الصكوك الإسلامية
(التوريق)
وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها
العنوان : الصكوك الإسلامية
المؤلف : محمد علي القري بن عيد
الصكوك الإسلامية
(التوريق)
وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها
إعداد
الدكتور محمد علي القري بن عيد
جامعة الملك عبد العزيز بجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي
بعده وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين .. وبعد :
مقدمة :
تكتسب الصكوك الإسلامية أهمية بالغة في هذه
المرحلة من تطور المصرفية الإسلامية، وذلك لما تقدمه من ميزات مالية واستثمارية
فريدة. وهي تسد جزءاً من الحاجة لباقة متكاملة من الأدوات المالية الإسلامية ذات
المخاطر المتنوعة قادرة على بناء سوق مالية متكاملة من حيث أنواع الأدوات.
أول طرح لفكرة أوراق مالية قابلة للتداول تصدر
بغرض التمويل وتكون ذات مدة محددة كان من قبل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
الأردنية التي استفتت المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن هيكل مقترح لصكوك
المضاربة غرضها تثمير ممتلكات الأوقاف بطريقة مشروعة ولكنها مبتكرة. وقد صدر عن
المجمع بالفعل قرار بشأن صكوك المضاربة، لكنه لم يتمخض عن إصدار صكوك.
أول إصدار للصكوك كان من قبل مؤسسة نقد البحرين
(بنك البحرين المركزي حالياً) لصالح حكومة البحرين وذلك في سنة 2001م ثم انتشر
العمل بالصكوك فصدرت بعد ذلك في ماليزيا وقطر والأمارات العربية المتحدة والباكستان
والسعودية ولم تقتصر على الدول الإسلامية فصدرت في ألمانيا وهونج كونج.
وصلت إصدارات الصكوك حتى اليوم إلى أكثر من 150
إصداراً بأحجام متباينة وصل بعضها إلى 3.5 بليون دولار للإصدار الواحد وربما يبلغ
متوسط حجم الإصدار الواحد بليوناً من الدولارات.
تصدر الصكوك عن الحكومات، فقد أصدرت حكومات البحرين
وقطر وماليزيا صكوكاً كما تصدر عن الشركات مثل شركة سابك السعودية والبنك الإسلامي
للتنمية ودرة البحرين وموانئ دبي...إلخ.
والذين يستثمرون بشراء الصكوك ينتشرون في كل أنحاء
العالم، وتدل الإحصاءات ان نحو 50% منهم في الشرق الأوسط، و 30% في آسيا و 20% في
أوروبا.
يدل معدل النمو ان الصكوك توشك ان تكون في حجمها
وأهميتها صناعة موازية للمصارف الإسلامية وربما زادت عليها بالحجم، ليس أدل على
ذلك ما ورد في دراسة للبنك الدولي تتوقع ان يصل حجم الصكوك الإسلامية في سنة 2015
أكثر من ثلاثة ترليونات دولار([1]).
وقد اختلف أهل العلم المعاصرون في شأن الصكوك على
عدة آراء. ولذلك فهي تحتاج منا إلى عميق نظر وطول تأمل.
1- معنى الصك:
الصك كلمة فارسية معربة وهو الكتاب الذي يكتب في
المعاملات والأقارير. وصكوك جمع صك، كفلس وفلوس وتجمع أيضاً على صكاك وأصك مثل بحر
وبحور وأبحر وبحار([2]).
والصك أيضاً الورقة المكتوبة بدين. ومن
معاني الصكوك الرقاع مكتوب فيها أعطيات الطعام فمنها ما يكون بعمل كأرزاق القضاة
والعمال ومنها ما يكون بغير عمل كالعطاء لأهل الحاجة([3]).
وكلها تسمى صكوك.
2-
تعريف الصكوك الإسلامية:
الصكوك التي تصدر اليوم عن الشركات والحكومات وهي
موضوع هذه الورقة يمكن تعريفها بأنها: أوراق مالية ذات مدة قابلة للتداول تثبت
ملكية حاملها لأصل مولد لدخل دوري، وتتميز من الناحية المالية عن الأوراق الأخرى المتداولة
في الأسواق بأنها:
(أ)
ذات مخاطر متدنية (مقارنة بالأسهم) إذ ان سعرها
في التداول قليل التغير ولذلك يمكن لحاملها الحصول على السيولة من بيعها في سوق
التداول في أي وقت دون خسارة.
(ب)
أنها ذات إيراد قابل للتوقع (مقارنة بالأسهم)
فالدخل الدوري الذي يتحقق لحملة الصكوك يكون مصدره أصل أو استثمار يولد تدفقات
نقدية ثابتة مثل الإيجارات الدورية في الصكوك التي يكون أساس إصدارها أصولاً
مؤجرة، أو أنواع الصكوك الأخرى يكون للدخل الدوري مصادر تحقق له الاستقرار النسبي
بحيث تجعله قابلاً للتوقع.
(ج)
إنها تنتهي استرداد حامل الصك لرأسماله في نهاية المدة
المحددة للصكوك وفي التطبيقات الصحيحة، لا يكن ذلك على أساس الضمان (أي ان يضمن
مصدر الصكوك رأس المال) وإنما مردَّه طبيعة الاستثمار وهيكل الاصدار ويستثنى ن ذلك
حالات التعدي والتفريط.
3-
الصكوك والأسهم:
الأسهم هي الأوراق المالية الأساسية في هيكل رأس
مال الشركات المساهمة، وتمثل الأسهم وثائق ملكية الشركة، فحملة الأسهم هم ملاك
الشركة المصدرة لتلك الأسهم. "والمحل المتعاقد عليه في بيع السهم" كما
ورد في قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي "هو الحصة الشائعة في أصول الشركة
وشهادة السهم عبارة عن وثيقة للحق في تلك الحصة"([4]).
وأسهم الشركات المساهمة العامة تتداول في أسواق
منظمة (هي البورصات ونحوها) وتحدد قوى العرض والطلب المتأثرة بالمعلومات عن الشركة
وعن الوضع العام للاقتصاد سعر السهم في السوق، أما الريع الدوري المتحقق لحملة
الأسهم فهو معتمد على معطيات نشاط الشركة. والناس يشترون الأسهم للحصول على ذلك
الريع وكذا الاستفادة من تغير السعر للسهم في السوق بالزيادة([5])
وكليهما يصعب توقعه بصورة دقيقة مما يجعل أسعار الأسهم عرضه للتقلبات. ولذلك يوصف
الاستثمار في الأسهم انه عالي المخاطر.
والصكوك تشبه الأسهم من أوجه وتختلف عنها من
أوجه، فالشبه فيها يرجع إلى ان كليهما يمثل ملكية أصول مدرّة لعائد، أو المشاركة
في رأسمال مشروع مربح أما الاختلاف فهو من نواحٍ منها ان هيكل إصدار الصكوك يجعل
العائد عليها وثمنها في السوق أقل تقلباً ومن ثم يكون قابلاً للتوقع ومظنة
الاستقرار، ومنها ان الصكوك ليست دائمة دوام الشركة المصدرة لها كما هو حال الأسهم
بل إن لها أجلاً يجري تصفيتها فيه بالطرق المنصوص عليها في نشرة الإصدار، ومنها أن
حامل السهم له عند التصفية نصيبه من أصول الشركة عند تصفيتها (وتسديد ما عليها من
ديون) قل أو كثر، أما الصكوك فإنها مصممة بحيث تمكن حملتها من استرداد رأسمالهم أو
قريباً منه عند انتهاء مدتها بصرف النظر عن قيمة أصول المصدر للصكوك أو قدرته على
سداد ديونه للآخرين.
4-
الصكوك وسندات الدين التقليدية:
سندات الدين التقليدية أوراق مالية قابلة للتداول
لتوثيق قرض بفائدة، حامل الورقة هو المقرض ومصدرها هو المقترض، وهي تصدر عن
الشركات والحكومات والبنوك ويكون رأس المال (القيمة الاسمية) والفائدة مضمونة على
المصدر، فالعلاقة بين الحامل والمصدر علاقة دائن بمدين.
وقد صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في
دورة مؤتمره السادس (شعبان 1410هـ مارس 1990) قرار يتعلق بسندات الدين الربوية ورد
فيه تعريف السند بأنه: "شهادة يلتزم المصدر بموجبها ان يدفع لحاملها القيمة
الاسمية عند الاستحقاق مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند
أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغاً مقطوعاً أم
خصماً"([6])،
ثم قال بعدم جوازها.
وكثيراً ما غلط الكتاب فوضعوا الصكوك بأنها سندات
إسلامية.
تختلف الصكوك الإسلامية عن السندات من نواحٍ:
(1)
ان قيمتها الاسمية ليست مضمونة على المصدر ومن ثم
لا تكون ديناً في ذمة المصدر.
(2)
ما يدفع على الصكوك ليس فائدة مرتبة على القيمة
الاسمية وإنما هي ربح مصدره النشاط الذي استخدمت فيه أموال حملة الصكوك. أو
الإيراد المتولد من الأصول التي يملكونها بموجب الصكوك.
ولعل الخلط بين الصكوك الإسلامية والسندات الربوية
راجع إلى ما بينهما من شبه من ناحية أن كليهما يصدر بقيمة اسمية وأن للصكوك عائداً
متوقعاً مرتبطاً بتلك القيمة الاسمية وأن هيكل الإصدار يتضمن ترتيبات تقلل مخاطر التقلبات
في ثمن الصك وتؤدي إلى استقرار المبلغ الذي يمكن لحامل الصك أن يسترده في نهاية
مدته. ولكن يبقى بينهما الفرق الجوهري وهو أن السندات ديون ربوية والقروض وثائق
ملكية لأصل مولد لعائد أو استثمار مدر لربح.
5-
معنى التصكيك :
عملية
إصدار الصكوك تسمى التصكيك وكذلك تسمى التوريق([7])
والتسنيد([8])
وهي جميعها بمعنى واحد. فالتصكيك النسبة فيه إلى الصكوك وهو ما ينتج عن العملية
المذكورة، والتوريق إلى الأوراق المالية والتسنيد إلى السندات. والغالب في
المصرفية الإسلامية استخدام لفظ "التصكيك" ولا مشاحة في الاصطلاح.
عندما تصدر الشركة (أو الحكومة) سندات دين
تقليدية تقترض من خلالها من الجمهور فإن هذه العملية لا تسمى التسنيد (ولا التصكيك
أو التوريق). فهذا الاسم إنما يطلق على عملية تحويل أصول موجودة إلى صكوك.
وبالنسبة للمعاملات التقليدية يقصد بالأصول
الديون القائمة في الذمم، فالبنك الذي أقرض عملاءه لشراء المنازل يمكن ان يجمع
ديونهم في وعاء ويصدر مقابلها أوراقاً مالية (تسمى مثلاً CDO) يشتريها المستثمرون وكذا
الشركات المصدرة لبطاقات الائتمان يمكن أن تجمع ديون حملة البطاقات في وعاء ثم
تبيعها على صفة سندات قابلة للتداول ...الخ.
أما في المعاملات الإسلامية فالتصكيك يتضمن تحويل
أصول حقيقية (لا ديون قائمة في الذمم) إلى أوراق مالية قابلة للتداول مثل العقارات
والطائرات والسيارات المؤجرة ...الخ، وذلك عن طريق الشراء مباشرة من المالك الأول
(مولد الأصول) أو عن طريق استخدام الأموال التي جرى جمعها من إصدار الصكوك في شراء
أصول جديدة لغرض المتاجرة أو التأجير ...الخ.
يمكن القول إذن ان التصكيك يقصد به إصدار أوراق
مالية قابلة للتداول تستند إلى وعاء يتضمن أصولاً تتحول ملكيتها (بالبيع) من
مالكها الأول (مولد الأصول) إلى شركة ذات غرض خاص تسمى مصدر الصكوك تشتري تلك الأصول
بقيمة نقدية. وتدفع الثمن للبائع من حصيلة الصكوك الصادرة عنها.
هذه هي الصورة العامة لعملية التصكيك فإذا كانت تقليدية
(أي إصدار سندات) فإن محلها يكون دائماً وأبداً الديون، أما عمليات التصكيك في
المصرفية الإسلامية فتكون مما يجوز بيعه وشراؤه كما سيأتي شرحه مفصلاً([9]).
6-
حاجة الأسواق إلى تعدد أنواع الأوراق المالية :
أضحت الأسواق المالية من أهم مؤسسات الاقتصاد
الحديث إذ هي أداة لجمع المدخرات وتوجيهها بطريقة فعالة نحو الاستثمار في ما يفيد
من عمليات إنتاجية وخدمية وغيرها. ومعلوم ان هذا هو أساس النمو الاقتصادي ضمن ما
يسمى اقتصاديات السوق وهو ما أصبح المبدأ المعتمد في يوم الناس هذا على مستوى
العالم. تتكون الأسواق المالية بصفة أساسية من المستثمرين (جانب الطلب) والمتمولين
(جانب العرض). وتزخر الأسواق في الدول الغربية بأنواع من الأوراق المالية ذات
المخاطر المتنوعة التي طورت حتى تحقق رغبات وتفضيلات أكبر قدر من المتعاملين في
الأسواق في جانبي العرض والطلب. ورغبات وتفضيلات المتعاملين في السوق المالية متباينة
وأغراضهم مختلفة ولذلك لا يحقق الاقتصار على الأسهم وحدها جميع تلك الرغبات وكل
هاتيك الأغراض، وإنما يحتاج إلى تعدد أصناف الأوراق المالية وتنوعها.
فإذا اقتصرت السوق على الأسهم فقط، قلل هذا من قدرة
ذلك السوق على جذب المدخرات الكافية لغرض الاستثمار، وقلل من قدرة المؤسسات على
التمول بالطريقة الملائمة لها.
ولو استعرضنا أنواع الأوراق المالية لوجدنا ان هناك
معاييراً مختلفة لتقسيم تلك الأوراق المالية أشهرها التقسيم على أساس معدل المخاطر.
بناء على "معيار الخطر" يمكن تقسيم
الأوراق المالية إلى أوراق ذات مخاطر عالية وهي الأسهم الاعتيادية لما ينتاب ثمنها
والعائد منها من التقلبات الحادة والكثيرة. وعلى النقيض الآخر من سلم المخاطر
سندات الدين (التقليدية) الموثقة برهن (بالنسبة للشركات) و أذونات الخزينة (بالنسبة
للحكومة) فهي أقل الأوراق المالية مخاطرة لما تتميز به من الثبات في العائد وفي
القدرة على استرداد أصل الدين لأن رأس المال دين في ذمة المصدر فإذا كان شركة ذات ملاءة عالية أو حكومة كانت
المخاطرة متدنية.
وبينهما (أي بين النقيضين) أنواع من الأوراق
الأخرى التي تتفاوت في المخاطر أشهرها السندات غير الموثقة برهن، وهي سندات دين
محلها ذمة المصدر إلا انها تحمل مخاطر نجاح أو فشل الشركة المصدرة في نشاطها. فلو
أفلست الشركة كان حملتها في ذيل قائمة الغرماء وان كانوا يسبقون حملة الأسهم
العادية ومنها أسهم التميز وهي أسهم في الأصل ولكنها أخذت بعض سمات السندات فأضحت
أقل مخاطرة من الأسهم الاعتيادية.
6-1-هل تستطيع الشركات الاقتصار على الأسهم مصدراً للتمويل؟
كما ان
المستثمرين يفضلون أنواعاً من الأوراق المالية، كذا الشركات تحتاج إلى التنويع في
مصادر التمويل. نسمع من بعض الأفاضل انه لا حاجة بنا للصكوك وان على الشركات إذا
أرادت التمويل إصدار أسهم أو التمول بالصيغ الإسلامية من البنوك كالمرابحة ونحوها.
تجد الشركات أحياناً أن من الأفضل لها أن تتمول بطرق أخرى ولا تصدر الأسهم.
لعدد من الأسباب منها:
من جانب العرض:
أ)
إن إصدار الصكوك، أقل كلفة على الشركة من إصدار الأسهم
لأن الأسهم يحصل حملتها على نصيب من الربح الناتج عن كامل نشاط الشركة أما الصكوك فتدفع
الشركة عليها عائداً مرتبطاً بأجرة أصل أو عائد مشروع بعينه. ورب قائل لم لا تتمول
الشركة من البنوك، فالجواب ان الصكوك يشتريها الجمهور مباشرة بينما أموال البنك
التي مصدرها مدخرات الجمهور أيضاً يفرض البنك لنفسه جزءاً من العائد مقابل الوساطة
المالية فأضحت الصكوك أقل كلفة من التمويل المصرفي.
ب)
يترتب على إصدار الأسهم دخول شركاء جدد في ملكية
الشركة، وهذا يؤدي إلى اضمحلال سيطرة الملاك الحاليين (حملة الأسهم الحاليين) على
مقاليد أمور الشركة هو أمر غير مرغوب فيه بالنسبة إليهم أما إصدار الصكوك فلا يؤدي
إلى مثل ذلك.
ج)
قد يؤدي إصدار مزيد من الأسهم من قبل الشركة إلى
انخفاض قيمة أسهمها المتداولة في السوق لزيادة عدد المعروض منها وهذا يلحق ضرراً
بحملة الأسهم الحاليين.
د)
تمتلك الشركات الكثير من الأصول الصالحة لأن تكون
محلاً لإصدار الصكوك عن طريقة البيع لحملة الصكوك ثم الاستئجار. وقد استقر في النظر
المالي أن في هذه الأصول قيمة كامنة يمكن الاستفادة منها بإصدار الصكوك.
من جانب الطلب:
جانب
الطلب يمثل أولئك الذين يشترون الصكوك من السوق لغرض الاستثمار، للمستثمرين تفضيلات
لا تتحقق إلا في أوراق مالية ذات عائد ثابت ومخاطر متدنية. وكثير من المستثمرين لا
يحب ركوب المخاطر ويقبل بعائد متدن مقابل المخاطر المتدنية. من ذلك شركات التأمين
(وكذا شركات التكافل) فإنها ملزمة في ظل القوانين المنظمة لأعمالها باستثمار
أموالها في استثمارات متدنية المخاطر كالسندات (في التقليدية) أو ما يساويها في
المخاطر من الاستثمارات الإسلامية. ولذلك فهي تحتاج إلى أوراق مالية ذات نوعية
مشابهة للصكوك.
7-
التصنيف الائتماني:
التصنيف
الائتماني للأوراق المالية([10])،
هو غاية في الأهمية بل لا يتصور نجاح إصدار لورقة مالية بدون تصنيف. وفي بعض
الأسواق المالية، التصنيف شرط للإدراج فيها. يقصد بالتصنيف قياس الجودة الائتمانية
أي قدرة المدين على الوفاء بأقساط الدين في التواريخ المحددة لها. وتقوم بالتصنيف
الائتماني مؤسسات متخصصة تقوم بجمع المعلومات وتحليلها المتعلقة بمؤسسة مالية أو
ورقة مالية قابلة للتداول.
سندات الدين التقليدية تتضمن مخاطرة أساسية واحدة
هي المخاطرة الائتمانية فالتصنيف الائتماني عندئذٍ يقيس قدرة المقترض (المصدر) على
تسديد الفوائد وأصل القرض في التاريخ أو التواريخ المحددة لذلك. ويستند تصنيف
السند التقليدي بصفة أساسية إلى تصنيف مصدره فإذا كان المصدر في وضع ائتماني ممتاز
كانت الورقة (في الغالب) مصنفة تصنيفاً يعكس هذا الوضع الائتماني والعكس صحيح. وتنبع
أهمية التصنيف بالنسبة للمستثمرين من حقيقة انه لا يمكنهم وبخاصة في ظل انفتاح
الأسواق على بعضها والعولمة التي شملت مجالات الاستثمار التحقق بأنفسهم من الوضع
الائتماني للمصدر(إلا بتكلفة عالية) ولذلك هم يعتمدون بصورة شبه تامة على التصنيف
الصادر من جهات التصنيف الائتماني المتخصصة في جمع المعلومات وتحليلها.
وكما احتاجت السندات إلى تصنيف، احتاجت الصكوك
إلى تصنيف أيضاً. لأنها صممت أصلاً بديلاً عن السندات الربوية.
لكن تصنيف الصكوك ليس بهذه البساطة إذ يعتمد على
عدة عناصر ولا يختص بالمخاطر الائتمانية فحسب من أهم تلك العناصر صيغة العقد
القائم بين مصدر الصكوك وحملة تلك الصكوك، لأن المخاطر التي يواجهها حملة الصكوك
مستمدة من طبيعة ذلك العقد.
ففي حال صكوك الإجارة على سبيل المثال يتأثر
تصنيف الصكوك بالوضع الائتماني للمصدر بصورة مشابهة للسندات التقليدية نظراً إلى
ان هذا المصدر مدين لحملة الصكوك بالأجرة التي تمثل العائد الدوري([11])
، كما انه ملتزم بوعد بالشراء في نهاية العقد والوفاء بهذا الالتزام مرتبط
أيضاً بالوضع الائتماني للواعد (مصدر
الصكوك) أي المستأجر ، وهذا هو وجه الشبه بالسندات من ناحية التصنيف، ولذلك نجد
الصكوك تصنف بحسب تصنيف مصدرها وها هي صكوك البنك الإسلامي للتنمية الإصدار الأول
جرى تصنيفها AAA وهو تصنيف البنك لأنها تضمنت ضمان البنك للمدين في عقود المرابحة
والإجارة.
