حماية المستهلك من الشروط المألوفة التعسفية
د.ذكرى محمد حسين
د.نصير صبار
المطلب الثاني:- حماية المستهلك من الشروط المألوفة التعسفية
إذا كان نطاق حماية المستهلك من الشروط المألوفة
تجارياً,يتحدد إبتداءاً من خلال لزوم إعلام المستهلك بها وجوداً,فإن ترك الأمر عند
هذا الحد يجعل من هذه الحماية قاصرة على جزء من الغاية المقصودة منها في إعادة
التوازن العقدي لا كلها,ذلك إن هذه الشروط ’’وإن علم بها المستهلك‘‘قد تضم في
محتواها ما يكون مجحفاً بحقه بسبب إيجادها لإلتزامات إضافية تثقل كاهله أو حقوقاً
أخرى ينتفع بها التاجر المحترف على حساب المستهلك,مما يجعل من المنطقي أن يمتد
نطاق هذه الحماية إلى الشروط التي يصطلح عليها’’بالتعسفية‘‘,والتي يمكن أن توصف
بإنها الشروط الأكثر إخلالاً بالمساواة أو التوازن العقدي بين الطرفين بالمقارنة
مع الشروط التي لا يعلمها.
ويقصد بالشرط التعسفي في عقود
الإستهلاك هو’’الشرط الذي يترتب عليه عدم توازن تعاقدي لصالح ذلك الذي يفرضه على
المتعاقد الأخر الذي لا خبرة له, أو ذلك المتعاقد الذي وجد في مركز عدم المساواة
الفنية أو القانونية أو الإقتصادية في مواجهة الطرف الأخر‘‘([1]),أو
هو’’بند في العقد يؤدي إلى إختلال توازنه,أشترطه طرفه القوي بما له من نفوذ
إقتصادي بهدف تحقيق ميزة فاحشة له على حساب الطرف الأخر دون مقتضى‘‘([2]).
بمعنى
أنه الشرط الذي يدرجه التاجر المحترف عند تعاقده مع المستهلك,بما يؤدي إعماله إلى
عدم التوازن الفاحش بين حقوق وإلتزامات الطرفين.([3])
وأياً ما كان الأمر فيلاحظ أن معظم التشريعات
الخاصة بحماية المستهلك قد إنتهجت في بيان ماهية الشروط التعسفية التي تروم حماية
المستهلك منها,أحد ثلاث أساليب,أولها يتجلى بذكرها لتعريف عام للشرط التعسفي في
عقود الإستهلاك,وبما يجعله شاملاً لكل ما يمكن إدراجه من شروط في هذه العقود من
دون حصره بنطاق معين كقانون الإستهلاك الفرنسي الصادر عام 1993 والذي نص في
المادة132/1 منه’’والمقابلة لنص المادة 35 من قانون عام 1978‘‘ على أنه’’تكون
الشروط تعسفية في العقود التي تبرم بين المهنيين وغير المهنيين أو المستهلكين,أذا
كان موضوعها او من أثارها احداث اختلال بين حقوق والتزامات الاطراف في العقد‘‘([4]),وكذلك
التوجيه الذي أصدره الإتحاد الأوربي المتعلق بمنع الشروط التعسفية في عقود
الأستهلاك والصادر في21/4/1993 والذي عرف الشرط التعسفي في المادة 3/1منه
بأنه’’الشرط الذي يؤدي إلى عدم توازن ظاهر في غير صالح المستهلك,بين حقوق الأطراف
وإلتزاماتها الناجمة عن العقد ‘‘([5]),وثانيهما
تأخذ بفكرة الإبتعاد عن إيراد تعريف معين والإكتفاء ببيان الصور التي يمكن أن يظهر
أو يعد فيها الشرط تعسفياً وذلك بإيضاحها لنماذج هذه الشروط,بحيث يكون ما يرد ذكره
منها في العقود تعسفياً وما خلا ذلك فلا,كقانون حماية المستهلك اللبناني لسنة2005 وقانون
حماية المستهلك العماني لسنة 2002([6]),أما
ثالث هذه الأساليب فيتمثل بمجرد الإتيان بما يفيد أثر وجود الشرط التعسفي في العقد
سواء بإبطاله أو إبطال الشرط فقط,وذلك حسب حكم كل حالة على حده من دون الولوج في
تفاصيل هذه الشروط أو تعريفها أصلاً كقانون حماية المستهلك التونسي لسنة 2002
وقانون حماية المستهلك المصري لسنة2006 وقانون حماية المستهلك القطري لسنة 2008.([7])
وأياً
كان الأسلوب الذي تتبعه هذه التشريعات,فالملاحظ أن الغاية التي ترومها واحدة,آلا
وهي حماية المستهلك من مضمون هذه الشروط,والتي يتوقف تحديدها على توافر عنصرين فيها,أولهما
أن تكون ناجمةً عن إستغلال قوة أو نفوذ أقتصاديين تفرض تبعاً لذلك العنصر الثاني
المتمثل بالميزة الفاحشة التي تمنح لصاحب هذه القوة أو النفوذ, والتي يتأتى عن تطبيقها
حدوث الأختلال في التوازن العقدي.([8])
ويشترط
توافر هذين العنصرين معاً,ذلك أنه ليس كل شرط يفرضه التاجر المحترف بحكم ما يمارسه
من أعمال تجارية يعد تعسفياً لمجرد صدوره من تاجر’’محترف‘‘,كما أنه لا يمكن إفتراض
التعسفية في تنفيذ عقد ما بسبب ورود شرط يمنح ميزة لأحد أطرافه,إذا كان في المقابل
يوجد,وفي العقد ذاته,شرط أخر يمنح ميزة مقابلة للطرف الأخر,بمعنى لزوم النظر إلى
العقد ككل,بوصفه كياناً واحداً يتضمن عدة شروط لا تتجزأ,والأخذ بما تحدده هذه
الشروط من إلتزامات متقابلة في مجموعها للقول بتعسفية الشرط لإخلاله بالتوازن
العقدي.([9])
ولكن إذا كان الشرط المألوف في العقود التجارية
هو الشرط الذي يفرضه التاجر المحترف على المتعاملين معه من المستهلكين والذي غالباً
ما يروم من خلاله تحقيق ميزه معينه له،فهل يكفي هذا للقول بتوافر العنصرين أعلاه
فيه،ومن ثم افتراض تعسفيته,بمعنى هل يعد كل شرط مألوف شرطاً تعسفياً ينبغي حماية
المستهلك منه؟
لقد تجاذب تحديد هذا الأمر قولان يقوم الاول
منهما على إعتبار أن مألوفية الشرط نافية لإفتراض تعسفه دائماً،على أساس أن
الإعتياد المتكرر على إدراج شرط ما في نوع معين من العقود لا يعني إمكانية القول
بتعسفية هذا الشرط مطلقاً،وإنما على العكس من ذلك،لأنه من غير المعقول أن يرضى
المستهلك أو أي شخص أخر يتعامل مع شخص محترف كالتاجر المحترف مثلاً بقبول زيادة
إلتزاماته أو الإنقاص من حقوقه دائماً ما لم يكن هناك ميزة في المقابل،حتى ولو كان
محل العقد حاجة ضرورية يروم المستهلك الحصول عليها بشكل دائم ومستمر،ومن ثم فأن
إفتراض وجود الميزة لدى المتعاقد مع الشخص المحترف والتي تتمثل بحصوله على هذه
الحاجة،تنفي إمكانية القول بإختلال التوازن العقدي بين طرفيّ العقد، حتى وإن تضمن
شرطاً مألوفاً أدرج فيه لمصلحة أحد أطرافه.([10])
في حين يستند الثاني على أن الشروط المألوف إدراجها في أي عقد يفترض فيها التعسفية دائماً,وذلك لأنها تفرض من قبل شخص محترف يمتلك لحاجة أو خدمة ضرورية لشخص المتعاقد معه,الأمر الذي يجعل من الأخير مضطراً للحصول عليها وبأي إلتزام كان يفرض عليه,مما يمَكن الأول من فرض أي نوع من الشروط لمصلحته مادام الأخير في موضع الأضعف عند التعاقد معه,هذا من جهة ومن جهة أخرى فأنه من غير المنطقي أن يدرج الشخص المحترف في عقوده,وبشكل مستمر ومعتاد,شروطاً تتنافى مع مصلحته ويجعل من نفسه ملتزماً للوفاء بها لمصلحة غيره,الأمر الذي يترتب عليه القول بتوافر عنصري الشرط التعسفي معاً في الشروط المألوفة التي يدرجها التاجر المحترف في عقوده([11]).
ويبدو أن الأخذ بأي من القولين على إطلاقه أمر
محل نظر,ذلك أنه لا يمكن نفي صفة التعسفية عن الشروط المألوفة دائماً
بسبب’’آلفة‘‘أو’’إعتياد‘‘ إدراجها في عقود معينة أو إفتراض هذه الصفة دائماً لذات
السبب,فالشروط المألوفة,هي في الأصل,شروط لا تتعدى في مضمونها تأكيد مقتضى العقد
أو ملائمته,وإن كانت تمثل المثال الأبرز للشروط التي جرى بها العرف أو العادة,أو التي
تكون لمصلحة أحد المتعاقدين,ومن ثم فأنه يسري عليها ما يسري على أي شروط
عادية,عامة أو خاصة,يتم إدراجها في أي عقد من العقود من حيث إمكانية القول بصحتها
أو إبطالها لوحدها أو إبطال العقد بسببها أن كانت هي الدافع إلى إبرامه متى كانت
هذه الشروط مخالفة للنظام العام والآداب,وكل ما في الأمر أن أحد المتعاقدين,وهو
غالباً ما يكون التاجر المحترف,قد إعتاد وضع هكذا شروط في عقوده لتنظيم أعمال
تجارته,وهو وإن أدى إلى إمكانية القول بتوافر عنصر النفوذ الإقتصادي من قبل
مدرجها,إلا أنه لا يعني مطلقاً القول بإلزامية إجحاف مضمونها لشخص المقابل,ومن ثم
إفتراض تعسفها بحقه,إلا أنه يمكن عد آلفة الشروط أو إعتياد إدراجها من قبل التاجر
المحترف سبباً معفياً من البحث عن العنصر الأول من عناصر الشروط التعسفية وكافياً
في وجوده لإفتراض وجود هذا العنصر مما يقتضي معه البحث عن العنصر الثاني فقط
والمتمثل بتضمن الشروط ميزة معينة لواضعها,والذي بتوافره يمكن القول عندها بلزوم
حماية المستهلك من هذه الشروط_رغم كونها مألوفة_لتعسفها,كالشروط التي تؤدي إلى
التجهيل بالمبيع من خلال سماحها بتعديل أوصافه قبل تسليمه من قبل البائع’’التاجر
المحترف‘‘,أو الشروط التي تعفي التاجر من المسؤولية عن التأخير في تسليم المبيع أو
هلاكه قبل التسليم وأيضاً الشروط التي له بموجبها إنهاء العقد أو فسخه بإرادته
المنفردة دون أي مبرر قانوني أو التي تقلل من حقوق المتعاقد الأخر في المقابل,بمعنى
أنه لا يمكن أن يعد كل شرطٍ مألوف شرطاً تعسفياً والعكس صحيح أيضاً.
المبحث الرابع:آثار حماية المستهلك من الشروط المألوفة في العقود التجارية
ذكرنا فيما سبق أنه لا يمكن إعمال الشروط
المألوفة بين طرفي العقد ما لم تكن هذه الشروط مطابقة للنية المشتركة بينهما وغير
مخالفة للنظام العام والأداب أو لنص قانوني آمر وإلا وجب إهمالها,لهذا فقد يبدو أن
من أنجع آثار حماية المستهلك من الشروط المألوفة التي لا يعلم بها أو المتعسفة
بحقه والتي قد يفرضها التاجر المحترف عليه في عقوده التجارية,هي عدم سريان أثرها
عليه أو عدها دائماً شروط باطلة أو غير موجودة أصلاً,إلا أن الأخذ بهذا القول على
إطلاقه يتعارض مع الحرية التعاقدية لأصحاب العلاقة العقدية,ذلك أنه يتغاضى عن
إرادة أطرافها ويهملها,إذ يفترض بطلان الإتفاق على هذه الشروط مع إن هذا الإتفاق
قد حصل بين إرادتين موجودتين,وإن كانت إحداهما أقوى من الأخرى,إلا أنهما موجودتان
فعلاً ولا يمكن إهدارهما بحجة عدم التكافؤ بينهما,ومن جهة أخرى فأنه لا يمكن القول
بأن كل الشروط المدرجة في العقود التجارية هي شروط غير معلومة للمستهلك,وحتى وإن
كانت كذلك في أغلبها إلا أنها لا تحمل بالضرورة الطابع التعسفي دائماً لإلزامية
إبطالها,لهذا فإن تحديد هذه الآثار يجب أن ينطلق من الشيء المراد الحماية منه,ألا
وهو الشروط المألوفة ذاتها,على إعتبار أن هذه الشروط تعد جزءاً من عقد تم الإتفاق
عليه بتوافق إرادتين,وإن كان ما تحمله هذه الشروط من مزايا معينة لشارطها قد أوجد
أو عزز عدم التكافؤ بين هاتين الإرادتين إلى الحد الذي يمكن أن توصف إحداهما بسببه
بالضعيفة لكنها تظل موجودة وغير باطلة أو منتفية,وهو ما سنحاول إيضاحه في المطلبين
الآتيين
المطلب
الأول:-إهمال الشروط المألوفة
إن تكرار
إدراج شرطٍ ما في عقدٍ تجاري وإن يرقى به الى اكتساب صفة المألوف فيه,إلا إن هذا
الأمر لا يوجب الأخذ بحكمه وتطبيقه على المستهلك بحجة كونه يعد جزءاًمن العقد
المبرم بينه وبين التاجر المحترف,ذلك أن إمكان إعماله يتوقف على توافر شرطين يتمثل
أحدهما بأنطباقه مع النية المشتركة لطرفي العقد وثانيهما بعدم مخالفته للنظام
العام والاداب أو لنص قانوني آمر,‘إذ يرتبط الشرط الأول للإعمال في هذه
الحالة,بمدى سريان أثر هذا الشرط بحق المستهلك خاصةً في حالة عدم علمه بها أو عدم
إتجاه أرادته الى الاخذ بحكمها على اعتبار انها عادات اتفاقية لا تلزم صاحبها ما
لم يتم الاتفاق عليها صراحةً أو ضمناً,في حين يتعلق الشرط الثاني لأمكانية
إعمالها,بمدى إمكانية عّدها شروطاً صحيحة من عدمه ومن ثم الاخذ بحكمها أم لا,بمعنى
أن الشروط المألوفة,من حيث الاصل,تعد شروطاً صحيحة ما لم تخالف القانون بنصوصه
الآمرة أوتخالف النظام العام والاداب إذ تكون عندها شروطاً باطلة تبطل لوحدها أو
تُبطل العقد معها إن كانت هي الدافع الى ابرامه.
هذا من جهة ولكن من جهة أخرى يلاحظ أن صحة
الشروط المألوفة’’لعدم مخالفتها القانون أو النظام العام والاداب‘‘لا تعني لزوم
العمل بها وتطبيقها,إذ من الممكن أهمالها وأعتبارها غير موجودة,رغم صحتها,متى ما
تعارضت مع نية طرفي العقد المشتركة,بحيث أنها لم تكن تعبر سوى عن نية شارطها
فقط,وذلك تطبيقاً للقواعد العامة التي تقضي بلزوم البحث عن النية المشتركة والحقيقية
لأطراف العقد دون التقيد بالمعنى الحرفي للألفاظ الواردة فيه([12]).
هذا
ويستنتج مدى توافق الشروط المألوفة في العقد مع النية المشتركة لأطرافه من أمرين
يتحدد أولهما من خلال العلم بما تقضي به هذه الشروط من أحكام ويتمثل ثانيهما
بأنصراف إرادة الطرفين الى الاخذ به والرضا بتطبيقه,ففيما خص الامر الاول قد يُرى
انه ما دامت هذه الشروط تدخل ضمن نطاق
العقد فإنها تعد جزءاً منه ويسري عليها ما يحدده العقد من إلتزامات وحقوق لأطرافه,ومن
ثم فأنها تكون نافذة وملزمة بحق المستهلك حتى لو لم يعلم بها عند إبرامه,ذلك أن
كون عقود الإستهلاك من عقود الإذعان يجعل من المنطقي دخول هذه الشروط ضمن نطاقه
وإلزام المستهلك بها,لأن رضاه بإبرام هذه العقود يفترض حتماً رضاه بكل ما ورد فيها
من شروط, خاصة إذا كان محلها سلع أو خدمات أساسية يحتاجها,وحتى إن لم توصف هذه
العقود بالإذعان فإن قلة خبرة المستهلك يفرض عليه_وحماية لمصلحته_ أن يستعلم عن كل
ما يتعلق بها ويرتبط بحقوقه وإلتزاماته,فإن لم يفعل فيكون قد تنازل عن ممارسة حقه
ومن ثم فلا يحق له الإحتجاج بجهله هذا على المتعاقد الأخر للقول بعدم نفاذ هذه
الشروط تجاهه([13]).
إلا ان
هذا الرأي قد يمكن القول_وبحق_بمجانبته للصحة فيما أستند عليه من حجج,لأن الأصل
إلتزام الشخص بما تم الإتفاق عليه فعلاً وبما ثبت إنصباب رضاه عليه بالذات,لا بما
يفترض عنه ذلك([14]),ومن
جهة أخرى فإن فرض سريان هذه الشروط بحق المستهلك سواء على أساس عّد عقود الإستهلاك
من عقود الإذعان أم لا,هو قول محل نظر,ذلك إن وصف هذه العقود بعقود الإذعان يعني
عدم وجود تطابق حقيقي بين إرادتي طرفيه,وحتى على فرض وجوده فأنه لا ينصرف إلا إلى
أمر التعاقد بحد ذاته دون شروطه,أما إن لم تكن كذلك,فإن قلة خبرة المستهلك توجب من
باب أولى عدم فرض لزوم قيامه بالإستعلام عن هذه الشروط_حماية لمصلحته_لأنه أصلاً
لا يكون قادراً على تقدير أهميتها ومدى ما يمكن أن تفرضه عليه من إلتزامات وهو
بخلاف ما يمتاز به التاجر المحترف في مجال خبرته وتخصصه([15]).
وتبعاً لما نراه من دقة ما ذهب إليه أصحاب الرأي
الثاني يمكننا القول بأن أمر سريان هذه الشروط من عدمه بحق المستهلك ينبغي أن
يستند على أساسين يتمثل الأساس الأول بالتمييز بين الرضا بإبرام العقد والرضا
بشروطه,فالأول وإن كان يمثل قبولاً بالتعاقد إلا أنه لا يعني إفتراض العلم بشروط
العقد جميعها,ويتحدد الأساس الثاني في كون هذه الشروط هي شروط صادرة عن إرادة منفردة
هي إرادة التاجر المحترف,وحيث أنه لا يمكن للإرادة المنفردة قانوناً أن تنشأ
إلتزامات على عاتق الغير ما لم يرتضي بها الأخير,فأنه يجب أثبات علمه بها وقبوله
لها([16]),ومن
ثم لزوم ربط نفاذ هذه الشروط بحق المستهلك بمدى علمه بها,وذلك تبعاً لكيفية
إدراجها في العقد,فالأصل أن الشروط المكتوبة صراحةً في العقد وبشكلٍ واضحٍ ومقروء
تكون شروطاً صحيحةً ونافذةً بحق طرفيه على حدٍ سواء ولا يكون للمستهلك الإحتجاج
بعدم علمه بها ليصل إلى عدم سريانها بحقه([17])
,أما الشروط التي يحيل إليها نص في العقد فإنها,وإن كانت صحيحة,إلا إنها لا تعد
نافذة ولا تلزم المستهلك بتنفيذها ما لم يثبت فعلاً إطلاعه عليها وقراءتها في
الأوراق التي أحاله التاجر إليها([18]),وهو
الأمر ذاته بالنسبة للشروط التي لم يرد ذكرها في العقد([19]).
وعليه
فأنه لا يحق للمستهلك في حالة عدم علمه بالشروط المألوفة سوى التمسك بعدم سريانها
بحقه دون إمكانية طلب إبطالها أو إلغاءها مادامت شروطاً صحيحة في مضمونها,لأنه,وإستناداً
لقاعدة إن العقد شريعة المتعاقدين,لا يحق لأي طرف ذلك,بحجة عدم علمه بها,وإنما
يكون له,وإستناداً للقاعدة ذاتها,أن يحدد ما شُرع بينه وبين الطرف الأخر طبقاً لما
تم الإتفاق عليه فعلاً وعلم به حقيقةً,ومن ثم فإنها تظل موجودة في العقد إلا أنها
لا تكون نافذة بحقه إلا بعد علمه بها,فإن علم ورضا بها أصبحت نافذة ولازمة عليه
وإلا فلا,وهو أمر وجدنا من المهم دعوة المشرع العراقي لملاحظته من خلال نصه عليه
بشكل صريح بعد نصه على إلتزام المهني أو التاجر المحترف بإعلام المستهلك بكل ما
يتعلق بالعقد ويرتبط بنطاقه.
أما ثاني الأمرين والذي يتعلق بأنصراف ارادة
الطرفين الى الاخذ بهذه الشروط والرضا بتطبيقها فيمكن التحقق منه من خلال إستقراء
مضمون العقد من شروطه برمتها دون الشروط المألوفة حصراً أو التي أضيفت إليه
لاحقاً,ذلك أن العقد في مفهوم أطرافه يعد كلاً لا يتجزأ وشروطه متكاملة,ويشرح كل
منها الاخر ويوضحه,ومن ثم فإذا ثار نزاع بصدد أحد الشروط تعين فهمه على ضوء باقي
الشروط,سواء ما سبق منها الشرط محل النزاع أو لحقه,فعند التعارض بين شرط خاص وأخر
مألوف يفضل الشرط الخاص لأنه يعبر عن نية الطرفين في العدول عن حكم الشرط المألوف
الى حكم الشرط الخاص([20]),ذلك
إن الأخير لا يكون الا نتيجة نقاش بين طرفي العقد,ومن ثم فأنه يعد الأقرب للنية
المشتركة لهما مما يقتضي معه لزوم أهمال الأول رغم مألوفيته.
المطلب الثاني:_إبطال الشروط المألوفة
إذا كان حكم الشروط المألوفة التي لا يعلم بها
المستهلك هو عدم سريان أثرها بحقه لحين علمه بها أو إهمالها عند تعارضها مع نية
طرفي العقد المشتركة,فإن هذا الأمر قاصر بطبيعة الحال على الشروط الصحيحة في
مضمونها,دون التعسفية منها,ذلك أن الإبقاء على الأخيرة يمثل أساس عدم التوازن
العقدي بين طرفيه,ومن ثم فإن علم المستهلك بهذه الشروط لن يغير من كونها تحمل في
طياتها إجحافاً بحقه يلزم حمايته منها,وتبعاً لذلك فقد ذهب البعض الى أن الأساس في
حماية المستهلك من هذه الشروط يتمثل في حمايته من مضمونها,ومما يقتضي معه لزوم
النظر إليها بمعناها الخاص دون العام,بمعنى إن كان ما تفيده هذه الشروط من أحكام
بحق المستهلك متعددة ويمكن تجزئتها وتحديد المتعسف منها دون ذلك,فينبغي الإبقاء
على هذه الشروط وعدها شروطاً صحيحةً وساريةً بحقه ما خلا الجزء المتعسف منها وذلك
من خلال تعديل هذا الجزء بما يعيد التوازن العقدي بين طرفيه,أما إذا لم يكن ذلك
ممكناً بحيث كان الشرط كلاً لا يتجزأ في مضمونه,فيكون من العسير هنا تعديله وإنما
يؤخذ بعدم سريانه بحق المستهلك في هذه الحالة([21]).
وإن كان هناك من وجد إن إفساح المجال لإبقاء
الشروط التعسفية في العقد وعدها صحيحة بمجرد رفع الجزء المتعسف منها يعني تحقيق
الحماية من الناحية الشكلية فقط دون الموضوعية,ذلك إن هذه الشروط لم توصف
بالتعسفية إلا لأنها تحمل بين طياتها ميزة فاحشة لشارطها,حتى وإن كانت ميزة معنوية
دون المادية منها,كما إنها حتى على فرض تعديل هذه الميزة فإن العنصر الثاني من
عناصر التعسفية المتمثل بالنفوذ والقوة الإقتصاديتين لمن شرطها أو جعل من إشتراطها أمراً مألوفاً في
عقود معينة ستجعل من هذا التعديل غير ذا جدوى فعلية للمستهلك خاصة إذا ما لوحظ أن
الأخير قد يكون مضطراً غالباً للرضوخ إلى ما يقدمه إليه الطرف الأقوى (إقتصادياً),ومن
ثم فأنه سيرضخ للتعديلات حتى وإن كانت شكلية في فحواها لأنه إن قبل بهذه الشروط
منذ البداية فأنه من باب آولى سيقبل بما يطرحه عليه الطرف الأخر من تعديلات,ولو كانت
طفيفة,تقلل من إختلال التوازن في العقد المبرم بينهما دون أن ترفعه,لهذا فإن الأثر
الأنجع لحماية المستهلك من هذه الشروط يتجلى بإبطالها أصلاً من دون الدخول في
إمكانية تجزئتها من عدمه متى ما توافرت عناصر التعسفية فيها([22]).
وقد يبدو
أن هذا الإختلاف في الرؤى مماثل لما نهجته بعض التشريعات التي نظمت الشروط التعسفية
وعالجتها من إختلاف أيضاً,وذلك من خلال ما يلاحظ من ذهاب البعض منها إلى الحكم
بصحة هذه الشروط من حيث الأصل مع إعطاء القاضي سلطة تعديل أو تعطيل سريانها بحق
الطرف الضعيف كالقانون المدني المصري في المادة 149 منه والتي نصت على أنه’’إذا تم
العقد بطريق الاذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية,جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو
أن يعفي الطرف المذعن منها,وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة,ويقع باطلاً كل أتفاق
على خلاف ذلك‘‘,والقانون المدني العراقي الذي جاءت المادة167/2 منه مطابقة للمادة
149 من القانون المدني المصري,والتي يفهم من خلالها أن للقاضي متى ما لاحظ أن هذه
الشروط تعسفية أن يبقي عليها مع تعديل بعض أثارها تعديلاً جزئياً أو كلياً من خلال
عدم نفاذها بحق الطرف الأخر دون الحكم ببطلانها أو بطلان العقد الذي يتضمنها وإنما
يبطل كل إتفاق يقضي بخلاف ذلك,وهو حكم لا يسري إلا على الشروط الصحيحة من حيث الأصل
حصراً,إذ لا يمكن تصور تعديل الشروط أو تحديد عدم نفاذها أو سريان أثارها إن كانت
باطلة,ذلك إنها لا تنتج أثاراً أصلاً,وهو حكم يسري من جهة أخرى على كافة الشروط
التعسفية سواء علم المستهلك بها أم لم يعلم,إذ لم تربط هذه النصوص هذا الحكم بمدى
علم الأخير من عدمه.
في حين نص البعض الأخر على بطلان هذه الشروط
بطلاناً مطلقاً ومن دون الولوج في مدى إمكانية تجزئتها من عدمه,على إعتبار ما تقوم
عليه من ميزة ناشئة عن أستغلال شارطها لما يملكه من قوة إقتصادية وفنية,وذلك أما
بالنص صراحةً على عدم الاعتداد بالشروط التعسفية في العقد وأعتبار هذه الشروط شروط
غير مكتوبة فيه أصلاً كقانون حماية المستهلك الفرنسي لسنة 1993([23]),والتوجيه
الذي أصدره الإتحاد الأوربي المتعلق بمنع الشروط التعسفية في عقود الأستهلاك
والصادر في21/4/1993([24])وكذلك
قانون حماية المستهلك العماني لسنة 2002([25]),أو
بالإكتفاء بإيراد نصٍ عام يقضي ببطلان كل شرط يكون من شأنه إعفاء مورد السلعة أو
مقدم الخدمة الى المستهلك من أي من إلتزاماته من دون تحديده بلفظ التعسفي,على أساس
أن هذا البطلان لم يتقرر إلا لأن هذا الشرط ينشئ تفاوتاً ظاهراً بين إلتزامات
الطرفين,ضد مصلحة المستهلك,بسبب إعفاء المهني المحترف من إلتزاماته كقانون حماية
المستهلك التونسي لسنة 2002 وقانون حماية المستهلك المصري لسنة2006 وقانون حماية
المستهلك القطري لسنة 2008.([26])
ويبدو إن
ما ذهب إليه أصحاب الإتجاه الأخير فقهاً وتشريعاً هو الأدق ذلك إن إطلاق سريان الحكم
العام في النصوص التشريعية التي عالجت أمر الشروط التعسفية في عقود الإذعان على كافة
أنواع العقود هو أمر غير دقيق,حيث إن عقود الإستهلاك لا تعد من عقود الإذعان([27]),
ومن ثم لا يمكن إفتراض سريان حكم الأخيرة عليها,كما إن تحديد هذه الحماية بسلطة
القاضي من حيث إمكانية تعديلها أو إلغاءها يجعل من هذه الحماية مقيدة بهذه السلطة
ومشروطة قبلها برفع الدعوى أمام القاضي لقيامه بها,وهو ما يجعل منها قاصرة على
المستهلكين الذين يلجأون إلى القضاء دون غيرهم مما يحصرها بنطاق ضيق,خاصة إذا ما
لاحظنا قلة لجوءهم إلى ذلك بالمقارنة بالممتنعين عن هذا الأمر([28]),هذا
من جهة ومن جهة أخرى فإننا وبالرجوع إلى معنى الشرط التعسفي نجد أنه لا يعد كذلك
ما لم يتوافر فيه عنصري إستغلال القوة أو النفوذ الإقتصادي لمشترطه والميزة
الفاحشة التي تمنح له معاً,ومن ثم فإن أي تجزئه لمضمون هذا الشرط لن يغني عن رفع
هذه الميزة مادام أمر تحديدها يتم إستناداً إلى أثر الشرط في عموم العقد دون الشرط
ذاته,بمعنى أن ما يمكن وصفه بشرط تعسفي في حق أحد المتعاقدين قد يكون هو السبيل الأمثل
لتحقيق التوازن العقدي لكونه يمثل شرط أخر لمصلحة ذلك المتعاقد مما يقتضي معه الإبقاء
على هذا الشرط كاملاً دون تجزئته لان خلاف ذلك هو ما قد يكون سبباً في إختلال هذا
التوازن.
ويبدو من كل ما تقدم أنه ما دامت الشروط
المألوفة متعسفة في مضمونها فيجب هنا إبطالها ولا ينظر إليها بوصفها شروطاً صحيحة
يمكن تعديلها بمجرد رفع الجزء المتعسف فيها,ذلك أن هذا الجزء لا يعد سوى عنصرٍ
واحدٍ من عنصرين لا تقوم التعسفية الا بهما معاً,ومن ثم فأن رفع هذا الجزء لا يمثل
إعادة للتوازن بين طرفي العقد,لا بل أنه قد يكون سبباً لأختلاله خاصةً في الحالات
التي يكون فيها فرض هذا الشرط السبيل الأمثل لتحقيق المساواة في الألتزامات بين من
شُرط عليه والالتزامات التي فُرضت على شارطه,هذا من جهة ومن جهة أخرى فإذا كان أمر
أبطال الشروط المألوفة يسري من حيث الأصل’’صراحةً‘‘على كل ما يمكن الأصطلاح عليه
بالشروط التعسفية فأن هذا الأصل ليس بقاصر على ذلك,خاصة عند مخالفة الشروط
المألوفة لنص قانوني آمر أو لأحكام النظام العام والأداب إستناداً إلى ثاني الشروط
التي سبق ذكرها اللازمة لأعمال الشروط المألوفة([29]),إذ
تبطل هذه الشروط في هذه الحالة لوحدها ما لم تكن شروطاً جوهريةً في العقد بحيث لم
يكن ليبرم الأخير لو لا وجودها فيه إذ تبطل هنا الشروط المألوفة والعقد معاً([30]).
الخاتمة
بعد أن
تطرقنا في هذا البحث بمباحثه الأربع لموضوع حماية المستهلك المدنية من الشروط
المألوفة في العقود التجارية,فأن طبيعة الأمر تقضي عقد خاتمته لأدراج أهم ما
توصلنا إليه من نتائج وأستنتاجات يمكن أستجلاءها فيما يأتي:
1_أن الشروط
المألوفة في العقود عموماً والتجارية منها بوجه خاص هي’’الشروط التي يكثر أدراجها في عقود معينة لدرجة أنه
يصبح من الطبيعي القول بوجودها والأخذ بحكمها حتى لو لم تذكر صراحة فيها لتولد
شعور لدى عاقديّ هذه العقود بإلزامها متى ما أتفقت مع أرادة كل منهم ونيته عند
إبرامهم العقد‘‘,بمعنى أنها لا تخرج عن أطار العادات الأتفاقية في العقود.
2_لقد
تجاذب مسألة تحديد المستهلك تعريفاً إتجاهان,عّده الأول منهما كل شخص يتعاقد بهدف
الأستهلاك,في حين قصر الثاني تحديده على الأشخاص الذين يتعاقدون بهدف إشباع
حاجاتهم الشخصية الصرفة أو الحاجات التي حتى وأن أرتبطت بمجال مهنتهم أو
تخصصهم,إلا أنهم غير محترفين ومتخصصين فيما يتعلق بها,حيث حاول كل منهما تحديد
نطاق المشمولين بهذا المفهوم بين موسع ومضيق,وقد لاحظنا من خلال إستقراء هذه
المحاولات دقة الأتجاه الأخير ومن ثم فأنه يمكن القول أن المستهلك هو’’كل شخص
طبيعي أو معنوي يبرم تصرفات قانونية بهدف الحصول على سلع أو خدمات بغية الأستفادة
منها بطريقة تنتفي فيها نية تحقيق الربح.
3_وكـما أختلفت
الأتجاهات الفقهية والقضائية في تحديد تعريف المستهلك,فقد أختلفت التشريعات الخاصة
بحمايته في ذات الأمر,وبالتأكيد منها المشرع العراقي الذي حاول تحديد هذا المفهوم
في الفقرة الخامسة من المادة الأولى من مشروعه الخاص بحماية المستهلك لسنة 2009
والتي نصت على أنه’’الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتزود بسلعة أو خدمة بقصد
الإستفادة منها ‘‘ ، وهو مما يمكن الأخذ عليه أنه قد أطلق مفهوم المستهلك ليشمل
المهني وغير المهني على حد سواء أستناداً إلى إطلاقه لمعيار تحديد المستهلك من
خلال قصد " الإستفادة " من السلعة او الخدمة والتي قد تدخل ضمن نطاق
الإستفادة في مجال مهنته أو حرفته من دون تقييدها بنطاق إشباع الحاجات الشخصية او
إدخال المهنية منها بعد تحديدها بالحاجات التي لا يكون متخصصاً فيها أو ذو علم او
معرفة كافيين بها إمكانية نفي صفة المستهلك عنه ، ومن ثم كان وإستناداً لهذا
الإطلاق كل من يروم الإستفادة من سلعة أو خدمة يعد مستهلكاً وهو أمر غير دقيق
نعتقد على مشرعنا لزوم ملاحظته عند الصياغة النهائية لهذا القانون .
4_أن كون
الشروط المألوفة بمنزلة العادات الأتفاقية يقضي بوجوب إتفاق ارادة الاطراف عليها
لأمكانية إعمالها,مما يترتب معه لزوم حماية المستهلك من كافة الشروط التي رغم كونها
مألوفة الا انها لا ترقى إلى تلك المنزلة لديه لجهله بها وعدم علمه بمضمونها أو
بوجودها أصلاً,وهو أمر لا يمكن إفتراضه على إساس أنها تعد جزءاً من العقد لتكرار
إدراجها فيه,إذ يقع على عاتق التاجر المحترف الألتزام بالأعلام الفعلي للمستهلك
بوجودها في العقد أولاً وبيان مضمونها الحقيقي ثانياً,وهو ألتزام نصت عليه أغلب
تشريعات حماية المستهلك,وأن كان مما يستثنى منها المشرع العراقي الذي لم يتطرق الى
هذا الامر ضمن طيات مواده التي خصصها لألتزامات المجهز أو المعلن وتحديداً في
المواد 6_8 من مشروعه.
5_أن كان
نطاق حماية المستهلك يتحدد إبتداءاً بحمايته من الشروط التي لا يعلم بها, فإن إطلاق
هذا الأمر على عواهنه يجعل من هذه الحماية قاصرة على جانب واحد فقط ,إذ ما أهمية
العلم حتى في حالة تحققه فعلاً,إن كانت هذه الشروط مجحفة بحقه,ذلك أنها في الحالة
الأخيرة تمثل التطبيق الفعلي لحالة التوازن العقدي بين طرفيه,مما يكون أدعى وأوجب
لحمايته منها وعدم النظر إليها كحالة فردية,بحيث يكتفى برفع تعسفها لمجرد علمه
بها,بل بالنص صراحةً على عدها شروط غير موجودة أصلاً لبطلانها وذلك لما تحمله من
ميزة مفرطة أو فاحشة لمصلحة شارطها الذي يتمتع بنفوذ وقوة إقتصاديتين تفوق ما
يملكه الطرف الأخر والمتمثل بالمستهلك.
6_يتعين
إهمال الشروط المألوفة التي تتعارض مع النية المشتركة لطرفي العقد,سواء لعدم العلم
بوجودها أو لأتجاه إرادة الطرفين لأستبعادها من خلال إدراج شروط خاصة تبرز ما تهدف
إليه هذه الأرادة من حكم خاص يسري دون حكم الشروط الدارج في كل مرة ذكرها في
العقد,في حين تبطل هذه الشروط من حيث الأصل إذا كانت مخالفة للنظام العام والأداب
أو لنص قانوني آمر,ويسري ذات الحكم حتى وأن لم تكن كذلك ما دامت تتضمن من التعسف
في مضمونها ما يكون دافعاً لحماية من فرضت عليه منها,متى ما كان هذا التعسف مخلاً
بالتوازن العقدي بين طرفي العقد ويظهر بشكل بارز إستغلال الضعف المعرفي والاقتصادي
للمستهلك عند فرضها.
7_يلاحظ
أن المشرع العراقي لم يتطرق في مشروع قانونه لحماية المستهلك لمسألة إهمال الشروط
المألوفة أو إبطالها,لا بل أنه أصلاً لم يتطرق إلى التعسفية منها على الأقل وهي
الشروط التي لا تكاد أغلب التشريعات الخاصة بحماية المستهلك تغفل تنظيمها وذلك
بالنص صراحةً على إبطال تلك الشروط ,ويبدو أنه قد إكتفى بأمر معالجتها ضمن المبادئ
العامة لأحكام القانون المدني التي نظمت ما يخص الشروط الواردة في عقود الإذعان,
وهو ما يمكن أن يعد نقصاً في المعالجة التشريعية,إشتقاقاً من إنه لا يمكن وصف كل
عقود الأستهلاك بعقود الأذعان,ومن ثم عدم القدرة على تطبيق أحكام تلك المبادئ على
الأول من تلك العقود,مما يجعل لزاماً علينا دعوة مشرعنا الى تلافي هذا النقص من
خلال الأخذ بتنظيم أحكامه وبيانه ضمن نصوص قانونه لحماية المستهلك الذي نأمل أن يرى
النور عما قريب.
المصادر
أولاً:المصادر
العربية:
1_الكتب:
1_د.
إبراهيم الدسوقي أبو الليل_نظرية الإلتزام_المصادر الإرادية للإلتزام_ط1_جامعة
الكويت_1995
2_د. أحمد شوقي محمد عبد الرحمن_الدراسات
البحثية في نظرية العقد_منشأة المعارف_الإسكندرية_2006
3_د.
أحمد محمد محمد الرفاعي _الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي _دار
النهضة العربية_القاهرة_1994
4_د. السيد محمد السيد عمران_حماية المستهلك
أثناء تكوين العقد_منشأة المعارف_الإسكندرية_بدون سنة طبع
5_د.
باسم محمد صالح_القانون التجاري_القسم الأول_دار الحكمة للنشر_بغداد_1987
6_د. برهان زريق _نظرية تفسير العقد في القانونين المدني
والإداري _ منشأة المعارف_ الإسكندرية_2005
7_د.
بودالي محمد_مكافحة الشروط التعسفية في العقود_ط1_مطبعة دار الفجر للنشر
والتوزيع_القاهرة_2007
8-د.
جلال وفا محمدين_المبادئ العامة في العقود التجارية وعمليات البنوك_مطبعة الدار
الجامعية_بيروت_1988
9_د.حسن عبد الباسط جميعي
_حماية المستهلك’’الحماية الخاصة لرضاء المستهلك في عقود الإستهلاك‘‘_دار النهضة
العربية_القاهرة_1996
10_د.حمد
الله محمد حمد الله_حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقود الإستهلاك
_دار الفكر العربي_ القاهرة_1997
11_د.
خالد عبد الفتاح محمد خليل_حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص_دار النهضة
العربية_القاهرة_2002
12_د.سعيد
سعد عبد السلام _الالتزام بالإفصاح في العقود _ط1_دار النهضة العربية _القاهرة _2000
13_د.سهير
منتصر _ الالتزام بالتبصير _دار النهضة العربية_القاهرة_دون سنة طبع
14_د.
طرح البحور علي حسن_عقود المستهلكين الدولية ما بين قضاء التحكيم والقضاء
الوطني_دار الفكر العربي_الإسكندرية_2007
15_أ.
عبد الباقي البكري و زهير البشير_المدخل لدراسة القانون_دار الكتب للطباعة
والنشر_بغداد_1989
16_د.
عبد الرزاق السنهوري _ الوسيط في شرح القانون المدني_ج1_نظرية الألتزام بشكل
عام_منشأة المعارف_الإسكندرية _2004
17_د. عبد
الحكم فوده _تفسير العقد في القانون المدني المصري 131 لسنة 1948والمقارن
_ط2_منشأة المعارف_الإسكندرية_ 1985
18_د.عبد الحكم فوده_إنهاء القوة الملزمة للعقد_دار
المطبوعات الجامعية_الإسكندرية_1993
19_د. عبد الله حسين
علي_حماية المستهلك من الغش التجاري والصناعي_بدون أسم مطبعة ولا سنة طبع
20_د. عدنان السرحان ود. نوري حمد خاطر_شرح
القانون المدني_مصادر الحقوق الشخصية_الألتزامات _دار الثقافة للنشر_عمان_2005
21_د.
عصمت عبد المجيد_أصول التفسير القانوني_بغداد_2004
22_د.علي
جمال الدين عوض_العقود التجارية_مطبعة دار النهضة العربية_القاهرة_1982
23_د.
عمر عبد الباقي_ الحماية العقدية للمستهلك_منشأة المعارف_الإسكندرية_2004
24_د. مالك دوهان الحسن_المدخل لدراسة
القانون_ج1_مطبعة الجامعة_بغداد_1972
25_د.
محمد أبو شتا_ الشرط كوصف للتراضي في القانون المدني المقارن والشريعة
الإسلامية_مطبعة دار الكتب_القاهرة_1981
26_د. محمد حسين عبد
العال_مفهوم الطرف الضعيف في الرابطة العقدية_دار النهضة العربية_القاهرة_2007
27_د.
محمد عبد الظاهر حسين _الجوانب القانونية للمرحلة السابقة على التعاقد_دار النهضة
العربية_القاهرة_2002
28_د.
مصطفى محمد الجمال_السعي إلى التعاقد في القانون المقارن _ط1_منشورات الحلبي
الحقوقية_بيروت_2002
29_د. موريس منصور_دراسات
في التأمين_ط1_مطبعة المعارف_بغداد_1978
30_د.نزيه
محمد الصادق المهدي_الالتزام قبل التعاقدي بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد
وتطبيقاته على بعض أنواع العقود_دار النهضة العربية_القاهرة_1982
2_الرسائل
الجامعية:
1_ إيمان طارق الشكري _ أثر الشرط في حكم العقد_
رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون_جامعة بابل_ 1998
2_سلام
عبد الزهرة عبد الله_نطاق العقد_أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون_جامعة
بغداد_2006
3_سليمان
براك دايح_الشروط التعسفية في العقود_أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق_جامعة
النهرين_2002
4_سهير حسن هادي_الشرط المألوف في العقد_رسالة
ماجستير مقدمة إلى كلية القانون_جامعة بابل_2008
5_عامر
قاسم محمد _الحماية القانونية للمستهلك_ إطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون
_جامعة بغداد_1998
6_مصطفى
أبو مندور موسى_ دور العلم بالبيانات عند تكوين العلاقة العقدية_أطروحة دكتوراه
مقدمة إلى كلية الحقوق _جامعة القاهرة _2000
3_البحوث
والمقالات:
1_د.
أحمد سالم العتيبي_مسؤولية المصارف عن نشاطها العام_بحث منشور في مجلة التجارة
والتنمية الليبية_العدد 21 في موقعها على الإنترنيت:www.Bankofed.com
2_د.
أحمد عبد الرحمن ملحم_نماذج العقود ووسائل مواجهة الشروط المجحفة فيها_بحث منشور
في مجلة الحقوق الكويتية_العددان الأول والثاني_السنة السادسة عشر-1992
3_د.إسماعيل
محمد المحاقري _الحماية القانونية لعديم الخبرة من الشروط التعسفية_بحث منشور في
مجلة الحقوق الكويتية_العدد الرابع_السنة الثلاثون_2006
4_د.آلاء
يعقوب يوسف_الحماية القانونية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية_بحث منشور في
مجلة كلية الحقوق_جامعة النهرين_المجلد الثامن_العدد الرابع عشر _ 2005
5_د. جابر محجوب علي_ قواعد أخلاقيات
المهنة,مفهومها,أساس إلزامها ونطاقها_بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية_العدد
الثاني_السنة الثانية والعشرون_يونيو_1998
6_د.
جمال فاخر النكاس_حماية المستهلك وأثرها على النظرية العامة للعقد في القانون
الكويتي_بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية_العدد الثاني_السنة الثالثة عشرة _
يونيو1989
4_القوانين:
1_القانون المدني المصري رقم لسنة
2_القانون
المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951
3_قانون حماية المستهلك التونسي رقم117 في7
ديسمبر1992
4_قانون
حماية المستهلك العماني رقم 81 لسنة 2002
5_قانون حماية المستهلك اللبناني رقم 659 لسنة
2005
6_مشروع
قانون حماية المستهلك الأردني لسنة2006
7_قانون حماية المستهلك المصري رقم 67 لسنة 2006
8_مشروع
قانون حماية المستهلك العراقي لسنة 2009
9_قانون
حماية المستهلك القطري رقم 8 لسنة2008
ثانياً:المصادر
الأجنبية:
1_الكتب:
Michal Geist : Consumer Protection and
licensing regimes : in www.aixl.uottawa.ca/geist/mccrgeist.pdf
Strickler : La
protection de la partie faible en droit civil : in
www.iej.u.strabg.fr/fpartiefaibie.civ.htm
J.Ghestin: Traite' de droit civil ,les obligation, les
contrats,2nd edition, Paris ,
1988,P46
A.Salaun: Consumer Protection; proposals for improving
the protection of on line Consumer in: www.e-consult.be
2
_القوانين:
1_قانون إعلام وحماية المستهلكين للسلع والخدمات
الفرنسي رقم23 لسنة 1978 أنظر نص القانون
منشور على الموقع:www.sos.net.eu.org/conso/code/infodat/ae.htm
3_التوجيه رقم
13/93 والذي صدر عن مجلس الجماعات الإقتصادية الأوربية في 5 نيسان 1993ومنشور على
موقع الإتحاد الأوربي :
http://ec.europa.eu/consumers/conc_int/safe_shop/fair_bus_pract/index_en.htm
(3) ذهبت محكمة النقض
الفرنسية في أحد قراراتها إلى وصف الشرط بالتعسفي إذا كان’’من شأن محله أو أثره
إلغاء أو تخفيض حق المستهلك في التعويض في حالة عدم وفاء المهني بأحد إلتزاماته
أياً كانت‘‘Cass.civ.1er.25.janv.1989 مشار إليه في مؤلف د.
عبد الله حسين علي_حماية المستهلك من الغش التجاري والصناعي_بدون أسم مطبعة ولا
سنة طبع_ص141.
(1)``Dans
les contrats conclus entre professionnels et non-professionnels ou
consommateurs, sont abusives les clauses qui ont pour objet ou pour effet de
cre'er, au de'triment du non professionnels ou du consommateurs, un
de'se'quilibre significatif entre les droits et obligations des parties au
contrat`` أنظر النص منشور
على الموقع: www.Legifrance.gouv.fr
(1) ``Une
clausee d'un contrat n'ayant pas fait d'objet d'une ne'gociation individuelle
est conside're'e comme abusive lorsque, en de'pit de l'exigence de bonne foi,
elle cre'er au de'triment du consommateurs, un de'se'quilibre
significatif entre les droits et obligations des parties au contrat``أنظر
النص منشور على الموقع:
http://ec.europa.eu/consumers/conc_int/safe_shop/fair_bus_pract/index_en.htm
(1) أنظر الفصل 17 من
قانون حماية المستهلك التونسي و م 10 من قانون حماية المستهلك المصري و م24 من
قانون حماية المستهلك القطري,ومما تجدر الاشارة اليه ان المشرع العراقي في مشروعه
لحماية المستهلك لم يتطرق اصلاً الى موضوع حماية المستهلك من الشروط التعسفية لا
عند == ==تطرقه الى حقوق المستهلك ولا عند بيانه لالتزامات المجهز والمعلن,ولهذا
فيلاحظ أنه لم يتبع أي من الاساليب السالف
ذكرها,أنظر م 6و7 من المشروع اعلاه
(1) أنظر قرار مجلس الدولة
الفرنسي الصادر في 12/1/2001 والذي قضى فيه’’إن الطابع التعسفي للشرط يتم تقديره
ليس بالرجوع إلى هذا الشرط بحد ذاته،ولكن بالرجوع إلى مجموع الإشتراطات التي
يتضمنها العقد‘‘ مشار إليه في مؤلف د.بودالي محمد_ مكافحة الشروط التعسفية في
العقود_ط1_مطبعة دار الفجر للنشر والتوزيع_القاهرة_2007_ ص115
(1)E.Caprioli, les dispositions relatives a' la protection
des consommateures dans les contrates conclus a' distance in: www.caprioliavocats.com ===
==وأنظر قرار محكمة إستئناف باريس الذي يشير اليه والصادر في 22/5/1986 والذي قضت فيه ’’.....إن
الشرط لا يعد تعسفياً إبتداءاً من الوقت الذي أصبح فيه مألوفاً ومعتاداً عموماً في
العقد‘‘
(2) أنظر قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر في
18/5/1955 بخصوص نزاع بين مصرف وأحد زبائنه بسبب إعفاء الأول نفسه من الألتزام
بالمدد التي يحددها القانون دعوى المصرف تجاه الأخير وذلك بموجب شرط وارد في ظهر
دفتر الصكوك المسلم الى زبونه والذي جاء
فيه’’يخضع الزبون للشروط العامة التي يفرضها المصرف بشأن تغطية قيمة الشيكات
المسحوبة عليه,والتي يعد الزبون قد علم بها بمجرد تسلمه للدفتر‘‘والذي قضت فيه
بأنه’’لا يستطيع المصرف أن يتنصل من مسؤوليته بحجة الشروط العامة التي فرضها على
الزبائن,ذلك أن المصرف لم يستطع إثبات علم الزبون بهذه الشروط وقبوله بها,ولا يمكن
قبول دفع المصرف بأفتراض علم الزبائن بها,لأن هذه الشروط كتبت بإرادة المصرف
المنفردة وفرضت على الزبائن,ومن ثم لا يمكن إفتراض علمهم بها أو قبولهم لها بمجرد
تسلم وصل دفتر الصكوك,ولا يعد هذا التسلم بمثابة التنازل الضمني منهم عن حقوقهم
التي كفلها القانون‘‘مشار إليه في رسالة سليمان براك دايح_مصدر سابق_ص120.
(1) أنظر قرار محكمة النقض
المصرية رقم 149 في 25/6/1992 والذي قضت فيه’’إذا أستعمل المتعاقدان نموذجاً,أو
محرراً وأضافا إليه بخط اليد أو بأي وسيلة أخرى شروطاً وعبارات تتعارض مع الشروط
والعبارات المطبوعة,وجب تغليب الشروط المضافة,بأعتبارها تعبيراً واضحاً عن إرادة
المتعاقدين‘‘مشار إليه في رسالة سهير حسن هادي_مصدر سابق_ص71.
وأنظر د. محمد حسين عبد العال_مصدر سابق_ص113 ود.
حمد الله محمد حمد الله_مصدر سابق_ ص59 ود. بودالي محمد_مصدر سابق_ص57
http://ec.europa.eu/consumers/conc_int/safe_shop/fair_bus_pract/index_en.htm
(1) أنظر الفصل 17 من
قانون حماية المستهلك التونسي و م 10 من قانون حماية المستهلك المصري و م24 من
قانون حماية المستهلك القطري,ولاحظ ما سبق ذكره حول موقف المشرع العراقي في مشروع
قانونه الخاص بحماية المستهلك من عدم تطرقه اصلاً الى موضوع حماية المستهلك من
الشروط التعسفية وأن كان قد عالجه بشكل مباشر عند وروده في عقود معينة كعقد
التأمين والذي رغم كونه يعد من عقود الاذعان والمفروض تطبيق أحكام المادة 167/2 من
القانون المدني عليه من حيث منح المحكمة سلطة تعديله أو تعطيل سريانه الا انه قد
نص صراحةً في المادة 985 من القانون ذاته ببطلان كل شرط تعسفي مبين ضمن الشروط
الواردة فيه.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم