مواكبة القانون المصرفي اللبناني للتطور
مواكبة
القانون المصرفي اللبناني للتطور
أ. انطوان
فارس عيد
توطئة
الإطار القانوني المؤاتى
لازدهار وتطور النشاط المصرفي في لبنان
1. أول ما يتبادر إلى ذهن المشارك اللبناني في مؤتمر
"عمليات البنوك بين النظرية والتطبيق الذي دعت إليه كلية القانون في جامعة
اليرموك، ازدهار وتطور النشاط المصرفي في لبنان حيث أضحى القطاع المصرفي
"محفزاً أساسياً للاقتصاد الوطني" و "همزة الوصل بين الاقتصاد
العالمي والاقتصادات في المنطقة"(1). كما تتبادر إلى ذهنه حقيقة متلازمة وهي أن ذينك
الازدهار والتطور ما كانا ليحصلا لولا الإطار الحضاري المؤاتي، ومن أوجهه الراهنة
الانفتاح المطرد على التقنيات الحديثة والمعايير الدولية، ولولا، بصورة خاصة،
الإطار القانوني المؤاتي على صعيدي مجمل القوانين عامة والقانون المصرفي والمالي
خاصة.
1. إطار قانوني عام يتسم بالحرية والأمان
2. لبنان في التاريخ، بموقعه الفريد على الشاطئ الشرقي
للبحر الأبيض المتوسط، هو ملتقى للحضارات ومعقل للحرية ومنطلق للتجارة الحرة حيث
جاب بحارته قديماً أقاصي المعمورة ولا تزال إحدى أقدم قواعد النقل البحري في
العالم، المتعلقة بالرمي في البحر تحمل اسم مستعمرة ارواد الفينيقية (Lex. Rhodia de jactu). وهو أيضاً عريق في تاريخ
القانون حيث عرفت بيروت، في أوج ازدهار الشرع الروماني، بـ "أم الشرائع"
(Berytus nutrix legume). ولقد نتج عن ذلك ميزتان
رئيسيتان للقانون اللبناني الحالي(2)، روحيا وتقنيا:
أ. روحيا: ميزة الليبرالية. فالحرية في لبنان هي المبدأ والجوهر(3). وقد كرسها الدستور اللبناني (1926)(4)
في مختلف الميادين بعد أن اعتنقتها الأمة اللبنانية وجاهرت بها ودافعت عنها
بعناد. وبذلك، تتشابه الخيارات الأساسية
في المجتمع اللبناني مع خيارات الديمقراطيات الليبرالية على كل من الأصعدة
الثلاثة: السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وأهم مظاهرها تكريس الحريات بما في ذلك
حرية التجارة والتنقل والتعاقد ("المبادرة الفردية") وتكريس الملكية
الفردية. فالحرية هي المبدأ، وما يوضع لها
من ضوابط تأميناً لمزيد من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، ومنعاً للفوضى
والتحكم هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. نذكر بصورة خاصة، على سبيل المثال،
النصين التاليين:
-
في مقدمة الدستور(5)
(المادة :15): التأكيد الصريح على أن النظام الاقتصادي حر يكفل المبادرة
الفردية والملكية الخاصة" (الفقرة "و").
-
في قانون الواجبات
والعقود (1932) (6)، وهو المرجع العام للتشريع المدني في لبنان، وقد
حلّ محل مجلة الأحكام العدلية وافسح المجال الواسع لسلطان الإرادة، تأكيد المادة
166 على "مبدأ حرية التعاقد" (المادة 166) "للأفراد أن يرتبوا
علاقاتهم القانونية كما يشاؤون"(7).
من هذه الحرية عبّت القطاعات الاقتصادية ومنها القطاع
المصرفي، أوكسجين الحياة والازدهار. ومن
الأمثلة المشهورة أن المشرع اللبناني ابى، حتى في أحلك ظروف "الأحداث"
التي عصفت بالبلاد بين 1975 و 1990، أن يحدّ بأي شكل من حرية انتقال الرساميل بين
لبنان والخارج، مما عزّز الثقة بالقطاع المصرفي وبالبلد.
ب. تقنياً: الطابع "الغربي" (وبصورة خاصة
الروماني – الجرماني، وبالتحديد اللاتيني)، لقانون الموجبات والعقود وقانون
التجارة اللبناني (1942)(8)، المقتبسين في الغالب من القانون الفرنسي،
حتى أنهما وضعا، ابان الانتداب الفرنسي، (الذي انتهى سنة 1943)، باللغة الفرنسية (وكانت
آنئذ "هي أيضاً لغة رسمية")(9) مع ترجمة عربية (بحيث أنه،
عند وجود اختلاف بين صيغتهما الفرنسية وصيغتهما العربية، يغلب نصهما الوارد
بالفرنسية لأنه النص اللبناني الأصلي) (10).
3. الحرية، طبعاً، لا تعني انعدام القواعد التي توفر
المرتكز الواثق، المنتظم، للحركة، كما الهيكلية في الجسم البشري. وفي هذا المجال أيضاً، يستفيد النشاط المصرفي
من وجود هيكلية متكاملة من النصوص الراقية، لا سيما قانون الموجبات والعقود وقانون
التجارة السابق ذكرهما، وفيهما تكريس للحرية المجوهرة بالمسؤولية، سواء منها
المسؤولية التعاقدية أم المسؤولية الجرمية أو شبه الجرمية، مما يؤمن الحاجتين
الرئيسيتين للتجارة: من جهة أولى، الحرية والسرعة والمرونة (ومن الأمثلة : مبدأ
حرية الإثبات(11)، والوسائل المبسطة للتفرع عن الديون، وحرية تحديد
معدل الفائدة(12) وحساب فائدة عن فائدة رأس المال)(13)؛
ومن جهة ثانية الثقة والأمان عن طريق تشديد التزام المديون في المواد
التجارية (ومن الأملثة: أن عرض التعاقد يلزم صاحبه في الأمور التجارية خلال المدة
المعينة عرفاً أو قانوناً(14)، وكذلك: قرينة العوض (onérosité) (15)، وقرينة التضامن
(solidarité) (16)، والطابع الاستثنائي
للأجل الممنوح (délai de, grâce) (17)، وإمكانية
التنفيذ المعجل للأحكام الصادرة في المواد التجارية(18)، فضلاً عن
إخضاع التاجر الذي يتوقف عن الدفع لنظام الإفلاس الصارم).
2. إطار قانوني خاص، مصرفي ومالي، مميز
4. من أوجه المركز المرموق للقطاع المصرفي والمالي في
لبنان تخصيصه بنصوص قانونية أكثر تطوراً إجمالاً من سائر النصوص التي ترعى الأعمال
(les affaires)،
وأهمها قانون التجارة، لكأنما قانون الأعمال في لبنان ذات درجتين راقيتين: درجة
عادية، للأعمال عامة، ودرجة مميزة، للقطاع المصرفي والمالي، يعود الفضل فيها للحضور
الناشط للمصارف على صعيد مواكبة عملية التشريع، وللدور المتخصص والفاعل للمصرف
المركزي الذي شكل مثلاً مبعد انتهاء "الأحداث" في مطلع التسعينات،
بالاتفاق مع وزارة العدل، لجنة لتطوير القوانين مهمتها إعادة النظر بالقوانين
المصرفية والمالية القائمة ووضع الاقتراحات المتعلقة بتحديثها. علماً بأن المشرع أولى المصرف المركزي في
القانون الأساسي الذي ينظم القطاع المصرفي والمالي (وهو قانون النقد والتسليف
الصادر بالمرسوم رقم 13513 تاريخ 1/8/1963)، دوراً تنظيمياً(19). وطبيعة الحال، أن آلية إصدار (وتعديل) النصوص
التنظيمية (العديدة) من قبل مصرف لبنان هي أسهل تحريكاً من آلية إصدار النصوص
التشريعية أو التنظيمية من قبل السلطتين الدستوريتين "المشرعة" و
"الإجرائية". ولنا على ما تقدم
مثلان: واحد عن "الآلية" المذكورة، وواحد عن "الأحكام"
الناجمة عنها.
5. بالنسبة إلى الدور التنظيمي لمصرف لبنان وأثره الفعال
في مواكبة القانون المصرفي اللبناني للتطور، تجدر الملاحظة بأن المشرع ارتضى، سنة
1999، توسيع مداه، لا سيما في ميدان التقنيات المصرفية الحديثة، بموجب قانون(20)
نص على أن مهمة مصرف لبنان العامة(21) تشمل، إضافة إلى ما كان سبق ذكره(22)
(مثل: المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي"، و "تطوير السوق
النقدية والمالية")، "تطوير وتنظيم ما يأتي:
"- وسائل وأنظمة الدفع وبصورة خاصة العمليات
المجراة عن طريق الصراف الآلي وبطاقات الإيفاء أو الدفع أو الائتمان.
"- عمليات التحاويل النقدية بما فيها التحاويل
الإلكترونية.
"- عمليات المقاصة والتسوية العائدة لمختلف وسائل
الدفع والأدوات المالية بما فيها الاسهم وللسندات التجارية ولغيرها من السندات
القابلة للتداول"، مضيفاً:
"يمارس مصرف لبنان، تنفيذاً للعمليات والأنظمة
المذكورة أعلاه، الصلاحيات التنظيمية والرقابية وصلاحية فرض الغرامات والعقوبات
الإدارية المخول بها قانوناً هو أو الهيئات المنشأة لديه".
6. وبالنسبة إلى الأحكام المميزة الخاصة بالقطاع
المصرفي، نذكر على سبيل المثال تلك التي ترعى شكل المؤسسة المصرفية كشركة مغفلة أو
مساهمة(23)، ومنها:
- إعفاء المصارف(24)
من ضرورة تعيين مفوض مراقبة إضافي من قبل المحكمة (المادة 186 فقرة 6 من قانون
النقد والتسليف).
- تنظيم مهنة مفوضي
المراقبة لدى المصارف (1971) (25).
- إيلاء كل مساهم أو
مساهمين يمثلون عشرة بالمئة على الأقل من رأسمال المصرف(24) الحق في أن
يطلب من المحكمة المختصة تعيين خبير للتحقيق في أمور معينة، وهو ما يعرف بـ
"خبرة الأقلية" (expertise de minorité)
(المادة 186 فقرة أخيرة).
- أحكام خاصة بأسهم المصارف اللبنانية وسندات الدين
(1996 ثم 2001) (26).
نذكر أيضاً، بصورة خاصة، نظام "الإفلاس" الخاص
بالمصارف (وموضوع القسم الأول من المحور الرابع أدناه) والأحكام الخاصة التي تكمله
لجهة ضمان الودائع حتى سقف محدّد (بواسطة "المؤسسة الوطنية لضمان
الودائع")(27) وتسهيل اندماج المصارف وتصفيتها الذاتية)(28).
وقد اغتنم مصرف لبنان فرصة هذه الأحكام الأخيرة للتشجيع
على الاندماج بين المصارف حيث تمت، بين 1996 و 2002، 26 عملية دمج، مما أبقى في
القطاع المصرفي اللبناني 33 مصرفاً لبنانياً، و 18 مصرفاً أجنبياً، و 2
مختلطين. وقد انتقل مصرف لبنان الآن إلى
مرحلة ثانية هي التشجيع على الاندماج بين المصارف الكبيرة، سيما وأن حوالي عشرين
مصرفاً تملك ثمانين بالمئة من مجموع الموجودات المصرفية(29).
7. لا عجب، إزاء ما تقدم أن يزخر القانون المصرفي
اللبناني المعاصر بأمثلة عديدة تظهر مواكبته للتطور على صعيد كل من المحاور
الأربعة للمؤتمر، وقد اخترنا، تعميقاً للمشاركة اللبنانية في أعمال المؤتمر، أن
نعرض منها نموذجين عصريين عن كل محور.
المحور الأولالعمليات المصرفية
8. من الأهداف الاقتصادية الأساسية الراهنة للدولة
وللقطاع المصرفي في لبنان تعزيز مركز بيروت المصرفي والمالي وتطوير السوق المالية
لتستقطب المزيد من الرساميل اللبنانية والعربية والدولية ضمن إطار "العولمة
المالية"(30). وقد حثّ
مصرف لبنان المصارف، في هذا السياق، بعد أن انتهت "الأحداث"، على
"تنويع نشاطاتها للوصول إلى العمل المصرفي الشامل، فيصبح المصرف الواحد
قادراً على تقديم الخدمات التجارية والشخصية والاستثمارية"(31). ومن المظاهر الحديثة اللافتة لمواكبة القانون
اللبناني للتطور في هذا المجال تكريسه لأنماط جديدة من العمليات، مثل العقود
الائتمانية (1996) والحساب للقيم المنقولة لحامله (1999) والإيجار التمويلي (1999)(32)،
المترافق مع دخول لبنان مرحلة "خصخصة" المشاريع العامة ذات الصفة
الاقتصادية (privatization)
التي صدر سنة 2000 قانون نظّم عملياتها وحدّد شروطها ومجالات تطبيقها(33). وسنتوقف فيما يلي عند المثلين الأولين.
1. العقود الائتمانية (1996):
9. اخترنا هذا المثل الأول بالنظر إلى ما ينطوي عليه من
اقتباس لتقنية جديدة مبنية على تجزئة حق الملكية على المال المنقول بين صاحب الحق
القانوني (ayant droit juridique) وصاحب الحق الاقتصادي (ayant droit économique). تكرس ذلك في قانون رقم 52 صدر في 6/6/1996 وحمل
عنواناً معبراً هو "تطوير السوق المالية والعقود الائتمانية"، انسجاماً
مع نية المشرع الأساسية في "السماح للمصارف والمؤسسات المالية المسجلة لدى
مصرف لبنان بأن توظف، تحت إشرافه ورقابته، الأموال المؤتمنة عليها في مشاريع
اقتصادية متنوعة لحساب وعلى مسؤولية أصحاب الأموال الشخصية وبالتالي التمكن من
الدخول في صلب المشاريع الاستثمارية وليس فقط الاكتفاء بجني عمولات وفوائد"(34).
10. عرّف القانون الجديد عقد الائتمان بأنه "عقد
يولي بموجبه شخص طبيعي أو معنوي، يدعى المنشئ(35)، شخصاً يدعى المؤتمن(36)
حق الإدارة والتصرف، لأجل محدد بحقوق أو بأموال منقولة تدعى الذمة
الائتمانية"(37) (المادة 3)، التي يمكن أيضاً للمنشئ أن يكوّنها
لحساب شخص ثالث، يدعى "المستفيد"(38)، لقاء عوض أو من دونه
على سبيل الملكية أو على سبيل الضمانة (المادة 5 – أ)، وفي هذه الحالة الأخيرة،
يمكن أن يكون المؤتمن نفسه هو المستفيد (المادة 5-ج).
وأننا نتلمس حرص المشرع على إنجاح هذه العمليات الجديدة
في ما نص عليه، (إضافة إلى حوافز ضريبية مثل إعفاء العقد الائتماني من رسم الطابع
المالي؛ المادة 18)(39)، من أحكام جديدة تحفظ أولاً حقوق
"المنشئ"، دون إغفال مصلحة "المؤمن" والغير، وهو ما سيوجزه
فيما يلي.
أ. حماية حقوق "المنشئ"
11. كرس القانون الجديد، من أجل حماية حقوق "المنشئ"،
مفهوماً جديداً هو مفهوم "الذمة الائتمانية" (patrimoine fiduciaire) التي تشكل، ضمن ذمة المؤتمن
المالية، "كتلة مستقلة"، "تدوّن خارج ميزانيته" (المادة 7-أ)،
وتقيد "في محاسبته بشكل يميزها عن أي حساب وعن أية ذمة ائتمانية أخرى"
(المادة 7-ب)، ولا يحق له استعمالها "ضماناً لأي موجب شخصي (المادة 8 فقرة 1)
(40)، وهي تبقى خارج "حق الارتهان العام" (droit de gage général) العائد لدائني المؤتمن على ذمة
المؤتمن المالية:
- "ولا تقبل ...
الحجز من قبل دائني المؤتمن ولا يحق لهم ممارسة أي حق عليها بسبب أي موجب لا يتعلق
بها مباشرة" (المادة 9).
- وتبقى "خارجة عن
كتلة أموال المؤتمن في حال إعلان توقفه عن الدفع أو إفلاسه (المادة 10)(41)
بحيث يسترجعها المنشئ (أو المستفيد) دون أن يخضع لحكم طابق الإفلاس (masse)(42) وقاعدة المساواة
بين دائني المفلس العاديين.
وهكذا، إذا كان المشرع اللبناني لم يكرس نظرية
"الذمة المالية بالتخصيص" (patrimoine ed'affectation)، حيث أن المبدأ في القانون
اللبناني يبقى مبدأ وحدة الذمة المالية (unité du patrimoine)، تبعاً لوحدة الشخصية القانونية،
إلا أنه راعى الحاجات الخاصة للعمليات الائتمانية الجديدة من خلال إقرار حكم خاص
لكتلة أموال واقعية (univers alite de fait) هي الأموال المعطى بشأنها، من
المنشئ إلى المؤتمن، حق الإدارة والتصرف لأجل محدد، والمسماة بصورة مجازية، وغير
دقيقة قانوناً، "الذمة" الائتمانية (المادة 3).
12. كذلك، نص القانون على حماية إضافية لمصلحة المنشئ
متمثلة في كتمان اسمه (واسم المستفيد) حيث أن المؤتمن يعمل "باسمه وإنما لحساب المنشئ"
(المادة 4-أ)، ويجب عليه "أن يصرح عن صفته هذه لكل شخص ثالث يتعاقد معه في شأن
أي عنصر من عناصر الذمة الائتمانية دون أن يفصح عن اسم المنشئ" (المادة
4-ب). (كما يجب، عند التعاقد على عمليات
تدخل ضمن الذمة الائتمانية ويفرض القانون نشرها أو تسجيلها، "إشهار صفته
كمؤتمن من دون الإفصاح عن اسم المنشئ أو المستفيد") (المادة 4 - ج).
13. ومن ثم، كرس القانون حق المنشئ(43)، عند
حلول الأجل، في استعادة الذمة الائتمانية "مع نتائجها" (المادة 6).
ب. حماية "المؤتمن":
14. تتمثل حماية "المؤتمن"، أولاً، في أن
القانون يشترط، لكي تعاد الذمة الائتمانية، عند حلول أجلها، إلى المنشئ (أو، عند
الاقتضاء، إلى المستفيد)، أن يكون "قد استوفى جميع حقوقه من عمولات وأجور
ومصاريف وسواها" (المادة 6).
15.وتتمثل حماية "المؤتمن"، ثانياً، في أنه،
لئن كان يعمل "باسمه"، إلا أنه يعمل "لحساب المنشئ وعلى مسؤولية
هذا الأخير (المادة 4-أ)، مما يعفي المؤتمن من مخاطر العمليات التي يقوم بها لحساب
المنشئ.
أن في هذه الأحكام الخاصة بالعمليات الائتمانية تكريساً
لحالة وسطى بين حالتي التمثيل (représentation)(44) الكلاسيكيتين
اللتين ينص عليهما قانون الموجبات والعقود وهما:
-
حالة التمثيل
"التام (représentation parfaite)، حيث يتصرف الممثل كوكميل (mandataire) (أو فضولي gérant d'affaires) "وفي مثل هذه الحال لا يفعل
العقد مفعوله في شخص الممثل (بكسر الثاء) بل في شخص الممثَّل (بفتح الثاء) فيصبح
هذا دائناً أو مديوناً دون الوكيل أو الفضولي (المادة 223).
-
حالة التمثيل "غير
التام" (représentation imparfaite)، وذلك "إذا تصرف الوكيل في
الظاهر باسمه الخاص وكان اسمه مستعاراً (prête-nom) ولم يبرز وكالته"، حيث أن
"الذين يتعاملون معه على هذا الوجه لا يمكنهم أن يقاضوا غيره ولا يجوز لغيره
أن يقاضيهم. ولا تطبق قواعد الوكالة
والتمثيل إلا على العلاقات بين الوكيل المتستر والموكل" (المادة 224).
صحيح أن القانون الجديد نص (المادة 13) على أن عقود
الائتمان تخضع لأحكام عقد الوكالة، إلا أنه حصر ذلك "في كل ما لا يخالف أحكام
هذا القانون". والحال أن القانون
الجديد نص على تمثيل خاص قائم على عمل المؤتمن "باسمه"، ولكن مع "إشهار
صفته" "الائتمانية" المتميزة عن صفة الوكالة الصرف، وبالتالي عدم
تحمّله مسؤولية العمليات التي يقوم بها لحساب المنشئ.
16. إلا أن هذه الخصوصية للعقد الائتماني التي تعفي
المؤتمن من مخاطر العمليات التي يقوم بها لحساب المنشئ، لا تعفيه طبعاً من
الاضطلاع بالموجبات المترتبة عليه كطرف متعاقد ملتزم بمهمة أولي من أجلها حق
الإدارة أو حتى التصرف، ضمن حدود الصلاحيات الممنوحة له (وهي المهمة والصلاحيات
التي نص القانون على وجوب تحديدها، مع عناصر أخرى في العقد، خطياً وصراحة،
"تحت طائلة البطلان المطلق") (المادة 14)، مع ما يترتب على هذه الموجبات
من مسؤولية. علماً بأن أحكام الوكالة،
التي يردّ إليها القانون الجديد في كل ما لا يخالف أحكامه (المادة 13)، توجب على
الوكيل "أن يعنى بتنفيذ الوكالة عناية الأب الصالح" (المادة 785 موجبات
وعقود)، مما يجعل الوكيل المأجور مسؤولاً حتى عن خطأئه اليسيري (culpa levissima). وهذا الحكم ينطبق مبدئياً على من يزاول
العمليات الائتمانية(45)، ناهيك عن تشدد الاجتهاد المعاصر تجاه
المهنيين (professionnels). لذلك، شاءت جمعية المصارف في لبنان تدارك هذا
التشدد، في نماذج العقود الائتمانية التي أعدتها، بالنص على أن المؤتمن لا يسأل عن
هلاك أو فقدان الذمة الائتمانية أو أي من عناصرها إلا في حالة الخطأ الجسيم(46).
ج. حماية حقوق الغير:
17. يحفظ القانون الجديد أيضاً، بطبيعة الحال، حقوق
الغير من خلال نصه على قاعدتين أساسيتين متعلقتين:
- بإعلامهم بالطبيعة
الائتمانية للعمليات، من خلال موجب تصريح المؤتمن عن صفته (كما أوجزنا أعلاه)
(47).
- وبعدم اندماج الذمة
الائتمانية بذمة المؤتمن المالية، حيث تشكل، كما أوجزنا أعلاه(48)،
"كتلة مستقلة" ضمن ذمة المؤتمن المالية وتدون خارج ميزانيته وتبقى خارجة
عن حق الارتهان العام لدائنيه.
كذلك يحفظ القانون الجديد حقوق الغير من خلال تأكيده على
أن إعلان إفلاس أو توقف المنشئ (49) عن الدفع يسقط أجل الذمم
الائتمانية "ويدخلها ضمن موجوداته" (المادة 11)، حيث أن الذمة
الائتمانية تبقى داخلة ضمن الذمة المالية للمنشئ، وبالتالي ضمن دائرة حق الارتهان
العام لدائني المنشئ على مجموع ذمته المالية. ومن أوجه شمول حق الارتهان العام
المذكور للذمة الائتمانية ما نصت عليه المادة 9 من نفي لإمكانية حجزها من قبل
دائني المؤتمن، أو ممارستهم أي حق عليها، "بسبب أي موجب لا يتعلق بها
مباشرة"، مما يعني، من باب معكوس (a contrario). أن الحجز ممكن من قبل الدائنين (المتعاملين مع
المؤتمن بصفته الائتمانية لحساب المنشئ) إذا كان حقهم ناشئاً عن موجب يتعلق مباشرة
بالذمة الائتمانية(50).
2. الحساب للقيم المنقولة لحامله (1999):
18. سبق القول أن لبنان يسعى إلى إقامة "سوق مالية
واعدة تستطيع أن تؤمن مستلزمات التمويل لكل من برامج البناء والاعمار ومشاريع
القطاع الخاص"(51). ومن
أوجه مواكبة التطور في هذا الخصوص، بالنسبة إلى الصكوك والأدوات المالية، تنويعها
(بـ "التسنيد" مثلاً titrisation)،
ونزع الصفة المادية عنها (dématérialisation) (52)، "الأمر
الذي يعتبر بمثابة جسر العبور للاستفادة الكاملة من التقنيات المالية
الحديثة"(53)، وهو ما تم البدء بإعداد الأطر والوسائل له، لا سيما
بإنشاء:
- "الوديع
المركزي" (1999)(54) للصكوك المالية والقيم المنقولة المقبولة
لديه أو المتداولة في الأسواق المالية المنظمة في لبنان، وذلك بشخص "مركز
ومقاصة الأدوات المالية للبنان والشرق الأوسط – ميدكلير" (MIDCLEAR) (55)، الذي قام بحفظ
الصكوك والقيم المذكورة(56) وفتح حسابات صكوك مالية لحامله، وإجراء
عمليات التسوية والمقاصة بين الصكوك والقيم المذكورة، وتسهيل عمليات التداول
بشأنها عن طريق التحويل من حساب إلى حساب(57).
- "المؤسسة العربية
للتقاص" (1999) (58)، ومقرها الرئيسي بيروت، لتكون "بمثابة
غرفة مقاصة عربية مركزية"، "تعنى بشؤون التسوية والتقاص فيما بين
الأسواق المالية العربية أو بينها وبين الأسواق المالية العالمية"(59)،
وتلعب دوراً رئيسياً في جلب الاستثمارات الخارجية(60).
19- على أن المشرع كان مدركاً أن نزع الصفة المادية عن
الصكوك والأدوات المالية لا تزال تعترضه عوامل "أهمها استمرار تمسك المدخرين
والمستثمرين بتقليد عزيز على قلوبهم وهو حفظ حقوقهم المالية ضمن إطار مادي ملموس
لما يتضمنه هذا الأمر من إثبات حيّ للملكية.
أمام هذا العائق النفسي، ارتأى أن يخطو لبنان نصف الطريق في الوقت الحاضر
على أن تستكمل المسيرة بتاريخ لاحق عند نضوج الوعي العام بالتداول بالحقوق المالية
بشكل غير مسند إلى صك"(61)، فكانت نقطة البداية المقترحة اختيارية
لا إلزامية، متمثلة في "السماح لمؤسسات الوساطة المنتسبة إلى الأسواق المالية
بأن تفتح حسابات لعملائها تقيد فيها صكوكهم المالية للحامل ويكون لهؤلاء أن
يتداولوا بهذه الصكوك عن طريق تحريك حساباتهم المذكورة دون أن ترتكز عمليات
التداول على التبادل المادي لهذه الصكوك"(62)، حيث تجري عمليات
التسوية النهائية لدى الوديع المركزي الذي تودع لديه هذه الصكوك(63).
وهكذا صدر القانون رقم 159 تاريخ 27/12/1999
("إنشاء نطاق يتعلق بالحساب للقيم المنقولة")(64) المقترن
بالنية الواضحة في تثمير "مدخرات اللبنانيين في الداخل والخارج وتوجيهها نحو التوظيف الاجل "فضلاً عن
تقديم "اداة نقدية تفيد في تنفيذ العمليات الائتمانية"(65)، والذي
أجاز للمصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية التي تتعاطى الوساطة
المالية أن تفتح لديها حسابات الصكوك المالية والقيم المنقولة لحامله (المادة 1)
(66). والملفت للنظر في القانون
الجديد مجموعتان من الأحكام المميزة:
أ. لجهة حقوق مودعي
الصكوك المالية والقيم المنقولة لحامله
20. من ضمن خطة
تطوير السوق المالية، نص القانون الجديد على أنه، ما لم يتم الاتفاق "فعلياً
وصراحة على عكس ذلك عند الإيداع" (المادة 3)، فإن إيداع الصكوك والقيم لحامله
في حساب القيم المنقولة "يعتبر كموافقة صريحة من مالكيها على إمكانية إعادة
تسليمها لهم بأرقام مختلفة" (المادة 3)، تبعاً لكونها من
"المثليات" (choses fungibles, de genre).
يتضح مغزى هذه الصياغة من مقارنتها بما نصت عليه المادة
308 من قانون التجارة بخصوص إيداع صكوك مالية لدى المصرف، من أن ملكيتها تبقى للمودع
"ما لم يثبت أن القصد خلاف ذلك"، مضيفة أنه "يقدر وجود هذا القصد
إذا كان المودع قد منح المصرف خطياً بدون قيد حق التصرف في تلك الأوراق أو اعترف
له بحق إرجاع أوراق من نوعها".
21. في المقابل، أولى المشرع مودعي الصكوك والقيم
المذكورة، في حال إفلاس المؤسسة المفتوح لديها الحساب (أو "توقفها عن
الدفع"، بالنسبة إلى المصارف) حقاً لم يوله إجمالاً لمودعي النقود في المصارف
ألا وهو الحق في "ممارسة حقهم بالاسترداد" (المادة 4) (revendication)، وفقاً لأحكام قانون التجارة ولا
سيما المادة 608 منه، أي الحق العائد "لمالك الأموال الموجودة بحوزة
المفلس" باسترجاع ملكه دون الخضوع لنظام "جماعة دائني" (masse) المؤسسة المفلسة (أو المتوفقة عن
الدفع) ولقاعدة القرش الدائر (prorate).
يجدر هنا التوقف عند خصوصية هذا الوضع القانوني للمودعين
في حساب الصكوك والقيم المالية لحامله، حيث يظهرون بمثابة "مالكين"
للصكوك والقيم المودعة، لا "دائنين"، حتى ولو لم تكن الصكوك والقيم
المذكورة موجودة بأرقامها ذاتها، أي بفرديتها، (أي بصفة أعيان معينة corps certains قابلة لأن تكون موضوع حق عيني
بالملكية في حين أن المثليات، طالما أنها لم تحدد بفرديتها، تكون موضوع حق شخصي droit personnel هو موجب الأداء obligation de donner(67) وليس موضوع حق عيني droit réel). كأنما مجموع المودعين لصكوك وقيم من نوع معين
يملكون "مجموعة" (كما تسميها المادة 4 الصكوك أو القيم المماثلة
الموجودة في حيازة المؤسسة" المفلسة أو المتوقفة عن الدفع (بما في ذلك تلك
التي حلّت محلّها) (substitution)،
أو كأنما يؤلفون "جماعة خاصة"، على حدة، بالنسبة إلى الصكوك أو القيم
"المماثلة نوعاً الموجودة في حيازة المؤسسة (المادة 4)، يوليها القانون حق
استيفاء مئة بالمئة من تلك "المجموعة" التي توزع من ثم على أعضائها
بنسبة حقوقهم.
وهكذا يتم استيفاء المودع لحقه كالآتي:
-
يمارس حق الاسترداد على
"مجموعة الصكوك والقيم المماثلة نوعها الموجودة في حيازة المؤسسة (المادة 4).
-
إذا تبين أن مجموعة
الصكوك والقيم المذكورة غير كافية لتأمين الحقوق المطالب بها، توزع هذه الصكوك
والقيم بين أصحاب الحقوق بنسبة حقوقهم (المادة 4).
-
بطبيعة الحال، إذا بقي
هناك رصيد غير مسدّد لصاحب الحق، فلهذا
الأخير، عملاً بالمبادئ العامة، أن ينضم إلى جماعت الدائنين العاديين، بصفة دائن
عادي بما يوازي قيمة الرصيد المذكور.
ب. لجهة إمكانية فتح حسابات مشتركة بالقيم المنقولة
لحامله
22. كان من الطبيعي أن يتنبه المشرع إلى أهمية الإجازة
للمدخرين بفتح "حسابات مشتركة" (comptes joints) للقيم المنقولة لحامله، تماماً
كما كان قد أجاز بقانون 19/12/1961 فتح الحسابات المشتركة (النقدية) لدى المصارف
حيث عرفت إقبالاً كبيراً. وبالفعل، أجاز
القانون 159 أيضاً فتح حسابات مشتركة للصكوك والقيم المنقولة لحامله تكون خاضعة
لأحكام قانون 1961 المذكور (المادة2). تسمح
المشاركة في الحساب لأي من أصحابه باستعماله بتوقيعه المنفرد (المادة 1 من قانون
1961)، وهي وضعية ينطبق عليها إجمالاً حكم "التضامن الإيجابي" (solidarité active) (أو التضامن "بين
الدائنين") في ميدان الموجبات (obligations) (68). ومن أحكامها المميزة:
-
لصالح الشركاء في
الحساب: أنه، بحالة وفاة أحد اصحاب الحساب المشترك يتصرف الشريك أو الشركاء
"بكامل الحساب مطلق التصرف"، دون أن يكون على المصرف "إعطاء أية
معلومات لورثة الشريك المتوفي" (المادة 3) (69) وهذا ما يسمح
للكثيرين في لبنان، واقعاً، بتوسل الحساب المشترك في المصارف، المشمول بالسرية
المصرفية، للتصرف بثرواتهم النقدية – ومن الآن فصاعداً الصكوك والقيم المالية
لحامله – دون التقيد ببعض الأحكام الإلزامية لا سيما منها تلك المتعلقة بالهبات
والإرث، في بلد تخضع فيه الأحوال الشخصية لتعدّد القوانين والمحاكم تبعاً للاعتراف
الرسمي بثماني عشرة طائفة دينية ذات نظام شخصي، لها تنظيمها ومحاكمها وشرائعها
الخاصة.
-
لصالح دائني الشريك
المفلس: أنه "بحالة إفلاس أحد أصحاب الحساب المشترك يعتبر رصيد الحساب
المشترك الدائن بكامله للشريك المفلس ما لم يثبت العكس" (المادة 4).
المحور الثانيالتقنيات المصرفية الحديثة
23. من الأوجه
الملموسة أيضاً لمواكبة القطاع المصرفي اللبناني للتطور إنشاء لجنة للنقليات
المصرفية الحديثة لدى مصرف لبنان، تقوم بدور فاعل في مجال مواكبة وتنظيم هذه
التقنيات، وقد اخترنا منها فيما يلي النموذجين العصريين التاليين:
- وضع نموذج للشيك وترميزه (1995).
- تنظيم العمليات المالية والمصرفية بالوسائل
الإلكترونية (2000).
1. وضع نموذج للشيك وترميزه (1995):
24. استتبع
إنشاء مصرف لبنان منذ سنوات غرفة مقاصة آلية، الشروع في توحيد وتنميط وسائل الدفع،
بدءاً بالشيك، "وسيلة الدفع الأكثر استعمالاً في لبنان، بحيث تؤدي عملية
توحيد الشك والترقيم الذي سيعتمد إلى حالة تنظيمية موحدة على مستوى جميع المصارف
اللبنانية"(70).
وبالفعل، أعدّت
لجنة التقنيات المصرفية الحديثة لدى مصرف لبنان، سنة 1995 نموذجاً عصرياً موحداً
للشيكات المرمزة، مع مواصفات طباعة (مقاييس وخصائص فنية) مطابقة للمواصفات
العالمية(71)، وألزم مصرف لبنان المصارف باستعمال شيكات مرمزة وفقاً
للنموذج والمقاييس والأساليب الفنية المذكورة تحت طائلة رفض الشيك لدى تقديمه
للتحصيل بواسطة غرف المقاصة لدى مصرف لبنان(72).
25. إزاء هذا
التوحيد، تطرح طبعاً مسألة ما إذا كان الشيك لا يتمتع بالمواصفات الجديدة باطلاً.
والجواب بالتأكيد هو بالنفي. ذلك أن ما
قرره مصرف لبنان من عرض لصيغة موحدة، محصور المدى من وجهتين:
أولاً: هو محصور بالشيكات التي "تستعملها"/
"تصدرها" المصارف(73)، أي بـ "دفاتر الشيكات" (chéquiers). صحيح أن دفاتر الشيكات هي الوسيلة العادية
والأكثر شيوعاً لإصدار شيك، إلا أنها غير مفروضة في قانون التجارة كصيغة قانونية
إلزامية لصحة الشيك. أي أنه يبقى، نظرياً،
بوسع الزبون أن ينظم "الشيك" على ورقة عادية، ويكون الشيك عندئذ صحيحاً،
قانوناً، طالما أنه يحتوي على البيانات السبع الإلزامية التي نصت عليها المادة 409
تجارة (كالآتي : كلمة شيك، الأمر بدفع مبلغ من المال، اسم المصرف المسحوب عليه،
محل الدفع، تاريخ ومحل إنشاء الشيك، توقيع الساحب) (74).
ثانياً: هو محصور، من حيث عاقبة عدم استعمال النموذج
المرمز، وهذه العاقبة ليست بطلان الشيك بل رفضه إذا جرى تقديمه للتحصيل بواسطة غرف
المقاصة لدى مصرف لبنان(75).
وسيتسنى لنا أدناه التحقق من أهمية هذا التفريق، عند
التطرق، في إطار المحور الثالث، إلى تشديد مكافحة آفة الشيكات بدون مؤونة(76).
2. تنظيم
العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية (2000)
26. لا عجب،
إزاء ما ذكرناه في التوطئة حول مواكبة القطاع المصرفي للتطور وتمتعه بنصوص قانونية
مميزة، أن يصدر أول نص في لبنان يتعلق بالعمليات الإلكترونية عن مصرف لبنان
بالذات، بموجب قرار رقم 7548 تاريخ 30/3/2000 بعنوان "العمليات المالية
والمصرفية بالوسائل الإلكترونية".
وكان سبق هذا القرار توسيع مهام مصرف لبنان، سنة 1999،
وفق ما ذكرناه في التوطئة أعلاه(77) ودعوة مصرف لبنان المصارف، منذ
مطلع العام التالي، إلى تجهيز نفسها للعمليات المصرفية الإلكترونية "لئلا
تزاحمها على عملائها الشركات المتخصصة بهذه الخدمات الإلكترونية والتي أخذت تنتشر
في الخارج(78).
طبعاً، ونظراً لمبدأ الحرية الذي يرعى الأعمال في لبنان،
لم ينتظر القطاع المصرفي صدور نصوص قانونية أو تنظيمية ليواكب تطور التقنيات
الحديثة. فقد ظهرت مثلاً منذ مطلع الثمانينات بطاقات الدفع أو الائتمان، التي
تناولها بالتنظيم لاحقاً قرار رقم 6754 تاريخ 3/10/1997 بعنوان "بطاقات
الائتمان والوفاء والصراف الآلي"، كما دخلت المصارف في التسعينات عالم
الإنترنت ويستعد العديد منها لتقديم خدمات ما يعرف بـ on-line banking.
وقد أشار القرار ر7548 بالذات إلى واقعة تعاطي العمليات المالية والمصرفية
بالوسائل الإلكترونية قبل صدوره حيث أعطى المؤسسات التي تتعاطاها "مهلة ستة
أشهر للتقيد بأحكامه" (المادة 10).
إلا أن للقوانين والأنظمة الفضل في توفير الحدّ الأدنى
للأمان الموزن للحرية. ولها، في الميدان
الإلكتروني، دور أساسي في حل مسائل قانونية جديدة. فعلى سبيل المثال، رفضت محكمة التمييز، في قرار
صادر في 6/2/2001(79)، أن يعتبر
اعتماد الشركات الكبرى للبرمجة الإلكترونية في تدوين حركاتها المالية على أقراص
مدمجة "CD"
وفي بيانات مالية على الكومبيوتر، بالتكامل مع البيانات الخطية، بمثابة المسك
الأصولي للدفاتر التجارية الإجبارية الذي يشترطه قانون التجارة (المادتان 460 و
461) لكي يقبل طلب التاجر منحه الصلح الواقي من الإفلاس.
سنتوقف فيما يلي عند إحدى المسائل القانونية الجديدة،
ولنقل أبسطها، وهي القوة الثبوتية (forceprobante) للوسيلة الإلكترونية(80)،
وهي المسألة التي حلها المشرع الفرنسي بقانون 13/3/2000 (اللاحق لتوجيه أوروبي
صادر في 13/12/1999)(81)
بتعديله تعريف الإثبات "الخطي" واعتباره أن للكتابة نفس القوة الثبوتية
أياً كان الأساس المادي الذي ترتكز عليه، أكان ورقياً (support papier) أم إلكترونياً (support électronique) (المادة 3 – 1316 مدني فرنسي).
27. لم يصل
القانون اللبناني بعد إلى الحدّ الذي وصله في هذا الخصوص القانون الفرنسي، على
الرغم من أن أهل القانون والخبرة في لبنان يواكبون تطور القانون المقارن ولا سيما
القانون الفرنسي مما أدى إلى إقرار مجلس الوزراء في 12/7/2000 مشروع قانون مستوحى
من النص الفرنسي وإحالته إلى مجلس النواب.
على أن المبدأ في الميدان التجاري هو مبدأ حرية إثبات
الأعمال التجارية بجميع طرق الإثبات التي يرى القاضي وجوب قبولها حسب العرف أو
الظرف (المادة 254 تجارة) إلا إذا ورد نص خاص على العكس(82). لذلك تتجلى أكثر، في هكذا وضع، ميزة تدخل مصرف
لبنان، بالقرار 7548، لتوفير حد أدنى من الأمان والتنظيم بالنسبة إلى
"العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية"، التي عرّفها، لغاية
تطبيق أحكامه، بأنها "العمليات أو النشاطات كافة التي يتم عقدها أو تنفيذها
أو الترويج لها بواسطة الوسائل إلكترونية أو ضوئية (هاتف – حاسوب – انترنت – صراف
آلي...) من قبل المصارف أو المؤسسات المالية أو مؤسسات الوساطة المالية أو هيئات
الاستثمار الجماعي أو أي هيئة أو مؤسسة أخرى "المادة 1، فقرة 1) (83).
لن نتطرق هنا إلى الشروط العديدة التي تضمنها التنظيم
الجديد لأجل تعاطي نشاط العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية(84). سنتوقف فقط عند موضوع "التوقيع
الإلكتروني" الذي خصه القرار بأول نص في لبنان (المادة 8-3)، موجباً
"عدم قبوله" إلا لقاء توافر عدة شروط "مجتمعة"، أولها
"اتفاق صريح بين المعنيين"، يضاف إليه:
"- استعمال الموقّع لرمز تعريف شخصي.
"- تأكيد من المؤسسة المنفذة، يرسل بالبريد الإلكتروني خلال مهلة أقصاها 24 ساعة من تنفيذ العملية ويتبع بالبريد العادي ضمن مهلة أسبوع إلا إذا طلب المعني من المؤسسة الاحتفاظ بالبريد لديها.
"- قيام المؤسسة
المنفذة بإبلاغ العميل بوضعية شهرية مفصلة ترسل على عنوان مختار مسبقاً منه".
أي أن
"النظام" يتوسل "اتفاق الطرفين" (أي "شرعة" خاصة)
بديلاً (مؤقتاً) من النص الاشتراعي العام المنتظر يوماً.
كما نجد في الشروط الباقية التي يضعها
"النظام" نفس الحرص، الذي نجده في القانون المقارن، على ضمانتي
"نسبة" الكتابة الإلكترونية إلى صاحبها (imputabilité)(85) و"سلامة
محتواها" (intégrité)(86)
كما نص على ذلك مثلاً القانون الفرنسي الحديث(87). سوى أنه، في غياب نص قانوني عام وشامل مماثل،
فإن النظم لم يشترط وجود أشخاص ثالثين مهنيين يكون دورهم إصدار شهادات مطابقة(88)،
ووجود مرجعية رسمية مؤهلة لاعتمادهم (accréditation) لهذه الغاية.
المحور الثالث
مسؤولية البنك
28. مع تنامي
دور القطاع المصرفي في الحياة الاقتصادية المعاصرة تنامت المسؤولية الملقاة على
عاتق المصارف، بما هي الوجه الآخر الملازم والموازي للسلطان الذي تتمتع به. وقد اخترنا في هذا المحور أن نورد نموذجين عن
وجه من وجوه هذه "المسؤولية"، هو دور "الشرطة المصرفية" (police bancaire) المعطى للمصارف في مكافحة آفة
الشيكات بدون مؤونة وفي مكافحة تبييض الأموال.
1. دور جديد
للمصارف في مكافحة آفة الشيكات بدون مؤونة (1995)(89)
29. تمثل ظاهرة
الشيكات بدون مؤونة آفة من آفات الاقتصاد الحديث(90) بما تلحقه من ضرر
بالدائنين وبالثقة التي هي ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، فضلاً عما تستتبعه من
اكتظاظ المحاكم والسجون. وبحسب غرفة
المقاصة في مصرف لبنان، فإن عدد الشيكات المرتجعة في السنة الأخيرة يناهز
الثلاثماية ألف شيك بقيمة نيف وسبعماية وخمسين مليون دولار أميركي (أي ما يناهز
ثلاثة بالماية من مجموع عدد وقيمة الشيكات المسحوبة)(91). وقد كان المشرع اللبناني قد جرّم، في قانون
التجارة (المادة 448) ثم في قانون العقوبات(92)، الاقدام، "عن سوء
نية"، على سحب شيك دون مؤونة سابقة
ومعدة للدفع أو بمؤونة غير كافية، أو استرجاع كل المؤونة أو بعضها بعد سحب الشك،
أو إصدار منع عن الدفع للمسحوب عليه (في غير حالتي فقدان الشيك أو افلاس حامله)
(93) (المادة 666 عقوبات)، أو الاقدام، عن معرفة، على استلام شيك دون مؤونة
(المادة 667 عقوبات). ومن ثم، وتعزيزاً
للثقة بالشيك، شدّد المشرع، سنة 1967(94)، التجريم والعقوبة، حاذفاً من
أركان الجنحة (délit)
عنصر "سوء النية". إلا أن ظاهرة
الشيكات بدون مؤونة والشيكات المرتجعة استمرت على ازدياد، فكان أن تدخل مصرف لبنان
سنة 1995 (بموجب "نظام المصلحة المركزية للعملاء المتخلفين عن الإيفاء"،
المسمى فيما يلي "النظام")(95) ليضيف، إلى الأداة
"الجزائية" المنوه عنها أعلاه، تدبيراً "مدنياً" يتمثل في
حرمان الفاعل، بصورة مؤقتة أو دائمة، من استلام دفاتر شيكات (interdiction de chéquier)، وادراج اسمه، لهذه الغاية، مع المعلومات
الخاصة بالشيك المرتجع، على "لائحة العملاء المتخلفين عن الإيفاء"، لدى
"المصلحة المركزية للعملاء المتخلفين عن الإيفاء" (المسماة فيما يلي
"المصلحة")، التي أنشأها النظام لهذه الغاية والتي تعمم أسبوعياً(96)،
على المصارف، بياناً مفصلاً يتضمن المعلومات المتوفرة لديها (المادة 7 من النظام)
بما في ذلك عدد المرات التي أدرج فيها، بالسابق، اسم العميل المتخلف، (المادة 6).
من الواضح أن مصرف لبنان اقتبس هذا التدبير الجديد من
القانون الفرنسي الذي كان نص عليه منذ سنة 1975(97) وانتهى، سنة 1991(98)
إلى الاكتفاء به، دون العقوبة الجزائية حيث نزع الصفة الجرمية عن سحب الشيك دون
مؤونة(99). وإن ما يستوقفنا في هذا الصدد أمران: دور
"البوليس" المدني المعطى للمصرف في تطبيق هذا التدبير، وصلاحية مصرف
لبنان في سن هذه القواعد الجديدة.
أ. دور "البوليس المدني" المعطى للمصارف
30. يتمثل هذا
الدور أولاً، بالنسبة إلى المصرف المسحوب عليه الشيك، بواجب السعي إلى اعلام
عميلة، ساحب الشيك(100)، عن ارتجاع الشيك المذكور وسبب ارجاعه، ودعوة
العميل لتسوية وضع هذا الشيك(101) ضمن مهلة 15 يوماً كحد أقصى اعتباراً
من تاريخ الارتجاع تحت طائلة ادراج اسمه على لائحة العملاء المتخلفين عن الإيفاء
لدى "المصلحة" (المادة 3 و 4).
31. ويتمثل هذا الدور، ثانياً، بالنسبة إلى جميع المصارف
العاملة في لبنان، في واجب الاستعلام لدى "المصلحة"، قبل تسليم دفتر
شيكات لأول مرة لأحد العملاء (المادة 8)، حتى إذا كان اسمه مدرجاً لدى
"المصلحة"، وجب على المصرف أن يمتنع عن تسليمه دفاتر شيكات علماً بأن
شطب اسم العميل من اللائحة المذكورة يقتضي اجتماع شرطين هما: أولاً إيفاء العميل
للالتزامات المفروضة عليه بنتيجة ارتجاع الشيك، وثانياً، انقضاء فترة زمنية على
ادراج اسم العميل لدى "المصلحة"، تبلغ ستة أشهر بالنسبة إلى العميل
المدرج اسمه للمرة الأولى، وثمانية عشر شهراً في حال التكرار مرة ثانية، وستة
وثلاثين شهراً في حال التكرار مرة ثالثة (المادة 10) (102).
ب. صلاحية مصرف لبنان في سن هذه القواعد الجديدة
32. كنا قد أشرنا في التوطئة أعلاه(103) إلى
سلاسة آلية إصدار النصوص التنظيمية من قبل مصرف لبنان. إلا أننا نرى، في موضوعنا الراهن بالذات، أن
مصرف لبنان تجاوز، ولو "بلباقة" نسّق لها مع جمعية المصارف، حدود
صلاحياته التنظيمية بفرضه عقوبة "مدنية" وتكريسه استثناء جديداً للسرية
المصرفية.
يكمن تجاوز الصلاحية أولاً في إضافة النظام، إلى العقوبة
"الجزائية المنصوص عليها في قانون العقوبات، عقوبة "مدنية" متمثلة
في حرمان العميل من استلام دفاتر شيكات، في حين أن الدستور بالذات قد نص على أن
"الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون"، "ولا يمكن تحديد جرم أو
تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون" (المادة 8) (104). أما "اللباقة" التي أشرنا إليها
أعلاه والتي لا تنفي التجاوز فتمثلت(105) في أن النظام حاول إضفاء
الصفة الرضائية على تدبير الحرمان من استلام دفتر شيكات، فأوجب على المصارف
الاستحصال من العميل، عند فتحها حساب شيكات للعميل أو تسليمه دفاتر شيكات جديدة،
على "موافقته الخطية المسبقة ودون أي تحفظ على تطبيق أحكام هذا النظام"
(المادة 15-1)، بحيث يصبح النظام "مرتضى به" من العميل، ولو على سبيل
الإذعان. ولكن:
-
إن هكذا فرضاً عاماً
لموافقة لا مفر للعميل من توسلها إذا شاء استلام دفتر شيكات في لبنان (كون النص
يشمل جميع المصارف العاملة في لبنان)، يحتاج في رأينا إلى نص قانوني.
-
ينطبق هذا من باب أولى
على فرض النظام الاستحصال على موافقة مماثلة من العملاء الذين سبق أن فتحت لهم
حسابات شيكات (المادة 15-2)، حيث يشكل هذا الفرض تعديلاً قهرياً لعقد سبق إبرامه
بين المصرف وعميلة واضحى شريعة المتعاقدين.
33. يكمن تجاوز الصلاحية، ثانياً، في أن النظام نص على
استثناء جديد(106) للسرية المصرفية المكرسة بنص قانوني (قانون
3/9/1956) أكدّ على انها مطلقة(107).
هنا أيضاً، لا تجدي لباقة النظام المتمثلة، كما رأينا
أعلاه، في محاولة إضفاء الصفة الرضائية على هذا الاستثناء. كما لا تجدي لباقة
الصيغة الأخيرة للنظام (بإقرار 6060) المتمثلة في الاستعاضة عن الحديث عن موافقة
العميل "على التنازل عن السرية المصرفية لغاية تطبيق أحكام هذا النظام في حال
ارتجاع أحد الشيكات المسحوبة منه"، بالحديث الأشمل عن موافقة العميل
"ودون أي تحفظ على تطبيق أحكام هذا النظام في حال ارتجاع أحد الشيكات
المسحوبة منه". فعدم ذكر السرية
المصرفية صراحة لا يعني أن النظام لم يحدّ منها.
34. تبقى مسألة
قانونية دقيقة، وهي أن النظام ينص على "الامتناع عن تسليم دفتر شيكات
للعميل" (المادة 10-1)، و"الحرمان" من "استعمال دفتر
الشيكات" (المادة 14 فقرة 2)، وليس على حرمان العميل من "إصدار"
شيكات. والفرق مهمّ، قانوناً، بين
الأمرين. ذلك أن إصدار الشيك على ورقة من أوراق دفتر شيكات معدّ سلفاً، ليس شرطاً
جوهرياً لصحة الشيك، حيث أن أية ورقة تحتوي البيانات القانونية الإلزامية التي نص
عليها قانون التجارة بالنسبة إلى الشيك"(108) يكون لها صفة
"الشيك" القانونية والملزمة، سيما تجاه المستفيد، حتى ولو لم تكن
مستخرجة من دفتر شيكات، سوى أنها طريقة غير مألوفة، ونادرة. أن سحب شيك على ورقة
من خارج دفتر شيكات نموذجي يؤدي فقط، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه(109)،
إلى عدم جواز تداوله في غرف المقاصة لدى مصرف لبنان.
2. مكافحة تبييض
الأموال (2001)
35. أول ميزة
هامة ومشهورة للنظام المصرفي اللبناني، كان لها دور رئيسي في ازدهار القطاع
المصرفي في لبنان، هي في الحماية شبه المطلقة للسرية المصرفية التي خصها المشرع،
منذ 3 أيلول 1956، بقانون خاص ألزم المصارف "بكتمان السر اطلاقاً" وذلك
تجاه "أي شخص فرداً كان أم سلطة عامة إدارية أو عسكرية أو قضائية" بما
في ذلك الإدارة الضريبية(110) ما عدا حالات استثنائية حددها القانون
حصراً وهي:
1. الاذن الخطي من الزبون(111).
2. إعلان إفلاس الزبون(111).
3. نشوء دعوى تتعلق بمعاملة مصرفية بين المصرف والزبون(111).
4. تبادل المصارف، "فيما بينها فقط وتحت طابع
السرية"، المعلومات المتعلقة بحسابات زبائنها المدينة، صيانة لتوظيف أموالها(112).
5. قرار السلطة القضائية المختصة في دعاوى الاثراء غير
المشروع(114).
حتى أن السرية المصرفية أضحت رمزاً من رموز ازدهار
الاقتصاد اللبناني، ومدى مميزاً للحرية الشخصية تمكن صاحب، مثلاً، من تخطي الأحكام
الإلزامية المتعلقة بالهبات والإرث، في بلد تخضع فيه الأحوال الشخصية لتعدّد
القوانين والمحاكم تبعاً للاعتراف الرسمي بثمانية عشر طائفة دينية ذات نظام شخصي،
لها تنظيمها ومحاكمها وشرائعها الخاصة.
36. في العامين الماضيين تعرضت "السرية
المصرفية" في لبنان لضغوطات دولية كبيرة، تمثلت، في 22/6/2000، في إدراج
مجموعة العمل الدولية لمكافحة تبييض الأموال (GAFI)(115) اسم لبنان، بسبب
نظام السرية المصرفية لديه بالذات، على اللائحة السوداء لـ 15 دولة(116)
اعتبرت أنها لا تبدي تعاوناً مع المجتمع الدولي في مكافحة تبييض الأموال، مع ما
يستتبع ذلك من عرقلة للتعامل المصرفي اللبناني مع الخارج وخطر فرض عقوبات وتدابير
مضادة (countermeasures) على
لبنان. وقد زاد من وطأة هذه الضغوطات صدور
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1373 تاريخ 28 أيلول 2001 حول التعاون في مكافحة
الإرهاب وحظر تمويل الأعمال الإرهابية، على أثر الهجمات الإرهابية التي حصلت في
الولايات المتحدة الأمريكية يوم 11 ايلول 2001.
تجاوب مصرفي لبناني، والقطاع المصرفي اللبناني عامة،
بنجاح مع هذا التطور العالمي، مما أدى إلى شطب اسم لبنان، في حزيران 2002(117)،
من اللائحة السوداء. ولقد تم ذلك دون
التضحية بقاعدة السرية المصرفية، التي تم تكريس استثناء جديد لها ولكن بصورة حصرية
وتحت حماية السلطة القضائية. وإن ما سهّل
هذا التجاوب كون القطاع المصرفي سبق له، في مرحلة أولى، أن أخذ بنفسه المبادرة في
تنظيم مكافحة تبييض الأموال على صعيد القطاع، كما سبق للبنان أن أقر نصوصاً قانونياً(118)
تساهم في مكافحة تبييض الأموال، ومنها القانون رقم 253 تاريخ 30/1/2000 المتعلق
بإلغاء نشاطات شركات الأوف شور المصرفية والمالية.
أ. المرحلة الأولى: رقابة ذاتية للمصارف من خلال
اتفاقية "الحيط والحذر" (1996-1997)
37. هي اتفاقية
نموذجية "حول الالتزام بمكافحة تبييض الأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع
بالمخدرات"، "حرصاً على صيانة النظام المصرفي اللبناني، وضعت بالتنسيق
مع مصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان، ووقعتها المصارف العاملة في لبنان، مع الجمعية،
في 20 شباط 1997، واستكملتها الجمعية بتعميم
رقم 30/98 تاريخ 25/4/1998 تضمّن الإجراءات الموحدة للمراقبة في إطار الاتفاقية
التي أنشأت في هذا الخصوص، لدى الجمعية، لجنة مراقبة خاصة.
يلتزم المصرف، تجاه الجمعية، بموجب اتفاقية "الحيطة
والحذر"، باعتماد قواعد تحول دون استخدامه لأغراض تبييض الأموال، ومنها:
التحقق من هوية المتعاقد مع المصرف(119) أو هوية صاحب الحق الاقتصادي(120)،
ومراقبة بعض العمليات التي يقتضي مراقبتها بوجه خاص بالاستعلام عن مصدر الأموال
ووجهتها(121)، كل ذلك تحت طائلة رفض التعامل مع المتعاقد أو فسخه.
38. بتاريخ
21/1/2000 طلب مصرف لبنان(122) إلى المصارف "كافة" العاملة
في لبنان "التقيد بأحكام اتفاقية الحيطة والحذر"، مما شكل إقراراً
رسمياً بالاتفاقية. وقد فوض لجنة الرقابة
على المصارف مهمة إصدار النصوص التنظيمية لكنه لم يشر إلى الجزاء المترتب على
مخالفة أحكامه. وبالفعل، أصدرت لجنة الرقابة
التعميم رقم 26 تاريخ 25/1/2000 الموجه
إلى مفوضي المراقبة لدى المصارف طالبة منهم إعداد تقرير خاص سنوي يتعلق بمدى تقيّد
المصارف بالإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية.
ب. المرحلة
الثانية: قانون مكافحة تبييض الأموال (2001)
39. تبيّن
للبنان أن قرار "غافي" بوضع اسم لبنان على اللائحة السوداء تأثر بتقرير
للحكومة الأميركية أشار إلى أن نظام السرية المصرفية في لبنان هو عائق أمام مكافحة
تبييض الأموال، وإلى أن القانون اللبناني لا يفرض حكما الإبلاغ عن العملية
المشبوهة، ولا يوجد وحدة استعلامات يمكن أن يناط بها أمر مراقبة العمليات المالية
وكشف عمليات التبييض.
أي، كما صرح بذلك في حينه حاكم مصرف لبنان، أن مجموعة
العمل تعاطت مع لبنان "على أساس نقص في البنية القانونية وليس على أساس
الواقع". أي أنها عاقبت لبنان على ما
اعتبرته نقص آليات التعاون وليس لأن لبنان يمارس أي تبييض للأموال(123).
وعليه، كان لا بد للبنان من الاستعاضة عن الرقابة
الذاتية الطوعية المتمثلة في "اتفاقية الحيطة والحذر"، بنظام قانوني
إلزامي متكامل (وغير محصور بالمصارف، أو بالأموال الناجمة عن المخدرات)، ولكن دون
المس بالسرية المصرفية. فكان القانون رقم
318 تاريخ 20 نيسان 2001 ("مكافحة تبييض الأموال")، الذي وضع مشروعه
"بعد اتصالات متعددة مع المراجع المالية الدولية المعنية وبعد الاستئناس بما
تم اعتماده من تدابير في بلدان أخرى في أوضاع أخرى مشابهة" وقد روعي فيه
"الحفاظ على السرية المصرفية وعلى التوفيق بين مقتضياتها المبدئية والمعايير
الدولية المطلوبة لمكافحة جرائم تبييض الأموال"(124). وهو يشمل:
-
لجهة واجب مراقبة
العمليات(125): والتحقق من هوية الزبائن والإبلاغ : جميع المؤسسات،
بما فيها المؤسسات الفردية (المادة 4)(126)، مع التركيز بصورة خاصة على
المؤسسات المصرفية والمالية، التي صدر بالنسبة إليها قرار تطبيقي عن مصرف لبنان
رقم 1818 تاريخ 18/5/2001 ("نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة
تبييض الأموال")(127)، استوحيت تدابير المراقبة الداخلية فيه من
بنود اتفاقية الحيطة والحذر المنوه عنها أعلاه.
-
لجهة عدم مشروعية
الأموال: ستة أوجه للمصدر الإجرامي للأموال وهي: المخدرات، أفعال
جمعيات الأشرار المعتبرة دولياً جرائم منظمة، جرائم الإرهاب. الاتجار غير المشروع بالأسلحة، السرقة أو
الاختلاس أو الاحتيال المعاقب عليهما جنائياً، وتزوير العملة أو الاسناد العامة
(المادة 1)، ما يتضح معه عدم ذكر "الاثراء غير المشروع"(128)
والتهرب من الضريبة (évasion fiscale).
-
لجهة فعل التبييض: مختلف أوجه التبييض،
المباشرة وغير المباشرة: من إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة، إلى
تحويلها أو استبدالها لعرض إخفاء أو تمويه مصدرها، إلى تملكها أو حيازتها أو
استخدامها أو توظيفها مع العلم بعدم مشروعيتها (المادة 2).
40. كان لا بد طبعاً أن يكرّس هذا القانون حالة جديدة من
حالات رفع السرية المصرفية في لبنان، ولكن هذه الحالة حصرت ضمن حدود واقترنت
بضمانات سواء لجهة السلطة المخولة رفع السرية عن الحسابات التي يشتبه أنها استثمرت
لغاية تبييض الأموال، أم لجهة مدى رفع السرية.
- فلجهة السلطة ("هيئة
التحقيق الخاصة") المخولة وحدها رفع السرية عن الحساب المصرفي المشتبه به
والمنشأ بموجب القانون الجديد (المادة 6): فهي هيئة مستقلة ذات طابع قضائي، مؤلفة
من أعضاء يوحون بثقة مميزة(129)، يتدرج عملها من تلقي المعلومات(130)،
إلى التدقيق فيها، إلى اتخاذ، ضمن مهلة ثلاثة أيام عمل، قرار مؤقت بتجميد الحساب
أو الحسابات المشبوهة لمدة خمسة أيام قابلة للتجديد مرة واحدة إذا كان مصدر
الأموال لا يزال مجهولاً أو إذا اشتبه بأنه ناجم عن جرم تبييض أموال، إلى إجراء
التحقيقات، بشأن الحساب أو الحسابات المشبوهة، إلى اتخاذ قرار نهائي(131)
اما بتحرير الحساب وإما برفع السرية المصرفية ومواصلة تحميل الحساب أو الحسابات
المشتبه بها وإرسال نسخة عن القرار إلى النائب العام التمييزي والهيئة المصرفية
العليا وصاحب العلاقة والمصرف المعني والجهة الخارجية المعنية (المادة 8)
(132).
- ولجهة مدى رفع السرية: فقد تم حصره "لصالح
المراجع القضائية المختصة والهيئة المصرفية العليا" (المادة 6-4)، وقد حرص
القانون على التأكيد على أنه، باستثناء قرار الهيئة بالموافقة على رفع السرية
المصرفية، فإن كل إبلاغ أو إجراء أو مستند يقدم وفق القانون الجديد "يتسم
بالسرية المطلقة" (المادة 11) تحت طائلة عقوبتي الحبس و/أو الغرامة (المادة
13)، وأن أعضاء الهيئة ومعاونيهم ملزمون بموجب الحفاظ على السرية (المواد 8-2 و 10
و 12).
على أننا نلاحظ قانوناً نقطة ضعف بالنسبة إلى الضمانات
المنوه عنها أعلاه، تتمثل في ما نص عليه القانون من أنه "لا تقبل قرارات
"الهيئة" أي طريق من طرق المراجعة العادية أو غير الإدارية أو القضائية
بما في ذلك المراجعة لتجاوز حد السلطة" (المادة 8-3)، وهذا مخالف للمبادئ
الدستورية والمعايير المتعارف عليها دولياً(133).
المحور الرابع
رقابة المصرف المركزي
41. تظهر الوقائع الاقتصادية كل يوم أهمية دور الرقابة
نظرياً وعملياً، وخطورة عدم ممارستها الجدية فعلياً. والحال أن رقابة المصرف المركزي على المصارف لديه(134)
هي من الوسائل الرئيسية التي تمكنه من الاضطلاع بإحدى مهامه الأساسية وهي
"المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي(135). وهو يواكب فعلاً، في هذا المجال، التطور
العالمي حيث شرع، مثلاً، في تنفيذ توصيات بازل لجهة إدارة المصارف للمخاطر
الائتمانية ولمخاطر السوق ولمخاطر العمليات، المطلوب تنفيذها بدءاً من سنة 2006(136).
ولقد اخترنا في هذا المجال، عن مواكبة القانون المصرفي اللبناني للتطور، نموذجين
معبّرين:
-
الأول: إيلاء المشرع حاكم مصرف
لبنان دوراً جديداً هو التحريك المبكر لدعوى "إفلاس" المصرف ضمن إطار
أحكام خاصة بتوقف المصارف عن الدفع.
-
والثاني: تنظيم مصرف لبنان وجهاً
آخر من أوجه الرقابة هي "الرقابة الداخلية" لدى المصارف.
1. الأحكام الخاصة بتوقف المصارف عن الدفع
(1967 و 1991)
42. اخترنا التوقف عن
هذه الخصوصية في التشريع اللبناني بالنظر إلى أهميتها على صعيد المفهوم الحديث
لأنظمة الإفلاس في القانون المقارن.
على أثر إعلان إفلاس
أكبر مصرف لبناني في حينه (بنك انترا)، في 14/10/1966، سنّ المشرع اللبناني
قانوناً خاصاً بالمصارف التي تتوقف عن الدفع (القانون رقم 2/67 تاريخ 2/1/1967(137)،
اخضعها (بما في ذلك بنك انترا) لأحكام خاصة تتميز عن الأحكام الكلاسيكية المطبقة
على باقي التجار الذين يتوقفون عن الدفع (أي أحكام "الإفلاس" faillite و "الصلح الواقي" (concordat prevent if) (138). والميزة
الرئيسية لتلك الأحكام المصرفية الخاصة أنها تلتقي مع الروحية الحديثة لقوانين
الإفلاس في القانون المقارن، ولا سيما القانون الفرنسي الهام الذي صدر بعد أشهر
(في 13/7/1967)، من حيث تفريقها بين "المشروع" – "المؤسسة" (l'entreprise) وبين الشخص أو الأشخاص (I'homme) القيّمين عليها(139):
- فتعامل المؤسسة، بما
تمثله من وحدة وقيمة اقتصادية واجتماعية ومالية، انطلاقاً من معيار موضوعي (critère objectif)، حيث تسعى إلى حمايتها وإنقاذها(140)،
إذا ثبت من الناحية الاقتصادية(141) أنها جديرة بالحياة (وإلا إلى
تصفيتها تنقية للقطاع) (142). أي أن "المؤسسة" أصبحت المحور
الأساسي للنظام الخاص بتوقف المصارف عن الدفع.
بينما يبقى المحور الأساسي لنظام الإفلاس العادي الرابطة بين المفلس
ودائنيه.
- أما
"الأشخاص"، فتخصص لهم أحكام تنطلق من معيار ذاتي (critère subjectile) وتؤول، فيما إذا ثبت ارتكابهم
أخطاء في الإدارة، إلى تحميلهم المسؤولية عنها، مدنياً و/أو جزائياً، دون الخلط
بين مصير المؤسسة ومصير الأشخاص القيمين عليها(143).
43. وبصورة خاصة، أورد المشرع في القانون رقم 2/67
أحكاماً خاصة لجهة العنصر المادي الأساسي في مفهوم الإفلاس وهو عنصر "التوقف
عن الدفع" (cessation de pa amant).
من المعروف في المفهوم
الكلاسيكي للإفلاس المعتمد في قانون التجارة اللبناني، أن التوقف عن الدفع هو
وضعية (situation)
عامة (générale) شاملة (globale) يكون فيها مجمل وضع التاجر قد
أصبح منهاراً (أو "ميؤوساً منه") (situation générale définitivement compromise)، وهي تقتضي في القانون اللبناني
اجتماع عنصرين: عنصر عام هو عدم الاقتدار على الدفع أو فقدان الثقة (perte du crédit)، وعنصر مكمل هو عدم دفع التاجر
ديناً أو أكثر من ديونه التجارية (arrêt matériel de paiement). أما قانون 2/67 المتعلق بـ "إخضاع المصارف
التي تتوقف عن الدفع لأحكام خاصة"، فقد أضاف إلى هذه الحالة العامة حالات
خاصة حددها النص على أن المصرف "يعتبر متوقفاً عن الدفع في كل منها، وأولى
فيها حاكم مصرف لبنان دوراً جديداً هو واجب تحريك دعوى "إفلاس" المصرف
في هذه الحالات.
ففي سياق تعداده للأشخاص
الذين يمكنهم أن يطلبوا من المحكمة المختصة تطبيق أحكام القانون رقم 2/67 على أحد
المصارف (بينما الأشخاص الذين يمكنهم بموجب قانون التجارة، تحريك دعوى الإفلاس ضد
سائر التجار، وهم: المديون/ المفلس نفسه، ودائنوه، إضافة إلى المحكمة،
"عفواً" d'office(144)، وكذلك، في رأينا،
النيابة العامة)، أضاف القانون رقم 2/67 طرفاً جديدا هو حاكم مصرف لبنان، موجباً
عليه، في مادة خاصة (المادة 2) أن "يطلب من المحكمة المختصة تطبيق أحكام هذا
القانون"... "فور ثبوت توقف أحد المصارف عن الدفع" (المادة 2 فقرة
1)، ومتابعاً، في فقرة ثانية من المادة نفسها أنه:
"لتطبيق أحكام
الفقرة السابقة يعتبر المصرف متوقفاً عن الدفع في كل من الحالات الآتية:
"1. إذا أعلن بنفسه
توقفه عن الدفع.
"2. إذا لم يسدّد
ديناً مترتباً عليه لمصرف لبنان عند استحقاقه.
"3. إذا سحب شكاً
على مصرف لبنان بدون مؤونة كافية.
"4. إذا لم يؤمن
المؤونة الكافية لتغطية رصيد مدين ناتج عن عمليات غرفة المقاصة".
44. وعليه طرحت فوراً،
إزاء هذا النص، مسألة ما إذا كان القانون المصرفي قد أحدث تغييراً جذرياً في مفهوم
"التوقف عن الدفع" عن طريق اعتماده تعريفاً مادياً (matériel) قائماً على مجرد تحقق حالات
محددة، هي الحالات التي أدرجناها أعلاه، تكون أي منها (مثلاً: سحب شيك على مصرف
لبنان بدون مؤونة) كافية لاعتبار المصرف "مفلساً" بمعزل عما إذا كانت
حالته العامة "منهارة"، أو ميؤوساً منها" ... وهذا بالفعل ما رآه
بعض المفسرين(45)، وما بدا أن محكمة البداية في بيروت اعتمدته في عدة
أحكام صدرت في مطلع التسعينات.
إلا أن هذا الرأي لم يلق
إجماعاً(146). ولقد خالفناه
لافتين إلى أن صياغة النص بالذات توضح أن نية المشرع لم تكن في "ربط" يد
المحكمة لمجرد توافر إحدى الحالات المذكورة أعلاه، بل كانت في تسريع وضع يد
المحكمة على الموضوع (saisine précoce) عن طريق تعداد حالات هي على قدر
من الخطورة(147) حمل المشرع على اعتبار ثبوتها بمثابة قرينة (على
التوقف عن الدفع) كافية لإلزام حاكم مصرف لبنان بتقديم طلب إلى المحكمة، مما يضمن
أن يصبح الأمر في عهدة القضاء؛ إلا أنه يبقى للمحكمة كامل السلطان في تقدير وضع
المصرف العام وبالتالي التحقق من أنه في حالة إفلاس حقاً. وهذا بالضبط ما يتضح من القراءة المتأنّية
لمقدّمة الفقرة الثانية من المادة الثانية في قولها: "لتطبيق أحكام الفقرة
السابقة يعتبر المصرف متوقفاً عن الدفع ..."، أي أن المصرف يعتبر كذلك
"لغايات الفقرة الأولى"، أي : لأجل وضع اليد القضائي المبكر.
فما اعتبره المشرع
كافياً لإيجاب إيصال الأمر إلى القضاء، ليس كافياً بالضرورة لإيجاب حكم القضاء
بإفلاس المصرف. فلأجل هكذا حكم بالإفلاس،
يقتضي التحقق من أن حالة المصرف العامة منطبقة على التعريف العادي للتوقف عن
الدفع، وهو التعريف المعتمد، في نفس القانون 2/67، عندما تكون الدعوى ضد المصرف
مقدمة من أحد دائنيه (المادة 4).
في الواقع، يتبين من
الأحكام التي صدرت في التسعينات عن محكمة البداية في بيروت بتوقف عدة مصارف عن
الدفع، بناء على طلب حاكم مصرف لبنان، أن المحكمة، على رغم أخذها بالنظرية
الجديدة، تحققت في جميع تلك الدعاوى من أن الحالة العامة تلك المصارف كانت ميؤوسة(148).
2. تنظيم الرقابة الداخلية لدى المصارف (2000)
45. أشرنا أعلاه إلى الرقابة الخارجية على المصارف
التي يمارسها مصرف لبنان، وإحدى وسائلها ما أوجبه القانون على مراقبي المصارف
الخارجيين (أي: "مفوضي المراقبة) commissaries de
surveillance) من ارسال، مباشرة وبآن واحد، إلى
حاكم المصرف المركزي ورئيس لجنة الرقابة على المصارف(149) نسخاً عن
التقارير التي ألزمهم القانون بوضعها(150). علماً بأن قانون النقد والتسليف خصّ مفوضي
المراقبة لدى المصارف بأحكام خاصة(151) استكملها المرسوم رقم 1983
الصادر في 25/9/1971، بتنظيم مهنة مفوضي المراقبة لدى المصارف(152).
46. على أن مواكبة القانون المصرفي البناني للتطور
تمثلت أيضاً في تنظيم مصرف لبنان الرقابة الداخلية على المصارف بالقرار 7737 تاريخ
15/12/2000، انطلاقاً من مبادئ تقييم أنظمة الرقابة الداخلية لدى المصارف الموضوعة
من قبل لجنة بازل للرقابة المصرفية عام 1998، وأهم أوجهها:
أ. الزام كل مصرف عامل
في لبنان، خلال مهلة أقصاها 30/6/2001، بإنشاء "وحدة تدقيق داخلي"
(مسماة فيما يلي "الوحدة") تكون مستقلة استقلالاً تاماً عن إدارته
المكلفة بإجراء العمليات وليس لها مسؤوليات تنفيذية لديه (المادة 2-1) مع إمكانية
تكليف مؤسسة متخصصة من خارج المصرف للقيام بمهمة التدقيق الداخلي على أن تلتزم
بالسرية المصرفية وتكون مستقلة تماماً عن مفوض المراقبة (المادة 2-2-ب) (153).
ب. إيجاب عقد مجلس الإدارة (أو إدارة فرع المصرف
الأجنبي) جلسة خاصة على الأقل مرتين في السنة بحضور رئيس الوحدة لمناقشة الأعمال
المنوطة بالوحدة والتقارير والمستندات والأنظمة كافة ودراستها "دراسة
معمقة" (المادة 6).
ج. إلزام مفوضي المراقبة بإعداد تقارير دورية، على
الأقل نصف سنوية، تتعلق بمدى تطبيق أحكام القرار الجديد، وتتضمن "تقييماً
لفعالية أنظمة الرقابة الداخلية المعتمدة، خصوصاً من الناحية التطبيقية، واقتراحات
لتعزيز فعالية هذه الأنظمة" (المادة 7).
د. الزام المصارف، اعتباراً من 30/6/2002، بوضع حد
أدنى من الأنظمة الرقابية الداخلية ومراجعتها دورياً للتحقق من فعاليتها (المادة
5-1) (154)، على أن تراعى في وضعها، بصورة خاصة، "واجبات القائمين
على إدارة المصرف في مجال هذه الرقابة وفي نشر الثقافة الرقابية لدى العاملين في
المصرف، وأصول تحديد المخاطر وتقييمها" (المادة 5-2) (155).
وقد علمنا أن مصرف لبنان
أمثل المصارف لغاية آخر العام الحالي (2002) لوضع هذه الأنظمة، حيث سيؤمن للمصارف
الأسس التي تمكنها من وضع نظام المعلوماتية المناسب لعمل الوحدة.
47. يبقى طبعاً التحدّي في التطبيق، مثلما هو الأمر
بالنسبة إلى كل عمل رقابي، سيما وأن الوحدة مكونة من أشخاص معينين من إدارة المصرف
بالذات(156)، ومرتبطين مبدئياً برابطة التبعية، وهو عائق واقعي لا يكفي
لتخطيه ما نص عليه القرار من تعرض مخالفي نص القرار إلى "الإحالة أمام الهيئة
المصرفية العليا" (المادة 8)، بل المأمول تخطيه من خلال الجودة المرافقة لنمو
القطاع المصرفي و "نشر الثقافة الرقابية" الذي تحدث عنها القرار (المادة
5-2).
48. إن هذا النموذج
الأخير للأحكام المصرفية المميزة يعيدنا إلى ملاحظتنا في التوطئة أعلاه حول دور
السبق الذي يلعبه القانون المصرفي في مواكبة التطور. وهو دور يمكن أن يفيد سائر القطاعات. ففكرة تعزيز الرقابة الداخلية، مثلاً، تتفق مع
الاتجاه الحديث على صعيد جميع المؤسسات الاقتصادية لا سيما الكبيرة منها، نحو
تعزيز الوقاية من العثرات (prévention des difficultés) بدلاً من الاكتفاء بتنظيم
المعالجة (traitement)
لاحقاً، بعد انيهار المؤسسة(157)، ويكون ذلك عن طريق تعزيز مجموعتين من
وسائل الوقاية المبكرة: أولاً، وسائل اكتشاف مبكر (détection précoce) للصعوبات الحاصلة (أو للمؤشرات
المنبئة باحتمال حصولها)، ثم وسائل إنذار مبكر (alerte précoce) تسمح، داخيلاً، بدق ناقوس الخطر
وتمكين إدارة المؤسسة من تدارك الصعوبات أو مواجهتها قبل تدهور الوضع(157). فتلتقي بالنتيجة، مرة أخرى، كما في سائر
المجالات، سنّة القانون وسنّة الحياة.
1. من كلمة وزير المالية اللبناني السيد فؤاد السنيورة في
افتتاح المؤتمر المصرفي العربي الذي انعقد في بيروت في 2 تموز 2000 تحت عنوان :
"العودة إلى المستقبل" (جريدة النهار، بيروت، 3/7/2000 ص 6).
2. في ما لا يتعلق، طبعاً، بـ "الأحوال الشخصية"
(status personnel)
التي تتميز بتعددية اشتراعية وقضائية تبعاً للاعتراف القانوني بثمانية عشر طائفة
دينية ذات نظام شخصي.
3. "هي من مقومات وجود
لبنان" (من بيان نقابة المحامين في بيروت في 5/9/2002، جريدة النهار، بيروت،
6/9/2002 ص 5)؛ "هي واجب وجود لبنان وأساس استقراره وازدهاره" (من بيان
نقابتي الصحافة والمحررين الصادر في اليوم نفسه) (نفس المرجع)؛ "قيم التسامح
والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات التي لا يمكن للبنان أن يكون هو لبنان من
دونها" (من كلمة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد جاك شيراك في مجلس النواب
اللبناني في 17/10/2002 عشية افتتاح مؤتمر
القمة الفرنكوفونية أي بيروت، جريدة الأوريان لو جور، 18/10/2002، ص5).
4. الصادر في 23/5/1926.
5. المضافة بموجب القانون الدستوري الصادر في 26/9/1990.
6. صدر في 9/3/1932.
7. طبعاً "بشرط أن يراعوا مقتضى النظام العام والآداب
العامة والأحكام القانونية التي لها صفة الزامية" (المادة نفسها.
8. صدر في 24/12/1942.
9. المادة 11 من الدستور، قبل تعديلها في 9/11/1943.
10. مثل حديث: تمييز مدنية، غرفة 4، رقم 1 ، 16/1/1997،
النشرة القضائية اللبنانية 1997، قسم الاجتهاد، ص 135، حيث (inopposabilité des exceptions)، الصيغة الفرنسية للمادتين 331 و
333 تجارة (المقتبسة من معاهدة جنيف لعام 1930) التي تتحدث عن "علمه عند
احراز السند بالضرر الذي سيلحق بالمديون" (""ait agi sciemment an détriment du débiteur)، مرجحة إياها على الترجمة
العربية المتعارضة معها والتي تتحدث عن كون الحامل "تعمد عند إحرازه السند
الإضرار بالمديون".
11. المادة 254 من قانون أصول المحاكمات المدنية (الصادر في
16/9/1983).
12. بينما يمنع، في القروض المالية لغايات غير تجارية، إلزام
المستقرض بفائدة إجمالية ظاهرة أو خفية بمعدل يزيد على 12% سنوياً، تحت طائلة
عقوبة المراباة (usure)
(المادة 661 من قانون العقوبات الصادر في 1/3/1943).
13. بالمقارنة مع أحكام قانون الموجبات والعقود (المادة
768).
14. المادة 179 موجبات وعقود.
15. فكل عمل أو خدمة موضوع موجب تجاري يستحق له عوض أو مقابل (المادة 259 تجارة).
16. المادة 256 تجارة (وقبلها : المادة 24 فقرة 2 موجبات
وعقود) .
17. المادة 260 تجارة (كذلك: المواد 402 و 405 و 450، وهي
أشد صرامة بالنسبة إلى الاسناد التجارية).
18. المادة 572 أصول مدنية.
19. نصت المادة 174 من قانون النقد والتسليف على ما حرفيته:
"للصرف
المركزي صلاحية إعطاء التوصيات واستخدام الوسائل التي من شأنها أن تؤمن عمل مصرفي
سليم". "يمكن أن تكون هذه التوصيات والوسائل شاملة وفردية.
"وللمصرف المركزي
خاصة بعد استطلاع رأي جمعية مصارف لبنان أن يضع التنظيمات العامة الضرورية لتأمين
حسن علاقة المصارف بمودعيها وعملائها. "كما أن له أن يحدّد ويعدّل كلما رأى
ذلك ضرورياً، قواعد تسيير العمل التي على المصارف التي تتقيد بها حفاظاً على حالة
سيولتها وملاءتها.".
20. بالقانون 133 تاريخ 26/10/1999.
21. المحددة في المادة 70 من قانون النقد والتسليف بـ
"المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم وتتضمن مهمة
المصرف بشكل خاص ما يأتي:
"-
المحافظة على سلامة النقد اللبناني.
"- المحافظة على
الاستقرار الاقتصادي.
"- المحافظة على
سلامة أوضاع النظام المصرفي.
"- تطوير السوق
النقدية والمالية.
"- يمارس المصرف
لهذه الغاية الصلاحيات المعطاة له بموجب هذا القانون".
22. راجع الحاشية السابقة.
23. حيث أنه "لا يمكن أن يمارس المهنة المصرفية في
لبنان إلا مؤسسات منشأة بشكل شركات مغفلة أو مساهمة" (المادة 126 من قانون
النقد والتسليف).
24. أو المؤسسات المالية.
25. بالمرسوم رقم 1983 تاريخ 25/9/1971.
26. قانون رقم 521 تاريخ 6/6/1996 ("تحديد شكل وكيفية
التداول باسهم المصارف اللبنانية وبإصدار سندات دين")، ثم قانون 308 تاريخ
3/4/2001 ("إصدار أسهم المصارف والتداول بها وإصدار سندات الدين وتملك
العقارات من قبل المصارف"). ومن هذه
الأحكام: إنشاء "أسهم تفضيلية" (المادة 2)، ومنح "حقوق خيار
مجانية" لمستخدمي المصرف والقائمين على إدارته توليهم "حق الاكتتاب بعدد
من أسهم المصرف" (المادة 3). وقد
أضحت أسهم المصارف اللبنانية، كافة، "اسمية تحفظ لدى الوديع المركزي شركة
ميدكلير ش.م.ل. وتثبت ملكيتها وتجري
عمليات التداول بها وتنشأ الرهونات والحقوق الأخرى عليها بموجب قيود الشركة
المذكورة" (المادة 1 فقرة 2).
(تراجع، بالنسبة إلى الوديع المركزي، الفقرة 18 من النص).
27. القانون 28/62 تاريخ 9/5/1967، وهذا السقف هو حالياً
خمسة ملايين ليرة لبنانية بالنسبة لمجموع حسابات الودائع بالعملة اللبنانية
العائدة للمودع الواحد في المصرف الواحد (المادة 14).
28. بالقانون 28/67 (ومرسومه التطبيق 8284 تاريخ 28/9/1967)
المعمول به حتى 31/1/1969، ثم بالقانون 192 تاريخ 4/10/1993 المعمول به حتى
14/1/2003.
29. من محاضرة لحاكم مصرف لبنان السيد رياض سلامة في جامعة
الروح القدس في الكسليك في 11/10/2002 (صحيفة الاوريان لو جور، بيروت، 12/10/2002،
ص 9.
30. حاكم مصرف لبنان، لدى افتتاح المؤتمر المصرفي العربي
لسنة 2002 المنعقد في بيروت في 2/7/2002
تحت عنوان "العودة إلى المستقبل" (جريدة النهار، بيروت، 3/7/2002، ص6).
31. حاكم مصرف لبنان، لدى افتتاح "الندوة الدولية عن
العمليات الائتمانية في لبنان" في 14/11/1997.
32. بالقانون 160 تاريخ 27/12/1999.
33. القانون رقم 328 تاريخ 31/5/2000. ومن أوائل القطاعات المقصودة قطاعاً الخليوي والكهرباء،
كما يجري التحضير لتسنيد إيرادات ريجي التبغ والتنباك (جريدة النهار، بيروت،
24/10/2002، ص6).
34. من كلمة النائب الأول لحاكم مصرف لبنان د. ناصر السعيدي
في "الندوة الدولية عن العمليات الائتمانية في لبنان"، المنعقدة في 14 و
15/11/1997، وقد لفت أيضاً إلى أن العمليات قد تدخل في نطاق عمل المصارف
الإسلامية، وهي مصارف يجري التفكير في وضع نظام لها قريباً.
35. Constituant, fiduciaire.
36. Fiduciaries.
37. Patrimoine fiduciaire.
38. Bénéficiaire.
39. المادة 18، وهو، بالنسبة إلى العقود التي تتناول بصورة
صريحة أو ضمنية، رسم نسبي بمعدل ثلاثة بالألف (المادة 18 من المرسوم الاشتراعي رقم
67 تاريخ 5/8/1967.
40. كما لا يحق للمؤتمن توظيفها في مجالات مهما كانت طبيعتها
يكون شريكاً أو ذا مصلحة فيها إلا بتفويض "خطي واضح ومسبق محدد من قبل المنشئ
لصالح المؤتمن" (المادة 8 فقرة 2).
41. التي تضيف : "ولا تطبق في شأنها أحكام ومفاعيل توقف
المؤتمن عن الدفع أو إفلاسه باستثناء إسقاط الأجل التعاقدي".
42. علماً بأن قرار مصرف لبنان رقم 6349 تاريخ 24/10/1996 نص
في مادته الأولى على شروط لاكتساب أي مصرف أو مؤسسة مالية صفة المؤتمن، منها أن لا
تقل أمواله الخاصة الأساسية عن عشرة مليارات ليرة لبنانية بالنسبة إلى المصرف وعن
خمسة مليارات ليرة لبنانية بالنسبة إلى المؤسسة المالية (1-1)، وأن يكون قد خصص
للعمليات الائتمانية "جهازاً خاصاً مستقلاً يعمل وفق نظام ضبط داخلي وهيكلية
إدارية مالية" (1-4).
43. أو، عند الاقتضاء المستفيد.
44. في أسسه الثلاثة: القانوني، والقضائي، والتعاقدي.
45. المحصور مزاولتها، وفقاً للمادة2 معطوفة على المادة 17
من القانون 520، "بالمصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات المرخص لها من
مصرف لبنان والمسجلة لديه".
46. علماً بأن القانون اللبناني يقر بصحة البنود المعفية
للمسؤولية باستثناء حالة الخداع (dol)
(المادة 267) أو الخطأ الفادح الموازي للخداع (faute lourde équipollente au dol) (قارن مع المادة 138 موجبات
وعقود).
47. الفقرة 12.
48. الفقرة 11.
49. "أو المستفيد" ...
"ما لم يكن المستفيد قد قبلها (أي: الذمة الائتمانية) على سبيل الضمانة أو
لقاء عوض" (المادة 11، التي تضيف: "فتطبق عندئذ بشأنها أحكام المادتين
507 و 508 من قانون التجارة عند الاقتضاء"، المتعلقتين بإمكانية إبطال
الأعمال التي يكون المفلس قد أجراها خلال فترة الريبة).
50. فإذا تعذر على الدائن حجز سائر أموال المنشىء لكونها
مودعة لدى المصرف المؤتمن، لأنها تبقى مشمولة بالسر المصرفي، تكون الذمة
الائتمانية بمثابة ضمانته الوحيدة.
51. من الأسباب الموجبة لقانون إنشاء وديع مركزي، محاضر مجلس
النواب، الدور التشريعي 19، ص 1605.
52. مثلاً، في فرنسا، قيد القيم المنقولة الاسمية في الحساب
منذ القانون 81 – 1160 تاريخ 30/12/1181 (المادة 94 – II).
53. محاضرة مجلس النواب، نفس الصفحة.
54. بالقانون رقم 139 تاريخ 26/10/1999.
55. وهو قانوناً شركة مغفلة لبنانية يساهم فيها مصرف لبنان
بنسبة 99.69 بالمئة من مجموع اسهمها، وتساهم المصارف، والمؤسسات المالية بالباقي.
56. الزامياً بالنسبة إلى القيم المالية وسائر الصكوك
المالية المدرجة في الأسواق المنظمة في لبنان (المادة 3).
57. فضلاً عن عمليات إدارة سجلات المساهمة ونقل الملكية
وتوزيع الأرباح بناء لتفويض اختياري من الشركات المساهمة، وإعارة الصكوك بالوكالة
عن مالكيها (المادة 2).
58. بالقانون 138 تاريخ 26/10/1999، وهي شركة مغفلة لبنانية.
59. المادتان 1 و 2.
ويمكن للشركة مثلاً أن تقوم بفتح الحسابات بغرض الاستثمار في الصكوك
والأدوات المالية المختلفة، وتنظيم عمليات إصدار تلك الصكوك والأدوات المالية
وترويجها والاكتتاب بها، وبعمليات اقراض الصكوك والأدوات المالية، والعمليات
الائتمانية بصفة مؤتمن، وأن تكون مركز إيداع لإصدارات الـ G.D.R (شهادات الإيداع العمومية) وغيرها
(المادة 2).
60. تقرير لجنة المال والموازنة النيابية، محاضر مجلس
النواب، الدور التشريعي 19، ص 1614.
61. محاضر مجلس النواب، نفس الصفحة.
62. نفس المرجع.
63. قارن مع ما نص عليه القانون 308 تاريخ 3/4/2001 لجهة
جعله أسهم المصارف اللبنانية كافة اسمية وحفظها لدى الوديع المركزي شركة ميدكلير
ش.م.ل. (تراجع الفقرة 6 من النص مع الحاشية رقم 6).
64. على أن تحدد دقائق تطبيقه بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء
بناء على اقتراح وزير المالية (المادة 5).
65. من الأسباب الموجبة لمشروع القانون، محاضر مجلس النواب،
نفس الدور، ص 1599.
66. علماً بأن قانون "الوديع المركزي" الصادر قبل
شهرين من القانون 159 نص على أنه يمكن للمؤسسات التي تتعاطى الوساطة المالية،
وللأشخاص المعنويين فيما خص الصكوك المالية والقيم المنقولة التي يصدرونها،
الانتساب إلى الوديع المركزي لأجل إتمام العمليات غير المحصورة بالوديع المركزي،
ولا سيما لتسهيل عمليات التداول بالتحويل من حساب إلى حساب، على أن لا تودع في
حساباتها لدى الوديع المركزي سوى الصكوك المالية والقيم المنقولة لحامله التي لم
تعارض مالكوها إعادة تسليمها لهم بأرقام مختلفة (المادة 9).
67. "إن موجب الأداء ينقل حتماً
حق ملكية الشيء إذا كان من الأعيان المعنية المنقولة" (المادة 47 موجبات
وعقود).
68. المواد 11 وما يليها موجبات وعقود.
لكن المادة 6، مثلاً، من
قانون 1961، نصت على أن المقاصة بين الحسابات المختلفة الخاصة بأحد أصحاب الحساب
المشترك لا تجوز موافقة باقي الشركاء.
69. "إلا إذا تضمن عقد فتح الحساب نصاً صريحاً بهذا
المعنى" (المادة 3).
70. مصرف لبنان، دليل إجراءات طباعة الشيكات، النسخة الأولى،
3/1/1995، ص 2، وقد صدر بالقرار 5800 تاريخ 14/2/1995 (وتعدّل لاحقاً بندان من
بنوده بالقرار 7150 المذكور أدناه).
71. مثلاً لجهة: جودة الورق وزناً وسماكة وخشونة وصلابة
ومقاومة للهواء وللتمزق الداخلي، وحدود المقاسات، والتنقيب، وموقع الأرومة أو
الكعب، والمميزات الأمنية، والحجم الجديد للشيك وشكله.
وقد وضع مصرف لبنان تحت
تصرف المصارف، في مقر غرفة المقاصة في بيروت، آلة فحص (tester) بغية التحقق من مطابقة نماذج
الشيكات المرمزة التي تصدرها مع المقاييس والخصائص الفنية التي حددها (المادة 2 من
القرار 6474 والمادة 4 من القرار 7150 المذكورين في الحاشية التالية).
72. المادتان 4 و 9 من القرار 7150 تاريخ 6/11/1998
("الشيكات المرمزة") الذي ألغى القرار 6474 تاريخ 17/2/1997
("تحديد تاريخ بدء العمل بنموذج الشيكات المرمزة"، وكان حدّده في 1/5/1997) الذي ألغى القرار السابق رقم 6037
تاريخ 26/10/1995 (الذي كان حدد لبدء العمل تاريخ 1/4/1996).
-
استثنى القرار 7150 من
المعالجة الآلية الشيكات المسحوبة على الخارج والتي تتسم بمواصفات مغيرة للمواصفات
المعتمدة محلياً ولتصميم المعلومات في خط الترميز، والشيكات التي يصعب أو يتعذر،
خلال عملية الفرز، قراءة أحرفها المدونة في خط الترميز محلياً ولتصميم المعلومات
في خط الترميز، والشيكات التي يصعب أو يتعذر، خلال عملية الفرز، قراءة أحرفها
المدونة في خط الترميز، فنص على توضيبها ضمن الإرسالية إما بضمها ضمن رزم تحمل
بطاقة تدقيق (ticket de lot)
أو بوضع كل شيك مخالف ضمن مغلف خاص يصار إلى ترميزه بالكامل (الملحق رقم 1 من
القرار).
73. المادتان 1 و 4 من القرار 7150.
74. قارن، بنفس المعنى، مثلاً: G.Ripert et R. Roblot Traité de droit commercial,
16ème éd. Par Ph. Delebecque ET Michel Germain, Paris , LGDJ, 2000, n. 2160 p. 243.
75. المادة 9 من القرار نفسه.
-
لم يكرر القرار 7150 نص القرار 6474 (في مادته الرابعة) حول إحالة المصرف المخالف
أمام الهيئة المصرفية العليا وفرض العقوبات الإدارية عليه.
76. الفقرة 34.
77. الفقرة 6,
78. مجلة البيان، بيروت، آذار 2000، ص 45.
79. د. سامي بديع منصور، الإثبات الإلكتروني في القانون
اللبناني، معاناة قاض، www.dot.com.Lo.world.wildweb ،
مجلة العدل، بيروت، 2001، ص 155 (وقد صدر قرار محكمة التمييز في فضية تفليسة
غزاوي).
80. من المألوف علمياً المقارنة بين الشكل المفروض قانوناً
"للإثبات" (ad probation)،
مثل الإثبات بالكتابة، المفروض لإثبات الأعمال المدنية كلما تجاوزت القيمة خمسماية
ألف ليرة لبنانية (المادة 254-1 أصولية مدنية)، والشكل المفروض "لصحة العمل
القانوني (ad validement).
81. القانون رقم 2000-230 (المواد 1316 حتى 4-1316 قانون
مدني فرنسي) والمرسوم رقم 2001 – 272 تاريخ 30/3/2001.
-
التوجيه الأوروبي رقم
199/93/CE
حول إطار أوروبي مشترك للتواقيع الإلكترونية. (وتقرير لجنة قانون التجارة الدولية
لدى الأمم المتحدة بتاريخ 12/6/1997).
82. مثلاً نص قانون التمثيل التجاري (المرسوم الاشتراعي رقم
34 تاريخ 5/8/1967) على أن عقد التمثيل التجاري يجب أن يكون خطياً (المادة
2). أكثر من ذلك، نصت أحكام جديدة في
موضوع حماية الملكية الأدبية والفنية (قانون رقم 75 تاريخ 3/4/1999) على أن
"عقود استغلال الحقوق المادية أو التصرف بها أياً كان موضوعها يجب أن تنظم
خطياً تحت طائلة البطلان بين المتعاقدين... "(المادة 17). (تراجع أيضاً، بالنسبة إلى العقود الائتمانية،
الفقرة 16 من النص أعلاه).
83. أضافت المادة 1، الفقرة الثانية، الآتي: "ويشمل هذا
التعريف أيضاً العمليات التي يجريها مصدّروا أو مروّجو بطاقات الإيفاء أو الدفع أو
الائتمان الإلكترونية على أنواعها كافة والمؤسسات التي تتعاطى التحاويل النقدية
الكترونياً وموانع العرض والشراء والبيع وتأدية سائر الخدمات الإلكترونية للأدوات
المالية على مختلف أنواعها ومراكز التسوية والمقاصة العائدة لها.
84. مثل شرط إعلام مصرف لبنان (من قبل المصارف أو المؤسسات
المسجلة لديه أو الخاضعة لرقابته، باستثناء مؤسسات الصرافة) أو طلب ترخيصه مسبقاً
(من قبل سائر المؤسسات، بما فيها مؤسسات الصرافة)، وشروط إضافية للمؤسسات التي
تتعاطى عمليات التحاويل النقدية إلكترونياً (ومنها" أن تثبت أن لديها نظام
حماية إلكتروني فعال للعمليات التي تجريها" (المادة 4-1-هـ) و"أن تعقد
تأميناً على العمليات التي تجريها (المادة 4-1-د) وأن يكون رأسمالها، بالنسبة إلى
عمليات التحويل داخل لبنان (أو المبلغ المخصص لأعمال فرعها في لبنان) ملياري ليرة
لبنانية (المادة 4-1-أ) أو، بالنسبة إلى عمليات التحاويل الخارجية، أن تكون
"مرتبطة بشبكة دولية للتحاويل" (المادة 4-2-أ)، والتأكيد على وجوب
التقيد "بصورة مطلقة بمبادئ الاستقامة والنزاهة والشفافية"، واتباع
"الإجراءات التي تؤمن أعلى درجات الأمان"، واتخاذ "كل الاحتياطات
المتوجبة لتحديد وحصر المسؤوليات المختلفة" (المادة 2).
85. من خلال رمز التعريف الشخصي.
86. في وجه من أوجهها وهو تنفيذ المؤسسة للعملية.
87. المادة 1316-1 جديدة مدني (وكذلك المادة 1316-4).
"L'écrit sous forme électronique est admis en prevue au même tire que l'écrit sur le support papier, sous réserve que puisse être dument identifiée la personne don’t il émane et qu'il soit établi et conservé dans des conditions de
nature a en garantir l'intégrité"
88. "Prestataires de services de
certification électronique".
89. قرار 6060 تاريخ 25/11/1995، المعمول به ابتداء من
1/7/1996 (وقد ألغى قراراً سابقاً رقم 5913 تاريخ 23/6/1995 كأن تعدل بقرار رقم
5937 تاريخ 6/7/1995).
90. كما يعبر عن ذلك ما كتبه أحد المؤلفين الفرنسيين:
"On a longtemps dit que le citoyen français redoutait également deux choses: l'attaque nocturne, ET la remise
d'un chèque en paiement" (Jean Larguier, Droit penal des affaires, 5˚éd.,
Armand Colin, Paris, 5˚ éd., 1980, p. 108).
91. جريدة النهار، بيروت، 1/10/2002.
92. الذي نص في هذا الخصوص على عقوبتي الحبس والغرامة (راجع
الحاشية 146 أدناه).
93. المنصوص عليهما في المادة 428 من قانون التجارة.
94. بموجب القانون 30/67 تاريخ 16/5/1967.
95. الصادر بالقرار 6060 تاريخ 25/11/1995.
96. في نهاية آخر يوم عمل من كل أسبوع (المادة 7).
97. قانون 75-4 تاريخ 3/1/1975.
98. قانون 91-1382 تاريخ 30/12/1991.
99. باستثناء حالات الغش الموصوف، مثل تزوير الشيك، أو مخالفة
أحكام المنع من إصدار شيك.
100. "بالوسائل المتاحة
والمناسبة" (المادة 3-أ).
101. تتم تسوية وضع الشيك إما بصرف الشيك من حساب العميل بعد
زوال أسباب الارتجاع، أو بتسوية خطية بين الساحب والمستفيد مبرمة أمام جهة قضائية
صالحة أو أمام الكاتب العدل، أو بكتاب من جهة قضائية صالحة يطلب من المصرف تجميد
الإجراءات حول الشيك المرتجع لحين البت في نزاع قائم حوله (المادة 3-ب).
102. كذلك أوجب النظام على كل مصرف أن يطبع على غلاف دفتر
الشيكات التي يسلمها لزبائنه أو أي ورقة ظاهرة منها، بالإضافة إلى نص المادة 666
عقوبات، نصاً يشير إلى إدراج اسم العميل وحرمانه من استعمال دفتر الشيكات وفقاً
للنظام المشار إليه في النص أعلاه.
103. فقرة 4.
104. بالمقارنة، فإن قانون العقوبات وصف الحرمان من الحقوق
بأنه "عقوبة فرعية أو إضافية" المادة 42)، وليس إلزاماً من
"الإلزامات المدنية" المنصوص عليها في مواده 129 وما يليها.
105. يلاحظ أن الصيغة الأخيرة للنظام (بالقرار 6060) حذفت من
الصيغة الأولى (بالقرار 5913) مبلغتين سافرتين هما النص على حالة منع "بصورة
نهائية" (في حال التكرار لمرة ثالثة) (المادة 10 السابقة)، وكذلك تطبيق
العقوبة المستحدثة على حالة جديدة هي حالة "الخطأ في التوقيع أو التفقيط إذا
تكرر هذا الخطأ لأكثر من ثلاث مرات ضمن شهر واحد" (المادة 2-ب السابقة).
106. حتى ولو أن النظام نص على أن البيانات المرسلة إلى
المصلحة "تتسم ... بطابع السرية المطلقة ولا تستعمل إلا لإعلام المصارف
والمؤسسات المالية عن الشيكات المرتجعة" (المادة 12)، وحتى ولو أن الصيغة
الأخيرة للنظام حصرت حق تقديم البيانات إلى المصلحة "بشخص المدير العام أو من
ينوب عنه" (المادة 5-ج).
107. الفقرة 35 أدناه.
108. وقد ذكرناها في الفقرة 25 من النص أعلاه.
109. الفقرة 25.
110. وكذلك أجهزة الرقابة في مصرف لبنان، باستثناء الحسابات
المدنية (المادة 150 من قانون النقد والتسليف).
111. المادة 2. كذلك
في حال، وفور، توقف المصرف عن الدفع، يعتبر متنازلاً عن التذرع بأحكام قانون
السرية المصرفية أعضاء مجلس إدارة المصرف والذين لهم حق التوقيع فيه ومراقبو
حساباته بتاريخ إعلان توقف المصرف عن الدفع أو خلال الثمانية عشر شهراً السابقة
له، الذين نص القانون على أن أموالهم تعتبر محجوزة حكماً، احتياطياً، لأجل ضمان
المسؤوليات التي قد تترتب عليهم (المادة 15 من قانون 2/67 تاريخ 16/1/1967). (بنفس المعنى: عندما يحكم بـ "وضع
اليد" على مصرف عملاً بأحكام الإفلاس الاستثنائية والمؤقتة التي نص عليها
قانون "إصلاح الوضع المصرفي" رقم 11 تاريخ 7/11/1999، المادة 6-3 منه).
112. المادة 6.
113. أي، في القانون الحالي (راجع الحاشية التالية)، قاضي
التحقيق أو محكمة الاستئناف الجزائية في بيروت الناظرة بالدرجة الأولى في قضايا
الإثراء غير المشروع أو محكمة التمييز بصفتها هنا مرجعاً استئنافياً (المادتان 13
فقرة 2 و 17 من القانون رقم 154 تاريخ 27/12/1999).
114. المادة 7 من قانون 3/9/1956. وقد حلّ القانون رقم 154 تاريخ 27/12/1999 محل
القانون، السابق (المرسوم الاشتراعي رقم 38 تاريخ 18/2/1953 وقانون 14/4/1954),
وردّت مادته 13 فقرة 2 صراحة إلى المادة 7 من قانون سرية المصارف.
115. "Groupe d'action financière sur le blanchiment des capitaux"
116. ضمت اللائحة بنما وروسيا والفيليبين ودولاً أخرى بصفة
"جنات ضريبية". وهي ضمت لاحقاً
أندونيسيا ومصر ونيجريا، في حين شطب منها اسم إسرائيل.
117. بعد أن حضر في 20 أيار 2002 وفد من منظمة
"غافي" إلى بيروت (هو فريق المراجعة للشرق الأوسط وإفريقيا) وتحقق من
توافق الأوضاع اللبنانية مع معايير غافي الـ 25.
118. أهمها :
-
القانون رقم 426 تاريخ
15/5/1995 الذي أجاز للحكومة اللبنانية إبرام اتفاقية الأمم المتحدة مكافحة الاتجار
غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 (اتفاقية فيينا)، وقد تضمن
تحفظ لبنان، عملاً بالسرية المصرفية، عن تقديم السجلات المصرفية والتحفظ عليها أو
توفير النسخ أو الصور عنها، أو تقديم المساعدة القانونية المتبادلة بقدر ما تمس
بسرية العملات المصرفية. وقد ألغي هذا
التحفظ لاحقاً في قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318 تاريخ 20/4/2001 المذكور في
الفقرة 39 من النص.
-
القانون رقم 520 تاريخ
6/6/1996 المتعلق بالعقود الائتمانية (الفقرة 9 من النص أعلاه) الذي نص على
البطلان المطلق لعقود الائتمان "التي تخالف الانتظام العام أو التي تعقد على
ذمم ائتمانية تتضمن أية أموال أو موجودات ناتجة عن عملية عوقب فاعلها بعقوبة
جنائية أو جناحية".
-
القانون رقم 673 تاريخ
16/3/1998 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف، تطبيقاً لاتفاقية فيينا،
وقد ألغى قانون 20/4/2001 المشار إليه أدناه مادته 673.
-
القانون رقم 154 تاريخ
27/12/1999 (الإثراء غير المشروع).
119. بما يعرف بسياسة التعرف إلى الزبون ("Know your customer").
مثلاً: عند فتح الحسابات
على أنواعها، أو تنظيم عقد إيجار الصناديق الحديدية. كذلك بالنسبة إلى عمليات الصندوق، حين تتناول
مبلغاً يزيد عن عشرة آلاف دولار أميركي (المادة 3-1 فقرة أخيرة).
120. إذا نشأ شك بأن المتعاقد ليس هو صاحب هذا الحق (المادة
4-1).
121. مثلاً: مبادلة كميات كبيرة من القطع النقدية الصغيرة
مقابل قطع أكبر، وعمليات القطع cambial
الكبيرة أوالمتكررة، انطلاقاً من مبالغ نقدية، أو إيداعات أو تحويلات لمبالغ كبيرة
غير متناسبة مع حجم نشاطات المتعاقد الظاهرة (المادة 8).
122. في القرار رقم 7511.
123. – مجلة الاقتصاد والأعمال، بيروت،
آب/أغسطس 2000 ص 20-21.
-
عملاً بقانون مكافحة
تبييض الأموال، قامت هيئة التحقيق الخاصة التي أنشأها القانون المذكور بالاستعلام
من المصارف عن الحسابات المحتمل أن تكون مفتوحة لديها والعائدة للأشخاص والهيئات
التي تضمنتها اللوائح الصادرة عن مجلس الأمن الدولي غداة القرار 1373، بغية اتخاذ
القرار بتجميدها ومصادرتها. وقد أشار الرد
اللبناني الموجه إلى المنظمة الدولية في كانون أول 2001 إلى أنه لم يتبين وجود أي
حساب للأشخاص والهيئات المعدّدة في اللوائح المذكورة (جريدة الأنواع، بيروت،
11/12/2001، ص3).
124. تقرير حاكم مصرف لبنان في 23/1/2001 عن محادثاته في روما
وفي باريس التي تلت وضع الصيغة الأولى لمشروع القانون (جريدة النهار، بيروت، 7/2/2001،
ص6).
125. التي تفوق قيمتها المبلغ الذي يحدده مصرف لبنان (المادة
4)، وقد حدده مصرف لبنان في النظام الذي وضعه بموجب القرار رقم 7818 تاريخ
18/1/2001 بمبلغ عشرة آلاف دولار أميركي.
126. مثلاً: المصارف، المؤسسات المالية، "مؤسسات الصرافة
والشركات التي تتعاطى الوساطة المالية وشركات الإيجار التمويلي وهيئات الاستثمار
الجماعي وشركات التأمين وشركات ترويج وبناء وبيع العقارات وتجار السلع ذات القيمة
المرتفعة (حلى، أحجار كريمة، ذهب، تحف فنية، آثار قديمة)" (المادة 4).
127. الاجتماعية، الجمعيات الخيرية، الأندية...)"
(المادة 2).
128. كما عرّفه القانون رقم 154 تاريخ 27/12/1999 المشار إليه
في الحاشية 113 أعلاه (لا سيما المادة 1 منه).
129. وهم: حاكم مصرف لبنان، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف،
وقاض يعينه مجلس القضاء الأعلى، وعضو يعينه مجلس الوزراء بناء على إنهاء حاكم مصرف
لبنان (المادة 6-2).
130. وقد نص القانون على أن الهيئة تعيّن لديها جهازاً
مركزياً لجمع المعلومات يسمى "الوحدة الإدارية لجمع المعلومات المالية"
(المادة 10).
131. وإلا يعتبر الحساب محرراً حكماً بعد انقضاء المهلة
المذكورة في النص (المادة 8-3).
132. فضلاً عن مهمة اللجنة في "السهر على التقيد بالأصول
وبالإجراءات" المنصوص عليها في
القانون (المادة 6).
133. صحيح أن القانون حصر تجميد الحساب بمدة وجيزة هي خمسة
أيام قابلة للتجديد مرة واحدة ونص على أن الهيئة يجب أن تصدر قرارها النهائي خلال
مهلة التجميد المؤقت إما بتحرير الحساب أو برفع السرية المصرفية وإلا اعتبر الحساب
محرراً حكماً (المادة 8-3)، إلا أن التجميد قد يسبب ضرراً بالغاً لصاحب الحساب.
134. ورد في مقالة في جريدة النهار في بيروت بتاريخ
24/10/2002 (ص 6)، بتوقيع فيوليت البلعة، وعنوانها : "صندوق النقد يعد
الخلاصة الأولية لتقريره الأسبوع المقبل.
اهتمام باستقلال المؤسسات الرقابية لتشرف بشفافية على توظيف، قروض باريس
2" (لـ "الدول المانحة")، أن مؤسسة "فيتش ايبكا" اعتبرت
منذ فترة لجنة الرقابة على المصارف لدى مصرف لبنان "فض لجنة رقابية في
العالم".
135. المادة 70 من قانون النقد والتسليف. التي ذكرناها في الحاشية رقم 21 أعلاه، والفقرة
5 من النص.
136. من مقالة جريدة النهار المذكورة في الحاشية 133 أعلاه.
137. وعنوانه : "إخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع
لأحكام خاصة".
138. موضوع الكتاب الخامس من قانون التجارة.
139. كما تلتقي مع ثابتة أخرى في القانون المقارن هي تخصيص
المصارف والقطاع المالي عامة بإحكام "إفلاس" خاصة (مثلاً، بصورة جزئية:
القانون الفرنسي رقم 99-532 تاريخ 25/6/1999.
كذلك، لم يشمل النظام الأوروبي (CE)
رقم 1346/2000 تاريخ 29/5/2000 حول الإفلاسات "الدولية" (Regalement relative aux
procedures d'insolvabilité) القطاع المصرفي والمالي بسبب
خصوصيته والرغبة في تخصيصه بنظام خاص.
يراجع مثلاً:
Laurent IDOT, Un
nouveau droit communautaire des procédures collectives: le règlement (CE)n, 1346/2000 du 29 mai 2000, JCP Entreprise et Affaires, 2000.
1648.
140. مثلاً: من خلال التدخل المبكر للقضاء (saisine précoce)، ومتابعة المؤسسة المصرفية عملها
بواسطة "لجنة إدارة".
141. أي، كما قلنا، بناء على معيار موضوعي.
142. حتى أن المشرع سن بعد عدة أشهر أحكاماً استثنائية خاصة
مؤقتة (في القانون رقم 28/67، تاريخ 9/5/1967) غايتها التعجيل في تقنية القطاع
المصرفي غداة إفلاس بنك انترا وتعثر حوالي عشرة مصارف أخرى، تمثلت في نظام
"وضع اليد" (mainmise)
على المصارف التي يثبت، قبل 31/12/1968، أنها "لم تعد بوضع يمكنها من متابعة
عملها". وقد تكرّر سن قواعد خاصة
مماثلة ومؤقتة، غداة انتهاء "الأحداث"، بموجب القانون رقم 110 تاريخ
7/11/1991 المتعلق بـ "إصلاح الوضع المصرفي"، الممدد مفعوله حتى
31/12/2003.
143. تبقى المسؤولية مرعية بأحكام القانون العام، إلا أن
القانون رقم 2/67 وقانون 28/67 و 110/1991 نصت على حجز حكمي احتياطي لجميع أموال
رئيس وأعضاء مجلس إدارة المصرف وسائر الأشخاص الذين لهم حق التوقيع عنه ومفوضي
المراقبة لديه السابقين والحاليين الذين تولوا إدارة أو مراقبة أعمال وحسابات
المصرف أو التوقيع عنه خلال الثمانية عشر شهراً السابقة لإعلان التوقف عن الدفع
وذلك لضمان المسؤوليات التي قد تترتب عليهم (المادة 13 من القانون رقم 2/67) وكذلك
المادة 6-1 من القانون 110/1991، التي اعتمدت خطأ، لحساب مهلة الثمانية عشر شهراً،
تاريخ التوقف عن الدفع وليس تاريخ إعلانه).
144. لم يكرّر قانون 2/67 ذكر المحكمة صراحة بالنسبة إلى
المصارف.
145. مثلاً:
Michel Soumrani, La conception matérielle de la notion de
cessation des paiements dans la loi n. 2/67 du 16 janvier 1967 (loi Intra), Proche-Orient Etudes Juridiques, Beyrouth, 1973. 57s.
146. مثلاً:
Emile TYAN, Droit commercial, t.2, Beyrouth, 1970, n.1131p. 1732.
147. مثلاً: أن سحب شيك بدون مؤونة هو، في القانون اللبناني،
جريمة جزائية، وبالتحديد جنحة معاقب عليها بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات
وبالغرامة من مليون إلى أربعة ملايين ليرة (المادة 666 عقوبات). (راجع الفقرة 29 من النص أعلاه).
148. لا بل أكثر من ذلك، وفي قضية كانت محكمة البداية قد حكمت
فيها بإعلان توقف أحد المصارف عن الدفع قبل خمس سنوات، وقررت محكمة التميز، بعد
تبدل حالة المصرف خلال المحاكمة، نقض القرار الاستئنافي لزوال ركيزته القانونية أي
حالة التوقف عن الدفع (محكمة التمييز المدنية، غرفة 4، قرار 19، 31/7/1997، البنك
اللبناني الباكستاني/المصري ورفاقه، مجلة العدل 1998 ص 388).
149. المادة 188 من قانون النقد والتسليف (1963).
150. التقرير السنوي المفصل عن أعمال الرقابة (المادة 187
فقرة 1)، والتقرير الخاص المفصل عن التسليفات التي منحها المصرف المعني بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة لأعضاء مجلس إدارته والقائمين على إدارته (المادة 187 فقرة 3
والمادة 152-4-أ)، فضلاً عن التقارير التي ينظمونها عملاً بأحكام قانون التجارة.
151. مثلاً: لجهة الموانع (المادتان 185 و 127) والكفاءة
(المادة 186 فقرة 4 التي أوجبت استيفاءهم الشروط وحيازتهم "الكفاءات التي
تؤهلهم لأن يكونوا مقبولين كخبراء لدى المحاكم ويجب أن يكونوا محلفين".
152. يتم حالياً العمل على تحديث النظام المحاسبي العام
المعتمد في لبنان، بإشراف البنك الدولي (جريدة النهار، بيروت، 22/10/2002، ص
6). وكان تعميمان لوزارة المالية رقم
673/1 تاريخ 14/6/2001 ("اعتماد معايير المحاسبة الدولية") و 742/ص1 تاريخ
15/4/2002 ("تنظيم تقرير خبراء المحاسبة") قد أكدا على اعتماد المعايير
الدولية للمحاسبة (Normes Comptables Internationales (International Accounting
Standards) المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي
للمحاسبين (من المعيار رقم 1 إلى المعيار رقم 41)، كما أكد التعميم الثاني أيضاً
على اعتماد المعايير الدولية للتدقيق.
(يذكر أن "التصميم المحاسبي العام" المعمول به حالياً في لبنان
وضع بالمرسوم رقم 4665 تاريخ 26/12/1981 مع تعديلات بالمرسوم رقم 12408 تاريخ
23/6/1998 والمرسوم رقم 667 تاريخ 21/5/1995).
153. تتلخص مهام الوحدة:
-
بتدقيق
"الوحدة" بالعمليات والبيانات المالية للتأكد من صحتها، ومن كفاءة
وفعالية الإجراءات المتخذة لا سيما لجهة منع تبييض الأموال" (المادة 3-أ)
والتأكد من الالتزام بالقوانين والأنظمة النافذة ولا سيما تلك المطبقة على المصارف
(المادة 3-ب) وإعداد تقارير مفصلة ودورية، على الأقل نصوص سنوية، بنتيجة تدقيقها
ورفعها إلى كل من رئيس مجلس الإدارة/أو إدارة فرع المصرف الأجنبي مع حق رئيس لجنة
الرقابة على المصارف بالاطلاع عليها والاجتماع برئيس الوحدة عندما تدعو الحاجة
(المادة 3-ج).
-
باضطلاع رئيس
"الوحدة" بدور مراجعة أنظمة الرقابة الداخلية وطرق عمل الأجهزة المولجة
بالرقابة ومتابعة القضايا الواردة في تقارير وبيانات "الوحدة" ومفوضي
المراقبة ولجنة الرقابة على المصارف وإعداد تقارير خاصة ودورية، على الأقل نصف
سنوية، حول أعمال "الوحدة" واقتراحاته (المادة 4-أ، ب).
(154)
وهي:
"- نظام لمراقبة
العمليات والإجراءات الداخلية وفقاً لدليل العمليات المعتمد.
-
نظام للمحاسبة وللبيانات
وللتقارير المالية.
-
نظام لمعالجة التطبيقات
المعلوماتية ونظام الأمان.
-
نظام لقياس المخاطر
والنتائج المحتملة.
-
نظام لمتابعة المخاطر
والتحكم بها.
-
نظام للتوثيق
والمعلومات.
-
نظام لتقييم نوعية
الأصول".
154. "لا سيما مخاطر التسليف
ومخاطر السوق ومخاطر معدلات الفائدة ومخاطر السيولة والمخاطر التشغيلية ومخاطر
التسديد والمخاطر القانونية ومخاطر سوء السمعة ومخاطر التعامل مع البلد".
155. يعين مجلس الإدارة رئيس الوحدة ويحدد تعويضاته (المادة
2-1).
156. مثلاً: في القانون الفرنسي 84-148 تاريخ 1/3/1984 وعنوانه:
"Prevention et règlement amiable des difficultés des enterprises" (حالياً: المواد 1-611 وما يليها
من قانون التجارة الفرنسي).
157. قارن مع ما ورد في مقالة جريدة النهار، بيروت، في
24/10/2002، المذكورة في الحاشية 124 أعلاه، من أن لجنة الرقابة على المصارف لدى
مصرف لبنان أنشأت قسماً خاصاً لمتابعة مشكلات كبارا المدنيين في البلاد (grand risque) "في تدبير احترازي حاسم،
يتّبع عادة في الدول التي تعاني أزمات مماثلة، علماً أن لبنان لا يعاني أياً
منها".
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم