القائمة الرئيسية

الصفحات



عقد التسيير الحر

عقد التسيير الحر

عقد التسيير الحر





مـذكـرة التخـرج لـنيـل إجـازة المـدرسـة الـعلـيا للقـضـاء
الـمـوضـوع






مـن إعـداد الـطــالـب الـقـاضــي:                                 
الـعــمــري مــبـارك                                                                                                    
     الـســنــة الـــثـالـثـــة
     الـدفـعــة: الـرابـعـة عـشـر




السنة الأكـاديـمية



بجانب الحياة المدنية المستقرة للفرد، و التي تعتبر القاسم المشترك لكل أفراد المجتمع، يوجد  جانب آخر معاكس تماما يمتاز بالنشاط و السرعة في المعاملات هذا الجانب يتمثل في ممارسة التجارة بمفهومها الواسع ،سواء كان ذلك بصفة منفردة، أو في أي شكل تجمعات، و سواء أقيمت هذه الإعمال التجارية مرة واحدة، أو كانت بمقتضى الاعتياد و الاستقلال المكسبان للصفة التجارية بشروطها.
       و من  أهم الأعمال التجارية ذات القيمة الاقتصادية، نجد الأعمال التجارية بحسب الشكل المنظمة عبر المادة الثالثة من القانون التجاري المعدل و المتمم، و خاصة منها المتعلقة بالمحلات التجارية و الشركات، فإذا كانت هذه الأخيرة تعتبر النموذج المثالي للمشاريع الاقتصادية الكبرى و الضخمة نظرا لتمتعها بصفة التنظيم و تظافر جهود  عدة  أشخاص قصد بلوغ  هدف اقتصادي معين، فان المحلات التجارية  تعتبر النموذج المبسط   و الحقيقي للمشاريع الاقتصادية و التجارية  و الخدماتية المتوسطة و الصغيرة  لما  تعود به  من ربح  على ممارستها، و تنوع نشاطاتها، و سهولة التصرفات الواردة عليها مقارنة بالشركات.
      إن المحل التجاري حسب الراجح من أقوال الفقهاء هو مال منقول معنوي، و عليه فان للتاجر حقا ينصب على  الملكية المعنوية للمحل يتمثل  في الاتصال بالعملاء و احتكار الاستغلال حسب رأي الدكتورة نادية فوضيل المستمد من مرجع الأستاذ  « Ripert »  و المحل التجاري بالمعنى الوارد أعلاه تتعدد مصادر تملكه فإذا كان الشائع في الميدان أنه يمتلك بتأجير عقار لممارسة التجارة لمدة معينة محددة في القانون، فان الحقيقة أوسع من ذلك، فقد يمتلك المحل التجاري بالتصرف القانوني عن طريق البيع أو الهبة مثلا، و قد ينشأ من طرف مالك العقار المملوك له لممارسة النشاط التجاري، و قد يمتلك المحل التجاري كذلك عن طريق الميراث و في كل هذا و ذاك فقد يسير المحل التجاري من طرف ماله مباشرة و شخصيا، و قد يوكل تسييره إلى شخص تابع له عن طريق عقد عمل أو عقد وكالة، و قد يوكل تسييره إلى شخص و لكن على عهدة و مسؤولية هذا الأخير، و هذا عن طريق ما يعرف بإيجار التسيير الحر الذي يعتبر إيجار تجاري بحت ينصب على مال منقول معنوي كما سوف يظهر ذلك جليا لاحقا، كما قد يكون محل التسيير الحر مؤسسة حرفية مثلما يستخلص من نص المادة 203 من القانون التجاري، و المؤسسة الحرفية حسب قانون الحرفي الجديد لسنة 1996 قد تكون في شكل تعاونية أو في شكل مقاولة و أن هذه 

الأخيرة فقط التي يفرض فضلا عن التسجيل بسجل الصناعات التقليدية و الحرف التسجيل أيضا بالمركز الوطني للسجل التجاري وفق المادة 23 من الأمر رقم 96/01 المؤرخ في 10/01/1996 المحدد للقواعد المنظمة للحرف و الصناعات التقليدية, و كذا على أساس أن التعاونية هي عبارة عن شركة مدنية حسب الأمر نفسه.
   و المقاولة الحرفية حسب المادة 20 من الأمر أعلاه, هي كل مؤسسة مكونة وفق شكل من الأشكال المحددة بالقانون التجاري, و تتميز بممارسة نشاط حرفي على نحو ما هو محدد بالمادتين 5 و 6 من الأمر, مع تشغيل عدد غير محدد من العمال الأجراء, و تسيير من طرف حرفي أو حرفي معلم على نحو ما هو معرف بالمادة 10 من الآمر, أو الشراكة أو تشغيل حرفي على الأقل يضمن التسيير التقني للمقاولة إذا تعلق الأمر بمؤسسة رئيسها لا يتمتع بصفة الحرفي.     
     إن عقد التسيير الحر يعتبر في الآونة الأخيرة من أهم العقود تداولا بين الأشخاص, نتيجة لعوامل عديدة تحتم على المالك و المستغل اللجوء إلى تأجير المحل التجاري إلى المستأجر المسير، و هو عقد خاضع –لأهميته- للشكلية الرسمية بقوة القانون و تحت طائلة البطلان.
     انطلاقا من هذا, فقد نظم المشرع الجزائري هذا العقد في المواد 203 -214 في الباب الثالث من القانون التجاري الجزائري المنظم بالآمر 75/59 مؤرخ في 26/09/1975 المعدل و المتمم تحت عنوان:
 " التسيير الحر – تأجير التسيير".
     و نظرا لأهمية دراسة الموضوع، خاصة و أنه لم ينل حضه من الدراسة و هذا لعدة أسباب، لا يسعنا المجال للخوض فيها، فإننا سنعالج الموضوع هادفين من خلاله توضيح الإبهام الذي يسود الإيجارات التجارية، و لعل الأجدر بنا قبل احتواء العقد من انعقاده إلى انقضاه عبر فصلين من الدراسة, أن نحدد بإيجاز في هذا التقديم مفهوم التسيير الحر و بيان المجالات و الدوافع التي تؤدي إلى  اللجوء لهذا النوع من الإيجار، مركزين على التفرقة بينه و بين الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد 169 من القانون التجاري و ما يليها و لكن بصفة وجيزة جدا، لأن التفرقة تكون محل تركيز في كل مرة عند التطرق بالتفصيل إلى انعقاد عقد التسيير الحر و انقضاءه و الآثار المترتبة عن كلا الأمرين.
    كما سبق القول، فقد نظم المشرع الجزائري عقد التسيير الحر عبر  المواد 203 إلى 214 من القانون التجاري, و قد ورد تعريف العقد عبر المادة 203 وذلك على انه عقد يستأجر بمقتضاه شخص محلا تجاريا من مالكه أو مستغله لأجل استثماره لحسابه الخاص و على عهدته متحملا مسؤولية هذا الاستثمار وحده دون أن يلتزم مالك المحل نتائجه.
    
إن ما نركز عليه منذ البداية، قبل التفرقة بين التسيير الحر و الإيجارات المنظمة قبله بالمواد 169 إلى 202 من القانون التجاري، هو أن عقد التسيير الحر عقد إيجار تجاري حقيقي و بمعنى الكلمة، لأنه يقع على مال منقول معنوي يشمل جميع عناصر المحل التجاري، وهو عمل تجاري بحسب الشكل لكلا المتعاقدين مهما كانت صفتهم قبل التعاقد، و هذا عملا بالمبدأ أن كل العمليات الواقعة على المحل التجاري تعتبر عمل تجاري بحسب الشكل "المادة الثالثة" من القانون التجاري الجزائري.
    إن أهم الدوافع التي تؤدي بمالك المحل التجاري إلى إتباع هذا الأسلوب من الإيجار هي عجز المالك أثناء حياته عن تسييره لشتى الأسباب كالمرض مثلا, أو عجز الورثة القصر أو نقص خبرتهم لإدارته بعد وفاته فهنا و هناك يتم تأجير المحل حتى زوال السبب المانع، و قد نكون بصدد التأجير الحر في حالة تقرير الوكيل القضائي المكلف في حالة إفلاس التاجر بأن مصلحة جماعة الدائنين تقتضي تأجير المحل التجاري إلى الغير مقابل بدل إيجار يضم إلى أموال التفليسة, شريطة ترخيص  القاضي المراقب لجميع أعمال و إجراءات الإفلاس  و قد تتدخل أسباب مادية تجعل من اللجوء إلى التسيير الحر أكثر من ضروري و تظهر هذه الأسباب خاصة عندما يكون المحل التجاري مملوك على الشيوع و تستحيل عملية قسمته  وقد يملك شخص عدة محلات تجارية و لعجزه عن إدارتها كلها, و خوفه من اختلاط حساباته يضطر إلى تأجير بعضها بمقتضى التسيير الحر.
      هذا وتجدر الملاحظة, و لو بصفة خاطفة إلى أن هناك أنواع من المحلات التجارية لا يجوز تأجير تسييرها نذكر خاصة محلات الصيدلة و مخابر التحاليل لأن القانون يتطلب تسييرها شخصيا نظرا لتطلبها الخبرة و للبصمة الفنية و التقنية التي لا يمكن التهاون فيها.
     أما فيما يتعلق بالتفرقة بين إيجار التسيير الحر و الإيجارات المشابهة, فإنه إذا كان إيجار التسيير الحر محله أو يقع على المحل التجاري (القاعدة ), و طرفاه مالك هذه الأخيرة سواء كونها كمستأجر وفقا لأحكام المادة 169 من القانون التجاري و ما يليه، أو كان مالك للعقار و عمره بالمحل التجاري, و الطرف الثاني هو المستأجر المسير، فإن العقد المنظم بالمادة 169 ت . ج المنوه عنها أعلاه يقع على العقار و سيظهر هذا جليا و بالتفصيل الموجز عند معالجة عقد التسيير الحر, موردين في كل جزئياته الفرق بينه و بين الإيجارات التجارية أعلاه .
     كما يختلف عقد التسيير الحر عن عقد الإدارة البسيطة للمحل التجاري, و الذي بموجبه يعهد مالك المحل باستثماره كليا أو جزئيا إلى شخص يعمل باسم المالك و لحسابه , و يأخذ هذا العقد نموذجيي عقد العمل أو عقد الوكالة و في كليهما يتحمل مسؤولية التسيير مالك المحل و ليس مستخدميه.
   
و إذ تظهر لنا التفرقة بين هذه الأنواع من الإيجارات بهذا الشكل الموجز البسيط، فإن الأمر ليس بهذه السهولة، و لإضفاء نوع من الدقة على الموضوع فان الإشكالية الكلاسيكية التي تفرض نفسها علينا و بالنظر إلى الواجهة العملية للموضوع والتي نود التركيز عليها هي: 
" كيف ينعقد التسيير الحر و كيف ينقضي ؟ "  ماهي الآثار المترتبة عن المرحلتين مقارنة بالإيجارات التي يطلق عليها المشرع مصطلح الإيجارات التجارية ؟ 
    


 و لمحاولة الإجابة عن الإشكالية, فانه يتحتم علينا عمليا إن نقسم العمل كلاسيكيا إلى فصلين، تخصص الأول منهما إلى انعقاد التسيير الحر و الآثار المترتبة عنه، بينما تخصص الفصل الثاني إلى انقضاء عقد التسيير الحر و الآثار المترتبة عن ذلك.
     و بتفصيل الفصلين بإيجاز ستظهر لنا في كل مرحلة الفوارق التي تميز عقد التسيير الحر عن الإيجارات الممكن أن تختلط به, و نقصد بها تلك المنظمة بالمواد 169 إلى 202 ق.ت.ج,  مبرزين في كل مرة الإشكالات المطروحة الناجمة عن التفرقة أعلاه, محاولين إبداء ملاحظات عليها أو اقتراح حلول لها إنشاء الله.




الـمـقـدمـة



الـمـبـحث الأول: شروط انعقاد السير الحر
المطلب الأول: الشروط الموضوعية لانعقاد التسيير الحر
o الفرع الأول: الشروط الموضوعية العامة لانعقاد التسيير الحر
o الفرع الثاني: الشروط الموضوعية الخاصة لانعقاد التسيير الحر
o الفرع الثالث: جزاء الإخلال بالشروط الموضوعية لانعقاد التسيير
المطلب الثاني: الشروط الشكلية لانعقاد التسيير الحر
o الفرع الأول: إفراغ عقد التسيير الحر في القالب الرسمي
o الفرع الثاني: نشر عقد التسيير الحر
o الفرع الثالث: جزاءات الإخلال بالشروط الشكلية لانعقاد التسيير
الـمـبحـث الـثانـي: الآثار المترتبة عن انعقاد التسيير الحر
المطلب الأول: الآثار المترتبة عن الانعقاد بين المتعاقدين
o الفرع الأول: حقوق و التزامات المؤجر
o الفرع الثاني: حقوق و التزامات المستأجر المسير
المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن الانعقاد بالنسبة للغير
o الفرع الأول: آثار انعقاد التسيير الحر بالنسبة للدائنين
o الفرع الثاني: آثار الانعقاد بالنسبة للغير (مالك العقار و مشتري المحل )



الـمبحـث الأول: انقضاء عقد التسيير الحر
المطلب الاول : حالات (أسباب ) انقضاء عقد التسيير الحر
o الفرع الاول :انقضاء عقد التسيير الحر بحلول الأجل
o الفرع الثاني: انقضاء العقد بسبب عدم تنفيذ الالتزامات
o الفرع الثالث: الحالات الأخرى لانقضاء عقد التسيير الحر
المطلب الثاني : إجراءات إنهاء عقد التسيير الحر
o الفرع الاول : الإجراءات المحددة قانونا لإنهاء عقد التسيير الحر
o الفرع الثاني : التطبيق القضائي لإجراءات إنهاء العقد
الـمبـحث الـثانـي: آثار انقضاء عقد التسيير الحر
المطلب الاول : آثار انقضاء عقد التسيير الحر بالنسبة للمتعاقدين
o الفرع الاول : آثار انقضاء العقد بالنسبة للمستأجر المسير
o الفرع الثاني: آثار انقضاء التسيير الحر بالنسبة للمؤجر
المطلب الثاني: آثار انقضاء عقد التسيير الحر بالنسبة للغير
o الفرع الاول :آثار انقضاء التسيير الحر بالنسبة للدائنين
o الفرع الثاني: مصير العناصر الجديدة بمناسبة التسيير الحر

الــخــاتــمــة 



إن التسيير الحر هو ذلك العقد الذي يستأجر بمقتضاه شخص محلا تجاريا من مالكه, لأجل استثماره لحسابه الخاص وعلى عهدته متحملا مسؤولية هذا الاستثمار وحده, دون أن يلتزم مالك المحل بنتائج هذا الإستثمار(1).
   و هذا التعريف مستوحى من نص المادة 203 من القانون التجاري الجزائري التي تنص على أنه  »يخضع للأحكام التالية، وذلك بالرغم من كل شرط مخالف, و كل عقد أو اتفاق يتنازل بواسطتهما المالك أو المستغل لمحل تجاري عن كل أو جزء من التأجير لمسير بقصد استغلاله على عهدته« .
     إن عقد التسيير الحر كسائر العقود الأخرى, يخضع لشروط انعقاد حتى يأخذ مكانه في العالم القانوني، هذه الأخيرة منها ما هي شروط عامة على غرار باقي العقود, و منها ماهي خاصة بهذا العقد نظر لخصوصياته، تنتج عن تخلفها جزاءات نوردها بمعية الشروط في المبحث الأول من هذا الفصل ، و بتوفر جميع الشروط جملة و تفصيلا ينعقد العقد, و بالنتيجة تترتب عنه آثار سواء بين عاقديه أو تنصرف إلى الغير مثلما يظهر ذلك في المبحث الثاني من هذا الفصل.
    و على هذا الأساس يقسم الفصل إلى: 

الـــمـبـحـث الأول: شروط انعقاد التسيير الحر
الــمـبـحــث الثاني: الآثار المترتبة عن انعقاد التسيير الحر





(1): د. أحمد محرز: القانون التجاري الجزائري: العقود التجارية الجزء الرابع.دار النهضة العربية .ط2 – سنة 1981، ص.161 






     كما سبقت الإشارة, فانه لبناء عقد التسيير الحر، يقتضي الأمر اجتماع مجموعة من الشروط تنقسم إلى شروط موضوعية عامة, تتمثل في أركان العقد إضافة إلى أخرى خاصة تنطبق فقط على عقد التسيير الحر، جاء بها المشرع لغايات معينة,  ضف إلى ذلك شروط شكلية جاءت تضفي طابع الأهمية و الخطورة على العقد .
    و بالتطرق إلى ذلك نجد أنفسنا بالكاد مضطرين إلى التطرق لجزاء الإخلال بهذه الشروط, مبرزين هذا و ذاك في مطلبين على النحو التالي: 
     
الـمـطـلـب الأول: الشروط الموضوعية لانعقاد التسيير الحر
الـمـطـلـب الثاني: الشروط الشكلية لانعقاد التسيير الحر







    
 تنقسم الشروط الموضوعية لانعقاد التسيير الحر إلى شروط عامة, تعتبر أركان عقد التسيير الحر تتمثل في الرضا، المحل، السبب و الشكلية, باعتبار العقد من الفئة التي يشترط فيها ذلك، هذه الأخيرة سنتطرف لها في مطلب مستقل نظرا لأهميتها.
    كما تقسم الشروط الموضوعية أعلاه إلى شروط خاصة ينفرد بها عقد التسيير الحر نظرا لخصوصيته,       و حرصا من المشرع على احترام الشروط الموضوعية رتب جزاءات على تخلفها.
    و على هذا الأساس نقسم المطلب إلى ثلاث فروع على النحو التالي : 

الـــفــرع الأول: الـشـروط الـمـوضـوعـيـة الـعـامـة لانـعـقـاد   

                       الـتـسـيـيـر الـحـر
    انطلاقا من تسميتها، فإن هذه الشروط أو الأركان تجد حقلها في القواعد العامة الواردة في أحكام العقد في باب أركانه.
   غير أن تطبيق القواعد العامة على إيجار التسيير لا يثير إشكالات كبيرة, فكل شخص يستطيع إبرام العقد شريطة أن تكون له القدرة على ممارسة التجارة، لأن الأمر يتعلق باستغلال محل تجاري أو مقاولة حرفية و تحمل مخاطر ذلك، و على أساس أن مستأجر المحل التجاري يصبح له صفة التاجر أو الحرفي إذا تعلق الأمر بمقاولة حرفية , و بالتالي فالقاصر حتى و لو رشد لا يمكن أن يكون مستأجر لأنه لا يستطيع أن يصبح تاجر حسب المادة 02 من القانون اتجاري الفرنسي(1) و هذا عكس المشرع الجزائري بالنظر إلى استطلاع أحكام المادتين الخامسة و السادسة من القانون التجاري الجزائري.
   تتمثل الشروط ( أركان ) الموضوعية العامة لانعقاد التسيير الحر في : 
  1- الـــرضـــا: 
   كل عقد مهما كان يتطلب الرضا كركن أساسي فيه، ينحل العقد بانعدامه و الرضا في عقد التسيير الحر ينصب على منفعة الشيء دون ملكية لمدة زمنية معينة، و باعتبار المحل التجاري أو الحرفي (مقاولة) مال منقول معنوي فان عقد الإدارة الحرة الجاري عليه عقد ايجارة منقول يخضع للقواعد العامة(2)  

 (1): Jean Derruppe ,Fonds du Commerce, Dalloz 1994 , page 44 
(2): الكامل في قانون التجارة: القاضي د.إلياس ناصف : المؤسسة التجارية، ج1، عويدات للطباعة والنشر .ص 142)
و يرد الرضا بتبادل الطرفين التعبير عن إرادتيها لمتطابقتين من أجل أحداث أثر قانوني سليم من العيوب المحددة بمقتضى القواعد العامة في المواد 81 إلى 91 من القانون المدني .
   2- الأهــلــيــة: 
     يشترط المشرع الجزائري لإبرام العقود أهلية الأداء, و التي تحدد ببلوغ العاقد سن التاسعة عشرة كاملة وقت إبرام العقد.مع تمتعه بقواه العقلية و لم يحجر عليه حسب المادة 40  من القانون المدني الجزائري، و إلا يكون قابلا للإبطال لمصلحة ناقصها و يكون باطلا لانعدامها.
    إن عقد التسيير الحر عقد إيجار حقيقي وارد على منقول معنوي و هو عمل تجاري بحسب الشكل (1).
    يبرم عقد التسيير الحر من طرف مالك المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية أو من طرف المستغل على نحو ما هو وارد في المادة 203 تجاري جزائري و هو المنهج المنطقي السائد (2).
   إن المادة 595/4 من القانون المدني الفرنسي التي تمنع صاحب حق الانتفاع من تأجير بعض الأموال إلا بموافقة مالك الرقبة ،لا تطبق على المحل التجاري، لكن يمكن التخمين بأن الفقرة الثانية من المادة نفسها لها مفهوم واسع على اعتبار أن الإيجار لأكثر من تسع (09) سنوات بدون مشاركة أو موافقة المالك لا تسري في حقه إلا في حدود التسع سنوات(3).
   إن المشرع الجزائري و في مجال التجارة، يجيز للقاصر المرشد أن يقوم ببعض التصرفات القانونية وفق المادتين الخامسة و السادسة من القانون التجاري، و بتفحصها لا نجد ما يمنع القاصر المرشد من ممارسة تأجير التسيير، و هذا ما يجرنا إلى القول أن ألأهلية في مجال الالتزامات التجارية تعتبر شرط صحة، و على اعتبار أن عقد لإيجار هو من أعمال الإدارة – باستثناء إذا تجاوز تسع سنوات – لا يترتب عليه خروج الشيء المؤجر من ذمة مؤجره .







(1): د. أحمد محرز. المرجع السابق.ص 163+ د.فرحة زراوي صالح: القسم الأول : المحل التجاري: نشر وتوزيع ابن خلدون .ص. 285 
-Alain Piédeliévre, Stéphane, Piédeliévre, Dalloz 1999 : cours : actes de :(2) commerce,commerçant,fonds du commerce, 2eme éditions, page 149
-Alain Piédeliévre.op.cit, page 45 : (3) 
 و في الحقيقة و بصفة أخرى فإن المؤجر يترك غيره ينتفع بالشيء أو بثماره مدة معينة، و على هذا الأساس لا يشترط في المؤجر لكي يبرم العقد أن تكون له أهلية التصرف, و إنما تكفي أهلية الإدارة(1).  
3 - الــمــحـــل: 
       مادام الأمر يتعلق بعقد الإيجار فإن المحل فيه مزدوج و على أساسه تنشا التزامات و حقوق على أطراف العلاقة.
      و يشترط في المحل أن يكون ممكن غير مستحيل, و معين و مشروع بمعنى غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة, و قابل لاستغلال و إلا اعتبر العقد باطل مطلقا.
      إن محل التزام المؤجر هو المنفعة التي يلتزم هذا الأخير بتمكين المستأجر منها, و تتمثل المنفعة المرجوة في محل تجاري بجميع عناصره, أو مقاولة حرفية موجودين يعقد عليهما التسيير الحر، أما محل التزام المستأجر هو دفع الأجرة أو بدل الإيجار الذي يشترط فيه أن يكون معين أو قابل للتعيين وفق القواعد العامة 470 قانون مدني جزائري.
   تجدر الملاحظة أن هناك أنشطة يحظر إيجار تسييرها, مثل الصيدلة و مخابر التحليل لأنها منظمة بنصوص خاصة يتطلب القانون تسييرها شخصيا من قبل المالك أو المرخص له إذا كان شخص طبيعي، إما إذا تعلق الأمر بشخص معنوي فيسيرها تقنيا شخص يتوفر على المؤهلات العلمية و العملية المشترطة لإقامة النشاط (2). 
4- الـــســـبــب: 
   لابد للعقد من سبب على منهج النظرية الحديثة و إلا كان باطلا على نحو ما هو مبين في المادة 98 من القانون المدني، على اعتبار عدم أمكانية قبول إبرام عقد دون سبب, و الذي يشترط فيه أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة، و إلا شاب العقد البطلان.   







(1): د.رمضان أبو السعود عقد الإيجار، الدار الجامعية للطباعة و النشر، بيروت 1994 ص 324 
(2): محمد معاصمي، الجوانب العقابية لعقد تاجر التسيير و التسيير الحر و آثاره القانونية، ج1، مجلة الموثق، العدد 2
     مارس 1998
الــفـرع الـثـانــي: الـشـروط الـمـوضـوعـية الـخـاصـة لانعـقـاد                                              التـسـيـيـر الـحـر
  إضافة إلى الشروط الموضوعية العامة، و التي تشترط في سائر العقود، فإن عقد التسيير الحر يتطلب بالنظر إلى طبيعته الخاصة كنوع من أنواع استغلال المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية إلى شروط موضوعية خاصة نوردها تباعا: 
  1- أن يـنـصـب عـقـد الـتـسـيـيـر الـحــر عـلـى مـحـل تـجـاري أو مـقـاولـة حـرفـيـة: 
حتى نكون بصدد عقد التسيير الحر، يجب الوجود المسبق لمحل تجاري أو مقاولة حرفية وقيامهما بجميع عناصرهما و خاصة منها عنصر الاتصال بالعملاء, على اعتبار أن هذا الأخير يمثل المتجر نفسه(1)  و كذا العناصر الأساسية في المقاولة, و هما تكرار العمل بوسائل مادية و معنوية و بشرية و إيجاد تنظيم أو هيئة غرضها تحقيق هذه الأعمال(2)، ¬ فإن لم يوجد هذا المحل أو المقاولة، فإن العقد لا يصلح على اعتبار أن هذا الشرط جوهري يفصل بين إيجار التسيير و إيجار الأمكنة لممارسة التجارة أو الحرفة (3),  إذ هذه الأخيرة ينصب العقد فيها على العقار, بينما السبب المباشر فيه هو ممارسة التجارة أو الحرفة (4).
2 - أن يـتــوفـر الـمـؤجـر عـلـى صـفـة الـتـاجـر أو الـحـرفـي: 
تشترط المادة 203 من القانون التجاري أن تكون للمؤجر صفة التاجر أو الحرفي إذا تعلق الأمر بمؤسسة حرفية و يخضعان لالتزامات التجارو الحرفيين و يلتزمان بأحكام القانون المتعلق بالسجل التجاري (5), مع الإشارة إلى أن إثبات هذا الشرط يكون بكافة طرق الإثبات، و لعل إثبات القيد في السجل التجاري قرينة على ذلك إلى غاية إثبات العكس.      
   






(1): د.نادية فوضيل ،القانون التجاري الجزائري ، أعمال التجارية ،التاجر،المحل التجاري ،ديوان المطبوعات الجامعية، 
     ط3-1999- ص.169 
(2): د. نادية فوضيل ،المرجع السابق ، ص .75
(3): على اعتبار الإيجارات الواردة عبر المادة 169 ت.ج و ما يليها تطبيق على العقارات لممارسة التجارة أو الحرفة 
(4): محمد معاصمي، المرجع السابق، ج1، ص.17 
(5): د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص 162 
3- الـــخـــبــرة : 
     إن الشروط الموضوعية الخاصة لعقد التسيير الحر, و خاصة منها المتعلقة بالخبرة و المدد المشروطة وضعت بغية منع المضاربة على المحلات التجارية و المؤسسات الحرفية(1) و على هذا الأساس فان اشتراط صفة التاجر في المؤجر غير كافية في نظر المشرع الجزائري, لذلك اشترط إلى جانب ذلك ،أن تكون للمؤجر الخبرة في مجال أعمال التجارة أو الحرفة لمدة معينة، و هو ما جاءت به المادة 205 من القانون التجاري و التي يتضح منها أن المشرع حدد هذه الخبرة بفترة زمنية قدرها خمس سنوات في ممارسة التجارة أو الحرفة أو أعمال مسير أو مدير تجاري أو تقني, و استغلوا المتجر المعد للتأجير الحر لمدة أقلها سنتين وبالتالي متحملا مخاطر استغلال المحل أو المؤسسة الحرفية المراد تأجيرهما لفترة زمنية, و لو كان هذا الشغل بواسطة وكيل مأجور(2)، غير أن شرط الخبرة المقرون بمدتين زمنيتين محددتين أعلاه غير جامد, تتخلله استثناءات ،إذ يمكن تجاوز هذه المدة أو التخفيض منها و ذلك بموجب أمر صادر عن السيد رئيس المحكمة بعد الاستماع إلى النيابة العامة ، و في هذا محاولة موازنة بين المصالح الخاصة للأفراد و المصلحة العامة، أما تقرير تجاوز الخبرة أو تخفيض مدتها يرجع للقاضي وحده, معتمدا في ذلك على معيار منع المضاربة على المحلات التجارية و المؤسسات الحرفية (3), و قد كرس المشرع تسامحه هذا عبر المادة 207 من القانون التجاري, بسبب حالات لا يمكن فيها تسيير المحل لأسباب معينة منها ماهي مانعة لممارسة التجارة حسب طبيعة الهيئة, و منها ماهي مانعة بسبب عوامل مادية(4), مع الإشارة إلى إن المادة 207 أعلاه ورد فيها ضمن الهيئات العمومية المؤسسات العمومية الاشتراكية تماشيا مع الأيديولوجية السائدة وقت صدور القانون التجاري, مما يتعين على المشرع إعادة النظر حول هذا النص بما يتجاوب و التطورات القانونية.




(1): (Jean Derruppe op .cit, page 45: هده الشروط وضعت في فرنسا بالقانون رقم : 20/03/1956
  (2) Jean Derruppe : op, cit, page 46 :، مع الإشارة أن المدة في فرنسا هي 7 سنوات تجارة أو تسيير و 02 سنتين               استغلال المتجر المعد للتأجير 
(3) : د.أحمد محرز ، المرجع السابق، ص 163 
(4): -Yves Guyon : droit des affaires, tome1 droit commercial général et sociétés 9éme édition            
       économica, 1996, page 737                                                                                              
         -Alain Piédeliévre .op.cit page 149  
-           C- Dupouy : précis de droit commercial, tome 1, 2ème édition, bordas paris 1981, page132  

و هناك استثناءات أخرى واردة بموجب المادة 210 من القانون التجاري الجزائري , تتمثل في عدم سريان شرط فترة التجربة على عقود التسيير المبرمة بين الوكلاء القضائيين بإدارة محل تجاري, بشرط أن يرخص لهم لأغراض هذه العقود من السلطة التي أسندت لهم الوكالة, و أن يتمموا إجراءات النشر المقررة قانونا، و على العموم هذه الإعفاءات تقع عندما يبرر المالك أو المستغل المصلحة الشرعية و انتفاء القصد الغير مشروع , و يخضع تقدير ذلك و الأسباب المعفية للسلطة التقديرية للقاضي(1).    

الـفـرع الـثـالــث: جـزاء الإخـلال بـالـشـروط الـمـوضـوعـيـة

   تنص المادة 212 من القانون التجاري على ما يلي »يعد باطلا كل عقد تأجير التسيير أو اتفاق آخر يتضمن شروط مماثلة وافق عليها المالك أو المستغل للمحل التجاري دون أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها أعلاه 
  غير أنه لا يجوز للمتعاقدين التمسك بهذا البطلان تجاه الغير« .                                           
   انطلاقا من هذا النص يعتبر باطلا كل عقد لا تتوفر فيه الأركان من رضا، محل، سبب, و نفس الشيء بالنسبة للشروط الموضوعية الخاصة، حيث يبطل عقد التسيير الحر الممنوح من المالك أو المستغل للمحل التجاري أو المؤسسة الحرفية (المقاولة) الذي تنعدم فيه صفة التاجر أو الحرفي, أو لم يمارس التجارة أو يمتهن الحرفة لمدة خمس سنوات، أو لم يمارس لنفس المدة أعمال مسير أو مدير تجاري أو مدير تقني, أو لم يستغل المحل أو المقاولة الحرفية الخاصين بالتسيير الحر لمدة سنتين على الأقل على نحو ما هو محدد بالمادة 205 من القانون التجاري, ما عدى الأشخاص المستثنين بمقتضى المادتين 207و 210 من القانون التجاري, و تجدر الإشارة إلى أن الحكمة من حرمان المتعاقدين من التمسك بالبطلان تجاه الغير لعدم توفر الشروط، هي أن لا يستفيد هؤلاء من إهمالهم ليتحللوا من الالتزامات تجاه الغير نتيجة استغلال المحل, فيعاملهم المشرع بنقيض مقصودهم(2) ليتحملوا مسؤولية أخطاءهم.
إن الهدف الذي يسعى إليه المشرع الجزائري على غرار التشريعات العالمية من تقرير البطلان هذا، هو تطهير التجارة بصفة عامة, و حماية المستهلكين من أخطار تكاثر عمليات التسيير الحر، لأنه كما سبقت الإشارة تؤدي 
   



(1): محمد معاصمي، المرجع السابق ج1-ص 17
(2):  د. أحمــد محــرز، المرجع السابق ص: 170Jean Derruppe,op.cit, p :47+  -Yves Guyon op.cit,p :737+   
إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، نتيجة المضاربة على المحلات التجارية و المقاولات الحرفية (1). هناك من يرى أن إثبات البطلان يكون من اختصاص قاضي الاستعجال, والذي يستخلص النتائج المترتبة عليه كالأمر باسترداد إيداع الضمان(2), و في رأينا أن المختص بإثبات البطلان هو قاضي الموضوع باعتبار أن التطرق إلى مناقشة شروط و أركان العقد مسألة تمس بالموضوع, و بالتالي تخرج عن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة.
   مع الإشارة كذلك إلى انه يترتب على بطلان العقد حرمان الاستفادة من أحكام الإيجارات التجارية, من تجديد الإيجار و تعويض الاستحقاق و غيره.
  و قد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا ما يدعم هذا التوجه»   و لما كان الثابت في قضية الحال أن العقد موضوع النزاع هو عقد تسيير حر.فان قضاة الموضوع لما قضوا بتحويله إلى عقد إيجار بحجة أن مقتضيات المادة 203 من القانون التجاري لم تحترم  خرقوا القانون، ومتى كان الأمر كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه « (3).




      
(1): د.فرقة زراوي صالح :المحل التجاري، المرجع السابق ص 291
(2): محمد معاصمي المرجع السابق، ج1، ص 17
(3): قرار المحكمة العليا رقم 80816 مؤرخ في 16/06/1991 ،م ق لسنة 1993، العدد 04 ،ص 151 





تعتبر الشروط الشكلية من بين أهم المميزات التي يمتاز بها عقد التسيير الحر من حيث إبرامه, و كذا انتهاءه مثلما سنراه في حينه, فقد أحاطه المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات العالمية بضمانات شكلية هامة نظرا لأهميته المالية, و خطورته تتمثل في اشتراط إفراغ إرادة المتعاقدين في قالب الكتابة الرسمية, و كذا نشر العقد, و عند تخلف هذه الشروط الشكلية تترتب جزاءات على المخالفين, تتمثل في البطلان بالإضافة إلى عقوبات مالية.        
   و على هذا الأساس نتناول في الفرع الأول الكتابة الرسمية لعقد التسيير الحر, بينما نخصص الفرع الثاني إلى إجراءات نشر (شهر) العقد, وفي الفرع الثالث نتناول جزاءات الإخلال بالشروط الشكلية.

الـفــرع الأول: إفـراغ عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر فـي الـقـالـب                     الـرسـمـي

انطلاقا من المبدأ العام، فان المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري التي تنص» زيادة عن العقود ............ يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود ........ أو عقود تسيير محلات تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي «   و هذا تأكيدا للمادة 12 من قانون التوثيق الصادر في 15/12/1970 الذي بدا العمل به في 01/01/1971 الملغى بالمادة الخامسة من القانون رقم 88/27، و هذا ما تم تكريسه في القرار الصادر عن الغرف المجتمعة تحت رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997(1).
و لقد جاء التأكيد بالمادة 203/3 من القانون التجاري »........ و يحرر كل عقد تسيير في شكل رسمي ... «  مع الإشارة أنه ساد, و مازال يسود استقرار في المحكمة العليا حول هذه المسألة و هي : أن العقد العرفي الموقع من قبل الأطراف لا يمكن أخذه بعين لاعتبار لإثبات إيجار التسيير الذي يتمسك به المؤجر طبقا لمقتضيات المادة 203 من القانون التجاري و ما بعدها ، و بالتالي فلا أثر ينجم عن عقد باطل(2).

 
(1): نشرة القضاة: العدد 51 سنة 1997, ص 116
(2): قرار المحكمة العليا رقم 142105مؤرخ في 24/09/1996, م ق لسنة 1999, العدد 05, ص220
 إن عقد التسيير الحر يعتبر من أهم العقود الخاضعة للشكل الرسمي تحت طائلة البطلان(1), و على هذا الأساس يعتبر من أهم مجالات تدخل الموثق بصفته ضابط عمومي، وقد حظيت الرسمية المشترطة للتسيير الحر بقضاء واسع للمحكمة العليا, فقد جاء في إحدى قراراتها » متى كان من المقرر قانونا أن عقد إيجار التسيير يبرم في شكل رسمي، و ينشر خلال خمسة عشر يوما من تاريخه .... «(2).    
    و هو ما يؤكد قرار آخر: » متى كان من المقرر قانونا أن المشرع نظم أحكام التسيير الحر أو تأجير التسيير في أحكام المادة 203 من القانون التجاري وما بعدها، كما نظم كل العقود و التصرفات التي هي من طبيعة تجارية و إذا اختلف الأطراف حول تحديد طبيعة تكييف العقد إذ أحدهما يكيفه على أساس أنه تسيير حر، في حين أن الآخر ينازعه في ذلك باعتبار إن العقد لم يفرغ في الشكل الرسمي كما تشترط المادة 203 تجاري فإنه من المتعين على قضاة الموضوع البحث في هذه المسألة القانونية الأساسية التي يتوقف عليها مصير النزاع, و ذلك بتحديد طبيعة العقد و تكييفه القانوني ليتمكن المجلس الأعلى من مراقبة مدى تطبيق القانون(3).
    و قد ورد أيضا في نص المادة 63 من القانون رقم 91/25 المتعلق بقانون المالية ما يلي »يمنع مفتشوا التسجيل من القيام بإجراء تسجيل العقود العرفية المتضمنة نقل ملكية أو حقوق عقارية، المحلات التجارية أو الصناعية أو كل عنصر يكونها, التنازل عن الأسهم و الحصص في الشركات التجارية الإيجارات التجارية, إدارة  المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعية، العقود التأسيسية أو التعديلية للشركات « (4). 
    تجدر الإشارة إلى أن القانون اللبناني يشترط الكتابة، غير أنه إذا تخلفت, يجوز إثبات العقد بالإقرار 
و اليمين(5).   
    


    




(1): Alain Piédeliévre, op,cit .p : 150 -
(2): قرار المحكمة العليا رقم 36164 مؤرخ في 29/06/1985 .م. ق لسنة 1989عدد03 ص 116
(3): قرار المحكمة العليا رقم 28766 مؤرخ في 07/05/1983 م .ق. لسنة 1989، العدد 01، ص: 135
(4): قانون رقم 25/91 مؤرخ في 16/12/1991، قانون المالية لسنة 1992
(5): د. القاضي إلياس ناصف، المرجع السابق ص 143
الـفـرع الـثـانـي: نـشـر عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر
تنص المادة 203 من القانون التجاري  »  و يحرر كل عقد تسيير في شكل رسمي و ينشر خلال خمسة عشرة يوما من تاريخه على شكل مستخرج أو إعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية، و فضلا عن ذلك في جريدة مختصة بالإعلانات القانونية « .
و بتفحص المواد من 203 إلى 214 من القانون التجاري المنظمة لعقد التسيير الحر, لا نجد أي نص يحدد مضمون النشر في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية, خلاف ما هو وارد بالنسبة لبيع المحل التجاري, و الذي يجب أن يشتمل تحت طائلة البطلان على تواريخ و مقادير التحصيل ورقمه أو في حالة التصريح البسيط على تاريخ ورقم الإيصال الخاص بهذا التصريح و الإشارة في الحالتين إلى المكتب الذي تمت فيه هذه العمليات و يذكر بالإضافة إلى ذلك تاريخ العقد و اسم كل من المالك الجديد و المالك السابق و لقبه و عنوانه و نوع المحل التجاري و مركزه و الثمن المشروط بما فيه التكاليف أو التقديرات المستعملة كقاعدة لاستيفاء حقوق التسجيل و بيان المهلة المحددة فيما بعد المعارضات و اختيار الموطن في دائرة اختصاص المحكمة (المادة 83/2 ق.ت.ج ) لأن الإشراف على السجل التجاري يكون للقضاء على غرار بعض التشريعات العربية(1)، و باجتماع الإعلانين في هدف إعلام الغير نرى أنه يجب أن يشتمل على جميع المعلومات المتعلقة بالطرفين, و خاصة المستأجر و كذا التحديد الدقيق للمحل التجاري أو المؤسسة الحرفية  و التركيز خاصة على  جميع  الشروط   المحتملة  لإنهاء  العقد(2).
     كما تنص المادة 15 من القانون رقم 04/08 المؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1425 الموافق ل 14 غشت سنة 2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية على ما يلي  » يجب على كل شخص طبيعي تاجر أن  يقوم بإجراءات الإشهار القانوني « .
يهدف الإشهار القانوني الإلزامي بالنسبة للأشخاص الطبيعيين التجار إلى إعلام الغير بحالة و أهلية التاجر و عنوان المؤسسة الرئيسية للاستغلال الفعلي للتجارة و ملكية القاعدة التجارية... «  
كما تضيف المادة 12 من نفس القانون على المقصود بالإشهار القانوني بالنسبة للأشخاص الاعتبارية, و أوردت من ضمن أهدافه هو إعلام الغير بإيجار تسيير و بيع القاعة التجارية، و لكن كلا النصين لا يحددان مضمون الإشهار القانوني الإلزامي.
      

(1): محمد فريد العريني،و محمد السيد العقي: القانون التجاري، الأعمال التجارية و التجار و الشركات، منشورات الحلبي   
     القانونية 2003 ص:224 
(2): قرار المحكمة العليا رقم 36164 السابق ذكره
و على هذا الأساس فإن الهدف من الإشهار هو اطلاع الغير على محتوى كافة العمليات الواقعة على المحل التجاري(1)، إذ يجب أن يعلم الغير و خاصة موردي المسير Les fournisseurs   حتى يتجنبون الغلط حول المستغل الحقيقي للمحل التجاري(2).
     تجدر الملاحظة في الأخير أن عقد التسيير الحر يخضع لإجراءات التسجيل لدى مفتشية الضرائب المتعددة الواقع بمقرها مكتب التوثيق الذي حرر فيه العقد(3).

الـفـرع الـثـالـث: جـزاءات الإخــلال بـالـشـروط الـشـكـلـيـة
بالإضافة إلى تقرير البطلان عن تخلف الشروط الشكلية, الذي يجد مصدره في المادة 212 من القانون التجاري كما سبقت الإشارة أليه عند التطرق إلى جزاءات الإخلال بالشروط الموضوعية لعقد التسيير الحر على اعتبار أن النص شامل لجميع شروط انعقاد التسيير، فإن المادة 324 مكرر1 من القانون المدني تخضع هذا النوع من العقود إلى الشكل الرسمي  تحت طائلة البطلان » زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي : يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود .....أو عقود تسيير محلات تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي .... «.






 



(1): د.فرحة زراوي صالح : الكامل في القانون التجاري ، السجل التجاري ص 254 ،255 
(2): في فرنسا حددت إجراءات النشر و كيفيا ته المرسوم 86/465 المؤرخ في 14/03/1986 
               - Yves Guyon, op.cit, page 737+ Jean Derruppe, op.cit page 47+C.Dupouy, op.cit 
 page 133+ Alain Piédeliévre, op cit page 151                
    + د.عباس حلمي المنزلاوي : القانون التجاري : الأعمال التجارية و التجار و المحل التجاري .ط2 .ديوان المطبوعات الجامعية        سنة 1987 ، ص 64 + د. القاضي الياس ناصف ، المرجع السابق ص 143  .
(3): معاصمي محمد، المرجع السابق.ج 1 ص 17.

و على هذا الأساس إذا لم يحرر العقد في القالب الرسمي اعتبر باطل بطلان مطلق على نحو ما هو ساري في فرنسا(1).
و يراعى مع ذلك أن نظام العقود التجارية في هذا القانون قد مر بتطور كبير ، ففي معظم العقود التجارية نقلص دور الإرادة بشكل واضح بسبب تدخل المشرع المتواصل في تنظيم النشاط الاقتصادي, و هو ما أدى إلى كثرة القواعد الآمرة في شأن العقود التجارية, و إحاطتها بجزاءات ذات طابع جزائي تكفل احترامها حماية للطرف الضعيف في العقد أو ضمانا لغاية معينة(2).  
كما إن عدم القيد في السجل التجاري يعتبر خطأ قد يترتب عليه ألزام التاجر بالتعويض على أساس المسؤولية المدنية، وفق القواعد العامة، هذا بالإضافة إلى حرمان التاجر من ميزة الصلح الواقي من الإفلاس، كما يرفض تسجيله في الغرف التجارية(3).
بالإضافة إلى الجزاءات المدنية أعلاه, و حرصا من المشرع على احترام الشروط و خاصة منها المتعلقة بالقيد في السجل التجاري و الإشهارات القانونية جاء بجزاءات مالية ردعية.
حيث جاء في القانون رقم 04/08 المؤرخ في 14غشت 2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية في باب الجرائم و العقوبات, و في المادة 30 منه على أنه زيادة على ضباط الشرطة القضائية المؤهلين بمراقبة  و معاينة الجرائم المنصوص عنها في هذا القانون: يؤهل الموظفين التابعين للأسلاك الخاصة بالمراقبة التابعة للإدارات المكلفة بالتجارة و الضرائب حسب ما ورد في المادة 31 بغلق محل كل شخص طبيعي أو اعتباري يمارس نشاط تجاري قار دون التسجيل في السجل اتجاري إلى غاية تسوية مرتكب الجريمة لوضعيته، هذا إضافة إلى تغريمه بغرامة تتراوح بين 10.000 إلى 100.000 د.ج, كما تعاقب المادة 35 من نفس القانون إلى عدم شهر البيانات القانونية المنصوص عليها في أحكام المواد 11، 12، 14 من هذا القانون بغرامة تتراوح بين 30.000 إلى 300.000 د.ج, و كذا المادة 36 من نفس القانون على عدم إشهار البيانات القانونية المنصوص عليها في المادة 15 بغرامة بين 10.000 د.ج إلى 30.000 د.ج, و يتعين على المركز الوطني للسجل التجاري إرسال قائمة للأشخاص الطبيعيين و المؤسسات التي لم تقم بإجراءات الإشهارات القانونية إلى المصالح المكلفة بالرقابة التابعة للإدارة المكلفة بالتجارة.



- C.Dupouy, op.cit, page 132+Alain Piédeliévre, op. cit. page 150 :(1) 
(2): د.محمد السيد الفقي،  القانون التجاري: الإفلاس، العقود التجارية، عمليات البنوك، منشورات الحلبي الحقوقية، ط1. 2004
(3): جلال وفاء محمدين : المبادئ العامة للقانون التجاري ،الدار الجامعية للطباعة و النشر، الإسكندرية    
كما تطبق المادة 37 من نفس القانون جزاء عدم تعديل بيانات مستخرج السجل التجاري في أجل ثلاثة أشهر تبعا للتغييرات الطارئة على الوضع أو الحالة القانونية للتاجر, يتمثل في غرامة تتراوح بين 10.000  و 100.000 د.ج  و السحب المؤقت للسجل التجاري من قبل القاضي إلى أن يسوي التاجر وضعيته.
كما تعاقب المادة 40 من نفس القانون على ممارسة نشاط أو مهنة مقننة خاضعة لتسجيل في السجل التجاري دون الرخصة أو الاعتماد المطلوبين بغرامة تتراوح بين 50.000 و 500.000 د.ج, علاوة على غلق المحل من قبل القاضي، و عند عدم تسوية الوضعية خلال مدة ثلاثة أشهر ابتداءها من تاريخ معاينة الجريمة يقوم هذا الأخير تلقائيا بشطب السجل التجاري.
و الملاحظ على هذه الجزاءات المالية أنها ردعية ومن شأنها جعل احترام الشروط المفروضة أمر لا مفر منه حماية المتعاقدين أنفسهم, و حماية على الأخص للغير.       

بانعقاد التسيير الحر, و ذلك بتوفر جميع أركانه و شروطه تترتب على ذلك تلقائيا آثار هامة تضمنتها الأحكام العامة الواردة في القانون المدني ، ناهيك عن آثار تضمنتها نصوص القانون التجاري المنظم لهذا العقد، سواء كانت هذه الآثار منصرفة بالى المتعاقدين أو انصرفت هذه الآثار إلى الغير.
   
 و على هذا الأساس نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج فيها على التوالي: 
    
الآثار المترتبة عن الانعقاد بين المتعاقدين
الآثار المترتبة عن الانعقاد المنصرفة إلى الغير 


تتولد على كل عقد مهما كان التزامات على أطرافه تقابلها حقوق لكل منهما تجاه الأخر طبقا للقواعد العامة، ناهبيك عن ترتيب بعض الآثار الخاصة بمقتضى أحكام القانون التجاري المنظمة للعقد المسمى "عقد التسيير الحر" تتمثل الآثار المترتبة عن العقد بين الطرفين في الحقوق و الالتزامات المترتبة عليهما كل اتجاه الآخر ، لذلك نتطرق في فرع أول إلى حقوق و التزامات المؤجر المتولدة عن العقد , و في فرع ثان إلى حقوق و التزامات المستأجر المسير. 

الــفـرع الأول: حـــقــوق و الــتـزامـات الــمــؤجــر
إن أول أثر يترتب على المؤجر هو فقدانه صفة التاجر، بمجرد انعقاد العقد، إلا إذا بقي يستغل محل تجاري آخر، و على النقيض من ذلك فالمستأجر المسير يصبح تاجرا أو حرفيا إذا تعلق الأمر بمؤسسة ذات طابع حرفي بدون أن يكون مالكا للمحل(1)، أو المؤسسة الحرفية.
   إن الإلتزامات و الحقوق تترتب بمجرد انعقاد العقد و لا دخل لشهر عملية الإيجار هذه في ذلك, و من أهم الالتزامات الواقعة على المؤجر:
1- تـسـلـيـم الـمـحـل الـتـجـاري أو الـمـؤســـســـة الــحـرفـيــة:
إن المؤجر ملزم بتسليم العين المؤجرة إلى المستأجر المسير بجميع مشتملاتها و مستلزماتها المتفق عليها في العقد, قصد تمكينه من الانتفاع بها, و الواقع العلمي أظهر أن الطرفين يحرران كشف بالعتاد المؤجر مادة بمادة و كذا العلامات و المهارات الفنية, قصد إلحاقها بأصل العقد, و كل إخلال بهذه  الالتزامات المتفق عليها يترتب عنه فسخ العقد حسب القواعد العامة 476 ق.م.ج، و إذا استلزم الأمر إصدار رخصة إدارية لاستغلال المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية, وجب على المؤجر السعي إلى الحصول عليها و تحويلها لفائدة المستأجر المسير.
غير أن البضائع تكون محل اتفاقية مستقلة، فقد يتم الاتفاق على بيعها للمستأجر المسير، و قد يتم الاتفاق على إرجاعها عينا أو مثليا عند نهاية العقد (2).


  
(1): Jean Derruppe, op.cit, page 47 +Alain Piédeliévre. op. cit. p : 151-
(2): Jean Derruppe, op.cit, page 48,49 +Yves Guyon, op.cit, page 737,738-
2- ضــمــان الإســتـــغـــلال الــهــادئ و عــــدم الــتــعــرض : 
و فحوى هذا الالتزام هو امتناع المؤجر عن القيام بأي عمل من شأنه عرقلة انتفاع المستأجر, طبقا لبنود العقد, و خاصة منها عدم منافسة المستأجر(1)، كما يضمن المؤجر أيضا كل تعرض قانوني  صادر منه شخصيا أو من الغير و كذا سلامة المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية من العيوب .
3- الــقـــيــد أو تــعــديـل الـقــيـد فـي الــسـجل الـتـجـاري:
يلتزم المؤجر إما بتسجيل نفسه في السجل التجاري , أو تعديل قيده الخاص مع بيان تأجير التسيير قصد إعلام الغير و اطلاعه على الوضعية القانونية الحالية للمحل أو المؤسسة الحرفية من ناحية الإستغلال.
و لقد بينت المحكمة العليا في إحدى قراراتها الجزاء المترتب عن مخالفة هذا الإلتزام »لما ثبت أن الطاعن استجاب للشروط المتعلقة بتحرير عقد التسيير كما هو مشار إليه أعلاه خلافا لما ذهب إليه قضاة المجلس، فإن عدم تسجيل نفسه بالسجل التجاري لا يؤدي إلى بطلان عقد التسيير الحر المذكور لأنه يمس بحقوق المؤجر، و لما حكم قضاة الموضوع بعكس ذلك فإنهم خرقوا القانون، مما يستوجب إثارة هذا الوجه تلقائيا من قبل المحكمة العليا مع النقص و الإحالة «(2).
4- أعـمــال الــصـــيـانــة : 
على المؤجر التزام آخر, يتمثل في صيانة العين المؤجرة, و ذلك بالقيام بجميع الترميمات الضرورية دون تلك الخاصة بالمستأجر ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك، و عند عدم التزامه بذلك بعد إعذاره جاز للمستأجر أن يحصل على إذن من المحكمة للقيام بذلك على نفقة المؤجر (479 ق.م.ج) و يحق للمؤجر أن يتردد على المحل شخصيا أو بواسطة ممثل عنه للتحقق من صيانة المحل و حفظ الأدوات بشرط  أن  لا  يعرقل سيره.
  تجدر الملاحظة أنه من المنطقي أن يبقى المؤجر مسؤولا عن ديون الاستغلال إلى غاية علم الغير بهذا العقد عن طريق النشر و خلال مدة ستة أشهر بعد ذلك, و بقدر مسؤولية غير محدودة قد تفوق قيمة المحل أو المؤسسة الحرفية , و بالتالي فهي مسؤولية كبيرة على المشرع جعل سقف لها، و لو أن النص يحدد مصطلح الديون الخاصة بالاستغلال فقط ، مع التذكير أن محكمة النقض الفرنسية حددت ديون الاستغلال الواقعة على عاتق المؤجر بالتضامن مع المستأجر المسير بمصطلح " الديون الضرورية للاستغلال "(3). 
Jean Derruppe op, cit, p : 49+Dupouy op, cit, p : 133 :(1) -
(2): قرار المحكمة العليا رقم 119122 مؤرخ في 21/03/1994 ، م ق لسنة 1994 العدد 03، ص 82
(3): نقض تجاري 08/01/1980 ، Jean Derruppe op,cit p : 48 
و من أهم الحقوق الأساسية للمؤجر نجد الأجرة, و التي يجوز أن تكون محل نظر كل ثلاث سنوات على غرار مادة الإيجارات حسب المادة213 من القانون التجاري, بناءا على رغبة و طلب إحداهما بموجب رسالة موصى عليها مع طلب العلم بالوصول, أو بموجب إجراء غير قضائي 214 ت.ج .

الـفـرع الـثـانـي: إلـتـزامـات و حـقـوق المـسـتـأجـر الـمـسـيـر
على غرار المؤجر تترتب على عاتق المستأجر المسير بمقتضى العقد التزامات و حقوق , و تتمثل أهم الإلتزامات الواقعة على المستأجر المسير في : 
1- الـمـحــافـظـــة عـلـى الـعــيــن الــمــؤجــرة : 
من المنطقي أن المستأجر يهدف من خلال عقد التسيير الحر إلى جني فائدة، و بالتالي يلتزم بعدم تعريض المحل أو المؤسسة الحرفية للخطر حسب مقتضيات المادة 495 ق.م.ج (1)، إذ يجب على المسير الحر استغلال المحل أو المؤسسة الحرفية و الاعتناء بهما باذلا في ذلك عناية الرجل العادي   و وفق المقصد المؤجر لأجله, بحيث يحظر عليه تغيير نشاط المحل, و لا يجوز له تأجير المحل من الباطن إلا بموافقة المؤجر(2).
       2- دفــــع الأجـــــــرة : 
تمثل الأجرة بدل الإيجار في عقد التسيير الحر, و تكون عادة مبلغ من النقود متفق عليه في العقد، كما قد تكون  نسبة من رقم الأعمال أو نسبة من الأرباح قابلة للمراجعة (3)، و تدفع في الوقت المتفق عليه أو الآجال المعمول بها حسب مقتضيات المادة 498 م.ج,  مع جواز مراجعتها كل ثلاث سنوات على نحو ما ذكر أعلاه .
       3- حــرمـــان الــتـنـــازل عـــن الإيــجـــار : 
لما كانت شخصية المستأجر المسير محل اعتبار بما يتصف به من خبرة تكون محل ثقة المؤجر, فإنه لا يجوز له التنازل عن إيجار المحل أو تأجيره من الباطن إلى الغير إلا  بموافقة المؤجر أو نص في عقد التسيير يسمح له بالتأجير الكلي أو الجزئي من الباطن (4).