لكن حملة الصكوك هم أيضاً مالكون للأصل المولد
للعائد (كالعقار المؤجر ونحوه) وهذا الأصل عرضة لتقلبات الأسعار فلو انفسخ عقد
الإجارة قبل أجله وكان على حملة الصكوك بيع الأصل المؤجر والحال ان قيمته في السوق
قد انخفضت تعرضوا للخسران([12])
لذلك فإن الصكوك تتضمن مخاطرة تقلبات الأسعار (أي المخاطر السوقية)، وهذا عنصر
اختلاف عن السندات. أما تصنيف صكوك المضاربة والمشاركة فالأمر فيها أكثر تعقيداً
حتى يكاد لا يوجد لها تصنيف في الوقت الحاضر.
8-
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن الصكوك:
صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن
الصكوك قراران الأول: هو القرار رقم 30 (3/4) بشأن سندات المقارضة وسندات
الاستثمار وجاء فيه "سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس
مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات
متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال
المضاربة وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه ويفضل تسمية هذه الأداة
الاستثمارية صكوك المضاربة([13])
.
أما القرار الثاني فهو ما صدر في محرم 1425هـ في الدورة
الخامسة عشرة بمسقط([14]).
بشأن صكوك الإجارة والذي عرف صكوك الإجارة بأنها: "سندات ذات قيمة متساوية
تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع ذات دخل".
الصكوك المتداولة في الأسواق بحسب المحل، وإجراءات الإصدار والإطفاء:
9-
صكوك الإجارة (الصكوك التي محلها أصول مؤجرة):
أول ما صدر من الصكوك كان على أساس الإجارة، أي انه
تصكيك لأصول إيجاريه. وتمثل صكوك الإجارة حتى يوم الناس هذا نحو 80% من مجمل
الصكوك. والأصول التي هي محل صكوك الإجارة تتباين فأكثرها أصول عقارية من أراضٍ
ومبانٍ ونحوها، وبعضها معدات وطائرات وسيارات وقليل منها مطارات وموانئ وطرق سريعة
ونحو ذلك.
ومعلوم ان الإجارة عقد محله المنافع. قال في
الشرح الكبير لابن قدامة "الإجارة بيع المنافع"([15])،
وفي شرح مختصر خليل "والإجارة بيع المنافع"([16]).
عندما تحتاج الجهة المصدرة إلى التمويل (ونسميها
فيما يلي "الشركة" ولكن يحتمل ان تكون مؤسسة حكومية أو غير ذلك) وترغب
الحصول عليه بطريقة إصدار صكوك إجارة فإنها تقوم بالخطوات التالية:
1- تقوم
بتعين أصل مملوك للشركة يمكن ان يكون محلاً للتصكيك مثل مبنى الإدارة العامة أو
مباني الفروع أو معدات مملوكة للشركة ...إلخ. ثم يجري فرزها وإثبات ذلك في وثائق
جرد يحصل معها تعيَّن هذه الأصول واستقلالها عن بقية ممتلكات الشركة.
2- تقوم
الجهة المصدرة بتأسيس شركة ذات غرض خاص حسب ما تنص عليه القوانين في بلد المصدر([17])
ثم يقوم المصدر بإثبات نقل هذه الأصول من دفاتره إلى دفاتر تلك الشركة ذات الغرض
الخاص على أساس البيع بعد ان يجري تقويمها من قبل جهة متخصصة مستقلة (ولنفترض انها
جاءت 100 مليون ريال) ويلزم لتحقيق المتطلبات الشرعية ان تجري عملية البيع
بالقيمة، وليس بثمن يتفق عليه الطرفان يكون مختلفاً اختلافاً بيناً عن القيمة([18])
لأن ذلك يجعل البيع صورياً إذ لا يتصور ان يبيعها البائع بأقل من القيمة إلا لعلمه
انها تعود إليه. وقد تحدث الفقهاء قديماً عن ذلك قال الخطاب "وأما ما يقع في
عصرنا هذا وهو ما عمت به البلوى وذلك ان الشيخ يبيع الدار مثلاً بألف دينار وهي
تساوي أربعة آلاف أو خمسة ويشترط على المشتري انه متى جاءه بالثمن ردها إليه ثم
يؤجرها المشتري لبائعها بمائة دينار في كل سنة ... فهذا لا يجوز بلا خلاف".
3- ثم
بعد ان تصير تلك الأصول مملوكة للشركة ذات الغرض الخاص يقوم المصدر باستئجارها
منها لعدد من السنين (5 سنوات أو 10 سنوات ...إلخ) بعقد إجارة يتضمن الوعد بالشراء،
وصفة هذا الوعد ان المستأجر يعد المؤجر بأن يشتري منه تلك الأصول عند نهاية عقد
الإجارة بثمن محدد هو في غالب الأحوال نفس ثمن الشراء (أي 100 مليون). وللوعد
بالشراء (أو الوعد بالبيع) صور متعددة سنأتي عليها بالتفصيل فيما بعد.
4- ويجب
ان يتولد عن عقد التأجير علاقة مؤجر بمستأجر فحملة الصكوك يملكون هذا الأصل وعليهم
ان يتحملوا كل ما يتعلق بالصيانة الأساسية (الهيكلية) للأصل المؤجر. أما الصيانة
الدورية فهي من مسئولية المستأجر. وليس هناك معايير صارمة للتفريق بين ما يعد
صيانة أساسية وما يعد صيانة تشغيلية (دورية)، ولكن بصفة عامة لما كان عقد الإجارة محله
المنافع فكل ما أدى إلى انقطاع المنافع لأسباب هيكلية فصيانته على المؤجر، أما ما
ارتبط بالتشغيل والاستعمال فهو على المستأجر([19]).
5- ثم
يجري تقسيم مبلغ الـ 100 مليون إلى وحدات (صكوك) (لنقل على سبيل المثال مليون
وحدة) فتكون الوحدة الاسمية لكل صك هي 100 ريال. وهي بهذا أشبه ما تكون بالأسهم.
6- تصدر
الصكوك بكامل القيمة الاسمية وربما صدرت بعلاوة إصدار أو بحسم([20])،
فإذا اشتراها المستثمرون حصلت الشركة المصدرة على مبلغ 100 مليون وهو ثمن بيع
الأصول إلى الشركة ذات الغرض الخاص التي أصبحت الآن مملوكة لحملة الصكوك، فيحصل
المصدر على المبلغ المطلوب.
7- يجري
التصنيف الائتماني للصكوك من قبل جهة متخصصة توطئة لإدراجها في سوق التداول.
8- يقوم
مصدر الصكوك بدفع الأجرة المتفق عليها بصفة ربع سنوية (أو نحو ذلك) وتمثل هذه
الإيجارات العائد الدوري على الصكوك. ولما كانت الأصول التي هي محل الصكوك مؤجرة
بأجرة محددة لمدة متفق عليها، صار الريع الذي يدفع على الصكوك معلوم مقدماً فهو
ليس مرتبطاً بنشاط الشركة المصدرة وأرباحها ...إلخ.
9- وهذه
الصكوك قابلة للتداول وربما أدرجت في أحدى البورصات لأن كل صك يمثل حصة مشاعة في
الأصول التي هي محل التصكيك وهي قابلة للبيع وقد صدر بذلك قرار المجمع الفقهي
الإسلامي الدولي المذكور في هامش الصفحة رقم 14.
يترتب
على القابلية للتداول تحقق السيولة لحملة الصكوك حيث يمكنهم بيعها في السوق في أي
وقت.
10-وعند تمام مدة الإيجار (خمس سنوات مثلاً) وانتهاء
عقد الإجارة يتقدم مصدر الصكوك إلى الشركة ذات الغرض الخاص بطلب الشراء فإذا حصل
القبول (وهو حاصل لا محالة) باعت الشركة ذات الغرض الخاص إلى مصدر الصكوك الأصول
بمبلغ 100 مليون ثم جرى توزيع هذه المبالغ على حملة الصكوك فتمكنوا بذلك من
استرداد رأسمالهم.
صيغة صكوك الإجارة التي صدر بها قرار من المجمع
الفقهي الإسلامي الدولي:
صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي الدولي قراراً
يتضمن صيغة لصكوك الإجارة (نص القرار ص ).
ويعتمد هيكل إصدار صكوك الإجارة (كما تصدر اليوم) على نفس المفهوم الأساسي الذي
ورد في قرار المجمع إلا ان قرار المجمع لم يتطرق إلى جوانب أساسية منها:
1-كيف تنتهي الصكوك (الإطفاء) ومعلوم ان الصكوك
بخلاف الأسهم لا بد ان يكون لها مدة محددة لكن القرار المذكور لم يذكر طريقة
بعينها لهذا الغرض.
2-لم يتطرق القرار إلى الوعد بالشراء الصادر من
مصدر الصكوك لصالح حملتها أو الوعد بالبيع الصادر من حملة الصكوك لصالح مصدرها وهو
الذي أصبح جزءاً مهماً من هيكل الإصدار.
أمثلة
على الصكوك التي محلها أصول مؤجرة:
أكثر
الصكوك التي صدرت حتى الآن محلها أصول مؤجرة ومنها صكوك دولة البحرين وحكومة
الباكستان وغيرها وفيه يكون حملة الصكوك ملاك لأصل اشتروه من المصدر فيؤجرونه عليه
بأجرة دورية إيجاراً مع وعد بالبيع إليه في نهاية مدة الإجارة كما ورد تفصيله
أعلاه.
10- الصكوك التي
محلها المنافع:
حيثما
يكون بيع الأصل محل التصكيك من قبل المصدر إلى حملة الصكوك عسيراً، فإن مصدري
الصكوك يلجأون إلى ما يسمى بالإجارة الطويلة والقصيرة. ذلك ان الجهات الحكومية في بعض البلدان لا
تتمكن من التصرف بالأصول العقارية التي تملكها بالبيع لأن هذا يحتاج إلى إجراءات
قد تتضمن إصدار قرار من الجهة التشريعية (البرلمان). ولما كان البيع إلى حملة
الصكوك يتبعه إعادة شراء من قبل مصدر الصكوك في نهاية أجل عقد الإجارة (والشراء
أيضاً يكتنفه نفس الصعوبات القانونية)، وقد ورد في قرار المجمع الفقهي الإسلامي
الدولي الصادر عن دورة مؤتمره الخامسة عشرة في مسقط سنة 1425هـ/2004م "يجوز
للمستأجر الذي له حق الإجارة من الباطن أن يصدر صكوك إجارة تمثل حصصاً شائعة في
المنافع". اتجهت بعض الجهات المصدرة للصكوك إلى جعل محل التصكيك المنافع وليس
الرقبة بناء على الوصف التالي:
1-يقوم مصدر الصكوك بتأجير الأصل المملوك له إلى
الشركة ذات الغرض الخاص التي تمثل حملة الصكوك لمدة طويلة (99 سنة على سبيل
المثال)بأجرة معلومة محددة تدفع في بداية العقد قدره مثلاً 100 مليون.
2-أصبحت الشركة ذات الغرض الخاص مالكاً لمنافع
هذا الأصل للمدة المذكورة فتقوم عندئذٍ بإصدار الصكوك وتحصل على مجموع قيمة الصكوك
البالغ 100 مليون وتدفعه إلى الشركة أجرة معجلة لكامل مدة عقد الإجارة المذكورة.
3-ثم يجري من المصدر استئجار ذلك الأصل لمدة
قصيرة (مثل خمس سنوات مثلاً) بأجرة مقسطة تدفع كل ربع سنة مثلاً. وكلما قبضت
الشركة ذات الغرض الخاص الأجرة وزعتها على حملة الصكوك فكانت مصدر العائد الدوري.
4-وفي نهاية المدة المذكورة يكون قد بقي في عقد
الإجارة 94 سنة (ان كانت المدة الأصلية 99 سنة) ، عندئذٍ يقوم المصدر بشراء منافع
ما تبقى من فترة زمنية من حملة الصكوك بأجرة معجلة تساوي في الغالب نفس المبلغ
الذي دفعه حملة الصكوك وبهذا يحصل لهم استرداد رأس المال.
أمثلة على الصكوك التي محلها المنافع:
من أمثلة ذلك الصكوك التي أصدرتها ولاية ساكسوني
انشتايت في ألمانيا حيث أجرت حكومة الولاية إلى شركة ذات غرض خاص مبانٍ لمدة 99سنة
بمبلغ متفق عليه ثم ان الشركة ذات الغرض الخاص أصدرت الصكوك لتحصل على المبلغ
وتدفعه أجرة معجلة للجهة الحكومية (المؤجر) ثم عقدت الشركة ذات الغرض الخاص عقد
إجارة مدته خمس سنوات بأجرة دورية تدفع كل ربع سنة. وأصدرت وعداً بالشراء لما بقي
من منافع في نهاية السنة الخامسة بمبلغ يساوي ما دفعه حملة الصكوك ابتداءً.
11- الصكوك
التي محلها الاختصاص (الحقوق):
الحق اختصاص حاجز يمنح صاحبه استئثاراً على
موضوعه، عرفها مصطفى الزرقا بأنها "اختصاص يقر به الشرع سلطة أو
تكليفاً"([21]).
ولما
كانت هذه الحقوق مالاً (مثل المنافع والأعيان) صارت قابلة للتصكيك بحسب ما تدر من
عائد.
وهيكل
إصدار الصكوك التي محلها حقوق يمكن أن يكون كما يلي:
1) يقوم
المصدر بإنشاء شركة ذات غرض خاص ثم يحوّل إليها الحقوق المجعولة محلاً لإصدار
الصكوك بالبيع بثمن يجري تحديده أما بالسعر السوقي أو تقدير الخبراء.
2) ثم تقوم
الشركة ذات الغرض الخاص بإصدار الصكوك واستخدام حصيلتها في دفع الثمن إلى المصدر
وهي صكوك قابلة للتداول لأن محلها صالح لمثل ذلك.
3) يتولد عن
هذه الحقوق إيراد دوري يوزع على حملة الصكوك، هذا الإيراد مصدره عمل يؤدي من قبل
جهة مكلفة من قبل مالك الحق وهو حملة الصكوك في هذه الحالة يقوم مصدر الصكوك بهذه
المهمة وكالة عن حملة الصكوك مقابل أجر متفق عليه.
4) ومدة
الصكوك سنين محددة (خمس سنوات مثلاً) ثم في نهاية المدة، يشتري المصدر تلك الحقوق
بثمن متفق عليه يجعل مختلفاً عن ثمن الشراء.
أمثلة على الصكوك التي محلها الاختصاص:
قامت شركة سابك السعودية، وهي واحدة من أكبر
شركات البتر وكيماويات في العالم بأربع إصدارات للصكوك. شركة سابك شركة قابضة
تمتلك حصصاً في مجموعة كبيرة من شركات منتجة للبتر وكيماويات. وتتراوح هذه الحصص
بين 20% من مجموع الأسهم لبعض الشركات ونحو 90% لأخرى.
وقد وقعت سابك مع جميع هذه الشركات
اتفاقية تعطيها لوحدها الحق في تسويق منتجات هذه الشركات على مستوى العالم مقابل
رسوم تحتسب كنسبة مئوية من المبيعات. وقد تنازلت تلك الشركات عن حقها في تسويق
منتجاتها وأصبح هذا امتيازاً تاماً لشركة سابك مدة الاتفاقية وهو عشرون سنة. وبناء
عليه قامت شركة سابك ببيع هذا الامتياز إلى حملة الصكوك، ثم هي وكالة عنهم تقوم
بالتسويق بأجرة متفق عليها. فالأجرة المنصوصة في اتفاقية التسويق من نصيب حملة
الصكوك، والأجرة التي تحصل عليها سابك منصوص عليها في اتفاقية إصدار الصكوك. وفي
نهاية الخمس سنوات الأولى تعرض سابك على حملة الصكوك رغبتها في شراء حق التسويق
منهم بثمن يساوي 90% من المبلغ الأصلي الذي دفعته ثمناً لها ، فإذا وافق أغلبية
حملة الصكوك على ذلك جرى البيع واطفئت الصكوك، وإلا استمرت لخمس سنوات أخرى حتى
يأتي العرض الآخر بالشراء وفي هذه المدة يكون ثمن الشراء 80% من المبلغ الأصلي.
12- صكوك
المشاركة:
المشاركة هو الاسم المصرفي لعقد الشركة المعروف
في كتب الفقه بعد إدخال بعض الشروط عليه مثل جعل الشركة فيه دائماً ذات مسئولية
محدودة([22]) المسئولية المحدودة، وتحديد أجل للشركة ونحو
ذلك وكل ذلك جديد على عقد الشركة([23]).
عندما
تكون المشاركة أساساً لإصدار الصكوك يكون هيكل الإصدار بالصفة التالية:
1- يقوم
المصدر بتأسيس شركة ذات غرض خاص، ثم تقوم بإصدار الصكوك بقيمة اسمية لكل صك قدرها
100 درهم (على سبيل المثال) فتجتمع الأموال للشركة (لنقل مثلاً 500 مليون).
2- تقوم
الشركة ذات الغرض الخاص بالدخول في عقد مشاركة مع المصدر وذلك بشراء حصة من أصول
يملكها مصدر الصكوك (كالعقارات أو المعدات ...إلخ)، أو بخلط الماليين ثم تملك أصول
أو شراء سلع ثم المتاجرة بالبيع أو الإجارة ...إلخ.
3- ويجري
توزيع الأرباح المستحقة لحملة الصكوك بصفة دورية بناء على مؤشر معتمد كما يحصل
الشريك (مصدر الصكوك) على نصيبه من الأرباح بالنسبة المتفق عليها بينهما.
4- والفائض
من الربح يودع في حساب احتياطي لدى المصدر يستخدم في حال انخفاض معدل الربح
المتحقق في المستقبل، يستخدم الحساب في تحقيق الاستقرار في التوزيعات الدورية
ويتنازل حملة الصكوك عما زاد عن التوزيعات الدورية في نهاية المدة.
5- ولا
بد من وجود الوعد بالشراء حيث يشتري مصدر الصكوك أصول المشاركة المملوكة لحملة
الصكوك بنفس القيمة الاسمية للصكوك فيحصل لهم استرداد رأسمالهم ومستند تجويز
التزام المصدر وهو شريك بشراء نصيب حملة الصكوك والحال ان مثل هذا التعهد يترتب
عليه ضمان الشريك وهو ممنوع ان هذه شركة ملك ومثل هذا التعهد فيها غير ممنوع.
13- مثال
لصكوك المشاركة:
خزانة هي مملوكة للحكومة الماليزية وهي تمتلك
محفظة كبيرة من أسهم الشركات المدرجة في بورصة كوالمبور.
قامت خزانة بتأسيس شركة ذات غرض خاص ووضعت في
ممتلكات هذه الشركة محفظة من أسهم منضبطة بالمعايير الشرعية، ثم أصدرت هذه الشركة
ذات الغرض الخاص صكوكاً قابلة للتداول يمثل كل صك فيها حصة في ملكية تلك المحفظة.
هذه الصكوك مدرجة وقابلة للتداول في البورصة ويمكن لحامل الصك ان يطالب المصدر
بالحصول على ما يقابل صكه من تلك الأسهم، وبمقدوره ان يحتفظ بها غير انه إذا أراد
بيعها فهو ملتزم بأن يبيعها فقط إلى خزانة وقد وعدت بشرائها منه بثمن يساوي متوسط
سعرها في التداول خلال العشرين يوماً السابقة لطلب البيع.
وتضمن هيكل الإصدار استئثار خزانة بالريع الذي
توزعه الشركات التي توجـــد أســـــهمها في المحفظـــــــة التي هي محل إصـــــدار
الصكـــــــوك مقابل ضــــــمانها في حــــال إفلاس أي من الشركات المذكورة وهو ما
يسمى Equity
Insurance وفي نهاية المدة المحددة للصكوك وهي خمس سنوات تتعهد خزنة بشراء
الأسهم بثمن محدد متفق عليه غير ان حملة الصكوك غير ملزمين.
