📁 آخر الأخبار

الـســنــدات التـنـفـيـذيـــة

الـســنــدات التـنـفـيـذيـــة

الـســنــدات التـنـفـيـذيـــة





المـقـدمـة :
بحلول أجل تنفيذ الإلتزام في ذمة الشخص ولجوئه إلى التنفيذ ينقضي حق الدائن في اللجوء إلى القضاء لإجبار مدينه على التنفيذ وبالتالي ينقضي الإلتزام بإنقضاء عنصر المديونية دون إستعمال عنصر المسؤولية في الإلتزام.

أما إذا إمتنع المدين عن الوفاء بالتزامه لجأ الدائن إلى تحريك عنصر المسؤولية في الإلتزام وهو الدعوى القضائية، وتنشأ بذلك الخصومة القضائية التي تنتهي بإثبات الدائن لمصدر إلتزامه وصحته وتهديم القرينة التي أقامها المشرع والتي مفادها براءة الذمة ويتم ذلك بإسم الجمهورية الجزائرية في محرر حدد المشرع شكله أطلق عليه في عرف الإجراءات المدنية " الحكم، القرار أو الأمر القضائي ".

وبمجرد صدور الحكم بإلزام المدين بأداء معين تتغير صفته ليصبح محكوما عليه لا مدينا ويكون على المحكوم عليه الوفاء إما إختياريا وذلك قبل مرور عشرين يوم من تاريخ تكليفه بالتنفيذ من طرف الدائن وهنا ينقضي الإلتزام دون حاجة إلى تحريك خصومة التنفيذ الجبري، لأن المدين أو المحكوم عليه قد تجنبها بالوفاء إختياريا، ومكن الدائن مما طلبه، وأي إجراء يلي التنفيذ الإختياري يعد تعسفا في حق المدين الهدف منه الإضرار به دون جلب مصلحة للدائن.

غير أنه إذا إنقضت مدة العشرين يوما وبقي التكليف بالتنفيذ دون جدوى كان للدائن اللجوء إلى إجراءات التنفيذ الجبري لدفع المحكوم عليه على تنفيذ إلتزامه وإن إستلزم الأمر إستعمال القوة العمومية أو الحجز على أمواله للحصول على حقه منها أو من ثمنها بعد بيعها.
ويتم التنفيذ الجبري بطريقتين : إما بطريق مباشر أين يتمكن الدائن من إستيفاء حقه مباشرة، وأما بطريق غير مباشرة والذي يتجسد في الحجز على أمواله بإتباع إجراءات معينة يصل من خلالها إلى الحصول على حقه من أموال المدين.

وبذلك يكون للتنفيذ الجبري وسيلتين لتمامه فيتم بإستعمال القوة العمومية كلما كان التنفيذ العيني ممكنا دون تدخل المدين شخصيا، لكن إذا كان التنفيذ العيني يستوجب تدخل المدين شخصيا فإن المشرع منح الدائن وسيلة أخرى للضغط على مال المدين وحثه على التنفيذ وهي الغرامة التهديدية.

وتقررت الغرامة التهديدية للحالات التي يتعذر فيها التنفيذ دون التدخل الشخصي للمدين، فإن إستطاع الدائن التنفيذ دون حاجة لتدخل المدين كطرد الشخص من منزله أو إلزامه بدفع مبلغ من المال فلا حاجة هنا للحكم بالغرامة التهديدية.

أما في الحالات التي يحكم فيها بالغرامة التهديدية فإن التنفيذ العيني ينقلب  إلى تنفيذ بمقابل بعد تصفية الغرامة التهديدية في شكل تعويض المحكوم له على عدم التنفيذ العيني طبقا لأحكام المادة 175 من قانون المدني والمادة 174 من قانون الإجراءات المدنية عندها يصبح التنفيذ ممكنا عن طريق الحجز لتحول محل الأداء إلى مبلغمن النقود.

وبالتالي فإن التنفيذ الجبري لا بد له من قواعد إجرائية تنظمه تكون نقطة البداية هي وجود سند بيد الدائن يسمى السند التنفيذي يخول له الحق في التنفيذ، ويكون في شكل قانوني معين ويؤكد حق الدائن وحتى تستجيب السلطة العامة لطلبه لا بد أن يكون السند الذي يحوزه ممهورا بالصيغة التنفيذية. وأن يدل الدائن السلطة العامة ممثلة في القائم بالتنفيذ على أموال المدين حتى وإن وجدت لدى الغير، وبتحديد هذه الأمور نكون أمام ما إصطلح عليه قانون الإجراءات المدنية " مقدمات التنفيذ ".


وعليه نصل إلى أن السند التنفيذي ركن من أركان التنفيذي وبتخلف هذا الركن عدا التنفيذ باطلا لتخلف الركن أو لوجوده مشوبا بعيب يحول دون السير في إجراءات التنفيذ، غير أن هذا البطلان قرر لمصلحة المدين أو المنفذ عليه، فإن سكت من تقرر البطلان لمصلحته إعتبر متنازلا عنه وترتب التنفيذ على أمواله.

ونتيجة خطورة الأثار المترتبة على التنفيذ عمد المشرع على تحديد الأعمال القانونية مسبقا التي تمكن الدائن من إستيفاء حقه.
فما هي هذه الأعمال القانونية التي خصها القانون بالقوة التنفيذية وجعلها سندات تنفيذية ؟ وهل كل هذه السندات تكونت نتيجة عمل قضائي أم أنها كانت نتيجة أعمال غير قضائية؟.

وعلى هذا الأساس تكون إجابتنا على هذه الاشكالية من خلال عنصرين أولهما نحدد به ماهية السندات التنفيذية وتانيهما نحاول من خلاله تحديد هذه الأعمال القانونية التي اعترف لها القانون بالقوة التنفيذية وفق الخطة التالية :

السندات التنفيذية
المقدمة
الفصل الأول : ماهية السندات التنفيذية.
المبحث الأول : مفهوم السندات التنفيذية.
المطلب الأول : تعريف السندات التنفيذية.
المطلب الثاني : أهمية وخصائص السند التنفيذي.

المبحث الثاني : مكونات السند التنفيذي.
المطلب الأول : العنصر الموضوعي للسند التنفيذي.
المطلب الثاني : العنصر الشكلي للسند التنفيذي.
الفصل الثاني : الأعمال التي يعترف لها القانون بالقوة التنفيذية.
المبحث الأول : السندات القضائية.
المطلب الأول : الأحكام والقرارات القضائية.
المطلب الثاني : الأوامر.
المبحث الثاني : السندات غير القضائية.
المطلب الأول : العقود الرسمية.
المطلب الثاني : أحكام المحكمين والسندات الأجنبية.
الخاتمة.


ماهية السندات التنفيذية :


إن الحق كما يعرفه " أهرينج " هو مصلحة يحميها القانون، فالحق بغير حماية قانونية لا يوفى لصاحبه المصلحة التي هي جوهره (1) كما تعتبر هذه الحماية عنصرا من عناصر الحق الموضوعي.
ومن ثمة فإن الحق يتكون من عنصرين عنصر المصلحة وعنصر الحماية القانونية.
أما الحماية القضائية فإنها توجد خارج الحق. فعند الإعتداء على الحق يتحرك عنصر الحماية القانونية فيتولد عنه الحق في الدعوى كصورة من صور الحماية القضائية ذلك أن وجود الحماية القانونية يعد مقتضى موضوعي لوجود الحماية القضائية.
إن الحماية القضائية تختلف بإختلاف الإعتداء الذي يحدث للمركز القانوني الموضوعي فهي تمنح لصاحب الحق أو المركز القانوني حسب درجة الإعتداء، فإذا ما كان الإعتداء مجرد إنكار للحق فإن الحكم الذي يصدر في هذا الشأن يكون مقررا فبمجرد صدوره تشبع الحاجة من الحماية القضائية للمحكوم له ولا يحتاج إلى التنفيذ الجبري أما إذا تجاوز الإعتداء مجرد المعارضة أو الإنكار إلى درجة تغيير المركز الواقعي ويصبح مخالف للمركز القانوني لصاحب الحق، فالحكم الذي يصدر بهذا الشأن يكون حكم إلزام وهنا بمجرد صدوره لا يشبع حاجة المحكوم له من الحماية القضائية وبذلك فلا بد من تدخل السلطة العامة وهنا نقصد بها السلطة القضائية بإعتبار أن التنفيذ يدخل في مهامها والتي تقوم بعملية المطابقة بين المركز الواقعي والمركز القانوني جبرا على المدين وهذه العملية يطلق عليها الحق في التنفيذ وهو إحدى صور للحماية القضائية.
كما يعتبر كذلك إلى جانب الحق في الدعوى الوسيلة الفنية للحماية القضائية، وما يفرق الحق في التنفيذ عن الحق في الدعوى هو أن الأول لا يوجد إلا بوجود السند التنفيذي أما الحق في الدعوى فيوجد بعنصرين المصلحة والحماية القانونية دون أن يكون لصاحبه سند تنفيذي.
فماذا نقصد بالسند التنفيذي؟  

المبحث الأول : مفهوم السندات التنفيذية

أن التنفيذ هو حماية قضائية بناءا على طلب الدائن الذي بيده سند إستوفى شروط خاصة وضعها القانون بقصد إقتضاء حقه الثابت في السند من المدين جبرا عنه، أو عن طريق قهر المدين على تنفيذ الإلتزام بتفسه.
وحتى يتسنى لنا إدراك التنفيذ والوسيلة التي تمكن الدائن من إقتضاء حقه نتطرق إلى النقاط التالية :

1- تعريف السندات التنفيذية .
2- أهمية وخصائص السندات التنفيذية.








المطلب الأول : تعريف السندات التنفيذية


الفرع الأول : فكرة السند التنفيذي

ظهرت فكرة السند التنفيذي للتوفيق بين اعتبارين متضاربين هما مصلحة الدائن في تعجيل وتيسير طرق إقتضاء حقه وفق إجراءات بسيطة وسريعة ، وحماية المدين والرفق به من تعسف الدائن إنطلاقا من مقتضى العدالة الذي لا يسمح بإجراء تنفيذ إلا لصاحب الحق الموضوعي (1) مما يمكن المدين من المنازعة دائما في شرعية التنفيذ قبل بدءه.

لقد جاءت فكرة السند التنفيذي كسبب لنشأة الحق في التنفيذ نتيجة التوفيق بين الفكر الروماني ونظرته لحق المدين في المنازعة المستمرة في الإلتزام المطلوب منه الوفاء به، حتى ولو كان ثابتا بموجب حكم قضائي، ومن جهة أخرى الفكر الألماني ورؤيته إلى حق الدائن في إقتضاء حقه الموضوعي بنفسه وبالقوة دون أن يكون للمدين حق في الإعتراض على ذلك (2).

فالفكر الروماني كان يمكن المدين من المنازعة التي تؤخر التنفيذ إلى مالا نهاية بمعنى أنه في كل مرة ينازع فيها المدين يحال النزاع أمام القضاء ليفصل في المسألة من جديد بموجب حكم ثاني، مما يوحي أن هذا الإتجاه يغلب مصلحة المدين على مصلحة الدائن بموجب حكم قضائي .

في حين أن الفكر السائد لدى الجانب الألماني يمكن الدائن من حقه ولو بالقوة دون الرجوع إلى القضاء ذلك أن فكرة التقاليد الإجتماعية كانت تعتبر الإعتداء على الحق إهانة لصاحبه، ويعد عدم الوفاء بالحق من صور الإعتداء، والقيد الوحيد أنه على الدائن إحترام شكليات معينة حصرها  القانون في وجوب الحصول على أمر تنفيذ (1).
ومن ثمة لا يتصور وجود حق إلا إذا كان لصاحبه مكنة اللجوء إلى القضاء للإعتراف له به وتمكينه منه بإجبار مدينه على تنفيذ ما إلتزم به ومنه لم يكتفي المشرع بإجازة الإلتحاق إلى القضاء لحماية الحق بل أيضا تمكين صاحبه من إقتضائه- أي يمكنه من الحصول على المنفعة التي يخولها له القانون – بإجبار مدينه على القيام بما إلتزم به.

بداية نشير إلى أن التنفيذ هو إعمال القواعد القانونية في الواقع العملي فهو حلقة الإتصال بين القاعدة والواقع، وهو الوسيلة التي يتم بها تسيير الواقع على النحو الذي يتطلبه القانون (2).

للتنفيذ معنى أكثر دقة، إذ يقصد به الوفاء بالإلتزام الذي تبرأ به ذمة المدين فكل إلتزام يتضمن منذ نشوئه عنصرين إلا إذا كان هذا الإلتزام طبيعيا وهما عنصر المديونية وعنصر المسؤولية.
فالأول هو العلاقة التي تنشأ بين الدائن والمدين ويجب على المدين بمقتضاها القيام بأداء معين.
والثاني هو خضوع المدين لسلطة الدائن للحصول على هذا الأداء فإذا لم يستجب المدين لعنصر المديونية في الإلتزام بالوفاء إختياريا فإن الدائن يستعين بعنصر المسؤولية لإجباره على الوفاء بإلتزامه رغم إرادته. أما إذا كان الإلتزام طبيعيا فيتخلف فيه عنصر المديونية وبالتالي لا يستطيع الدائن الإستعانة بعنصر المسؤولية لإجبار المدين على تنفيذه قهرا.

وعلى هذا الأساس فإن الحق في التنفيذ هو إلزام المدين بالقيام بالوفاء، فسببه هو ذاته سبب أصل حقه، فإن كان سبب أصل الحق هو العقد فإن سبب حق الدائن في التنفيذ الجبري هو ذات العقد، أما سند التنفيذ فهو أداه التنفيذ وليس سببه، بمعنى أنه هو الشكل المطلوب لإجراء التنفيذ. وأما ذات إجراءات التنفيذ- أي الحالة القانونية الناشئة عن إقتضاء الحق بالقوة الجبرية –فإن سببها هو إمتناع المدين عن الوافاء الواجب (1).

ولم يرد في التشريع الجزائري تعريفا للسيد التنفيذي بل ترك مهمة القيام بذلك للفقه في حين عرفه التشريع المصري في المادة 280 من قانون المرافعات المصري على أنه ورقة أو محرر له مضمون معين، وعرفه الفقه أنه محرر مكتوب به بيانات معينة حددها القانون وله شكل خاص رسمه القانون، ويحمل توقيعات معينة وكذلك أختام معينة وعليه صيغة التنفيذ (2). ووجوده إجباري للشروع في التنفيذ الجبري، كما أن وجوده بإعتباره السبب المباشر أو القريب للتنفيذ الجبري يعكس وجود الحق الموضوعي ويؤكده. وليس للقائم بالتنفيذ مناقشة مضمون السند التنفيذي أو إعادة تقدير مضمونه أو التعديل فيه بل يجب عليه تنفيذه بالحالة والشكل الوارد فيها.

فالتنفيذ إقتضاء الحق الموضوعي يجب وفقا لأحكام القانون أن يتم تأكيد هذا الحق بواسطة عمل قانوني له شكل معين ينشئ لصاحب هذا العمل القانوني الحق في التنفيذ وهو ما يعرف بالسند التنفيذي الذي ينبغي أن يوجد قبل البدء في عملية التنفيذ وإلا عد هذا الأخير باطلا ولو وجد سند تنفيذي يؤيد ذلك لأن الوجود اللاحق لهذا السند لا يصحح ما تم إتخاذه من تنفيذ باطل.

في حين ذهب جانب أخر من الفقه إلى أن السند التنفيذي هو عمل قانوني مؤكد يظهر في شكل معين ويتكون من عنصرين :
أولا : أنه عمل مؤكد ووجه التأكيد هنا يظهر من خلال الحق الموضوعي.
ثانيا : المستند الذي يحتوي على عمل التأكيد، فالحكم كسند تنفيذي يجب أن يقدم للقائم بالتنفيذ في صورة معينة عليها صيغة التنفيذ (1).
ونخلص إلى القول أن السند التنفيذي هو محرر مكتوب، ورد النص عليه في القانون على سبيل الحصر لا يجوز للأفراد عقد أي إتفاق بشأنه إلا إذا تعلق بعدم تنفيذه أو إسقاط حق صاحبه فيه. وأن يكون له مضمون محدد في القانون وفق شكل محدد هو الصيغة التنفيذية التي هي في واقع الحال صورة من أصل السند التنفيذي مختومة بأختام معينة تدل على أنها صالحة للتنفيذ الجبري ولا تعطي إلا لصاحب الحق في التنفيذ.

يكون وجود السند التنفيذي ضروري ولازم لحظة البدء في التنفيذ إذ لا يمكن البدء فيه دون حيازة طالب التنفيذ عليه كما لا يجوز لسلطة التنفيذ المساس بهذا السند والطعن فيه أو تعديل مضمونه أو إعادة تقدير أو تأكيد ما ورد به.

الفرع الثاني : التكييف القانوني للسند التنفيذي


إذا وقع نزاع حول ماهية السند التنفيذي وهل هو كذلك أم أن التنفيذ يتم دون سند تنفيذي فيطرح هذا النزاع على المحكمة المختصة لكي تفصل فيه على أساس ضوابط التكييف القانوني (1).

فالسند التنفيذي بإعتباره عمل قانوني يؤكد حق الدائن الموضوعي ويظهر في شكل معين حدده القانون يقوم على عنصرين :

أولا : أنه عمل مؤكد للحق الموضوعي، بعبارة أخرى أن وجود الحق الموضوعي لا يعتبر شرطا لوجود الحق في التنفيذ وإنما التأكيد هنا يكون له وجود مستقبل فكما للحكم حجية بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي في الواقع يكون للسند التنفيذي قوة تأكيد على وجود الحق بغض النظر عن هذا الوجود كون القانون يأخذ بعين الإعتبار وجود الحق كما يؤكده سند التنفيذ وليس وجوده في الواقع.

ثانيا : وجود السند التنفيذي الذي يحتوي على عمل التأكيد يقدم للقائم بالتنفيذ في صورة معينة مشتملا على الصيغة التنفيذية وفي غيابه يمتنع القائم بالتنفيذ عن إجراء التنفيذ. أما إذا وجد فإن عليه أن يقوم به دون القيام بأي تحقيق حول وجود الحق في التنفيذمن عدمه (2).
المطلب الثاني : أهمية وخصائص السند التنفيذي

الفرع الأول : أهمية السند التنفيذي

إستقر القضاء على أن أهمية السند التنفيذي تبرز في صورتين :

أولا : تعليق مصير التنفيذ كله على مصير السند : فهذا المبدأ القضائي ينتهي إلى أن نتائج التنفيذ مرتبطة بصحة أو بطلان السند، فإن كان هذا الأخير صحيحا إتسمت كل إجراءات التنفيذ بالصحة. أما إن كان العكس فيكون باطلا وكذلك النتائج المترتبة عليها، فإن ألغي السند أو أبطل أمتنع المضي في التنفيذ وسقط ما يكون قد تم من إجراءات ووجبت إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل مباشرتها لأنه بعد إلغاء السند التنفيذي أو إبطاله يصبح التنفيذ غير مستند إلى حق فتسقط إجراءاته كنتيجة حتمية لزوال سنده.

ثانيا : القوة التنفيذية للسند وزوالها

إذا كان السند التنفيذي صحيحا فإنه يتمتع دائما بالقوة التنفيذية وتؤدي إلى تنفيذه جبرا دون الإلتجاء إلى القضاء، وتستمر هذه القوة ملازمة للسند ولا تنتقل ولا تزول عنه حتى ولو تم الوفاء بالدين إختيارا ولا تنحسر هذه القوة إلا بحكم قضائي ولا تزول من تلقاء ذاتها سواء بقوة القانون أو بالإتفاق ومن هنا كانت أهمية السند التنفيذي وإستمرار فاعليته حتى تنحسر بحكم (1).
الفرع الثاني : خصائص السند التنفيذي

يتميز السند التنفيذي كفكرة قانونية كما يلي :

أ - إن السند التنفيذي من مستلزمات التنفيذ الجبري، فلا يجوز إجراء التنفيذ بغير سند تنفيذي، إذ إعتبره المشرع الوسيلة الوحيدة التي تؤكد وجود حق الدائن عند إجراء التنفيذ ولا يقبل من الدائن تقديم أي دليل غيره للقائم بالتنفيذ لإقناعه للقيام به لصالحه.

وعلة تقرير هذه القاعدة هي أن التنفيذ يرتب أثارا خطيرة للمدين، فإذا لم يكن من المستحسن التأكد التام من وجود حق الدائن حتى لا يتأخر إقتضاء الدائن لحقه فإنه على الأقل يوجد لدى الدائن من الأدلة ما يعطي إحتمالا قويا لوجوده. وهذه الأدلة لايترك تقديركفايتها للقائم بالتنفيذ بل يجب أن تكون من بين الأعمال التي قدرها المشرع مسبقا وإعتبرها سندا تنفيذيا.
وكما سبق الإشارة إليه فأن وجود السند يكون عند البدء في التنفيذ وإلا تعذر ذلك ولا يمكن تصحيح إجراءاته بوجود السند بعد ذلك (1).

ب - أنه شرط كافي للتنفيذ ذلك أن السند التنفيذي له قوة ذاتية، فهو يعطي بذاته الحق ي التنفيذ الجبري بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي.
لذلك فإن الدائن الذي يحوز سند تنفيذي يتقدم إلى القائم بالتنفيذ ليس لإثبات حقه الموضوعي وإنما لطلب التنفيذ، وليس للقائم بالتنفيذ أن يمتنع عن إجرائه على زعم أن الدائن ليس له حق موضوعي، وإذا كان للمدين ما ينازع به حق الدائن في التنفيذ فإن هذا هو محل خصومة جديدة غير خصومة التنفيذ ويبقى السند التنفيذي صحيحا حتى يوقف أثره أو يزول بحكم (1).
ويذهب جانب من الفقه إلى التشكيك في خصائص السند التنفيذي على إعتبار أنه من غير المتصور أن يكون السند التنفيذي شرطا ضروريا للتنفيذ ذلك أن هذا السند في حقيقته مصدر للدعوى التنفيذية، لكن يميز القانون بشروط معينة إقتضاء الشخص نفسه لحقه دون سند نتفيذي. كما أن تنفيذ العقوبات الجنائية لا يكون بمقتضى سند، ويضيف هذا الرأي أن السند التنفيذي لا يعتبر شرطا كافيا للتنفيذ ففي نطاق الدعوى التنفيذي لا معنى لأن نقول أن وجود الحق في الدعوى كاف لبدء الخصومة والسير فيها ما دام الفقه يسلم بأن الدعوى التنفيذية مستقلة عن الحق الموضوعي (2).

ويرد الدكتور محمد محمود إبراهيم في مؤلفه
" أصول التنفيذ الجبري" على هذا القول في النقاط التالية :

أولا : إن هذا الرأي قد وقع في خلط بين القاعدة والإستثناء وإرتفع بالإستثناء إلى مرتبة الأصل في الإستدلال مما أدى إلى فساده، إذ أعتبر من جهة أن فكرة السند التنفيذي التي كان لها أكبر الفضل في تحديد نطاق إقتضاء الشخص حقه بيده وأنها تخرج من نطاق الحماية القضائية لتخلف السند التنفيذي، ومن جهة أخرى ذهب إلى أن وسائل إستيفاء الشخص لحقه كثيرة ومتعددة وتتجاوز الدعوى التنفيذية والسند التنفيذي، ومن زاوية أخرى قرارات السندات التنفيذية واردة في القانون على سبيل الحصر وأن التنفيذ بدون سند تنفيذي هو إستثناء، ومن ثمة إستدلاله بالإستثناء مرة أخرى يزيد الرأي
ضعفا ووهنا.

ثانيا : كان على هذا الجانب أن لا يتعرض للهدم إلا إذا قوى الحجة وذلك أنه قد استدل ولم يفرق بين التنفيذ الجبري والجنائي، فإن كان هذا الأخير يتم بلا سند تنفيذي فنطاقه قانون الإجراءات الجزائية، في حين أن نطاق التنفيذ الجبري هو قانون الإجراءات المدنية أو ما يعرف بقانون المرافعات في التشريع المصري.
ثالثا : إن إستدلاله بالتنفيذ المباشر للإدارة بدون سند تنفيذي هو إستدلال في غير موضعه إذ أن مجال الدراسة هو التنفيذ الجبري وليس التنفيذ الإداري، وهو الأمر الذي جعل هذا الرأي معيبا ووجب إستبعاده.





المبحث الثاني : مكونات السند التنفيذي


يعتبر السند التنفيذي عمل قانوني واحد يتركب من عنصرين أحدهما موضوعي ويتمثل في مضمون ذلك العمل القانوني وعنصر شكلي هو الصورة التنفيدية.
وتعد هذه المكونات مسألة قانونية مخالفتها هي مخالفة للقانون، فحتى يتسنى التنفيذ إقتضاءا لحق معين لابد من وجود السند التنفيذي المبني على كلا العنصرين، وأن يكون السند دالا بذاته على توافر هذه المقومات.

تحديدا لهذه المكونات بتطرق إليها في المطلبين التاليين :
1- المكونات الموضوعية.
2- المكونات الشكلية.











المطلب الأول : العنصر الموضوعي في السند التنفيذي

يعرف الدكتور أحمد ماهر زغلول التنفيذ القضائي على أنه
" إقتضاء جبري لحق معين لذلك فإن جوهر السند التنفيذي هو تأكيد وجود هذا الحق " (1). وهذا لا يعني أن توافر الحق الموضوعي يعد شرطا للتنفيذ الجبري ذلك أن القانون قد أسبغ على السند التنفيذي قوة ذاتية تحمي الحق الذي يؤكد السند وجوده حتى ولو كان هذا الوجود الحقيقي محل شك.

ويتجسد المعنى الموضوعي للسند التنفيذي في الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ لإقتضائه، وهو المفهوم المعنوي لسبب التنفيذ بالنظر إلى الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ بمقتضاه (2).

وبالرجوع إلى تعريف السند التنفيذي على أنه عمل قانوني مؤكد يظهرفي الشكل المعين فمحل التأكيد يعد هنا ذاته العنصر الموضوعي فلا يمكن الإعتراف بالعمل القانوني على أنه سند تنفيذي إلا إذا توافربه هذا المضمون التأكيدي وإن كان المشرع قد أدرج بعض الأعمال في عداد السندات التنفيذية رغم تخلف مضمونها التأكيدي كأعمال القضاء المستعجل التي لا تعد على قضاء تأكيدي لحق موضوعي وإنما مجرد ترجيح لوجود حق معين.

والتأكيد الذي يتضمنه السند التنفيذي إنما يعترف له القانون بهذه القوة كونه  صادر عن السلطة القضائية التي يعترف القانون لأعمالها بالقوة التنفيذية وكذا تلك الصادرة عن أشخاص أوهيئات خولها القانون المشاركة في تكوين السند التنفيذي كالموثق أوالسلطات الأجنبية (1).

شروط الحق محل السند التنفيذي :

وضع المشرع عدة شروط للحق الذي يرد عليه التنفيذ، أوردها في متن المادة 327 من قانون الإجراءات المدنية، وهذه الشروط ليست شروطا للحق الموضوعي بقدر ما هي شروط لمضمون السند التنفيذي التي بتوافرها
في الحق يتسنى التنفيذ إقتضاءا له وتخلفها يؤذي إلى بطلان التنفيذ.

وتنص المادة 327 من قانون الإجراءات المدنية على أنه " لا تباشر إجراءات الحجز على المنقول أو العقار إلا بمقتضى سند تنفيذي ومن أجل أشياء معينة المقدار محققه، فإذا كان الذين الحال الأداء ليس مبلغامن النفود فإنه توقف إجراءات التنفيذ بعد الحجز إلى أن يقدر قيمة المحجوز بالنقود ". من هنا يمكن إستخلاص الشروط الواجب توافرها في محل التأكيد أي في الحق الموضوعي وهي :

الفرع الأول : أن يكون الحق محقق الوجود

هذا الشرط هو محل خلاف بين الفقهاء، إذ يرى جانب منهم كما هو رأي الدكتور أحمد مليجي أن المقصود بهذا الشرط أن يكون هذا الحق خاليا من النزاع من جانب المدين لأنه لو كان كذلك لما أمكن تحقق التنفيذ مطلقا وإستحال إجرائه على المدين جبرا لأن هذا الأخير سوف ينازع دائما في هذا الحق. إضافة إلى أن هذا المعنى يجعل قوة السند التنفيذي تتوقف على أداء المدين، كما يجعل هذه القوة تتوقف أيضا على سلطة القائم بالتنفيذ وهو المحضر إذ سيترك سلطة تقدير وجود نزاع جدي أو عدم وجوده، وهذا ما يتعارض مع فكرة السند التنفيدي وكونه مؤكد للحق وكافيا بذاته لإجراء التنفيذ
الجبري (1).

غير أن هذا الرأي يعاب عليه أن أجراء التنفيذ جبرا على المدين يفترض عادة منازعة هذا الأخير في وجود الحق أو بقائه ولو إشترط الخلو من النزاع لما أمكن إجراء التنفيذ جبرا على المدين.

في حين يذهب جانب أخر من الفقه إلى إعتبار شرط تحقق الوجود له وظيفة مستقلة عن مجرد وجود السند التنفيذي، إذ يمكن  أن يوجد السند التنفيذي دون أن يحدد الحق من حيث أشخاصه ومحله تحديدا كافيا كما أن وجود السند التنفيذي يعطي الحق في التنفيذ بغض النظر عن منازعة المدين، وأن الحق الموضوعي مؤكد الوجود على وجه اليقين وبالتالي لا يكون شرطا في الحق الموضوعي يقدر ما هو شرط في السند التنفيذي بحيث أن هذا الأخير لابد أن يدل دلالة كافية. ويميز الحق من حيث أشخاصه بالتمييز بين صاحب الحق والمدين به، ومن حيث محله بأن يميز محل الحق على نحو يجعل السند التنفيذي صالحا للإقتضاء الجبري وهو الموقف الذي أخذ به الفقه المصري.

في حين يرى جانب من الفقه الإيطالي أن هذا الشرط متوفر دائما بوجود السند التنفيذي إذ هذا الأخير يؤكد دائما وجود الحق (2).
وتجدر الملاحظة أن من يكون بيده سند تنفيذي لا يكلف بإثبات أن حقه الوارد في ذلك السند محقق الوجود وإنما عبء الإثبات يقع على من يدعي العكس، فوجود السند هو في ذاته قرينة على تحقق وجود الحق الذي يتضمنه، ومن ذلك نجد بعض السندات التي لا يمكن تنفيذها كونها لاتتضمن حقا محقق الوجود كالحكم الصادر بالغرامة التهديدية الذي يتعذر تنفيذه مالم يتولى القضاء تحديد قيمة التعويض على وجه الدقة، ذلك أن هذا النوع من الأحكام لا يعد حكما بالتعويض وإنما هو وسيلة لمواجهة تعنت المدين ودفعه على تنفيذ
إلتزامه عينا.

وقد ينتهي الأمر إلى عدم الحكم بأي مبلغ أو بأي شيء من الغرامة إذا قام المدين بتنفيذ إلتزامه، وعلى ذلك فإن الحكم بالغرامة التهديدية سواءا أستأنف أو تأيد أو لم يستأنف فإنه لايمكن تنفيذه لأنه لايتضمن حقا محقق الوجود لمن صدر الحكم لصالحه (1).

وبالتالي نجد أن المشرع لم يعترف بالقوة التنفيذية إلا للأعمال التي تتضمن بذاتها وجود الحق الذي يحتويه، وتفند كل إدعاءات الخصوم ولا تكون قابلة للتنفيذ حتى تكون نهائية ومشمولة بالنفاذ المعجل وهو شأن الأحكام القضائية، خاصة بإعتبارها أكثر السندات التنفيذية شيوعا.
الفرع الثاني : أن يكون الحق معين المقدار

تعيين مقدار الحق الثابت في السند التنفيذي يقصد به أن يكون محل الأداء معينا بشكل يمكن الدائن من التنفيذ إقتضاءا لحقه فقط دون أن بتجاوزه،و من جهة أخرى يمكن للمدين أن يتفادى التنفيذ الجبري بالوفاء بهذا المقدار فقط.

وبالرجوع إلى نص المادة 327 من قانون الإجراءات المدنية، نجد أن المشرع نص على تعيين المقدار أخذا بعين الإعتبار حقا محله أداء مبلغ من النقود (1)، أو أي شيء مثلي محدد على أساس وحدة الحجم أو الوزن أو القياس، غير أن هذا الحق قد يكون محله تسليم أي شيء معين بذاته أو الإلزام بالقيام بعمل ما. فهنا يقصد بهذا الشرط تعيين الشيء المطلوب تسليمه أو العمل المراد القيام به.

وطريقة التعيين تختلف بإختلاف الحق، فإن كان مبلغ من النقود وجب أن يكون معلوم المقدار، وإن كان غير ذلك يجب أن يعين بنوعه ومقداره أو معينا بذاته إن كان منقولا أو أن يتضمن السند التنفيذي وصفا تفصيليا للعقار إن كان محل التنفيذ عقارا، وذلك حتى يتمكن الدائن من سلوك الطريق المباشر للتنفيذ، وبالمقابل قد يحوز الدائن سندات تنفيذية ومع ذلك يتعذر عليه تنفيذها لعدم تعيين المقدار مما يستوجب إتخاذ إجراءات معينة لأتمام هذا التنفيذ كما هو الحال بالنسبة للحكم الصادر بإلزام الخصم بالمصاريف القضائية إذا لم يحدد الحكم قيمتها أو الحكم النهائي القاضي بمسؤولية المدين الخصم فهذا الحكم حكم تقريري وليس حكم إلزام وعليه لا يصلح للتنفيذ الجبري، وكذا الحكم القاضي بالطرد من محل سكني أو إخلاء قطعة أرضية إن لم يتم تعيين هذا المحل تعيينا نافيا للجهالة بأن يتم تحديد المساحة، الموقع، صاحب القطعة الأرضية... تعذر تنفيذه (1).

ونشير إلى أن الحكم إذا لم يتضمن تعيين دقيق للحق أمكن إستكماله بحكم أخر يقدر الحق المستحق الأداء، فالحكم الصادر بإلزام الخصم بالمصاريف القضائية إذا لم يتم تحديدها في الحكم ثم إستصدار أمر بتقدير المصاريف القضائية.

كما يمكن تكملة السند التنفيذي بسند عرفي شريطة أن يكون لهذا السند العرفي وجود سابق على السند التنفيذي وأن سشار إليه في متن هذا الأخير (2).

الفرع الثالث : أن يكون الحق حال الأداء

ويكون الحق حال الأداء إذا كان أدائه غير مؤجل أو غير معلق على شرط واقف، أي يجب أن يكون هذا الحق غير مضاف إلى أجل وغير مقيد بأي وصف كان، بعبارة أخرى قابل للتحصيل في الحال.

ويعتبر الحق حال الأداء إذا كان الأجل المقترن به مقررا لمصلحة الدائن وحده وتنازل عن حقه فيه، كما يعتبر كذلك إذا فقد المدين حقه في الأجل لسبب من الأسباب الواردة في القانون كأن يشهر إفلاس المدين أو إعساره أو يضعف ما أعطى للدائن من تأمين خاص مما يقتضي تصفية عناصر ذمته المالية وتسوية ديونه دون التقيد بالأجال المقررة، وعلى هذا الأساس فإذا كان حق الدائن إحتماليا أو مقيدا بأي نص فإنه لا يجوز تنفيذه جبرا (1). والتنازل عن الأجل المقرر لصالح الدائن يشترط أن يعلم به مدينه قبل مباشرة إجراءات التنفيذ.

وينبغي التفرقة بين حلول الأجل وتحقق الوجود، فالحق قد يكون محقق الوجود لكنه غير حال الأداء ومثاله الحكم الصادر بإلزام المدين بدفع مبلغ معين من المال، ولكن على أقساط، فهنا لا يمكن التنفيذ الجبري للحق بأكمله لمجرد صدور الحكم إلا لإقتضاء القسط الأول الذي حل أجله.

يجب توافر وجود الحق الموضوعي وتعيين مقداره وحلول أدائه عند البدء في التنفيذ، كما ينبغي أن تتوافر هذه الشروط في ذات السند التنفيذي إذ يجب أن يكون هذا الأخير دالا دلالة قاطعة على توافر شروط الحق وأن يشهد عليها بذلك، فلا يكفي توافر هذه الشروط في لحظة لاحقة علىالبدء في التنفيذ أو بصفة سابقة لذلك، إذ لا عبرة من توافرها في هذه الحالة وكل إجراء يتخذ لتنفيذ السند يعد باطلا ولا يصححه حلول الأجل بعد ذلك، فلابد من تواجدها لحظة البدء في التنفيذ كما أنه ليس للدائن الذي بدء في التنفيذ بمقتضى حق غير معين المقدار أن يطلب من القاضي الذي ينازع المدين أمامه في صحة التنفيذ أن يقوم بتعيين الدين لتصحيح إجراءات التنفيذ كون التنفيذ في هذه الحالة يعد باطلا منذ بدايته وهذا لما يترتب على البدء في إجراءات التنفيذ من أثار خطيرة في جانب المدين منها حبس ماله المحجوز تحت يد القضاء والمساس بسمعته الأدبية والمالية (2).

المطلب الثاني : العنصر الشكلي للسند التنفيذي


لا يكون التنفيذ الجبري صحيحا لمجرد أن صاحب الحق فيه ذو حق إستوى إستواءا قانونيا وتجسد في سند تنفيذي يمنح فاعلية للتنفيذ، بل يجب أن يكون مع ذلك للدائن صورة من السند التنفيذي كعلامة مادية بيد الدائن. وتكون ورقة جوهرية من أوراق التنفيذ التي تشهد بمضمون السند التنفيذي.
فالواقع العملي يقتضي وجود تلك الورقة وبالتالي لايجوز إطلاقا التنفيذ بدونها تحت أية حجة من الحجج ولا وجود لبديل قانوني عنها (1).

وتتجلى هذه الضرورة في إستلزام المشرع في قانون الإجراءات المدنية أن تكون النسخة التنفيذية ممهورة بالصيغة التنفيذية حسب المادة 321 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على مايلي : " لكل من صدر لمصلحته حكم قضائي أو كان بيده سند تنفيذي وأراد بموجبه الحق في الحصول على نسخة ممهورة بالصيغة التنفيذية يطلق عليها النسخة التنفيذية وهذه النسخة موقع عليها من الكاتب أو الموظف المختص تحمل العبارة الأتية " نسخة مسلمة طبق الأصل للتنفيذ " ثم يوقع عليها وتختم بخاتم رسمي ". ومن ثمة يتضح أنه يشترط في تلك الورقة التي يحصل عليها الدائن أن تكون مكونة
من عنصران :
- النسخة التنفيذية.
- الصيغة التنفيذية.
وهو ما سنتطرق إليه في الفروع التالية :


الفرع الأول : النسخة التنفيذية

النسخة التنفيذية صورة من الحكم أو المحرر مذيلة بالصيغة التنفيذية وفقا لما ورد في أحكام المادة 321 من قانون الإجراءات المدنية، والتي تثير العديد من التساؤلات والنقاط القانونية التي سيتم التطرق إليها.

أولا : ضرورة النسخة التنفيذية


كما سبق الإشارة إليه فإن النسخة التنفيذية هي الشكل الخارجي الذي بتخذه العمل القانوني حتى يستطيع أن يرتب أثاره القانونية ويحوز القوة التنفيذية، فهي ركن في السند التنفيذي لا يستقيم أمره بدونها، ولا يكفي لإجراء التنفيذ أن يكون صاحب حق مؤكد في عمل قانوني له قوة تنفيذية بل يجب أن يكون بيد الدائن ورقة هي نسخة من المحرر المثبت لهذا العمل ذات طابع خاص تسمى " النسخة التنفيذية ".

وعليه فإن النسخة التنفيذية ليست في حد ذاتها السند التنفيذي وإنما هي المظهر الخارجي لهذا السند وبدونها لا يخول للدائن حق الشروع في إجراءات التنفيذ الجبري.

ثانيا : أحكام تسليم النسخة التنفيذية


يخضع تسليم النسخة التنفيذية إلى مجموعة من الأحكام التي تعد كأصل ترد عليه إستثناءات في حالات خاصة ومن أهمها ما يلي :
v           أنه لا يجوز إستخراج إلا نسخة تنفيذية واحدة من السند التنفيذي والإستثناء هو جواز منح نسخة تنفيذية ثانية بشروط خاصة، وتحفظ النسخة الأصلية للسند التنفيذي ذاته بكتابة ضبط المحكمة ولا يجوز تسليمها لأي شخص وفقا لأحكام المادة 39 من قانون الإجراءات المدنية والتي تنص على ما يلي : " يحفز أصل الحكم الصادر في كل قضية بكتابة الضبط
مع المراسلات والوثائق المقدمة فيها، أما الوثائق التي تخص الأطراف فتعاد لقاء إيصال
".
v           يقوم بتحرير النسخة التنفيذية كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم إذا كان الحكم صادرا من القضاء أو كاتب المحكمة التي أودع أصل الحكم بكتابة ضبطها بالنسبة لأحكام المحكمين، أو كاتب المحكمة الإبتدائية التي يراد التنفيذ بدائرتها بالنسبة للأحكام والأوامر والسندات الأجنبية، وكاتب مكتب التوثيق الذي قام بتوثيق السند الرسمي (1).

والكاتب في كل هذه الحالات يمارس نوعا من الرقابة على تسليم النسخة فهو يتأكد من عدم سبق إستخراج نسخة تنفيذية، كما أنه يتأكد من أن العمل المطلوب صورة منه يقبل التنفيذ الجبري لكونه حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه، أو لأنه إبتدائي مشمول بالنفاذ المعجل وأنه في الحالتين
حكم بالالزام.
 كما أن الكاتب يتحقق من توافر الصفة في الشخص طالب النسخة التنفيذية فيجب أن يكون هو بذاته المحكوم أو وكيله المفوض تفويضا خاصا لإستلام النسخة التنفيذية، وهذه الرقابة رقابة خارجية وليست رقابة صحة على ما يتضمنه السندمن عناصر.



شروط الحصول على النسخة التنفيذية :

وضع المشرع للحصول على النسخة التنفيذية عدة شروط إذا توافرت وجب إعطاء تلك الصورة وإلا أمتنع تسليمها وهي :

1 - أن يكون للخصم منفعة من التنفيذ : ومفاد ذلك أنه لا تسلم النسخة التنفيذية إلا للخصم.
والخصم في القانون الإجرائي له مدلول معين، والمناط في تحديده هو توجيه الطلبات في الدعوى فلا يكفي مجرد المثول أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يكون للشخص طلبات قبل صاحبه أو العكس حتى يعتبر خصما. فإذا لم يصدق وصف الخصم على الطالب لا يسوغ تسليمه تلك النسخة كالخصم المنضم، وإذا ما كيف المركز القانوني للطالب على أنه خصم فإن ذلك لا يكفي لمنحه النسخة التنفيذية بل إضافة إلى ذلك يجب أن تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم ويكفي هنا أية منفعة كانت حتى ولو كانت غير مباشرة، أما إذا إنتفت المنفعة فلن يحصل عليها.
وأمام ذلك فإذا إنفرد المحكوم له وتعدد المحكوم عليهم، يمنح للمحكوم له نسخة تنفيذية واحدة، أما إذا تعدد المحكوم لهم فيمنح لكل واحد منهم نسخة تنفيذية سواء تعدد أو إنفرد المحكوم عليهم. أما إذا كان السند التنفيذي من غير الأحكام القضائية فإن النسخة لا تسلم إلا الدائن بالحق المعين إسما وصفه
في السند التنفيذي.

كما تسلم النسخة التنفيذية إلى خلف الدائن أو من له الحق
في إستيلامها أو وكيل أي من منهما سواء كان خلفا عاما أو خاصا، وسواء كانت الخلافة قانونية أو إتفاقية، ولكن يشترط لتسليم الخلف نسخة تنفيذية مجموعة من الشروط :
1 - أن تكون الخلافة قد نشأت بعد وجود السند التنفيذي.
2 - أن تكون الخلافة ثابتة ونافذة في مواجهة الخصم المنفذ ضده.
3 - أن لايكون السلف قد حصل على نسخة تنفيذية، فإن كان هذا الأخير قد تسلمها فلا يجوز تسليم نسخة تنفيذية ثانية للخلف، ولو أن السلف لم يستعمل النسخة المسلمة له، ذلك أن الخلف يستطيع أن يستعمل النسخة المسلمة لسلفه، فلو أعطيت له نسخة تنفيذية ثانية لوجدت بذلك نسختان تنفيذيتان صالحتان لنفس الخلف للتنفيذعلى أموال المدين على أنه حيث لا توجد خلافة لا يجوز إعطاء نسخة تنفيذية لغير الطرف المستفيد من الحكم، وعلى هذا الأساس فإنه لايمكن للدائن المتضامن الذي لم يكن طرفا في الخصومة التي إنتهت بالحكم، الحصول على نسخة تنفيذية من هذا الحكم رغم أن المادة 233 فقرة 2 من القانون المدني تنص على أنه : " إذا صدر حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين فيستفيد منه الأخرون إلا إذا كان هذا الحكم مبني على فعل خاص بالمدين المعني "، وعليه يجب أن تكون النسخة التنفيذية بحيازة طالب التنفيذ، وهذه الحيازة يجب أن تكون مشروعة أي أن يكون طالب التنفيذ هو الشخص الذي أعطيت له نسخة أو خلف هذا الشخص أو وكيل أي منهما (1). فإذا وجدت النسخة التنفيذية بحوزة أحد منهم فعلى المحضر أن يقوم بالتنفيذ دون أن تكون له أية رقابة على حقه في إجرائه أوعلى صفته.
فحيازة النسخة التنفيذية تعني أن الحائز له الحق في التنفيذ وأنه لم يستعمل هذا الحق بعد.
2 - أن يكون السند قابلا للتنفيذ : سبق القول أن فحوى السند التنفيذي عمل قانوني يؤكد وجود حق الدائن إلا أنه ليس كل عمل قانوني يتضمن تأكيدا لوجود الحق يصلح لأن يحوز القوة التنفيذية، أي أن يكون سندا تنفيذيا يصلح لتحريك ومباشرة إجراءات التنفيذ الجبري لإقتضاء ما يتضمنه من حقوق، فهذه القوة تحوزها الأعمال التي يحددها القانون.
ونظرا لما يرتبه التنفيذ من أثار وخيمة على ذمة المدين ومركزه القانوني لم يشأ المشرع أن يترك تحديد هذه الأعمال لتقدير القضاء والإجتهاد أوالسلطة القائمة بالتنفيذ، بل أوردها في القانون معينا بذلك السندات التي تكون قابلة للتنفيذ.
فبالنسبة للأحكام، لا تسلم منها نسخة تنفيذية إلا إذا كان الحكم جائز تنفيذه جبرا. وبذلك لا تسلم النسخة التنفيذية لحكم إبتدائي أو تقريري أو منشىء لا يتضمن إلزام بأداء معين يقبل التنفيذ الجبري. وعلى ذلك فالكاتب أو الموظف المختص – الكاتب أو الموثق بالنسبة للمحررات الموثقة – يتأكد قبل إعطاء النسخة التنفيذية من أن السند جائزتنفيذه جبرا. ويقتصر دور الكاتب على ذلك دون أن تكون له سلطة رقابةعلى صحة الحكم.

ثالثا: متى يجوز تسليم نسخة تنفيذية ثابتة ؟.

الأصل أو القاعدة أنه لايجوز تسليم أكثر من نسخة تنفيذية واحدة حماية للمدين من تكرار التنفيذ في مواجهته ومع ذلك فإن القانون أجاز إستثناءا منح نسخة تنفيذية ثانية لذات الخصم الذي سبق له وأن حصل على نسخة تنفيذية أولى ولكن بشروط معينة، وفي هذا الصدد تنص المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية على أنه : " لايجوز أن تسلم إلا نسخة تنفيذية واحدة، ومع ذلك فإذا فقدت هذه النسخة ممن تسلمها فبل تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته جاز له الحصول على نسخة أخرى بأمر من رئيس الجهة القضائية التي أصدرته بناء على عريضة ".

وهو الإستثناء، ويقتضي الأمر تبليغ الخصوم تبليغا صحيحا وهو نفس الإجراء الذي يتعين إتباعه إذا كان الأمر يتعلق بالنسخة التنفيذية لمحرر توثيقي طبقا لنص المادة 22 من قانون التوثيق 88-27 المؤرخ في 13 يوليو1988 التي جاء فيها : " لا تسلم إلا صورة تنفيذية واحدة تحت طائلة خلع الموثق غير أنه يمكن تسليم صورة تنفيذية إضافية لأمر صادر عن رئيس محكمة محل إقامة المكتب ويبقى هذا الأمر مرفوقا بالأصل ".

شروط تسليم نسخة تنفيذية ثانية :
للحصول على نسخة تنفيذية ثانية يتعين توافر شرطان :
1- فقدان هذه النسخة أو ضياعها.
2- الحصول على أمر من رئيس الجهة القضائية بتسليمها.

1 - فقدان النسخة التنفيذية :

ويقصد بفقد النسخة التنفيذية الأولى ضياعها وعدم إستطاعة صاحبها العثور عنها، ويأخذ حكم فقدان النسخة التنفيذية تلفها أو هلاكها أو إستحالة الوصول إلى مكانها وإستردادها.

تنص المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية على أنه : " لا يجوز أن تسلم إلا نسخة تنفيذية واحدة ومع ذلك فإذا فقدت هذه النسخة ممن تسلمها قبل تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته جاز الحصول على نسخة أخرى ... "، أما إذا كان المحكوم له يستطيع عن طريق اللجوء إلى العدالة إسترداد النسخة التنفيذية الأولى من الجهة التي تحتفظ بها فإن وجودها في هذا المكان لا يعد بمثابة الفقد أو الضياع الذي يجيز تسليم نسخة تنفيذية ثانية.

عبء الإثبات : يقع عبء إثبات فقدان النسخة التنفيذية الأولى على عاتق من يطالب بنسخة تنفيذية ثانية، ويكون ذلك بكافة طرق الإثبات كون الفقدان واقعة مادية.

2 - الحصول على أمر بتسليم نسخة تنفيذية ثانية :

ليس بإستطاعة طالب التنفيذ الحصول على نسخة تنفيذية ثانية إلا بالحصول على أمر من رئيس الجهة القضائية التي أصدرت السند التنفيذي المراد تنفيذه ويتعلق الأمر برئيس المحكمة إذا كان السند حكما؛ أو رئيس المجلس القضائي إذا كان السند قرار، ذلك أن المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية بعد أن قررت شرط فقدان النسخة التنفيذية الأولى للحصول على نسخة ثانية أضافت شرط ثاني هو الحصول على أمر من رئيس الجهة القضائية التي أصدرته بناء على عريضة، وذلك بعد تبليغ الخصوم تبليغا صحيحا، ويكون طلب الحصول على نسخة تنفيذية ثانية بموجب عريضة مقدمة إلى رئيس الجهة القضائية التي أصدرت السند بموجب أمر على ذيل عريضة دون اللجوء إلى إتباع النصوص العامة في رفع الدعاوى، إلا أنه يشترط تكليف الخصوم بالحضور أمام رئيس الجهة القضائية التي أصدرته تكليفا صحيحا للتأكد من عدم التنفيذ بالنسخة التنفيذية الأولى حتى لا يكون المدين عرضة للتنفيذ على أمواله مرتين، ونفس الأمر يتعلق بحالة ضياع نسخة تنفيذية للمحرر الرسمي طبقا لأحكام المادة 22 من قانون الثوتيق.
وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن التشريعات المقارنة (1) توزع إختصاص منح النسخة التنفيذية الثانية بين قضاء الإستعجال وقضاء الموضوع، وهذا ما تشير إليه مثلا أحكام المادة 183 من قانون المرافعات اللبناني التي تفرق بين الحالات التالية :

1- حالة ضياع الصورة التنفيذية الأولى وتلفها : هنا ترفع الدعوى أمام المحكمة التي أصدرت الحكم إذا كان السند هو حكم المحكمة أو المحكمة التي يودع بها أصل وثيقة التحكيم إذا كان السند التنفيذ حكم تحكيمي.
2- إذا كان السند التنفيذي محرر موثق : فإن الدعوى ترفع أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يقع بدائرته مكتب التوثيق، ونلاحظ أن هذه الدعوى ترفع بالتكليف بالحضور للمدعي عليه وتودع صحيفة الدعوى لدى قلم الكتاب ويدور موضوعها حول ضياع أو تلف الصورة التنفيذية الأولى والحاجة إلى الحصول على صورة تنفيذية ثانية.

وإذا رأت المحكمة عدم كفاية الأدلة تحكم برفض الدعوى دون أن يحول ذلك من إعادة رفع الدعوى مجددا بعد إستكمال الأدلة؛ إذ أن الحكم الصادر من الأحكام الشرطية التي ترتبط بضروف معينة إذ تغيرت أمكن اللجوء إلى القضاء مرة ثانية للحصول على حكم جديد، كما أن مثل هذه الأحكام لاتحوز حجية الشيء المقضي فيه، وفي جميع الأحوال يجوز إستثناء الحصول على صوة ثانية دون إتباع ما سبق، وذلك في الحالة التي يتفق فيها الجميع حال حضورهم أمام كاتب المحكمة على تسليم المحكوم له صورة تنفيذية ثانية.

- وفي هذا الصدد وبشأن فعن إشكالات الحصول على نسخة تنفيذية ثانية في حالة ضياع الأولى إرتأينا التطرق إلى بعض الحالات العملية لهذا الإشكال على مستوى مجلس قضاء عنابة أين يتم التأكد من مدى توافر الشروط التي تسمح بتسليم النسخة التنفيذية الثانية أين سينتهي الأمر إما بقبول إصدار أمر تسليم النسخة التنفيذية الثانية أو إصدار أمر بالرفض لعدم توافر
شروط منحها.

وعليه نتطرق إلى نموذجين من بين العديد من الأوامر الصادرة عن رئيس محكمة عنابة التي إنتهى فيها إلى رفض منح نسخة تنفيذية ثانية من السند التنفيذي لعدم إحترام طالبيها لإجراءات تبليغ الخصوم للحضور وفقا لأحكام المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية.

ومنها الأمر رقم 1363/04 الصادر بتاريخ 12 أكتوبر 2004
عن رئيس محكمة عنابة الذي رفض إصدار أمر بتسليم نسخة نتفيذية ثانية
من الحكم الجزائي الصادر عن محكمة عنابة بتاريخ 28-06-2004
في الشق المدني – والذي تقدم صاحبه بطلب هذه النسخة بعد أن تفاجىء بضياعها بعد أن تسلمها من كتابة ضبط المحكمة. وهذا لعدم قيامه بإجراءات تبليغ خصمه وفقا لأحكام المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية.

وكذا الأمر رقم 1358/04 الصادر بتاريخ 11 أكتوبر 2004 الرافض لطلب العارض الذي تقدم لإستصدار أمر تسليم نسخة تنفيذية ثانية
من عقد الإعتراف يدين الذي فقده بعد الحصول عليه وقبل القيام بإجراءات التنفيذ والذي رفض أيضا لعدم إحترام العارض لإجراء تبليغ خصمه أمام رئيس المحكمة.
وهذا النموذج من بين الحالات العملية التي تحظي بالرفض أمام عدم إحترام الشكليات والإجراءات التي يقتضيها القانون وأحكام المواد 321 – 322 من قانون الإجراءات المدنية أين يتضح جليا أنها إجراءات لايستهان بها مفادها التأكد من عدم سبق التنفيذ لعدم الإضرار بذمة المدين جراء التنفيذ عليه مرتين.

إلا أن ما يقابل حالات الرفض لطلبات الإستصدار تقابله حالات إستصدار أوامر بتسليم نسخة تنفيذية ثانية لإحترام الأطراف جميع الإجراءات، كالتبليغ والحضور أمام رئيس المحكمة وسماعهم على محضر للتأكيد من سبق التنفيذ من عدمه  مثلما هو ثابت في الأمر رقم 66 الصادر بتاريخ
15/03/2004 عن رئيس محكمة عنابة الذي أمر فيه بتسليم نسخة تنفيذية ثانية لإستيفاء كل الإجراءات التي يقتضيها القانون لتسليمها.

هل يجوز التنفيذ بموجب صورة فتوغرافية ؟ (1)


يجمع الفقه (2) على أنه لايجوز التنفيذ بموجب الصورة الفوتوغرافية للصورة التنفيذية لتعذر إستخدام النسخة الأولى.

وعلى ذلك يتعين الحصول على نسخة تنفيذية ثانية بالإجراءات التي رسمتها المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية ويبرر الفقه موقفه من عدم جواز إستخدام هذه الصورة في التنفيذ الجبري على كون النسخة التنفيذية ليست وسيلة إثبات للحق وإنما شيء ضروري لقيام المحضر بوظيفته على أحسن وجه كون السند التنفيذي لا يكتمل وجوده إلا بها، فهي ركن في هذا السند لا يغني عنها أي سند أخر، كما أن إجازة التنفيذ بالصورة الفتوغرافية يؤدي إلى إحتمال تكرار التنفيذ، ويمكن الدائن من إقتضاء حقه الواحد أكثر من مرة.

حتى وإن إعتبرنا الصورة الفتوغرافية دليلا لإثبات وجود الحق طبقا لقواعد الإثبات الواردة في المادة 325 وما يليها من القانون المدني إلا أنها لاتكفي لإعتبارها دليلا على سبق التنفيذ بمقتضى هذا الحق.
الفرع الثاني : الصيغة التنفيذية                      

إن أي سند تنفيذي سواءا كان حكما أو أمرا أو محررا رسميا أو غير ذلك لا يجوز تنفيذه إلا بموجب صورته التنفيذية الممهورة بالصيغة التنفيذية، وعلى ذلك فإن وضع الصيغة التنفيذية لايقتصر على الأحكام بل توضع على سائر السندات التنفيذية.

فهي توضع على العقود الرسمية، كما توضع على الأوامر الداخلة
في عداد السندات التنفيذية، لكن ماهي القواعد التي تحكم الصيغة التنفيذية ؟
أولا : المقصود بالصيغة التنفيذية : هي الأمر الموجه إلى الجهة القائمة بالتنفيذ لإجرائه أو إلى السلطات العامة حتى تبادر بالمساعدة على ذلك إذا إقتضت الحاجة ولو بإستعمال القوة الجبرية.

ولقد نصت المادة 320 من قانون الإجراءات المدنية على ذلك بالنص: " كل حكم أو قرار أو سند لايكون قابلا للتنفيذ إلا إذا كان مممهور بالصيغة التنفيذية الأتية :
"الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بإسم الشعب الجزائري ".

وتنتهي بالصيغة الأتية :
" وبناء على ما تقدم فإن الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تدعو وتأمر جميع أعون التنفيذ إذا طلب إليهم ذلك، تنفيذ هذا القرار
( القرار، الحكم...) وعلى النواب العامين ووكلاء الجمهورية لدى المحاكم
مد يد المساعدة اللازمة لتنفيذه، وعلى جميع قادة وضباط القوة العمومية تقديم المساعدة اللازمة لتنفيذه بالقوة عند الإقتضاء إذا طلب إليهم ذلك
بصفة قانونية.
وبناء عليه وقع هذا الحكم ".
وفي القضايا الإدارية تكون الضيغة التنفيذية على الوجه الأتي :
" الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تدعو وتأمر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، كل فيما يخصه، وتدعو وتأمر كل أعوان التنفيذ المطلوب إليهم ذلك فيما يتعلق بإجراءات القانون العام في مواجهة الأطراف الخصوصين أن يقوموا بتنفيذ هذا القرار ".

وعلى هذا الأساس تعتبر الصيغة التنفيذية أحد مكونات النسخة التنفيذية (1) بحيث لايكتمل بها الشكل القانوني للسند إلا إذا ذيل بالصيغة التنفيذية وعليه لايجوز التنفيذ إلا بموجب النسخة التنفيذية الممهورة بالصيغة التنفيذية، كما أنها تعد شرطا من شروط السند التنفيذي الذي لايستقيم أمره بدونها وفق معطيات المادة 321 من قانون الإجراءات المدنية.

ويترتب على إغفال وضع الصيغة التنفيذية على السند أنه يتعذر التنفيذ وإن تم ذلك فإنه يعد تنفيذا باطلا لإنعدام أساسه، أما إذا كان العيب الذي يلحق الصيغة لايعد إلا مجرد خطأ في عباراتها فيجري تطبيق القواعد العامة للأعمال الإجرائية.

ثانيا : تقدير نظام الصيغة التنفيذية :

يرجع ظهور الصيغة التنفيذية إلى إعتبارات تاريخية متعلقة أساسا بالفترة السابقة للثورة الفرنسية، أين كانت فرنسا مقسمة إلى مقاطعات فكان
من الضروري الحصول على " فـيـزا " تأشيرة يمكن بها تنفيذ الحكم الصادر في إقليم معين خارج حدود الإقليم الذي صدر فيه.

ورغم أن فكرة الإقليمية تلاشت فيما بعد وقويت السلطة المركزية إلا أن العمل بهذه الفكرة إستمر لأسباب مالية كون الحصول على التأشيرة كان يتم بمقابل دفع رسوم، ولكن كان من المنطقي أن تختفي الصيغة التنفيذية بعد زوال المبرر الأساسي لوجودهما، وهو ما لم يحدث عمليا.

تعددت أراء الفقه الحديث حول الوظيفة التي يؤديها الصيغة التنفيذية إلى مجموعة أراء :
إذ ذهب فريق منهم إلى أن الصيغة التنفيذية تأكيد لوجود السند التنفيذي وصحته، فهي تعتبر الدليل الأكيد على أن طالب التنفيذ هو صاحب الحق الثابت بالسند وأنه لم يستوفي هذا الحق بتنفيذ سابق، وسندهم في ذلك أن الصورة التنفيذية لاتسلم إلا لصاحب الحق.

غير أن هذا الرأي منتقد لأن التأكيد الذي يتضمنه وضع الصيغة التنفيذية على السند التنفيذي لا يضفي جديدا إلى التأكيد الذي يتضمنه السند التنفيذي ذاته. كما أن وجود هذه الصورة التنفيذية لايعني بالضرورة عدم قيام المحكوم عليه بالوفاء بالدين إذ المسألة تخضع للقواعد العامة في الإثبات فقد تلزم المحكوم عليه بالحق الموضوعي بعد حصول المحكوم له على صورة تنفيذية من الحكم.

وذهب جانب أخر من الفقه إلى أن الصيغة التنفيذية على صورة السند يؤدي إلى إنشاء وضع ظاهر يفرق ويميز الصورة التنفيذية عن غيرها من الصور إذ تعد علامة مادية ظاهرة توضح للمطلع عليها بشكل ملموس أن هذه الورقة أداة صالحة للتنفيذ مما يسهل مهمة المحضر في التحقق من حق الطالب في التنفيذ، ومن تمييز هذه الصورة عن غيرها من الأوراق الرسمية.

غير هذا الراي يمكن إنتقاده هو الأخر إذ من الممكن تمييز الصورة التنفيذية عن غيرها من الصور بطرق أخرى كوضع خاتم خاص على الصورة التنفيذية وهو ما أخذت به بعض التشريعات كالقانون اللبناني بوضعه عبارة
" سلمت نسخة طبق الأصل لأجل التنفيذ ". هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الصيغة التنفيذية كعلامة مادية ظاهرة لا تؤدي لإكتساب أحد الحقوق على خلاف الحقيقة لأن هذه الصيغة لو وضعت خطأ على سند غير جائز تنفيذه أو إستلمه شخص لاحق له في ذلك فإن إجراءات التنفيذ تكون باطلة ولا يكون لحامل الصورة التنفيذية أن يحتج بالصيغة التنفيذية لإكتساب أي حق حتى ولو كان حسن النية.

ومع ذلك فإن الصيغة التنفيذية التي توضع خطأ من الممكن أن تؤدي إلى نفس مسؤولية الغير الذي قام بالتنفيذ إعتمادا عليها، فالظاهر الذي تخلقه الصيغة التنفيذية على سند غير جائز التنفيذ يصلح أساس لنفي خطأ الغير الذي يعتمد في سلوكه على هذا الظاهر ويقوم بالوفاء إختيارا لتفادي إجراءات التنفيذ الجبري في مواجهته ولكن يظل القائم بالتنفيذ بناء على الصيغة التنفيذية التي وضعت خطأ مسؤولا في مواجهة المنفذ ضده عن هذا التنفيذ الخاطىء.
وذهب رأي ثالث من الفقه إلى أن أهمية الصيغة التنفيذية تكمن في أنها تحمل أمر صادر إلى المحضر والقضاة ورجال السلطة العامة بإجراء التنفيذ إلى أن الحكم بذاته لا يتضمن أمرا إلى القائم التنفيذ وإنما يتضمن إلزاما للمحكوم عليه بما قضى به، بل أن الصيغة التنفيذية هي التي تحوي هذا الأمر.

وأنتقد هذا الرأي لكونه لا يصدر إلا إلى الموظفين الخاضعين لمن يصدره ولا يمكن تصور إصدار واضع الصيغة التنفيذية على السند وهو الكاتب أو الموثق أمر إلى أشخاص أعلى منه في سلم التدرج الوظيفي، خاصة أن كاتب المحكمة أو الموثق ليست له ولاية القضاء، ويحاول أنصار هذا الرأي تفادي هذا النقد بمقوله مفادها أن كاتب المحكمة أو الموثق، ل ايقوم إلا بوضع الصيغة التنفيذية على السند التنفيذي وأن الأمر الذي يتضمنه الصيغة لا يعتبر صادرا من الكاتب أو الموثق، بل يمكن إعتباره صادرا عن القانون مباشرة أو عن الدولة أو من رئيس الدولة، لكن هذا القول مردود عليه إذ أن القائمين التنفيذ يتلقون الأمر مباشرة من القانون بحكم وظائفهم دون حاجة إلى الصيغة التنفيذية، وهم بذلك لا يحتاجون إلى أمر خاص بالتنفيذ في كل حالة يقومون فيها بالتنفيذ وهذا الرد ينطبق أيضا على القول بأن الأمر صادر من الدولة إذ لا يوجد فارق بين الأمر الصادر من الدولة والأمر الصادر من القانون، كذلك لا يمكن القول بأن الأحكام تصدر وتنفذ بإسم رئيس الدولة بل هي تصدر وتنفذ بإسم الشعب، وهذا ما تنص عليه المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية.

وإعتبر فريق رابع من الفقه أن الصيغة التنفيذية تعتبر ركنا شكليا في السند التنفيذي، ووفقا لذلك فإن السند التنفيذي عمل قانوني، أما الصورة التنفيذية فهي الشكل الخارجي لهذا العمل، وبذلك فالسند التنفيذي عمل شكلي في حين الصيغة التنفيذية هي الشكل القانوني لهذا السند ولذا لا يعد السند التنفيذي قائما إلا إذا إستوفى الشروط القانونية للصور التنفيذية.
وهذا الرأي غير صحيح أيضا لأنه يخلط بين الركن والشرط (1)، فالصيغة التنفيذية ليست إلا مجرد شرط شكلي في السند التنفيذي ومن الممكن أن يوجد السند التنفيذي دونها وفي هذه الحالة لا ينتج السند التنفيذي أثاره القانونية، وأهمها إلتزام المحضر بإجراء التنفيذ، ولو كانت الصيغة التنفيذية ركنا في السند لما وجد السند بدونها، مما يدل على أنها مجرد شرط شكلي في السند.

والواقع أن البعض يرى بأن الصيغة التنفيذية لا تؤدي أية وظيفة نافعة ولا تستجيب لأي ضرورة قانونية ومنطقية، فهي مجرد شكل تاريخي لامعنى له، وهناك العديد من القوانين التي لا تأخذ بنظام الصيغة التنفيذية، كالقانون الإنجليزي، السوداني، السوري، العراقي، السعودي، البحريني واللبناني، كما أن العديد من التشريعات ومنها الجزائري تجيز التنفيذ في بعض الحالات الإستثنائية بغير الصيغة التنفيذية كما سنرى لاحقا.

تذهب معظم التشريعات إلى أنه من الأجدر الأخذ بنظام أمر التنفيذ وإلغاء الصيغة التنفيذية (2)، بحيث يشترط لتنفيذ السند التنفيذي أن يصدر أمر بالتنفيذ من قاضي التنفيذ، إذ أن نظام أمر التنفيذ يتفق مع الأخذ بنظام قاضي التنفيذ الذي إستحذثه المشرع المصري في القانون الحالي، ومعظم التشريعات التي تأخذ بنظام قاضي التنفيذ لا تأخذ بالصيغة التنفيذية ولا يبدأ التنفيذ وفقا لها إلا بأمر من قاضي التنفيذ، كما أن نظام الأمر بالتنفيذ يؤدي إلى تحقق الإشراف السابق للقضاء على بدء التنفيذ، مما يقلل من منازعات التنفيذ التي قد تثور
فيما بعد.

ولا شك في أن نظام أمر التنفيذ أكثر تشددا في الصيغة التنفيذية وأكثر دقة منه لأن أمر التنفيذ لا يصدر إلا من القاضي وليس من كاتب المحكمة أو الموثق الذي يقوم بوضع الصيغة التنفيذية على السند ولا يصدر القاضي الأمر إلا بعد التحقق من جواز التنفيذ بصورة موضوعية بينما الصيغة التنفيذية لا تدل على جواز التنفيذ إلا بطريقة سطحية، فأمر التنفيذ يتضمن تأكيدا حقيقيا على جواز التنفيذ، بينما الصيغة التنفيذية لا تتضمن سوى تأكيدا شكليا لذلك.

وبناءا عليه يضيق مجال منازعات التنفيذ وإشكالاته في ظل نظام أمر التنفيذ بعكس الحال في ظل نظام الصيغة التنفيذية الذي يتعين إلغاؤه.
 ↚

هل يجوز التنفيذ بغير الصورة التنفيذية ؟


بالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية الجزائري فإننا لا نجد في نصوصه إستثناءا للتنفيذ بغير النسخة التنفيذية، كما فعل المشرع المصري في المادة 280/3 من فانون المرافعات المصري حيث نص صراحة على أنه :
" لا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص خاص من القانون بموجب صورة تنفيذية من السند التنفيذي عليها الصيغة التنفيذية ".

إلا أنه يجوز ذلك في حالة الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة وبشرط وجود حالة الضرورة القصوى، وبأمر من رئيس المحكمة بناءا على طلب الخصوم، والأصل ألا يتم التنفيذ إلا بموجب صورة تنفيذية من السند التنفيذي إذ أن المادة 320 من قانون الإجراءات المدنية صريحة في أن كل حكم أو سند لا يكون قابلا للتنفيذ إلا إذا كان ممهورا بالصيغة التنفيذية.

غير أن المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية الواردة في باب القضاء المستعجل نصت على أنه " تكون الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها وهي غير قابلة للمعارضة ولا للإعتراض على النفاذ المعجل وفي حالات الضرورة القصوى، يجوز للرئيس قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب المسودة الأصلية للأمر ".
وشرط التنفيذ بمسودة الحكم (1)la minute  أن يأمر به رئيس المحكمة في حالة الضرورة القصوى وأن يطلبه الخصوم وأن يكون بصدد أمر صادر في مادة مستعجلة.

ويلاحظ أن التنفيذ هنا يتم بغير إعلان حتى قبل قيد الأمر أو مسودته سلم إلى كاتب التنفيذ لا إلى المحكوم له فلا محل لوضع الصيغة التنفيذية على مسودة الأمر الأصلية في هذه الحالة.

كذلك نصت المادة 346 قانون الإجراءات المدنية في صدد الحجز التحفظي على أنه بصدد أمر الحجز التحفظي فإنه يصدر من قاضي محكمة موطن المدين أو مقر الأموال المطلوب حجزها ويذكر فيه سند الدين إن وجد فإن لم يوجد فالمقدار التقريبي للدين الذي من أجله صرح بالحجز، ويصدر القاضي أمرا تبلغ بغير إمهال إلى المدين، وينفذ بموجب مسودته رغم المعارضة أو الإستئناف ويرجع إلى القاضي فيما قد يثار من إشكالات فيما بعد.   

الأعمال التي يعترف لها القانون بالقوة التنفيذية
(أنواع السندات التنفيذية)

سبق أن تناولنا قي الفصل الأول مكونات السند التنفذي ووقفنا على مضمونه وركنه الموضوعي وهو عمل قانوني يؤكد وجود حق موضوعي لدائن جدير بالحماية التنفيذية لكونه إستوفى شروطه القانونية والمتمثلة في – تحقق الوجود، تعيين المقدار – حلول الأداء ولكن مع ذلك ليست جميع الأعمال القانونية التي تؤكد وجود الحق تكون سندا تنفيذيا يصلح لتحريك ومباشرة إجراءات التنفيذ الجبري اقتضاءا لما تتضمنه من حقوق. وإنما فقط تلك الأعمال التي يعترف لها القانون بهذه الصفة (1).

ونظرا لخطورة السند التنفيذي في مجال التنفيذ الجبري من حيث فعاليته في تحريك الإجراءات التنفيذية دون عرض الأمر على القضاء (2)، لم يترك المشرع تحديد السندات التنفيذية لمطلق تقدير القضاء أو القائم بالتنفيذ
(3) ولكنه حدد هذه السندات على سبيل الحصر في المادة 320 من قانون الإجراءات المدنية، كما أعطى المشرع هذه الصفة – صفة السندات التنفيذية – لأعمال قانونية مختلفة وفي مواضيع متفرقة من القوانين، ويترتب على ذلك إمتناع القياس عليها وحظر خلق نظير لهذه السندات بمعرفة القضاء أو الفقه، وطبقا لما تقدم فإن الأعمال القانونية التي تعتبر سندات تنفيذية وبالتالي تحوز القوة التنفيذية هي :

أحكام المحاكم وقرارات القضائية والعقود الرسمية، الأوامر القضائية – أوامر الأداء، أوامر تقدير المصاريف أوامر على عرائض الخاصة بتنفيذ أحكام المحكمين وأوامر تخفيض محاضر الصلح، أوامر الصرف الخاصة بتوزيع حصيلة التنفيذ ومحاضر بيع المنقولات المحجوزة وأحكام رسو المزاد والمحضر المثبت لتعهد الكفيل (1). ومع ذلك يلاحظ أن أي عمل من الأعمال القانونية السابقة وإن كان له القوة التنفيذية فإن فعالية هذه القوة تتوقف على إكتمال الركن الشكلي للسند التنفيذي وذلك بأن يرد في النسخة التنفيذية الممهورة بالصيغة التنفيذية (2) أي أن أيتخذ السند التنفيذي الشكل الخارجي الضروري بتحريك إجراءات التنفيذية – الصيغة التنفيذية – ذلك أن توافر الحق الموضوعي في السند التنفيذي لا يغني عن الأداة التي حددها المشرع لإجراء التنفيذ (3).

وبذلك نتناول في المبحث الأول السندات القضائية الذي يتضمن الأحكام والقرارات القضائية في المطلب الأول والأوامر في المطلب الثاني
وفي المبحث الثاني السندات غير القضائية التي يتضمن المحرارات الرسمية
في المطلب الأول وأحكام المحكمين في المطلب الثاني.

المبحث الأول : السندات القضائية

وتتمثل السندات القضائية في الأحكام الصادرة عن المحاكم وقرارات المجالس القضائية والمحكمة العليا والأوامر بأنواعها.

المطلب الأول : الأحكام والقرارات القضائية

الفرع الأول : الأحكام

تعتبر الأحكام من أهم السندات التنفيذية وأعلاها مرتبة لكونها تصدر بعد تحقيق كامل وتتضمن تأكيدا قضائيا للحق الموضوعي وهي فضلا عن ذلك أكثر السندات شيوعا (1).
فتنص المادة 324 من فانون الإجراءات المدنية على أن جميع الأحكام قابلة للتنفيذ في كل أنحاء الأراضي الجزائرية ولأجل التنفيذ الجبري لأحكام المحاكم والمجالس يطلب قضاة النيابة العامة مباشرة استعمال القوة العمومية وتنص المادة 344 منه على أن تكون الأحكام قابلة للتنفيذ خلال مدة ثلاثين سنة تبدأ من يوم صدورها وتسقط بعد إنقضاء هذه المدة (2) والأحكام المعنية بدراستنا هي الأحكام الصادرة في المسائل المدنية والتجارية وذلك سواء كانت الأحكام صادرة في المسائل العينية أو المسائل الإجتماعية
والأحوال الشخصية.

أما بالنسبة للأحكام الصادرة عن جهات القضاء الإداري فإنها تخضع لنصوص خاصة جاء بها القانون رقم 02/91 المؤرخ في 8 جانفي 1991.
كما أن الأحكام الصادرة في المسائل الجنائية والجزائية التي تتعلق بمسألة عينية أو القاضية بغرامة أو بما يجب رده أو بالتعويضات والمصاريف فإنها تعتبر بسندات تنفيذية بالمعنى الوارد في قانون الإجراءات المدنية وتنفذ بالطرق التي رسمها هذا القانون (1).
ويكون للحكم قوة التنفيذ في نطاق ما أمر به في منطوقه وإذا حدث ولم يعين المنطوق ما ينصب عليه التنفيذ فيجري على أساس ما يتبين من الحكم بالرجوع إلى ما يتنازع فيه الطرفان وما جاء في أسباب الحكم على أساس تفهم مستلزمات الحكم وتقصي أهدافه وتطبيقا لذلك أنه عند تنفيذ حكم قضى بتسليم عقار فإنه يمكن الرجوع إلى حيثيات الحكم لمعرفة أوصاف العقار الذي يراد تسليمه (2).

أولا : النفاذ العادي للأحكام :

ليس كل الأحكام القضائية قابلة لتنفيذ الجبري وإنها الأحكام التي إعترف بها القانون بالقوة التنفيذية فقط ولاكتساب الحكم القوة التنفيذية يجب توافر شروط معينة.
أ – المقصود بالقوة التنفيذية :
ويقصد بالقوة التنفيذية للأحكام ما يرتب عليها القانون من أثر تنفيذي
(3)  فهي وصف يلحق بالحكم فيسمح بتنفيذه جبرا وباستخدام القوة إذا اقتضى الأمر ذلك فإذا كان الحكم حائزا للقوة التنفيذية فهو يعني قابليته للتنفيذ الجبري، والقوة التنفيذية قد تكون عادية أو مؤقتة (النفاذ المعجل) ولإختلاف بينهما
في الأثر حيث يترتب على اكتساب الحكم القوة التنفيذية قابليته للتنفيذ الجبري.
وإذا كانت القوة التنفيذية هي ما يرتبه القانون على الحكم من أثر تنفيذي إلا أن إكتساب الحكم لها ينفع لشروط معينة.

ب - شروط إكتساب الحكم القوة التنفيذية :

تنص المادة 102/3 من قانون الإجراءات المدنية على أنه :
" للإستئناف أثر موقف ما لم ينص القانون على غير ذلك " تطبيقا لهذا النص لا يجوز تنفيذ الحكم الإبتدائي جبرا بمعنى أن الحكم النهائي هو الذي يمكن تنفيذه جبرا وفضلا عن عدم جواز تنفيذ الأحكام جبرا مادام الطعن فيها بالإستئناف جائزا فإن الحكم لا يتمتع بالقوة التنفيذية إلا إذا كان من الأحكام التي تقبل التنفيذ الجبري أي أن تكون من أحكام الإلزام وبذلك هناك شرطان أساسيان لاكتساب الحكم القوة التنفيذية وهما :
- أن يكون الحكم نهائيا.
- وأن يكون من أحكام الإلزام (1) دون الأحكام المقررة أو المنشئة.

ثانيا : التنفيذ المعجل للأحكام :

يقصد بالنفاذ المعجل صلاحية الحكم الإبتدائي للتنفيذ الجبري قبل أن يصير نهائيا. فالحكم الإبتدائي يكون وفقا لهذا النظام قابلا للتنفيذ قبل أن يحوز القوة الإجرائية التي تتطلبها القاعدة في التنفيذ لذا فتعتبر القوة التنفيذية التي يمنحها القانون بموجب نظام النفاذ المعجل وقتية فمصيرها يربط بمصير الحكم تستقر إذا تأكد الحكم وتزول بما رتبه من أثار إذا إلغى في الطعن (1).

والتكييف الصحيح لطبيعة النفاذ المعجل هو أنه أحد الصور الحماية الوقتية التي تستهدف معالجة بطء الحماية القضائية للحق وذلك بتقديم الحماية العاجلة التي يحتاجها المحكوم له في مرحلة التنفيذ (2) والنفاذ المعجل قد يلحق الحكم بقوة القانون أو بإذن من القاضي  وفي كلتا الحالتين لا يغير من طبيعته فيظل هذا الحكم المشمول بالنفاذ المعجل إبتدائيا رغم صلاحيته للتنفيذ ولا يؤثر هذا النفاذ في سلطة الجهة القضائية الناظرة في الإستئناف.

ولما كان وصف الحكم من شأنه أن يؤثر على قوته التنفيذية فقد سمح المشرع لكل خصم أن يتظلم من خطأ المحكمة في وصف الحكم بحيث قد يترتب على الحكم في هذا التظلم تأخير التنفيذ أو التعجيل به (3).

وبناءا على ما تقدم نتناول بالدراسة النفاذ المعجل من حيث :
أ – أنواع النفاذ المعجل.
ب – المسؤولية عن النفاذ المعجل (لدراسة مقارنة).

أ – أنواع النفاذ المعجل :

ينقسم النفاذ المعجل إلى نوعين بحسب مصدره الإستثنائي هما :
- نفاذ معجل حتمي بقوة القانون.
- نفاذ معجل قضائي.

ويتضح هذا التقسيم من نص المواد 40/1 و2 و188 من قانون الإجراءات المدنية و227 من القانون التجاري ولكل نوع حالات خاصة به.
ويلاحظ أن العبرة في التنفيذ المعجل القانوني هي بتوافر شروطه دون الإعتداء بإرادة الخصوم أو رغبتهم.

1 – حالات النفاذ المعجل القانوني (الحتمي) :
- الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة :
تنص المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية على أن تكون
" الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها وهي غير قابلة للمعارضة ولا للإعتراض على النفاذ المعجل ".

يستفاد من هذا النص أن النفاذ المعجل يلحق بالأحكام المستعجلة بقوة القانون وبغير كفالة وهو الأصل على أن القانون يجيز للقاضي إذا خشي ضررا يصيب المحكوم عليه من النفاذ المعجل إلزام المحكوم له بتقديم كفالة قبل إجراء التنفيذ (1)  وبطبيعة الحال ليست كل الأحكام المستعجلة مما تشمل بالنفاذ المعجل وإنما فقط الأحكام التي تتضمن إلزاما وقتيا بأداء ذلك بأن المفترض في التنفيذ هو وجود أداء أو إلتزام يرد عليه هذا التنفيذ فلا وجه للتنفيذ حال تخلف المحل الذي يرد عليه (1).

والحكمة من شمول الأحكام المستعجلة بالنفاذ المعجل أن الحكم المستعجل لا يتضمن قضاء في الموضوع كأثر لطبيعته الوقتية ومن ثم لا يكتسب حجية الشيء المقضي فيه بالنسبة لموضوع وعليه فليس هناك ما يمنع من تنفيذه أو إلغائه فيما بعد (2).

وبناءا على ما تقدم نبين أن هناك وجه إستثناء مزدوج يتمثل الأول في عدم خضوع الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة للقاعدة العامة في القوة التنفيذية للأحكام والتي ترتبط بين الإعتراف للحكم بهذه القوة وحيازته لقوة الشيء المقضي فيه فالأحكام المستعجلة وخلاف لما تقضي به القاعدة العامة تحوز القوة التنفيذية بمجرد صدورها بغض النظر عن قابليتها للطعن العادي أو ممارسة هذا الطعن بالفعل فهي تخضع لنظام التنفيذ المعجل بقوة القانون.

أما الوجه الأخير فيرد على مضمون السند التنفيذي ذاته فكما سبق وأن ذكرنا فإن جوهر السند التنفيذي يمكن فيما يتضمنه من تأكيد لوجود حق استوفى شروطا محددة تجعله جديرا بالحماية التنفيذية ولا يمكن تصور وجود هذا المضمون بطبيعة الحال في الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة، لأنها مبنية على مجرد ترجيح وجوده، فتنفيذ هده الأحكام لا يتم إقتضاءا لحق مؤكد كما هي القاعدة العامة وإنما اقتضاء الحق يحتمل الوجود كما قد لا يحتمله وإن كان احتمال وجوده بحسب الظاهر هو الأرجح.
- الأحكام الصادرة في المواد التجارية :
تنص المادة 227 من القانون التجاري على " أن جميع الأحكام والأوامر الصادرة بمقتضى هذا الباب – الإفلاس والتسوية القضائية معجلة التنفيذ رغم المعارضة والإستئناف وذلك بإستثناء الحكم الذي يقضي بالمصادقة على الصلح ". ولا يشترط الكفالة في هذه الحالة ولا يجوز للمحكمة أن تشترطها (1).

وبما أن التنفيذ المعجل يستمد في هذه الحالة مباشرة من القانون فإن أمين الضبط يلتزم بتسليم النسخة التنفيذية لطالب التنفيذ حتى وإن لم يتضمن الحكم إشارة إلى تنفيذه المعجل طالما تعلق الأمر بمادة مستعجلة أو تجارية واردة ضمن باب الإفلاس والتسوية القضائية ولن يجد أمين الضبط صعوبة في التعرف على طبيعة الحكم ومضمونه.

وبذلك فإن الأحكام والأوامر الصادرة في المادة التجارية المتعلقة بالأحكام الواردة في باب الإفلاس والتسوية تكون نافذة بقوة القانون حتى ولو كانت تقبل الطعن فيها بالاستئناف أو المعارضة أو كانت قد طعن فيها فعلا.

- الأوامر على العرائض :
الأوامر على العرائض هي التي تصدر من قاضي الأمور الوقتية (2) وهو رئيس المحكمة أو من يندبه لذلك وهذه الأوامر ليست أحكاما لأنها لا تصدر في خصومة ولا يكلف الخصم فيها بالحضور لأن المشرع قصد في كثير من الحالات النطق بها في غفلة منه (1). كما أنها لايطعن فيها بطرق الطعن المقررة في الأحكام وإنما يتم التظلم منها إلى القاضي الأمر بها في أغلب الأحوال (2). فالمقصود من تنفيذ هذه الأوامر تنفيذا معجلا هو تنفيذها رغم قابليتها للتظلم منها أو كان الخصم قد تظلم منها بالفعل والأصل أن هذه الأوامر مشمولة بالنفاذ المعجل بغير كفالة إلا إذا إشترط القاضي الأمر تقديمها (3).

ويلاحظ أن الأمر الصادر في التظلم من الأمر يعتبر أمرا قضائيا لا مجرد ولائي وبذا يخضع للقواعد العامة من ناحية تنفيذه. إذ يعد هذا الحكم وقتيا فإن تنفيذه يكون قابلا للنفاذ المعجل بقوة القانون ولا تطق نص المادة 188
من قانون الإجراءات المدنية على أوامر الأداء.

غير أن الأوامر الصادرة ضمن أحكام الباب الثالث القسم الخامس من قانون الإجراءات المدنية والتي وردت أحكامها الإجرائية في المادة 171 مكرر فإنه يمكن إستئناف الأمر الصادر برفضها أمام المحكمة العليا – مجلس الدولة حاليا – في ميعاد خمسة عشر يوما عن تاريخ تبليغها والعمل بما هو جاري أمام الغرفة الإدارية المادة 171 مكرر فقرة 3 منها (4).
2 – النفاذ المعجل القضائي :

يقصد بالنفاذ المعجل القضائي، النفاذ الذي يستمده احكم من أمر القاضي به (1) وما دامت المحكمة لا تقضي بشيء لم يطلب منها فيجب لكي يأمر القاضي بالنفاذ المعجل أن يطلبه الخصم ذو مصلحة، والنفاذ المعجل القضائي هو نفاذ جوازي للقاضي السلطة التقديرية بشأنه فله أن يأمر به إذا توافر سببه وله أن لا يأمر به رغم توافر حالة من حالاته :
وقد نصت المادة 40 من قانون الإجراءات المدنية على الحالات
التي يكون فيها الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل وميزت بين نوعين حسب علة تقديره
(2).
أ – حالات النفاذ المعجل القضائي الوجوبي :
لقد إستهلت المادة 40/1 عباراتها بأنه يؤمر بالتنفيذ المعجل وهو ما يعنيأن الأمر بالتنفيذ المعجل يتحتم على القاضي في كل حالة يتضمنها التعداد الواردفي هذه المادة (3).
وبإستقراء الحالات الواردة في هذه المادة نجد أنها تتعلق بالأحكام الموضوعية دون الوقتية أو الإستعجالية ولقد وردت هذه الحالات على سبيل الحصر يؤمر فيها بالتنفيذ المعجل رغم المعارضة أو الإستئناف في جميع الأحوال التي يحكم فيها بموجب سند رسمي أو وعد معترف به أو حكم سابق نهائي أو قضايا النفقة.

الحالة الأولى : إذا كان الحكم قد بني على سند رسمي.

الأصل أن السند الرسمي واجب التنفيذ بذاته وبغير حاجة إلى رفع دعوى لإستصدار حكم يبنى على هذا السند (1) والاستثناء أن الكثير من السندات الرسمية لا تحوز بذاتها القوة التنفيذية.

كما أن السندات الرسمية التي يعترف لها القانون بالقوة التنفيذية كالعقود الموثقة قد لا تصلح بذاتها أساسا للتنفيذ لعدم إستفاء مضمونها لشروط السند التنفيذي (محقق الوجود، معين المقدار حال الأداء) فيلزم في هذه الحالة الإلتجاء إلى القضاء لإستيفاء هذه الشروط.

وعلى ذلك يشترط لتحقق هذه الحالة أن يكون الحكم المطلوب شموله بالتنفيذ مبنيا على سند رسمي ويكون بذلك الحكم الصادر هو السند الذي يتم تنفيذه بمقتضاه.

الحالة الثانية : إذا كان الحكم قد بني على حكم نهائي سابق : يشترط لتحقق هذه الحالة توافر ثلاثة شروط هي :
1 – أن يكون الحكم المطلوب شموله بالتنفيذ المعجل صدر تنفيذا لحكم سابق – أي أن يكون مبنيا عليه – فهذه الحالة تفترض وجود رباط قوي بين دعويين إحداهما سابقة على الأخرى (2) بحيث يصدر الحكم في الدعوى اللاحقة نتيجة للحكم في الدعوى السابقة (3).
2 – أن يكون الحكم السابق النهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه، بالحكم النهائي يكون قد تحصن ضد إمكانية الطعن فيه وهذا ما يبرر شموله بالنفاذ المعجل.
3 – أن يكون المحكوم له والمحكوم عليه في الحكم الجديد طرفين
في الخصومة التي صدر فيها الحكم السابق حتي يكون كل من الحكمين حجة في مواجهة المحكوم عليه
(1). وهو مايقلل من إحتمال إلغاء الحكم
في الإستئناف.

الحالة الثالثة : إذا كان الحكم صادرا في قضايا النفقة
الحكمة من النفاذ المعجل في هذه الحالة ترجع لضرورة الأداء المالي المقضي به للمحكوم له وحاجته الماسة إليه (2).

يطبق التنفيذ المعجل المنصوص عليه في المادة 40/1 من قانون الإجراءات المدنية على الأحكام الموضوعية الخاصة بالنفقة الواجبة قانونا أما الأحكام بالنفقة المؤقتة فإنها لا تخضع لهذا النص لأنها تكون نافذة معجلة بقوة القانون طبقا لأحكام المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية.

أما بالنسبة للوعد المعترف به المنصوص عليه في المادة 40/1 لا نجد له تطبيق في الواقع العملي كما لا نجد نصوص سواء كانت إجرائية أو موضوعية تتعلق به.
ويمكن تعريف الوعد المعترف به أنه إقرار من المحكوم عليه بنشأة الإلتزام أو الواقعة القانونية المنشأة له ويكون في الخصومة التي إنتهت بالحكم المطلوب.

وتجدر الإشارة بأن الحكم بالتنفيذ المعجل في الحالات السابقة ذكرها تكون بلا كفالة لأن المشرع لم يشترطها في هذه الحالات.

ب – التنفيذ المعجل القضائي الجوازي :

وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 40/1 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على أنه " يجوز للقاضي في جميع الأحوال الأخرى أن يأمر في الحالة الإستعجال بالتنفيذ المعجل بكفالة أو بدون كفالة " ويستشف أن الأمر كله جوازي للمحكمة، سواء الحكم بالنفاذ المعجل أو الحكم بالكفالة فيه، ويصفها الدكتور فتحي والي بأنها ثورة حقيقية في ميدان التشريع بالنسبة للنفاذ المعجل.

فالأمر بالتنفيذ المعجل الجوازي للمحكمة تقرره في ضوء ما يستبان لها من توافر شروطه في كل حالة على حدى (1) فإذا ما أمرت به إلتزمت بتسبيب حكمها تسبيبا منتجا وجديا أما إذا رفضت شمول الحكم بالتنفيذ المعجل فإنها لا تلتزم بإيضاح أسباب الرفض.
والعلة في التفرقة بين حالة الأمر وحالة الرفض من حيث التسبيب ترجع إلى أن الأصل هو التنفيذ العادي للأحكام والإستثناء هو التنفيذ المعجل
لها
(2).
الأصل أن يكون التنفيذ المعجل غير معلق على شرط الكفالة فإشتراط تقديم الكفالة هو بنص من القانون أو الحكم من القضاء (1).

2 – المسؤولية عن التنفيذ المعجل :

لم يعتمد القانون الجزائري وإنما هي دراسة مستمدة من القانونين المصري والفرنسي.

المبدأ المعتمد في التنظيم القانوني القائم هو أن الأحكام تحوز القوة التنفيذية قبل أن نتحصن ضد إمكانية المساس بها تعديلا أو إلغاء عن طريق الطعن فيها بطرق الطعن المختلفة (2) فثتبت القوة التنفيذية للحكم رغم قابليته للطعن أو ممارسة الطعن فيه بالفعل، فالحكم الذي يحوز قوة الشيء المقضي فيه يكون له القوة التنفيذية التي تتيح تنفيذه الجبري رغم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن غير العادية.

ويترتب على إقرار هذا المبدأ نتيجتان متلازمتان.
1 - إعمالا للقوة التنفيذية التي تنسب للأحكام فإنه يجري تنفيذها جبرا فور حيازتها للقوة التنفيذية.
2 – إلا أن قابلية الأحكام للطعن فيها وممارسة هذا الطعن بالفعل يجعل من هذا التنفيذ تنفيذا قلقا غير مستقر يتوقف مصيره على النتيجة التي يؤول إليها الطعن المرفوع ضدها.
ويثور التساؤل عن تعويض الضرر الذي أصاب المحكوم عليه نتيجة الحكم الإبتدائي الذي ألغي في الإستئناف ؟.

إختلف الفقه والقضاء في كل من فرنسا ومصر حول الإجابة عن هذا التساؤل وإنقسم إلى عدة أراء أنه لا القضاء ولا الفقه في الجزائر تطرق إلى هذه المسألة رغم أهميتها لما قد تصيب المنفذ عليه من أثار وخيمة جراء التنفيذ المعجل الذي تم بموجب حكم ثم ألغي بعد ذلك من محكمة الطعن.

الرأي الأول : يذهب الرأي إلى إلزام المحكوم له بالتعويض لأن النفاذ المعجل يجري على مسؤوليته لأنه كان أحرى به أن ينتظر حتى يصبح الحكم نهائيا (1) فمن يعجل تنفيذ الحكم رغم إحتمال إلغائه يكون عليه أن يواجه خطر هذا الإلغاء فيلزم بالتعويض بصرف النظر عن نسبة أي خطأحتى ولو كان حسن النية (2) وهذا الرأي هو ما إستقرت عليه محكمة النقض المصرية
في " قضائها الحكم المشمول بالنفاذ المعجل قانونا أو قضاءا بإقدام المحكوم له على تنفيذ أثره تحمله مخاطر هذا التنفيذ وإلتزمه بإعادة الحال إلى ماكان عليه قبل تنفيذه مع تعويض المنفذ عليه عما لحقه، وإن مسؤولية المحكوم له عن التسرع في تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل لا يشترط سوء نيته عند التنفيذ "
(3).
وفي قرار أخر قضت أيضا أن " تنفيذ الأحكام والقرارات الجائز تنفيذها مؤقتا تجري على مسؤولية طالب التنفيذ لأن إباحة تنفيذها قبل أن تصبح نهائية هو مجرد رخصة للمحكوم له إن شاء إنتفع بها وإن شاء تربص حتى يحوز الحكم أو القرار قوة الشيء المحكوم فيه فإذا إختار إستعمال هذه الرخصة أو أقدم على تنفيذه وهو يعلم أنه معرض للإلغاء إذا ما طعن فيه فإنه يتحمل مخاطر هذا التنفيذ، فإذا ألغى الحكم أو القرار المنفذ به بناء على الطعن وجب على طالب التنفيذ أن يرد إلى خصمه الذي جرى التنفيذ ضذه ما يكون قد إستوفاه منه وأن يعيد الحال إلى ماكانت عليه قبل حصول التنفيذ كما يلتزم بتعويض الضرر الذي لحق هذا الخصم من جراء ذلك التنفيذ " (1).

الرأي الثاني : يذهب هذا الرأي إلى القول بعدم قيام مسؤولية المحكوم له عن الأضرار التي تلحق المحكوم عليه من جراء التنفيذ المعجل لأنه حقا مقررا له، وبالتالي لا يكون مخطأ إذا إستعمله إلا إذا تبت الخطأ في جانبه.

فالمسؤولية في هذا الرأي لا تقوم إلا بتوافر الخطأ، ولكن الخطأ الموجب للمسؤولية عن التنفيذ يجب أن تتوافر فيه الشروط والخصائص التالية :
- أن يكون الخطأ ثابت وليس مفترضا.
- وأن يقترن الخطأ إلى عمل أو فعل إيجابي للمحكوم له في الحكم الملغى فلا تتوافر لمجرد ممارسة المحكوم له التنفيذ إستنادا إلى الحكم الملغى.
- وأن يكون الخطأ على درجة من الجسامة تكشف عن توجه صاحبه إلى الإنحراف (2).

الرأي الثالث : يتشدد هذا الرأي في المسؤولية عن التنفيذ المعجل بحيث يرى أنه ليس هناك ما يمنع من تأسيس هذه المسؤولية على الخطأ والضرر أو الخطأ الجسيم ومفاد ذلك سد جميع الثغرات المؤدية إلى التلاعب بالتنفيذ (1) وحتى يكون معلوما مقدما لمن يشرع في التنفيذ أن هناك جزاء مرسوم له غير محصور في قالب شكلي ينوه فيه الحق والعدل، إنما أعطى المشرع مرونة كبيرة في التصدي لهذا التعجيل في التنفيذ إذا ما أساء إستخدامه.

وخلاصة القول أن تنفيذ المحكوم له للحكم أو إخفاقه في مرحلة الطعن لايعد في ذاته خطأ موجبا لمسؤولية فالمحكوم له إنما يباشر حقوقا قررها له القانون – الحق في الدفاع أمام القضاء والحق في التنفيذ وبإقرار القانون لهذه الحقوق فإن ممارستها لا يمكن أن تعد عملا غير مشروع وإنما تكون
عملا مشروعا فلا يستقيم وصف الفعل أو العمل الواحد بأنه مشروع وغير مشروع
(2)  ويستوي في ذلك أن يكون الحكم إبتدائيا أو نهائيا أو إبتدائي مشمول بالنفاذ المعجل.

وما يمكن قوله عن المشرع الفرنسي والمصري أنهما يرتبان المسؤولية على التنفيذ المعجل تستوجب التعويض كموازنة بين مصلحة المحكوم له والتي تدور في نطاق إستثنائي وهو نظام التنفيذ المعجل وبين مصلحة المحكوم عليه والذي لولا هذا الإستثناء ماكان من الممكن التنفيذ ضده إلا بعد صيرورة الحكم نهائي إعمالا للقاعدة العامة في التنفيذ.

ثالثا : ضمانات المحكوم عليه في التنفيذ المعجل :

إذا كان تنفيذ الحكم تنفيذا معجلا يهدف إلى رعاية مصلحة المحكوم له تمكينه من إقتضاء حقه قبل تأكيده نهائيا فإنه بالمقابل يجب أن لا يصل إلى حد الإضرار بمصلحة المحكوم عليه لذا حرص المشرع منح المحكوم عليه ضمانات من شأنها وقايته بقدر الإمكان من هذا الضرر وهذه الضمانات هي إلزام المحكوم له بتقديم كفالة (1).

1 - نظام الكفالة :

الكفالة في قانون الإجراءات المدنية جوازية وللقاضي أن يقدر ظروف القضية ليأمر بالكفالة أو يمتنع عن الأمر بها. وذلك حسب نص المادة 40/2 التي تنص على : " ويجوز للقاضي في جميع الأحول الأخرى أن يأمر في حالة الإستعجال بالتنفيذ المعجل بكفالة أو بدون كفالة ".
ويندرج في الكفالة الجوازية حالات التنفيذ المعجل بقوة القانون للأحكام المستعجلة المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية.
والأصل في التنفيذ المعجل أنه يكون بدون كفالة والإستثناء هو تقديم كفالة شريطة أن يأمر بها القاضي.
لقد حدد القانون طريقتين مختلفتين لتقديم كفالة ومنح المحكوم له الخيار بينهما طبقا لنص المادة 304 من قانون الإجراءات المدنية على أن تكون للقضاء الرقابة على ممارسة هذا الخيار (2).

الطريق الأول : أن يقدم كفيلا يضم ذمته المالية لذمة المحكوم له لتقوية الضمان الذي يحصل عليه المحكوم عليه شريطة أن تتوافر في الكفيل ملائمة الذمة حتى يتمكن المحكوم عليه من الرجوع، فضلا على أن يكون
مقيما بالجزائر.
الطريق الثاني : هو إيداع لدى قلم كتاب مقدار الكفالة من النقود أو الأوراق المالية الدالة على ملائمة وتحديد الكفالة في هذا الصدد يكون بما يلزم لإزالة أثار تنفيذ الحكم وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ (1).
- إذا كان خيار المحكوم له هو الطريق الأول فإنه يجب تحرير محضر في قلم الكتاب يوقع عليه من الكفيل يتضمن تعهد بالكفالة في حالة إلغاء السند الذي تم التنفيذ بمقتضاه، وتحديد تاريخ تقديم الكفيل يتم بموجب الحكم القاضي بذلك ما لم يكن هذا التقديم قد حصل قبل صدور الحكم المادة 304/1 من قانون الإجراءات المدنية.
- إذا أراد المحكوم عليه أن ينازع في قبول الكفيل من حيث إقتداره أن يتقدم بهذا النزاع في أولى جلسة ممكنة ويكون الحكم الصادر فيها واجب التنفيذ رغم المعارضة والإستئناف المادتين 305، 307 من قانون الإجراءات المدنية.
- أما إذا كانت الكفالة نقود أو أوراق مالية (الطريق الثاني) فإنها لا تتم إلا بالإيداع الفعلي للنقود أو الأوراق المالية بخزانة المحكمة.

2 - وقف النفاذ المعجل من محكمة الإستئناف :

تنص المادة 40/3 من قانون الإجراءات المنية أنه : " مع ذلك تصح أن يرفع المعارضة في التنفيذ المعجل للجهة القضائية التي تنظر في الإستئناف أو المعارضة ".
بهذا النص إن المشرع أجاز المحكوم عليه أن يطلب وقت التنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل أمام محكمة الإستئناف (المجلس القضائي) سواء كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل الوجوبي أو الجوازي سواء الحكم المشمول بالنفاذ المعجل القانوني تطبيقا لنص المادة 188.
وحتى تمارس محكمة الإستئناف وفق التنفيذ المعجل وفقا للفقرة 3 من المادة 40 يجب توافر الشروط التالية :

- الشرط الأول : طلب وقف التنفيذ : لا يجوز للمحكمة الإستئناف أن تتعرض لمسألة وقف النفاذ المعجل من تلقاء نفسها وإنما يجب طلب منها ذلك وذلك لأن مسألة النفاذ المعجل ليست من النظام العام (1) وأن طلب وقف التنفيذ هو وقتي متميز عن الطعن الأصلي في الحكم.
- الشرط الثاني : أن يطعن المحكوم عليه في الحكم بالإستئناف : ذلك أن هذا الطلب الرامي لوقف التنفيذ المعجل لا يكون مقبولا إلا إذا كان هناك طعن بالإستئناف في الحكم المطلوب وقف تنفيذه لأن الطلب وحده ليس طريقا للطعن وإنما هو وسيلة قانونية أعطاها المشرع للمحكوم عليه للحصول على حماية القضاء الوقتية لحقه المحتمل الوجود نظرا لإحتمال إلغاء الحكم.

- الشرط الثالث : أن يقدم الطلب قبل تمام التنفيذ : يجب أن يقدم طلب وقف التنفيذ المعجل قبل إتمام إجراءات التنفيذ بهذف تحقيق حماية وقتية ينصرف أثارها للإجراءات التالية لرفع الطلب وليست الإجراءات السابقة عليه لأن ما سبق إتمامه لا يرد عليه الوقف بل يرد عليه الإلغاء.

- الحكم في طلب الوقف وأثاره :

تفصل الجهة القضائية المختصة في طلب التنفيذ المعجل (المعارضة)
في أقرب جلسة ويكون ذلك قبل الفصل في موضوع الإستئناف المرفوع طبقا لنص المادة 40/4 فإذا تبين للقاضي من أسباب (1) الطعن أنه يرجح إلغاء الحكم جاز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ وفقا لما قدرت من أسباب والمحكمة هنا يقتصر دورها على الأمر بوقف التنفيذ أو رفضه ويكون الحكم في طلب وقف التنفيذ المعجل وقتيا (2).

وأثر الحكم توقف التنفيذ بإعتباره حكما وقتيا ينصرف للمستقبل فقط ولا يتصرف أثره ما تم من تنفيذ قبل صدوره (3).

الفرع الثاني : قرارات المجالس القضائية

تصدر قرارات المجالس القضائية بصفة نهائية حائزة لقوة الأمر المقضي فيه ومن ثمة للقوة التنفيذية وبذلك يمكن تنفيذها جبرا إلا أنه يجب أن تميز بين ثلاثة أنواع من  القرارات.

- القرار المؤيد كليا أو جزئيا للحكم المستأنف.
- القرار الملغى له.
- قرار عدم القبول.

النوع الأول : القرار المؤيد كليا أو جزئيا للحكم المستأنف

إذا حكم برفض الإستئناف وتأييد الحكم المعاد فقد إختلف الفقه في هذا الشأن إذ نجد رأي ذهب إلى إعتبار الحكم الصادر عن أول درجة هو السند التنفيذي بإعتباره يتضمن تأكيد حق المحكوم له وأن حكم الدرجة الثانية لم يفعل سوى تأييده (1)  وذهب رأي أخر إلى إعتبار الحكم الصادر عن جهة الإستئناف هو السند التنفيذي إنطلاقا من فكرة التقاضي على درجتين بإعتبار أن المجلس أعاد النظر في النزاع ثانية وبذلك فالقرارهو الذي أكد الحق الموضوعي المتنازع فيه بتأكيده للحكم المستأنف.
- أما إذا حكم بتأييد الجزئي أو إلغاء الحكم في شق منه وتأييد الشق الأخر فإن الحكمين يكونان سندا تنفيذيا وبالتالي يجب أن تشملان كلاهما بالصيغة التنفيذية ومثال ذلك كأن يصدر حكم إبتدائي يقضي بإلزام البائع بتسليم المبيع والتعويض عن التأخير في التسليم فإذا طعن البائع في الحكم في الشق المتعلق بالتعويض فقط وأيد الحكم في الإستئناف فإن حكم أول درجة يعتبر سندا تنفيذيا في الشق المتعلق بالتعويض (2).

النوع الثاني : القرار الملغى للحكم المستأنف

إذا ألغى المجلس حكم أول درجة وفصل من جديد في موضوع النزاع ففي هذه الحالة قرار الإلغاء هو الذي يحوز القوة التنفيذية وبالتالي يعتبر سند تنفيذي لإعادة الحالة لما كانت عليه قبل تنفيذ الحكم تطبيقا للقاعدة الواردة
في نص المادة 103 من القانون المدني التي مفادها أنه في حالة الحكم بإبطال أو بطلان العقد يعاد الأطراف إلى حالة التي كانوا عليها قبل إبرام العقد. ومثال ذلك إذا كان الحكم الإبتدائي مشمولا بالنفاذ المعجل ونفذ جبرا فأن قرار المجلس الملغى للحكم الإبتدائي يعتبر سندا تنفيذيا لإعادة الحال إلى ما كان عليه دون حاجة للمحكوم له لسند جديد لأن القرار الملغى للحكم الإبتدائي يؤدي إلى إلغاء جميع الأثار المترتبة عنه.

وهذا ما يسمى بالتنفيذ العكسي والمقصود به مثلا في حالة الحكم بطرد المدعى عليه من المسكن بموجب حكم إستعجالي تم التنفيذ عليه ثم صدرعن المجلس بعد إستئناف الحكم قرار قضى من جديد بعدم الإختصاص النوعي ففي هذه الحالة يعتبر القرار القاضي بعدم الإختصاص هو السند التنفيذي يكفي لإجراء عملية التنفيذ العكسي وذلك بإرجاع المدعى عليه إلى المسكن الذي طرد منه تنفيذا للأمر الإستعجالي محل الإلغاء.
النوع الثالث : القرار بعدم القبول (عدم قبول الإستئناف)

في هذه الحالة يبقى حكم أول درجة هو السند التنفيذي لأنه بصدور قرار بعدم القبول يصبح الحكم محل الإستئناف نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فيه ومثال ذلك القرار القاضي بعدم قبول الإستئناف لوروده خارج الأجل القانوني المقرر للإستئناف.

الفرع الثالث : قرارات المحكمة العليا

إلى جانب القرارات التي يصدرها المجلس هنالك قرارات التي تصدر
عن المحكمة العليا بمجرد صدورها يتمتع بالقوة التنفيذية التي تلحقها من خلال وصف النهائية وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
- قرارات النقض.
- قرارات الرفض.
- قرارات بعدم القبول.
- النوع الأول : قرارات النقض.

تطبيقا للمبدأ الوارد في المادة 103 من القانون المدني القاضي بأن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله فإن قرار المحكمة العليا يصبح في هذه الحالة سندا تنفيذا لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل الحكم أو القرار محل الطعن ويتعين على المنفذ ضده الذي إعتمد قرار النقض للمطالبة بالتنفيذ العكسي القيام بمقدمات التنفيذ المتمثلة في تبليغ السند التنفيذي وتكليف المحكوم عليه بإعادة الحال إلى ما كان عليه ثم بعد ذلك يقوم المحضر بعملية التنفيذ العكسي.

- النوع الثاني : قرارات الرفض


هي القرارات التي ترفض فيها أوجه الطعن التي قدمها الطاعن وفي هذه الحالة يبقى الحكم أو القرار محل الطعن هو السند التنفيذي لأن قرار المحكمة العليا في هذه الحالة لا يرد على الحق أو المركز القانوني.

- النوع الثالث : القرارات القاضية بعدم القبول


هي القرارات القاضية بعدم قبول الطعن المقدم إلى المحكمة العليا إذا تخلفت إحدى الشروط الشكلية المقررة قانونا كأن تكون مذكرة الطعن غير موقعة من قبل محامي معتمد لدى المحكمة العليا وفي هذه الحالة كذلك يبقى الحكم أو القرار محل الطعن هو السند التنفيذي ويتعين مهر بالصيغة التنفيذية من أجل تنفيذه جبرا.

تناولنا فيما سبق كل من الحكم والقرار بنوعيه قرار المجلس وقرار المحكمة العليا كعمل قانوني يصلح أن يكون سندا تنفيذا يخول لمن صدر لمصلحته سلطة إقتضاء حقه جبرا والآن سنتناول الأمر كعمل قانوني قضائي قرره المشرع كسند تنفيذي بحيث يتطرق لبعض الأوامر على العرائض التي إعتبرها القانون سندات تنفيذية بموجب نصوص خاصة.

المطلب الثاني : الأوامر

يقصد بالأوامر ما يصدره القضاء من قرارات بناء على طلب الخصم من غير مرافعة ودون تكليف الخصم الأخر بالحضور وفي غيبته (1) فصاحب الشأن لا يرفع دعوى يعلن بها خصمه فالأصل أنه لا يوجد خصم (2) أو مع افتراض وجوده فإنه يراد عدم علمه في الوقت الحالي على الأقل وإنما يتقدم صاحب الشأن بعريضة يوضح فيها طلباته وأسانيده يبث فيها القاضي دون مواجهة الخصم وسماع دفاعه ويصدر أمره عليها سواء بالرفض أو بالقبول دون الإلتزام (كقاعدة) لتسبيب هذا الأمر بالأوامر هي الشكل الخارجي للقرارات يصدرها القضاء بغير إتباع إجراءات الخصومة القضائية.
والأوامر القضائية على أنواع متعددة ولم ترد جميعها في قانون الإجراءات المدنية وأهمها أوامر الأداء – أوامر تقدير – الأوامر على العرائض، وتعتبر سندات تنفيذية بقوة القانون.

الفرع الأول : أمر الأداء

تنص المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية وما بعدها
" خلافا للقواعد العامة في رفع الدعاوى أمام جهات القضاء المختصة يجوز أن تتبع الأحكام الواردة في هذا الباب – الباب الثاني من الكتاب الرابع من قانون الإجراءات المدنية – عند المطالبة بدين من النقوذ ثابت بالكتابة حال الأداء ومعين المقدار
(1) وأن يكون للمدين موطن أو إقامة معروف في الجزائر المادة 177 من قانون الإجراءات المدنية (2).

ويجدر الإشارة أن أمر الأداء كأمر الصادر على عريضة يصدر بغير مواجهة الخصم الأخر كما أنه من حيث الشكل ليس حكما (3) ومع ذلك فإنه يتميز بنظام خاص كون مضمونه يتعلق بإلزام المدين بإداء معين، كما أنه شكل من أشكال طلب الحماية القضائية الموضوعية التي هي في الأصل تتم عن طريق نظام الدعوى القضائية (1) وخروجا عن الأصل لأمر الأداء نظام مختصر كون الحقوق موضوع النزاع هي في الغالب ديون ثابتة بالكتابة لا تستدعي مرافعة أو تحقيق.

تبعا لنص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية فإن النظام الخاص بأمر الأداء يستخذم تقنيات الأوامر الولائية كونه يتم بغير المواجهة بين الخصوم من جهة ومن جهة أخرى يفصل في النزاع عكس الأوامر الولائية التي لاتفصل في الموضوع فهو ولائي في شكله الخارجي ونظامه الإجرائي وقضائي من حيث مضمونه أو موضوعه.

شروط أمر الأداء :
لايجوز إستصدار أمر الأداء عند المطالبة بدين إلا إذا توافرت الشروط التي نصت عليها المادة 174 منها ما هو موضوعي ومنها
ما هو شكلي.

أولا : الشروط الموضوعية :
يتعلق بالدين المطالب به وهي :
- أن يكون الدين المطالب به دينا من النقود فإذا كان محل الدين غير النقود لا يمكن قبول الطلب، كما إذا كان محل الدين نقود في جزء منه وأشياء أخرى في الجزء الأخر فلا يمكن كذلك إستصدار أمر الأداء بسبب إرتباط الدين أما إذا كان محل الدين فيه إلتزام تخييري للمدين أي يخير بين دفع مبلغ من النقود أو شيء مقابل سلع مثلا ففي هذه الحالة نفرق بين أمرين.
- إذا كان الإختيار للدائن : يمكن له المطالبة القضائية عن طريق أمر الأداء أما إذا كان الإختيار للمدين فلا يمكن له ذلك كون الدائن لا يستطيع جبر المدين بالوفاء بالنقود لكون الخيار بيده (1).
- أن يكون الدين النقدي معين المقدار وفقا لهذا النظام فإنه يشترط لقبول الطلب أن يكون مبلغ الدين النقدي معين المقدار تعيينا نافيا للجهالة.
- أن يكون الدين ثابثا بالكتابة بشرط أن يتم إثبات الدين بالمطالب له ثابت بالكتابة حتى ولو كانت قيمة الدين تقل عن 1000دج أو كان دينا تجاريا حسب نص المادة 333 قانون المدني وهذا تطبيقا لقاعدة على الدائن
إثبات الإلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه طبقا لنص المادة 323
من القانون المدني.
- أن يكون الدين حال الأداء وذلك كون أن أمر الأداء يصدر
في غياب المدين خلافا لمبدأ المرافعة الوجاهية في التقاضي فلا يمكن إجبار المدين بالوفاء قبل حلولأجل الوفاء.
ويكون الدين حال الأداء ما لم يكن معلق على قيد أو شرط أو مضاف إلى أجل ما معين.

- أن يكون للمدين موطن أو محل إقامة معروف بالجزائر طبقا لنص المادة 177 من قانون الإجراءات المدنية التي نصت على أنه :
" لا يجوز إصدار أمر الأداء إذا كان سيجري تبليغه في الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن أو محل إقامة معروف في الجزائر " وهذا تحقيقا للمحكمة المتوخاة من أمر الأداء وهي السرعة والإختصار.

ثانيا : الشروط الشكلية :

وطبقا لنص المادة 175 فإن يقدم طلب أمر الأداء بإيداع عريضة على نسختين متطابقتين لدى قلم كتاب المحكمة تحتوي على بيانات تشكل الشروط الشكلية لأمر الأداء والمتمثلة في ذكر أسماء وألقاب الخصوم ومهنة كل واحد منهم وموطنه ومقدار المبلغ المطالب به على وجه التحديد، سبب الدين
في الطلب والذي يرفق به جميع المستندات المؤيدة والمعززة لوجود الدين وبذلك فإن أمر الأداء يعد مطالبة قضائية يترتب عليها جميع الأثار المرتبة
عن رفع الدعوى.

ثالثا : الجهة المختصة للنظر في أمر الأداء :
لم يحدد نص المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية الجهة القضائية المختصة في النظر في أمر الأداء وقد جرى العرف على أن يؤول الإختصاص
إلى رئيس الجهة القضائية وسبب ذلك راجع لكون أن أمر الأداء عمل
قانوني مركب.
أما فيما يخص الإختصاص المحلي فإنه لا يوجد نص خاص يحدد ذلك مما يستوجب الرجوع للقواعد العامة للإختصاص فيرفع الأمر إلى دائرة إختصاص محكمة محل إقامة المدين طبقا لقاعدة الدين المطلوب وليس محمول.

رابعا : إجراءات إستصدار أمر الأداء :

يتم الطلب بتقديم عريضة من الدائن أو وكيله للقاضي الإستعجالي رئيس المحكمة بإعتباره المختص في القانون الجزائري بإصدار أمر الأداء وبعد تسجيله يتولى هذا الأخير فحصه والتحقق من توافر الشروط الشكلية والموضوعية المذكورة أنفا إذا تبين للقاضي صحة الدين فإنه يؤشر في أسفل العريضة بإبلاغ أمر الأداء إلى المدين وإلا فإنه يرفض الطلب دون أن يكون للطالب وجه طعن في الأمر الصادر بالرفض.

- لا يجوز إصدار أمر بالأداء إذا كان سيجري تبليغه في الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن أو محل إقامة معروف في الجزائر ويشتمل تبليغ أمر الأداء على إنذار المدين بأن يسدد الدين لدائن وملحقاته من فوائد ومصروفات تذكر قيمتها بالتحديد، في ميعاد 15 يوما وإلا أجبر على ذلك مع تنبيه المدين أن له مهلة 15 يوما للمعارضة إذا كان له أوجه دفاع.

خامسا : المعارضة في أمر الأداء :

ترفع المعارضة في أمر الأداء بكتاب يسلم إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي صدر عنها الأمر وهذا طبقا لنص المادة 179 إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن المعارضةفي أمر الأداء يعد بمثابة منازعة في الأمر بمعنى أن المدين ينازع في أصل الحق والصحيح إذا هو أن ترفع المعارضة أمام قاضي الموضوع وليس أمام قاضي الأمور المستعجلة وما يؤكد هذا القول هو نص المادة 181 التي تشترط ضرورة الحكم الصادر في المعارضة نهائيا من أجل التسليم الصيغة التنفيذية لأن الأحكام الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل قانونا.

سادسا : الأثار المترتبة عن أمر الأداء :

يتضمن أمر الأداء قضاءا قطعيا في أصل الحق لذا فإنه يخضع
في قوته التنفيذية إلى القواعد التي تحكم نفاذ الأحكام الموضوعية ويترتب
على ذلك :

أ – يكون أمر الأداء نافذا عاديا أي قابلا للتنفيذ العادي وذلك إذا فات ميعاد المعارضة في أمر الأداء دون رفعه ولم يكن يقبل الطعن بالإستئناف ففي هذه الحالة يحوز أمر الأداء القوة التنفيذية العادية شأنه في ذلك شأن الحكم الحضوري وهذا طبقا لنص المادة 180 من قانون الإجراءات المدنية.
ب – يكون أمر الأداء نافذا نفاذا معجلا طبقا للقواعد الخاصة بالنفاذ المعجل بإنقضاء ميعاد الإستئناف إذا كان يقبل الإستئناف أو بالحكم برفض المعارضة وإنقضى ميعاد الإستئناف دون الطعن فيه ففي هذه الأحوال يكون أمر الأداء والحكم الصادر في المعارضة نافذا نفاذا معجلا طبقا للقواعد الخاصة بالنفاذ المعجل المادة 181 من قانون الإجراءات المدنية.
ج – يسقط بالتقادم المسقط أمر الأداء إذا لم يحصل فيه معارضة ولم يشمل على الصيغة التنفيذية خلال 6 أشهر من تاريخ صدوره طبقا لنص المادة 182 من قانون الإجراءات المدنية.

الفرع الثاني : الأوامر على العرائض

يعترف المشرع لأوامر على العرائض بقوة تنفيذية لأنها تصدر مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني (1) فهي قابلة للتنفيذ فورا رغم قابليتها للتظلم منها، لكن النفاذ المعجل للأوامر على العرائض لا يمنع الجهة المرفوعة أمامها التظلم من أن تأمر بوقف النفاذ المعجل للأمر المتظلم منه، لكن بالشروط الخاصة بوقف التنفيذ في المواد المستعجلة.

والتنفيذ المعجل للأوامر على العرائض يستمد من القانون مباشرة دون الحاجة للنص عليه في الأمر طبقا لنص المادة 172/1، 2 من قانون الإجراءات المدنية التي تصدر بمناسبة إثبات حالة أو معاينة أو توجيه إنذار.

يخص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة بإصدار هذه الأوامر إذ يقوم صاحب الشأن الذي يريد إستصدار أمر على عريضة بموجب طلب يتضمن عريضة يقدمها إلى رئيس المحكمة على نسختين متطابقتين يذكر فيها وقائع طلبه والأسانيد مرفق بالمستندات المؤيدة لطلبه ويقوم القاضي بإصدار الأمر دون سماع أقوال من سيتم إستصدار الأمر عليه ويكون أمر القاضي على ذيل عريضة أو خلفها وتسلم النسخة الثانية للطالب.

وعليه تعتبر الأوامر على العرائض سندات تنفيذية طبقا لنص المادة 188 وتختلف القواعد التي تحكمها كسندات تنفيذية بإختلاف طبيعتها ومضمونها وللأوامر على العرائض قوة تنفيذية بمجرد صدورها فهي قابلة للتنفيذ فورا رغم قابليتها للتظلم منها أو التظلم فيها فعلا أمام قاضي الإستعجال لأن الأمر على ذيل عريضة يصدر بموجب السلطة الولائية للقاضي.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الأوامر غير قابلة مبدئيا للإستئناف أو المعارضة كونها لا تمس بحقوق ومراكز القانونية (1) أما الحالات التي يحدث بموجبها الأمر على ذيل عريضة ضررا للمدين فقد أجاز المشرع لمن صدر الأمر ضده أن يطعن فيه كما هو الشأن بالنسبة للحجز التحفظي لأن الإجراءات قد يفوت ربحا أو يحقق خسارة للمدين مما يصعب جبره مستقبلا.
ولم يحدد المشرع حالات إستصدار الأوامر على عرائض بل أشار إليهافي نصوص متفرقة سواء في نصوص قانون الإجراءات المدنية أو غيرها من نصوص القوانين الأخرى ومنها :
أ – الأمر بإثبات حالة أو بإنذار أو بإتخاذ أي إجراء أخر مستعجل : طبقا لنص المادة 172.
ب – الأمر بإنقاص ميعاد التكليف بالحضور حسب المادة 185
من قانون الإجراءات المدنية.
ج – الأمر بالتبليغ قبل الساعة الثامنة صباحا أو بعد الساعة الثامنة عشر مساءا وفي أوقات العطل الرسمية طبقا لنص المادة 463 من قانون الإجراءات المدنية.
على أنه يمكن إستصدار أمر على عريضة في حالة توافر شروط إستصداره ولو لم يوجد نصا خاص به.
د – أمر بالحجز التحفظي تنص عليه المادتين 345، 346 من  قانون الإجراءات المدنية إذ يعتبر هذا الأمر من الأوامر الولائية التي يصدرها القاضي لجانب سلطته القضائية الذي لا يصدر إلا في حالة الضرورة بموجب أمر على ذيل عريضة والأثر الوحيد له هو وضع أموال المدين المنقولة تحت تصرف القضاء ومنعه من التصرف فيها إضرار بدائنه.
ويعد الأمر بالحجز التحفظي سندا تنفيذيا وينفذ الأمر بموجب مسودته ورغم حصول معارضة أو الإستئناف وذلك خلافا للقاعدة الأصلية المكرسة في المادة 320 من  قانون الإجراءات المدنية التي لا تجيز تنفيذ أي سندا مهما كان إلا إذا كان ممهور بالصيغة التنفيذية.
هـ - الأمر بالتخصيص طبقا للمواد من 941 إلى 945 من القانون المدني يعتبر الأمر على عريضة الصادر بالتخصيص يندا تنفيذيا واجب التنفيذ بغض النظر عن جميع طرق الطعن والتظلم في هذا الأمر جائز أمام قاضي الأمور المستعجلة والحكم الصادر فيه يكون نافذا نفاذا معجلا بقوة القانون طبقا لنص الماذة 188 من قانون الإجراءات المدنية.

إلا أنه تجدر الملاحظة أن هذا الأمر لا يكون سندا تنفيذيا لوحدة ذلك أن الأمر بالتخصيص يكون نتيجة لحكم نهائي سابق في الموضوع أي أنه لا يمكن الأمر بالتخصيص إلا إذا كان هناك حكم فاصل في موضوع الدعوى وحاز القوة التنفيذية وتمت من خلاله مباشرة إجراءات التنفيذ.
و – أمر على عريضة بحجز وبيع ممتلكات المسحوب عليه بموجب سفتجة : طبقا للمادة 440 من القانون التجاري فإن تبليغ إحتجاج لعدم الوفاء الذي تم بالمسحوب عليه لسفتجة مقبولة يعد بمثابة أمر بالدفع فإذا تعذر الدفع ضمن أجل عشرين يوما من تاريخ التبليغ يمكن للحامل إستصدار أمر على ذيل عريضة بحجز وبيع ممتلكات المسحوب عليه وفي حالة الإشكال في التنفيذ فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه طبقا لنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية.
ي – أمر على عريضة بحجز وبيع أملاك المسحوب عليه المتضمن الشيك :
طبقا لنص المادة 536 من القانون التجاري فإن تبليغ شهادة عدم الدفع لإنعدام الرصيد أو نقصه لساحب الصك يعد بمثابة أمر بالدفع، وفي حالة عدم الدفع ضمن أجل عشرين يوما من تاريخ التبليغ يمكن لحامل الصك عن طريق إستصدار أمر على ذيل عريضة بحجز وبيع أملاك المسحوب عليه ضمن الشروط التي أقرها القانون وفي حالة الإشكال في التنفيذ فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه طبقا لنص المادة 183 من قانون
الإجراءات المدنية.

 



الفرع الثالث : أوامر التقدير

يدخل ضمن هذه التسمية عدد من الأوامر والقرارات المختلفة تصدر جميعها لتقدير مبلغ من النقود مقابل القيام بخدمة قضائية معينة وتختلف هذه الأوامر والقرارات من حيث قوتها التنفيذية على النحو التالي :
أولا : أوامر تقدير مصاريف الدعوى
يتعين على المحكمة عند إصدار الحكم الذي ينهي به الخصومة
أن تحدد الخصم الذي يتحمل مصاريف الدعوى وذلك طبقا لنص المادة 225 من قانون الإجراءات المدنية، أما تقدير هذه المصاريف فتقضي به المحكمة
في الحكم الصادر منها في موضوع الدعوى وإذا تعذر تحديدها قبل صدوره فيتم تحديدها بأمر من القاضي ويرفق بيانها بمستندات الدعوى المادة 226
من قانون الإجراءات المدنية، ويجوز لكل من الخصوم رفع معارضة في تحديد المصاريف في خلال 8 أيام من تاريخ تبليغهم الحكم أو الأمر الصادر بتحديد المصروفات إذا كان الحكم في الموضوع نهائيا.

 القوة التنفيذية لأمر تقدير المصاريف :

لا يعتبر أوامر تقدير المصاريف سندات تنفيذية إلا بتوافر الشرطين التاليين :
1 – أن يصبح أمر التقدير نهائي وذلك لفوات ميعاد الطعن فيه بالمعارضةأو بصدور أمر برفض المعارضة فيه.
2 – أن يكون الحكم الصادر في الموضوع نهائيا فإذا كان الحكم في الموضوع يقبل الإستئناف فلا يجوز للخصوم المنازعة في تحديد المصروفات بغيرطريق الإستئناف طبقا لنص المادة 230 من قانون الإجراءات المدنية.
فرغم أن أوامر تقدير المصاريف هي أوامر على عرائض إلا إنها لا تكتسب القوة التنفيذية بمجرد صدورها كما في الأوامر على العرائض (1) وإنما بشرط توافر الشرطين السابقين.
ثانيا : أوامر تقدير أتعاب الخبراء ومصاريفهم
يجوز للخبير أو مترجم أن يحصل على أمر تقدير أتعابه ومصروفاته بمجرد صدور الحكم في الموضوع وذلك بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي عينته ويؤشر عليها بالصيغة التنفيذية طبقا لنص المادة 227
من قانون الإجراءات المدنية.
ويجوز للخبير أو المترجم أن يعارض في أمر التقدير خلال 3 أيام من تاريخ تبليغه ويكون القرار الصادر في هذه المعارضة غير قابل لأي طعن 328 من قانون الإجراءات المدنية.
القوة التنفيذية لأمر الصادر بتقدير أتعاب الخبير :
يكتسب أمر تقدير أتعاب الخبير أو المترجم القوة التنفيذية بمجرد صورة لكونه من الأوامر على العرائض فهو ينفذ نفاذا معجلا بقوة القانون إلا أنه إذا تمت المعارضة فيه فإنه يترتب على ذلك وفق تنفيذ الأمر فهذا إستثناءا من القواعد العامة في النفاذ المعجل (1) وبذلك يختلف أمر تقدير أتعاب الخبير والمترجم على تقدير مصاريف الدعوى في أن واحد يحوز القوة التنفيذية معجلة بمجرد صدوره أما الثاني فلا يحوز القوة التنفيذية العادية إلا بشروط، كما يختلف أمر تقدير أتعاب الخبير أو المترجم عن الأحكام في أنه بمجرد رفع المعارضة يؤدي إلى وقف تنفيذه (2) .
ثالثا : أمر تقدير مصروفات الشهود
يستحق الشاهد الذي يستدعيه الخصوم للشهادة مقابل لإنتقاله ولتعطله عن العمل لأنه يعتبر أجنبيا عن الخصومة ولا مصلحة له فيها وعليه فإنه إذا طلب الشاهد تقدير مصاريف له أن يراعى في شأنها ما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 227 قانون الإجراءات المدنية.
فيجري التأشير على الأمر بتقديرها بالصيغة التنفيذية وتسلم إلى الشاهد وهذا طبقا لنص المادة 229 من قانون الإجراءات المدنية، كما يجوز للشاهد أن يعارض في أمر التقدير خلال 3 أيام من تاريخ تبليغه ويكتسب أمر تقدير مصروفات الشهود نفس القوة التي يكتسبها أمر تقدير مصاريف الخبير أو المترجم وتسري عليه نفس الأحكام.
  
     
      










المبحـث الثانـي : السنـدات غيـر القضائيـة
تطرقنا فيما سبق في المبحث الأول إلى السندات التنفيذية التي تتكون نتيجة عمل قانوني قضائي وهي الأحكام والقرارات والأوامر وسنتعرض بعد ذلك في المبحث الثاني إلى السندات التي تتكون نتيجة العمل القانوني غير القضائي وهي العقد الموثق أحكام المحكمين والحكم والعقد الرسمي الصادر من هيئات قضائية أجنبية وهذه السندات الغير قضائية تتدرج من حيث قوة حجيتها إلى العقود الرسمية ثم أحكام المحكمين ثم السندات الأجنبية وعلى أساس ذلك سنتطرق إلى النقاط التالية :

1 – العقود الرسمية.
2 - أحكام المحكمين والسندات الأجنبية.












المطلـب الأول : العقـود الرسميـة
يقصد بالعقود الرسمية العقود القابلة للتنفيذ بذاتها دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي بشأنها وهي تختلف عن المحررات العرفية التي و إن كانت لها حجية في الإثبات لكن ليست لها القوة التنفيذية لانتفاء صفة الرسمية وكذلك ليست كل ورقة رسمية سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ بذاته، فالمحاضر التي يحررها رجال الضبط القضائي والأوراق التي يحررها رجال الإدارة تعد محررات رسمية لكن ليست سندات قابلة للتنفيذ إنما يجب على الدائن الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقوقه. إذ أن العقود الرسمية هي عقود موثقة بغض النظر عن محل العقد سواء تعلق الأمر بدين أو عقار أو بحقوق عينية عقارية فالعقود التوثيقية هي تلك السندات المثبتة لتصرف سواء تمت بالإرادة المنفردة كالوصية، الوقف، التنازل أو باتفاق الإرادتين كالبيع والتي يقوم بتحريرها ضابط عمومي يطلق عليه اسم الموثق وقفا للأمر رقم 70/91 المؤرخ
في 15/12/1970
المتضمن تنظيم التوثيق المعدل بموجب القانون رقم 88/27 المؤرخ في 12/7/1988 (1).
إن إطلاق اسم المحرر الرسمي على العقد الموثق تسمية ليست في محلها إذ أن المحرر الرسمي عبارة عن شكل أوجده القانون أو قالب يصب فيه ذلك التصرف القانوني(2) الذي قد يصدر عن إرادة منفردة أو اتفاق إرادتين كذلك فإن جميع الأوراق التي يثبتها موظف عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة تصدر في شكل محررات رسمية طبقا للمادة 324 من القانون المدني، وبذلك فإن تسمية المحرر الرسمي تسمية عامة تشمل جميع السندات بما في ذلك العقود الرسمية.
أولا : أسـاس القـوة التنفيذيـة للعقـود الرسميـة :
اختلف الفقهاء في تحديد أساس القوة التنفيذية للعقد الرسمي فهناك من يرى أن أساسها هو الخضوع الإرادي للمدين فيرتضي مقدما التنفيذ ضده دون الحكم وهو ما يعرف بالتنفيذ الاختياري (1)، وفي رأي آخر أن أساس هذه القوة التنفيذية هي صفة الموثق الذي يشترط عليه القانون مراعاة بعض الإجراءات كمراقبة صفة الأطراف وأهليتهم وأركان العقد بصفة عامة بحيث يفترض أن يكون مطابقا لما قام به الموثق وحضورهم أمام الموثق معادل لحضورهم أمام القضاء (2)، وهناك رأي ثالث يرى بأن الأساس هو أن العقد شريعة المتعاقدين. كل هذه الأراء لم تسلم من النقد بحيث يرد على الرأي الأول بأن الإرادة قد لا تتوفر دائما، أما الرأي الثاني المتعلق بالثقة فإن هذه الأخيرة قد تتوفر في بعض الأوراق ولكنها لا تعتبر سندات تنفيذية أي أن الأوراق الرسمية ليست كلها سندات تنفيذية أما عن الرأي الثالث فإن العقد شريعة المتعاقدين لا تتعلق بالمحررات الموثقة فحسب بل تتعلق حتى بالعقود غير الموثقة أي العرفية ومن ثمة يمكن القول أن أساس إسناد القوة التنفيذية للعقد الرسمي هو نتيجة اعتبارات تاريخية والتوثيق شكل والشكل هو وسيلة للتعبير عن العمل القانوني (3).


منح الصيغة التنفيذية للعقود الرسمية :
من الإشكاليات العويصة التي أثارت الكثير من النقاش على الصعيد التطبيقي مسألة الصيغة التنفيذية للعقود الرسمية، فهل أن هذه الأخيرة تمنح لجميع المحررات التوثيقية التي يحررها الموثق أو أن منحها يقتصر
على عقود معينة؟.

الصيغة التنفيذية هي عبارة عن خطاب موجه إلى شخصين المحضر القضائي والنيابة العامة والطاقم التابع لها (القوة العمومية) بأن يقوم كل منهما في حدود اختصاصه بإجراءات التنفيذ وقد حددت المادة 320 قانون الإجراءات المدنية الصيغة التنفيذية المقررة في التشريع الجزائري وهي تبدأ " باسم الجمهورية والشعب الجزائري " وتنتهي بعبارة " على جميع أعوان التنفيذ تنفيذ هذا القرار أو الحكم أو العقد ... " وقد خول القانون رقم 88/27 المؤرخ في 12/7/1988 المتعلق بتنظيم التوثيق في المادة 21 منه لمكاتب التوثيق حق وضع الصيغة التنفيذية على المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ، ولا تسلم إلا نسخة تنفيذية واحدة كما هو الشأن في الأحكام القضائية لكي لا يقع التنفيذ أكثر من مرة.

وتوضع الصيغة التنفيذية على العقود التي تتضمن مقر أو التزام واجب التنفيذ، لذلك إذا لم يكن المحرر متضمن لحق أو التزام واجب التنفيذ جاز للموثق الامتناع عن وضع الصيغة التنفيذية عليه، كما يجوز له أن يمتنع عن تسليم صورة تنفيذية من المحرر لمن لا يكون السند مثبت لحق مسند إليه واجب التنفيذ.

والصيغة التنفيذية هي التي توضع على العقد الرسمي هي ذاتها الصيغة التنفيذية التي توضع على الأحكام القضائية وغيرها من السندات التنفيذية.

ثانيا : مجال العقود الرسمية التي تذيل بالصيغة التنفيذية

الصيغة التنفيذية لا توضع على جميع المحررات التوثيقية بل أن مجالها ينحصر فقط في العقود التي تتضمن حق أو التزام واجب التنفيذ.
إن نص المادة 21 من قانون 88/27 جاءت عامة مما أدى بالموثقين التوسع في منح الصيغة التنفيذية حتى إلى عقود يخضع إنهاؤها إلى إجراءات خاصة تخضع رقابتها للقضاء.
ومن العقود التوثيقية الرسمية التي يمكن للموثق تذييلها بالصيغة التنفيذية :
1 - عقد إيجار التسيير الحر.  
2 - عقد الاعتراف بالدين (1).
3 - عقد العارية.
4 - عقد المبادلة.
5 - عقد الرهن.
6 - عقد إيجار المحلات السكنية دون ..... المبرمة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01 مارس 1993 المتعلق بالنشاط العقاري.
7 - عقود إيجار المحلات المعدة للإستغال التجاري أو الحرفي
أو الصناعي إذا كانت مدتها أقل من سنتين.
ثالثا : الأوراق الرسمية الأخرى التي يعطيها القانون صفـة السنـدات التنفيذيـة
إن هذه السندات وإن كانت أوراق رسمية غير أنها لا تعبر من قبيل العقود الرسمية ولكن تم اعتبارها بمثابة سندات تنفيذية وذلك بموجب نص قانوني (1)، وهذه  السندات هي :
1 - المحضر المثبت لتعهد الكفيل :
إن كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل مع إيداع كفالة عملا بالمادة 40 فقرة 02 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري فعلى المحكوم له إيداع كفالة أو تقديم كفيل ويكون المحضر المثبت لتعهد الكفيل واجب النفاذ دون حاجة إلى صدور حكم بذلك عملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري ويكون هذا المحضر تنفيذيا قبل الكفيل بالالتزامات المترتبة على عاتقه جراء هذا التعهد.







2 - محضر بيع المنقولات المحجوزة :
نصت المادة 373 من قانون الإجراءات المدنية على أن يرسو الشيء المباع بالمزاد على من تقدم بأعلى عرض ولا يسلم إليه المبيع إلا بعد دفع ثمنه نقدا فإذا لم يتسلم الراسي عليه المزاد الشيء في الميعاد المحدد  بشروط البيع أو قبل إقفال المزاد عند عدم وجود هذه الشروط فإن هذا الشيء يعاد بيعه على نفقته وتحت مسئوليته ويلزم المزايد المتخلف بالفرق بين الثمن الذي عرضه وثمن إعادة البيع دون أن يكون له الحق في طلب الزيادة في الثمن إن وجدت فعملا بهذه المادة يعتبر محضر البيع سندا تنفيذيا بفرق الثمن بالنسبة للمشتري المتخلف عن دفع الثمن ويجب لذلك استخراج صورة تنفيذية من محضر البيع وإعلانها على الراسي عليه المزاد المتخلف عن دفع الثمن.
3 - حكم رسو المزاد :
وهي الحالة الخاصة بالتنفيذ على العقار، وحكم رسو المزاد
(إيقاع البيع) يعتبر سندا تنفيذيا للمدين أو للحائز أو خلفائهما في استفاء الثمن الذي رسا به المزاد وذلك بنص المادة 399 من قانون الإجراءات المدنية التي تقضي بأنه : " يترتب على رسو المزاد في البيع الجديد على ذمة المتخلف أن يبطل بأثر رجعي مرسي المزاد الأول ويلتزم المزايد المتخلف بالفرق في الثمن الجديد عن الثمن الذي رسا به المزاد الأول دون أن يكون له الحق في المطالبة بالزيادة في الثمن إن وجدت ".
ونلاحظ أن حكم رسو المزاد وإن كان حكما بحسب شكله إلا أنه ليس حكما في جوهره لأنه لا ينطوي على فصل في خصومة و لا قضاء بأمر ملزم وإنما هو في طبيعته محضر للبيع كمحضر بيع المنقولات يتضمن بيان إجراءات المزايدة وإثبات رسو مزاد على المشتري ولا يتضمن حكم رسو المزاد قضاءا بالزام الراسي عليه المزاد بدفع الثمن، ومن هنا كان اعتبار حكم رسو المزاد سندا تنفيذيا ضده.

4 - محاضر الصلح :

التي تصادق عليها المحكمة ويصدر الحكم بها بموجب سلطتها الولائية و دور المحكمة هنا قريب الشبه بعمل الموثق لأنه يقتصر على مجرد إقرار ما اتفق عليه الخصوم، ولا نصدر حكما فاصلا في خصومة، لكن إذا تضمن هذا الصلح إلزاما على عاتق أحد الطرفين كان بمثابة سند تنفيذي فيكون للطرف الآخر الحق في الحصول على نسخة منه ممهورة بالصيغة التنفيذية (1).












المطلب الثاني : أحكام المحكمين و السندات الأجنبية
إن أحكام المحكمين سواء منها قرارات التحكيم الوطنية أو الدولية والسندات الأجنبية كالعقود والأحكام الأجنبية لا تعتبر سندات تنفيذية إلا إذا تمت المصادقة عليها من طرف جهات قضائية مختصة وهذا ما نتناوله فيما يلي :

الفرع الأول : أحكام المحكمين

يبنى التحكيم في جوهره على مبدأ سلطان الإرادة، إذ بدل أن يلتزم الأطراف بعرض نزاعاتهم على الجهات القضائية لطلب الحماية القضائية، أجاز المشرع للأفراد طرح النزاع بعيدا عن القضاء وعرضه على محكمين، وشرط اللجوء إلى التحكيم هو اتفاق الأطراف على ذلك وهذا ما يسمى بالتحكيم الاختياري حيث تسود إرادة الخصوم في سلوك ذلك التحكيم بعكس التحكيم الاجباري حيث تسود إرادة المشرع في فرض اللجوء إلى التحكيم بقوة
القانون (1).

أولا : الطبيعة القانونية للتحكيم :

يعد التحكيم إجراء يراد منه الفصل في المنازعات الناشئة أو المحتمل نشؤها بين الأطراف المتعاقدة وأساس التحكيم انصراف إرادة الخصوم إلى الاتفاق على حل النزاعات القائمة بينهم أو المحتملة دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء، عن طريق تعيين المحكمين مع تحديد شروط تعينهم أو عزلهم أو استبدالهم.
وتصدر أحكام المحكمين بموجب اتفاق يسمى اتفاق التحكيم ويصح تنفيذ هذا الحكم الذي يأخذ صورة القرار التحكيمي بعد أن يؤذن بتنفيذه بأمر صادر عن رئيس الجهة القضائية وبمهر بالصيغة التنفيذية ويودع أصل القرار بكتابة الضبط المحكمة أو المجلس المختص (1).

 

التحكيم على حسب قانون الإجراءات المدنية الجزائري :


لقد كان التحكيم في الجزائر قبل صدور المرسوم التشريعي رقم
93/09 المعدل لقانون الإجراءات المدنية المؤرخ في 25/4/1993 أمر اجازته قاصرة على النزاعات بين الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الجزائريين دون الأجانب مع استبعاد الأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام الوارد ذكرها
في المادة سبعة 07 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري بصفة مطلقة
من دائرة التحكيم (2) وما يدعم هذا الاتجاه هو القرار الصادر في 27/7/92
عن المحكمة العليا تحت رقم 96228 وهي قضية بين الشركة الجزائرية للتأمين النقل بالجزائر ضد بسفيك انترناسيونال لبن بسنغفورة فقد جاء فيه " من المقرر قانونا أن اجراءات التحكيم لا تطبق إلا إذا كان النزاع قائما بين مؤسسات عمومية وطنية، ومن ثم فإن القضاء بخلاف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون ولما كان ثابتا أن النزاع الحالي يخص شركة أجنبية وشركتين وطنيتين فإن ذلك يؤدي إلى عدم تطبيق اجراءات التحكيم، وبما أن القرار المطعون فيه قضى بخلاف ذلك فقد خرق القانون ويستحق النقض " (3).
إلا أن التعديل الوارد على قانون الإجراءات المدنية الجزائري بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/09 المؤرخ في 25/4/93 المعدل والمتمم للأمر رقـم 66-154 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية فتح مجال واسعا أمام التحكيم حيث استحدث فصل رابع تحت عنوان " الأحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي " إذ على أثر ذلك سمح المشرع الجزائري للمؤسسات الوطنية باللجوء إلى التحكيم إذا ما كان مقر
أو موطن الطرف المتعاقد الآخر متواجد في الخارج كما أجاز للأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام أن يطلبوا التحكيم في علاقاتهم التجارية الدولية ولم يستثني من دائرة التحكيم إلا حالات أوردها على سبيل الحصر في المادة
442 من قانون الإجراءات المدنية المعدلة بموجب المرسوم التشريعي رقم
93/09 التي جاء فيها :
" يجوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها. ولا يجوز التحكيم في الالتزام بالنفقة و لا في حقوق الإرث والحقوق المتعلقة بالمسكن والملبس ولا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص وأهليتهم. و لا يجوز للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم، ما عدا في علاقاتهم التجارية الدولية ".

ويطبق المحكمون والخصوم أثناء النظر في النزاع كافة الإجراءات المقررة أمام الجهات القضائية العادية من قواعد ومبادئ قانونية بما فيها المسائل المعلقة بالمواعيد، ما لم يتفقوا على خلاف ذلك، واحترام هذه الإجراءات يخضع لرقابة القاضي (1)، غير أن التحكيم في تشريعات العمل يتميز جزئيا عما هو مقيد في المواد من 442 إلى 454 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري فالتحكيم المنصوص عليه وفقا للمادة 13 من القانون رقم
90/02 المؤرخ في 06 فبراير 1990
المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب مقيد بشرطين : أولهما فشل إجراء المصالحة وفقا للمادة 09 من القانون رقم 90/02 ثم ضرورة مراعاة الأحكام الخاصة من نفس القانون خلافا للمقتضيات المتعلقة بالتحكيم الواردة في قانون الإجراءات المدنية التي فتحت مجال التحكيم واسعا للأطراف كلما تعلق الأمر بحقوق لهم مطلق التصرف فيها حيث تنص الفقرة الأولى من المادة
13 من قانون رقم 90/02 أنه : " في حالة اتفاق الطرفين على عرض خلافهما على التحكيم تطبق المواد من 442 إلى 454 من قانون الإجراءات المدنية مع مراعاة الأحكام الخاصة في هذا القانون ".
و بالنسبة للجنة الوطنية للتحكيم في مجال تسوية النزاعات الجماعية للعمل وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 90/418 المؤرخ في 22/12/90 فإن صلاحياتها و تشكيلتها المنظمة سلفا تجعل منها لجنة تحكيم تتميز حمله وتفصلا عن تلك المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية (1).

ثانيا : تنفيذ حكم التحكيم

أحكام المحكمين النهائية هي التي تحوز حجية الشيء المقضي فيه وتكون واجبة النفاذ. فإذا ما اتفق الأطراف على التنازل على الاستئناف، أو إذا كان التحكيم وارد على قضية إستئناف أو على قضية التماس إعادة النظر فإن حكم المحكمين يكون نهائيا ومع ذلك يجب أن يصدر أمر من القضاء بتنفيذه حتى يمكن مراقبة عمل المحكم قبل تنفيذ حكمه، من حيث التثبت من وجود مشاركة التحكيم أو اتفاق التحكيم، وأن الحكم قد راعى الشكل الذي يتطلبه القانون. والقاعدة أن التنفيذ لا يجوز إلا بتوافر سند تنفيذي ممهور بالصيغة التنفيذية، وعلى ذلك لا يكتسب حكم المحكمين القوة التنفيذية ومن ثم يجوز تنفيذه جبرا بتوافر أمرين هما :
1 - صدور أمر من القضاء بتنفيذ حكم المحكمين        
2 - وضع الصيغة التنفيذية على حكم المحكم (1).
1 - الأمـر بتنفيـذ حكـم المحكميـن :
يطلق على موقف المحكمين صبغة الحكم إلا أن هذا المصطلح المجازي لا يعادل الحكم الصادر عن جهة قضائية نظامية فالحكم القضائي لا يحتاج من حيث قوته إلى مصادفة جهة قضائية أخرى عند مباشرة إجراءات التنفيذ بينما أحكام المحكمين لا تنفذ إلا بأمر من رئيس الجهة القضائية (2) ويجب أن يكون حكم المحكم قد صدر بالإلزام فإن كان حكم تقريري أو منشئ بحت تخلف السند ويجب أن يتمتع بقوة الأمر المقضي فيه (3) وطبقا للمادة
453 من قانون الإجراءات المدنية يختص رئيس المحكمة التي يكون القرار التحكيمي قد صدر في نطاق دائرة إختصاصها بإصدار أمر بذيل أو هامش أصل الحكم يتضمن الإذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية منه ويكون ذلك بناء على طلب ذوي الشأن ويجب أن يرفق بطلب بتنفيذ حكم المحكمين ما يلي :
-       أصل القرار الذي يودع في كتابة ضبط المحكمة.
-  نسخة من اتفاق التحكيم، كما يشترط لقبول طلب تنفيذ حكم التحكيم أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد إنقضى وأن لا يتضمن ما يخالف النظام العام (1).

التعليق على الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي

في هذا الصدد وتدعيما لما سبق قوله إرتأينا تقديم مثال حي عن حكم التحكيم وأمر المصادقة عليه الصادر عن محكمة عنابة والتعليق عليه،
وهو الأمر المؤرخ في 03/5/2004 الصادر عن رئيس محكمة عنابة والقاضي بمنح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم الصادر عن غرفة التحكيم بباريس
في 02/8/2000 (الوثيقة المرفقة بالملحق) إذ تتمثل وقائع القضية في أن هناك عقد بيع بين الشركة الفرنسية سوفلات تيوغوس والشركة الجزائرية ليانة الواقع مقرها بعنابة، حيث تم الاتفاق بينهما على بيع ما يقارب 5000 طن من القمح اللين الأوروبي من طرف الشركة الفرنسية للشركة الجزائرية على أن تقوم الشركة الجزائرية، بتسديد قيمة القمح ومصاريف الشحن عند وصول الحمولة إلى الميناء الجزائري، وذلك بواسطة رسالة اعتماد نهائية معتمدة من طرف الشركة العامة بباريس، غير أن الشركة الجزائرية أخلت بإلتزامها بدفع الثمن، مما أدى بالشركة الفرنسية إلى إعادة بيع الحمولة بفارق في الثمن، وقد تضمن اعتماد البائع والمصادقة عليه بندا تحكيما عينت بموجبه غرفة التحكيم بباريس لفض النزال في حالة وقوعه.

بالنسبة للإجراءات التي تم اتباعها من قبل طرفي النزاع بالشركة الفرنسية سوفلات تيوغوس تقدمت بتاريخ 19/11/1998 إلى غرفة التحكيم بباريس من أجل تسوية النزاع وعلى إثر ذلك أصدرت محكمة التحكيم حكما ابتدائيا بتاريخ 23/12/1999 يقضي برفض طلبها و عندها تم إستئناف الحكم أمام محكمة التحكيم الدرجة الثانية التي أصدرت قرارا تحكيميا
في 02/8/2000 يقضي بإلزام شركة ليانة الجزائرية بأن تدفع للشركة الفرنسية تعويضا عن فسخ العقد، وعليه قامت الشركة الفرنسية بإيداع أصل القرار بكتابة ضبط محكمة عنابة وكذلك نسخة من الاتفاق المبرم بين الشركتين المتضمنتين البند التحكيمي للمصادقة عليه من قبل الجهة القضائية الجزائرية لتنفيذه وفعلا صدر أمرا عن رئيس محكمة عنابة بتاريخ 03/5/2004 يقضي بمنح الصيغة التنفيذية لقرار التحكيم.
إن هذا الأمر محل الدراسة إحترمت فيه جميع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 17 إلى مكرر 20 المتعلقة بالاعتراف بالقرارات التحكيمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي وتنفيذها الجبري وطرق الطعن فيها وكذا الاتفاقية المتعلقة بتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين المبرمة بين الجزائر وفرنسا لا سيما المواد من 1 إلى 7 منها (الوثيقة المرفقة بالملحق).
غير أنه ما يمكن التعقيب عليه في قضية الحال هو استغراق مدة طويلة بين صدور قرار التحكيم ومنح الصيغة التنفيذية بالجزائر رغم أن موضوع النزاع يتعلق بمعاملة تجارية دولية يفترض فيها توافر عنصر السرعة.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 449 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري " أن حكم التحكيم غير قابل للمعارضة " كما تنص الفقرة الثانية
من المادة 458 من نفس القانون " ويجوز للخصوم في جميع الأحوال المعارضة في أمر التنفيذ أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم وطلب الحكم ببطلان الورقة الموصوفة بأنها حكم المحكمين ".

نستخلص من محتوى النصين بأنه لا يجوز  المعارضة في أحكام المحكمين من حيث هي، بينما يجوز المعارضة في الأمر الصادر عن الجهة القضائية بشأن تنفيذ هذه الأحكام أما بالنسبة لحكم المحكمين للتحكيم التجاري الدولي فإنه وبعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93/09 الذي استحدث المادة 458 مكرر 17 التي تنص : " أنه يتم الاعتراف في الجزائر بالقرارات التحكمية الدولية... " فأصبح التحكيم إجراء عاديا ممكن اللجوء إليه مسايرة للإتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم بينما في مجال المعاملات التجارية التي تتطلب السرعة في التبادل والفصل في المنازعات الناجمة عنها.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة 458 مكرر 17 : " بأنه تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر من لدن رئيس المحكمة التي صدرت هذه القرارات في دائرة اختصاصها أو من رئيس محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج تراب الجمهورية ".
وتخضع القرارات التحكمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي لنفس قواعد التنفيذ المتعلقة بالتحكيم الوطني من حيث وجوب صدور أمر من رئيس الجهة القضائية بذيل أصل القرار التحكيمي أو هامشه لكي يصبح القرار قابلا للتنفيذ وسواء تعلق الأمر بحكم المحكمين بالنسبة للتحكيم الوطني أو حكم المحكمين بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي فإن تنفيذ هذه الأحكام المؤشر عليها من طرف رئيس الجهة القضائية يتم وفق نفس القواعد لتنفيذ الأحكام
القضائية (1).

وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم  

إذا كان المشرع قد اشترط لتنفيذ حكم المحكمين أن يصدر أمر بذلك من المحكمة المختصة فإن هذا لا يعني قبول الحكم للتنفيذ الفوري لمجرد صدور الأمر به وإنما يجب الحصول على نسخة تنفيذية إذ تنص المادة 453 من قانون الإجراءات المدنية أن : " أحكام المحكمين ومن ضمنها الأحكام التمهيدية لا يجوز تنفيذها إلا بأمر يصدره رئيس الجهة القضائية بذيل أو بهامش أصل الحكم ويتضمن الإذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية منه ممهورة بالصيغة التنفيذية ".
الفرع الثاني : السندات الأجنبية
الأصل أن لا تنفذ الأحكام الصادر عن جهات قضائية أجنبية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو قضائيين أجانب إلا على تراب الدولة التي صدرت منها كونها تعد من قبيل الأعمال السيادية.
غير أنه و نظرا لتطور العلاقات الدولية والمعاملات الأجنبية خاصة التجارية منها، جعل الدول تهتم أكثر بمبدأ المعاملة بالمثل واضطرت للخروج من هذه القاعدة وأصبح تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية الأجنبية ينظم بموجب معاهدات و قوانين خاصة وهي المسألة التي تسمى بتنفيذ الأحكام الأجنبية Exquatur والتي تمارس بواسطة أنظمة مختلفة التي تصدت لموضوع التنفيذ منها نظام المراجعة أو إعادة النظر في الحكم، نظام المراقبة، ثم نظام رفع قضية موضوعية جديدة حول أصل النزاع أمام القضاء الوطني بغرض الحصول على حكم نهائي صادر عن هذا القضاء ويكون واجب النفاذ، وهو ما تتناوله في الفقرة الأولى ثم تناقش الشروط الواجب توافرها لتنفيذ الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي على التراب الوطني في الفرع الثاني.
أنظمة التصدي لموضوع التنفيذ :
أولا : نظام المراقبة
هو نظام يتيح الاكتفاء بموجبه مدى احترام السند الأجنبي لقواعد النظام العام و الآداب العامة وتوفر المعاملة بالمثل بين الدولتين، الصادر عن إحداها السند الأجنبي أو الحكم والتي سوف ينفذ على تراب الدولة الأخرى مع إعطاء السند الوطني الأولوية إذا كان قد سبق وأن تصدى لنفس الخصومة ولتنفيذ الحكم الأجنبي في ظل نظام المراقبة، على صاحب المصلحة أن يرفع دعوى أمام قضاء الدرجة الأولى يطالب من خلالها استصدار حكم بالتنفيذ الغرض منه الموافقة على تنفيذه فوق تراب دولة أجنبية ومن الدول التي أخذت بهذا النظام دول المشرق العربي، مصر، سوريا، لبنان، وبعض الدول الأوروبية تركيا، ألمانيا (1).
ثانيا : نظام إعادة التقاضي لاستصدار حكم نهائي وطني :
ويتمثل هذا النظام في أن المتقاضي الذي يتمسك بالسند أو الحكم الأجنبي عليه أن يعيد السير في قضيته أمام القضاء المحلي وفقا للقواعد الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها، وليس للحكم أو العقد الرسمي الأجنبي أية حجية وإنما يعتبر كوسيلة اثبات تخضع للسلطة التقديرية للقاضي ومن الدول التي أخذت بهذا النظام الولايات المتحدة الأمريكية انجليترا، الدول الأسكندينافية.
ثالثا : نظام المراجعة
وهو نظام يجمع بين خصائص النظامين السابقين وهو الذي أخذ به المشرع الجزائري بنص المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية التي جاء فيها : " الأحكام الصادرة من جهات قضائية أجنبية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو موظفي قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ
في جميع الأراضي الجزائرية إلا وفقا لما تقضي بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائرية دون إخلال بما تنص عليه الاتفاقيات السياسية من أحكام مخالفة
" (1).

وعليه نجد أن المشرع الجزائري اكتفى بنص المادة 325 المذكورة أعلاه ولم يحدد أو يعرف النظام القانوني للتنفيذ بل أورد فقط قاعدة عدم إمكانية تنفيذ أي حكم أو عقد أجنبي إلا بأمر من الجهات القضائية الجزائرية المختصة دون الإخلال بالأحكام الاتفاقية المخالفة (1).
والقاعدة في التشريع الجزائري هي أن الحكم الأجنبي أو العقد الرسمي الأجنبي الواجب التنفيذ في دولته لا يكون صالحا بذاته لإجراء التنفيذ بمقتضاه في الأراضي الجزائرية وإنما لابد من صدور حكم وطني يقضي بتنفيذه وأن يكون ممهورا بالصيغة التنفيذية من إحدى الجهات القضائية الجزائرية ولا ينعقد إلا في حدود وبقدر ما تقضي الجهة القضائية الجزائرية بتنفيذه بعد مراجعة صحة تطبيق القانون الأجنبي الإجرائي والموضوعي، والجهة القضائية المختصة هي المحكمة التي يقع بدائرتها محل التنفيذ طبقا للمادة 8 من قانون الإجراءات المدنية.
ويجب أن يكون هذا الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي غير مخالف للنظام العام أو الآداب في الجزائر وغير متعارض مع حكم قضائي صادر في الجزائر وحائز لقوة الشيء المقضي (2).
ويطلق على نظام المراجعة أيضا أسلوب إعادة النظر في الحكم، وهو ما سار عليه القضاء في فرنسا، وقضت محكمة النقض الفرنسية بأنه لا يجوز للقاضي الفرنسي أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعد التأكد من أنه قد روعيت فيه عند إصداره المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها تحقيقا للعدالة بغض النظر عما يقرره القانون الأجنبي (3).
وعليه وبالرجوع للقانون الجزائري و لا سيما المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية علينا أن نفرق بين حالتين :
1 - حالة عدم وجود معاهدة خاصة بين الجزائر والدولة الأجنبية، حينئذ تطبق أحكام المادة 325 السالفة الذكر، وبين
2 - حالة وجود معاهدة أو اتفاق خاص في شأن تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية الأجنبية حينئذ تطبق هذه الأخيرة وهو ما يسمى بنظام التنفيذ الاتفاقي أو النظام الاتفاقي للتنفيذ.
ومن بين هذه الاتفاقيات ما يلي :
-   البروتوكول المؤرخ في 28/8/1962 بين الجزائر وفرنسا المصادق عليه بموجب الأمر رقم 65/194 المؤرخ في 29/7/1965.
-   الاتفاقية القضائية بين الجزائر وتونس المصادق عليها بموجب المرسوم رقم 63/490 المؤرخ في 14/11/1963.
-   الاتفاقية القضائية بين الجزائر وسوريا المصادق عليها بموجب المرسوم رقم 83/130 المؤرخ في 19/02/1983.
-       الاتفاقية القضائية بين الجزائر والمغرب في 19/3/1963.
-       الاتفاقية القضائية بين الجزائر ومصر في 29/02/1964.
-       الاتفاقية القضائية بين الجزائر و موريتانيا في 03/12/1969.

أما فيما يخص غياب اتفاقية أو معاهدة بين الجزائر والدولة الأجنبية المراد تنفيذ حكمها في الجزائر فإنه يتعين على المحكوم له الحائز على السند الأجنبي سواء كان أجنبيا أو جزائريا أن يرفع دعوى قضائية بموجب عريضة افتتاح دعوى طبقا للقواعد العامة التي جاءت بها المادتين 12 و13 من قانون الإجراءات المدنية وهذا أمام المحكمة الواقعة بمقر المجلس القضائي وذلك وفقا لما تقضي به نص المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية في فقرتها الأخيرة والتي تنص على ما يلي :

" و يؤول الاختصاص للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية للفصل دون سواها بموجب حكم قابلا للاستئناف أمام المجلس القضائي
" في المواد التالية : الحجز العقاري، وتسوية قوائم التوزيع وبيع المشاع، وحجز السفن والطائرات وبيعها قضائيا، وتنفيذ الحكم الأجنبي، ومعاشات التقاعد الخاصة بالعجز، والمنازعات المتعلقة بحوادث العمل ودعاوي الافلاس والتسوية القضائية وطلبات بيع المحلات التجارية المثقلة بقيد الرهن
الحيازي
".

أما السندات المتعلقة بعقود الحالة المدنية فيكون أمر تنفيذها
من اختصاص محكمة الجزائر العاصمة طبقا للمادة 108 من الأمر 70/20 المتعلق من قانون الحالة المدنية التي تنص على أن : " لا يمكن تصحيح أي عقد للحالة المدنية مقيد في مركز دبلوماسي أو قنصل بسبب أغلاط أو إغفالات إلا بموجب حكم من رئيس محكمة مدينة الجزائر وإذا صحح عقد مسجل في سجلات الحالة المدنية بموجب حكم قضائي أجنبي فإن هذا الحكم يخضع لحكم بالتنفيذ من قبل محكمة مدينة الجزائر ويكون موضوع العريضة الافتتاحية هو طلب تنفيذ الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي و للقيام بذلك لا بد من توافر الشروط التي سوف نتناولها فيما يلي :



2 - شروط تنفيذ السند الأجنبي :
لابد من توافر الشروط التالية حتى يتمكن الحائز على الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي من تنفيذه على تراب الدولة المراد تنفيذه فيها وهي :
1    - يجب أن يقتصر جانب التنفيذ على الالتزامات المدنية.
2  - يجب أن لا يكون هناك حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه صادر عن جهات قضائية وطنية ويتعارض مع الحكم أو العقد الرسمي المراد تنفيذه.
3    - أن لا يكون الحكم أو العقد الرسمي الأجنبيين المراد تنفيذه متعارضا مع النظام العام والآداب العامة.

أولا : اقتصار التنفيذ على الالتزامات المدنية

يجب أن يقتصر جانب التنفيذ للحكم الأجنبي أو العقد الرسمي الأجنبي فيما قضى به من التزامات مدنية دون أن يمتد إلى الشق الجزائي، فالأحكام المقدمة كسندات أجنبية المرغوب في تنفيذها هي تلك المتعلقة بمنازعة مدنية أو تجارية أو أحوال شخصية والتي تكون صادرة عن جهات قضائية أجنبية مختصة، هي التي تكون محلا للتنفيذ بينما الأحكام المتضمنة للإدانة أو عقوبة جزائية مهما كان مصدرها فتكون غير قابلة للتنفيذ فوق الاقليم الجزائري وإنما يمكن المطالبة بتنفيذ ما قضى به في الدعوى المدنية بالتبعية من تعويضات (1).




ثانيا : عدم وجود حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه صادر عن جهة قضائيـة وطنيـة

يجب أن لا يكون هناك حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه، صادر عن جهات قضائية وطنية ويتعارض مع الحكم أو العقد الأجنبي المراد تنفيذه، فإذا ثبت أثناء المطالبة بالتنفيذ أن الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي يتضمن التزامات سبق الفصل بشأنها من جهة قضائية جزائرية وأصبح الحكم نهائيا فإن الأولوية تمنح للحكم الصادر في الجزائر ولو كان التعويض أو الالتزام أقل مما ورد في السند الأجنبي و بذلك لا يؤذن بتنفيذه.
ثالثا : عدم تعارض الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي مع النظام العام والآداب
يجب أن لا يتعارض الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي مع النظام العام والآداب العامة في الجزائر كالحكم أو العقد الرسمي الأجنبي الذي يحتوي على التزام المدين بدفع ما بذمته لدى الغير إضافة للفوائد يعد مخالفا للنظام العام في الشق المتعلق بالفوائد طبقا لنص المادة 454 من القانون المدني.
وفي هذه الحالة يجوز للقاضي الجزائري أن يمنع تنفيذ محتوى الحكم أو السند الأجنبي كليا أو جزئيا فيما يتعلق بالفوائد مع الإذن بتنفيذ جانب الدين فحسب (1).
وهذا ما أقرته محكمة الجزائر في حكم صادر لها في 04/8/1975 وكذا محكمة النقض الفرنسية في قضية Munzer عام 1964.

وأهم اجتهاد في هذا المجال ما أقرته المحكمة العليا في قرار صادر عنها في 09/5/1999 ملف 58820 جاء فيه " من المقرر قانونا أن الأحكام الصادر من جهات قضائية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو موظفين قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ في جميع الأراضي الجزائرية إلا وفقا لما يقضي بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائرية دون الإخلال بما قد تنص عليه الاتفاقيات القضائية من أحكام مخالفة ومن ثمة فإن النعي عن القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير وجيه.
ولما كان في قضية الحال " أن كل الإجراءات التي اتخذت لتنفيذ الحكم الصادر عن محكمة فرنسية طبقت بصفة قانونية أمام الهيئات المختصة وتم احترامها وفقا لما ينص عليه القانون، ومن ثمة فإن قضاة المجلس بمصادقتهم على الحكم المستأنف طبقوا صحيح القانون ومتى كان كذلك استوجب رفض الطعن ".
- وهناك اجتهاد قضائي آخر للمحكمة العليا مؤرخ في 03/6/1990 رقم 59607 مجلة القضائية 1991 عدد 02 ص 85، ورد فيه ما يلي :
" من المقرر قانونا أن العقود التوثيقية التي تبرم في الخارج لا تطبق في الجزائر ما لم يصادق عليها من طرف السلطات الجزائرية المختصة ومن ثمة فإن القضاء بخلاف ذلك يعد مخالفا للقانون.
ولما كان من الثابت – في قضية الحال – أن المجلس بقضائه بصحة التعاملات بوكالة أبرمت بدولة أجنبية دون التصديق عليها من طرف السلطات الجزائرية المختصة يكون قد خالف القانون ".



- وهناك اجتهاد المحكمة العليا مؤرخ في 27/9/1994 تحت رقم 116876 مجلة قضائية 1994، عدد 03 ص 146 جاء فيه : " من المقرر قانونا أن العقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ في الجزائر إلا وفقا لما تقضي بتنفيذه إحدى الجهات القضائية الجزائرية، ودون الإخلال بأحكام الاتفاقيات السياسية "، ولما ثبت – في قضية الحال – أن عقد الإيجار أبرم أمام موثق بمرسيليا (فرنسا) فإن قضاة المجلس برفضهم الدفع الخاص بضرورة استصدار أمر قضائي لتنفيذ العقد، قد خالفوا القانون وأعطوا – لتبرير ذلك – تفسيرا خاطئا للمادة 8 من الاتفاقية الجزائرية الفرنسية المؤرخة في 29/7/1965 مما يتعين نقض وإبطال قرارهم.














الـخـاتـمـة :
ونخلص في النهاية إلى أنه لا يجوز إجراء التنفيذ بغير سند تنفيذي وذلك باعتباره الوسيلة الوحيدة المؤكدة لوجود حق الدائن عند إجراء التنفيذ.
ولأجل ذلك فقد خص المشرع الإجرائي السند التنفيذي بخصائص وضمانات جعلته يتمتع بالقوة التنفيذية تترتب عليها آثار خطيرة في الذمة المالية للمدين قد تصل إلى حد المساس بحريته الشخصية أين أعتبر الإجبار أهم خصائص التنفيذ الجبري لأنه يتم بغير حاجة إلى مشاركة إيجابية من المدين للوصول إلى إعادة التوازن للعلاقة القانونية التي أخلت بفعل امتناع المدين
على الوفاء بالتزاماته وما ينتج عنها من عدم التطابق بين الواقع والقانون.

فكان التنفيذ الجبري هو النتيجة الحتمية لامتناع المدين على الوفاء بالتزاماته وهو الذي ينقل الحقوق من مجرد التصور العقلي إلى حيز الواقع العملي، وهو نظام إجرائي وضعه المشرع لإجبار المدين على الوفاء بالتزاماته تحت إشراف القضاء بواسطة المحضر رغما عن إرادة المدين.

وحتى يتسنى للدائن استيفاء حقه كان عليه أن يحوز هذا السند الذي أصبغه المشرع بالصيغة التنفيذية واشترط توافر شروط شكلية وأخرى موضوعية فيه حددها في المواد : 320 – 321 – 325 – 354 من قانون الإجراءات المدنية والتي ينص في مجملها على أن السند التنفيذي يكون إما نتيجة عمل قضائي (كالحكم والقرار..) وإما نتيجة عمل غير قضائي كالعقد الرسمي والقرار التحكيمي والحكم والمحرر الرسمي الأجنبيان.


وكقاعدة عامة فإن السندات التنفيذية القضائية تلحقها القوة التنفيذية
من خلال وصف النهائية وكاستثناء من خلال وصفها بالنفاذ المعجل، إلا أن المشرع لم ينظم هذه السندات كلها نذكر من بينها القرارات الصادرة
عن المجالس القضائية والمحكمة العليا وهي قرار الرفض، قرار عدم القبول، قرار الإلغاء والنقض، فلم يحدد ما إذا كانت هذه الأخيرة كلها سندات تنفيذية أم أنها غير ذلك أم أنها أحيانا تكون مع الحكم والقرار محل الطعن سندا تنفيذيا.

ولذلك لابد من الرجوع إلى القواعد العامة في هذه الحالات. الشيء الذي يثير إشكالات عملية في التنفيذ لاسيما عنه القائمين بأعمال التنفيذ، خاصة قاعدة التنفيذ العكسي التي يكاد ينعدم العمل بها وهي قاعدة قانونية محضة منصوص عليها في المادة 103 من القانون المدني.

ومن بين السندات التي سهى المشرع الإجرائي عن تنظيمها أوامر الأداء إذ لم يحدد الجهة المختصة بنظر المعارضة في أمر الأداء واكتفى فقط بالنص في المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية " الجهة التي صدر عنها الأمر " دون توضيح، الشيء الذي أدى إلى وجود عدة نقائص وتأويلات.

وكذا الحال بالنسبة لسقوط أمر الأداء إذ أن المادة 182 من قانون الإجراءات المدنية هي الأخرى لم تكن واضحة فلم تحدد معنى السقوط فيما إذا كان سقوط للحق الإجرائي أو الحق الموضوعي. علما أن المقصود هو سقوط الحق الإجرائي.


وبالمقابل فإن المشرع نص صراحة على أن الأوامر على عرائض هي سندات تنفيذية كقاعدة عامة إلا أنه نص على حالات أخرى في نصوص متفرقة سواء في قانون الإجراءات المدنية أو في القانون المدني أو القانون التجاري كأمر الحجز التحفظي والأمر بالتخصيص إذ نص على تنفيذها رغم المعارضة والاستئناف فيها وأحيانا تنفذ بموجب مسودتها وهو الأمر الذي يثير عدة اشكالات فيما إذا كانت هذه الأوامر على عرائض سندات تنفيذية لوجود نص خاص خروجا عن القاعدة العامة أم أنها رغم وجود نص خاص فإنها لا تعتبر لوحدها سندات تنفيذية بل تعتبر كذلك إذا وجدت رفقة سندات أخرى ومثالها أمر تقدير المصاريف الذي يرفق مع الحكم الفاصل في الموضوع حتى يعتبر سندا تنفيذيا.

كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يحدد ميعاد سقوط الأمر على عريضة فيما نصت المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية والمحددة لميعاد سقوط أمر الأداء بستة أشهر ونص المادة 319 من القانون المدني المحددة لميعاد 15 سنة سقوط الحق فهل نطبق القواعد العامة أم نقيس على نص المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية؟

من جهة أخرى فإن السندات التنفيذية غير القضائية التي نص عليها قانون الإجراءات المدنية باستثناء المحرر الرسمي لا يمكن تنفيذه إلا بأمر من القضاء حتى يمكن ممارسة الرقابة على هذه الأعمال القانونية وهي رقابة شكلية لا تتعلق بالموضوع الذي سبق الفصل فيه وإنما من أجل مراقبة العيوب الإجرائية.

أما بالنسبة للعقد الرسمي الذي ورد في قانون الإجراءات المدنية وهو مصطلح غير صحيح كون المصطلح الأدق هو " المحرر الرسمي " ذلك أنه هناك من المحررات التي تعتبر سندات تنفيذية ولكنها ليست عقودا كالتصرف الصادر بإرادة منفردة والتي هي في الأصل تنفذ دون حاجة للجوء إلى القضاء لاستصدار أمر بتنفيذها. إلا أن الواقع يثبت العكس إذ لا يمكن للحائز على عقد رسمي مباشرة التنفيذ بموجبه دون اللجوء إلى القضاء.

والسندات التنفيذية الأجنبية هي الأخرى يتعذر تنفيذها ما لم يتم استصدار أمر من المحاكم الجزائرية ومهرها بالصيغة التنفيذية، حتى يمكن تسليط الرقابة الشكلية عليها دون التطرق إلى الموضوع سبق الفصل فيه فهي مجرد رقابة للعيوب الإجرائية.












قائمة المراجع

أولا : المراجع الجزائرية :
1 – الدكتور محمد حسنين : طرق التنفيذ في الإجراءات المدنية ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 90.
2 – الدكتور محمد حسنين : التنفيذ القضائي وتوزيع حصيلة في قانون الإجراءات المدنية الجزائرية مكتبة الفلاح الكويت الطبعة الثانية سنة 1986.
3 – الدكتور بوشهدان عبد العالي : إجراءات التنفيذ وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري س.ك.م.م.
4 – الأستاذ أحمد خلاصي : قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به - منشورات عساس طبعة 2003.
5 – الأستاذ بربارة عبد الرحمان : طرق التنفيذ في المسائل المدنية منشورات بغدادي.
6 – الأستاذ حمدي باشا عمر : دراسات قانونية مختلفة دار - هومة الطبعة 2003.

ثانيا : المراجع العربية :
1 – الدكتور أحمد أبو الوفا : إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية بمقتضى قانون أصول المحاكمات اللبناني دار الجامعية طبعة 1984.
2 – الدكتور أحمد أبو الوفا : إجراءات التنفيذ - منشأة المعارف الطبعة العاشرة.
3 – الدكتور فتحي والي : التنفيذ الجبري وفقا لمجموعة المرافعات الجديدة طبعة 1971.
4 – الدكتور فتحي والي : التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية - دار النهضة العربية طبعة 1995.
5 – الدكتور نبيبل اسماعيل عمر : أصول التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية الدار - الجامعية طبعة 1996.
6 – الدكتور نبيل اسماعيل عمر : الوسيط في التنفيذ الجبري للأحكام دار الجامعة العربية للنشر.
7 – الدكتور محمد محمود إبراهيم أصول التنفيذ الجبري دار الفكر العربي طبعة 1983.
8 – الدكتور أحمد مليجي : التنفيذ - دار الفكر العربي طبعة 1994.
9 – الدكتور محمد فؤاد إبراهيم : أصول التنفيذ الجبري على ضوء المنهج القضائي - دار الفكر العربي الطبعة 1983.
10 – الدكتور محمد الصاوي مصطفى : قواعد التنفيذ الجبري - دار النهضة العربية الطبعة الثانية 2002.
11 – الدكتور أحمد ماهر زعلول : أصول التنفيذ وفقا لمجموعة المرافعات المدنية والتجارية والتشريعات المرتبطة بها الطبعة الرابعة.
12 – الدكتورة أمينة مصطفى النمر : أوامر الأداء في القانون المصري والقوانين العربية والأجنبية.

ثالثا : المحاضرات :
1 – الأستاذ زودة عمر : محاضرات في الإجراءات المدنية التي ألقت
على طلبة القضاة الدفعة 13 لسنة 2003-2004.
2 – الأستاذ زوبيري مختار : محاضرات في طرق التنفيذ ألقت على طلبة القضاة لسنة 1997-1998.

رابعا : المجلات القضائية :
1 - المجلة القضائية لسنة 1994 العدد الثالث.
2 – المجلة القضائية لسنة 1991 العدد الثاني.

تعليقات