القائمة الرئيسية

الصفحات



إجراءات القضايا الزوجية

الإجراءات القضائية (دراسة نظرية تطبيقية)

الإجراءات القضائية
(دراسة نظرية تطبيقية)




القاضي بالمحكمة العامة بالرياض
د. حمد بن عبد العزيز الخضيري



إجراءات القضايا الزوجية
مدخل
1/ تنظر جميع القضايا الحقوقية من قاضٍ واحد فرد إلا إذا صدر بها أمر سامٍ فتنظر من أكثر من واحد.
2/ أنواع القضايا الحقوقية: للقضايا الحقوقية ثلاثة محاور هي:
1.   القضايا الزوجية.
2.   القضايا العقارية.
3.   القضايا المالية.
 القضايا الزوجية
وتشمل غالباً تسعة عشر نوعاً هي:
1.   سوء العشرة.
2.   الحضانة.
3.   الزيارة.
4.   العضل.
5.   التزويج بغير رضا.
6.   المهر.
7.   النشوز.
8.   نفقة الزوجة.
9.   تنفيذ شرط.
10.    الطلاق.
11.    الخلع.
12.    الفسخ لغيبة.
13.    الفسخ لعيب.
14.    الفسخ لغرر.
15.    الفسخ للإعسار بالنفقة.
16.    الفسخ لفوات شرط.
17.    نفقة الأقارب.
18.    اللعان ونفي الولد.
19.    إثبات النسب.
المنهج العام في القضايا الزوجية: 
     قد تعد القضايا الزوجية من أصعب القضايا؛ لقلة البيِّنات فيها, ولا تجري فيها الأيمان إلا فيما يقصد منه المال كالخلع والنفقة والمهر.
     

     ينقسم القضاة في معالجتها إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: الأناة وتأخير الفصل فيها رجاء أن يصطلح الزوجان.
الصنف الثاني: ينتهجون سرعة البت في القضية ؛ إذْ يرون أن الزوجين لم يلجآ إلى القضاء إلا بعد استنفاذ جميع طرق الإصلاح بينهما ، فلا جدوى من تأخير البت في قضيتهما.
الصنف الثالث: وهو وسط بين الفريقين، وينتهج الأناة وعدم الاستعجال، إلا إذا بدا للقاضي من حال الزوجين عدم إمكان اجتماعهما، كأن يكونا في الواقع مفترقين بأبدانهما لفترة طويلة وبلغت بينهما الشقة والخلاف ما لا تستقيم معه الحياة الزوجية، وكذا إذا ظهر من حال الزوج إمساك الزوجة للإضرار بها فلا رغبة له فيها أو ظهر للقاضي أن قصد الزوج من الإمساك بها أن تفتدي نفسها بمبلغ مالي كبير، فحينئذٍ يصار إلى سرعة البت فيها، وهذا هو المنهج السديد. 
فائدة:
     نص نظام المرافعات الشرعية المادة (34/10/هـ) وتعميم معالي وزير العدل رقم (13/ت/3093) في7/4/1428هـ أن للزوجة في المسائل الزوجية (يشمل جميع الدعاوى الزوجية: الحضانة/ الزيارة/ النفقة) الخيار في إقامة دعواها في بلدها أو بلد الزوج, وعلى القاضي إذا سمع الدعوى في بلد الزوجة استخلاف قاضي بلد الزوج للإجابة عن دعواها فإذا توجهت الدعوى ألزم الزوج بالحضور إلى محل إقامتها للسير فيها فإذا امتنع سمعت غيابياً وإذا لم تتوجه الدعوى ردها القاضي دون إحضاره، وحينئذٍ هنا منهجان:
الأول: يضبط القاضي في بلد الزوجة الدعوى، ثم يبعث صورة مصدقة من الضبط إلى محكمة بلد الزوج لاستخلافها في سماع إجابة الزوج على دعوى الزوجة (ويذكر عنوان الزوج في البلد)، فإذا سمع قاضي محكمة بلد الزوج إجابة الزوج يتم تدوينها في الضبط وإعادتها إلى محكمة بلد الزوجة مع صورة مصدقة من الضبط، فإن كانت دعوى الزوجة متوجهة فيحدد القاضي في بلد الزوجة موعداً لنظرها، ويكتب إلى محكمة بلد الزوج لإبلاغ المدعى عليه بالحضور لنظر الدعوى، وإذا لم يحضر فيتم نظر الدعوى غيابياً فإذا حضر الموعد يبدأ القاضي في نظر القضية، وإذا لم تكن دعوى الزوجة متوجهة فيصرف القاضي النظر عن الدعوى دون حضور الزوج.
الثاني: مثل الأول، سوى أن قاضي بلد الزوجة يبعث صورة من صحيفة الدعوى قبل ضبطها، فإذا ورد جواب الاستخلاف يقوم القاضي بضبط الدعوى والإجابة.
والأول عليه عمل أكثر القضاة.


سوء العشرة

     وهي من أكثر القضايا الزوجية.
الإجراءات:  
1/ يضبط حضور الزوجة المدعية ويذكر المعرف بها، ( ولابد من التعريف بالمرأة في كافة مراجعاتها سواءً كانت مدعية أو مدعى عليها أو شاهدة أو حاضرة أو منهية)، ويكون المعرف من محارمها.
2/ ثم حضور الزوج المدعى عليه وتعريفه بالزوجة ومصادقته على كون المدعية زوجته.
3/ تضبط دعوى الزوجة وصياغتها: (إن هذا الحاضر زوجي، تزوجني بموجب عقد النكاح رقم ... الصادر من ... بتاريخ ... ودخل بي في تاريخ ... وأنجبت منه ...، وقد أساء عشرتي فهو يضربني ويشتمني فلم أعد أطيق العيش معه، أطلب فسخ نكاحي منه أو أطلب إلزامه بحسن العشرة).
يلاحظ الإشارة في الدعوى إلى:
                                      ‌أ-        العقد -إن وجد- والدخول وتاريخه.
                                   ‌ب-      عدد الأولاد.
                                    ‌ج-       المشكلة, وأسبابها, ثم ختم الدعوى بطلب الفسخ أو حسن العشرة.
4/ يطلب من المدعى عليه الجواب, ولابد أن يتضمن الجواب المصادقة على أن المدعية زوجته وعلى العقد والدخول وتاريخه, والأولاد، فإن أنكر الزوج الزوجية فيبحث القاضي صحة زواجها منه.
5/ جواب المدعى عليه لا يخلو من حالين:
             ‌أ-   أن يكون إقراراً بدعوى الزوجة، فيعرض القاضي الصلح عليهما، فإن لم يصطلحا فيجري التحكيم بينهما، ومثله ما لو أثبتت المدعية سوء عشرته ببينة, ويرى بعض القضاة الفسخ مباشرة عند ثبوت سوء العشرة، وهذا يختلف باختلاف نوعية سوء العشرة وكونه عارضاً أو دائماً.
            ‌ب-  أن يكون إنكاراً -وهو الغالب- فحينئذٍ يطلب من الزوجة البينة، والغالب أنْ لا بينة في مثل هذه القضايا، فلا يطَّلع على الزوجين أحد, ولا تعرض الأيمان في القضايا الزوجية عند جمهور الفقهاء؛ لأنها مما لا يدخله البدل.
وللمحكمة أن تساعد المدعية في استجلاب بينتها،كأن تدعي المرأة أنَّ زوجها يشرب المسكر أو يستخدم المخدرات، فتكتب المحكمة للمستشفى لتحليل الدم لمعرفة مدى تعاطي الزوج المسكرات أو المخدرات، وكذلك تكتب للأدلة الجنائية للسؤال عن صحيفة سوابقه، وكذلك تكتب لإمام المسجد إذا ادعت الزوجة أنه لا يصلي الجماعة للسؤال عن ذلك.
وفي حالة عدم ثبوت بينة على سوء العشرة فتُتبع الخطوات الآتية:
1. ترغيب الزوجة بالانقياد والعودة إلى بيت الزوجية والدخول في طاعة الزوج، وبيان حقوق الزوج، وحرمة النشوز وآثاره, وآثار الفرقة عليها وعلى أبنائها.
2. يُنصح الزوج بالفرقة لعلَّ الله أن يعوضه خيراً, ويذكَّر بقوله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً) سورة النساء آية 130، ويبين له الآثار المترتبة على كون المرأة معلقة.
3.   يعرض الصلح عليهما بأحد الأمور الآتية:
عودة الحياة الزوجية بعوض.
                                 ‌أ-        عودة الحياة الزوجية بلا عوض وبشرط المعاشرة بالمعروف وقيام كل واحد من الزوجين بحقوق الآخر.
                              ‌ب-     الفرقة بعوض.
                              ‌ج-      الفرقة بلا عوض.
وأي شيء يتم الصلح عليه لم يحل حراماً أو يحرم حلالاً فهو جائز، حتى وإن لم يكن مالياً، مثل شرْط ألا تُدخل الزوجة أحد أقاربها لبيت الزوج, أو أن يحسن معاشرتها.
4. يعرض أن يختار كل واحد من الزوجين حكماً من أهله عملاً بقوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً) سورة النساء، فإذا تم اختيارهما يحضران لدى القاضي ويأخذ إقرار الزوجين على اختيارهما وموافقتهما على نتيجة التحكيم, فإذا حضرا تم تدوين أسمائهما وهوياتهما، ثم يبين القاضي لهما مهمة الحكمين وما يجب عليهما من عقد النية على الإصلاح بين الطرفين لقوله تعالى: (إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً) ، وأن عليهما الاجتماع بالزوجين مجتمعين أو منفردين ودراسة أسباب الشقاق والخلاف بينهما وبذل الجهد والوسع في الصلح بينهما, ومن ثم إعداد تقرير بما تم في ذلك ويذكران رأيهما في الشقاق بين الطرفين، ولا يخلو التقرير من الأحوال الآتية:
الأولى: أن يتفق الحكمان على الجمع بعوض أو بغير عوض، أو الفرقة بعوض أو بغير عوض، فيكتبان تقريرهما بذلك ويرفعانه للقاضي، فحينئذٍ يدون القاضي تقرير الحكمين ويعرضه على الزوجين فإن وافقا عليه فينهي القاضي الدعوى بذلك، وإن لم يوافقا أو أحدهما عليه فيحكم القاضي بموجبه، وإذا كان موجبه الفسخ بعوض فيطلب القاضي من المرأة إحضار العوض، فإذا أحضرته يعرضه على الزوج فإن قبله وإلا أمر القاضي بحفظه عن طريق رئيس المحكمة في بيت المال لصالح الزوج.
الثانية: أن يختلف الحكمان في الأصل فيرى أحدهما الجمع والآخر الفرقة, أو يبدي أحدهما رأياً دون الآخر, أو يتفقا في عدم إبداء الرأي، ففي هذه الصور يطلب القاضي من الزوجين اختيار حكمين آخرين فإذا رفضا أو عجزا -وهو الغالب- فيتم إعادة التحكيم من قِبل ملازمين قضائيين أو اثنين من أهل الخير والصلاح أو من أعضاء قسم الخبراء بعد أن يأخذ القاضي إقرار الزوجين بموافقتهما على نتيجة التحكيم.
الثالثة: أن يتفق الحكمان على الفُرقة ويختلفان هل تكون بعوض أو بدون عوض، أو يتفقان على الفرقة بعوض ويختلفان في مقداره.
الرابعة: أن يتفق الحكمان على الرجوع ويختلفان هل يكون مجاناً أو بعوض أو يتفقان على الرجوع بعوض ويختلفان في مقداره، ففي حال الاختلاف على العوض يعاد التحكيم في موضوع العوض، فإذا تعذر أو لم يصلا إلى نتيجة فيحكم في الفرقة بخلع المثل، وفي الرجوع يجتهد القاضي في ذلك.
وقيل: يُرجح في جميع حالات الاختلاف بحكم ثالث.
5. فإن لم يتفق الحكمان أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين نظر القاضي في أمرهما وفسخ النكاح حسب ما يراه شرعاً بعوضٍ أو بغير عوض([1]).
ويرى بعض القضاة: أنه يُكتفى بالكتابة إلى الحكمين دون حضورهما, والأول أولى.
6.   متممات الحكم:
يقوم القاضي بتذييل الحكم بما يأتي:
      ‌أ- إذا كان الحكم فسخاً للنكاح فتفهم المرأة بأن عليها العدة, وأنها تبدأ من تاريخ الفسخ أو الخلع, وتحدد مدة العدة، ومن المعلوم أن عدة المفسوخة حيضة واحدة على الراجح([2]), ويرى الجمهور أنها ثلاث حيض.
             ‌ب-     إفهام الزوج بأن زوجته بانت منه بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد جديد.
     ‌ج-  إفهام الزوج بأن عليه مراجعة الأحوال المدنية لتسجيل الواقعة وإنزال المرأة من دفتر العائلة, حسب التعميم رقم 12/ت/127 في 3/11/1412هـ([3])، والإجراء المتبع أن المرأة تأخذ الصك وتذهب به إلى الأحوال المدنية فيتم إسقاط اسمها من دفتر العائلة.
     ‌د-   إذا لم يقتنع أحد الطرفين بالحكم و طلب التمييز فتفهم المرأة ووليها ألا تتزوج إلا بعد انتهاء عدتها وتصديق الحكم من محكمة التمييز،  حسب التعميم رقم 8/ت/25 في  8/2/1412هـ([4]).
المسائل:
الأولى: هل يكفي في التعريف رجل واحد أو لابد من اثنين؟ هنا قولان:
القول الأول: أنه يكفي في التعريف رجل واحد، لحديث زيد بن ثابت  حينما أمره النبي  بتعلم السريانية حتى يترجم له كتاب اليهود([5]).
القول الثاني: أنه لابد في التعريف من رجلين، لأن التعريف شهادة([6]).
الثانية: يصح خلع وفسخ الحائض, وتكون عدتها الحيضة التي بعدها([7]).
الثالثة: لو فسخ القاضي النكاح ثم تراضيا على الرجوع قبل انتهاء الجلسة فهل يلزم عقد ومهر جديد؟
     قرر أهل العلم قاعدة: "الفسخ لا يقبل الفسخ"([8])، فإذا تم الفسخ فلا يمكن رفعه وفسخه ولو كان في مجلس القضاء الذي صدر فيه الحكم قبل انتهاء الجلسة، وعلى الزوج إذا أراد الرجوع إلى زوجته عقد ومهر جديد، ولا يلزم انتهاء العدة لأن العدة لأجل استبراء الرحم فلا تعتد من مائه إلى مائه.
     والعبرة بالنطق بالحكم في الفسخ وغيره, فإذا تم النطق به فقد صدر الحكم.
الرابعة: يجوز أن يفسخ القاضي النكاح فيقول (فسخت نكاح فلانة ... من فلان ... وبذلك حكمت)، أو يقول: (فقد حكمت بفسخ نكاح فلانة ... الخ).
     ويجوز أن يفوِّض القاضي الفسخ للزوجة بأن يقول: (فقد جعلت للمدعية فلانة ... فسخ نكاحها، فقالت: فسخت نكاحي من فلان... وعليه فقد ثبت لدي فسخ نكاح فلانة... من فلان ... وبذلك حكمت) والفسخ من القاضي أقوى([9]).
الخامسة: إذا رأى القاضي أن الأسباب التي ذكرتها المرأة لطلب الفسخ غير وجيهة وليس لها مبرر شرعي فيحكم القاضي برجوع المرأة لبيت الزوجية، ويذكر بأنها إذا لم ترجع فتعتبر ناشزاً ساقطة الحقوق والنفقة؛ لأنه يصعب تنفيذ الحكم بإلزام المرأة بالعودة إلى بيت الزوجية، فلا تساق إلى بيت الزوجية جبراً. 
السادسة: إذا حكم القاضي على الزوجة بالانقياد ولم تنقد وبقيت مدة ناشزاً فيعيد القاضي النظر فيها، ويحكم بالفسخ بعوض إن كانت ظالمة.
     ويمكن للمرأة أن تتقدم مرةً أخرى بطلب الفسخ إذا طالت عليها المدة، ويكون نظر القضية عند من نظرها سابقاً؛ لكونها إكمالاً للقضية السابقة.
السابعة: يستقر عوض الخلع في الذمة إذا لم يبذل كسائر الديون فتسمع دعوى الإعسار به، وعلى الزوجة قبل أن يدخل بها الآخر سداده لكونها أيسرت بمهر الزوج الجديد([10]).
الثامنة: إذا تقدم الزوج ضد المرأة بدعوى النشوز وبذلت المرأة نفسها واستعدت بالرجوع إلى بيت الزوجية والدخول في طاعة الزوج ورفض الزوج ذلك طالباً العوض، فحينئذ تفسخ المرأة مجاناً، لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) سورة النساء.
التاسعة: لا ينبغي أن يكون عوض الخلع مقابل تنازل المرأة عن حضانة أولادها؛ لأن الخلع لا بد أن يكون على مال أو حق يؤول إلى مال، ولأن الصلح في الحضانة غير ملزم على قول الجمهور([11]).
والصلح على الخلع لازم، ولا يجمع بين صلح لازم وعوض غير مالي؛ لأنه لو فسد موضع الحضانة فلا يفسد الخلع فالحضانة غير مرتبطة بالخلع, فلو حكم للزوج بالحضانة مقابل تنازله عن عوض الخلع ثم ظهر بعد ذلك عدم صلاحيته للحضانة لكان مشكلاً.
ولكن يمكن الخلع على عوض ثم إجراء الصلح على الحضانة منفصل عن ذلك.
العاشرة: إذا استعد الزوج ببذل عوض مالي لزوجته مقابل رجوعها، وكانت في مقابل حق ماليٍ ماضٍ كالنفقة أو نحوها فيجب على الزوج الوفاء به, وإذا كان العوض لأجل الرجوع فقط فلا يلزم الزوج إذا كان الاتفاق خارج المحكمة، أما إذا كان في مجلس الحكم ووافق عليه الزوج فيلزم به إذا رجعت الزوجة.
الحادية عشرة: اختلف أهل العلم في توصيف الحكمين على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنهما وكيلان عن الزوجين([12]).
القول الثاني: أنهما حكمان([13]).
القول الثالث : أنهما شاهدا خبرة([14])، وهذا القول هو الذي دلّ عليه قرار هيئة كبار العلماء (رقم 26 في21/8/1394هـ)([15])، وعليه فقرار الحكمين ملزم للقاضي ما لم يوجد مبرر شرعي لمخالفته فللقاضي مخالفته والحكم بما يراه مع تسبيب ذلك.
الفوائد:
الأولى: ينبغي للقاضي في القضايا الزوجية أن يحرص على حضور الزوجين بأنفسهما؛ لأن حضور الوكلاء في الغالب يزيد شقة الخلاف ويشعب المشكلة وبالتالي يصعب حلها, ويباعد قلوب الزوجين مما يجعل قصد كل واحد منهما مجرد التشفي والانتقام من الآخر على حساب مصلحتهما.
الثانية: إذا اختلف الحكمان في المرة الثانية أو طال النزاع بين الزوجين أو تعذر اختيار الحكمين مطلقاً فيحسمها القاضي بما يراه من فسخ أو جمع وفق الأصول الشرعية.
الثالثة: لا يجبر الحَكَم على الحضور، ولا يجبر أحد الزوجين على اختيار حكم إذا رفض ذلك.
الرابعة: للقاضي منع الشخص أن يكون حكماً ولو اختاره أحد الزوجين إذا ظهر منه إثارة الفتنة والتخبيب.
الخامسة: الغالب الاختلاف في قرارات التحكيم بين الزوجين الصادرة من الحكمين اللذين اختارهما الزوجان.
السادسة: الغالب في قرارات التحكيم الزوجي هو التفريق بين الزوجين على عوض.
السابعة: في كل الفسوخ يقوم القاضي بالتهميش على عقد النكاح بذلك، ثَم يبعثه لمصدره لنقل التهميش على ضبط المأذون وحفظ العقد بعد ذلك في المحكمة.
الثامنة: يقدم القاضي في فسخ النكاح الزوجة على الزوج كما ذكر ذلك علماء الشروط –التوثيقات– فيقول: (فقد حكمت بفسخ نكاح فلانة من فلان) كما سبق([16]).
التاسعة: نموذج ضبط قضية زوجية: 
(الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد فلدي أنا ... القاضي بالمحكمة العامة بـ ... ففي يوم  ... الموافق   /   /   14هـ فتحت الجلسة وفيها حضرت ... المعرف بها من قبل ... وحضر لحضورها ... فادعت ... قائلة: إنني تزوجت هذا الحاضر بتاريخ   /    /    14هـ وأنجبت منه ... ومنذ أكثر من ... ذهبت إلى بيت أهلي وذلك بسبب سوء عشرته لي، فهو لا ينفق عليّ النفقة الواجبة، ولا يعاملني المعاملة الحسنة، فيسبني ويشتمني، أطلب فسخ نكاحي منه هذه دعواي، وبسؤال المدعى عليه عن دعوى المدعية أجاب قائلاً: ما ذكرته المدعية من الزواج وتاريخه والإنجاب كله صحيح، ولا صحة لما ذكرته من سوء العشرة، فانا أحسن عشرتها لذا لست مستعداً بطلاقها وأطلب الحكم عليها بالرجوع إلى بيتي ولزوم طاعتي هذه إجابتي، ثم جرى سؤال المدعية: هل لديها بينة عن دعواها؟ فقالت: لا بينة لي، وعليه جرى تذكير الزوجة بعظم حق الزوج وأن عليها الصبر والطاعة فيما أوجبه الله عليها تجاه زوجها وأن تقابل إساءته بإحسانها إليه وخدمتها له وأن رابطة الزواج بينهما تقتضي الديمومة والاستمرار ومن مصلحتها البقاء زوجة له ولو غمطها بعض حقوقها وتذكيرها بما شرع الله من حقوق الزوج ووجوب طاعته وما يترتب على الطلاق من تفريق الأسرة وتشتيت الأولاد وبوار المرأة بسبب تقدم سنها ووجود أولادها فأصرت على رأيها وطلبها الفسخ، وقالت: إن ما عانيته من الزوج من سوء عشرته وجفائه يهون لأجله كل شيء، ولست مستعدة بالرجوع إليه ولو بقيت الدهر معلقة، ثم جرى تذكير الزوج ووعظه بأن يترفع عن غمط المرأة حقوقها، وأنه ليس من المروءة ولا الشهامة ولا الشجاعة ظلم زوجته مما يحملها على الخلاف والشقاق، وأن المرجو منه أن يعامل زوجته بالحسنى فكما أن عليها واجبات نحوه فلها حقوق عليه، وما وصلت إليه حال الحياة الأسرية مع زوجته يستوجب النظر في تسريحها رعاية لحالها وأن هذا من مقتضى ما أمر الله به بقوله: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وإن من الإحسان إجابة الزوجة إلى طلبها إذا تعذرت العشرة، وأن المرء لا يرضى لقريبته أن يصل حالها إلى هذا الوضع ثم لا يسرحها زوجها، فأصر على رأيه وقال: إنني لا يمكن أن أطلقها مهما كانت الظروف وأنا مستعد بالقيام بحقوقها ولست مستعداً بطلاقها لأجل أولادي، ثم جرى عرض الصلح على الطرفين على الرجوع أو الفارق بعوض أو بدون عوض فلم يصطلحا، وأصر كل واحد منهما على رأيه، ولقوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما" لذا فقد عرضت على الطرفين اختيار حكمين من أهلهما فاختارت المدعية ... حكماً من أهلها واختار المدعى عليه ... حكماً من أهله ورفعت الجلسة من أجل إحضار الحكمين.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ففي يوم ... الموافق   /   /   14هـ الساعة ... فتحت الجلسة وفيها حضر الحكمان ... و... ، وجرى إفهامهما بمهمة التحكيم وأن عليهما أن يعقدا النية على إرادة الإصلاح ففهما ذلك.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ففي يوم ... الموافق   /   /   14هـ الساعة ... فتحت الجلسة وفيها حضر الطرفان وقد وردني قرار الحكمين المتضمن أنه تبين لنا أن أسباب الخلاف بينهما يصعب معها اجتماعهما وأصبحت الزوجة لا ترغب العودة لزوجها بسبب ما حصل منه من أفعال تجاه زوجته وقد مضى على الزوجة حوالي ... وهي معلقة ونرى التفريق بينهما على عوض قدره ... وبعرض ذلك على الطرفين قالت: المدعية إنني موافقة على قرار الحكمين، وقال المدعى عليه: إنني غير موافق على قرارهما ولن أطلق المدعية، ثم عرضت على المدعية أن تحضر العوض وقدره ... فأحضرته، فجرى عرضه على المدعى عليه فرفض استلامه، فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة وما قرره الحكمان اللذان تم اختيارهما من قبل الزوجين من التفريق بينهما على عوض قدره ... وما تم من وعظهما وتوجيههما ولإصرار كل منهما على رأيه ولعموم قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما" ولما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته قالت: نعم فردت عليه فأمره ففارقها"([17])، ولقوله صلى الله عليه وسلم : "لا ضرر ولا ضرار"([18])، ولما رواه النسائي وعبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما وقال إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا"([19])،ولما رواه الدار قطني والنسائي والشافعي والبيهقي عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال: "جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم فبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها وقال للحكمين هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما إن تجمعا فاجمعا وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما عليّ فيه ولي, وقال الزوج: أما الفرقة فلا, فقال علي: كذبت والله لا تبرح حتى تقر مثل الذي أقرت به"([20])، قال ابن حجر: إسناده صحيح([21])، ولما أخرجه الطبري في تفسيره: عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال: فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز([22])، ونظراً إلى أن استمرار الحياة الزوجية على هذا الوضع أمر لا تتحقق منه مقاصد النكاح في الشريعة من المودة والرحمة والسكن وتربية الأولاد والعفة مع ما في ذلك من المضار النفسية والاجتماعية والجسدية على الزوجين والأولاد، ونظراً لبقاء المدعية ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً مع ما ينشأ عنه من الظلم والإثم والقطيعة بين الأسر وتوليد العداوة والبغضاء، لذا فقد حكمت بفسخ نكاح المدعية ... من زوجها المدعى عليه ... على عوض قدره ...([23])، وعليه أفهمت المدعية بأن عليها العدة الشرعية وهي ثلاث حيض اعتباراً من اليوم الموافق   /   /   14هـ، وبعرض ذلك على الطرفين قررت المدعية القناعة وقرر المدعى عليه عدم القناعة وطلب تمييزه فأجيب إلى طلبه وأفهمته بمراجعة المحكمة خلال عشرة أيام من أجل استلام نسخة الحكم وتقديم اللائحة الاعتراضية خلال مدة الاعتراض وهي ثلاثون يوماً تبدأ من تاريخ تسجيل الحكم وإذا انتهت مدة الاعتراض ولم يتقدم باللائحة فيسقط حقه في التمييز ويكتسب الحكم القطعية وأفهمت المدعية بألا تتزوج حتى يكتسب الحكم القطعية، وقررت حفظ العوض في بيت المال لصالح المدعى عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين حرر في   /    /     14هـ.

________________________________________
([1]) ينظر قرار هيئة كبار العلماء رقم 26 في 21/8/1394هـ ، مجلة البحوث الإسلامية العدد3 ، ص 224-225.
([2]) وهو مذهب عثمان وابن عباس وابن عمر والربيع في الخلع، وبه قال إسحاق والإمام أحمد في رواية وابن المنذر وابن تيمية وابن القيم. ينظر: زاد المعاد (5/197), مجموع الفتاوى (32/290), مطالب أولي النهى (5/296).
([3]) التصنيف الموضوعي (3/74-75).
([4]) التصنيف الموضوعي (4/297).
([5]) ذكره البخاري تعليقاً (6/2631), ووصله في التاريخ الكبير (3/380), وأحمد (5/186), وأبو داود برقم (3645), والترمذي (2715) وقال: "حسن صحيح".
([6]) ينظر: المبسوط (16/89)، الأم (6/204)، المهذب (2/303)، المغني (10/269)، الشرح الكبير والإنصاف (28/509)، كشاف القناع (6/352)، حاشية ابن قاسم على الروض المربع (7/553). فائدة: قال ابن القيم في الطرق الحكمية (193): منشأ الخلاف هو: هل الترجمة ونحوها بمعنى الإخبار أو هي بمعنى الشهادة.
([7]) ينظر: فتح القدير (3/474)، البحر الرائق (3/257)، حاشية الدسوقي (2/364)، المغنى (10/269)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (33/21)، كشاف القناع (5/213).
([8]) ينظر: المنثور (3/44-45)، فتاوى ابن الصلاح (2/551).
([9]) ينظر: التحكيم لابن خنين (232).
([10]) ينظر: فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم  (10/ 314).
([11]) ينظر: كشاف القناع (5/498)، شرح منتهى الإرادات (3/250)، وقد صدر فيه قراران من مجلس القضاء بهيئته الدائمة رقم   في / /  ورقم    في / /  .
([12]) ينظر: فتح القدير (4/244), نهاية المحتاج (6/392), شرح الزرقاني (3/275), المغني (10/265).
([13]) ينظر: مواهب الجليل (4/17), مغني المحتاج (3/261), المغني (10/265), مجموع الفتاوى (32/25), زاد المعاد (5/189).
([14]) ينظر: المحلى (10/87), شرح الزرقاني (3/275).
([15]) ينظر: مجلة البحوث الإسلامية (3/221)، التحكيم لابن خنين (ص 198-199).
([16]) ينظر: جواهر العقود للأسيوطي (2/96-97).
([17]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه (5/2021) برقم (4971).
([18]) هذا الحديث روي مسنداً ومرسلاً فممن رواه مسنداً: ابن ماجه في سننه (2/784) برقم (2340-2341)، والدارقطني في سننه (4/227-228) برقم (83-85) وغيرهما، وممن رواه مرسلاً الإمام مالك في الموطأ (1429)، وقد ورد هذا الحديث من مسند أبي سعيد الخدري وعائشة وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وثعلبة بن أبي مالك وأبي لبابة رضي الله عن الجميع. ينظر: نصب الراية (4/384)، إرواء الغليل (3/408).
([19]) أخرجه النسائي في الكبرى (3/111) برقم (4678), وعبد الرزاق في المصنف (6/512) برقم (11885).
([20]) أخرجه الدار قطني في سننه (3/295) برقم (189), والنسائي في الكبرى (3/111) برقم (4678), والشافعي في مسنده ص (262), والبيهقي في الصغرى (6/293) برقم (2629).
([21]) تلخيص الحبير (3/204).
([22]) تفسير الطبري (5/73).
([23]) يجوز أن تكون الصيغة (... لذا فقد فسخت نكاح المدعية ... من المدعى عليه ... على عوض قدره ... وبه حكمت).



الحضانة

     وهي من أكثر الدعاوى بعد سوء العشرة، فتسمع دعوى الحضانة في حال افتراق الزوجين بالطلاق.
الإجراءات: قضايا الحضانة كالإجراءات في غيرها.
ويشار إلى ما يلي:
1)   المصادقة على الزوجية والطلاق.
2) تدوين أسماء الأولاد وأعمارهم حسب دفتر العائلة أو شهادات الميلاد للسعوديين أو شهادات الميلاد أو دفتر الإقامة أو الجواز لغير السعوديين.
3)   ذكر صك الطلاق وتاريخه ومصدره - إن وجد-.
المسائل:
الأولى: تقام دعوى الحضانة على من بيده المحضون ولو كان غير الأبوين.
الثانية: تسمع دعوى الحضانة في حق الصبي والمعتوه. 
الثالثة: لا تسمع الدعوى من أحد الوالدين على الآخر في ضم الولد البالغ العاقل لكن تقام الدعوى على الولد مباشرةً.
الرابعة: هل الحضانة حق للحاضن أو للمحضون؟ في المسألة ثلاثة أقوال هي:
القول الأول: أنها حق للمحضون.
القول الثاني: أنها حق للحاضن, وهذان قولان في مذهب أحمد ومالك([1]).
القول الثالث: أنها حق للحاضن يراعى فيه مصلحة المحضون, وهو الأقرب.
ثمرة الخلاف: إذا رفض الحاضن الحضانة فهل يلزم بها أولا؟
فعلى القول الأول: يلزم بها.
وعلى القول الثاني: لا يلزم بها.
وعلى القول الثالث: يلزم بها إذا كان فيها مصلحة المحضون, وإلا فلا.
الخامسة: الصلح في الحضانة غير ملزم ولو بحكم حاكم، ولا تسقط الحضانة بالإسقاط؛ لأن الحضانة حق يتجدد بتجدد الزمان كالنفقة([2]).
السادسة: عند توجه القاضي للحكم بالحضانة فينبغي ألاّ ينص على نهاية مدة الحضانة ولا يحدد لها وقتاً فيصيغ الحكم بقوله: (فقد حكمت بحضانة فلان ... لفلان ...)؛ لئلا يحجر على غيره من القضاة عند تجدد أمر, أو ثبوت مسقط من مسقطات الحضانة, وحتى لا يكون ذلك مثاراً للنزاع بين الزوجين عند نهاية المدة المحددة، فمن مقاصد القضاء أن يكون منهياً للنزاع والخصومات لا مثيراً لها.
ويرى بعض القضاة: أنه يستثنى النص على النكاح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي"([3]).
السابعة: إذا كانت الزوجة سعودية والأب أجنبياً فليس له السفر بأولاده منها خارج المملكة قبل بلوغهم، فلا يحكم له بالحضانة إذا أراد السفر خارج المملكة إلا برضاها.
الثامنة: الأصل عند الاختلاف في الحضانة: العمل بالمذهب، إلا إذا ظهر للقاضي مصلحة للمحضون في ترجيح أحد المتنازعين على الآخر فيعمل بها([4]). 
التاسعة: هل تقبل وصية الأب بالحضانة لأجنبي دون الأم؟
     لا يملك الأب أن يوصي بولاية الحضانة؛ لأنها ليست حقاً له، بينما يملك أن يوصي بولاية المال والنكاح, ولذا لو تنازع الوصي والأم في الحضانة فالأم أولى بها([5]).
العاشرة: لو طالبت الأم بأجرة على الرضاع أو الحضانة فيحكم لها بها([6]).
الحادية عشرة: هل تسمع دعوى الحضانة حال نشوز الزوجة بأن يفترق الزوجان بأبدانهما دون الطلاق أو طالت دعوى الفسخ؟
قال في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: (أحق بالولد أمه قبل الفرقة وبعدها، وفي الكافي إلا أن تكون مرتدة أو فاجرة ؛ وإنما كانت أحق لأن الأمة أجمعت على أن الأم أحق بالولد ما لم تتزوج يعني بزوجٍ آخر)([7]).
وقال في الفتاوى الهندية: (أحق الناس بحضانة الصغير حال قيام النكاح أو بعد الفرقة الأم إلا أن تكون مرتدة أو فاجرة غير مأمونةٍ)([8]).
قال في الإقناع وشرحه الكشاف: (فأحق الناس بحضانته أمه كما قبل الفراق)([9]).
وهذا يدل على استحقاق الأم الناشز حضانة ابنها, وعليه يجوز سماع الدعوى بالحضانة قبل الطلاق.
وللقضاة في هذا منهجان هما:
المنهج الأول: سماع هذه الدعوى والحكم فيها كما لو كان الخلاف بعد الفرقة؛ لعموم الأدلة في ذلك فلم تفرق بين ما كان قبل الفرقة وبعدها، وفيه تحقيق لمصلحة المحضون؛ ولأن الفرقة الحسية بالأبدان كالفرقة بالطلاق، ولأن الزوج قد يتعسف فيأخذ أولاده بغير حق بحجة نشوز الزوجة للضغط عليها, وهذا أقرب.
المنهج الثاني: عدم سماعها؛ لأن فيه إغراءً للمرأة بالنشوز، فإذا حكم لها بالحضانة استمرت على نشوزها.
________________________________________
([1]) ينظر: الفروع مع التصحيح وحاشية ابن قندس (9/342), المبدع (8/236), المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (24/478), شرح ميارة (1/434), الشرح الكبير (2/532), القوانين الفقهية لابن جزي (149), حاشية العدوي (2/168).
([2]) ينظر : كشاف القناع (5/498).
([3]) أخرجه أحمد في مسنده (6707), وأبو داود (2276), وصححه الحاكم في المستدرك (2/225).
([4]) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (34/122)، الفتاوى السعدية (575).
([5]) ينظر: المغني (11/413), الشرح الكبير مع الإنصاف والمقنع (20/210).
([6]) ينظر: كشاف القناع (5/465)، المبدع (5/66), الإنصاف (6/3).
([7]) ينظر: تبيين الحقائق (3/46).
([8]) ينظر: الفتاوى الهندية (1/541).
([9]) ينظر: كشاف القناع (5/496).


الزيارة

النظر في دعوى الزيارة إنما يكون بعد انتهاء موضوع الحضانة إما صلحاً في المحكمة أو خارجها أو حكماً.
الإجراءات:
1/ يشار في الدعوى إلى ما يلي:
                                      ‌أ-   المصادقة على الحضانة ، ويذكر صك الحكم بها إن وجد.
                                   ‌ب-     أسماء الأولاد وأعمارهم -كما سبق-.
2/في حالة ممانعة الحاضن من زيارة المدعي للمحضون أو تسليمه له من أجل الزيارة، فيسأل عن السبب، فإن ذكر قدحاً مؤثراً في بيت المدعي فيقوم القاضي إما بالصلح بين الطرفين في أن تكون الزيارة في بيت شخص ثالث من أقاربهما يرتضيانه أو يحكم بعدم منع المدعي من زيارة المحضون في بيت المدعى عليه في أوقات يحددها القاضي حسب العادة.
3/ إذا تعذر الصلح بين الطرفين فيحيل القاضي المعاملة إلى قسم الخبراء لتحديد الزيارة للمحضون حسب العادة، فإذا رجعت المعاملة من قسم الخبراء يعرض القاضي قرارهما على الطرفين فإن وافقا عليه وإلا حكم بموجبه إذا رآه صالحاً للحكم.
المسائل: 
الأولى: أن القاعدة في تحديد الزيارة حسب العادة (1)، فقد تكون مرةً في الأسبوع أو مرتين في الشهر، فعلى القاضي أن يصلح بين الطرفين في تحديدها ويراعي في ذلك ما يلي:
                ‌أ- الإجازات المدرسية للطلاب (نهاية الأسبوع ، منتصف السنة ، الإجازة الصيفية).
             ‌ب-     إجازات العيدين.
             ‌ج-      صغر المحضون وحاجته لحاضنته.
               ‌د-       وجود المناسبات لدى أحد الطرفين.
               ‌ه- تحديد من يحضر المحضون للزيارة ومن يأخذه وقت انتهائها عند المشاحة.
الثانية: إذا كان يصعب نقل المحضون إلى منزل المدعي طالب الزيارة إما لصغره وحاجته الشديدة لعناية حاضنته أو لمرضه فتكون الزيارة في منزل الحاضن إما محددة بزمنٍ أو مُطلَقةً، وإذا كانت مُطلَقةً فتكون صيغتها كالتالي: (حكمت على المدعى عليه ... ألا يمنع المدعي ... من زيارة المحضون ...). 
الثالثة: للأم أن تطالب بزيارة الأولاد أثناء نظر قضية (الحضانة أو الزيارة) مع الأب، ويصدر لها أمر مؤقت بالزيارة يدوَّن في الضبط حتى تنتهي القضية المنظورة ويكتب بذلك خطاب لجهة التنفيذ، وكذا العكس، فإذا صدر الحكم في القضية المنظورة فيلغى الأمر المؤقت المشار إليه.
الرابعة: إذا أخذ الأب الأولاد الرضع فيصدر القاضي أمراً قضائياً بخطاب يوجه لجهة التنفيذ ليسلم الأب الأولاد للأم، وإذا كان لديه اعتراض يتقدم إلى المحكمة ينظره القاضي مصدر الأمر, وهو من القضاء المستعجل حسب المواد (199/ب، 233، 234/ب) من نظام المرافعات.
الخامسة: الأصل أن طالب الزيارة هو الذي يأتي ويأخذ الأولاد ويعيدهم، ويمكن أن يجعل بينهم اتفاق على أن يأخذهم طالب الزيارة ويعيده الحاضن أو العكس أو يجعل أمين يقوم بهذه المهمة كعمٍ أو خالٍ ونحوهما.
________________________________________
(1) ينظر : مغني المحتاج (3/457)، شرح منتهى الإرادات (3/251).








العضل

تسمع دعوى المرأة بأن وليها عضلها عن الزواج ومنعها الأكفاء. 
الإجراءات:
1/ تضبط دعوى المرأة ضد الولي العاضل.
2/ تذكر المرأة في دعواها أن المدعى عليه وليها في التزويج وقد عضلها فلم يزوجها, أو تقدم لها كفء وتعينه فرده فهو عاضل تطلب الحكم بإثبات العضل وانتقال الولاية لمن بعده أو للقاضي.
3/ تعرض الدعوى على المدعى عليه فإن اعترف بالعضل صراحةً أو صادق على أنه تقدم لها كفء ولم يزوجها فحينئذٍ يخوف بالله ويؤمر بتزويجها, فإن وافق على تزويجها فيحكم عليه بذلك، وإن رفض التزويج أو لم يذكر سبباً مقنعاً للعضل فتنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء أو للقاضي.
4/ إن أنكر المدعى عليه دعوى المدعية فيطلب من المدعية البينة فإذا شهدت البينة بالعضل يحكم بثبوت العضل وانتقال الولاية إلى من بعده من الأولياء([1]) أو إلى القاضي.
5/ إن ذكرت رجلاً كفءً وعينته تقدم لخطبتها أو أحضرته, ورفض الولي تزويجه فإن ذكر سبباً شرعياً مقنعاً للرفض وإلا اعتبر عاضلاً, ولا حاجة لإحضار بينة من المدعية على العضل.
6/ إن اتفق الأولياء على العضل انتقلت الولاية إلى الحاكم (القاضي) فيحكم بثبوت عضل الأولياء بعد أخذ جوابهم على ذلك ويزوجها من الكفء([2]).
المسائل:
الأولى: لا يحضر الأب بالقوة التنفيذية في دعوى ولده ضده([3]).
الثانية: إذا ثبت عضل الولي فهل تنتقل الولاية إلى من بعده أو إلى الحاكم؟ فيها قولان هما:
القول الأول: تنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء, وهذا هو المذهب([4]).
القول الثاني: تنتقل الولاية إلى الحاكم (القاضي) مباشرة, وهذا القول رواية في المذهب([5])، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([6])، وهو أيسر في التطبيق وأعلى مصلحة وأدنى مفسدة وأسرع في إنجاز القضية؛ لأن القول الأول يتطلب أن تقيم المرأة عدة دعاوى حتى تجد ولياً يزوجها أو تصل الولاية إلى القاضي, وهو الأقرب.
الثالثة: ترتيب الأولياء في المذهب: الأب، ثم الوصي، ثم الجد وإن علا، ثم الابن، ثم ابن الابن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق, ثم الأخ لأب, ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق, ثم العم لأب, ثم ابن العم الشقيق, ثم ابن العم لأب، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان -وهو الإمام أو الحاكم أو من فوضا إليه ذلك-([7]).
الفوائد:
الأولى: الأولياء العاضلون لهم حالتان:
أ‌)        أن يكون الولي واحداً مثل الأب, أو أخ واحد فإن الدعوى تقام عليه.
ب‌)  أن يكون الأولياء كثيرين ومتساوين مثل الإخوة أو الأعمام فتقام الدعوى ضدهم جميعاً, فيلزمون حينئذٍ بالحضور, أو يحضر أحدهم بالوكالة عن البقية.
الثانية: دعوى العضل تقام في بلد المدعى عليه, بخلاف بقية القضايا الزوجية؛ لأنها دعوى ضد الولي والزوجية لم تقم بعدُ.
الثالثة: تظهر مشكلات عائلية عند انتقال الولاية من الأب إلى من بعده من الأولياء, ويمكن الخروج منها: بأن يطلب القاضي من الأب الذي عضل أن يوكل الولي الذي بعده أو القاضي في تزويج موليته فيخرج من هذا الإشكال بأسلوب مناسب.
الرابعة: من الأساليب المناسبة في وعظ الولي ونصحه: أن يبين له أن المرأة عورة وتزويج وليها لها خير من فسخ ولايته فيشتهر ذلك عند الناس فهذا يؤثر على مكانته وسمعته عندهم, والغالب استجابة الأولياء لهذا النصح.
________________________________________
([1]) ينظر: روضة الطالبين (7/65)، مغني المحتاج (3/153)، كشاف القناع (5/54).
([2]) ينظر: مغني المحتاج (3/153)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (1/324)، المغني (9/382).
([3]) ينظر: الإقناع (3/115)، كشاف القناع (4/320).
([4]) ينظر : المغني (9/382)، شرح الزركشي (2/334).
([5]) ينظر: بدائع الصنائع (2/248)، شرح الزركشي (3/333)، الإنصاف (7/59)، منح الجليل (3/293).
([6]) ينظر: مجموع الفتاوى (32/33), الفتاوى الكبرى (4/71).
([7]) ينظر: المغني (9/ 355-360)، الإنصاف (20/184)، الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/265-269).





التزويج بغير رضا

الإجراءات:
1/ تسمع دعوى الزوجة ضد زوجها بأنها زُوجت به بغير رضاها, وتضبط الدعوى ويتم التعريف بها -كما سبق-، ويكون الزوج أحد المعرفين في ذلك، وهو الأفضل في القضايا الزوجية حتى لا ينكر الزوج أن الحاضرة سواءً كانت مدعية أو مدعى عليها هي زوجته، وتطلب فسخ نكاحها لعدم الرضا.
2/ الأصل أن هذه الدعوى تقام ضد الزوج؛ لأنها تنصب على عقد الزوجية, ويمكن إدخال الأب.
3/ يسأل الزوج عن دعوى المدعية، ولابد أن يصادق على وقوع عقد الزوجية فإن اعترف أن الزواج تم بغير رضاها فحينئذٍ يحكم بفسخ عقد الزواج ويفهم بالرجوع على من غره وهو الولي.
4/ إذا أنكر الزوج أن الزواج تم بغير رضا أو أجاب بأن وليها هو الذي زوجه ولا يعلم عن رضاها فحينئذٍ يُدخل الولي ويسأل عن ذلك فإذا أجاب بأن موليته قد رضيت وأنكرت ذلك الزوجة فالقول قولها مع يمينها؛ لأن الرضا أمر لا يعلم إلا من جهتها, ما لم تكن للولي بينة على رضاها فتسمع.
5/ قد يوجد ظاهرٌ يؤيد صدق المدعى عليه مثل:
                                      ‌أ-        إذا مكنت المرأة الزوج من نفسها([1])، أو طالبت بالمهر والنفقة.
                                   ‌ب-     إذا قامت المرأة بالذهاب إلى السوق لشراء حاجيات الزواج.
                                    ‌ج-      إذا وجد بينهما أولاد.
فالظاهر في مثل هذه الحالات يدل على رضا الزوجة وهنا يقدم الظاهر على الأصل([2])، فيصرف القاضي النظر عن دعواها، ويسبب ذلك: بأن مضي المدة وتمكينه من نفسها دليل على رضاها بالزواج.
المسائل:
الأولى: هل يملك الأب ولاية الإجبار على ابنته؟ فيها قولان هما:
القول الأول: أن علة الإجبار هي البكارة وهو مذهب الجمهور([3]).
القول الثاني: أن علة الإجبار هي الصغر، وهو مذهب الحنفية([4])، ورواية في المذهب اختارها أبو بكر واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم([5]).
_ فيُجبر الأب ابنته البكر سواءً كانت بالغة أو غير بالغة عند الجمهور.
_ ويُجبر الأب ابنته الثيب غير البالغة على الزواج عند الحنفية.
_ فالثيب الكبيرة لا تجبر أبداً عند الجميع.
الثانية: ولاية الإجبار خاصة بالأب([6])، أما إن كان الولي غير الأب فتسمع دعوى الإجبار وعدم الرضا.
الثالثة: لا تسمع دعوى الإجبار وعدم الرضا إذا كان الولي الأب وكانت البنت بكراً عند الجمهور.
الرابعة: لا تسمع دعوى الإجبار وعدم الرضا إذا كان الولي الأب وكانت البنت صغيرة عند الحنفية.

________________________________________
([1]) المغني (9/382).
([2]) ينظر: القواعد لابن رجب (القاعدة 159) ص(389).
([3]) ينظر: شرح الخرشي (3/176), تحفة المحتاج (7/243), مغني المحتاج (3/149), المقنع مع الإنصاف والشرح الكبير (20/119), كشاف القناع (5/45).
([4]) ينظر: شرح فتح القدير (3/260),  تبيين الحقائق (2/121).
([5]) ينظر: مجموع الفتاوى (32/23), زاد المعاد (5/99), إعلام الموقعين (4/341-342), تهذيب السنن (6/86),  المحرر (2/16), والإنصاف مع المقنع والشرح (20/119).
([6]) المغني (9/402), كشاف القناع (5/47).



المهر

الإجراءات:
1/ دعوى المهر من قبيل القضايا المالية، فيجري إثباتها كسائر القضايا المالية.
2/ إذا ادعت المرأة أن زوجها لم يسلمها المهر فحينئذٍ تضبط الدعوى، وتحدد مقدار المهر وهل هو حالّ كله أو بعضه وتطلب تسليم الحال منه كلاً أو بعضاً أو تطلب الحكم بالمؤجل منه في حينه إذا حل بعضه.
3/ وتسمع دعوى المرأة بالمهر إذا كان المقصود إثبات صحة عقد الزوجية.
4/ يسأل الزوج عن الزوجية فإذا صادق عليها، يتم سؤاله عن مقدار المهر وتسليمه، فإذا صادق على مقداره ودفع بتسليمه للزوجة أو وليها فتطلب منه البينة على التسليم؛ لأن الأصل عدم التسليم.
5/ يطلع القاضي على عقد النكاح -إن وجد- للتأكد من مقدار المهر وتسليمه, وينبغي التنبه إلى أن بعض المأذونين يكتب أن المهر مسلَّم وهو في الحقيقة غير مسلَّم كله أو بعضه.
6/ إذا ذكر في العقد أن المهر مؤجل فهي قرينة تقوي جانب المرأة.
7/ العرف معتبر في تعجيل المهر وتأجيله، فالعرف في بلدنا أن المهر يكون معجلاً.
8/ الغالب عدم وجود بينة على تسليم المهر إلا إذا سُلِّم بموجب شيك، ويُحلَّف من تقوى جانبه في هذه القضية. 
9/ إذا لم يوجد للزوج بينة على تسليمه المهر فله يمين الزوجة المدعية على نفي التسليم.
مسائل: 
الأولى: المهر أثر من آثار عقد الزواج وليس شرطاً فيه؛ لأن الشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته, وليس ركناً فيه؛ لأن الركن جزء من الماهية.
الثانية: يستقر المهر كاملاً بالدخول([1]). 
الثالثة: يجوز أن يكون المهر كلّه أو بعضه مؤجلاً بأجل, وإذا لم يُحدَّد له أجل يحل بأقرب الأجلين الموت أو الفرقة([2]).
الرابعة: يحق للزوجة أن تمتنع عن تسليم نفسها حتى يُسلم لها الزوج المهر, وإن سلمت نفسها فلا يحق لها الامتناع, ويبقى لها حق المطالبة([3]).
فائدة: إذا كانت الدعوى بالمهر بمبلغ عشرين ألف ريال فأقل هل هي من اختصاص المحكمة العامة أو الجزئية؟
الأصل أن جميع الدعاوى الزوجية من اختصاص المحكمة العامة، لكن هذه المسألة فيها رأيان:
الرأي الأول: أنها من اختصاص المحكمة العامة؛ لأنها الأصل في نظر الدعاوى الزوجية، كما أن الدعوى وإن كانت في المال يبقى سببها وهو الزواج، وقياساً على الخلع لو تم بمبلغ عشرين ألف ريال فأقل وكذا الفسخ بقرار الحكمين على مبلغ عشرين ألف ريال فأقل، يؤيد ذلك التعميم رقم 13/ت/917 في 16/5/1417هـ([4])، ويجري تدقيق هذه القضايا في دوائر الأحوال الشخصية، وهذا رأي محكمة التمييز بمكة المكرمة, وعليه العمل عندي.
الرأي الثاني: أنها من اختصاص المحكمة الجزئية؛ لأنها دعوى مالية فتدخل في اختصاص المحكمة الجزئية دون النظر إلى السبب وهو عقد الزواج، وهذا هو رأي محكمة التمييز بالرياض.
________________________________________
([1]) ينظر: المغني (10/63), كشاف القناع (3/431), الكافي لابن قدامة (3/95).
([2]) ينظر: المغني (10/115), كشاف القناع (5/134).
([3]) ينظر: كشاف القناع (5/164).
([4]) التصنيف الموضوعي (3/450).
النشوز
الإجراءات:
1/ تسمع دعوى الزوج على زوجته بالنشوز ومطالبته إياها بلزوم بيت الزوجية.
2/ إذا ثبت أن نشوز الزوجة لا مبرر له حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية, وأنها إذا لم ترجع فتعد ناشراً ساقطة الحقوق([1])، ولا تجبر على الرجوع بالقوة كما سبق.
3/ إذا ذكرت الزوجة أسباباً لنشوزها فيسأل الزوج عنها، فإن أنكرها أو أمكن معالجتها فرفضت الزوجة الرجوع أو عجزت الزوجة عن إثباتها فيتم إجراء الخطوات الخمس الواردة في قرار هيئة كبار العلماء السالف ذكره في أولاً([2]).
مسألة: إذا طلب الزوج الانقياد فقالت الزوجة: لا أريد العودة؛ لأنه صاحب مخدرات –مثلاً- فوافقها ولم تطلب الطلاق، فلا تُلزم بالانقياد ولا يحكم بالفسخ، وإنما يصرف النظر عن دعواه, مع ملاحظة أن بعض الزوجات لا تريد طلب الطلاق في مثل هذه الحالات ظناً منها ألاّ طلاق لها إلا بإرجاع العوض.

________________________________________
([1]) كشاف القناع (5/210), شرح منتهى الإرادات (3/55).
([2]) ص (71).



نفقة الزوجة

الإجراءات:
1/ تقام دعوى النفقة في بلد المدعية أو بلد المدعى عليه حسب المادة (37) من نظام المرافعات الشرعية.
2/ تسمع دعوى نفقة الزوجة ضد الزوج إن كان حاضراً في البلد أو له بلد معلوم.
3/ وتسمع إجابة الزوج فإن اعترف أنه لم ينفق عليها فيجري القاضي الصلح بينهما على النفقة.
4/ إن لم يصطلحا على النفقة أحال المعاملة إلى قسم الخبراء لتقدير النفقة ويحدد القاضي المدة التي تقدر فيها النفقة إن كانت لمدةٍ ماضية، وأما المدة المستقبلية فتكون شهرية.
5/ إذا وردت المعاملة من قسم الخبراء فيدون القاضي القرار ويعرضه على الطرفين، ثم يحكم به.
6/ إذا كانت الزوجة تقيم عند زوجها في بيته، فالظاهر أن الزوج ينفق عليها، فإذا ادعت عدم الإنفاق وأنكر الزوج ذلك فلا يطلب من الزوج البينة على النفقة، لكن يطلب منه اليمين([1]). وهذه من مسائل تعارض الأصل والظاهر([2]).
7/ إن كان الزوج غائباً أو غير معلوم المكان فللسير في الدعوى ثلاثة أحوال هي:
الحال الأولى: أن يكون له مال بيد شخص آخر، فالزوجة بالخيار بين أمرين:
     ‌أ- إما أن تدعي على من بيده المال بالنفقة، فينظر في ذلك بعد أن تثبت الزوجية وغيبة الزوج واستحقاقها للنفقة، وتحلف الزوجة يمين الاستظهار أن زوجها لم يترك لها مالاً تنفق منه، ثم يحكم لها بالنفقة حسب تقدير الخبراء من المال الذي بيد الشخص ولا يحكم على الشخص بالنفقة؛ لأنه ليس زوجاً, ويرفع الحكم إلى محكمة التمييز.
    ‌ب-  وإما أن تطالب من بيده مال لزوجها أن يدفعه لبيت المال، بأن تتقدم للمحكمة: بأن زوجها غائب وله مال على فلان فأطلب حفظه في بيت المال بعد أخذه منه وتقدير نفقة والحكم لي بها، فإذا ثبت المال وملكية الزوج له وغيبة الزوج والزوجية واستحقاق الزوجة للنفقة، فيصدر الحكم على المدعى عليه بدفع المال إلى بيت المال، وعلى مأمور بيت المال تسليم نفقة للزوجة من المال المذكور بعد أن تحلف الزوجة يمين الاستظهار أن زوجها لم يترك لها مالاً تنفق منه، ويكون الجميع في صك واحد.
الحال الثانية: أن يكون المال تحت يدها فتأخذ منه مباشرةً بالمعروف، لقول النبي  لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"([3])، وإذا أرادت أن تحفظ حقها فلها أن تتقدم بدعوى لدى المحكمة من أجل تقدير النفقة وفرضها لها حتى لا يعترض الزوج إذا عاد فيما بعد أو ظهر أنه ميت وصار المال مستحقاً للورثة.
الحال الثالثة: أن لا يكون للزوج الغائب مال، فتسمع الدعوى وعلى الزوجة إثبات الزوجية والغيبة, ويصدر الحكم لها بالإذن باستدانة النفقة على ذمة الزوج، بعد تقديرها والدائن يرجع عليها وقرار الضمان على الزوج.
المسائل:
الأولى: المعتبر في تقدير النفقة: فيه قولان هما:
القول الأول: أن المعتبر في تقدير النفقة حال الزوجين جميعاً, وهذا هو المذهب([4]).
القول الثاني: أن المعتبر في تقدير النفقة حال الزوج, وهذا مذهب الجمهور([5]).
الثانية: أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي المدة([6]).
الثالثة: أن نفقة المطلقة طلاقاً رجعياً وقت العدة على الزوج([7]).
الرابعة: أن المطلقة طلاقاً بائناً لها النفقة إن كانت حاملاً([8]).
الخامسة: أن وجوب نفقة الزوجة في مقابل حبس نفسها على الزوج، فإذا امتنعت من تسليم نفسها للزوج أو نشزت عنه فلا نفقة لها، وإن بذلت نفسها ورفضها الزوج فتجب عليه نفقتها([9]).
السادسة: إذا طلق الرجل امرأته ولم يخبرها بالطلاق ولما طالبته بالنفقة دفع بأنه طلقها قبل المدة التي تدعي نفقتها وأحضر بينة على ذلك من صك الطلاق أو شاهديه فحينئذٍ يلزمه نفقة المرأة حتى علمها بالطلاق؛ لأنه لما كتم إخبارها بالطلاق بقيت محبوسةً لأجله فيلزمه نفقتها.

________________________________________
([1]) بناء على قاعدة (من كان القول قوله فهو مع يمينه), ينظر: المنثور (3/219).
([2]) ينظر: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (4/501)، الأشباه والنظائر (1/64)، القواعد لابن رجب (389), الفروع مع تصحيحه وحاشية ابن قندس (9/302).
([3]) أخرجه البخاري (5049) واللفظ له, ومسلم (1714).
([4]) ينظر: المغني (11/348), الكشاف (5/460), شرح منتهى الإرادات (3/262).
([5]) ينظر: المبسوط (5/182), أحكام القرآن للجصاص (2/152), مغني المحتاج (3/432).
([6]) ينظر: التاج والإكليل (5/589), مواهب الجليل (4/212), المغني (11/366).
([7]) ينظر: المغني (11/372)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (24/308).
([8]) ينظر : المغني (11/402)، الإنصاف مع الشرح الكبير (24/308).
([9]) ينظر : الكشاف (5/445)، شرح المنتهى (3/232), المغني (11/410).



تنفيذ شرط

قد تشترط المرأة شرطاً لمصلحتها فيجب تنفيذه كشرط البلد أو مواصلة الدراسة أو العمل أو السكن ونحوها([1])، فإذا اشترطت المرأة شرطاً صحيحاً ورفض الزوج تنفيذه أو نفذه في بداية الزواج ثم رجع عنه.
الإجراءات:
1/ تتقدم الزوجة بدعوى ضد الزوج تطلب تنفيذ الشرط الذي اشترطته على الزوج.
2/ يتم سماع جواب الزوج على الدعوى فإذا صادق على الدعوى وكان الشرط صحيحاً يحكم على الزوج بتنفيذ الشرط، فإذا رفض تنفيذه فللزوجة الخيار في فسخ عقد النكاح بدون عوض.
3/ إذا أنكر الزوج الشرط فيطلب من الزوجة إثباته، فإذا ثبت الشرط وكان صحيحاً يحكم على الزوج بتنفيذ الشرط، فإذا رفض تنفيذه فللزوجة الخيار في فسخ عقد النكاح بدون عوض.
4/ إذا عجزت الزوجة عن إثبات الشرط فيصرف النظر عن دعواها، إلا إذا كان الشرط عوضاً مالياً فتفهم الزوجة بأن لها يمين الزوج على نفي ذلك، فإذا طلبت اليمين وحلفها الزوج فيصرف النظر عن دعواها.
المسائل:
الأولى: الأصل في الشروط الصحة إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً لقول النبي : "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"([2]).
الثانية: أن الشروط المعتبرة هي الشروط السابقة للعقد.
وأما الشروط المقارنة للعقد فهي معتبرة على أظهر أقوال أهل العلم([3]).
وأما الشروط اللاحقة بعد العقد فهي غير معتبرة([4]).
قال شيخ الإسلام: "نقل الأثرم عن أحمد في الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليها أن يأتيها في الأيام: يجوز الشرط، وإذا شاءت رجعت، قيل له: أرأيت إن كان الشرط في عقد النكاح؟ فقال: أما إذا قال لها بعد النكاح فلها أن ترجع إذا شاءت"([5]).
قال المرداوي: "لو وقع الشرط بعد العقد ولزومه فالمنصوص عند الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يلزمه, قال ابن رجب: ويتوجه صحة الشرط فيه بناء على صحة الاستثناء منفصلاً بنية بعد اليمين لا سيما النكاح تصح الزيادة فيه في المهر بعد عقده بخلاف البيع ونحوه"([6]).
الثالثة: إذا أسقطت الزوجة شرطها صراحة فيسقط، لكن هل يسقط مطلقاً أو لها الرجوع؟ قولان لأهل العلم:
القول الأول: يسقط مطلقاً، وهو مذهب الحنابلة وتخريج عند المالكية.
القول الثاني: أن لها الرجوع لو أرادت كما لو رجعت في هبة حقها من القسم، وهو مذهب المالكية واحتمال عند الحنابلة([7]).

________________________________________
([1]) ينظر: المدونة (2/131), المغني (9/483), الشرح الكبير (7/526), الكافي (3/55), الروض المربع (1/524), الإنصاف (8/154), مجموع الفتاوى (32/160), الفتاوى الكبرى (4/76), زاد المعاد (5/97).
([2]) أخرجه البيهقي (11212) واللفظ له, وأخرجه أبو داود (2/327) بلفظ: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً –وزاد سليمان– والمسلمون على شروطهم", والترمذي (3/634), والدار قطني (98), وقد اعتبره الألباني صحيحاً لغيره إرواء الغليل (5/144).
([3]) ينظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (20/389), كشاف القناع (5/98), شرح المنتهى (5/180).
([4]) ينظر: المغني (9/483), نظرية العقد لابن تيمية (414).
([5]) ينظر: المغني (9/487).
([6]) ينظر: الإنصاف (8/154), كشاف القناع (5/90), شرح منتهى الإرادات (2/664), مطالب أولي النهى (5/119).
([7]) ينظر: الشرح الكبير للدردير (2/316)، حاشية الدسوقي (2/342)، الإنصاف (8/156-159)، شرح منتهى الإرادات (2/664).





الطلاققضايا الطلاق على قسمين:

1.   طلب إثبات الإقرار بالطلاق إذا كان الطلب مقدماً من الزوج المطلق -ومحله الإنهاءات-.
2.   دعوى الزوجة أن زوجها طلقها -وهذا القسم هو محل البحث هنا-.
الإجراءات:
1/ تذكر المدعية أن المدعى عليه كان زوجاً لها وتشير إلى الدخول وعدمه وعدد الأولاد إن وجدوا وأن المدعى عليه طلقها وتذكر عدد الطلاق وصيغته وتاريخه وحالها وقت الطلاق وتطلب الحكم بإثباته.
2/ يسأل القاضي المدعى عليه عن دعوى المدعية فيصادق المدعى عليه على الزوجية والدخول وعدمه والأولاد وعددهم ثم يسأله عن الطلاق الذي ذكرته المدعية ولا يخلو جوابه من حالتين:
أ‌-  أن ينكر المدعى عليه الطلاق فيطلب القاضي من المدعية البينة على ذلك، والبينة (شاهدان أو إقرار بخط المدعى عليه وتوقيعه ويصادق المدعى عليه على الخط والتوقيع أو يثبت لدى الجهة المختصة أن الخط الموجود والتوقيع للمدعى عليه)، وحينئذٍ يحكم بثبوت الطلاق.
ب‌-  أن يقر المدعى عليه بالطلاق، فلابد أن يذكر عدده وصيغته وتاريخ وقوعه فإذا كان الطلاق رجعياً فيحكم القاضي بثبوته، ويفهم المدعية بأن عليها العدة الشرعية، ويبين نوع العدة ومقدارها حسب حالها اعتباراً من تاريخ طلاقها، ويفهم المدعى عليه بأن له حق الرجعة مادامت المدعية في العدة، فإن كانت المدعية خرجت من العدة فيفهم المدعى عليه بأن المدعية لا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين.
ت‌-    إن لم يكن للزوجة بينة فيصرف النظر عن دعواها ولا يحلف الزوج في الطلاق([1]).
المسائل:
الأولى: عمل أكثر القضاة جارٍ على رأي الجمهور أن الطلقات الثلاث تعد ثلاثاً, سواء كانت بلفظ واحد أو ألفاظ متفرقة، وسواءً كانت في مجلس واحد أو عدة مجالس, وسواءً كانت الطلقات الثانية أو الثالثة في عدة الطلقة التي قبلها أو بعدها, وسواء كان الطلاق سنياً أو بدعياً في الوقت([2]).
الثانية: إذا لم يكن بين الزوجين نزاع في الرجوع إلى الحياة الزوجية ويرغبان الفتوى في موضوع الطلاق فيحالان إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء؛ لأن لها ولاية الفتوى.

________________________________________
([1]) وهذا مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد وذهب مالك إلى أن الزوجة إذا أتت بامرأتين تشهدان على طلاق الزوج فإن الزوج يستحلف على نفي الطلاق و إلا فلا.
([2]) ينظر: المبسوط (6/57)، بدائع الصنائع (3/153)، المدونة (4/153)، بداية المجتهد (2/46)، الإنصاف (8/451)، مجموع الفتاوى (33/7) الفتاوى الكبرى (3/276)، زاد المعاد (5/241).



الخلع

     تسمع دعوى الزوجة بطلبها مخالعة زوجها لمبررات سائغة.
الإجراءات:
1/ إذا ادعت الزوجة في زوجها عيوباً خُلُقية أو خَلقية غير عيوب النكاح وطلبت الخلع، فيسأل الزوج عن ذلك فإن صادق على وجودها ووافق على الخلع والعوض أجرى القاضي الخلع بينهما.
2/ مخالعته إذا ادعت الزوجة كره زوجها وأنها لا تنقم عليه في خلقٍ ولا دين وأنها تبغضه وطلبت وبذلت له المهر الذي أصدقها إياه، ورفض الزوج ذلك، فللقضاة منهجان:
المنهج الأول: يتم الحكم بخلع الزوجة على الصداق الذي دفعه الزوج بدون تحكيم؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس حينما قالت ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله : أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله : اقبل الحديقة وطلقها تطليقه)([1])، وفي رواية: (قال لها: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وزيادة، قال: أما الزيادة فلا)([2]). وهذا رأي بعض القضاة. 
المنهج الثاني: إجراء التحكيم في مثل هذه الحالة لعموم قوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً)، وهذا أولى وفيه احتياط وبراءة للذمة؛ إذ لو فتح هذا الباب لكل امرأة لطلبت الخلع وهذا ما يؤيده قرار هيئة كبار العلماء رقم 26 وتاريخ 21/8/1394هـ.
المسائل:
الأولى: إذا ادعى الزوج على الزوجة يطلب منها أن تخالعه وترد عليه مهرها، فلا تسمع دعوى الخلع من قبله؛ لأن بيده طلاقها إن أبغضها, إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) سورة النساء([3]).
الثانية: إذا ادعت المرأة الخلع فأنكر الزوج فتطلب البينة من الزوجة، فإن أحضرت البينة فيحكم بموجبها، وإن عجزت أو عدمت البينة فلا يحلف الزوج ويصرف النظر عن دعوى المرأة؛ لأنها قضية زوجية والأيمان لا تدخل في القضايا الزوجية([4])، لكن لو ادعت تسليمه عوض الخلع ولم تجد بينة فلها يمين الزوج على نفي استلام العوض([5]). 
الثالثة: إذا ادعى الزوج خلعاً سابقاً فأنكرته الزوجة فتطلب البينة من الزوج فإن أحضرها ثبت الخلع بدعواه والعوض ببينته، فإن عجز أو عدمت البينة فله يمين الزوجة على نفي ذلك فإذا حلفت ثبت الخلع بدعواه ولا عوض له؛ لحلف الزوجة, وقد جرت اليمين هنا؛ لأن المدعى به حق مالي([6]).
الرابعة: سبق تقرير أنه لا ينبغي أن يكون عوض الخلع مقابل الصلح على حضانة الأولاد([7]).
الخامسة: يصح عوض الخلع مؤجلاً كله أو بعضه([8]).
السادسة: الزيادة على المهر في عوض الخلع فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: جواز الزيادة على المهر لقوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به)([9]) ، فـ (ما) هنا للعموم وهذا يشمل المهر والزيادة([10]).
القول الثاني: عدم جواز الزيادة على المهر لحديث (وأما الزيادة فلا)([11])، لكنهم ضعفوا هذه الرواية([12]).
القول الثالث: جواز الزيادة مع الكراهة لكونها ليست من مكارم الأخلاق([13]).
________________________________________
([1]) أخرجه البخاري برقم (4971).
([2]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى برقم (14621), قال ابن حجر في الفتح (9/402): "ورجال إسناده ثقات", قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (3/205): "إسناده صحيح".
([3]) ينظر: تفسير الطبري (4/310), المغني (10/273).
([4]) ينظر: المغني (10/318).
([5]) ينظر: المغني (10/318).
([6]) ينظر: المغني (10/318)، شرح منتهى الإرادات ( 3/118).
([7]) ينظر ص (82).
([8]) ينظر: المغني (10/287).
([9]) سورة البقرة (229).
([10]) وهذا قول الجمهور, ينظر: الهداية (2/14), الكافي لابن عبد البر (276), روضة الطالبين (7/374).
([11]) سبق تخريجه ص 101.
([12]) المغني (10/269).
([13]) ينظر: المغني (10/270)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (22/45-46)، فتح الباري (9/397، 402).



الفسخ لغيبة

ضابط الغيبة: الانقطاع حقيقة كأن لا يعلم للزوج مكان, أو الانقطاع حكماً كأن يعلم مكان الزوج لكن لا يمكن أن تعيش الزوجة معه فيه كالسجن.
ويستحسن ألا يستعجل القاضي في فسخ النكاح لأجل الغيبة مع مراعاة حال الزوجة من الحاجة لزوج ونفقة وسكنى([1]).
 الإجراءات:
1/ تتقدم الزوجة للمحكمة بدعوى تذكر فيها أنها تزوجت زوجها ... وبقيت معه مدة ... وأنجبت منه ... وقد غاب عنها من مدة ... وانقطعت أخباره وتطلب فسخ نكاحها منه لغيبته (ويمكن أن تطلب فسخ النكاح لكونه غاب عنها ولم يترك لها نفقة ولا لأولادها). 
2/ تسأل الزوجة عن مكان الزوج وعائلته ومظان وجوده, والأماكن التي يمكن أن يأتيها أو يسافر لها، ثم يكتب للإمارة للبحث عن المذكور مع إرفاق صورة من هويته ويطلب البحث عنه في جميع السجون ودور التوقيف والجوازات والمباحث الجنائية والمستشفيات ومراكز الحدود, وإذا كان يعرف له مقر أو سكن  أو مكان سفر خارج المملكة فيكتب إلى الجهات المختصة في ذلك المكان عن طريق الإمارة، وتطلب منها البينة ثم يحكم بفسخ النكاح.
2/ فإذا وردت الإجابات بعدم العثور عليه يطلب القاضي من الزوجة أن تنشر إعلاناً في إحدى الجرائد الصادرة في البلد يذكر فيه (بأنه تقدمت ... إلى المحكمة ... تذكر أن زوجها ... متغيب من ... وتطلب فسخ نكاحها منه فمن يعلم عنه شيئاً أو له اعتراض فله التقدم إلى المحكمة خلال مدة شهرين أو ثلاثة حسب -ما يراه القاضي-) ويكتب القاضي خطاباً إلى الجريدة التي تحددها المدعية، وتكون أجرة الإعلان على المدعية، ويستحسن أن يكون الإعلان في مكان بارز من الجريدة كالصفحة الأخيرة. 
3/ إذا كان المدعى عليه مطلوباً أمنياً فتُشعر الجهات الأمنية بالقضية حتى يستفيد القاضي من إفادات الجهات بما ينفعه في القضية.
4/ بعد انتهاء مدة الإعلان يقوم القاضي بضبط القضية ويدون فيها الدعوى وإجابات الإمارة والجهات التي تم سؤالها والإعلان.
5/ يطلب القاضي من المدعية البينة على الغيبة، وهي شاهدان يشهدان بغيبة الزوج, والأفضل أن تكون من أهله ليكون الحكم أقوى وأبعد عن التهمة ويزكي الشاهدين.
6/ يسبب القاضي الحكم ويحكم بالفسخ (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى وبناءً على إجابة الإمارة في خطابها رقم ... في ... ، وبناءً على شهادة الشاهدين الذين أحضرتهما المدعية وبناءً على قاعدة "الضرر يزال"([2])، ولأن غيبة زوج المدعية فيها ضرر عليها لذا فقد حكمت بفسخ نكاح المدعية ... من زوجها الغائب ... وقررت أن الغائب على حجته متى حضر وتمييز الحكم حسب التعليمات).
7/ تفهم المرأة بأمرين هما:
        ‌أ-   أن عليها العدة الشرعية (وهي عدة المفسوخة إما حيضة واحدة عند بعضهم([3])، وإما ثلاث حيض عند جمهورهم([4])، وهو الأولى خروجاً من الخلاف).
                   ‌ب-     ألاّ تتزوج ولا تستقبل الخطاب إلا بعد تصديق الحكم من محكمة التمييز كما يفهم وليها بذلك.
مسألة: 
     إذا دخل الزوج في غيبوبة ورفعت الزوجة دعوى ضد وليه بطلب فسخ نكاحها منه، فيفسخ نكاحها منه؛ لإزالة الضرر بعد الكتابة للمستشفى للتأكد من حاله وإحضار البينة المطلوبة التي تثبت صحة الدعوى.
________________________________________
([1]) انظر: كشاف القناع (5/564), شرح منتهى الإرادات (5/670-671).
([2]) ينظر: الأشباه والنظائر ص (83).
([3]) انظر: المغني (10/274), روضة الطالبين (7/374).
([4]) انظر: الهداية (3/292), الكافي لابن عبد البر (2/593), روضة الطالبين (7/374), المغني (10/274).


الفسخ لعيب
غالب دعاوى العيوب ترفع من قبل الزوجة؛ لأن الزوج إذا رأى عيباً فإنه يطلِّق([1])، ولو رفع الزوج دعوى في ذلك من أجل إعادة المهر سمعت دعواه([2]).
الإجراءات:
1/ تضبط الدعوى ويسأل المدعى عليه الجواب بعد أن يصادق على الزوجية، وله حالتان:
                                      ‌أ-        أن يصادق على وجود العيب فحينئذٍ يطلب منه القاضي أن يطلق فإن طلق و إلا فسخ النكاح.
            ‌ب-  أن ينكر وجود العيب فيقوم القاضي بالكتابة إلى إحدى المستشفيات الحكومية من أجل الإفادة عن العيب بموجب تقرير طبي موقع من طبيبين مسلمين أو أكثر.
2/ يدون القاضي التقرير ثم يعرضه على الزوجين، فإن صادقا عليه يطلب القاضي من الزوج أن يطلق فإن طلق و إلا فسخ النكاح.
3/ فإن لم يصادقا على التقرير أو أحدهما فيحكم القاضي بالفسخ.
المسائل: 
الأولى: إذا ثبت العيب في الزوج فالفسخ يكون مجاناً, وإذا ثبت في الزوجة فعليها المهر, فالقاعدة "أن كل موجب للفسخ من قبل الزوج فعليه العوض, وكل موجب للفسخ من قبل الزوجة فعليها العوض, وإذا اشتركا تناصفا "([3]).
الثانية: ذكر الفقهاء عيوب النكاح ويقاس عليها ما هو مثلها أو أشد منها مما يمنع الاستمتاع أو كماله([4]).
الثالثة: ذكر الفقهاء في مسألة العنين أنه يؤجَّل سنة حتى تمر عليه الفصول الأربعة، لكن في هذا الزمن لا يؤجل سنة، فإذا قرر الأطباء بأنه عنين لا يرجى برؤه فلا حاجة لتأجيله([5]).

________________________________________
([1]) ينظر: بدائع الصنائع (2/322-327), الهداية (2/27).
([2]) ينظر: كشاف القناع (5/116), شرح منتهى الإرادات (5/201).
([3]) ينظر: مجموع الفتاوى (32/172), زاد المعاد (5/185), المغني (10/64).
([4]) ينظر: كشاف القناع (5/116), شرح منتهى الإرادات (5/201), وينظر توصيات الندوة الفقهية الطبية السادسة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية مجلة المجمع (ع9 ج4 ص574).
([5]) ينظر: المغني (10/83), كشاف القناع (5/117), شرح منتهى الإرادات (5/203).



الفسخ لغرر
إذا غرّ أحد الزوجين صاحبه كما لو جعل المرأة تنظر إلى شخص آخر على اعتبار كونه هو الزوج ويتبين الزوج بخلافه من حيث الشباب والجمال ومثله المرأة.
الإجراءات:
1/ تضبط دعوى المدعي ويسأل المدعى عليه الجواب بعد أن يصادق على الزوجية.
2/ لا يخلو جواب المدعى عليه من حالين هما:
    ‌أ-   أن يصادق على حصول الغرر والغش، فحينئذٍ يجعل القاضي للمدعي الخيار، فإن اختار الفسخ عرض على المدعى عليه الطلاق، فإن طلق وإلا فسخ القاضي بلا عوض، وإن كان المغرر به الزوج فيعرض القاضي على المدعى عليها إعادة المهر فإن أعادته وإلا جعل للزوج الفسخ وحكم على الزوجة بإعادة المهر.
   ‌ب-  أن ينكر دعوى المدعي فحينئذٍ يطلب من المدعي الإثبات، فإن أثبت المدعي حصول الغرر فيعرض على المدعى عليه الطلاق فإن طلق وإلا فسخ القاضي بلا عوض، وإن كان المغرر به الزوج فيعرض القاضي على المدعى عليها إعادة المهر فإن أعادته وإلا جعل للزوج الفسخ وحكم على الزوجة بإعادة المهر.
3/ إذا لم يكن للمدعي بينة على دعواه فيصرف النظر على دعواه.
مسألة:
إذا كان الغار غير الزوجين فتقام الدعوى على الغار ويستقر الضمان عليه([1]).

________________________________________
([1]) ينظر: المغني (10/64),  قواعد ابن رجب ص (376).
الفسخ للإعسار بالنفقة
الإجراءات:
1/ تضبط دعوى المدعية ويسأل المدعى عليه عنها بعد المصادقة على الزوجية.
2/ لا يخلو جواب المدعى عليه من حالين:
      ‌أ-   أن يصادق المدعى عليه على الإعسار بالنفقة، فحينئذٍ يجعل القاضي للمدعية الخيار، فإن اختارت الفسخ عرض على المدعى عليه الطلاق، فإن طلق وإلا جعل للزوجة الفسخ وحكم بثبوته أو فسخ القاضي مباشرةً.
     ‌ب-  أن ينكر المدعى عليه الإعسار بالنفقة ويدفع بكونه ينفق على المدعية، فحينئذٍ يطلب منه البينة على الإنفاق، فإن أثبت المدعى عليه حصول الإنفاق بالمعروف فيصرف النظر عن دعوى المدعية.
3/ إذا لم يكن للمدعى عليه بينة على الإنفاق فله يمين المدعية على نفي الإنفاق، فإذا حلفت يجعل القاضي للزوجة الفسخ ويحكم بثبوته أو يفسخ القاضي مباشرةً، وإذا لم تحلف يصرف النظر عن دعواها([1]).
مسألة:  
هل يعتبر السكن من النفقة أو لا؟ وهل الإعسار به يوجب الفسخ أو لا؟ 
السكن جزء من النفقة فإذا أعسر بالسكن الذي يليق بمثلها وطالبته بالسكن فلها  المطالبة بالفسخ([2]).

________________________________________
([1]) ينظر: المغني (11/361), كشاف القناع (5/560), شرح منتهى الإرادات (5/667).
([2]) ينظر: المغني (11/368), تصحيح الفروع مع الفروع وحاشية ابن قندس (9/304), كشاف القناع (5/560), شرح منتهى الإرادات (5/667).



الفسخ لفوات شرط
غالب الشروط في عقود النكاح هي: اشتراط مواصلة الدراسة أو العمل, أو اشتراط السكن المستقل, أو اشتراط الخادمة, أو اشتراط أن لا ينتقل بها خارج بلدها، فإذا تخلف الوفاء بالشرط من أحد الزوجين فتسمع دعوى الآخر بطلب الوفاء بالشرط أو الفسخ. فيثبت خيار الشرط لأحد الزوجين إذا تخلَّف ما شُرط له([1]).
الإجراءات: سبق ذكرها في (تاسعاً).
المسائل:
الأولى: إذا صدر الحكم بفسخ النكاح لرفض الزوج تنفيذ الشرط وبعد صدور الحكم رجع الزوج ووافق على تنفيذ الشرط فلا يقبل ذلك منه.
الثانية: إذا لم تشترط الزوجة العمل ولم تكن تعمل ثم أرادت العمل بعد الزواج فلزوجها المنع.
الثالثة: إذا كانت تعمل وتزوجها على حالها ولم تشترط العمل في عقد النكاح فهل له منعها بعد ذلك؟
إن كان يعلم بوظيفتها قبل ورضي به فلا يملك منعها؛ بناء على قاعدة (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)([2])، فعلمه بذلك ورضاه أسقط حقه في المطالبة.
الرابعة: ينظر إلى الشرط فإن كان مطلقاً غير مقيد كأن تشترط الزوجة أن لا يمنعها الزوج من العمل فإن هذا الشرط يقيد بعدم الضرر، فلا يلزم الزوج تنفيذه إن كان عليه ضرر في تنفيذه، كأن ينتقل عملها من بلدة الزوج إلى بلدة أخرى, أما إن كان مقيداً بمكان فإنه يلزم الزوج تنفيذه.
________________________________________
([1]) ينظر: المغني (9/483), كشاف القناع (5/98), شرح منتهى الإرادات (5/180).
([2]) ينظر: درر الحكام (1/46), شرح القواعد الفقهية للزرقا (237).



نفقة الأقارب
نفقة الأقارب تشمل الأولاد والوالدين وإن علوا ونحوهم([1]).
وغالبها دعاوى الأمهات ضد الآباء في نفقة الأولاد.
الإجراءات:
1/ يخير المدعي في دعوى النفقة بين إقامتها في بلده أو بلد المدعى عليه حسب المادة (37) من نظام المرافعات الشرعية.
2/ إذا أقامها في بلده فيقوم القاضي باستخلاف بلد المدعى عليه لسماع جواب المدعى عليه على الدعوى فإذا أجاب وكانت الدعوى متوجهة جرى تحديد جلسة لحضور المدعى عليه فإذا حضر وإلا تم النظر فيها غيابياً، وإذا لم تكن الدعوى متوجهة فيصرف القاضي النظر عن الدعوى دون حضور المدعى عليه.
3/ يذكر المدعي في دعواه ما يلي:
                                      ‌أ-        صلة قرابته بالمدعى عليه، ووجوب نفقته عليه.
                                   ‌ب-     يحدد المدة التي يطالب بنفقتها.
                                    ‌ج-      إذا كانت مدةً ماضيةً فيذكر بأنه أنفق بنية الرجوع.
                                     ‌د-       إذا كانت مدةً مستقبلية فيطلب تحديد نفقةً شهريةً والحكم بها. 
4/ إذا حضر المدعى عليه فله ثلاث حالات هي:
             ‌أ-   أن يقر بوجوب النفقة عليه، وأنه لم ينفق على المدعي وأنه لا مانع لديه من تقدير النفقة والحكم بها.
            ‌ب-  أن ينكر عدم الإنفاق، فحينئذٍ يطلب منه البينة على الإنفاق، فإن أحضر بينة وإلا فالأصل عدم الإنفاق، إلا إذا كان المدعي يقيم مع المدعى عليه فالظاهر هو الإنفاق، وهذه من مسائل تعارض الأصل والظاهر.
            ‌ج-  أن ينكر وجوب الإنفاق عليه، إما لوجود غيره من المساويين له في الدرجة أو لعدم كفاية ما عنده له ولمن تجب نفقته عليه أو لإعساره، فيطلب من المدعي البينة على إيسار المدعى عليه وأن عنده مالاً يفيض عن نفقته ونفقة من يمونه فإن عجز عن البينة فله يمين المدعى عليه على نفي ذلك.
5/ إذا ثبتت النفقة على المدعى عليه فيكتب القاضي إلى قسم الخبراء من أجل تقدير النفقة بالمعروف ويتم الاستفسار عن راتبه ودخله وحالته المادية.
6/ إذا ورد جواب قسم الخبراء بتقدير النفقة فيدون في الضبط ويحكم القاضي بموجبه إذا كان موافقاً للأصول الشرعية.
المسائل:
الأولى: نفقة الأقارب تجب بثلاثة شروط:
1-  غنى المُنفِق.
2-  فقر المُنفَق عليه.
3-  إرث المُنفِق للمُنَفَق عليه.
لقوله تعالى: (وعلى الوارث مثل ذلك) سورة البقرة آية (229)([2]).
الثانية: تسمع دعوى الابن على أبيه في النفقة باتفاق أهل العلم([3]).
الثالثة: هل ترجع الأم على الأب بما أنفقته على أولادها منه؟
نعم ترجع إذا نوت الرجوع أو أخذت إذناً من القاضي بذلك([4]).
الرابعة: نفقة الأقارب تسقط بمضي المدة([5])، فإذا لم يطالب بها في وقتها سقطت, لكن إذا فرضت من الحاكم أو اصطلحا عليها ثم انقطع المُنفِق فلا تسقط بمضي المدة, أما نفقة الزوجة فلا تسقط بمضي المدة؛ لأنها من باب المعاوضة([6]).
الخامسة: إذا كان الأب لا يحتاج إلى نفقة ولكن يريد مخصصاً مالياً من ابنه لكون الابن غنياً فهل يلزم الابن بذلك؟
الأقرب أنه لا يلزم ذلك، ويستحسن أن يصلح القاضي بينهما من باب البر والصلة، فإن أصر كلٌ منهما على رأيه فيصرف النظر عن دعوى الأب.
ولذا إذا تقدم الأب ضد ابنه بدعوى النفقة فيسأل: هل تطلب نفقةً أو مخصصاً؟
السادسة: لو دفع الابن الذي يطالبه الأب بالنفقة فقال: إن لوالدي أبناءً غيري فأطلب أن يقاسموني نفقة والدي فهذا دفعٌ معتبر, وتقسم حينئذٍ مسؤولية النفقة على الأبناء حسب قدراتهم، وأما البنات فلا لأن النساء لا نفقة عليهن.
السابعة: إذا اختلف الأب والابن، فقال الأب: إني أحتاج نفقة فأنا فقير، و أنكر ذلك الابن، فالأصل الفقر وعلى الابن البينة إن ادعى غنى الأب, و إلا فله يمين الأب على نفي ذلك.
الثامنة: يراعى لتقدير النفقة ما يلي:
1.   حال المُنفِق من حيث الإيسار والإعسار والتوسط.
2.   العرف والعادة في ذلك.
3.   ضروريات وحاجيات المُنفَق عليه دون الكماليات (الطعام والشراب والكسوة والسكن والعلاج)([7]).
________________________________________
([1]) كشاف القناع (5/565), شرح منتهى الإرادات (5/672).
([2]) ينظر: المغني (9/270) و (11/374).
([3]) ينظر: المبسوط (5/224), المغني (11/378).
([4]) ينظر: مجموع الفتاوى (34/134)، الفتاوى الكبرى (3/361)، القواعد (138-139) ، كشاف القناع (5/479).
([5]) ينظر: المبسوط (5/225), المنثور في القواعد (3/78), حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/524), مطالب أولي النهى (5/628), إعلام الموقعين (3/285).
([6]) المغني (11/366).
([7]) المغني (11/388), كشاف القناع (5/565), شرح المنتهى (5/672).


اللعان ونفي الولد
إذا قذف الزوج زوجته بالزنا فحينئذٍ يجرى اللعان بين الطرفين.
إذا نفى الزوج الولد وقال هذا ليس ابناً لي و أنكرت ذلك الزوجة فيجرى اللعان بينهما وإن لم يقذفها بالزنا على المذهب.
الإجراءات:
1/ يذكر في دعوى المدعي الزوجية والدخول وتصادق الزوجة على ذلك.
2/ يصرح الزوج المدعي بقذف زوجته المدعى عليها أو نفي الولد الذي أنجبته على فراشها وتنكر الزوجة ذلك ويُسن أن يحضر الجلسة جمع من المسلمين([1]).
3/ ثم يجرى اللعان بينهما، وهو أن يشهد الزوج أربع مراتٍ بقوله: (أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه الحاضرة) ويشير إليها، ويقول في الخامسة: (أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه الحاضرة وأن لعنت الله عليَّ إن كنت من الكاذبين).
4/ ثم تشهد الزوجة أربع مرات بقولها: (أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا)، وتقول في الخامسة: (أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا وأن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين).
وذلك لقوله تعالى: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) سورة النور.
5/ فإذا تم اللعان حكم القاضي بموجبه وذكر آثاره، وهي:
                                      ‌أ-        سقوط حد القذف عن الزوج.
                                   ‌ب-     سقوط حد الزنا عن الزوجة.
                                    ‌ج-      الفرقة المؤبدة بين الزوجين.            
                                     ‌د-       نفي الولد عن الزوج ونسبته لأمه([2]).
الفوائد: 
الأولى: ينبغي للقاضي إذا جاءه شخص ينفي ولده أن يقنعه ولا ينظر في اللعان مباشرة.
الثانية: إذا لم يصرح الملاعن بالزنا فلا يسمع له ولا يجرى اللعان بينهما، لأن اللعان جعله الله فسحة للأزواج إذا قذف أحدهما امرأته، فلعله إذا طولب بالتصريح انصرف وقنع([3]).

________________________________________
([1]) ينظر كشاف القناع (5/ 392) و (5/458), شرح منتهى الإرادات (5/566).
([2]) انظر: كشاف القناع (5/468), شرح منتهى الإرادات (5/571).
([3]) ينظر: كشاف القناع (5/397).



إثبات النسب

الانتساب على نوعين:
النوع الأول: الانتساب إلى قبيلة أو أسرة ونظره يتطلب استئذان المقام السامي نظراً لخطورته في القبائل دون الأشخاص([1]).
الإجراءات:
1/ إن كان المدعي يعترض نيابةً عن قبيلته أو أسرته فلابد أن يحضر وكالةً عن وجهاء القبيلة أو الأسرة فيكفي ثلاثة منهم, ويصادق شيخ القبيلة أو رئيس المركز على كونهم من الوجهاء، وإن كان المدعي يعترض بالأصالة عن نفسه فلا حاجة للوكالة.
2/ يذكر موافقة المقام السامي في سماع الدعوى.
3/ تعرض الدعوى على المدعى عليه (المنتسب)، فإن صادق على الانتساب وأنكر اعتراض المدعي فينقلب المدعى عليه إلى مدعٍ للنسب، فيسأل حينئذٍ عن كيفية انتسابه وعن بينته على النسب للقبيلة أو الأسرة.
4/ تكون البينة على النسب إما وثائق أو صكوك أو شهود يشهدون على الانتساب وكيفيته, ومما ينبغي التنبه له أن البطاقة أو دفتر العائلة قرينة ضعيفة.
5/ فإذا كانت البينة موصلة ًلانتساب المدعى عليه فيصرف النظر عن الدعوى.
6/ فإن لم يأتِ ببينة موصلة فلا تتوجه اليمين على المدعين؛ لأن النسب لا تدخله الأيمان، وإذا لم يثبت نسبه حكم ببطلان انتسابه.
7/ لا يصدر بها صك، وإنما يكتب على المعاملة إلى الإمارة بالحكم الذي انتهت به من أجل إحالتها إلى الأحوال المدنية لإجراء اللازم في ذلك.
8/ في حالة الاعتراض على الحكم يعطى المعترض صورة من الضبط ليقدم اعتراضه عليه (حسب التعميم المذكور بالهامش).
النوع الثاني: الانتساب إلى شخص معين.
الإجراءات:
1/ تقام الدعوى من المدعي ضد المدعى عليه للانتساب له في كونه أباه أو أخاه، وهذا قليل.
2/ يسأل المدعى عليه عن الدعوى وهل ولد المدعي على فراشه أو فراش أبيه.
3/ إن أنكر المدعى عليه دعوى المدعي أو رفض الجواب فتطلب البينة من المدعي.
4/ إذا أحضر المدعي بينةً (شاهدان) تشهد بكونه ابناً للمدعى عليه أو أنه ولد على فراشه أو أن المدعى عليه قد أقر ببنوة المدعي فحينئذٍ يحكم بثبوت نسب المدعي للمدعى عليه وأنه ابنه([2]).
5/ إذا لم يوجد للمدعي بينة فتجرى القيافة، وذلك بإحضار قائف ووضع المتداعيين ضمن مجموعة أشخاص متشابهين في الجسم والصورة يمشون في مكان واحد أو يجلسون في مكان واحد ويعرضون على القائف فيعرف النسب بالشبه، فإذا قرر القائف كون المدعي ابناً للمدعى عليه فيؤخذ بقوله ويحكم بموجبه.
6/ ويمكن الكتابة إلى المستشفى لإجراء تحليل الحمض النووي للطرفين، فإذا أثبت التحليل النسب فيعرض على المدعى عليه، فإن صادق فيحكم بثبوت النسب، والحمض النووي بينة إثبات فقط([3])، ولا يصار للقيافة أو الحمض النووي إلا عند عدم البينة.
7/ يصدر صك بالحكم وتعرض القناعة على الطرفين.
المسائل:
الأولى: دليل العمل بالقيافة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل قائف ورسول الله  شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض فسُرَّ النبي  بذلك وأعجبه وأخبر عائشة([4]).
الثانية: الأصل أن الولد للفراش وللعاهر الحجر([5]).
الثالثة: أن النسب يثبت بأدنى احتمال؛ لأن الشارع يتشوف إلى ثبوت النسب([6]).
 الإجراءات القضائية
الإجراءات القضائية في المشكلات الزوجية pdf

الإجراءات القضائية في المشكلات المالية

كتاب الإجراءات القضائية في المشكلات الزوجية pdf
جراءات القضايا الزوجية
استخراج ورقة طلاق

إجراءات الطلاق في المغرب

كيف يتم الطلاق في المحكمة

إجراءات الطلاق في المحكمة


إجراءات الطلاق في مصر


تعليقات