📁 آخر الأخبار

جرائم الصرف في التشريع الجزائري

جرائم الصرف في التشريع الجزائري

جرائم الصرف في التشريع الجزائري 





الجمهوريـة الجزائريـة الديمقراطيـة الشعبيـة
وزارة العدل
المدرسة العليا للقضاء
مجلس قضاء وهران



مذكرة لنيل إجازة التخرج من المدرسة العليا للقضاء تحت عنوان


من إعداد الطالبة القاضية
بـوزيـدي سـمـيــرة   الدفعة الرابعة عشر

السنة الأكاديمية: 2005 – 2006
 
الـخـطــة
مـقـــدمـــــــة
الفصل الأول
أركان جريمة الصرف
المبحث الأول: الركن المادي لجريمة الصرف
  المطلب الأول: محل جريمة الصرف
       الفـرع الأول: النقــود
       الفرع الثاني: الأحجار الكريمة و المعادن الثمينة
       الفرع الثالث: القيم
  المطلب الثاني: النشاط المادي المجرم في جريمة الصرف
       الفـرع الأول: صور جريمة الصرف المنصبة على النقود و القيم
        الفرع الثاني: صور جريمة الصرف المنصبة على الأحجار الكريمة و المعادن
                                           الثمينة                                                                              
المبحث الثاني: الركن المعنوي لجريمة الصرف
  المطلب الأول: الركن المعنوي لجريمة الصرف التي محلها نقودا و قيما
  المطلب الثاني: الركن المعنوي لجريمة الصرف التي محلها أحجارا كريمة معادن 
                                        ثمينة

الفصل الثاني
خصوصيات متابعة جرائم الصرف و العقوبات المقررة لها
المبحث الأول: خصوصيات متابعة جرائم الصرف
  المطلب الأول: إجراءات متابعة و معاينة الجريمة
     الفـرع الأول: إجراءات المعاينة 
     الفرع الثاني: إجراءات المتابعة   
  المطلب الثاني: المصالحة في جريمة الصرف و آثارها
     الفـرع الأول: شروط إجراء المصالحة
     الفرع الثاني: آثار االمصالحة
المبحث الثاني: العقوبات المقررة لجرائم الصرف
  المطلب الأول: العقوبات المقرر تطبيقها على الأشخاص الطبيعية 
     الفـرع الأول: العقوبات الأصلية
     الفرع الثاني: العقوبات التكميلية
  المطلب الثاني: العقوبات المقرر تطبيقها على الأشخاص المعنوية
     الفـرع الأول: المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية في جرائم الصرف
     الفرع الثاني: العقوبات المترتبة عن المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية في      
                                             جرائم الصرف

الخــاتـــــــمـــة
 

مقــــدمة:

ليس من شك في أن كل الدول الحديثة تسعى إلى حماية سيادتها وحراسة مصالحها الحيوية، وتبتدع من أجل ذلك الآليات الكفيلة بها، ويأتي على رأس المصالح الحيوية للدول نظامها الإقتصادي والتي تندرج فيه العملة الوطنية لكل دولة باعتبارها تعبر عن سيادتها، ناهيك عن قيمتها الإقتصادية، ذلك أنه انطلاقا من القرن العشرين وبعد تخلي الدول تدريجيا عن "قاعدة الذهب" التي كانت تضمن ثبات سعر العملة في المعاملات الخارجية، ونظرا لاختلال ميزان مدفوعات الدول غداة الحرب العالمية الأولى، ظهرت فكرة الرقابة على النقد للمحافظة على سعر مناسب له، فما هو المقصود من الرقابة على النقد أو الصرف وما هي أهدافها؟ وما هو الوضع في الجزائر؟.
يمكن تعريف مصطلح الرقابة على النقد أو الصرف أنها مجموعة من الأنظمة والقوانين التي تصدرها الدولة بغية إخضاع معاملات الأفراد والهيئات مع الخارج للسياسة التي تراها أنها تكفل الصالح العام ويستوي في ذلك التدخل من الناحية المالية عن طريق تنظيم عمليات الصرف الأجنبي التي تقوم بها البنوك أو رسم سياسة تهدف إلى توفير نقد أجنبي عن طريق إعاقة الإستيراد أو دفع الصادرات بتأثير وسائل مصطنعة ترسمها السلطات.ومعنى ذلك أن الرقابة تتم عن طريق تنظيم الصرف وحركة رؤوس الأموال مع الخارج الناتجة عن عمليات التجارة الخارجية، وتهدف إلى المحافظة على قيمة النقد وضمان إستقراره، إذ أن كل صور الرقابة على النقد تهدف إلى مكافحة تهريبه إلى الخارج بما يحفظ العملة الوطنية من هبوط قيمتها، ويحمي الإقتصاد الوطني كما تهدف إلى إمكان حصول الدولة على ما قد تحتاج إليه من عملة أجنبية بسعرها الرسمي لمواجهة احتياجات الإستيراد المختلفة والمعاملات الخارجية.
وعلى الرغم من الآليات التي اتبعتها الدول لتحقيق هذه الرقابة على النقد، فإنها لم تفلح في تحقيق الأهداف المرجوة منها، وهو ما عرض مصالح الدول الإقتصادية للخطر، مما استدعى اللجوء إلى وسائل القانون العقابي باعتباره وسيلة الدولة الفعالة لحماية مصالحها وذلك عن طريق التجريم والعقاب، إذ تم تجريم كل الأفعال المرتكبة مخالفة للتنظيم الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال.
وبالنسبة للجزائر، فقد ورثت بحكم تاريخها تنظيم الصرف الذي كان مطبقا في فرنسا قبل الإستقلال حيث كانت تنتمي الجزائر حينها إلى منطقة (La zone franc) التي كان فيها تحويل الأموال وترحيلها حرا، في حين تشدد الرقابة على المعاملات مع البلدان غير المنتمية لمنطقة الفرنك، وقد بقي ذلك النظام معمولا به رغم استبدالها عملة الفرنك الفرنسي بعملة خاصة بها وهي الدينار الجزائري إلى غاية عام 1970 وذلك مع التوجه السياسي والإقتصادي الجديد الذي فرضه التمويل الخارجي والمديونية الخارجية، إذ فرضت هذه الأوضاع تشريعا إحتكرت بموجبه الدولة التجارة الخارجية والعمليات المصرفية والعلاقات المالية مع الخارج عام 1978، وهو ما جعل الدولة تسهر على توازن ميزان المدفوعات بواسطة التحكم في عمليات التصدير والإستيراد وكل المعاملات المالية مع الخارج، لكن هذا التسيير السلطوي أو الإداري Réglementation autoritaire أظهر محدوديته وخصوصا بعد الأزمة البترولية العالمية لسنة 1986 التي فرضت على الدولة تبني سياسة جديدة حيث أصدرت إبتداءا من 1986 نصوصا تشريعية جديدة تهدف إلى إضفاء مرونة على التسيير الإداري للإقتصاد، (فسمحت للبنوك بتمويل عقود الإستيراد بين المؤسسات العمومية الوطنية والمؤسسات الأجنبية، كما شجعت استيراد العملة الصعبة بسماحها للمواطنين المقيمين من حيازة مبالغ مالية بالعملة الصعبة لوضعها في حسابات بنكية وتوسعت هذه الإمكانية لغير المقيمين في سنة 1988).
وفي سنة 1990، عرفت السياسة الإقتصادية والمالية للجزائر تطورا كبيرا إنطلاقا من الرقابة على الصرف بصدور القانون 90/10 المتعلق بالنقد والقرض، والذي لحقته نصوصا قانونية أخرى تعزز بدورها الإتجاه إلى تحرير العمليات المالية، وعمليات التجارة الخارجية وكذى تحرير الإستثمارات الأجنبية. 
وموازاة مع ذلك عرف التشريع الجزائري المتعلق بتجريم وقمع مخالفات التنظيم النقدي(تنظيم الصرف) تطورا إذ مر بثلاثة مراحل الأولى من سنة 1962 إلى سنة 1975، والتي تميزت باستمرار العمل بالقانون الفرنسي الخاص بقمع مخالفات تنظيم الصرف، إذ مدد العمل به في الجزائر بموجب القانون 62/157 ، وذلك إلى غاية صدور الأمر 69/107 المتضمن قانون المالية لسنة 1970 الذي جزأر الجريمة، بنصه على جريمة الصرف أي الأفعال المكونة لمخالفة تنظيم الصرف والعقوبات المقررة لهذه الجريمة، وكذا الأعوان المؤهلين لمعاينتها، والمرحلة الثانية من سنة 1975 إلى سنة 1986 التي بصدور الأمر رقم 75/47 والذي ألغى أحكام قانون المالية لسنة 1970 وقام بإدراج أحكام جريمة الصرف في قانون العقوبات في مواده من 424 إلى 426 مكرر، والمرحلة الثالثة التي كرس فيها المشرع ميكانيزمات إقتصاد السوق فصدر الأمر رقم 96/22 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج والذي ألغى النصوص القانونية المتعلقة بجرائم الصرف التي تضمنها قانون العقوبات ثم تمم وعدل بالأمر رقم 03/01.
وإن هذه الجريمة التي يطلق عليها تسمية مخالفة التنظيم النقدي في غالب التشريعات مثل في مصر و ما كان عليه قانون العقوبات الجزائري و القانون الفرنسي(Infraction de change ) لا يجب أن تؤخذ بالمفهوم الضيق الذي قد توحي إليه هذه التسمية، لأن التنظيم النقدي بالمفهوم الضيق هو ما يتعلق بعمليات الصرف أي قواعد و شروط الصرف التي تنظم العمليات الواقعة على العملات الأجنبية من بيع و شراء بوساطة البنوك أو من طرفها باحترام سعر حددته الهيئات الرسمية للدولة،بل يجب أن يفهم أن هذه الجريمة على تعدد صورها تشمل عمليات التجارة الخارجية التي تتم عن طريق حركة رؤوس الأموال، لذلك أعاد المشرع ستة 1996 تسمية هذه الجريمة إلى مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج.
و للأسف فإن المشرع لم يعرفها بل اكتفى بتحديد عناصرها(أركانها) إلا أننا إذا حاولنا تعريفها بإيجاز فهي على العموم كل فعل أو امتناع يشكل إخلالا بالالتزامات المنصوص عيها في التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من إلى الخارج.   
استنادا إلى التوصيف السابق الخاص بتطور النظام التشريعي لجريمة الصرف تتبدى أهمية هذا الموضوع، إذ يثير عديد الإشكاليات تتمحور أساسا حول خصوصيات هذه الجريمة أو الجرائم لتتعدد صورها، التي يقتضي تعريفها دراسة عناصرها فما هي أركانها؟ وما هي الأحكام المتعلقة بقمعها؟ أي كيف تتم معاينتها؟ ومتابعتها؟ وما هي الجزاءات المترتبة عليها؟
هذه التساؤلات تتطلب الإجابة عنها إعتماد منهجية مزدوجة تقوم على التحليل والمقارنة.
التحليل للنصوص القانونية المتعلقة بالجريمة لاستنباط واستنتاج الأفكار القانونية التي تجيب عن تلك التساؤلات.
والمقارنة بما عليه الوضع في التطبيق القضائي بما يكشف كيفية تعامل القضاء مع أحكام هذه الجرائم.
وترتيبا على كل ذلك فقد تم تناول جرائم الصرف من زاويتين: 
الزاوية الأولى: تتعلق بالتعرف على الأركان المكونة لجرائم الصرف (الفصل الأول) حيث تناولنا الركن المادي للجرائم (المبحث الأول) ثم ركنها المعنوي (المبحث الثاني).

الزاوية الثانية: تتعلق بخصوصيات متابعة جرائم الصرف و الجزاء المقرر لها (الفصل الثاني) حيث نتناول خصوصيات متابعة جرائم الصرف (المبحث الأول) ثم العقوبات المقرر تطبيقها على مرتكبيها (المبحث الثاني).
 


الفصل الأولأركان جريمة الصرف




 
الفصل الأول : أركان جريمة الصرف
يقتضي المبدأ ألا تقوم الجريمة إلا بتوافر الركنين المادي والمعنوي، ولا تشكل جرائم الصرف استثناءا له، ما عدا أن الركن المادي و الركن المعنوي فيها يمتازان بخصوصيات.
إذ أن تحديد الركن المادي في هذه الجرائم لا يرتكز فقط على النص الخاص الذي تستمد منه جرائم الصرف شرعيتها و الذي هو الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم بل هو مرتبط ارتباطا وثيقا و لازما بالنصوص التنظيمية التي تصدرها بنك الجزائر تماشيا مع التشريع المنظم لمجال التجارة الخارجية و عمليات الصرف، و قد تكمل الأحكام التي تضعها بنك الجزائر نصوص قانونية أخرى كما هو الحال بالنسبة للقانون رقم 76-104 المتضمن قانون الضرائب الغير مباشرة في الحالات التي تكون فيها جرائم الصرف منصبة على المعادن الثمينة و الأحجار الكريمة.
بالتالي فتحديد الركن المادي للجريمة يلزمنا لا محال الرجوع إلى هذه التشريعات لأن الجريمة بنفسها عبارة من عدم إحترام الإلتزامات التي تنص عليها مختلف هذه النصوص التي تشكل التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال منه وإلى الخارج.
أما الركن المعنوي لجرائم الصرف فهو لا يأخذ الحجم و الأهمية اللذان يأخذهما الركن المادي فإن كانت للركن المعنوي خصوصيات إلا أن البحث عن توافره غير صعب و لو أن الركن المعنوي في جرائم الصرف يختلف هو الآخر،مثله مثل الركن المادي، باختلاف محل الجريمة.
ولتوضيح كل ما سبق عرضه بإيجاز في هذا المدخل سيتناول هذا الفصل الأول دراسة الركن المادي في مبحث أول، ثم الركن المعنوي لهذه الجرائم في مبحث ثاني. 






 

المبحث الأول: الركن المادي لجرائم الصرف

إن كل جريمة لابد أن تتخذ شكلا معينا ناتجا عن نشاط مادي يقوم به الجاني وهو ما يعبر عنه بالسلوك الإجرامي الذي يجعله مناطا للعقاب. فما هو النشاط الخارجي الذي لابد أن يكون الجاني قد جاء به حتى نعتبره مرتكبا لجريمة صرف أو ما هو الشكل الذي تتجسد فيه جريمة الصرف؟ 
فالطبيعة الخاصة والمنفردة لجريمة الصرف تظهر في خصوصياتها و من بينها أنها ترتكز على نصوص تنظيمية صادرة عن بنك الجزائر الذي خول له القانون 90-10 المتعلق بالنقد والقرض صلاحيات تنظيم مراقبة الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج بواسطة إصدار نظم في هذا المجال.
تمتاز جريمة الصرف أيضا أنها لا تظهر في شكل واحد بل يمكن أن تأخذ عدة مظاهر خارجية تعد كلها صور مختلفة للجريمة حيث تتعدد صور جريمة الصرف بقدر عدد أنواع الأعمال التي تشكل ركنها المادي، فيميز الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم في مادته 01 خمسة صور لجريمة الصرف وذلك إذا كان محل الجريمة متمثل في نقود أو قيم، حينما يميز نفس الأمر في مادته 02 بين ثلاثة صور لجريمة الصرف إذا ما انصبت على أحجار كريمة أو معادن ثمينة، وبالتالي يتضح أيضا أن تحديد الركن المادي لجريمة الصرف، باختلاف صورها، يرتبط أيضا بطبيعة محل الجريمة.
من خلال ما سبق يتبين أن الركن المادي لجرائم الصرف ينقسم إلى جزءين:
- محل الجريمة.
- النشاط المادي للجريمة. 

المطلب الأول: محل جريمة الصرف.

طبقا للمواد 01 و02 و04 من الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم بالأمر 03-01، فإن جريمة الصرف قد تنصب على النقود أو الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة أو حتى القيم، وبالتالي قد يكون لكل صورة من صور جريمة الصرف محل مختلف و لنميز بينها لا بد أن نعرفها ذلك من خلال الفروع الثلاثة التالية. 
الفرع الأول: النقود.
          وللنقود شكلين هما: نقود معدنية و أوراق نقدية أ ونقود مصرفية.
1- النقود المعدنية و الأوراق النقدية(Monnaie fiduciaire)
وهي تتمثل حسب القانون رقم 90-10 المؤرخ في 14/04/1990 والمتعلق بالنقد و القرض في مادته 03 في الأوراق النقدية المصرفية (Billets de banque) والقطع النقدية المعدنية (Monnaie métallique) التي تصدر عن بنك يتمتع بامتياز الإصدار وهو الامتياز الذي يعود في القانون الجزائري للدولة التي تفوض حق ممارسته لبنك الجزائر بموجب م 4 قانون رقم 90-10 المذكور آنفا.
2- النقود المصرفية (Monnaie scripturale) 
وتشمل باقي وسائل الدفع الأخرى لاسيما الشيكات المصرفية والشيكات السياحية التي تختلف عن أو لها إذ أن الساحب فيها يكون المصرف مباشرة، أو شركة سياحية، ويستحق الدفع في الخارج على فرع من فروع هذا أو تلك ، وكذلك بطاقات الائتمان، رسائل الاعتماد، الأوراق التجارية ... الخ. 
ونميز فيها صورتين من النقود:
أ‌- النقود المصرفية الوطنية المتمثلة في الدينار الجزائري.
ب‌- النقود الأجنبية والتي بدورها تنقسم إلى صنفين: نقود قابلة للتحويل المعبر عنها بالعملة الصعبة (devise)، ونقود غير قابلة للتحويل.
وإذا كان واضحا من خلال المادة 01 من الأمر رقم 96-22 أن جريمة الصرف تنصب لا محال على النقود القابلة للتحويل، على أي شكل كانت، فإن امتدادها إلى النقود الغير قابلة للتحويل يبقى محل تساؤل فهل تكون العملة الوطنية والعملات الأجنبية الغير قابلة للتحويل معنية بجريمة الصرف طبقا للأمر رقم 96-22.
لقد جاء الأمر رقم 96-22 بعنوان قمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وبما أنه لم يقتصر بالنص على "الصرف" إنما يشمل كذلك "حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج" فإن ذلك يفيد أن الأمر السالف الذكر تطبق أحكامه كذلك على العملة الوطنية والأجنبية الغير قابلة للتحويل.
إلا أنه من جهة أخرى يستشف من عبارة "حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج" أن المشرع قد وضع شرط لابد منه لاعتبار العملة الوطنية والأجنبية الغير قابلة للتحويل محلا لجريمة صرف وهو أن تكتسي حركتها من وإلى الخارج طابعا تجاريا أي أن تكون ذات أهمية .
في حين إذا كان التصدير أو الاستيراد المادي   لمثل هذه العملات لا تكتسي طابعا تجاريا فإنه لا يدخل في نطاق تطبيق الأمر 96-22 بل يخضع لقانون الجمارك بعنوان جنحة استيراد أو تصدير بضاعة بدون تصريح، باعتبار أن تحويل النقود من وإلى الخارج محضور بحكم الرأي رقم 63 المؤرخ في 23/06/1970 الصادر عن وزارة المالية والتخطيط المتعلق باستيراد وإعادة تصدير وسائل الدفع من وإلى الخارج.  
الفرع الثاني: الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة
1- الأحجار الكريمة Les pierres précieuses
ويقصد بها تلك المعادن التي اكتسبت قيمتها من بريقها وندرتها هذا ما يجعل حصرها في قائمة محددة صعب جدا، إلا أن الأحجار الكريمة المعنية بتشريع مخالفات الصرف هي على الخصوص تلك المستعملة في الحلي كالماس والزمرد والسفير والياقوت والفيروز والزبرجد، فقد اعتبرها المشرع المصري كذلك محلا لجريمة الصرف بمعنى القانون المصري في أية صورة كانت عليها الأحجار أو من أي نوع كانت .
2- المعادن الثمينة Les métaux précieux 
ويقصد بها الذهب، والفضة، والبلاتين، ويمكنها أن تأخذ عدة أشكال، فالذهب مثلا قد يكون على شكل قطع نقدية ذهبية والسبائك والأوسمة ومصنوعات (ouvrages ) وتكون عامة الفضة والبلاتين على شكل مصنوعات (ouvrages)
فقانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المصري رقم 97 سنة 1976 حدد في مادته 10 محل الجريمة في جريمة الصرف المنصبة على الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة في الذهب الفضة والبلاتين في شكل سبائك أو مسكوكات منها كالعملة الذهبية المصرية أو الأجنبية أيا كانت جنسيتها أو قيمتها والمصنوعات منها مثل كافة أنواع الحلي والمشغولات  .
الفرع الثالث: القيم (les valeurs)
     من المتفق عليه أن جرائم الصرف تشمل إلى جانب النقود والأحجار والمعادن الثمينة القيم، فاتخذ مثلا المشرع المصري محلا لإحدى صور جرائم الصرف المتمثلة في "استيراد أو تصدير الأوراق المالية والقيم المنقولة وما في حكمها" كل من الأوراق المالية والقيم المنقولة كما يدل على ذلك اسمها مع الإشارة إلى أن الأوراق المالية تختلف عن النقود المصرفية في أن الأولى هي كافة أصناف الأسهم والسندات سواءا مصرية كانت أو أجنبية وكذلك جميع القيم المنقولة، أما القيم المنقولة تشمل الأسهم على اختلاف أنواعها وحصص التأسيس وحصص الشركاء الموصين في شركة التوصية والسندات  على اختلاف أنواعها وأذونات الخزانة التي تصدرها الحكومة  .
    أما المشرع الجزائري لم يذكر كمحل لجريمة الصرف القيم  (les valeurs)لا في المادة 01 ولا المادة 02 من الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم وبذلك يبدو لنا في أول نظرة أن القيم غير معنية بجريمة الصرف وهذا غير مبرر، على الأقل لسببين: 
أولا: في ظل تشريع جريمة الصرف السابق للأمر 96-22 كانت تعتبر القيم محلا للجريمة، كما كانت كذلك النقود والمعادن والأحجار الثمينة، فقد ذكر صراحة قانون مالية 1970 والأمر رقم 75-47 المعدل والمتمم لقانون العقوبات القيم من ضمن البضائع التي تعتبر محلا لجريمة الصرف.
ثانيا: إن المادة 04 من الأمر رقم 96-22 ذكرت صراحة القيم لما تكون جريمة الصرف منصبة على قيم مزيفة فنصت م 04 أعلاه " كل من قام بعملية متعلقة بالنقود أو القيم المزيفة التي تشكل بعناصرها الأخرى مخالفة للتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج تطبق عليه العقوبات المنصوص عليها في المادتين 1 مكرر و3 من هذا الأمر، ما لم تشكل هذه الأفعال مخالفة أخطر". 
      من جهة أخرى هذين السببين، يمكنهما أيضا أن يشرحا إحجام المشرع عن ذكره القيم محلا لجريمة الصرف، إذ ما انطلقنا من أن المشرع اكتفى بعبارتي "الصرف" و"رؤوس الأموال" معتبرا أن العبارتين تشملان القيم وبالتالي لا ضرورة للنص عليها صراحة.
      وينبغي أن نشير إلى انه طبقا لنص المادة 04 المذكورة أعلاه فإن أحكام جرائم الصرف يختلف تطبيقها فيما إذا كانت تنصب على نقود وقيم رسمية أو تنصب على نقود وقيم مزيفة.
فإذا كانت الأفعال أو العمليات المتعلقة بنقود أو قيم مزيفة تشكل جريمة من جرائم الصرف وفي آن واحد جريمة من طبيعة أخرى فتطبق عليها العقوبات التي تضمنها الأمر رقم 96-22 باستثناء ما إذا كانت تشكل نفس الأفعال مخالفة أخطر كأن تشكل جناية تزوير النقود المنصوص والمعاقب عليها في المواد من 197 إلى 204 قانون العقوبات  حيث تعاقب هذه الجريمة حسب الأحوال بالسجن المؤبد أو الإعدام.
    فتكون الحماية الجنائية للنقود سواءا في جريمة تزوير النقود أو جريمة الصرف تشمل العملة الوطنية والعملة الأجنبية، وهو ما أكدته اتفاقية جنيف لعام 1929، التي دعت لعدم التمييز بين العملة الوطنية والأجنبية  في حمايتها من جرائم التزوير، ولا يقتصر التجريم في تشريع جرائم الصرف على النقود المزيفة بل حتى على الصحيحة منها إذا ما توافرت فيها أركان جريمة الصرف.
أما الحماية الجزائية الواقعة على القيم في تشريع جرائم الصرف فيظهر لنا من خلال نص المادة 01 من الأمر 96-22 أنها تقتصر على القيم المزيفة دون تحديد لهذه القيم بالتالي تنصب على كافة أنواع القيم التي يعرفها القانون الجزائري، خلاف جريمة التزوير المنصوص والمعاقب عليها في قانون العقوبات التي تعاقب على تزوير بعض القيم مذكورة على سبيل الحصر وهي سندات قرض عام (effets de crédit public) التي تشمل السندات (titres) والأذونات (bons) والأسهم (obligations) التي تصدرها الخزينة العامة وتحمل طابعها أو علامتها وكذا قسائم الأرباح العائدة من هذه السندات أو الأذونات أو الأسهم.
    بالتالي تبعا لما سبق يمكن اعتبار القيم محلا لجريمة الصرف حتى في- ظل الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم بالأمر 03-01.

المطلب الثاني: النشاط المادي المجرم في جريمة الصرف

قد يشكل جريمة من جرائم الصرف سلوكا إيجابيا عن طريق إتيان الجاني بفعل منعه القانون مثل التصريح الكاذب، أو سلوكا سلبيا بإحجام الجاني عن القيام بواجب نص عليه القانون مثل عدم الامتثال لواجب الحصول على التراخيص المشترطة.
   وحسب ما إذا كان محل الجريمة نقودا أو معادن ثمينة أو أحجار كريمة فإن جريمة الصرف لا تتحقق إلا بإحدى المظاهر المنصوص عليها في م 1 من الأمر 96-22 بالنسبة للنقود وإحدى المظاهر المنصوص عليها في م 02 من الأمر 96-22، وتبعا لذلك نقوم بدراسة السلوك الإجرامي المكون للركن المادي لجريمة الصرف بتقسيم المطلب حسب صور جريمة الصرف حين تنصب على النقود وصورها حين تنصب على المعادن والأحجار الكريمة.
الفرع الأول: صور جريمة الصرف المنصبة على النقود و القيم.
         تنص م 01 من الأمر 96-22 المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01 أنه يعتبر مخالفة أو محاولة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج بأية وسيلة كانت:
- التصريح الكاذب،
- عدم مراعاة التزامات التصريح،
- عدم استرداد الأموال إلى الوطن،
- عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها أو الشكليات المطلوبة،
- عدم الحصول على التراخيص المشترطة أو عدم احترام الشروط المقترنة بها.
بالتالي إذا كانت النقود أو القيم محلا لجريمة الصرف فإن هذه الأخيرة تأخذ خمسة صور تتحقق كل صورة منها إذا ارتكبها الجاني بإتيان سلوك أو تصرفات محددة إذ يشكل كل نوع من السلوك صورة من صور جريمة الصرف، وندرس أنواع هذه السلوك حسب التقسيم الآتي:  
     أولا: التصريح الكاذب أو عدم مراعاة التزامات التصريح.
ونميز في هذه الصورة بين حالتين: - الاستيراد أو التصدير المادي للنقود.
    - استيراد أو تصدير البضاعة.
1- الاستيراد و التصدير المادي للنقود:
   وهي الحالة التي يحكمها أساسا النظام رقم 95-07 المؤرخ في 23/12/1995 المتعلق بمراقبة الصرف والصادر عن بنك الجزائر (مجلس القرض والنقد).
أ- بالنسبة للاستيراد: فإن م 19 من النظام السالف الذكر يسمح لكل مسافر يدخل إلى الجزائر استيراد أوراق نقدية أو شيكات سياحية، إلا أن هذا الاستيراد يصبح خاضعا لتصريح إلزامي لدى الجمارك لما يفوق المبلغ المستورد القيمة المقابلة بالدينار الجزائري التي يحددها بنك الجزائر، وللأسف يلاحظ أن بنك الجزائر لم يحدد بعد سقف هذا المبلغ.
تبعا لمقتضيات هذه المادة يفهم أن المسافر الذي يدخل الجزائر لا يكون معنيا بإلزام التصريح للأوراق النقدية أو الشيكات السياحية التي استوردها إلا إذا كانت هذه الأخيرة متعلقة بعملة قابلة للتحويل وهذا حسب العبارة الواردة في م 19"... لما يفوق المبلغ المستورد القيمة المقابلة بالدينار الجزائري ..." هذا من جهة، ويشترط من جهة أخرى أن تكون قيمة المبالغ التي استوردت بهذه الطريقة تفوق قيمة معينة مقابلة بالدينار الجزائري إلا أن هذا الشرط الأخير يشكل عقبة على تطبيق هذا النص لأن الشرط نفسه موقوف على تحديد مسبق لهذه القيمة المقابلة بالدينار من طرف بنك الجزائر إلا أنه بغياب هذا التحديد نتساءل ابتداءا من أي حد يمكن اعتبار التصريح السالف الذكر ملزما وعدم القيام به مشكلا لجريمة من جرائم الصرف ؟
  نتيجة لذلك فإن أعوان الجمارك عمليا أثناء قيامهم بمهام مراقبة المسافرين الداخلين للوطن إذا ضبطوا أوراق نقدية من العملة الصعبة لدى أحد المسافرين بعد أن يكون هذا الأخير صرح بعدم حيازته لها يبادرون بتحرير محضر معاينة عن جريمة الصرف المتمثلة بعدم التصريح وذلك مهما بلغت قيمة هذه الأوراق، بالرغم أنه طبقا للم 19 من النظام 95-07 فإن المسافر لا يلزم بهذا التصريح إلا انطلاقا من قيمة كان ينبغي أن تكون محددة من طرف بنك الجزائر.
ب-بالنسبة للتصدير: أجاز النظام المذكور أعلاه م 20 لكل مسافر يغادر الجزائر تصدير مبلغ بالأوراق النقدية الأجنبية أو الشيكات السياحية شرط ان يكون في حدود:
- المبالغ المصرح بها عند الدخول مقتطعة منها المبلغ المتنازل عنها بانتظام  للوسطاء المعتمدين.
- المبالغ المقتطعة من حسابات بالعملات الصعبة أو المبالغ الممنوحة برخصة صرف.
أما بالنسبة لباقي وسائل الدفع الأخرى  فتبقى تحت التصرف الحر لصاحبها.
وقد حدد بنك الجزائر سقف المبلغ الذي يجوز تصديره ماديا إلى الخارج وذلك بمقتضى م 02 من التعليمة رقم 02-97 المتعلقة بتصدير العملة الصعبة وهو 50.000 فرنك فرنسي أو ما يعادله بالعملات الأخرى لكل سفر إلا أن القيمة حددت فقط بالنسبة لتصدير الأوراق النقدية الأجنبية دون الشيكات السياحية.
وبالتالي كل مسافر يغادر الجزائر وقام بالتصدير المادي للعملة الصعبة بهذه الصورة لكن دون التصريح بها كما يقتضي به القانون أو بتقديم تصريح كاذب يعد مرتكبا لجريمة صرف لمخالفته للنظام الخاص بمراقبة الصرف.
وبمفهوم المخالفة للمادتين 19 و20 من النظام رقم 95-07 فإن مجرد استيراد أو تصدير النقود المعدنية ومختلف وسائل الدفع الأخرى من غير الشيكات السياحية والأوراق النقدية الأجنبية مهما كانت قيمتها يعد فعلا مشكلا لجريمة صرف لطالما لم يسمح بها نظام بنك الجزائر.
2- استيراد أو تصدير البضاعة:
    وهي الحالة التي تتحقق فيها حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج عن طريق التجارة الخارجية قصرا. ومن المقرر قانوننا لاسيما في قانون الجمارك أن كل تصدير أو استيراد لبضاعة خاضع لتصريح أمام إدارة الجمارك تصريحا صحيحا وأن القيام بهذه العملية دون تصريح أو بتصريح مزور يشكل مخالفة جمركية، فإنه في نفس السياق إذا كان هذا الفعل عند ارتكابه يهدف مخالفة للتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج يعد مرتكبه مقترفا لجريمة صرف يعاقب عليها بالعقوبة المقررة قانونا لهذه الأخيرة دون تطبيق قانون الجمارك وذلك لعدم جواز الجمع بين العقوبات كما يأتي تفصيله لاحقا.
ونذكر كمثال حالة معروضة حاليا أمام محاكم ومجلس قضاء وهران هي حالة تصدير النفايات الحديدية والغير حديدية إلى متعاملين اقتصاديين بفرنسا فيقدم المصدر الجزائري أو وكيل العبور المكلف بذلك فاتورة أصلية أولية أمام إدارة الجمارك تحمل تصريحا بوزن معين من البضاعة، وبعد عبور البضاعة من ميناء وهران ووصولها إلى فرنسا يرسل المصدر فاتورة إضافية خاصة بنفس العملية التجارية تحمل كمية إضافية من الحديد المصدر وبالتالي مبالغ إضافية تقابلها بالعملة الصعبة التي من المفروض أن تدخل إلى الجزائر كناتج لعملية التصدير، وهذا التصرف يعد احتيال من أجل تغطية عدم استرداد الأموال إلى الوطن وذلك عن طريق فعل مجرم آخر هو الغش في التصريح أمام الجمارك وبالتالي فهو يشكل جريمة من جرائم الصرف في صورتيها التصريح الكاذب وعدم استرداد الأموال إلى الوطن.
     ثانيا: عدم استرداد الأموال إلى الوطن
إن أنظمة بنك الجزائر التي تنظم حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج تضع على عاتق المصدرين المقيمين   للبضائع والخدمات التزام استرداد الإيرادات (les recettes) المتأتية من الصادرات.
فحددت المواد 29-30 و31 من النظام 95-07 أن الإيرادات المتحصلة من الصادرات من غير المحروقات والنواتج المنجمية لا يتم تحصيلها إلا عن طريق الوسيط المعتمد المعين في العقد وهذا الأخير هو المؤهل لاسترداد المبالغ بالعملة الصعبة وذلك دون تأخير، حيث يلتزم أيضا (الوسيط المعتمد) بتمكين المصدر من الحصول على الجزء من العملة الصعبة الذي يعود له بإدراجه في حسابه بالعملة الصعبة (compte devise) وتمكينه من القيمة المقابلة (la contre valeur) بالدينار لرصيد الإيرادات المتأتية من التصدير والخاضع لالتزام التنازل.
كما أن عقد التصدير يمكن أن يتضمن التزام بالدفع au contant أو à crédit في الحالة الأولى على المصدر احترام الآجال العادية المعمول بها في نطاق التجارة الدولية لتحصيل (encaisser)  الإيرادات المتأتية من التصدير، وفي الحالة الثانية يجب ان يلتزم بتطبيق النظام المعمول به في هذا النطاق.  وفي كل الأحوال فإن كلا الالتزامين الخاصين باحترام الآجال والتزام استرداد الإيرادات الناشئة من التصدير يقع بالاشتراك على عاتق المصدر والوسيط المعتمد.
وتبعا لما سبق تعتبر جريمة من جرائم الصرف كل عملية تصدير لبضائع غير المحروقات والنواتج المنجمية التي تتم دون استرداد الإيرادات المتأتية منها إلى الوطن على الإطلاق، أو باستردادها خلافا للتنظيم أي بأن يتم الاسترداد دون تحصيل الإيرادات من طرف الوسيط المعتمد المعين في العقد، أو أن تتم عن طريق الوسيط المعتمد لكن دون احترام الآجال والإجراءات المقررة لذلك. 


           ثالثا: عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها أو الشكليات المطلوبة.
    لقد فرض بنك الجزائر شكليات وإجراءات عدة يجب التقيد بها في مجال الصرف وحركة رؤوس الأموال وجاء ذلك تطبيقا للسياسة الاقتصادية التي انتهجتها الدولة والرامية إلى دخول الجزائر في اقتصاد السوق من جهة، ومن جهة أخرى تهدف نفس القيود إلى منح سلطة الرقابة على الصرف وحركة رؤوس الأموال للدولة حتى تتفادى تهريب رؤوس الأموال وبالتالي تفادي المساس بالاقتصاد الوطني.
فوضعت إجراءات وشكليات خاصة بالعملة الصعبة (حيازتها، التنازل عنها، شراءها ...) وأخرى خاصة بتنظيم حركة رؤوس الأموال الناتجة عن عمليات التجارة الخارجية (استيراد وتصدير البضائع والخدمات ...).
1- بالنسبة للقيود المفروضة على التعامل بالعملة الصعبة وحيازتها:
    إن م 17 من النظام 95-07 أجازت صراحة لكل مقيم بالجزائر اكتساب وحيازة وسائل الدفع المحررة بالعملة الصعبة القابلة للتحويل على التراب الوطني بشرط أن يتم ذلك وفقا للشروط المنصوص عليها في النظام ذاته، فحددت م22 من نفس النظام أن هذه الوسائل لا يمكن اكتسابها أو التنازل عنها أو إيداعها بالجزائر إلا باللجوء إلى وسيط معتمد، إلا ما جاء مخالفا لذلك في نص تشريعي خاص أو ترخيص من بنك الجزائر.
  أ- حيازة العملة الصعبة: تشكل حيازة العملة الصعبة من غير الوسطاء المعتمدين جريمة صرف، ذلك أن أنظمة بنك الجزائر رخصت لكل شخص طبيعي أو معنوي، مقيم أو غير مقيم بالجزائر أن يحوز على وسائل دفع محررة بالعملة الأجنبية القابلة للتحويل لدى الوسطاء المعتمدين لا غير فتتجسد هذه الحيازة في امتلاك حسابات بالعملة الصعبة لدى البنوك أو المؤسسات المالية الوسيطة المعتمدة بالنسبة للأشخاص الطبيعية والمعنوية المقيمة أو الغير مقيمة (م22/1 من النظام رقم 95-07) كما تتجسد في فتح حسابات بالعملة الصعبة لدى بنك الجزائر بالنسبة للوسطاء المعتمدين (م 22/2 نفس النظام).
في كلتا الحالتين تكون الحسابات ممولة قصرا بوسائل الدفع الأجنبية المنصوص عليها في م 18 من نفس النظام السالفة الذكر، ولابد أن يتم فتح وتسيير هذه الحسابات من العملة الصعبة طبقا للشروط والأشكال التي وضعتها أنظمة بنك الجزائر التي تشمل:
- نظام بنك الجزائر رقم 90-02 المؤرخ في 08/09/1990 المتعلق بشروط فتح وتسيير الحسابات بالعملة الصعبة للشخص المعنوي (من القانون الجزائري).
- نظام بنك الجزائر رقم 90-04 المؤرخ في 08/09/1990 المتعلق بشروط فتح وتسيير الحسابات المتعلقة بالعملة الصعبة للوكلاء (concessionnaires ) وتجار الجملة المقيمين بالجزائر.
- نظام بنك الجزائر رقم 91-02 المؤرخ في 20/02/1991 محدد لشروط فتح وتسيير الحسابات بالعملة الصعبة لصالح الأشخاص الطبيعية والمعنوية من جنسية أجنبية المقيمة أو غير المقيمة بالجزائر.
   ب- التنازل عن العملة الصعبة: إن كل تنازل عن العملة الصعبة لغير الوسطاء المعتمدين أو بنك الجزائر يشكل جريمة صرف.
ذلك أن النظام 91-07 المؤرخ في 14/08/1991 المتضمن قواعد وشروط الصرف في مادته 02 مكن كل مقيم التنازل (بالبيع) عن العملة، ولا يتم هذا التنازل إلا لصالح الوسطاء المعتمدين و/أو بنك الجزائر طبقا للمادة 24 من نظام الجزائر رقم 95-07، كما أن كل عملية بالعملة الصعبة و/أو عملية صرف لا يتم إلا من قبل الوسطاء المعتمدون وحدهم سواء أكانت لحسابهم أو لحساب زبائنهم (م 10 من نفس النظام).
وتصبح إمكانية التنازل عن العملة الصعبة التزام حينما يتعلق الأمر بتصدير البضائع والخدمات حيث يلزم النظام رقم 95-07 لاسيما مادته 08 القيام بالتنازل عن الإيرادات المتأتية من عمليات التصدير إما لوسيط معتمد أو بنك الجزائر حسب الأحوال، إذ ميزت نفس المادة بين الإيرادات المتأتية من تصدير المحروقات والمنتوجات المنجمية التي يجب أن يتم التنازل عنها إجباريا إلى بنك الجزائر، وبين الإيرادات المتأتية من تصدير البضائع الأخرى غير المحروقات والمنتوجات المنجمية التي يجب التنازل عنها إما لبنك الجزائر أو وسيط معتمد.
   جـ - شراء العملة الصعبة: أجازت م 02 من النظام رقم 91-07 المتضمن قواعد وشروط الصرف شراء العملة الصعبة لكل شخص طبيعي أو معنوي مقيم بالجزائر ودون الاخلال بمقتضيات م 02، وبصفة انتقالية (à titre transitoire)، اللجوء (l’accès)إلى العملات الصعبة لبنك الجزائر مخصص للمتعاملين الاقتصاديين المقيمين وذلك من اجل تسديد مبالغ واجبة الدفع بموجب التزام متعاقد عليه بانتظام ومطابق لتنظيم الصرف والتجارة الخارجية (م 03 نفس النظام) وهذا ما أكدته م 09 من النظام رقم 95-07 المتعلق بمراقبة الصرف.
وما دام كل شراء للعملة الصعبة يتطلب وجوبا أن يتم لدى وسيط معتمد، فإن كل اكتساب (شراء) للعملة الصعبة لدى الغير يعتبر فعلا مشكلا لجريمة صرف.       
2- بالنسبة لحركة رؤوس الأموال نتيجة عمليات تجارية. 
     و تشمل دراسة القيود المفروضة على عمليتا التصدير و الإستيراد الخاصتين بالبضائع و/أو الخدمات.
أ- استيراد وتصدير البضائع:
تم تكريس حرية التجارة الخارجية بمقتضى الأمر رقم 03-04 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع وتصديرها، إذ حررت كل عمليات استيراد البضائع والمنتوجات وتصديرها باستثناء ما كان منها مخلا بالأمن والنظام العام والأخلاق من كل قيد، إلا أنه نظرا لما ينتج من حركة رؤوس أموال ضخمة  من هذه العمليات جعل المشرع يضع شرطا خاصا يتمثل في ضرورة إخضاع عمليات الاستيراد والتصدير لشكلية التوطين المصرفي المسبق لدى بنك وسيط معتمد في الجزائر (م1 من نظام بنك الجزائر رقم 91-03 مؤرخ في 20/02/1991 المتعلق بشروط ممارسة عمليات استيراد السلع وتمويلها).
ويتمثل التوطين المصرفي (domiciliation bancaire) بالنسبة للمتعامل الاقتصادي في اختياره، قبل انجاز العملية (استيراد وتصدير) بنكا له صفة الوسيط المعتمد يتعهد بالقيام لديه بالعمليات والشكليات المصرفية.
أما بالنسبة للوسيط المعتمد يتمثل التوطين المصرفي في القيام لحساب المتعامل الاقتصادي بالعمليات والشكليات المنصوص عليها في التنظيم المتعلق بالتجارة الخارجية والصرف (م 04 من نظام بنك الجزائر رقم 91-13 المؤرخ في 14/08/1991 المتعلق بالتوطين المصرفي والنظام المالي للتصديرات خارج المحروقات).
* استيراد البضائع:
     حددت شروط إجراء عمليات استيراد السلع وتمويلها في النظام رقم 91-03 المؤرخ في 20/02/1991، والإجراءات الخاصة بالتوطين المصرفي لعمليات التصدير في النظام رقم 91-12 المؤرخ في 14/08/1991.
كما نصت م 25 من النظام رقم 95-07 أن كل عقود استيراد السلع تخضع إلى توطين مصرفي مسبق باستثناء ما يخضع منها لنظام العبور.
فإذا جمعنا بين نصوص المواد 3 من نظام 91-03 وم02 من نظام 91-12 وم 25 من نظام 95-07 يتبين ان هناك عمليات تصدير السلع معفية من شرط التوطين المصرفي، وهي على العموم تلك الخاضعة لنظام جمركي (régime douanier suspensif ) مثل نظام العبور (م125 ق.ج)، المستودع الجمركي (م129 ق.ج)، القبول المؤقت (م174 ق.ج)، إعادة التموين بالإعفاء (م 186 ق.ج)، المصنع الخاضع للمراقبة الجمركية (م165 ق.ج)، التصدير المؤقت (193 ق.ج) باستثناء بعض الاستيرادات كالتي كانت محلا لترخيص تحويل العملة الصعبة إلى الخارج وتصدير العينات ... إلخ.
وبالتالي كل عملية استيراد سلع تتم دون توطين مصرفي – باستثناء الاعفاءات السالفة الذكر. تعتبر فعلا مشكلا لجريمة صرف، كما أن كل دفع لمبالغ خاصة بعمليات الاستيراد لا تتم بواسطة وسيط معتمد، كأن تدفع إلى المورد مباشرة يعد فعلا مشكلا لجريمة صرف لمخالفته للتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال.


* تصدير البضائع:
   اشترطت م 25 من نظام 95-07 أن يخضع كل عقد تصدير نهائي أو مؤقت للبضائع- من أي نوع كانت- إلى تعيين محل لدى وسيط معتمد باستثناء العمليات التي تتم تحت نظام العبور وإجراءات التوطين المصرفي المتعلقة بالتصديرات خارج المحروقات (exportation hors hydrocarbures) محددة في النظام رقم 91-13 المؤرخ في 14/08/1991، هذا الأخير في مادته 02 يؤكد ضرورة اتمام التوطين المصرفي للتصديرات خارج المحروقات، أما م 03 من نفس النظام تضمنت الاستثناءات التي تعفى فيها عمليات التصدير من التوطين المصرفي وهي حالتين:
- عمليات التصدير المؤقتة، إذا لم يترتب عنها تسديد خدمات باسترداد عملة صعبة.
- عمليات التصدير مقابل دفع مبلغ يعادل أو يقل عن 30.000 دج يؤدى عن طريق إدارة البريد والمواصلات.
كما أسلفنا بالذكر في صدد عدم استرداد رؤوس الأموال إلى الوطن أن م 29 من نظام 95-07 اشترطت أن تتم كل عملية تحصيل للإيرادات المتأتية من الصادرات - غير المحروقات والنواتج المنجمية - لدى الوسيط المعتمد المعين بالعقد (التوطين المصرفي).
       وتبعا لذلك كل تصدير لبضائع تم دون توطين مصرفي مسبق لدى وسيط معتمد، باستثناء الإعفاءات المذكورة أعلاه، يعد فعلا مشكلا لجريمة صرف. وكل تحصيل للإيرادات المتأتية من الصادرات – غير المحروقات والنواتج المنجمية – يتم دون وساطة الوسيط المعتمد الذي تم توطين عقد التصدير لديه يعد فعلا مشكلا لجريمة صرف.
    ب- استيراد وتصدير الخدمات:
    إن القواعد المنظمة لعمليات استيراد وتصدير الخدمات تضمنها النظام رقم 95-07 في النقطة VI تحت عنوان "في القواعد المتعلقة بتسديد استيرادات وتصديرات الخدمات" من المادة 34 إلى 43.
* استيراد الخدمات:
  كل عملية تبادل (opération d’échange) خدمات بين الجزائر والبلدان الأجنبية تخضع لتوطين مصرفي كما هو معمول به في مجال تبادل البضائع، ويتم تسديد استيراد الخدمات من قبل البنوك والمؤسسات المصرفية الوسيطة المعتمدة انطلاقا من مواردها الخاصة بالعملة الصعبة أو المتحصل عليها لدى زبائنها أو لدى بنك الجزائر (م 34 و 39 نظام 95-07) تبعا لذلك كل استيراد لخدمات دون توطين مصرفي يعد فعلا مشكلا لجريمة صرف.



* تصدير الخدمات:
  كل تصدير لخدمات لابد أن يخضع لتوطين مصرفي كما هو معمول به في مجال تصدير البضائع، وتطبق نفس القواعد المفروضة على عمليات تصدير البضاعة الخاصة بالتوطين المصرفي وتحصيل إيرادات التصدير على عمليات تصدير الخدمات (م 34 و41 نظام 95-07).
  تبعا لذلك يعد كل تصدير لخدمات دون توطين مصرفي وكل تحصيل لإيرادات متأتية من تصدير خدمة يتم من دون وسيط معتمد فعلا مشكلا لجريمة صرف.
  
  رابعا: عدم الحصول على التراخيص المشترطة أو عدم احترام الشروط المقترنة بها
     الأصل في الأنظمة الصادرة من بنك الجزائر هو الاعتراف للمتعاملين الاقتصاديين بحق القيام بعمليات استيراد وتصدير  البضائع والخدمات بكل حرية  وذلك تحقيقا لرغبة الدولة في تحرير التجارة الخارجية ، إلا أنه لكل أصل استثناء يؤكده، إذ تتدخل السلطات العمومية دفاعا عن المصالح الوطنية فيما يخص بعض العمليات الخاصة بالتجارة الخارجية والمتعلقة بنوع معين من البضائع أو الخدمات فتخضعها إلى ترخيص مسبق من بنك الجزائر. لذلك نجد بعض أنظمة بنك الجزائر تضمنت شرط الحصول على ترخيص مسبق لتمكن المتعامل الاقتصادي بالقيام ببعض التصرفات الخاصة بنشاطاته في مجال التجارة الخارجية.
   في هذه الحالة يتجسد الفعل المكون للركن المادي لجريمة الصرف، في تصرف المتعامل الاقتصادي دون حصوله على التراخيص التي تتطلبها الأنظمة أو دون احترام الشروط المقترنة بالحصول على التراخيص، ونذكر العمليات والتصرفات التي أخضعتها الأنظمة إلى تراخيص ونجملها في أربعة نقاط.
1- تحويل رؤوس الأموال إلى الخارج:
* إن تشكيل أصول نقدية أو مالية أو عقارية بالخارج من قبل مقيمين إنطلاقا من نشاطاتهم في الجزائر يبقى ممنوع إلا إذا منح مجلس النقد والقرض رخصة بتحويل رؤوس الأموال إلى الخارج لتأمين تمويل نشاطات في الخارج تكون متممة لنشاطاتهم المتعلقة بالسلع والخدمات التي يمارسونها بالجزائر (م4 من نظام 95-07 وم 187 من القانون رقم 90-10 المتعلق بالنقد والقرض).
 * لا يمكن أن يتم دفع المبالغ بالخارج من حسابات بالعملة الصعبة مفتوحة من طرف الأشخاص المعنوية من القانون الجزائري إلا بترخيص من بنك الجزائر (م9نظام رقم 90-02).
* كذلك لا يمكن للتجار بالجملة والوكلاء المعتمدين المستقرين بالجزائر أن يحولوا مبالغ من العملة الصعبة انطلاقا من حسابات مفتوحة بالجزائر نحو الخارج إلا بالحصول على ترخيص من بنك الجزائر يمنح بناءا على طلب يودع بواسطة البنك الذي فتح لديه حساب العملة الصعبة (م 11 نظام 90-04)             
  2- استرداد الأموال:
  ترحيل رؤوس الأموال(rapatriement) المحولة نحو الجزائر من غير المقيمين قصد تمويل نشاطات اقتصادية وإيراداتها مقيد بالحصول على تأشيرة من بنك الجزائر.
كما أن م 31 من الأمر رقم 01-03 المؤرخ في 20/08/2001 المتعلق بتنمية الاستثمار تجيز إعادة تحويل (استرداد) رؤوس الأموال والنتائج والمداخيل والفوائد وسواها من الأموال المتصلة بتمويل مشاريع في الجزائر وفق الشروط التي يحددها مجلس النقد والقرض تشجيعا للاستثمار الأجنبي بالجزائر.
3- الفوترة والبيع بالعملة الصعبة داخل الإقليم الجزائري:
     م05 من نظام 95-07 تمنع الفوترة أو بيع سلع أو خدمات في التراب الوطني بالعملة الصعبة إلا إذا رخص ذلك بنك الجزائر.
4- استيراد الخدمات:
   حدد نظام 95-07 في المادتين 36 و37 على سبيل الحصر عمليات الاستيراد التي لا يشرط فيها الحصول على ترخيص مسبق من بنك الجزائر وهي:
- خدمات النقل والتأمين المرتبطة مباشرة بالواردات و/أو الصادرات من البضائع.
- عقود المساعدة التقنية أو تقييم الخدمات التي تتضمن عمليات تكوين وتركيب وصيانة التجهيزات أو إنشاء مجموعات صناعية.
- عمليات التأمين وإعادة التأمين المتعاقد عليها من قبل شركات التأمين المقيمة.
أما باقي عمليات الاستيراد فإما أنها تخضع لنصوص خاصة تحدد شروط وكيفيات إجرائها، أو في غياب تلك النصوص لابد أن تخضع إلى ترخيص مسبق من بنك الجزائر.

الفرع الثاني: صور جرائم الصرف المنصبة على المعادن الثمينة والأحجار الكريمة
     بنفس الطريقة ولنفس الأسباب التي أجاز بها المرسوم رقم 91-37 المتعلق بشروط التدخل في مجال التجارة الخارجية استيراد وتصدير البضائع والخدمات أصبح جائزا أيضا استيراد وتصدير المصنوعات من الأحجار الكريمة و المعادن الثمينة ومن ثمة فهي خاضعة لنفس الشكليات وهي التوطين المصرفي المسبق من جهة وطبقا لأحكام نظام 95-07 واجب تحصيل وترحيل الإيرادات المتأتية من الصادرات بواسطة وسيط معتمد من جهة أخرى.
  أما إذا كانت مصنوعات من ذهب أو فضة أو من البلاتين موضوع عمليات الاستيراد والتصدير أو الشراء، البيع أو الحيازة بصفة خاصة فهي خاضعة لأحكام خاصة تضمنها القانون رقم 76-104 المؤرخ في 09/12/1976 المعدل والمتمم المتضمن قانون الضرائب غير المباشرة.
  وأية عملية تجرى خلاف بالأحكام المقررة أعلاه تشكل فعلا مكونا للركن المادي لجريمة الصرف.
    
      أولا: عمليات الشراء والبيع
طبقا للمادة 345 قانون الضرائب غير المباشرة لابد أن تكون مصنوعات الذهب والفضة والبلاتين المصنوعة بالجزائر مطابقة للعيارات المنصوص عليها في القانون.
  ويجب لذلك المصنوعات أن تحمل دمغتين: دمغة الصانع ودمغة مكتب الضمان على أن تكون الدمغات مطابقة للنماذج المحددة قانونا. 
  يفرض نفس القانون على التجار والصناع الذين يشترون مصنوعات تخلو من العلامات أن يتقدموا إلى المراقبة خلال 24 ساعة، كما هم ملزمون بمسك دفتر خاص يقيدون فيه نوع الأشياء المصنوعة من ذهب أو فضة أو بلاتين مع كل المواصفات الدقيقة المتعلقة بها (وزن، عيار) وأسماء وعناوين المشترين، ثم عليهم مسك سجل آخر أيضا يحتوي على المصنوعات المودعة لديهم قصد البيع أو لأي سبب آخر ولاسيما من أجل تصليحها.
  تبعا لذلك كل إخلال لهذه الالتزامات يعد فعلا مشكلا للركن المادي لجريمة صرف.
     ثانيا: عمليات الاستيراد والتصدير
إلى جانب خضوع المصنوعات من المعادن الثمينة إلى نظام بنك الجزائر فيما يخص عمليات التصدير والاستيراد فإنها تخضع أيضا لقانون الجمارك بعنوان استيراد وتصدير البضاعة.
  من ثمة إذا كان استيراد الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة لأغراض تجارية فيجب أن تقدم تلك المصنوعات إلى أعوان الجمارك والتصريح بها ووزنها وختمها بالرصاص، ويحترم بعد ذلك المستورد مجموعة من الشكليات تتمثل في:
  - وضع المستورد دمغة المسؤولية على المعادن وهي خاضعة لنفس القواعد التي تحكم دمغة المعلم الصانع.
  - إرسال المصنوعات المدموغة إلى مكتب الضمان لتوضع عليها العلامة إذا كانت تحتوي على أحد العيارات القانونية.
  كما أن استيراد الأحجار والمعادن الثمينة لم يصبح خاضع لموافقة أو ترخيص مسبق منذ 01/04/1991، بالفعل نستنتج من الجمع بين المادتين 01 و08 من النظام رقم 91-03 المتعلق بشروط استيراد السلع إلى الجزائر أن كل شخص طبيعي أو معنوي مقيد بالسجل التجاري يمكنه بمجرد توطين مصرفي القيام باستيراد مثل هذه المواد.
  وأما قبل صدور هذا النظام كان قبله قانون المالية التكميلي رقم 90-16 المؤرخ في 07/08/1990 يسمح استيراد الذهب بشرط أن تكون هناك علاقة بين هذه الاستيرادات والسجل التجاري للمستورد إذا كانت هذه المواد مخصصة للاستعمال المهني، أو لإعادة بيعها على حالتها لما تكون قد صدرت من طرف تجار الجملة أو وكلاء معتمدين.
  أما إذا كنا بصدد تصدير الأحجار الكريمة والمعان الثمينة فإن عملية التصدير خاضعة للقواعد المطبقة على الصادرات غير المحروقات كما هو محدد في نظام بنك الجزائر رقم 91-13 ومن ثمة تكون الصادرات من أحجار كريمة أو معادن ثمينة خاضعة لالتزام التوطين المصرفي المسبق وترحيل الإيرادات الناتجة عن بيعها بالخارج.
  كما تخضع مثلما هو الحال لعمليات الاستيراد إلى أحكام قانون الضرائب غير المباشرة المذكور أعلاه فبمقتضى المادة 375 من هذا القانون يحضر على التجار الاحتفاظ بالمصنوعات الحاملة لدمغة التصدير أو العلامات المتحركة، وعند تصديرها لابد من تغليف الطرود المحتوية على المصنوعات المعلمة أو غير المعلمة المصرح بها للتصدير بحضور موظفي الضمان الذين يرافقونها ويحضرون ترصيصها لدى الجمارك.
     ثالثا: الحيازة   
          إن حيازة الأحجار والمعادن الثمينة يجب أن تبرر بتقديم وثائق تثبت وضعيتهم القانونية اتجاه نظام الصرف.
وطبقا للمادة 354 قانون الضرائب غير المباشرة يعد كل حائزا على معادن ثمينة معلمة إما بدمغات مزورة أو عليها علامات الدمغة مطعمة أو ملحمة أو منسوخة مخالفا للنظام الخاص بالمعادن الثمينة، وتبعا لذلك يعد فعلا مشكلا للركن المادي لجريمة الصرف في آن واحد.





المبحث الثاني: الركن المعنوي لجرائم الصرف

       إن للركن المعنوي في جرائم الصرف ميزة خاصة تنفرد بها جريمة الصرف عن بقية الجرائم، فإن الركن المعنوي قد يغير من طبيعة الجريمة من جريمة عمدية إلى جريمة مادية بحتة تبعا لما إذا تطلب المشرع لقيامها توافر القصد الجنائي أم لا، إذ أن المشرع قد فرق ما بين جرائم الصرف التي تكون محلها نقودا أو قيما والتي تكون محلها معادن ثمينة أو أحجار كريمة فأعفى لقيام الأولى من توافر القصد الجنائي في حيث  أوجب في الثانية توافر القصد الجنائي لقيامها .

المطلب الأول: الركن المعنوي لجرائم الصرف التي محلها نقود 
      جعلت المادة 01 من الأمر 03-01 من جرائم الصرف التي يكون محلها نقودا كريمة جريمة مادية فجاءت بالمادة 01 أعلاه عبارة "لا يعذر المخالف بحسن نيته" وينتج عن ذلك نتيجتين أساسيتين:
- إعفاء النيابة من عبء إثبات سوء نية المخالف من جهة،
- وعدم تمكن المخالف من التذرع بحسن نيته للإفلات من العقوبة ونفي الجريمة.
ويرى الدكتور أحسن بوسقيعة أن موقف المشرع في ذلك كان تأثرا منه بالتشريع الجمركي بالتحديد م281 منه قبل تعديل 1998  مع أنه كان من المنتظر منه الرجوع بالمخالفات  الجمركية إلى القانون العام بتخليه نهائيا عن عدم الأخذ بحسن نية المخالف وعوضا من ذلك اكتفى المشرع باستبدال العبارة بعبارة ألطف التي هي "عدم جواز تبرئته المخالف استنادا إلى نيته" كما انه طبق نفس حكم م 281 ق.ج الملغاة على جرائم الصرف .
   يسجل أيضا إشكالية فيما يخص صدور حكمين متناقضين تماما فيما يخص جرائم الصرف فيما إذا قارننا م 1/1 من الأمر رقم 03/01 وفقرتها الأخيرة، ففي الأولى يجرم ويعاقب المشرع الشروع في جريمة الصرف، بينما نجده في الفقرة الأخيرة يستبعد نية المخالف كركن لقيام الجريمة. في حين من الثابت قانونا أن الشروع يتطلب توافر عناصر ومن بينها العدول غير الاختياري للجاني وهو الركن الذي يقتضي "وقف التنفيذ أو خيبة أثر الأفعال نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها" .
وأن الإرادة عنصر من عناصر القصد الجنائي وبالتالي كيف التحدث عن الشروع في جريمة لا يعتد فيها بالقصد الجنائي؟ في هذا الصدد يجمع الفقهاء على أنه لا يمكن الحديث عن محاولة إلا في الجرائم القصدية التي تقتضي توافر قصدا جنائيا على أساس أن تكون هناك محاولة ارتكاب جريمة مادية .
 
المطلب الثاني: الركن المعنوي لجرائم الصرف التي محلها معادن أو أحجار ثمينة.
   من قراءتنا لنص المادة 02 من الأمر رقم 03-01 الخاصة بصور جريمة الصرف المنصبة على المعادن الثمينة والأحجار االكريمة نلاحظ أن المشرع لم يحدد بصريح العبارة اشتراط توافر القصد الجنائي في مثل هذه الصور، كما لم يضمنها أيضا ما يفيد عكس ذلك، أي عدم الأخذ بنية الجاني، في هذه الحالة الجريمة تقتضي توافر خطأ يتمثل عموما في مجرد خرق ما يأمر به القانون أو التنظيم، وتبعا لذلك تظهر نتيجتين:
- الأولى أنه لا يقع على النيابة عبء إثبات الركن المعنوي 
- والثانية فإنه لا يوجد ما يمنع المخالف من التذرع بحسن نيته.
 



الفصل الثانيخصوصيات متابعة جرائم الصرف و العقوبات المقررة لها


 
الفصل الثاني: خصوصيات متابعة جرائم الصرف و العقوبات المقررة لها

إن الطبيعة الخاصة لجريمة الصرف جعل المشرع يرسم لها نظاما قانونيا خاصا ينفرد به عن باقي جرائم القانون العام لاسيما في مجال قمع الجريمة الذي يشمل معاينة الجريمة، متابعتها وكذا إجراء المصالحة فيها الذي قد يضع حدا للمتابعة، ثم الجزاء المقرر تطبيقه على كل مخالف للتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج. تبعا لذلك يخضع هذا النوع من الجرائم  إلى إجراءات خاصة تخرج أغلبيتها عن الأحكام العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية والمعمول بها في مجال معاينة ومتابعة جرائم القانون العام .
     هكذا نجد أن المشرع في مجال معاينة الجريمة التي تؤدي إلى متابعته قضائيا خص بالذكر فئات محددة من الأعوان على سبيل الحصر يناط بهم دون سواهم صلاحيات لمعاينة الجريمة تم تحديدها وتوزيعها على مختلف الفئات، أما شروط وكيفيات تعيين هؤلاء الأعوان حددت عن طريق التنظيم.
     ثم أن المشرع ألزم الأعوان المؤهلين لمعاينة جرائم الصرف باتباع إجراءات وشكليات معينة أثناء تأديتهم لمهامهم لاسيما احترام الأشكال المقررة لتحرير محاضر المعاينة والجهات التي ترسل إليها من أجل التصرف في الملف كما هي محددة في التنظيم.
    أما فيما يخص المتابعة فعلقت تحريك الدعوى العمومية على شكوى ترفع قصرا من وزير المالية أو محافظ بنك الجزائر أو أحد ممثليهما المؤهلين لهذا الغرض. ومنح للمخالف بالمقابل إمكانية التصالح مع الإدارة الأمر الذي يؤدي إلى إنهاء المتابعة، وفي هذا الصدد حددت شروط إجراء المصالحة عن طريق التنظيم، و حددت اللجان المختصة في إجرائها بالأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01.
    وبالنسبة للجزاء فإن المشرع أقر صراحة بمسؤولية الشخص المعنوي في جرائم الصرف وأمام ذلك الوضع ميز بين العقوبات المطبقة على المخالف فيما إذا كان شخصا طبيعيا أو معنويا من جهة، ووضع مبدأ عدم جمع العقوبات من جهة أخرى بحيث لا تطبق على جرائم الصرف إلا العقوبات المنصوص عليها في الأمر 96-22 المعدل والمتمم دون سواها بغض النظر عما إذا كانت الأفعال المشكلة لجرائم الصرف تقبل في آن واحد وصفين أحدهما معاقب عليه بموجب أحكام قانون مخالف لأحكام التشريع الخاص بجرائم الصرف.
  سنتناول في هذا الفصل دراسة مفصلة لكل جانب من الجوانب التي أشرنا إليها أعلاه، ونتولى لذلك تقسيم الفصل إلى مبحثين، أولهما لدراسة خصوصيات متابعة الجريمة، والمبحث الثاني للجزاء المخصص المسلط على مرتكبيها.
 
المبحث الأول: خصوصيات متابعة جرائم الصرف
          إن معاينة جريمة الصرف تخضع لقواعد إجرائية خاصة، كما سلف ذكره، تضمنت البعض منها نصوص مواد الأمر 96-22 المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01 والبعض الآخر كتكملة للأولى تضمنتها مراسيم تنفيذية حيث صدر في هذا الشأن المرسوم التنفيذي رقم 97-256 المؤرخ في 14/07/97 المتضمن شروط وكيفيات تعيين بعض الأعوان والموظفين المؤهلين لمعاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج والمرسوم التنفيذي رقم 97-257 الذي يضبط أشكال محاضر معاينة هذه المخالفة المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 03-110 المؤرخ في 05/03/2003 وهي المراسيم التي تنظم جانب معاينة جرائم الصرف.
أما الإجراء الذي يلي مباشرة معاينة الجريمة والذي هو متابعة مرتكبيها أمام القضاء اكتفى المشرع تنظيم هذا الجانب بنصوص الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم.إلا أن المشرع قرر أيضا إفادة المخالف بإجراء المصالحة التي إذا تمت تضع حدا للمتابعة  لذا خصصنا لدراسة هذا المبحث مطلبين متكاملين المطلب الأول يعالج المعاينة والمتابعة القضائية للجريمة و المطلب الثاني يتناول إجراء المصالحة .
المطلب الأول: إجراءات معاينة و متابعة جرائم الصرف
         ويتناول هذا المطلب كل من إجراءات المعاينة في فرع أول، ثم متابعة الجريمة مباشرة بعد معاينتها في فرع ثاني مع التفصيل في كلا الإجراءين.
الفرع الأول: إجراءات معاينة الجريمة
يشمل هذا الفرع دراسة ثلاثة نقاط أساسية ابتداء من الأعوان المؤهلين لمعاينة جرائم الصرف مرورا بالشكليات الواجب احترامها من طرف هؤلاء الأعوان في مباشرتهم لمهامهم لاسيما تحرير محاضر المعاينة ختاما الصلاحيات الخاصة ببعض فئات الأعوان.
      أولا: الأعوان المؤهلون لمعاينة الجريمة
     حصرت م 07 من الأمر رقم 96-22 الأعوان المؤهلين لمعاينة جرائم الصرف في خمسة (05) فئات من الأشخاص تنتمي لأسلاك وإدارات مختلفة وهي:
الفئة الأولى: ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليهم بالمادة 15 ق.إ.ج والذين هم بعدد سبعة فئات مختلفة دون أعوان الضبطية القضائية.
الفئة الثانية: موظفو المفتشية العامة للمالية المعينون وفق الشروط والكيفيات التي حددتها م 03 من المرسوم التنفيذي رقم 97-256 المذكور أعلاه. حيث يتم تعيينهم بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير العدل ووزير المالية باقتراح من السلطة الوصية من بين الموظفين الذين يثبتون رتبة مفتش على الأقل ولهم ثلاث سنوات كحد أدنى من الممارسة الفعلية بهذه الصفة.
الفئة الرابعة: أعوان البنك المركزي (بنك الجزائر حاليا) الممارسون على الأقل مهام مفتش أو مراقب المحلفون والمعنيون بقرار من وزير العدل باقتراح من محافظ البنك المركزي والذين لهم ثلاثة سنوات كحد أدنى من الممارسة الفعلية بهذه الصفة تطبيقا لنص م 04 من نفس المرسوم. وعمليا وأثناء تفحصنا لبعض الملفات الخاصة بجرائم الصرف المطروحة أمام محكمة وهران أنه إثباتا لاحترام الإجراءات يرفق بالملف محضر أداء اليمين الخاص بالعون الذي قام بتحرير محضر المعاينة وأن معاينة هؤلاء الأعوان لجرائم الصرف تتم على العموم أثناء مباشرتهم لمراقبة عمليات التجارة الخارجية التي تتم على مستوى البنوك.
الفئة الخامسة: الأعوان المكلفون بالتحقيقات الاقتصادية وقمع الغش المعينون بقرار وزاري مشترك بين وزير العدل ووزير التجارة باقتراح من السلطة الوصية من بين الأعوان الذين يثبتون رتبة مفتش على الأقل ولهم ثلاث سنوات كحد أدنى من الممارسة الفعلية بهذه الصفة طبقا لنص م 50 من نفس المرسوم.
ومن أجل ممارسة أعوان هذه الفئات صلاحيتهم في نطاق مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج خول المشرع لكل الفئات صلاحية تحرير محاضر المعاينة في حيث مكن لبعض الفئات دون غيرها صلاحيات أخرى إضافية.
   ثانيا: محاضر معاينة الجريمة
     يقوم الأعوان المؤهلين قانونا لمعاينة جرائم الصرف كإجراء مشترك بين جميع الفئات بتحرير محاضر معاينة ترسل فورا إلى الوزير المكلف بالمالية ومحافظ بنك الجزائر إذ تشكل هذه المحاضر قاعدة لازمة لمتابعة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج. 
أما أشكال إعداد هذه المحاضر وكيفياتها نظمها المرسوم التنفيذي رقم 97-257 الذي يضبط أشكال محاضر معاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وكيفيات إعدادها المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 03-110 المؤرخ في 05/03/2003.

1- شكل محاضر المعاينة
يجب أن تتضمن محاضر المعاينة بيانات حددتها م 03 من المرسوم 97-257 وهي: 
1- الرقم التسلسلي.
2- تاريخ المعاينات التي تم القيام بها وساعتها ومكانها أو أماكنها المحددة..
3- اسم ولقب العون أو الأعوان الذي أو الذين يحررون المحاضر وصفاتهم وإقامتهم.
4- ظروف المعاينة.
5- تحديد هوية مرتكب المخالفة وعند الاقتضاء هوية المسؤول المدني عندما يكون الفاعل قاصرا أو هوية الممثل الشرعي عندما يكون الفاعل شخصا معنويا.
6- طبيعة المعاينات التي تم القيام بها والمعلومات المحصل عليها.
7- ذكر النصوص المكونة للعنصر الشرعي للمخالفة.
8- وصف محل الجنحة وتقويمها.
9- كل عنصر بإمكانه تحديد قيمة المعاينات التي تم القيام بها بصفة مفصلة.
10- الإجراءات المتخذة في حالة حجز: الوثائق، محل الجنحة، وسائل النقل المستعملة في الغش.
11- توقيع العون أو الأعوان التي يحرر أو الذين يحررون المحاضر.
12- توقيع مرتكب أو مرتكبي المخالفة و/أو عند الاقتضاء المسؤول المعدني أو الممثل الشرعي، وفي حالة رفض أحد هؤلاء التوقيع ينوه ذلك في المحضر.
علاوة على ذلك، يشار في هذا المحضر إلى أن الشخص أو الأشخاص الذين أجريت عندهم المعاينات قد إطلعوا على تاريخ تحريره ومكانه وأنه قد تلي وعرض عليهم للتوقيع .
وأضافت م 05 من نفس المرسوم أنه مع مراعاة أحكام المادة 03 في نقاطها 7 و8 و9 و10، فإن محاضر المعاينة التي يعدها ضباط الشرطة القضائية وأعوان الجمارك تحرر حسب الأشكال والكيفيات التي تحددها الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها.
فيفهم من هذه المادة أن ضباط الشرطة القضائية إذا عاينوا جريمة من جرائم الصرف فإنهم يبادرون بتحرير محضر معاينة عن ذلك حسب الأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية على العموم دون الإخلال بالأحكام التي نص عليها م 03 من الأمر 96-22 وخاصة منها البيانات المحددة أعلاه وبالنسبة للمحاضر التي يحررها في نفس الظروف أعوان الجمارك فهي تخضع للتشريع والتنظيم الجمركي بصفة عامة مع مراعاة بالخصوص أحكام نفس المادة 3 من المرسوم 97-257 في بياناتها   (7-8-9-10) لكن هذه المادة 05 من الأمر 96-22 تثير إشكالا، فهل يعني مضمونها أنه للدفع ببطلان محاضر معاينة ضباط الشرطة القضائية وأعوان الجمارك في مجال جرائم الصرف يجب إما إثبات عدم مراعاة البيانات المنصوص عليها في المادة 03 من المرسوم 97-257 لاسيما النقاط 7، 8، 9، 10 منها أو إثبات عدم مراعاة هذه المحاضر للأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها في كل من قانون الإجراءات الجزائية بالنسبة لضباط الشرطة القضائية والتشريع والتنظيم الجمركي بالنسبة لأعوان الجمارك ؟
على سبيل المثال إذا تم تحرير محضر معاينة لجريمة الصرف من طرف أعوان الجمارك وأنه احترمت في تحريره كل البيانات المنصوص عليها في م 03 من المرسوم 97-257، لاسيما منها النقاط 7، 8، 9 و10 إلا أنه حين إجراء المعاينة لم يكن الشخص المعني حاضرا حتى يوقع ويتلى عليه المحضر فاستدعى من أجل ذلك من طرف إدارة الجمارك إلا أنه لم يحضر رغم ذلك فإننا بالرجوع إلى م 252 ق.ج فقرتها الأخيرة فإنها تلزم أعوان الجمارك في حالة عدم حضور الشخص المعني المستدعي قانونا أن يذكر ذلك في المحضر الذي يعلق على الباب الخارجي لمكتب أو مركز الجمارك المختص وأنه طبقا م 255 ق.ج فإن عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في م 252 ق.ج في تحرير المحاضر يقع تحت طائلة البطلان.
فإذا تمسك المخالف بأحكام المادتين 252 و255 من ق.ج لإبطال المحضر هل يؤدي ذلك إلى إبطاله على أساس أحكام التشريع الجمركي أو صرف النظر عنه وعدم الالتفات لهذا الدفع على أساس أن م 03 من المرسوم 79 -257 لم تنص على وجوب إجراء مثل هذا الإجراء (التعليق)؟.
وهذا إشكال عملي طرح أمام القضاء بمحكمة وهران التي فصلت فيه في حكمها الصادر في
2- حجية المحاضر:
لم يضفي الأمرين 96/22 و03-01 أية حجية خاصة على المحاضر التي يحررها الأعوان المؤهلين بمعاينة جرائم الصرف ولذلك فإن هذه المحاضر تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية في مادته 216 والتي تنص أنه في الأحوال التي يحول فيها بنص خاص لضباط الشرطة القضائية أو أعوانهم أو للموظفين أو أعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة إثبات جنح في محاضر أو تقارير تكون لهذه المحاضر أو التقارير حجيتها ما لم يدحضها دليل عكسي بالكتابة أو بشهادة الشهود، وبالتالي تكون لمثل هذه المحاضر حجية نسبية.

3- إرسال المحاضر للجهات المختصة
مباشرة بعد إجراء المعاينات ترفع المحاضر إلى وزير المالية أو محافظ بنك الجزائر المؤهلان لوحدهما لاتخاذ الإجراءات المناسبة إما بإرسال الملف إلى السلطات القضائية لإجراء المتابعة ضد المخالفين وإما بقبول المصالحة إذا طالبها المخالف (م7 من الأمر رقم 96-22).
وكانت م 04 من المرسوم التنفيذي رقم 97-257 تستلزم أن تحرر المحاضر على أربع نسخ وأن يرسل أصل محضر المعاينة ونسخة منه مرفوقين بكل وثائق الإثبات إلى وزير المالية في حين تحتفظ المصلحة القائمة بتحرير المحضر بالنسختين الأخيرتين وعدلت م 04 بموجب م 03 من المرسوم التنفيذي رقم 03-110 فأصبحت تحرر المحاضر وترسل وفق الحالات الثلاثة الآتية:
1- تحرر محاضر المعاينة من قبل أعوان بنك الجزائر المؤهلين في أربع نسخ: يرسل أصل المحضر ونسخة منه مرفقين بكل المستندات الثبوتية إلى محافظ بنك الجزائر، وترسل نسخة من المحضر مرفقة بنسخ من المستندات الثبوتية إلى الوزير المكلف بالمالية، وتحفظ نسخة على مستوى المصلحة التي قامت بتحرير المحضر.
2- تحرير محاضر الأعوان المؤهلين الآخرين في ثلاث نسخ: يرسل فورا أصل المحضر ونسخة منه مرفقان بالسندات الثبوتية إلى وزير المالية، وتحفظ نسخة على مستوى المصلحة التي حررت المحضر.
3- إذا كانت المخالفة المرتكبة دون علاقة بعملية التجارة الخارجية وكانت قيمة محل الجنحة تقل عن 500.000 دج أو تساويها: ترسل نسخة من المحضر إلى رئيس اللجنة المحلية للمصالحة.
     ثالثا: الصلاحيات الخاصة ببعض فئات الأعوان
   أدخلت م 11 من الأمر رقم 03-01 تعديلا على الأمر 96-22 بإحداث م 08 مكرر ومكنت هذه الأخيرة بعض فئات الأعوان المؤهلين لمعاينة جرائم الصرف بصلاحيات إضافية إلى جانب صلاحية تحرير محاضر المعاينة، وتقتصر الفئات المعنية على أعوان البنك المركزي (بنك الجزائر) وأعوان إدارة المالية المؤهلين السالف ذكرهم أعلاه.
وتتمثل هذه الصلاحيات في: اتخاذ تدابير أمن، دخول المساكن (التفتيش)، الإطلاع على الوثائق طبقا لما هو منصوص عليه في التشريعين الجمركي والجبائي.
1- حق اتخاذ تدابير الأمن:
يقصد بتدابير الأمن طبقا للمادة 08 مكرر تلك التدابير المناسبة لضمان تحصيل العقوبات المتعرض لها مثلما هو معمول به في المادة الجمركية، علما أن قانون الجمارك في مادته 241 قد خول لأعوان الجمارك حق اتخاذ تدابير مختلفة لمعاينة الجرائم الجمركية وهي حق حجز البضائع الخاضعة للمصادرة وحق احتجاز بضائع أخرى وأية وثيقة مرفقة بالبضائع تكون في حوزة المخالف وذلك كضمان على أن لا تتجاوز قيمتها حدود الغرامات الجمركية المستحقة قانونا.
وتتمثل الأشياء القابلة للمصادرة في البضاعة محل الجنحة ووسائل النقل المستعملة لارتكاب الغش، أما احتجاز الأشياء التي في حوزة المخالف يكون تدبير احتياطي ضمانا للدين المستحق للخزينة   
2- حق التفتيش:
لم تقيد م 08 مكرر حق دخول المساكن وتفتيشها بأي شرط ولم تتضمن أي تحديد للإجراءات التي ينبغي إتباعها أثناء مباشرة التفتيش خلافا للمشرع التونسي الذي أحال في هذا الخصوص إلى قانون الجمارك.
     ونظرا أن المشرع الجزائري خص حق التفتيش بأعوان إدارة المالية وبنك الجزائر المؤهلين فقط فلا يمكننا بهذه الصفة وإلحاق أحكام قانون الجمارك لإحدى هذه الفئات لأنها أحكام خاصة بأعوان إدارة الجمارك وتبقى كذلك مادام لا وجود لنص خاص يقضي بخلاف ذلك في التشريع الخاص بقمع جرائم الصرف.
فلعل أن صمت المشرع في هذا الأمر يعني انه فتح الباب لتطبيق القواعد العامة بخصوص التفتيش الذي يقوم به الأعوان المؤهلين في إطار معاينة جرائم الصرف، وإذا كان الأمر كذلك وجب الرجوع إلى أحكام قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المادتين 44 و47 منه التي تطبق على ضباط الشرطة القضائية. إلا أن الأصل أن السكوت علامة الرضا وأن عدم التحريم يفيد الإباحة، غير أن هذا الاستنتاج لا يتفق وأحكام الدستور في مادته 40 التي تخضع التفتيش لأمر مكتوب صادرة عن السلطة القضائية المختصة         
وتبعا لذلك فإن عملية التفتيش التي يقوم بها أعوان إدارة المالية وبنك الجزائر المؤهلين في معاينة جرائم الصرف يقف على قيد واحد هو الحصول على إذن مكتوب مسبق من السلطة القضائية المختصة المتمثلة في وكيل الجمهورية.
3- حق الإطلاع على الوثائق:
تمارس حقوق الإطلاع المختلفة المنصوص عليها في التشريعين الجمركي والجبائي من طرف إدارة المالية وبنك الجزائر المؤهلين للتحري في جرائم الصرف وذلك بصريح نص م 8 مكرر السالفة الذكر.
وقد نضم هذه الحقوق قانون الجمارك في م 48 منه الذي منح للأعوان المؤهلين حق المطالبة بالإطلاع على كل أنواع الوثائق المتعلقة بالعمليات التي تهم المصلحة المعنية بالتحري في جريمة الصرف ذلك أينما تواجدت الوثائق كسندات التسليم والفواتير وجداول الإرسال وعقود النقل ويمكن أن يمارس حق الإطلاع على الوثائق لدى الأشخاص الطبيعية كما لدى الأشخاص المعنوية من القانون الخاص أو من القانون العام، سواء أكانت تهمها عمليات الغش بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة، ويشكل رفض تقديم الوثائق مخالفة جمركية .   
أما بالنسبة لضباط الشرطة القضائية رغم أن الأمرين رقم 96-22 و03-01 لم يمنحا لهذه الفئة إلا صلاحية معاينة جرائم الصرف عن طريق تحرير محاضر المعاينة فإنهما لم يتضمنا كذلك ما يمنعهم من ممارسة صلاحياتهم الأخرى المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية أثناء مباشرتهم لمهمة التحري في جرائم الصرف، حيث حولت م 44 و74 ق.إ.ج لضباط الشرطة القضائية صلاحية الدخول إلى المساكن وحجز الأشياء المثبتة للتهمة والإطلاع على الوثائق طبقا لما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية كما هو معمول به أثناء التحري في جرائم القانون العام.
كما أنه فيما يخص صلاحيات الأعوان المكلفين بالتحقيقات الاقتصادية وقمع الغش فلا يوجد أي نص يمنع حق الدخول إلى المساكن أو الحجز أو الاحتجاز والإطلاع على الوثائق.
* تدابير تحفظية أخرى من اختصاص محافظ بنك الجزائر ووزير المالية
بعد أن كان الأمر رقم 96-22 يجيز لوزير المالية أن يتخذ أمر المنع المنصوص عليه في م 8 منه أصبح يناط اتخاذ نفس هذا الإجراء لمحافظ بنك الجزائر إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب وزير المالية أو أحد ممثليه المؤهلين لهذا الغرض طبقا للمادة 10 من الأمر رقم 03-01 المعدلة والمتممة للمادة 8 أعلاه.
ويتمثل هذا الإجراء التحفظي في اتخاذ كل التدابير التي من شأنها منع المخالف من القيام بكل عملية صرف أو حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج ترتبط بنشاطاته المهنية، يمكن رفع هذا الإجراء بنفس الطريقة التي اتخذ بها وذلك في كل وقت وفي جميع الحالات عند إجراء مصالحة أو صدور حكم قضائي.
وهذا التدبير يختلف تماما عن "المنع من مزاولة عمليات الصرف والتجارة الخارجية" المنصوص عليه بالمادة 05 من الأمر 03-01 والذي يمثل عقوبة جزائية تكميلية بجواز الحكم بها على الشخص المعنوي المدان لارتكابه جريمة من جرائم الصرف، إذ أن التدبير التحفظي الذي يتخذه محافظ بنك الجزائر لا يعتبر إلا إجراء إداري بحت وسابق لصدور الحكم القضائي الفاصل في الدعوى الجزائية إذا كانت هناك متابعة قضائية أو سابق لإتمام المصالحة إذا طالب المخالف إجراء الصلح (أنظر لأكثر تفصيل النقطة الثانية من الفرع الثاني للمطلب الثاني من المبحث الثاني ص52 ).
الفرع الثاني: إجراءات متابعة الجريمة
علق المشرع المتابعة الجزائية لجرائم الصرف على شرط تقديم شكوى ممن له الإختصاص قانونا كما مكن نفس الأشخاص بحق سحبها بالتالي وضع حد للمتابعة ما لم يصدر حكم نهائي أما مباشرة الدعوى فأبقاها من اختصاص النيابة بما تملك في ذلك من سلطة الملائمة.
هكذا طبق المشرع في مجال متابعة جرائم الصرف القواعد العامة مبدئيا كما هي مطبقة على بعض جرائم القانون العام مثل الزنا وترك الأسرة وتعديلا لها جاء بجديد فيما يخص الأشخاص المؤهلين لتقديم الشكوى التي لم يسبق أن نص عليها قانون العقوبات.
   أولا: تحريك الدعوى العمومية
لقد أوقفت م 9 من الأمر رقم 96-22 المتابعة الجزائية في جرائم الصرف على وجوب تقديم شكوى من طرف وزير المالية أو أحد ممثليه المؤهلين بذلك إلا أنها عدلت بمقتضى م 12 من الأمر 03-01 لكي يشمل هذا الاختصاص كل من وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر أو أحد ممثليهما المؤهلين لهذا الغرض. وكان هذا التعديل في سياق مسعى يهدف إلى رد الاعتبار لبنك الجزائر باعتباره سلطة نقدية تصدر أنظمة وترعى تنفيذها في مجال المراقبة وتنظيم سوقه  ونرى أنه من الناحية العملية إن هذا التعديل أصاب فإن بنك الجزائر -وعلى العموم فيما يخص التجارة الخارجية- يملك الأجهزة والصلاحيات الكافية والملائمة في رقابة عمليات الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وكشف كل خرق للقانون أو عمليات تكتنفها غموض وتستوجب التحري فيها، ولم يضع المشرع هنا أيضا شكلا محددا يجب أن تفرغ فيه الشكوى 
فإذا كان الأمر واضحا فيما يخص الشكوى التي ينبغي أن يقدمها وزير المالية شخصيا أو محافظ بنك الجزائر فإن المشرع لم يأتي بتوضيحات عن طريقة تأهيل ممثليها في تقديم الشكوى كما لم يحيلنا إلى التنظيم. نجد أن وزير المالية في هذا الصدد قد أصدر بتاريخ 09/08/1998 منشور تحت رقم 624 حدد فيه قائمة ممثليه المؤهلين لتقديم شكوى من أجل جرائم الصرف وتم توزيع الاختصاص حسب قيمة محل الجريمة على أعوان الجمارك، موظفي المفتشية العامة للمالية ومديري الخزينة الجهويين والمديرية العامة للخزينة. لكن لابد أن نشير إلى أن هذه القائمة وضعت في ظل الأمر رقم 96-22 ولذلك فهي مرشحة للتعديل فيما يتماشى مع صدور الأمر رقم 03-01.
أما بالنسبة لممثلي محافظ بنك الجزائر فإن هذا الأخير يؤهلهم بموجب مقرر يتضمن تاهيل إطار من بنك الجزائر بصفته ممثل لمحافظ بنك الجزائر أمام المحاكم وهو حسب ما تم معاينته في ميدان التربص المدير العام للمفتشية العامة لبنك الجزائر .      
ويرى الدكتور أحسن بوسقيعة أنه نظرا لما يترتب على الشكوى وعدمها من نتائج على سير الإجراءات وعلى حقوق الأفراد وحرياتهم يرى أنه من الضروري تحديد قائمة ممثلي وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر بنص أسمى من المنشور بحيث يكون محل نشر في الجريدة الرسمية ونحن نشاطره الرأي.
تبعا لما سبق إذا اتخذت إجراءات المتابعة القضائية لجريمة من جرائم الصرف بمبادرة من النيابة مباشرة دون شكوى مقدمة من الجهات المختصة أو بناءا على شكوى من أحد موظفي وزارة المالية أو بنك الجزائر الغير مؤهلين لهذا الغرض تكون باطلة.
* سحب الشكوى وأثرها على الدعوى العمومية
تقضي م 6/3 ق.إ.ج أن الدعوى العمومية تنقضي بمجرد سحب الشكوى إذا كانت هذه الأخيرة شرطا لازما للمتابعة. وطالما أن الأمرين 96-22 و03-01 الخاصين بجرائم الصرف لم يتضمنا أي نص مخالف لذلك. كانت م 6 ق.إ.ج واجبة التطبيق على جرائم الصرف، وبالتالي إذا تم سحب الشكوى في أية مرحلة وصلت إليها الإجراءات – ما لم يصدر حكم قضائي نهائي – فإن ذلك يضع حدا للمتابعة.
    ثانيا: مباشرة الدعوى العمومية
إذا قيد المشرع تحريك الدعوى العمومية بشرط تقديم شكوى من وزير المالية أو محافظ بنك الجزائر أو احد ممثليهما المؤهلين لذلك، فإنه لم يغير شيئا للقواعد العامة التي تجعل سلطة مباشرة الدعوى العمومية من اختصاص النيابة لوحدها بما لديها من سلطة تقدير ملائمة المتابعة باختيار الطرق المناسب لمتابعة المخالف أو في حفظ الشكوى.
* مركز الوزير المكلف بالمالية ومحافظ بنك الجزائر في الخصومة
إن القوانين المنظمة لجرائم الصرف لم تولي لا لوزير المالية ولا لمحافظ بنك الجزائر أي دور في الخصومة، إذ يتوقف دورها في تحريك الدعوى بتقديم شكوى لا غير، وذلك خلافا لما خولته نصوص قانون الجمارك من صلاحيات لإدارة الجمارك إذ جعلت هذه الأخيرة صاحبة دعوى أصلية التي هي الدعوى الجبائية ولها حق مباشرتها أمام الجهات القضائية المختصة.
وإذا قارننا مع القانون التونسي فهو انحاز أكثر لأحكام التشريع الجمركي حيث نص م 30 من القانون التونسي المتضمن قانون الصرف والتجارة الخارجية على حق وزير المالية في عرض الدعوى أمام المحكمة وكذا إبداء ملاحظاته أمامها وتدعيمها شفويا.

المطلب الثاني: المصالحة في جرائم الصرف و آثارها
رغم أن الأصل في المسائل الجزائية عدم جواز إجراء الصلح سواء بين الجاني والمجني عليه أو الجاني وممثل النيابة وبالتالي إنهاء المتابعة وإفلات الجاني من العقاب، إلا أن لهذا المبدأ استثناء من بينها إمكانية إنهاء المتابعة الجزائية في بعض الجرائم التي علقت المتابعة فيها بشكوى من المجني عليه مثل جريمة الزنا وترك مقر الأسرة، كما أجاز المشرع بموجب م 6 ق.إ.ج الفقرة الأخيرة أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة وبالفعل قد ظهرت عدة نصوص تشريعية تنظم جرائم خاصة تضمنت إيجاز إجراء المصالحة فيها صراحة.
وتعتبر الجرائم ذات الطابع المالي والاقتصادي من الجرائم الرائدة التي عرفت تطبيق نظام الصلح لما لها من خصوصية من جهة ولما يحققه الصلح من مزايا من جهة أخرى .
ولطالما أن المصالحة تعد إجراءا استثنائيا فقد أحاطها المشرع بقيود وعمل على حصر آثارها، فوضعت لها شروطا موضوعية وأخرى إجرائية وأخرى متعلقة بأطراف المصالحة لصحة المصالحة وحرص على جعل آثارها نسبية.
وقد أجاز المشرع في هذا الصدد بإجراء المصالحة في جرائم الصرف بمختلف صورها في م 09 من الأمر رقم 96-22 مادام لم يكن المخالف عائدا (م10) ثم عدلت وتممت بالمادة 9 مكرر من الأمر رقم 03-01 التي جعلت المصالحة جائزة أيضا في حالة العود وقد أحالت م 9/3 بخصوص إجراء المصالحة إلى التنظيم الذي حدد شروط وكيفيات إجرائها.
وارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى فرعين الأول يتضمن شروط المصالحة والثاني آثارها.
الفرع الأول: شروط إجراء المصالحة
ولصحة المصالحة لابد من توافر شروط موضوعية وشروط إجرائية، الأولى تخص تحديد الجريمة التي يجوز فيها إجراء المصالحة والثانية تخص كل المراحل الإجرائية التي ينبغي أن تمر منها المصالحة لاسيما تقديم طلب ودراسته من طرف اللجان المؤهلة لذلك. 
     أولا: الشروط الموضوعية
تخص صور جرائم الصرف التي يجوز إجراء المصالحة فيها وإن المشرع لم يجعل خلافا بين صورة أو أخرى من جرام الصرف في مجال المصالحة، وبالتالي فهو جائز إجراؤها سواء كان محل الجريمة نقودا أم أحجارا أو معادن ثمينة، ولا يهم إن كان الجاني عائدا أم لا.
     ثانيا: الشروط الإجرائية
وهي تشمل الإجراءات الشكلية التي تخضع إليها المصالحة منها: شكل الطلب وآجال تقديمه والجهات المؤهلة للنظر في الطلب.
ولابد أن نشير إلى نقطة هامة أثارت انتباهنا ميدانيا لاسيما حين الاستماع إلى مرافعات بعض المحامون أنهم وقعوا في خطأ شائع لما يرافعون لصالح موكليهم بعدم صحة إجراءات المتابعة على أساس أن الإدارة - رافعة الشكوى- لم ترد أو رفضت إجراء المصالحة رغم تقديم المخالف طلب المصالحة وصحته، وكأنهم يجهلون أن المصالحة في جرائم الصرف شبيهة بالمصالحة في المجال الجمركي، "إذ ليست هي حقا لمرتكب المخالفة ولا هي إجراء إلزامي بالنسبة للإدارة"  ، فالمصالحة تبقى مسألة جوازية بحيث إذا قرر المخالف طلب المصالحة من الإدارة المعنية فإن هذه الأخيرة تبقى حرة في اتخاذ قرارها بقبول أو رفض الطلب ولو جاء صحيحا بلتبقى حرة حتى بعدم الرد عليه، وإذا التزمت الإدارة الصمت فهذا تعبير عن الرفض وليس عن القبول   .
ولإجراء المصالحة في جرائم الصرف لابد أن يقدم مرتكب الجريمة أو من يمثله قانونا طلبا يأتي وفقا للشروط القانونية بإجراء المصالحة يقدمه إلى الهيئات المختصة قانونا للنظر والفصل فيه. وقد حدد شروط إجراء المصالحة في مجال مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وكذا تنظيم لجان المصالحة وسيرها المرسوم التنفيذي رقم 03-111 المؤرخ في 05/03/2003.
1- شروط طلب إجراء المصالحة
نصت م 2 من المرسوم 03-111 المذكور أعلاه أنه يجوز لكل مرتكب لجريمة من جرائم الصرف أن يطلب إجراء مصالحة، وأنه إذا كان الفاعل قاصرا أو شخصا معنويا فإن الطلب يقدمه المسؤول المدني أو الممثل الشرعي.
فيفهم من نص هذه المادة أن المشرع يتطلب أهلية خاصة في طلب المصالحة تماشيا مع الحالات التي تكون فيها الجريمة مرتكبة من طرف شخص طبيعي بالغ أو قاصر أو من طرف شخص معنوي.
1-أ- الأشخاص الذين يجوز لهم طلب إجراء المصالحة 
    بالنسبة للشخص الطبيعي: نميز بين البالغ والقاصر.
أ-1-البالغ: يشترط في الشخص الطبيعي أن يكون متمتعا بالأهلية لمباشرة حقوقه المدنية والتي تتطلب أن يكون بالغا ومتمتعا بقواه العقلية، أما بالنسبة لبلوغه سن الرشد فإن الأمرين 96-22 و03-01 لم يحددا المقصود منه هل هو بلوغ سن الرشد الجزائي (18 سنة) أو سن الرشد المدني (19 سنة).
فإن الإجابة بتطبيق ذلك أو ذاك هو بالنظر إلى الطبيعة القانونية للمصالحة في مجال جرائم الصرف، فيما إذا كان يغلب في المصالحة طابع العقد المدني أو الطابع الجزائي .
وأما من الفقهاء الكثير من يعتبرها جزاءا إداريا لاعتبارات عديدة،ة فيرى دوبريه مثلا أن المصالحة في المسائل الجزائية تظهر في شكل عقد إداري ذي طبيعة قمعية ولكنها  غير عقابية إلا أن موافقة المخالف ضرورية وتتم في ظروف مماثلة لعقد الإذعان والعقد الإداري على وجه الخصوص، وموافقة المدين تكاد تكون إجبارية ذلك أنه في حالة رفضه سيتعرض للمتابعة الجزائية أو تنفيذ العقوبة الصادرة ضده في حين يقتصر جزاؤه في حالة موافقته على التزام ذي طابع مالي اتجاه الإدارة  وأما الفقيه سير (Syr) فصل المصالحة في الجرائم الاقتصادية على باقي أنواع المصالحات الأخرى، فبعد تحليله لمثل هذه الجرائم استوقفته في الأخير خصوصيات هذه المصالحة كموافقة المخالف وعدم اللجوء إلى التنفيذ الجبري للمصالحة وخلص إلى أن المصالحة في الجرائم الاقتصادية ليست صلحا مدنيا ولا عقوبة بالمعنى الضيق وإنما هي جزاء موقع بواسطة الإدارة، فذهب الفقيه سير إلى تعريف المصالحة "كغرامة إدارية تعاقدية تنتمي إلى طائفة الإدانة بغير مرافعة التي تعد بدائل للعقوبة وليس عقوبة حقيقية"  .
وإذا ما اتخذنا هذا الموقف بالقول أن جرائم الصرف التي هي جرائم اقتصادية تكون فيها المصالحة جزاءا إداريا، فإن السن المطبق فيها هو بلوغ سن 18   .            
أ-2- القاصر: إذا كان مرتكب المخالفة قاصرا أوجب التمييز بين القاصر ببلوغه سن الثالثة عشر والذي لم يبلغها بعد.
بالنسبة للقاصر المميز: فإنه طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 03-111 فإن المسؤول المدني عنه هو من له صلاحية إجرائها وبالتالي تقديم طلب المصالحة، ويكون المسؤول المدني إما أحد الوالدين الشرعيين أو من يتولى ولايته.
بالنسبة للقاصر الغير مميز: فلا مسألة جزائية ضده طبقا لأحكام المادة 49/1 ق.ع وتبعا لذلك لا مصالحة لانعدام المتابعة.
   بالنسبة للشخص المعنوي:
أما إذا كان المخالف شخصا معنويا، فيصح له أن يتصالح بواسطة ممثله الشرعي.
1-ب- شروط الطلب المقدم من طرف المخالف
   حتى يكون الطلب صحيحا ومقبولا من طرف الإدارة لابد أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط بعضها خاص بشكل الطلب وميعاد تقديمه والأخرى بإيداع كفالة مرفقة بالطلب واحترام الجهة المرسل إليها الطلب.
ب-1- شكل الطلب:
لم يلزم المرسوم التنفيذي رقم 03-111 بصريح النص أن يكون الطلب كتابيا ولم يشترط فيه بيانات محددة، كل ما في الأمر أن الطلب يجب أن يتضمن ما يفيد التعبير الصريح للمخالف عن رغبته في المصالحة مع الإدارة على أن يقدم الطلب من الشخص المؤهل قانونا لذلك كما سلف شرحه.
ب-2- آجال تقييم الطلب:
طبقا للمادة 9 مكرر من الأمر 03-01 فإذا لم تتم المصالحة في أجل ثلاثة أشهر من يوم معاينة المخالفة يرسل الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا، مما يفهم منها أن لمرتكب المخالفة أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ المعاينة لتقديم طلبه مادام هي المهلة المحددة من أجل إجراء المصالحة. إلا أن المشرع أضاف في م9 مكرر فقرة ما قبل الأخيرة أنه إذا تم مباشرة المتابعات فإنه من الممكن أن تمنح المصالحة في أي مرحلة من الدعوى إلى حين صدور حكم قضائي نهائي، فهل يعني هذا أنه ولو تم تحريك الدعوى العمومية وطالما لم يصدر حكم نهائي بعد فإن للمخالف حق طلب إجراء المصالحة بعد مرور ثلاثة أشهر من المعاينة؟
عمليا وتطبيقا للأمر 03-01 فإن إدارة الجمارك إذا ما قدم لها طلب المصالحة في أجل 3 أشهر من معاينة الجريمة فإنها تحفظ القضية على مستواها إلى حين الفصل في طلب المصالحة، أما إذا قدم الطلب بعد مدة 3 أشهر المذكورة أعلاه وبعد المتابعة القضائية فإنها تقبل الطلب ولكنها لا تسحب الشكوى كل ما في الأمر أنها تتقدم أمام القاضي بطلب إرجاء الفصل إلى حين النظر في طلب المصالحة.
لأن المشرع لم يرتب عن عدم احترام المخالف أجل 3 أشهر لإيداع الطلب أي بطلان، إذ لم يستعمل أية صيغة آمرة أو صريحة تفيد ذلك، بل رتب عن فواتها مجرد إرسال الملف إلى القضاء. وقد تأيد هذا الموقف بقرار صادر عن المحكمة العليا في 25/01/1999 في دعوى تتعلق بتجاوز مهلة الثلاثة أشهر المقررة قانونا قضت فيه أن عدم مراعاتها لإرسال المحضر إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا من أجل المتابعة لا يترتب عليه البطلان، وقياسا على ذلك يمكن القول أنه بإمكان الإدارة أن تقبل طلبا ولو ورد إليها خارج ميعاد 3 أشهر من تاريخ معاينة المخالفة.
كما يمكن أن يستخلص من الجمع بين أحكام المادتين 6/3 ق.إ.ج و9/1 من الأمر 96-22 أنه بإمكان وزير المالية أو أحد ممثليه المؤهلين سحب الشكوى مادام الحكم لم يحز بعد قوة الشيء المقتضي وأنه لا شك أن إجراء المصالحة يعد أقوى سبب لسحب الشكوى ومن ثمة يمكن تصور مصالحة تجريها إدارة المالية بعد المتابعة القضائية تسحب الإدارة على إثرها شكواها  .
ب-  3- إيداع الكفالة:
    على طالب المصالحة حين تقديمه الطلب في نفس الوقت إيداع كفالة تساوي 30 % من قيمة محل الجنحة وتودع هذه الكفالة لدى المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل ولا يعفى من هذا الشرط إلا الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام.
وقد صدرت عن وزارة المالية المديرية العامة المحاسبة (مديرية التنظيم المحاسبي) تعليمة رقم 30 المؤرخة 17/08/1998 تخص القواعد المحاسبية المتعلقة بجرائم الصرف .
فنظمت طريقة إيداع الكفالة، التي تودع لدى صندوق الخزينة العمومية للولاية المختصة إقليميا هذا الأخير يسلم وصلا بإيداع الكفالة يقدمه للمخالف حتى يضمه لطالب المصالحة.
أما استرداد مبالغ الكفالة يتم عن طريق رفع اليد تحرره الإدارة التي أمرت بتحصيل الكفالة، فمثلا على مستوى إدارة الجمارك رئيس مفتشية الجمارك هو من يرسل إلى قابض الجمارك ليأمره لتحصيل 30%  من محل المخالفة ككفالة التي تصب في الخزينة العمومية للولاية.
ب- 4- الجهة الموجه إليها الطلب:
   إن الجهات المختصة لاستيلام الطلب ودراسته تختلف وهذا حسب قيمة محل الجنحة أو علاقة الجنحة بعملية للتجارة الخارجية، وطبقا للمادة 9 مكرر من الأمر 03-01 هناك لجنتين للمصالحة لجنة وطنية للمصالحة واللجنة المحلية للمصالحة، أما عن شروط إجراء هذه الهيئات للمصالحة وتنظيمها وسيرها فأحال الأمر السالف الذكر إلى التنظيم، تبعا لذلك صدر المرسوم التنفيذي رقم 97-258 المتمم والمعدل بالمرسوم رقم 03-111.
         * اللجنة المحلية للمصالحة
تكون مختصة باستلام طلب إجراء المصالحة والفصل فيها إذا كانت قيمة محل الجنحة أقل أو تساوي 500.000 دج وارتكب المخالفة دون علاقة بعملية للتجارة الخارجية.
تتشكل اللجنة من:     - مسؤول الخزينة.
- مسؤول الجمارك في الولاية.
- مدير البنك المركزي في الولاية.
وتكون مصالح إدارة الخزينة بالولاية أمانة للجنة المحلية.
تم ضبط تنظيم وسير اللجنة المحلية في المواد من 9 إلى 20 من المرسوم 03-111 كالآتي: يرسل الطلب إلى رئيس اللجنة مرفقا بالكفالة، تقوم أمانة اللجنة بتسجيله وتكوين الملف الخاص به ومتابعته مع إعداد بطاقة تلخيصية لدعم كل طلب، يتم إعلام أعضاء اللجنة بالملفات الواجب دراستها 10 أيام على الأقل من تاريخ اجتماعها مع إرفاقها بالبطاقة التلخيصية، تجتمع اللجنة بناءا على استدعاء رئيسها كلما استدعى الأمر ذلك ولا تصح اجتماعاتها إلا بحضور جميع أعضائها ويوضع الملف تحت تصرف الأعضاء في عين المكان للإطلاع.
اتخاذ القرارات يتم بأغلبية أصوات أعضاء اللجنة وترسل نسخة من مقرر المصالحة  إلى وزير المالية، يبلغ مقرر منح أو رفض المصالحة في أجل 15 يوم الموالية لتاريخ إمضاءه عن طريق محضر تبليغ أو رسالة موصى عليها مع وصل استلام أو أي وسيلة قانونية أخرى.
وهنا نميز بين حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان المقرر بقبول المصالحة: فإنه يتضمن تحديد المبلغ الواجب دفعه ومحل الجنحة ووسائل النقل التي يجب التخلي عنها وأجل الدفع، ويعين المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل  ..يتم تحديد مبلغ المصالحة من طرف اللجنة المحلية للمصالحة بتطبيق نسبة متغيرة تتراوح ما بين 200 و250% من قيمة محل الجنحة، وللمخالف أجل 20 يوم من تاريخ استلامه مقرر المصالحة لدفع مبلغ المصالحة وإلا وضعت شكوى ضده لدى الجهة القضائية المختصة.
الحالة الثانية: إذا كان المقرر برقم المصالحة: ترد الكفالة التي أودعت من طرف المخالف إليه.
          * اللجنة الوطنية للمصالحة
   تكون هذه اللجنة مختصة باستلام طلب المصالحة في حالتين إلا أنها في إحداها تقوم بالفصل أيضا في المصالحة، وأما في الحالة الأخرى تتسلم اللجنة الطلب وتبدي رأيها فيه دون أن تفصل فيه بل تحول الطلب للجهة المختصة المتمثلة في مجلس الوزراء.


تتشكل اللجنة من : - ممثل رئاسة الجمهورية رئيسا،و يكون صوته مرجحا.
                        - ممثل رئيس الحكومة.
                        - وزير المالية.
                        - محافظ بنك الجزائر.
ويتولى أمانة اللجنة وزير المالية.
الحالة الأولى: إذا كانت محل الجنحة أكثر من 500.000دج وأقل من 50.000.000دج تختص اللجنة في آن واحد باستلام الطلب والفصل في إجراء المصالحة. يرسل الطلب إلى رئيس اللجنة تتولى تسجيل الطلب وتكوين الملفات ومتابعتها مصالح وزير المالية.
وأما بالنسبة لإجراءات إعلام أعضاء اللجنة واجتماعهم وكدا تبليغ قراراتها فتطبق بخصوصها نفس الأحكام المقررة قانونا للجنة المحلية للمصالحة باستثناء اتخاذ القرارات الذي يتم بأغلبية الأصوات معه ترجيح صوت رئيسها في حالة تساوي الأصوات. 
على اللجنة الوطنية للمصالحة أن تتقيد في تحديدها لمبلغ تسوية الصلح بالجدولين اللذين وضعهما المشرع في م 4 من المرسوم التنفيذي رقم 03-111 السالف الذكر ويتضمنان تحديد الحد الأدنى والأقصى لنسبة مبلغ المصالحة التي تقابل قيم محددة لمحل الجريمة، وفرق في ذلك بين النسب المطبقة على المخالف الشخص الطبيعي والنسب المطبقة على المخالف الشخص المعنوي، وجاءا على النحو التالي:
1- عندما يكون مرتكب المخالفة شخصا طبيعيا
قيمة محل الجنحة (بالدينار) نسبة مبلغ تسوية الصلح 
بالنسبة إلى قيمة محل الجنحة
من 1 إلى 12.500.000دج
من 12.500.000دج إلى ما يقل عن 25.000.000دج.
من 25.000.000دج إلى ما يقل عن 37.500.000دج.
من 37.500.000دج إلى ما يقل عن 43.750.000دج.
من 43.750.000دج إلى ما يقل عن 50.000.000دج. من 200% إلى 240%.
من 241% إلى 280%.
من 281% إلى 320%.
من 321% إلى 360ٍ%.
من 361% إلى 400%.





2- عندما يكون مرتكب المخالفة شخصا معنويا 
قيمة محل الجنحة (بالدينار) نسبة مبلغ تسوية الصلح
بالنسبة إلى قيمة محل الجنحة
من 1 إلى 10.000.000دج
من 10.000.000دج إلى ما يقل عن 20.000.000دج.
من 20.000.000دج إلى ما يقل عن 30.000.000دج.
من 30.000.000دج إلى ما يقل عن 40.000.000دج.
من 40.000.000دج إلى ما يقل عن 50.000.000دج. من 400% إلى 460%.
من 461% إلى 520%.
من 521% إلى 580%.
من 581% إلى 640%.
من 641% إلى 700%.

الحالة الثانية: إذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي أو تفوق 50.000.000دج فإن اللجنة الوطنية للمصالحة هنا تتولى استلام الطلب المرسل إلى رئيس اللجنة وتسجيله وتكوين الملف الخاص به ثم تبدي مجرد رأي مسبب ترفقه بالملف الذي يرسل إلى الحكومة لاتخاذ القرار الخاص بالمصالحة في مجلس الوزراء.
إذا أبدت الجنة رأيا إيجابيا فإنها تقترح مبلغ المصالحة الواجب دفعه وهذا ما نصت عليه م5/2 من الرسوم التنفيذي 03-111 ويستشف منها ولو لم تنص عليه صراحة أن الرأي الذي تبديه رأيا مطابقا، كما كان ليه الحال في ظل المرسوم 97-258 في مادته 5/1. حددت القيمة الأدنى لمبالغ تسوية المصالحة في هذه الحالة بالنسبة للشخص الطبيعي بضعف قيمة محل الجنحة وبالنسبة للشخص المعنوي إلى أربعة أضعاف هذه القيمة.

الفرع الثاني: آثار المصالحة
إن ما يهدف تحقيقه كل من الإدارة العمومية والمخالف من خلال إجراء المصالحة في المواد الجزائية بصفة عامة وفي جرائم الصرف بصفة خاصة هو هدف واحد ويتمثل في تفادي عرض النزاع على القضاء. فبمجرد ما تتم المصالحة بين الطرفين تنقضي الدعوى العمومية ونتيجة لذلك وحسب ما وصل إليه الطرفان في التصالح تثبت لكل من الأطراف والغير حقوقا، ولذلك فإن للمصالحة أثرين أساسيين بالنسبة للأطراف (أثر الإنقضاء وأثر التثبيت) وأثرين آخرين بالنسبة للغير ( عدم انتفاع الغير بالمصالحة وأن لا يضار الغير بالمصالحة).

      أولا: آثار المصالحة بالنسبة للأطراف.
1- أثر الإنقضاء
بصريح نص م9 فقرة اخيرة وما قبل الأخيرة من الأمر 03-01  فإن المصالحة يمكن أن تمنح في أية مرحلة من الدعوى إلى حين صدور حكم قضائي نهائي وأن المصالحة تضع حدا للمتابعة تبعا لذلك فإن وقع الصلح قبل المتابعة أو بعدها أو بعد صدور حكم قضائي ما لم يصبح نهائي فإن الدعوى العمومية تنقضي. في حين قبل تعديل 2003 كانت م 425 مكرر ق ع لا تجيز المصالحة إلا إذا كانت قيمة محل الجريمة أقل أو تساوي30000 دج و تبعا لذلك قضت المحكمة العليا في قرارها رقم 148131 مؤرخ 20/05/1997 أن الدعوى الجزائية في جريمة الصرف التي محلها يفوق 30000 دج لا تقبل المصالحة إلا بنص صريح و هو ما لا يتوفر في قضية الحال .
ويختلف مآل القضية حسب المرحلة التي تكون قد وصلت إليها الدعوى أو القضية حين وقوع الصلح كالآتي: 
1- إذا وقعت المصالحة قبل إحالة الملف إلى النيابة.
نميز بين الحالتين الآتيتين:
أ‌- إذا لم تتخذ النيابة بشأن الشكوى أي إجراء كطلب إجراء تحقيق افتتاحي أو جدولة الملف أمام المحكمة يتم حفظ الملف على مستواها لعدم تحريك الدعوى بعد.
ب‌- إذا قامت النيابة بالتصرف في الملف بتحريك الدعوى العمومية فإن الاختصاص لاتخاذ التدبير المناسب يعود إلى الجهة التي تنظر في القضية سواءا قاضي التحقيق أو قاضي الحكم.
2- إذا كانت القضية أمام قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام: فيصدر أمر بالنسبة للأول وقرار بالنسبة للثانية بأن لا وجه للمتابعة بسبب انعقاد المصالحة، مع الإشارة أنه إذا كان المتهم  رهن الحبس المؤقت يفرج عنه فورا.
3- إذا كانت القضية على مستوى جهات الحكم: يتعين عليها التصريح بانقضاء الدعوى العمومية. إلا أن القضاة غير متفقين على صيغة منطوق الحكم القاضي بانقضاء الدعوى ليذهب البعض منهم إلى القضاء بانقضاء الدعوى بسبب المصالحة ومنهم من يحكم بالبراءة بسبب المصالحة، وتدخلت المحكمة العليا لحسم الموقف فقضت بأن المصالحة تؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية وليس إلى البراءة . مثال ذلك القرار الصادر عن مجلس قضاء وهران بصدد جريمة الصرف المؤرخ 21/12/1999 الذي قضى بانقضاء الدعوى العموية لوقوع المصالحة التي تمت بعد صدور الحكم الإبتدائي  . 
كما أنه إذا كانت القضية أمام المحكمة العليا فيتعين عليها التصريح برفض الطعن بسبب المصالحة بعد التأكد من وقوعها، وقضت بذلك المحكمة العليا في قرارين غير منشورين لعام 1999 قراري الغرفة الجزائية ملف 169982 قرار 25/01/1999 وملف 184011 قرار 25/01/1999 .
2- أثر التثبيت
ويقصد بالتثبيت تثبيت الحقوق المعترف بها للإدارة والمعترف بها للمخالف وذلك كنتيجة لإجراء المصالحة الجزائية بوجه عام، إلا أنه بالنسبة لجرائم الصرف فأثر تثبيت الحقوق محصور على الإدارة وهي الحصول على بدل المصالحة والتخلي لها عن وسائل النقل ومحل الجنحة.

   * حق تحديد مقابل الصلح:
منحت للإدارة المختصة بإجراء المصالحة نوع من الحرية في تحديد مقابل الصلح الذي يجب أن يدفعه المخالف إذ وضع المشرع حدين الأقصى والأدنى اللذين يجب مراعاتهما من طرف الإدارة فقط وفق المادتين 9 و4 من المرسوم التنفيذي رقم 03-111.
       * التخلي عن وسائل النقل:
كما يحق للإدارة أن تطالب في مقرر المصالحة التخلي عن وسائل النقل الواجب التخلي عنها، وإن نفس المقرر يحدد وجب الدفع وآجاله مع تعيين المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل وفقا لذلك يتم نقل ملكية كل من محل الجريمة ووسائل النقل ومقابل الصلح إلى الخزينة العامة وأملاك الدولة.
         ثانيا: أثار المصالحة بالنسبة للغير
رجوعا إلى القواعد العامة فإن آثار العقد لا تنصرف إلى غير أطرافه المتعاقدين وانطلاقا  من هذا المبدأ لا ينتفع الغير بها ولا يضار منها واتفقت التشريعات والجزائية الأخرى التي تجيز المصالحة على حصر آثار المصالحة في من يتصالح مع الإدارة وحده ولا تمتد للفاعلين الآخرين الذين ارتكبوا معه نفس المخلفة ولا إلى شركائه.


1- لا ينتفع الغير بالمصالحة
والمقصود بالغير هو كل الفاعلين الآخرين أو الشركاء في الجريمة دون المتهم المتصالح، فإنه بالرجوع إلى تشريعات جزائية أخرى وجمركية فإنها تحصر آثار المصالحة إلى المخالف أو الشريك الذي أجرى المصالحة مع الإدارة دون الفاعلين أو الشركاء الآخرين.
وتبعا لذلك لا تشكل المصالحة حاجزا أمام متابعة الغير وهذا ما قضت به المحكمة العليا في قرار صادر بتاريخ 22/12/1997 بشأن مخالفة جمركية والذي جاء فيه "حيث أنه من الثابت أن للمصالحة الجمركية أثر نسبي بحيث ينحصر أثرها في طرفيها ولا ينصرف إلى الغير، فلا ينتفع بها الغير ولا يضار منها" وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه القضاء الفرنسي .
والإشكال الذي يطرح أمام القضاء في حالة تطبيق المبدأ القاضي أنه لا ينتفع الغير بالمصالحة هل يتعين الأخذ بعين الاعتبار ما دفعه المتهم المتصالح – من مقابل الصلح – في تقدير الجزاءات المالية التي ستقضى بها اتجاه المتهمين المساهمين أو الشركاء الآخرين؟
فكان موقف القضاء الفرنسي بعدم خصم مقابل الصلح المدفوع من طرف المتهم المتصالح إذ يدفع الفاعلين الآخرين والشركاء الجزاءات المالية كاملة بالتضامن فيما بينهم، وأكد هذا الموقف في قضيتين قضية سلمون (Salmon)26/11/1964 وقضية بوزليق  ومنه استقر القضاء الفرنسي على مبدأين:
المبدأ الأول: لا يستفيد من المصالحة الجمركية كلا من كان طرفا فيها ولا يمكن أن يشكل ذلك عائقا أمام متابعة الأشخاص الآخرين فاعلين أم شركاء.
المبدأ الثاني: المصالحة لا تؤخذ بعين الإعتبار عند تحديد العقوبات المالية للمتهمين الغير متصالحين، وعلى جهة الحكم أن تقضي على هؤلاء بكامل الجزاءات المالية المقررة بالفعل المنسوب إليهم. أما بالنسبة للقضاء الجزائري نفترض أنه إذا عرضت عليه مثل هذه القضايا لا شك أنه سيتخذ نفس موقف القضاء الفرنسي.
نقد المبدأ: إلا أننا نلاحظ أن مبدأ عدم انتفاع الغير بالمصالحة قد يسبب إجحافا في حق البعض مثاله أن يستفيد المتهم الرئيس من المصالحة في حين يقع تبعة الفعل الإجرامي كله على الفاعل الثانوي.
وهدتا بالنسبة لتطبيق المبدأ الجرائم الجمركية ن أما الجرائم الصرف فهل يكون القاضي مجبرا أيضا باستعباد بدل المصالحة الذي دفعه المتصالح في تقديره للجزاءات المالية التي ستطبق على الغير.
إن العقوبات المقررة لمرتكبي جرائم الصرف في م1 من الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم للأمر 03-01هي مصادرة البضاعة محل الجنحة ووسيلة النقل المستعملة في الغش. وإذا لم تحجز الأشياء المراد مصادرتها يتعين للقضاء على المدان بغرامة تقوم مقام المصادرة وتساوي قيمة هذه الأشياء.
فإذا حاولنا تطبيق المبدأ فإنه إدا شارك وساهم في الجريمة ثلاثة أشخاص وتمت الجريمة استعمال سيارة أخفيت فيها البضاعة محل الجريمة إلا أن المصالحة لم تتم إلا بالنسبة لأحدهما وهو صاحب السيارة والدي تخلى إثرها عن سيارته وعلى كامل البضائع المحجوزة فهل يقضي على المتهمين الآخرين بغرامة مالية تجمع قيمة البضاعة المحجوزة وقيمة وسيلة النقل،تقوم مقام مصادرتها أو يكتفي القضاء بالحلم عليهما بالغرامة الجزائية وعقوبة  الحبس فقط؟
إنه لا يسوغ في مثل هده الحالة إلا الحكم على المتهمين بالحبس والغرامة الجزائية، على أساس أنه لا يجوز مصادرة الشيء مرتين وهو مبدأ مستقر عليه في المحكمة العليا في مواد جرائم الصرف قبل تعديل1996
2- لا يضار الغير من المصالحة:
ويقصد بهذه القاعدة أنه لا يمكن أن ترتب المصالحة ضررا لغير أطرافها وأساس هذه القاعدة م113ق.م.ج التي تقضي أنه لا يرتب العقد التزاما في ذمة الغير، ولكن يجوز أن يكسبه حقا. وكذا من مبدأ شخصية العقوبة المطبقة في المواد الجزائية وانطلاق من ذلك فإن أثر المصالحة بالنسبة للغير تتوقف على ما يأتي: 
- بالنسبة للشركاء في الجريمة الغير أطراف في المصالحة غير ملزمون بما يترتب من آثار على المصالحة التي قام بها المتهم المتصالح.
- بالنسبة للمسؤولين المدنيين لا يلزمون أيضا بما يترتب عن المصالحة في ذمة المتصالح.
- بالنسبة للمضرور فإن المصالحة لا تلزمه بأي شيء ولا يمكنها أن تسقط حقه في طلب التعويض عن الضرر اللاحق به جراء المخالفة واللجوء للقضاء من أجل ذلك.
- أما الإدارة لا يمكنها أن تستعمل اعتراف المتهم المتصالح حجة ضد غيره من المساهمين أو الشركاء في الجريمة كما لا يستفيدون من الضمانات التي يقدمها المتصالح.
كما لا يمكن للإدارة في حالة إخلال المتصالح بالتزاماته الرجوع على الشركاء في الجريمة أو المسؤولين المدنين إلا إذا كان أحدهم ضامنا له أو متضامنا معه أو كان المتهم وكيلا عن أحدهما في مباشرة إجراء المصالحة.
          
المبحث الثاني: العقوبات المقررة لجرائم الصرف
إن المشرع قبل صدور الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01 كان يعاقب جزائيا الأشخاص الطبيعية التي ترتكب جريمة من جرائم الصرف دون غيرها إذ جاءت في حيثيات قرار المجلس الأعلى الصادر في 17/06/1986 ملف رقم 39608 لما طرحت عليه مسالة المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في جريمة صرف "...حيث أنه و في حالة عدم وجود مقتضيات خاصة في القانون لا يمكن حقا متابعة شخص معنوي و كذا الشركة التجارية كشخص معنوي و التصريح بمسؤوليته جنائيا عن جريمة ما و أن مسير الشركة هو الذي يتحمل العقوبات المحكوم بها جنائيا و مدنية ذلك أن الشركة لا تتابع إلا باعتبارها مسئولة مدنيا و تبقى بسبب هذا ملزمة خاصة بدفع الغرامة الضريبية" ، وأما بعد تعديل 1996 أقر المشرع صراحة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في مجال تشريع جرائم الصرف ونتيجة لذلك ميز بين بعض العقوبات التي تطبق على الشخص الطبيعي، وتلك التي ينبغي تطبيقها على الشخص المعنوي بحكم طبيعته القانونية وأخضع كلا الشخصين لبعض عقوبات من نفس النوع مع وجود بعض الاختلافات.و مهما كانت العفوبات الموقعة على المخالف شخصا معنويا كان أو طبيعيا، عقوبات أصلية أم تكميلية،فهي نفسها المطبقة على كافة صور جرائم الصرف.
تبعا لذلك قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين الأول يخص العفوبات المقرر تطبيقها على الشخص الطبيعي و الثاني يتعين أن يتناول أولا دراسة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و شروط قيامها في جريمة الصرف ليتناول بعدها العقوبات  المترتبة عن هذه المسؤولية. 

المطلب الأول: الجزاء المقرر للشخص الطبيعي
تتمثل العقوبات التي يتعين على القاضي أن يحكم بها إذا ما ثبتت التهمة في حق المخالف، ما لم يستفد من غدر معف من العقوبة، في (الحبس،الغرامة،المصادرة) كعقوبات أصلية و عقوبات أخرى تكميلية حصرتها م03 من الأمر 69/22 .



الفرع الأول:العقوبات الأصلية المطبقة على الشخص الطبيعي 
   أولا: عقوبة الحبس
نظرا لطبيعة هذه العقوبة فلا يعقل أن تطبق إلا على المحكوم عليهم أشخاصا طبيعيين وحددت مدتها المادة 01 مكرر من الأمر رقم 03-01 من سنتين (02) إلى سبعة (07) سنوات حبسا، بعد أن كانت من ثلاثة أشهر إلى خمسة سنوات في الأمر 96-22 مما يبين نية المشرع في تشديد قمع جرائم الصرف بتعديل 2003 مع حرصه على إبقاء وصف هذه الجرائم جنحا، و لا شك أن هدف المشرع في تجنيح هذه الجريمة هو تفادي ثقل إجراءات المطبقة على مستوى محكمة الجنايات  فحتى يصبح نظام العقوبات وسيلة ناجعة للوقاية من هذه الجريمة و ردعها يقتضي الأمر السرعة في معالجة هذه القضايا على مستوى القضاء ليعطي للعقوبة أثرها الكامل.
   ثانيا: الغرامة
   وهي عقوبة مستعارة من التشريع الجمركي، وقرر المشرع تطبيقها على المخالف سواء أكان شخصا معنويا أو طبيعيا، إلا أن المشرع فرق بين المبالغ المطبقة على كليهما، إذ تشدد في الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي.
فنصت م 01 مكرر من الأمر 03-01 أنه بالنسبة للشخص الطبيعي لا يمكن أن تقل الغرامة عن مرتين قيمة محل المخالفة أو محاولة المخالفة، بالتالي نلاحظ أن المشرع علق مقدار الغرامة على قيمة محل المخالفة وتجنب تحديد مبلغا معينا لها، بل وأكثر من ذلك اكتفى بتحديد حدها الأدنى الذي لا يجوز النزول عنه تاركا في ذلك السلطة التقديرية للقاضي في الحكم بأكثر من هذه القيمة دون وضع أي سقف يتوقف فيه القاضي عند حده  . وهو أمر غير سائغ لمخالفته مبدأ الشرعية الذي يفرض أن يكون الحد الأقصى للعقوبة محددا بنص القانون  .
كما أن مثل هذا التحديد للغرامة في حدها الأدنى يشكل عائقا على القاضي في تطبيق الظروف المخففة عملا بأحكام المادة 53 ق.ع هذه الأخيرة تجيز في فقرتها الثالثة إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة تخفيضها إلى خمسة (05) دنانير تطبيقا للظروف المخففة، بينما المادتين 01 مكرر و05 من الأمر رقم 03-01 بالنسبة للشخص الطبيعي والشخص المعنوي على التوالي تضمنتا عبارة "لا يمكن أن تقل..." توحي بهذه الصيغة الآمرة أنها تستبعد تطبيق الظروف المخففة على الغرامة  ولعل للمشرع في اتخاذه هذا الموقف مبرر فيما جاء به عرض أسباب الأمر رقم 03-01 إذ جاء فيه أن من أسباب تعديل الأمر 96-22 تبني نظام عقابي رادع يستبعد فيه تطبيق الظروف  المخففة على العقوبات المالية .
إذ لم يكن الأمر دائما على هذا الحال حيث اعتبر المجلس الأعلى في قراره الصادر في 07/02/1984 ملف رقم 36446 أن الغرامة التي تنص عليها م425 ق ع و الخاصة بجريمة الصرف التي تكون جناية "غرامة جزائية تخضع لتقدير قضاة الموضوع بحيث إذا أفادت محكمة الجنايات المتهم بالظروف المخففة كما هو الشأن في قضية الحال يجوز لهل أن تنزل بالغرامة في الحدود المقررة بالمادة 53 ق ع ..."  بالتالي يفهم من هذا القرار أن الغرامة في جريمة الصرف لما تشكل جناية تخضع لتطبيق الظروف المخففة.
 و يلاحظ بخصوص طبيعة الغرامة في التطبيق القضائي أنها تارة تعد غرامة جزائية يحكم بها في الدعوى العمومية و تارة أخرى غرامة مدنية يحكم بها لصالح الطرف المدني ومن الأمثلة بالنسبة للحالة الأولى منطوق الحكم الصادر عن محكمة الجنح بوهران المؤرخ في 27/06/2005 الذي قضى "في الدعوى العمومية التصريح بإدانة المتهم...وعقابا له الحكم عليه...و100000.00 د ج غرامة نافذة"  و الحكم الصادر عن نفس المحكمة المؤرخ في 04/01/2005 قضى بعقوبة الغرامة في الدعوى العمومية . في حين نجد في القرار الصادر عن مجلس قضاء وهران المؤرخ في 21/12/1999 أن الحكم المستأنف فيه الصادر عن محكمة الجنح بوهران المؤرخ في 16/10/1999 قضى جزائيا على المتهم بشهرين حبس...ومدنيا بإلزام المحكوم عليه بأدائه للطرف المدني إدارة الجمارك غرامة جمركية قدرها...  معتبرا بذلك الغرامة حق للطرف المدني.
 وفي حقيقة الأمر في كل الأحوال فإن مبالغ الغرامة تصب في النهاية إلى حساب خزينة الدولة بالطريقة التي نظمتها التعليمة رقم 30 الصادرة عن وزارة المالية المؤرخة 17/08/1998 و الخاصة بالقواعد المحاسبية المتعلقة بجرائم الصرف. 


 ثالثا: المصادرة
   تشمل المصادرة مصادرة محل المخالفة وكذلك مصادرة وسائل النقل المستعملة في الغش مثال ذلك الحكم بمصادرة مبالغ العملة الصعبة الغير مصرح بها أمام أعوان إدارة الجمارك أثناء الدخول إلى التراب الوطني و مصادرة السيارة التي نقلت و أخفت العملة الصعبة. وهذه العقوبة مستحدثة في مجال جرائم الصرف منذ صدور الأمر 96/22 .
وبخصوص مصادرة محل المخالفة فإنه بالرغم من أن المشرع لم يحدد ما المقصود بمحل الجنحة بالضبط إلا أن هذا لا يثير إشكالا إذ "لا شك أن القضاء كفيل بالقيام بهذه المهمة التي هي من صميم عمله"  .
*حالة استحالة تطبيق المصادرة عينا:
قد مكن التشريع الخاص بجرائم الصرف (م1مكرر و5 من الأمر 03-01) الأعوان المعاينين للمخالفة من حجز الأشياء المراد مصادرتها إلا أنه إذ استحال عليهم ذلك أو لم يقدمها المخالفة لأي سبب كان فيتعين على الجهة القضائية المختصة أن تحكم بعقوبة مالية تقوم مقام المصادرة وتساوي قيمة هذه الأشياء، هذا يفكرنا في تقنية معروفة في قانون الجمارك وهي "بديل المصادرة" الذي يمثل مبلغا ماليا بمثابة غرامة تقوم مقام المصادرة وتحسب على أساس قيمة الأشياء التي كان ينبغي مصادرتها بحيث تساوي قيمتها.
الفرع الثاني: العقوبات التكميلية المقررة للشخص الطبيعي
بالنسبة للعقوبات التكميلية التي هي جزاءات جوازية تترك السلطة التقديرية في النطق بها للقاضي فإنها كلها تهدف تضييق مجال ممارسة الحرية المالية وهي تشمل طبقا لمقتضيات م03 من الأمر 96-22 المعدل والمتمم ما يلي:   
أولا: منع الجاني لمدة أقصاها (05) سنوات من تاريخ صيرورة الحكم نهائي من:
- مزاولة عمليات التجارة الخارجية أو
- ممارسة وظائف الوساطة في عمليات البورصة أو عون في الصرف أو
- أن يكون منتخبا أو ناخبا في الغرف التجارية أو مساعدا لدى الجهات القضائية.
ثانيا: إصدار أمر بنشر الحكم القاضي بالإدانة وذلك من طرف الجهة القضائية الفاصلة في الملف، سواءا بأن ينشر كاملا أو مستخرج منه وذلك على نفقة المحكوم عليه في جريدة أو أكثر تعينها.
ملاحظة:
لقد أضاف المشرع في م 04 من الأمر 96-22 المعدل والمتمم أنه إذا اقترف الجاني جريمة تشكل بعناصرها جريمة صرف وفي نفس الوقت يكون الجرم متعلق بعملية محلها نقودا أو قيم مزيفة فإن العقوبات المطبقة تكون نفس العقوبات، أصلية كانت أم تكميلية، التي نص عليها في المادتين 03 و04، بشرط أن لا يشكل هذا الفعل مخالفة أخطر كأن يكون جناية مثل جناية تزوير النقود المنصوص والمعاقب عليها في المادتين 197 و198 ق.ع. كما أن إجراءات المتابعة تتخذ ضد كل من شارك في العملية وذلك بغض النظر عما كان يعلم أو لم يعلم بتزييف النقود أو القيم.
المطلب الثاني: المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف و الجزاء المترتب عنها
     إن مسألة الإقرار بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مسألة حساسة و أثارت جدلا حادا في الوسط الفقهي و اختلفت التشريعات في اعترافها بوجود هذه المسؤولية. رغم ذلك نجد أن المشرع الجزائري قد خطى خطوة كبيرة لما اتخذ موقف الإقرار بهذه المسؤولية ولو كان ذلك بمناسبة قوانين خاصة قبل أن يعترف بها في قانون العقوبات، فالإقرار بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف كان لا يتماشى والقواعد العامة المقررة في قانون العقوبات إلى غاية صدور القانون   04-15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات  الذي نص صراحة على قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي  في المادة 18 مكرر منه، والمادة 51 مكرر منه استثنت من تطبيق المسؤولية الجزائية على الدولة والجماعات المحلية والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام، وكذلك صدور قانون 04-14 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية  الذي حدد أحكام وشروط إقامة الدعوى العمومية ضد الشخص المعنوي وتمثيله أمام القضاء.
   و إذا ثبتت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كانت النتيجة الحتمية و المباشرة لها توقيع العقاب عليه إلا أن هذا الأخير يجب أن يتماشى و الطبيعة القانونية للشخص المعنوي.
   لذلك يتعين قبل التطرق للعقوبات المقررة للشخص المعنوي (في الفرع الثاني) أن نتناول مفهوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وشروط تطبيقها في مجال جرائم الصرف(في الفرع الأول).     
الفرع الأول: المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف
إن المسؤولية الجنائية مبدئيا يتحملها الإنسان وتكون الجريمة فعلا ينفرد به الإنسان تماما كما ينفرد بالإرادة ، فأثارت مسألة إمكانية مساءلة الشخص المعنوي جزائيا جدلا كبيرا بين أنصار الفقه التقليدي وأنصار الفقه الحديث.
فذهب غالب الفقهاء القدامى إلى القول أنه لا يمكن أن تسند إلى الشخص المعنوي أفعالا إجرامية ولا أن تطبق عليهم عقوبات مستندين بالنسبة للبعض إلى طبيعة الشخص المعنوي الذي يعتبر مجرد حيلة قانونية ليس لها وجود مادي مما يحول دون قيامه بالنشاط الضروري لتحقيق الركن المادي للجريمة وليس له إرادة مما يحول دون أن يسند إليه أي خطأ، و إلى مبدأ التخصص الذي يحكم الشخص المعنوي حيث يجعله لا يدخل في الحياة القانونية إلا من أجل تحقيق غاية معينة، في حين يسند البعض الآخر على فكرة العقوبة إذ أن قبول المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يؤدي إلى إهدار شخصية العقوبة فضلا عن عدم تلاءم فكرة العقوبة مع الأشخاص المعنوية ، إذ كيف يمكن تصور إيلام أو إصلاح غير الكائن الإنساني؟
إلا أن هذا الجانب من الفقه رد عليه الفقه الحديث بحجج مقابلة أولها أن نظرية الحيلة تم هجرها، وذلك في القانون المدني وأصبح ينظر إلى الشخص المعنوي بمنظور واقعي فأقر القانون المدني منذ ظهور الثورة الصناعية باستقلالية الشخص المعنوي عن الأشخاص الطبيعيين الذين يسيرونه وما يترتب عن ذلك من آثار كالذمة المالية وحق اللجوء إلى القضاء وأما القانون الجنائي بقي محتشما في هذا المجال إلى أن فرض الواقع والفعل عليه ضرورة التدخل ووضع نصوص تكرس مسؤولية الشخص الاعتباري في الشق الجزائي                
كما رد على مبدأ التخصص الذي يحكم الشخص المعنوي أنها لا تصح إلا في المجال التعاقدي الذي قد تنتج عنه الأعمال غير المشروعة، أما عن حجة عدم التلاؤم بين فكرة العقوبة والشخص المعنوي فإن العقوبة لا تقتصر وظيفتها على الوظيفة الإصلاحية بل لها وظائف وقائية وردعية ومنها يمكن وضع نظام عقابي خاص بالشخص المعنوي  .
وطالما كان الشخص المعنوي قادر على العمل والإنتاج فهو قادر على الخطأ وبالتالي ضرورة استحداث نصوص جزائية للمتابعة وتحميل المسؤولية الجزائية خاصة وأنه توجد من العقوبات ما يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي كالغرامات والمصادرات والحل والمنع من الممارسة ، كما أن مبادئ العدالة تفرض ضرورة تحمل الشخص المعنوي المسؤولية باعتباره مستفيدا من بعض الجرائم وعدم ترك مسئوليه يتحملون ثقلها وحدهم وخاصة أن هذه المسؤولية قد تفتقد لأي مبرر إذا ما اعتبرنا جهل وقوع الجريمة من طرف المسئولين.
وأما بخصوص اتخاذ المشرع الجزائري موقف الفقه الجديد وتبنيه في التشريع الخاص بجرائم الصرف فإنه قد يجد مبررا إذا رأينا إلى الشخص المعنوي كمتعامل اقتصادي الذي غالبا ما يكون سببا في جرائم خطيرة ،ما يقودنا إلى التساؤل عن شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف ؟
شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف:
   طبقا لنص م 05 من الأمر رقم 03-01 فإن شروط قيام مسؤولية الشخص المعنوي في جرائم الصرف ومن تم توقيع العقوبة عليه: تتمثل في أن يكون الشخص المعنوي المخالف خاضع للقانون الخاص وأن تكون الجريمة مرتكبة لحسابه من قبل أجهزته أو ممثليه الشرعيين.
1- أن يكون الشخص المعنوي خاضع للقانون الخاص: 
ولابد أن المقصود به تلك الأشخاص المعنوية مثل الشركات التجارية الخاصة والتجمعات ذات المصلحة الاقتصادية والشركات المدنية والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي والمؤسسات العمومية الاقتصادية التي يحكمها القانون التجاري.ويبقى التساؤل قائما بالنسبة للهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري إذ تخضع في تسييرها للقانون العام(Droit public) وفي معاملاتها مع الغير للقانون الخاص. فهل تستبعد من الأشخاص المعنوية التي يمكن مساءلتها جزائيا لارتكابها جريمة من جرائم الصرف أم لا؟ 
أما بالنسبة للدولة والجماعات المحلية وكذا المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري فقد استبعدت من هذه المساءلة الجزائية بمقتضى الأمر رقم 03-01 تداركا لما كان عليه الأمر 96-22 الذي وسع من نطاق تطبيق هذه المسؤولية إذ لم يحصرها في المؤسسات الإدارية والهيئات العمومية كما ذهبت إليه باقي التشريعات في القانون المقارن لاسيما القانون الفرنسي   وأصبح قانون العقوبات الجزائي الحالي 04-15 يستثني صراحة الدولة والجماعات المحلية والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام من المسؤولية الجزائية جاعلا بذلك تطابق بين أحكام التشريع الخاص بجرائم الصرف و أحكام قانون العقوبات وهذا حسنا فعل فلا يعقل أن الدولة التي هي صاحبة الحق في العقاب توقعه على نفسها في أن واحد وهو نفس السبب الذي جعل كافة التشريعات تتفق على ذلك.


2- ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي:
   بمعنى أن تكون الجريمة قد تمت تحقيقا لمصلحة وفائدة تعود للشخص المعنوي دون غيره كأن تكون لفائدة أحد مديريها، وفي هذا التمييز لا شك حماية من طرف المشرع لممثلي الشخص المعنوي الذين لا ينبغي أن يسألوا بصفة آلية معه ولكن فقط إذا ما ثبتت مسؤوليتهم الشخصية في هذه الحالة إذا ارتكبوا الجريمة لحسابهم الخاص، بالفعل هذا ما يستشف من العبارة التي تضمنها م5 من الأمر96-22 المعدل والمتمم ".... دون المساس بالمسؤولية الجزائية لممثليه الشرعيين" تأكيدا لفصل بين المسؤوليتين الجزائيين لكل من الشخص الطبيعي (مثل الشخص المعنوي) والشخص المعنوي.
3-ارتكاب الجريمة من قبل أجهزة الشخص المعنوي أو ممثليه الشرعيين:
 بالنسبة لأجهزة الشخص المعنوي يقصد ممثليه القانونيين كالرئيس والمدير العام والمسير وكذا مجلس الإدارة والجمعية العامة للشركاء أو الأعضاء، إذ أن الأغلبية الفقهية تجعل عمل الإنسان شرطا مسبقا لقيام المسؤولية الجنائية للكائنات المعنوية .
 بالنسبة للممثلين الشرعيين للشخص المعنوي: يقصد بهم الأشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بسلطة التصرف باسم الشخص المعنوي سواء أكانت هذه السلطة قانونية أو بحكم قانون المؤسسة  كأن يكون المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة أو حتى المصفي في حالة حل الشركة. وإن الممثل الشرعي هو من يباشر من خلاله الشخص المعنوي الدعوى العمومية شريطة أن لا يكون هو بنفسه متابعا جزائيا من اجل نفس الجريمة أو أفعال مرتبطة بها وفي هذه الحالة الأخيرة يستدعى ممثل شرعي آخر للشخص المعنوي لتمثيله أمام القضاء.
وبمجرد توافر هذه الشروط ترتبت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتعين عقابه طبقا للقانون، كما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي إذا ثبتت التهمة في حقه، وتكون العقوبات المقررة للشخص المعنوي المدان بمخالفة التشريع والنظام الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج كمل يلي بيانه.
الفرع الثاني: الجزاء المترتب عن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الصرف
  تطبق كذلك على الشخص المعنوي- كما على الشخص الطبيعي- إذا ما ثبتت مسؤوليته الجزائية عقوبات أصلية مالية و أخرى تكميلية نصت عليها م 05 من الأمر رقم 03-01 . 
    أولا: العقوبات الأصلية المطبقة على الشخص المعنوي
      تستبعد من هذه العقوبات عقوبة الحبس التي لا تتماشى و الطبيعة القانونية للشخص المعنوي، في حين تطبق عقوبتين ماليتين كعقوبات أصلية تتمثل في الغرامة و المصادرة بالطريقة التي تتماشى بها مع طبيعة الشخص المعنوي.
1- الغرامة:
    سبق أن أشرنا أن المشرع تشدد في الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي ذلك أنه جعل الحد الأدنى للغرامة ضعف الحد الأدنى للغرامة التي يتعين الحكم بها على الشخص الطبيعي حيث لا يمكن أن تقل الغرامة عن أربعة مرات قيمة محل المخالفة أو محاولة المخالفة. ويصدر الحكم القاضي بإدانة الشخص المعنوي ممثلا من طرف ممثله الشرعي مثال عن ذلك حكم محكمة وهران المؤرخ 27/06/2005 الذي جاء في منطوقه: "...مع التصريح بإدانة الشخص المعنوي ممثلا من طرف مديره...و عقابا له الحكم عليه بغرامة مالية بمبلغ..." 
ويصح تقديم نفس التعاليق المقدمة آنفا بخصوص تحديد الحد الأدنى للغرامة و تطبيق الظروف المخففة المتعلقة بالغرامة المطبقة على الشخص الطبيعي على عقوبة الغرامة المطبقة على الشخص المعنوي لأن الاختلاف الوحيد الموجود بين الغرامتين هي أن الأولى أشد من الثانية و أن الأولى تنفذ على الذمة المالية للمحكوم عليه الشخص المعنوي دون ممثله الشخص الطبيعي- ما لم يتابع و يدان لنفس الجريمة، أما الثانية تنفذ على الذمة المالية للمحكوم عليه الشخص الطبيعي.
2- المصادرة:
    و تشمل المصادرة مصادرة محل المخالفة و وسائل النقل المستعملة في الغش أيضا(مثلما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي) وهي كما سبق ذكره العقوبة المستحدثة بمقتضى الأمر 69-22 التي كانت تنص و5/3 منه أ مثل هذه العقوبة لا تطبق على الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام و هذا منطي جدا لأن فرض مثل هذه العقوبة عليه قد تحرمه من أداء مهام تكون حيوية للمجتمع أما بعد تعديل الأمر69-22 بالأمر03-01 فإن الفقرة المذكورة أعلاه تم حذفها و ذلك تماشيا مع توقيع المشرع المسؤولية الجزائية على الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص دون غيرها.
كما أنه في حالة استحالة تطبيق المصادرة عينا تستبدل المصادرة بغرامة تساوي قيمة الأشياء التي كان ينبغي مصادرتها.          

   ثانيا: العقوبات التكميلية الخاصة بالشخص المعنوي
    طبقا لنص المادة 05 من الأمر 03-01 يمكن للقاضي أن يصدر إضافة إلى العقوبات الأصلية إحدى العقوبات الآتية أو حتى جميعها وذلك لمدة أقصاها خمسة (05) سنوات:
 - المنع من مزاولة عمليات الصرف والتجارة الخارجية: وأما عن المنع من مزاولة عمليات الصرف المنصوص عليها في م 5/2 فإن هو من يشكل عقوبة تكميلية يجوز للقاضي أن يقضي بها بموجب سلطته التقديرية فتظهر في منطوق الحكم القاضي بالإدانة، فيجب عدم خلطه مع تدبير الأمن الإداري البحت الذي يتخذ فيه إجراءات إدارية تحفظية إذ بمقتضى م 08 من الأمر 03-01 يمكن لمحافظ بنك الجزائر من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب وزير المالية أو أحد ممثليه المؤهلين لهذا الغرض اتخاذ التدابير المناسبة ضد المخالف من أجل منعه من القيام بكل عملية أو حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج ترتبط بنشاطاته المهنية، وبالتالي يصبح هذا المنع جزاء وقائي يطبق بطريق إداري على أن ينصب هذا المنع على عمليات الصرف المرتبطة بإحدى نشاطاته المهنية فلا يمكن أن يمس هذا الجزاء العمليات التي لا تدخل في أي نشاط مهني كتحويل العملة الصعبة لأغراض شخصية مثل الدراسة.
ورغم القيود الموضوعة لتطبيق هذا التدبير إلا أن اتخاذه منطويا على خطورة كبيرة إذ يمكن أن يوقع على شخص يفترض فيه أنه لا يزال تحت حماية مبدأ قرينة البراءة ذي المرتبة الدستورية  .
إلا أن هذا التدبير يمكن رفعه بنفس الطريقة التي اتخذ بها وذلك في كل وقت وفي جميع الحالات بمجرد إجراء مصالحة أو صدور حكم قضائي، وهذا ما قد يبدو تخفيفا للخطورة التي أسلفنا ذكرها، إلا أن السلطة التقديرية المتروكة لمحافظ بنك الجزائر أو وزير المالية أو ممثليه المؤهلين لهذا الغرض قد يجعل الفترة التي تنقضي ما بين اتخاذ التدبير ورفعه تطول لاسيما بالنظر إلى الطبيعة المعقدة للقضايا في هذا المجال وبحكم الإجراءات ذاتها، وهذا من شأنه تعطيل النشاط المهني للشخص مع كل النتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك دون أن تتاح له إمكانية الدفاع عن نفسه.
لا بد الإشارة أن الجزاء المتعلق بمنع مزاولة عمليات التجارة الخارجية، وإن لها علاقة بجزاء منع إجراء عمليات الصرف، فهي تختلف عنه ولا يمكن أن يقضي بها القاضي كبديل لجزاء المنع من مزاولة عمليات الصرف بل عليه الحكم بالعقوبتين إن قدر وجوب تطبيقها.
- الإقصاء من الصفقات العمومية: ويقصد بها أن يستبعد المخالف المدان من كل صفقة تبرمها الدولة ومؤسساتها العامة والمجموعات المحلية وكل المشروعات التي تلجأ إلزاما أو طواعية إلى تطبيق إجراءات قانون الصفقات العمومية.
- المنع من الدعوة العلنية للادخار: وهذه العقوبة لا فعالية لها إلا بالنسبة لمن يلجأ لسوق رؤوس أموال طلبا للتمويل.
- المنع من ممارسة نشاط الوساطة في البورصة.

* مبدأ عدم جمع العقوبات:
     هذا المبدأ جاء به المشرع بمقتضى نص م 06 من الأمر رقم 96-22 المعدل والمتمم حيث منع تطبيق عقوبات أخرى غير العقوبات التي جاء بها هذا الأمر بالنص على أن " تطبق على مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج، العقوبات المنصوص عليها في هذا الأمر، دون سواها من العقوبات، بغض النظر عن كل الأحكام المخالفة" وبالتالي يكون قد استبعد تطبيق ازدواجية العقوبات على جرائم الصرف، ذلك تفاديا للنتائج التي ترتبت عن الطابع المزدوج الذي تعرفه جرائم الصرف في بعض مظاهرها، إذ تشكل في آن واحد مخالفة جمركية على الخصوص  (مثل مخالفتي الاستيراد والتصدير الغير مشروع )أو مخالفة لتشريعات أخرى فبرزت تبعا لذلك ظاهرة 
الغرامة المزدوجة و/أو المصادرة المضاعفة ، هذا ما أظهر تضارب بين الأحكام القضائية و تذبذب في موقف المحكمة العليا. حيث أن القضاء كان يرفض النطق بالمصادرة مرتين ولو أن ذلك من الناحية العملية كان ممكن إذا ما اتخذنا إلى جانب المصادرة العينية بمصادرة القيمة البديلة .
ونشير أن الأمر لم يكن دائما في اتجاه منع جمع الجزاءات وتشهد على ذلك قرارات المحكمة العليا إذ عرف اجتهادها تغيرات عدة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل.
1- مرحلة عدم الإقرار بالازدواجية: هي الممتدة إلى غاية جوان 1981 إذ كان اجتهاد المحكمة العليا يرفض تطبيق آخر غير قانون العقوبات على جريمتي الاستيراد والتصدير الغير مشروع .
2- مرحلة الإقرار بالازدواجية: اعترف فيها المجلس الأعلى بالطابع المزدوج لجريمة الصرف وذلك من خلال حيثيات القرار الصادر في 30/06/1981 رقم 23505-174 والتي جاء كما يلي"عن الوجهين معا، المأخوذين من خرق القانون ولاسيما المادتين 03 و 05 من قانون الجمارك باعتبار أن الأفعال المنسوبة للمدعى عليه تشكل في آن واحد مخالفة للتنظيم النقدي المنصوص عليها في المادة 424 و ما يليها من قانون العقوبات وجريمة جمركية تتمثل في استيراد العملة الصعبة بالتدليس داخل التراب الوطني علما بأنه كان يتعين على المجلس أن يعاقب على الجريمتين طالما أن العملة الصعبة هي بضاعة من البضائع" ، وبعد استقرار هذا الاتجاه صار يطبق على مختلف أوجه جرائم الصرف.
3- مرحلة تراجع نسبي: صدر فيها عام 1985 قرارين  رفض فيهما المجلس الأعلى ازدواجية جريمة الصرف.
إلى غاية صدور الأمر رقم 96-22 الذي ألغى بمقتضى م11 منه جميع أحكام قانون العقوبات الخاصة بمخالفة التشريع النقدي (م424 إلى م426 مكرر) وحسم الأمر نهائيا في مادته 06 بإخضاع جرائم الصرف لأحكام الأمر 96-22 دون غيرها بصريح النص.
في حين أضاف القضاء وبعض التشريعات من القانون المقارن مثل القضاء الفرنسي والتشريع التونسي في حالة التعدد الصوري لجريمة الصرف تطبيق الجزاءات المقررة لجريمة الصرف بهذا الوصف والجزاءات المقررة لها بوصفها جريمة جمركية.            


 
الخاتمة:
     نختم دراستنا الخاصة بجرائم الصرف التي ينص ويعاقب عليها المشرع الجزائري في الأمر رقم 29-22 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01 بالرجوع بإيجاز إلى بعض أهم ما استنبطناه من ملاحظات نتيجة تحليلنا للنصوص القانونية المتعلقة بهذه الجرائم من جهة ومن المقارنة قدر الإمكان بما عليه الوضع في التطبيق القضائي لهذه النصوص من جهة أخرى فإن المشرع أفرد أهم الأحكام المتعلقة بجرائم الصرف في نص خاص بعد أن كانت من صميم قانون العقوبات وذلك إستجابة لما تقتضيه طبيعة هذه الجرائم، إلا أنها رغم ذلك تبقى لا محال مرتكزة على عدة عناصر تنظمها قوانين ونصوص تنظيمية وأنظمة مختلفة( قانون النقد والقرض، مراسيم تنفيذية، أنظمة بنك الجزائر التي تكاد لا تحصى) وهذا ما يخلق صعوبة أمام القاضي حيث عليه أن يرجع إلى مختلف هذه النصوص ويتمعن فيها حتى يتمكن من النظر في القضية والفصل فيها على أحسن وجه.
أضف إلى ذلك فإن ازدواجية العقاب في جرائم الصرف طرحت إشكالات عملية جعلت آراء القضاء تتضارب حوله هذا ما أدى بالمشرع إلى وضع حد له بنص صريح إلا أن ذلك لا يغير شيئا من الطبيعة المزدوجة التي تتميز بها جرائم الصرف، إذ لا تزال تشكل في بعض مظاهرها في آن واحد مخالفة جمركية أو مخالفة مصرفية فهل هذه الطبيعة المزدوجة ليس من شأنها أن تنبئ بظهور صعوبات أو إشكاليات أخرى بخصوص تطبيق التشريع الخاص بجرائم الصرف إذا ما إستثنينا منها الجانب الخاص بالعقبات ذلك أن نص م 6 من الأمور رقم 96-22 اقتصرت عباراتها على إستبعاد جمع العقوبات فقط.
كما أن تجنيح جرائم الصرف الذي كان يهدف تفادي ثقل الإجراءات والسرعة في معالجة القضايا على مستوى القضاء ليس له من الفعالية إلا القسط القليل لاسيما في القضايا المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية التي تنصب على مبالغ ضخمة خاصة إذا كانت الهيئات المصرفية متابعة لنفس الجريمة، إذ يتطلب دراسة مثل هذه القضايا وقتا طويلا يستدعي التحقيق فيها التمحيص والتدقيق فالقاضي الذي ينظر فيها لا بد أن يملك قدرا أدنى من الدراية في الميدان المصرفي والمالي على الأقل، حتى يتمكن من التحقق من ثبوت المخالفة وفقا للأليات والميكانزمات التي تحكم هذه المجالات خاصة أمام الحجية النسبية التي تملكها محاضر معاينة هذه الجرائم.
وعلى الصعيد العقابي تم إدراج عقوبات تكميلية عديدة تهدف تضييق مجال ممارسة الحرية المالية للمخالف وتشديد العقاب عليه لتحقيق وظيفته الردعية بصفة فعالة ولتفادي عودته إلى ارتكاب جرائم أخرى من نفس النوع، إلا أنه رغم ذلك لم يعرف لهذه العقوبات أي تطبيق في الميدان من طرف القضاة ولا ندري إلى أي سبب يرجع ذلك.
      خلاصة القول، فإنه رغم سعي المشرع إلى إحاطة قمع جرائم الصرف بنص خاص يتماشى وطبيعتها المميزة، إلا أنه لا زال غامضا في بعض أحكامه ما من شأنها أن يشكل صعوبات في تطبيقه مما يجعلنا نفكر أنه لابد على المشرع أن يراجعه كما سبق له أن فعل، لاسيما أنه يبقى مرشحا للتعديل مادام أنه مرتبط بالتغيرات الطارئة على مختلف النصوص التي تشكل التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال والتي تتغير هي الأخرى بتغير السياسة الإقتصادية للدولة بما أنها تعد جزءا منها.
كما أن الطابع التقني لجرائم الصرف يجعل الفصل فيها من طرف القاضي يتطلب قدرا أدنى من المعرفة في المجالات المتعلقة بالعمليات المصرفية و التجارة الخارجية و لغياب تخصص القضاة بالجزائر نرى أنه لبأس أن تقرر على الأقل دورات تكوينية في هذا المجال كما هو معمول به بالنسبة لبعض قضاة الفروع المدنية. 
       
 
* قائمـــة المراجــــع *

أولا : المراجـع باللغــة العربيــة 
1/  الكتـــب:
*د.احسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجنائي الخاص، الجزء الثاني ، طبعة 2004، دار هومه ، الجزائر .
*د.احسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون العام ، الطبعة الأولى 2002 ، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر .
*د.احسن بوسقيعة ، المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام وفي المادة الجمركية بوجه خاص ،الطبعة الأولى ، الديوان الوطني للأشغال التربوية 2001، الجزائر .
*د.عبيد رؤوف، شرح قانون العقوبات التكميلي في جرائم المخدرات و الأسلحة وتهريب النقد، الطبعة الخامسة 1979، دار الفكر العربي.
*د.نادر عبد العزيز شافي، تبييض الأموال دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية2001، لبنان.
*مصطفى رضوان، التهريب الجمركي و النقدي فقها و قضاءا، الطبعة الأولى 1970، عالم الكتب القاهرة.

2/  محـاضـرات:
*أ.عبد المجيد زعلاني، محاضرة ألقيت بالمحكمة العليا بعنوان "ًالاتجاهات الجديدة لتشريع جرائم الصرف "، منشورة في المجلة القضائية، العدد الأول 1998، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر.

3/  المقـــالات:
*السيد نور الدين دربوشي، مقال تحت عنوان "حماية الاقتصاد الوطني عن طريق قمع مخالفات الصرف و حركة رؤوس الأموال مع الخارج منشور في نشرة القضاة، العدد49، سنة1996، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر.
*السيد سليماني محمد، مكلف بالإعلام بالمديرية العامة للجمارك، مقال تحت عنوان "مخالفة التنظيم النقدي "منشور بمجلة الجمارك، عدد خاص مارس 1992.


4/  المـجــلات:
* نشرة القضاة – عدد خاص-1982 – مطبعة وزارة العدل،الجزائر.
* المجلة القضائية سنة 1990 – العدد الثالث – قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا،الجزائر. 
* المجلة القضائية سنة 1992 -العدد الثاني – المؤسسة الجزائرية للطباعة، الجزائر.
* المجلة القضائية سنة 1993 – العدد الثاني- الديوان الوطني للأشغال العمومية، الجزائر.
* المجلة القضائية سنة 1995 – العدد الثاني- الطباعة الشعبية للجيش.
* المجلة القضائية الأولى 1996 الديوان الوطني للأشغال العمومية، الجزائر.
* المجلة القضائية سنة 1998 الديوان الوطني للأشغال العمومية، الجزائر.
* المجلة القضائية سنة 1998 – العدد الأول- قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا،الجزائر.
  
5/  النصـوص التشريعيـــة :
أ‌- القوانيـــن: 
* القانون رقم 79-07 مؤرخ في 21/07/1979 المعدل و المتمم بموجب القانون رقم   98-10 المؤرخ في 22/08/1998 المتضمن قانون الجمارك.
* القانون رقم 90-10 مؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد و القرض المعدل والمتمم،موقع الانترنت  www.bank-of-algeria.dz .
* القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية ، الجريدة الرسمية العدد 71 لسنة 2004.
* القانون رقم 04-15 مؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون العقوبات، الجديدة الرسمية العدد 71 لسنة 2004

ب- الأوامـــر : 
* الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08/06/1966 يتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم بالأمر75/45 المؤرخ في 17/06/1975.
* الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 08/06/1966 يتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم،قانون الإجراءات الجزائية،الطبعة الرابعة، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر.
* الأمر رقم 96-22 المؤرخ في 09/07/1996 يتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج المعدل والمتمم ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 43 الصادرة في 10/07/1996 .
* الأمر رقم 03-11 مؤرخ في 09/07/1996 يتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج المعدل والمتمم للأمر رقم  96-22، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد 12، الصادرة في 23/02/2003 .
* الأمر رقم 03-11 مؤرخ في 26/08/2003 يتعلق بالنقد و القرض المعدل للقانون    90-10 المؤرخ في 14/04/1990، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 52 الصادرة بتاريخ 27/08/2003

ج- المراسيـــم:
* المرسوم التنفيذي رقم 97-256 المؤرخ في 14/07/1997 يتضمن شروط و كيفيات تعيين بعض الأعوان و الموظفين المؤهلين لمعاينة مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من والى الخارج ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 47 الصادرة بتاريخ 16/07/1997.
* المرسوم التنفيذي رقم 97-257 مؤرخ في 14/07/1997 يضبط أشكال محاضر معاينة مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من والى الخارج وكيفيات إعدادها ،معدل ومتمم،  الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد47 الصادرة في 16/07/1997.
* المرسوم التنفيذي رقم 97-258 مؤرخ في 14/07/1997 يحدد شروط إجراء المصالحة في مجال مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الموال من والى الخارج ،  الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد47 الصادرة في 16/07/1997.    
* المرسوم التنفيذي رقم 03-110 مؤرخ في 05/03/2003 يضبط أشكال محاضر معاينة مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من والى الخارج وكيفيات إعدادها ،المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي رقم 97-257 المؤرخ في 14/07/1997 ، الجريدة الرسمية،للجمهورية الجزائرية العدد 17 الصادرة بتاريخ09/03/2003 .
* المرسوم التنفيذي رقم 03-111 مؤرخ في 05/03/2003 يحدد شروط إجراء المصالحة في مجال مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الموال من والى الخارج وكذا تنظيم اللجنة الوطنية و اللجنة المحلية للمصالحة وسيرها ، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 17 الصادرة بتاريخ 09/03/2003 .


ثانيا: المراجع باللغة الفرنسية
1/  Ouvrage :
 * D.Bouskia Ahcen, L’infraction de change en droit algérien,Dar Elhikma,1999,alger.

2/  Règlements de la Banque d’Algérie :
 * Règlement n°90-02 du 08/09/1990fixant les conditions d’ouverture et de fonctionnement des comptes devises des personnes morales. 
 * Règlement n°90-03 du 08/09/1990 fixant les conditions de transfert de capitaux en Algérie pour financer des activités économiques et de rapatriement de ces capitaux et de leurs revenus.
 * Règlement n°90-04 du 08/09/1990 relatif a l’agrément et a l’installation des concessionnaires et des grossistes en algérie.
 * Règlement n°90-05 du 30/12/1990 portant institution d’une convertibilité partielle du dinar en moyen de placement obligatoire.
 * Règlement n°91-02 du 20/02/1991fixants les conditions d’ouverture et de fonctionnement des comptes devises eu profit des personnes physiques et morales de nationalité étrangère résidentes ou non résidentes.
 * Règlement n°91-03 du 20/02/1991relatif aux conditions d’exercice des opérations d’importation de bien en Algérie et de leur financement.
 * Règlement n°91-04 du 16/05/1991relatif a l’encaissement des recettes d’exportation d’hydrocarbures.
 * Règlement n°91-07 du14/08/1991 portant règles et conditions de changes.
 * Règlement n° 91-12 du 14/08/1991 relatif à la domiciliation des importations.  
 * Règlement n°91-13 du 14/08/1991 relatif à la domiciliation et au règlement financier des exportations hors hydrocarbures.
 * Règlement n°92-04 du 22/03/1992 relatif au control des changes.
 * Règlement n°95-07 modifiant et remplaçant le règlement n°92-04 relatifs au control des changes.
Règlements obtenus par le site " www.bank-of-algeria.dz". 
      

تعليقات