القائمة الرئيسية

الصفحات



التعبير عن الإرادة العقدية عبر الوسائل الإلكترونية

التعبير عن الإرادة العقدية عبر الوسائل الإلكترونية

التعبير عن الإرادة العقدية عبر الوسائل الإلكترونية





الفصل الثانى 
التعبير عن الإرادة العقدية عبر الوسائل الإلكترونية

تمهيد وتقسيم :
يقصد بالإرادة انعقاد العزم على إجراء العملية القانونية محل التعاقد ، والتعبير عن الإرادة التعاقدية يتم باستخدام وسيلة تدل على وجودها . وإذا كان التعبير عن الإرادة فى التعاقد التقليدى يتم بالوسائل المعتادة فإن وسائل التعبير عن الإرادة فى التعاقد الإلكترونى تتعدد وتختلف حيث تتم عبر شبكات الاتصال الإلكترونية كما أنه لا يشترط أن يتم التعاقد بين إنسان وآخر فمن الجائز أن يتم التعاقد بين إنسان وآلة أو بين آلة وأخرى وهو ما يعرف بالتعاقد عن طريق الوكيل الإلكترونى ونجد أن المشرع المصرى قد أقر وبشكل صريح صحة المعاملات الإلكترونية المبرمة بواسطة الوكيل الإلكترونى وذلك فى اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكترونى رقم 15 لسنة 2004 فى المادة (8/ج) بتحقق الحجية القانونية للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية المنشئة بدون تدخل بشرى جزئى أو كلى متى أمكن التأكد من عدم العبث بهذه الكتابة أو تلك المحررات والتحقق من 






وقت وتاريخ إنشائها(1). 
وعلى صعيد التشريعات العربية نجد المادة (14) من قانون إمارة دبي في شأن المعاملات والتجارة الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 تجيز التعاقد بوسائط إلكترونية حيث نصت فى فقرتها الأولى على أنه " يجوز أن يتم التعاقد بين وسائط إلكترونية مؤتمتة متضمنة نظامي معلومات إلكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقاً للقيام بمثل هذه المهمات ويتم التعاقد صحيحاً ونافذاً ومنتجاً آثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقدد فى هذه الأتظمة " .
وتأكيداً لمبدأ جواز التعاقد الإلكتروني وصحته نصت المادة (7/1) من نفس القانون على " لا تفقد الرسالة الإلكترونية أثرها القانوني أو قابليتها للتنفيذ لمجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني" كما أجاز المشرع الأردني إبرام العقود إلكترونيا بواسطة الرسائل الإلكترونية بتقريره في المادة (13) من قانون المعاملات الإلكترونية رقم 85 لسنة 2001 


 "تعتبر الرسالة الإلكترونية وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانونا لإبداء الإيجاب والقبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي " .
ونظراً لأن العقد الإلكترونى ينتمى لطائفة العقود عن بعد فإن الإرادة يجب أن يتم توثيقها وهو يعنى أن يكون العقد مزيلاً بتوقيع من شخص أو جهة لها صلاحية التوقيع ، وأيضاً تسجيل تلك الإرادة فى سجل إلكترونى وهو ما يتطلب تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين  :-
المبحث الأول   :    التعبير الإلكترونى عن الإرادة .
المبحث الثانى   :    الإرادة الإلكترونية .

المبحث الأولالتعبير الإلكترونى عن الإرادة


الأصل فى التعبير أنه لايخضع لشكل معين ، فللمتعاقد أن يفصح عن إرادته بالطريقة التى تروق له بشرط أن يكون لها مدلول يفهمه الآخر ، فكل ما يدل على وجود الإرادة يصلح قانوناً للتعبير عنها ، فكما يصح التعبير عن الإرادة بالكتابة أو القول أو الإشارة ، فإنه يصح بإتخاذ موقف عملى يمكن أن يعبر عن إرادة التعاقد لدى الأطراف إذا كان هذا الموقف كافياً للدلالة عليها دلالة أكيدة ( م/90/1) مدنى مصرى . 
والتعبيرعن الإرادة قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً (م/90/2) مدنى إلا إذا اشترط القانون شكلاً خاصاً للتعبير عن الإرادة ، فإن التعبير الضمنى لايكون كافياً 



لانعقاد العقد . ويطلق على الإرادة قبل إعلانها اسم الإرادة الباطنة ، بينما يطلق على ذات الإرادة بعد إعلانها اسم الإرادة الظاهرة(1).
 ويثور التساؤل حول القيمة القانونية للتعبير الإرادى أو ما يطلق عليه الإرادة الظاهرة إذا تعارض مضمونه مع الإرادة الحقيقية للمتعاقد أو ما يطلق عليه الإرادة الباطنة ، ونجد أن غالبية القوانين الوضعية ومنها القانون المصرى لاتستند على الإرادة الباطنة وحدها ولا على الإرادة الظاهرة وحدها وإنما تجمع بينهما فى حدود تختلف من قانون لآخر . وفى ظل غياب التنظيم التشريعى للتعاقد الإلكترونى فلا مفر من اللجوء إلى الأحكام العامة التى أشارت إليها المادة90/1 مدنى مصرى(2) والتى يستفاد منها جواز التعاقد بأى موقف أو مسلك لايدع ثمة مجال للشك فى دلالته على حقيقة المقصود . وكذلك المادة 94/1 من ذات القانون والتى أشارت إلى جواز صدور الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق التليفون أو بأى طريق مماثل وهو ما يفهم منه جواز التعبير عن الإرادة بأى وسيلة سواء أكانت يدوية أم إلكترونية ، وتطبيقاً لذلك يجوز التعبير عن الإرادة إلكترونياً ، وفى المفاوضات أيضاً إذا توافرت الإرادة السليمة الخالية من العيوب والشروط المطلوب لصحتها .
ولقد دفعت ثورة المعلومات والاتصالات وانتشار شبكات الاتصال فى إبرام الصفقات والعقود العديد من مشرعى الدول والمنظمات الإقليمية والدولية إلى إقرار هذا الواقع ومن ثم إجازة التعبير عن الإرادة العقدية عبر وسائل إلكترونية(3)   


وهو ما يعنى أن التقاء الإرادات إلكترونياً كافياً لإبرام التعاقد متى استوفى شروط صحته . فقد أجاز قانون التجارة الأمريكى الموحد UCC انعقاد عقد البضائع بأى طريقة أو وسيلة مادامت تظهر تراضى طرفيه  بما فى ذلك سلوكهما الذى يدل على إقرارهما وجود العقد . كما اعترف قانون المعاملات الإلكترونية الموحد الصادر عام 1999 صراحة بإمكان التعاقد إلكترونياً عندما قرر أن التسجيل الإلكترونى يعادل المستند المكتوب خطياً حيث أخذ بمبدأ المعاملة المتساوية أو التنظير الوظيفى بين السجلات المكتوبة والسجلات الإلكترونية .
ولذا اتجهت المحاكم الفيدرالية الأمريكية إلى الاعتراف بفاعلية القبول لإيجاب مطروح عبر شبكات الكمبيوتر(1) . 
كما أقرت اتفاقية فيينا بشأن عقد البيع الدولى للبضائع التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفورى(2) فأجازت الإيجاب والقبول بالهاتف أو التلكس أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفورى  وأضافت الاتفاقية العبارة الأخيرة لتشمل كل ما تأتى به التكنولوجيا الحديثة للاتصالات ومنها الاتصال عن طريق الشبكات الإلكترونية .
كما أقر قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية لسنة 1996 تبادل التعبير عن(3) الإرادة من خلال تبادل البيانات إلكترونياً فى الأعمال التجارية حيث جاء نص المادة (11) من هذا القانون وأقر صراحة استخدام رسائل البيانات الإلكترونية للتعبير عن الإرادة حيث قضى بأنه " فى سياق تكوين العقود وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض وقبول العرض 

وعند استخدام رسالة بيانات فى تكوين العقد لايفقد ذلك العقد أو قابليته للتنفيذ بمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض الأمر الذى يستفاد منه جواز التعبير عن الإرادة – الإيجاب والقبول بطريقة إلكترونية " .
ومما سبق يتضح أن القواعد العامة الواردة فى القانون المدنى والقواعد الخاصة التى نصت عليها القوانين المختلفة المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية ، أجازت التعبير عن الإرادة إلكترونياً متى تحققت شروط صحة الإرادة والتعبير عنها .  
وسنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالى :
المطلب الأول  :  أطراف وصور التعبير الإلكترونى .
المطلب الثانى :  وسائل التعاقد الإلكترونى .

المطلب الأول  أطراف وصور التعبير الإلكترونى


أولاً : أطراف التعبير الإلكترونى
طبقاً للقواعد العامة فإنه يتطلب لانعقاد العقد صدور إرادة التعاقد من شخص يتمتع بالأهلية القانونية المطلوبة ، وأن كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون (المادة 109مدنى مصرى) . فاشتراط أهلية التعاقد فى العقد التقليدى أمر من السهل التحقق منه لأنه تعاقد بين حاضرين فى مجلس واحد حقيقى  حيث يستطيع كل طرف التأكد من شخصية وأهلية الطرف الآخر بواسطة الإطلاع على إثبات الشخصية بالنسبة للشخص الطبيعى والإطلاع على السجل التجارى للشخص المعنوى إذا كان شركة مثلاً أو مؤسسة تجارية .


أما عن الأهلية فى التعاقد الإلكترونى حيث يتم التعاقد عن بعد ، فإنه قد يصعب على أحد طرفى التعاقد التحقق من أهلية المتعاقد الآخر فقد يدعى أحد المتعاقدين كمال الأهلية بينما هو ناقص أو عدم الأهلية  بل إن كمال الأهلية يختلف من دولة إلى أخرى .
وقد يترتب على هذا الانفصال المكانى بين أطراف المعاملات التجارية الإلكترونية عدم معرفة كافة المعلومات الأساسية عن بعضهم البعض كما هو الحال فى المعاملات التجارية التقليدية فقد لايعرف أى منهما درجة يسار الآخر ومركزه المالى وعما إذا بلغ سن الرشد أم لازال ناقص الأهلية ، ويمكن أن تتم العقود الإلكترونية عبر مواقع الويب بالدخول مباشرة دون أن يعرف الطرف الآخر عما إذا كان يتعامل مع الأصيل أم الوكيل ، بل إنه قد يكون مجرد موقع وهمى وضع سلفاً بغرض النصب والاحتيال على المترددين على الموقع .
إن العقد الإلكترونى كأى عقد آخر يجب لإنعقاده صحيحاً أن يكون صادراً عن متعاقدين تتوافر فيهما أهلية التعاقد فإذا أراد أطراف المعاملة وقوع العقد صحيحاً فإنه يتعين عليهم التدقيق فى مسألة الأهلية بأى وسيلة متاحة ، على أن البيانات المطروحة من أحد المتعاقدين عبر شبكة الإنترنت قد لاتكون صحيحة ولايملك المتعاقد الآخر فى هذه الظروف التحقق من بيانات التعريف بالمتعاقد الآخر(1) وهو ما قد يؤثر بالتأكيد على صحة التعاقد إذا تبين بالفعل عدم توافر أهلية التعاقد لكلا الطرفين أو لأحدهما . 



ولعل أحد الحلول التى يمكن تقديمها فى هذا الصدد هو اللجوء إلى سلطات الإشهار التى هى عبارة عن طرف ثالث محايد موثوق فيه من كلا الطرفين ، سواء أكانت هيئة عامة أم خاصة تنظم العلاقة التعاقدية بين الطرفين فتقوم بتحديد هوية الطرفين وأهليتهما القانونية عن طريق إصدار شهادات تثبت حقائق معينة متعلقة بالتعاقد الإلكترونى(1) . 
ومما لاشك فيه أن مثل هذا الطرف الثالث يولد الأمان لدى المتعاقدين ويعطيهم المصداقية فى التعامل ويضمن عدم إنكار أحد الطرفين لهويته او أهليته . 
بينما يرى البعض الآخر(2) أن الحل فى اعتماد نظام قانون يفيد التحقق من شخصية أطراف العقد عن طريق تفعيل الوسائل التى ينص عليها القانون للتحقق من الشخصية كشعار الشركة أو العلامة التجارية أو غير ذلك من الوسائل المشابهة التى تفيد قطعاً فى التحقق من الشخصية . ونلاحظ أن تقنين الاستهلاك الفرنسى نص فى المادة (12/18) والتوجيه الأوروبى الصادر فى 20 مايو 1997 قراراً أنه بالنسبة لكل عرض لبيع منتج أو خدمة عن بعد على المورد أن يضمن عرضه بيانات تتعلق بتحديد شخصيته مثل اسم المنشأة وعنوانها والبريد الإلكترونى كما ألزم المستهلك بتقديم بيانات التعرف بالشخصية أيضاً ، وإذا كان موضوع الأهلية للتعاقد الإلكترونى يثير مشكلات خاصة ترتبط بشيوع استخدام الوسائل الإلكترونية لدى صغار السن حيث يكثر عرض الأفلام الإباحية عبر شبكة الإنترنت فلا مناص من تطبيق القواعد العامة التى تجيز إبطال العقود التى يبرمها هؤلاء دون علم أولياء أمورهم إعمالاً لنص المادة 119 مدنى وفى جميع الأحوال فإن حل هذه 

المشكلة لايكون إلا من خلال استخدام تقنيات فنية متطورة أو شفرة سرية وهو أمر يحتاج إلى خبراء متخصصين فى مجال الكمبيوتر والإنترنت .
وكما هو الشأن فى العقد التقليدى يجب أن يكون هناك محل وسبب للعقد الإلكترونى  ومن المعلوم أنه طبقاً للقواعد العامة يجب أن يكون محل التعاقد معيناً أو قابلاً للتعيين(1) ويتم تعيينه بطريقتين إحداهما مباشرة يعين بها المحل تعييناً كاملاً ، وذلك بأن يتم تعيين الأعمال التى يلتزم بها طرفاه أحدهما أو كلاهما  وتعيين ما قد ترد عليه هذه الأعمال من أشياء والأخرى غير مباشرة يصبح المحل فيها قابلاً للتعيين فى وقت لاحق على العقد(2) ويكون عن طريق بيان الأسس التى تمكن من تعيينه مباشرة بعد ذلك إما بذاته وإما بنوعه ومقداره . 
وإذا كان محل الالتزام نقوداً التزم المدين بأداء المقدار المتفق عليه من النقود(3)  وإذا كان سلعة أو خدمة التزم المدين ببيان وصف المنتج أو الخدمة وصفاً كافياً .
ويكون المحل فى العقد الإلكترونى معيناً عن طريق وصف المنتج أو الخدمة وصفاً مانعاً من الجهالة على شاشة الكمبيوتر عبر شبكة الإنترنت سواء من خلال صفحات الويب أو الكتالوج الإلكترونى . 
وإذا كان محل الالتزام نقوداً يلتزم المدين بالسداد سواء الطريق التقليدى أو باستخدام طرق الوفاء الإلكترونى عن طريق بطاقات الائتمان أو النقود الإلكترونية والرقمية . والمقصود بالمعاينة هو الإطلاع على المبيع إطلاعاً يمكن من معرفة 

حقيقته وفقاً لطبيعته وذلك بالطرق التى يمكن أن يتحقق بها العلم الكافى لدى المستهلك بحقيقة المبيع والمعاينة التى يتحقق بها العلم الكافى لدى المشترى بحقيقة المبيع وهى التى تحصل عند إبرام العقد بحيث يرد العقد على المبيع وهو معلوم للمشترى علماً كافياً(1).
وطبقاً لنص المادة (419) مدنى يعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً شافياً ، وبتطبيق ذلك على التعاقد الإلكترونى يتضح أن وصف السلعة المعروضة على موقع الويب أو من خلال الكتالوج الإلكترونى أو عبر رسائل البريد الإلكترونى أو أى وسيلة إلكترونية أخرى  يعتبر وصفاً كافياً إذا تم بطريقة تمكن المستهلك من إدراك حقيقتها ، والوقوف على مدى ملاءمتها للغرض من التعاقد  فيصدر رضاء المستهلك عن بينة من أمره . 
وقد قررت المادة السابقة جزاء لمخالفتها وذلك بتقرير الحق للمشترى فى طلب إبطال البيع عند عدم تحقق العلم الكافى لديه بحقيقة المبيع ، ويعتبر المشترى قد علم بالمبيع إذا أقر فى العقد بعلمه به ، ويترتب على هذا الإقرار سقوط حقه فى طلب الإبطال بدعوى عدم العلم بالمبيع . 
ومما سبق يتضح كفاية وصف المنتج أو الخدمة لإبرام التعاقد الإلكترونى على أن يكون هذا الوصف واضحاً ومفصلاً ودقيقاً وكاملاً بما يحقق الإعلام الكافى والجدى والموضوعى عن المنتجات والخدمات . ونجد أن غالبية القوانين الوطنية المنظمة للمعاملات الإلكترونية ومنها قانون الاستهلاك الفرنسى إذ يقضى نص المادة (111) أنه على التاجر الإلكترونى أن يحدد الخصائص العامة الضرورية للمنتج أو 

الخدمة وعلى وجه الخصوص الخصائص الكيفية والكمية والمدة التى ستعرض فيها قطع الغيار فى السوق والسعر بالعملة الفرنسية أو مايعادلها بالعملة الأوربية الموحدة شاملاً الضرائب ورسوم التسليم وميعاده(1) .
بينما اشترط قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسى لسنة 2000 فى المادة 25 منه وجوب إلزام البائع فى المعاملات التجارية الإلكترونية بأن يوفر للمستهلك بطريقة مفهومة وواضحة قبل إبرام العقد  المعلومات الشخصية للبائع وطبيعة سعر المنتج والضمانات المقدمة وخدمة ما بعد البيع وطرق الدفع . ويلاحظ أن مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى اشترط تعيين المحل فى العقد الإلكترونى حيث نص على أنه يتعين عند الإعلان إلكترونياً عن سلعة أو خدمة إيراد البيانات الأساسية التى تحددها اللائحة التنفيذية للقانون . 
ويجب أن يكون السبب الدافع للتعاقد مشروعاً أو ممكناً ونرى أنه ليس هناك أى وجه للخصوصية بشأن هذا الشرط فيما يتعلق بالعقد الإلكترونى إذ يجب أن يكون محل العقد الإلكترونى مشروعاً فلا يكون مخالفاً للقانون أو للنظام العام والآداب وإلا كان العقد باطلاً(2) .
ومن الجدير بالذكر أن المشروعية فى المحل أمر نسبى من دولة إلى أخرى فمثلاً تجارة المخدرات فى مصر محرمة نهائياً بينما فى الدول الاسكندنافية مصرح بها فى حدود الاستعمال الشخصى فقط ، بل أن المشروعية قد تختلف داخل البلد الواحد فمثلاً نجد داخل الولايات المتحدة الأمريكية أن العاب القمار عبر الإنترنت مسموح بها فى ولاية فيجاس بينما هى مؤثمة قانوناً فى ولاية نيويورك وهو ما يستفاد منه 

أن الأصل حرية التعاقد الإلكترونى على كافة المنتجات والخدمات مالم يحظر القانون ذلك . 
ولحل هذه المشكلة غالباً ما يقصر مقدم العرض عرضه المقدم عبر شبكة الإنترنت على منطقة جغرافية محددة فقط ، أو داخل حدود دولة واحدة فقط ، وذلك كأن يعرض تاجر بيع منتج أو خدمة بثمن معين على الإنترنت ويقصر عرضه على العملاء المتواجدين بدولته فقط أو داخل حدود الولاية التى ينتمى إليها وذلك حتى يتفادى البيع لشخص متواجد فى دولة أو ولاية أخرى ، أو للتعامل مع لغة أو لغات محددة خصوصاً وأن هناك بعض القوانين الوطنية تشترط أن يكون التعامل عبر الإنترنت باللغة المحلية كالقانون الفرنسى أو ليتجنب التعامل مع مستهلكين غير معروفين لديه .
وهذا أمر أجازه العقد النموذجى الفرنسى للتجارة الإلكترونية ومن ثم فإن الموجب لن يلتزم بإبرام عقود أو تسليم منتجات أو خدات خارج النطاق الإقليمى الذى حدده سلفاً . 
وعلاوة على ذلك توجد بعض النصوص الخاصة التى تقيد من بيع بعض الأموال أو الإعلان عنها ، ومن ذلك القيود التى يفرضها القانون المصرى على تجارة الأدوية وفقاً لنص المادة 70 من القانون المصرى رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة والتى تتمثل بصفة أساسية فى عدم تداولها إلا عن طريق الصيدليات المرخص لها بذلك ، كما تحظر المادة 589 من تقنين الصحة العامة الفرنسى على الصيادلة مباشرة تجارة أو توزيع الأدوية فى الموطن إلا بناء على طلب مباشر يتلقونه من المشترى . وأيضاً المادة 512 من ذات التقنين تخص الصيادلة دون غيرهم بتحضير وبيع عدد معين من المنتجات . وهكذا يبدو أنه توجد 

بعض القيود القوية على التجارة الإلكترونية فى المنتجات الدوائية ، فيمكننا القول بأن عرض المنتجات الدوائية فى مواقع تجارية على شبكة الإنترنت بحيث يمكن للمستهلك شراءها بأمر يصدره من موطنه يدخل فى مدلول تجارة أو توزيع الأدوية فى الموطن وهو ما لا يجوز .
ثانياً : صور التعبير الإلكترونى عن الإرادة
تتعدد طرق التعبيرعن الإرادة فى التعاقد الإلكترونى فقد يتم التعبيرعن الإرادة إلكترونياً عن طريق البريد الإلكترونى أو عن طريق موقع الإنترنت أو عن طريق المحادثة أو ما يسمى بنظام التخاطب عبر الإنترنت أو بطريق التنزيل عن بعد ونستعرضها على النحو التالى :
1 - التعبيرعن الإرادة عبر البريد الإلكترونى 
يعد البريد الإلكترونى الأكثر شيوعاً واستخداماً بين المتعاقدين ، ورغم التشابه بين البريد الإلكترونى مع البريد العادى فى أنه يتضمن عنواناً محدداً مع الاستعانة بطرف ثالث يكون وسيطاً لإرسال الرسالة ممثلاً فى مقدم الخدمة أو هيئة البريد فى البريد العادى ، إلا أنه يتميز عن البريد العادى بالسرعة العالية والكفاءة والدقة المتناهية فى التواصل عبر الإنترنت .
ويعد البريد الإلكترونى من أهم فوائد شبكة الإنترنت حيث يتم عن طريقه تبادل الرسائل بين الأطراف فى أى مكان فى العالم بطريقة إلكترونية وفى فترة زمنية قد تتراوح بين عدة ثوان وعدة ساعات (وفقاً للطريق الذى تسلكه الرسائل وما إذا كان هذا الطريق مزدحماً برسائل أخرى أو مقطوعاً لسبب أو لآخر) . ويتميز نظام البريد الإلكترونى بالتكلفة المنخفضة مقارنة بالوسائل الأخرى مثل الفاكس والتلكس حيث يتم تبادل الرسائل بتكلفة المكالمات المحلية بدلاً من المكالمات الدولية وأيضاً 

إمكانية استخدامه بين أى نوع من أجهزة الكمبيوتر ويمكن من خلاله نقل وإرسال كافة الأوراق والمستندات والعقود ، وتتم المراسلات بين المتعامين سواء لإجراء التفاوض أو لإبرام التعاقد ، وتجرى عملية التعاقد عبر البريد الإلكترونى بوصول المستندات الإلكترونية بسرعة فائقة بالمقارنة بالوسائل التقليدية كما يمكن من خلاله عقد مؤتمرات عن بعد وأيضاً إمكانية تكرار إرسال الرسالة الواحدة إلى عدة أماكن فى العالم فى نفس الوقت . ولكى تتم عملية إرسال البريد الإلكترونى إلى أحد الأشخاص فلابد من معرفة عنوانه الذى يتكون من ثلاثة أجزاء الأول هو اسم المستخدم ، أى الشخص صاحب الصندوق البريدى ، والذي قد يكون عبارة عن الاسم الحقيقي للمستخدم أو اسمه المستعار ، وهذا الجزء هو الذي يميز المستخدم عن غيره من المستخدمين لدي مقدم خدمة البريد الإلكترونى ، ويتبعه علامة @  أما الجزء الواقع علي يمين الرمز @ فيشير دائماً إلي مقدم الخدمة وهذا القسم يتكون من اسم المضيف واسم الدومين ، وقد يوجد بعد اسم الدومين اسم النطاق الأعلي وهو يشير إلي نوع نشاط الدومين ، فالرمز com يدل علي النشاط الخاص بالشركات التجارية ، والرمز edu يرمز للجامعات ، أما gov فيشير إلي الهيئات الحكومية ، ويدل الرمز org علي المنظمات العالمية(1) . 
ويستطيع الشخص بمجرد تملك عنوان بريد إلكتروني تبادل الرسائل الإلكترونية مع الآخرين فى ثوان معدودة ، كما يستطيع إلحاق ملفات ووثائق بتلك الرسالة Attachment  وارسالها إلي أي مكان في أرجاء المعمورة واستقبال مثلها.  كما يستطيع صاحب البريد الإلكترونى أيضاً القيام بالعديد من التصرفات القانونية  

وإبرام العقود الإلكترونية ، والرد علي المخاطبات الإدارية ، وكذلك إتمام بعض الإجراءات القضائية.  وترسل الرسالة ابتداءً إلى شخص واحد أو اكثر وربما إلى عشرات الأشخاص في نفس الوقت كما أن المرسل إليه يمكنه إعادتها إلى المصدر أو ارسالها إلى جهات أخرى بذات محتواها أو مضافاً إليها ملاحظاته . ورسالة البريد الإلكتروني في شكلها الاعتيادى تتضمن بيان الشخص المرسل والمرسل إليه وتاريخ تصدير الرسالة وحجمها مقاساً بوحدات التخزين بالميجا بايت أو الجيجا بايت ، وموضوعها . ولا يشترط أن يتم إرسال رسالة البريد الإلكتروني من كمبيوتر المرسل الخاص به أو باستخدام اشتراكه الخاص لخدمة البريد الالكتروني بمعنى أنها قد ترسل من أي جهاز إلى أي خادم وبأى اشتراك ، كما يمكن أن يضمنها المرسل اسمه الحقيقي أو أى اسم مستعار أو اسم لشخص آخر أو يستخدم عنوان البريد الإلكتروني لشخص آخر فيرسل الرسالة باسمه ، وهي في صورها الأولية رسالة غير موقعة ، لكن التطور التقني أوجد العديد من وسائل توقيعها وربطها بشخص مرسلها ومن ذلك استخدام التوقيع الإلكتروني في نسبة الرسائل إلي مصدرها .
فالبريد الإلكترونى هو المكافئ للبريد العادى ، وبالتالى تطبق القواعد الخاصة بالبريد العادى لأنه عندما تضع الرسالة العادية داخل صندوق البريد فإنك بذلك تفقد السيطرة عليها ولاتسطيع استردادها ، وكذلك الحال بالنسبة للبريد الإلكترونى .
وأهم ما يستطيع نظام البريد الإلكترونى تقديمه هو عملية التواصل بين طرفين يفصل بينهما آلاف الكيلومترات دون أن يتحقق لهم الوجود المادى والفعلى . 
ويتم عمل البريد الإلكترونى من خلال  عملية الارسال بأن يدخل المستخدم إلى موقع البريد الإلكتروني ويصدر أمراً بإنشاء رسالة جديدة وذلك بالضغط علي 

الأيقونة compose ، ويقوم بكتابة عنوانه الخاص به وعنوان المرسل إليه وموضوع الرسالة وقد يلحق بالرسالة attachment أحد الملفات الصوتية أو الموسيقية أو أحد البرامج أو غيرها والمخزنة مسبقاً في جهاز الكمبيوتر الخاص به  ثم يضغط علي زر أيقونة ارسال send ، وما هي إلا عدة ثوان معدودة وتنتقل الرسالة إلى نظام الشركة التى يتبعها المرسل إليه أى مقدم الخدمة ، وعند وصول الرسالة الإلكترونية إلي نظام المعلومات الخاص بالشركة أى الخادم فإننا نكون أمام فرضين ، الفرض الأول أن يكون الشخص المرسل إليه متصل بالخادم في ذات التوقيت on line عبر شبكة الإنترنت ، وفي هذه الحالة تنقل الرسالة الإلكترونية فوراً إلى المستخدم المعني المحدد في العنوان حيث يكون المرسل إليه قادراً على استرجاع محتوى صندوقه من الرسائل واستعراض الرسالة المرسلة إليه وقراءتها وتخزينها في نظامه إن أراد أو إلغائها أو طباعتها على الورق أو غير ذلك وهو ما يطلق عليه الـ Downloading ، أما الفرض الثاني وهو أن يكون الشخص المرسل إليه غير متصل بشبكة الإنترنت off line أو كان جهاز الكمبيوتر الخاص به مغلقاً ، فتظل الرسالة الإلكترونية متواجدة لدى مقدم الخدمة إلي أن يتصل المرسل إليه بصندوق بريده الإلكترونى عبر الخادم ويطلب جلب الرسائل المرسلة إليه من نظام الشركة التي يتبعها أو من النظام الذى يخدمه أو يرتبط به حيث تصله الرسالة المرسلة ضمن قائمة يظهر فيها اسم المرسل والموضوع وتاريخ الرسالة وحجمها ويمكن للمرسل إليه فتح الرسالة وقراءتها وطباعتها على الورق إن شاء أو حفظها في ملف معين أو إلغائها بعد قراءتها . 
وتتم عملية التعبير عن الإرادة من خلال البريد الإلكترونى عندما يقوم الشخص الذى يرغب فى إرسال رسالة بيانات بكتابة عنوان المرسل إليه على الشبكة ثم 

يضغط على مفتاح الإرسال الموجود فى البرنامج وحينئذ يقوم برنامج البريد الإلكترونى الخاص به بإرسال الرسالة إلى الخادم وعندما يتصل المرسل إليه بالخادم يقوم الأخير بتوصيل الرسالة إلى جهازه حيث تختزن فى صندوق بريد المرسل إليه والذى يسمى الوارد inbox ويستطيع هذا الأخير عند فتحه قراءة الرسائل التى وصلت إليه والرد عليها عن طريق زر الرد على الرسالة عن طريق Reply . 
ووسيلة التعبير عن الإرادة عبر البريد الإلكترونى هى الكتابة بشكلها المعتاد ويتم تحقيقها بواسطة القلم  وكما كان القلم اختراعاً عظيماً فى زمن تاريخى معين ، فإن الكمبيوتر لايزيد عن اعتباره آلة طابعة بشكل حديث يتم نقر الأصابع عليها بدلاً من الإمساك بالقلم(1) كل ما هناك أن التعبير عن الكتابة بطريقة الكمبيوتر كتابة من نوع خاص ليست كتابة على دعائم ورقية وإنما باستخدام دعائم إلكترونية . ولما كان أغلب المتعاقدين عبر البريد الإلكترونى ينتمون لدول ومناطق مختلفة لذا كان لابد من اعتماد نظام زمنى موحد لتجنب احتمال أى لبس أو غموض حول وقت وزمان إبرام العقد الإلكترونى ولذلك تم اعتماد نظام يسمى النظام العالمى الزمنى – وهو ما يطلق عليه توقيت جرينتش ويرمز له اختصاراً GMT(2) .
 2 - التعبيرعن الإرادة عبر الموقع web site(3) 
تعمد كثير من الشركات إلى عرض سلعها وخدماتها على شبكة المواقع web وتقوم بتصوير السلعة بطريقة ثلاثية الأبعاد مع تسجيل سعرها ومواصفاتها ويكون ذلك في الموقع الخاص بالشركة ، ويرجع تصميم الـ web إلى عام 1989 على يد 

عالم الكمبيوتر تيم برنز فى معهد سيرن للعلوم الفيزيقية بالسويد وأصبح حقيقة واقعة عام 1993(1) . فالموقع وسيلة تستخدم كمرشد أو دليل فى فضاء الإنترنت بحيث تجد المكان الذى تريد الوصول إليه ، ويمكن عن طريقه التجول بين المحطات المختلفة للإنترنت للحصول على الصور والمعلومات والبرامج عن كل ما يخطر لك على بال والتسوق من خلال كبرى الشركات العالمية ، ومن أشهر البرامج التى تستخدم للتعامل مع المواقع برنامج Netscape أو برنامج Internet explorer ويتم البحث فى الـ web باستخدام محركات البحث أو ما يطلق عليه الـ Search Engine وهى مجموعات عمل تساعد فى البحث ومن أشهرها Yahoo.com وHotbot.com و Lycos و Altavista و Excite ... الخ   ومن أهم مزايا موقع الويب أنه يعمل طوال الأربع وعشرين ساعة يومياً وبلا أى توقف يذكر فاستخدام موقع على الإنترنت يعنى استمرارية هذا الموقع على مدار الساعة والأيام ويتألف الموقع من مجموعة من الصفحات وصفحة رئيسية يطلق عليها الـ Home Page . ويصل المستخدم إلى السلعة المطلوبة على موقع الإنترنت ويضغط على الأيقونة ليجد نفسه أمام العقد النموذجى الإلكترونى متضمناً الشروط والبنود العقدية والعديد من العادات الجارية ، وتوجد عقود نموذجية نمطية يتم إبرامها بين الموردين والمستخدمين تتناول العديد من المسائل الفنية والقانونية التى يجب احترامها بين الطرفين ، ومن أمثلة تلك العقود ، العقود التى أعدتها هيئات مختلفة مثل قواعد السلوك الموحد لتبادل البيانات التجارية باستخدام الإرسال الإلكترونى ، والاتفاق النموذجى الأوروبى للتبادل الإلكترونى للبيانات .


فالعقد النموذجى الذى يظهر على الشاشة يقترب إلى حد بعيد الشبه بالاستمارات المرفقة بإشهار لسلعة معينة على صفحات الجرائد موضحاً به ثمن السلعة أو الخدمة ونوعها ومقدارها ووسيلة الدفع وأجل استعمال حق العدول والكيفية التى يتم بها تسليم المبيع أو تقديم الخدمة . 
والتعبير الإلكترونى عن الإرادة عبر مواقع الويب قد يعبر عنه بالكتابة أو بالنقر على زر الموافقة ، فقد يتم التعبير عن الإرادة عن طريق الضغط على زر الموافقة الموجود فى لوحة المفاتيح المتصلة بالكمبيوتر الشخصى أو بالضغط بالمؤشر – الفأرة – فى الخانة المخصصة لذلك فى صفحة الويب .
وتسمى هذه الطريقة ok-box وتستخدم من أجل التعاقد سواء بشأن المنتجات أو الخدمات الموجودة على صفحة الويب حيث يختار المستهلك السلعة الذى يرغب فى شرائها ويضغط على أيقونة الموافقة فيظهر أمامه صفحة أخرى تتضمن العقد النموذجى المحتوى لشروط وبنود التعاقد(1) الذى لايستطيع مناقشته أو التفاوض بشأنه  فإذا أراد المستهلك إتمام التعاقد يقوم بالضغط على أيقونة القبول أو كتابة عبارة تفيد الموافقة باستخدام لوحة المفاتيح . 
ويلاحظ أن مجرد الضغط بالموافقة على العلامة الخاصة بذلك – الأيقونة – أو ملامسة مؤشر القبول الماوس لايعنى القبول حتماً ، إذ قد يحدث ذلك نتيجة خطأ غير مقصود من القابل ولذلك نجد أن معظم الشركات التجارية تزود صفحات الويب ببرنامج معلوماتى يعبر عن الرغبة الجادة فى إبرام التعاقد كأن يشترط الضغط مرتين على زر الموافقة الموجود فى لوحة المفاتيح أو بث رسالة إلكترونية 

تفيد القبول والرغبة فى إتمام التعاقد . ويمكن أن يعبر عن الإرادة أيضاً باستخدام بعض الإشارات والرموز التى أصبحت متعارفاً بين مستخدمى شبكة الإنترنت  فهناك مثلاً إشارة وجه مبتسم تدل على الموافقة ووجه غاضب تدل على الرفض . ويرى البعض(1) أن هذه الإشارات لاتخرج عن معناها التقليدى سوى أن الإشارة الجديدة هى إشارة صادرة عن جهاز كمبيوتر ولكنها تعبر عن إرادة الموجب إليه وليس عن إرادة الكمبيوتر .
3 - التعبيرعن الإرادة عن طريق المحادثة Internet Relay Chat 
توجد برامج تتيح للشخص تبادل الحديث صوتياً مع الطرف الآخر بشكل مباشر سواءً كان طرفاً أو أكثر كما يوجد أيضاً برنامج يمكن من خلاله إرسال صور فيديو للتعبير عن الحركة حيث يستطيع مستخدم الإنترنت عبر برنامج المحادثة IRC التحدث مع شخص آخر فى وقت واحد عن طريق الكتابة بالطبع  ويشترط لتشغيل نظام المحادثة أن يكون الطرفان متصلين بأحد أجهزة خدمة IRC ويقوم هذا البرنامج بتقسيم الصفحة الرئيسية إلى جزئين حيث يقوم أحد الأطراف بكتابة أفكاره على شاشة جهازه الشخصى فى الجزء الأول وسيرى فى الوقت نفسه مايكتبه الطرف الآخر على الجزء الثانى من صفحة البرنامج  وتوفر هذه الوسيلة التعاصر الزمنى لتبادل الأفكار بين الطرفين ، كما تعتبر وسيلة فعالة لعقد المؤتمرات بين عدة أشخاص فى دول مختلفة وفى نفس الوقت . 
وقد تستخدم فى بعض الأحيان كاميرا رقمية إضافية تسمح بأن يشاهد كل متعاقد الطرف الآخر ، فيصبح التعاقد عن طريق المحادثة والمشاهدة معاً .


ونلاحظ أن التعبير عن الإرادة يمكن أن يكون باللفظ أو الكتابة أو بالإشارة حيث يرى ويسمع المتعاقدان كل منهما الآخر .
4 - التعبيرعن الإرادة عبر التنزيل عن بعد  Downloading
 ويقصد بمصطلح التنزيل(1) عن بعد نقل أو استقبال أو تنزيل أحد الرسائل أو البرامج أو البيانات عبر الإنترنت إلى الكمبيوتر الخاص بالعميل كتصميم هندسى أو موسيقى ، وهو ما يسمى فى التجارة الإلكترونية بالتسليم المعنوى حيث يمكن إبرام العقد وتنفيذه على الخط دون حاجة إلى اللجوء للعالم الخارجى وهو عكس مصطلح Upload الذى يقصد به التحميل عن بعد وهى عملية إرسال ملف أو برنامج إلى جهاز كمبيوتر آخر .
والتعبير الإلكترونى عن الإرادة بواسطة التنزيل عن بعد قد يعبر عنه بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقة المقصود ، مثال ذلك أن يعرض الموجب على الموجب إليه بيع نسخة من فيلم سينمائى أو قطعة موسيقية فيقوم الموجب إليه بتسجيل رقم بطاقته الائتمانية الخاصة به فى الخانة المخصصة لذلك على الشاشة فيتم خصم قيمة المبيع من رصيده فوراً عن طريق التحويل الإلكترونى للأموال ويقوم الموجب بنقل المبيع إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بالموجب إليه عبر الإنترنت .



5 -  التعبير عن الإرادة عبر الوكيل الإلكترونى

أدى التطور الهائل فى ثورة الاتصالات والمعلومات إلى ظهور الوسيط الإلكترنى المؤتمت فى المعاملات الإلكترونية ، حيث أصبح من الجائز إبرام العقد الإلكترونى فيما بين إنسان وماكينة أو بين ماكينة وأخرى وهذا ما حدث فعلا ، ونتيجة لذلك تدخل المشرع الوطنى فى مختلف دول العالم وبخاصة الدول التى أصدرت قانوناً ينظم المعاملات والمبادلات الإلكترونية بتضمين القانون المنظم لعقود التجارة الإلكترونية نصوصاً تعرف ماهية الوكيل الإلكترونى ، وتبين خصائصه وحدود تعاملاته ونسبة هذه المعاملات إلى الشخص الطبيعى مبرمج جهاز الكمبيوتر .
وتختلف وسائل التعاقد الإلكترونى بحسب درجة استخدام الكمبيوتر فى التعاقد وعما إذا كان التعاقد بالكامل بواسطة الكمبيوتر ، أم يوجد فى جزء منه عنصر آدمى  وكلما زادت درجة استخدام الكمبيوتر فى هذا المجال فإننا نتحرك بعيداً عن القواعد التقليدية ونجد أنفسنا أمام قواعد خاصة بالتعاقد الإلكترونى .
فإذا كان العقد فى مفهومه التقليدى يبرم بين إنسان وإنسان آخر ، فإن الأمر يختلف فى نطاق العقود الإلكترونية ، لأن هناك تعاقدات ومعاملات تجارية إلكترونية قد تتم بدون تدخل أى عنصر بشرى حيث يجرى حالياً وبشكل متزايد استخدام الوكيل الإلكترونى فى عقود التجارة الإلكترونية أو التى تسمى أحياناً التعاقد بواسطة نظام 






الحاسوب المؤتمتة أو الوسائط الإلكترونية المؤتمتة(1) ، كما أطلق عليها قانون دبى للمعاملات التجارية الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 .
ووفقاً لهذا النظام يستطيع جهاز الكمبيوتر أن يبرم عقداً مع إنسان أو مع جهاز كمبيوتر آخر، فالكمبيوتر يصلح أن يكون وكيلاً إلكترونياً يبرم العقود سواء مع كمبيوتر آخر أو مع إنسان ، وقد نصت المادة (11/1) من القانون البحرينى للمعاملات الإلكترونية على أنه " يجوز صياغة عقد عن طريق تواصل ما بين وكيل إلكترونى وشخص ما أو من خلال تفاعل وكلاء إلكترونيين " وهو ما يعنى أن الإيجاب والقبول يحدثان بصورة أوتوماتيكية وتلقائية اعتماداً على عناصر ومعلومات مبرمجة بين أجهزة الكمبيوتر تنقل من خلال شبكة الإنترنت .
فإذا أراد شخص ما شراء تذكرة طيران لإحدى شركات الطيران عن طريق موقعها على شبكة الإنترنت فيستطيع أن يقوم بالبحث عن مواعيد الرحلات وثمن التذكرة ويقوم بحجز مقعد فى الطائرة المراد السفر بواسطتها وذلك بعد أن يقوم بدفع قيمة التذكرة عن طريق إحدى وسائل الدفع الإلكترونية أو بواسطة بطاقات الائتمان ثم يذهب إلى مكتب الشركة المتعاقد معها فى المطار ويتسلم التذكرة ، فى هذه الحالة تنشأ علاقة تعاقدية بين الشخص الطبيعى والوكيل الإلكترونى ، ويقوم التزام على المشترى بسداد ثمن التذكرة ويقع التزام على البائع الذى هو صاحب النظام الإلكترونى المؤتمت بتسليم التذكرة .


وقد عرف قانون إمارة دبى للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 الوسيط الإلكترونى المؤتمت بأنه
" برنامج أو نظام إلكترونى لحاسب آلى يمكن أن يتصرف أو يستجيب لتصرف بشكل مستقل كلياً أو جزئياً دون إشراف أى شخص طبيعى فى الوقت الذى يتم فيه التصرف أو الاستجابة له " .
كما عرف هذا القانون المعاملات الإلكترونية المؤتمتة بأنها " معاملات يتم إبرامها أو تنفيذها بشكل كلى أو جزئى بواسطة وسائل أو سجلات إلكترونية ، والتى لا تكون فيها هذه الأعمال أو السجلات خاضعة لأية متابعة أو مراجعة من قبل أى شخص طبيعى ، كما فى السياق العادى لإنشاء وتنفيذ العقود والمعاملات " . 
يتبين من ذلك جواز إبرام التعاقد الإلكترونى ما بين شخص طبيعى ووكيل إلكترونى ممثلاً فى جهاز كمبيوتر مبرمج مسبقاً أو أحد مواقع الويب على الشبكة ، أو ما بين جهاز كمبيوتر وآخر .
ويتم التعاقد عن طريق الوكيل الإلكترونى أو التعاقد عن طريق الوسائط الإلكترونية المؤتمتة بثلاث طرق  الأولى يتم التعاقد بين وسيط إلكترونى مؤتمت وبين شخص طبيعى وذلك بالأصالة عن نفسه أو كونه الممثل القانونى لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة وهذا الشكل من أشكال التعاقد يجب لإتمامه أن يكون الشخص الطبيعى على علم أو من المفترض أن يعلم أن الوكيل الإلكترونى هو الذى سيتولى إبرام العقد معه . والثانية  فإن العقد الإلكترونى يبرم وينفذ بالكامل بواسطة جهاز كمبيوتر دون تدخل عنصر بشرى  ولكن الصفة التجارية تحدث من خلال مظلة من علاقات تجارية سابقة متفق عليها مسبقاً بين الأطراف المتعاقدة . والثالثة حيث يتم التعاقد الإلكترونى فى هذه الحالة دون تدخل أى عنصر بشرى وبدون وجود أى 

اتفاق سابق بين أطراف التعاقد ، وفى هذا الشكل من التعاقد يقوم جهاز كمبيوتر بإبرام عقد مع جهاز كمبيوتر آخر ودون أى تدخل من الشخص الذى ينتمى إليه الكمبيوتر .
وقد عرفت المادة (699) من القانون المدنى المصرى عقد الوكالة بقولها " الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل " . مع ملاحظة أن لفظ الوكيل قد جاء عاماً غير محدد ومن ثم يجوز أن يكون الوكيل شخصاً طبيعياً أو وكيلاً إلكترونياً . وتشير المادة (669) إلى أن الوكيل العادى يلتزم بأن يقوم بعمل قانونى ، فيصح التوكيل فى البيع والشراء والإيجار والرهن ، وهذا ينطبق على الوكيل الإلكترونى أيضاً فيصح له أن يبرم مثل هذه العقود وسائر العقود الأخرى . أما قانون التجارة المصرى رقم 17 لسنة 1999 فقد جاء خالياً من ثمة تعريف للوكيل التجارى ، ولكنه نظم أعمال الوكالة التجارية وأنواعها فى المواد من 148 وحتى 191 .
وإذا كانت الوكالة قد تكون صريحة أو ضمنية بالنسبة للوكيل العادى ، فإنها بالنسبة للوكيل الإلكترونى فلا يمكن تصورها إلا أن تكون وكالة صريحة ، حيث أن الوكيل الإلكترونى ما هو إلا كمبيوتر مبرمج مسبقاً . وقد أجاز القانون الأمريكى الموحد للمعاملات الإلكترونية إمكانية إبرام العقد الإلكترونى بواسطة الوكلاء الإلكترونيين حيث تنص على " عمليات الوكلاء الإلكترونيين التى تتمشى مع وجود عقد أو تكشف عن اتفاق يمكن أن تكون عقداً حتى ولو لم يتدخل عنصر بشرى فى إتمام المعاملات أو مراجعتها "(1) . وقد أجاز قانون إمارة دبى للمعاملات الإلكترونية 

التعاقد بواسطة الوكيل الإلكترونى حيث نص فى المادة (14/1) على أنه " يجوز أن يتم التعاقد بين وسائط إلكترونية مؤتمتة متضمنة معلومات إلكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقاً للقيام بمثل هذه المهمات ، ويتم التعاقد صحيحاً ونافذاً ومنتجاً آثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصى أو المباشر لأى شخص طبيعى فى عملية إبرام العقد فى هذه الأنظمة " . ونص فى الفقرة الثانية من نفس المادة على " أنه يجوز أن يتم التعاقد بين نظام معلومات إلكترونى مؤتمت يعود إلى شخص طبيعى إذا كان الأخير يعلم أو من من المفترض أن يعلم أن ذلك النظام سيتولى مهمة إبرام العقد أو تنفيذه " .
وأيضاً نجد مشروع الاتفاقية بشأن العقود الدولية المبرمة أو المثبتة برسائل بيانات والمعد من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى (الأونسيترال) قد جاء فى نفس المعنى حيث نص فى المادة (12/1) على أنه " ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك يجوز تكوين العقد بتحاور بين نظام حاسوبى مؤتمت وشخص طبيعى أو بين حاسوبين مؤتمتين حتى وإن لم يستعرض أى شخص طبيعى كلاً من التدابير الفردية التى تنفذها مثل هذه النظم أو الاتفاق الناتج عنهما " .
ويترتب على المعاملات الإلكترونية التى تتم بواسطة الوكيل الإلكترونى كافة الآثار القانونية المترتبة على العقد الذى يبرمه الأفراد بالطرق التقليدية ، ومن ثم تنصرف آثار العقد إلى الموكل فيكون طرفا العقد الإلكترونى هما الموكل ومن تعاقد معه الوكيل الإلكترونى ، بحيث يكون الموكل هو صاحب الحقوق الناشئة عنه والمدين بما يولده من التزامات ، وهو ما قرره المشرع فى المادة (105) من التقنين المدنى 



المصرى بقوله " إذا أبرم النائب فى حدود نيابته عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات يضاف إلى الأصيل "(1) .
وأوضحت نصوص القانون الأمريكى للمعاملات التجارية الإلكترونية التى تنظم تعاملات الوكيل الإلكترونى أن الأطراف الداخلة فى أى اتفاق يكونون ملتزمين ومسئولين عن الأعمال التى يقوم بها الوكيل الإلكترونى الذى يكون تحت سيطرتهم  ولا يستطيعون إنكار هذه المسئولية بحجة أن هذا النظام الإلكترونى يعمل بدون توجيه من عنصر بشرى ، فبرنامج الكمبيوتر ما هو إلا أداة فى يد الشخص الذى يقوم باستعماله ويخضع له وإذا حدث خطأ أو غلط عند التعاقد فإن المسئول عنه هو الشخص الذى يملكه طالما ليس للأداة إرادة مستقلة عن إرادته . ويستطيع الموكل التنصل من هذه المسئولية إذا أثبت أن الوكيل الإلكترونى لا يعمل تحت سيطرته أو أن الخطأ لا يرجع إلى الوكيل الإلكترونى وإنما إلى سبب أجنبى ، وإذا كانت إرادة الوكيل الإلكترونى تحل محل إرادة الموكل فى التعاقد ، إلا أن آثار التصرف من حقوق والتزامات تنصرف مع ذلك للموكل مباشرة لأن الوكيل الإلكترونى لا ينشئ إرادته وسلطاته بنفسه وإنما الذى ينشئ تلك الإرادة هو الموكل . 
فإذا ارتكب الوكيل الإلكترونى خطأً أو غلطاً نتيجة عيب فى برمجة الكمبيوتر مما دفع الغير إلى التعاقد معه ، جاز للغير أن يطالب بإبطال العقد ويرفع دعوى الإبطال على الموكل باعتباره الطرف الأصيل فى العقد ، كما يجوز للغير أن يرجع على الموكل بالتعويض ، ولا يكون أمام الموكل إلا أن يرجع على مصمم برنامج الكمبيوتر باعتباره المسئول عن الخطأ فى برمجة الكمبيوتر .  

ولا تتحقق مسئولية الموكل إلا بتحقق مسئولية الوكيل الإلكترونى ، فإذ تبين أن الضرر الذى لحق الغير لم يكن راجعاً إلى خطأ الوكيل الإلكترونى بل يرجع لسبب أجنبى لم يجز للغير الرجوع على الموكل .
وقد اقترحت لجنة المؤتمر القومى لمفوضى قانون الولايات الموحد التى قامت بإعداد وصياغة مشروع هذا القانون أن تستخدم مصطلح الجهاز الإلكترونى Electronic Device بدلاً من مصطلح الوكيل الإلكترونى(1) ، وذلك حتى يتفادى الموكل ثمة مسئولية قانونية قد يتعرض لها فى حالة وجود خطأ من جانب الكمبيوتر ، فإذا اعتبر الكمبيوتر المبرمج مسبقاً مجرد جهاز إلكترونى فيكون الموكل غير مسئول نهائيأ عن أية أخطاء يرتكبها جهاز الكمبيوتر ، أما إذا اعتبر الكمبيوتر المبرمج مسبقاً وكيلاً إلكترونياً فسوف يسأل الموكل مسئولية قانونية كاملة عن أخطاء هذا الوكيل(2) .  
وإزاء احتمال وجود أخطاء فى التعاقد مع الوكيل الإلكترونى فقد الزم التوجيه الأوروبى الصادر فى 8 يونيه 2000 والمتعلق ببعض المظاهر القانونية لخدمة مجتمع المعلومات وخصوصاً التجارة الإلكترونية  الأشخاص الذين يعرضون سلعاً أو خدمات من خلال أنظمة كمبيوتر مؤتمتة بأن يوفروا وسائلاً لتصحيح الأخطاء المادية للمدخلات ، إذ نص فى المادة (11/2) على أنه " ما لم يتفق الطرفان صراحة على خلاف ذلك ، يكون على الطرف الذى يعرض سلعاً أو خدمات عن طريق نظام حاسوبى مؤتمت أن يوفر للأطراف الذين يستخدمون النظام الوسائل التقنية التى تسمح لهم بالتعرف على الأخطاء وتصحيحها قبل إبرام العقد ، ويجب 

أن تكون الوسائل التقنية التى يلزم توفيرها ملائمة وفعالة وفى المتناول "(1) .
ومن المتصور أنه يمكن من خلال تطورات الذكاء الاصطناعى أن يكون جهاز الكمبيوتر قادراً على أن يفاوض ويحاور وأن يعدل التعليمات التى يتضمنها برنامجه الخاص وأيضاً أن يستنبط تعليمات جديدة . 
6 -  النيابة فى التعاقد الإلكترونى
تعرف النيابة بأنها(2) " إبرام شخص يسمى النائب عملاً قانونياً لحساب شخص آخر وباسمه يسمى الأصيل بحيث ينتج هذا العمل القانونى آثاره مباشرة فى ذمة الأصيل" .
أى أن النيابة تتحقق عندما يحل شخص إرادته محل إرادة شخص آخر يمثله فى عمل أو تصرف قانونى ، فالنيابة فى جوهرها تخويل للنائب حق إبرام عمل أو تصرف تتجاوز آثاره ذمة القائم به إلى ذمة الأصيل باعتبار أن الالتزام فى حقيقته رابطة بين ذمتين ماليتين وليس رابطة بين شخصين(3) . والتعاقد بطريقة النيابة يجرى بإرادة النائب لا بإرادة الأصيل صاحب المصلحة ومن ثم فإنه يلزم أن يكون للنائب إرادة يعتد بها القانون ويكون شخصه محل اعتبار عند النظر فى عيوب الإرادة ، فإذا كان النائب قد وقع فى غلط أو كان ضحية تدليس أو إكراه  كان العقد قابلاً للإبطال ولا مجال للبحث فى هذا الصدد فى إرادة الأصيل لأن العقد لم ينعقد بهذه الإرادة  وتعود النيابة بمصدرها إلى الاتفاق ، مثل نيابة الوكيل عن موكله  والقانون مثل نيابة الأب عن أولاده  والقضاء كنيابة الوصى والقيم والحارس القضائى .

ومقومات التعاقد بالنيابة سواء أكانت اتفاقية أو قانونية أم قضائية هى أربعة أمور وهى قيام النيابة سواء اتفاقية أو قانونية ، وحلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل فى إبرام التصرف ، وإجراء النائب التصرف باسم الأصيل ولحسابه ، والتزام النائب فى إبرامه التصرف حدود نيابته .
وقد عرض المشرع المصرى لأحكام النيابة بطريق مباشر فى المواد (104-108) من القانون المدنى  وإذا كان قوام النيابة وأساسها هو حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل فى إنشاء التصرف القانونى ، إلا أن الأثر الجوهرى للنيابة فى التعاقد هو أن العقد الذى أبرمه النائب لا تنصرف آثاره إليه هو بل إن هذه الآثار تنصرف مباشرة إلى الأصيل فيكون الأصيل هو طرف العقد لا النائب ، ولذلك فإنه وفى إطار العلاقة بين الأصيل والغير يجب الاعتداد بشخص الأصيل لا النائب فيما يتعلق بأهلية الوجوب أى الصلاحية لاكتساب الحق الذى يرتبه العقد .
وقد عرف القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية فى المادة (2) منه الوسيط فيما يتعلق برسالة بيانات معينة بأنه هو " الشخص الذى يقوم نيابة عن شخص آخر بإرسال أو استلام أو تخزين رسالة بيانات أو بتقديم خدمات أخرى فيما يتعلق برسالة البيانات هذه " أى أنه يجوز قيام شخص ما نيابة عن آخر بإرسال أو استلام أو تخزين أو تسجيل رسالة البيانات الإلكترونية ، وفى هذا إشارة واضحة إلى مشروعية النيابة فى التعاقد الإلكترونى ، فليس هناك ما يمنع من إبرام العقد الإلكترونى عن طريق الأصيل أو من ينوب عنه كما هو الحال فى التعاقد التقليدى  ومن ثم فإن القواعد العامة فى النيابة تطبق على النيابة فى التعاقد الإلكترونى ، فإذا كان الشخص المعنوى – كشركة أو مؤسسة تجارية مثلاً – لا يستطيع بطبيعة الحال فى التعاقد التقليدى أن يباشر نشاطه بنفسه فيقوم من يمثله من الأشخاص 

الطبيعيين بإبرام العقود نيابة عنه بمقتضى عقد التأسيس أو بمقتضى قرار يصدره  فإنه من باب أولى فى التعاقد الإلكترونى يختار الشخص المعنوى من ينوب عنه فى التعامل مع الغير عبر شبكة الإنترنت ، فعلى سبيل المثال يستطيع الموظف المختص بموقع معين على الشبكة نيابة عن الشخص المعنوى مالك الموقع إرسال الإيجاب واستلام القبول الإلكترونى ، فيعتبر الموظف المختص هنا بمثابة نائب تحل إرادته محل إرادة الأصيل ويبرم العقد الإلكترونى باسم الأصيل وذلك مع مراعاة ما تقضى به المادة (108) من القانون المدنى المصرى من أنه لا يجوز للشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل ، وقد استثنت المادة من حكمها الأحوال التى يقضى فيها القانون أو قواعد التجارة بصحة هذا التعاقد(1) .
ونجد أن النيابة بجميع أنواعها ممكنة فى التعاقد الإلكترونى وذلك من خلال وسائل إلكترونية يحددها المشرع بالطرق التى تتفق والتطور التقنى ، فليس هناك ما يمنع أن يقوم الأب نيابة عن ابنه بالتعاقد عبر شبكة الإنترنت . 

المطلب الثانى  وسائل التعاقد الإلكترونى


تعتمد التجارة الإلكترونية بصفة عامة على تكنولوجيا التبادل الإلكترونى للبياناتEDI  ، والتى يقصد بها تبادل البيانات المتعلقة بالأعمال التجارية لأطراف التعاقد بين أجهزة الكمبيوتر من خلال شبكة الإنترنت وغيرها من شبكات الاتصال الإلكترونية ودون حاجة لاستخدام مستندات ورقية . فالأطراف المتعاقدة فى مجال 

العقود الإلكترونية تحتاج إلى وسائل للتعاقد الإلكترونى ومن هذه الوسائل على سبيل المثال ، التبادل الإلكترونى للبيانات ، والبريد الإلكترونى ، وأنظمة إدارة المستندات التى تتم عبر الكمبيوتر ، ولعل أهم هذه الوسائل هى التبادل الإلكترونى للبيانات المحررة على دعائم إلكترونية .
ولقد بدأ نظام تبادل البيانات والمعلومات إلكترونياً فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى من أجل تحسين العملية الإنتاجية والإدارية بين وحدات الأعمال وبعض القطاعات ، وبخاصة قطاع السيارات والنقل والتوزيع التى قد تحتاج إلى إلى إجراءات كثيرة وبروتوكولات معقدة . كما يعمل على خدمة العديد من المهام والأعمال التجارية فهو يستخدم كوسيلة لإجراء المفاوضات وإبرام العقود بين الأطراف ، ويتضمن نقل معلومات تجارية على نماذج معينة ومعدة سلفاً ، وهذه المعلومات مرتبة بأسلوب حسب بروتوكول الاتصالات الإلكترونية السابق الاتفاق عليه بين الأطراف المتعاقدة .
ويختلف نظام التبادل الإلكترونى للبيانات عن التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت ، حيث يتم التبادل الإلكترونى للبيانات بين طرفين محددين ، بينما تعتمد شبكة الإنترنت على نظام مفتوح للكافة ولعدد غير محدد ولايملكه أحد ، كما فى حالة استخدام الشبكة العنكبوتية الدولية أى شبكة الويب حيث تستخدم صفحاتها لبيع منتجاتها للجمهور باعتبارها واجهة المحل على الإنترنت . 
فالتبادل الإلكترونى للبيانات يعد سوقاً واحدة ومحددة ، بينما تعد التجارة عبر الإنترنت مجموعة أماكن تسويق متكاملة ومفتوحة يتقابل فيها كافة البائعين والمشترين .  
كما يظهر اختلاف نظام التبادل الإلكترونى للبيانات عن نظام الفاكس والتلكس والبريد الإلكترونى ، من حيث طريقة عمل كل منهما ، فالرسالة الإلكترونية 

المرسلة عن طريق نظام تبادل البيانات إلكترونياً يكون لها طريقة تشفير معينة متفق عليها مسبقاً بين طرفى التعاقد , لذلك لايفهم رموز هذه الرسالة سوى المرسل والمستقبل عن طريق جهاز الكمبيوتر الذى تم تزويده مسبقاً ببرنامج لفك الشفرة المتفق عليها فيما بين الأطراف ، أما الرسائل المرسلة عن طريق الفاكس والتلكس والبريد الإلكترونى فتكون من صورة يمكن لأى شخص قراءتها وفهم مضمونها لأنها غير مشفرة(1) . 
فالرسالة المرسلة عن طريق الفاكس لايتلقى المرسل إليه إلا نسخة أو صورة من أصل الرسالة الورقية الموجود طرف المرسل ، والذى يجرى نسخه إلكترونياً على الأجزاء الداخلية لجهاز الفاكس ، أما البيانات المتبادلة إلكترونياً والتى تتم فى بيئة إلكترونية بحتة فإنه يصعب أو يستحيل التمييز بين أصل الرسالة وصورتها .  
وقد أدى النمو المتواصل فى نظام التبادل الإلكترونى للبيانات وازدياد عدد المتعاملين فى التجارة الإلكترونية إلى أهمية وجود لغة إلكترونية موحدة لتفادى سوء الفهم والاختلاف فى التفسير المتعلق بالحقوق والالتزامات لكل من طرفى العقد الإلكترونى . وكانت أول محاولة دولية لإحداث التناسق فى الممارسات المتعلقة بهذا الصدد هى إعداد قواعد السلوك الموحدة للتبادل الإلكترونى للبيانات التجارية بواسطة الإرسال عن بعد سنة 1987 تحت رعاية غرفة التجارة الدولية(2). وكان الهدف من هذه القواعد هو التوصل إلى نموذج نمطى لاتفاقات أو 



أنظمة تبادل البيانات إلكترونياً تختار الأطراف المعنية من نصوصها ما تراه أوفى بتحقيق أهداف علاقتهم(1) . 
وأيضاً المنظمة البحرية الدولية التى اعتمدت القواعد المنظمة للإرسال الإلكترونى لسندات الشحن الإلكترونية عن طريق تبادل البيانات إلكترونياً لسنة 1990  وتتمثل أهم هذه القواعد فى السماح بالتحويل المتتابع لملكية البضاعة أثناء الرحلة البحرية عن طريق الرسائل الإلكترونية ، حيث يستطيع الشاحن تعيين شخص ما لاستلام البضاعة ويخطر الناقل بذلك فيؤكد الناقل وصول هذا الإخطار إليه  وتجرى عملية التحويل المذكورة عن طريق ما يعرف بالمفتاح الخاص الذى يعطيه الناقل لمن يحدده الشاحن كصاحب حق فى استلام البضاعة . وبينت القاعدة الحادية عشرة من أن البيانات الإلكترونية تعادل وتناظر البيانات المكتوبة وقررت أنه فى حالة اتفاق الأطراف على الأخذ بقواعد سندات الشحن الإلكترونية ، فإن ذلك يعنى موافقتهم المسبقة على عدم جواز التمسك بالإدعاء بأن عقد النقل البحرى لم يكن محرراً بالكتابة لمجرد أن فى صورة إلكترونية . وقامت الغرفة الدولية للنقل البحرى بوضع قواعد السلوك الموحدة لتبادل البيانات التجارية باستخدام الوسائل الإلكترونية عن بعد ، وهى تهدف إلى التوصل لنموذج نمطى لاتفاقات تبادل البيانات إلكترونياً حيث تختار الأطراف المعنية من نصوصه ما تراه مناسباً لتحقيق أهدافها . وتوجد الكثير من المؤسسات الدولية التى ساهمت فى هذا المجال مثل منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حيث ابتكرت عدة أنظمة تقوم على أساس التبادل الإلكترونى للبيانات مثل النظام المتقدم لمعلومات البضائع ، والنظام الآلى للبيانات الجمركية  والبرنامج المحوسب المتعدد الجوانب فى مجال النقل ، وأيضاً 

المنظمة العالمية للملكية الفكرية التى وضعت نظاماً لتسوية طائفة من منازعات التجارة الإلكترونية وهى تلك المتعلقة بأسماء النطاق أو الحقول .
كما أعدت لجنة الاتحادات الأوروبية فى عام 1994 الاتفاق النموذجى الأوروبى المتعلق بالتبادل الإلكترونى للبيانات ، كما اعتمدت اللجنة الاقتصادية لأوروبا فى عام 1995 اتفاق التبادل الإلكترونى النموذجى لغرض الاستعمال التجارى الدولى للتبادل الإلكترونى للبيانات الذى اعتمدته فى عام 1991 الفرقة العاملة المعنية بتيسير إجراءات التجارة الدولية والتابعة للجنة الاقتصادية لأوروبا(1) .
وتهدف جميع اتفاقات التبادل الإلكترونى إلى إيجاد مجموعة من الأحكام التى تنظم العلاقات المتبادلة بين مستعملى التبادل الإلكترونى للبيانات بما فى ذلك الأحكام والشروط التى يعملون بموجبها بهدف الأمن والتيقن القانونين . ومعظم اتفاقات التبادل الإلكترونى تنص بشكل محدد على أنها تنطبق على علاقات الإبلاغ والاتصال فيما بين الأطراف وليس على الالتزامات التعاقدية الناشئة عن الصفقات التجارية الأساسية عن طريق استخدام التبادل الإلكترونى للبيانات ، فعلى سبيل المثال فإن التعليق على اتفاق التبادل الإلكترونى النموذجى للجنة الاقتصادية لأوروبا يؤكد على أن " هذا الاتفاق لا يورد قواعد تنظيم الصفقات التجارية ذات الصلة التى قد يستخدم من أجلها التبادل الإلكترونى للبيانات بالنظر إلى أن هذه الصفقات تنطوى على مجموعات القواعد القانونية الخاصة بها ومن ذلك على سبيل المثال ، صفقات المبيعات وعقود النقل البحرى وعقود التأمين وترتيبات التخزين والعلاقة المماثلة لذلك " .

وتتناول اتفاقات التبادل الإلكترونى النموذجية عدداً من القضايا التى تثير اهتماماً أساسياً فنجد أن بعضاً من الاتفاقات النموذجية قد أعدت من أجل أنواع محددة من الصفقات ومنها على سبيل المثال الاتفاق النموذجى لنقابة المحامين الأمريكية والذى ينطوى على صفقات الشراء والبيع المحلية التى تنطوى على السلع ، فى حين أن الاتفاقات النموذجية للمملكة المتحدة ونيوزيلندا قد وضعت من أجل توريد السلع والخدمات ، بينما نجد أن اتفاق التبادل الإلكترونى للبيانات والخاص باللجنة الاقتصادية لأوروبا يتسم بالطبيعة العامة حيث يشمل جميع أنواع الاستعمالات التجارية أو الإدارية للتبادل الإلكترونى للبيانات . 
وتتعدد المجـالات التـي يغطيهـا التبـادل الإلكترونـي حتى يمكن أن يقال أنها قد تطرقت إلى كافة أنواع المعاملات التي تتم بين مؤسسات الأعمال ومن بين ذلك : 
- كافة المعاملات التجارية المتعلقة بالصفقات التجارية والتعاقدات والإجراءات الخاصة بالمزايدات والمناقصات والممارسات . 
- كافة أنواع المعاملات الخاصة بتكامل العمليات المتعلقة بالإنتاج والتصميم . 
- كافة المعاملات المالية والبنكية بين مؤسسات الأعمال والمؤسسات المالية أو بين مؤسسات الأعمال بعضها البعض . 
- كافة المعاملات المتعلقة بالخدمات بين الأفراد / المؤسسات والجهات الحكومية (مثل التقارير الطبية  ونتائج الاختبارات والامتحانات  والضرائب والجمارك  .... إلخ ) . 
- لا يتوقف العمل في زيادة المجالات التي يغطيها التبادل الإلكتروني للوثائق حيث تتيح المعايير القياسية باستمرار إمكانية زيادة الرسائل التي يتفق على أهميتها وضرورتها . 

  وتعبِّر المعايير القياسية لنظم التبادل الإلكتروني عن أسلوب ونمط وشكل وتكوين الرسائل هو يشمل القواعد الحاكمة لصورة الرسالة القابلة للتداول باستخدام هذا النظام ، ويوجد أكثر من نظام معياري منهم : النظـام الأمريكـي 
ANSI ASC X.12 : American National Standards Institute , Accredited Standards Committee X . 12 
نظـام الأمم المتحـدة الخـاص بالتجـارة  
UN / TDI : United Nations Trade Data Interchange . 
النظـام العـام للإدارة والتجـارة والنقـل  
EDIFACT : Electronic Data Interchange For Administration Communication and Trading . 
النظـام الأوربـي العـام لتبـادل البيانـات  
ODETTE : Organization for Data Exchange by Tel Transmission in Europe . 
النظـام الإنجليـزى  
                               ANA: Article Number Association 
 حيث أدركت العديد من المنشآت التجارية التى تعمل فى مجال التجارة الدولية مثل شركات الشحن والطيران فى منتصف الستينات من القرن العشرين ، أنه لابد من إيجاد وسيلة تساعد على تسريع نقل البيانات والمعلومات إذا أرادت أن تظل قادرة على المنافسة فى قطاع الأعمال ، فكان لابد من تقليص الاستخدام المفرط للورق وتخفيض النفقات الباهظة للاتصالات . نتيجة لذلك قام المعهد الوطنى الأمريكى 


للمعايير ANSI(1) عام 1979 بتشكيل لجنة اعتماد المعايير ASC(2)، والتى عرفت أيضاً باسم لجنة X-12  وتألفت هذه اللجنة من مختصين من الحكومة الأمريكية وقطاع الشركات المنتجة لأجهزة الكمبيوتر وقطاع النقل ، وكانت غايتها تطوير معيار يتفق عليه البائعون والمشترون فيما يتعلق بالرسائل الخاصة بالعمليات التجارية ، وقد سمى هذا المعيار نظام تبادل البيانات إلكترونياً فى الولايات المتحدة . وفى عام 1986 طورت عدد من المنشآت التجارية فى مختلف قطاعات الأعمال معياراً متفقاً عليه لتبادل المعلومات بين الشركاء التجاريين ، سمى هذا المعيار نظام تبادل بيانات الإدارة والتجارة والنقل إلكترونياً فى الولايات المتحدة . وقد ظلت غالبية وحدات الأعمال تعتمد على المعيارين السابقين فى معاملاتها التجارية الإلكترونية رغم وجود العديد من المعايير الأخرى لتبادل البيانات إلكترونياً والتى منها على سبيل المثال لا الحصر معيار الاتصالات الموحدة لقطاع المتاجر ومعيار شبكة معلومات المستودعات . وتبادل البيانات إلكترونياً هو مجموعة من المعايير المستخدمة فى تبادل معلومات المعاملات الإلكترونية بين أجهزة الكمبيوتر التابعة للشركاء التجاريين وتنفيذ الصفقات التجارية بطريقة إلكترونية بدون استخدام دعائم ورقية . ويتم نقل البيانات والمعلومات إلكترونياً عبر مواقع الويب باستخدام برامج التصفح مثل برنامج Internet Explorer وبرنامج Netscape Communicator وتحويل البيانات والملفات باستخدام بروتوكول نقل النص الفائق السرعة http(3) وأيضاً باستخدام بروتوكول نقل الملفاتftp(4) . 

أولاً : تعريف التبادل الإلكترونى للبيانات 
تعتمد التجارة الإلكترونية بصفة أساسية على تكنولوجيا التبادل الإلكترونى للبيانات أى نقل البيانات المتعلقة بالأعمال التجارية مثل الفواتير وأوامر الشراء  أو غير ذلك من المستندات من حاسب إلى حاسب آخر ودون حاجة لاستخدام مستندات ورقية ، فعلي سبيل المثال عندما تقوم منشأة بشراء مواد من مورد فإن المنشأة تقوم بإرسال مستند أمر الشراء إلى المورد ، ويقوم الأخير حال تسلمه الأمر بموافاة المنشأة بما يفيد استلامه للأمر وبالتالى يتم إرسال أو تبادل كل من أمر الشراء وتلقي ما يفيد استلامه عبر شبكة الحاسب بدلاً من طباعة المستندات الورقية وإرسالها بالبريد العادي ويستلزم تنفيذ هذا البديل توافر مستلزمات مادية وبرمجيات مناسبة . وبالتالى يتم استخدام نظام تبادل البيانات إلكترونياً فى كثير من العمليات مثل إجراء التفاوض بين الأطراف وإبرام العقود والاستعلامات وطلبات الشراء ومواعيد الشحن والتسليم وبيانات الإنتاج وشهادات المطابقة ودفع الفواتير وخطابات الاعتماد(1).   
وقد بدأ هذا التحول الجذرى فى مجال المعاملات الإلكترونية مع بداية السبعينيات من القرن الماضى ومع انتشار التعامل بشبكة الإنترنت ، وأصبح من الوضوح بمكان أن التحول إلى النظام الإلكترونى سيوفر شفافية أكبر بكثير للعمليات التجارية  ولذلك يرى البعض(2) أن هذا التحول الجذرى سيؤدى إلى أن تلعب المعاملات الإلكترونية دوراً رئيسياً فى التجارة الدولية فى المستقبل ، حيث لن يكون ثمناً لهذا 


الدور المحورى إلا إغلاق المحال التجارية ذات التكلفة العالية وفروعها ومخازنها والاكتفاء بموقع واحد على شبكة الإنترنت يتم التسويق والتسوق من خلاله . 
وعرف قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية فى المادة الثانية – الفقرة الثانية (ب) تبادل البيانات إلإلكترونية بأنه " نقل المعلومات إلكترونياً من كمبيوتر إلى كمبيوتر آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات " .
ويرى البعض(1) أن استخدام وقصر نقل المعلومات الإلكترونية من كمبيوتر إلى كمبيوتر يعوزه شئ من عدم الدقة إلى حد ما ونحن من جانبنا نؤيد هذا الرأى نظراً ، لأن نقل المعلومات قد يتم باستخدام وسائل أخرى دون الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر بشكل مباشر فمن الممكن أن يتم تخزين المعلومات فى كمبيوتر وتخزينها فى شكل رقمى (فى قرص مضغوط مثلاً) ونقلها يدوياً لتسترجع فيما بعد فى كمبيوتر آخر. كما أن هناك فارقاً فنياً بين اصطلاحى البيانات والمعلومات ، فالبيانات هى المدخلات إلى جهاز الحاسب الآلى بهدف تشغيلها والحصول على مخرجات فى صورة معلومات ، فالبيانات هى المادة الخام للمعلومات .
وقد عرف قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية رسالة البيانات فى المادة الثانية – الفقرة الأولى (أ) بأنها " المعلومات التى يتم إنشاؤها أو استلامها وتخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة . بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البيانات الإلكترونية أو البريد الإلكترونى أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقى " .



ونجد أن هذا التعريف مماثل لتعريف رسالة البيانات الوارد فى اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلكترونية فى العقود الدولية(1) وذلك فى الفقرة (ج) من المادة الرابعة إذ نصت على يقصد بتعبير رسالة البيانات
" المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية ، أو بوسائل مشابهة تشتمل على سبيل المثال لا الحصر التبادل الإلكترونى للبيانات أو البريد الإلكترونى أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقى"(2) .
ونجد أن قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الإماراتى رقم (2) لسنة 2002 قد عرف الرسالة الإلكترونية فى المادة الثانية بأنها " معلومات إلكترونية ترسل أو تستلم بوسائل إلكترونية أياً كانت وسيلة استخراجها فى المكان المستلمة فيه " .
وقد أخذ قانون المعاملات الإلكترونية الأردنى رقم 85 لسنة 2001 بنفس التعريف الوارد فى قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية ، بينما لم يتناول مشروع قانون قانون المعاملات الإلكترونية المصرى تعريفاً لرسالة البيانات أو التبادل الإلكترونى للبيانات .
وقد عرفت وثيقة الأونكتاد الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(3) نظام التبادل الإلكترونى للبيانات أيضاً بأنه " إرسال بيانات المعاملات التجارية 

والإدارية من جهاز كمبيوتر إلى آخر باستعمال نموذج معد سلفاً لنقل تلك البيانات" .
ويمكن من جانبنا تعريف نظام التبادل الإلكترونى للبيانات بأنه العمليات المتعارف عليها والتى تسمح للعمليات التجارية بأن تتم إلكترونياً أى تقوم عملية تبادل البيانات إلكترونياً بتحويل المعلومات الخاصة بالأعمال التجارية لمؤسسات الأعمال والشركات التى كانت يتم نقلها بصورة تقليدية على الورق إلى صيغ إلكترونية وبدون تدخل من العنصر البشرى . 
ومن أمثلة المعاملات التى تتم بين مؤسسات الأعمال ما يلى :
1 – كافة المعاملات التجارية المتعلقة بالصفقات التجارية والتعاقدات والإجراءات الخاصة بالمزايدات والمناقصات والممارسات .
2 - كافة أنواع المعاملات الخاصة بتكامل العمليات المتعلقة بالإنتاج والتصميم .
3 - كافة المعاملات البنكية والمالية بين مؤسسات الأعمال والمؤسسات المالية أو بين مؤسسات الأعمال وبعضها البعض .
4 – كافة المعاملات المتعلقة بالخدمات بين الأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية مثل الجمارك والضرائب والرسوم . 
وقد وضع القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية مبدأً هاماً يؤدى إلى الاعتراف القانونى برسائل البيانات والمعلومات الإلكترونية وصحتها وقابليتها للإنفاذ وعدم إنكارها لكونها اتخذت شكلاً إلكترونياً إعمالاً لمبدأ التناظر الوظيفى ، ولذلك نص فى المادة (5) من القانون على أنه " لاتفقد المعلوملت مفعولها القانونى أو صحتها أو قابليتها لمجرد أنها مقدمة فى شكل رسالة بيانات " .     


كما نص هذا القانون أيضاً على أن كل من أطراف المعاملة الإلكترونية لايستطيع أن ينكر رسالة البيانات لمجرد أنها فى شكل إلكترونى إذ نصت المادة (12) من القانون على أنه " فى العلاقة بين منشئ رسالة البيانات والمرسل إليه لايفقد التعبير عن الإرادة أو غيره من أوجه التعبير مفعوله القانونى أو صحته لمجرد أنه فى شكل رسالة بيانات " وهو ما يعنى إعطاء رسالة البيانات نفس الاعتراف القانونى الذى يعطى للمستند الورقى .
أما القانون المصرى للتوقيع الإلكترونى رقم 15 لسنة 2004 فقد أقر مبدأ المساواة بين الرسائل والمحررات الإلكترونية ، وذلك فى سبيل الاعتراف بالحجية القانونية لرسائل البيانات ، وهذه المساواة مطلوبة بهدف تيسير المعاملات الإلكترونية والسماح بانتشارها ولذلك نص على أنه تتمتع المحررات الإلكترونية بنفس الحجية القانونية المقررة للمحررات المكتوبة . 

ثانياً : طرق التبادل الإلكترونى للبيانات 

يتم التبادل الإلكترونى للبيانات باستخدام طريقتين هما :
الطريقة الأولى : 
حيث يتم التبادل الإلكترونى للبيانات عن طريق شبكة إرسال إلكترونى تسمى شبكة خدمة القيمة المضافة VANs(1) وهي شبكة حاسب وسيطة تقوم بتشغيلها شركة ثالثة وذلك بالنسبة لشركتين ينفذان التجارة الإلكترونية من خلال أنظمة تبادل المعلومات إلكترونيا EDI ، فيكون لكل منهما صندوق بريد إلكترونى علي حاسب الشركة التي تمتلك شبكة القيمة المضافة ، ويؤدى هذا الوسيط وظائف إرسال 

وتخزين وتسليم البيانات للمتعاملين فى نظام التبادل الإلكترونى للبيانات .
ويقوم حاسب شبكة خدمة القيمة المضافة بتبادل البيانات بين صناديق البريد الإلكترونية للشركات علي الشبكة ، ويطلق علي هذا النوع شبكات القيمة المضافة لأن الشركة صاحبة هذه الخدمة غالباً ما توفر خدمات أخرى بالإضافة لهذه الخدمة . ونجد أن برمجيات الترجمة والاتصالات تعني بتغير نمط البيانات التي يستخدمها حاسب الشركة المرسلة إلى نمط البيانات الذي تستخدمه شبكة القيمة المضافة ، كما أن الشركة المتلقية يكون لديها أيضا برمجيات تعني بترجمة أو تغيير نمط البيانات التي تستخدمها شبكة القيمة المضافة إلى نمط البيانات الذي تستخدمه الشركة المتلقية .
وتمثل شبكات القيمة المضافة بديل مكلف للشركات ، وذلك نظراً لان الشركة صاحبة شبكة القيمة المضافة تحمل الشركات المستخدمة بنفقات تشغيل مرتفعة .
وقد اعتمد نظام التبادل الإلكتروني للبيانات على استخدام شبكات خاصة لتوفير تبادل الرسائل الإلكترونية بصورة آمنة وبطريقة سريعة وذلك للتحول عن الأساليب التقليدية في تداول البيانات ، والتي قامت في البداية على تبادل الوسائط الممغنطة . 
 ومن أشهـر شبكـات القيمـة المضافـة : 
- قامت شركةISTEL  في بريطانيا ونجحت في تحقيق الربط الإلكتروني بين الشركات العامة فى مجال صناعة السيارات والصناعات الهندسية ، ثم قامت شركة AT&T الأمريكية بشراء هذه الشركة وأصبحت المالكة الوحيدة لها . 
- أيضاً قامت شركة IBM الأمريكية بدخول عالم شبكات القيمة المضافة وحققت نجاحاً ملحوظاً في مجال شركات التأمين . 


- بالإضافة إلى هذه الشركات الكبيرة والعملاقة في مجال شبكات القيمة المضافة والتبادل الإلكتروني   للوثائق فإن هناك العديد من الشركات الصغيرة التي حققت تواجداً في هذا المجال . 
وتحقق شبكات القيمـة المضافـة مزايا عديدة من أهمها :-  
1- الأمان فى إجراء عملية التبادل الإلكترونى للبيانات وذلك لإتصال الشركة مع مجموعة الشركات المرتبطة بها في آداء عملها في صورة شبكة مغلقة آمنة . 
2- تعمل شبكات القيمة المضافة في الأصل بأسلوب البريد الإلكتروني حيث تتلقي الشبكة الرسالة من المرسل وتقوم بالتعرف على عنوان المرسل إليه وتوضع الرسالة بناءاً على ذلك في صندوق البريد الإلكتروني الخاص بالمرسل إليه وبالطبع فإن ذلك يتم في أجزاء من الثانية . 
3- تحقق شبكات القيمة المضافة لمشتركيها خدمة قوائم الرسائل التي تمّ ارسالها أو استقبالها بما يحقق وجود مرجعية يمكن الاعتماد عليها في حالة ظهور أى مشاكل بين الأطراف المتعاملة تجارياً . 
الطريقة الثانية : 
وطبقاً لهذه الطريقة فإن أى شركتين ترغبان في تبادل البيانات إلكترونيا لأغراض تنفيذ التجارة الإلكترونية - لا يستخدمان شبكات القيمة المضافة ولكن تقوم كل شركة بإنشاء الشبكات الخاصة بكل منهما ، بحيث يتفقان علي نمط البيانات التي ستستخدم في التبادل بينهما . وفي كثير من الأحيان تستخدم شركة صغيرة برمجيات مترجمة طورتها شركات كبري ، بحيث تضمن أن يكون تبادل البيانات إلكترونياً متوافقاً مع شركات الأنظمة الكبرى .


ويتم تطبيق برمجيات الحاسب بشأن نظام طلبات الشراء لدي العميل (ضمن دورة المصروفات يترتب عليه إنشاء عملية شراء ، وتتولى برمجيات الاتصال لدي نظام العميل إرسال هذه العملية عبر وصلة اتصال إلى نظام حاسب المورد . وتتولى برمجيات الترجمة لدي نظام المورد فك شفرة العملية ثم إرسالها إلى نظام طلبات الشراء ، الذي يتولى بدوره إنشاء إشعار استلام أمر الشراء وإرساله إلى حاسب العميل . كما يقوم النظام الآلي للمورد بإخطار المورد بأن هناك طلبية شراء تحت الطلب . ويتولى النظام الأخير توفير البضاعة المطلوبة ويتخذ إجراءات الشحن اللازمة. وعند شحن البضاعة يتولى نظام المورد إصدار إخطار الشحن وارساله عبر الشبكة للعميل . كما يقوم النظام الآلى للمورد بإرسال فاتورة الشراء للعميل عبر الشبكة . ويترتب علي هذه الفاتورة إثبات النظام الآلي للمورد لعملية بيع بفاتورة متبادل بياناتها إلكترونياً ، وتتولى برمجيات الترجمة بنظام المورد إرسالها لنظام أوامر الشراء بحاسب العميل . ويعنى الأخير بإخطار نظام المدفوعات النقدية بنظام العميل باستحقاق المدفوعات ، وتتميز هذه الطريقة بأنها بسيطة وسهلة ولكن من عيوبها إمكان حدوث أخطاء فى نقل الرسالة .
ثالثاً : مشروعية الاتفاق على التبادل الإلكترونى للبيانات 
تنص المادة 60/1 من قانون الإثبات على أنه " فى غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانونى تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز شهادة الشهود فى إثبات وجوده أو إنقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " . وهو ما يتضح منه جواز الاتفاق على خلاف ما جاء بتلك المادة من أحكام باعتبارها قواعد مكملة يجوز الاتفاق على ما يخالفها .


كما يتفق غالبية الفقه(1) على جواز اتفاق الأطراف المعنية على الخروج عن القواعد الموضوعية للإثبات  دون القواعد الإجرائية لعدم تعلقها بالنظام العام وذلك لأن القواعد الإجرائية للإثبات تنظم الإجراءات التى يتعين اتباعها أمام المحاكم ومن ثم لا يملك الخصوم تغييرها أو الاتفاق على خلافها لتعلقها بالنظام العام .
وقد أيدت محكمة النقض المصرية ذلك إذ قضت بأن " قواعد الإثبات ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها ، سكوت الخصوم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه  اعتباره قبولاً ضمنياً له وتنازلاً عن التمسك بأى بطلان يكون مشوباً به(2) . وهو ما يعنى عدم تعلق قواعد الإثبات الموضوعية بالنظام العام وبالتالى جواز الاتفاق على مخالفة أحكامها(3) .  
كما أن بعض الفقه الفرنسى قد منح أطراف العقد الحق فى مخالفة شروط المادة 1341 مدنى فرنسى والاتفاق على إمكانية إثبات العقود التى أبرموها بطريقة أخرى بخلاف الكتابة وهو ما أيدته محكمة النقض الفرنسية ، إذ قضت بأن قواعد الإثبات لا تتعلق بالنظام العام ومن ثم يجوز للخصوم استبدال الدليل الكتابى بأية وسيلة أخرى بغض النظر عن قيمة التصرف محل النزاع(4) .   

وتعتبر هذه الاتفاقات من قبيل الإعداد المسبق للدليل والاحتياط لما قد يثور بين الأطراف من نزاع يتعلق بحجيته ، وتبديد كل شك حول مصدره أو نسبته إلى الشخص الذى يراد الاحتجاج به . كما تهدف هذه الاتفاقات إلى التعديل فى وسائل الإثبات وطرقه وفى حجية هذه الوسائل وقوتها فى الإثبات .
ومن ثم تعتبر اتفاقات التبادل الإلكترونى للبيانات بشأن الاتفاق مقدماً على تمتع الوسائل الإلكترونية بالحجية فى الإثبات تعد صحيحة على أساس أن قواعد الإثبات ليست قواعد آمرة بل قواعد مكملة لإرادة الأطراف ، وبالتالى يجوز الاتفاق على مخالفة حكمها ، ومن ثم يجوز لهم الاتفاق على إثبات تصرفاتهم القانونية بكافة طرق الإثبات سواء كانت تقليدية أو من وسائل الاتصال التكنولوجى الحديث  ومنها اتفاقات التبادل الإلكترونى للبيانات . 
ومع ذلك فإن هناك خلافاً يتعلق بتحديد توقيت إبرام اتفاقيات التبادل الإلكترونى ليعتد بها قانوناً فنميز بين اتجاهين فقهيين ، اتجاه يرى تضييق الفترة الزمنية المتعلقة بوقت إبرام اتفاقات التبادل الإلكترونى  والآخر يوسع من ذلك .
الاتجاه الأول  : عدم جواز اتفاق الأطراف على الخروج عن القواعد الموضوعية للإثبات إلا عقب وقوع النزاع وليس قبله ، أى يشترط وجود نزاع قائم بالفعل بين أطراف الاتفاق ، ووفقاً لهذا الرأى تقع الاتفاقات المسبقة على مخالفة القواعد الموضوعية للإثبات باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ، وحجة هذا الرأى هو حرصهم على نفى شبهة الاستغلال للطرف الثانى .  
الاتجاه الثانى : وهو الاتجاه الراجح ، ويرى جواز اتفاق الأطراف على الخروج عن القواعد الموضوعية للإثبات فى أى وقت يشاءون ، ومفاد هذا الرأى أن لأطراف التبادل الإلكترونى مطلق الحرية فى الاتفاق على مخالفة هذه القواعد 

سواء أكان هذه الاتفاق سابقاً أم لاحقاً لوقوع النزاع ، وحجة هذه الرأى عدم وجود مبرر للتفرقة بين حالتى الاتفاق السابق على وقوع النزاع والاتفاق اللاحق مادامت إرادة الأطراف انصرفت إلى النزول عن الاستفادة من كل أو بعض القواعد الموضوعية للإثبات وذلك احتراماً لمبدأ سلطان الإرادة(1) .  
رابعاً :  نطاق حجية الاتفاق على التبادل الإلكترونى للبيانات 
وإذا انتهينا إلى اعتبار رسائل البيانات الموقعة إلكترونياً أدلة إثبات ، إلا أن حجية هذا الدليل الاتفاقى تبقى خاضعة للسلطة التقديرية للقاضى(2) ، من حيث كونها دليلاً كاملاً أو ناقصاً ، فقواعد حجية الأدلة الكتابية تتعلق بالنظام العام باعتبار أن هذه القواعد ترتبط بأداء القضاء لوظيفته ، فهذا الاتفاق لا يجب أن يقف حائلاً أمام ممارسة القاضى لسلطته التقديرية لتقدير حجية الدليل المقدم فى الإثبات .
وهو ما يعنى أن رسالة البيانات الإلكترونية لا تعتبر بحال دليل إثبات قاطع ، بل تخضع حجيتها فى الإثبات لتقدير القاضى ، فهى حجية نسبية بحيث يستطيع قاضى الموضوع دائماً التحقق من عدم وقوع أى تلاعب أو تحريف فى الرسالة الإلكترونية ، وفى حالة عدم اقتناعه يمكنه الأخذ بهذه الرسالة . 
ويذهب البعض إلى أنه يجب معاملة رسائل البيانات المنقولة إلكترونياً والمقترنة بتوقيع إلكترونى والمؤمنة تأميناً جيداً معاملة الدليل الكتابى الكامل ، وهو ما يحتاج إلى تدخل تشريعى بالنص صراحة فى القانون على إسباغ حجية الدليل الكتابى على تلك الرسائل ، وهذا بالفعل ما نص عليه المشرع الفرنسى عندما قام بتعديل قواعد الإثبات فى القانون المدنى رقم 230/2000 . وقد ساير المشرع المصرى هذا 


الاتجاه أيضاً فأصدر قانون التوقيع الإلكترونى رقم 15 لسنة 2004 والذى أقر فيه بالتوقيع الإلكترونى وبحجيته فى إثبات المعاملات الإلكترونية . 
والجدير بالذكر أنه قبل صدور قانون التوقيع الإلكترونى ، فإن ارتباط مصر ببعض الاتفاقيات الدولية التى نصت على إمكانية استخدام الرسائل الإلكترونية وحلولها محل المستندات الورقية يلزم القضاة ، بصفة جزئية وفى حدود الاتفاقيات التى صدقت مصر عليها باعتماد مخرجات وسائل الاتصال الإلكترونية فى مجال الإثبات ، وذلك فى المعاملات التى تنطبق عليها هذه الاتفاقيات .
ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها الصادرة سنة 1958 والتى نصت فى المادة2/2 منها على أن " يكون اتفاق التحكيم مكتوباً فى خطابات متبادلة أو برقيات " وهو ما يمكن تفسيره ليسمل وسائل الاتصال الحديثة . واتفاقية هامبورج لسنة 1978 والتى نصت على أن يكون توقيع سند الشحن بوسيلة إلكترونية ، وأيضاً اتفاقية فيينا بشأن البيع الدولى للبضائع والتى نصت فى المادة (13) على أن مصطلح الكتابة ينصرف إلى البرقية والتلكس . 
ويتطلب الاتفاق على قبول مخرجات نظام التبادل الإلكترونى للبيانات كدليل فى الإثبات انطوائه على تنظيم البيانات وتجميعها وتوزيعها وإرسالها من خلال شبكة الاتصالات وكذلك تحديد أساليب تنظيم السجلات الإلكترونية وحفظها ، وهو ما يتطلب تكيلف أحد منظمى شبكات الإرسال الإلكترونى بالقيام بالمهام المذكورة . 
وإذا كان عقد تبادل البيانات يهدف أساساً إلى معالجة إبرام العقود من خلال تبادل البيانات إلكترونياً ، فإن ذلك يقتضى إحتوائه على مجموعة من البنود تحدد مواصفات الرسالة وشكلها وتدابير تأمينها ضد مخاطر الإرسال والوصول فيما 

يتعلق بمضمون الرسالة وسريتها وقبولها كدليل إثبات ، وأيضاً إجراءات تسجيلها وتخزينها ، ويمكن فى هذا النطاق الاسترشاد بقواعد السلوك الموحدة للتبادل الإلكترونى للبيانات التجارية باستخدام الإرسال الإلكترونى ومن أهم هذه العناصر :
1 – توزيع المخاطر ، وهو ما يعنى تحديد من يقع عليه عبء مخاطر استخدام نظام التبادل الإلكترونى للبيانات .  
2 – حدود المسئولية فى حالة وقوع أضرار .
3 – قواعد التوقيع والتشفير والإثبات .
4 – قواعد تخزين البيانات وحفظ السجلات .
5 – شروط المحافظة على سرية البيانات .
6 - الأحكام المتعلقة بحل المنازعات المحتملة مثل شرط التحكيم .
7 – إختيار القانون الذى يحكم اتفاق التبادل الإلكترونى فى حالة نشوء نزاع بين الأطراف .
ويمكن الاستعانة فى هذا المجال بنماذج العقود التى أعدتها هيئات مختلفة مثل قواعد السلوك الموحدة لتبادل البيانات التجارية باستخدام الإرسال الإلكترونى ، أو النموذج الذى أعدته جمعية المحامين الأمريكية أو الاتفاق النموذجى الأوروبى للتبادل الإلكترونى للبيانات ، أو النماذج التى أعدتها هيئات خاصة فى بعض الدول مثل المملكة المتحدة واستراليا وفرنسا وسويسرا والنرويج وكندا .
ويرى البعض(1) أن اتفاقات التبادل الإلكترونى للبيانات يفترض أن أطرافها يتعاملون من خلال شبكة خاصة أو مغلقة ، ولذلك فهذه الاتفاقات قد تكون غير مناسبة عند استخدام شبكات الاتصال العامة أو المفتوحة ، وأن هذه الاتفاقات 

يراعى فى صياغتها مصالح أطرافها ومن ثم فهى تفتقر إلى التنظيم القانونى وخصوصاً فيما يتعلق باتصاله بمصالح أطراف أخرى .
وتبدو أهمية اتفاقات التبادل خاصة فى حالة عدم وجود تشريع ينظم عملية التبادل الإلكترونى للبيانات فى أنها تعتبر قواعد تنظيمية اتفاقية ملزمة لأطرافها انطلاقاً من مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين .
ولكن يثور التساؤل حول قيمة اتفاقات التبادل الإلكترونى للبيانات ، فهى باعتبارها قواعد اتفاقية فلا تلزم غير أطرافها ، ومن ثم فإن حجية اتفاق التبادل وقوته الملزمة ستكون قاصرة فقط على أطرافه ، أما هذه الحجية تجاه غير أطرافه ممن قد يكون لهم ثمة علاقة بموضوع التبادل فهى حجية نسبية إعمالاً لمبدأ الأثر النسبى للعقود  كما أن محاكم الدولة التى يعرض عليها نزاعاً متعلقاً باتفاق التبادل لن تتقيد بقواعده إذا كانت مخالفة للنظام العام فى القانون الواجب التطبيق على النزاع . ولذلك فإن أفضل وسيلة لضمان صحة هذه الاتفاقات ، فى حالة غياب تشريع ينظم اتفاقات التبادل قيام الدولة المعنية بإصدار تشريعات وطنية أو اتفاقات دولية خاصة بتنظيم المسائل القانونية المتعلقة بالإرسال الإلكترونى للبيانات . 
ولا يكفى لضمان سلامة إتمام اتفاق التبادل الإلكترونى للبيانات أن يتم تشفير رسالة البيانات المنقولة إلكترونياً المنسوبة لشخص معين ، وإنما يجب التأكد من نسبة هذه الرسالة وإسنادها إلى المنشئ . ومما لاشك فيه أن التوقيع الإلكترونى على رسائل البيانات المنقولة إلكترونياً يمثل أهم إجراء من إجراءات توثيقها ، أى تأمينها من محاولات التحريف والتغيير والتحوير ، والتأكد من نسبتها إلى أطرافها .



خامساً : مزايـا وعيوب نظام التبادل الإلكتروني للبيانات  
يحقق استخدام نظام التبادل الإلكتروني للبيانات مزايا متعددة لمؤسسات الأعمال والشركات التي تقوم بإستخدامه ، فبالإضافة إلى المزايا المتعلقة بخفض التكلفة الناتجة عن تقليل الأعباء في إتمام المعاملات فهناك المزايا التالية :
1- المزايـا علـى المستـوى الإستراتيجـي 
1-1 - تحقيق دورة تجارية في وقت أقل . 
1-2- إمكانية تطبيق النظام الخاص بالإنتاج الموقوت Just in Time .
1-3-زيادة كفاءة العمليات الإنتاجية والتجارية . 
1-4-إمكانية كسب عملاء جدد والاحتفاظ بالعملاء الحاليين . 
1-5-زيادة القدرة التنافسية للشركة وبالأخص في مواجهة المؤسسات الحديثة فى الأسواق . 
1-6-امكانية إنشاء تجمعات اقتصادية متكاملة تحقق حد أدنى من حجم الأعمال . 
 2- المزايـا العلميـة المباشـرة : 
2-1-خفض التكاليف ويشمل ذلك : 
2-2-تكاليف استخدام الورق وتكاليف البريد . 
2-3-تقليل فترة بقاء المخزون . 
2-4-تقليل تكلفة عمليات الحاسب الآلي ( إدخال ، طباعة ، مراجعة ، تصحيح  .. إلخ ) . 
2-5-تحسين التدفقات النقدية للشركة . 
2-6-زيادة معاملات الأمن وتقليل الأخطاء . 


2-7-سهولة الوصول إلى المعلومات لأنها مسجلة على الكمبيوتر وذلك مقارنة باستخدام الأوراق فى حفظ أو استعادة البيانات ، كما أن الملفات الورقية يمكن فقدها بسهولة بعكس الملفات الإلكترونية  .
2-8-الخصوصية والأمان فى الاتصالات التى تبرم عن طريق التبادل الإلكترونى للبيانات مقارنة بوسائل الاتصال العادية ، حيث يصعب على أى شخص غير مصرح له استخدام هذا النظام .
2-9-تقليل الخطأ واللبس والغموض فى المعاملات التجارية من خلال إنشاء نظام تشفير واستخدام نماذج معدة سلفاً بين المتعاملين .
2-10- سهولة الوصول إلى المعلومات لأنها مسجلة على الكمبيوتر مقارنة بالملفات الورقية ، بالإضافة إلى صعوبة فقد الملفات الإلكترونية بخلاف الملفات الورقية .
 3- المزايـا غيـر المباشـرة : 
3-1-تحسين صورة المؤسسة . 
3-2-زيادة المنافسة . 
3-3-زيادة حجم علاقات المؤسسة التجارية . 
عيوب عملية التبادل الإلكترونى للبيانات 
إن نظام التبادل الإلكترونى للبيانات(1) لا يمكن إعتباره حلاً كاملاً لمشكلات الاتصالات فى عقود التجارة الإلكترونية ، بل إن له بعض السلبيات من الناحية القانونية والتكنولوجية كالآتى :

1 – إن نظام التبادل الإلكترونى للبيانات معرض للمخاطر الأمنية التى قد لا تتعرض لها النظم الورقية المماثلة ، فمن الممكن الوصول إلى المعلومات فى نظام التبادل الإلكترونى للبيانات بصورة أسهل من الملفات الورقية المحتفظ بها فى أماكن المحفوظات ، كما أنه يمكن لأشخاص غير مرخص لهم باستعمال هذه الأنظمة التلاعب فى بيانات الكمبيوتر المستخدم فى تبادل البيانات إلكترونياً ، وهو الأمر الذى يستدعى استعمال طرق تشفير وبرامج أكثر أماناً للحفاظ على سرية المعلومات ومنع الدخلاء من الوصول إليها بهدف توفير الحماية والخصوصية للمتعاملين فى مجال التجارة الإلكترونية .
2 – مخاطر فقدان التوثيق التى تنشأ نتيجة عدم العلم بهوية المتعاقد الآخر فى عقود التجارة الإلكترونية حبث يتم التعاقد بين شخصين لايعلم كل منهما الآخر وقد لايثق أى منهما فى الآخر . ومن المخاطر التى تترتب على فقدان الثقة ما يسمى مخاطر الإنكار وهو ما يعنى أن ينكر أحد طرفى التعاقد استلام البضاعة مثلاً أو استلام النقود المحولة إلكترونياً ، وللحد من هذه المخاطر يمكن استخدام وسائل تأمين هذه المعاملات مثل التوقيع الإلكترونى الذى يرفق بالرسالة والإعلام باستلام الرسالة أو إقرار استلام الرسالة الذى يرسله المستلم أو بواسطة طرف ثالث مقدم خدمة الاتصالات ، وقد عرفت المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات مقدم خدمة الاتصالات بأنه " أى شخص طبيعى أو اعتبارى مرخص له من الجهاز بتقديم خدمة أو أكثر من خدمات الاتصالات للغير " ويقصد بالجهاز هنا الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .
3 – الارتفاع النسبى للتكلفة الثابتة لنظام تبادل البيانات ، قد تصل إلى مبالغ طائلة مما يجعله غير مناسب للشركات التجارية المتوسطة والصغيرة . 

4 – عدم الإقبال على الإجراءات والوسائل الإلكترونية نتيجة لنقص المعرفة بالتكنولوجيا الحديثة .
5 – صعوبة منع ظاهرة غسيل الأموال إلكترونياً عبر وسائل الاتصال الإلكترونية  فقد عرفت المادة الأولى من القانون المصرى رقم 80 لسنة 2002 عملية غسل الأموال بأنها كل سلوك ينطوى على اكتساب الأموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو ادارتها أو حفظها ... إذا كانت متحصلة من جريمة مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبة أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال . والأموال هنا قد تكون في هيئة نقود بأية عملة - وطنية أو أجنبية  أو في هيئة أشياء عينية أو مادية كالعقار أو المنقول المادى أو المعنوى أو أوراق مالية أو تجارية .
ويشترط لتطبيق هذا القانون العلم بالجريمة ، فالقانون لا يعاقب عليها إذا كانت عن جهل بحقيقة الأموال المغسولة(1) . حيث تسمح الوسائط الإلكترونية الحديثة بالتعامل مع الأوراق النقدية والسماح بإيداع وانتقال أرصدة الأموال من شخص لآخر عبر الدول على مستوى العالم باستخدام شبكة الإنترنت ودون الحاجة للمرور عبر 

البنوك ، مما يتيح لعصابات الجريمة المنظمة استخدامها فى القيام بعمليات غسيل الأموال دوت التعرض للعقوبات القانونية . 
ويمكن إيجاز أهم أنشطة الإجرام المنظم العابر للحدود فى مجال التجارة الإلكترونية فى الصور الآتية 
غسل الأموال المحصلة من الأنشطة الإجرامية الرئيسية للإجرام المنظم وتوظيفها فى مشروعات مشروعة .
استخدام العنف والتهديد ووسائل الاحتيال والخداع ضد المنافسين لاكتساب وضع احتكارى فى السوق بالنسبة للتعامل فى السلع والخدمات غير المشروعة .
الاحتيال بشأن الاستحقاقات كالاحتيال فى المطالبة بإعانات البطالة والاحتيال فيما يتعلق بالتأمين والبطاقات الائتمانية الممغنطة .
الاتجار فى الأيدى العاملة المهاجرة أو التهريب غير المشروع للمهاجرين .
الاتجار غير المشروع فى الأعضاء البشرية .
الاتجار فى السلع والبضائع المسروقة والمهربة .
الاتجار غير المشروع فى الأسلحة .
الاتجار غير المشروع فى النساء والأطفال .
الاتجار فى الأسرار الصناعية وغيرها من المعلومات السرية .
الاتجار غير المشروع فى العقاقير المخدرة .
تصريف النفايات السامة .
الاتجار غير المشروع فى الذهب والماس والأحجار الكريمة .

تزييف وتزوير العملات على نطاق واسع وترويجها وتداولها غير المشروع .
وقد ألزم القانون المؤسسات المالية المتمثلة فى البنوك العاملة بمصر سواءً عامة أو خاصة أو بنوك استثمارية ومتخصصة وفروعها فى الخارج وفروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر وشركات الصرافة والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبى والجهات التى تباشر نشاط تحويل الأموال والجهات التى تعمل فى مجال الأوراق المالية وغيرها بإمساك سجلات ومستندات لقيد ما تجريه من العمليات المالية المحلية أو الدولية ، وبسجلات بيانات العملاء والمستفيدين والإخطار عن العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل الأموال ، لذلك لا يجوز لهذه المؤسسات فتح حسابات أو ربط ودائع أو قبول أموال أو ودائع مجهولة أو بأسماء صورية أو وهمية ، ويؤدى الإخلال بأى من هذه الواجبات إلى معاقبة المخطئ بعقوبة الحبس وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرين ألف جنيه .
ويحسب للمشرع المصرى أنه أوجب إنشاء وحدة مستقلة ذات طابع خاص بالبنك المركزى المصرى لمكافحة غسل الأموال تمثل فيها الجهات المعنية ويلحق بها عدد كاف من الخبراء والمتخصصين ، أى أن لهذه الوحدة شخصية معنوية مستقلة عن البنك المركزى .
ويتكون الهيكل التنظيمي للوحدة من خمس إدارات هي الفحص والتحرى والاتصالات والتعاون الدولى والبحوث ونظم المعلومات والشئون الإدارية .
ويشكل للوحدة مجلس أمناء يضم خمسة أعضاء (مساعد وزير العدل – نائب محافظ البنك المركزي – رئيس هيئة سوق المال – ممثل لاتحاد بنوك مصر– 

خبير في الشئون المالية والمصرفية) ويختص مجلس الأمناء بتصريف شئون الوحدة ووضع السياسة العامة لها ، ومتابعة تنفيذها ، وتختص الوحدة بتلقى الإخطارات الواردة من المؤسسات المالية عن العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال  ويلاحظ أن الشكوك لا تكفي – بمفردها – لتكوين الاشتباه ، ولا يقتصر الأمر عليها ، وإنما يجب أن تكون هناك قرائن قوية وأدلة قاطعة على وجود أنشطة غير مشروعة ، وتنشئ الوحدة قاعدة بيانات لما يتوافر لديها من معلومات ، على أن يتم تبادل هذه المعلومات والتنسيق مع الجهات الرقابية ، ومع الجهات المختصة في الخارج تطبيقا لأحكام الاتفاقات الدولية .
ولكي تؤدي الوحدة دورها بفعالية فقد زود القانون بعضاً من موظفيها بصفة مأمور الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم غسل الأموال .
ويعد رئيس مجلس الأمناء تقريراً سنوياً يقدم إلى مجلس إدارة البنك المركزي المصري يتضمن عرضاً لنشاط الوحدة والتطورات العالمية في مجال مكافحة غسل الأموال وموقف مصرفيها(1) .





المبحث الثانى
الإرادة الإلكترونية

يتم التعاقد الإلكترونى عبر شبكات الاتصال الإلكترونية ، حيث تنتقل إرادة أحد طرفى التعاقد إلى الطرف الآخر إلكترونياً باعتباره تعاقداً عن بعد ، فأطراف العملية التجارية إذا ما رغبوا فى إجرائها فى إطار إلكترونى ، فإن التعاقد الإلكترونى لابد وأن يكون مستوفياً لأركان وشروط صحته .
وبالتالى يثور التساؤل حول كيفية إسناد الرسالة الإلكترونية إلى منشئ هذه الرسالة والإقرار باستلامها وحفظ تلك الرسالة ، ويتحقق صحة التراضى فى العقود الإلكترونية إذا كانت إرادة كل من الطرفين صادرة من ذى أهلية وخالية من عيوب إرادة التعاقد .   
لذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالى :
المطلب الأول  : إسناد الإرادة الإلكترونية .
المطلب الثانى :  عيوب الإرادة الإلكترونية .

المطلب الأول 
إسناد الإرادة الإلكترونية

إن انتقال رسائل البيانات الإلكترونية عبر الفضاء الإلكترونى قد يكون مشوباً بدرجة من عدم الأمان ، إذ قد تتعرض تلك الرسائل أثناء انتقالها عبر شبكات الاتصال للخطأ العمدى أو غير العمدى سواء من أصحابها أو غيرهم بغرض 


التلاعب فيها بأى طريقة أو العبث بمحتوياتها فتظهر على غير حقيقتها وذلك فيما يتعلق بمصدر هذه الرسالة مثل قيام شخص غير مخول له بإرسال رسالة إلكترونية باسم شخص آخر. ونظراً لأن التعاقد الإلكترونى يتم عبر وسائط إلكترونية ، وخوفاً من إسناد الإرادة الإلكترونية بطريق الغش أو الاحتيال أو الخطأ إلى شخص لم تصدر عنه هذه الإرادة فإن هناك حاجة ملحة للتأكد من إسناد تلك الإرادة إلى صاحبها والتوثق من مضمونها .
وعلى ذلك سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى ثلاث أفرع على النحو التالى :
الفرع الأول : إسناد الإرادة الإلكترونية .  
الفرع الثانى : إقرار الإرادة الإلكترونية .
الفرع الثالث : حفظ السجلات الإلكترونية .

الفرع الأول 
 إسناد الإرادة الإلكترونية

ومما لا شك فيه أن تأمين عقود التجارة الإلكترونية من تلك المخاطر يتطلب حماية العاقد ، فالاعتراف بقدرة الإرادة على إنشاء العقد الإلكترونى يتطلب التأكد من نسبة الرسالة الإلكترونية لصاحبها(1) . 
وقد تصدى القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية الصادر عام 1996 لهذا الأمر وخصص لتنظيمه المادة (13/1) منه من الفصل الثالث بعنوان " إبلاغ رسائل 

البيانات " فنصت على أنه " تعتبر رسالة البيانات صادرة عن المنشئ إذا كان هو الذى أرسلها بنفسه "  أى أن القاعدة التى تحكم إسناد الرسالة الإلكترونية الحاملة للإرادة العقدية هو أنه تعتبر الرسالة صادرة عن المنشئ إذا كان هو الذى أرسلها(1) . ويقتضى هذا الوضع الوقوف على بيان المقصود بمنشئ الرسالة والمرسل إليه  فتعريف منشئ رسالة البيانات وفقاً للمادة (2/ج) من القانون النموذجى هو " الشخص الذى يعتبر أن إرسال أو إنشاء رسالة البيانات قبل تخزينها  إن حدث قد تم على يديه أو نيابة عنه ولكنه لا يشمل الشخص الذى يتصرف كوسيط فى هذه الرسالة " ، ويقصد بالمرسل إليه " الشخص الذى قصد المنشئ أن يتسلم رسالة البيانات ولكنه لا يشمل الشخص الذى يتصرف كوسيط فيما يتعلق بهذه الرسالة " . 
ونجد القانون الإماراتى للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 قد وضع تعريفاً مشابهاً للمنشئ والمرسل إليه ، فبين المقصود بالمنشئ فى المادة (2) المخصصة للتعريفات بأنه " الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى يقوم أو يتم بالنيابة عنه إرسال الرسالة الإلكترونية أياً كانت الحالة ولا يعتبر منشئاً الجهة التى تقوم بمهمة مزود خدمات فيما يتعلق بإنتاج أو معالجة أو إرسال أو حفظ تلك الرسالة الإلكترونية وغير ذلك من الخدمات المتعلقة بها " . 
كما عرف المرسل إليه بأنه " الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى قصد منشئ الرسالة توجيه الرسالة إليه ولا يعتبر مرسلاً إليه الشخص الذى يقوم بتزويد 



الخدمات فيما يتعلق باستقبال أو معالجة أو حفظ المراسلات الإلكترونية وغير ذلك من الخدمات المتعلقة بها " . 
وأيضاً عرف قانون الأردن للمعاملات الإلكترونية رقم 85 لسنة 2001 المنشئ بأنه " الشخص الذى يقوم بنفسه أو بواسطة من ينيبه بإنشاء أو إرسال رسالة معلومات قبل تسلمها وتخزينها من المرسل إليه " .
كما عرف المرسل إليه بأنه " الشخص الذى قصد المنشئ تسليمه رسالة المعلومات" . 
وللأسف لم يتناول مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى موضوع إسناد الإرادة الإلكترونية ، أما قانون الأردن للمعاملات الإلكترونية فقد قرر نفس صياغة القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية ولكن مع إضافة عبارة الوسيط الإلكترونى حيث نص فى المادة (14) على أنه " تعتبر رسالة البيانات صادرة من المنشئ سواء صدرت عنه ولحسابه أو بواسطة وسيط إلكترونى معد للعمل أتوماتيكياً بوساطة المنشئ أو بالنيابة عنه " . وهو ما يفهم منه أن الرسالة الإلكترونية تعتبر صادرة من المنشئ إذا صدرت من وكيله الإلكترونى الذى أعده بنفسه للعمل ، كما قرر نفس المعنى أيضاً قانون إمارة دبى للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 فى المادة (15) مع استعمال مصطلح نظام معلومات مؤتمت بدلاً من وسيط إلكترونى بقولها " 1 - تعتبر الرسالة الإلكترونية صادرة من المنشئ إذا كان المنشئ هو الذى أصدرها بنفسه . 2 - فى العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه تعتبر الرسالة الإلكترونية أنها صادرة من المنشئ إذا أرسلت : (أ) – من شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ فيما يتعلق بالرسالة الإلكترونية أو (ب) - من 


نظام معلومات مؤتمت ومبرمج للعمل تلقائياً من قبل المنشئ أو نيابة عنه "  وهو ما يعنى أن رسالة البيانات تنسب إلى المنشئ إذا كان هو الذى قام بنفسه أو من ينوب عنه أو وكيله الإلكترونى الذى قام بإرسالها ، ولذلك تنسب رسالة البيانات الإلكترونية سواء كانت تحمل إيجاباً أو قبولاً إلى منشئها إذا كان هو الذى أرسلها بنفسه أو شخص آخر نيابة عنه أو الوكيل الإلكترونى المبرمج  مسبقاً .    
وقد بين القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية فى المادة (13) حالتين يفترض فيهما صدور رسالة البيانات عن المنشئ وحالتين يحق فيهما لمستلم الرسالة اعتبارها صادرة عن المرسل وذلك على التفصيل التالى :
أولاً : حالات افتراض صدور رسالة البيانات الإلكترونية عن المنشئ(1) 
تناولت المادة (13) من القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية حالات افتراض صدور رسالة البيانات الإلكترونية عن المنشئ وذلك فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة سالفة البيان ، فنصت الفقرة الثانية على " فى العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه تعتبر رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشئ إذا أرسلت : (أ) – من شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ فيما يتعلق برسالة البيانات أو من (ب) – نظام معلومات مبرمج على يد المنشئ أو نيابة عنه للعمل تلقائياً " .
بينما تناولت الفقرة الثالثة أيضاً حق المرسل إليه فى أن يفترض نسبة الرسالة الإلكترونية إلى المنشئ وأن يتصرف على أساس هذا الافتراض فى حالتين حددهما القانون النموذجى على سبيل الحصر وسنتناول تلك الحالات كما يلى :



الحالة الأولى : 
إذا كانت رسالة البيانات الإلكترونية قد قام بها شخص آخر غير المنشئ طالما كان لهذا الشخص الذى أرسلها سلطة التصرف بالنيابة عنه ، ويتحقق ذلك فى حالة كون هذا الشخص مرسل الرسالة الإلكترونية وكيلاً أو نائباً عن صاحب الإرادة .
الحالة الثانية : 
إذا كانت رسالة البيانات الإلكترونية قد أرسلت عن طريق وكيل إلكترونى أى من نظام معلومات مبرمج مسبقاً على يد المنشئ أو نيابة عنه للعمل آلياً . 
وقد سار على نفس النهج كل من قانون دولة الإمارات للمعاملات والتجارة الإلكترونية والقانون الأردنى وقانون البحرين للمعاملات الإلكترونية لعام 2002 فنصت المادة (15/2) من القانون الإماراتى للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 على أنه " فى العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه ، تعتبر الرسالة الإلكترونية صادرة عن المنشئ إذا أرسلت (أ) – من شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ فيما يتعلق بالرسالة الإلكترونية (ب) – من نظام معلومات مؤتمت ومبرمج للعمل تلقائياً من قبل المنشئ أو نيابة عنه . 
كما نص القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية فى المادة (14) منه على أنه
" تعتبر رسالة البيانات صادرة عن المنشئ سواء صدرت عنه ولحسابه أو بواسطة وسيط إلكترونى بواسطة المنشئ أو بالنيابة عنه .
الحالة الثالثة : 
إذا طبق المرسل إليه تطبيقاً سليماً إجراء سبق وأن وافق عليه المنشئ لهذا الغرض من أجل التأكد من أن رسالة البيانات قد صدرت عن المنشئ . حيث تبين هذه المادة الحالة التى يتفق فيها المرسل والمرسل إليه على نظام بموجبه يستطيع هذا 

الأخير أن يتأكد من أن الرسالة الإلكترونية أرسلت فعلاً من قبل المرسل – مثال ذلك أن يتأكد مثلاً من الأسلوب أو اللغة المتفق عليها فى التبادل الإلكترونى للبيانات  أو أن يراجع مثلاً جهة التوثيق المعتمد لديها التوقيع الإلكترونى الخاص بالمرسل أو التأكد من أن الرسالة أرسلت من شخص يكون له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ أو أرسلت من نظام معلومات مبرمج إلكترونياً بواسطة المنشئ أو أى إجراء اتفق عليه الطرفان بغرض التحقق من صدور الرسالة من المنشئ .
وقد اشترط النص أن يطبق المرسل إليه كافة الإجراءات المتفق عليها مع المرسل تطبيقاً سليماً  وهو ما يعنى أن المرسل إليه إذا لم يطبق تلك الإجراءات بعناية فإنه يتحمل الخطأ الناجم عن ذلك ، الذى يؤدى إلى نسبة الرسالة الإلكترونية إلى المنشئ رغم كونه لم يرسلها ، أى أن المسئولية عن الخطأ فى إسناد الرسالة الإلكترونية إلى غير منشئها يقع على عاتق المرسل إليه ، وهى بالطبع قرينة قابلة لإثبات العكس  إذ يستطيع المرسل إليه إثبات أنه اتبع كافة الإجراءات المتفق عليها بين الطرفين بغرض التحقق من صدور الرسالة من المنشئ ، ولكن الخطأ وقع بسبب أجنبى(1) .
ونجد أن التزام المرسل إليه بتطبيق كافة الإجراءات المتفق عليها مع المرسل للتحقق من نسبة الرسالة الإلكترونية إلى الأخير هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة .
الحالة الرابعة : 
إذا استخدم المرسل طريقة معينة لإثبات أن الرسالة الإلكترونية صادرة عنه فعلاً  ثم يتمكن شخص آخر من الوصول إلى هذه الطريقة ، ففى هذه الحالة يحق للمرسل 

إليه أن يعتبر أن هذه الرسالة قد صدرت عن المنشئ وأن يتصرف على هذا الأساس . وقد نص كل من القانون الأردنى والقانون الإماراتى وقانون مملكة البحرين للمعاملات الإلكترونية على نفس حالات افتراض صدور الرسالة الإلكترونية عن المنشئ والمرسل إليه متبعين فى ذلك ما قرره القانون النموذجى . 
فنص القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية فى المادة (15/أ) على أنه " للمرسل إليه أن يعتبر رسالة المعلومات صادرة عن المنشئ وأن يتصرف على هذا الأساس فى أى من الحالاتين الآتيتين :
1 – إذا استخدم المرسل إليه نظام معالجة معلومات سبق أن اتفق مع المنشئ على استخدامه لهذا الغرض للتحقق من أن الرسالة صادرة عن المنشئ .  
2 – إذا كانت الرسالة التى  وصلت للمرسل إليه ناتجة من إجراءات قام بها شخص تابع للمنشئ أو من ينوب عنه ومخول بالدخول إلى الوسيلة الإلكترونية المستخدمة من أى منهما لتحديد هوية المنشئ .
كما نص قانون إمارة دبى للمعاملات والتجارة الإلكترونية فى المادة (15/2) على أنه " فى العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه تعتبر الرسالة الإلكترونية أنها صادرة من المنشئ إذا أرسلت : 
أ- من شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ فيما يتعلق بالرسالة الإلكترونية .
ب- أو من نظام معلومات مؤتمت ومبرمج للعمل تلقائياً من قبل المنشئ أو نيابة عنه .
كما نص قانون مملكة البحرين للمعاملات الإلكترونية لسنة 2002 فى المادة (12) على أنه " ما لم يتفق على غير ذلك ما بين المنشئ وبين من يرسل إليه سجل 

إلكترونى فإن السجل الإلكترونى يعزى إلى المنشئ إذا كان قد أرسل من المنشئ – قد أرسل مع موافقة صريحة أو ضمنية من قبل وكيل أو وكيل إلكترونى للمنشئ .... " . 
ثانياً : حالات اعتبار الرسالة الإلكترونية غير صادرة من المنشئ
إذا كان القانون النموذجى قد أقر أنه من حق المرسل إليه اعتبار الرسالة الإلكترونية قد صدرت عن المنشئ وأن يتصرف على هذا الأساس فى الحالات السابق الإشاره إليها ، إلا أنه يتعين استبعاد هذا الافتراض وعدم تطبيقه فى الفرضين الآتيين (م/13) فقرة 4 وهما :
الفرض الأول : 
إذا استلم المرسل إليه إشعاراً من المنشئ يفيد بأن رسالة البيانات لم تصدر عنه ، وقد اشترط القانون لتحقق هذا الفرض أن يتاح للمرسل إليه فترة زمنية مناسبة للتصرف على أساس أن رسالة البيانات لم تصدر من المنشئ .
الفرض الثانى :
إذا علم المرسل إليه أو كان بمقدوره أن يعلم أن الرسالة الإلكترونية لم تصدر عن المنشئ وذلك إذا ما بذل العناية المعقولة أو استخدم أى إجراء متفق عليه بين الطرفين .
وقد نص القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية فى المادة (15/ب) على نفس الفرضين السابقين ، كما نص القانون الإماراتى للتجارة الإلكترونية فى المادة (15/4) على ذات الفرضين ، إلا أنه أضاف فرضاً ثالثاً وهو إذا كان من غير المعقول أو كانت الظروف وأوضاع التعامل تشير إلى أنه من غير المقبول للمرسل إليه أن يعتبر أن الرسالة الإلكترونية صادرة عن المنشئ أو أن يتصرف على أساس هذا 

الافتراض . ويواجه هذا الفرض الثالث الأوضاع المعتادة أو المعقولة ، فيجب لنسبة الرسالة إلى المرسل وإسنادها إليه أن يكون موافقاً لما هو معقول ومعتاد ، فإذا كانت الظروف تشير إلى أن الرسالة الإلكترونية لا يتصور أن تكون صادرة من المنشئ فلا يحق للمرسل إليه أن يعتبر خلاف ذلك(1) .
 
الفرع الثانى
الإقرار باستلام الرسالة الإلكترونية

قد يتم الاتفاق بين أطراف التعاقد الإلكترونى على توجيه إقرار باستلام الرسالة الإلكترونية ، سواء أكانت فى شكل تبادل إلكترونى للبيانات أو فى أى شكل آخر يتضمن إيجاباً أو قبولاً ، وذلك حتى يكون المنشئ للرسالة الإلكترونية على دراية كافية من مصير تلك الرسالة والتصرف على ضوء ذلك .
وقد يتم الاتفاق بين منشئ الرسالة الإلكترونية والمرسل إليه على شرط الإقرار بالاستلام قبل توجيه الرسالة الإلكترونية من المرسل إلى المرسل إليه أو عند توجيهها ، وقد يكون الاتفاق على الإقرار بالاستلام ضمن الرسالة الإلكترونية المرسلة ، أو فى اتفاق خاص مستقل يتفق عليه الطرفان مسبقاً  والإقرار باستلام رسالة البيانات قد يكون لمجرد علم المنشئ بوصول رسالته إلى المرسل إليه ، وقد يكون شرطاً لإعمال الرسالة وترتيب أثرها . وقد تناولت المادة (14) من القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية مسألة الإقرار باستلام الرسالة الإلكترونية على التفصيل الآتى :

أولاً :  شكل الإقرار 
الإقرار(1) بالاستلام الذى يرسله المرسل إليه إلى منشئ الرسالة الإلكترونية ، الذى يفيد استلامها يخضع من حيث الشكل والمضمون للاتفاق المبرم بينهما ، فإذا اتفق الطرفان على أن يكون الإقرار فى شكل معين أو بوسيلة معينة وجب احترام هذا الاتفاق والالتزام به ، أما إذا لم يتفق الطرفان على شكل معين للإقرار فإن المادة
(14) من القانون النموذجى قد نصت على أنه " إذا لم يكن المنشئ قد اتفق مع المرسل إليه على أن يكون الإقرار بالاستلام وفق شكل معين أو على أن يتم بطريقة معينة يجوز الإقرار بالاستلام عن طريق  " : 1 – أى إبلاغ من جانب المرسل إليه سواء أكان بوسيلة آلية أو بأية وسيلة أخرى .
2 – أى سلوك من جانب المرسل إليه يكون كافياً لإعلام المنشئ بوقوع استلامه رسالة البيانات " .    
وهو ما يبين أن الإقرار يجوز أن يتم بأية وسيلة ، كأن يرسل الإقرار عن طريق نظام إلكترونى مؤتمت أو عبر البريد الإلكترونى أو بواسطة الفاكس ، أو بأية طريقة أو سلوك يدل على وصول الرسالة الإلكترونية ، مثال ذلك قيام المرسل إليه كمشترى فى عقد البيع الإلكترونى بدفع الثمن عن طريق بطاقات الائتمان أو بشيك إلكترونى ، أو قيام المرسل إليه البائع بإرسال المبيع إلى المشترى .



وفى هذا المعنى جاء نص كل من قانون سنغافورة للمعاملات الإلكترونية ، وكذلك القانون الأردنى والإماراتى، وقانون مملكة البحرين للتجارة الإلكترونية ، ومشروع قانون دولة الكويت ، فنصت المادة
(16/أ) من القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية رقم 85 لسنة 2001 على أنه " إذا طلب المنشئ من المرسل إليه بموجب رسالة المعلومات إعلامه بتسليم تلك الرسالة أو كان متفقاً معه على ذلك ، فإن قيام المرسل إليه بإعلام المنشئ بالوسائل الإلكترونية أو بأى وسيلة أخرى أو قيامه بأى تصرف أو إجراء يشير إلى أنه قد استلم الرسالة يعتبر استجابة لذلك الطلب أو الاتفاق .
كما نصت المادة (16/1) من القانون الإماراتى للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 على أنه " تنطبق الفقرات 2و3و4 من هذه المادة عندما يكون المنشئ قد طلب من المرسل إليه أو اتفق معه ، عند أو قبل توجيه الرسالة  توجيه إقرار بالاستلام ، ولم تعالج هذه المسألة كثير من القوانين مثل القانون التونسى بشأن المعاملات الإلكترونية وأيضاً مشروع القانون المصرى للتجارة الإلكترونية . 
ثانياً : الفترة الزمنية المحددة للإقرار بالاستلام 
إذا حدد منشئ الرسالة الإلكترونية فترة معينة لورود الإقرار بالاستلام ، فإنه يجب إرسال الإقرار خلال المدة الزمنية المحددة ، أما إذا لم يذكر المرسل وجوب ورود ذلك الإقرار فى خلال الوقت المحدد أو المتفق عليه أو فى خلال وقت معقول فإن للمرسل ، وطبقاً لنص المادة (14/4) من القانون النموذجى إذا لم يرد الإقرار بالاستلام خلال وقت معقول تعامل رسالة البيانات الإلكترونية وكأنها لم ترسل أصلاً .
ثالثاً : الآثار القانونية المترتبة على تلقى المنشئ الإقرار بالاستلام 

افترض القانون النموذجى فى المادة (14/5) أن المنشئ إذا تلقى إقراراً باستلام الرسالة الإلكترونية من المرسل إليه ، فإن هذا الإقرار يعتبر قرينة على استلامها ولكنها تعتبر مجرد قرينة قابلة لإثبات العكس بكافة الطرق القانونية .
كما أوضحت تلك المادة أن هذه القرينة على استلام الرسالة الإلكترونية لا تمتد إلى مضمون الرسالة ، أى يعتبر الإقرار بالاستلام مجرد إفادة بأن الرسالة قد وردت  فلا يكون له أى أثر قانونى فيما يتعلق بإمكان إبرام عقد إلكترونى ، فيجب ألا يعتبر إقرار الاستلام قراراً من جانب المرسل إليه بالموافقة على مضمون الرسالة وذلك ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك(1) .

فإذا صدر الإقرار بالاستلام من المرسل إليه ، وكان يفيد العلم وقبول ما ورد بمضمون الرسالة الصادرة من المنشئ ، وكنا بصدد عقد بيع مثلاً ، فإن العقد ينعقد منذ لحظة وصول الإقرار بالاستلام إلى المرسل وذلك شريطة أن يكون القبول مطابقاً للرسالة الإلكترونية ، أما إذا كان الإقرار بالاستلام يفيد علم المرسل إليه مع وجود تعديل سواء بالزيادة أو النقصان للرسالة الإلكترونية الصادرة من المنشئ  فإن هذا الإقرار يعد إيجاباً جديداً يتعين قبوله من المنشئ حتى يتم التعاقد الإلكترونى وهو ما يتضح معه أن منشئ الرسالة الإلكترونية قد يكون الموجب أو القابل(1) .   
الفرع الثالث
 حفظ الرسائل الإلكترونية

 لما كانت الرسائل الإلكترونية المتبادلة من الأهمية بمكان ، إذ تعتبر الأساس الذى يتم إبرام العقد الإلكترونى ، فإنه فى الغالب يتم وضع هذه الرسائل فى سجل إلكترونى بهدف حفظها والرجوع إليها عند الحاجة . وفكرة الاحتفاظ بسجل لتسجيل كل ما يتعلق بأعمال التاجر ليست جديدة على المشرع المصرى إذ نص فى قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن التاجر ملزم بأن يحتفظ بصورة من المراسلات والبرقيات وغيرها من الوثائق التى يرسلها أو يتسلمها لشئون تتعلق بتجارته كالخطابات التى يرسلها أو يتلقاها من وإلى عملائه من أجل عقد صفقات تجارية جديدة وأيضاً الفواتير وأذون الصرف وغير ذلك من المستندات التى تتعلق 



بتسيير تجارته(1) ، كما ألزم التاجر بالاحتفاظ بالدفاتر التجارية مدة معينة ونص على عقوبة يتعرض لها التاجر إذا أخل بالتزامه بالحفظ أو أهمل القواعد التى حددها القانون لانتظام الدفاتر التجارية وهو الحرمان من الصلح الواقى للإفلاس(2) . فمن الضرورى الاحتفاظ بالمحررات والسجلات الإلكترونية واسترجاع تلك المحررات لتعتبر دليلاً كاملاً فى الإثبات ، كما يجب أن تكون قابلة للاحتفاظ بها بشكلها الأصلى الذى نشأ به والمتفق عليه بين طرفى العلاقة ، وتؤكد المادة (8) من القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية على ذلك بقولها " عندما يشترط القانون تقديم المعلومات أو الاحتفاظ بها فى شكلها الأصلى تستوفى رسالة البيانات هذا الشرط إذا : أ- وجد ما يعول عليه لتأكيد سلامة المعلومات منذ الوقت الذى أنشئت فيه للمرة الأولى فى شكلها النهائى بوصفها رسالة بيانات أو غير ذلك " . فهذا النص يؤكد على سلامة المعلومات الواردة فى المحرر الإلكترونى دون أن يمسها أى تغيير فى شكلها الأصلى الذى نشأت به ، ويتم الاحتفاظ بالسجلات الإلكترونية عن طريق تخزينها كما هى وبما تحتويه من نصوص من خلال استخدام وسائل تخزينية  ومن أهم الوسائل الإلكترونية المستخدمة فى هذا الشأن : 
1 – الأقراص المرنة CD(3) 


وهى تعد من أكثر الوسائل المتداولة فى تخزين البيانات واسترجاعها ، ويتم استخدامها فى كافة أجهزة الحاسب وذلك لسهولة استخدامها وتداولها ، وهذه الأقراص تكون على شكل دائرة تصنع من مادة رقيقة من البلاستيك ومطلية بمادة حساسة وممغنطة ، وتتنوع هذه الأقراص فمنها ما يقبل التسجيل على وجه واحد للسطح ومنها ما يكون مزدوج السطح للتسجيل ، ويحتوى القرص المرن على فتحة يتم من خلالها قراءة ما يوجد على هذا القرص بواسطة وحدة الأقراص وذلك من خلال ملامسة الرأس لسطح القرص  وتمتاز تلك الأقراص بسعتها التخزينية الكبيرة والتى قد تصل إلى 800 ميجا بايت وقد تكون هذه الأقراص للقراءة فقط فلا يمكن الكتابة عليها وهى أكثر أماناً فى اعتبارها دليلاً من أدلة الإثبات أو للقراءة والكتابة معاً من خلال وجود وحدة للأقراص المرنة يختلف عن وحدة القراءة فقط ، وتوجد أقراص مرنة ذات سعة تخزينية أكبر يطلق عليها اسم DVD تصل سعتها التخزينية حوالى 5 جيجا بايت(1).
وقد ظهر مؤخراً نوع جديد من وسائل حفظ المعلومات واسترجاعها يسمى Flash Disk وهو يشبه القلم فى شكله ويتم توصيله بجهاز الحاسب من خلال وصلة معينة .
2 – القرص الصلب : وهو قرص معدنى رقيق يتم صنعه من سبائك الألومنيوم  ويتسم بقدرته العالية فى التخزين وهو يفوق كثيراً الأنواع الأخرى(2).
ويعد السجل الإلكتروني من الأمور الهامة التى يتعين مراعاتها فى مجال التبادل الإلكترونى للبيانات حتى إذا ثار نزاع بين أطراف التعامل أمكن آنذاك إقامة دعوى 

لإثبات الحق بناء على ما سجل من بيانات متبادلة داخل الكمبيوتر ، ويمكن تشبيه سجل العمليات الإلكترونية بالدفاتر التجارية التى يلزم القانون التجارى التجار والمنشآت التجارية بإمساكها لبيان معاملاتهم التجارية .
وسجلات العمليات الإلكترونية التجارية عبارة عن ملفات للمعلومات خاصة برسائل البيانات الإلكترونية المتبادلة بين أطراف التعاقد ، ولكل طرف فى العملية التجارية السجل الخاص به ، ويحتوى السجل على العديد من البيانات الخاصة بالمعاملات الإلكترونية والتى من أهمها البيانات التالية :
1 – الهوية والبريد الإلكترونى لصاحب السجل .
2 – الاسم والعنوان والهوية والبريد الإلكترونى للطرف الآخر فى العملية .
3 – تاريخ وزمان إرسال واستلام الرسائل الإلكترونية .
4 – حجم التعامل بين الأطراف كما هو مبين فى الرسائل المسلمة .
5 – نسخة طبق الأصل من السجل يحتفظ بها فى الأرشيف .
6 – بيان البروتوكول والمعايير الخاصة بالتبادل الإلكترونى للبيانات التى تم تسليم الرسائل بموجبها وذلك كصيغة نموذجية يستخدمها الأطراف فيما بينهم بعد ذلك فى المعاملات المستقبلية .
7 – معلومات عن الفواتير أو المستندات الخاصة بالعملية التجارية .
8 – ملف إضافى يحتوى على أية معلومات أخرى ترتبط بالتعاملات .
وإذا كانت غالبية العقود المبرمة بالطرق التقليدية تحتاج إلى وسائل مكتوبة أو سجل مادى ملموس يمكن للأطراف الرجوع إليه فى حالة الشك أو الخلاف فإنه فى التعاقد الإلكترونى يوجد مثل هذا السجل فى شكل رسائل بيانات إلكترونية ، وهذا 


السجل قد يحتفظ به وقتياً فقط حتى تمام التعاقد ، وقد يكون الاطلاع عليه متاحاً فقط للطرف الذى يتم إبرام العقد من خلال نظام المعلومات الخاص به .
والسجل الإلكتروني للمعاملات التجارية باعتباره وسيلة لحفظ المعلومات المتبادلة بين أطراف التعامل وتوثيق البيانات المدونة فيه ، يعتبر جزءاً أساسياً من نظام التبادل الإلكترونى للبيانات ، وكلما كانت سجلات التعامل كافية وكاملة ويمكن الاعتماد عليها ويتم تزويدها بعناصر الأمان فإن ذلك يساعد على اكتمال نظام تبادل البيانات إلكترونياً . ونظراً لأهمية السجل الإلكتروني فى المعاملات الإلكترونية فإن الاتفاقات الدولية والتشريعات الوطنية الحديثة بشأن التجارة الإلكترونية تشترط وجود سجل إلكترونى فقد نص التوجيه الأوروبى الصادر سنة 2000 بشأن التجارة الإلكترونية فى المادة (10/1) على أن " الشخص الذى يعرض منتجات وخدمات من خلال نظم معلومات يمكن للجمهور الوصول إليها بأن يوفر وسائل لتخزين أو طباعة العقد "(1).
كما تضمنت غالبية الاتفاقات النموذجية للتبادل الإلكترونى للبيانات نصاً يلتزم بموجبه الأطراف بالاحتفاظ بسجل لرسائل التبادل الإلكترونى للبيانات ، وقد نص عدد من هذه الاتفاقات على أن طرق التسجيل المستخدمة ينبغى أن تحافظ على كل من الرسائل المرسلة والمسلمة  وأن توفر سجلاً ذا تسلسل زمنى وتاريخى لهذه الرسائل ، وأن تضمن إمكانية الوصول إلى الرسالة المسجلة المرسلة بالتبادل الإلكترونى للبيانات وبشكل يمكن قراءته .
ولعل من أهمها الاتفاق النموذجى الأوروبى للتبادل الإلكترونى للبيانات حيث نص على أنه " يجب على كل طرف من أطراف التعاقد أن يخزن بدون تعديل أو 

تحريف ، وباستخدام وسائل أمان ، سجلاً كاملاً ومسلسلاً زمنياً لجميع رسائل البيانات التى يتبادلها الأطراف إلكترونياً أثناء القيام بالعملية التجارية وفقاً للشروط والمواصفات المنصوص عليها فى قانونه الوطنى " .
كما يجب على كل طرف الاحتفاظ بهذا السجل الإلكتروني لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ إتمام الصفقة ( م/8/1) ، وأنه يجب على المرسل أن يخزن الرسائل الإلكترونية المرسلة من قبله بنفس الشكل الذى أرسلت به ، وعلى المستلم الاحتفاظ بها بالشكل الذى تسلمها به ما لم تنص القوانين الوطنية على خلاف ذلك (8/2) ، ويلتزم أطراف التعاقد بتسهيل الإطلاع على السجلات الإلكترونية وإمكانية استنساخها بشكل يمكن للإنسان قراءتها وطبعها (8/3) . 
أولاً : تعريف السجل الإلكتروني 
عرف القانون الأمريكى الموحد للتجارة الإلكترونية فى المادة2/7 السجل الإلكتروني بأنه " السجل الذى يتم إنشاؤه أو تكوينه أو إرساله أو استلامه أو تخزينه بوسائل إلكترونية "(1) . 
وعرف قانون دبى للمعاملات الإلكترونية السجل الإلكتروني  بأنه سجل أو مستند إلكترونى يتم إنشاؤه أو تخزينه أو استخراجه أو نسخه أو إرساله أو إبلاغه أو استلامه بوسيلة إلكترونية على وسيط ملموس أو على وسيط إلكترونى آخر ويكون قابلاً للاسترجاع بشكل يمكن فهمه .
كما بين هذا القانون البيانات اللازم توافرها فى السجلات الإلكترونية مثل جهة تصدير رسالة البيانات وجهة استلامها وتاريخ وزمان الإرسال والاستقبال ، مع 

تقرير حق الحكومة فى أن تضع شروطاً إضافية للسجلات الإلكترونية التى تحتفظ بها وتخضع لاختصاصها ( مادة 8/4/ج) .  
وقد عرف القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية فى المادة (2) منه السجل الإلكترونى بأنه " القيد أو العقد أو رسالة المعلومات التى يتم إنشاؤها أو إرسالها أو تسليمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية " .
وعلى الرغم من أن القانون التونسى للمبادلات والتجارة الإلكترونية لم ينص صراحة على تعريف السجل الإلكترونى إلا أن نص المادة (14) أوجب على كل شخص أو معنوى مختص بخدمة المصادقة والتوثيق الإلكترونية الإمساك بسجل إلكترونى ، خاص بشهادات المصادقة على ذمة المستعملين للإطلاع إلكترونياً بصفة مستمرة على المعلومات المدونة به ، كما ألزم القانون كل مزود بخدمات مصادقة إلكترونية بحماية هذا السجل الإلكترونى من كل تغيير أو تحريف غير مرخص به .
وقد وضع قانون المعاملات الإلكترونية لدولة البحرين لسنة 2002 تعريفاً للسجل الإلكترونى بأنه " السجل الذى يتم إعداده أو تخزينه أو استخراجه أو تسلمه أو توصيله بوسيلة إلكترونية " . كما عرف وسيط الشبكة فيما يتعلق بالسجل الإلكترونى " الشخص الذى يقوم نيابة عن شخص آخر بإرسال واستقبال وبث أو تخزين ذلك السجل الإلكترونى أو يقدم خدمات أخرى بشأن ذلك السجل " .
يتضح من هذه التعريفات أن السجل الإلكترونى يشمل أى حامل أو وسيط أو دعامة معدة لإنشاء البيانات والمعلومات أو حفظها أو إرسالها أو استلامها إلكترونياً . ويتمثل الهدف من استخدام السجل الإلكترونى فى توثيق المعلومات بطريقة تضمن 


سلامتها واسترجاعها كاملة عند اللزوم لأطراف التعاقد أو للأشخاص المرخص لهم بذلك . 
مزايا السجل الإلكتروني 
1– تقليل المشاكل الناتجة عن مساوئ الحفظ التقليدية عن استخدام السجلات الورقية ، وقد سعت شبكة بوليرو(1) إلى إحلال السجلات والرسائل الإلكترونية محل الوثائق والمعاملات الورقية فى مجال سندات الشحن(2) ، فالمشاكل والآثار السيئة لنظم الحفظ الورقية التقليدية والتى من أهمها عدم وجود نظام رقابة محكم على الأرشيف وظهور مشكلة تضخم الورق وتعرض الوثائق والمستندات للفقد والضياع وأيضاً ضياع الوقت فى أعمال التسليم والمتابعة والمراجعة وعد تحقق الأمن والسرية للوثائق والمستندات .
2- من أهم إيجابيات السجلات الإلكترونية أنها تحتاج إلى حيز مكانى أقل مقارنة بالسجلات الورقية  ونظراً لزيادة الحاجة إلى حفظ السجلات أصبح من الضرورى تقليل حجم المكان اللازم لهذه السجلات  ونظراً لأن تبادل البيانات يتم بنظام إلكترونى فإنه يتم تجميع كميات ضخمة من المعلومات فى قرص أو أسطوانة مضغوطة لا تشغل أى حيز يذكر .

3 – إن سجلات الكمبيوتر يصعب تغييرها أو تحريفها أو تزويرها مقارنة بالسجلات الورقية ، إذ أنه باستخدام التشفير المناسب للبيانات يصعب على أى شخص غير مرخص له أن يصل أو يغير أو يزور مستندات محفوظة إلكترونياً .                                                             
4 – إن السجل الإلكتروني يمكن اعتباره كدليل فى الإثبات يقدم إلى المحاكم وذلك فى حالة وجود شك أو خلاف بين الأطراف المتعاقدة ، مع كفالة حق القاضى فى تقدير وتقييم حجة تلك السجلات الإلكترونية فى الإثبات ، كما يمكن للمحكمة الاستعانة بأهل الخبرة لإيضاح الأمر .
ثانياً : حجية السجل الإلكترونى 
أقرت غالبية التشريعات الحديثة المتعلقة بالتجارة الإلكترونية الأثر القانونى للسجلات الإلكترونية لأنها يمكن أن تؤدى بكفاءة نفس وظائف الدفاتر التجارية الورقية حيث تكون مقروءة للجميع ، ويمكن الحصول على عدة نسخ منها بيد كل طرف نسخة . مع إمكانية بقائها فترة من الزمن بدون تلف ، وتوفر الأمان  ويقتضى ذلك بيان الحجية القانونية للسجلات الإلكترونية فى التشريعات الوطنية المختلفة على النحو التالى :
1 -  موقف المشرع المصرى من السجل الإلكترونى 
جاء مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى خالياً من أى مادة تشير إلى تعريف السجل الإلكترونى أو اشتراط وجوده ، كما جاء قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 خالياً أيضاً من ثمة مادة تتعلق بالسجل الإلكترونى ، ولكنه قضى فى المادة (21) بأنه " على كل تاجر يجاوز رأس ماله المستثمر فى التجارة عشرين ألف جنيه أن يمسك الدفاتر التى تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها ، وعلى وجه الخصوص دفترى اليومية والجرد " . كما نصت المادة (22) أيضاً على أن " تقيد 

فى دفاتر اليومية جميع العمليات التجارية التى يجريها التاجر ، وللتاجر أن يستعمل دفاتر يومية مساعدة لإثبات تفصيلات الأنواع المختلفة من العمليات التجارية " . ونصت المادة (24) على " إلزام التاجر التاجر بأن يحتفظ بصورة من المراسلات والبرقيات وغيرها من الوثائق التى يرسلها ، أو يتسلمها لشئون تتعلق بتجارته ويكون الحفظ بطريقة منتظمة ، ويلاحظ فى هذه المادة أن المشرع لم يحدد شكل الصورة المطلوبة للرسائل المتبادلة والبرقيات  كما لم يشترط وجود أصل هذه الوثائق والمكاتبات التى يتسلمها التاجر كما كان يشترط فى قانون الدفاتر التجارية المصرى رقم 388 لسنة 1953 والتى كانت تنص على قيام التاجر بالإحتفاظ بصورة طبق الأصل من جميع المراسلات والبرقيات التى يرسلها لأعمال تجارته . وبالتالى فإنه يمكن الاحتفاظ بصور الوثائق والمستندات والرسائل المرسلة أو المستلمة فى أى شكل كانت سواء على هيئة ميكروفيلم  أو على ذاكرة الكمبيوتر  وهو ما يتفق وطبيعة المعاملات الإلكترونية(1) . وقد ماثل المشرع المصرى بين السجل الإلكترونى والسجل الورقى فى قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 فى المادة الثالثة من هذا القانون والتى نصت على " تنشئ مصلحة الأحوال المدنية قاعدة قومية لبيانات المواطنين تشتمل على سجل خاص لكل مواطن ...... " ، كما نصت المادة الثالثة من هذا القانون على أن المقصود بالسجلات هى السجلات الورقية أو الآلية المخزنة على الحاسب الآلى وملحقاته سواء إلكترونياً أو مغناطيسياً أو بأية وسيلة أخرى ، وهو ما يعنى أن المشرع المصرى قد أقر حجية السجل الإلكترونى . كما اعتبر المشرع المصرى بيانات السجل الإلكترونى بيانات 

واردة فى محررات رسمية فنص فى المادة (3/1) من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 على " فى تطبيق أحكام هذا القانون وقانون العقوبات تعتبر البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية وملحقاتها بمركز معلومات الأحوال المدنية ومحطات الإصدار الخاصة بها المستخدمة فى إصدار الوثائق وبطاقات تحقيق الشخصية بيانات واردة فى محررات رسممية "  وعاقب على تزويرها بعقوبة الجناية .
كما نص قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 فى المادة (9) على " يتعين على البنوك والمؤسسات المالية أن تحتفظ بالمستندات والسجلات التى تلتزم بإمساكها لمدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ انتهاء التعامل مع المؤسسة أو من تاريخ قفل الحساب " ، فالمشرع اعتبر أن أن الصورة المصغرة (الميكروفيلمية) تكون لها حجية الأصل فى الإثبات إذا روعى فى إعدادها وحفظها واسترجاعها القواعد التى يصدر بها قرار من الوحدة (م/9/2) .
وقد صدرت اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال برقم 951 لسنة 2003 متضمنة لهذا الالتزام حيث نصت فى المادتين 22/2 ، 34 على أن يكون التعرف على العملاء استناداً إلى مستندات قانونية وأن يتم الاحتفاظ بصور هذه المستندات لمدة خمس سنوات من تاريخ قفل الحساب أو إنهاء التعامل مع المؤسسة المالية على حسب الأحوال ، أما بالنسبة للحسابات التى يتم فتحها فى البنوك فيتم الاحتفاظ بالمستندات المتعلقة بتلك الحسابات لمدة لا تقل عن خمس سنوات . 
وقد تطلبت اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكترونى برقم 109 لسنة 2005 وجود سجل إلكترونى مستقل كشرط للاعتراف بالحجية القانونية للمحررات الإلكترونية حيث جاء مضمون نص المادة (8) من اللائحة على أنه تتحقق الحجية 

المقررة للمحررات الإلكترونية إذا توافرت عدة شروط منها ،أن يكون متاحاً وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية  وأن تتم هذه الإتاحة من خلال نظام حفظ إلكترونى مستقل وغير خاضع لسيطرة منشئ هذه المحررات . 
2 - قانون دبى للمعاملات والتجارة الإلكترونية 
اشترط قانون إمارة دبى للمعاملات والتجارة الإلكترونية ، لكى يكون للسجل الإلكترونى لرسائل البيانات والمعلومات المتبادلة إلكترونياً حجية ، أن يتم حفظ السجل بطريقة إلكترونية وغير تقليدية .
معنى هذا أن السجل الإلكترونى يحوز الحجية القانونية إذا توافرت فى عملية الحفظ الشروط الآتية :
1 – أن يتم حفظ البيانات حسب الأصل الذى أنشأت أو أرسلت أو استقبلت به أو بأى شكل آخر يثبت أن السجل الإلكترونى يحتوى على نفس المعلومات الأصلية عند إرسالها أو استلامها ، وذلك دون أى تعديل أو تغيير أو تحريف ( م/8/1/أ) .
2 – أن يتم حفظ السجل فى شكل يمكن الأشخاص المخول لهم من الرجوع بسهولة إلى البيانات والمعلومات المحفوظة (م/8/1/ب) .
ويجب لحماية السجل الإلكترونى من التغيير أو التحريف أو الإتلاف أن يتم توثيقه بطريقة منصوص عليها فى القانون أو معقولة تجارياً ومتفق عليها بين الطرفين  وتعتبر إجراءات التوثيق محكمة كما بينها هذا القانون ، إذا كانت هذه الإجراءات تهدف إلى التحقق من عدم وجود خطأ أو تعديل فى محتويات أو فى إرسال أو تخزين السجل الإلكترونى خلال فترة زمنية محددة (م/20) ، ويشمل ذلك أى إجراء للرد أو لإقرار الاستلام أو أى وسيلة من وسائل إجراءات حماية المعلومات  

وتعتبر إجراءات التوثيق معقولة تجارياً بحسب الظروف التجارية وقت المعاملة  ويراعى فى ذلك طبيعة المعاملة والظروف التجارية والعلاقة بين الأطراف المتعاقدة وحجم المعاملة التى قام بها أى من الطرفين (م/19/2) .
 ويمكن اعتبار البيانات والمعلومات المدونة فى السجل الإلكترونى لها الحجية القانونية إذا لم يتغير السجل منذ إنشائه ، إلا أن هذه الحجية لا تعدو أن تكون قرينة يجوز إثبات عكسها بمعنى أن هذه الحجية تنتفى إذا ثبت أن هذه البيانات قد تغيرت أو تم معالجتها إلكترونياً بطريقة عدلت من مضمونها ( م/12/4) .
أما قواعد السلوك الموحد لتبادل البيانات التجارية باستخدام التبادل الإلكترونى للبيانات فقد تعرضت فى المادة العاشرة لمسألة السجلات الإلكترونية ، حيث ألزمت الأطراف المتعاقدة بالإمساك بسجلات شاملة لكل البيانات التجارية المتبادلة عن طريق الكمبيوتر مع جواز تعيين جهة خاصة محايدة تتولى متابعة هذا النظام والتأكد من صلاحية البيانات الواردة فى السجل ، وذلك بأن نصت على أنه : 
" 1 – كل طرف يجب أن يتأكد أن هناك سجل تجارى كامل بكافة الرسائل التجارية الإلكترونية كما جرى إرسالها وإستقبالها دون أى تعديل .
2 – هذا السجل للبيانات التجارية يمكن الاحتفاظ به على وسط حاسب إلكترونى وبطريقة يمكن معها استرجاع البيانات عند طلبها وتقديمها فى شكل قابل للقراءة . 
3 – سجل البيانات التجارية يجب أن يتم تخزينه دون تغيير سواء بالنسبة لفترة من الزمن التى يتطلبها القانون الوطنى فى الدولة التابعة للطرف الذى يتحفظ على مثل هذا السجل للبيانات التجارية ، وفى حالة عدم وجود أى شرط بالنسبة للقانون الوطنى أو اتفاق بين الأطراف فيكون ذلك لمدة ثلاث سنوات  " .


ويتضح من نص هذه المادة أنها اشترطت وجود سجل للمعاملات التجارية التى تتم باستخدام نظام تبادل البيانات إلكترونياً يسجل عليه الرسائل المرسلة والمستقبلة ، ويجوز حفظ هذا السجل بداخل جهاز كمبيوتر بشرط أن يتمكن الأشخاص المصرح لهم استعادة هذه البيانات وقراءتها بدون أن يحدث بها أى تغيير أو تحريف ، وأن يتم حفظها لمدة زمنية معينة وأن يتم تعيين جهة محايدة تتولى متابعة هذا السجل .
وبالمقارنة بين القوانين سالفة الذكر يتضح أنها تتفق فيما بينها على أن الاعتراف بالسجل الإلكترونى كوسيلة للإثبات يرتبط بتوافر عدة شروط :
1 – إمكانية الإطلاع على المعلومات الواردة بالسجل الإلكترونى ، إذ متى تم الاتفاق بين الأطراف على استخدام السجل الإلكترونى كوسيلة للإثبات فيجب أن تكون البيانات والمعلومات الواردة فيه قد تم تسجيلها بدقة وبطريقة واضحة ، وهو ما يعنى ضرورة أن تكون هذه المعلومات قابلة للقراءة حتى يمكن الإطلاع عليها من الأشخاص لهم .
2 – الحفاظ على سلامة محتويات السجل الإلكترونى ، وهو ما يعنى أن يتم الاحتفاظ بالسجل الإلكترونى بالشكل الذى تم إنشاؤه أو إرساله أو تسلمه ، وأن تكون المعلومات الواردة فى ذلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن فى أى وقت الرجوع إليها دون أى تعديل أو تغيير أو تحريف ، وبطريقة تمنع الغير من الوصول إليها .
فحجية السجل الإلكترونى فى الإثبات ترتبط بحفظه بطريقة تكفل سلامته حتى يمكن التمسك به كدليل أمام القضاء وذلك فى حالة ما إذا قام نزاع بين الطرفين .   
 3 – تعيين جهة محايدة تتولى مباشرة ومتابعة السجل الإلكترونى ، باعتبار أن هذه الجهات ذات طابع تكنولوجى ، فالاحتجاج بالسجل الإلكترونى فى الإثبات يقتضى 

أن تكون المعاملات الإلكترونية التى تمت بين الطرفين قد تم حفظها وتخزينها بدقة  وهو ما يقتضى من الناحية العملية خضوعها لرقابة ثالثة موثوق بها وذات طابع تقنى . وإذا ما توافرت الشروط الثلاثة السابقة قامت قرينة قانونية على صحة السجلات الإلكترونية ، ولكنها قرينة قابلة لإثبات العكس ، إذا ما أثبت أحد الطرفين أن بيانات السجل الإلكترونى قد تغيرت أو تم تحريفها أو تم معالجتها إلكترونياً بطريقة عدلت من مضمونها .
3 - القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية 
نص القانون الأردنى للمعاملات الإلكترونية على أن السجل الإلكترونى يكون منتجاً للآثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والتوقيع الخطى بموجب التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحيتها فى الإثبات ، وأنه لا يجوز إنكار الأثر القانونى للسجلات الإلكترونية لمجرد أنها أجريت بوسائل إلكترونية (م/7) .  كما نص فى المادة (8) على أن " السجل الإلكترونى يكتسب أثره القانونى ، ويكون له صفة النسخة الأصلية إذا توافرت فيه عدة شروط تتمثل فى أن تكون المعلومات الواردة فى تلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن فى أى وقت الرجوع إليها ، وأن يتم الاحتفاظ بالسجل الإلكترونى بالشكل الذى تم إنشاؤه أو إرساله أو تسلمه أو بأى شكل يسهل به إثبات البيانات والمعلومات التى وردت فيه عند إنشائه أو إرساله أو تسلمه ، وأن تدل المعلومات الواردة فى السجل على المنشئ والمستلم ، وتاريخ ووقت ارساله واستلامه . وإذا توافرت الشروط السابقة يمكن لأحد طرفى المعاملة الإلكترونية أن يقدم سجلاته الإلكترونية كوسيلة لإثبات طلبه أو دفعه ، إذا اكتملت فى هذا السجل الشروط المبينة فى المادة السابقة . 


ويجوز بالطبع إثبات عكس حجية السجل الإلكترونى بكافة طرق الإثبات ، ويخضع ذلك لمبدأ حرية القاضى فى الإقناع ، أما إذا لم يكن السجل الإلكترونى موثقاً فليس له أى حجية ( م/23/ب) .

المطلب الثانى 
 عيوب الإرادة الإلكترونية

لما كان من المقرر وفقا للقواعد العامة ما وردت به نصوص القانون المدنى أنه يجب لتمام العقد وجود إرادتين متطابقتين ، أى إيجاب معين وقبول مطابق له عن تراضٍ صحيح , ويتحقق صحة التراضى إذا كانت إرادة كل من الطرفين صادرة من ذى أهلية وخالية من العيوب وإلا أصبح العقد قابلا للإبطال .
وسوف نقوم ببحث أثر البيئة الإلكترونية على تعيب إرادة المتعاقدين فى مجال إبرام العقد الإلكترونى .
أولاً : عيب التدليس 
التدليس هو إيهام الشخص بغير الحقيقة بقصد حمله على التعاقد , عن طريق استعمال طرق احتيالية ، أى أن التدليس هو كل عمل يؤدى إلى كتمان عيوب الشي‏ء وإخفائه وإظهاره على خلاف الواقع .
ويكفى لقيامه مجرد كتمان واقعة أو ملابسة , إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة (المادة125مدنى) , فكل إخفاء لواقعة لها أهميتها فى التعاقد سواءً كان ذلك بطريق إيجابى وهو الكذب بغرض إيقاع المتعاقد فى غلط يدفعه إلى التعاقد أو بطريق سلبى وهو الكتمان عن طريق سكوت أحد المتعاقدين عن ذكر بيانات معينة إذا كان من شأن 

العلم بها إحجام المتعاقد الآخر عن إبرام العقد(1) تعتبر تدليساً مفسداً للرضا متى اكتملت فيه العناصر المكونة للتدليس .
والتدليس إما أن يكون إيجابياً عن طريق القيام بوسائل إحتيالية , وإما أن يكون سلبياً وقد قضت محكمة النقض المصرية أنه يجوز طلب إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التى لجأ إليها أحد المتعاقدين من الجسامة بحيث لولاها لما أقدم المتعاقد الآخر على إبرام العقد , شريطة أن يثبت أنه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمداً(2) وكذلك الحق فى المطالبة بالتعويض إن كان لذلك مقتضى على أساس المسئولية التقصيرية باعتباره عملا غير مشروع .
ومن شروط الإبطال للتدليس باعتباره عيباً فى الرضا أن يتوافر ثلاثة شروط وهى:
1 - استعمال وسائل احتيالية(3) .
2 – نية التضليل (الوصول إلى غرض غير مشروع) أى أن يكون التدليس دافعاً إلى التعاقد .
3 – أن تكون الحيلة مؤثرة أى تحمل على التعاقد(4) .





(ويتسع التدليس ليشمل الكذب والكتمان(1) ، لذا يمكننا التساؤل هل تعتبر الإعلانات الإلكترونية الكاذبة أو المضللة تدليساً خاصة وأن الإعلانات التجارية عبر شبكة الإنترنت أصبحت أحد أهم المعالم البارزة لعصر ثورة الاتصالات والمعلومات وبحكم انتشارها وتنوع أساليبها تؤثر فى سلوك المستهلك بل قد تحرضه على التعاقد للحصول على منتج أو خدمة لا يحتاج إليه حقيقة .   
فالأصل أن الكذب وحده لا يكفى لتكوين عنصر الحيلة فى التدليس(2) ,مثل قيام التاجر بامتداح بضاعته إلى حد الكذب مادام ذلك مألوفاً فى التعامل , وعلى العكس فإن مجرد الكذب إذا خرج عن المألوف فى التعامل(3) كما لو تم بخصوص بيانات محددة استعلم عنها المتعاقد ، مثال ذلك مكان بلد منشأ السلعة المباعة , فإنه يعتبر تدليساً يشوب الإرادة , بشرط توافر العنصر المعنوى للتدليس وهو نية التضليل والخديعة للوصول إلى غرض مشروع) .
فالكذب فى الإعلانات والدعاية الإلكترونية للمنتجات والخدمات يدخل فى مجال التدليس طالما تجاوز الحد المألوف وكان مؤثراً فى إرادة المدلس عليه ودافعاً إلى التعاقد ويعطى للمدلس عليه الحق فى طلب إبطال العقد لتعيب إرادته . 
وهناك أمثلة للتدليس فى العقود والمعاملات التجارية مثل :
1 – التدليس فى منشأ البضاعة كأن يتم عرض بضاعة على موقع الويب مصنوعة فى بلد معين على أنها مصنوعة فى بلد آخر .
2 – التدليس فى العلامات التجارية كأن يستخدم الشخص علامة تجارية معروفة ومرغوبة لتسويق بضاعته .

3 – التدليس فى كتابة مكونات المنتج ومقاديرها ، فإذا كانت مادة غذائية معينة تدخل فى مكوناتها مادة غير مرغوبة كالألوان الصناعية والمواد الحافظة المضرة ثم يكتب عليها أنها خالية من ذلك أو يذكر فى المكونات بعض المواد دون بعضها الآخر .
4 – التدليس فى تاريخى الإنتاج والانتهاء بأى تغيير يؤدى إلى تضليل المشترى .
5 – التدليس فى نوعية المنتجات فلو كانت بضاعة ما مقسّمة من ‏حيث النوعية إلى درجات : ممتازة ومتوسطة ، وعادية – مثلاً - فيعرض ذات النوعية العادية على أنها من النوعية الممتازة .
فالمستهلك فى التعاقد الإلكترونى لايقوم بمعاينة الشئ المبيع , كما فى التعاقد التقليدى وإنما تتم المعاينة من خلال شاشة الكمبيوتر ولذلك يرى البعض أنه فى حالة عقد البيع الإلكترونى إذا قام البائع بخداع المشترى عن طريق استخدام الحيل التكنولوجية فى عرض المنتج أو الخدمة فإنه يجب إبطال العقد للغش لأن الغش يفسد كل التصرفات . فالقضاء الفرنسى قد أعطى المستخدم فى مجال برامج الكمبيوتر الحق فى أن يطلب إبطال العقد بسبب التدليس الناجم عن كتمان مورد البرامج للمعلومات التى كانت تتيح له حسن إختيار البرنامج والتعاقد بالتالى فى ضوء إرادة واعية ومبصرة(1) .





ولا يشترط لكى يكون الكتمان العمدى تدليساً أن يتعلق بكتمان معلومات كاملة فحسب , بل إخفاء أى جزء من المعلومة الكاملة يعد أيضاً تدليساً(1) , ولذلك فمثلا فى حالة بيع الدواء عبر الإنترنت عن طريق الصيدلية الإلكترونية إذا لم يقم الصيدلى بذكر أحد البيانات الهامة الخاصة بالعقار الطبى , كأن لايذكر موانع الاستعمال أو لايحدد التاريخ الذى تنتهى فيه صلاحية الدواء للاستعمال فإنه يكون قد حبس جزء من المعلومة مما يعتبر معه تدليساً .
وكذلك الحال فى حالة تقديم الخدمات , مثل الاستشارات التجارية عبر الإنترنت  كما فى حالة الاستفسار من أحد بنوك المعلومات عن الوضع المالى لشركة ما  فيقدم معلومات بعضها صحيح ويكتم بعضها رغم علمه بها , مما دفع البنك إلى منح هذه الشركة قرضاً كبيراً  ثم يتضح أن هذه الشركة صدر حكم ضدها بإشهار إفلاسها ، أو أن أسهمها المالية منخفضة , فيكون بذلك بنك المعلومات قد حبس جزءاً من المعلومة الكاملة .    
وطرق الغش والتدليس فى التعاقد الإلكترونى كثيرة ومتنوعة , ومن أهمها استعمال العلامة التجارية لشخص آخر , وتعمد نشر بيانات ومعلومات غير صحيحة على الموقع عن سلع أوخدمات بقصد ترويجها أو استخدام اسم نطاق غير مملوك له . ومن أشهر طرق الغش والتدليس المستخدمة عبر شبكة الإنترنت إنشاء موقع وهمى 
لاوجود له على الإطلاق وهو أمر متصور الوقوع فى المعاملات الإلكترونية(2) فيمكن لبعض البنوك الإلكترونية التى لاوجود لها فى الواقع والتى يقتصر وجودها 


على العالم الإفتراضى الإلكترونى على الإنترنت التغرير(1) ببعض العملاء الذين يقومون بإيداع لأموالهم لدى هذا المصرف الوهمى نتيجة الإعلانات المغرية التى يتم نشرها على الإنترنت ثم يستولى على هذه الأموال ويهرب  دون أن يقوم بردها لأصحابها. وفى التعاقد الإلكترونى يعتبر السكوت تدليسا كقاعدة عامة , ولايقتصر الأمر على حالات العقود بين المهنيين والمستهلكين , بل تنطبق القاعدة حتى فى علاقات المهنيين(2) . 
ويمكن التقليل من ظاهرة الغش والتدليس فى التعاقد الإلكترونى عن طريق تفعيل دور جهات التوثيق الإلكترونى ، أو مقدم خدمة التوثيق ، فدورها ليس قاصراً على مجرد التأكد من صحة ونسبة صدور الإرادة التعاقدية الإلكترونية إلى منشئها ، بل التأكد من جدية هذه الإرادة وبعدها عن وسائل الغش والتدليس ، ويكون ذلك عن طريق قيام هذه الجهات بتعقب المواقع التجارية على الإنترنت للتحرى عنها وعن جديتها ومصداقيتها فى التعامل ، فإذا تبين لها عدم توافر الثقة والأمان فى أحد المواقع فإنها تقوم بتوجيه رسائل تحذيرية للمتعاملين عبر الشبكة توضح فيها عدم مصداقية الموقع(3) أو أن الموقع غير مسجل لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية(4) أو غير مقيد لدى إحدى شركات الإنترنت المكلفة بتسجيل أسماء النطاق 
Domain-Name  بالأسماء والأرقام Internet Corporation for Assigned Names and Numbers ( ICANN )  . 


والواقع أن نظرية التدليس فى القانون المصرى لاتوفر الحماية المطلوبة للمستهلك  إذ يشترط للتمسك بالتدليس وجود عقد ، واستعمال طرق احتيالية قد يصعب إثباتها  وهو ما لايتفق وطبيعة المعاملات الإلكترونية , ولذا نجد بعض مشرعى الدول عند إصدارهم قوانيناً لتنظيم العقود والمعاملات الإلكترونية قد أعطوا المستهلك أحقية فى إرجاع المنتج خلال المدة المحددة قانونا , وهذا ما قرره بالفعل قانون الاستهلاك الفرنسى والأمريكى والتونسى للمعاملات الإلكترونية ومشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى الذى أجاز حق المستهلك الإلكترونى فى العدول عن التعاقد وذلك بفسخ العقد المبرم إلكترونياً خلال الخمسة عشر يوماً التالية على تسلمه للسلعة أو من تاريخ التعاقد على تقديم الخدمة وذلك بدون حاجة إلى تقديم أية مبررات وذلك بقصد حماية المستهلك من تسرعه فى قبوله للتعاقد . 
ثانياً : عيب الإكراه 
يعرف الإكراه بأنه ضغط مادى أو أدبى يتعرض له أحد المتعاقدين يولد فى نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد فالإكراه يعيب الإرادة فيجعل رضاء الشخص غير سليم حيث يفقده الحرية والاختيار .  
والإكراه ليس بذاته هو الذى يفسد الإرادة ويعيب الرضاء ، وإنما يفسدها ويعيبها ما يولده الإكراه فى نفس المتعاقد من خوف ورهبة. وحتى يعتبر الإكراه عيبا من عيوب الرضا يتعين أن تتوافر فيه ثلاثة شروط(1) هى : 
1 – أن يتم التعاقد تحت سلطان رهبة بعثت فى نفس المتعاقد بدون وجه حق .
2 – أن تكون الرهبة دافعة إلى التعاقد . 


3 – اتصال المتعاقد الآخر بالإكراه ( المادة 127 مدنى )(1). 
والإكراه إما أن يكون إيجابياً (أي التهديد بالقيام بعمل) وإما أن يكون سلبياً (أى الامتناع عن عمل) ، والإكراه قد يكون مستبعداً فى التعاقد الإلكترونى , أو على الأقل غير متصور لأن التعاقد الإلكترونى يتم بين طرفين يفصل بينهما مكان ويجمعهما مجلس عقد حكمى وليس حقيقى .
(وإن كان من الممكن حدوثه أحيانا بسبب التبعية الاقتصادية , حيث يضطر المتعاقد إلى إبرام العقد تحت ضغط الاحتياج الاقتصادى  ويمكن تصور ذلك بصدد توريد المنتج واحتكار إنتاجه ثم بيع قطع غياره بشروط مجحفة ويضطر العميل إلى قبولها حيث لابديل أمامه سوى قبول ذلك(2)) .
ثالثاً : عيب الغلط 
عيب الغلط يقصد به وهم يقوم فى ذهن الشخص ، يحمله على اعتقاد غير الواقع(3)  أى اعتقاد خاطئ يقوم فى ذهن المتعاقد فيدفعه إلى التعاقد  وهو يؤدى إلى بطلان العقد إذا انصب على ماهيته ، أو على شرط من شروط الانعقاد ، أو على محل العقد ، وإذا كان المشرع المصرى قد نص على العيوب التى تؤثر على الإرادة فى القانون المدنى على سبيل الحصر وهى التدليس والغلط والغبن والإكراه فى حالات 

محددة وبشروط معينة ، إلا أن التطور التقنى والتكنولوجى الذى أحدثته ثورة الاتصالات والمعلومات قد أدى إلى التلاشى التدريجى للمبادئ القانونية التقليدية التى افترضت تساوى طرفا التعاقد فى القدرة ليحل محلها اهتمام فقهى وتشريعى بحماية الطرف الأقل خبرة سواء من الناحية الفنية أو الاقتصادية .
(ومن بين ما قام به الفقه والقضاء لمواكبة التطور السابق ، توسعهما فى فهم المقصود بعيوب الإرادة بهدف تحقيق الحماية للطرف الأقل قدرة أو خبرة  ومن ثم فإذا لم يوفر الطرف الأكثر خبرة للطرف الآخر المعلومات الكافية التى كان يجب عليه الإدلاء بها  جاز للمتعاقد غير الخبير أن يتمسك بوقوعه فى الغلط نتيجة عدم علمه الكافى بمحل التعاقد أو بشروط العقد ، أو بسبب عدم تبصرته بالدقائق التكنولوجية والفنية للمنتج أو الخدمة المتعاقد عليها , وما يترتب عن التعامل بشأنها من آثار قانونية(1) ) .
وعيب الغلط فى التعاقد الإلكترونى من الممكن حدوثه ، فمثلاً قد يتوهم أحد المتعاقدين أن الطرف الآخر معروف لديه , والذى يقدم منتجات ذات شهرة واسعة كأن يتم تصنيعها بطريقة يدوية مثلا , وأنه يرغب فى التعاقد معه لمهارته وخبرته  ثم يتضح أن المتعامل معه شخص غير معروف لتشابه الأسماء  أو لتشابه موقع الويب الذى يعرض نفس السلعة ، فهنا يمكنه طلب فسخ العقد ، ومثال ذلك أيضا أن 
يطلب شخص شراء سيارة من إحدى الشركات العالمية المتخصصة من موقع الويب المحدد لها على الإنترنت  فتقوم الشركة بإرسال السيارة المطلوبة ومعها عقد إيجار على أساس أنه عقد إيجار وليس بيع ، فهنا يعد العقد باطلاً لإختلاف طبيعة كل من العقدين . 

ويخرج عن نطاق الغلط الذى يعيب الإرادة ، الغلط المانع ، والغلط المادى ، أما الغلط الذى نقصده فى التعاقد الإلكترونى , فهو الغلط الذى لايؤثر فى وجود الإرادة وإنما يعيبها فقط . وهنا يثور التساؤل بشأن الغلط فى إبلاغ الرسالة الإلكترونية  أو فى الإعلان عبر شبكة الإنترنت ، مثال ذلك أن يعرض تاجر فى إعلانه أنه يبيع سيارات بموديل معين بمبلغ مائة ألف جنيه للسيارة الواحدة , ولكن يقع تحريف فى الرسالة الإلكترونية فيظهر الإعلان على موقع الإنترنت مبلغ عشرة آلاف جنيه .
ونرى أن الغلط وإن كان يبدو أنه مجرد غلط مادى , وبالتالى لايكون له أى دور فى تكوين الإرادة حيث طرأ بعد تكوينها ، ومن ثم لايؤثر فى تكوين العقد الإلكترونى ، وإنما يلزم تصحيح هذا الغلط المادى فقط م123 مدنى(1) .
ولكن فى حقيقة الأمر أن هذا الغلط المادى قد رتب غلطاً آخر ، وهو وجود تحريف فى نقل الإرادة , فهنا لانكون بصدد غلط طرأ بعد تكوين الإرادة وإنما غلط فى نقلها على غير مقصدها , وفى هذه الحالة فإن العقد الإلكترونى لاينعقد لعدم تطابق الإرادتين .
ويشترط للتمسك بالغلط ، سواء فى القانون المصرى والفرنسى ، أن يقع أحد المتعاقدين فى غلط جوهرى  وأن يتصل ذلك الغلط بعلم المتعاقد الآخر الذى قد يكون وقع فى ذات الغلط أو يكون قد علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه
( المادة 120مدنى ) . ويكون الغلط جوهريا إذا وقع فى جوهر الشئ ، أو وقع على شخص المتعاقد ، أو فى طبيعة العقد ( المادة 120 مدنى ) .



ويلاحظ هنا أن هذا الغلط وإن نتج عنه غلط آخر حال دون تطابق عنصرى التراضى وإبرام العقد ، إلا أن ذلك لايمنع من رجوع المستهلك أو التاجر على مقدم 
الخدمة الإلكترونية بالتعويض ، وإم كان لذلك مقتضى , وذلك إذا كان الغلط أو التحريف فى نقل الإرادة راجع إلى خطأ منه أو لعيب فى أجهزة الربط التى يستخدمها.    
رابعاً : عيب الغبن 
قد ينظر إليه من الناحية المادية فيسمى غبناً ، وقد ينظر إليه من الناحية النفسية فيسمى استغلالاً ، فإذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر ، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً  جاز للقاضى بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد .
وعدم التعادل يكون عادة فى العقود المحددة ، إلا أنه أيضاً قد يكون كذلك فى العقود الاحتمالية إذا كان احتمال الخسارة فى جانب أحد الطرفين يرجح كثيراً على احتمال الربح وذلك متى اجتمع فى العقد الاحتمالى معنى الإفراط ومعنى استغلال العاقد كما فى بيع عقار مقابل إيراد مرتب لمدى حياة البائع إذا كان احتمال وفاة البائع قريبة الحدوث بسبب كبر السن . فالغبن هو " عدم التعادل بين التزامات كل من العاقدين فى العقد الملزم للجانبين "(1)  وهو يقوم على مجرد عدم التعادل بين الالتزامات المتقابلة . والأصل فى التشريع المصرى أن الغبن لايؤثر فى العقد التقليدى لمجرد عدم تعادل الالتزامات 

ولكن يثور تساؤل هل الغبن يؤثر فى العقد الإلكترونى ؟ 
إن الإجابة على هذا التساؤل تتطلب منا التعرض لعيب الغبن فى القانون المصرى  فالقاعدة فى القانون المدنى المصرى والفرنسى والسائد فى الفقه الإسلامى أن الغبن المجرد , أى عدم التعادل بين مايعطيه المتعاقد ومايأخذه , لايعد سبباً للطعن فى العقود(1) . فالغبن وحده , ومن غير أن يأتى نتيجة أحد عيوب الرضاء من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال , لايكون له أى تأثير على العقد ولايصلح بذاته سبباً للطعن فى العقود , وإنما يشترط لذلك أن تتوافر شروط الاستغلال المنصوص عليه فى المادة(129) مدنى ومنها العنصر النفسى وهو استغلال الطيش البين والهوى الجامح(2) ، والحكمة من ذلك أن المشرع أراد أن يحيط العقود بالأمن والاستقرار .  
على أن القاعدة السابقة ليست مطلقة ، فثمة اعتبارات هامة جعلت المشرع يورد على هذه القاعدة بعض الاستثناءات مثل ما نصت عليه المادة (709) من القانون المدنى المصرى بشأن عقد الوكالة حيث تجعل أجر الوكيل ، إذا كانت الوكالة بأجر خاضعا لتقدير القاضى ، الأمر الذى يخوله إنقاصه إذا طلب منه الموكل ذلك  ورأى القاضى مبالغة فيه على نحو يلحق الغبن الكبير بالموكل . ومن ثم نرى أن الغبن لايؤثر فى العقد الإلكترونى إلا فى بعض الاستثناءات التى نص عليها المشرع ، لأن الغبن عيب استثنائى فى العقود ، فهو لايترتب عليه أثر إلا فى العقود التى خصها المشرع بذلك وبالشروط المقررة فى شأن كل منها . ويترتب على ذلك أنه إذا جاء الغبن نتيجة أحد عيوب الرضاء فإنه لايطعن على العقد تأسيسا عليه ، وإنما تأسيسا على العيب الذى جاء نتيجة له . 

ولذلك فمثلا إذا قام غبن للبائع نتيجة وقوعه فى غلط فى قيمة المبيع أو فى صفة جوهرية له ، يجوز طلب إبطال العقد تأسيسا على الغلط ، إذا توافرت شروط التمسك به ، وليس تأسيسا على مجرد الغبن .
ومن التشريعات العربية التى اهتمت بحماية المستهلك فى هذا الصدد ، القانون التونسى للمعاملات الإلكترونية حيث نص فى المادة (50) على أنه " يعاقب كل من استغل ضعف أو جهل شرط فى إطار عمليات البيع الإلكترونى يدفعه للالتزام حاضراً أو آجلاً بأى شكل من الأشكال  بخطية تتراوح بين 1000،20000  دينار  وذلك إذا ثبت من ظروف الواقعة أن هذا الشخص غير قادر على تمييز أبعاد تعهداته ، أو كشف الحيل أو الخدع المتعمدة بالالتزام أو ثبت أنه كان تحت الضغط مع مراعاة أحكام المجلة الجنائية ".
ويتبين من هذا النص أن المشرع التونسى حاول حماية المشترى فى عقد البيع الإلكترونى على أساس أن دفع المستهلك للتعاقد واستغلال عدم مقدرته على تمييز تعهداته التى يلتزم بها وقد استبعد المشرع المصرى فى قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 فى المادة (52) صراحة الاستغلال والغبن من عيوب الإرادة حيث نصت على " لا يجوز بسبب الاستغلال أو الغبن أن يطلب التاجر إبطال العقود التى يبرمها لشئون تتعلق بأعماله التجارية أو إنقاص الالتزامات التى تترتب عليها بمقتضاها " .
ونجد أن المشرع المصرى قد أقر بعدم جواز إبطال العقود التى يتم إبرامها لشئون تتعلق بأعمال التاجر بسبب الاستغلال أو الغبن ويرجع ذلك إلى توافر الخبرة والدراية لدى المتعاقدين فى العقود التجارية التقليدية التى تتم وجهاً لوجه بين البائع والمشترى مما يجعل تعرض أحد الطرفين إلى استغلال أو غبن من الأمور النادرة 

ولكن فى عقود التجارة الإلكترونية حيث لا يكون المتعاقدان على قدم المساواة خاصة فى حالة التعاقد عبر مواقع الويب والتى تستخدم غالباً عقوداً نموذجية فالمستهلك هنا يمثل الطرف الأضعف فى العلاقة التعاقدية ، وكان من الأفضل أن يحذو المشرع المصرى حذو المشرع التونسى لحماية المستهلك فى عمليات البيع الإلكترونى .

تعليقات