14- صكوك
المضاربة:
ذكرنا
آنفاً ان أول محاولة لصياغة هيكل للصكوك كانت على أساس المضاربة ومع ذلك ما أقل
الصكوك التي صدرت على هذا الأساس. وصكوك المضاربة تصدر بناء على عقد قراض يكون فيه
حملة الصكوك أرباب مال والمصدر عاملاً يقتسمان ما يقسم الله به من ربح بالنسب
المتفق عليها بينهما ثم يحصل في النهاية التنضيض ليسترد أرباب
مثال على
صكوك المضاربة:
أصدرت إدارة المصرفية الإسلامية في البنك السعودي
الهولندي صكوك مضاربة يكون فيها حملة الصكوك أرباب مال في عقد مضاربة يكون البنك
فيه عاملاً وتجمع هذه الأموال في وعاء ويجري استخدامها في عمليات تمويل بالمرابحة
والاستصناع والتأجير ...الخ. ويحصل حملة الصكوك على جزء محدد كنسبة مئوية من الربح
بينما يحصل البنك باعتباره مضارباً على نسبة منه وحدد لعقد المضاربة مدة خمس سنوات
يجري بعدها التنضيض حكمياً ورد رأس المال إلى حملة الصكوك، ولا يتضمن هذا الإصدار
وعداً بالشراء ولا ضماناً للعائد أو رأس المال. وهي صكوك قابلة للتداول. وقد صممت
بحيث تعتمد على عدة عقود للمضاربة مدة كل منها ستة أشهر بحيث يجري التنضيض الحكمي
في نهاية كل فترة ثم يدخل الطرفان في مضاربة جديدة.
15- الصكوك
التي محلها وعاء مختلط:
التصكيك (التسنيد) عند الغربيين هو تصكيك الديون
أي جعل الديون في وعاء ثم إصدار أوراق مالية تمثل كل ورقة منها حصة مشاعة في تلك
الديون. مثل هذا الهيكل لا يجوز حتى لو كانت الديون صحيحة أي ناتجة عن بيوع مشروعة
لأن تداول هذه الأوراق والحال إنها تمثل حصة في وعاء الديون ممنوع إذ يئول إلى بيع
الدين إلى غير من هو عليه بأقل من قيمته الاسمية وذلك باب من أبواب الربا وقد صدر
بذلك قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن بيع الدين.
إلا أن القرار المذكور أشار أيضاً إلى ان الخلطة
(الوعاء المكون من ديون وأعيان بحيث لا تقل نسبة الأعيان عن 51%) تجرى عليه قاعدة
للكثير حكم الكل ، فإن كان كان غالبه أعيان (وفيه ديون) لم يكن تداول الأوراق
الصادرة بناء عليه محظوراً إذ غالب مكونات الوعاء مما يجوز بيعه. ويتضمن هيكل الإصدار
تعين مصدر الصكوك وكيلاً عن حملة الصكوك (ملاك الوعاء) يقوم بتحصيل الأقساط
والدفعات الإيجارية وإعادة استثمار جزء منها في توليد أصول جديدة. وقد صدرت بعض
الصكوك محلها وعاء يحتوي ديوناً وأصولاً مؤجرة.
الوعد بالشراء: ويتضمن هيكل الإصدار وعداً بشراء
الوعاء بالقيمة الاسمية للصكوك في نهاية المدة.
↚
أمثلة على الصكوك التي محلها وعاء مختلط:
منها الصكوك التي أصدرها البنك الإسلامي للتنمية
(الإصدار الأول) والتي اعتمدت على وعاء مكون من أقساط ناتجة عن عمليات مرابحة أجراها
البنك، وأصول (معدات ...إلخ) مؤجرة وتكون المعدات المؤجرة ما لا يقل عن 51% من
قيمة الوعاء. وقد باع البنك الإسلامي للتنمية الوعاء إلى مؤسسة ICD التي يملك البنك جزءاً
منها، ثم إن ICD أصدرت
الصكوك. ثم جرى تعين البنك الإسلامي للتنمية ليكون وكيلاً عن حملة الصكوك لتحصيل
الأقساط وكذا لتوليد أصول جديدة. ونظراً إلى ان مصدر الصكوك هو ICD فقد قدم البنك الإسلامي
للتنمية ضماناً يضمن بموجبه جميع المديونية في الوعاء فأمكن عندئذٍ تصنيف الصكوك
بمثل تصنيف البنك الإسلامي للتنمية.
16- شركة
الملك وشركة العقد:
الفرق بين شركة الملك وشركة العقد معروف قال في
تبيين الحقائق شركة الملك هي "ان يملك اثنان عيناً إرثاً أو شراءً ..."
ثم قال: ركن شركة الملك اجتماع النصيبين وحكمها ان يكون المال بينهما مشتركاً وكل
واحد في نصيب الآخر كالأجنبي لا يجوز تصرفه"([24]).
وفي شركة العقد كل شريك وكيل عن صاحبه وركن شركة العقد الإيجاب والقبول. ثمرة هذا التفريق
بين شركة الملك وشركة العقد هو جواز تصرفات يقوم بها الشريك في شركة الملك بحكم
كونه أجنبياً، لا يجوز له ان يقوم بها الشريك في شركة العقد من ذلك تعهد الشريك
بشراء حصة شريكه بثمن متفق عليه عند انعقاد الشركة بينهما حتى لو ترتب على ذلك ونتج
عنه درء الخسارة عن المستفيد من الوعد (الشريك الموعود) وتحملها بالكامل من قبل
الشريك الواعد وسلامة رأس مال الشريك الموعود على حساب صاحبه. فإذا كان الشريك
الموعود هو حملة الصكوك انتهينا إلى صيغة لصكوك تتضمن التزام المصدر (الشريك
الواعد) برد رأس المال (القيمة الاسمية للصكوك) إلى حملة الصكوك وصار ذلك المبلغ
ديناً في ذمة المصدر وأمكن "تصنيف" هذه الصكوك ائتمانياً.
17- مواطن
الاختلاف ومظان الخلل:
نورد أدناه مع المناقشة إيرادات الفقهاء المعاصرين
على الصكوك بأنواعها المختلفة ومناقشة كل مسألة.
18- المسألة
الأولى: الوعد بالشراء بالقيمة الاسمية:
كل شرط من الشروط المختلف فيها في هيكل إصدار
الصكوك قابل للتغيير والتعديل إلا الوعد بالشراء بالقيمة الاسمية، فقد أعيى
المتخصصين إيجاد البديل له، أما حذفه
وتخليص الصكوك منه فلا سبيل إليه لأن من الحقائق التي لا يختلف حولها أرباب الصكوك
هي ان الصكوك التي لا يجري تصنيفها لا يمكن تداولها، والصكوك التي لا يجري تداولها
ليست صكوكاً بالمعنى الفني للكلمة والتصنيف المعروف في يوم الناس هذا الذي تصدره
جهات التصنيف العالمية لا يكون إلا على المخاطر الائتمانية أي قدرة مصدر الصكوك
على رد رأس المال لحملة الصكوك. ولا سبيل لتصنيف قدرته على رد رأس المال إلا أن
يكون هذا الرأسمال ديناً في ذمته فإذا كانت الصكوك محلها الأصول العقارية أو
المنافع أو الحقوق كانت الحيلة لجعل رأس المال ديناً في ذمته ان يقوم بإصدار وعد
ملزم بشرائها بنفس ثمن بيعها.
هذه مقولة يرددها عدد من المختصين إذ يرون ان
الصكوك يلزم حتى يكون لها جدوى اقتصادية، ان تختلف عن الأسهم اختلافاً أساسياً من
ناحية اقتصار المخاطرة فيها على "المخاطرة الائتمانية"، ولذلك احتاجت
إلى "الوعد بالشراء" من المصدر بنفس القيمة الاسمية التي صدر بها الصك
فيكون رد رأس المال التزاماً عليه قابلاً للتصنيف الائتماني (لأنه دين أو شبيه
بالدين) بطريقة لا تختلف كثيراً عن السندات التقليدية. عندما تكون العلاقة بين المصدر
وحملة الصكوك هي الشركة في رأس المال أو الربح (أي المشاركة أو المضاربة) فإن
الوعد بالشراء بالصفة المذكورة يئول إلى ضمان الشريك لحصة شريكه أو المضارب لرأس
المال والربح وهذا مفسد لعقد الشركة فهو غير مقبول. أما في حال كانت العلاقة بين
المصدر وحامل الصك علاقة مؤجر (حامل الصك) ومستأجر (المصدر) فالأمر فيه هين، وقد
اتجهت الهيئات الشرعية إلى إجازة الوعد بالشراء، أي ان يعد المستأجر بشراء الأصل
المؤجر.
الوعد بالشراء في صكوك الإجارة:
يصدر الوعد بالشراء من المستأجر (أي مصدر الصكوك)، يعد بأن يشتري الأصول المؤجرة بالقيمة الاسمية فيتمكن حملة الصكوك من استرداد رأسمالهم في نهاية مدة الصكوك.
ولا يقال أنها أصبحت بوجود الوعد مثل السند
التقليدي حتى لو مهد ذلك لتصنيفها ائتمانياً إذ السند دين أما هذا الصك فهو ملكية
أصل مؤجر مولد لعائد.
وربما صدر الوعد من حملة الصكوك بالبيع على
المصدر في نهاية المدة بذات القيمة الاسمية للشراء منه. ولكن في أكثر الأحوال يكون
هناك وعداً منه بالبيع في نهاية المدة بالقيمة الاسمية يصدره حملة الأسهم. يلتزمون
فيه ببيع الأصل إلى المصدر في نهاية المدة بالقيمة الاسمية، ووعد بالشراء يلتزم
فيه المستأجر بشراء الأصل بالقيمة الاسمية إلى حصل فيه مطل في دفع الأجرة أو تأخر
عن دفعها لمدة متفق عليها (ثلاثة أشهر مثلاً). هذه الوعود ملزمة ولا سبيل إلى
التحلل منها.
الوعد بالشراء في صكوك المشاركة:
إصدارات
الصكوك على أساس المشاركة قليلة ولذلك ليس هناك ما يكفي من الأمثلة في هذا الشأن،
إلا ان ما وجد منها كان يتضمن وعداً بالشراء وفي هذه الحالة يكون الوعد بشراء أصول
(أي ممتلكات المشاركة) وليس الحصة الشائعة التي يملكها حملة الصكوك ويكون الوعد
بثمن متفق عليه مسبقاً وقد رأى البعض ان الوعد بشراء الأصول مختلف من الوعد بشراء
الحصة وان الأول ليس محظور ضمان الشريك الذي هو أصل الاعتراض على الوعد بالشراء
بالقيمة الاسمية.
19- المسألة
الثانية: القول بأن في صكوك الإجارة بيع الوفاء:
من
الانتقادات التي تثار على صكوك الإجارة القول بأن فيها شبهاً ببيع الوفاء. فهم
يقولون إن لسان حال حملة الصكوك يقول للمصدر: متى رددت إلي الثمن رددت إليك المبيع،
وهي الصيغة المشهورة لبيع الوفاء. وقد صدر بشأن بيع الوفاء قرار المجمع الفقهي
الإسلامي الدولي في دورة مؤتمره السابع (ذي القعدة 1412هـ-مايو 1992):
أ- ان
حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) فهو تحايل
على الربا.
ب-ان هذا
العقد غير جائز شرعاً أ هـ قرار المجمع.
ويجاب عن ذلك ان بين الصيغتين (بيع الوفاء وصكوك
الإجارة) اختلاف:
1) ان بيع
الوفاء عقد بيع ناجز يدفع فيه الثمن ثم عقد بيع معلق على شرط فهو يقول متى رددت
إلي الثمن رددت إليك المبيع. أما ما يقع في صكوك الإجارة فهو وعد بالشراء (أو
البيع) وليس عقد بيع معلق على شرط. ويجدر بالذكر ان طائفة من فقهاء الحنفية من
المانعين لبيع الوفاء أخرجوا من صوره الممنوعة ما كان على سبيل الوعد. من ذلك ما
ذكر صاحب البحر الرائق شرح كنز الدقائق([25])
عن قاضيخان فيما يتعلق ببيع الوفاء قال " ... وان ذكر البيع بلا شرط شرطاه ثم
شرطاه على وجه المواعدة جاز البيع ولزم الوفاء".
2) ان البيع
في التطبيقات الصحيحة للصكوك يكون بالقيمة (ثمن السوق) وليس بثمن صوري لا يرضى به
البائع إلا إذا توثق من استرداده للأصل بعد وقت، وهو الثمن المردود إليه.
3) ان
العلاقة بين حملة الصكوك والمصدر في عقد الإيجار هي علاقة مؤجر بمستأجر، يتحمل
فيها مالك العين المؤجرة (حملة الصكوك) الصيانة الأساسية التي بدونها تنقطع
المنفعة. وليس من ذلك شيء في بيع الوفاء
20-المسألة الثالثة: قولهم إن شراء حملة الصكوك للأصول هو شراء
صوري غير حقيقي:
من
الانتقادات التي تثار على صكوك الإجارة قولهم ان شراء حملة الصكوك للأصول صوري لا
حقيقة له إذ لا يتصور في نظرهم ان يُقدم مالك أصول مهمة على بيعها، ومرجع هذه
الشكوك هو ان الأصول التي هي محل إصدار الصكوك تكون –في أكثر الأحيان-ذات قيمة
بالغة وخطر بحيث لا يتصور البعض ان تكون محلاً للبيع مثل المطارات والطرق السريعة
ومباني الحكومة ومحطات القطارات ...إلخ. قالوا هذه بيوع صورية فالحكومات لا تبيع
مثل هذه الأصول عادة إلا بقرار من البرلمان ومثل هذا لا يحصل في الصكوك وكذا الحال
في الشركات التي تبيع معداتها الأساسية أو مقر إداراتها العامة أو مصانعها...الخ.
الواقع ان للبيوع في الشريعة وفي القوانين أركان ومشترطات أساسية إذا توافرت على
العقد فهو بيع حقيقي وإذا فقدت منه تسلل الشك إلى حقيقته أما كون ان المحل الذي
وقع عليه البيع مطار أو طريق فالثابت في معاملات الناس المعاصرة ان المطارات والطرق
تباع وأكثر المطارات الأوربية مملوكة لشركات. فإذا انتقل الملك حقيقة للمشتري (وهم
حملة الصكوك) وأمكن لهم التصرف فيما اشتراه تصرف الملاك فالبيع حقيقي لا صوري.
21-المسألة الرابعة: للبيع على الشركة ذات الغرض
الخاص وإبقاء التسجيل في الدفاتر:
عندما
يكون محل الصكوك أصولاً مهمة يبيعها المصدر إلى حملة الصكوك لا يكون من السهل على ذلك
المصدر إخراج هذه الأصول من دفاتره لما
لذلك من آثار سلبية على أسهمه في السوق (ان كانت شركة) أو ما يقتضيه بيع الممتلكات
العامة من إجراءات معقدة (إذا كانت حكومية) وربما تواجه عملية البيع الاعتراضات من
حملة الأسهم (في حال الشركة) أو تحتاج إلى قرار من البرلمان لبيع ممتلكات عامة (بالنسبة
للصكوك الحكومية) ولذلك يصر مصدروا الصكوك إلى إبقاء هذه الأصول في دفاترهم. من
المعلوم ان عقد البيع ناقل للملك يجب ان يترتب عليه تمنع المشتري بكافة الحقوق المقررة
للمالك فإذا تضمن عقد البيع شروطاً تنافي هذا المقتضى فإن الشكوك تثور حول حقيقة
هذا البيع، وربما وصم بالصورية, ولأرباب الصكوك تبريرات مختلفة لهذا منها:
1)
ان هذه الأصول ستعود إلى دفاتر المصدر بعد عدد من
السنين فلا حاجة إلى إخراجها ثم إدخالها.
2)
إصدار "سند ضد" لصالح حملة الصكوك يمكنهم
به إثبات ملكيتهم لتلك الأصول في حال الاختلاف.
3)
النص في الشروح التي تذيل بها الميزانية السنوية
من قبل مراجع الحساب ان هذه الأصول مملوكة لحملة الصكوك.
4)
الملكية الحقيقية والملكية النفعية:
"تفرق قوانين الدول الانجلوسكسونية (Common Law) بين الملكية القانونية (Legal Ownership) والملكية النفعية (Beneficial Ownership) فيمكن لكل أصل أن يكون له
مالك حقيقي وهو من سجل الأصل باسمه وله من الناحية القانونية صلاحية التصرف فيه
بالبيع، ثم المالك النفعي وهو الذي يتمتع بجميع الحقوق الأخرى المستمدة من الملك.
وفي حال الاختلاف يمكن للمالك النفعي ان يثبت ملكيته التامة على الأصل في المحاكم.
22-المسألة
الخامسة: ربط العائد بأسعار الفائدة:
سعياً إلى التقريب بين صيغة الصكوك وسندات الدين
التقليدية اتجه المصدرون إلى ربط عائد الصكوك بسعر الفائدة. ويجري هذا الربط بواحدة
من طريقتين:
1-ربط الأجرة في عقد الإجارة بسعر الفائدة وهو
أمر صار معتاداً في عقد الإجارة الممتدة في الزمن مدة طويلة وقد قبلته الهيئات
الشرعية استناداً إلى قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن الربط القياسي
والذي نص على:
"ولما كان العائد الدوري على الأسهم مصدره
الدفعات الإيجارية التي يدفعها المستأجر (مصدر الصكوك) تغيرت عائدات الصكوك تبعاً
لتغير الإيجارات المرتبط بسعر الفائدة فتحقق المطلوب.
2-أما الطريقة الثانية فتستخدم في حال كانت
الأجرة ثابتة غير متغيرة بمؤشر. عندئذٍ يقوم مدير الإصدار (وهو البنك الذي يتولى
تحصيل الإيجارات وتوزيعها على حملة الصكوك) بإيداع الإيجارات عند تحصيلها في حساب
مخصص ثم يدفع لحملة الصكوك عائداً مرتبطاً بأسعار الفائدة فإن كانت الأجرة التي
وقع تحصيلها أكثر من المبلغ المطلوب دفعه لحملة الصكوك بعد الربط بالمؤشر، أودع ما
زاد في حساب احتياطي يستخدم فيما بعد، وفي حال كون المبلغ المحصل من الأجرة أقل من
المبلغ المطلوب دفعه إلى حملة الصكوك بعد الربط بالمؤشر استخدم مدير الإصدار
المبالغ المودعة في الحساب الاحتياطي، فإذا لم تكن كافية طلب من المصدر ان يوفر
الأموال اللازمة بناء على تعهده عند الإصدار بتوفير السيولة الكافية لهذا الغرض
على سبيل القرض الحسن الذي يسترد في الفترات التالية، وفي حال عدم توفر الأموال
الكافية لاسترداد القرض طوال مدة العقد فإنه يحسم من ثمن الشراء في نهاية العقد([26]).
23-المسألة السادسة: تنازل حملة الصكوك عما زاد عن نسبة معينة من
الدخل للمدير على سبيل الحافز:
من وسائل تقريب الصكوك إلى السندات التقليدية ان
يكون الريع الذي يوزعه مصدر الصكوك على حملتها قابلاً للتوقع وقليل التغير سواء
كان عائداً ثابتاً أو كان مربوطاً بسعر الفائدة. ولذلك يحدد للصكوك ريع متوقع
محسوباً نسبة مئوية من القيمة الاسمية (لنقل مثلاً 5% سنوياً) وقد جرى التوصل إلى
هذه النسبة بناء على حسابات المصدر من ناحية التدفقات النقدية التي مصدرها الدفعات
الإيجارية فإذا كان محل الصكوك مشاريع عقارية متعددة أو عقود متجددة فهي مظنة
التغير بالزيادة ولذلك يتضمن هيكل إصدار الصكوك تنازل حملة الصكوك عن أي عائد يزيد
عن تلك النسبة المتفق عليها (5%). وهذا محل اعتراض من عدد أعضاء الهيئات الشرعية،
وان كان هذا الاعتراض أقل حدة في صكوك الإجارة عنها في الصكوك الأخرى التي ربما
يكون العائد المتحقق فعلاً أضعاف تلك النسبة الموزع على حملة الصكوك .
24-المسألة
السابعة: ضمان المصدر لشركة التأمين:
من الشروط التي قليلاً ما ينتبه إليها ما يرد من
شرط مؤداه ضمان المصدر لشركة التأمين. وتفصيل ذلك أن الأصول التي هي محل الإجارة
يجري التأمين عليها من قبل المالك وهم حملة الصكوك بحيث لو هلكت هلاكاً كاملاً قامت
شركة التأمين بدفع التعويض المتفق عليه. ولهذا الغرض يعين حملة الصكوك المصدر
وكيلاً لمباشرة عملية التأمين ودفع أقساطها وكالة عن حملة الصكوك وتحصيل التعويض
من شركة التأمين في حال وقوع المكروه. وذلك لا بأس به ولا غبار على مشروعيته
وبخاصة عندما يكون التأمين لدى شركة للتأمين التعاوني الإسلامي، لكن الإشكال فيما
يضاف إلى ذلك من شرط مفاده: ان على المصدر في حال وقوع الهلاك الكامل ان يقوم
بتسلم التعويض المنصوص عليه في بوليصة التأمين من شركة التأمين خلال مدة كذا (شهر
في الغالب)، وإيداعه في حساب حملة الصكوك خلال المدة المذكورة سواء دفعت شركة
التأمين ذلك التعويض أم لم تدفع. وبهذه الطريقة أصبح المصدر ضامناً شركة التأمين.
والغرض من هذا النص هو استيفاء شرط التصنيف الائتماني لجعل الصكوك ذات تصنيف مماثل
لتصنيف المصدر ولا ريب ان مثل هذا الشرط يئول إلى تعهد المصدر بتعويض حملة الصكوك
في حال هلاك الأصل المؤجر (والحال انه مستأجر) بآفة سماوية لا يد له فيها.
25-أصل المشكلة الإصرار على محاكاة المنتجات
التقليدية:
تتهم المصرفية الإسلامية إنها متجهة إلى أن تكون
"مصرفية تقليدية شرعية" أي ان كل ما قدمته هو منتجات تحاكي المنتجات
التقليدية جرى إعادة هيكلة العلاقات التعاقدية بين أطرافها حتى تكون من الناحية
الشكلية موافقة للمقتضى الشرعي. وهي تهمة جارحة ووصف مؤلم ولكن لا يبعد ان يكون
صحيحاً إلى حد ما.
لا بأس من محاكاة المنتجات التقليدية بشرط أن لا
يكون ذلك "شَرَكاً" نقع فيه ثم لا نستطيع الخروج منه. وهو ما يردده
المتشائمون والأسواء ان تصبح مطابقة المنتجات التقليدية هي معيار القبول والرفض
لكل فكرة أو طرح جديد. وقد حان الوقت لكي نحاول ان نستمد الحلول من شريعتنا بدلاً
من تبني حلول الآخرين وتكييفها حتى تكون موافقة للحد الأدنى المطلوب من ناحية المشروعية.
ان الحاجة المشروعة للناس تستحق ان يوجد لها
المنتج المالي الذي ينهض بها. وحاجة الناس إلى ورقة مالية ذات مخاطر متدنية وربح
قابل للتوقع هي حاجة مشروعة للمصدرين والمستثمرين. فهناك أنواع من النشاطات
الاقتصادية التي لا تستطيع تحمل مخاطر عالية في استثماراتها لطبيعة نشاطها مثل
شركات التكافل. فإذا لم تتوفر مثل هذه الأوراق في السوق كان البديل السندات
الربوية.
إن الطريق الصحيح لتطور الصكوك الإسلامية هو
إيجاد أدوات مالية قائمة على الاشتراك مثل صكوك المشاركة والمضاربة لكنها لا تقتصر
على "شكل" عقد المضاربة (أو عقد الشركة) وإنما تستوعب المضمون والمعنى.
ولا بأس ان نسعى إلى تقليل المخاطر إلى الحد
الأدنى دون القفز على الحدود الشرعية. ان ضمان المضارب لرأس المال أو الربح مفسد
لعقد المضاربة إلا في حال التعدي والتفريط. والتعدي والتفريط، وهما الأصلان
الكبيران للضمان في عقود الأمانة، في حاجة إلى نظر وتأمل وإعمال فكر وبخاصة ان
للعرف في تعيين حدود الضمان دور كبير لم يحظ بعد بما يستحق من الدراسة. ونحن لا
نريد ضماناً يحول العلاقة بين الطرفين إلى دائن ومدين، ولكن في نفس الوقت نحن نريد
بناء علاقة مثمرة قائمة على الأمانة والإخلاص والكفاءة في العمل وتحقيق العدالة
بين الطرفين دون إجحاف بحق أحدهما أو ظلم للآخر. والشريعة ما سدت باباً للحرام إلا
فتحت أبواباً للمباح والحلال. ولذلك فالطريق الصحيح هو تطوير صكوك المشاركة
والمضاربة.
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.،،،
[1] - جريدة الاقتصادية عدد 12 نوفمبر 2008، نقلاً عن
وكالة رويترز للأنباء.
[2] - المصباح المنير الصاد مع الكاف.
[3] - المنتقى شرح الموطأ ج3 ص411.
[4] - في دورة
مؤتمره السابعة (1412هـ 1992م).
[5] - وهو ما يسمى
الزيادة الرأسمالية.
[6] - قرار
المجمع قرار
رقم: 60 (11/6)[1]
بشأن السندات، إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس
بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410 الموافق 14 – 20 آذار
(مارس) 1990م،
بعد
اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة "الأسواق
المالية" المنعقدة في الرباط 20-24 ربيع الثاني 1410هـ الموافق 20 – 24 تشرين
أول ( أكتوبر ) 1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب
بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة
المغربية،
وبعد
الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية
عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو
ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغاً مقطوعاً أم حسماً،
قرر
ما يلي:
أولاً: إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع
مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء
أو التداول، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط
بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكاً استثمارية أو ادخارية أو تسمية
الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً.
ثانياً: تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري
باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق
باعتبارها حسماً لهذه السندات.
ثالثاً: كما تحرم أيضاً
السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع
المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.
رابعاً: من
البدائل للسندات المحرمة – إصداراً أو شراءً أو تداولاً – السندات أو الصكوك
القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون
لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما
يملكون من هذه السندات أو الصكوك ولا ينالون هذا الربح إلاّ إذا تحقق فعلاً. ويمكن
الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم 30(5/4) لهذا المجمع
بشأن سندات المقارضة[2].
والله أعلم ؛؛.
[9] - ويفرقون في التصكيك بين ما يسمى الصكوك المدعومة
بأصول والصكوك المعتمدة على الأصول: هناك فرق بين الصكوك المدعومة بأصول وهي أساس
التصكيك وتسمى Asset backed
Securities
وصيغة أخرى من التصكيك ولكنها تقوم على إصدار صكوك لغرض توليد أصول وتسمى Asset
based securities الصكوك المعتمدة على الأصول هي صيغة تمويل وتختلف عن الأولى في
أنها لا تجمع باقة متنوعة من المخاطر في وعاء ثم تصدر الصكوك مقابلها وإنما دائماً
تصدر الصكوك لغرض جمع الأموال وتمويل مشاريع البنية الأساسية مثل الطرق والصرف
الصحي ومشاريع والمطارات ومحطات تحلية المياه ونحو ذلك .
ويجب التفريق بوضوح بين هذه الطريقة Asset
Based
وأخرى مشابهة لها وهي إصدار سندات دين لتمويل مشاريع البنية الأساسية. تحصل الجهة
المصدرة (مثل الحكومة المحلية) بذلك على الأموال لتمويل إنشاء الطريق أو المطار
لكن الفارق الرئيس ان الدين في هذه الحالة متعلق بذمة الجهة المصدرة ولا يرتبط بالمشروع
حتى لو كان ذلك المشروع مولداً لعائد مالي، بينما ان طريقة Asset
Based
تصدر فيها الأوراق المالية لغرض تمويل مشروع بعينه وتكون قدرة حاملها على استرداد
أمواله والحصول على الربح مرتبط بالإيرادات المتولدة من المشروع من دون ضمان خزينة
الحكومة.
[12] - ولهذا السبب تتضمن هيكل إصدار الصكوك التزاماً
على المستأجر بشراء الأصل في حال انفساخ العقد بالقيمة السوقية حتى يشكل ذلك دين
عليه فيمكن من تمام التصنيف.
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه
أجمعين
قرار رقم: 30 (3/4)[1]
بشأن
سندات المقارضة وسندات الاستثمار
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع
بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408 الموافق 6– 11 شباط
( فبراير ) 1988م،
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة في موضوع سندات المقارضة وسندات
الاستثمار، والتي كانت حصيلة الندوة التي أقامها المجمع بالتعاون مع المعهد
الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 6-9 محرم 1408هـ الموافق
2 – 8 أيلول 1987م تنفيذاً للقرار رقم (10/3) المتخذ في الدورة الثالثة للمجمع
وشارك فيها عدد من أعضاء المجمع وخبرائه وباحثي المعهد وغيره من المراكز العلمية
والاقتصادية، وذلك للأهمية البالغة لهذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه،
للدور الفعال لهذه الصيغة في زيادة القدرات على تنمية الموارد العامة عن طريق
اجتماع المال والعمل،
وبعد استعراض التوصيات العشر التي انتهت إليها الندوة ومناقشتها في
ضوء الأبحاث المقدمة في الندوة وغيرها،
قرر ما يلي:
أولاً: من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة:
1- سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة)
بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء
أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة
ملكية كل منهم فيه.
ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك المقارضة.
2- الصورة المقبولة
شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام لابد أن تتوافر فيها العناصر التالية:
العنصر الأول:
أن يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه
أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته.
وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من
بيع وهبة ورهن وإرث وغيرها، مع ملاحظة أن الصكوك تمثل رأس مال المضاربة.
العنصر
الثاني:
يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أن شروط التعاقد تحددها
نشرة الإصدار وأن الإيجاب يعبر عن الاكتتاب في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه
موافقة الجهة المصدرة.
ولابد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في
عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط
الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية.
العنصر الثالث:
أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة
للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط
التالية:
أ- إذا
كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال
نقوداً فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتطبق عليه أحكام الصرف.
ب- إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام
التعامل بالديون.
ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان
والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون
الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى
في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في
الدورة القادمة.
وفي جميع الأحوال يتعين
تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة.
العنصر الرابع:
أن من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع بها
هو المضارب، أي عامل المضاربة، ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به
بشراء بعض الصكوك، فهو رب مال بما أسهم به، بالإضافة إلى أن المضارب شريك في الربح
بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار، وتكون ملكيته في المشروع على
هذا الأساس.
وأن يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع
هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية.
3-مع
مراعاة الضوابط السابقة في التداول: يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق
المالية، إن وجدت، بالضوابط الشرعية، وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع
لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية
معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه
الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل
الخبرة، وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع. كما يجوز الإعلان عن الالتزام
بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص، على النحو المشار إليه.
4- لا يجوز أن
تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو
ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً
بَطَلَ شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
5- لا يجوز أن تشتمل
نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع ولو كان
معلقاً أو مضافاً للمستقبل. وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع
وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء ويرضى
الطرفين.
6- لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها
نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح فإن وقع كان العقد باطلاً.
ويترتب على ذلك:
أ- عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة
الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها.
ب- أن محل
القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد على رأس المال وليس الإيراد أو الغلة.
ويعرف مقدار الربح، إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد على رأس
المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل
المضاربة، وفقاً لشروط العقد.
ج- أن يعد
حساب أرباح وخسائر للمشروع وأن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك.
7- يستحق
الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع
الذي يدر إيراداً أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل
التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
8- ليس هناك
ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة،
إما من حصة حملة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في
الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة
رأس المال.
9- ليس هناك
ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل
في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر
الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن
قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه،
ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن
الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به، بحجة أن هذا
الالتزام كان محل اعتبار في العقد.
ثانياً: استعرض
مجلس المجمع أربع صيغ أخرى اشتملت عليها توصيات الندوة التي أقامها المجمع، وهي
مقترحة للاستفادة منها في إطار تعمير الوقف واستثماره دون الإخلال بالشروط التي
يحافظ فيها على تأبيد الوقف وهي:
أ- قامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه
لتعمير الوقف.
ب- تقديم أعيان الوقف – كأصل ثابت – إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله
بنسبة من الريع.
ج- تعمير
الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع.
د- إيجار
الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة.
وقد اتفق رأي مجلس المجمع مع توصية الندوة بشأن هذه الصيغ من حيث
حاجتها إلى مزيد من البحث والنظر، وعهد إلى الأمانة العامة الاستكتاب فيها، مع
البحث عن صيغ شرعية أخرى للاستثمار، وعقد ندوة لهذه الصيغ لعرض نتائجها على المجمع
في دورته القادمة.
والله أعلم ؛؛
بشأن صكوك الإجارة
إن مجلس مجمع الفقه
الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط ( سلطنة عُمان) 14 - 19 المحرم
1425هـ، الموافق 6 – 11 آذار ( مارس ) 2004م.
بعد اطلاعه على البحوث
الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع صكوك الإجارة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي
دارت حوله،
قرر ما يأتي:
1- تقوم فكرة صكوك
الإجارة على مبدأ التصكيك ( أو التسنيد أو التوريق ) الذي يقصد به إصدار أوراق
مالية قابلة للتداول، مبنية على مشروع استثماري يدرّ دخلاً. والغرض من صكوك
الإجارة تحويل الأعيان والمنافع التي يتعلق بها عقد الإجارة إلى أوراق مالية (
صكوك ) يمكن أن تجري عليها عمليات التبادل في سوق ثانوية. وعلى ذلك عُرّفت بأنها
" سندات ذات قيمة متساوية، تمثل حصصاً شائعةً في ملكية أعيان أو منافع ذات
دخل ".
2- لا يمثل صك الإجارة
مبلغاً محدداً من النقود، ولا هو دين على جهة معنية – سواء أكانت شخصية طبيعية أم
اعتبارية – وإنما هو ورقة مالية تمثل جزءاً شائعاً ( سهماً ) من ملكية عين
استعمالية، كعقار أو طائرة أو باخرة، أو مجموعة من الأعيان الاستعمالية –
المتماثلة أو المتباينة – إذا كانت مؤجرة، تدرُّ عائداً محدداً بعقد الإجارة.
3- يمكن
لصكوك الإجارة أن تكون اسمية، بمعنى أنها تحمل اسم حامل الصك، ويتم انتقال ملكيتها
بالقيد في سجل معين، أو بكتابة اسم حاملها الجديد عليها، كلما تغيرت ملكيتها، كما
يمكن أن تكون سندات لحاملها، بحيث تنتقل الملكية فيها بالتسليم.
4- يجوز إصدار صكوك تُمثل ملكية الأعيان المؤجرة وتداولها – إذا توافرت
فيها شروط الأعيان التي يصح أن تكون محلاً لعقد الإجارة – كعقار وطائرة وباخرة
ونحو ذلك، ما دام الصك يمثل ملكية أعيان حقيقية مؤجرة، من شأنها أن تدرَّ عائداً
معلوماً.
5- يجوز
لمالك الصك – أو الصكوك – بيعها في السوق الثانوية لأي مشتر، بالثمن الذي يتفقان
عليه، سواء كان مساوياً أم أقل أم أكثر من الثمن الذي اشترى به، وذلك نظراً لخضوع
أثمان الأعيان لعوامل السوق ( العرض والطلب ).
6- يستحق مالكُ الصك
حصته من العائد – وهو الأجرة - في الآجال المحددة في شروط الإصدار منقوصاً منها ما
يترتب على المؤجر من نفقة ومؤنة، على وفق أحكام عقد الإجارة.
7- يجوز للمستأجر الذي له حق الإجارة من الباطن أن يصدر صكوك إجارة تمثل
حصصاً شائعةً في المنافع التي ملكها بالاستئجار بقصد إجارتها من الباطن، ويشترط
لجواز ذلك أن يتم إصدار الصكوك قبل إبرام العقود مع المستأجرين، سواء تم الإيجار
بمثل أجرة الإجارة الأولى أو أقل منها أو أكثر. أما إذا أُبرمت العقود مع
المستأجرين، فلا يجوز إصدار الصكوك، لأنها تمثِّل ديوناً للمُصدر على المستأجرين.
8- لا يجوز
أن يضمن مصدر الصكوك أو مديرها أصل قيمة الصك أو عائده، وإذا هلكت الأعيان المؤجرة
كلياً أو جزئياً فإن غرمها على حملة الصكوك.
ويوصي بما يأتي:
عقد ندوة متخصصة لدراسة الحكم في الصور التطبيقية التي اشتملت عليها
بعض البحوث، ولم يتضمن هذا القرار حكماً لها، وذلك بالتنسيق مع المؤسسات المالية
المعنية، ليصدر المجمع قراره فيها في ضوء نتائج تلك الندوة. ومن أبرز تلك الصور:
1- الحكم في
إصدار صكوك بملكية الأعيان المؤجرة إجارة منتهية بالتمليك على من اشتريت منه تلك
الأعيان.
2- حكم
إصدار الصكوك وتداولها في إجارة الموصوف في الذمة.
والله
أعلم
[17] - والشركة ذات
الغرض الخاص هي شخصية اعتبارية يؤسسها مصدر الصكوك لغرض أن تكون الوعاء الذي يحتوي
الأصول محل التصكيك، ولما كانت شخصية اعتبارية مسجلة فإن أصولها تكون مستقلة عن
مصدر الصكوك. ومن ثم تتحقق الحماية للأصول التي ستكون مملوكة لحملة الصكوك وتنص
قوانين الشركات في بعض البلدان على مثل هذا النوع من الشركات التي تسجل ولا مالك
لها، وفي بلدان أخرى إنما تسجل على صفة شركة ذات مسئولية محدودة ويكون ملاكها عند
الحد الأدنى المسموح به وهو اثنان كما هو الحال في المملكة العربية السعودية. أما
في الدول الغربية وبعض الدور التي ورثت نظامها القانوني من انجلترا فيمكن تسجيل ما
يسمى بالترست لهذا الغرض وقد أصدرت سلطة مركز دبي المالي العالمي قانوناً للشركات
ذات الغرض الخاص يمكن من تأسيسها في المركز.
[19] - فلو تعلق الأمر
بسيارة لكان تغير الزيوت والعجلات من مسئولية المستأجر، أما إصلاح الماكينة في حال
وجود خلل لا علاقة له بالاستخدام فهو من مسئولية المالك.
[20] - وقد صدر عن
المجمع في قراره بشأن الأسواق المالية ما نصه قرار رقم : 59 (10/6)، بشأن الأسواق
المالية:إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة
في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان
1410هـ ، الموافق 14-20 مارس 1990م ، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات
والنتائج المقدمة في ندوة "الأسواق المالية" المنعقدة في الرباط
20-24ربيع الثاني 1410هـ الموافق 20-24 أكتوبر 1989م بالتعاون بين هذا المجمع
والمعهد الاسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الاسلامي للتنمية ، وباستضافة وزارة
الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية . وفي ضوء ما هو مقرر في الشريعة
الإسلامية من الحث على الكسب الحلال واستثمار المال وتنمية المدخرات على أسس
الاستثمار الاسلامي القائم على المشاركة في الأعباء وتحمل المخاطر ومنها مخاطر
المديونية ، ولما للأسواق المالية من دور في تداول الأموال وتنشيط استثماراتها
ولكون الاهتمام بها والبحث عن أحكامها يلبي حاجة ماسة لتعريف الناس بفقه دينهم في
المستجدات العصرية ويتلاقى مع الجهود الأصلية للفقهاء في بيان أحكام المعاملات
المالية وبخاصة أحكام السوق ونظام الحسبة على الأسواق ، وتشمل الأهمية الأسواق
الثانوية التي تتيح للمستثمرين أن يعاودوا دخول السوق الأولية وتشكل فرصة للحصول
على السيولة وتشجع على توظيف المال ثقة بإمكان الخروج من السوق عند الحاجة ، وبعد
الاطلاع على ما تناولته البحوث المقدمة بشأن نظم وقوانين الأسواق المالية القائمة
وآلياتها وأدواتها .
قرر ما يلي :
أولاً
: إن الاهتمام بالأسواق المالية هو من
تمام إقامة الواجب في حفظ المال وتنمية باعتبار ما يستتبعه هذا من التعاون لسد
الحاجات العامة وأداء ما في المال من حقوق دينية أو دنيوية .
ثانياً
: إن هذه الأسواق المالية – مع الحاجة
إلى أصل فكرتها – هي في حالتها الراهنة ليست النموذج المحقق لأهداف تنمية المال
واستثماره من الوجهة الاسلامية وهذا الوضع يتطلب بذل جهود علمية مشتركة من الفقهاء
والاقتصاديين لمراجعة ما تقوم عليه من أنظمة ، وما تعتمده من آليات وأدوات ،
وتعديل ما ينبغي تعديله في ضوء مقررات الشريعة الإسلامية .
ثالثاً
: إن فكرة الأسواق المالية تقوم على
أنظمة إدارية وإجرائية ، ولذا يستند الالتزام بها على تطبيق قاعدة المصالح المرسلة
فيما يندرج تحت أصل شرعي عام ولا يخالف نصاً أو قاعدة شرعية ، وهي لذلك من قبيل
التنظيم الذي يقوم به ولي الأمر في الحرف والمرافق الأخرى ، وليس لأحد مخالفة
تنظيمات ولي الأمر أو التحايل عليها ما دامت مستوفية الضوابط والأصول الشرعية .
ويوصي بما يلي :
استكمال النظر في الأدوات والصيغ
المستخدمة في الأسواق المالية بكتابة الدراسات والأبحاث الفقهية والاقتصادية
الكافية .
[21] - المدخل إلى
نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي ص 11.
[22] - أي ان مسئولية
كل شريك عن ديون الشركة لا تتعدى حصته في رأسمالها.
[23] - ولكن جرى به
العرف ولم يحده الفقهاء المعاصرون مخالفاً لأحكام الشريعة.
[25] - البحر الرائق
شرح كنز الدقائق ج6 ص2.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم