📁 آخر الأخبار

حرية الصحافة المكتوبة في القانون الجزائري

حرية الصحافة المكتوبة في القانون الجزائري





الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العــدل

          المدرسة العليا للقضاء  
             مجلس قضـاء الأغواط

      مذكرة تخرج
       لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء


              إعداد الطالب القاضـي:
             - سعيد اني نعيم

مـقـدمـة: 
        إن الحرية هي الإعتراف للفرد بالقدرة على التصرف في الدائرة المحددة له، بما لا يضر الآخرين  أو يهدد النظام الجماعي العام.
       و على امتداد التاريخ البشري كان مفهوم الحرية قضية لها قيمة عظمى في حياة الأفراد و الجماعات على السواء، و قد كان الإنسان و لا يزال ينظر إليها على أنها مطلب أساسي يجب الحصول عليه ، فالحرية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنشاط الإنساني ، إذ أن النُظم الاجتماعية و السياسية و الإقتصادية لأي مجتمع من المجتمعات تكون نتيجة حتمية للتفاعل بين العوامل المرتبطة بالبيئة و الحضارة ماضيا و حاضرا .
       وتزداد الحرية قيمة و تربو مكانة حينما تقترن بالصحافة و ترتبط بها، و هذا للمكانة التي تتبوؤها الصحافة كإحدى وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع .
       و لقد ظل موضوع حرية الصحافة المكتوبة من أهم القضايا الإعلامية و أكثرها إلحاحا على الأذهان، للنظر في مسألة تأطير هذه الحرية و إعطائها البعد الإيجابي الذي تستطيع أن تعيش به و أن تقاوم من خلاله الظروف القاسية التي تعيق رسالة الصحفي، لذا فقد جلبت هذه الحرية – حرية الصحافة المكتوبة- انتباه و اهتمام المختصين في مجال الإعلام و كذا رجال القانون. فكان بذلك هذا الموضوع هو ثمرة التقاء دائرتين من دوائر العلوم الإنسانية، و هما دائرة الإعلام و دائرة القانون.
       و اعترافا بالأهمية التي تشكلها حرية الصحافة في العالم، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 في مادته التاسعة عشر، أن لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير، و يشمل هذا الحق حرية إعتـناق الآراء دون أي تدخل، و اسـتـقاء الأفكار و الأنباء و تلقيها و إذاعتها بأية وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية ، و تم التأكيد على هذه الحرية في المادة التاسعة عشر من الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية و السياسية التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 1966 ،حيث نصت أن لكل فرد الحق في حرية التعبير، و أن هذا الحق يشمل حرية البحث في المعلومات من أي نوع و استلامها و نقلها بغض النظر عن الحدود الإقليمية، و ذلك  إما شفاهة أو كتابة أو طباعة .
    
      كما تبرز معظم الدساتير في العالم النص على حرية الصحافة المكتوبة، و كذلك حرية الإعلام على وجه العموم.
        لذلك فقد حرصت الشعوب كلما ظفرت بحقوقها، أن تنص في دساتيرها صراحة على ضمان حرية الصحافة المكتوبة باعتبارها جزءًا من حرية التعبير، الذي هو حق طبيعي لا غنى للفرد عن التمتع به.
        لكن حرية التعبير ومن ثم حرية الصحافة المكتوبة بعد ذلك، تحتاج إلى نظام لرسم الدائرة التي تمارس فيها. فالشرائع على اختلافها ترسم أو تحاول أن ترسم لها الحدود لضمان وفائها بالغرض المبتغى من وراء ممارستها.
       فالإنسان يعيش في بيئة معينة ، و هذه البيئة لا تترك كل فرد يعبر عن دوافعه بالطريقة التي يحبها ، بل لا بد أن يعبر عنها بالطريقة التي تتلاءم مع نُظم هذه البيئة، من عادات و عرف و قوانين أخلاقية ، فالأصل في الأنظمة القانونية أنه لا يمكن أن تكون الحرية و منها حرية الصحافة المكتوبة مطلقةً بلا قيد و إلاّ انقلبت إلى فوضى ، و حملت في طياتها البغي و العدوان على كيان الدولة و حريات الآخرين، و هذا من شأنه أن يفضي إلى إنكار مبدأ التنظيم الاجتماعي و جدواه .
        و باعتبار المشرع  السلطة المنوط بها الاختصاص بتنظيم الحريات من جهة وحماية النظام العام من جهة أخرى ، فإنه كان لزاما عليه أن يعمل جاهدا لإرساء معالم حرية الصحافة المكتوبة و تبيان مجالها، ليضمن من وراء ذلك الوصول إلى نقطة التوازن بين كفالة حرية الصحافة المكتوبة وحماية النظام العام .
        و نظرا لأهمية هذا الموضوع و حيويته البالغة، راودتني فكرة معالجته آخذا على عاتقي فتح باب المغامرة، و ذلك و بصدق لقلـة المؤلفات الجزائرية في هذا المجال، محاولا من خلال هذه الدراسة تقديم بعض المعلومات الأساسية عن حرية الصحافة المكتوبة و تنظيمها من قبل المشرع الجزائري.
        
         و ذلك من خلال الإجابة على   أسئلةٍ بدا لي جدية طرحها و ذلك كما يلي : 
ما هو مجال دائرة حرية الصحافة المكتوبة في القانون الجزائري؟ إذ أن  لكل حرية  من الحريات مجال معلوم تدور فيه .



إلى أي مدى كان المشرع موفقا في إنصاف هذه الحرية عند رسمه لحدود مجالها حال تناوله لها بالتنظيم في قانون الإعلام؟ 
هل أفرط المشرع في التضييق من مجال حرية الصحافة المكتوبة و بالغ في الحد منها،أم أنه تدخل بالقدر اللازم، سعيا منه في ذلك تحقيق التوازن بين ضمان حرية الصحافة المكتوبة كحق طبيعي للأفراد، و ضمان احترام النظام العام في المجتمع كحد طبيعي للحريات؟
بالإضافة إلى ذلك، ما هي القيود التي فرضها القانون على حرية الصحافة المكتوبة تفاديا لتجاوزات هذه الأخيرة حدود دائرة حريتها ، الأمر الذي من شأنه المساس بحريات أخـرى و تهديد النظام الجماعي ؟
     و لقد انتهجتُ في تناولي لهذه الدراسة باحثا في هذه الإشكاليات الخطة التالية و الموزعة على فصلين : 
  -  الفصل الأول : ماهية حرية الصحافة المكتوبة، الذي من خلاله أوضح بجلاء المقصود بحرية الصحافة المكتوبة ، معالمها، و كيفية تنظيمها في القانون الجزائري.
  -  الفصل الثاني : القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة، و فيه أبين الضوابط التي سنها القانون لضمان احترام الصحافة المكتوبة حدود دائرة حريتها .



       الفصـل الأول:   ماهية حرية الصحافة المكتوبة: 

       لقد عرف الإنسان الصحافة منذ عهد سحيق، و ذلك لارتباطها بغريزة حب الاستطلاع.
والمقصود بوظيفة الصحافة المكتوبة كنوع من أنواع الصحافة: جمع الأخبار، نشرها و تفسيرها بالتعليق عليها .
       فجمع الأخبار يقصد به إشباع غريزة حب الاستطلاع عند الجمهور في شتى مجالات الحياة دون اقـتصار ذلك على مجال أو مجالات معينة ، إضافة إلى أنها ملزمة بتوضيح ما يحدث في المجتمع من أحداث هامة، طالما أن جمعها لا يضر بالمصلحة العامة .
       أما نشر الأخبار فيقصد به تمكين الصحافة المكتوبة من حقها في نشر ما تكتبه على صفحات صحفها، وأما تفـسير الأخبار و التعليق عليها، فيقصد به احتمالية اتخاذ الصحفي أحد الموقفين:  
      * إما أن يفسر الأخبار من خلال شرحها و تحليلها. 
      * إما أن يعلق و ينتقد من خلال إبداء رأيه حولها.
       و إن أي حديث عن الصحافة المكتوبة يصبح لغوا إذا لم يتدخل القانون بنصوص تشريعية لحمايتها.  
        و الشارع إذْ وضع تنظيما لحرية الصحافة المكتوبة، إنما سجل إلى حد ما التقاليد التي تعارف الناس عليها من حيث وجوب التحفظ في إبداء الرأي، بما لا يضر الفرد أو يتعارض مع مصلحة الجماعة.
        وإن تعبير حرية الصحافة برز عندما انتهى دور النظرية السلطوية في الإعلام تاريخيا و نمت النظرية الليبرالية التي رفعت شعارا: « إعطني حرية الكلام التي تتماثل مع الإمكانيات التي أصبحت أمتلكها » .

       
   
     و ينبغي ألاّ يدخل تعبير حرية الصحافة المكتوبة ضمن البضائع المستوردة، إذ لكل مجتمع مفهومه لهذه الحرية بما يتماشى مع ظروفه و أحوال تطوره، كما ينبغي أن تعني حرية الصحافة المكتوبة حرية المعرفة و ذلك من خلال جملة المبادئ و القواعد التي تقوم عليها.
       الأمر الذي سنتناوله بالشرح من خلال :
المبحث الأول:     مفهوم حرية الصحافة المكتوبة. 
المبحث الثاني:     مبادئ حرية الصحافة المكتوبة.



المبحث الأول: مفهوم حرية الصحافة المكتوبة :

        يعتبر موضوع حرية الصحافة المكتوبة من أهم الموضوعات التي تطرح على بساط البحث في أي مجتمع و في أي عصر ، ذلك لأن الحرية تزداد قيمة و تربو مكانة حينما تقترن بالصحافة المكتوبة، و هذا للمكانة التي تتبوؤها هذه الأخيرة كإحدى وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع المعاصر، و أبرز أداة من أدوات المعرفة استحدثها الإنسان ليجمع من خلالها في لحظة واحدة بين ماضيه و حاضره و مستقبله. 
       و هذا لا ريب، يفسر اهتمام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان – عالمية كانت أم إقليمية - و الدساتير الوطنية بحرية الصحافة المكتوبة، ذلك أنه إذا كان كل مجتمع في حاجة إلى  الصحافة المكتوبة ،  فـإن المجتمع الديمقراطي فحسب هو الذي يحتاج إلى حرية هذه الصحافة و من هنا تعد هذه الحرية المعيار الدقيق لقياس مدى ديمقراطية نظام الحكم في مختلف الدول.
       فحرية الصحافة المكتوبة تعد من أبرز الوسائل التي تحقق بها مشاركة الشعب في صنع القرار إذْ من خلالها يعلم الحاكم ما يريده الشعب و بواسطتها يقف الشعب على تصرفات حاكمه و عن طريقها يتمكن من الرقابة على أعمال و عمال الحكومة، لذلك فدون ضمان حرية الصحافة المكتوبة لا يمكن أن يتمتع الشعب بذلك الحق بصورة فعالة .
       لكن، إن كل هذه الأهمية التي تحتلها حرية الصحافة المكتوبة لا تعني أبدًا أنها حرية مطلقة، فالأصل المستقر عليه في الأنظمة القانونية أنه لا يمكن أن تكون الحرية مطلقة بلا قـيد و إلا انقلبت إلى فوضى من شأنها أن تـفضي إلى إنكار مبدأ التنظيم الإجتماعي .
     

         و حرية الصحافة المكتوبة باعتبارها وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي، ليست إستثناءً من هذا الأصل   ، و هذا ما أكدته المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 ،  التي بعد أن نصت على ضرورة أن يُكفل لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير
عادت و قيدت ممارسة هذا الحق بضرورة احترام حقوق و حريات الغير، و حماية النظام العام والمصلحة العامة و الأخلاق العامة.      
       و تأتي الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية و السياسية التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ، لتؤكد في مادتها التاسعة عشر، على أن لكل فرد الحق في حرية التعبير،  و بـينت أن هذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات و الأفكار من أي نوع و تلقيها و نقلها دون اعتبار للحدود ، لكن بعد النص على كفالة هذا الحق على ذلك النحو  أوردت ذات المادة في فقرتها الثانية قيودا طبيعية تحُدّ من ممارسته هي : احترام حقوق الأفراد و سمعتهم و حماية الأمن القومي و النظام العام و المصلحة العامة و الأخلاق ، و اعتبرت خضوع هذه الحرية لتلك القيود أمرا ضروريا لكل مجتمع ديمقراطي.
       بل إن الدستور الجزائري الحالي   حين بسط حمايته على هذه الحرية، و التي عالجها ضمن حرية الرأي و التعبير افترضها حرية مسؤولة واعتبرها حرية متوازنة، فالمادة 41 منه نصت على أن حريات التعبير مضمونة.
       وقد أحال الدستور للقانون من أجل تـنظيم هذه الحرية قاصدا بذلك حمايتها وعدم إساءة استعمالها، فلم يغب عن المشرع الدستوري أن الصحافة المكتوبة بانتشارها الواسع  و تقدم فن الطـباعة و تـنوع وسائل  التوزيع لم تعد قاصرة على مجرد نقـل الأخبار و الأحداث داخليا و خارجيا، و إنما أصبحت من أقوى الوسائل تأثيرا في الرأي العام، و هذا التأثير الذي من شانه المساس بالحريات تحت ستار حرية الصحافة المكتوبة، الأمر الذي اقتضى إيكال مهمة تنظيم هذه الحرية إلى المشرع. 
لكن الحاصل أن مهمة تنظيم حرية الصحافة المكتوبة يصطدم بصعوبة إيجاد نقطة التوازن بي



 أمرين: بين حماية الصحافة من بغي يقع عليها، و حماية المجتمع و أفراده من بغي يقع منها، فالسؤال الذي يطرح على المشرع إذن و هو يتدخل لتنظيم هذه الحرية ، أن يوازن بين المصالح الجديرة بالحماية، و لا يضع من القيود على هذه الحرية إلا ما قد يكون لازما لحماية حق آخر أكثر جدارة بالحماية2 و بقدر وصوله إلى نقطة التوازن ،بقدر كفالته لهذه الحرية.
 المطلب الاول:
 تعريف حرية الصحافة المكتوبة:
      لقد قيل الكثير عن حرية الصحافة المكتوبة، و تباينت حولها مناحي النظر، حيث عرّفت بأنها تعني أن يُضمن  لكل فرد الحق في ملكية الصحف و إصدارها، و أن يُكفل له حق التعبير عن الرأي من خلال هذه الصحف مع السماح بتوزيعها و نشرها بحرية تامة   .
      و يقصد بحرية الصحافة المكتوبة أيضا، أنها حرية الفرد في نشر ما يشاء بواسطة الجريدة أو الكتاب، و تمكين الفرد من إبداء أرائه علنا و التعبير عن أفكاره عن طريق مقالات الجرائد أو الكتب بقصد إطلاع الرأي العام على سير الحوادث .
      و تجدر الإشارة في هذا المقام أنه يقصد بالصحافة المكتوبة في مفهوم قانون الإعلام- أو كما عبر عنها هذا القانون بالنشريات الدورية- هي كل الصحف والمجلات بكل أنواعها والتي تصدر في فترات منتظمة، وقد عمد المشرع في قانون الإعلام إلى تصنيف هذه النشريات إلى صنفين:
   * الصحف الإخبارية العامة.
   * النشريات الدورية المتخصصة.
      فأما الصحف الإخبارية العامة فهي حسب ما تقضي به المادة16 من قانون الإعلام  النشريات الدورية التي تشكل مصدرا للإعلام حول الأحداث الوطنية أو الدولية و الموجهة للجمهور.
      لكن الحاصل أن مهمة تنظيم حرية الصحافة المكتوبة يصطدم بصعوبة إيجاد نقطة التوازن 

   وأما النشريات الدورية المتخصصة فهي النشريات التي تتعلق بموضوعات خاصة في ميادين معينة.

المطلب الثاني: أساس حرية الصحافة المكتوبة: 

      إن حرية الصحافة المكتوبة كغيرها من الحريات، تجد أساسها في التشريع الأساسي المتمثل في الدستور، ثم بعده في القوانين التي يحيل عليها الدستور مهمة تنظيم هذه الحريات.
الفرع الأول: 
الأساس الدستوري: 
       يرى فقهاء القانون الدستوري أن الدستور هو أساس الدولة القانونية المعاصرة ، و أنه الوعاء الحقيقي للحريات و الحقوق في المجتمع.
       و هذا يعني أنه ليس للحرية تصور عام مجرد كأي قاعدة قانونية، لذا فمفهومها يتغير من دولة إلى أخرى .
       لذلك فالفقه الدستوري يميل إلى القول بأن الحريات لا تكون مطلقة وإنما هي ذات طبيعة نسبية  ، لأنها تعمل في وسط اجتماعي يتغير من دولة لأخرى، بل يتغير داخل الدولة الواحدة من وقت إلى آخر بحسب الظروف الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية .
       و الحاصل أن الفقه الدستوري يعقـد تـفرقة بين حرية الرأي و حرية الصحافة، ففي حين يعتبر البعض حرية الرأي و التعبير من قبيل الحريات الفكرية التي لا يجوز تقييدها،  يرى البعض الآخر أن حرية الصحافة من قبيل الحريات التي يجوز تقييدها.
       و يصل الفقه الدستوري إلى حجر الزاوية في مشكلة حرية الصحافة المكتوبة، حينما يقرر أن جوهر المشكلة هو العلاقة بين حرية الفرد و حرية الدولة، و أن الدولة إذا كانت قد تدخلت في الحياة الإقتصادية للشعب عملا بمذهب التدخل، أ فلا يجوز لها التدخل في الحياة الفكرية له؟
       و من الواضح أن الفقه الدستوري في جملته لا ينتقد صراحة موضوع الرقابة على الصحافة المكتوبة، لكون أنه ينظر إلى هذا الموضوع على أنه موضوع تنظيمي لا رقابي.

       و على ضوء الأساس المتقدم بيانه، فان درجة الحد من الحريات و منها حرية الصحافة المكتوبة تختلف من نظام لآخر، ففيما تكون ولادتها سهلة بسيطة في نظام تكون عسيرة ومستحيلة في نظم أخرى ، فهي تتقلب إذن بين صحافة السلطة تارة و الاستقلال تارة أخرى .  
       و تجد هذه الحريات مصدرها و أساسها في الدساتير التي تعتبر أسمى القوانين، و منها يقاس مدى تمتع أفرادها بجانب من الحريات.      
      و لقد تضمنت جميع النصوص الدستورية الجزائرية و أقرت مجموعة كبيرة من الحقوق و الحريات التي يتمتع بها الفرد أو الجماعة،  لكنها اختلفت في درجة  إقرارها  لهذه  الحريات و طبيعتها، و مرد هذا الاختلاف إلى فلسفة و طبيعة النظام السياسي الذي كان قائما حينها .
      فقد تضمن دستور 1963 في أحكامه النص على حرية الصحافة ومنها الصحافة المكتوبة و حرية الرأي و التعبير و لم يمزج بينهما، و هو  بذلك  يكون  أول  دستور  يقر  صراحة  بحرية الصحافة المكتوبة، مستقلة عن حريات أخرى، حيث نصت المادة 19منه:«تضمن الجمهورية الجزائرية حرية الصحافـة ، ووسائل الإعلام الأخرى ، و حرية تكوين الجمعـيات و حرية الرأي و التعبير» .
      لكن لم يكتب لحرية الصحافة المكتوبة في الجزائر أن تبقى مدسترة، حيث تراجع المؤسس الدستوري اللاحق عن النص عليها صراحة ، ونجم عن ذلك أن عولجت ونظمت ضمن حريات أخرى مثل حرية التعبير و الرأي.
      فقد جاءت دساتير 1976 – 1989 – 1996، خالية في أحكامها من التـنصيص على حرية الصحافة المكتوبة بصورة صريحة ، و اكتفت هذه الدساتير بمعالجة هذه الحرية ضمن حرية الرأي و التعبير، ذلك أن هناك من الدساتير من يعتبر حرية الصحافة المكتوبة حقا أساسيا من حقوق الإنسان، لم تعد هناك حاجة إلى النص الصريح عليها، كما حدث في دستور 1941 الفرنسي ، بعد أن ظلت الدساتير العديدة منذ الثورة الفرنسية تذكرها  .
     و الجدير أن دستورنا قد ساير أحدث الدساتير حينما عالج حرية الصحافة المكتوبة ضمن حريات التعبير و الرأي ، و في ذلك إقرار بأن حرية الصحافة المكتوبة أصبحت حقا أساسيا من حقوق الإنسان الجزائري لم تعد هناك حاجة إلى النص الصريح عليها .

      و لعل رجال  الفقـه الدستوري  يجدون  في  النصوص  الدستورية خير وقاية من التحكم و الإستبداد و قمع حرية الصحافة المكتوبة، فيستدل دائما بنصوص المواد : 36، 38 ، 41 من دستور 1996 ، حيث تقرر المادة 36 أنه :«لا مساس بحرمة حرية الرأي»، و المادة 41 التي تؤكد أن حريات التعبير مضمونة ، كما أن المادة 38 وضحت أنه لا يجوز حجز أي مطبوع إلا بمقتضى أمر قضائي .
       ومن هذا، فإن الدستور قد كفل و ضمن و حمى حرية الصحافة المكتوبة باعتبارها من حريات الرأي و التعبير.
       و نظرا للأهمية التي يوليها الدستور للإعلام ومنه الصحافة المكتوبة، فإنه اعتبر أن مادة الإعلام من المواضيع التي يشرع فيها بواسطة قانون عضوي، وهو ما تقضي به أحكام المادة 123 من الدستور حيث تنص:« إضافة إلى المجالات المخصصة للقوانين العضوية بموجب الدستور ، يشرع البرلمان بقوانين عضوية في المجالات التالية: ...- القانون المتعلق بالإعلام».    
      إلا أنه من الممكن جدا أن يكون المرسوم المتضمن إعلان حالة الطوارئ - مرسوم 92/320 -عقبة في سبيل حرية الصحافة المكتوبة في بعض الأحيان، إذ تَـقرّر أنه يمكن عن طريق قرار وزاري أن تتخذ تدابير لوقف نشاط كل شركة أو جهاز أو هيأة، أو غلقها مهما كانت طبيعتها أو اختصاصها عندما تعرّض هذه النشاطات النظام العام أو الأمن العمومي أو السير العادي للمؤسسات و المصالح العليا للبلاد للخطر .
      لذلك كان على الدستور الجزائري أن يأخذ بموقف الدستور المصري الذي  وضع الجزاء الدستوري على كل من يعتدي على حرية الرأي و التعبير، و المتمثل في ما نصت عليه المادة 57 من الدستور المصري التي تقرر :«كل إعتداء على الحرية السياسية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين و غيرها من الحقوق و الحريات العامة التي يكفلها الدستور و القانون جريمة  لا تسقط  الدعوى الجنائية و لا المدينة  الناشئة عنها  بالتقادم، وتكفل الدولة  تعويضا عادلا لمن وقع عليه الإعتداء» .


الفرع الثاني : الأساس القانوني:

      تعهد الدساتير عملية تنظيم الحريات إلى القوانين، فالتنظيم القانوني لحرية الصحافة المكتوبة يمثل أحد أهم المقاييس التي يقاس بها درجة تقدم الدولة و تفتح السلطة.
       فكلما كانت الصحافة المكتوبة مكبلة بقيود و حدود تحد من حريتها، كلما تقلص مجال تمتع أفرادها بحرية التعبير و الرأي.     
      و لقد أكد العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية المؤرخ في 16 ديسمبر 1966  الذي صادقت عليه الجزائر عام 1989، فيما يخص حق الأفراد في التعبير عن آرائهم بكل شفافية، وهو ما نصت عليه المادة 19منه إذ جاء فيها:«..حق كل شخص في حرية التعبير » . 
      ولقد عرفت الصحافة المكتوبة الجزائرية نوعين من القوانين، الأول هو قانون 82/01 المؤرخ في 06/02/1982 الذي صدر في ظل الحزب الواحد، جاء مضيقا لمجال حرية الصحافة متأثرا بالتوجه السياسي و الاختيارات الإيديولوجية التي كانت سائدة آنذاك.
      حيث اعتبر هذا القانون أن ممارسة الإعلام و الصحافة المكتوبة بوجه عام يكون ضمن توجيهات القيادة السياسية للبلاد، فقد نصت المادة الثالثة منه « يمارس حق الإعلام بكل حرية ضمن... توجهات القيادة السياسية....»، و نصت المادة الخامسة على أن :« توجيه النشريات الإخبارية هو من إختصاص القيادة السياسية للبلاد و حدها».
      و قد  تأكد هذا التضييق من خلال المساس بأحد أهم مبادئ حرية الصحافة المكتوبة و هو حرية إصدار الصحف الذي اعتبر من إختصاص الدولة لا غير.
      أما القانون الثاني و هو قانون 90/07 المؤرخ في 03 أفريل 1990 و الصادر في ظل التعددية و الانفتاح السياسي الذي  أقره  دستور 1989. 
      فبصدور هذا القانون تحررت الصحافة المكتوبة من سيطرة الرأي الواحد و الحزب الواحد   ووَضُح أن غرض المشرع هو إنارة الرأي العام من خلال حق المواطن في الإطلاع بكيفية كاملة وموضوعية على الوقائع و الآراء التي تـهم المجتـمع على الصعـيدين الوطني والدولي، و حق مشاركته في الإعلام بممارسة الحريات الأساسية في التفكير و الرأي و التعبير  و هو الأمر الذي ورد النص عليه في المادة الثانية من هذا القانون.


           و لعل هذه المادة قد عبرت بحق عن المفهوم الحقيقي للصحافة المكتوبة في مجتمع نامي كالمجتمع الجزائري، حينما قررت أن حق الإعلام يتمثل في حق المواطن في الإطلاع و حقه في ممارسة الحريات الأساسية في التفكير و الرأي و التعبير.
       كما أكدت المادة الثالثة هذا المعنى حينما قررت أن حق الإعلام يمارس بحرية، مع احترام كرامة الشخصية الإنسانية و مقتضيات السياسة الخارجية و الدفاع الوطني، و هو تأكيد لمعنى عزيز بالنسبة للإعلاميين ألا وهو حرية الصحافة المكتوبة.       
       ولعل من المفيد أن نبرز بعض أحكام القانون الجديد التي من خلالها يتضح بجلاء مدى تكريسه الحقيقي لحرية الصحافة المكتوبة، تماشيا مع نهج الدستور الذي عزّز من حريات الرأي و التعبير ، ففي ما يخص الحق في إصدار النشريات، فإن المادة الرابعة عشر من هذا القانون أعـلنت بصراحة على أنه يمارس بكل حرية ، و لم تشترط سوى بعض الإجراءات الشكلـية وذلك من أجل رقابة صحته و تسجيله .
       كما أكد القانون في كثير من أحكامه على حقوق الصحفيين وواجباتهم حتى لا يقعوا تحت تأثير أي ضغط أو تهديد، و يدل ذلك الوضع القانوني على رغبة المشرع في حماية الصحافة من عبث المستهزئين . بالإضافة إلى حماية الصحافة المكتوبة الوطنية  أمام الصحافة  الأجنبية و هو ما جاء بنص المادة 57 منه « يخضع استراد النشرية الدورية الأجنبية و توزيعها عبر التراب الوطني لرخصة مسبقة تسلمها الإدارة المختصة بعد استشارة المجلس الأعلى للإعلام ».
       زيادة على كل هذا، فقد تم بموجب المادة 59 إحداث المجلس الأعلى للإعلام الذي ألزمه المشرع برفع تقارير سنوية لرئيس الجمهورية، متضمنة ذكر أوضاع الصحافة و أي مساس بحريتها و مدى تنفيذ القانون، و هو الأمر الذي نصت علية المادة 63. 
       و تشكل هذه المادة نوعا من الضمان للعاملين بالصحافة و التأكيد على سلامة حرية الرأي و التعبير و عدم تعرضها لأي قيد غير مشروع.
       و نظرا لكون تجربة الجزائر في ميدان حرية الصحافة المكتوبة تجربة فتية ليس لها ذاك الباع  من الزمن كما هو الحال عليه في النظام القانوني الفرنسي و حتى المصري، فإنه لم يكن بالإمكان أن نجد بعض الاجتهادات القضائية في هذا المجال، حتى تكون الأساس القضائي لحرية الصحافة المكتوبة في الجزائر .


      ففي القضاء المصري مثلا، قضت محكمة القضاء الإداري المصرية، برئاسة الدكتور السنهوري بقولها أن قرار الحكومة بتحقيق شرط حسن السمعة أو عدم تحققه، لا يخضع لمطلق رأيها دون رقيب أو معقب و إلا أدى ذلك إلى إهدار الحرية التي كفلها القانون، ومن ثم فهو يخضع لرقابة المحكمة و سلطانها، و أن الحكم على الصحفي في جريمة رأي تعد زلات أقلام لا
تمس حسن السمعة، على نقيض الجرائم التي تصيب الخُلق أو النزاهة...   
      و من خلال التعريفات الواردة على حرية الصحافة المكتوبة يبدو جليا أن لهذه الحرية ثلاث أركان و قواعد لابد من توافرها لقيامها و اكتمال وجودها وهي : 
- حق الأفراد في ملكية  الصحف و إصدارها. 
- حق التعبير عن الرأي في هذه الصحف .
– و أخيرا الحق في تداول هذه الصحف ، و هو الأمر الذي سأحاول تبيانه في المبحث الثاني. 

المبحث الثاني: مبادئ حرية الصحافة المكتوبة: 

     ترتكز حرية الصحافة المكتوبة على ثلاث مبادئ أساسية لابد من الإعتراف بها، حتى يمكن القول بوجود صحافة مكتوبة حرة. و قد جاء قانون الإعلام 90/07 الصادر بتاريخ 03 أفريل 1990 ليحدد قواعد ممارسة حق الإعلام بصفة عامة، و الصحافة المكتوبة بصفة خاصة و ذلك على النحوالتالي : 
المطلب الأول: 
حق الأفراد في ملكية الصحف و إصدارها: 
      لا يمكن أن تقوم لحرية الصحافة المكتوبة قائمة، إلا بكفالة حق كل فرد في ملكية الصحف 
و إصدارها، و ذلك ما يظهر من عدة زوايا ، فإذا نظرنا إلى حرية الصحافة المكتوبة على أنها حق من حقوق المواطن الأساسية فإنه لا يمكن له التمتع بذلك الحق إذا ما حرم حرية ملكية الوسيلة التي تمكنه من ذلك، و لا يستطيع أن يمارسه فعلا إذا كان غير مسموح له بأن يتملك الأداة التي تمكنه  من هذه الممارسة، و من هنا تعتبر كفالة الملكية الخاصة للصحف أهم ضمان لحرية الصحافة المكتوبة .
      و إذا نظرنا إلى حرية الصحافة المكتوبة على أنها حق من أخص حقوق القارئ ، أي حق أولئك الذين يقرؤون الصحف، فإن هذه الحرية لا يمكن أن تـقوم لها قائمة إلا بكفالة التعددية في الصحف.  
      ذلك أن تمتع القارئ بصورة فعلية بذلك الحق رهين بأن يتوافر تحت يده العديد من الصحف المتفاوتة في الاتجاه، و المختلفة في الطبيعة، لكي يتمكن من اختيار الصحيفة التي يطمئن إليها .
      ومن حيث النظر إلى حرية الصحافة المكتوبة على أنها حق من حقوق الصحفي، فإن كفالة حق الأفراد في ملكية الصحف، يعد شرطا جوهريا لضمان قيام هذه الحرية ، لأنه مع توافر هذا الحق يتجرد الصحفي من الخوف من السلطة الإقتصادية التي يعمل تحت قيادتها .
     الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                   

       و قد جاء المشرع في قانون 90/07 المؤرخ في 03/04/1990 ليكفل هذا الحق، فلأول مرة في تاريخ النظام القانوني للصحافة المكتوبة في الجزائر أصبح إصدار الصحف حرا من غير قيود ترقى إلى المساس بهذه الحرية ، و يكون المشرع الجزائري بذلك قد عبر عن تراجع الدولة عن احتكار ميدان إصدار الصحف، كما كان الأمر عليه في قانون الإعلام 82/01 المؤرخ في 06/02/1982 ،و جعله ميدانا حرا يكون فيه لكل شخص طبيعي أو معنوي إمكانية
إصدار الصحف، شريطة أن تتوفر فيه جملة من الشروط التي يستوجبها القانون ، و هذا عكس ما كان موجودا سابقا في قانون 82/01 السالف الذكر، أين كان ميدان إصدار الصحف حكرا على الحزب و الدولة، و هو ما كانت تنص عليه المادة 12 من هذا القانون « إصدار الصحف الإخبارية العامة من اختصاص الحزب و الدولة لا غير».
       و يكون بذلك المشرع الجزائري في قانون الإعلام 90/07 قد جارى نظيره الفرنسي     الذي بعد مضي مائة عام تقريبا على صدور إعلان حقوق الإنسان و المواطن، أصدر قانون حرية الصحافة في 29جويلية 1881، ليضع المادة 11 من هذا الإعلان موضع التطبيق العملي.
       فقد قرر في مادته الأولى بأن الطباعة و الصحافة حرتان، و جاءت مادته الخامسة لتنص على أن لكل فرد الحق في إصدار صحيفة دون ترخيص سابق أو إيداع تامين نقدي.
       و لكم ظهر من هذا القانون حرص المشرع الفرنسي على الوفاء بمبدأ الملكية الفردية للصحف بالغاً، فلم يتوقف عند حد الاعتراف لكل فرد  بحق إصدار الصحف فحسب، و إنما عمد إلى تخليصه من كافة القيود السياسية و الإدارية التي تجعل للإدارة سلطانا و نفوذا قويا عليه، و قد تمثل ذلك في إلغاء الترخيص و الشروط المالية المرهقة التي كانت تتطلب من ذي قبل لتأسيس الصحف، لأنها من الإجراءات التي تعوق حرية الصحافة و تحول دون ممارستها .
       و من ناحية أخرى أنه جعل أمر إصدار الصحف موكلا للقضاء، فقد صار كل ما يتطلبه لإصدار الصحف هو أن يتقدم الراغب في ذلك بإخطار إلى النيابة العامة التي يقع بدائرتها مقر الصحيفة. 
  و لعل أهم ما يبرز تراجع الدولة عن هذا الإحتكار هو النمط الذي إختاره المشرع الجزائري حيث  تـم  إتباع  النظام الإداري الحر و الذي يتميز بإجراءات مضبوطة لا ترمي إلى المساس



بحرية الصحافة  ، بل فقط توافر بعض الشروط والإلتزامات القانونية المسبقة، و يتمثل ذلك في:       
الفرع الأول : 
 التصريح المسبق :  
      إن عملية إصدار الصحف تحكمها نظريتان، الأولى هي نظرية الترخيص و الثانية هي نظرية التصريح أو ما يسمى أحيانا الإخطار  .
      ففي الحالة الأولى تحتاج الصحيفة لكي تصدر أن تملك رخصة من الجهة الإدارية كما يحدث في أي محل تجاري. 
      و في الحالة الثانية لا تحتاج الصحيفة لمثل هذا الإجراء، و تكتفي بإخطار الجهة المختصة و هو ما يعزز فكرة حرية الصحافة المكتوبة، و ذلك من أجل الوصول إلى الإنفتاح الإعلامي الذي لا بد أن يقوم على تصور جديد لتنظيم الصحافة المكتوبة على مبدأ حرية إصدار الصحف بغير توقف عل الحصول على ترخيص مسبق.
      و المشرع الجزائري من خلال قانون الإعلام قد أخذ بالنظرية الثانية ، حيث اكتفى في مجال إصدار الصحف بمجرد تصريح مسبق إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا في أجل أقصاه ثلاثين يوما قبل السعي في إصدار العدد الأول، فقد نصت المادة 14 من قانون الإعلام 90/07 :« إصدار نشرية دورية حر، غير أنه يشترط لتسجيله و رقابة صحته تقديم تصريح مسبق في ظرف لا يقل عن 30 يوم من صدور العدد الأول.  
      يسجل التصريح لدى وكيل الجمهورية المختص إقليميا بمكان صدور النشرية، و يقدم التصريح في ورق مختوم يوقعه مدير النشرية و يسلم له وصل بذلك في الحين ....».
      إن هذا التصريح لا يتعارض إطلاقا مع حرية الصحافة المكتوبة ،بل الغاية منه أن يتحقق وكيل الجمهورية بمناسبة تلقيه هذا التصريح وتسليم الوصل المقابل له من مدى إلتزام النشرية بالضوابط القانونية.     
      لكن ألا يمكن أن يشتبه الأمر، فيتحول التصريح المسبق إلى ترخيص ؟ 
      لقد أزال المشرع كل محاولة اشتباه بين الترخيص والتصريح وذلك من خلال تحديد الجهة الملزمة بتسليم الوصل وزمان تقديمه.

 * فأما عن الجهة الملزمة بتسليم التصريح :  فقد أوكل المشرع الجزائري صلاحية تسليم التصريح المسبق إلى السلطة القضائية، ممثلة في شخص وكيل الجمهورية مستعبدا بذلك السلطة الإدارية من هذه الصلاحية، ذلك أن القضاء يُفترض فيه دائما حماية الحقوق والحريات العامة والأكثر حماية لها وضمانا من المساس بها من السلطة الإدارية.
      * زمان تقديم الوصل :   لم يترك المشرع الجزائري لوكيل الجمهورية المختص بتسليم التصريح السلطة التقديرية في زمان تقديم الوصل أو الإعتراض على تسليمه أو رفضه، وهو نفس الاتجاه الذي برز من خلال مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام  في أفريل 1998 إذ نصت المادة 08 منه« إصدار نشرية دورية حر، ويخضع هذا الإصدار للتصريح المسبق قبل ثلاثين " 30 يوما " من صدور العدد الأول بغرض تسجيله ورقابة صحته ، ويسجل التصريح لدى وكيل الجمهورية المختص إقليميا في موقع صدور النشرية»، لعل الفرق الوحيد بين المادة 14 من القانون الحالي والمادة 08 من المشروع، هو وجوب إرسال النيابة العامة نسخة من التصريح المقدم لها إلى المجلس الأعلى للاتصال وذلك بغية الاطلاع عليه .
       و يبدو واضحا أن المشرع في منحه هذه الصلاحية لوكيل الجمهورية باعتباره جزءً لا يتجزأ من السلطة القضائية ، إنما أراد حماية حرية الصحافة المكتوبة لكون القضاء هو حامي الحريات ، على  عكس من ذلك لو منح هذه الصلاحية للإدارة.
       وبذلك يكون المشرع الجزائري قد فصل كلية حول مبدأ تراجع الدولة عن احتكار ميدان إصدار الصحف، مانحا لكل شخص طبيعي أو معنوي إمكانية ذلك، وهو ما يمثل تطور نظرة المشرع الجزائري إلى حرية الصحافة المكتوبة.    
       أما في باقي الدول العربية فإن الوضع القانوني للصحافة المكتوبة يختلف عما هو الحال عليه في النظام الجزائري ، هذا الأخير الذي يعتبر أن التصريح المسبق مجرد إجراء شكلي لتنظيم حق إصدار الصحف، فالحاصل في مصر مثلا أن إصدار الصحف يتوقف على قيد إجرائي وهو ضرورة الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة لإصدار الصحيفة .
      ذلك أنه وفقا للمادة 14 من قانون سلطة الصحافة المصري، يجب التقدم بإخطار إلى المجلس الأعلى للصحافة موقعا عليه من الممثل القانوني للشخص الإعتباري ، على نحو ما نصت عليه المادة 15 من هذا القانون، إذ لا يترتب على تـقديم الإخطار إصدار الصحيفة مباشرة، وإنما يجب الإنتظار لمدة أربعين يوما من تاريخ التقدم به إلى المجلس الأعلى للصحافة، 

ويكون للمجلس خلال هذه المدة أن يرخص بإصدار الصحيفة أو يرفض ذلك، و في حالة الرفض يكون لصاحب الشأن الطعن في قرار الرفض خلال ثلاثين يوما من الإخطار به أمام محكمة القيم.
      ويبدو من هذا واضحا إلى أي مدى يعد الإخطار مظهرا من مظاهر التعسير على الأفراد في ممارستهم لحرية إصدار الصحف فالحاصل أنه ( الإخطار) يعد ترخيصا في حقيقته، أضفى عليه المشرع المصري صفة الإخطار لإخفاء حقيقته .
      وتدعيما لنقطة الارتكاز التي يقوم عليها البناء التنظيمي لحرية إصدار الصحف، عمد المشرع الجزائري إلى التوفيق بين حق الأفراد  في ملكية  الصحف وإصدارها وحق المجتمع في صحافة حرة ،  وذلك من خلال فرضه بعض الشروط والإلتزامات على المؤسسات الصحفية، منها ما يرتبط أساسا بضمان الشفافية والبعض الآخر يتعلق بالبناء القانوني للصحيفة. 
الفرع الثاني : 
الشروط والإلتزامات المفروضة على المؤسسات الصحفية : 
      لم يشتمل قانون الإعلام على أي تعريف للمؤسسات الصحفية ولا حتى عن تحديد ماهيتها لكن المشرع استعمل في كثير من الأحيان وفي مواد كثيرة عبارة " جهاز إعلامي " .
      وفي نفس الإتجاه كان مشروع القانون العضوي الذي أغفل هو أيضا تعريف المؤسسات الصحفية ، فقد اكتفى المشرع فقط بتحديد التزامات المؤسسات الصحفية وشرط الخاضعين لها .
      وهذا على عكس من المشرع الفرنسي الذي أورد تعريفا للمؤسسات الصحفية من خلال المادة الثانية من القانون المؤرخ في 01/08/1986، والذي عرفها معتبرا أنها عبارة عن مؤسسات ناشرة تعني كل شخص طبيعي أو معنوي أو تجمع قانوني ينشر بصفته مالكا أو مستأجرا أو مسير النشرية صحفية. 
      وتتمثل تلك الشروط التي أوجبها قانون الإعلام لتقديم ضمان أكبر لحرية الصحافة في :
أولا الالتزام بالشفافية:   إن المقصود بهذا الالتزام هو أن للقارئ حقا لا يدانيه شك في العلم بأولئك الذين يملكون أو يوجهون الصحيفة أو المؤسسة التي تصدرعنها، والوقوف على مواردها
الإقتصادية أو المالية، على نحو تكون معه مؤسسة الصحافة بيتا من زجاج يستطيع من هو بخارجها أن يقف بدقة على ما يدور بداخلها  .       
     الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                   

      و على ذلك فإن الشفافية  كنظام تخضع له الصحف يعد أمرا يتفق مع طبيعتها وواجباتها العامة، بل إنها سبيل لاطمئنان الشعب على استقلالها والثقة في المعلومات والآراء التي تقدمها له، فهي - الشفافية – لا تتعارض مع حرية الصحافة المكتوبة ولا تقيد من ممارستها، وإنما   تدعم الممارسة الفعالة لهذه الحرية، ذلك أن المشرع وهو يفرض ضرورة علم الجمهور بالموجهين الحقيقيين لمؤسسات الصحافة، فإنه يكون بذلك قد مكن القرّاء من التمتع بحريتهم في الاختيار بصورة واضحة وكاملة، وأعطى للرأي العام الفرصة الكافية لأن يتخذ موقفا محددا من الأخبار والآراء التي تنشرها هذه الصحف . 
       هذا و تتـنوع الإلتزامات المفروضة على أصحاب الصحف، نزولا على مقتضيات الشفافية تبعا لطبيعة المعلومات التي يرغب المشرع إحاطة القارئ علما بها، و الغاية التي تقوم عليها .
       فباستقراء نصوص قانون الإعلام 90/07 يبدو جليا أن هناك نوعين من الشفافية إحداهما تقوم على غاية العلم بالقائمين على توجيه و إدارة الصحيفة و نقصد بها الشفافية الإدارية، و أما الأخرى فإن هدفها الوقوف على موارد الصحيفة و نعني الشفافية الإقتصادية .
1/ الشفافية الإدارية :
       من أجل تحقيق دواعي الشفافية الإدارية، فرض المشرع على أصحاب الصحف الإلتزام بالإعلان عن اسم أصحاب الصحف و تحديد هويتهم، و الغرض من هذا التحديد هو الوقوف على تحديد المسؤولية في حالة وقوعها ، و كذا تمكين الجمهور القارئ من معرفة الأشخاص الذين يمدونه بالمعلومات، و على هذا نصت المادة 23 « يجب أن يذكر في كل عدد من أية دورية ما يأتي :   
      - اسم مدير النشرية و لقبه ، اسم المالك و لقبه و عنوان التحرير و الإدارة ...»، و نفس الشيء جاء في نص  المادة 11 من  مشروع القانون العضوي إذ تنص على « يجب أن يذكر... إسم مدير النشرية و لقبه ...».
    
          و لعل الملفت للانتباه أن مشروع القانون العضوي قد أغفل كلية ضرورة ذكر اسم المالك أوالملاك، مكتفيا بذكر إسم المدير فقط تاركا المالك في حالة وجوده مخفيا عن الجمهور،  وهو الأمر الذي  يمكن أن يشكل  خطرا على حرية الصحافة المكتوبة.    
          و بالعكس من ذلك فقد كان المشرع الفرنسي أكثر حرصا على تحديد هوية الأشخاص بنصه في المادة 05 من القانون 01/08/1986 « في كل عدد و لعلم الجمهور: 
    1- إذا كـانت  المؤسسة الناشـرة  لا تـتمتع  بالشخصية المعنوية: أسماء و ألقاب المالكين و المساهم الرئيسي .
    2- إذا كـانت المؤسسة الناشرة تتمتع بالشخصية المعنوية : إسمها، الغرض الإجتماعي  مقرها الإجتماعي،  شكلها و إسم ممثلها القانوني و ثلاثة من المساهمين الرئيسيين » .
     و قد علل المجلس الدستوري الفرنسي حول المواد التشريعية المتعلقة بالشفافية و مدى دستوريتها، بأنها بعيدة عن الإعتراض على حرية الصحافة أو الحد منها، بل الهدف من وضع الشفافية الغرض منه إعلام الجمهور بالمسيرين الحقيقيين للمؤسسات الصحفية .
2/ الشفافية الاقتصادية : 
       تهدف الشفافية الإقتصادية بصفة عامة إلى القضاء على العلاقات السرية التي قد تقوم بين الصحافة ورأس المال ، و هدم جسور الإتصال الخفية التي قد تمتد بينهما و ذلك بقصد حماية الصحافة ووقايتها من أن تقع  فريسة  في أيدي  رجال الأعمال، أو  تكون بوق دعايةٍ لجماعات المصالح الأجنبية أو أداة للتغرير بطبقة القراء لحساب طبقة المعلنين   . 
      إلاّ أنه من الصعب جدا إضفاء شفافية مالية حقيقية على النشريات من أجل إبعاد ضغط أصحاب المال في التأثير المباشر أو غير المباشر على الصحيفة ،  لكن هناك بعـض الطـرق و الوسائل القانونية للحد أو التقليل من نفوذ أصحاب المال، منها منع إعارة الإسم ، فقد نصت المادة 85 من قانون الإعلام : « يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة  سنوات... كل شخص يعير إسمه كمالك النشرية ....» .
      إلى جانب ذلك منع المشرع تلقي إعانات أو هبات من جهات أجنبية، بل أبعد من ذلك فقد أوجب على المؤسسات الصحفية التصريح بمصدر الأموال التي يتكون منها رأس مالها، و هذا ما 



      نصت عليه المادة 18 من قانون الإعلام « يجب على عناوين الإعلام و أجهزته أن تبرّر مصدر الأموال التي يتكون منها رأسمالها ...و تصرح بذلك».
      لكن هذه المادة غير كافية إطلاقا من أجل ضمان شفافية أموال المؤسسات الصحفية، لذلك فإن مشروع القانون العضوي كان أكثر حرصا على إبراز و ضمان الشفافية الإقتصادية ، فأكبر
من ذلك أنه أوجب أن  تكون  الأسهم  المكوِنة  لرأس مال المؤسسات الصحفية إسمية و هو ما جاء بنص المادة 14 من المشروع : « يجب أن تكون الأسهم التي يتألف منها رأسمال المؤسسة الصحفية إسمية » .
      وتجدر الإشارة أن المشرع كان يمنح للمجلس الأعلى للإعلام سابقا صلاحية تولي السهر على احترام المؤسسات الصحفية الشفافية الاقتصادية في سير أنشطتها، و هو الأمر الذي تقول به المادة 59 من قانون الأعلام.
ثانيا الإلتزام بضمان الإستقلالية :
      من أجل ضمانٍ أكبر لحـرية الصحافة المكتوبة الجزائرية، كان لزاما ضمان استقلاليتها و عدم تبعيتها لأي جهة مالية وطنية كانت أو أجنبية، ومن أجل ذلك وضع المشرع الجزائري جملة من الأحكام القانونية لضمان هذه الاستقلالية.
 1/ منع تلقي إعانات من الخارج :  
       يبدو أن هذا المنع طبيعي جدا إلى درجة أنه لا يعقل قبول استقلالية أي صحيفة أو نشرية مع وجود مصادر مالية أجنبية تتلقاها خفية، و في هذا الإتجاه منع المشرع الجزائري في المادة 18 تلقي إعانات أجنبية بنصه : « يمنع تلقي إعانات مباشرة أو غير مباشرة من جهة أجنبية »  و هذا الحد و المنع يهدف إلى حماية الصحف من التبعية و خضوعها لضغوطات أجنبية .
       و بالعكس من  ذلك تماما فقد فتح مشروع القانون العضوي إمكانية وجود تمويل أجنبي للنشرية، إذ نصت المادة 13/2 منه : « غير أنه يمكن للمجلس الأعلى للإتصال أن يرخص بتمويل أجنبي للنشرية بعد التداول في الأمر...»، مع عدم تحديد الإطار التنظيمي لهذا الترخيص و تركه مبهما .
2 / جنسية المدير و المؤسسين :
      لعلّ من بين العناصر التي تحمي الصحافة المكتوبة و تدعم استقلالها، أن يكون الأشخاص 


      الذين يتولون إدارتها و تأسيسها من نفس الجنسية، و ذلك أن هذا الشرط يتقيد بغاية عدم خضوع الصحافة المكتوبة الجزائرية للسيطرة والمطامع الأجنبية، و الحرص على أن لا يتخذها الأجانب مطية ذلولا لخدمة أغراضهم التي قد تضر من قريب أو من بعيد بالمصالح القومية   .     
       و فكرة الجنسية ، سواء جنسية المدير أو المالك أو المؤسسين ترمي إلى حماية النشرية ذاتها من أية تبعية، خاصة إذا كانت الحصة المكونة لرأس مال المؤسسة الصحفية يعود النصيب الأكبر فيها إلى شخص أجنبي .
       و على ذلك و من أجل وضع المؤسسات الصحفية في مأمن من سيطرة الأجانب، أوجب المشرع الجزائري أن يكون مدير النشرية من جنسية جزائرية، وهذا ما نصت عليه المادة 22 حينما وضحت الشروط الواجب توافرها في مدير النشرية : « ...أن يكون جزائري الجنسية...»
      لكن الملفت للإنتباه هو أن المشرع لم يتطرق إطلاقا لجنسية المالك سواء تعلق بمالك محلي أو شريك يملك حصصا ، فكانت هذه نقطة اختلاف مع المشرع الفرنسي الذي حظر بموجب مرسوم 26 أوت 1944 حظرا مطلقا على الأجانب المساهمة في ملكية الصحف الفرنسية   .
      غير أنه و إن كان هذا الحظر بصفته المطلقة يقوم على تحقيق تلك الغايات السامية ، إلا أنه كثيرا ما كان محل انتقاد، و أظهر فرنسا بمظهر المخل بإلتزاماتها الدولية ، و ذلك لأنه يعني حرمان الأجانب من حقهم في التعبير و حقهم في مخاطبة رعايا دولهم المقيمين على الأراضي الفرنسية بواسطة الصحف الناطقة بلغتهم ، فضلا على أنه يقيم نوعا من التمايز في التمتع بهذا الحق بين الأجانب و الفرنسيين، و هذا الأمر الذي ترفضه الأصول الديمقراطية و تأثمه أشد  تأثيم اتفاقيات حقوق الإنسان على المستوى الدولي، و التي تحرص على كفالة حق التعبير للأجانـب و المواطنين ، و من ناحية أخرى فإن هذا الحظر كان يمثل إعتداءً على حق القارئ في التعددية بصورة ملحوظة لأنه يحرمه العلم بالأفكار و الثقافات الأجنبية .
      و بناء على ذلك عدل المشرع الفرنسي من موقفه وسعى إلى البحث عن نقطة توازن يوفق من خلالها بين تفادي هذه الإنتقادات و بين الحفاظ على نقاء الصحافة الفرنسية، و تمثلت رؤيته في الجمع بين الأمرين في الانتقال من الحظر المطلق إلى الحظر النسبي ، و تجلى هذا واضحا 


      فيما نصت عليه المادة 07 من قانون 01 أوت 1986، من أنه يجوز للأجانب المساهمة في ملكية المؤسسات الصحفية الفرنسية بنسبة لا تتجاوز 30 % من رأس المال أو حقوق التصويت فيها .     
      و لعل الأمر قد تداعى إلى الجزائر من خلال مشروع القانون العضوي، عندما فصل في الأمر و أوجب أن يكون مالك النشرية من جنسية جزائرية، و منع الأجانب أن يؤسسوا أو يكونوا شركاء في تأسيس نشرية دورية، و أُعتبر هذا المنع ليس مطلقا بل أعطى مشروع القانون العضوي للوزارة بعد استشارة المالكين أو المساهمين من جنسية أجنبية، أن يؤسسوا نشرية دورية و هو ما نصت عليه المادة 13/3 بنصها : « يمكن للمالكين والشركاء المساهمين من جنسية أجنبية أن يؤسسوا دورية بعد الترخيص ...». 
المطلب الثاني: 
الحق في التعبير عن الرأي في الصحف : 
       إن اعتراف المشرع للأفراد بحق ملكية الصحف و إصدارها، لا يعني أنه قد كفل للصحافة المكتوبة حريتها ، و إنما يعني أنه يكون قد خطى في هذا الطريق خطوة واحدة تلزمه خطوات أخرى.
      ذلك أن الأصول الديموقرطية التي تستقر عليها هذه الحرية لا تقنع في قيامها بتوافر هذا الركن منفردا ، وإنما تستلزم ركنا آخر لا يغيض عنه شأنا و لا يقل عنه أهمية ألا وهو كفالة حق التعبير عن الرأي في هذه الصحف  .
      و النظرة المنطقية المجردة إلى هذا الحق في علاقته بحرية الصحافة المكتوبة تؤكد أن كفالته أمر لا غنىً عنه في قيام هذه الحرية  و أمر لا بد منه لممارستها، ذلك أنه إذا كانت ملكية الصحف و إصدارها تمثل الجانب المادي لهذه الحرية فإن هذا الحق يمثل الجانب الروحي، لذا فإنه لا جدوى من أن تكفل النصوص القانونية لكل فرد حق إصدار الصحف ثم تأتي من جهة  أخرى و تحرمه التعبير عن رأيه فيها، بل وما الفائدة من قانون  يطلق العنان في ملكية الصحف و إصدارها ثم يجيء بنصوص تتكاتف لإزهاق حرية النقد و حق التعبير فيها، إن حدوث هذا لا
معنى له غير انقلاب الأوضاع  من الديـمقراطية الـتي تفتح صدرها للرأي الآخر قدر ترحيبه  
بالرأي المؤيد إلى الإستبداد الذي من سنته تكميم الأفواه ، و تحطيم الأقلام الحرة .

       و بنظرة هادئة إلى علاقة هذا الحق بتلك الحرية يتجلى تماما أن سر ما اكتسبته الصحافة المكتوبة من دور ريادي في المجتمع القديم و المعاصر، و السبب الذي لأجله تستحق عن جدارة
أن تكون الشرط الجوهري لضمان غيرها من الحريات  ، و الأداة القوية التي يتمكن الشعب من خلالها من الرقابة الفعالة على أعمال و عمال الحكومة .
      و الصحف بإعتبارها وسيلة للإعلان عن الرأي و أداة للتعبير عن الفكر، لا يمكن أن تكون لها هذه المكانة في قلب الأنظمة الديمقراطية ولا في ضمير الشعوب الحرة ولا تستطيع أداء وظائفها التي من أجلها تبصرة الشعب بكيفية إدارة ممثليه لمصالحه، بدون أن يكفل للقائمين عليها حق التعبير و الكتابة في هذه الصحف بصورة كاملة .
      و ثمة اعتبار آخر يقتضي كفالة حق التعبير في الصحف لقيام حرية الصحافة المكتوبة تعكسه طبيعة النظر إلى هذه الحرية ، فالنظرة إلى هذه الحرية على أنها حق من حقوق الصحفي تستوجب أن يكفل له الحق في التعبير حتى يتمكن من  ممارسة هذه الحرية بصورة فعلية لا على أنه صحفي، و إنما باعتباره مواطنا يجب أن يتمتع بذلك الحق كأحد حقوق المواطنين الأساسية   ، و لكن إذا نظرنا إلى هذه الحرية على أنها حق الشعب فإن هذا يقتضي أن يكفل للقائمين عليها باعتبارهم ممثلين عنه في ممارسة حرية التعبير عن الآراء و الأفكار، حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم تجاه الشعب صاحب الحق فيها .
      غير أن هذه الأهمية التي يحتلها حق التعبير عن الرأي بواسطة الصحف في قيام حرية الصحافة المكتوبة، لا تحول دون تدخل المشرع لتنظيم ممارسته حتى يقي المجتمع و أفراده شر بغي يقع عليهم من اساءة استعمالها، فهو كغيره من الحقوق يجد حدوده الطبيعة في احترام نظام الـمجتمع و حقوق الأفراد ، فذاك الحق ليس من مفهومه و لا من آثاره اسـتباحة محارم العباد و تقويض نظام البلاد ، ولقد أحسن البعض تعبيرا عن ذلك بقوله:" إذا كان للمرء أن يحمل خنجرا فليس له أن يطعن به من يشاء". 
       و المشرع في تنظيمه لهذا الحق لا بد أن يوازن بين ألا يكون هذا الحق مطلقا فيصير عبثا ولا يفرط في تقييده فيكون عدما، و بقدر نجاحه في الوصول إلى نقطة التوازن هذه، بقدر توفيقه بالجمع بين الحسنيين ، حق الصحافة  في الحرية كغاية ديموقراطية و حق المجتمع في 
الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       

      حماية محارمه كمسألة طبيعية ، فحماية كرامة المواطن يجب أن تكون مسؤولية أي تنظيم للصحافة المكتوبة   .     
      ولذات السبب فانه لا يجوز لمن يكتب في الصحافة أن ينشر أو يفشي المعلومات الماسة بحقوق المواطن الأساسية و حريته الدستورية ، ويتفرع عن هذا أنه يجب على الصحفي أن يحرص كل الحرص على تقديم إعلام كامل وموضوعي ونزيه ، وأن يصحح أي  خبر يشك في صحة مصدره وأن يتحلى هو ذاته بأدبيات المهنة و أخلاقياتها المنصوص عليها بروح المواد من32 إلى40 من قانون الإعلام ، كالـنزاهة والموضوعية والصدق في التعليق على الوقـائع و الأحداث  متجنبا في ذلك الإفتراء والقذف و الوشاية و انتحال الصفات ،  وأحسن ضابط لعمل الصحافة المكتوبة هو واجب الدقة في نشر الخبر و التأكد من مصداقيته و صحة مصدره، حتى لا يمس بالحقوق الأساسية العامة منها و الخاصة.
      وقد أوجب المشرع حق الرد و التصحيح في المواد من 44إلى 52 من قانون الإعلام التي     بمقتضاها جميعا خول المشرع الحق لكل مواطن تـناولته الصحافة بشيء من التجريح بصورة تمس اعتباره أن يستعمل حقه في الرد أو التصحيح حسب المدة الزمنية التي حددها القانون صراحة ، وفي حالة السكوت أو الإمتناع عن نشرها يسوغ للطرف المتضرر  أن يتوجه بدعواه إلى العدالة بغية تحقيق هذا الغرض. 
      و يعد التصحيح و الرد وسيلتان تضبطان ممارسة التعبير عن الرأي في الصحف بكل موضوعية ، الأمر الذي يتعزز معه حرية الصحافة المكتوبة .
 الفرع الأو ل: حـق التصحيح: 
       إن التصحيح هو جزاء انحراف الصحافة المكتوبة عن ذكر الحقيقة، فكما هو منصوص عليه في قانون الإعلام، يكون لكل شخص سواء كان طبيعيا أو معنويا الحق في النشر المجاني للتصحيحات الخاصة بما ذكر عنه في المقالات الصحفية بشكل غير صحيح.
       فقد أبرزته المادة 44 من قانون الإعلام 90/07 حينما قررت « يجب أن ينشر التصحيح فيما يخص النشرة اليومية ، في المكان نفسه و بالحروف نفسها التي طبع بها المقال المعترض عليه دون إضافة أو حذف أو تصرف أو تعقيب في ظرف يومين ابتداء من تاريخ الشكوى.
  
  الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                    

       كما يجب أن ينشر التصحيح فيما يخص أي دورية أخرى في العدد الموالي لتاريخ تسليم الشكوى ».
       و قد كان المشرع في قانون الإعلام السابق 82/01 يعتبر أن التصحيح حقا دوليا معترف به، عملا بالمادة الخامسة من الإعلان الخاص بالمبادئ الأساسية المتعلقة بمساهمة أجهزة الإعلام في  تعزيز  السلام و التفاهم الدولي، و في محاربة الدعاية العدائية و العنصرية و نظام التمييز العنصري  .
       ومن ثمة فإن الاعتراف للصحافة المكتوبة بحرية التعبير والكتابة  في الصحف ، لا يعني إطلاقا أن تكتب الصحافة ما تشاء،  بل لابد من أن يكون ذلك ضمن احترام حريات الأشخاص و صيانة كرامتهم، و على ذلك كان  التصحيح جزءا تنظيميا لهذه الحرية .
      حيث تكون النشرية التي جانبت الحقيقة فيما نشرته على صفحاتها ملزمة عندما تتلقى طلب التصحيح المصحوب بالوثائق المبررة، أن تنشر تصحيحا للمقال المعترض عليه و ذلك دونما إضافة أو حذف ، أو تصرف أو تعقيب، وذلك خلال أجل لا يجاوز يومين ابتداء من تاريخ الشكوى.
      و الجدير بالإشارة أن المشرع في ظل قانون 82/01 كان ي يرتب على مخالفة أحكام التصحيح السابق شرحها فيما تقدم عقابا جزائيا، حيث نصت المادة 96 منه «كل رفض أو تأخير غير مبرر لنشر التصحيح المنصوص عليه في المادتين 74، 75 يعاقب عليه بغرامة من 500  إلى 5000 دج »، و هذا خلافا لقانون الإعلام الحالي90/07 الذي ضرب الذكر صفحا عن ذلك   ولم يرتب أي جزاء.
      بل و الأكثر من ذلك فإن قانون الإعلام السابق على خلاف قانون الإعلام الحالي، وضع للمعني الذي رفض طلبه في إدراج أو نشر التصحيح، إجراءات تمكنه من رفع دعوى قضائية لحماية حقه و تأكيده ، فله أن يرفع دعوى أمام رئيس المحكمة المختصة إقليميا في ظرف ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ طلب الحضور أو الاستدعاء، و إذا ما حكمت المحكمة لصالح المدعي يكون الحكم الذي يأمر بنـشر التصحيح واجب التنفيذ بغض الـنظرعن طرق الطعـن الجائزة. 
      و على كل تـنقضي الدعوى المتعلقة بطلب التصحيح بالتقادم بعد سنة واحدة ابتدءا من تاريخ نشر المقال المعترض عليه .
الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       
الفرع الثاني:
 حـق الــرد :
       بالإضافة إلى حق التصحيح ، فإنه و للتأكيد على سلامة حرية الرأي و التعبير منح المشرع لكل شخص نشر عنه خبر يتضمن وقائع غير صحيحة أو مزاعم مسيئة من شأنها أن تلحق به ضررا ماديا أو معنويا أن يستعمل حق الرد ، هذا الحق الذي يشكل ضمانة لتعزيز حرية الصحافة المكتوبة من خلال نشر الرأي و الرأي المقابل، ومن ثمة فإن حق الرد يمارس في إطار الدفاع الشرعي، باعتباره دفاعا عن النفس للمواطن ضد ما قد ينشر عنه محرّفا أو كذبا، بل إن هناك بعض الدول ارتفعت بهذا الحق إلى مستوى الحماية الدستورية، بالإضافة إلى وجود اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تنظيم حق الرد .
       و لقد بـين المشرع الجزائري في المواد 45 إلى 52 من قانون الإعلام أحكام حق الرد   حيث أنه يجب على مدير أي نشرية دورية أن ينشر مجانا و ذلك في أجل يومين ابتداءً من تاريخ الشكوى في المكان نفسه الذي نشر فيه المقال المعترض عليه دون إضافة أو حذف أو تصرف أو تعقيب .
       مع ضرورة ممارسة هذا الحق في أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر الخبر المعترض عليه و إلا سقط هذا الحق، و هذا ما جاء واردا بنص المادة 47: « يجب أن يمارس حق الرد خلال شهرين ابتداء من تاريخ نشر الخبر المعترض عليه... و إلا سقط هذا الحق ».
       و حتى تتحقق فعلا الغاية من ممارسة هذا الحق، فقد قررت المادة 50 أنه يمكن رفض نشر الرد في حالتين:
- إذا كان الرد في حد ذاته جنحة صحفية في مفهوم قانون الإعلام.
- إذا سبق أن نشر الرد بناء على طلب أحد الأشخاص المأذون لهم المنصوص عليهم في المادة  49 ، وهم الذين يمكن لهم أن يحلوا محل الشخص المذكور باسمه في الخبر المعترض عليه في ممارسة الحق في الرد إذا توفي أو كان عاجزا أو منعه عائق سببه مشروع و هم في ذلك ممثله القانوني، أو أحد أقاربه الأصول أو الفروع أو الحواشي من الدرجة الأولى حسب الأولوية.      و اللافت للانتباه أن المشرع على خلاف التصحيح أعطى للمعني الحق في أن يخطر المحكمة
 المختصة في حالة رفض نشر الرد أو السكوت عن ذلك و مرور أجل ثمانية أيام على تسليم طلب ممارسة الحق في الرد ، لكن دون أن يبين الهدف من هذا الإخطار كما سبق وأن فعل 
الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       
     في قانون الإعلام السابق   ، كما أنه لم يعد يجرم كل رفض أو تأخير غير مبرر لإدراج الرد ، الفعل الذي كان يعد مخالفة تستوجب عقوبة الغرامة من 200 دج على 2000 دج، حسب ما تضمنه نص المادة 97 من قانون الإعلام 82/01 الملغى .
      ويجب الإشارة في هذا المقام إلى أنه يجوز لكل شخص أن يمارس حق الرد على أي مقال   حتى و لو لم يسئ إليه شخصيا إذا كان يظهر في هذا المقال مساس بالقيم الوطنية .
المطلب الثالث:
حرية تداول الصحف:
     يتبوء الحق في تداول الصحف من أجل قيام حرية الصحافة المكتوبة مكانا عليا، فلا يمكن أن يكتمل بناء هذه الحرية دون كفالته، أي دون السماح للصحف و بغير عوائق أو قيود بالبيع أو العرض للبيع أو التوزيع أو أن تكون بأي وجه من الأوجه في متناول الأشخاص   .
الفرع الأول : 
المقصود بتداول الصحف و أهميته :
أولا المقصود بتداول الصحف :
       إن تداول الصحف و النشريات الدورية ، هو تلك المرحلة التي تبدأ من خروج النسخ من
المطابع إلى غاية وصولها إلى يد القارئ .
     و يتم تداول النشريات الدورية حسب مفهوم قانون الإعلام بطريقتين :
- التداول عن طريق البيع .
- التداول عن طريق التوزيع .
حيث تنص المادة 53 من قانون الإعلام « يقصد بتوزيع   النشريات الدورية : بيعها بالعدد أو الإشتراك و توزيعها مجانا أو بثمن توزيعا عموميا أو على المساكن ...». 
1- تداول الصحف عن طريق البيع : يتم بيع النشريات الدورية إما بالعدد أو بيعها بالإشتراك .
2- تداول الصحف عن طريق التوزيع : يتم توزيع النشريات الدورية إما توزيعا عموميا أو توزيعا على المساكن .

الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       

ثانيا أهمية الحق في تداول الصحف :
      لعل الأهمية التي يحتلها حق تداول الصحف في قيام حرية الصحافة المكتوبة ترجع أساسا إلى أنه غاية و وسيلة في آن واحد، فهو غاية لأنه الثمرة المرجوة من العمل الصحفي بجميع ما يـمر به من مراحل و الغرض الأسمى من تأسيس و إصدار الصحف،  وهو وسيـلة لأنه أداة 
الصحافة في القيام  بدورها المتمثل في الذود عن مصالح الشعب و السهر على رعاية حقوقـه و الدفاع عن حرياته و الرقابة على أعمال الحكومة و عمالها،هذا أنه و بكفالته يتحقق الإتصال بين حملة الأفكار و جمهور القرّاء .
      و أكثر ما يدلل على الأهمية التي يحتلها الحق في تداول الصحف في قلب هذه الحرية، أنه يعتبر سر بغض الحكومات الديكتاتورية لها، و سبب ما تعده من عدة و عتاد للنيل منها، ذلك أن أشد ما ترهبه و أكبر ما تخشاه هو لحظة خروج الصحف من المطابع لتتداول بين أيدي الناس   لأنها لحظة الكشف عن مثالبها و نشر عيوبها و إزاحة الحجب عن المخبوء من آثامها و إماطة اللّثام عما تكون قد قصدت إخفاءه عن الناس، لذا تعمل جاهدة على الحيلولة دون وصول الصحيفة للقراء و تقطع كل طريق تسلكه وصولا إليهم مستخدمة من الإجراءات الوقائية ما يحقق لها هذه الغاية ، وهي لذلك قد تسمح للأفراد بملكية الصحف و إصدارها ، و قد تترك لهم فرصة التعبير عن آرائهم من خلالها، و لكنها تتردد كثيرا في السماح لهم بنشرها و تداولها دون أي قيد .
      و من هنا فإن أهمية هذا الركن في قيام حرية الصحافة المكتوبة تأبى أن تكون للحكومة سلطان عليه، فهذا يتعارض مع أصول النظام الديمقراطي الذي يكفل الرأي و الرأي الأخر مهما كانت حدته، و تحرص على أن لا تجعل للحكومة سلطة على الصحف حال تداولها و لا تجيز للمشرع ذاته أن ينال منه بالترخيص لها باتخاذ أي إجراء يقيد تداول الصحف، لأن هذا معناه وضع الصحف في قبضة الحكومة و هو أمر حال حدوثه لا تقوم لحرية الصحافة المكتوبة قائمة و ينعدم معه وجودها   .
الفرع الثاني: تنظيم حرية تداول الصحف :     إن أهمية مبدأ حرية تداول الصحف، تقتضي أن يتدخل المشرع بنصوص قانونية من شأنها تنظيم هذه العملية وذلك بإجراءات تبتعد عن التعقيد الذي قد يرقى إلى حظر هذا الحق والحرمان منه ، الأمر الذي تترتب عنه آثار جسيمة إذ أن الحرمان من حق تداول الصحف يمكن أن يؤدي 
الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       

إلى توقيف الصحيفة نتيجة تكاثر إلتزاماتها المالية و العجز عن الوفاء بها، فتساق بذلك إلى الإفلاس.
      كما أنه من ناحية أخرى يحرم القارئ من حقه القانوني في الإعلام، و أخيرا أنه يحول دون ممارسة الصحفي التعبير عن الرأي .
      و لقد كرس المشرع من خلال قانون الإعلام الحق في حرية تداول الصحف، من خلال تنظيم عمليات التداول هذه، بإجراءات بسيطة جدا سواء تعلق الأمر بالصحف الوطنية أو  الأجنبية .
أولا إجراءات  الإيـداع :   أخضع المشرع الجزائري جميع النشريات الدورية وقت تداولها إلى إجراء الإيداع، الذي باختلاف أنواعه لا يرقى إلى أن يشكّل خطرا على حرية الصحافة المكتوبة ، فقد نصت المادة 25 من قانون الإعلام« يجب أن تطبق كل النشريات الدورية وقت توزيعها شكليات الإيداع حسب الكيفيات الآتية بصرف النظر عن الأحكام المتعلقة بالإيداع القانوني المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل» . 
      وللإيداع ثلاث أنواع يجب على مدير النشرية احترامها، فهناك الإيداع الإداري، الإيداع القضائي والإيداع الشرعي .
1- الإيداع القضائي :   وهو الإيداع الذي يتم على مستوى وكيل الجمهورية المختص إقليميا بمكان صدور النشرية ، حيث يجب إرسال نسختان من جميع النشريات موقعة من المدير، وهذا ما جاء في الفقرة 02 من المادة 25 «...نسختان من جميع النشريات الدورية يوقعها مدير النشرية وتودعان لدى وكيل الجمهورية».
     و بمناسبة هذا الإيداع يمكن لوكيل الجمهورية أن يراقب مدى شمول النشريات الدورية الوطنية أو الأجنبية على ما يخالف الخلق الإسلامي و القيم الوطنية و حقوق الإنسان و الدعوة إلى العنصرية والتعصب، سواء كان ذلك في شكل رسم أو صورة أو حكاية أو خبر، فضلا عن الـبحث في مدى عدم تضمن النـشرية على أي إشهـار أو إعلان من شانه أن يشجع العـنف و الجنوح أو يحرض عليه  .
2- الإيداع الإداري :   وهو الإيداع الذي يتم على مستوى وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للإعلام سابقا ، حيث يجب إرسال خمس نسخ من النشريات الإعلامية العامة موقعة من المدير.
 الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       

       ولكن إذا كان الإيداع الإداري الذي يتم على مستوى المجلس الأعلى للإعلام – المحل – لا يشكل خطرا يهدد مبدأ حرية الصحافة المكتوبة، فإن الأمر يختلف تماما عن الإيداع الذي يتم على مستوى وزارة الداخلية الذي يمكن أن ينقلب إلى وسيلة رقابة إدارية يمكن أن تهدد حرية الصحافة المكتوبة. 
3- الإيداع الشرعي:    وهو الإيداع الذي يتم على مستوى المكتبة الوطنية، حيث يجب إيداع عشر نسخ كاملة لدى المكتبة الوطنية، ويهدف هذا النوع من الإيداع إلى التوثيق والمحافظة على النشريات وجعلها في متناول الجميع متى احتاجوا إلى ذلك .
      ومن خلال هذه الإيداعات المختلفة، يبدو أن المشرع الجزائري قد نظّم حق تداول الصحف، ذلك أن المادة 25 المذكورة أعلاه تقضي أن يتم إيداع النشريات وقت توزيعها وليس قبله، فالهدف من كل هذا هو إبعاد إمكانية وجود رقابة سابقة على النشريات، وهو ما يمثل تدعيما لحرية الصحافة المكتوبة، وهذا على العكس تماما لما انتهجه المشرع التونسي الذي أوجب أن يتم إيداع النشريات قبل عرضها للعامة   .
      ولعل ما يؤكد حرص المشرع على ضمان حرية ممارسة الحق في تداول الصحف، ما جاء في المادة 19 من مشروع القانون العضوي للإعلام التي جاءت خالية من النص على ألإلزام بالإيداع الموجه إلى وزير الداخلية ، وهذا من قبيل إبعاد السلطة الإدارية ممثلة في وزارة الداخلية .
ثانيا الترخيص المسبق:
      إنه و خلافا للصحف الوطنية فقد أخضع المشرع عملية توزيع النشريات الدورية الأجنبية عبر التراب الوطني لنظام ليس بعيدا عن الرقابة، حيث تنص المادة 57 : « يخضع إستراد النشريات الدورية الأجنبية و توزيعها عبر التراب الوطني لرخصة مسبقة تسلمها الإدارة المختصة...» .
      و من هذا يتضح جليا أن المشرع أخضع توزيع النشريات الدورية الأجنبية عبر التراب الوطني، إلى ضرورة الحصول على رخصة مسبقة يجب الحصول عليها من الإدارة المختصة قبل أي توزيع لمثل هذا النوع من النشريات   .
     
الفصــل الأول                 مــاهـية حـــرية الـصحــافة الـمـكـتـوبــة                       

        وإذا جاء توزيع النشريات الدورية الأجنبية مخالفا لأحكام المادة 57، أي دون إحترام ضرورة الحصول على الرخصة المسبقة من الإدارة المختصة، فإن المشرع كان متشددا في ذلك إذ منح للسلطة المؤهلة قانونا   ، أن تقوم بالحجز المؤقت لهذه النشريات مع جواز مصادرتها من طرف القضاء  .
       بالإضافة إلى كل هذا ، فإنه وسعيا منه بإحاطة حق تداول الصحف بالتنظيم اللازم لضمان حمايته، فقد أخضع عملية بيع النشريات الدورية الوطنية و كذا توزيعها في الطرق العمومية أو أي مكان عمومي آخر، إلى ضرورة الحصول على تصريح مسبق من مصالح البلدية التي يحصل بدائرتها عملية البيع أو التوزيع ، حيث تنص المادة 54 من قانـون الإعلام « يخضع بيع النشريات الدورية الوطنية .... و/أو توزيعها في الطريق العام أو في مكان عمومي آخر لمجرد تصريح مسبق لدى البلدية المعنية».          
ولضمان عملية توزيع النشريات الدورية، قد تعهد العملية لمؤسسات النشر و التوزيع التي  يلجؤ إليها لتنظيم عملية التوزيع.
       و حماية منه لحق تداول الصحف أيضا، فقد ألقى المشرع على عاتق هذه المؤسسات واجب ضمان المساواة و التغطية الواسعة في مجال نشر و توزيع جميع النشريات الدورية.

            
          








 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

الفصل الثاني:
 القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة:
       ليس للحرية تصور عام مجرد كأي قاعدة قانونية، إذ أن مفهومها يتغير من دولة لأخرى ومع الإعتراف بهذه الصعوبة، قيل بأن الحرية هي الإعتراف للفرد بالقدرة على التصرف في الدائرة المحددة له بما لا يضر الآخرين أو يهدد النظام الجماعي العام، و يعني ذلك أن الحرية تتقيد بقيدين : الأمن القومي، و السلام الجماعي  ، و من هذا المنطلق يجيز الفقه الدستوري تقييد الحرية على نحو يمنع الإسراف فيها أو التعسف في استعمالها .
       و على ضوء الأساس المتقدم بيانه يميل الفقه الدستوري إلى القول بأن الحريات لا تكون مطلقة دائما، و إنما ذات طبيعة نسبية ، لأنها تعمل في وسط إجتماعي يتغير من دولة إلى أخرى بل يتغير داخل الدولة الواحدة من وقت لآخر بحسب الظروف .
       و على ذلك فليس مستـنكرا أن تـتقيد حرية الصحافة المكتوبة في ممارستها باحترام النظام العام، ذلك أن صيانة النظام العام تعتبر حدا طبيعيا لكافة الحريات ، وحرية الصحافة المكتوبة ليست إستثناء من هذا الأصل، و هذا مؤداه عدم إهدار سلطة الإدارة لوظيفتها في حماية النظام العام و اتخاذ من الإجراءات ماتراه ضروريا لإعادته إلى حالته الطبيعية إذا ما ترتب على ممارسة هذه الحرية تهديدا له . 
       و الأنظمة القانونية تتقلب في مجال تقييد حرية الصحافة المكتوبة بين رقابة إدارية صارمة يكون لتدخل الإدارة أثره بإستعمال سلطات الضبط الإداري سواءً في الظروف العادية أو الاستثنائية، و بين بسط رقابة قضائية على ما ترتكبه الصحافة المكتوبة من أفعال تدخل حيز التجريم.





  الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
                                                                             
المبحث الأول:
القيود الإدارية على حرية الصحافة المكتوبة:
      تهدف الإدارة و تعمل من أجل تحقيق المصلحة العامة، و هي ملزمة في ذلك بمراعاة ما يخدم هذه المصلحة في إطار احترام النصوص الدستورية و القانونية.
      و في سبيل تحقيق هذا الهدف تتمتع الإدارة بسلطة التدخل لتنظيم أوجه نشاط الفرد من خلال تمتعها بسلطات الضبط الإداري حفاظا على النظام العام، سواء كان ذلك في الظروف العادية أو الاستثنائية   .
      لذلك فالتدخل الإداري في مجال حرية الصحافة المكتوبة تختلف حدته و درجته تبعا لهذه الظروف، حيث يضيق في الظروف العادية، و يزيد اتساعا في الظروف الاستثنائية، ففي سبيل تحقيق النظام العام باعتباره حدا طبيعيا لحرية الصحافة المكتوبة يمكن للسلطة الإدارية اعتبارا لوظيفتها كسلطة ضبط، أن تتخذ إجرآت تقيد و تحد من حرية الصحافة المكتوبة،وذلك من خلال إجراءات الحجز و التوقيف للنشريات. 
المطلب الأول : 
 القيود الإدارية في الظروف العادية :
      لما كانت السلطة الإدارية و هي تمارس نشاطاتها باعتبارها سلطة ضبط إداري، فإنها تتمتع بإمكانية الحجز و التوقيف، و ذلك حفاظا على النظام العام من الفوضى و الاضطرابات . 
      فالحجز على الصحف إجراء من الإجراءات الوقائية المقيدة لحرية تداول الصحف، الذي  بمقتضاه تقوم الإدارة بوضع يدها على عدد معين من نسخ الصحيفة سواء في المطابع أو لدى مكاتب التوزيع أو الباعة لمنع تداولها،  بدعوى أنه يترتب على ذلك تهديد خطير للنظام العام .
      كما أنه يجوز للإدارة في إطار سلطات الضبط الإداري أن تصدر قرارًا بالحظر، و هو قرار توجهه إلى إدارة الصحيفة بقصد منع بيع أو توزيع أو عرض للبيع عدد و أعداد من الصحيفة بدعوى أنها تنطوي على مقالات أو أخبار من شأنها تكدير أو تعريض النظام العام للخطر .
   

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
  لكن هذه القدرة في الحد من الحريات بصفة عامة وبحرية الصحافة المكتوبة بصفة خاصة من  خلال عمليات الحجز و التوقيف ، ليست عامة و مطلقة بل محددة بجملة من الشروط وجـب        
 توافرها حتى يكون الحجز أو التوقيف مشروعا .
      و لذلك فإن القضاء الإداري الفرنسي يشترط حتى يعترف بمشروعية حجز النشريات توافر أربعة عناصر : 
1) – أن يشكل صدور الصحيفة أو الكتابة خطرا على النظام العام.
2) – أن تكون الاضطرابات من الخطورة، بحيث أن السلطة الإدارية لا تملك الإمكانية المادية لمواجهتها. 
3) – أن يكون الحجز محددا في الزمان و المكان تبعا للخطر المراد تجنبه. 
4) – أن تمثل عملية الحجز بالتنفيذ المباشر ضرورة مستعجلة وواضحة، وذلك عندما يكون النظام العام الذي يراد المحافظة علية في خطر محدق .
     و تطبيقا لهذا ، قضى مجلس الدولة الفرنسي بأنه "... إذا كان يعود لرؤساء البلديات وفي باريس للوالي أخذ الإجراءات الضرورية لضمان النظام و الأمن العام ، فإن هذه الصلاحيات لا تؤهل أخذ إجراءات وقائية بحجز الجريدة بدون تبريره.
     وفي القانون الجزائري فقد خول المشرع لرئيس البلدية والوالي بإعتبارهما سلطتا ضبط إدارية، القيام بالحفاظ على الأمن و النظام العامين ..." .
     هذا ولما كان لا يمكن أن يخلو نشاط السلطة الإدارية وهي تباشر وظيفة الضبط الإداري من تعسفات في استعمال السلطة من خلال حجز النشريات وتوقيفها وتحقيق أغراض أخرى غير أغراض الحفاظ على النظام العام، فإن قرارها هذا يمكن أن يكون محل منازعة قضائية إدارية من أجل إلغاء قرار التوقيف أو الحجز .
      ويؤول الاختصاص  للفصل في منازعات الضبطية الإدارية فيما يتعلق بحجز النشريات وتوقيفها إلى القضاء الإداري من أجل التعسف في استعمال السلطة أو حالات الاعتداء المادي .
      إلا أنه نظرا لحالة الاستعجال وما يمكن أن يترتب عن توقيف النشرية وحجزها من آثار وخسائر مالية، أجاز القضاء الفرنسي التوجه إلى القضاء الإداري الاستعجالي من أجل المطالبة بالوقف الفوري لقرار الحجز أو التوقيف رغم أنها متعلقة بالنظام العام .
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

     وهذا خلافا لما ذهب إليه المشرع الجزائري الذي استعبد اختصاص القضاء الإداري الإستعجالي في النظر في الدعاوى المتعلقة بالنظام العام، فقد نص في المادة 171 من قانون الإجراءات  المدنية « ... في جميع حالات الاستعجال يجوز لرئيس المجلس القضائي أو العـضو
الذي ينتدبه، الأمر بصفة مستعجلة باتخاذ الإجراءات اللازمة ... بإستثناء ما تعلق منها بأوجه النزاع التي تمس النظام أو الأمن العام» .
       لكن مثل هذا القيد التشريعي و المنع القانوني من النظر في منازعات القرارات الماسة بالنظام العام له أن يحمل أضررا على حرية الصحافة المكتوبة.
       ذلك أنه إذا كان جائزا للسلطة الإدارية و هي تباشر وظيفة الضبط الإداري أن تمس بحرية الصحافة المكتوبة مثل حجز النشريات و توقيفها، فإنه من الصعوبة بما كان إصلاح الأضرار المرتبة على ذلك و ما يمكن أن تكابده المؤسسات الصحفية من خسائر مالية كبيرة ، ذلك أن انتظار التوجه إلى قضاء الموضوع من أجل المطالبة بإلغاء قرار التوقيف أو الحجز، من شأنه أن يطيل أمد النزاع و يجعل النشرية و بقاءها مهددا .
       من أجل ذلك و تدعيما لفكرة الرقابة القضائية على النشاطات الإدارية بصفة عامة و حفاظا على حريات الأفراد بصفة خاصة و تقوية لحرية الصحافة المكتوبة بصفة أخص من تعسفات السلطة الإدارية يستحسن إجازة اختصاص القضاء الإداري الإستعجالي للنظر في المنازعات المتعلقة بالنظام العام  . 
       إلى جانب تمتع رئيس البلدية و الوالي بوظيفة الضبط الإداري حفاظا على النظام العام هناك سلطة أخرى تتمتع بهذه الإمكانية على الرغم من كونها لا تتمتع بسلطات الضبط الإداري العام، و تتمثل في وزير الداخلية الذي يمارس صلاحيات محددة قانونا   . 
       فقد منح مرسوم 94/247 لوزير الداخلية صلاحيات القيام بالحفاظ على النظام العام في مادته الثانية، و التي تنص : « يمارس وزير الداخلية و الجماعات المحلية صلاحياته  في الميادين
 التالية .... النظام العام و الأمن العمومي »  .
     الفصل الثاني                          القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

 و بهذا النص أصبح وزير الداخلية مؤهلا للقيام بحجز النشريات و توفيقها متى كانت مهددة للنظام و الأمن العموميين .
      زيادة على هذا، فإن قانون الإعلام 90/07  نص في المادة 58 على إمكانية تمتع الإدارة المختصة بتسليم رخصة إستراد النشريات الدورية بحجزها تنفيذا لقرار سابق، حيث نصت هذه المادة « في حالة عدم احترام أحكام المادة 57 أعلاه يمكن للسلطة المؤهلة قانونا أن تقوم بالحجز المؤقت لكل نص مكتوب ....».    
      مع الإشارة أن ثمة اختلاف واسع بين الوضع القانوني الجزائري و الدول العربية في مجال سلطات الضبط الإداري في الظروف العادية المتعلقة بحجز وتوقيف النشريات، ففي النظام التونسي على سبيل المثال بموجب الفصل الثاني عشر من مجلة الصحافة أجاز المشرع لوزير الداخلية حجز كلما يقع نشره أو إدخاله إلى البلاد التونسية بصورة مخالفة لأحكام الإيداع القانوني ، فهذا التدخل الإداري يأتي تنفيذا لعدم احترام النشريات لشكليات الإيداع القانوني و ليس بسبب المساس بالنظام و الأمن العمومي .
      و إذا كان لا يمكن الحكم على النظام القانوني الجزائري في تعامله مع حرية الصحافة المكتوبة في الظروف العادية، لأن الظروف الإستثنائية هي التي طغت على الوضع في الجزائر فكيف كان موقفه منها في هذه الظروف؟
المطلب الثاني:
القيود الإدارية في الظروف الإستثنائية:
      نظرا للأوضاع التي مرت بها البلاد، فإن النظام القانوني مر هو أيضا بظروف استثنائية استوجب الأمر تقرير حالتي الحصار و الطوارئ .
الفرع الأول:
حالة الحصار :  حسب المادة 02 من المرسوم الرئاسي 91/196 الذي قُرّر بموجبه حالة الحصار  ،فإن الهدف من إقرار هذه الحالة  هو الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة و استعادة النظام العام ،  وكذلك السـير العادي للمرافق العمومية بكل الوسائل القانونـية و التنظيمية.
       و من أجل تحقيق ذلك فإن هذا المرسوم قد فوض للسلطة العسكرية حسب ما تقضي به أحكام المادة الثالثة منه، الصلاحيات المنوطة بالسلطة المدنية في مجال النظام العام والشرطة. 
    الفصل الثاني                            القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

    و طبقا لهذه الحالة فإن مجال الحريات العامة و حرية الصحافة المكتوبة بصفة خاصة يضيق، لأن مجال تدخل السلطة العسكرية يتسع و يزداد بشكل غير مألوف في الظروف العادية من خلال فرض أشكال الرقابة على النشر، والتي تمثل سلاحا خطيرا في حالات الأزمات   و كذا منع إصدار النشريات، إذ نصت المادة 07 من المرسوم « يمكن للسلطات العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة ضمن الشروط المحددة عن طريق الحكومة أن تقوم بما يأتي : 
      - أن تجري أو تكلف من يجري تفتيشات ليلية أو نهارية في المحلات العمومية أو الخاصة و كذلك داخل المساكن .     
      - أن تمنع إصدار المنشورات...التي تعتقد أنها كفيلة بإثارة الفوضى و انعدام الأمن أو استمرارها.
       و هذا قد يكون إتباعا للنظام الفرنسي الذي طبقا للقوانين 08 أوت و 03 أفريل 1887  الذي يسمح للسلطات العسكرية أن تحل محل السلطات المدنية في اتخاذ إجراءات منع النشريات التي ترى أنها كفيلة بخلق الفوضى «... في حالة الحصار المعلنة تؤول عملية حفظ الأمن من السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية، و التي يكون لها الحق في منع النشريات التي ترى     أنها من طبيعتها خلق الفوضى   . 
الفرع الثاني:  
حالة الطوارئ :    لا تختلف حالة الطوارئ عن حالة الحصار إلا في حالة واحدة، و هي أن السلطة المدنية لا تفقد صلاحياتها ، إذ تبقى تمارسها بصورة واسعة   .
       و قد عرفت الجزائر حالة الطوارئ في 09/02/1992   و تعرضت الحريات العامة إلى جملة من التضييقات و تقلصت مجالاتها، فقد نصت المادة السادسة من المرسوم الرئاسي المؤرخ في 11 أوت 1992   و الذي جاء ليتمم أحكام المادة الثالثة من المرسوم الرئاسي 92/44 المتضمن إعلان حالة الطوارئ، فقد نص على أنه: تتمم  أحكام المادة 03 من المرسوم الرئاسي رقم 92/44 على النحو التالي: «...يمكن اتخاذ تدابـير لوقف نشاط كل شركة أو جهاز أو 

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

مؤسسة أو هيأة أو غـلقها مهما كانت طبيعتها  أو اختصاصها عندما تعرض هذه النـشاطات النظام العام أو الأمن العمومي أو السير العادي للمؤسسات أو المصالح العليا للبلاد للخطر» .
      و تتخذ التدابير المذكورة أعلاه عن طريق قرار وزاري لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، و يمكن أن تكون موضوع طعن وفق الشروط و الكيفيات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. 
      و بصد ور هذه المادة تأثرت حرية الصحافة المكتوبة تأثرا مباشرا، وذلك لفتح المجال أمام السلطة الإدارية بأن تفرض رقابة أكثر على الصحافة المكتوبة إذ هناك من النشريات الدورية ما تم وقفها و حجزها  . 
      ومن أجل ذلك فقد قامت وزارة الداخلية بتأسيس لجان مراقبة على مستوى الطبع وهو ما يعني إقامة نظام رقابي وقائي ، لكن المشرع الفرنسي كان أكثر وضوحا ودقة في تحديد علاقة الصحافة المكتوبة بحالة الطوارئ، فقد نص في المادة 11 منه « ... تأهل نفس السلطات في أخذ كل الإجراءات لضمان رقابة على الصحافة و النشريات مهما كانت طبيعتها »   .
      و ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار أن مرسوم حالة الطوارئ لم يتضمن أي نص قانوني يتناول إقامة دعاوى أو منازعات قضائية في حالة تجاوزات ظاهرة تجاه حرية الصحافة المكتوبة   ولذلك فمن أجل سد الفراغ، نصت المادة الثالثة المتَمّمَة على إمكانية رفع طعن في حالة تعرض مؤسسات الصحافة للتوقيف أو الغلق ، فقد نصت هذه المادة «... و يمكن أن تكون موضوع طعن وفق الشروط و الكيفيات الجاري بهذا العمل »، و يمكن إقامة دعوى من أجل إلغاء قرار الغلق أو الوقف أمام الغرفة الإدارية طبقا للمادة 07 من قانون الإجراءات المدنية .
      و لما كان قرار الغلق أو الوقف صادرا بموجب قرار وزاري فإنه يجب استنفاذ إجراءات التظلم الإداري .
      و هذا التوجه لبسط نظام رقابي قضائي هو الأصلح لحرية الصحافة المكتوبة، لأن القضاء وحده هو الكفيل الضامن لهذه الحريات من خطر وجود تعسف ناتج عن عمليتي الحجز و التوقيف الإداريين .


 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

المبحث الثاني : 
القيود الجزائية على حرية الصحافة المكتوبة: 
      إذا كان يُحمد للمشرع تجريمه للقذف والسب والطعن في الصحف في حق الأشخاص والهيآت وكذا تجريمه كـشف ما رغب الأفراد حجبه عن أعين الناس، أو جعل الصحف وسيلة لتهديد أمن الدولة الداخلي والخارجي، لأنها أفعال لا يمكن أن تنسحب عليها الحماية الدستورية لحرية الصحافة المكتوبة ولا تظلها مظلتها القانونية، إلا أنه يبقى منتقدا في مجال التعبير عن الرأي في الصحف.
     ذلك أن تجريم الرأي معناه تجريم وحظر الأفكار، وهذا وضع تأباه حرية الصحافة المكتوبة وفي هذا يقول أمين دي جريان: "أن الصحافة التي تقيد وتجرم أفعالها ليست هي الصحافة الحرة وإنما هي صحافة متسامح في وجودها" .
     ويقول الفقيه جون ستيوارت ميل معبرا عن انتقاده لتجريم الرأي: "إن هذه الفكرة المراد تجريمها هل هي صواب أم خطأ ؟ فإن كانت صوابا ثم حظرناها فقد حرمنا المجتمع حقه فيها وسلبناه أحد حقائقه الكبرى، وإن كانت خطأ فمن أين لنا معرفة ذلك ؟ إننا لكي نحكم عليها بالصواب أو التخطئة يجب أن نمنحها جميع الظروف وتتاح لنا الحرية في مناقشتها، وبدون ذلك لا يستطيع كائن ذو مواهب إنسانية أن يثبت بصورة عقلية صواب فكرة أو خطئها" .
     وبذات الحماس يدافع النائب الفرنسي شارل فركيه عن فكرة عدم تجريم الرأي الصحفي أثناء مناقشة قانون حرية الصحافة  وذلك بقوله : " إن الصحافة لا تناقش مسائل فقهية بحتة وإنما تنشغل بالأخبار والمعلومات، لذلك فإنها لا تكون في حاجة إلى أن توجه ضدها أسلحة فتاكة من الترسانة التشريعية   ".
      و يأبى القضاء الأمريكي إلا أن يشارك في مناصرة الدعوة إلى عدم تجريم المشرع للرأي فالقاضي هولمز أحد قضاة المحكمة العليا الأمريكية يقول: " إذا كان ثمة مبدأ دستوري يدعو إلى التعلق به أكثر من أي مبدأ سواه، فهو مبدأ حرية الفكر ولا أعني حرية الفكر للذين يؤيدوننا فيما نذهب إليه، ولكن أقصد بذلك حرية التعبير عن الفكرة التي نبغضها .
     
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

 تلك إذن هي الأفكار و المبادئ التي استقرت عليها التشريعات الديمقراطية في تنظيمها لحرية الصحافة المكتوبة و هي تكشف عن سياسة مؤداها أن التوسع في التجريم لم يعد إلا شرعة
ومنهاجا في النظم التي تحاول فيها السلطة بسلاح التجريم قمع كل وجهة نظر أخرى.
      و اتجاه المشرع الجزائري ينم في هذا الشأن عن رغبته في عدم  الـتوسع في جرائم الرأي و الصحافة المكتوبة، واقتصاره على  تجريم الأفعال الناتجة عن إساءة استخدام الحرية الممنوحة للصحافة المكتوبة، والتي من شأنها المساس بحرمة الأشخاص وحرياتهم وكذا النظام والأمن العموميين ، و عند إذن لا يجوز الدفع بالحماية التي فرضتها الدساتير لحرية الصحافة .
     كما أن المشرع الجزائري يرى أن جرائم الصحافة و النشر أشد خطورة من جرائـم القذف و السب، على أساس أن جرائم الصحافة  و النشر تقع بعد تفكير وتروي حول مايطبع و ما ينشر   في حين أن جرائم القذف والسب عادة ما تقع في وقت غضب أو على إثر استفزاز، كما أن  خطورة الصحافة تكمل في احتمال اتخاذها مهنة لمن لا أخلاق لهم و تسترهم حول حرية الصحافة المكتوبة ليجنوا مكاسب شخصية غير مشروعة.
المطلب الأول:
الجرائم التي تقع بواسطة الصحافة المكتوبة:
     إن التجريم باعتباره قيدا على الحريات الفردية، و القيود يحكمها أصلان: أن تظل دائما في دائرة الاستثناء فلا ينبغي التوسع فيها أو الإفراط في استخدامها و إلا صارت الحرية هي الإستثناء و القيد هو القاعدة ، و هذا ما تلفظه المبادئ القانونية المستقرة ، و الآخر ألا يلجأ إلى القيود إلا حال وجود ضرورة تبررها، فإن هذا هو ذاته ما يحكم التجريم فهو لا يمكن الإلتجاء إليه إلا لضرورة تدفع إليه، و إذا ما لجأ إليه المشرع  فإنه لا بد أن يكون في إطار الإستثناء ، ذلك أن الإفراط فيه يزيد في خطورته و التفريط فيه أثره جسيم على المجتمع ، ويكفي دليلا على ذلك أن التوسع التجريمي قد غدا اليوم من الأمور المستهجنة في السياسة التشريعية المعاصرة ، و صار القسط فيه و الحد منه بإزالة وصف الإجرام عن سلوكات و أفعال عديدة من الأمور المستحبة، بل إنه يمثل الآن أصلا من أصول السياسة الجنائية المعاصرة دعت إلى الأخذ به و إتباعه المؤتمرات المتخصصة . 
   
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

  و من الثابت أن التجريم و العقاب في مجال الصحافة المكتوبة، كغيرها من مختلف المجالات و الأنشطة الإنسانية، مبدأ من أهم المبادئ الدستورية و أثراها قيمة و أجلّها مكانة، باعتباره ضمانة كبرى للفرد من التحكم و الاستبداد ، و نعني به شرعية الجرائم و العقوبات الذي يقضي بأنه لا جريمة و لا عقوبة إلا بناء على القانون .    
     و المبدأ في معناه التقليدي يعني أن سلطة التشريع هي صاحبة الاختصاص بتحديد الجـرائم و تقرير العقاب عليها على نحو يمتـنع معه على القاضي العقاب على فعل لم يجرمه المشرع أو أن يحكم بعقوبة لم ينص عليها القانون  .
     و على هذا النحو عرف الفقه أن المبدأ يتجه بخطابه إلى القاضي لا إلى المشرع، بحيث يجعل الأول ملتزما بما جرمه الأخر وعاقب عليه، غير أن هذا المبدأ قد اكتسب حديثا أبعادا جديدة وسّعت من نطاقه بحيث لم يعد يتجه بخطابه إلى القاضي المطبق و إنما صار يخاطب المشرع أيضا على نحو أضحت معه سلطته في التجريم و العقاب ليست مطلقة بلا قيد ، واسعة بلا حدود    بمعنى أنه إذا كان للمشرع وفقا لسلطة تحديد التجريم والعقاب أن يختار ما يجرمه، فإنه لا يكون له أن يجرم أي فعل أو أي امتناع ، فسلطته هذه تتقيد بالحدود والضوابط الدستورية التي يتقيد بها حال تنظيمه لحقوق الأفراد التي تكون سلطته إزاءها تقديرية.
    وعلى نحو ما تقدم فإن سلطة المشرع في اختيار ما يجرمه ليست مطلقة و إنما هي سلطة تتقيد بالمقتضيات الدستورية لمبدأ شرعية الجرائم و هي على نوعين:  
أولا ضرورة التجريم:
     يقتضي مبدأ شرعية الجرائم ألا يجرم المشرع من الأفعال، و لا يؤثم من التصرفات إلا ما كانت هناك ضرورة ملجئة لتجريمه أو لتأثيمه، وذلك لأن التجريم بطبيعته هو انتقاص من حرية المواطنين و تضييق لما يتمتعون به من حقوق، و هو يجد مبرره في حماية مصالح أجدر بالرعاية وحقوق أولى بالعناية من ذلك الجزء المجرم من تصرفات الأفراد أو المقتطع بالتأثيم من حرياتهم، لذا فإن التجريم يدور وجودا وعدما مع تلك المصالح الاجتماعية الحيوية، وتلك حقيقة عبر عنها البعض بقوله :" إنه إذا كان المشرع الجنائي هو صمّام الأمن الاجتماعي، فإنه يكون لزاما عليه أن يربط التجريم بالحاجات و المصالح الاجتماعية الملحة.
  الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

    و لأن التجريم قيد و القيود بطبعها تخضع لرقابة القضاء، فإننا نجد في الآونة الأخيرة أن المجلس الدستوري الفرنسي فرض رقابته على الأسباب التي حدت بالمشرع إلى استخدام سلطته في التجريم ، و الوقائع التي استوجبت تدخله ، ولم يكن ليتردد في القضاء بعدم دستورية ما جرمه المشرع من أفعال إذا تبين له أن تجريمها لم تكن له ضرورة تبرره .

ثانيا تحديد الجريمة:
      نزولا على مبدأ شرعية الجرائم لا يكفي أن يجرم المشرع ما كان ضروريا لحماية مصلحة إجتماعية جوهرية ، و إنما يجب أن يحدد تحديدا كافيا الأفعال التي اقتضت الضرورة تجريمهـا و أن يبين بوضوح تام مختلف عناصرها وأركانها .   
      ولقد أخضع المشرع الجزائري قضايا حرية الصحافة المكتوبة للمساءلة في قانونين هما قانون العقوبات و قانون الإعلام، و القانونان يشتركان في وجود العقوبة السالبة للحرية عند ثبوت وقائع مجرمة.
      و سنحاول أن نستعرض الجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة في التشريع الجزائري و ذلك على النحو التالي :
      الفرع الأول: الجرائم المنصوص عليها في قانون الإعلام:
     جاء المشرع في قانون الإعلام 90/07 في الباب السابع منه تحت عنوان أحكام جزائية ليورد بعض الأفعال ، أعتبرت بمفهوم هذا القانون أفعالا تخرج عن دائرة و مجال حرية الصحافة المكتوبة ، و لا تحضى بالحماية الدستورية بل أدخلها دائرة التجريم و افرد لها العقاب المناسـب و ذلك كما يلي : 
* الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة الدين الإسلامي و باقي الأديان السماوية :
      لقد نصت المادة 77 من قانون الإعلام ما يلي: « يعاقب بالحبس من 06 أشهر إلى 03 سنوات و بغرامة مالية تتراوح بين 10.000 دج و 50.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعرض للدين الإسلامي و باقي الأديان السماوية بالإهانة سواء بواسطة الكتابة أو الصوت أو الصورة أو الرسم أو بأية وسيلة أخرى مباشرة أو غير مباشرة».
 ومن ثمة يتضح الآتي :
  
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

   لقد تناول المشرع جريمة الإهانة ( Outrage ( في المادة 144 من قانون العقوبات ، لذلك كان بإمكانه أن يلحق حكم المادة 77 من قانون الإعلام و المتعلقة بإهانة الدين الإسلامي و إهانة الأديان السماوية الأخرى بنص المادة 144 دون أن يكلف نفسه عناء إفراد مادة خاصة بذلك. 
     ومن هذا النص نستخلص أركان الجريمة وهي صفة الضحية– الوسيلة المستعملة– القصد الجنائي .  
أولا صـفة الضـحـية:  ينصب الفعل الإجرامي على الدين الإسلامي و باقي الأديان السماوية. ثانيا الوسيلة المستعملة:  عدد المشرع بعض الوسائل التي ترتكب بها الإهانة ، إذ تـتم بواسطة 
الكتابة أو الصوت أو الصورة أوالرسم ، لكنه جاء بعد ذلك ليفتح المجال أمام أي وسيلة أخرى
مما يفهم أنه عدد تلك الوسائل المذكورة في نص المادة على سبيل المثال لا الحصر.
ثالثا القـصد الجـنـائـي:  تعتبر هذه الجريمة عمدية يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي .
*الجرائم المتعلقة بإصدار الصحف و النشريات و الدورية :
 أولا عدم التصريح المسبق :  وفقا لما سبق بيانه   فإن المشرع قد إشترط من أجل تسجيل إصدار النشريات الدورية و رقابة صحته أن يقدم بذلك تصريح مسبق لوكيل الجمهورية، و مخالفة ذلك يدخل في دائرة التجريم حسب  ما تقضي به المادة 79 حيث تنص « يعاقب كل من يخالف أحكام المواد14...من هذا القانون بغرامة مالية تتراوح ما بين 5000 دج و 10.000 دج و بوقف العنوان أو الجهاز وقتا  معينا أو نهائيا » .
و من ثمة يتضح مايلي :
      بالرجوع إلى نص المادة 14 من قانون الإعلام يعتبر جنحة عدم تقديم تصريح مسبق إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا بمكان صدور النشرية في ظرف ثلاثين يوما من صدور العدد الأول منها.
      و يعاقب على هذا الفعل بالغرامة من 5000دج إلى 10.000 دج كعقوبة أصلية، إضافة إلى عقوبة تكميلية تتمثل في وقف العنوان أو الجهاز بصورة مؤقتة أو نهائية .
 ثانيا عدم احترام الالتزام بالشفافية الإدارية :  تعد مخالفة هذا الإلتزام من قبيل الأفعال المجرمة في قانون الإعلام من خلال نص المادتين 79 و 85 منه .    
  
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

   حيث تنص المادة 79 « يعاقب كل من يخالف أحكام المواد...22 من هذا القانون بغرامة تتراوح مابين 5000 دج إلى 10.000 دج و بوقف العنوان أو الجهاز وقتا معينا أو نهائيا» .
و من ثمة يتضح مايلي :
      بالرجوع إلى أحكام المادة 22 نجدها توضح بدقة الشروط الواجب توافرها في مدير النشرية الدورية و هي أن يكون جزائري الجنسية، أن يكون راشدا و يتمتع بحقوقه المدنية، أن يكون متمتعا بحقوقه الوطنية، أن يكون مؤهلا مهنيا وفقا للإختصاصات، ألا يكون له سلوك مضاد للوطن، أن لا يكون قد حكم عليه بحكم مخل  بالشرف  .
       تعد مخالفة أحكام المادة  22  جنحة في حق مدير النشرية الذي لا تتوفر فيه هذه الشروط
يعاقب عليها بالغرامة من 5000دج إلى 10.000دج كعقوبة أصلية، و بوقف العنوان مؤقتا أو نهائيا كعقوبة تكميلية .
     كما تنص المادة 85 :« يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة مالية تتراوح بين 10.000 دج و 50.000 دج كل شخص يعير إسمه لمالك نشرية أو بائعها المتجول أو الوصي عليها ، و يتعرض للعقوبة نفسها المستفيد من إعارة الإسم »
و من ثمة يتضح الأتي :
- تتمثل هذه الجريمة في إرتكاب جنحة يقوم العقاب فيها على صورتين :
  الصورة الأولى : عقاب أي شخص مهما كانت صفته بإعارة إسمه بأي طريقة و ذلك إلى مالك النشرية، أو بائعها المتجول أو الوصي على النشرية .
 الصورة الثانية : عقاب من يستفيد بهذه الإعارة .
     و العقوبة المقررة لهذه الجنحة هي الحبس من سنة إلى 05 سنوات و بغرامة تتراوح ما بين 10.000 دج و 50.000 دج  .
ثالثا عدم احترام الإلتزام بالشفافية الإقتصادية:  إعتبر المشرع من قبيل الجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة إنتهاك هذا الإلتزام   و ذلك من خلال المادتين 79 و 81 .
     حيث تنص المادة 79 « يعاقب كل من يخالف أحكام المواد...18، 19...من هذا القانون بغرامة مالية تتراوح من 5000 دج إلى 10.000 دج و بوقف العنوان أو الجهاز وقتا معينا أو نهائيا» .
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

و من ثمة يتضح مايلي :
       حسب نص المادة 79 يمكن أن يأخذ هذا الفعل شكلين :
الشكل الأول :   هو عدم قيام عناوين الإعلام بتبرير مصدر الأموال التي يتكون منها رأس مالها وكذا الأموال الضرورية لتسييرها، وهو الإلزام الذي جاءت به أحكام المادة18 من قانون الإعلام.
الشكل الثاني :   هو عدم التصريح بهذه الأموال وذلك حسب الشكل الذي تقضي به المادة 19 التي وردت  بها  المعلومات التي يجب أن يشتمل عليها التصريح .
      و يعاقب على مخالفة هذه الأحكام بالغرامة المالية من 5000 دج إلى 10.000 دج كعقوبة أصلية، إضافة إلى عقوبة تكميلية تتمثل في وقف العنوان أو الجهاز بصورة مؤقتة أو نهائية .
      كما تنص المادة 81:« يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات و بغرامة مالية تتراوح بين 30.000 دج و300.000 دج كل مدير لإحدى العناوين أو الأجهزة الإعلامية المذكورة في المادة الرابعة أعلاه و يتلقى باسمه أو لحساب النشرية بكيفية مباشرة أو غير مباشرة أموالا أو منافع من هيئة عمومية أو هيئة أجنبية، ما عدا الأموال المخصصة في دفع الإشتراكات و الإشهار حسب التعريفات و التنظيمات المعمول بها ».
 و من ثمة يتضح الأتي :
       تعتبر هذه الجريمة جنحة و هي جريمة عمدية  تقوم أركانها على :
الركن المـادي :  و هو تلقي مدير النشرية بكيفية مباشرة أو غير مباشرة لأموال أو منافع سواء كان ذلك من هيئة عمومية أو هيئة أجنبية .
الركن المعنوي :  و هو القصد الجنائي من خلال إتجاه الإدارة إلى تلقي هذه الأموال أو المنافع مع العلم بأنها من هيئة عمومية أو أجنبية ، و تخرج عن الأموال المخصصة في دفع الإشتراكات و الإشهار .
       و يعاقب المشرع على هذه الجنحة بالحبس من سنة إلى 05 سنوات و الغرامة من 30.000 دج إلى 300.000 دج .
    و الواضح ان المشرع من خلال المادتين أعلاه أراد حماية أحد أهم قواعد حرية الصحافة المكتوبة و المتمثل في حق ملكية الصحف و إصدارها على النحو السابق بيانه. 
* الجرائم المتعلقة بتداول الصحف :

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

أولا عدم إحترام شكليات الإيداع :  في إطار تنظيمه لعملية إصدار النشريات الدورية أوجب المشرع القيام بعملية الإيداع  موضحا الكيفيات التي يتم بها ، وذلك على النحو الذي سبق بيانه  حيث اعتبر المشرع  أن مخالفة هذه الشكليات فعل مجرم، إذ تنص المادة 84«   يعاقب على عدم
 احترام شكلية الإيداع  المنصوص عليها في المادة 25 بغرامة مالية تتراوح ما بين 10.000 دج    و50.000 دج دون المساس بالعقوبات المنصوص عليها في المواد 85 و مايليها من هذا القانون». 
و من ثمة يتضح الأتي :
      بعد أن قرر المشرع في قانون الإعلام شكليات معينة للإيداع ورد النص عليها بالمادة 25 من هذا القانون،  جاء من خلال المادة 84 ليعتبر جنحة عدم إحترام هذه الشكليات .
       و يعاقب على هذه الجنحة بعقوبة الغرامة التي تتراوح بين 10.000 دج و 50.000دج.  
ثانيا بيع النشريات الدورية الأجنبية المحظورة الاستيراد والتوزيع:       
       يظهر ذلك من خلال المادة 82 من قانون الإعلام ، حيث تنص هذه الأخيرة« يعاقب على بيع النشريات الدورية الأجنبية المحظورة الإستيـراد و التوزيع في الجزائر بالحبس من شهر إلى سنتين و بغرامة مالية تتراوح من :1000 دج إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين دون المساس بتطبيق قانون الجمارك ».
       و من ثم يتضح الأتي :  
    قررت هذه المادة جنحة تقوم أركانها على :
الركن مادي:   يقوم على العناصر التالية :
   - القيام ببيع نشريات دورية .
                 - أن تكون هذه النشريات أجنبية .         
                 - أن تكون محظورة الإستيراد و التوزيع في الجزائر .
القصد جنائي:  حيث تعتبر هذه الجنحة عمدية ، يتوقف قيامها على توفر القصد الجنائي المتمثل في العلم بأن هذه النشريات أجنبية و محظور استرادها و توزيعها في الجزائر،و إتجاه الإرادة إلى القيام ببيعها وتوزيعها، والقصد الجنائي هنا مفترض يقع على عاتق الجاني إثبات إنعدامه .
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
    و يعاقب على هذه الجنحة بالحبس من شهر إلى سنتين و بالغرامة من 1000 دج إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين .
ثالثا البيع في  الأماكن العمومية بدون تصريح:
     تقرر المادة 83« يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة أو بغرامة مالية تتراوح بين1000 دج إلى 5000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل بائع متجول يبيع دون تصريح أو يستظهر تصريحا غير صحيح في شأن الـبيع المتجول كما هو محدد في المادة 54 أعـلاه و يمكن أن تأمر الجهة القضائية بحجز النشريات زيادة على ذلك».
     و من ثمة يتضح مايلي :
     تعتبر هذه الجريمة من قبيل الجنح ،  فالحاصل أن المشرع أخضع بـيع  النشريات الدورية و الأجنبية و كذا توزيعها في الطريق العام أن يكون بحوزة البائع تصريحا مسبقا من البلدية التي تحصل عملية البيع أو التوزيع بدائرتها وعلى هذا تقوم هذه الجنحة على العناصر التالية:  
   
    - أن يكون للجاني صفة البائع المتجول .
    - أن يقوم بعملية البيع للنشريات الدورية الوطنية أو الأجنبية دون أن يقوم بتصريح مسبق لدى البلدية التي يحصل بها البيع أو التوزيع .
    - أو يقوم بعملية البيع مستظهرا تصريحا غير صحيح .
     و يعاقب على هذه الجنحة بالحبس من شهر إلى سنة و بغرامة مالية من 1000 دج إلى5000دج  أو بإحدى هاتين العقوبتين و ذلك كعقوبة أصلية.
مع إمكانية الحكم بعقوبة تكميلية تتمثل في حجز النشريات محل الجريمة .
      و لقد جرم المشرع هده الأفعال و ذلك نية منه لحماية الحق في تداول الصحف من خلال البيع و التوزيع المشروعين لها .
* الجرائم المتعلقة بنشر أخبار غير صحيحة : 
       إن قانون الإعلام يعاقب على نشر الأخبار الخاطئة التي من طبيعتها تعكير صفو الأمن العام، أو من شأنها أن تمس بالوحدة الوطنية .
      حيث تنص المادة 86 « يعاقب كل من ينشر أو يدير عمدا أخبارا خاطئة أو مغرضة من شأنها أن تمس أمن الدولة و الوحدة الوطنية، بالسجن المؤقت من 5 إلى 10سنوات ».
      و من ثمة يتضح مايلي :
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

تعتبر هذه الجريمة من قبيل الجنايات إذ وضع لها المشرع عقوبة جنائية، و تقوم هذه الجريمة  على العناصر التالية :
                - فعل إيجابي يتمثل في نشر أو إدارة أخبار خاطئة أو مغرضة .
                - أن تكون هذه الأخبار من شأنها المساس بأمن الدولة و الوحدة الوطنية .
                - أن يكون إرتكاب هذا الفعل عن عمد .
     فإذا توافرت هذه العناصر جملة قامت جناية المساس بأمن الدولة و الوحدة الوطنية التي يعاقب عليها بالسجن المؤقت من 05 إلى 10 سنوات .
    وحسنا فعل المشرع أن أورد هذه الجريمة في قانون الإعلام ولم يوردها في الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة المنصوص عليها في قانون العقوبات، و ذلك لتعلق الأمر بجرائم الصحافة المكتوبة المنظمة من خلال قانون الإعلام.
    و تعد هذه الجريمة قيدا على حرية الكتابة في الصحف، إذ ينبغي أن تتقيد هذه الحرية بحد طبيعي و هو عدم المساس بنظام و أمن الدولة العموميين.
*جريمة التحريض على ارتكاب الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة : 
      يعاقب القانون على التحريض لأجل ارتكاب جناية أو جنحة ضد أمن الدولة و الوحدة الوطنية، حيث تنص المادة 87 « كل تحريض بأي وسيلة من وسائل الإعلام على ارتكاب الجنايات و الجنح ضد أمن الدولة و الوحدة الوطنية يعرض مدير النشرية وصاحب النص لمتابعات جزائية باعتبارهما مشاركين في الجنايات و الجنح التي تساهم فيها إذا ترتبت عليها أثار.
      و يعاقب المدير و صاحب النص بالحبس من سنة إلى05 سنوات و بغرامة مالية تتراوح ما بين10.000دج و100.000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، إذا لم يترتب على التحريض أثر».
       و من ثمة يتضح مايلي :
 تتمثل هذه الجريمة في تحريض الغير على إرتكاب جناية أو جنحة و ذلك بأي وسيلة من وسائل الإعلام ، و يتمثل العقاب على هذه الجريمة في صورتين :
أولا صورة العقاب على الجريمة التامة :   في حالة تمام الجريمة أي أنه في حالة وقوع الجناية أو الجنحة التي حرض الصحفي على إرتكابها ، يعاقـب هذا الصحفي صاحب النص و كذا مدير 
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

النشرية التي نشر على صفحاتها المقال بعقوبة الشريك وفقا للقواعد العامة الواردة في المادة 44 من قانون العقوبات، و على ذلك يكون مقدار العقوبة على قدر عقوبة الجناية أو الجنحة التي إنصب التحريض عليها .
ثانيا صورة العقاب على الشروع :   في حال عدم تمام الجريمة أي إذا لم يترتب على التحريض تمام الجناية أو الجنحة، يطبق القاضي العقوبة المقررة بنص المادة 87 و هي الحبس من سنة إلى  05 سنوات و بالغرامة من 10.000 دج إلى 100.000 دج أو بإحد هاتين العقوبتين .
*جريمة الإساءة للدفاع الوطني :  
     عمل المشرع دائما على حماية أسرار الدفاع الوطـني و المسائل العسكرية السرية عن طريق منع نشر كل ما يتعلق بهذه المسائل .
     حيث تنص المادة 88 « يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في المادتين 67 و69 من قانون العقوبات كل من ينشر أو يذيع بالوسائل المنصوص عليها في المادة 4 أعلاه، خبرا أو وثيقة تتضمن سرا عسكريا » .
     و من ثمة يتضح الأتي :
تقوم هذه الجريمة على العناصر التالية :
     - أن يكون فعل إيجابي يتمثل في عملية النشر .
     - أن يتم النشر بإحدى الوسائل المنصوص عليها بالمادة 04 و منها الصحافة المكتوبة .
     - أن يتضمن النشر لوثيقة أو سر عسكري .
     و بالرجوع إلى نص المادتين 67 و 69 من قانون العقوبات فإن هذه الجريمة قد تكون جناية كما قد تكون جنحة .   
1- تكون جناية حسب نص المادة 67 من قانون العقوبات إذا كان الفعل المتمثل في نشر خبر أو وثيقة تتضمن سرا عسكريا من شأنه أن يؤدي إلى الكشف عن سر من أسرار الدفاع الوطني .     
2- و يكون الفعل ذاته جنحة إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بالدفاع الوطني ، أو يؤدي  إلى علم شخص لا صفة له في الإطلاع عليها أو إلى علم الجمهور دون أن تكون لديه نيه الخيانة أو التجسس .
      و تكون العقوبة في هذه الحالة هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
*جرائم المساس بالسر القضائي : 
   الفصل الثاني                              القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

    وضع المشرع من خلال قانون الإعلام مبدأ عاما و هو منع نشر المناقشات القضائية و ذلك من خلال مايلي :
أولا جريمة المادة 89 :  حيث تقرر هذه المادة« يعاقب كل من ينشر بالوسائل المنصوص عليها في المادة 04 أخبارا أو وثائق تمس سر التحقيق و البحث الأوليين في الجنايات و الجنح بالحبس من شهرا إلى 06 و بغرامة تتراوح مابين :5000 دج إلى 50000دج». 
     و من ثمة يتضح مايلي :
تعد هذه الجريمة جنحة تتلخص أركانها فيما يلي : 
1-  حـدوث النشر بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 04 و منها الصحافة المكتوبة .
2-  أن يتضمن النشر أخبارا أو وثائق بشأن التحقيق و البحث الأوليين في الجنايات و الجنح .
3-  القصد الجنائي الذي يقوم بتحقق النشر.
      و فيما يتعلق بالعقوبة و هي الحبس من شهر إلى 06أشهر و الغرامة من 5000دج إلى  50.000 دج .
ثانيا جريمة المادة 90  :
       تقررهذه المادة« يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة مالية تتراوح ما بين 5000 دج إلى 100.000 دج  كل من ينشر أو يذيع بأية وسيلة صورا أو رسوما أو بيانات توضيحية أخرى تحكي كل ظروف الجنايات أو الجنح أو بعضها المنصوص عليها في المواد 255 إلى 263 و 333 إلى 342 من قانون العقوبات ».
       و من ثمة يتضح الأتي :
       تعد هذه الجريمة جنحة تتلخص أركانها فيما يلي :
1- حدوث نشر بالصور أو الرسوم أو من خلال بيانات توضيحية أو بأية وسيلة أخرى .
2- أن ينصب النشر على كل أو بعض ظروف الجنايات و الجنح .
3- أن يتعلق الأمر بالجنايات و الجنح المحددة في المواد من 255 إلى 263 ق.ع و هي القتل العمد ، الإجهاض و التسميم، و كذا الجنايات والجنح المحددة في المواد 333 إلى442 ق.ع و هي 
   

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

   الفعل العلني المخل بالحياء ( المادة 333 )، الفعل المخل بالحياء على قاصر (المادة 334 ) الفعل المخل بالحياء (المادة 335 )،الإغتصاب (المادة 336 )، الفاحشة بين ذوي المحارم (المادة 337 )، التحريض على الفسق ( المادة 342 ) .
      و يعاقب القانون على هذه الأفعال  بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و غرامة من 5000دج إلى 100.000دج.
ثالثا جريمة المادة 92 : 
      تنص هذه المادة على أنه « يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة و بغرامة من 2000دج إلى 10.000 دج كل من ينشر فحوى مداولات الجهات القضائية التي تصدر الحكم إذا كانت جلساتها مغلقة ».
      ومن ثمة يتضح مايلي :
      تعد هذه الجريمة جنحة ، تتعلق بحماية ما يجري أمام الجهات القضائية من مداولات إذا تقرر أن تكون جلساتها مغلقة، و تتلخص الأركان العامة لهذه الجريمة في الأتي :
1- أن يقع النشر بطريق الصحافة المكتوبة.
2- أن يقع النشر على فحوى مداولات جهات الحكم المدنية أو الجزائية التي قررت عقد جلساتها مغلقة .
       و فيما يتعلق بالعقـوبة قرر المشرع العقاب على هذه الجريمة بالحبس من شهر إلى سـنة و بغرامة من 2000دج إلى 10.000 دج.
رابعا جريمة المادة 93 :
تقرر هذه المادة :« يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة من 2000دج إلى 10.000 دج كل من ينشر أو يذيع عن مداولات المرافعات التي تتعلق بالأحوال الشخصية أو الإجهاض».
      و من ثمة يتضح مايلي :
     تعد هذه الجريمة جنحة، وذلك من أجل حماية ما يجري من مرافعات أمام المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية(شؤون الأسرة) و كذا الإجهاض و تتلخص عناصر هذه الجريمة فيما يلي :

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

- وقوع نشر بطريق الصحافة المكتوبة.
- أن يقع النشر على ما يقع من مرافعات أمام المحاكم الناظرة في قضايا الأحوال الشخصية (شؤون الأسرة) أو قضايا الإجهاض.
       و يعاقب على هذه الجنحة بالحبس من شهر إلى ثلاث أشهر و بغرامة من 2000دج إلى 10.000 دج .
خامسا جريمة المادة 94 :
     حيث تقرر هذه المادة :« يمنع إستعمال أي جهاز تسجيل أو آلة تصوير ...عادية عقب إفتتاح الجلسة القضائية ، ما لم تأذن بذلك الجهة القضائية و يعاقب على مخالفة ذلك بغرامة مالية تتراوح ما بين 2000 دج و10.000 دج ».
      و من ثمة يتضح مايلي :
       يحظر على الصحافة المكتوبة القيام بفعل تصوير ما يدور بالجلسة و نشر تلك الصور على صفحات الجرائد دون إذن الجهة القضائية .
       و يعد مخالفة ذلك جنحة أقر لها المشرع عقوبة الغرامة من 2000 دج إلى 10.000 دج. 
*جريمة نشر الأخبار الخاصة بالقصر:
       تقرر المادة 91 من قانون الإعلام على أنه«يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة أو بغرامة من 5000 دج إلى 100.000 دج كل من ينشر أو يذيع بأي وسيلة كانت قصد الإضرار أي نص أو رسم بياني يتعلق بهوية القصر و شخصيتهم إلا إذا تم هذا النشر بناءا على رخصة أو طلب الأشخاص المكلفين ».
       و من ثمة يتضح ما يلي :
       حماية للقصر فإن المشرع قيّد من حرية الصحافة المكتوبة ومنع عليها أن تنشر كل ما يتعلق بهوية القصر و شخصيتهم، و على هذا تقوم عناصر هذه الجنحة فيما يلي :
1- الإقدام على النشر بأية وسيلة و منها الصحافة المكتوبة .
2- أن يتعلق النشر بهوية القصر وشخصيتهم .
3- أن ينطوي النشر على نية الإضرار .
4- إنعدام رخصة أو طلب من الأشخاص المكلفين بالقصر .
  
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

     و تعد هذه الجريمة جنحة معاقبا عليها بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة و بغرامة من 5000 دج إلى 100.000 دج .   

*جريمة إهانة رؤساء الدول:
 تقرر المادة 94 على أنه«يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة و بغرامة من 3000 دج إلى 30.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعمد بأي وسيلة من وسائل الإعلام إهانة رؤساء الدول الذين يمارسون مهامهم مع مراعاة أحكام المادة 03 أعلاه » 
       و من ثمة يتضح مايلي :
       تعتبر هذه الجريمة جنحة تقوم على الأركان التالية :
1- السلوك الإجرامي و هو القيام بفعل الإهانة .
2- صفة المجني عليه و هو رئيس دولة يمارس مهامه.
3- الوسيلة و هي أي وسيلة من وسائل الإعلام و تعد الصحافة المكتوبة أهمها.
4- ثبوت القصد الجنائي.
     و يعاقب على هذه الجنحة بالحبس من شهر إلى سنة و بغرامة من 3000دج إلى30.000 دج  
*جريمة إهانة أعضاء الهيئات الدبلوماسية :
تقرر المادة 98« يعاقب بالحبس من 10 أيام إلى سنة و بغرامة من 3000دج إلى 30.000 دج كل من يهين بأية وسيلة من وسائل الإعلام رؤساء البعثات الدولية و أعضائها المعتمدين لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية ».
      و من ثمة يتضح مايلي :
      تعتبر هذه الجريمة جنحة و هي جريمة عمدية  تقوم أركانها على :
1- فعل الإهانة بأية وسيلة من وسائل الإعلام و منها الصحافة المكتوبة .
2- أن يقع العيب أو الإهانة في حق ممثل دولة أجنبية معتمد لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية. 
الفرع الثاني الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات:

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

   إن المشرع الجزائري قد سلك مسلك المشرع المصري حينما نص على جريمة القذف والسب و الإهانة المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة في قانون العقوبات، وهذا خلافا للمشرع الفرنسي الذي نص على هذه الجرائم في قانون الإعلام( قانون 20/07 1981 المعدل و المتمم ).
     وإن كنت أعيب ذلك على المشرع الجزائري ، إذ توحيدا للنصوص القانونية التي تحكم الإعلام بصفة عامة و الصحافة المكتوبة بصفة خاصة ، وحتى لا يتيه القاضي بين نصوص مبعثرة في قوانين مختلفة ، كان الأجدر أن تأتي هذه الجرائم منصوصا عليها في قانون الإعلام .
و سأتناول هذه الجرائم على التوضيح التالي : 
أولا جريمة القذف Diffamation :  
     تعرف المادة 296 من قانون العقوبات القذف على النحو التالي : « يعد قذفا كل إدعاء بواقعة من شأنها المساس بشرف و اعتبار الأشخاص أو الهيآت المدعى عليها بها أو إسنادها إليهم أوالى تلك الهيأة » .
     و تضيف نفس المادة في شطرها الثاني : « يعاقب على نشر هذا الإدعاء أو ذلك الإسناد مباشرة أو بطريق إعادة النشر حتى و لم تم ذلك على وجه التشكيك أو إذا قصد به شخص أو هيأة دون ذكر الإسم و لكن كان من الممكن تحديدهما من عبارات الحديث أو الصياح أو التهديد أو الكتابة أو المنشورات أو اللافتات أو الإعلانات موضوع الجريمة ». 
      فيما نصت المادة 144 مكرر و 146 على أن القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية أو الهيآت المؤسسة أو الهيآت العمومية، قد يكون بأي آلية لبث الصوت أو الصورة أو بأي وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى .
      و من ثمة يتضح الآتي : 
      تقوم جريمة القذف على أركان ثلاث وهي : الإدعاء بواقعة شائنة أو إسنادها للغير ، العلنية القصد الجنائي .
 الركن الأول الإدعاء بواقعة شائنة أو إسنادها للغير : 
1) الإدعاء أو الإسناد:   فالإدعـاء يحمل معنى الرواية عن الغير أو ذكر الخبر محتملا الصدق أو الكذب ، وأما الإسناد فهو يفيد نسبة الأمر إلى شخص المقذوف على سبيل التأكيد سواء كانـت 

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

الوقائع المدعي بها صحيحة أم كاذبة ، و لا يتحقق القذف بالإسناد المباشر فحسب ، بل يتحقق أيضا بكل صور التعبير و لو كان ذلك بصفة تشكيكية أو إستفهامية أو غامضة .
      و يستوي في القذف أن يسند القاذف الأمر الشائن إلى المقذوف على أنه عالم به أو يسنده إليه بطريق الرواية عن الغير ، و تبعا لذلك فقد قضي بأنه يعد قذفا من ينشر في جريدة مقالا سبق نشره في جريدة أخرى و كان يتضمن قذفا، على أساس أن إعادة النشر يعد قذفا جديدا  .
2)  تعيين الواقعة:  يجب أن ينصب الإدعاء أو الإسناد على واقعة معينة و محددة، و بهذا الشرط يتميز القذف عن السب لأنه إذا كان الإسناد خاليا من واقعة معينة فإنه يكون سببا لا قذفا .
3)  واقعة من شأنها المساس بالشرف أو الإعتبار: و الواقع أن القضاء لا يميز بين الفعل الماس
بالشرف، والفعل الماس بالإعتبار ، وفي هذا السياق قضي بأن ما ورد في الصحافة من أن الـجد
يضطهد  حفيده  وينتقم منه بكل كراهية و ابتزاز دنيء، فيه مساس بالشرف و الاعتبار  .
     كما قضي كذلك بأن العبارات التي وردت في مقال صحفي بشأن طبيب، كون ما يقوم به غير أخلاقي و أنه يحطم العتاد...و يرفض المرضى... تقع تحت طائلة المادة 296 من قانون العقوبات لكونها تمس بشرف و اعتبار الشخص المقصود  . 
     و تعد مسألة المساس بالشرف و الإعتبار مسألة موضوعية يرجع تقديرها لقضاء الموضوع  
و المهم في الأمر أن المشرع الجزائري لا يشترط أن تكون للواقعة المسندة صحيحة، فالقانون يعاقب على مجرد الإسناد صحت وقائعه أم لم تصح، و هذا على خلاف كل من المشرع المصري و الفرنسي اللذان يشترطان عدم صحة الوقائع المسندة .
4) تعيين الشخص أو الهيأة المقذوفة  :  يجب أن يكون المقذوف معينا ، وهي مسألة وقائع تفصل فيها محكمة الموضوع ، فإذا لم يكن تعيين الشخص المقذوف ممكنا فلا يقوم القذف.

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

* الركن الثاني الـعلانـية :  وهو الركن المميز لجنحة القذف،  فإن غاب هذا الركن أصبحت الجريمة مخالفة يعاقب عليها القانون في المادة 463/2 بعنوان السب غير العلني ومن ثم وجب على القاضي إبراز هذا  الركن في حكمه و إلا كان مشوبا بالقصور  .
       وتتحقق العلنية في جريمة القذف بوسائل وطرق متعددة كالكتابة، وبيع المطبوعات وتوزيعها أو عرضها للبيع في مكان عام.            
      غير أن المشرع الجزائري يؤخذ عليه عدم تحديده بدقة ووضوح طرق العلانية إذ اكتفت المادة 296 في بداية الأمر بذكر النشر وإعادة النشر دون بيان سندات النشر، ولعل هذا الخلل يرجع إلى كون المشرع عندما اقتبس أحكام القذف من قانون الأعلام الفرنسي أغفل نقل ما نصت عليه المادة 23 من هذا القانون والتي عرفت طرق العلانية، وانتقل مباشرة إلى نقل محتوى المادة 29 التي تقابل نص المادة 296 ق.ع في الوقت الذي أحال فيه المشرع الفرنسي بخصوص طرق العلانية إلى نص المادة 23 .
الركن الثالث القصد الجنائي :   ويتمثل في معرفة الجاني أن كتابته وما نشره في الصحف يصيب المقذوف في شرفه واعتباره، ولا عبرة بالغرض أو الباعث الشريف .    
      وخلافا للقاعدة العامة القائمة على أساس أن حسن النية مفترض في المتهم، إلا أنه في جريمة القذف سوء النية هو المفترض دائما، لأن الذي يقذف شخصا أو هيئة عليه إثبات صحة الوقائع محل القذف وليس الشخص المقذوف الذي يتحمل ذلك، ومن ثم يتعين على المتهم تقديم الدليل على حسن نيته، وعلى هذا قضي بأنه يفترض في الإسنادات القاذفة أنها صادرة بنية الإضرار، ومن ثم فليس من الضروري إثبات سوء نية المتهم في قرار الإدانة مادام أنه ثبت الطابع القاذف للواقعة محل المتابعة   .
مسألة صحة الواقعة محل القذف :  لا يعتد المشرع الجزائري بصحة الواقعة المسندة فيقوم القذف بمجرد الإسناد، وهذا على خلاف كل من المشرع الفرنسي والمصري الذين يعتبران صحة الواقعة  كسبب لإباحة القذف. 
      ففي القانون المصري  يباح القذف في الحالات التالية : 
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

الطعن في أعمال موظف عام أو من في حكمه " المادة 302/2 ق ع " .
1- إخبار الحكام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعله " المادة 304 ق ع " .
2- إسناد القذف من خصم إلى آخر في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم " 309 ق ع ". 
      وفي القانون الفرنسي : تجيز المادة 35 من قانون الإعلام للقاذف إثبات صحة الواقعة المسندة إلى المقذوف، وإذا حصل ذلك تسقط التهمة غير أنه لا يجوز التحجج بصحة الواقعة في الحالات الآتية 
- إذا كان الاسناد يتعلق بالحياة الخاصة للأفراد . 
         -  إذا كان الإسناد يخص وقائع مرت عليها أكثر من 10 سنوات. 
                -  إذا كان الإسناد يخص واقعة تشكل جريمة حصل فيها عفو شامل أو تقادمت أو صدر فيها عقوبة شملها رد الإعتبار أو كانت محل مراجعة. 
      ويبدو أن كلا من المشرعين المصري والفرنسي بأخذهما بأسباب إباحة القذف الموجه للموظفين بصفة عامة فيما لا يتعلق بحياتهم الخاصة، الغرض منه الكشف عن أخطائهم وتعسفاتهم في حق أفراد المجتمع   .
      فلا يعقل أن تبقى تصرفات الموظفين بصفة عامة السيئة والضارة في المجتمع، في مأمن من التعرض لها حتى ولو كانت تتضمن قذفا، وهو ما جعل أحد الفقهاء يقول " إذا خاف المواطنون من ممارسة حق النقد في مواجهة الأشخاص والهيآت العامة قلت عناية هؤلاء الأشخاص وهذه الهيآت العامة بمهامها، فالنقد ضمان لحرية التعبير وضمان لحرية الفرد في الدفاع عن مصالحه المشروعة ومن ثمة يتعين تبرئة صاحبه من تهمة القذف"  .
      وما أبلغ ما ذهب إليه القضاء الفرنسي في هذا المجال ، وهو القبول بإثبات صحة الوقائع محل القذف في حـق الموظف حتى ولو كان جانب منها يمس بالحياة الشخصية له ، حيث قضي بأنه في حالة المتابعة من أجل جريمة القذف ولم يكن في الإمكان تقسيم بين الإدعاءات الداخلة في الحياة الشخصية للشاكي والإدعاءات المتعلقة بوظائفه، فإن نتيجة عدم إمكانية هذا التقسيم والتفريق هو قبول الإثبات للكل .

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

 لهذا فإن إقرار إباحة إثبات الوقائع محل القذف اتجاه الموظفين في التشريعين الفرنسي والمصري، هو ترجيح كفة المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وعملية الموازنة بينهما تقتضي بالضرورة في جميع الأحوال والظروف تغليب المصلحة العامة. 
     ولقد جاء مشروع القانون العضوي  ليجيز إقامة البينة من المتهم حول صحة الوقائع محل القذف، فقد نصت المادة 85 منه « تشكل إقامة البينة من المتهم كتابيا أو بواسطة شهود على صحة الاتهامات التي سببت الملاحقات على القذف بواسطة هيئة الإعلام فعلا مبررا ».
     كما أنه يستشف من بعض قرارات المحكمة العليا أنها تميل إلى الأخذ بصحة الواقعة كسبب لإباحة القذف، وهكذا قضي بأنه لا يقع تحت طائلة القانون  إسناد الإدعاء بواقعة إلا إذا لم يتمكن صاحب الإدعاء من إثبات إدعائه ومن ثم يتعرض للنقض القرار الذي لم يبرز أن الواقعة محل الشكوى غير حقيقية  .
      وقضى كذلك بأنه لا تقوم جريمة القذف في حق المتهم ما دام التحقيق قد أثبت عدم صحة الوقائع المنسوبة إليه  .
      ومن حيث الجزاء فإنه يختلف بحسب من وجه إليه القذف : 
أولا عقوبة القذف الموجه للأفراد :  تعاقب المادة 298/1 على القذف الموجه للأفراد بالحبس من 05 أيام إلى 06 أشهر و غرامة من 5000دج إلى 50.000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين. 
      و إذا كان القذف موجها إلى شخص أو أكثر ينتمون إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو إلى دين معين ، وكان الغرض منه التحريض على الكراهية بين المواطنين أو السكان فتكون العقوبة بالحبس من شهر إلى سنة و غرامة من10.000دج إلى100.000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين. 
ثانـيا عقوبة القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية والهـيآت :  لم يكن القذف الموجه للهـيآت و لرئيس الجمهورية معاقبا عليه في قانون العقوبات قبل تعديله بموجب القانون 01/09 المؤرخ في 26/06/2001، رغم أن القذف الموجه للهيآت مجرم بنص المادة 296 و جاء القانون المذكور لسد هذه الثغرة ، غير أن  المشرع لم يوفق في مسعاه من الناحية المنهجية ، ذلك أنه كان منتظرا أن تدرج عقوبة القذف الموجه إلى الهيآت ضمن أحكام الفصل الأول من الباب الثاني الخاص بالجنايات و الجنح ضد الأشخاص، و تحديدا في القسم الخامس بعنوان الإعتداء على شرف و اعتبار الأشخاص وذلك مباشرة بعد العقوبات المقررة للقذف الموجهة للأفراد في 
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
المادة298 قانون العقوبات، غير أن المشرع سلك مسلكا آخر بإدراجه عقوبة القذف الموجه للهيآت ضمن أحكام الفـصل الخامس من الباب الأول الخاص بالجنايات و الجنح ضد النظام العـمومي و تحديدا في القسم الأول بعنوان الإهانة و التعدي على الموظف.  
      وبالرجوع إلى المواد 144 مكرر   و 146 المستحدثة تطبق على القذف   الموجه إلى رئيس الجمهورية و إلى الهيآت و على الإساءة إلى الرسول و الأنبياء الآخرين و شعائر الدين الإسلامي العقوبات الآتية : 
- عقوبة القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية  وهي الحبس من 03 أشهر إلى 12 شهرا و غرامة من 50.000 دج إلى 250.000 دج بالنسبة لمرتكب هذه الجريمة و تعاقب النشرية بغرامة من 500.000 دج إلى 2.500.000 دج
- عقوبة القذف الموجه إلى الهيآت الحبس من 03أشهر إلى 12 شهر و غرامة من 500.000 دج إلى 2.500.00 دج .
- عقوبة الإساءة إلى الرسول (ص) و بقية الأنبياء أو الإستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأية شعيرة من شعائر الدين الإسلامي : الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات و غرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج. 
ثانيا الســب Injure  : 
      و هو الفعل المنصوص عليه في المادة 297 من قانون العقوبات، إذ تنص على « يعد سبا كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقيرا أو قدحا لا ينطوي على إسناد أية واقعة » .
      ومن هذا التعريف يستخلص أن جنحة السب قد ترتكب بواسطة الصحافة المكتوبة إذا توافرت أساسا الأركان التالية : 
الركن الأول التعبير المشين أو البذيء: 
1-  طـبيعة التعبير :  على خلاف القذف فانه لا يشترط في السب إسناد واقعة معينة للـشخص و إنما يكفي أن تنطوي العبارة المستعملة على عنف وكلام ماجن أو بذيئ ، مع العلم أن تقرير 



 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
طبيعة التعبير يختلف حسب المكان و الزمان ، و يرجع للقضاء تقدير ذلك ، وبذلك يتعين على المحكمة أن تذكر في حكمها ألفاظ السب وإلا كان حكمها مشوبا بقصور الأسباب. 
2- الإسناد في السب : و هو العنصر الذي يميز القذف عن السب ، فالقذف لا يكون إلا بإسناد معين، أما السب فيتوفر بكل ما يتضمن خدشا للشرف أو الإعتبار. 
3-   تعيين المقصود بالسب:  يجب أن يوجه السب إلى أشخاص معينين سواء كانوا طبيعيين أم معنويين، و تبعا لذلك لا تقوم الجريمة إذا كانت ألفاظ السب عامة أو موجهة إلى أشخاص خياليين.
        وبوجه عام تتفق جريمة السب و القذف التي يمكن أن ترتكبها الصحافة المكتوبة من حيث الأشخاص المستهدفين وهم : 
- الأفراد المادة 299 ق ع. 
  - الأشخاص المنتمون إلى مجموعة عرقية المادة 298 مكرر .
  - الهيآت  المادة 146 .
  - رئيس الجمهورية  المادة 144 مكرر .
  - الرسول صلى الله عليه وسلم وباقي الانبياء  المادة 144 مكرر 2 .
  - شعائر الدين الإسلامي  المادة 144 مكرر 2  .
الركن الثاني  العلانية  : 
       مثلما هو الحال بالنسب للقذف ، تشترط جنحة السب العلانية، و هي نفس العلانية التي يقتضيها القذف ، وتتحقق بالكتابة و النشر و توزيع النشريات ...
       غير أن العلانية ليست ركنا أساسيا في جريمة السب إذ لا تنتفي الجريمة بانتفاء العلانـية و إنما تتحول من جنحة إلى مخالفة حسب المادة 463/02 .
      لكن  اللافت للانتباه أن المشرع لم يشر إلى العلانية في نص المادة 297 خلافا لما هو عليه
 الحال في القانون الفرنسي الذي اشترط هذا العنصر في الجنحة   . 
       و عن الجزاء المقرر لهذه الجنحة ، فإنه على غرار القذف تختلف العقوبة بإخلاف صفة المستهدف بالسب و ذلك كمايلي : 
       – السب الموجه للأفراد : تكون العقوبة بالحبس من 06 أيام إلى 03 أشهر و غرامة من 5000دج إلى 50.000 دج أو إحدى هاته العقوبتين (المادة 299).  
     الفصل الثاني                        القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

  - السب الموجه للشخص أو الأشخاص المنتمين إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو دين معين: تكون العقوبة من 5 أيام إلى 6 أشهر و غرامة من 5000دج إلى 50.000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين ( المادة 298 مكرر) .
       - السب الموجه إلى رئـيس الجمهـورية وعقوبته الحبـس من 3 أشهر إلى 12 شهـرا و غرامة من 50.000دج إلى 250.000 دج بالنسبة للناشر و الغرامة من 500.000 دج إلى 2.500.000 دج بالنسبة للنشرية ( المادتان 144 مكرر و 144 مكرر 1).
       - السب الموجه إلى الهيآت : و عقوبته الحبس من 03 أشهر إلى 12 شهر و غرامة من 50.000 دج إلى 250.000 دج ( المادتان 144 ، 146) .
       - السب الموجه للرسول صلى الله عليه و سلم و بقية الأنبياء ، و الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأية شعيرة من شعائر الدين الإسلامي : تكون العقوبة بالحبس من 3 إلى 5  سنوات و غرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج ( المادة 144 مكرر2) .
        و الجدير بالذكر أن المشرع الجزائري لم يأخذ بالاستفزاز كـعذر مبرر و هذا خلافا للمشرع الفرنسي و المصري أين يباح السب للاستفزاز.
ثالثا الإهـانة Outrage  :  
        و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 144 ق.ع  حيث تعاقب هذه المادة كل
من « أهان قاضيا أو موظفا أو قائدا أو ضابطا عموميا أو أحد رجال القوة العمومية بالقول أو الإشارة أو التهديد أو إرسال أو تسليم أي شيء إليهم أو بالكتابة أو بالرسم غير العلنيين أثناء تأدية وظائفهم أو بمناسبة تأديتها و ذلك بقصد المساس بشرفهم أو باعتبارهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم ».
       و من هذا النص يتضح مايلي : 
أركان الجريمة و هي : صفة الضحية ، الوسيلة المستعملة ، القصد الجنائي. 
الركن الأول  صفة الضحية :   حدد المشرع على سبيل الحصر صفة من يكون ضحية لجريمة الإهانة ، إذ يجب أن يكون :  
- قاضيا.


 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

- موظفا و يقصد به الشخص المعين في وظيفة دائمة والذي رسم في درجة التسلسل في الإدارات المركزية التابعة للدولة و المصالح الخارجية التابعة للإدارات والجماعات المحلية ، و كذا المؤسسات و الهيآت العمومية. 
- ضابطا عموميا كالموثق و المحضر. 
- قائدا كضابط الشرطة القضائية و ضابط الجيش. 
- أحد رجال القوة العمومية كأعوان الشرطة ، الدرك ، الحرس البلدي. 
- عضوا محلفا إذا وقعت الإهانة في جلسة هيأة قضائية .
      و منذ تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 01/09 أضاف المشرع إلى قائمة المحميين من الإهانة:
- رئيس الجمهورية ( المادة 144مكرر) .
- البرلمان المجالس القضائية والمحاكم، الجيش الوطني والهيأت العمومية بوجه عام (المادة146).
الركن الثاني الوسيلة المستعملة :
      تقضي جريمة الإهانة أن تتم بوسائل معينة، ولكن منذ تعديل 01/09 أصبحت الوسيلة تختلف حسب صفة الشخص أو الهيأة المحمية.
      فبالنسبة للأشخاص المذكورين في المادة 144ق ع ( قاضيا ، موظفا، ضابطا عموميا ) لا يمكن أن نتصور وقوع جريمة في حقهم بواسطة الصحافة المكتوبة و ما تكتبه على صفحات جرائدها لأنها تقتضي العلنية ، الأمر الذي يحول الفعل إلى قذف أو سب حسب الحالة ، فالعلنية في هذه الحالة ليست ركنا .
      أما الإهانة الموجهة للأشخاص و الهيآت المذكورين بالمادة 144 مكرر و المادة 146 فيمكن أن تتم بإحدى الوسائل التي تتحقق معها العلنية ، حيث نصت المادة 144 مكرر ق.ع «...كل من أساء لرئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة ...و كان ذلك عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو أية آلية لبث الصوت و الصورة أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى» و تأسيسا على ذلك لا تقع جنحة الإهانة بواسطة الصحافة المكتوبة و نشرياتها إلا على الوارد ذكرهم في المادتين 144 مكرر و 146 ق.ع .

 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

الركن الثالث القصد الحنائي :  تعتبر جنحة الإهانة من الجرائم العمدية و التي تقتضي لقيامها توافر علم الجاني بصفة الضحية و استهدافها اعتبارا لتلك الصفة ، قاصدا المساس بشرف أو إعتبار الضحية. 
      و أما عن الجزاء المقرر لهذه الجنحة ، فإن المشرع قد أفرد لها عقوبة تتمثل في الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة و غرامة من 50.000 دج إلى 250.000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين بالنسبة للناشر، و عقوبة الغرامة من 500.000 دج على 2.500.000 دج بالنسبة للنشرية، سواء كانت الإهانة موجهة إلى رئيس الجمهورية (المادة 144مكرر) أو موجهة إلى البرلمان، المجالس القضائية و المحاكم ، الجيش أو هيأة عمومية أخرى (المادة 146 ق.ع).
      و الجدير بذكره أنه بالإضافة إلى العقوبات الأصلية التي تحكم بها المحكمة و المتمثلة في الحبس و الغرامة ، فإن قانون الإعلام تضمن نصوصا يجيز بمقتضاها للمحكمة أن تحكم بعقوبات تكميلية و يتعلق الأمر بعقوبة الحجز و الإغلاق و كذا الوقف .
- بالنسبة للحجز : نصت المادة 99 أنه يمكن للمحكمة أن تأمر بحجز الأملاك التي تكون موضوع المخالفة.
      إلى جانب هذا النص فقد جاءت المادة 83 من نفس القانون لتنص على إمكانية حجز النشريات إذا تم بيعها دون تصريح أو كان التصريح غير صحيح ... و يمكن للمحكمة أن تأمر الجهة القضائية بحجز النشريات زيادة على ذلك . 
-  بالنسبة لعقوبة الإغلاق :  هذه العقوبة جاء واردا النص عليها بالمادة 99 من قانون الإعلام « يمكن للمحكمة أن تأمر ... و إغلاق المؤسسات الإعلامية المعنية إغلاقا مؤقتا أو نهائيا».
-  بالنسبة لعقوبة الوقف :  فقد أعطى المشرع للقضاء إمكانية وقف العنوان أو الجهاز إذ نصت المادة 79« يعاقب كل من يخالف أحكام المواد 14، 18 ،19 ،22  ...و بوفق العنوان أو الجهاز وقتا معينا أو نهائيا ».
      ومن الواضح أن المشرع منح للقضاء سلطة تقديرية في وقف النشريات دون تحديد مدة الوقف ، فكان أولى به تحديد هذه المدة، و هو ما سارت عليه المادة 62 من قانون حرية الصحافة الفرنسي التي حددت مدة الإيقاف بثلاث أشهر .


 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
المطلب الثاني :
 المسؤولية و القضاء في جرائم الصحافة المكتوبة :
      لقد أصبح بديهيا في القانون الجنائي الحديث أن العقوبة شخصية لا تنال غير من يسأل عن الجريمة ،  وهذا المبدأ يفترض أن المسؤولية الجنائية شخصية لا يحملها غير من توافرت بسلوكه و إرادته أركان الجريمة .
       لكن هذه القاعدة ليست مطلقة ، إذ يستطيع المشرع أن يخرج عليها بنصوص صريحة تكون لها صفة الإستثناء البحت ، و علة هذا الخروج ما تقضيه مصلحة المجتمع ، لأن العقاب لا يكون فعالا رادعا إذا اقتصر على من ارتكب الجريمة كفاعل إو ساهم فيها كشريك ، و إنما يتعين أن ينال كذلك من له الإشراف و الرقابة على سلوك مرتكب الجريمة ، إذ أن تهديده بالعقاب يحمله على إحكام الرقابة و الحيلولة دون الجريمة .
       كما أنه من الناحية الإجرائية قد تقتضي المتابعة الجزائية عن الجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة إجراءات تخرج عن القواعد العامة. 
و سأحاول توضيح ذلك على ضوء التقسيم التالي : 
الفرع الأول :
 المسؤولية عن جرائم الصحافة المكتوبة :  إن تنظيم أحكام المسؤولية الجنائية في نطاق جرائم الصحافة المكتوبة يشكل أهمية بالغة، لأنها من الأمور الصعبة نظرا لكثرة المتدخلين في عمليات الكتابة و النشر و الطباعة و التوزيع .
      فقد رئي أن إعمال الأحكام العامة في المسؤولية الجنائية و محاسبة كل فرد بقدر ما يسهم به مما يجعله فاعلا أو شريكا في الجريمة، نـفي في الغالب عدم العقاب على جرائم ترتكب بواسطة الصحافة المكتوبة، كل ذلك كان حافزا على وجود عدة نظريات للخلاص من القيود التي تتضمنها الأحكام العامة في المسؤولية الجنائية .
أولا نظرية المسؤولية التضامنية :  تقوم على أساس تحميل المدير أو الناشر المسؤولية الجنائية عن الجريمة بصفة دائمة بوصف أنه فاعل لها ، استنادا إلى أنها لا تقع إلا بالنشر الذي  يباشره أي منهما .
       فيجب أن يؤخذ الشخص المسؤول من بـين من يمثلون الجريدة ،  و ليكن رئيس التحرير و بذلك يتسنى التوفيق بين مطالب الصحافة المكتوبة و بين مطالب العدالة . 
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
ثانيا نظرية المسؤولية المبنية على الإهمال :  أساسها تحميل مدير التحرير أو المدير المسؤول أو الناشر مسؤولية جنائية عن جريمة خاصة ، مبناها إهماله في القيام بواجبه الذي يفرضه عليه القانون ، لا عن الجريمة التي وقعت بطريق النشر .
 ثالثا نظرية المسؤولية المبنية على التتابع :  تقوم هذه الفكرة على حصر المسؤولين في نظر القانون و ترتيبهم على نحو معين ، بحيث لا يسأل منهم شخص مادام يوجد غيره ممن قدّمه القانون عليه في الترتيب ، فحيث لا يعرف المؤلف يسأل عن جريمته الناشر أو المحرر المسؤول   فإن لم يوجد هذا أو ذاك سئل الطابع ، وهكذا تنتقل المسؤولية عن عاتق الأشخاص الذين ساهموا في إعداد المطبوع إلى عاتق الذين عملوا على ترويجه من معلنين أو موزعين أو باعة .
      و لقد ذهب بعض الشراح إلى القول بأن مسؤولية رئيس التحرير أو المدير في جرائم الصحافة المكتوبة لا تعدو أن تكون حالة من حالات المسؤولية المادية أو الموضوعية، و أنها قائمة سواء عُرف الكاتب أم لم يعرف ، وسواء كان كاتب المقال أهلا لتحمل المسؤولية أو ليس أهلا لها ، وسواء وقّع رئيس التحرير أو المدير على العدد أم لم يوقع، كما أن هذه المسؤولية لا ترتفع عن كاهل رئيس التحرير أو المدير المسؤول إذا ادعى عدم علمه بالنشر أو تذرع بغيابه وقت حصول هذا النشر ، كذلك الحال بالنسبة لمالك الجريدة و الناشر والطابع .
      فإن مالك الجريدة يملك الوسائل الفعالة لتحريك الرأي العام و التأثير عليه بما ينشر في جريدته من مقالات و أخبار ، ومن ثم لا يقبل منه أن يتـنصل من مسؤوليته الجنائية المترتبة على النشر .
      و الناشر هو الشخص الذي قبل نشر المقال أو الخبر أو المطبوع و حقق هذا النشر بما يقتضيه من طبع و لصق و توزيع ، و أنه لا يسوغ عقلا أن تُصوّب المسؤولية الجنائية إلى شخص الطابع و الموزع و البائع و يتنصل منها الناشر .
      في حين ذهب البعض الآخر إلى القول بأن المسؤولية عن جرائم الصحافة المكتوبة ترتكز على افتراض علم رئيس التحرير أو المدير بما تنشره جريدته و إذنه بالنشر، و يكون المشرع قد أقام قرينة قانونية قِبل المدير مفادها أنه عالم بكل ما تنشره الجريدة التي يتولى إدارتها، و هذا يعني أن المسؤولية الجزائية على جرائم الصحافة المكتوبة تعتبر استثناء من الأحكام العامة في قانون العقوبات التي تقضي بأن الإنسان لا يكون مسؤولا إلا عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه قام به فعلا  .   
     الفصل الثاني                      القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
   و إذا انتهينا إلى أن الراجح أن المسؤولية في هذه الجرائم هي مسؤولية مفترضة، تبنى على أساس الخطأ المفترض ، و تنشئ في ذمة الشخص الذي افترضت مسؤوليته إلتزاما عن الإخلال بواجب سابق ، و تكفل للمتضرر الحصول على التعويض المستحق له في الأحوال التي يمكن فيها تعيين سبب الضرر .
       فالمسؤولية المفترضة مبنية على الخطأ الذي لا يكون مفترضا في جانب الشخص المسؤول   وهذا يعني نقل عبء الإثبات من على عاتق سلطة الإتهام إلى كاهل المتهم، على خلاف القاعدة المقررة في الإثبات في المواد الجزائية، و التي بمقتضاها يقع على عاتق سلطة الإتهام استنادا إلى أن الأصل في الإنسان أنه برئ حتى تثبت إدانته. 
      فالقانون يفرض دائما على الشخص الذي يحمله المسؤولية الجزائية القيام بواجب، أنه لو قام به لما وقعت الجريمة ، فإهماله هو السبب في وقوعها و لذلك يسأل عنها .
      و يبقى للشخص المسؤول حق رفع أو دحض مسؤوليته الجزائية القيام بالطرق التي رسمها القانون إذ يجوز للشخص المسؤول عن جرائم الصحافة المكتوبة أن يدحض مسؤوليته بإثبات القوة القاهرة أو ينفي الخطأ من جانبه وإن كان هذا النفي من الأمور الصعبة في الغالب .
      و لقد أقر المشرع الجزائري نظرية التتابع في المسؤولية عن الجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة ، إلى جانب إقراره لفكرة المسؤولية التضامنية ، فنجد قانون الإعلام يعتبر أن أول المسؤولين عن مقال ينشر في نشرية دورية هو المدير ثم يليه كاتب  المقال ، وهو  ما قررته  المادة 41 منه « يتحمل المدير أو كاتب المقال أو الخبر  مسؤولية أي مقال ينشر...»، و كذلك نصـت المادة 42 أنه « يتحمل مسؤولـية الجرائـم المرتكبة في الصحافـة المكتوبة المديرون و الناشرون و الطابعون أو الموزعون و البائعون و ملصقوا الإعلانات» ، وأكدت المادة 43 أنه يمكن أن يتابع إلى جانب مدير النشرية أو الناشر، المتدخلون في العملية الصحفية الذين تم النص عليهم في المادة 42 و هم الطابعون ، الموزعون ، البائعون ...
       ومن هنا تبرز فكرة التتابع من خلال حصر المسؤولين و ترتيبهم على نحو معين و انتقال المسؤولية على التتابع بينهم .
       كما تبرز فكرة المسؤولية التضامنية من خلال ماجات به المادة 144 مكرر 1 من قانون العقـوبات التي صرحت أنـه عندما ترتـكب الجريمة المنصوص عليها في المادة  144 مكرر


 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    
( الإساءة إلى رئيس الجمهورية ) بواسطة نشرية يومية أو أسبوعية أو غيرها ، فإن المتابعة تتخذ ضد مرتكب الإساءة و ضد مدير النشرية و ضد مسؤول التحرير و كذلك ضد النشرية نفسها  . 
      و الجدير بالذكر أن المشرع الجزائري كان على خلاف المشرع المصري حينما لم يقرر حالات يعفي من خلالها المدير أو رئيس التحرير من المسؤولية الجزائية و ترك ذلك للقواعد العامة، إذ أن المادة 195 من قانون العقوبات المصري  نصت على أنه «... و مع ذلك يعفى من المسؤولية الجزائية رئيس التحرير أو المحرر المسؤول : 
- إذا أثبت أن النشر حصل بدون علمه وقدم منذ بدء التحقيق كل ما لديه من المعلومات والأوراق المساعدة على معرفة المسؤول على ما نشر. 
- إذا أرشد أثناء التحقيق عن مرتكب الجريمة...و أثبت أنه لو لم يقم بالنشر لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة .
الفرع الثاني :
إجراءات المتابعة من أجل الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحافة المكتوبة :   
تثير مسألة المتابعة من أجل الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحافة المكتوبة نقطتين :  الشكوى والتقادم 
 أولا مسألة الشكـوى:  هناك بعض الجرائم التعبيرية في القانون المصري قيد المشرع فيها حرية النيابة و جعل حقها في تحريك الدعوى في هذه الجرائم متوقفا على حدوث أمر من ثلاث هي : 
- إما صدور شكوى من المجني عليه. 
- صدور طلب كتابي من وزير مختص أو من جهة حكومية معينة.
- إما الحصول على إذن من جهة خاصة.
       و لم يكن قانون العقوبات الجزائري قبل تعديله يستوجب شكوى المجني عليه للمتابعة من أجل القذف مهما كانت الجهة الموجه إليها، و ذلك لعدم النص على وجوب هذه الشكوى، و لكن إثر تعديل قانون العقوبات بموجب قانون 01/09 نصت المادتان 144 مكرر و 144 مكرر 2 صراحة على أن إجراءات المتابعة تباشر تلقائيا من قبل النيابة العامة بخصوص القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية أو إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ، أو بقية الأنبياء أو الإستهزاء بالدين
 الفصل الثاني                               القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة                    

أو بأية شعيرة من شعائر الإسلام ، في حين لم تتضمن المادة 146 المعدلة بخصوص القذف الموجه إلى الهيآت ما يفيد بأن المتابعة الجزائية تكون تلقائية من النيابة.
      فهل يفهم من اقتران المادة 146 بالمادتين 144 مكرر و144 مكرر 2 أن المتابعة تكون تلقائية عندما يتعلق الأمر برئيس الجمهورية أو الرسول صلى الله عليه و سلم ... و تكون بناء على شكوى في الحالات الأخرى ؟ 
يمكن القول أنه في ظل القانون الجديد تخضع المتابعة من أجل القذف الذي يمكن أن يرتكب بواسطة الصحافة المكتوبة للقواعد الآتية: 
- إذا كان القذف موجها إلى رئيس الجمهورية أو إلى الرسول (ص) أو بقية الأنبياء أو للدين أو لأية شعيرة من شعائر الإسلام، يكون على النيابة مباشرة المتابعة تلقائيا متى توافرت أركان الجريمة دون أن يكون لها في ذلك سلطة الملائمة  . 
- إذا كان القذف موجها للهيآت العمومية أو الأفراد تكون المتابعة إما بناء على شكوى المجني عليه و إما بمبادرة من النيابة و في الحالتين تكون للنيابة سلطة ملاءمة المتابعة.
      و في حالة ما إذا ما تمت المتابعة بناءا على شكوى المجني عليه فإن سحب شكواه لا يوقف المتابعة لأن المشرع لم يعلق المتابعة عليها.
      وهكذا فإن المشرع الجزائري بعدم اشتراطه شكوى المجني عليه يكون قد خرج على ما هو معمول به في القانون المقارن ، كما هو الحال في القانون المصري كما سبق ذكره أو في القانون الفرنسي .
ثانيا مسألة التـقادم :  لم ينص المشرع الجزائري على مهلة خاصة لتقادم الدعوى العمومية في الجرائم الصحفية ومن ثم تتقادم حسب القواعد العامة، في حين نصت معظم التشريعات المقارنة ومنها القانون الفرنسي الذي نص في المادة 65 من قانون الإعلام أن جريمتي القذف والسب تتقادمان  بثلاثة أشهر من تاريخ  إرتكاب الجريمة  . 
      و الجدير بالذكر في أطار الإجراءات أنه نظرا للخصوصية التي تقوم عليها الجرائم الصحفية ، فإن المشرع الإجرائي أضفى أيضا نوعا من الخصوصية فيما يتعلق بإجراءات المتابعة حول هذه الجرائم، وهو الأمر الذي يظهر من خلال نص المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية التي تمنع صراحة إتخاذ إجراءات التلبس عند المتابعة بشأن جنح الصحافة.
                                                      
الـــخــاتــمـة :
   إن المنطلق الفكري الذي يقوم عليه هذا البحث، إنما ينبع أساسا من الرغبة في إظهار ما للمشرع و ما عليه في تنظيمه لحرية الصحافة المكتوبة ، و ذلك بغية الإنتقال بهذه الحرية التي يقوم عليها البناء الديموقراطي إلى المستوى الذي بلغته دول عريقة في الديموقراطية .
و قد تجلى واضحا في مواطن كثيرة كيف نجح المشرع حال تنظيمه لهذه الحرية في تحقيق التوازن بين الحق في حرية الصحافة الدستوري و حق المجتمع الطبيعي في سلامة الأمن و النظام العام .
فبعد أن اعترف الدستور بحرية الإعلام و منه الصحافة المكتوبة جاء المشرع ليكرس هذه الحرية من خلال قانون الإعلام، و قد بدا ذلك واضحا حينما نظم و ضبط المبادئ و القواعد الأساسية التي تقوم عليها حرية الصحافة المكتوبة، و التي لا يمكن أن تقوم لها قائمة و لا يستوي الحديث عنها في بلد ما إلا باجتماعها .
فقد منح المشرع للأفراد الحق في ملكية المؤسسات الصحفية و فتح الباب أمامهم لإصدار الصحف، أين أقر صراحة بحرية الإصدار بعد أن كان في السابق حكرا على الدولة و لم يشترط من أجل ذلك سوى تصريح بسيط لدى الجهة القضائية، و هذا على خلاف تشريعات أخرى أين يتوقف إصدار الصحف فيها على ضرورة الترخيص المسبق من الإدارة المختصة .
ثم بعد ذلك نظم المشرع حرية التعبير عن الرأي و الكتابة في الصحف، و ذلك في إطار عدم المساس بحريات الأفراد و النظام العام الجماعي ، و حتى يكتمل تنظيمه لحرية الصحافة المكتوبة جاء المشرع في مرحلة أخيرة ليبـسط تنظيمه على أهم مبادئ حرية الصحافة المكتوبـة و هو الحق في تداول الصحف بإجراءات بسيطة جدا لا ترق إلى مصاف القيود كما هو الحال في بعض التشريعات التي تفرض الرقابة المسبقة على توزيع الصحف .
و قد كان هذا على الرغم من كون قانون الإعلام مبني على فكرة الحق في الإعلام و ليس على حرية الصحافة، إذ أن هذه الحرية تعتبر من الحريات التي يصعب رسم حدودها، هذا الذي كان سببا حقيقيا في خلق التوتر بين الصحافة و القضاء .
       غير أن حرية الصحافة المكتوبة لا يمكن لها أن تعجب بنفسها إلا بعيون الجهاز القضائي  الذي يؤمن لها الانسجام في العمل .
و يجب أن نذكر بأن الصحافة المكتوبة تعد من أهم وسائل نقل الأراء و التعبير عن المواقف لذا وجب عليها كجهاز مسؤول أن تلتزم بالحدود الشرعية و ألا تحيد عنها لغرض غير مشروع .
و ليعلم المسؤولون عن الإعلام أن القانون لا يتدخل مطلقا في عملهم إلا إذا تجاوزوا حدود المباح و دائرته ، فحقا أن هناك من القيود ما يفرض على الصحافة المكتوبة  لكنها تعد ضرورة لا بد منها حتى لا تنطلق هذه الحرية فتصير فوضى أو تنفلت فتصبح عبثا، و من ثمة تظل نظرية الضرورة بشروطها المتعارف عليها في الفقه و القضاء هي السياج الذي يقي فكرة النظام العام من أن تنال منه حرية الصحافة المكتوبة أو تهدده بما تنشره. 
       ومن جهة أخرى فانه بعد هذه الدراسة  بدا واضحا أن قانون الإعلام يحتاج إلى تعديل، على الأقل فيما يتعلق بالأحكام الجزائية منه، وذلك من أجل تحقيق إنسجامية النصوص التشريعية وتوافقها فيما بينها ، بحيث تتحقق فعلا سياسة جزائية خاصة  حيال الجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة المكتوبة وذلك بمسائلتها بواسطة قانون واحد خاص بها بدلا من قانونين ، قانون الإعلام وقانون العقوبات. 
و على كل فمهما بلغـت درجة الاعـتراف للصحافة المكتوبة بالحرية من طرف التشـريع و القضاء، و مهما تم العمل على توفير الضمانات الدستورية و القانونية، فإنه تبقى الممارسة الصحفية السليمة هي أفضل ضمانة لحرية الصحافة المكتوبة .  
       
تم بحمد الله














المصادر والمراجع:
أولا: المؤلفات باللغة العربية
1) د. أحسن بوسقيعة – الوجيز في القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول، دار هومة.
2) أحمد محيو – محاضرات في المؤسسات الإدارية، ترجمة محمد عرب صاصيلا – ديوان المطبوعات الجامعية.
3) بشير بلعيد – القضاء المستعجل في الأمور الإدارية.
4) جمال العطيفي–حرية الصحافة وفق تشريعات الجمهورية العربية المتحدة،القاهرة، 1971.
5) د.عبد الحميد الشواربي- جرائم الصحافة والنشر، منشأة المعارف الإسكندرية 1997.
6) د. عبد الله البستاني- حرية الصحافة، دراسة مقارنة، حقوق القاهرة.
7) د. عبد الرحيم صدقي- جرائم الرأي والإعلام، دار الفكر العربي.
8) د. عبد الرؤوف هاشم بسيوني – نظرية الضبط الإداري في النظم الوصفية والشريعة الإسلامية   دار النهضة العربية 1995.
9) د.عماد عبد الحميد النجار– الوسيط في تشريعات الصحافة،المكتبة الأنجلومصرية 1985.
10) د. مزي عبد الرحمن- قضاء الإعلام، ديوان المطبوعات الجامعية.
11) د. محمد باهي أبو يونس- التقييد القانوني لحرية الصحافة، دار الجامعة الجديدة للنشر 1996.
12) د. محسن فؤاد فرج- جرائم الفكر والرأي والنشر، دار الفكر العربي 1993.
13) محمد لعساكر- محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير.
14) د. مبدر ألويس- أثر التشهير في الصحافة على الحرية الشخصية، دراسة مقارنة، دار الجاحظ 1986.
15) محمد حمدان- مدخل إلى قانون الإعلام والإتصال في تونس، منشورات معهد الصحافة وعلوم الأخبار 1996.
16) سليمان جازع الشمري- الصحافة والقانون في العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية  الدار الدولية للنشر والتوزيع.
17) د. سعد عصفور- النظام الدستوري المصري، دستور 1971، الإسكندرية.
18) د. سامي ذبيان- الصحافة اليومية والإعلام، دار المسيرة، الطبعة الثانية 1987.
19) د. شفيق سعيد- الإطار القانوني للصحافة في تونس بين المبادئ والتطبيق، المجلة القانونية التونسية.
20) رشيد خلوفي- قانون المنازعات الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، طبعة 1995.
21) د. طعيمة الجرف- موجز القانون الدستوري، دار النهضة العربية 1980.
 ثانيا : المؤلفات باللغة الأجنبية
1) Brahim Brahimi- Le pouvoir, la presse et les droits de l’homme en Algérie.
2) Charles Volquie- Droit de la presse de 1881.
3) Emmanuel Derieux – Droit de la communication.
4) Jaques Robert – Propos sur la liberté de la presse.
5) Jean Tell ( F ) Le régime juridique de la presse étrangère en France RER 1949
6) Pinto ( R )La liberté d’information et d’opinion en le droit international JDI.
7) Touchard ( J ) Histoire des idées politiques. Paris P.U.F 1971.   
ثالثا: القوانين والمراسيم
1) قانون  90/07 مؤرخ في 03/04/1990 المتعلق بالإعلام.
2) قانون 90/08 متعلق قانون البلدية. 90/09 متضمن قانون الولاية مؤرخان في 07/04/1990.
3) قانون  82/01 مؤرخ في 06/02/1982 المتعلق بالإعلام ( الملغى).
4) قانون 96 /16 مؤرخ في 02/07/1996 المتعلق بالإيداع القانوني.
5) مرسوم رئاسي 91/196 مؤرخ في 04/06/1991 يتضمن إقرار حالة الحصار. 
6) مرسوم رئاسي 92/44 مؤرخ في 04/02/1992 يتضمن إقرار حالة الطوارئ. 
7) مرسوم تشريعي 93/13 مؤرخ في 26/10/1993 يخص بعض أحكام القانون 90/07 المتعلق بالإعلام.
8) المرسوم التنفيذي 94/247 مؤرخ في 10/08/1994 يحدد صلاحيات وزير الداخلية والجماعات المحلية .
9) مشروع القانون العضوي للإعلام .
رابعا: المجلات
1) تقرير المرصد الوطني لحقوق الإنسان 94/95.
2) الندوة الوطنية الثانية للقضاء، وزارة العدل.
خامسا:مواقع أنترنيت
1) www.apfw.org
2) www.legifrance.com
3) www.geocities.com
4) www.voltairenet.org

الفهرس
حرية الصحافة المكتوبة في القانون الجزائري
                                                                                                                                                                                  الصفحة
 مقدمة    
الـفـصل الأول: ماهــية حرية الصحافة المكتوبة.......................................................................... 04
المبحث  الأول: مفهوم حرية الصحافة المكتوبة..........................................................................06
- المطلب الأول: تعريف حرية الصحافة المكتوبة...............................................................07
- المطلب الثاني: أساس حرية الصحافة المكتوبة..............................................................08
الفرع الأول: الأساس الدستوري........................................................................................08
الفرع الثاني: الأساس القانوني......................................................................................11
المبحث الثاني: مبادئ حرية الصحافة المكتوبة.........................................................................14
- المطلب الأول: حق الأفراد في ملكية الصحف و إصدارها.......................................................14
الفرع الأول: التصريح المسبق..........................................................................................16
الفرع الثاني: الشروط و الإلتزامات المفروضة على المؤسسات الصحفية..........................18
              أولا: الإلتزام بالشفافية...................................................................................................18 
             1/ الشفافية الإدارية.......................................................................................................19
             2/الشفافية الإقتصادية...................................................................................................20              ثانيا: الإلتزام بضمان الإستقلالية....................................................................................21
             1/منع تلقي إعانات من الخارج..........................................................................................21
            2/جنسية المدير و المؤسسين..........................................................................................21
- المطلب الثاني: الحق في التعبير عن الرأي في الصحف.....................................................23
الفرع الأول: حق التصحيح..................................................................................................25
الفرع الثاني: حق الرد......................................................................................................27
- المطلب الثالث: حرية تداول الصحف...................................................................................28
الفرع الأول: المقصود بتداول الصحف وأهميته.................................................................28
              أولا: المقصود بتداول الصحف............................................................................................28
              ثانيا: أهمية الحق في  تداول الصحف............................................................................... 29
الفرع الثاني : حرية تداول الصحف...................................................................................29
       أولا: إجراءات الإيداع.........................................................................................................30
       ثانيا: الترخيص المسبق...................................................................................................31
الفصل الثاني: القيود الواردة على حرية الصحافة المكتوبة.....................................................33
المبحث  الأول : القيود الإدارية على حرية الصحافة المكتوبة....................................................34
              المطلب الأول:القيود الإدارية في الظروف العادية..........................................................34
              المطلب الثاني: القيود الإدارية في الظروف الإستثنائية...............................................37
الفرع الأول: حالة الحصار...................................................................................................37
الفرع الثاني: حالة الطوارئ..............................................................................................38
المبحث الثاني: القيود الجزائية على حرية الصحافة المكتوبة..................................................40
         المطلب الأول: الجرائم التي تقع بواسطة الصحافة المكتوبة .......................................41
الفرع  الأول:  الجرائم المنصوص عليها في قا نون  الإعلام................................................43
الفرع الثاني: الجرائم المنصوص عليها في قا نون  العقوبات.........................................54
المطلب الثاني:المسؤولية و القضاء في جرائم الصحافة المكتوبة..............................................63
الفرع الأول: المسؤولية عن جرائم الصحافة المكتوبة.....................................................64
أولا: نظرية المسؤولية التضامنية...................................................................................64
ثانيا: نظرية المسؤولية المبنية على الإهمال................................................................64
ثالثا: نظرية المسؤولية المبنية على التتابع...............................................................64
الفرع الثاني: إجراءات المتابعةمن أجل الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحافة    المكتوبة..... ....................................................................................................................67
أولا: مسألةالشكوى ..........................................................................................................67
ثانيا: مسألة التقادم.......................................................................................................68
الخاتمة.........................................................................................................................................69



تعليقات