(1): محمد معاصمي، الرجع السابق: ج2، ص33 
Alain Piédeliévre, op.cit, p: 153+c Dupouy op cit p.133+Jean Derruppe, op, cit, p :49 :(2)-
Jean Derruppe, op, cit, p : 49+Alain Piédeliévre op, cit p : 135 :(3) 
(4): د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص 167 
      و هو نفس النهج الذي تسير عليه المحكمة العليا(1)، و حسب المادة 204 ق.ت.ج, فإنه يتعين على المستأجر المسير أن يشير في عناوين فواتيره و رسائله و طلبات البضاعة و الوثائق المصرفية و التعريفات أو النشرات و كذلك في عناوين جميع الأوراق الموقعة من طرفه أو باسمه رقم تسجيله في السجل التجاري, و مقر المحكمة التي سجل لديها وضعيته كمستأجر مسير حر للمحل أو المؤسسة الحرفية زيادة على الاسم و الصفة و العنوان و رقم تسجيل التجاري و هذا تحت جزاء مالي عند مخالفة ذلك و هو نفس الشيء الحاصل في فرنسا (2).
    و انطلاقا من ذلك فالمستأجر المسير خاضع لجميع التزامات التجار كمسك الدفاتر التجارية و القيد في السجل التجاري و دفع الضرائب و مبالغ الضمان الإجتماعي, و على العموم كافة التزامات التجار مع حقه في طلب الصلح الواقي من الإفلاس، و كذا حقه في تجديد العقد، إذا ما وجد بند في العقد بذلك، أو تم الاتفاق بين الطرفين على انه مثلا في حالة عدم تلقي أي شيء يعبر عن النية في انتهاء العقد، فان هذا الأخير يتجدد ضمنيا (3).
     كما تجدر الإشارة أن طرفي العقد أحرار في وضع أي شروط تجعل العلاقة القائمة بينهما واضحة تفاديا لأي طارئ قد يعكر صفوى العلاقة هذه , لذلك عادة ما يلتزم المستأجر بدفع كفالة قصد ضمان حسن تنفيذ العقد(4)، و حتى بعد نهاية العقد قد يبقى المستأجر ملتزم بعدم منافسة المؤجر عند استرجاع محله ، بمقتضى شرط صريح محدد في عقد التسيير الحر نفسه (5).












 (1): قرار المحكمة العليا رقم 11220 المؤرخ في 20/12/1993 .م ق لسنة 1994 العدد 01 ص 157
(2):C. Dupouy. op. cit. p 133
(3): د- أحمد محرز, المرجع السابق ,ص 167
(4):  د- فرحة زراوي صالح.الكامل في القانون التجاري. المحل التجاري. المرجع السابق.ص 296 
      C.Dupouy op cit p.133 +
Jean Derruppe. op cit p49 :(5) 



المقصود بالغير في هذا المقام, هو كل شخص قد يتأثر بانعقاد التسيير الحر, و نقصد منه التأثير السلبي الذي يستوجب من المشرع بمقتضاه وضع أحكام قانونية تكفل له حماية، و أول الأشخاص المهددين بآثار هذا العقد هم دائني الطرفين من جهة " الفرع الأول ".
   و من جهة ثانية قد يكون العقار المشغول بالمحل التجاري غير مملوك للمؤجر, و في هذه الحالة، فإن هذا الأخير في علاقتين مختلفتين، إحداهما تربطه بصاحب العقار و الأخرى تربطه بالمستأجر المسير، و بالتالي فآثار العلاقتين تختلف، فالمؤجر هو وحده المستفيد من أحكام الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد 169 إلى 202 من القانون التجاري إلى جانب تحمله الالتزامات الناتجة عن نفس الأحكام .    
   و لكن ماهي علاقة مالك العقار بالمسير الحر, أو بعبارة أخرى ما تأثير عقد التسيير الحر على مالك العقار المشغول بالمحل التجاري أو المؤسسة الحرفية محل التسيير الحر " الفرع الثاني" .
الــــفـــرع الأول: آثــار انـعـقـاد الـتـسـيـيـر الـحـر بـالـنـسـبـة 
                            لـلـدائـنـيـن
 يترتب على عقد التسيير الحر زوال صفة التاجر أو الحرفي للمؤجر, ناهيك عن سلطاته على جميع عناصر المتجر خلال مدة سريان العقد، الشيء الذي قد يلحق إضرار بدائنيه لا سيما الإنقاص من الضمان العام، و على هذا الأساس وفرت لهم المادة 208 من القانون التجاري الحماية, و ذلك بتمكينهم من رفع دعوى جعل الديون حالة الأداء خلال مهلة ثلاثة أشهر ابتداء من نشر العقد في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية، أمام المحكمة التي يقع بدائرتها المحل التجاري على غرار التشريعات المقارنة (1)، غير أن تقدير تأثير عقد التسيير على ديون دائني المؤجر يعود للسلطة التقديرية للقاضي بعد إثبات الدائنين لذلك (2).        
  أما بالنسبة لدائني المستأجر، و عملا بالمادة 209 ت.ج, فان المؤجر يبقى مسؤول بالتضامن مع المستأجر المسير عن ديون استغلال المحل من طرف هذا الأخير إلى غاية نشر العقد في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية و طيلة مدة (06) ستة أشهر من تاريخ النشر ، و أساس هذه المسؤولية هي فكرة الظاهر التي تحل  أما بالنسبة لدائني المستأجر، و عملا بالمادة 209 ت.ج, فان المؤجر يبقى مسؤول بالتضامن مع المستأجر المسير عن ديون استغلال المحل من طرف هذا الأخير إلى غاية نشر العقد في النشرة الـرسمية للإعـلانـات  الـقانونية

Yves Guyon op cit p738+Jean Derruppe op cit p50 :(1)-
(2) :Alain Piédeliévre. op cit p151-
و طيلة مدة (06) ستة أشهر من تاريخ النشر، و أساس هذه المسؤولية هي فكرة الظاهر التي تحل محل الحقيقة قصد حماية الغير و هذا إلى غاية تكريس العلم عند  هذا الأخير عن حقيقة استغلال المحل(1)، و من جهة ثانية تمكين المستأجر من الحصول على الثقة و الائتمان بسهولة في العلاقات المبرمة في بداية النشاط،  مع الملاحظة أن العبرة بالمسؤولية بنشأة الديون و ليس باستحقاقها ، فقد يبقى المؤجر مسؤول إلى ما  بعد مدة الستة أشهر.
 أما بالنسبة لديون الخزينة, و فيما يتعلق بالضرائب المباشرة فإن المؤجر يكون مسؤول بالتضامن مع المستأجر المسير عنها و المتعلقة منها باستغلال المحل أو المؤسسة الحرفية, و يتعلق الأمر بالضريبة على الدخل و الرسم على النشاط, ما عدى الضرائب الغير مباشرة على غرار الرسم على القيمة المضافة و حقوق التسجيل.

الـــفــرع الــثــانــي:  الآثـار الـمـتـرتـبـة عـن الانـعـقـاد بـالـنـسـبـة للـغـيـر 
                           (مـالـــك الـعـقـار و مـشـتـري الـمحـل )

  كما سبقت الإشارة, فإنه يمكن أن يكون العقار المشغول بالمحل التجاري أو المؤسسة الحرفية مملوك لشخص غير المؤجر ، و على هذا الاساس فعلاقة تأجير العقار تبقى محصورة بين مالك العقار و المؤجر على الرغم من إبرام هذا الأخير لعقد التسيير ,لأن هذا العقد – التسيير الحر – لا يعد تنازلا عن إيجار العقار أو إيجار من الباطن بل الأمر يتعلق بإيجار مال منقول معنوي يمثل حق الإيجار أحد عناصره ، و على الرغم من ذلك فإن عقد إيجار تسيير المحل يظل مرتبطا بعقد إيجار العقار المبرم بين مالك العقار و مالك المحل أو المؤسسة الحرفية من حيث مدى صحة العقد من عدمه و كذا مدته و تجديده (2).
 
         







(1): محمد معاصمي، المرجع السابق، ج2.ص 34
(2):د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص169
و تجدر الملاحظة أنه إذا تضمن عقد إيجار العقار الذي يشغله المحل شرط يحظر فيه التنازل عن الإيجار أو تأجير ثانوي، فلا يعتبر إيجار تسيير المحل ذاته خروجا عن هذا الشرط، مع أن البعض يذهب إلى أن إيجار المحل التجاري يتضمن إلزاميا تأجيرا ضمنيا للعقار الذي يشغله، و على هذا الأساس يحق للمستأجر المسير طلب تجديد الإيجار بالدعوى الغير مباشرة , دون حقه في طلب تعويض الإخلاء (1).
يحتفظ مالك المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية بحق البيع أو الرهن, و لدائنيه الحق في الحجز على المتجر و طلب بيعه اختياريا أو جبريا، لكن السؤال المطروح : " هل يحتج بعقد إيجار التسيير على المشتري؟ "
إن القاعدة العامة تقتضي أن عقد التسيير الحر للمحل التجاري أو المؤسسة الحرفية يكون نافذا في حق المشتري بشرط أن يكون له تاريخ سابق على البيع(2). 
نخلص في نهاية الفصل الأول إلى أن عقد التسيير الحر هو ذلك الذي ينصب على إيجار مال منقول معنوي يتمثل في المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة الحرفية ), و بالتالي فهو إيجار تجاري حقيقي على نحو القانون التجاري و قانون الحرف يتطلب شروط لانعقاده و بتوفيرها يكتمل العقد و تترتب عنه آثار تنصرف أولا بصفة منطقية إلى عاقديه، كما تنصرف كذلك إلى الغير المتمثل في دائني الطرفين و مالك العقار المشغول بالتجارة أو الحرفة, و على هذا الأساس و مبدئيا من حيث الانعقاد فإن هذا العقد يختلف على الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد 169-202 من القانون التجاري, على اعتبار أن هذا الأخيرة ينصب العقد فيها على العقار، و يظهر الاختلاف أكثر عندما نعالج في الفصل الثاني من هذه الدراسة انقضاء عقد التسيير الحر، على أساس أن نهاية العقدين و الآثار المترتبة عن ذلك مختلفة تماما سواء بين الطرفين أو الغير, ناهيك عن إجراءات انقضاء العقد.






       
(1): د .فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري، المحل التجاري، المرجع السابق ص 302 
(2): مصطفى كمال طه : أصول القانون التجاري، الدار الجامعية للطباعة و النشر،بيروت 1994، ص 253
    د.القاضي الياس ناصف، المرجع السابق ص 144
    د. سليمان بوذياب: التجارة و التاجر و المؤسسة التجارية،النظرية العامة للشركات، المؤسسة الجامعية   
    للدراسات و النشر و التوزيع، ط1*2003، ص 209.





إن عقد التسيير الحر، و مهما كانت الدوافع التي أدت  بالمتعاقدين إلى إبرامه و اختلافها بين طرفيه فإنه ليس بالعقد أو الاتفاق الأبدي، فلقد جاء لحاجيات و أهداف و مقتضيات محددة يزول منطقيا بزوالها هذا إذا اتخذ العقد مجراه و مسراه العادي.
انطلاقا من هذا, فإن العقد يمكن أن ينقضي قبل المحطة المعتادة له بسبب ظرف من الظروف أهمها الإخلال بالالتزامات التعاقدية، ناهيك عن أسباب أخرى منها ماهي مادية كالوفاة أو أسباب قانونية كاتحاد الذمة.
غير أن انقضاء العقد هذا مرتبط بإجراءات قانونية رغم قلتها و طبيعة العقد, فإن القضاء حاول تكريسها و التأكيد في كل الاجتهادات على عدم الخلط بينها و بين إجراءات انتهاء الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد 169-202 ت.ج, و على غرار انعقاد التسيير الحر فإن انقضاءه كذلك تترتب منه آثار هامة سواء بين عاقديه الذين انفصمت علاقتهما أو بالنسبة للغير و خاصة الدائنين و مالك العقار المشغول بالمحل التجاري أو الحرفي (المقاولة), و على هذا الأساس نقسم الفصل إلى مبحثين: 

انـقـضــاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر 
آثــار انـقـضـاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر 
















من البديهي أن مآل كل عقد في المجالات القانونية هو النهاية, وإن تعددت و اختلفت الأسباب المؤدية إلى ذلك، فقد يصل المتعاقد إلى الغاية المنشودة منه, و التي تعني رسوا العقد في ميناء الوصول و قد لا يصل المتعاقدين أو أحدهما إلى مبتغاه نتيجة النهاية المسبقة للعقد, بسبب عدم جدية الطرف الآخر و إخلاله بالالتزامات المتولدة عنه، و قد ينقضي العقد بدون تدخل طرفيه نتيجة ظروف خارجة عن إرادتها.
      غير أن العقد المنقضي بسبب العوامل أعلاه ، لابد من إجراءات لإنهائه, و على هذا الأساس سنقسم هذا المبحث على مطلبين: 

حــالات انـقـضـاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر .
إجـــراءات انـــتــهــاء الــعــقــد .




















   
تتعدد حالات انقضاء عقد التسيير الحر، فقد ينتهي العقد بالحالة الطبيعية و هي انقضاء المدة المتفق عليها من طرف المتعاقدين و ذلك بحلول الأجل (الفرع الأول ), و قد ينتهي العقد قبل حلول أجله نتيجة الإخلال بالالتزامات المترتبة عنه (الفرع الثاني ), و بين هذا و ذاك هناك أسباب أخرى لانقضاء العقد لا يمكن إدراجها في الحالتين السابقتين أعلاه تخصص لها فرع ثالث.

الــفـرع الأول: انـقـضـاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر بـحـلـول أجـلـه
إن المدة تعتبر عنصرا جوهريا في عقد الإيجار بصفة عامة، لأنه من العقود الواردة على الانتفاع بالشيء لمدة معينة لقاء أجر معلوم، لذلك يبرم عقد التسيير الحر لمدة محددة في العقد متروكة الحرية الكاملة للأطراف و ينتهي بانتهاء هذه المدة دون أن يحق المستأجر المسير التمسك بحق التجديد كما هو الأمر في الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد 169-202 ت.ج إلا بموافقة المؤجر أو بواسطة اتفاق سابق مشروط في العقد، على غرار التشريعات العالمية(1)، و عادة ما تدرج المدة في عقد التسيير الحر في مصطلح العقد بالصيغة التالية: 
" حـضــر: 
 الــسـيـد: .....................................................
 صــاحـب: .....................................................

    الذي صرح بهذا العقد أنه أجر على وجه التصرف للتسيير الحر لمدة........................ كاملة متتالية ابتداءا    
    من ........................ لتنتهي في ........................ من غير احتياج إلى إنذرا مسبق و لا تأجيل 
    للسيد: ..............................................
الحاضر و القابل للمتجر الآتي بيانه " .




      
Alain. Piédeliévre. op. cit, p153 :(1)-
  غير أن الإجتهاد القضائي, و خروجا عن القاعدة العامة في التسيير الحر يقبل التجديد الضمني إذا استمر المسير في تسيير المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) بعد نهاية العقد.
مع الإشارة إلى أن هذا التجديد لا يحتاج إلى نشر جديد بل يعلن من طرف المتعاقدين بأي وسيلة مقبولة(1). 

الـــفــرع الــثـانـي: انـقـضـاء الـعـقـد بـسـبـب عــدم تـنـفـيـذ   
                                الإلـتـزامـات

تتولد على كل عقد التزامات مفروضة على طرفيه, و كل إخلال بها يؤدي إلى نشوء الحق للجانب المضرور في طلب فسخ العقد عملا بالقواعد العامة الواردة بالمادة 119 من القانون المدني.
غير أن الجاري به العمل في الميدان أن المتعاقدين يوردان ذلك الشرط في العقد على النحو التالي:
* فــسـخ عـقــد الـتصـرف الـحـر: 
 إن عقد إيجار المتجر على وجه التصرف الحر هذا يفسخ حتما أن ظهر للمؤجر: 
1- عند عدم تسديد أجرة شهرية واحدة في حلول وقت أدائها بالضبط أو عن عدم تنفيذ  شرط واحد من الشروط المذكورة بعد شهر واحد مضى على الأمر بالأداء أو أمر بالتنفيذ بقي كلاهما بعد شهر واحد مضى على الأمر بالأداء أو أمر بالتنفيذ بقي كلاهما بدون جدوى يتضمنان تصريح المؤجر بأنه يريد العمل بهذا الشرط عند عدم قيام المستأجر بالواجب و يقع حينئذ فسخ العقد بمجرد أمر من طرف السيد قاضي محكمة ........................ أثناء نظره في القضايا الإستعجالية بعد اطلاعه على الأمر بالأداء أو بالتنفيذ المذكورين الذين لم يجديا نفعا و ذلك رغم ما يعرضه أو ما يؤديه المستأجر فيما بعد*(2). و تتمثل أهم الالتزامات التي ينشأ عن الإخلال بها في عقد  التسيير الحر فسخ العقد, في حظر التأجير من الباطن، و تغيير النشاط الممارس و الإهمال و عدم الصيانة و العناية و عدم التسيير المحكم وفق عناية الرجل العادي, و عدم دفع الأجرة في الزمان و المكان المتفق عليهما أو حسب العرف الجاري في المنطقة، و كذا ثبوت إفلاس المستأجر(3). 





 (1)  Jean DERRUPPE ,op , cit , p :51 : -
(2) : قرار المحكمة العليا بتاريخ 01/06/1985 رقم 35385 م ق لسنة 1989، العدد 02، ص122 
(3) : Alain Piédeliévre .op.cit, page 153 -
الــفـــرع الــثــالــث: الـحـالات الأخــرى لانـقـضــاء عـقـد 
                                    الـتـسـيـيـر الـحـر
إضافة إلى الحالتين الرئيسيتين الشائعتين لانقضاء عقد التسيير الحر المتطرق إليهما أعلاه, توجد أسباب أخرى منها انتهاء المحل بزوال أحد عناصره الأساسية, على غرار حالة الغلق المأمور به إداريا  أو زوال عنصر العملاء, كذلك أن المسير الحر يختار لشخصه, و بالتالي فإن وفاته تضع حدا العقد، و على النقيض من ذلك فان موت المؤجر لا ينهي العقد, إلا إذا وجد شرط مخالف في العقد(1).
و في هذا الخصوص دائما، ورد في إحدى قرارات المحكمة العليا أنه »من المقرر قانونا أن عقد التسيير الحر عقد إرادي يخضع لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين حسب المادة 106 من القانون المدني.
و لما كان الثابت في قضية الحال أن الإيجار الذي يربط طرفي النزاع هو عقد التسيير الحر، فان قضاة الموضوع بمصادقتهم على اتفاق الطرفين فيما يخص إسقاط حق الإيجار  عند وفاة المستأجر فأنهم لم يخطا و في تطبيق المادة 108, التي تشير بأن العقد ينصرف أثره إلى المتعاقدين و الخلف العام و متى كان الأمر كذلك استوجب رفض الطعن «  (2)، كذلك يمكن أن ينقضي عقد التسيير الحر باتحاد الذمة الوارد بالقواعد العامة في المادة 304 من القانون المدني الجزائري, و نكون بصدد هذه الحالة بشراء المحل التجاري من طرف مسيره.
كما يمكن أن ينقضي عقد التسيير الحر إذا تحقق الشرط الفاسخ في العقد, و يكون مثلا بتأجير المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) إلى غاية شفاء المؤجر المريض, أو بلوغ القصر رشدهم و قدرتهم على تسيير المحل بعد مدة من الخبرة.










 Jean Derruppe. op. cit, page 51 :(1) -
 (2):  قرار المحكمة العليا رقم 57842 بتاريخ 14/05/1989، م ق لسنة 1989، ص82 
 
 


إذا انتهى عقد التسيير الحر بالفسخ نتيجة الإخلال بالالتزامات التعاقدية, فان الإجراءات الأولية تكون كما رأينا أعلاه، وفق القواعد العامة بتوجبه إنذار للكف عن المخالفة و بعد مرور شهر من ذلك و بإثبات تواصل المخالفة يلجأ الطرف المضرور إلى المحكمة للمطالبة بفسخ العقد.
 مع الإشارة هنا أن القاضي المختص بتقرير الفسخ هو قاضي الموضوع, لأن النظر في الإخلال بالالتزامات فيه مساس بالموضوع لا يجوز لقاضي الاستعجال تقريره, خاصة و أن القواعد العامة تعطي الحق للطرف المضرور المطالبة بالتعويض إذا اقتضى الحال ذلك.                                                                            كذلك وحسب القواعد العامة , فانه يجوز الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخ بقوة القانون بمجرد الإخلال بالشروط المتفق عليها دون حاجة إلى حكم قضائي, و لكن بعد الإعذار المتعارف عليه عرفا أو المتفق عليه.
لكن إذا كان النزاع المؤدي إلى انتهاء العقد قضاءا سوف يوفر العلانية و الإشهار للغير فإن نهاية العقد بالطرق الودية أو  بحلول الأجل أو أي طريقة أخرى لا تضمن للغير معرفة مصير العقد حتى يتسنى لهم حماية حقوقهم.
و على هذا الأساس نتساءل في هذا المجال عن مدى إقرار المشرع الجزائري لإجراءات ينتهي بها عقد التسيير الحر وما هو دور القضاء في ذلك. 
لذلك نقسم المطلب إلى فرعين, نتطرق في أولهما إلى الإجراءات المحددة قانونا لإنهاء العقد, وفي فرع ثان نتطرق إلى التطبيق القضائي لهذه الإجراءات.











الـــفــرع الأول: الإجــراءات الـمـحـددة قـانـونـا لانـتـهـاء عـقـد 
                        الـتـسـيـيـر الـحـر
  بالرجوع إلى القانون التجاري الجزائري في بابه المتعلق بالتسيير الحر المنظم بالمواد 203 إلى 214 منه نلاحظ أن المشرع اكتفى بفقرة وحيدة في المادة 203 تنص على ما يلي : " و ينتهي تأجير التسيير بنفس الإجراءات التي تم بها النشر ". 
و على هذا الأساس فإن المشرع الجزائري لم يحدد الإجراءات  التي ينتهي بها عقد التسيير الحر عكس الإيجارات التجارية المنظمة بالمواد من 169 من القانون التجاري و ما يليها، و التي وضع فيها المشرع إجراءات انتهاء العقد و اشترط توجيه تنبيه بالإخلاء حسبما جرت عليه العادات المحلية , و في مدة ستة أشهر قبل الآجل على الأقل، و في حالة عدم التنبيه بالإخلاء يتواصل الإيجار المنعقد كتابة بالتمديد الضمني إلى ما بعد الأجل المحدد في العقد على نحو ما جاءت بالمادة 173 من القانون التجاري.
و تضيف نفس المادة وجوب أن يتم التنبيه بالإخلاء بعقد غير قضائي, و أن تبين فيه الأسباب التي أدت إلى توجيهه مع إعادة ذكر مضمون المادة 194 و إلا اعتبر باطلا.
مع الملاحظة آن ما قيل عن طلب إنهاء العقد المنظم بالمواد 169 ت.ج من طرف المؤجر يقال كذلك على حالة طلب تجديده من طرف المستأجر ، فقد حدد المشرع إجراءات لذلك مثلما تنص المادة 174 من لقانون التجاري.  
إن عدم تحديد إجراءات معقدة لإنهاء عقد التسيير الحر لا نعتبره تقصيرا من طرف المشرع الجزائري، بل تأكيدا منه و لو بطريقة غير مباشرة عن الفرق الشاسع بين العقدين, و آثارهما سواء المترتبة عن انعقاد العقد أو انقضاءه .
انطلاقا من هذا و بغض النظر عن كون اجراءات شهر عملية تأجير التسيير لم تلق هي الأخرى حظها من التحديد و التوضيح من طرف المشرع، إلا أن الجدير بالملاحظة و التأكيد آن عقد التسيير الحر ينتهي بمجرد طلب المؤجر كتابيا من المسير و بدون تعويض الاستحقاق على أساس عدم جواز انطباقه على هذا النوع من الإيجار.
و يتم نشر انقضاء عقد التسيير الحر بالنشرة الرسمية للإعلانات القانونية حتى يعلم الغير بالوضعية القانونية للمحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ), و كذا وضعية المستأجر المسير، و ذلك ليتسنى لكل من له حق في ذمة هذا الأخير أن يتقدم للمطالبة بحقوقه(1).



Jean Derruppe. op. cit, page 51 :(1)-

الـفـرع الــثـانـي: الـتـطـبـيـق الـقـضـائـي لإجـراءات إنـهـاء الـعـقـد

بالرجوع إلى قرارات المحكمة العليا نجدها تؤكد على أن انتهاء عقد التسيير الحر يكون بمجرد الإبلاغ بنهايته بمقتضى رسالة مضمونة الوصول, لكن لم تحدد المدة التي يجب أن يتم خلالها هذا الإبلاغ, و من هذه القرارات» متى  كان من المقرر قانونا أن إيجار التسيير الحر ينتهي بمجرد الإبلاغ بنهاية العقد و لا يترتب على هذا الانتهاء أي حق في التعويض للمسير « (1).
و جاء في قرار أخر » أنه من المقرر قانونا أن انتهاء عقد التسيير الحر لا يخضع لنفس أحكام إنهاء علاقة الإيجار بحيث أن التنبيه بالإخلاء في عقد التسيير الحر ليس ضروريا، و لما ثبت في قضية الحال أن قضاة الاستئناف لما قضوا بأن عقد التسيير الحر للقاعدة التجارية ينتهي بموجب رسالة توجه من مالك المحل إلى المسير و دون التعويض الإستحقاقي فإنهم طبقوا القانون تطبيقا سليما، لأن التنبيه بالإخلاء المؤسس على المادتين 173-176 ت.ج لا يكون ضروريا إلا في حالة وجود عقد إيجار مبرم وفق مقتضيات  المادة 172 ت.ج و ما يليه «.
و زيادة على هذا فقد ورد في قرار آخر مسألة التبليغ بالإنهاء » متى كان من المقرر قانونا، أن إنهاء عقد التسيير الحر يتم بنشره على شكل مستخرج أو إعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية أو بجريدة مختصة بالإعلانات القانونية. 
و لما كان الثابت في قضية الحال، وجود عقد رسمي ينص على كراء متجر لمدة ( 06 ) ستة أشهر، فإن قضاة المجلس بمصادقتهم على الحكم المستأنف لديهم القاضي برفض الطلب المتعلق بصحة التنبيه بالإخلاء و الطرد من المحل المتنازع عليه بناءا على المادة 173 ت.ج قد اخطئوا في تطبيق القانون وعرضوا قرارهم للنقض « (2).            
 





   

(1): قرار المحكمة العليا بتاريخ 25/10/1986 رقم 39953 م ق لسنة 1989، العدد 02، ص153 
(2): قرار المحكمة العليا بتاريخ16/02/1989 رقم 55622 م ق لسنة1990، العدد 03، ص121
و انطلاقا مما سارت عليه المحكمة العليا فإن القانون لم يحدد شكلية معينة لإبلاغ المستأجر المسير بنية المؤِجر في إنهاء العقد, بل تكفي مجرد رسالة مضمونة لا أكثر، و هذا خلافا كما سبقت الإشارة لأحكام الإيجارات التجارية المنظمة بالمادة 169 ت.ج و ما يليها، و هذا ما تؤكده المحكمة العليا في قرارها »متى كان من المقرر قانونا أن عقد التسيير الحر يحرر في شكل رسمي وينشر خلال 15يوما من تاريخه على مستخرج أو إعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية و ينتهي بنفس الإجراءات التي نشر بها.
ولما كان الثابت في قضية الحال أن النزاع يتعلق بإيجار تسيير لأصل تجاري معد كمطعم وقع لمدة (06) ستة أشهر و عند مضي هذه المدة تجدد هذا الإيجار لمدة غير محدودة و أن الطاعنة لما أرادت إنهاء الإيجار أرسلت للمستأجر رسالة مضمونة الوصول تطلب منه الخروج من أصلها التجاري محترمة بذلك القانون الذي كان ساريا على العقد ( قانون 20/03/1956 الذي كان ساريا آنذاك ) فإن قضاة الموضوع برفضهم دعواها الرامية إلى طرد مستأجرها خرقوا القانون، و متى كان الأمر كذلك استوجب نقض و إبطال القرار المطعون فيه « (1).
تجدر الملاحظة أن نشر نهاية العقد لا تعد إجراء مسبق لإنهاء العقد على غرار إبداء الرغبة في الطرد بواسطة مجرد رسالة مضمونة، بل هو إجراء لاحق لإعلام الغير بنهاية العقد حفظا بحقوقه، و هو ما جاءت به المحكمة العليا في إحدى قراراتها التي تؤكد فيه أن المادة 203 ت.ج لم تنص على أن المؤجر الذي لا ينشر و لا يشهر عقد التسيير الحر ليس له الحق في استرداد المحل التجاري من المسير، و هذا لكون أن هذه الإجراءات (النشر أو الإشهار ) وضعت أساسا حفاظا على ديون الغير إزاء المسير للمحل التجاري(2).
    نذكر في الأخير أن الواقع العملي السائد كرس أنه عند انتهاء عقد التسيير الحر يتم تحرير محضر آو كشف بحضور الطرفين أو ممثليهما القانونيين بحصر العتاد الموجود عند نهاية العقد و حالته.
   







(1):قرار المحكمة العليا بتاريخ29/06/1985 رقم 36164 م ق لسنة 1990، العدد 03، ص116 
(2): حمدي باشا عمر : القضاء التجاري،دار هومة، ط 2000 :ص 169 




   
 إذا كان انعقاد التسيير الحر يرتب آثار على طرفيه، تنصرف كذلك إلى الغير نظرا لإنشاء أو نشوء مركز قانوني جديد تترتب عنه التزامات و حقوق سواء بين طرفي العقد, و قد يتأثر به الغير نظرا لتشعب العلاقات القانونية بين الأفراد، فان انتهاء العقد نفسه تترتب عنه آثار لا محالة و ربما أكثر خطورة و أهمية بين المتعاقدين الذين سوف تنفصم العلاقة  بينهما, و قد  يؤثر هذا الواقع الغير المرغوب فيه على الغير الذي يكون قد دخل في علاقة مع طرفي العقد و خاصة المستأجر المسير بمناسبة انعقاد العقد و خلال فترة سريانه .
و على هذا الأساس, سوف نتطرق إلى آثار انقضاء عقد التسيير الحر من خلال جزئيين, نركز في الأول منهما على آثار الانقضاء بالنسبة للمتعاقدين المنفصمة علاقتهما, و في الجزء الثاني نتطرق إلى انصراف آثار انقضاء العقد إلى الغير, مع تخصيص جانب من هذا الجزء الثاني إلى مصير العناصر الجديدة الناشئة بمناسبة التسيير الحر بعد انتهاء العقد.
لذلك نقسم هذا المبحث إلى مطلبين :

آثـار انـقـضـاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر بـالـنـسـبـة لـلمـتـعـاقـديـن 
آثــار انـقـضــاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر بـالـنـسـبـة لـلـغـيـر 













   
   بما أن المستأجر المسير هو من كان يحوز و ينتفع بالمحل التجاري أو الحرفي (المقاولة) لقاء اجر معلوم يدفعه المؤجر، و يقوم باستغلال المتجر على عهدته و تحت مسؤوليته, فانه من المنطقي عند نهاية العقد أن تنصرف آثاره إليه في مجملها, و هي ما سوف نتطرق له في الفرع الأول.
أما المؤجر, فعلى العموم تنصرف إليه بعض الآثار ليست بحجم تلك الملقاة على عاتق المستأجر، نتطرق لها في الفرع الثاني.

الـــفــرع الأول: آثــار انـقـضـاء الـعـقـد بـالـنـسـبـة 
                        لـلـمـسـتـأجـر الـمـسـيـر 

     عند انتهاء عقد التسيير الحر و نشره فان المستأجر ملزم بشطب نفسه من السجل التجاري و محو كل تأشير على هامش قيد المؤجر بما يفيد انتهاء التسيير الحر، كما يلزم المستأجر المسير برد المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة) إلى صاحبه، و إذا تعذر ذلك يمكن طرده و الحكم عليه بالتعويض لصالح المؤجر، و ينصرف الاسترداد إلى جميع لعناصر المكونة للمحل يوم إبرام العقد، فإذا لم تحدد العناصر في العقد بدقة وجب على المؤجر إثبات اشتمالها للمتجر, و نفس الشيء يقال عن حالة المعدات و مصير البضائع، إذ أن المستأجر مسؤول عن تدني وضعيتها, مع إمكانية تحلله من ذلك بإثبات عدم ارتكابه أي خطا(1)، كما يلزم المؤجر بأخذ المخزون إلا إذا اتفق على خلاف ذلك(2).
و قد جاء في نص المادة 211 من القانون التجاري أن انتهاء تأجير التسيير يجعل الديون التي قام بعقدها المستأجر المسير طيلة مدة التسيير و الخاصة باستغلال المتجر أو المؤسسة الحرفية حالة الأداء فورا. 
كما لا يستفيد المستأجر من حق التجديد , إلا بموافقة المؤجر، و لا يحق له طلب التعويض الإستحقاقي على غرار القانون الفرنسي(3).

(1): Jean Derruppe. op. cit, page 52 -
(2): محمد معاصمي، المرجع السابق، ج2، ص 34 
(3): Alain Piédeliévre ,op , cit , p :152,153  -
و لقد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا »ليس للمجلس القضائي الحق في الموافقة على الحكم الذي يقضي بتعيين خبير لتحديد تعويض الاستحقاق في عقد إيجار التسيير الحر، و بهذا فقد عرضوا قرارهم للنقض و كانوا قد خرقوا القانون« (1).
و في قرار آخر» و لما كان الثابت في قضية الحال أن قضاة الموضوع لما قضوا بالإخلاء دون التعويض الإستحقاقي قد طبقوا أحكام القانون التجاري تطبيقا صحيحا، إذ أن التنبيه بالإخلاء المؤسس على المادتين 173-176 لا يكون ضروريا إلا في وجود عقد إيجار مبرم وفق مقتضيات المادة 172 ت.ج )(2).  
كما يقع على المستأجر المسير عبئ انخفاض قيمة عناصر المحل, متى كان قد التزم في العقد بإرجاعها في حالة جيدة, و ما عدى ذلك فلا يكون على عاتقه، إلا إذا  اثبت المؤجر أن الانخفاض في قيمة العناصر ناتج عن ارتكاب المستأجر خطا في الإستغلال, و كان هذا الخطأ السبب في إنقاص القيمة مثل عدم استعمال الاسم التجاري أو علامة نتج عنه سقوط هذه الأخيرة(3).
و تجدر الإشارة إلى انه لا يحق للمستأجر أي تعويض, إلا إذا وجد شرط مخالف عن تعويض القيمة المضافة حتى و لو زاد عنصر العملاء (4). 
قد ينص في عقد التسيير الحر على شرط عدم المنافسة المحدد لحق المستأجر في ممارسة نشاط أخر بعد انتهاء العقد بنفس الكيفيات التي تنص عليها في عقود بيع المحلات , و في حالة عدم التنصيص عليها في العقد , فإن المستأجر المسير يستطيع أن يقيم تجارة مشابهة شريطة ألا يعمد إلى أسلوب الخلط بين المؤسسة الجديدة و المتجر الذي كان يسيره, و إلا وقع في المنافسة الغير مشروعة(5).   









(1): قرار رقم 39653 السابق الذكر 
(2): قرار المحكمة العليا بتاريخ27 /02/1996 رقم 139696 م ق لسنة 1996، العدد 02، ص115 
(3): معاصمي، المرجع السابق، ص 34 الجزء الثاني 
Mohamed el Habib Ettayeb : magistrat : l’indemnité d’éviction en droit algérien :(4)-
Édition DAR EL GHARB, 2003, page 183    
(5): محمد معاصمي، المرجع السابق، ص 34، الجزء الثاني 
  الـفـرع الــثـانـي: آثـار انـقـضـاء عـقـد الـتـسـيـيـر الـحـر 
                            بـالـنـسـبـة لـلـمـؤجـر
مبدئيا، فإن المؤجر لا يقع على عاتقه العقود المبرمة من طرف المستأجر المسير, و بالتالي، فهو غير ملزم بتنفيذها، و لا يمكن إرغامه على ذلك لان هذه العقود ترتب حقوق و ديون شخصية بالنسبة للمسير، و على العموم فان نهاية عقد التسيير الحر تجعل الديون المرتبة من طرف المستأجر المسير حالة الأداء, غير أن هذا المبدأ العام يتضمن استثناءات بخصوص عقود العمل، فالمؤجر ملزم باحترام تلك العقود المبرمة من طرف المسير لكن بشرط أن تبقى المؤسسة التجارية قائمة و أن استغلالها يكون قابلا للمواصلة و الاستمرارية بطبيعته(1), و تظهر هذه الحالة خاصة بصدد المقاولة الحرفية و التي بمقتضاها يستطيع المسير تعيين عدة إجراء على أساس أنها قائمة على عدد غير محدد من العمال الأجراء على نحو ما هو بارز في قانون الحرف الصادر بالأمر 96/01 المذكور أعلاه.
و حسب المادة 202 من القانون التجاري فإنه » إذا كان المؤجر في نفس الوقت مالكا للعمارة المؤجرة و المحل التجاري المستغل و كان الإيجار يشمل العمارة و المتجر في نفس الوقت،  فإنه يجب على المؤجر أن يسدد للمستأجر عند مغادرته تعويضا يكون مطابقا للفائدة التي يمكن له أن يحصل عليها من زيادة القيمة الحاصلة سواء من المتجر أو القيمة الإيجارية للعمارة بفضل التحسينات المادية التي قام بها المستأجر بالاتفاق مع المالك «.
وحتى يبرز الفرق بصدد هذه المسألة بين الإيجارات التجارية المبرمة وفق المادة 169 ت.ج و ما يليها و بين إيجار التسيير الحر, فانه جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا ما يلي : » حيث أنه و إذا كان -عقد التسيير- يستبعد صراحة كل طلب للتعويض فإن المستأجر يمكنه أن يطلب تعويض مطابق للقيمة المضافة المحدثة في المحل التجاري طبق مقتضيات المادة 202 ت.ج و عليه فإن القانون يلزم المؤجر تعويض الفائدة عند مغادرته المحل التجاري يكون مطابق للفائدة التي يمكن أن يحصل عليها من زيادة القيمة الحاصلة سواء في المتجر أو القيمة الايجارية للعمارة بفضل التحسينات المادية التي قام بها المستأجر بالإتفاق مع المالك« (2). 





Jean Derruppe. op.cit, p52 : (1) -
(2): قرار المحكمة العليا رقم 96307 مؤرخ في 19/10/1992. م ق  لسنة 1996، العدد 01، ص 152 
 
كما تجدر الملاحظة أنه يجوز الاتفاق بين مالك المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) و المستأجر المسير على تعويض الزيادة في عناصر المحل التجاري كزيادة عنصر العملاء مثلا أو تحسين السمعة ......الخ، وكذا الاتفاق على دفع المستأجر المسير لكفالة بغية حسن تنفيذ العقد، و بهذا الصدد فإن المؤجر عند انتهاء العقد و عدم إثباته لسوء تنفيذ العقد، و الذي يعطي له الحق عند المخالفة في الحجز على مبلغ الضمان كليا أو جزئيا، فإنه يلزم برد مبلغ الكفالة إلى المستأجر .
هذا و تجدر ا لإشارة في هذا الصدد انه عند النزاع حول حالة المتجر يوم إسترداده، فإن القاضي يؤسس حكمه على إرادة الطرفين الواضحة في العقد، و في حالة عدم الإشارة إلى ذلك, فانه يفترض أن المتجر سليم في حالة جيدة تطبيقا للقرينة المستخلصة من المادة 476 في حالة عدم النص على ذلك(1).
و مما جرت العادة على التنصيص عليه في إيجار التسيير الحر فيما يخص العتاد و الأدوات المنقولة، حيث يوضع كبند في العقد على النحو التالي:
* فيما يخص حالة العتاد والأدوات المنقولة فتجري في نهاية مدة الإيجار معاينتها و تثبيتها بواسطة خبرة يجريها الطرفان عند عدم إتفاقهما في شأن ذلك فيجريها خبير  بشرط أن يعين المؤجر أحدهما ويعين المستأجر الآخر و يسوغ لهذين الأخيرين  آن يضيفا خبير ثالث إليهما ليحكم بينهما فيما تخالفا فيه وعلى فرض عدم الاتفاق بين الخبيرين على تعيين خبير ثالث فإن هذا الخبير يقع تعيينه من طرف السيد قاضي المحكمة ..........بناءا على طلب عادي يقدمه من يهمه الأمر *. 











(1): محمد معاصمي، المرجع السابق، ج 2، ص 34 





 

    
إن انقضاء عقد التسيير الحر لا تنصرف آثاره لطرفي العلاقة التي كانت قائمة فحسب، بل تتجاوزهما إلى الغير، ومفهوم هذا الأخير في هذه الوضعية القانونية يتمثل في دائني المستأجر الذين تعاملوا معه أثناء فترة حياة عقد التسيير الحر و بمناسبة استغلال المتجر، ناهيك عن بعض الحالات يكون فيها مالك المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) هو نفسه مستأجر العقار المشغول بالمتجر محل التسيير الحر، و الذي يجدر بنا النظر فيما إذا كان بالإمكان أن تنصرف إليه آثار انقضاء عقد التسيير الحر.
غير أن نهاية التسيير الحر قد تصطدم بإنشاء عناصر جديدة بمناسبة تسيير القاعدة المؤجرة يمكن أن تشكل وحدها محل تجاريا (قاعدة ) موازيا أو تابع للمحل المسير، ففي هذه الحالة ما هو مصير هذه العناصر الجديدة ؟     
و على هذا الاساس سنعالج هذا و ذاك في فرعين, نخصص الأول منهما إلى أثار انقضاء التسيير الحر بالنسبة للدائنين, بينما سنتطرق في الفرع الثاني إلى مصير العناصر الجديدة الناشئة بمناسبة التسيير.

الـفـرع الأول:  آثـار انـقـضاء الـتـسـيـيـر الـحر بـالـنـسـبة للدائـنـيـن

     إن الدائنين الذين تنصرف إليهم آثار انقضاء عقد التسيير الحر, هم دائني المستأجر الذين تعاملوا معه بمناسبة استغلال المحل التجاري أو الحرفي (مقاولة) بمقتضى العقد.
ففي حالة عدم تجديد العقد بالاتفاق بين طرفيه، فإن حقوق الدائنين معرضة للخطر و ليست محمية بصفة كافية، و الالتزامات المتولدة عن العقود التي ابرمها المسير الحر لا تنتقل إلى المؤجر و معنى ذلك أن دائني المستأجر ليس لهم حق على المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ), و على هذا المنحنى و عملا بالمادة 211 من القانون التجاري، فانه بمجرد انتهاء عقد التسيير الحر يجعل الديون التي قام بعقدها المسير الحر طيلة مدة التسيير و الخاصة باستغلال المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) حالة الأداء فورا ، وانطلاقا من هذا النص فإنه يمكن لدائني المستأجر المطالبة بحقهم و ذلك بمتابعة المستأجر المسير. 
تجدر الملاحظة أنه عندما يقصد المتعاقدون إخفاء عملية أخرى عن الغير تحت ستار عقد تسيير حر كعملية بيع أو عملية تقديم محل تجاري إلى شركة, فإنهم يكونون ملزمين بالتضامن تجاه أصحاب العلاقة عن كافة الديون المتعلقة باستثمار المحل بالإضافة إلى العقوبات الأخرى التي يمكن أن تنتج عند الاقتضاء عن تطبيق أحكام القانون التجاري.
قد يقترن إيجار التسيير بوعد بالبيع، ففي الفترة التي تكون محل تسيير حر يستطيع المسير التحقق من قيمة المحل التجاري قبل اتخاذ قرار الشراء, و هي مدة مفيدة للمؤجر لأنه يبقى محتفظ بالمحل التجاري حتى دفع الثمن, و هذه العملية المنصبة على عقدين مختلفين لا تطرح إشكالات للمتعاقدين, لكنها تنصب على مخاطر ناتجة عن تكييف العقد، فالغير الذي له مصلحة كالإدارة الجبائية مثلا و دائني المؤجر الواعد بالبيع, يمكنهم اعتبار العملية بيع فوري بقرض، و من هنا يظهر حقهم المرتبط بالتنازل عن المحل التجاري و بالتالي يحق لهم طلب البطلان نتيجة تخلف البيانات الواجبة،  و المحاكم في هذا الإطار تلقى عدة انتقادات عندما تعتمد على قيمة بدل الإيجار و كذا على الشروط التي تعطي للمسير السلطات الغير مألوفة, أو تحمله واجبات لا يمكن أن يتحملها إلا  المالك, كمعيار للتفرقة بين البيع و التسيير الحر(1).
و في إطار مسألة تكييف العقد فقد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا أنه» متى كان من المقرر قانونا أن العبرة في تكييف العقد هي بما يتبين أنه الحقيقة من الوقائع المطروحة أمام  قضاة الموضوع بما لهم من السلطة في تقدير التعرف على القصد المشترك الذي انصرفت إليه نية المتعاقدين وقت إبرام الإتفاق دون التقييد بالوصف الذي يعرضه الخصوم .
و لما كان الثابت – في قضية الحال – أن الأمر يتعلق بإيجار تسيير حر ثابت بموجب عقد توثيقي منشور في جريدة الإعلانات الرسمية و ليس بإيجار من الباطن كما كيفه قاضي محكمة الدرجة الأولى و كذلك قضاة الإستئناف، مما جعل قضاءهم يتجاهل هذا العقد الرسمي و لم يرد عليه رغم الإشارة إليه في تصريحات الطاعن، فإن هؤلاء القضاة بطردهم الطاعن من الشقة التجارية المتنازع عليها خالفوا أحكام هذا المبدأ .مما يتعين معه قبول نعي الطاعن بهذا السبب، و متى كان الأمر كذلك استوجب نقض و إبطال القرار المطعون فيه «  (2).









 (1): Jean Derruppe, op, cit , p, 53 -
(2): قرار المحكمة العليا رقم 36596 مؤرخ في 13/07/1985,م ق لسنة 1989, العدد03, ص 90


الــفـرع الــثـانـي: مـصـيـر الـعـنـاصـر الـجـديـدة الـنـاشـئـة 
                            بـمـنـاسـبـة الـتـسـيـيـر
إن المستأجر المسير الحر و بمناسبة استغلال المحل التجاري أو الحرفي (المقاولة ) قد ينشأ عناصر جديدة لم تكن شاملة للمحل وقت إبرام العقد مثل العلامات و الرسوم ...الخ.
إن القاعدة العامة تقتضي أن هذه العناصر إذا أصبحت مندمجة في المحل التجاري أو الحرفي, تعتبر عموما بأن المؤجر يحتفظ بها بشرط تعويض المسير الحر عنها, و هذا على أساس أن المادة الخامسة من الأمر رقم 03/06 المؤرخ في 19 يوليو من سنة 2003 المتعلق بالعلامات تنص على أنه : » يكتسب الحق في العلامة بتسجيلها لدى المصلحة المختصة « ، و تضيف المادة التاسعة من نفس الأمر على أن مالك العلامة يخوله القانون حق التنازل عنها و منح رخص استغلال ومنع الغير من استعمال علامته.
و على هذا الأساس, فللمؤجر التفاوض مع المسير الحر حول ما إذا كان يود التنازل عنها له بمقتضى عقد تنازل محدد بالأمر أعلاه, أو يمنح له رخصة باستغلالها مع بقاء ملكيتها له حتى, و لو أصبح لا تربطه أي علاقة بالمحل التجاري.
أما إذا كانت العناصر الجديدة قد حصل عليها المستأجر المسير الحر بناء على نشاط توسيعي للنشاط الأصلي و خلق بمقتضى ذلك عنصر عملاء جديد مشكلا محلا تجاريا (قاعدة ) خاص به يمكنه الاحتفاظ بهذا المحل الجديد بجميع عناصره التي اكتسبها وجمعها(1).
ونضرب مثال على ذلك، أن المسير الحر يسير محلا خاص ببيع الخضر فقط ثم يطور عمله ويوسع النشاط لبيع الفواكه و يجمع بمقتضى ذلك عملاء جدد وشهرة  خاصين و مرتبطين بالنشاط الجديد ففي هذه الحالة نتساءل في هذه حالة ماذا إذا علم المؤجر بهذا النشاط الجديد ووافق عليه و قام المسير بالتأشير بتوسيع النشاط في مركز السجل التجاري، هل يمكن للمسير التمسك بالمحل الجديد الذي اكتسبه بمناسبة استغلال المتجر الأصلي ؟   
نرى في هذه المسألة أنه مادام المحلين مستقلين نشاطا و عملاءا, وتمت العملية بموافقة الطرفين  فإن المسير الحر بعد انقضاء عقد التسيير يمكنه التنازل عن المحل الجديد للمؤجر، أو الاحتفاظ به مع نقله إلى عقار مستقل على أساس انعدام أي علاقة معه و صاحب العقار المشغول بالمحل الذي كان موضوع تأجير التسيير .
لكن إذا لم تكن هناك موافقة مسبقة على توسع النشاط أو تغييره, فإن هذا النشاط الجديد يشكل مخالفة ينتج عنها حق المؤجر في فسخ العقد.

(1):Jean Derruppe, op cit, page52  -





     نخلص في الأخير, إلى أن المشرع الجزائري أورد الإيجارات التجارية في الباب الثاني في المواد
 169-202 ت.ج , و أورد التسيير الحر أو تأجير التسيير في الباب الثالث من 203-214 ت.ج, أي في بابين مستقلين من الكتاب الثاني المعنون » المحل التجاري  « وكأن إيجار التسيير ليس إيجار تجاري لذلك نتساءل: 
هل معنى هذا, أن المشرع الجزائري يخرج إيجار التسيير من دائرة الإيجارات التجارية و بالتالي الخروج عن مبدأ الوارد في المادة 03 ت.ج, أو يعتبره إيجارا تجاريا، و لكنه خصه بباب مستقل لعدم الخلط بينه و بين الإيجار لوارد بالباب الثاني، وما يدعم هذا الاتجاه أن كلا البابين واردين تحت كتاب
 »المحل التجاري «،  و الذي يعرف بمقتضاه المحل التجاري في المادة 78 من القانون التجاري على أنه مال منقول معنوي، و على هذا الأساس نشكك في عنوان الباب الثاني » الإيجارات التجارية « ، حيث كان الأجدر بالمشرع الجزائري – في رأينا – أن يعنون الباب  » إيجار الأمكنة لممارسة التجارة « ، و في باب التسيير الحر يضع عنوان » الإيجار التجاري« ، لأن هذا الأخير يقع على المحل التجاري باعتباره مال منقول معنوي من جهة, و من جهة ثانية جميع المعاملات الواردة على المحل التجاري تعتبر أعمال تجارية بحسب الشكل حسب المادة 03 ت.ج, بينما الإيجارات المنظمة بالمادة 169 ت.ج و ما يليها هي إيجارات تقع على العقار بقصد ممارسة التجارة، و لكن قصد استقرار المعاملات التجارية, و نظرا لأن المحل التجاري بصفته مال منقول معنوي يصعب على الممارس للتجارة إنشاءه, لأنه يشمل عناصر يجب على مستغل التجارة بذل جهد كبير لتشكيلها , أهمها العملاء إلى درجة أن الفقهاء يعتبرون هذا العنصر هو المحل نفسه.
و نظرا لكل  هذا, فإن المشرع خلق الحق في التجديد و في التعويض ألاستحقاقي لكل شخص اجر عقارا و مارس فيه التجارة و اكتسب عملاء لمدة أربع سنوات أو سنتين شفاهة أو كتابة, و بالتالي جعله يستفيد من تجديد الإيجار أي البقاء في الاستغلال أو يعوض نتيجة فقدانه المحل بسبب رفض مؤجر العقار تجديد العقد و بسبب الضرر الذي يصيب التاجر باعتبار انه بذل جهد لإنشائه ثم فقده بمجرد انتهاء عقد تأجير العقار المشغول بالمحل التجاري :     - Le fonds > - , و في كلتا الحالتين, نظم المشرع الإجراءات التي يجب على الأطراف احترامها .

و لتأكيد ذلك نضرب المثال التالي، أن يتفق العاقدين على عقد إيجار عقار لممارسة التجارة لمدة 23 شهر في ظل القانون القديم ، ففي هذه الحالة فالأحكام التالية للمادة 169 من القانون التجاري تصبح بدون معنى الشيء الذي يدفعنا إلى القول آن توفر و اكتمال المدد المنوه عنها بالمادة 172 من القانون التجاري تجعل العقد منصب على العقار تطبق عليه أحكام القانون التجاري و ليس معنى ذلك أن العقد تجاري بطبيعته.
بالرجوع كذلك إلى ركائز القانون التجاري المتمثلة في المواد 2،3،4 لا نجدها تنص على إيجار العقار ، بل نجد في المادة الثانية تنص على : 
" كل شراء للعقار لإعادة بيعها "
" كل مقاولة لتأجير المنقولات أو العقارات " 
ومن هذا النص فان الإيجارات المنظمة بالمادة 169 ت.ج و ما يليها لا تعتبر تجارية إلا إذا كانت تحت غطاء المقاولة بعناصرها لأن هذه الأخيرة هي التي تعطي الطابع التجاري للعمل الممارس.
و حتى المشرع بدوره , و تفاديا لهذه التناقضات جاء في التعديل الأخير للقانون التجاري بمقتضى القانون رقم 05/02 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتعلق بتعديل القانون التجاري في المادة 187 مكرر بالقاعدة العامة » تحرر عقود الإيجار المبرمة إبتداءا من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في الشكل الرسمي  وذلك تحت طائلة البطلان و تبرم لمدة يحددها الأطراف بكل حرية.
يلزم المستأجر بمغادرة الأمكنة المستأجرة بانتهاء الأجل المحدد في العقد دون حاجة غالى توجيه تنبيه
 بالإخلاء و دون الحق في الحصول على تعويض الاستحقاق المنصوص عليه في هذا القانون ما لم يشترط الأطراف خلاف ذلك .« 
و بغض النظر عن الانتقادات الممكن توجيها للنص الجديد, و التي لا يسعنا المقام للتطرق إليها, فان النص الجديد يؤكد الرجوع إلى القواعد العامة لتأجير العقار.
انطلاقا من كل ما قيل أعلاه, فأن الإيجار الوحيد المعتبر- في نظرنا- تجاريا هو عقد التسيير الحر سواء انصب العقد على المحل التجاري أو المقاولة الحرفية, على اعتبار أن المشرع الجزائري يفرض القيد في السجل التجاري لممارسة النشاطات الحرفية في هذا الشكل, و على أساس أن المادة 20 من الأمر 96/ 01 المتعلق بالحرفي تفرض لاعتبار المقاولة حرفية أن تكون تحت شكل من الاشكال المحددة بالقانون التجاري, ضف إلى ذلك المادة 203 من القانون التجاري المنظمة للعقد نفسه.
إن عقد التسيير المشمول بالدراسة, لكي ينعقد يجب توفر شروط موضوعية عامة مفروضة في جميع العقود، و أخرى موضوعية خاصة مشروطة في هذا العقد  فقط، مقررة منعا للمضاربة على المتاجر، بالإضافة إلى شروط شكلية تتمثل في الكتابة الرسمية تحت طائلة البطلان و كذا نشر العقد.
    و بانعقاد العقد تترتب عنه آثار تنصرف أولا إلى طرفيه, تتمثل في حقوق و التزامات متبادلة، كما تنصرف هذه الآثار إلى الدائنين، فبالنسبة لدائني المؤجر فقد منحهم المشرع حق اللجوء إلى القضاء من أجل إسقاط آجال الديون القائمة في ذمة المؤجر, بعد إثباتهم لتأثير التأجير على الضمان العام، بينما دائني المستأجر فان المؤجر يبقى مسؤول بالتضامن مع المستأجر المسير من تاريخ الإبرام إلى غاية نشر العقد و خلال مدة 06 أشهر بعد النشر.
و على غرار باقي العقود فان عقد التسيير الحر ينقضي بداهة, و إن تعددت و اختلفت الأسباب المؤدية إلى ذلك و اختلفت معها  إجراءات إنهاء العقد المكرسة قانونا و قضاءا، كما تترتب آثار هامة على انقضاء العقد تنصرف أولا إلى المتعاقدين تتميز باختلافها عن آثار الإيجارات المبرمة وفق المادة 169 من القانون التجاري و ما يليها خاصة ما تعلق منها بإجراءات الإخلاء و تعويضه ، كما تنشا عن سريان العقد و انقضاءه بعض إشكالات نشوء عناصر جديدة حاولنا إعطاء رأينا بصددها, راجينا من المولى سبحانه وتعالى الإعانة و التوفيق.


تعليقات