القائمة الرئيسية

الصفحات



إجراءات القضايا الجنائية

الإجراءات القضائية
(دراسة نظرية تطبيقية)




القاضي بالمحكمة العامة بالرياض
د. حمد بن عبد العزيز الخضيري

إجراءات القضايا الجنائية


الاختصاص:
     تختص المحاكم العامة بنظر القضايا الجنائية الآتية:-
1.    القصاص.
2.   القسامة.
3.   قتل الغيلة.
4.   القصاص فيما دون النفس.
5.   جنايات الصبيان.
6.   قتل الخطأ.
7.   حد زنا المحصن.
8.   الزنا بذوات المحارم.
9.   حد اللواط.
10.  حد الحرابة.
11.  حد السرقة.
12.  النشل. 
13.  حد الردة.
14.  السحر. 
15.  تهريب المخدرات من خارج المملكة , وترويج المخدرات للمرة الثانية.
16.  غسل الأموال.
17.  القضايا التي تخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية، حسب المادة (129) من نظام الإجراءات الجزائية.
     وتختص المحاكم الجزئية بنظر القضايا الجنائية الآتية:-
1.   حد زنا البكر.
2.   المسكرات والمخدرات.
3.   البغي والقضايا السياسية، إلا إذا ورد أمر سامٍ بنظرها في المحكمة العامة.
4.   حد القذف والسب والشتم.
5.   المضاربات.
6.   التعزيرات.
7.   إثبات الإدانة.


القصاص

1/ تتولى (هيئة التحقيق والادعاء العام) التحقيق في قضايا القصاص([1])، فإذا تم التحقيق وتركزت الإدانة والمسؤولية الجنائية على أحد .
2/تحال القضية للمحكمة لتصديق الاعتراف.
3/ بعد اكتمال التحقيق وتصديق الاعتراف ترفع القضية من هيئة التحقيق لإمارة المنطقة, ثم تعود المعاملة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام, ثم تبعث إلى المحكمة للنظر في الدعوى.
4/ تحال القضية مشتركةً تنظر من ثلاثة قضاة.
الإجراءات:
1/ يطلب من المدعي  الخاص ما يأتي:
‌أ-  صك حصر ورثة المقتول.
‌ب-     صك وكالة عن الورثة غير الحاضرين، ويذكر في الوكالة بأن للوكيل حق المطالبة بالقصاص واستيفائه.
2/ تضبط دعوى المدعي كاملة, وتشتمل على وصف حادثة القتل, وأن المدعى عليه قتل مورثهم عمداً عدواناً, ويطلب الحكم عليه بالقصاص. 
3/ يُسمع جواب المدعى عليه, وله حالتان:
    الحالة الأولى: أن يقر ويصادق على دعوى المدعي, فيدون إقراره بذلك ويبين صِفة القتل .
الحالة الثانية: أن ينكر المدعى عليه القتل , فيطلب القضاة من المدعي البينة.
وعلى القاضي استعمال السياسة المناسبة لاستخراج الجواب من المدعى عليه.
4/ يتم تدوين الاطلاع على ما يأتي:
أ‌) صكوك الوكالات وأنها مطابقة لما ذكره المدعي وكالة وتتضمن حق المطالبة بالقصاص واستيفائه.
ب‌) صك حصر الورثة, وأنه يتضمن أن المدعين هم ورثة المقتول, وصلة قرابتهم به. 
وهذا ما جرى به العمل عندي.
ويرى بعض القضاة: رصدَ صكوك الولاية وحصر الورثة مع بيان قرابتهم للقتيل بعد ذكر المدعي وقبل تدوين الدعوى, ثم يشير بعد الدعوى والإجابة إلى الاطلاع عليها.
وكلا الأمرين سائغ والأول أولى .
5/ يتم تدوين ما يأتي:
أ‌-                             اعتراف المدعى عليه المصدق شرعاً المدون في المعاملة إن وجد.
ب‌-                          نتيجة التقرير الجنائي.
ت‌-                          قرار الاتهام الصادر من هيئة التحقيق والادعاء العام.
ث‌-                          نتيجة  التقرير الطبي الشرعي.
ج‌-                           تقرير الأدلة الجنائية.
ح‌-                           تقرير البصمة الوراثية (DNA).
خ‌-                           بقية الأدلة المذكورة في المعاملة إن وجدت؛ كشهادات الحاضرين في مسرح الجريمة.
د‌-                            سوابق المدعى عليه الجنائية.
6/ إذا طلبت البينة من المدعي فيذكر -غالباً- أن بينته ما في أوراق المعاملة, وعليه  يتم الاطلاع على أوراق المعاملة وتدوين ما سبق في الفقرة (5).
7/ يتم عرض الاعتراف المصدَّق على المدعى عليه، فإن صادق عليه فيأخذ حكم الحالة الأولى وهي حالة الإقرار، وإن أنكره فلا يقبل؛ لأن الرجوع عن الإقرار في حقوق الآدميين لا يقبل([2]).
8/ إن لم يوجد له اعتراف مصدق لكن وجد له اعتراف أثناء التحقيق، فيتم تدوينه ويعرض عليه، فإن أنكَر الاعتراف أصلاً، وأنكر نسبة البصمة له في الاعتراف فترسل بصمته إلى الأدلة الجنائية للتحقق من نسبتها له.
9/ إن أقر المدعى عليه بحصول الاعتراف، ولكن دفع بالإكراه على الاعتراف فيسأل هل صادَق على اعترافه لدى المحكمة أو لا, فإن ذكر أنه صادق على اعترافه فلا تقبل منه دعوى الإكراه.
10/ إن لم يصادق على الاعتراف ودفع بالإكراه عليه فيتحرى القاضي ويسأله البينة على الإكراه.
11/ ثم يجري عرض العفو على المدعي، فإن رفض فيجري عرض الصلح على الطرفين. 
12/ إن رفض الصلح يتم تسبيب الحكم، وينص فيه على تكليف المدعى عليه والعبرة بتكليفه, ومكافأته للمقتول مورث المدعين, و الإقرار المصدق شرعاً ورجوعه عنه في حالة الرجوع وعدم قبول رجوعه، والأدلة على القصاص.
13/ صيغة الحكم : ((... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على صكوك الوكالة وحصر الورثة، ونظراً لكون المدعى عليه مكلفاً بالغاً عاقلاً مكافئاً لمورث المدعين، ونظرا لكون القتل عمداً عدواناً، ولقوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ولقوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، ولقول الرسول : {من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتص وإما أن يدي}، لذا فقد حكمنا بقتل المدعى عليه ... قصاصاً بضرب عنقه بالسيف حتى الموت...)).
14/ يعرض الحكم على الطرفين، ومن لم يقتنع يُمكَّن من الاعتراض خلال شهر من التاريخ المحدد لاستلام نسخة الحكم. 
الإجراءات إذا كان من ضمن الورثة قصَّار:
لا فرق في قضايا القصاص بين وجود قاصر أو عدمه في الورثة من حيث الإجراءات, وإنما الفرق في المستندات, وصيغة الحكم.
يضاف إلى المستندات السابقة: صك الولاية، وينص فيه على أن للولي حق المطالبة بالقصاص واستيفائه, وتوكيل غيره في ذلك.
الحكم : إذا ثبت القصاص في حال وجود قصَّر ضمن الورثة فيحكم بالقصاص مع تأجيل استيفائه حتى بلوغ القصر واتفاقهم مع بقية الورثة على المطالبة بالقصاص.  
صيغة الحكم: ((... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على صكوك الوكالة والولاية وحصر الورثة، ونظراً لكون المدعى عليه مكلفاً بالغاً عاقلاً مكافئاً لمورث المدعين، ونظراً لكون القتل عمداً عدواناً ولقوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ولقوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، ولقول الرسول : {من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتص وإما أن يدي}، لذا فقد حكمنا بقتل المدعى عليه ... قصاصاً بضرب عنقه بالسيف حتى الموت، مع تأجيل تنفيذ القصاص حتى بلوغ القصار من الورثة وتكليفهم واتفاقهم مع بقية الورثة على المطالبة بالقصاص...)).
المسائل:
الأولى: القصاص فيه أربعة حقوق:
1- حق الله: يسقط بالتوبة.
2- حق المقتول: يأخذه يوم القيامة.
3- حق ولي الأمر (السلطة): وهو التعزير.
4- حق الأولياء: ويسقط بالقصاص أو الدية أو الصلح أو العفو([3]).
الثانية: إذا كان من ضمن ورثة القتيل مجنون فهل ينتظر في استيفاء القصاص حتى يفيق؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين هما:
القول الأول: لا ينتظر حتى يفيق بل يقتل بمطالبة البالغين العقلاء من الورثة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والظاهرية. 
القول الثاني: أنه ينتظر حتى يفيق من الجنون, وهو مذهب الشافعي وأحمد، وعليه العمل([4]).
ومن المستحسن أن يعرض القاضي الصلح في مثل هذه القضية حتى لا تطول.
الثالثة: إذا جن أحد الورثة بعد مطالبته بالقصاص فهل يستوفى القصاص أو ينتظر حتى يفيق؟ الجواب أنه يستوفى القصاص، كما هو الحال فيما لو وكل في استيفاء القصاص ثم جُنَّ([5]).
الرابعة: لو مات أحد الورثة بعد مطالبته بالقصاص إبَّان انتظار بلوغ القصر من الورثة فيحل ورثته محله؛ لأن حق المطالبة بالقصاص يورث([6]).
الخامسة: إذا قُتل شخص ولم يكن له ولي, أو لم يعرف أولياء الدم أولم يظهروا، فما العمل؟
الجواب: تطالب الدولة في هذه الحال بالحق الخاص (القصاص), يمثلها مندوب من وزارة المالية , ولها أن تعفو لكن ذلك خاص بولي الأمر (الملك)([7]).
السادسة: إذا قُتل شخص ولم يرث دمه سوى قاتله، فإن قتل الوارث لمورثه مانع له من الإرث، فيصبح المقتول حينئذٍ كأنه لا وارث له، ويطالب بدمه حينئذٍ الدولة يمثلها مندوب من وزارة المالية.
الفوائد:
الأولى: يتعلق بدعوى القصاص حقان:
1.                     الحق الخاص : وينتهي بالقصاص أو الصلح أو الدية أو العفو.
2.       الحق العام وهو: حق ولي الأمر في تعزير الجاني, ودور القضاء في ذلك إثبات صفة القتل، والعقوبة محددة من ولي الأمر .
هل يبدأ بنظر الحق الخاص أو الحق العام؟
الأصل أن يُبدأ بنظر الحق الخاص ثم الحق العام, لكن إذا لم يحضر أصحاب الحق الخاص أو تركوا المطالبة فينظر الحق العام.
الثانية: يسمح للمدعي الخاص في القصاص أن يطلع على نتائج التحقيق لدى هيئة التحقيق والادعاء العام.
الثالثة: لو قتل شخص اثنين فطريقة ضبط القضية هي:
أن تضبط دعوى أولياء الدم الأول كاملة, فإذا انتهت بالحكم بالقصاص, فيحضر أولياء الدم الثاني ويؤخذ إقرارهم في الضبط بأنهم موافقون على الحكم بالقصاص ولا يطالبون بغيره إذا تم القصاص؛ لأن الأول قد يعفو فيضيع حق الثاني, فحتى لا يضيع حق الثاني يصار إلى هذا, ونجعلهما في صك واحد دعوى الأول وإجابته, ثم تقرير قناعة الثاني بالحكم.
فإن رفض أولياء الدم وقرروا مطالبتهم بالدية فيتقدمون بدعوى مستقلة تضبط بعدد مستقل لدى القاضي الذي أحيلت له المعاملة دون المشاركين له .
الرابعة: إذا كان طلب المدعين القصاص فحُكم بصرف النظر عن طلبهم وتوجه استحقاقهم الدية فيفهمون بأن لهم التقدم بطلب الدية بدعوى مستقلة.
الخامسة: الإجراءات في حالة بلوغ القصر تكون على النحو الآتي:
1.                     يثبت القاضي بلوغ ورشد القصر, بالتهميش على صك الولاية نفسه دون حاجة إلى إخراج صك مستقل([8]).
2.                     يثبت إقرارهم واتفاقهم مع سائر الورثة على المطالبة بالدم أصالة أو وكالة.
وصيغة التهميش على صك الحكم بعد بلوغ القاصرين وإقرارهم المطالبة كما يأتي: (وفي يوم ... الموافق   /   /    14هـ حضر ... و ... وقرروا أنهم بلغوا راشدين وأنهم يطالبون بالقصاص من المدعى عليه مع بقية الورثة، ثم أبرزوا صك الولاية رقم ... وتاريخ ... الصادر .... فوُجد يتضمن ثبوت بلوغ ورشد ... و ...).
3.                     ثم ترفع المعاملة لمحكمة التمييز مرة أخرى, ثم إلى مجلس القضاء الأعلى.
4.                     لا يلزم إحضار المدعى عليه وقت بلوغ القاصرين وحضورهم للمطالبة.




________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية م (14).
([2]) ينظر : تبصرة الحكام (2/57), ومجموع الفتاوى (31/114), والشرح الكبير مع الإنصاف (30/285), وإنما يقبل الرجوع عن الإقرار في حقوق الله.
([3]) قرر ابن القيم أن التحقيق في المسألة أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق: حق لله, وحق للمظلوم المقتول, وحق للولي. ينظر: حاشية الجمل على شرح المنهج (5/2)، تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/492)، الجواب الكافي (102)، الفروع (6/163)، كشف المخدرات (2/701)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (6/4) (6/294), مدارج السالكين (1/398).
([4]) ينظر: حاشية ابن عابدين (6/539), التاج والإكليل (6/251), الأم (6/21), المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (25/158), حاشية ابن قاسم على الروض المربع (7/196), المحلى (10/482-483).
([5]) ينظر: المغني (12/387).
([6]) ينظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (25/160), حاشية ابن قاسم على الروض المربع (7/198).
([7]) ينظر: المغني (11/594), المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (25/161).
([8]) ينظر: التعميم رقم 13/ت/2510 في 15/8/1425هـ.


القسامة

الإجراءات:
1/ يطلب من المدعي  الخاص ما يأتي:
‌أ-       صك حصر ورثة المقتول.
‌ب-    صك وكالة عن الورثة غير الحاضرين، ويذكر في الوكالة بأن للوكيل حق المطالبة بالقصاص واستيفائه.
2/ تضبط دعوى المدعي كاملة, وتشتمل على وصف حادثة القتل, وأن المدعى عليه قتل مورثهم عمداً عدواناً, ويطلب الحكم عليه بالقصاص([1]).
3/ تسمع إجابة المتهم وهي إنكار القتل، ولا يُتصور الاعتراف في القسامة ؛ لأن الاعتراف يخرج المسألة من باب القسامة إلى القصاص.
4/ يُطالَب المدعون بالقسامة بالبينة, وبيّنة القسامة قرائن تُوجِد غَلَبة ظن بأن المدعى عليه هو القاتل، وهذا ما يسمى بـ (اللَّوث)([2]).
والقرائن والبينات المتصورة في دعوى القسامة:
‌أ-   التقرير الجنائي.
‌ب-  تقرير الطب الشرعي([3]).
‌ج- شهادة شاهد واحد فقط بالقتل.
‌د-   البينة على وجود العداوة بين الطرفين (اللَّوث).
‌ه-    الشهود على كون المدعى عليه وجد في مسرح الجريمة وقت القتل أو شُوهد يحمل سلاحاً, أو متلطخاً بالدم, أو يهرب من الموقع وبيده سلاح.
‌و-  إذا قال المقتول قبل موته: قتلني فلان، وكان به جرح إلى غير ذلك من القرائن التي تُوجِد غلبة الظن بصحة دعوى المدعين.
5/ ثم يأتي تسبيب توجيه اليمين: فإنْ كانت القرائن تُكوِّن لوثاً بأن المدعى عليه هو القاتل فيمكن أن يسبب الحكم بما يلي: (... فبناءً على ما تقدم, وما جاء في التقرير الجنائي, وبناءً على التقرير الطبي الشرعي, وبناءً على القرائن التي وردت في دعوى المدعي (... وتذكر القرائن كاملة ... ويشار إلى أن هذه القرائن أوجدت غلبة ظن أن المدعى عليه هو القاتل ...)، وبناءً على تكليف المدعى عليه فقد عرضنا اليمين على المدعين).
6/ ثم تعرض يمين القسامة على المدعين, وهي خمسون يميناً يؤديها الرجال الوارثون للمقتول.
7/ ثم يأتي تسبيب الحكم : فيسبب الحكم كما يلي: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة, وبناءً على ما جاء في أوراق المعاملة, ونظراً إلى أن المدعى عليه مكلف بالغ عاقل مكافئ لمورث المدعين, ونظراً لقوة القرائن الدالة على قتل المدعى عليه لمورث المدعين, ونظراً لحلف المدعين يمين القسامة خمسين يميناً, ولما أخرجه البخاري في الحديث رقم (6898) ومسلم في القسامة الحديث رقم (1669) واللفظ له من حديث سهل بن أبي حثمة: أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قُتل وطُرح في فقير (وهي البئر القريبة القعر الواسعة) فأتى يهود فقال: أنتم واللهِ قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة -وهو أكبر منه- وعبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر، فقال له رسول الله  : كبِّر كبّر، يريد السنَّ، فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله  : إمَّا أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب إليهم رسول الله  بذلك، فكتبوا إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله  لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا، قال: فتحلف لكم يهود، قالوا: ليسوا مسلمين، فوداه رسول الله  من عنده، فبعث إليهم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء)([4])، وقد حلَف المدعون اليمين كما طلبنا منهم، فبناءً على ذلك فقد حكمنا بقتل المدعى عليه بالسيف حتى الموت...).
8/ إن نكل المدعون عن أيمان القسامة عرضت عليهم يمين المدعى عليه بأن يحلف خمسين يميناً قائلاًُ: [والله ما قتلته, ولا شاركت في قتله, ولا أحدثت شيئاً مات منه, ولا كان سبباً في موته ولا معيناً على موته]([5])، وإن نكل بعضهم حلف الباقون واستحقوا الدية بقسطهم ولا قصاص لعدم اتفاقهم([6]).
9/ فإن رضوا يمين المدعى عليه حلف وبرئ, وحكم بصرف النظر عن دعواهم، وإن لم يرضوا بيمينه فداه الإمام من بيت المال بأن تكون دية المقتول على بيت المال؛ لما جاء في حديث سهل بن أبي حثمة المتقدم.

المسائل: 
الأولى: يحلف يمين القسامة الوارثون من الرجال ولو واحداً, فلا يؤديها النساء ولا الأطفال ولا المجانين, وعليه العمل([7]), وتوزع الأيمان بين الورثة على حسب إرثهم, فإن لم تنقسم زِيْدَ فيها حتى تتعدل الأيمان بين الورثة حسب سهامهم الإرثية([8]).
الثانية: صيغة يمين القسامة [واللهِ الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لقد قتل فلان –ويشير إليه– مورثي (ويذكر قرابة المورث) فلاناً منفرداً بقتله ما شركه في قتله أحد, ثم يقول عمداً أو خطأ]([9]).
الثالثة: إن وجهت اليمين إلى المدعى عليه فنكل فيحبس حتى يحلف أو يقر, ولا يحكم بمجرد النكول؛ لأن النكول بينة ضعيفة([10]).
الرابعة: إذا قتل شخصٌ آخرَ وقبل موت القتيل قال: الذي قتلني فلان فما الحكم ؟
للفقهاء قولان هما:
القول الأول: لا يوجبُ ذلك القسامة ما لم يوجد لوثٌ، وهذا مذهب الجمهور([11]).
القول الثاني: أنه تجرى القسامة بشرط أن يكون بالمقتول أثر ضرب أو جرح، ولا يقبل قوله بدون وجود أثر, وتسمى هذه المسألة بـ "التدمية الحمراء"، أما إذا لم يكن معها جرح أو أثر ضرب فلا يقبل إلا ببينة، وتسمى هذه المسألة بـ "التدمية البيضاء"([12]).
الخامسة: بيت المال يتحمل دية المقتول في ست حالات:
الحالة الأولى: إذا قتل إنسان وجُهل القاتل, بشرط أن يكون في الأماكن العامة، فإن كان في فلاة لا يملكها أحد فلا قسامة ولا دية وهذا هو قضاء عمر بن الخطاب ([13]).
الحالة الثانية: إذا أعسر القاتل.
الحالة الثالثة: إذا أعسرت العاقلة. 
الحالة الرابعة: إذا عُدمت العاقلة.
الحالة الخامسة: إذا نكل المدعون عن اليمين ولم يرضوا يمين المدعى عليه في القسامة.
الحالة السادسة: إذا أخطأ الحاكم في حكمه([14]).
ولا تنظر القضية ضد بيت المال حتى يصدر إذن من المقام السامي بذلك.




________________________________________
([1]) ينظر: المغني (12/220).
([2]) هذا هو تعريف اللوث اصطلاحاً، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- واللوث لغة: يطلق على عدة معان وهي: القوة والشر وشبه الدلالة على حدث من الأحداث. ينظر: الاختيارات العلمية ضمن الفتاوى الكبرى ص (175), والمعجم الوسيط (2/844).
([3]) الطب الشرعي هو: إيضاح المسائل الطبية التي لها علاقة بالحوادث التي تعرض أمام المحاكم؛ بغية التعرف على طرق ارتكاب الجرائم وكيفية وتاريخ حدوثها بالوسائل الفنية. ينظر: الطب الشرعي النظري والعملي ص (7), الطب القضائي ص (9).
([4]) أخرجه البخاري برقم (6769), ومسلم في القسامة برقم (1669), والنسائي برقم (4710), وأبو داوود برقم (4521), وابن ماجه برقم (2677).
([5]) ينظر : المغني (12/222), كشاف القناع (6/76 ), مطالب أولي النهى (6/157)، كشف المخدرات (2/741).
([6]) ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي (8/51)، المنتقى شرح الموطأ (7/58)، المغني (12/197)، كشاف القناع (6/71).
([7]) ينظر : المبسوط (26/120-121)، فتح القدير (9/311)، بدائع الصنائع (7/294) ، تبيين الحقائق (6/176) ، شرح الخرشي على مختصر خليل (8/56)، أضواء البيان (3/140)، الأم (6/99)، روضة الطالبين (10/25)، الفروع (6/55)، الإنصاف (10/142)، قرار هيئة كبار العلماء رقم 41 وتاريخ 13/4/1396هـ.
([8]) ينظر: روضة الطالبين (8/339), المحرر (2/151), المغني (12/210), أضواء البيان (3/141).
([9]) ينظر: الأم (6/107)، والمغني (12/222).
([10]) والمذهب عند الحنابلة أنه لا يحبس وتلزمه الدية بالنكول . ينظر: المبسوط (26/111), المدونة (16/416)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/298)، المغني (12/206)، كشاف القناع (6/77), أضواء البيان (3/141).
([11]) ينظر: مجمع الضمانات (1/397)، المغني (12/207)، كشاف القناع (6/70).
([12]) ينظر: المدونة (16/413)، الاستذكار (8/198)، شرح مختصر خليل للخرشي (8/51)، بلغة السالك (4/209-210)، أضواء البيان (3/137).
([13]) ينظر: الاستذكار (8/155), المغني (12/48), التشريع الجنائي (3/370).
([14]) ينظر: المحرر (2/151), المغني (12/206)، الكافي (4/131), المقنع مع الإنصاف والشرح الكبير (26/165)، الإجراءات الجزائية لابن ظفير (ص323).



قتل الغيلة

الإجراءات:
1/ الإجراءات في قتل الغيلة كسائر الإجراءات في سائر أنواع القتل، لكن لا يطلب إحضار صكوك حصر الورثة والولاية والوكالات؛ لأن الحق فيها عام وليس خاصاً.
2/ إن أقر المدعى عليه بدعوى المدعي العام فيحكم عليه بحد الغيلة (الحرابة) بموجب إقراره.
3/ إن أنكر المدعى عليه دعوى المدعي العام فيُسأل المدعي العام عن البينة على القتل. 
4/ إن وجد اعتراف مصدق شرعاً فيعرض على المدعى عليه، فإن أنكر الاعتراف أو رجع عنه فيدرأ الحد عنه لوجود الشبهة، ويقبل رجوعه عن الاعتراف لأنه من حقوق الله، بخلاف القصاص فهو من حقوق الآدميين.
5/ إن أحضر المدعي العام بينة موصلة تم الحكم بموجبها, وإن كانت غير موصلة فيدرأ الحد عن المدعى عليه.
6/ إذا لم يوجد للمدعي العام بينة أو كانت البينة غير موصلة فيدرأ حد الحرابة عن المدعى عليه، ولا يسقط التعزير عنه، لكن يؤجل التعزير حتى ينتهي الحق الخاص.
7/ صيغة الحكم كما يأتي: "فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، والمتضمنة إقرار المدعى عليه وللقرائن -وتذكر كلها- ولقوله تعالى في سورة المائدة: ﮋﭻ   ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ  ﮂ  ﮃ   ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ   ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒﮓ  ﮔ   ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ   ﮟ  ﮊ ولحديث أنس  المتفق عليه: " أن جارية وجدت قد رُضَّ رأسها بين حجرين فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان؟ أفلان؟ حتى سُمي اليهودي، فأومت برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف, فأمر رسول الله  أن يرض رأسه بالحجارة"، لذا فقد حكمنا على ... بقتله حداً وذلك بضرب عنقه بالسيف حتى الموت". 
8/ صيغة الحكم في حال عدم الثبوت كما يأتي: "فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة وبناء على اعتراف المدعى عليه المصدق شرعاً الذي رجع عنه المدون في ملف التحقيق (أو: نظراً لعدم وجود بينة موصلة على دعوى المدعي العام) وبناء على أوراق المعاملة، فلم يظهر لنا ما يوجب إقامة حد الغيلة على المدعى عليه، وقررنا تأجيل النظر في تعزير المدعى عليه حتى ينتهي النظر في الحق الخاص، وبذلك حكمنا وبعرض ذلك على الطرفين...".
المسائل: 
الأولى: اختلف الفقهاء في قتل الغيلة على قولين هما: 
القول الأول: لا فرق بين قتل الغيلة وغيره, وهو مذهب الجمهور([1]).
القول الثاني: التفريق بين قتل الغيلة وغيره من أنواع القتل، فيأخذ قتل الغيلة حكم الحرابة, وهو مذهب المالكية ورواية عن الإمام أحمد واختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم, والشيخ محمد بن إبراهيم وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم (38) في 11/8/1395هـ وعليه العمل([2]).
الثانية: ضوابط قتل الغيلة: 
لقتل الغيلة أربعة ضوابط:
1- أن يكون قتلاً.
2- أن يكون القتل فيه على سبيل الحيلة والخديعة.
3- أن يكون على وجه يأمن فيه المقتول غائلة القاتل.
4- أن يكون على سبيل الغدر. 
5- زاد بعض المالكية: أن يكون لأجل مال أو عِرْض([3]).
الثالثة: من صور قتل الغيلة: 
                ‌أ-       استدراج شخص لآخر حتى يأمنه فيقتله.
             ‌ب-    قتل الزوج لزوجته على الفراش.
             ‌ج-     قتل الزوجة لزوجها على الفراش.
الرابعة: الفرق بين قتل الغيلة وغيره من أنواع القتل عند من يفرق بينهما:
1.   تقام الدعوى في قتل الغيلة من المدعي العام بخلاف غيره من أنواع القتل فتقام الدعوى فيه من المدعي الخاص (أولياء الدم).
2.         لا يقبل العفو من ولي الدم في قتل الغيلة بخلاف غيره.
3.         لا يقبل الصلح في قتل الغيلة بخلاف غيره.
4.         لا تسمع دعوى الدية في قتل الغيلة بخلاف غيره.
5.         زاد بعض المالكية أن يكون القتل في الغيلة لأجل عرض أو مال بخلاف غيره.
الفوائد: 
الأولى: إذا حكم بدرء حد الغيلة أو صرف النظر عن دعوى المدعي العام في حالة القتل فللورثة (أولياء الدم) أن يتقدموا بالدعوى على القاتل, ويكون حينئذٍ حقاً خاصاً يؤاخذ المدعى عليه بإقراره بالقتل ولا يقبل رجوعه عنه فيحكم عليه بالقصاص؛ لأنه من حقوق الآدميين.
الثانية: إذا حكم بدرء حد الغيلة أو صرف النظر عن دعوى المدعي العام في حالة القتل فيؤجل الحكم بتعزير المدعى عليه حتى ينتهي النظر في الحق الخاص, فإذا تم التنازل أو الصلح مع أصحاب الحق الخاص (أولياء الدم) فيتم النظر في تعزير المدعى عليه وإذا انتهى الحق الخاص بالحكم بقتل المدعى عليه فلا حاجة لتعزيره؛ لأن ما دون القتل داخل فيه. 
الثالثة: إذا سقط الحق العام فيشار إلى أن ذلك لا يسقط الحق الخاص، ويفتح للحق الخاص محاكمة جديدة لدى من نظر القضية في الحق العام, وتضبط في ضبط جديد, ويصدر لها صك مستقل.
الرابعة: قد ترفع القضية من المدعي العام بالمطالبة بحد الغيلة فيرى القاضي باجتهاده أنَّ القتل لا يوصَّف غيلةًَ فالعمل على توصيف القضاة([4]).
الخامسة: القاتل إذا قُتل حداً بسبب الغيلة فلا دية؛ لأنه قتل واحد فلا يترتب عليه عقوبتان القتل والدية ، ومتى حكم بالقتل على القاتل سقطت الدية([5]).



________________________________________
([1]) ينظر: المغني (11/460 )، الموسوعة الفقهية (31/344).
([2]) ينظر: مواهب الجليل (6/234)، حاشية الدسوقي (4/238)، الطرق الحكمية (1/390)، إغاثة اللهفان (2/73), زاد المعاد (4/49 و 5/9), فتاوى ورسائل الشيخ محمد ابن إبراهيم (11/258-259)، أبحاث هيئة كبار العلماء (3/436).
([3]) ينظر: الاستذكار (8/121)، الذخيرة (12/123)، التاج والإكليل (6/314)، مواهب الجليل (6/233)، شرح ميارة (2/468)، الفواكه الدواني (2/185)، حاشية العدوي (2/407)، بلغة السالك (4/161).
([4]) ينظر: نظام الإجراءات الجزائية ، مادة (159).
([5]) ينظر: التصنيف الموضوعي (3/166).


القصاص فيما دون النفس

الإجراءات:
1/ تُنظر قضايا القصاص فيما دون النفس من قبل ثلاثة قضاة([1]).
2/ القصاص فيما دون النفس كقضايا القتل في الإجراءات، لكن لا حاجة فيها لإحضار صك حصر الورثة ؛ لأن المجني عليه حي .
المسائل:
الأولى: إذا كان المجني عليه قاصراً فله ثلاث حالات:
1. إذا كان دون البلوغ فيتولى إقامة الدعوى أبوه لكونه ولياً طبيعياً عليه.
2. إذا بلغ قاصراً فلابد من صك استمرار ولاية أبيه عليه بعد بلوغه.
3. إذا لم يوجد أبوه فيتولى إقامة الدعوى له وليه الشرعي.
وللولي توكيل من يراه في الحالات المذكورة .
الثانية: هل تُسمع الدعوى من المدعي قبل برء الجرح؟
     قد يتطلب الأمر أحياناً سماع الدعوى قبل البرء، لكن ذلك يسقط حق المطالبة بالسراية بعد الحكم([2]).
وهو مفهوم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : "أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي  فقال أقدني، قال: حتى تبرأ، ثم جاء إليه فقال: أقدني فأقاده، ثم جاء إليه فقال: يا رسول الله عرجت، قال نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك. ثم نهى رسول الله  أن يقتص من جرح حتى يبرأ منه صاحبه"([3]).
فإذا صدر الحكم في مثل هذه الحالة يفهم المدعي بأن ليس له حق المطالبة بالسراية. 
الثالثة: إذا كان المجني عليه قاصراً في قضايا القصاص فيما دون النفس فهل يملك وليه العفو؟
صدر قرار من مجلس القضاء الأعلى رقم 76 في 10/6/1398هـ أن للأب العفو دون سائر الأولياء، لكن يشترط على الأب بأن يتكفل بدفع الدية للابن عند مطالبته بها.

الفوائد:
الأولى: لو صُرف النظر عن دعوى المدعي بالقصاص في ما دون النفس فيفهم بأن له حق المطالبة بالدية.
الثانية: إذا تقدم بدعوى الدية فينظرها القاضي الذي أحيلت له معاملة القصاص منفرداً إذا كان المدعى عليه داخل ولايته المكانية.
الثالثة: في الجناية على ما دون النفس إن كانت عمداً فيكتب للمستشفى عند إرادة استيفاء القصاص هل يمكن استيفاء القصاص بلا حيف أو لا، فإن ورد الجواب بإمكانية الاستيفاء بدون حيف فيحكم بالقصاص وإلا فيحكم بالدية.
الرابعة: يكون التنفيذ عن طريق المستشفى و لا مانع من تخدير العضو المراد قصاصه؛ لأمن الحيف, ولا يجوز إرجاع العضو المقطوع قصاصاً([4]).
الخامسة: لابد أن يكتب ولي القصاص وكالة للمنفذ.
السادسة: يحدد القاضي في الصك بدقة موضع القصاص وكيفية التنفيذ ويتم ذلك عن طريق لجنة مختصة.
السابعة: تعاد المعاملة في بعض البلدان إلى القاضي مُصدر الحكم بالقصاص للتهميش على الصك بحصول التنفيذ, ويذكر في محضر التنفيذ اسم مندوب من المحكمة, ومندوب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومندوب من الإمارة، والسيَّاف المنفذ, ومدير الشرطة, ومدير السجن, ومندوب الهلال الأحمر, وطبيب من المستشفى وتواقيعهم على محضر التنفيذ.

________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م 10).
([2]) ينظر: المغني (11/563)، شرح منتهى الإرادات (3/289)، تفسير ابن كثير (2/64).
([3]) رواه أحمد (2/217) والبيهقي (8/67) والدار قطني (3/88) قال الحافظ: "وأعل بالإرسال" سبل السلام (3/238) وقال في مجمع الزوائد ( 6/296): "رجال أحمد ثقات", وصححه الألباني في إرواء الغليل (8/298).
([4]) ينظر قرار هيئة كبار العلماء رقم (136)، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (60/9/6 ) في 17- 23/8/1410هـ .


جنايات الصبيان

الإجراءات: 
تسمع الدعوى على الصبي إذا جنى، وتقام الدعوى على أب الصبي أو وليه على أنه كالوكيل.
المسائل:
الأولى: الحكم على الصبي في جنايته على الأموال يكون من ماله, ولا يصدر الحكم بها من مال الأب؛ لأنه لا تلزمه جناية ابنه على أموال الآخرين لقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجني جانٍ إلا على نفسه", بل يصدر الحكم على الصبي ومتى علم له مال نفذ الحكم منه.
الثانية: عمد الصبي والمجنون بمنزلة الخطأ؛ لأنهما غير مكلفين([1]).
ولكون عمدهما بمنزلة الخطأ فلا يتوجه عليهما الحكم بالقصاص, وإنما يتوجه الحكم بالدية على عاقلة الصبي بمواجهة الولي.
الثالثة: لا يحكم على الصبي ولا المجنون ولا الغائب إلا ببينة.
الرابعة: تقبل شهادة الصبيان في الجنايات في الجراحات بشروط هي:
1/ أن تكون الجناية على بعضهم.
2/ ألا يكون معهم بالغ.
3/ أن تكون الشهادة قبل تفرقهم.
4/ ألا يلقنوا.
5/ أن تكون في الجراحات دون النفس([2]).
سادساً: قتل الخطأ
من صور قتل الخطأ: حوادث السيارات.
الإجراءات:
أولاً: يطلب من المدعي ما يلي:
1.   صك حصر ورثة المتوفى.
2.   صك ولاية على القاصرين من الورثة.
3. صك وكالة من الورثة البالغين ومن أولياء الورثة القاصرين (ولابد من النص في صك الولاية بأن للولي حق توكيل غيره ).
4. إن كان الورثة يقيمون خارج المملكة وصدرت لهم صكوك حصر إرث وولاية ووكالة من بلدانهم فيلاحظ ما يلي:
أ‌-     يجب أن تكون الصكوك صادرة من الجهة المختصة في الدولة التي يقيمون بها.
ب‌-     تصدق الصكوك من وزارة العدل ووزارة الخارجية في الدولة المذكورة.
ت‌-     تصدق الصكوك من سفارة المملكة في الدولة المذكورة.
ث‌-     تصدق الصكوك من وزارة الخارجية ووزارة العدل في المملكة.
ثانياً: ضبط الدعوى:
1.    تضبط دعوى المدعي بوصف الحادث وتاريخه وتسبب المدعى عليه بالوفاة ومطالبته بالدية.
2.    يسأل المدعى عليه عن الدعوى, فإن صادق على الدعوى:
                      ‌أ-        فيدون الاطلاع على صكوك حصر الورثة والولاية والوكالات.
       ‌ب-  يتم الإطلاع على ملف التحقيق؛ لأن فيه صفة وقوع الحادث وتركيز الإدانة وبيان أسبابها وتحديد نسبتها (نسبة الخطأ).
                   ‌ج-      يصدر الحكم على المدعى عليه بالدية.
3.    إن أنكر المدعى عليه دعوى المدعي فيطلب من المدعي البينة على وقوع الحادث وتسبب المدعى عليه بالوفاة.
4.  إن صادق المدعى عليه على وقوع الحادث وأنكر تسببه فيه أو نازع في نسبة الإدانة فيتم الاطلاع على ملف التحقيق وأسباب الإدانة وتدوينها, فإن كانت الأسباب مقنعة (كالسرعة، أو قطع الإشارة، أو الدخول من خط فرعي إلى خط رئيس، أو التجاوز الخاطئ، أو السير باتجاه معاكس ... ونحوها) فحينئذٍ يحكم على المدعى عليه.
5.  إن كانت أسباب الإدانة في تقرير المرور غير مقنعة، فيعيد القاضي المعاملة إلى إدارة المرور من أجل إعادة التحقيق مرة أخرى, فإن عاد بالتقرير نفسه ولم يتغير فيلغي القاضي قرار الإدانة ويحكم بما يراه مع تسبيب ذلك.
المسائل:
الأولى: إذا حكم بالدية فهل يكون الحكم على المتسبب أو على العاقلة؟
للقضاة أربعة آراء هي:
الرأي الأول: يحكم بالدية على المتسبب (المدعى عليه), وإذا تقدم المدعى عليه بدعوى ضد عاقلته فتسمع دعواه ويحكم له بذلك, وهذا رأي أكثر القضاة وعليه العمل عندي.
الرأي الثاني: يحكم بالدية على العاقلة.
الرأي الثالث: يحكم بالدية على المتسبب ويفهم بالرجوع على عاقلته.
الرأي الرابع: يحكم بالدية على المتسبب ويوجبها على العاقلة. 
ويرد على الرأي الثاني والثالث والرابع: أن المدعى عليه يقر بالإدانة كاملة أو ناقصة، فيصدر الحكم بالدية على العاقلة أو يفهم بالرجوع على العاقلة مع أنه من المقرر شرعاً أن العاقلة لا تحمل الاعتراف([3]).
الثانية: هل يحكم بالدية حالة أو مؤجلة؟ ثلاثة أقوال للعلماء هي:
القول الأول: إذا حكم بالدية على العاقلة فتؤجل ثلاث سنوات وهذا مذهب الجمهور.
القول الثاني: أنه يحكم بالدية حالة دون تأجيل وهذا اختيار ابن المنذر وابن حزم([4]).
 القول الثالث: أن التأجيل من سلطة الإمام حسب المصلحة([5])؛ إذ لا يوجد دليل على تأجيل دفع الدية على العاقلة إلى ثلاث سنوات، وإنما فعله عمر بن الخطاب  ([6]). وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([7])، وعليه العمل عندي.
الثالثة: إذا حكم بتأجيل الدية فتحسب المدة من تاريخ الجناية لا من تاريخ الحكم، وأما الإصابات والجناية على الأطراف فمن تاريخ البرء([8]).
الرابعة: إذا لم يكن هناك عاقلة فعلى من تقام الدعوى؟ قولان للعلماء هما:
القول الأول: تقام على بيت المال، وهذا مذهب الجمهور وعليه العمل.
القول الثاني: تقام على الجاني ويحكم عليه بالدية وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([9]).
الخامسة: إذا توجهت دعوى الدية على بيت المال فلابد من موافقة المقام السامي على سماع الدعوى، ويمثل بيت المال مندوب من وزارة المالية، وإذا صدر الحكم بالدية فلابد من رفعه إلى محكمة التمييز.
السادسة: الأصل أن من وقعت عليه الجناية وكان حياً فهو الذي يقيم الدعوى إن كان أهلاً لذلك, وإن كان فاقد الأهلية أو ناقصها فيدعي عنه وليه، وإن لم يكن له ولي أو رفض الأولياء الحضور فيولي القاضي أحد موظفي المحكمة أو غيرهم ليتولى المدافعة والمرافعة عنه سواءً كان مدعياً أو مدعى عليه.
السابعة: إذا قرر الولي الطبيعي (الأب) أنه متنازل عن دية عضو أو منفعة أو حكومة لابنه القاصر فلا مانع من ذلك بشرط أن يتكفل الأب بدفع دية أو أرش الجناية للابن عند مطالبته حال بلوغه([10]).
الثامنة: يتم تقدير دية الأعضاء والمنافع إذا لم تذهب كاملة حسب نسبة العجز بسبب الإصابة, وهو رأي الشيخ عبد القادر عودة([11]) وعليه العمل.
التاسعة: إذا كانت الجناية خطأً في الأعضاء والمنافع والأروش المقدرة شرعاً فيحكم بها.
العاشرة: إذا مات المتسبب في الحادث ويوجد تلفيات في الأموال (كوجود تلفيات في السيارة)، فإن كان له تركة فتقام الدعوى في ضمان تلفيات الأموال على من بيده التركة ويصدر الحكم في تركة الميت, وإن لم يكن له تركه فتقام في مواجهة بعض الورثة ويصدر الحكم بثبوت المبلغ في ذمة المتسبب المتوفى، ومتى علم أن للمتوفى مالاً فيطالب من بيده المال بالتنفيذ منه, وعليه فالعاقلة لا تتحمل تلفيات الأموال؛ لأن الأصل أن الضمان في مال الجاني وإنما تتحمل العاقلة الدية فقط.
الفوائد:
الأولى: هل تدون قضايا الديات والأروش في ضبط القضايا الجنائية أو القضايا الحقوقية؟
يوجد للقضاة منهجان:
المنهج الأول: تدون في ضبط القضايا الجنائية، وذلك نظراً لكون سببها الجناية على النفس وما دونها، وهذا رأي بعض القضاة وعليه جرى العمل لديَّ ولدى محكمتي التمييز فيتم تدقيق قضايا الديات لدى الدوائر الجزائية.
المنهج الثاني: تدون في ضبط القضايا الحقوقية، وذلك نظراً لموضوعها وهو الحق المالي، فهي في حقيقتها المطالبة بالدية أو الأرش، وهذا رأي غالب القضاة.
والفرق بين المنهجين: يوجد ثلاثة فروق هي:
الأول: بناء على المنهج الأول يقدم التماس إعادة النظر للقاضي حسب نظام الإجراءات الجزائية، وأما المنهج الثاني فيقدم التماس إعادة النظر لمحكمة التمييز حسب نظام المرافعات الشرعية.
الثاني: بناء على المنهج الأول إن كانت المطالبة بالدية والأروش فتضبط في الضبط الجنائي، وإن كانت المطالبة بتلفيات سيارة أو نحوها فتضبط في الضبط الحقوقي، وأما بناء على المنهج الثاني فتضبط جميعها في الضبط الحقوقي.
الثالث: بناء على المنهج الأول يتم إدخالها في الإحصاء في خلاصة الأعمال ضمن القضايا الجنائية، وأما على المنهج الثاني فتدخل ضمن القضايا الحقوقية.
     ولا يوجد مرجح في ذلك، لكن في نظري أن المنهج الأول أقرب إلى منهج الفقهاء؛ لأنهم ذكروا الديات في كتاب الجنايات، ولم يذكروها في كتاب المعاملات,كما أن الاختصاص في قضايا الديات والأروش جاء مبيناً في نظام الإجراءات الجزائية.
الثانية: إذا لم يحضر الورثة ولا وكيل شرعي عنهم فيرسل القاضي خطاباً للإمارة يحدد فيه موعداً للنظر في القضية، ويطلب فيه حضور الورثة أو وكيل شرعي معه وكالة وصك حصر ورثة وولاية على القصار إن وجدوا مصدقاً من الجهات الرسمية، ثم تقوم الإمارة بمخاطبة وزارة الخارجية، ثم تقوم وزارة الخارجية بمخاطبة سفارة بلد الورثة في ذلك ويراعي القاضي المدة الكافية في ذلك (ثلاثة أشهر فأكثر).
الثالثة: إذا كانت الصكوك بلغة غير عربية فتترجم من قبل مترجم المحكمة, فإن لم يكن فيها مترجم فتترجم من مكتب ترجمة معتمد, وتصادق الغرفة التجارية على كون المكتب معتمداً عليه في الترجمة.
الرابعة: يقوم القاضي بمراجعة صك حصر الورثة والتأكد من كونه مطابقاً للشريعة الإسلامية إذا كان صادراً من الدول غير الإسلامية.
الخامسة: يوجد للقضاة ثلاثة مناهج في ذكر صكوك حصر الورثة والولاية والوكالات, هي:
المنهج الأول: يتم ذكرها في أول الضبط بعد ذكر المدعي.
المنهج الثاني: يتم ذكرها بعد دعوى المدعي.
المنهج الثالث: يتم ذكرها بعد إجابة المدعى عليه.
وكل المناهج صحيحة.
السادسة: لابد من دراسة أسباب الإدانة في الحادث، ويعتبر تقرير رجال المرور تقرير خبرة، وتقارير الخبرة استشارية غير ملزمة للقاضي؛ لأن غالب أسباب تركيز الإدانة لدى رجال المرور هي:
                      ‌أ-        مباشرة الصدم.
                   ‌ب-     عدم تلافي الحادث.
                   ‌ج-      عدم أخذ الحيطة والحذر.
وهذه الأسباب لوحدها غير مقنعة.
السابعة: إذا كانت نسبة الإدانة غير كاملة, وطلب المدعي الدية كاملة وأقر المدعى عليه بالمسؤولية حسب النسبة محتجاً بتقرير رجال المرور, واقتنع القاضي بالنسبة وأسبابها فللقضاة في ذلك منهجان هما:
المنهج الأول: إحضار من قام بالتحقيق وسؤالهم عن النسبة واستشهادهم عليها, ثم تزكيتهم؛ لأن الأصل في الضمان أن يكون كاملاً، فإذا أراد القاضي الحكم بخلاف ذلك فلابد من بينة تشهد بصحة نسبة الإدانة، وعليه العمل عندي.
المنهج الثاني: الاكتفاء بالتقرير المرفق بالمعاملة دون حضور رجال المرور والحكم بموجبه، لكونه تقريراً صادراً عن خبير كقرار هيئة النظر والمساح والمهندس والمحاسب، فلا يلزم حضورهم.
        الثامنة: موقف القضاة من تقرير المرور: يوجد للقضاة ثلاثة آراء:
الرأي الأول: دراسة الأسباب التي ذكرها التقرير فإن كانت مقنعة يتم الأخذ بها، وإن كانت غير مقنعة أو لم تتضح نسبة الخطأ أو تردد الأمر بين كامل الإدانة أو تجزئتها فنرجع إلى الأصل وهو الضمان كاملاً, ويحكم بكامل الدية؛ لأن الأصل وجوب الضمان كاملاً، وهذا رأي جمهور القضاة وعليه العمل عندي.
الرأي الثاني: أن نسبة الإدانة في حوادث السيارات إما كاملة مائة بالمائة أو مشتركة بالمناصفة خمسين بالمائة؛ لأن نسبة الإدانة التي بينهما أو أقل من خمسين بالمائة ليس لها أصل في الشريعة.
     ولكن هذا الرأي يرده حديث الزبية، وهو ما رواه حنش بن المعتمر قال: حُفِرت زبية باليمن للأسد ووقع فيها الأسد، فأصبح الناس يتدافعون على رأس البئر فوقع فيها رجل ، فتعلق بآخر فتعلق الآخر بالآخر، فهوى فيها أربعة فهلكوا فيها جميعاً، فلم يدر الناس كيف يصنعون، فجاء علي رضي الله عنه فقال: إن شئتم قضيت بينكم بقضاءٍ يكون جائزاً بينكم حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإني أجعل الدية على من حضر رأس البئر، فجعل للأول الذي هو في البئر ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية وللرابع كاملة، قال: فتراضوا على ذلك، حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بقضاء علي فأجاز القضاء) فهذا يدل على تجزئة الدية([12]).
الرأي الثالث: أن المسألة لا تخضع إلى النسبة وإنما تخضع إلى قاعدة: (اجتماع المباشر والمتسبب), فالأصل في الدية كونها على المباشر (الصادم), فلو خالف المصدوم إشارة المرور أو خط السير فالإدانة كاملة على الصادم, ولو كان إنسان يسير بسيارته في خط سيره وقطع آخر الإشارة بسيارته فصدمه الأول فيدان الأول بكامل النسبة لكونه المباشر، ولا يلتفت إلى قطع الثاني الإشارة، ويحتج أصحاب هذا الرأي بقاعدة : (إذا اجتمع المباشر والمتسبب فالضمان على المباشر)([13]).
وهذا الرأي تردّه قاعدة السياسة الشرعية المبنية على جلب المصلحة للأمة، ويتفق مع أحكام الشريعة وأصولها العامة فيما لم يرد به نص خاص([14]), ومن ذلك : أنظمة المرور، فهي وضعت لجلب مصالح الناس في تنظيم السير ووسائل النقل فيجب الأخذ بها وعدم إهدارها.
التاسعة: إذا كانت نسبة الخطأ أقل من 100% وقال الوارث أطلب الدية كاملة وأجاب المدعى عليه بأنه لا مانع لديه من دفعها، فلا يلزم القاضي أن يبين للمدعى عليه أن النسبة التي تلزمه من الدية أقل من100%؛ لأنه رضي بدفعها كاملة.
العاشرة: إذا حُكم بأقل من كامل الدية وكان في الورثة قصارٌ فيلزم رفع المعاملة لمحكمة التمييز.
الحادية عشرة: لو مات طرفا الحادث والخطأ على أحدهما فعلى من تقام الدعوى؟
     تقام الدعوى من ورثة المجني عليه على عاقلة الجاني بمواجهة بعضهم، ويحكم على العاقلة، ولا يلزم حضور كامل العاقلة بل يكتفي بحضور بعضهم, وحينما يصدر الحكم يكلف من حضر منهم بجمعها من العاقلة حسب يسارهم، وتعطى لورثة الميت المجني عليه.
الثانية عشرة: من توابع الحكم في قتل الخطأ الإشارة إلى الكفَّارة (وهي: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين)، وتتعدد الكفارات بتعدد الجناة كما تتعدد بتعدد المجني عليهم, ولا تتجزأ الكفارة حسب نسبة الخطأ بل تجب كاملة ولو كانت نسبة الخطأ أقل من 100%([15]).
الثالثة عشرة: يكتب القاضي للمستشفى لإصدار تقرير طبي نهائي عن حالة المجني عليه يوضح فيه ما يلي:
            ‌أ-        نوع الجناية.
         ‌ب-     هل شفي المجني عليه من الجناية أو لا؟
         ‌ج-      هل سرت الجناية إلى غيرها من الأعضاء فأفسدته أو أثرت عليه؟
           ‌د-       إذا كان الحادث قد تسبب في ذهاب منفعة من منافع البدن أو ما يمكن عوده كالسن فيبين ما يلي:
1. هل يمكن عود هذه الأشياء أو لا؟
2. إذا كان يرجى عودها فتحدد المدة التي يمكن عودتها فيه.
3. إذا كان يرجى عودها لكن لا يعلم الوقت فيبين ذلك.
4. بيان نسبة الذاهب من المنفعة.
           ‌ه-        إذا تسببت الجناية في شلل أحد الأعضاء فيبين ما يلي:
1.هل يرجى الشفاء أولا؟
2. إذا كان يرجى الشفاء فتحدد المدة إذا عُلمت.
3. إذا كان يرجى الشفاء ولكن لا تعلم المدة فيبين ذلك.
4.بيان الأعضاء التي شُلَّت بالتفصيل.
           ‌و-       إذا كانت الجناية في الشجاج غير المقدرة شرعاً فيبين نسبة العجز لكامل الجسم.
الرابعة عشرة: أنواع التقارير الطبية: 
•       التقرير الطبي الأولي: فهو شكلي ولا يعتمد عليه لوحده.
•       التقرير الطبي النهائي: وهو المبني على دراسة من ذوي الاختصاص الطبي. ويصدر التقرير النهائي من:
       1/ طبيبين. 2/ مسلمين. 3/ عدلين. 4/ حاذقين بالطب.
•       التقرير الطبي الشرعي: وهو الصادر من الطبيب الشرعي المختص في قضايا القتل والوفاة يبين فيه سبب الوفاة هل هو جنائي أو عرضي ؟

________________________________________
([1]) ينظر : الأم 7/328, مصنف ابن أبي شيبة 5/405, أحكام القرآن للجصاص 1/180, موطأ مالك مع شرحه المنتقى 7/73, بدائع الصنائع 7/180, المنثور في القواعد 2/301 قال: " والأصح أنه عمد ", الإنصاف 9/448.
([2]) ينظر: الطرق الحكمية (250), حاشية الدسوقي (4/184).
([3]) ينظر: كشاف القناع (6/62)، شرح منتهى الإيرادات (3/326)، نيل الأوطار (7/ 247).
([4]) ينظر: الإشراف لابن المنذر (2/198), المحلى لابن حزم (11/46).
([5]) ينظر: الفروع (6/44-45)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (19/256-257)، الاختيارات الفقهية (294).
([6]) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (17858)، والبيهقي (8/109)، وينظر: الاستذكار (8/42)، نصب الراية (4/334).
([7]) ينظر: الاختيارات ضمن الفتاوى الكبرى (4/174-175).
([8]) ينظر: الأم (6/112)، كشاف القناع ( 6/64).
([9]) ينظر: الاختيارات الفقهية (4/174).
([10]) قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة رقم (76) في 10/6/1398هـ.
([11]) ينظر: التشريع الجنائي (3/312-313).
([12]) ينظر: القواعد لابن رجب (331) القاعدة (128), اجتماع المباشرة والتسبب، وما روي عن علي رضي الله عنه أن ستة تغاطوا في الفرات فشهد رجلان على ثلاثة وثلاثة على اثنين، فقضى بخُمسي الدية على الثلاثة، وبثلاثة أخماس الدية على الاثنين. ينظر: الفروع (6/10)، الإنصاف (10/48).
([13]) ينظر: القواعد لابن رجب (233).
([14]) ينظر: المدخل إلى السياسة الشرعية لعبد العال عطوة (57).
([15]) ذكر صاحب الفروع عن الوزير القول بتجزئة الكفارة كالدية خلافًا لجماهير أهل العلم، ينظر: الفروع (6/47).

قتل الخطأ

من صور قتل الخطأ: حوادث السيارات.
الإجراءات:
أولاً: يطلب من المدعي ما يلي:
1.   صك حصر ورثة المتوفى.
2.   صك ولاية على القاصرين من الورثة.
3. صك وكالة من الورثة البالغين ومن أولياء الورثة القاصرين (ولابد من النص في صك الولاية بأن للولي حق توكيل غيره ).
4. إن كان الورثة يقيمون خارج المملكة وصدرت لهم صكوك حصر إرث وولاية ووكالة من بلدانهم فيلاحظ ما يلي:
أ‌-     يجب أن تكون الصكوك صادرة من الجهة المختصة في الدولة التي يقيمون بها.
ب‌-     تصدق الصكوك من وزارة العدل ووزارة الخارجية في الدولة المذكورة.
ت‌-     تصدق الصكوك من سفارة المملكة في الدولة المذكورة.
ث‌-     تصدق الصكوك من وزارة الخارجية ووزارة العدل في المملكة.
ثانياً: ضبط الدعوى:
1.    تضبط دعوى المدعي بوصف الحادث وتاريخه وتسبب المدعى عليه بالوفاة ومطالبته بالدية.
2.    يسأل المدعى عليه عن الدعوى, فإن صادق على الدعوى:
                      ‌أ-        فيدون الاطلاع على صكوك حصر الورثة والولاية والوكالات.
       ‌ب-  يتم الإطلاع على ملف التحقيق؛ لأن فيه صفة وقوع الحادث وتركيز الإدانة وبيان أسبابها وتحديد نسبتها (نسبة الخطأ).
                   ‌ج-      يصدر الحكم على المدعى عليه بالدية.
3.    إن أنكر المدعى عليه دعوى المدعي فيطلب من المدعي البينة على وقوع الحادث وتسبب المدعى عليه بالوفاة.
4.  إن صادق المدعى عليه على وقوع الحادث وأنكر تسببه فيه أو نازع في نسبة الإدانة فيتم الاطلاع على ملف التحقيق وأسباب الإدانة وتدوينها, فإن كانت الأسباب مقنعة (كالسرعة، أو قطع الإشارة، أو الدخول من خط فرعي إلى خط رئيس، أو التجاوز الخاطئ، أو السير باتجاه معاكس ... ونحوها) فحينئذٍ يحكم على المدعى عليه.
5.  إن كانت أسباب الإدانة في تقرير المرور غير مقنعة، فيعيد القاضي المعاملة إلى إدارة المرور من أجل إعادة التحقيق مرة أخرى, فإن عاد بالتقرير نفسه ولم يتغير فيلغي القاضي قرار الإدانة ويحكم بما يراه مع تسبيب ذلك.

المسائل:
الأولى: إذا حكم بالدية فهل يكون الحكم على المتسبب أو على العاقلة؟
للقضاة أربعة آراء هي:
الرأي الأول: يحكم بالدية على المتسبب (المدعى عليه), وإذا تقدم المدعى عليه بدعوى ضد عاقلته فتسمع دعواه ويحكم له بذلك, وهذا رأي أكثر القضاة وعليه العمل عندي.
الرأي الثاني: يحكم بالدية على العاقلة.
الرأي الثالث: يحكم بالدية على المتسبب ويفهم بالرجوع على عاقلته.
الرأي الرابع: يحكم بالدية على المتسبب ويوجبها على العاقلة. 
ويرد على الرأي الثاني والثالث والرابع: أن المدعى عليه يقر بالإدانة كاملة أو ناقصة، فيصدر الحكم بالدية على العاقلة أو يفهم بالرجوع على العاقلة مع أنه من المقرر شرعاً أن العاقلة لا تحمل الاعتراف([1]).
الثانية: هل يحكم بالدية حالة أو مؤجلة؟ ثلاثة أقوال للعلماء هي:
القول الأول: إذا حكم بالدية على العاقلة فتؤجل ثلاث سنوات وهذا مذهب الجمهور.

القول الثاني: أنه يحكم بالدية حالة دون تأجيل وهذا اختيار ابن المنذر وابن حزم([2]).
 القول الثالث: أن التأجيل من سلطة الإمام حسب المصلحة([3])؛ إذ لا يوجد دليل على تأجيل دفع الدية على العاقلة إلى ثلاث سنوات، وإنما فعله عمر بن الخطاب  ([4]). وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([5])، وعليه العمل عندي.
الثالثة: إذا حكم بتأجيل الدية فتحسب المدة من تاريخ الجناية لا من تاريخ الحكم، وأما الإصابات والجناية على الأطراف فمن تاريخ البرء([6]).
الرابعة: إذا لم يكن هناك عاقلة فعلى من تقام الدعوى؟ قولان للعلماء هما:
القول الأول: تقام على بيت المال، وهذا مذهب الجمهور وعليه العمل.
القول الثاني: تقام على الجاني ويحكم عليه بالدية وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([7]).
الخامسة: إذا توجهت دعوى الدية على بيت المال فلابد من موافقة المقام السامي على سماع الدعوى، ويمثل بيت المال مندوب من وزارة المالية، وإذا صدر الحكم بالدية فلابد من رفعه إلى محكمة التمييز.
السادسة: الأصل أن من وقعت عليه الجناية وكان حياً فهو الذي يقيم الدعوى إن كان أهلاً لذلك, وإن كان فاقد الأهلية أو ناقصها فيدعي عنه وليه، وإن لم يكن له ولي أو رفض الأولياء الحضور فيولي القاضي أحد موظفي المحكمة أو غيرهم ليتولى المدافعة والمرافعة عنه سواءً كان مدعياً أو مدعى عليه.
السابعة: إذا قرر الولي الطبيعي (الأب) أنه متنازل عن دية عضو أو منفعة أو حكومة لابنه القاصر فلا مانع من ذلك بشرط أن يتكفل الأب بدفع دية أو أرش الجناية للابن عند مطالبته حال بلوغه([8]).
الثامنة: يتم تقدير دية الأعضاء والمنافع إذا لم تذهب كاملة حسب نسبة العجز بسبب الإصابة, وهو رأي الشيخ عبد القادر عودة([9]) وعليه العمل.
التاسعة: إذا كانت الجناية خطأً في الأعضاء والمنافع والأروش المقدرة شرعاً فيحكم بها.
العاشرة: إذا مات المتسبب في الحادث ويوجد تلفيات في الأموال (كوجود تلفيات في السيارة)، فإن كان له تركة فتقام الدعوى في ضمان تلفيات الأموال على من بيده التركة ويصدر الحكم في تركة الميت, وإن لم يكن له تركه فتقام في مواجهة بعض الورثة ويصدر الحكم بثبوت المبلغ في ذمة المتسبب المتوفى، ومتى علم أن للمتوفى مالاً فيطالب من بيده المال بالتنفيذ منه, وعليه فالعاقلة لا تتحمل تلفيات الأموال؛ لأن الأصل أن الضمان في مال الجاني وإنما تتحمل العاقلة الدية فقط.

الفوائد:
الأولى: هل تدون قضايا الديات والأروش في ضبط القضايا الجنائية أو القضايا الحقوقية؟
يوجد للقضاة منهجان:
المنهج الأول: تدون في ضبط القضايا الجنائية، وذلك نظراً لكون سببها الجناية على النفس وما دونها، وهذا رأي بعض القضاة وعليه جرى العمل لديَّ ولدى محكمتي التمييز فيتم تدقيق قضايا الديات لدى الدوائر الجزائية.
المنهج الثاني: تدون في ضبط القضايا الحقوقية، وذلك نظراً لموضوعها وهو الحق المالي، فهي في حقيقتها المطالبة بالدية أو الأرش، وهذا رأي غالب القضاة.
والفرق بين المنهجين: يوجد ثلاثة فروق هي:
الأول: بناء على المنهج الأول يقدم التماس إعادة النظر للقاضي حسب نظام الإجراءات الجزائية، وأما المنهج الثاني فيقدم التماس إعادة النظر لمحكمة التمييز حسب نظام المرافعات الشرعية.
الثاني: بناء على المنهج الأول إن كانت المطالبة بالدية والأروش فتضبط في الضبط الجنائي، وإن كانت المطالبة بتلفيات سيارة أو نحوها فتضبط في الضبط الحقوقي، وأما بناء على المنهج الثاني فتضبط جميعها في الضبط الحقوقي.
الثالث: بناء على المنهج الأول يتم إدخالها في الإحصاء في خلاصة الأعمال ضمن القضايا الجنائية، وأما على المنهج الثاني فتدخل ضمن القضايا الحقوقية.
     ولا يوجد مرجح في ذلك، لكن في نظري أن المنهج الأول أقرب إلى منهج الفقهاء؛ لأنهم ذكروا الديات في كتاب الجنايات، ولم يذكروها في كتاب المعاملات,كما أن الاختصاص في قضايا الديات والأروش جاء مبيناً في نظام الإجراءات الجزائية.
الثانية: إذا لم يحضر الورثة ولا وكيل شرعي عنهم فيرسل القاضي خطاباً للإمارة يحدد فيه موعداً للنظر في القضية، ويطلب فيه حضور الورثة أو وكيل شرعي معه وكالة وصك حصر ورثة وولاية على القصار إن وجدوا مصدقاً من الجهات الرسمية، ثم تقوم الإمارة بمخاطبة وزارة الخارجية، ثم تقوم وزارة الخارجية بمخاطبة سفارة بلد الورثة في ذلك ويراعي القاضي المدة الكافية في ذلك (ثلاثة أشهر فأكثر).
الثالثة: إذا كانت الصكوك بلغة غير عربية فتترجم من قبل مترجم المحكمة, فإن لم يكن فيها مترجم فتترجم من مكتب ترجمة معتمد, وتصادق الغرفة التجارية على كون المكتب معتمداً عليه في الترجمة.
الرابعة: يقوم القاضي بمراجعة صك حصر الورثة والتأكد من كونه مطابقاً للشريعة الإسلامية إذا كان صادراً من الدول غير الإسلامية.
الخامسة: يوجد للقضاة ثلاثة مناهج في ذكر صكوك حصر الورثة والولاية والوكالات, هي:
المنهج الأول: يتم ذكرها في أول الضبط بعد ذكر المدعي.
المنهج الثاني: يتم ذكرها بعد دعوى المدعي.
المنهج الثالث: يتم ذكرها بعد إجابة المدعى عليه.
وكل المناهج صحيحة.
السادسة: لابد من دراسة أسباب الإدانة في الحادث، ويعتبر تقرير رجال المرور تقرير خبرة، وتقارير الخبرة استشارية غير ملزمة للقاضي؛ لأن غالب أسباب تركيز الإدانة لدى رجال المرور هي:
                      ‌أ-        مباشرة الصدم.
                   ‌ب-     عدم تلافي الحادث.
                   ‌ج-      عدم أخذ الحيطة والحذر.
وهذه الأسباب لوحدها غير مقنعة.
السابعة: إذا كانت نسبة الإدانة غير كاملة, وطلب المدعي الدية كاملة وأقر المدعى عليه بالمسؤولية حسب النسبة محتجاً بتقرير رجال المرور, واقتنع القاضي بالنسبة وأسبابها فللقضاة في ذلك منهجان هما:
المنهج الأول: إحضار من قام بالتحقيق وسؤالهم عن النسبة واستشهادهم عليها, ثم تزكيتهم؛ لأن الأصل في الضمان أن يكون كاملاً، فإذا أراد القاضي الحكم بخلاف ذلك فلابد من بينة تشهد بصحة نسبة الإدانة، وعليه العمل عندي.
المنهج الثاني: الاكتفاء بالتقرير المرفق بالمعاملة دون حضور رجال المرور والحكم بموجبه، لكونه تقريراً صادراً عن خبير كقرار هيئة النظر والمساح والمهندس والمحاسب، فلا يلزم حضورهم.
        الثامنة: موقف القضاة من تقرير المرور: يوجد للقضاة ثلاثة آراء:
الرأي الأول: دراسة الأسباب التي ذكرها التقرير فإن كانت مقنعة يتم الأخذ بها، وإن كانت غير مقنعة أو لم تتضح نسبة الخطأ أو تردد الأمر بين كامل الإدانة أو تجزئتها فنرجع إلى الأصل وهو الضمان كاملاً, ويحكم بكامل الدية؛ لأن الأصل وجوب الضمان كاملاً، وهذا رأي جمهور القضاة وعليه العمل عندي.
الرأي الثاني: أن نسبة الإدانة في حوادث السيارات إما كاملة مائة بالمائة أو مشتركة بالمناصفة خمسين بالمائة؛ لأن نسبة الإدانة التي بينهما أو أقل من خمسين بالمائة ليس لها أصل في الشريعة.
     ولكن هذا الرأي يرده حديث الزبية، وهو ما رواه حنش بن المعتمر قال: حُفِرت زبية باليمن للأسد ووقع فيها الأسد، فأصبح الناس يتدافعون على رأس البئر فوقع فيها رجل ، فتعلق بآخر فتعلق الآخر بالآخر، فهوى فيها أربعة فهلكوا فيها جميعاً، فلم يدر الناس كيف يصنعون، فجاء علي رضي الله عنه فقال: إن شئتم قضيت بينكم بقضاءٍ يكون جائزاً بينكم حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإني أجعل الدية على من حضر رأس البئر، فجعل للأول الذي هو في البئر ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية وللرابع كاملة، قال: فتراضوا على ذلك، حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بقضاء علي فأجاز القضاء) فهذا يدل على تجزئة الدية([10]).
الرأي الثالث: أن المسألة لا تخضع إلى النسبة وإنما تخضع إلى قاعدة: (اجتماع المباشر والمتسبب), فالأصل في الدية كونها على المباشر (الصادم), فلو خالف المصدوم إشارة المرور أو خط السير فالإدانة كاملة على الصادم, ولو كان إنسان يسير بسيارته في خط سيره وقطع آخر الإشارة بسيارته فصدمه الأول فيدان الأول بكامل النسبة لكونه المباشر، ولا يلتفت إلى قطع الثاني الإشارة، ويحتج أصحاب هذا الرأي بقاعدة : (إذا اجتمع المباشر والمتسبب فالضمان على المباشر)([11]).
وهذا الرأي تردّه قاعدة السياسة الشرعية المبنية على جلب المصلحة للأمة، ويتفق مع أحكام الشريعة وأصولها العامة فيما لم يرد به نص خاص([12]), ومن ذلك : أنظمة المرور، فهي وضعت لجلب مصالح الناس في تنظيم السير ووسائل النقل فيجب الأخذ بها وعدم إهدارها.
التاسعة: إذا كانت نسبة الخطأ أقل من 100% وقال الوارث أطلب الدية كاملة وأجاب المدعى عليه بأنه لا مانع لديه من دفعها، فلا يلزم القاضي أن يبين للمدعى عليه أن النسبة التي تلزمه من الدية أقل من100%؛ لأنه رضي بدفعها كاملة.
العاشرة: إذا حُكم بأقل من كامل الدية وكان في الورثة قصارٌ فيلزم رفع المعاملة لمحكمة التمييز.
الحادية عشرة: لو مات طرفا الحادث والخطأ على أحدهما فعلى من تقام الدعوى؟
     تقام الدعوى من ورثة المجني عليه على عاقلة الجاني بمواجهة بعضهم، ويحكم على العاقلة، ولا يلزم حضور كامل العاقلة بل يكتفي بحضور بعضهم, وحينما يصدر الحكم يكلف من حضر منهم بجمعها من العاقلة حسب يسارهم، وتعطى لورثة الميت المجني عليه.

الثانية عشرة: من توابع الحكم في قتل الخطأ الإشارة إلى الكفَّارة (وهي: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين)، وتتعدد الكفارات بتعدد الجناة كما تتعدد بتعدد المجني عليهم, ولا تتجزأ الكفارة حسب نسبة الخطأ بل تجب كاملة ولو كانت نسبة الخطأ أقل من 100%([13]).
الثالثة عشرة: يكتب القاضي للمستشفى لإصدار تقرير طبي نهائي عن حالة المجني عليه يوضح فيه ما يلي:
            ‌أ-        نوع الجناية.
         ‌ب-     هل شفي المجني عليه من الجناية أو لا؟
         ‌ج-      هل سرت الجناية إلى غيرها من الأعضاء فأفسدته أو أثرت عليه؟
           ‌د-       إذا كان الحادث قد تسبب في ذهاب منفعة من منافع البدن أو ما يمكن عوده كالسن فيبين ما يلي:
1. هل يمكن عود هذه الأشياء أو لا؟
2. إذا كان يرجى عودها فتحدد المدة التي يمكن عودتها فيه.
3. إذا كان يرجى عودها لكن لا يعلم الوقت فيبين ذلك.
4. بيان نسبة الذاهب من المنفعة.
           ‌ه-        إذا تسببت الجناية في شلل أحد الأعضاء فيبين ما يلي:
1.هل يرجى الشفاء أولا؟
2. إذا كان يرجى الشفاء فتحدد المدة إذا عُلمت.
3. إذا كان يرجى الشفاء ولكن لا تعلم المدة فيبين ذلك.
4.بيان الأعضاء التي شُلَّت بالتفصيل.
           ‌و-       إذا كانت الجناية في الشجاج غير المقدرة شرعاً فيبين نسبة العجز لكامل الجسم.
الرابعة عشرة: أنواع التقارير الطبية: 
•       التقرير الطبي الأولي: فهو شكلي ولا يعتمد عليه لوحده.
•       التقرير الطبي النهائي: وهو المبني على دراسة من ذوي الاختصاص الطبي. ويصدر التقرير النهائي من:
       1/ طبيبين. 2/ مسلمين. 3/ عدلين. 4/ حاذقين بالطب.
•       التقرير الطبي الشرعي: وهو الصادر من الطبيب الشرعي المختص في قضايا القتل والوفاة يبين فيه سبب الوفاة هل هو جنائي أو عرضي ؟



________________________________________
([1]) ينظر: كشاف القناع (6/62)، شرح منتهى الإيرادات (3/326)، نيل الأوطار (7/ 247).
([2]) ينظر: الإشراف لابن المنذر (2/198), المحلى لابن حزم (11/46).
([3]) ينظر: الفروع (6/44-45)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (19/256-257)، الاختيارات الفقهية (294).
([4]) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (17858)، والبيهقي (8/109)، وينظر: الاستذكار (8/42)، نصب الراية (4/334).
([5]) ينظر: الاختيارات ضمن الفتاوى الكبرى (4/174-175).
([6]) ينظر: الأم (6/112)، كشاف القناع ( 6/64).
([7]) ينظر: الاختيارات الفقهية (4/174).
([8]) قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة رقم (76) في 10/6/1398هـ.
([9]) ينظر: التشريع الجنائي (3/312-313).
([10]) ينظر: القواعد لابن رجب (331) القاعدة (128), اجتماع المباشرة والتسبب، وما روي عن علي رضي الله عنه أن ستة تغاطوا في الفرات فشهد رجلان على ثلاثة وثلاثة على اثنين، فقضى بخُمسي الدية على الثلاثة، وبثلاثة أخماس الدية على الاثنين. ينظر: الفروع (6/10)، الإنصاف (10/48).
([11]) ينظر: القواعد لابن رجب (233).
([12]) ينظر: المدخل إلى السياسة الشرعية لعبد العال عطوة (57).
([13]) ذكر صاحب الفروع عن الوزير القول بتجزئة الكفارة كالدية خلافًا لجماهير أهل العلم، ينظر: الفروع (6/47).


حد زنا المحصن

الإجراءات: 
1/ تنظر هذه الدعوى من ثلاثة قضاة.
2/ ترصد دعوى المدعي العام كاملة([1]).
3/ ثم يرصد جواب المدعى عليه، و لا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى: أن يكون جوابه إقراراً فحينئذٍ يكرر اعترافه أربع مرات، ويكون اعترافاً صريحاً بالفعل وكيفيته وزمانه.
الحالة الثانية: أن يكون جوابه إنكاراً لدعوى المدعي العام، فيدون القاضي جوابه، ثم يطلب البينة من المدعي العام، (ولم يثبت الزنا بالشهادة في تاريخ الإسلام وإنما ثبت بالإقرار)، وغالب بينة المدعي العام هي أوراق المعاملة.
4/ يرجع القاضي إلى أوراق المعاملة وفيها بينة المدعي العام وهي :
                      ‌أ-        الاعتراف المصدق الذي رجع عنه المدعى عليه.
                   ‌ب-     التقرير الطبي الذي تضمن حدوث الواقعة وذلك: كفض البكارة أو حدوث الجماع.
                   ‌ج-      التقرير الكيميائي المتضمن إيجابية ملابس الطرفين أو أحدهما للحيوانات المنوية.
                     ‌د-       التقرير الجنائي المتضمن وجود آثار عنف أو مقاومة أو بصمات تدل على ذلك.
                     ‌ه-        التقرير الطبي المتضمن حدوث حمل أو إسقاط أو ولادة.
       ‌و-   تقرير البصمة الوراثية (DNA) الذي يثبت تطابق الحيوانات المنوية أو الدم الذي وجد في مكان الحادث أو على جسم المجني عليها أو ملابسها مع دم المدعى عليه.
ويتم تدوين ذلك في ضبط القضية.
5/ يذكر القضاة أنه لم يثبت حد الزنا المحصن على المدعى عليه، ثم يتم الحكم عليه بالتعزير بالسجن والجلد.
6/ التسبيب و الحكم:
أ- حال الإقرار: يكون التسبيب كما يأتي: (...فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، ونظراً لكون المدعى عليه مكلفاً عاقلاً بالغاً، ولأهلية المدعى عليه، ونظراً لاعتراف المدعى عليه ... بطوعه واختياره بالزنا , وقد كرر ذلك أربع مرات ، ولتوفر شروط إقامة حد الزنا المحصن، ولحديث ابن عباس  المتفق عليه: "قال عمر بن الخطاب  وهو جالس على منبر رسول الله  : إن الله قد بعث محمداً   بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله  ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله"([2])، لذا فقد حكمنا على فلان بإقامة حد الزاني المحصن وذلك برجمه بالحجارة حتى الموت وبعرض ذلك على الطرفين قرر...).
ب- حال الإنكار: يكون التسبيب كما يأتي: (... فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناء على اعتراف المدعى عليه المصدق شرعاً الذي رجع عنه، [أو المدون في ملف التحقيق]، وبناء على أوراق المعاملة، ونظراً لعدم توفر شروط إقامة حد الزنا المحصن على المدعى عليه، فلم يظهر لنا ما يوجب إقامة حد الزنا المحصن على المدعى عليه، [أو درأنا حد الزنا المحصن عن المدعى عليه] و حكمنا بتعزير المدعى عليه بالسجن مدة ... اعتباراً من تاريخ دخوله السجن وجلده ... جلدة مفرقة على دفعات، كل دفعة ...جلدة بين كل دفعة وأخرى مدة لا تقل عن ...  وبعرض ذلك على الطرفين...).
7/ تعرض القناعة على المدعي العام والمدعى عليه، فإن قنعا اكتسب الحكم القطعية، إلا إذا كان الحكم بالرجم، فلابد من عرضه على محكمة التمييز ومجلس القضاء الأعلى([3]).
المسائل:
الأولى: هل يعرض القاضي على المعترف الرجوع عن اعترافه؟ 
ج/ إذا كان المعترف سلَّم نفسه للسلطة بطوعه واختياره وجاء تائباً، فللقاضي أن يُعرِّض له بالرجوع، كما فعل النبي  في قصة ماعز([4])والغامدية([5])، أما إذا كانت السلطات هي التي قبضت على المعترف بعد أن بذلت جهداً ووقتاً في ذلك فلا يعرَّض له بالرجوع.
الثانية: هل ينص في الحكم برجم الزاني على عدم الرجوع أو لا؟
لا يقيد الحكم برجم الزاني بعدم الرجوع عن الإقرار([6]).

الفوائد:
الأولى: يصدق اعتراف الزاني أو الزانية من قبل ثلاثة قضاة إن كان محصناً، و إلا فمن قاض واحد.
الثانية: لا يطلب من المعترف تكرار الاعتراف أربع مرات عند تصديقه، وإنما يطلب ذلك عند الحكم عليه.

________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م/ 148).
([2]) أخرجه البخاري الحديث رقم (6442), ومسلم الحديث رقم (1691).
([3]) نظام الإجراءات الجزائية (م/ 11 ، 195).
([4]) أخرجه البخاري (6438), ومسلم (1695).
([5]) أخرجه مسلم (1695).
([6]) التعميم ذي الرقم (13/ت/855) في 10/10/1416هـ. ينظر: التصنيف الموضوعي (2/170).




حد زنا البكر
الإجراءات: 
إجراءات حد زنا البكر كإجراءات حد الزنا المحصن.
المسائل:
الأولى: حد الزاني البكر هو جلد مائة جلدة دفعة واحدة وتغريب سنة.
الثانية: إذا ادعت البكر على شخص بأنه هتك عرضها وأزال بكارتها فلها حالتان:
أ/ إن كان برضاها فلا شيء لها.
ب/ وإن كان بغير رضاها وثبت ذلك فلها مهر مثلها ويدخل فيه أرش البكارة, وهو اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-.
أما إذا كان إزالة البكارة بجناية فلها الأرش فقط([1]).
الثالثة: إقرار المدعى عليه بالزنا قاصر عليه لا يتعدى للطرف الثاني فلا يشترط ذكره.
الفوائد:
الأولى: اختصاص النظر في زنا البكر لدى المحكمة الجزئية([2]).
الثانية: تنظر هذه القضايا من قاضٍ فرد.
الثالثة: يترك القاضي تحديد التغريب ومكانه للجهات التنفيذية([3]).
     والعمل جارٍ على تغريب الزاني البكر مسافة قصر، وينفذ ذلك عن طريق الشرطة، بأن يُلزم المحكوم عليه بالتوقيع يومياً لدى شرطة البلد المغرَّب إليها، ولا ينص على البلد المغرب إليها في الحكم، ويسقط التغريب عن المرأة إن لم يتيسر معها محرم ويصار في ذلك إلى السجن إذا رآه القاضي([4]).
________________________________________
([1]) ينظر: المغني (12/171)، مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (10/209-210) واختار الشيخ محمد بن عثيمين أنه سواء زنا بالبكر طوعاً أو كرهاً فإنه لا يحكم لها بمهر المثل، ولكن إذا كانت مطاوعة فلا يجب لها شيء ، وإن كانت مكرهة فيجب لها الأرش لا مهر المثل، ينظر: (الشرح الممتع 12/313).
([2]) نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي (م/84,82), نظام الإجراءات الجزائية (م/ 128), التصنيف الموضوعي (3/443-451).
([3]) التعميم رقم (13/ت/1088) في 19/7/1418هـ التصنيف الموضوعي (2/170).
([4]) ينظر: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (12/25).


الزنا بذوات المحارم
الإجراءات:
     إجراءات دعوى الزنا بذوات المحارم كإجراءات دعوى الزنا بغيرها.
مسألة: اختلف العلماء في حكم الزنا بذوات المحرم على قولين:
القول الأول: يقتل بكل حال، سواءً كان محصناً أو غير محصن, وهو قول سعيد بن المسيب ورواية في المذهب واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم([1])، لحديث ابن عباس : (من وقع على ذات محرم فاقتلوه)([2])، وعليه العمل.
القول الثاني: أن الزنا بذات المحرم كالزنا بغيرها يفرق فيه بين المحصن وغيره, وهو مذهب الجمهور([3]).



________________________________________
([1]) ينظر: المحلى (11/256), , مجموع الفتاوى (34/177), زاد المعاد (5/40)، الإنصاف (10/177), نيل الأوطار (7/285).
([2]) رواه بن ماجه 2/856 الحديث رقم 2564، والترمذي 4/62 الحديث رقم 1462 وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وضعفه الألباني في الإرواء 8/22، ورواه أحمد في المسند 1/300، وعلق عليه شعيب الأرناؤوط بقوله: إسناده ضعيف وقوله "ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه" جاء من حديث البراء بن عازب  بسند حسن عند أحمد 4/295 وأبي داود 4457: (مر بي خالي أبو بردة ومعه راية فقلت أين تذهب يا خالي؟ قال: بعثني رسول الله  إلى رجل تزوج امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وأخمس ماله).
([3]) ينظر: الإنصاف (10/177)، الجواب الكافي (1/123).




حد اللواط
الإجراءات:
     إجراءات دعوى حد اللواط كإجراءات دعوى حد الزنا.
مسألة: اختلف العلماء في حد اللوطي على ثلاثة أقوال هي:
القول الأول: يقتل بكل حال، واختلفوا في كيفية القتل, وهذا مذهب المالكية وقول عند الشافعية ورواية عند الحنابلة وقد اختاره ابن عبد البر وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية, واستدلوا بما يلي:
أ/ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"([1]).
ب/ إجماع الصحابة على قتله([2]). 
القول الثاني:كحد الزنا يفرق فيه بين المحصن وغيره , وهو مذهب الجمهور.
وعللوا ذلك: بأن اللواط زنا؛ لكونه إيلاجاً في فرج محرم. 
القول الثالث: أنه لا حدّ فيه وعليه التعزير, وهو قول أبي حنيفة([3]).
الفوائد:
الأولى: يختلف اختصاص النظر في قضايا اللواط بحسب الاختلاف في الحد:
فعلى القول الأول: يكون نظرها مشتركاً من اختصاص المحاكم العامة.
وعلى القول الثاني: يكون نظرها مشتركاً من اختصاص المحاكم العامة إذا كان محصناً, وأما إذا كان غير محصن فيكون نظرها من قاضٍ فرد في المحكمة الجزئية.
وعلى القول الثالث: يكون نظرها من قاضٍ فرد في المحكمة الجزئية.
الثانية: الغالب في القضايا المعروضة حصول المفاخذة دون تغييب الحشفة، فيعزر حينئذٍ ولا يحد, والقاعدة عند أهل العلم: "أن الأحكام تتعلق بتغييب الحشفة أو قدرها من مقطوعها"([4]).
________________________________________
([1]) أخرجه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5/366-367), وقال ابن حجر : (رواه الترمذي ورجاله ثقات إلا أنه اختلف في وقفه ورفعه) ينظر: بلوغ المرام (207).
([2]) ينظر: الاستذكار (7/493), المغني (12/348), الحدود والتعزيرات عند ابن القيم (173), موسوعة الإجماع لابن تيمية للبوصي (566).
([3]) ينظر: شرح فتح القدير (5/262), المغني (12/348), الإقناع للحجاوي (4/220), الحدود والتعزيرات عند ابن القيم (184).
([4]) ينظر: الأشباه والنظائر لابن الوكيل (2/168)، المنثور (2/46)، الأشباه والنظائر لابن الملقن (1/279)، الأشباه والنظائر للسيوطي (1/270), فتاوى رسائل محمد ابن إبراهيم (12/30-35).


حد الحرابة
الإجراءات:
1/ تسمع دعوى المدعي العام وتدون في الضبط كاملة.
2/ تعرض دعوى المدعي العام على المدعى عليه،ولا يخلو جواب المدعى عليه من حالتين :
الحالة الأولى: أن يقر المدعى عليه بالدعوى فينظر إلى انطباق ضابط الحرابة على الواقعة, فإذا انطبق فيحكم بثبوت حد الحرابة في حق المدعى عليه، وتقترح العقوبة المناسبة من العقوبات الواردة في الآية، وهي قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْض)، وهي:
                                      ‌أ-        القتل مع الصلب.
                                   ‌ب-     القتل.
                                    ‌ج-      قطع اليد والرجل من خلاف.
                                     ‌د-       النفي من الأرض.
وإذا لم ينطبق على الواقعة وصف الحرابة فيحكم على المدعى عليه بالتعزير، بعد تدوين مضمون المعاملة (الاعتراف، التقرير الجنائي، التقرير الطبي، القرائن).
الحالة الثانية: أن ينكر المدعى عليه، فيطلب من المدعي العام البينة على دعواه، فتدون البينة وهي غالباً:
                                      ‌أ-        الإقرار المصدق شرعاً.
            ‌ب-  الأدلة الجنائية (البصمات، تمثيل الحادث أثناء التحقيق، تعرّف المجني عليه على الجاني، انطباق أوصاف الجاني التي ذكرها المجني عليه، محضر القبض، الأدوات المستخدمة في الجريمة, البصمة الوراثية... إلخ).
                                    ‌ج-      التقرير الجنائي.
                                     ‌د-       الشهود (إذا وجدوا).
                                      ‌ه-        التقرير الطبي (في حالة الاعتداء على البدن أو العرض).
                                     ‌و-       التقرير الطبي الشرعي في حالات القتل لكونه هو الذي يحدد سبب الموت.
     فإن كانت البينة موصلة فيحكم بثبوت الحد و يقترح العقوبة المناسبة (كما سبق)، وإذا لم تكن البينة موصلة فيصرف النظر عن طلب إثبات الحرابة ويحكم بالتعزير([1]). 
3/ التسبيب والحكم:
في حال الإقرار: (... فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، ونظراً لكون المدعى عليه مكلفاً عاقلاً بالغاً، ونظراً لاعتراف المدعى عليه ...... بطوعه واختياره، وبناءً على أوراق المعاملة، ونظراً لتوفر شروط إقامة حد الحرابة، لذا فقد ثبت لدينا أن ما قام به المدعى عليه من باب الحرابة, وبذلك حكمنا، ونقترح قتله بضرب عنقه بالسيف حتى الموت مع صلبه بعد الموت مدة من الزمن، أو قتله بضرب عنقه بالسيف حتى الموت، أو قطع يده اليمنى من الكوع (مفصل الكف) مع قطع رجله اليسرى من الكوع، أو نفيه وذلك بسجنه مدة حتى يتوب...).
وفي حال الإنكار: (... فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناء على اعتراف المدعى عليه المصدق شرعاً الذي رجع عنه، المدون في ملف التحقيق (ويذكر القرائن المعضدة للتهمة)، وبناء على أوراق المعاملة، ونظراً لعدم توفر شروط إقامة حد الحرابة على المدعى عليه، فلم يظهر لنا ما يوجب إقامة حد الحرابة على المدعى عليه، وحكمنا بتعزير المدعى عليه بالسجن مدة ... اعتباراً من تاريخ دخوله السجن، وجلده ... جلدة مفرقة على دفعات، كل دفعة ... جلدة، بين كل دفعة وأخرى مدة لا تقل عن... وبعرض ذلك على الطرفين ...).
المسائل: 
الأولى: من صور الحرابة: 
                                      ‌أ-        قطع الطريق.
                                   ‌ب-     السطو المسلح ولو داخل المدن على الراجح.
                                    ‌ج-      الخطف لغرض أخذ المال وهو متفق عليه.
                                     ‌د-       الخطف من أجل العِرض عند بعضهم، وهو اختيار ابن العربي المالكي وشيخ الإسلام ابن تيمية.
             ‌ه-   قتل الغيلة (عند المالكية ورواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن إبراهيم).
الثانية: جرائم البغي (الجرائم السياسية) لا تدخل في معنى الحرابة، وإن كان فيه استخدام للسلاح.
الثالثة: تهريب المخدرات وترويجها ليس من قبيل الحرابة, وإنما هو من باب التعزير.
الرابعة: ذكر الفقهاء في صفة نفي المحاربين أن يُطردوا فلا يتركون يأوون إلى بلد ، والعمل الجاري على سجنه حتى يزول أثر الجريمة وتظهر توبته.
الخامسة: قبول المجني عليه للتعرض له في ماله أو عرضه أو معاونته للجاني ينفي صفة الحرابة في الواقعة , مثل :لو اتصلت امرأة بشخص حتى ذهبت معه ثم ادعى أهلها أنه خطفها فمثل هذا العمل لا يوصَّف بأنه حرابة.
الفوائد:
الأولى: يصدق اعتراف المحاربين من ثلاثة قضاة لدى المحكمة العامة.
الثانية: في قضايا الحرابة يكون دور القضاة إثبات أن ما قام به المدعى عليه من باب الحرابة، ثم يقترحون العقوبة المناسبة من العقوبات المنصوص عليها في الآية, وذلك بناءً على التعميم رقم 122/12/ت في 11/10/1402هـ المبني على أمر المقام السامي رقم 1894/8 في 13/8/1402هـ([2]).
     والسبب: أن الموضوع تم بحثه من قبل هيئة كبار العلماء، ورأى أكثرهم أن (أو) في الآية  للتخيير, ثم اختلفوا هل التخيير الوارد في الآية للقاضي أو للإمام؟
     فذهب أكثرهم إلى أن التخيير للقاضي. 
     وذهب المشايخ عبد الرزاق عفيفي و عبد الله الغديان وصالح اللحيدان إلى أن التخيير لولي الأمر.
     وقد صدرت الموافقة السامية على الرأي الثاني، وعليه جرى العمل بأن يثبت القضاة أن الواقعة من باب الحرابة, ويقترحون العقوبة المناسبة من العقوبات المنصوص عليها في الآية، وبعد أن يكتسب الحكم القطعية يوافق المقام السامي على العقوبة المقترحة، وهذا هو الأعم الأغلب, أو يعدل الاقتراح إلى إحدى العقوبات المنصوصة في الآية.


________________________________________
([1]) التصنيف الموضوعي 2/179، التعميم ذو الرقم 12/90/ت في 24/5/1404هـ.
([2]) التصنيف الموضوعي (2/177).


حد الردة
الإجراءات:
     إجراءاتها كإجراءات القضايا السابقة.
المسائل: 
الأولى: الردة تكون بخمسة أشياء هي: 
1.   الاعتقاد: كاعتقاد الحلولية ووجود خالق غير الله ونحوها.
2.   القول: كسب الله تعالى أو رسوله  أو الدين, أو الاستهزاء بشيء من شرائع الإسلام.
3.   الفعل: كالسجود لغير الله, ونحوها.
4.   الجحود: كجحود فرائض الإسلام أو أحدها.
5.   الشك: كالتشكيك في قطعيات الإسلام وما علم من الدين بالضرورة([1]). 
الثانية: حد المرتد هو القتل؛ لحديث ابن عباس  أن النبي  قال: (من بدل دينه فاقتلوه)([2]).
الثالثة: اختلف الفقهاء في قتل المرتدة على قولين هما:
القول الأول: أنها تقتل كالمرتد, وهذا مذهب الجمهور؛ لعموم الأدلة.
القول الثاني: أنها لا تقتل, وهذا مذهب الحنفية؛ لأن النبي  نهى عن قتل النساء, وهو نهي مطلق يعم الكافرة كفراً أصلياً أو عارضاً([3]).



________________________________________
([1]) ينظر: المغني (12/264), المقنع والشرح الكبير والإنصاف (27/107), حاشية الروض المربع (7/399).
([2]) أخرجه البخاري الحديث رقم (6524), والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
([3]) ينظر: تحفة الفقهاء وشرحه بدائع الصنائع (7/135), شرح فتح القدير (4/386), المقنع والشرح الكبير والإنصاف (27/116), فتح الباري (12/268), أثر الشبهات في درء الحدود لسعيد الوادعي (520).
حد السرقة (الحق العام)
الإجراءات:
     الإجراءات في حد السرقة كالإجراءات في بقية الحدود.
المسائل:
الأولى: الضابط في الحرز هو الرجوع إلى العرف بناء على قاعدة: "إذا علّق الشارع الحكم بشيء ولم يبينه فيرجع فيه إلى العرف"([1]).
     ومما ينبغي التنبه له أن ما ذكره الفقهاء في كتبهم من أمثلة للحرز قد يختلف كونها حزراً من عدمه في هذا الزمن لاختلاف العرف. 
     ومن الأمور المؤثرة في تحديد الحرز: الزمان والمكان وقوة السلطان ونوعية المال.
الثانية: أمثلة وتطبيقات معاصرة في الحرز:
1. إيقاف السيارة قرب البيت مع إقفالها يعد حرزاً, فإذا كانت السيارة في مكان مهجور أو بعيد لا يعد حرزاً لمثلها, ولو ادعى السارق أن السيارة لم تكن مقفلة ولم يكن للمدعي بينة فيدرأ حد السرقة للشبهة.
2. وضع الجوال في السيارة لا يعتبر حرزاً له, وأما سرقة الجوالات من سيارة المورِّد للجوالات إذا وضعها في شنطة السيارة حال قيامه بالتوزيع على المحلات وأقفل عليها فيعد حرزاً.
3. باعة الحطب حينما يضعون حطبهم في مباسطهم المكشوفة, وكذلك باعة الخضروات والفواكه تكون بضائعهم في المباسط ويغطونها بغطاء خفيف فيعد ذلك حرزاً لبضائعهم.
4.   تركيب المكيفات في المنازل يعد حرزاً في جميع الأدوار, ولا يشترط وضع شبك عليها.
الثالثة: ينص في الحكم بحد السرقة على مكان القطع الكوع وهو (مفصل الكف) وحسمها, ويجوز وضع البنج على اليد عند القطع, ويكون الحسم حينئذ طبياً.
الرابعة: صدر قرار من هيئة كبار العلماء بعدم جواز إعادة اليد المقطوعة له أو لغيره([2]).
الخامسة: الردء في السرقة وهو الذي يراقب للسارق, فهل يقطع أو لا؟ 
     اختلف الفقهاء فيه على أربعة أقوال هي:
القول الأول: أنه لا يقطع, وهو قول الجمهور, وعليه العمل. 
القول الثاني: أنه يقطع كالمباشر, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([3]).
القول الثالث: يقطع الردء بشرط أن يصيب كل واحد منهم نصاباً, وهذا مذهب الحنفية.
القول الرابع: يقطع الردء  إذا أخذوا جميعاً نصاباً واحداً, وهذا مذهب مالك([4]).


________________________________________
([1]) ينظر: مجموع الفتاوى (24/40)، الأشباه والنظائر للسيوطي (98)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (4/141).
([2]) التعميم رقم 13/ت/1395هـ في 11/5/1420هـ.
([3]) ينظر: مجموع الفتاوى (14/84-20/382 )، الإنصاف (10/295).
([4]) ينظر: كنز الدقائق مع تبيين الحقائق (3/214)، الفتاوى الهندية (2/171).



النشل
الإجراءات:
الإجراءات في قضايا النشل كالإجراءات في بقية الحدود.
مسألة: النشَّال عند الفقهاء هو: الطرار الذي يَبط الجيب -أي: يَشُقُّه- ويأخذ ما فيه. 
     فالجيب حرز لما فيه وقد قرر الفقهاء قطع يد الطرار([1]).
     أما إن أخذ ما في الجيب ولم يشقه فلا يقطع.
فائدة:
     إذا ثبت النشل ببينة أو اعتراف فتنظر القضية مشتركة من ثلاثة قضاة لدى المحكمة العامة([2]), أما إذا لم يثبت ببينة أولم يوجد اعتراف فهو من اختصاص المحكمة الجزئية([3]).



________________________________________
([1]) ينظر: المبسوط (9/161)، بدائع الصنائع (7/76)، المغني (12/436)، السياسة الشرعية (86)، الفروع (6/136)، كشاف القناع (6/130)، حاشية ابن قاسم على الروض (7/356).
([2]) التعميم رقم 13/ت/1136 في 16/12/1418هـ، التصنيف الموضوعي (2/565).
([3]) نظام الإجراءات الجزائية (م129)، والتعميم رقم 204/1/ق في 30/10/1396هـ، والتعميم رقم 8/29/ت في 3/3/1410هـ. التصنيف الموضوعي (2/166)، وقرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة برقم 148/47 في 20/4/1419هـ .




حد السحر
     تنظر قضايا السحر من قبل ثلاثة قضاة في المحاكم العامة.
الإجراءات: 
     إجراءات حد الساحر كإجراءات بقية الحدود.
المسائل: 
الأولى: حد الساحر القتل؛ لما يأتي:
1)   قول النبي صلى الله عليه وسلم: "حد الساحر ضربة بالسيف"([1]).
2) ثبت قتله عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وحفصة بنت عمر وعبد الله بن عمر وجندب بن عبد الله رضي الله عنهم([2]).
الثانية: لا يثبت السحر إلا بطريق واحد هو الإقرار، قال النووي: "قال أصحابنا: لا يتصور القتل بالسحر بالبينة وإنما يتصور باعتراف الساحر"([3]).
وقال السيوطي: " أن حد الساحر لا يثبت إلا بالإقرار "([4]).




________________________________________
([1]) أخرجه الحاكم برقم (8073) وصححه وقال: له شاهد صحيح على شرطهما, والبيهقي برقم (16277)، وقال: "إسماعيل بن مسلم ضعيف", والدارقطني برقم (112)، وعبد الرزاق في مصنفه برقم (18752).
([2]) ينظر: حاشية ابن عابدين (4/240), مجموع الفتاوى (29/384), تفسير ابن كثير (1/145).
([3]) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم (14/176).
([4]) الأشباه والنظائر (509).



المسكرات والمخدرات
الإجراءات: 
     إجراءات دعاوى المسكرات والمخدرات كإجراءات بقية الحدود.
المسائل:
الأولى: تهريب المخدرات هل يشترط فيه أن يكون بقصد الترويج فتكون الكمية كبيرة أو أن المراد مجرد التهريب ولو للاستعمال الشخصي؟
     نص قرار هيئة كبار العلماء رقم 138 في20/6/1407هـ على أن التهريب يقصد به الترويج([1]).
الثانية: هل يحلد شارب المسكر بمجرد استشمام رائحة الخمر منه أولا؟ 
نص قرار هيئة كبار العلماء رقم 53 في 4/4/1397هـ على أن محضر الاستشمام والتحليل بالإضافة إلى قرينة أخرى يقام به الحد([2]).
الثالثة: استعمال المخدرات (كحبوب الكبتاجون والسيكونال التي تحتوي على مادة الإمفيتامين) والمفترات (كالقات والسويكه والشمة) فيه التعزير لكونها غير مسكرة.
الرابعة: استعمال الحشيش والهروين يقام فيه حد المسكر, وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه لا فرق في إقامة حد المسكر بين كونها مشروبة أو جامدة كالحشيش ونحوه([3]).
الخامسة: من النوازل استعمال المواد الطيارة (كتشفيط الغراء والبنزين) إذا أسكر هل يقام عليه الحد أو لا؟
بعض أهل العلم: يرى عدم إقامة حد المسكر؛ لأنه ليس له جرم.
وبعض أهل العلم: يرى إقامة حد المسكر لتحقق العلة وهي الإسكار, وعليه جرى العمل عند القضاة.
الفوائد:
الأولى: الاختصاص:
1- تختص المحكمة الجزئية بنظر قضايا:
                            ‌أ-        استعمال المسكرات (الخمر، الكولونيا، العرق، تشفيط الغراء والبنزين ونحوها).
                         ‌ب-     حيازة المسكرات بقصد الترويج أو الاستعمال الشخصي.
                         ‌ج-      تهريب المسكرات.
                           ‌د-       تصنيع المسكرات وترويجها([4]).
                           ‌ه-        تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية.
                           ‌و-       حيازة المخدرات أو المؤثرات العقلية بقصد التعاطي. 
                           ‌ز-       حيازة المخدرات أو المؤثرات العقلية بقصد الترويج.
                         ‌ح-      ترويج المخدرات أو المؤثرات العقلية للمرة الأولى.
                         ‌ط-      تعاطي المفترات كالقات وحيازتها وترويجها للمرة الأولى.
                         ‌ي-      استعمال السويكة أو الشمة.
2- تختص المحكمة العامة بنظر تهريب المخدرات والمفترات وترويجها للمرة الثانية.
الثانية: عقوبة المخدرات حسب نظام مكافحة المخدرات الصادر في 8/7/ 1426هـ:
1.   عقوبة مهرب المخدرات أو المؤثرات العقلية القتل. 
2. عقوبة جلب أو استيراد أو تصدير أو صنع أو إنتاج أو تحويل أو استخراج أو زراعة المخدرات أو المؤثرات العقلية بقصد الترويج القتل.
3.   عقوبة المشاركة بالاتفاق في ارتكاب الأفعال المذكورة وتلقيها القتل.
4.   عقوبة ترويج المخدرات للمرة الثانية القتل([5]).
5.   عقوبة ترويج المخدرات للمرة الأولى القتل إذا سبق إدانته بالتهريب أو التلقي أو الجلب.
6. يجوز النزول عن عقوبة القتل إلى عقوبة السجن التي لا تقل عن خمس عشرة سنة وبالجلد الذي لا يزيد عن خمسين جلدة في كل دفعة، وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف ريال.
7. تزاد العقوبة إلى السجن مدة لا تقل عن خمس وعشرين سنة وبالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلدة في كل دفعة وبغرامة لا تقل عن مائة وخمسين ألف ريال إذا عاد الجاني إلى الجريمة مرة أخرى، أو كان مكلفاً بتنفيذ أحكام نظام مكافحة المخدرات أو شريكاً في عصابة منظمة أو استخدم السلاح في تنفيذ الجريمة.
8. عقوبة حيازة المخدرات بقصد الاتجار أو الترويج السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن خمس عشرة سنة، وبالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلدة في كل مرة، وبالغرامة من ألف إلى خمسين ألف ريال([6]).
9. عقوبة حيازة المخدرات لغير قصد الاتجار أو الترويج أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي السجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات، وبالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلدة في كل مرة، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على ثلاثين ألف ريال([7]). 
10.  عقوبة غسل الأموال الناتجة عن ارتكاب جرائم المخدرات السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلدة في كل مرة، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف ريال، وللمحكمة إيقاع عقوبة أشد إذا توفرت أسبابها([8]). 
11.  تعاقب الشركة أو المؤسسة أو المنشأة إذا أدين أحد منسوبيها بارتكاب غسل الأموال بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف ريال.
12.  عقوبة التهريب أو التلقي أو الترويج أو الحيازة بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين, وتشدد العقوبة إذا كان الجاني ممن أنيط بهم مكافحة المخدرات أو تعاطاها أثناء عمله([9]). 
13.     للمحكمة النزول عن الحد الأدنى من عقوبة السجن المشار إليها بأسباب معتبرة([10]).
الثالثة: تقوم المحاكم بإثبات الإدانة بالحيازة أو الترويج أو التهريب، وتصدر الحكم بالعقوبة وفق النظام المذكور, فيصاغ الحكم: (ثبت لدي إدانة المدعى عليه بتهريب  أو ترويج  أو حيازة ثم يقرر العقوبة).
الرابعة: يشتمل الضبط والقرار على اسم المادة المخدرة حسب ورودها في التقرير الكيميائي ووزنها وثبوت إيجابيتها للمواد المدرجة بجدول المواد الممنوعة.
الخامسة: من اعترف بتهريب مخدر أو ترويجه ولم يضبط معه شيء يجري تحليله، فلا يثبت إدانته بالتهريب أو الترويج؛ لاحتمال كونها غير مخدرة ويعزر على اعترافه؛ لأن القاعدة: "أن العبرة بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف"([11]).


________________________________________
([1]) التصنيف الموضوعي (3/506).
([2]) التصنيف الموضوعي (3/487).
([3]) ينظر: مجموع الفتاوى (34/204).
([4]) نظام الإجراءات الجزائية (م 128).
([5]) نظام مكافحة المخدرات (م 37).
([6]) نظام مكافحة المخدرات (م 38).
([7]) نظام مكافحة المخدرات (م 39).
([8]) نظام مكافحة المخدرات (م 40).
([9]) نظام مكافحة المخدرات (م 41).
([10]) نظام مكافحة المخدرات (م 60).
([11]) ينظر: غمز عيون البصائر (1/460)، مطالب أولي النهى (2/7).



غسل الأموال
الإجراءات:
     إجراءات غسل الأموال كسائر الإجراءات في القضايا الجنائية.
المسائل:
الأولى: غسل الأموال: هي إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها أو اكتسابها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها أو إخفائها أو تمويه طبيعتها أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها أو مكانها مع العلم بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي([1]).
الثانية: عقوبة غسل الأموال حسب نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 في 25/6/1424هـ:
1. السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين مع مصادرة الأموال والمتحصلات محل الجريمة([2]).
2. السجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة وغرامة مالية لا تزيد على سبعة ملايين ريال إذا اقترنت الجريمة بارتكاب الجاني ذلك من خلال عصابة منظمة، أو استخدم العنف أو الأسلحة، أو شغل وظيفةً عامة لها صلة بالجريمة، أو استغل سلطانه ونفوذه، أو غرر بالنساء أو القصر، أو ارتكب الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية، أو أدين في ذلك بحكم سابق([3]).
الفوائد:
الأولى: تختص المحكمة العامة بنظر قضايا غسل الأموال([4]).
الثانية: تنظر قضايا غسل الأموال من قاضٍ فرد([5]).

________________________________________
([1]) نظام مكافحة غسل الأموال (م 2).
([2]) نظام مكافحة غسل الأموال (م 16).
([3]) نظام مكافحة غسل الأموال (م 17).
([4]) نظام مكافحة غسل الأموال (م 26).
([5])خطاب رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم 1/3687 وتاريخ02/12/1427هـ، ووكيل الوزارة للشؤون القضائية رقم 18/39107/26 في 10/05/1426هـ















البغي والقضايا السياسية
الإجراءات:
     إجراءات قضايا البغي والقضايا السياسية كسائر الإجراءات في القضايا الجنائية.
الفوائد: 
الأولى: هذه القضايا من اختصاص المحكمة الجزئية تنظر من قاضٍ فرد, إلا إذا ورد أمر سامٍ بنظرها في المحكمة العامة فتنظر من ثلاثة قضاة([1]).
الثانية: قضايا الإرهاب ( أمن الدولة ) تختص بها المحكمة الجزائية الخاصة، وتنظر القضايا فيها من قاضٍ فرد إلا إذا طلب المدعي العام قتل المدعى عليه حداً أو تعزيراً.



________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م 128).







القذف والسب والشتم
الإجراءات:
1.   تقام الدعوى من المدعي الخاص ضد المدعى عليه ويطلب إقامة حد القذف أو التعزير لقاء سبه أو شتمه.
2.   يمكن أن يدخل المدعي العام مع المدعي الخاص. 
3.   يطلب جواب المدعى عليه ويكون له حالتان كسائر قضايا الحدود([1]).
4. فإذا ثبت حد القذف بالإقرار أو البينة فحينئذٍ يصدر الحكم على المدعى عليه بإقامة حد القذف والعقوبة التبعية وهي : ثبوت فسقه وعدم قبول شهادته.
5. صيغة الحكم: (... فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على اعتراف المدعى عليه بطوعه واختياره وهو بحاله المعتبرة شرعاً بقذف المدعي -أو بناءً على شهادة الشاهدين ......- ولقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)، فقد ثبت لدي أن المدعى عليه قد قذف المدعي بقوله ... لذا فقد حكمت على المدعى عليه ... بإقامة حد القذف وذلك بجلده ثمانين جلدة دفعة واحدة، وعليه فقد ثبت لدي فسق المدعى عليه ... وحكمت بعدم قبول شهادته حتى يتوب، وبعرض ذلك على المدعى عليه قرر ...).
المسائل: 
الأولى: إذا ثبت حد القذف فيفصل الموظف من وظيفته؛ لكونه حداً([2])، وإذا تنازل المقذوف فلا يفصل؛ لأنه حق للآدمي، فإذا تنازل سقطت الآثار المترتبة عليه.
الثانية: الغالب في قضايا السب والشتم أن لا يدعي فيها المدعي العام؛ لكثرتها وكفاية العقوبة في الحق الخاص عن الحق العام.
الثالثة: إذا سقط الحق الخاص بالتنازل يتم النظر في الحق العام([3]).

الفوائد:
الأولى: تختص المحكمة الجزئية بنظر حد القذف ودعاوى السب والشتم([4]).
الثانية: هذه القضايا فيها حقان عام وخاص, وهي على الراجح حق للآدمي([5])، ويقدم الحق الخاص على العام، ولا مانع من نظرهما معاً؛ لأن الحق العام لا يثبت في هذه الدعاوى إلا بثبوت الحق الخاص فهو مترتب عليه([6]).



________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م 17، 148).
([2]) نظام الخدمة المدنية ( م30) ولوائحها التفسيرية.
([3]) نظام الإجراءات الجزائية (م 23).
([4]) نظام الإجراءات الجزائية (م 128).
([5]) ينظر: المغني (12/386)، الفروع (6/93).
([6]) ينظر: شرح منتهى الإرادات (3/353).






المضاربات
الإجراءات: 
أولاً: الحق الخاص: له حالتان هما:
1.   أن يتنازل المدعي عن حقه سواءً كان لدى الشرطة أو أثناء التحقيق أو المحاكمة فينتهي الحق الخاص بذلك([1]).
2.   أن يطالب المدعي بحقه فحينئذٍ:
                      ‌أ-        تضبط الدعوى.
       ‌ب-  يسأل المدعى عليه عنها فإن اعترف أو ثبت عليه بشهادة شاهدين فيمكن للقاضي إدخال المدعي العام وسماع دعواه مع المدعي الخاص([2])، ويصدر الحكم في الحقين العام والخاص بقرار واحد([3]).
       ‌ج-  صيغة الحكم: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على اعتراف المدعى عليه بالاعتداء على المدعي وضربه -أو بناءً على شهادة .....و......- ولحرمة الاعتداء على الأنفس في الشريعة لقوله تعالى: (والحرمات قصاص)، لذا فقد حكمت على المدعى عليه بـ ... للحق الخاص و... للحق العام ...).
ثانياً: الحق العام: له حالتان:
1. إذا كانت مدة الشفاء في المضاربات عشرة أيام فأقل فلا تقام دعوى في الحق العام ضد المدعى عليه، وذلك بشرطين:
                                 ‌أ-        تنازل المصاب عن شكواه.
                              ‌ب-     أن لا تشكل المضاربة إخلالاً بالأمن كالمضاربات الجماعية ونحوها.
ويؤخذ تعهد على الطرفين بعدم العودة([4]).
2. إذا كانت مدة الشفاء أكثر من عشرة أيام فتقام الدعوى بالحق العام مع الحق الخاص وينظرهما القاضي سوياً، ويكون الحكم بالصيغة المذكورة أعلاه.
الفوائد:
الأولى: تختص المحكمة الجزئية بنظر قضايا المضاربات في الحق العام، وتنظر الحق الخاص إذا كانت الدعوى في ديات أو أروش لا تتجاوز ثلث الدية([5]).
الثانية: تختص المحكمة العامة في نظر قضايا المضاربات في الحق الخاص إذا كانت المطالبة بقصاص فيما دون النفس أو في دية أو أرش تتجاوز ثلث الدية([6]). 
الثالثة: نظر قضايا القصاص فيما دون النفس يكون مشتركاً من قبل ثلاث قضاة([7]).
الرابعة: لابد من بيان العقوبة التي تخص الحق الخاص والعقوبة التي تخص الحق العام([8])؛ والسبب أن الحق العام يدخله العفو من قبل ولي الأمر دون الحق الخاص.


________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م 23).
([2]) نظام الإجراءات الجزائية (م 17، 157/1).
([3]) نظام الإجراءات الجزائية (م 148/4، 174/1، 181/1).
([4]) التعميم رقم 8/ت/21 في 15/2/1411هـ ينظر : التصنيف الموضوعي (2/323).
([5]) نظام الإجراءات الجزائية (م 128).
([6]) نظام الإجراءات الجزائية (م 129).
([7]) نظام الإجراءات الجزائية (م 129).
([8]) نظام الإجراءات الجزائية (م 17/6، 148/5) والتعميم رقم 191/2/م في 14/1/1386هـ، ينظر : التصنيف الموضوعي (2/218) والتعميم رقم 23/ت/3271 في 2/12/1428هـ.


قضايا التعزيرات
الإجراءات:
     إجراءات قضايا التعزير كإجراءات القضايا الجنائية.
الفوائد: 
الأولى: جميع قضايا التعزيرات التي لم يرد فيها نظام خاص من اختصاص المحكمة الجزئية([1]).
الثانية: المراد بقضايا التعزيرات هي: الجرائم والجنح التي ليس لها عقوبة مقدرة شرعاً وتوجب التعزير ابتداءً.
الثالثة: الجرائم التي توجب التعزير تدور على تسعة محاور غالباً:
الأول: قضايا الشعوذة (ومنها: تعلم الشعوذة، استخدام الشعوذة والدجل، اقتناء وبيع ونشر وطبع كتب السحر والشعوذة، تعلم التنجيم ... ونحوها).
الثاني: قضايا الاعتداء على النفس (ومنها: محاولة القتل، محاولة الانتحار، التحريض على القتل، التخطيط للقتل, التهديد بالقتل , إطلاق النار, استخدام السلاح الأبيض والآلات الحادة ... ونحوها).
الثالث: القضايا الأخلاقية (ومنها: المعاكسة، التغرير بالفتيان والفتيات، اقتناء ونشر الصور والأفلام والكتب الماجنة، محاولة الزنا، محاولة اللواط، الاستمناء، مقدمات الفاحشة كالضم والتقبيل واللمس والمفاخذة، الدعارة، انتهاك حرمة المنازل بالقفز أو التجسس، الدعوة إلى الفساد الأخلاقي, الخلوة, إيواء الفتيات في المنازل والشقق ... ونحوها).
الرابع: قضايا الاعتداء على الأموال (ومنها: السرقة من غير حرز، الغصب، النهبة، النصب والاحتيال، إتلاف الأموال العامة والخاصة، فتح المحلات دون سرقة, خيانة الأمانة, الاختلاس ... ونحوها).
الخامس: قضايا التستر على المجرمين (ومنها: إيواء المجرم، التمويه على السلطات والإدلاء بمعلومات مضللة، إخفاء معالم الجريمة وأدواتها، التخطيط للمجرمين، تمويل العصابات الإجرامية وتحريضها والدعوة إليها ... ونحوها).
السادس: قضايا العقوق (عقوق الوالدين).
السابع: قضايا التزوير (شهادات الزور, تزوير على غير الأوراق الرسمية, انتحال شخصية غير رجال الأمن ... ونحوها).
الثامن: قضايا الدعاوى الكيدية, حسب لائحة قواعد الحد من الدعاوي الباطلة والشكاوي الكيدية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 94 في 25/4/1406هـ, واللوائح التنفيذية لنظام المرافعات (4/5)([2]).
التاسع: قضايا التسول.



________________________________________
([1]) نظام الإجراءات الجزائية (م 128).
([2]) ينظر: التصنيف الموضوعي (2/331)، نظام المرافعات الشرعية  (م 4/5).






إثبات الإدانة
الإجراءات:
1/ يقيم المدعي العام فيها الدعوى ضد المدعى عليه.
2/ يسمع جواب المدعى عليه على الحالتين السابقتين .
3/ إذا ثبتت إدانة المدعى عليه بذلك فيتم إثبات الإدانة ويفهمه القاضي بأن العقوبة راجعة لولي الأمر.
4/ صيغة الإثبات: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على اعتراف المدعى عليه -أو بناءً على شهادة ... و...- فقد ثبت لدي إدانة المدعى عليه في ... للحق العام، وأفهمته أن عقوبة ذلك راجعة لولي الأمر، وبعرض ذلك على المدعى عليه قرر ...).
5/ إذا لم تثبت إدانة المدعى عليه يصرف القاضي النظر عن دعوى المدعي العام.
الفوائد: 
الأولى: تختص المحكمة الجزئية بالنظر في إثبات الإدانة.
الثانية: يضبط إثبات الإدانة في الضبط الجنائي.
الثالثة: المسائل التي تثبت فيها الإدانة هي ما يلي:
             ‌أ-   قتل الخطأ (ويشمل حوادث السيارات وغيرها), ويمكن في هذه الحالة  إثبات الإدانة حسب النسبة المقررة من قبل رجال المرور.
                                   ‌ب-     قيادة السيارة تحت تأثير المسكر.
                                    ‌ج-      إثبات صفة قتل العمد.
                                     ‌د-       إثبات صفة قتل شبه العمد.
الرابعة: في إثبات صفة القتل يقوم القاضي بإثبات الصفة، ويطبق عليه الإرادة الملكية رقم 2624 في 9/4/1372هـ([1])، المتضمنة أن قاتل العمد يسجن خمس سنوات وقاتل شبه العمد يسجن سنتين ونصف.
الخامسة: صيغة إثبات صفة القتل: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على اعتراف المدعى عليه -أو بناءً على شهادة ... و...-، فقد ثبت لدي أن قتل المدعى عليه لـ ... من قبيل قتل العمد العدوان -أو من قبيل قتل شبه العمد- ويطبق في حقه الإرادة الملكية، وبعرض ذلك على المدعى عليه قرر ...).
السادسة: إذا لم يثبت القتل من قبل المدعى عليه أولم يثبت أن صفة القتل من قبيل قتل العمد أو شبه العمد فيصرف القاضي النظر عن دعوى المدعي العام ويعرض عليه القناعة. 
السابعة: للقاضي في نظر إثبات صفة القتل أن يزيد في الحكم على الإرادة الملكية ولا ينقص عنها([2])، وصيغة الإثبات: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على اعتراف المدعى عليه -أو بناءً على شهادة ... و...- فقد ثبت لدينا أن قتل المدعى عليه لـ... من قبيل قتل العمد العدوان -أو من قبيل قتل شبه العمد- وحكمت  بسجنه مدة ... وجلده ... جلدة، والإرادة الملكية داخلة في ذلك ، وبعرض ذلك على المدعى عليه قرر ...).


________________________________________
([1]) ينظر: التصنيف الموضوعي (3/162).
([2]) التعميم رقم 8/ت/95 في 25/6/1409هـ, ينظر: التصنيف الموضوعي (3/162), (1/782).




فوائد تتعلق بالقضايا الجنائية
الأولى: الإنكار في الحق العام في الحدود بعد الاعتراف يسقط الحد لكن تبقى العقوبة التعزيرية.
الثانية: في حال نكول المدعى عليه عن الجواب في قضايا القصاص والحدود فيه قولان القول الأول : يعامل معاملة المنكر، وهو مذهب الجمهور , وعليه جرى العمل. 
القول الثاني: يحبس حتى يقر أو يحلف وهو مذهب أبي حنيفة([1]).
الثالثة: مناطات التعزير ثلاثة: 
الأول: الجاني: ينظر إلى حاله هل ظهرت منه التوبة أو لا؟ 
                         وهل له سوابق أو لا؟
                         وهل هو من ذوي الهيئات أو لا؟
                         (التوبة/السوابق/الهيئة).
الثاني: المجني عليه: ينظر إلى حاله هل هو مكره أو راضٍ؟
                                     وهل هو عفيف أو لا؟
     وهل هو مغررٌ به كالطفل و الجاهل أو لا؟
                             (الإكراه/العفة/التغرير).
الثالث: الجريمة: ينظر إلى مدى وقعها في المجتمع, وانتشارها من عدمه، وكونها تتعلق بالاعتداء على الضروريات الخمس أو الحاجيات أو الكماليات.
الرابعة: دعوى المدعي العام ترصد كاملةً.
الخامسة: المدعي العام خصم مسخر، فليس له مصلحة في الدعوى، ووجوده شكلي يترتب عليه ما يلي:
                                      ‌أ-        عدم مساواته بالمدعى عليه في الدخول واللفظ واللحظ والمجلس.
                                   ‌ب-     عدم شطب القضية لغيابه.
                                    ‌ج-      له التوقيع على الضبط ولو لم يحضر المحاكمة.
                                     ‌د-       يمكن أن يبدأ القضية أحد المدعين العامين ويكمل الدعوى أحد زملائه.
                                      ‌ه-        يمكن الاستدلال له من واقع القضية وأوراقها.
                                     ‌و-       لا يلزم بالحضور إلا في القضايا الكبيرة .
السادسة: كل ما أوجب حداً على المكلف أوجب التعزير على المميِّز.
السابعة: هيئة الأمر بالمعروف جهة قبض، فتقبل شهادة أعضائها على الواقعة, ولا حاجة لتزكيتهم([2]).
الثامنة: لابد من بيان نوع الحكم هل هو حد أو تعزير؟ فيقول (حكمت على المدعى عليه ... حداً، أو تعزيراً).
التاسعة: إذا كان الجلد في التعزير على دفعات فلابد من بيان مقدار كل دفعة والمدة  الفاصلة بين كل دفعة وأخرى.
العاشرة: إذا كان الحكم إتلافاً (قتل أو رجم أو قطع) فيصدر به صك, وإذا كان الحكم بعقوبة أخرى غير ذلك فيصدر به قرار([3]).
الحادية عشرة: الفرق بين الصك والقرار: أن الصك يسجل في سجلات المحكمة، والقرار يكتفى بتصويره والاحتفاظ بالصورة في مكتب القاضي.
الثانية عشرة: جميع القضايا الداخلة في اختصاص المحكمة الجزئية تنظر من قاضٍ فرد.
الثالثة عشرة: يعامل الأحداث البالغون سن التكليف معاملة غيرهم في القصاص والحدود والتعزيرات.
الرابعة عشرة: إن لم يوجد مدعٍ عام أقام القاضي مدعياً, وهو ما يسمى في كتب الفقهاء بـ "الخصم المسخر"([4]).
الخامسة عشرة: الرجوع عن الاعتراف بما يوجب التعزير لا يسقط التعزير.

________________________________________
([1]) ينظر: تبيين الحقائق (4/299)، المغني (14/234). قال ابن القيم في الطرق الحكمية (1/161): "وكل ناكل لا يقضي عليه فهل يخلى أو يحبس حتى يقر أو يحلف؟ على وجهين".
([2]) ينظر: فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (13/36).
([3]) التعميم رقم 64/1ت وتاريخ 14/1/1401هـ ورقم 89/1/ت في 29/5/1401هـ، التصنيف الموضوعي(3/169-170)، ورقم 13/ت/1083 في 19/7/1418هـ.
([4]) ينظر : الفروع (6/445)، الإنصاف (11/249), كشاف القناع (6/332).
إجراءات القضايا الجنائية
أنواع القضايا الجنائية

ملفات قضايا جنائية

أمثلة على القضايا الجنائية

نماذج قضايا جنائية في السعودية

أنواع الجرائم الجنائية

قصص قضايا جنائية

أحكام القضايا الجنائية


أمثلة على الجرائم الجنائية

تعليقات