة. وكذلك المادة الخامسة التي تؤكد حق الإنسان في الحرية Droit à la liberté وحقه في الأمن Droit à la sûreté وتحظر كل مساس بهما ، إلا في الأحوال الاستثنائية
المذكورة في عجز البند الأول من المادة.
كما تؤكد الاتفاقية على ضمان حق
الإنسان في المحاكمة العادلة
Droit à un procès
équitable (م6) وحقه في
احترام
حياته الخاصة والأسرية (م8) Droit au respect de la vie privée et familiale وضمان حرية التفكير والعقيدة Liberté de pensée, de
conscience et de religion (م9)
وحرية التعبير Liberté d’expression (م10). وتحظر الاتفاقية كل أشكال التمييز Interdiction de
discrimination بسبب
الجنس أو
اللون أو العرق
أو اللغة أو الدين أو الأراء
السياسية
أو بسبب الانتماء للأقليات
الوطنية L’appartenance à une minorité nationale (م14) أو بسبب الثروة La fortune أو بسبب
الميلاد...
الخ.
ويعطي الباب الثاني من
الاتفاقية للمحكمة الأوروبية
لحقوق الإنسان La Cour Européenne des Droits de l’Homme حق الاضطلاع برقابة احترام
الدول الأطراف في الاتفاقية لتعهداتهم المتولدة عن الاتفاقية وبروتوكولاتها (م19).
ويمكن للمشرع الوطني أن يسترشد أيضاً بما جاء في توصيات اللجنة
الأوروبية الخاصة بالمشاكل الجنائية ، كأحد اللجان المتفرعة عن مجلس أوروبا. ونشير بصفة خاصة إلى ما جاء بالتوصية رقم R(87)3 ، الصادرة عن لجنة الوزراء في 12
فبراير 1987 والمتضمنة مجموعة القواعد العقابية الأوروبية Règles pénitentiaires européennes(مئة قاعدة).
وقد
اشتملت هذه التوصية على خمس أقسام : الأول منها يتضمن بيان المبادئ الأساسية (ستة
مبادئ) التي تحكم فلسفة وإدارة المؤسسات العقابية والتي يجب أن تقوم على مبادئ
الإنسانية Principes d’humanité والأخلاق
Moralité والعدالة Justiceواحترام
كرامة الإنسان Respect de
la dignité humaine. ويبين القسم الثاني إدارة المؤسسات العقابية Administration
des établissements pénitentiaires ، بدأً من الاستقبال والتسجيل Accueil
et enregistrement وتوزيع وتصنيف المحكوم عليهم Répartition
et classification des détenus وشروط أماكن الاحتجاز Locaux de détentionوالصحة
الشخصية للمحكوم علية Hygiène personnelle والملابس والنوم Vêtements
et literie والتغذية Alimentationوالخدمات
الطبية Services médicaux والتأديب والعقاب Discipline
et punition ووسائل الإكراه Moyens
de contrainte والإعلام وحق الشكوى Information
et de droit de plainte والاتصال بالعالم الخارجي Contact
avec le monde extérieur والمساعدة الدنية والأخلاقية Assistance
religieuse et morale. أما القسم الثالث فيبين ما يتعلق بموظفي الإدارة العقابية ذاتها Les personnelsوما
يشترط فيهم من شروط وما عليهم من واجبات. أما القسم الرابع فيحدد أهداف المعاملة
العقابية وأساليبها ومنها العمل Travail والتعليم Instruction والتدريب البدني Education physiqueوممارسة
الرياضات والهوايات وكذلك النظام التمهيدي على الإفراج Régime
préparatoire à la libration. ثم يأتي القسم الخامس لبيان الأحكام التكميلية المطبقة علي طائفة
معينة من السجناء ، سواء المحكوم عليهم جنائياً Prévenusأو
المدانون بعقوبات غير جنائية Condamnés par une procédure non pénaleأو
المحتجزين من المرضى العقليين والنفسيين Détenus
aliénés et anormaux mentaux.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم