مسؤولية المحافظ العقاري وآثارها
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العـــدل
المدرسة العليا للقضــاء
مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء
بعنوان
مسؤولية المحافظ العقاري وآثارها
من إعداد الطالب القاضي:
بن حملة عبد الرزاق
الدفعة السابعة عشر
الفترة التكوينية 2006/2009
تمهيــــد:
العقار ثروة لا تزول ، وحب امتلاكه وجد منذ أن
خلق الله الإنسان وغرس فيه غريزة حب المال والتملك ، غير أن التنافس في ملكيته أدى
إلى ظهور العديد من الخلافات نجم عنها في غالب الأحيان نزاعات كثيرة ومعقدة.
هذا مادفع بالدول الى إيجاد عن طريق تشريعاتها الإطار
الأمثل الذي يتم بموجبه تنظيم ملكية الشخص للعقار ، والمحافظة عليها ، مدركة في
نفس الوقت أن حق الملكية وسائر الحقوق العينية الأخرى من الحقوق التي يحتج بها في
مواجهة الكافة ، ولكي تكون لها قوة الاحتجاج هده لابد أن يعلم الغير بماهية هذه
الحقوق والتصرفات التي ترد عليها ،وكذا الأشخاص الذين تثبت لهم .
من أجل ذلك أولى المشرع الجزائري كامل الاهتمام
بالملكية العقارية ، وما يرد عليها من تصرفات ومعاملات ، وذلك من خلال إصداره
للعديد من التشريعات تهدف الى تسيير وتنظيم
الحفظ العقاري بما يتماشى وفكرة حماية الملكية العقارية وضمان استمراريتها
.
وقد تبنى المشرع الجزائري بموجب الأمر 74.75 المؤرخ في 12\11\1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري ، نظام الشهر العيني بدلا من نظام الشهر الشخصي الذي كان سائدا قبل ذلك وهو مايتطلب عملية مسح للأراضي .
ولتحقيق ذلك وضع العديد من الآليات ، تعمل في نفس
الاتجاه بما يكرس أكثر الثقة في المعاملات العقارية ويضمن استقرارها ،منها ماهو في
شكل مديريات قائمة بذاتها مثل مديرية أملاك الدولة ومديرية الحفظ العقاري على
مستوى الولايات ومنها ماهو على شكل مفتشيات كمفتشية أملاك الدولة على مستوى
البلدية ، ومنها أيضا ما هو في شكل مصالح عمومية موضوعة تحت وصاية وزارة المالية ،
مصالح التسجيل ، مصالح المسح ،والمحافظات العقارية على المستوى المحلي ، هذه الأخيرة
تعتبر أحد الآليات المهمة في عملية الحفظ العقاري ، وذلك نظرا لاعتبارها نظام
قانوني قائم بذاته تباشر بواسطتها مجموعة من الإجراءات والشكليات بهدف نقل حق
الملكية أو إنشاء حق عيني عقاري ، أو أعباء أخرى تثقله .
ويتولى مهمة تسيير المحافظة العقارية محافظ عقاري
الذي يعد المسئول الأول في عملية الحفظ العقاري ، وله مهام عديدة ذكرها المرسوم
63.76 المؤرخ في : 25\03\1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري، فهو يعتبر مشهرا
للعقود ومسيرا إداريا للمصلحة ، ومسئولا عن حماية حقوق الأفراد وأملاكهم في نفس
الوقت ، وبذلك فهو يعد أكثر المهنيين المعرضين للأخطاء وأكثرهم تحملا للمسؤولية
وهو مطالب أكثر من غيره باليقظة وروح المسؤولية والدقة لتفادي كل ما من شأنه الإساءة
الى سمعته المهنية ، من أجل ذلك منح له المشرع السلطة الكاملة في رفض إيداع أو إجراء
كل وثيقة لم تراعى فيها الشروط القانونية الواجب توافرها ، غير أنه في مقابل ذلك
وخوفا من تعسف المحافظ العقاري في استعمال هذه السلطات ، منح الأفراد المتضررين
الحق في الطعن ضد قرارات وأخطاء المحافظ العقاري وهذا من أجل ضمان قدر من الحماية
التامة للمعاملات العقارية .
وسنحاول من خلال هذا البحث أن نبين ماهي الآلية
التي أنشئها المشرع للسهر على عملية الحفظ العقاري ومركزين على مسؤولية المحافظ العقاري
باعتباره المسؤول الأول عن تسيير هذه الهيئة وله دور كبير ومحوري في عملية الشهر
العقاري في الجزائر . مع الاشارة أن هذه الدراسة تدور بصفة أساسية على المسؤولية
الادارية للمحافظ العقاري باعتباره موظف اداري يشغل منصب عالي تابع لوزارة المالية
، والتي تقوم اثناء مباشرته لمهامه أو بمناسبتها ، وله كذلك صفة المحاسب العمومي
الثانوي ، ومستبعدين بذلك مسؤوليته الجزائية التي تخضع للقوانين العقابية وكذا
الشخصية الخارجة عن اطار مهامه وذلك وفقا للخطة التالية :
الفصل الاول نتناول فيه مفهوم المحافظة العقارية
ودور المحافظ العقاري ، يتضمن المبحث الاول تطور المحافظة العقارية وأقسامها
والسلة الوصية عليها ، أما المبحث الثاني فيشمل كيفية تعيين المحافظ العقاري
والسلطات المخولة له.
أما الفصل الثاني فيتضمن كذلك مبحثين الأول خاص بالأخطاء الصادرة عن
المحافظ العقاري التي ترتب مسؤوليته والثاني
خصصناه للآثار المترتبة عن تحقق مسؤولية المحافظ العقاري .
الفصل الأول :مفهوم المحافظة العقارية ودور المحافظ العقاري
تمهيد:
تسهر على عملية الحفظ العقاري في التشريع
الجزائري مصلحة إدارية عمومية هي المحافظة العقارية ،يشرف على تسييرها محافظ عقاري
يضطلع بمجموعة من المهام .
ومن خلال
هذا الفصل سنحاول التعريف بالمحافظة العقارية كألية للحفظ العقاري في التشريع
الجزائري ، ثم نحاول أن نبين المكلف بتسيير هذه المصلحة وسلطاته وهو المحافظ
العقاري وذلك من خلال المبحثين التاليين :
المبحث الأول: المحافظة العقارية
تعتبر المحافظة العقارية إحدى الآليات المهمة
التي تضمن تطبيق قواعد الحفظ العقاري ، واحترام الشروط القانونية الواجب توافرها
في الوثائق الخاضعة للشهر ، حتى يكون لها الحجية المطلقة في مواجهة الغير بما يضمن
حماية حقوق الغير من التعدي(1)
ونظرا للدور الهام الذي تلعبه هذه المصلحة فقد
مرت بعدة مراحل في تكوينها ، فكانت عبارة عن مكتب تابع للمديرية الفرعية للولاية
لشؤون أملاك الدولة والشؤون العقارية ، تحت وصاية وزارة المالية وذلك من خلال
المادة 20 من الامر 75\74 السالف الذكر بنصها :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رامول خالد، المحافظة العقارية كآلية للحفظ
العقاري في التشريع الجزائري ، قصر الكتاب 2001
″تحدث محافظات عقارية يسيرها محافظون عقاريون
مكلفون بمسك السجل العقاري وإتمام الإجراءات المتعلقة بالإشهار العقاري وذلك من أجل الشروع في نظام الإشهار
الجديد المؤسس بموجب هذا الأمر ″.وكذا نص المادة
01 من من المرسوم 76\63 المؤرخ في : 25\03\1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري التي
جاءت كما يلي :″تحدث لدى المديرية الفرعية للولاية لشؤون أملاك الدولة والشؤون
العقارية محافظة عقارية يسيرها محافظ عقاري″.غير أنه بموجب المرسوم التنفيذي91\65
المؤرخ في(1) :
02\03\1991 أصبحت المحافظة العقارية مصلحة
عمومية تابعة لمديرية الحفظ العقاري على مستوى الولاية تحت وصاية المديرية العامة
للأملاك الوطنية التي مهمتها مراقبة أعمال المحافظات العقارية الدائرة في اختصاصها
الإقليمي والسهر على حفظ العقود والتصاميم ،وجميع الوثائق المودعة على مستواها
المطلب الأول :مهام المحافظة العقارية
بالرجوع الى أحكام الأمر 75\74 السالف الذكر ،
يتضح أن المشرع لم يحصر من خلاله كل المهام الموكلة للمحافظة العقارية ،رغم أن هذا
الأمر يعد أول نص قانوني محدث
للمحافظات العقارية في نظام الإشهار الجديد ،وذلك
من خلال اشارته الى تشريعات لاحقة سوف تصدر في هذا المجال ،ومن خلال استقراء
المادتين 10 و13 من الأمر نجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رامول خالد، المحافظة العقارية كآلية للحفظ
العقاري في التشريع الجزائري ، قصر الكتاب 2001
المشرع قد أشار الى مهمة أساسية للمحافظة
العقارية هي مسك السجل العقاري ،بالإضافة الى مهمة الشهر ومسك البطاقات العقارية
من خلال المواد 15،16و 17 ، ولقد توسع
المشرع الجزائري في المرسوم 76\63 السالف الذكر في تعداد المهام الموكلة
للمحافظة العقارية وربطها بالمهام الموكلة للمحافظ العقاري المنصوص عليها في
المادة 03 من المرسوم ، وبالرجوع الى المرسوم التنفيذي 91\65(1) ، يتضح لنا أن المشرع أراد أن يحدد الاطار العام
لعملية الحفظ لعقاري من خلال حصر جميع المهام الموكلة لهذه المصلحة بشكل دقيق ومتدرج مراعيا في ذلك دقة الإجراءات
المتبعة في عملية الشهر للوثائق المودعة وهذا مانستشفه من خلال المادة 16 من
المرسوم ،حيث اسند للحفظ العقاري المهام التالية :
ـ القيام بإجراء
شهر مختلف العقود التي استوفت الشروط الشكلية والموضوعية.
ـ اعداد
ومسك السجل العقاري .
ـ التأشير
على الدفاتر العقارية.
ـ حفظ
العقود والمخططات وجميع الوثائق المتعلقة بعمليات الشهر العقاري .
ـ تبليغ
المعلومات وإعلام الجمهور عن محفوظاتها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـراجع المرسوم التنفيذي رقم 91\65 المؤرخ في
02\03\1991 المتضمن تنظيم المصالح الخارجية لاملاك الدولة والحفظ العقاري ،ج ر عدد
10
هناك بعض المهام وردت في هذا المرسوم أوكلت
لمديرية الحفظ العقاري باعتبارها الجهة الإدارية المشرفة على أعمال المحافظات
العقارية التابعة لاختصاصها الإقليمي غير أن البعض منها تضطلع به المحافظات
العقارية في نفس الوقت ،هذا ما نلمسه من المادة 10
من المرسوم المذكور أعلاه بنصها على مايلي :″تتولى
مديرية الحفظ العقاري في الولاية ما يأتي :
تنظيم تنفيذ العمليات المتعلقة بتأسيس السجل
العقاري وضبطه باستمرار وانتظام ...
تسهر على تنظيم اطار تدخل عمليات الشهر
العقاري...
تأمر بضمان حفظ العقود ، والتصاميم ، وجميع
الوثائق المودعة لدى مصالح الحفظ العقاري وسلامتها ... ″.
من خلال توضيحنا للمهام الموكلة للمحافظة
العقارية باعتبارها مصلحة عمومية تقوم بحفظ الوثائق العقارية،نلاحظ أن المشرع
الجزائري قد حددها بطريقة عفوية غير منظمة عبر العديد من النصوص القانونية السابقة
الذكر وهو ما انعكس سلبا على تحديد المهام الموكلة لهذه المصلحة بصفة دقيقة
ومضبوطة ، حيث أنه لم يقم بإلحاق كل مهمة بالقسم الخاص بها داخل المحافظة العقارية .
ان عدم تحديد المهام بشكل دقيق في النصوص السابقة
الذكر(1) ،والتي
تعتبر أول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رامول خالد
،المرجع السابق ،ص 88
النصوص المنشئة والمحدثة للحفظ العقاري في
الجزائر ، انجر عنه غموض عند العديد من المتعاملين مع هذه المصلحة .
المطلب الثاني : أقسام المحافظة العقارية
نصت المادة الأولى من المرسوم رقم:76\63 على أنه :″تحدث لدى المديرية الفرعية
للولاية لشؤون أملاك الدولة والشؤون العقارية محافظة عقارية يسيرها محافظ عقاري ″وبناء على نص المادة 17
من المرسوم التنفيذي رقم 91\65 المتضمن تنظيم المصالح الخارجية لأملاك الدولة
والحفظ العقاري التي جاء فيها :″يبين التنظيم الداخلي لمفتشيات أملاك الدولة
والمحافظات العقارية في شكل أقسام ،وشروط سيرها بقرار من الوزير المكلف
بالمالية ″.قام وزير المالية بإصدار
القرار المؤرخ في :04\06\1991 ،والذي تم بموجبه تحديد التنظيم الداخلي لمفتشيات
أملاك الدولة والمحافظات العقارية ،وبالرجوع الى المادة 04 من القرار المذكور يتضح
ان المحافظة العقارية تتكون من ثلاثة أقسام
أولا:قسم الإيداع وعمليات المحاسبة
يعتبر هذا القسم من أهم أقسام المحافظة العقارية
حيث يتم بواسطته مباشرة الإجراءات الأولية الخاصة بالشهر العقاري ،كما يعتبر القسم
المسئول عن عملية قبول أورفض إيداع الوثائق الخاضعة للحفظ العقاري.
يسير هذا القسم من طرف رئيس يختار من بين
الموظفين الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية التي نص عليها المرسوم التنفيذي
رقم:92\116 حيث يجب أن يكون المترشح لهذا المنصب من بين المفتشين أو المراقبين
المثبتين بهذه الصفة الذين لهم أقدمية مدة خمس سنوات على الاقل داخل ادارة أملاك
الدولة أو الحفظ العقاري لكون هذا المنصب يتطلب دراية كاملة بكل الأمور القانونية
المتعلقة بعملية الايداع وتحصيل الرسوم(1).
وتعتبر الأعمال الموكلة لهذا القسم بمثابة
الإجازة الأولى لعملية حفظ الوثائق العقارية فهو مكلف بفحص العقود والوثائق
المودعة بعد تسجيلها في سجل الوصول الخاص بذلك ، لتأتي بعد ذلك مرحلة الدراسة
الشكلية لها فاذا استوفت كامل الشروط المتطلبة قانونا فان الإيداع يقبل ليشرع بعد
ذلك في الدراسة الموضوعية وفي حالة اكتشاف أي نقص ،أو خلل من الناحية الشكلية في
هذه المرحلة فان الإيداع يرفض‹1›.
فضلا عن ذلك، يكلف هذا القسم بمتابعة تحصيل
الرسوم الخاصة بعملية الشهر العقاري ومسك سجل الإيداع والبطاقات الخاصة بالضباط
العموميين أو بقية المحررين .
ثانيا:قسم مسك السجل العقاري وتسليم المعلومات
يشرف على هذا القسم رئيس يخضع في تعيينه الى نفس
الشروط القانونية المذكورة أعلاه
ويتكفل هذا القسم بترتيب، وتنظيم مختلف العقود
والوثائق التي تم شهرها ضمن مصنفات الأحجام الخاصة بذلك بالإضافة الى مسك السجل
العقاري وتحيينه واستفائه حتى يصبح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـراجع المرسوم 92\116 مؤرخ في : 04\03\1992
المحدد لقائمة شروط القبول والتعيين في المناصب العليا للمصالح الخارجية لأملاك
الدولة والحفظ العقاري.
دليلا ماديا وقانونيا لكل المعاملات الواردة على
الملكية العقارية ،أو الحقوق العينية الأخرى سواء أكانت أصلية ام تبعية.
كما يتولى هذا القسم أيضا البحث عن المعلومات
التي تكون محلا لطلبات الأفراد وتسليمها لهم ، وإعداد مستخرجات على الوثائق
المشهرة عن طريق نسخها مقابل رسم ثابت.
ثالثا:قسم ترقيم العقارات الممسوحة
هذا القسم لايقل أهمية عن سابقيه ،خاصة وأن
الجزائر بصدد مسح أراضيها ،وتحديد كل الملكيات التي هي بدون سند قانوني ،ويشرف على
هذا القسم رئيس يخضع في تعيينه لنفس الشروط القانونية السابقة الذكر.
يقوم هذا القسم بمتابعة إيداع الوثائق المساحية ،
والمساهمة في التحقيقات العقارية المنجزة أثناء عمليات إعداد مسح الأراضي العام(1)،مع متابعة للمنازعات الناتجة عن عمليات الترقيم
العقاري، ناهيك عن دوره في إعداد وتسليم الدفتر العقاري لأصحابه بعد الانتهاء من
عمليات المسح المحدثة بموجب المرسوم 76\62(2) .
الجدير بالإشارة إليه في
الأخير أن كل هذه الأقسام وضعت تحت إشراف المحافظ
العقاري ولمساعدته باعتباره المسئول الأول في المحافظة العقارية وله دور أساسي
ومحوري كما سيأتي بيانه في المبحث الثاني من هذا الفصل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـرامول خالد نفس المرجع السابق، ص94
2ـراجع المرسوم 76\62 المؤرخ في 25\03\1976
المتعلق بإعداد مسح الأراضي العام
المطلب الثالث: السلطة الوصية على المحافظة العقارية
وضعت المحافظات العقارية تحت وصاية المديرية
العامة للأملاك الوطنية التابعة لوزارة المالية وذلك لمراقبة أعمالها في مجال
الحفظ ، علما أنه سابقا كانت المحافظات العقارية تحت وصاية المديرية العامة
للضرائب والتسجيل التابعة لوزارة الاقتصاد وذلك الى غاية أواخر التسعينات لتوضع بعد ذلك تحت
وصاية المديرية العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية ، ولتصبح مؤخرا بموجب
المرسوم التنفيذي 95\54 المؤرخ في : 15\02\1995 تحت وصاية المديرية العامة للأملاك
الوطنية ، التي تضم عدة مديريات فرعية ، من بينها مديرية الحفظ العقاري ومسح الأراضي
التي يتم بواسطتها مراقبة أعمال ونشاطات المحافظات العقارية على المستوى الوطني،وبناء
على المرسوميــن رقم
:95\54 ورقم :95\55(1)
المؤرخين في 15\02\1995
يمكن تحديد مهام المديرية الفرعية للحفظ العقاري
ومسح الاراضي في مجال الوصاية والتدخل على مستوى المحافظات العقارية وذلك في
النقاط التالية :
ـ اقتراح
النصوص التشريعية ،وتحضير النصوص التنظيمية المتعلقة بالحفظ العقاري .
ـ توحيد طرق العمل في مجال الحفظ العقاري عبر
كامل التراب الوطني.
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ راجع في ذلك المرسوم 95\54 المؤرخ في
15\02\1995 الذي يحدد صلاحيات وزير المالية ، ج ر عدد 15 والمرسوم التنفيذي رقم :
95\55 المؤرخ في15\02\1995 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية بوزارة المالية ج عدد
15
ـ المساهمة والتعاون مع القطاعات الأخرى ، التي
لها علاقة بمجالات الحفظ العقاري مثل وزارة العدل ،الداخلية ، الفلاحة والبناء .
ـ دراسة التقارير التي تعدها المحافظات العقارية
المنتشرة عبر قطر الجمهورية وإعداد حوصلة عامة في مجال إشهار الوثائق ، قيد الرهون
والامتيازات ، شطبها ، ترقيم العقارات الممسوحة ، تسليم الدفاتر العقارية ، شهادات
الترقيم المؤقت و تقييم حصيلة المداخيل.
ـ تبادر المديرية الفرعية للحفظ العقاري ومسح
الأراضي بكل الإجراءات التي من شأنها استدراك النقائص ، وتقويم العمل داخل
المحافظات العقارية بناء على التقارير المعدة من طرف مديريات الحفظ العقاري على
المستوى الولائي أو المفتشيات الجهوية لأملاك الدولة والحفظ العقاري في إطار
عمليات التفتيش.
ـ مراقبة عمليات مسح الأراضي عبر البلديات التي
شملتها الإجراءات المحدثة بموجب الأمر 75\74 المقدرة ب:1541 بلدية ، وتسليم
الدفاتر العقارية في البلديات التي انتهت فيها عمليات مسح الأراضي.
ولممارسة سلطة الوصاية على المحافظة العقارية
بشكل محكم وضعت وزارة المالية عدة ميكانيزمات تساعدها في مجال المراقبة من بينها
طريقة طريقة التفتيشات الفجائية للمحافظات ، التي يكلف بها كل من مديرية الحفظ
العقاري على المستوى الولائي والمفتشية الجهوية لأملاك الدولة والحفظ العقاري .
غير أن هذه الميكانيزمات تبقى غير كافية بالنظر
إلى اتساع مجالات الحفظ العقاري وتداخلها ، حيث تتطلب في بعض الأحيان السرعة في
الإجراءات ودقتها .
لذلك نقترح ضرورة عصرنة المحافظات العقارية ،
وتعميم استعمال الإعلام الآلي وذلك بإنشاء شبكة معلوماتية للحفظ العقاري تسمح
بتبادل المعلومات بين المحافظات العقارية ، بالإضافة الى ضرورة فتح عمليات مسح الأراضي
للمتعاملين الخواص مثل الخبراء العقاريين وذلك للمساهمة في هذه العملية عن طريق
عقود ثانوية للاسراع في عملية المسح التي تعتبر ضرورية لاستقرار الملكية العقارية.
أما من حيث الوصاية فإننا نقترح وضع المحافظة
العقارية تحت وصاية وزارة العدل ،كما هو عليه الشأن في بعض البلدان كألمانيا ، حتى
يكفل للأشخاص الحماية التامة لحقوقهم ،ومعاقبة كل من يريد التلاعب أو المساس بالأملاك
العقارية مع ضمان احترام إجراءات الحفظ العقاري بشكل جيد ،بعيدا عن أي تلاعبات
أومصالح شخصية .
وقد أوكلت مهمة تسيير المحافظة العقارية للمحافظ
العقاري الذي يعتبر المسئول في عملية حفظ الوثائق ،وسنحاول من خلال المبحث الثاني
أن نبين شروط تعيينه ودوره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـراجع في ذلك المرسوم 90\189 مؤرخ في 23\06\1990
يحدد صلاحيات وزير الاقتصاد
المبحث الثاني: دور المحافظ العقاري
تنص المادة الاولى من المرسوم 76/63 السالف الذكر على أنه تحدث لدى المديرية الفرعية
للولاية لشؤون أملاك الدولة والشؤون العقارية ، محافظة عقارية يسيرها محافظ عقاري ،وسنحاول
من خلال هذا المبحث التعريف بالمحافظ العقاري باعتباره المسؤول الأول على المحافظة
العقارية وكذا مختلف المهام التي أوكلت له من طرف المشرع ، مركزين على سلطاته في
مجال الايداع والإجراء باعتبارها من سلطاته الأساسية ، وهي في نفس الوقت مرتبة
لمسؤوليته وذلك من خلال المطالب التالية.
المطلب الأول: كيفية تعيين المحافظ العقاري
يعد المحافظ العقاري موظف عام يباشر مهامه تحت
وصاية وزير المالية ويخضع في علاقته التنظيمية الى قانون الوظيف العمومي(1) تربطه
بالدولة علاقة لائحية تنظيمية تبعية ، مكلف بتسيير هيئة عمومية ذات طبيعة إدارية ،
ويتولى أساسا تأسيس السجل العقاري ومسكه(2)والموظف العام هو كل شخص يعهد إليه عمل دائم في
خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام(3)
ــــــــــــ
1ـ نظام الشهر العقاري الجزائري يقوم على اساس
اداري لان المسؤول عن الشهر هوموظف عمومي.
2ـالسجل العقاري ، هو تعبير معنوي يقصد به مجموعة
البطاقات العقارية العينية والشخصية .
3ـ محمد حامد الجمل ، الموظف العام فقها وقضاء ،
الجزء الاول ـدار النهظة العربية ص 55
وقد حدد المشرع الجزائري الأشخاص الذين يتحلون
بصفة موظف عمومي كما يلي:″يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في
رتبة في السلم الإداري .
الترسيم هو الإجراء الذي يتم من خلاله تثبيت
الموظف في رتبته ″المادة 04 من الأمر 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 يتضمن القانون
الأساسي العام للوظيفة العمومية
ويتم تعيين المحافظ العقاري بموجب قرار من وزير
المالية من أجل ادارة هيئة ادارية مكلفة بالشهر العقاري يطلق عليها اسم المحافظة
العقارية ، كآلية الحفظ العقاري .
واذا كانت أغلب الدول التي تأخذ بنظام الشهر
العيني تسند مهمة رئاسة لجان مسح الأراضي والطعون الإدارية ومسك السجل العقاري الى
أحد القضاة مثلما هو الحال في سويسرا وألمانيا ، فان تسيير المحافظات العقارية
عندنا يتولاه موظف عام خاضع لقانون الوظيف العمومي .
ولقد نص المرسوم التنفيذي 92/116 المؤرخ في
:14/03/1992 الذي يحدد قائمة المناصب العليا في المصالح الخارجية لأملاك الدولة
والحفظ العقاري وشروط التعيين فيها وتصنيفها ، فان المادة 02 منه اعتبرت منصب
المحافظ العقاري أعلى منصب في المصالح الخارجية لأملاك الدولة والحفظ العقاري ويأتي
في المرتبة الرابعة حسب المناصب العليا ونصها كما يلي :″تحدد قائمة المناصب العليا
في المصالح الخارجية لأملاك الدولة والحفظ العقاري كمايلي :
ـ رئيس
مصلحة ، رئيس قسم مكتب محافظ عقاري ، رئيس مفتشية ، رئيس قسم ، رئيس فرقة تفتيش ،
يعين رؤساء المكاتب والمحافظون العقاريون حسب المادة 04 من المرسوم التنفيذي نفسه.
ـ من بين المفتشين الرئيسيين أو المتصرفين الإداريين
المرسمين الذين مارسوا خدمة في الإدارة خمس سنوات على الأقل .
ـ من بين المفتشين المرسمين الذين مارسوا خدمة
الإدارة خمس سنوات على الأقل ، وخصص له الصنف 17 القسم 05 تحت رقم استدلالي 581 من
قانون الوظيف العمومي ، وتتم طريقة تعيينهم في المناصب بموجب قرارات التعيين التي
يتخذها الوزير المكلف بالمالية ″.(1)
وتشير المادة 05 من المرسوم 76/63 على أنه قبل
مباشرة المحافظين العقاريين الوظائف الموكلة اليهم ، تأدية اليمين أمام المجلس
القضائي الكائن بدائرة اختصاصه المحافظة العقارية ـ لان لكل محافظة دائرة اختصاص إقليمي
محدد ـ وذلك من أجل القيام بالمهام التي أنيطت بهم بكل إخلاص.
ولقد حدد المشرع المهام الموكلة للمحافظ العقاري
وذلك بموجب المادة 03 من المرسوم 76/63 وهي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المرسوم
التنفيذي 92/116 المؤرخ في :14/03/92 المتضمن قائمة لمناصب العليا في المصالح
الخارجية لاملاك الدولة والحفظ العقاري وشروط التعيين فيها وتصنيفها ج ر عدد
92
ـ إعداد ومسك مجموعة البطاقات العقارية كاملة.
ـ إعطاء الإجراءات اللازمة لطلبات الإشهار للعقود
المتضمنة الملكيات العقارية والحقوق العينية الأخرى.
ـ يفحص العقود ومختلف الوثائق الخاضعة للشهر.
ـ كتابة البيانات على السجلات العقارية الخاصة
بالحقوق العينية والتكاليف العقارية المؤسسة على العقارات الخاضعة للإشهار وجميع الشكليات
اللاحقة لهذا الإشهار .
ـ المحافظة على العقود والمخططات وجميع الوثائق
المتعلقة بالعقارات الخاضعة للإشهار
ـ إعطاء المعلومات للجمهور عند طلبها .
بالإضافة إلى هذه المهام ، هناك مهام أخرى
يباشرها المحافظ العقاري بحكم علاقته المتعددة واليومية مع المصالح الأخرى المكلفة
بالحفظ العقاري مثل مصلحة مسح الأراضي لذلك فهو يقوم ايضا بترقيم العقارات
الممسوحة في السجل العقاري مباشرة بعد استلامه وثائق مسح الأراضي ، واذا تبين أن
هذه الوثائق غير مطابقة مع البطاقات العقارية المشهرة على مستوى مصلحته ،يقوم
بابلاغ مصالح المسح لذلك قصد اتخاذ إجراءات التسوية في أقرب الآجال وأخيرا فهو
مكلف بإعداد الدفاتر العقارية ،وتسليمها
لأصحابها عند الانتهاء من عمليات المسح وفي حالة وقوع مانع للمحافظ العقاري
،يحول دون مباشرته لمهامه تحول النيابة الى أحد المحافظين العقاريين وذلك في اطار
الاختصاص الإقليمي لمديرية الحفظ العقاري باعتبارها الجهة الإدارية المشرفة على
المحافظات العقارية .
ان المحافظ العقاري ليس فقط مشهرا للعقود أو
المحررات الأخرى ،بل يجب أن يكون كذلك متحققا من صحة التصرفات والمعلومات المتضمنة
في الوثيقة المودعة لذلك منحه المشرع سلطة طلب تصحيح الوثائق غير الكاملة مع تقديم
النصيحة وتقريب وجهات النظر للأطراف، وإبرام الصلح فيما بينهم ،كل ذلك من أجل
تأمين المعاملات العقارية وحماية حقوق
الأشخاص .والجدير بالإشارة اليه أن المحافظ العقاري يمارس تلك السلطات من خلال
مراقبته لعملية سير إجراءات الشهر العقاري وهذا ما سنتناوله في المطلبين اللاحقين.
المطلب الثاني :سلطة المحافظ العقاري في رفض الايداع
الإيداع هو إجراء قانوني أولي لازم في كل عملية
شهر ،له محل وآجال قانونية يجب احترامها(1) والتقيد بها ،سلامته تعني سلامة بقية إجراءات
الحفظ العقاري ،كإجراء
الشهر،قبض الرسوم والغرامات التأخيرية،القيد في
السجل العقاري وتسليم المعلومات ...
وبالرجوع الى نص المادة90 من المرسوم 76/63 التي
تنص :
″ينبغي على الموثقيـن وكتاب الضبط والسلطات الإدارية
أن يعملوا على إشهار جميع العقود أو القرارات القضائيــة الخاضعة للإشهار والمحررة
من قبلهم أو بمساعدتهم ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رامول خالد ،المرجع السابق ص 105
وذلك ضمن الآجال المحددة في المـادة 99 وبكيفية
مستقلة عن إرادة الأطراف ″.(1) ويتم الإيداع
من طرف الأشخاص المذكورين في المادة السابقة ،لصورتين رسميتين ، أو نسخ من العقود
أو القرار القضائي الذي ينبغي إشهاره .طبقا لما أشارت اليه المادة 92 من المرسوم
76/63 ،ومن أجل تسهيل عملية الإيداع ألزم المشرع الجزائري محرري العقود بإفراغ
الصورتين الرسميتين في مستخرج خاص وينبغي على محرري العقود قبل الإيداع أن
يعملوا على تسجيلها بمصلحة التسجيل والطابع وفقا لأحكام الأمر :76/105 المؤرخ في
:09/12/1976 المتضمن قانون التسجيل والطابع(2) ويرفض
المحافظ العقاري ايداع العقود والوثائق المرفقة بها بغرض شهرها في حالة اذا وجد
عيوبا أو نقائص خطيرة تكون سهلة للاكتشاف بعد فحص سريع لمجمل الوثائق المودعة ،والأصل
أن رفض الإيداع هو إجراء فوري وكلي ،يتعلق بالوثيقة المودعة بأكملها حتى لو كان
السهو أو عدم الصحة يتعلق ببعض البيانات في الوثيقة المودعة .
لكن يرد على هذه القاعدة استثناءات ذكرتها المادة
106 من المرسوم التي أوضحت الحالة التي يكون فيها رفض الإيداع جزئيا ونذكر منها :
1ـ حالة نزع الملكية للمنفعة العامة ، لأنه يتضمن
إجراءات كثيرة بعدد المالكين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اجال الايداع المنصوص عليها في المادة 99 عدلت
بموجب المادة 31 من قانون المالية 1999.
2ـ جريدة رسمية عدد 81 مؤرخة في :18/12/1976
2ـ حالة المزايدات عدد قطع الأراضي ، او البيوع
المتميزة بموجب عقد واحد، هنا تعتبر الوثيقة المودعة شاملة متضمنة إجراءات كثيرة
بعدد قطع الأراضي التي تمت بمقتضاها المزايدات أو البيوع المتميزة.
ا ـ أسباب رفض الايداع :
تختلف أسباب رفض الإيداع فمنها ما يتعلق بتخلف إحدى
الوثائق أو البيانات المطلوبة في الوثائق المودعة ، ومنها ما هو متعلق بنقص أو خطأ
في تعيين الأطراف أو العقارات وهذه الأسباب عددتها المادة 100 من المرسوم 76/63
ويمكن إجمالها فيما يلي:
ـ عديم تقديم الدفتر العقاري للمحافظ العقاري.
ـ عدم تقديم مستخرج من مسح الأراضي وفي حالة
تغيير الملكية وثائق القياس -عندما يتعلق الأمر بمناطق ممسوحة- وتعتبر في حكم
مماثل لحالة عدم تقديم مستخرج لمسح الأراضي السهو الذي يشوب الوثيقة كعدم ذكر إحدى
العقارات المذكورة في الوثيقة المودعة ،أو تقديم مستخرج يرجع تاريخه الى أكثر من
06 أشهر .
ـ اذا لم يتم التصديق على هوية الأطراف وكذا
الشرط الشخصي وفقا للشروط المنصوص عليها في المواد 62 الى 65 والمادتين 102و103 من
المرسوم.
ـ عدم تقديم وثيقة من المفروض تقديمها للمحافظ
العقاري ،أو تقديم وثيقة لا ترقى الى درجة الإثبات المطلوب.
ـ عندما
يكون تعيين العقارات لا يستجيب لأحكام المادة 66 من هذا المرسوم .
ـ اذا لم تتضمن الجداول التي تنص على ايداعها
المواد 93 و95 و98 من نفس المرسوم على أي
من البيانات المطلوبة بموجب هذه المواد أو عندما تكون هذه الجداول غير محررة في
الاستمارات التي تقدمها الإدارة "جداول
قيد الرهون والامتيازات".
ـ عندما تظهر الصور الرسمية أو النسخ المودعة قصد
الإجراء بأن العقد الذي قدم للإشهار غير صحيح من حيث الشكل ،أو عندما لاتتوافر في
هذه الصور أو النسخ الشروط الشكلية المنصوص عليها في التنظيم الجاري به العمل .
ـ في حالة مخالفة أحكام المواد 67 الى 71
المتعلقة بشروط البيان الوصفي للتقسيم .
بالإضافة الى ذلك هناك حالتين ورد النص عليهما في
المادة 353 من قانون التسجيل تتمثل فيما يلي:
ـ عدم تقديم التصريح التقييمي للعقار موضوع التصرف ، بمعنى عدم تحديد القيمة
التجارية للمعاملات .
ـ عدم الدفع المسبق لرسوم الشهر العقاري من طرف
ملتمس الايداع.
ب:كيفيات رفض الإيداع
عندما يقرر المحافظ العقاري رفض الإيداع ، وقبل
تبليغ قراره للمودع يبحث اذا كانت هناك أسبابا أخرى للرفض(1) وذلك عن طريق فحص العقود والوثائق المودعة وحصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بومدين مروان عائشة ، الشهر العقاري والتوثيق
،مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الدراسات العليا في المالية1995
كل الأخطاء الموجودة فيها ،وهذا قصد القيام
بعملية التسوية مرة واحدة من أجل تفادي رفض الإيداع مرة أخرى.
ويتم تجسيد قرار الرفض في رسالة مكتوبة توجه
لمودعي العقود أو المحررات،يحدد بموجها تاريخ الرفض وأسبابه والنص القانوني الذي
يبرره مع ضرورة توقيع المحافظ وشهادته بذلك(1).
ويبلغ قرار الرفض الى الموقع على التصديق الذي
يعتبر في نفس الوقت بمثابة تبليغ موجه الى الأطراف بطريقة غير مباشرة،وعلى المحافظ
العقاري التقيد بالمدة القانونية المسموح بها لتبليغ قرار الرفض وهي خمسة عشر يوما
من تاريخ الإيداع .
أما فيما يتعلق بإجراءات التبليغ ، فإنها تتم اما
برسالة موصى عليها مع الإشعار بالوصول أو بواسطة التسليم الشخصي للموقع على
التصديق مقابل إقرار بالاستلام طبقا لنص المادة 108 من المرسوم 76/63 .
وعن
كيفية مسك ملف الرفض من طرف المحافظ، فانه في هذا الإطار يقسم الى أربعة ملفات
فرعية ،ملف فرعي خاص بقضايا في انتظار الرفض ،ملف فرعي خاص بقضايا
مرفوضة للحفظ، ملف فرعي خاص برفض نهائي، ملف فرعي
خاص بقضايا المنازعات.فعند اتخاذ المحافظ قراره برفض الإيداع عليه التأشير به على
الملف الخاص بقضايا في انتظار الرفض،مع ذكر تاريخه وسببه والنص القانوني الذي
استند إليه ،واذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر نموذج مرفق.
تجاوزت المدة القانونية الخاصة بالطعن في قرار
الرفض والمقدر بشهرين ، فان الملف الفرعي الخاص بالرفض يرتب ضمن الملف الخاص بالرفض النهائي، وفي حالة قيام المتضرر بالطعن
في قرار الرفض خلال الآجال القانونية المحددة أعلاه، فالملف يرتب في الملف الفرعي
الخاص بالمنازعات في انتظار صدور الحكم النهائي الذي يقرر أحد الحلين:
اما ان يؤيد قرار المحافظ العقاري برفض الإيداع
وبالتالي الملف في هذه الحالة يرتب في الملف الفرعي النهائي ،واذا كان الحكم يلغي
قرار المحافظ العقاري ،فان على هذا الأخير إتمام إجراءات الشهر بطريقة عادية(1)
المطلب الثالث: سلطة المحافظ العقاري في رفض الإجراء
اذا كان رفض الإيداع يستوجب فحصا شاملا وسريعا
،فان رفض الإجراء يتطلب فحصا كاملا ودقيقا، ووقتا كافيا من أجل دراسة الوثائق التي
تم قبول إيداعها وتم تقييدها في سجل الإيداع، ويتطلب هذا الفحص إجراء بعض
المقارنات مع الوثائق التي أشهرت من قبل في مجموعة البطاقات العقارية(2)
أـ أسباب رفض الإجراء
ان أسباب رفض الإجراء تعد من الضمانات القانونية
التي سنها المشرع حماية للمتعاملين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رامول خالد ، المرجع السابق ، ص 132و133
2ـ بوشنافة جمال ، شهر التصرفات العقارية في
التشريع الجزائري، دار الخلدونية ،2006 ،ص 208
وقد أشار اليها في المادة 101 من المرسوم 76/63
ويمكن تعدادها في النقاط التالية :
ـ اذا كانت الوثائق المودعة والأوراق المرفقة بها
غير متوافقة.
ـ عندما يكون مرجع الإجراء السابق المطلوب بموجب
المادة 95/1 غير صحيح ،وتتعلق بالجدولين الخاصين بتجديد قيد الرهون والامتيازات
،فاذا كانت هذه الأخيرة غير متطابقة مع الوثائق المودعة فصد الشهر يتم رفض الإجراء.
ـ اذا كان تعيين الأطراف أو الشرط الشخصي كما هو
محدد في المادة 65 غير متوافق مع البيانات المذكورة في البطاقة العقارية .
ـ اذا كانت صفة المتصرف أو الحائز الأخير المذكور
في الوثائق المودعة متناقضة مع البيانات الموجودة في البطاقة العقارية.
ـ اذا اكتشف أن الحق غير قابل للتصرف فيه عملا
بالمادة 104 من المرسوم.
ـ اذا كان العقد المقدم للإشهار مشوبا بأحد أسباب
البطلان المشار إليها في المادة 105 من المرسوم .
ـ عندما يظهر وقت التأشير على الإجراء بأن الإيداع
كان من الواجب رفضه.
وحوصلة لما سبق ذكره، نلاحظ ان المشرع أورد أسباب
رفض الإجراء(1) على سبيل
الحصر متخذا موقفا معاكسا للمشرع الفرنسي الذي توسع في تعداد أسباب رفض الإجراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بن خضرة زهيرة ، مذكرة التخرج لنيل شهادة
ماجستير 2006/2007
مانحا السلطة الكاملة لمحافظ الرهون في تقدير أي
سبب جدير ان يكون دافعا لتقرير الرفض
بـ ـ كيفيات رفض الإجراء
اذا قرر المحافظ العقاري رفض الإجراء وذلك في
حالة توفر سبب من الأسباب المذكورة سابقا ،فانه يقوم بتوقيف إجراء الشهر ويقوم
بتبليغ هذا القرار للشخص الموقع على شهادة الهوية في أسفل الصورة الرسمية أو النسخ
أو الجداول ، وذلك في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإيداع ،ويتم هذا التبليغ
بواسطة رسالة موصى عليها مع الإشعار بالاستلام أو عن طريق التسليم الشخصي مقابل إقرار
بذلك، وذلك الى الموطن الذي أشار اليه الموقع المذكور في الوثيقة المودعة ومن أجل
تسوية الوضعية ،فانه تعطى للموقع على شهادة الهوية مهلة 15 يوما ابتداء من تاريخ
التبليغ المباشر أو من تاريخ الإشعار بالاستلام ، أو من تاريخ الإشعار برفض
الرسالة الموصى عليها حتى يتسنى له إتمام الوثيقة الناقصة أو إيداع الوثيقة
التعديلية(1).
فإذا قام الموقع على شهادة الهوية بإتمام الوثيقة
الناقصة أو إيداع الوثيقة التعديلية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغه ،يقوم
المحافظ العقاري بتنفيذ الإجراء على البطاقة العقارية التي تحمل عبارة ″إجراء
قيد الانتظار″ ويأخذ الإجراء في هذه الحالة رتبة ذات أثر رجعي الى تاريخ الإيداع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بوشنافة جمال ،المرجع السابق ص 210
أما إذا لم يقم الموقع على شهادة الهوية ،خلال
أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ التبليغ بإتمام الوثيقة الناقصة ،أو إيداع التعديلية
،أو أخبر المحافظ العقاري عن رفضه أوعدم قدرته على القيام بالتزاماته ،فان الإجراء
يرفض مع التحفظات المنصوص عليها في المادة 106 من المرسوم 76/63 ،وتكتب عبارة
الرفض من قبل المحافظ العقاري في سجل الإيداع
في العمود المخصص للملاحظات ،وعند الاقتضاء في البطاقة العقارية والدفتر العقاري(1)
ثم يقوم المحافظ العقاري بتبليغ هذا القرار خلال
ثمانية أيام من تاريخ انقضاء مهلة خمسة عشر يوما الممنوحة للموقع على شهادة الهوية
مع إرجاعه الوثيقة محل الرفض ،اما مباشرة أو عن طريق رسالة موصى عليها مع الإشعار
بالاستلام، هذه الوثيقة يكون قد وضع عليها تاشيرة مؤرخة وموقعة يوضح فيها تاريخ
قرار الرفض والنص الذي يبرر هذا القرار .وهذا ما أشارت اليه المادة 106 من
المرسوم76/63.
وتجدر الإشارة الى أن قرار رفض المحافظ العقاري للإجراء
وكذا الإيداع يمكن أن يكون موضوع طعن أمام
الجهات القضائية ،وهذا طبق للمادة 24 من الأمر 75/74 السابق الذكر،والجهة القضائي
المختصة للنظر في الطعن هي الغرفة الإدارية الجهوية(2) طبقا للمادة
07 من قانون الإجراءات المدنية ، وذلك خلال مهلة شهرين ابتداء من تاريخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ راجع المادة 107 من المرسوم 76/63 السابق
الذكر.
2ـ أنظر القرار المرفق رقم 034825 الصادر عن مجلس
الدولة بتاريخ 25/07/2007
الإشعار بالاستلام للرسالة الموصى عليها أو تاريخ
رفضها طبقا للمادة 110 من المرسوم 76/63(1).
وقد تترتب مسؤولية المحافظ العقاري في حالة إذا
كان القرار يتميز بعد المشروعية ،كأن يكون مشوب بعيب مخالفة القانون لاسيما المادة
100/101 من المرسوم، وكذلك انحراف المحافظ العقاري بالسلطة بتغليب الصالح الخاص
على الصالح العام ، أو جلب لنفسه أو لغيره نفع وهنا يكون لخطأ جسيما يرتب
مسؤوليته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ راجع المادة 106 من المرسوم 76/63.
الفصل الثاني:الأخطاء الصادرة عن المحافظ العقاري وآثارها
تمهيد:
ان مهنة المحافظ العقاري حافلة بالأخطار والمشاكل
،نظرا لتشعب مهامه ودقتها ‘ حيث تجعل منه مشهرا للعقود، ومسيرا إداريا للمصلحة ، ومسئولا
عن حماية حقوق الأفراد وأملاكهم ، كما انه يعتبر محاسب عمومي ثانوي طبقا للمرسوم
91/313 المؤرخ في 07/09/1991 المحدد لإجراءات وكيفيات ومحتوى المحاسبة الخاص بالآمرين
بالصرف والمحاسبين العموميين ، وبالتالي فهو يخضع لقواعد المحاسبة العمومية
المنصوص عليها بالقانون 90/21 المتعلق بالمحاسبة العمومية .
وبذلك فهو يعد أكثر المهنيين عرضة للأخطاء
وأكثرهم تحملا للمسؤولية ، وعليه فهو مطالب أكثر من غيره باليقظة وروح المسؤولية
والدقة لتفادي كل ما من شأنه الإساءة الى سمعته المهنية ، والمساس بحقوق الأفراد.
ومن أجل ذلك منح له المشرع السلطة الكاملة في رفض
إيداع أو إجراء كل وثيقة لم تراع فيها الشروط القانونية الواجب توافرها ، غير أنه
وفي مقابل ذلك وخوفا من تعسف المحافظ العقاري في استعمال هذه السلطات ، منح الأفراد
المتضررين الحق في الطعن ضد قرارات
المحافظ العقاري والأخطاء التي يرتكبها ، وهذا من أجل ضمان قدر من الحماية التامة
للمعاملات العقارية .
ونظرا لأهمية المهام التي يقوم بها المحافظ العقاري
ودقتها فان الإشكالية المستخلصة من هذه المهام تتمحور حول:
متى تقوم مسؤولية المحافظ العقاري؟ وما هي
النتائج المترتبة عليها ؟
المبحث الأول:الأخطاء الصادرة عن المحافظ العقاري
إن فكرة المسؤولية تثير فكرة الخطأ،ومبدأ
المسؤولية لا يتقرر اذا نجم عن الخطأ المرتكب ضرر للغير مع شروط قيام العلاقة
السببية بينهما(1)
وبالرجوع الى نص المادة 23 من الأمر 75/74 المؤرخ
في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري التي تنص :″تكون
الدولة مسؤولة بسبب الأخطاء المضرة بالغير والتي يرتكبها المحافظ العقاري أثناء
ممارسة مهامه ،ودعوى المسؤولية المحركة ضد الدولة يجب أن ترفع في أجل عام يحدد ابتداء
من اكتشاف فعل الضرر وإلا سقطت الدعوى.
وتتقادم الدعوى بمرور خمسة عشر عاما ابتداء من
ارتكاب الخطأ ،وللدولة الحق في رفع دعوى الرجوع ضد المحافظ العقاري في حالة الخطأ
الجسيم لهذا الأخير ″.
ان مضمون هذه المادة يشير الى أن المسؤولية
المترتبة عن الأخطاء التي يقترفها المحافظ العقاري تتقرر في الأصل على الدولة(2)،الا أن لهذه الأخيرة الحق في الرجوع عليه بما
دفعته من تعويض للمضرور في حالة الخطأ الجسيم للمحافظ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ علي علي سليمان ، النظرية العامة للالتزام ،
ديوان المطبوعات الجامعية 2003 ص 113
2ـ مجيد خلفوني ، نظام الشهر العقاري في القانون
الجزائري ، الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص 136.
والمشرع أراد من خلال تقرير مسؤولية المحافظ
العقاري أن يتحلى باليقظة الشديدة والروية في مباشرة المهام الموكلة له ،نظرا لما
يكون للأخطاء التي يقع فيها من انعكاسات سلبية على الثقة بالملكية العقارية(1) وعدم استقرار المعاملات المتعلقة بها ، الأمر
الذي يدعم مبدئي القيد المطلق والقوة الثبوتية المطلقة .
وعلى هذا سوف نقسم هذا المبحث الى ثلاث مطالب ،
نتناول في الأول الأخطاء المرفقية ، أما الثاني فنخصصه للأخطاء الجسيمة وثالث خاص بالأخطاء
المحاسبية .
المطلب الأول : الخطأ المرفقي للمحافظ العقاري
استعمل المشرع صراحة مصطلح الخطأ المصلحي والخطأ
الشخصي في المادة 17 من الأمر 66/133 المؤرخ في: 02 يوليو 1966 المتضمن القانون الأساسي
العام للوظيفة العمومية(2)،لكن
المادة 31 من الأمر 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 الذي حل محل الأمر السابق جاءت
كما يلي(3) :″اذا
تعرض موظف لمتابعة قضائي من الغير ،بسبب خطأ في الخدمة ، ويجب على المؤسسة
أو الإدارة العمومية التي ينتمي اليها أن تحميه من العقوبات المدنية التي تسلط
عليه ما لم ينسب الى هذا الموظف خطأ شخصي يعتبر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ القاضي حسين عبد اللطيف حمدان ،أحكام الشهر
العقاري ،الدار الجامعية للطباعة والنشر لبنان.
2ـالمادة 17 من الأمر 66/133″وعندما يلاحق موظف من
طرف الغير لارتكابه خطأ مصلحيا فيجب على الإدارة ″
3ـ الأمر 06ـ03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 يتضمن
القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ، ج ر عدد 46.
منفصلا
عن المهام الموكلة إليه ″ فالمادة استعملت مصطلح الخطأ في الخدمة بدل الخطأ
المصلحي أو المرفقي إلا أن مفهومهما واحد.
وبالرجوع إلى الفقه والقضاء الإداري نجده جاء
بعدة معايير للتعريف بالخطأ المرفقي من خلال التمييز بينه وبين الخطأ الشخصي ـ
الخارج عن ممارسة مهامه ـ
1ـ في المجال الفقهي :نجد في الفقه
الإداري خاصة الفرنسي منه عدة معايير للتمييز بين الخطأين.
أ ـ المعيار الشخصي :طبقا لهذا المعيار فان الخطأ
يكون شخصيا اذا كان الفعل الضار مسبوغا بطابع شخصي يكشف عن عدم تبصر الإنسان وضعفه
وشهواته، فإذا لم يسبغ بهذا الطابع فيكون مرفقيا، أي أن هذا المعيار يستند الى
النية السيئة لدى الموظف أثناء ممارسته
لواجبات وظيفته ،فمتى كانت هذه النية متجهة عمدا الى الإضرار بالغير أو
الحصول على منفعة شخصية كان الخطأ شخصيا
يتحمل الموظف نتائجه والا عد خطأ مرفقيا تتحمل الإدارة نتائجه(1).
ب:المعيار الغائي : يقوم على أساس الغاية من
التصرف الإداري الخاطئ ،فمتى استهدف الموظف تحقيق أحد الأهداف المكلفة بها الإدارة
ويدخل في وظيفته الإدارية فان الخطأ يعتبر مرفقيا ،أما اذا تصرف بقصد تحقيق أهداف
لا علاقة لها بأهداف الإدارة ولا الوظيفة الإدارية وبقصد إشباع رغبة خاصة عد
شخصيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رياض عيسى ، الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة –
دراسة مقارنة مع الجزائر – المجلة القانونية 1993 عدد2
ج ـ المعيار الوظيفي : بموجبه يعتبر الخطأ شخصيا
اذا كان بالإمكان فصله عن أعمال الوظيفة ، أي أن هذا المعيار يميز بين الخطأ
المنفصل انفصالا ماديا عن واجبات الوظيفة فهو شخصي والعكس فهو مرفقي .
د ـ معيار
جسامة الخطأ :بموجب هذا المعيار فان الموظف الذي يرتكب خطأ جسيما يصل إلى حد
ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة القانون الجنائي كان خطأه شخصيا ،أما إذا لم يكن الخطأ
بهذه الجسامة عد خطأ مرفقيا تسال عنه الإدارة التي يتبعها الموظف المخطأ.
2ـ في المجال القضائي
لم يتقيد مجلس الدولة الفرنسي بمعيار معين من تلك
المعايير الفقهية وانما فضل أن يفحص في كل حالة على حدى ، فكانت بذلك هذه المعايير
بالنسبة اليه مجرد توجيهات وإرشادات يستنير إليها عند الحاجة ،وهو بصدد تطبيق قواعد
المسؤولية الإدارية ويتجه القضاء
الإداري(1) الى اعتبار الخطأ مرفقيا في الحالات الآتية :
- الأداء السيئ للخدمة العامة :أي ضرر يصدر عن موظف
وهو يؤدي واجبه على نحو سيئ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- عمار عوابدي ،نظرية المسؤولية الإدارية ،
دراسة تأصيلية وتحليلية ومقارنة –ديوان المطبوعات الجامعية 2004.
- الامتناع عن أداء الخدمات العامة :قضت بعض
أحكام القضاء الإداري بمسؤولية الإدارة في الأحوال التي تمتنع فيها عن أداء
الخدمات العامة ،ويترتب عن الامتناع ضرر للغير .
- التباطؤ في أداء الأعمال :قررت بعض أحكام
القضاء الإداري مسؤولية الإدارة في حالة تباطؤها في أداء أعمالها بدون مبرر معقول(1).
ومن خلال هذا العرض يمكن القول أن فيصل التفرقة
بين الخطأين الشخصي والمرفقي يكون بالبحث وراء نية الموظف ،فإذا كان يهدف من
القرار الإداري الذي أصدره تحقيق الصالح العام ،أو كان قد تصرف لتحقيق أحد الأهداف
المخولة للإدارة والداخلة في اختصاصها ،فان خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث
لايمكن فصله عنها ويعتبر بذلك من الأخطاء المنسوبة للمرفق العام ،أما اذا تبين أن الموظف
لم يعمل للصالح العام أوكان يعمل مدفوعا بعوامل شخصية أو كان خطأه جسيما بحيث يصل
الى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ، فان الخطأ في هذه الحالة
يعتبر شخصيا ويسأل عنه الموظف المخطأ من ماله الخاص(2).
-المشرع الجزائري أورد المادة 23 من الأمر 75/74
بصيغة عامة ولم يعط ولم أمثلة عن أخطاء المحافظ العقاري عكس ما فعله مثلا المشرع
التونسي بنصه في الفصل 402
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- عمار عوابدي ،الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة
عن أعمال موظفيها .
2- المستشار ممدوح طنطاوي ، المرجع السابق ص 350
من قانون الشهر العقاري بمايلي :″تكون الدولة
مسؤولة عن الضرر الحاصل :
-عن إهمال التنصيص بسجلات الملكية العقارية على
الترسيمات المطلوبة طبقا للقانون
عن عدم التنصيص برسوم الملكية على الترسيمات
المرتبة مباشرة على الملكية أو الإنزال وبالكشوف والشهادات على ترسيم أو عدة
ترسيمات موجودة إلا إذا اقتصر مدير الملكية العقارية على تنفيذ رغبة الأطراف
بالضبط أو كان عدم التنصيص ناشئا عن نقص في البيانات لايمكن أن ينسب اليه ″.
ويضيف الفصل 403 من نفس القانون:″اذا أهمل مدير
الملكية العقارية بالنسبة الى عقار، التنصيص
بالشهادات على حق أو عدة حقوق مرسمة وكان من الواجب التنصيص عليها قانونا ،فان ذلك
العقار يظل بيد الحائز الجديد محررا من تلك الحقوق وتحمل المسؤولية عند الاقتضاء
على الدولة ″.
وبالرجوع الى نص المادة 23 من الأمر 75/74 السالف
الذكر ،وباستقراء مواد المرسوم التطبيقي له رقم 76/63 يمكن أن نستنتج بعض الأخطاء
المرفقية للمحافظ التي تكون مضرة بالغير والناجمة عن إهماله وتقصيره أثناء ممارسته
لمهامه منها:
-عدم قيام المحافظ العقاري بعملية الرقابة
والتحري للتصرفات بشكل دقيق كان يقوم بقيد حق لاتتوافر فيه شروط القيد(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-صدقي عمر، شهر التصرفات العقارية في القانون
الجزائري ،ماجستير في القانون الجزائر 1983.
- عدم فحص العقود والوثائق والشروع في عملية
شهرها .
- عدم التحلي باليقظة اللازمة والتدقيق الكامل في
البيانات الخاصة بهوية الأطراف وتعيين العقارات .
- إجراء الشهر العقاري للسندات دون أن يقوم بتسلم
الدفتر العقاري من صاحبه وتسليمه الى صاحب الحق العيني المشهر(1) أو عدم مراعاة أحكام المادة 100 من المرسوم
76/63 المتضمنة حالات رفض إيداع الوثائق بالمحافظة العقارية ، ويكون المحافظ العقاري
مرتكبا لخطأ بالإهمال اذا قام بإشهار سند ما مع أن حدود الملكية العقارية تم
تغييرها ودون مراعاة وثائق القياس.
المطلب الثاني:الأخطاء الجسيمة للمحافظ العقاري
اذا كان تعريف الخطأ المرفقي مسألة غير سهلة كما
رأينا، فان تعريف الخطأ الجسيم
لا يقل صعوبة وهذا يرجع أساسا الى تطورات واختلاف
وتعدد نشاط الإدارة والدولة.
فحاول الأستاذ عمار عوابدي حيث كتب :″ويمكن القول
بصفة عامة أن الخطأ الجسيم هو الخطأ الذي لا يقع من شخص قليل الذكاء والعناية
،يراد بالخطأ الجسيم ذلك الذي لا يرتكبه بحسن نية أكثر الناس غباوة ،فهو لا ينطوي
على رقابة محكمة النقض ″.
ان هذه المحاولة تظهر بدورها صعوبة تعريف الخطأ
الجسيم بحيث يصل الأستاذ عوابدي في آخر محاولته الى أن تحديد الخطأ الجسيم يتم تحت
رقابة القاضي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجيد خلفوني المرجع السابق
وكتب الأستاذ شابي(1)عند محاولته تعريف الخطأ الجسيم أنه خطأ اكثر
خطورة من الخطأ البسيط .وكتب الأستاذ فيلالي(2):″أن الخطأ الجسيم هو درجة من درجات الخطأ بإهمال
الى جانب الخطأ اليسير والخطأ التافه″.
وقد سوى بعض الفقه بين الغش والخطأ الجسيم لكون
أن الجسامة التي بلغها هذا الأخير جعلته يفترض سوء نية الفاعل بالرغم من صعوبة إثباتها،ويتحقق
مثل هذا الأمر -عادة- عندما يكون الواجب القانوني المخل به واضحا وثابتا ومحققا
لامجال فيه،وقد انتقد هذا الرأي ، اذ يقتضي القصد حتما انصراف الإرادة الى هدف،
ألا وهو الإضرار بالغير ،وعليه يجب أن يكون الضرر مقصودا ولايكفي أن يكون متوقعا
فقط .ويرى رأي آخر أن المساواة بين الغش والخطأ الجسيم تعني الاثار القانونية
المترتبة عن كل منهما، ويبقى حينئذ لكل منهما طبيعته الخاصة، فالخطأ الجسيم مهما
كان لايعني أن مرتكبه يرغب في تحقيق الضرر ،فهو خطا غير عمدي كالإهمال وعدم
الحيطة، غير أنه يتميز عنهما من حيث درجة الجسامة فقط، وتقدر جسامة الخطأ في ضوء
السلوك الفاعل أو باعتبار خطورة ما يترتب على هذا السلوك.
ويعتبر القضاء الإداري(3).أن الخطأ الجسيم هو الخطأ المرتكب من طرف شخص
يكون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-رشيد خلوفي ، قانون المسؤولية الإدارية –طبعة
2001.
2- علي فيلالي ، الالتزامات العمل المستحق
للتعويض، الجزائر 2002 ص 75.
3- رشيد خلوفي ، المرجع السابق ص 25.
تصرفه دميم وجدير بالعقاب بوجه خاص.وما يلاحظ من
هذا الموقف أن القضاء الإداري يرتكز على عنصر ذاتي وآخر موضوعي.
ويظهر العنصر الذاتي عندما يأخذ القاضي الإداري
بعين الاعتبار المعطيات الخاصة
بالشخص المذنب ،فيقرر القاضي الإداري أن شخصا ما
ارتكب خطأ جسيما عندما يتبين له أن ظروف الوقائع تسمح لمرتكب الخطأ بترقب حدوث
العمل الضار.
ويظهر العنصر الموضوعي في تقدير تصرف مرتب الخطأ.
ويمكن القول أن الخطأ الجسيم هو الخطأ المرتكب من
طرف موظف يتميز بخطورة في طبيعته وسوء نية عند مرتكبه.
وبالرجوع الى المادة 23 السابقة الذكر في فقرتها الأخيرة
:″...وللدولة الحق في رفع دعوى الرجوع ضد المحافظ في حالة الخطأ الجسيم لهذا الأخير″يتضح
من ذلك أن المشرع اعتبر خطأ المحافظ الجسيم هو من يتحمله.
الا أن المشرع الجزائري لم يحدد متى يعتبر الخطأ
جسيما؟وما هي الحالات التي تكون فيها مسؤولية المحافظ شخصية؟عكس ما ذهبت إليه
تشريعات معظم الدول ،حيث أوردت نصوصا خاصة في هذا الإطار للأخطاء التي ترتب
مسؤولية المحافظ العقاري الشخصية ومن بين هذه التشريعات: قانون الشهر العقاري
المصري الذي نص على مسؤولية أمين السجل العقاري –المحافظ عندنا-ورئيس المكتب
المعاون في المادة 95 من القرار 188 التي تنص على مايلي:
″ان أمين السجل العقاري مسئول شخصيا عن الأضرار
الناتجة عما يلي(1) :
-عن إهمال تدوين قيد أو قيد احتياطي أو ترقين في
السجل ، إذا طلب من دوائره إجراءه بصورة قانونية .
-عن إهمال الإشارة الى قيد أو جملة قيود ،أوقيود
احتياطية أو ترقينات مدونة بالسجل العقاري، في الشهادات أو الخلاصات المأخوذة عن
السجل العقاري والتي يعطيها موقعة بإمضائه.
-عن عدم قانونية أو بطلان القيود والقيود
الاحتياطية أو الترقينات المدونة في السجل العقاري.
أما رئيس المكتب المعاون فانه مسؤول شخصيا عن الأضرار
الناتجة عمايلي:
-عن كل خطأ أو إهمال في قيود السجل اليومي.
-عن كل اهمال أو عدم قانونية في التصريحات
والمحاضر التي يتلقاها وينظمها.
-عن كل خطأ في تصفية الرسوم والخرج المتوجبة
،وعائدات الأوقاف.
-عن كل تأخير يسببه في إيداع المحاضر والوثائق
المبرزة.هذا مع الاحتفاظ بالاحكام المعنية في القوانين المرعية الإجراء بشأن
الموظفين العموميين .وفي جميع الأحوال السابقة الذكر تكون الحكومة مسؤولة مدنيا
عند عجز موظفيها عن الدفع ″.
ــــــــــــــــــــ
1- القاضي حسين عبد اللطيف ، المرجع السابق ص 625
يتبين من خلال هذا النص ان المشرع المصري حدد
طبيعة مسؤولية أمين السجل العقاري ورئيس المكتب المعاون عن الأخطاء التي تشير
اليها هذه المادة بأنها مسؤولية شخصية ولذلك فان كل منهما يلتزم بالتعويض عن الأضرار
الناتجة عن هذه الأخطاء ،دون التفريق بين الحالة التي تكون فيها هذه الأخطاء شخصية
،والحالة التي تكون فيها أخطاء خدمة ،وتقام عليهما الدعوى بالتعويض أمام المحكمة
المدنية المختصة ، وينفذ الحكم الصادر في أموالهما ،وفي هذا خروج على المبدأ العام
الذي يقضي بتحميل الموظف مسؤولية أخطائه الشخصية فقط،وبإبقاء مسؤولية أخطائه
المرفقية على الدولة ،الا ان المشرع المصري لم يقصد بتعداد الأخطاء المذكورة أعلاه
حصر مسؤوليتهما بالأضرار الناجمة عن هذه الاخطاء وحدها، واعفائهما من المسؤولية عن
الأضرار الناجمة عن أخطائهما الأخرى ،بل أراد أن يفرض عليهما مسؤولية مشددة عن الأخطاء
المذكورة في المادة ،وأن يترك مسؤوليتهما عن الأخطاء الأخرى للقواعد العامة. (1)
وبالرجوع الى القوانين التي تنظم مهمة المحافظ
العقاري لاسيما المرسوم 76/63 فإننا يمكن أن نستخلص بعض الأخطاء التي يرتكبها
المحافظ العقاري وتكون جسيمة منها:
-اذا تقدم شخص يحمل سندا من أجل شهره لدى
المحافظة العقارية وكانت عدم شرعية المستند ظاهرة،او كان السند مخالف لنص قانوني، (2) فيجب على المحافظ العقاري أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القاضي حسين عبد الطيف ، المرجع السابق ص 627.
2-مجيد خلفوني ، المرجع السابق ص 138.
يمتنع عن تنفيذ الشهر طبقا لنص المادة 105 من
المرسوم 76/63 ،التي تتطلب منه القيام بفحص السند والتحري عن صحته والا عرض نفسه
الى نظام المسؤولية.
-ومن أمثلة الخطأ الجسيم للمحافظ ،قيامه بإجراء
الشهر العقاري لمحرر عرفي صادر بعد تاريخ الفاتح جانفي 1971 أو إجراء شهر سند
عقاري لم يخضع الى قاعدة الأثر النسبي في الشهر المسبق.
-مخالفة المادة 41 من المرسوم 76/63 التي تنص على
ضرورة التسجيل اليومي لتسليمات العقود والقرارات القضائية ،ويسلم الى الملتمس سند
يشار فيه الى مراجع سجل الإيداع ،لان الإجراء ينفذ بتاريخ هذه التسليمات ،فعدم
القيام بذلك يمكن المتصرف من اجراء تصرف لاحق على العقار ويمكن أن يسجل قبل الأول
مما يعرض المتصرف اليه لضياع حقه.
-كذلك مخالفة المادة 55 من المرسوم ،وذلك بتقديم
معلومات خاطئة متعلقة بالعقار لطالبها ،وكذا عدم ذكر عندما يكون العقار محل إجراء
بصدد الرفض تطبيقا لنص المادة 101 فإذا قدم المحافظ شهادة دون ذكر عبارة ″إجراء
قيد الانتظار″ لان المحافظ بالإشارة اليها في البطاقة العقارية وكذا في الشهادات
المسلمة للجمهور ،وعدم ذكرها يعتبر خطأ جسيما.
-كذلك بالرجوع الى أحكام قانون الوظيفة العمومية
والى أحكام قانون الشهر العقاري نجد بان
المشرع لم يحدد الأخطاء التي تستوجب مسؤولية المحافظ العقاري ،وانما اكتفى بذكر
بعض الالتزامات التي يخضع لها كل موظف في المواد من 40 الى 54 من الامر06/03 وهذه المواد(1) تفيد جلها بأن كل تقصير من الموظف وارتكابه خطأ
حال تأدية وظيفته أو بسببها يعرضه الى إحدى العقوبات التأديبية المحددة بالمادة
163 منه، وعند اللزوم يخضع الى عقوبات جزائية.
يدخل في مفهوم هذه المواد المحافظ العقاري
باعتباره أحد موظفي الدولة ويشغل منصب أعلى بوزارة المالية ويعمل تحت وصايتها .وقد
تصل العقوبات التأديبية الى حد الإقالة أو التسريح .
المطلب الثالث: الأخطاء المحاسبية للمحافظ العقاري
ان المحافظ العقاري بالإضافة الى المهام الكثيرة
والمتنوعة التي يقوم بها باعتباره المكلف بإدارة الشهر العقاري والتي سبق التطرق
اليها ،فانه يعتبر كذلك موظف محاسب يخضع بذلك لقواعد المحاسبة العمومية –فهو موظف
بقبعتين-ولقد أشارة لذلك المادة 26 من الأمر
75/74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري التي نصت:″ان
العمليات الخاصة بأساس رسوم التسجيل ورسم الشهر ورسم الشهر العقاري للقرارات
الخاضعة للإشهار في السجل العقاري ، يقوم بها المحافظ في اجراء واحد ،سيحدد مرسوم
تطبيق هذه المادة ″.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أمر 06/03 مؤرخ في 15 يوليو 2006 المتضمن
القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية –ج ر عدد 46.
فالمحافظ العقاري يتولى تحصيل الرسوم الخاصة
بالشهر العقاري وذلك يتم عن طريق قسم الإيداع وعمليات المحاسبة.
وبالرجوع الى المرسوم 91-313 المؤرخ
في:07/09/1991 المحدد لإجراءات وكيفيات ومحتوى المحاسبة الخاصة بالآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين في مادته 31 فانها
جعلت للمحافظ العقاري صفة المحاسب العمومي الثانوي –كقابض الضرائب وقابض
الجمارك-وبذلك فهو يخضع لقواعد المحاسبة العمومية المنصوص عليها في القانون 90/21
المؤرخ في 15/08/1990 المتعلق بالمحاسبة العمومية .
وبالتالي فان مسؤوليته بهذه الصفة تعتبر مسؤولية
شخصية ،وأن أي نقص أو عجز في الصندوق ،أو رسوم غير محصلة ،أو ضياع أموال أو مصاريف
غير مبررة .فانه يتولى تسديده من ماله الخاص بموجب قرار اقتطاع يصدر عن السيد وزير
المالية ،وهذا ما أشار اليه المرسوم 91/312 المؤرخ في :07/09/1991 المحدد لشروط مسؤولية
المحاسبين العموميين وضرورة اكتتاب تامين لتغطية المسؤولية المدنية للمحاسبين .كما
أن هذا المرسوم نص في المواد 15و16و17 على الزامية اكتتاب تأمين مسبق بمجرد مباشرته لمهامه لضمان تغطية مسؤوليته عن الاخطاء
المحاسبية ، وذلك اما باكتتاب عقد تأمين فردي أو بالانضمام الى جمعية تعاضدية
للمحاسبين العموميين المزمع انشائها .وعلى هذا اساس هذا المرسوم صدرت تعليمتين عن
المديرية العامة للاملاك الوطنية الاولى رقم :68 صادرة بتاريخ 22/01/1994 والثانية
بتاريخ 09/02/1994 تجبر المحافظيين بضرورة اكتتاب تأمين على المسؤولية المدنية.
يمسك المحافظ العقاري على مستوى المحافظة
العقارية سجلات محاسبية يتم فيها تسجيل جميع المداخيل المحصلة شهريا ويقوم بموازنتها
شهريا وضبطها ،وتتم مراقبة جميع العمليات المحاسبية التي يقوم بها المحافظ من قبل
مصالح الخزينة للولاية وذلك بمناسبة إيداع الوثائق المحاسبية الشهرية لدى هذه الأخيرة.
وتتمثل المداخيل التي يحصلها المحافظ العقاري في
:
-المداخيل المتعلقة بتسليم المعلومات سواء خارج الإجراء
التي يطلبها المواطنون أو على الاجراء بمناسبة إشهار وثيقة أو عقد معين، ويتم قيد
المداخيل يوميا وتوقيف السجلات المتعلقة بها وتقيد محاسبيا في الخط 40-006 الذي
ينتمي الى حساب خزينة الدولة.
-المداخيل المتعلقة برسوم الشهر العقاري، وغرامات
رفض الإيداع ورد الإجراءات ويتم قيد هذه المبالغ محاسبيا ضمن سجل الإيداع والإجراء
،الذي إضافة الى كونه سجل يتعلق باجراء الشهر العقاري ، فهو سجل محاسبي يتم به قيد
جميع الرسوم المحصلة والتي يتم قيدها ضمن الخط 39-006 ضمن حساب خزينة الدولة.
يتعامل المحافظ في هذا المجال نقدا ،أو عن طريق
مختلف وسائل الدفع الأخرى كالصكوك ،وفي هذه الحالة فهو مسؤول محاسبيا عن ضرورة الدفع
اليومي للميلغ المحصلة نقدا لدى مصالح الخزينة وكذا القيام بمختلف الإجراءات
المتعلقة بتحصيل مبالغ الصكوك.
-يتم مراقبة الصندوق لدى المحافظ العقاري دوريا
من طرف المديرية الولائية للحفظ العقاري ،أو من قبل المفتشية الجهوية لاملاك
الدولة والحفظ العقاري.
في حالة نقص في الصندوق أو عدم تحصيل المبالغ
المستحقة ،عدم تطهير مختلف العمليات ،فانه يتم التفريق بين الأخطاء العادية مثلا
أخطاء في قيد المبالغ محاسبيا ، الأخطاء في مسك السجلات المحاسبية وطريقة توقيفها
،فان هذه الأخطاء تعتبر من قبيل الأخطاء
التي يؤاخذ عليه المحافظ إداريا ،ويتم تصحيحها في العادة على الفور من قبل المفتش
المحقق وادراجها ضمن تقريره بهذا الشأن .
اما فيما يتعلق بالأخطاء الأخرى ،والتي تتوفر
فيها الظروف لاعتبارها اختلاسا فانه يتم التحقيق بشأنها بطريقة معمقة ،وفي حالة
ثبوتها تتم متابعة المحافظ جزائيا ،بصرف النظر عن الإجراءات الإدارية والتأديبية الأخرى
التي يمكن أن يخضع لها المحافظ وفق طبيعة
الخطأ وجسامته.
المبحث الثاني:النتائج المترتبة عن مسؤولية المحافظ العقاري
إن مسؤولية الدولة عن أخطاء المحافظ العقاري
المضرة بالغير تقررت بموجب المادة 23 من الأمر رقم:75/74 السالف الذكر.فهي تعد من
قبيل المسؤولية الإدارية القائمة على أساس الخطأ ، والخطأ هنا مستقل تماما عن
الفكرة المدنية عنه،ويقدر وفقا لكل حالة على حدى ، طبقا لما درج عليه اجتهاد
القضاء الإداري ،ولهذا فان دعوى المسؤولية ترفع على الدولة ممثلة في شخص وزير
المالية مباشرة ودون حاجة الى توجيهها الى الموظف كما هو متبع بالنسبة لمسؤولية
المتبوع عن أعمال تابعه.
المطلب الأول :المسؤولية الإدارية على أساس الخطأ بوجه عام
المسؤولية الإدارية الخطئية تقوم على ثلاثة أركان
هي ركن الخطأ ،ركن الضرر وركن العلاقة السببية بين الخطأ والضرر الناجم ،ويقوم
الخطأ فيها أساسا قانونيا يبررها ويفسر تحميل المسئول عبء نتائجها(1) والخطأ
هنا مستقل تماما عن الفكرة المدنية عنه، وذلك أن القواعد الخاصة بمسؤولية المتبوع
عن أعمال تابعه، ومنها أساس المسؤولية في القانون المدني لايمكن أن يقاس عليها
مسؤولية السلطة الإدارية عن أعمال موظفيها ،لان طبيعة وقواعد المسؤولية الإدارية
تختلف عن المسؤولية المدنية (2).ويبرز
هذا الاختلاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- عوابدي عمار نظرية المسؤولية الإدارية ، نفس
المرجع السابق –ص 113.
2- مخلوفي محمد ،مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
في القانون الجزائري،دراسة مقارنة سنة 1988.
والفرق جليا واضحا في فكرة أساس المسؤولية بالذات
،ولو استعرضنا الخطوط الرئيسية في مسؤولية الإدارة عن أعمالها المادية لوجدنا أن
الفرق بينها وبين قواعد المسؤولية المدنية –فيما يتعلق بأساس كل منها –تنحصر في
ثلاثة أمور أساسية :
1-فكرة الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي.
2-كيفية تقدير الخطأ.
3-المسؤولية على أساس المخاطر
فالخطأ الذي يرتب ويعقد مسؤولية السلطة الإدارية
عن أعمال موظفيها الضارة ليس هو
الخطأ المدني الذي يرتب ويقيم مسؤولية عن أعمال
تابعه -الخطأ في
الاختيار والرقابة والتوجيه- بل هو الخطأ
الوظيفي أو المصلحي تمييزا له عن الخطأ الشخصي للموظف العام والذي يقيم مسؤوليته
الشخصية ويكون الاختصاص للفصل والنظر فيها للقضاء العادي ، والخطأ المرفقي هو الذي
ينسب فيه الإهمال أوالتقصير المولد للضرر الى المرفق ذاته، حتى لو قام به ماديا
أحد الموظفين ويترتب عليه مسؤولية الإدارة العامة عن الأضرار الناجمة وتحميلها عبء
التعويض، وتسأل في ذلك أمام القضاء الإداري.
- كيفية تقدير التعويض:
التعويض هو مقابل الضرر الذي يلحق المضرور من
الفعل الضار ويوقعه المشرع على الشخص الذي وقع منه خطأ مستوجبا مسؤوليته ،وهو بصفة
عامة اما أن يكون عينيا وهذا هو الأصل في الالتزامات التعاقدية ،حيث يتفق على
التزامات المدين مسبقا . أما بالنسبة للالتزامات التقصيرية فان الأصل هو التعويض
بمقابل سواء نقدي أو غير نقدي وان كان في الغالب يكون نقدا(1)غير أنه اذا كانت هذه هي القاعدة في القانون
المدني، فإنها تعدل
قليلا في القانون الإداري، فجزاء المسؤولية هنا باستمرار هو التعويض
النقدي بحيث يستبعد التعويض العيني حتى ولو كان ممكنا عمليا(2) وتفسر القاعدة
هنا بأسباب عملية وقانونية: فمن الناحية العملية:يفسر هذا المسلك بأن
التعويض العيني اذا كان ممكنا ،فانه سيتم على حساب المصلحة العامة ،اذ يجب أن يهدم
كل ما تم من تصرفات إدارية لتحقيق منفعة خاصة ،مما قد يؤدي الى شل الإدارة ،كما أن
التعويض العيني يكون في الغالب مصحوب بتعويض نقدي ،لان النوع الأول اذا أمكن أن
يزيل الضرر بالنسبة للمستقبل ،فانه لايحقق هذا الأثر بالنسبة للماضي.
أما من الناحية القانونية : فامر يتعلق
بموقف القاضي من الإدارة ،فاستقلال الإدارة عن القضاء يتنافى مع تخويل القاضي سلطة
إصدار أوامر للإدارة ،وهو ما لايمكن تحقيق التعويض العيني الا عن طريقه.
أما فيما يخص مدى التعويض ،فالمسلم أن التعويض
المحكوم به يجب أن يغطي كل الضرر الذي تحمله المضرور ،ولا ينظر القاضي الى درجة
الخطأ الذي ارتكبته الإدارة فيما يتعلق بتقدير التعويض، اذا ما قامت المسؤولية على
أساس الخطأ ،فمراعاة درجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-راجع المواد 164،176و 132 من الأمر 75-58
المتضمن القانون المدني.
2-سليمان محمد الطماوي ،القضاء الإداري، دار
الفكر العربي 1977.
الخطأ المنسوب الى الإدارة ينظر إليه-في قضاء
مجلس الدولة- لمعرفة قيام ركن الخطأ أو عدم قيامه ،فإذا لم يكن الخطأ على درجة
معينة من الجسامة –في الحالات التي يشترط فيها المجلس ذلك- فانه يعتبر مغتفرا فلا
تسأل الإدارة عنه، وكأنها لم تخطئ اطلاقا.اما اذا سلم المجلس بقيام الخطأ الذي
يستوجب مسؤولية الإدارة ،سواء أكان جسيما أو غير جسيم ،فانه يقدر التعويض حسب
جسامة الضرر لا حسب جسامة الخطأ، وبحيث يغطي التعويض جميع الأضرار التي تحملها
المضرور‹1›.
والقاعدة في تقدير التعويض ،هو مراعاة ما فات
المضرور من كسب وما لحقه من خسارة ،على الأقل بالنسبة للأضرار المادية ، أما الأضرار
الأدبية فنظرا لعدم استناد الضرر فيها الى قيم متعارف على تقديرها فانه يكون
جزافيا.
المطلب الثاني:التزام الدولة بالتعويض
بالرجوع الى المادة 23 من الأمر 75/74 السالف
الذكر تنص:″تكون الدولة مسؤولة بسبب الأخطاء المضرة بالغير والتي يرتكبها المحافظ
العقاري أثناء ممارسة مهامه...″.
ان مضمون هذه الفقرة(2) يشير الى أن المسؤولية المترتبة عن أخطاء
المحافظ العقاري تتقرر في الأصل على الدولة وهذا بناء على المسؤولية الإدارية
القائمة على أساس الخطأ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سليمان محمد الطماوي ،المرجع السابق ص
494-495.
2-عمار عوابدي، نظرية المسؤولية الإدارية ،المرجع
السابق ص 110.
وان المشكلة التي تثور عند تحديد اشخص المسؤول
،هي مشكلة الأساس القانوني الذي يبرر تحمل المسؤول عبء المسؤولية الثقيل ماديا
ومعنويا.
ففي نطاق المسؤولية الشخصية ،يعد الخطأ في صوره
المختلفة الأساس القانوني إذا سبب ضررا للغير،طبقا لنص المادة 124 من القانون
المدني :″كل عمل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه ،ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا
في حدوثه بالتعويض″.
فانه في نطاق أساس مسؤولية الدولة عن أخطاء
المحافظ العقاري نجده القانون أي نص
المادة 23 من الأمر 75/74 ،التي أسست المسؤولية
على الأخطاء المضرة بالغير التي يرتكبها المحافظ العقاري أثناء ممارسة مهامه، وهذا
يعني أن الخطأ المرفقي للمحافظ العقاري هو أساس التزام الدولة بالتعويض.
فبمجرد ثبوت خطأ المحافظ العقاري في مجال وظيفته
وترتب عنه ضرر للغير ،تقوم مسؤولية الدولة بتعويض المضرور ،ودعوى المسؤولية لا
ترفع ضد المحافظ العقاري مباشرة بصفته المكلف بإدارة الشهر العقاري ،وإنما يتعين
على المضرور رفع دعوى المسؤولية مباشرة ضد الدولة ممثلة في شخص وزير المالية
للمطالبة بالتعويض ،غير أنه اذا ثبت خطأ المحافظ العقاري الجسيم فللدولة الحق في
الرجوع عليه بما دفعته من تعويض(1).وترفع
الدعوى ضد الدولة خلال عام واحد ابتداء من تاريخ اكتشاف الضرر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بن خضرة زهيرة ،مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير
2006/2007.
والا سقطت الدعوى ، وفي كل الحالات تتقادم دعوى
المسؤولية بمضي خمسة عشر سنة تسري ابتداء من تاريخ ارتكاب الخطأ .
ان التعويض التي تتحمله الدولة نتيجة أخطاء
المحافظ العقاري، يقتصر فقط على التعويض النقدي، ويكون بقدر جسامة الضرر ،بحيث
يشمل مالحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، فالتعويض الذي يترتب عن ضياع الحقوق
يكون بمقابل وليس عينا ، مما يحصن من استقرار الملكية العقارية(1).
وبالرجوع الى قوانين بعض الدول التي أخذت بنظام
الشهر العيني ، وعلى اعتبار أن الشهر العقاري يطهر العقارات من الحقوق العينية
المثقلة بها ، فان الأشخاص الذين يمكن أن يضاروا بحقوقهم نتيجة خطأ أو غش أو تدليس
عند عملية المسح أو الترقيم عند تأسيس السجل العقاري ،لهم الحق في التعويض عما
أصابهم جبرا عما أصابهم من ضرر.
ففي قانون الشهر العقاري المغربي تم إنشاء صندوق
ضمان خاص يسمى صندوق ضمان السجل العيني ، يمول بفرض نسبة تضاف الى رسوم التسجيل(2)وذلك في الفصل مائة الذي جاء كما يلي: ″يؤسس
صندوق للتأمين الغاية منه أن يضمن في حالة عسر المحافظ أداء المبالغ المالية التي
قد يحكم بها عليه لصالح الطرف المتضرر وأن يعوض عند
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- محاضرة الدكتور فيلالي علي،بعنوان الشهر
العقاري في ضوء القانون الجزائري ، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية
2001.
2- مجيد خلفوني ، المرجع السابق ص 148,
الاقتضاء من يكون قد حرم من حق في الملك أو من حق
عيني نتيجة قبول عقار للدخول تحت النظام المقرر في هذا الظهير .ويؤسس هذا الصندوق
باقتطاع مباشر على مجموع الحقوق المتحصلة
لمحافظة الأملاك الأميرية العقارية ″.
وفي نفس السياق ،يقرر المشرع الفرنسي اقتتطاع
نسبة من الرسوم لضمان التعويض عن الأخطاء المحتمل حدوثها من قبل محافظ الرهون(1).
أما عندنا فلا وجود لنظام خاص بالتعويضات ،وانما
الدولة هي من تتولى تحمل التعويضات
الناجمة عن الأضرار المترتبة عن أخطاء المحافظ العقاري كأي موظف في الدولة.وتمثل
الدولة في مجال التعويض من طرف وزارة المالية ،وعلى مستواها يخصص مبلغ جزافي لضمان
سداد مبالغ التعويض المستحقة لفائدة الأشخاص الذين تضرروا من أخطاء الموظفين
كافة،وأن الدولة لها حق الرجوع على المحافظ العقاري بمقدار التعويض الذي قامت
بتسديده في حالة الخطأ الجسيم لهذا الأخير طبقا لنص المادة 23 من الأمر 75/74
،وهذا ما سنتناوله في المطلب اللاحق.
المطلب الثالث: دعوى الرجوع
بالرجوع الى نص المادة 23 من الأمر 75/74 ، فان
المسؤولية المترتبة عن أخطاء المحافظ العقاري تتقرر في الأصل على الدولة ، بناء
على المسؤولية عن فعل الغير والتي تعتبر ميزة من ميزات المسؤولية الإدارية ،غير
أنه اذا ثبت الخطأ الجسيم للمحفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-صدقي عمر ،نفس المرجع السابق ص 116.
العقاري،
يحق للدولة الرجوع عليه طبق للفقرة الأخيرة من نفس المادة :″...وللدولة الحق في
رفع دعوى الرجوع ضد المحافظ العقاري في حالة الخطأ الجسيم المرتكب من هذا الأخير″
.
فالمقصود بدعوى الرجوع هي رجوع الدولة على
المحافظ العقاري(1) بما
دفعته من تعويض في حالة ارتكاب هذا الأخير خطأ جسيما ، وحلول الدولة محل المحافظ
في دفع التعويض يجعل من الدولة ضامنا أو كفيلا موسرا وقادرا على دفع التعويض في كل
الأحوال.
فلا يمكن للشخص الذي يدعي أنه مصاب بضرر نتيجة
الخطأ الجسيم المرتكب من المحافظ، أن يباشر إجراءات الدعوى في مواجهة هذا الأخير
مباشرة ،وإنما يتعين عليه أن يوجه دعواه ضد الدولة ممثلة في شخص وزير المالية
للمطالبة بالتعويض ،ان طبيعة هذه الدعوى
هي دعوى قضاء شامل ،يعود الاختصاص القضائي فيها الى الغرفة الإدارية المحلية ،ما
لم يأخذ الخطأ المرتكب الوصف الجزائي كتزوير بيانات السجل العقاري ، او البطاقة
العقارية ،فهنا تكون الإجراءات شخصية ولا يتصور حلول الممثل القانوني للدولة محل
المحافظ العقاري (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-مجيد خلفوني ،المرجع السابق ص 137.
2- مجيد خلفوني ، المرجع السابق
ولم يرد تعريف دعوى الرجوع ،بل كل ما تناولته
القوانين هو أن الدعوى الرجوعية هي حق من حقوق الدولة ترفعها على الموظف المخطأ
لاسترداد المبالغ المالية التي دفعتها للمتضررين بدلا من الموظف المخطأ .فإذا رفع
المضرور دعواه ضد الدولة نتيجة للخطأ الجسيم المرتكب من طرف المحافظ العقاري
واستوف من الدولة التعويض كاملا ،كان للدولة الحق في أن تحل محل المضرور في مواجهة
المحافظ العقاري وذلك بتحريك دعوى ضده من طرف مدير الحفظ العقاري المختص اقليميا
تطالبه بالتعويض المقدم للمضرور ،وهكذا يكون المحافظ العقاري هو المسؤول الأول والأخير
عن أفعاله وأخطائه الضارة بالغير متى كانت أخطاؤه جسيمة (1) .
ومن خلال ما تقدم فان الدعوى المنصوص عليها في
المادة 23 من الأمر رقم:75/74 هي دعوى شخصية قائمة بذاتها متى قامت الدولة بتعويض
المضرور ،فلا يمكن الرجوع على المحافظ العقاري ،الا بدفع التعويض للمضرور ،وعليه
فان أساسها القانوني يختلف عن دعوى الإثراء بلا سبب التي تشترط أن يكون هناك إثراء
يقابله افتقار ، وانعدام السبب القانوني لهذا الإثراء ،وأنه لا يجوز اللجوء الى
هذه الدعوى الا اذا انعدمت كل دعوى أخرى أمام المدعي أو الموفي بالدين(2).
وعلى اعتبار أن مسؤولية المحافظ العقاري هي
مسؤولية إدارية ،بمعنى أن الدولة هي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-جمال بوشنافة ،المرجع السابق ص 154.
2-رمضان ابو السعود ،النظرية العامة للالتزام –ديوان
المطبوعات الجامعية .
المسؤولة عن أخطاء هذا الأخير ولها حق الرجوع
عليه في حالة خطئه الجسيم ،فان القضاء المختص بدعوى الرجوع هو القضاء الإداري ،لان
الدعوى تكون بين الإدارة والموظف كطرفيين اداريين ، أما الإجراءات القانونية التي
تتبعها الإدارة للرجوع على الموظف المخطئ ، فهي تستعمل اما إجراء القرار التنفيذي
أو الأمر بالدفع ، ويمكن للموظف مراجعتها اذا كان لديه أي اعتراض ،وذلك أمام
القضاء الإداري دائما ،ومهما يكن من حلول فان الدولة نادرا ما ترفع دعوى الرجوع ضد
الموظف أمام القضاء(1) ،ما دام
الطرف المتضرر قد عوض له من طرف الإدارة ، فان النزاع يصبح داخلي بين الموظف والإدارة
وتلجأ الإدارة في الغالب الى إصدار سند إجرائي ينفذ دون الحاجة الى إصدار قرار . ولم
يتضمن قانون الشهر العقاري شروط وكيفيات رفع دعوى الرجوع على المحافظ العقاري
،وبالتالي تطبق القواعد العامة المقررة لرفع الدعاوى في قانون الإجراءات المدنية (2). ويشترط أن يستوفي المضرور التعويض من الدولة
أولا ،ثم يمكن للدولة بعد ذلك الرجوع على المحافظ العقاري ،وترفع الدعوى على
المحافظ من طرف مدير الحفظ العقاري المختص اقليميا ، أمام الغرفة الإدارية المحلية
على مستوى المجلس القضائي الذي يوجد بدائرة اختصاصها العقار محل النزاع.ودعوى
الرجوع تتقادم طبقا للقواعد العامة أي بمرور خمسة عشر سنة من تاريخ قيام الدولة
بالتعويض للمضرور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كريمة تاجر ، المرجع السابق ص 192.
2- رشيد مخلوفي ،المرجع السابق ص 33
الخاتــمة
من خلال هذا البحث الذي تناولنا فيه مهام المحافظ
العقاري والأخطاء التي ترتب مسؤوليته وكذا الآثار الناتجة عن تحقق هذه المسؤولية
،نستخلص أن المحافظ العقاري يتمتع بصلاحيات واسعة في ميدان البحث والتحري في صحة
العقود والقرارات وكل الوثائق المقدمة من أجل شهرها في المحافظة العقارية ، بشكل
يجعل البيانات المدونة بالسجل العقاري تعكس بصدق وضعية العقارات وأصحابها
القانونية .
ان هذه الصلاحيات تجعل من المحافظ العقاري موظف
من طبيعة خاصة ،حيث منح له المشرع بالإضافة الى ذلك مهمة متميزة لا يتمتع بها الا
من يتحلى بصفة القاضي ، وتتمثل في تفحص مدى التصرفات العقارية المبرمة ورفض إيداعها
على مستوى المحافظة العقارية ،اذا ثبت له عدم مشروعيتها أو مخالفتها للنظام العام والآداب
العامة ،واذا كانت القاعدة في مجال الوظيف العمومي أن الموظفين مرتبطين فيما بينهم
برابطة التبعية والخضوع الى أوامر الرئيس الإداري الذي له صلاحيات واسعة على أعمال
الموظف الأدنى درجة تمكنه من أن يحل محل مرؤوسه في إجراء عمل ما أو تعديله ،فانه
لايمكن تطبيق قاعدة ″من يملك الأكثر يملك الأقل″ في مجال اختصاصات المحافظ العقاري
لان مرجعها هو قانون الشهر العقاري وعلى اساسه يباشر المهام الموكلة اليه.
ان مهام المحافظ العقاري ،محفوفة بالمخاطر وحساسة
،ومن الطبيعي لذلك أن يقرر المشرع مسؤوليته عن الأخطاء الصادرة منه، وقد جعل
المشرع من خلال المادة 23 في
من الأمر 75/74 الولة تحل محل المحافظ العقاري في
تحمل المسؤولية الناتجة عن الأخطاء في قرارات وأخطاء المحافظ العقاري.
ان تقرير المسؤولية ،خاصة الشخصية يجعل المحافظ
العقاري حريصا في تأدية مهامه ، مما يدعم مبدئي القيد المطلق والقوة الثبوتية
المطلقة، ومن جهة اهرى توفر هذه المسؤولية الطمأنينة في عمل المحافظ العقاري بجعل
الدولة تحل محله في دفع التعويض للمتضرر .
ويمكن من خلال هذا البحث أن نقترح التدابير
التالية:
- ضرورة تحديث المحافظات العقارية ،باعتبارها
تمثل إحدى الآليات الأساسية ، والضرورية قي عملية الحفظ العقاري وذلك للقيام
بالمهام المنوطة بها قانونا بكل سرعة ودقة ،كتعميم استعمال الإعلام الآلي بوضع
شبكة واسعة تتضمن كل المعلومات الخاصة بالأطراف
والعقارات ، تربط بين المحافظات العقارية ، لحصول التنسيق فيما بينها ، وتبادل
المعلومات وكذا تمكين الجهات الوصية من الاطلاع على أعمالها.
-ضرورة النهوض بوظيفة المحافظ العقاري وترقيتها :
ان وظيفة المحافظ العقاري ، تتطلب منه أن يكون
ملما بجميع القوانين والتنظيمات التي تحكم مجال معاملات الأفراد، وتنظم الملكية
العقارية مع ضرورة الجمع بين الجانب القانوني والجانب التقني لها حتى يتمكن من إجراء
فحص كامل وشامل للوثائق المودعة ،ولترقية هذه الوظيفة نقترح :
-إعادة النظر في القوانين والتنظيمات ،التي يتم
بموجبها تعيين المحافظين العقاريين لا سيما المرسوم 92/116 الذي ركز على شرطي
الاقدمية والرتبة في عملية التعيين ، دون أن يأخذ بعين الاعتبار مستوى التحصيل
العلمي والقانوني ، والكفاءة وروح المسؤولية
لانه لايمكن تصور محافظ عقاري يشهر عقود يحتج بها عبر كامل التراب الوطني
،وهو لا يفرق بين الحق العيني الأصلي والتبعي.
- أن يكون تعيين المحافظ العقاري بناء على مرسوم
رئاسي ،مثل باقي الوظائف العليا في الدولة ، حتى يوفر له الحماية القانونية
الكافية عند ممارسة سلطاته والتصدي للضغوطات التي يمكن أن تمارس عليه.
-ضرورة تزويد المحافظين العقاريين بكل الإمكانيات
،والوسائل المادية التي من شانها أن تساهم في تكوين الأعوان ،بجميع مستوياتهم
ودرجاتهم ،لمواجهة المرحلة الراهنة التي يغلب عليها طابع الاستثمار ،وتحرير العمل
البنكي والبورصي.
- ان وظيفة
المحافظ العقاري لا تقتصر على شهر المحررات والعقود فقط ،بل ترغمه في بعض الأحيان
أن يكون مساعدا قضائيا ملزم بتقديم النصيحة ،وتقريب وجهات نظر الأطراف وإبرام
الصلح فيما بينهم ،ومن هذا المنطلق أضحت عملية التقارب والتشاور بين المحافظ
العقاري والقاضي ضرورية وملزمة بغية تبسيط المفاهيم القانونية الغامضة التي كثيرا
منها ما تكون على شكل قضايا مطروحة على الجهاز القضائي بجميع فروعه.مما يستوجب عقد
اتصالات دورية بين أجهزة القضاء والمحافظين العقاريين من أجل توحيد الرؤى في
المسائل ذات الاهتمام المشترك والمتعلقة بمجالات الحفظ العقاري ، وذلك للوصول الى
اجتهاد قضائي يعول عليه في حل الخلافات والإشكالات القانونية المطروحة .
- يستحسن كذلك على المشرع ،إحداث آليات قانونية
تجعل المحافظ العقاري يباشر مهامه تحت إشراف أحد القضاة ، مع تحديد التزامات كل
منهما أو جعل مهنة المحافظ العقاري يتولاها قاضي مثل ما هو معمول به في بعض الدول
، لان فحص مشروعية السندات العقارية تعتبر مسألة موضوعية يستحسن إدخالها تحت رقابة
القضاء لتدعيم الثقة في المعاملات العقارية.
-ضرورة تحديد الأخطاء التي يسال عنها المحافظ
العقاري عند مباشرته لمهامه ولو على سبيل المثال مثل بعض التشريعات لجعل المحافظ
العقاري أكثر حرصا عند مباشرته لمهامه.
الخطـــــة :
تمهيـــد
الفصل الأول:مفهوم المحافظة العقارية ودور المحافظ العقاري
المبحث الأول :المحافظة العقارية
المطلب الاول :مهام المحافظة العقارية
المطلب الثاني:أقسام المحافظة العقارية
المطلب الثالث:السلطة الوصية على المحافظة العقارية
المبحث الثاني:دور المحافظ العقاري
المطلب الأول :كيفية تعيين المحافظ العقاري
المطلب الثاني :سلطة المحافظ العقاري في رفض الإيداع
المطلب الثالث:سلطة المحافظ العقاري في رفض الإجراء
الفصل الثاني :الأخطاء الصادرة عن المحافظ العقاري وآثارها
المبحث:الأخطاء الصادرة عن المحافظ العقاري
المطلب الأول : الخطأ المرفقي للمحافظ العقاري
المطلب الثاني:الأخطاء الجسيمة للمحافظ العقاري
المطلب الثالث:الأخطاء المحاسبية للمحافظ العقاري
المبحث الثاني:النتائج المترتبة عن مسؤولية المحافظ العقاري
المطلب الأول :المسؤولية الإدارية على أساس الخطأ بوجه عام
المطلب الثاني:التزام الدولة بالتعويض
المطلب الثالث:دعوى الرجوع
الخاتمـــــة
قائمة المراجع :
1-جمال بوشنافة ،شهر التصرفات العقارية في
التشريع الجزائري ، دار الخلدونية طبعة 2006.
2- رامول
خالد، المحافظة العقارية كآلية للحفظ العقاري في التشريع الجزائري ، قصر
الكتاب2001.
3-معوض عبد التواب ،السجل العيني علما وعملا ،دار
الفكر العربي ، مصر 1978.
4-عبد
الحميد الشواربي ، إجراءات الشهر العقاري في ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف
الإسكندرية ، مصر 1999.
5-حمدي
باشا عمر ، مبادئ القضاء العقاري ، الطبعة الأولى ، دار العلوم للنشر والتوزيع ،
الجزائر -الأستاذة ليلى زروقي والأستاذ حمدي باشا عمر ، المنازعات العقارية ، دار
هومة الجزائر
7- بن
خضرة زهيرة ، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص ، 2006/2007.
8-محمد
حامد الجمل ، الموظف العام فقها وقضاء ، الطبعة الثانية 1969 ، دار النهضة العربية
.
9-منصور
ابراهيم العتوم ،المسؤولية التأديبية للموظف العام ، الطبعة الاولى 1984.
10-
بومدين مروان عائشة وبن هلال سفيان ، الشهر العقاري والتوثيق ،مذكرة نهاية الدراسة
لنيل شهادة الدراسات العليا في المالية –دفعة 91-95.
11-
الدكتور علي علي سليمان،النظرية العامة للالتزام ،مصادر الالتزام في القانون
المدني الجزائري ‘ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2003.
12- مجيد
خلفوني ،نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري، الديوان الوطني للاشغال التربوية
، الطبعة الأولى 2003.
13-القاضي
حسين عبد اللطيف ، أحكام الشهر العقاري ،الدار الجامعية للطباعة والنشر لبنان .
14-رياض
عيسى ،الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة ، المجلة القانونية الاقتصادية والسياسية
،العدد 02 لسنة1993.
15-عوابدي
عمار ،نظرية المسؤولية الإدارية ،دراسة تأصيلية وتحليلية ومقارنة ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،طبعة 1998.
16-عوابدي
عمار ،الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها .
17-صدقي
عمر ،شهر التصرفات العقارية في القانون الجزائري، بحث لنيل درجة الماجستير في
القانون،الجزائر 1983.
18-رشيد
خلوفي ،قانون المسؤولية الإدارية ،ديوان المطبوعات الجامعية 1993,
19-
المستشار أنور طلبة ،الشهر العقاري والمفاضلة بين التصرفات ،دار النشر للثقافة
لبنان 1998.
20-
يايمان محمد الطماوي ،القضاء الإداري،قضاء التعويض وطرق الطعن في الأحكام ،دار
الفكر العربي 1977.
21-كريمة
تاجر ،المسؤولية الشخصية للموظف العام ،بحث لنيل شهادة الماجستير في القانون
الإداري،جامعة الجزائر 1999.
مسؤولية المحافظ العقاري في القانون المغربي pdf
رقم المرجع العقاري
خدمة محافظتي
محافظتي خدمة إلكترونية جديدة لحماية الأملاك العقارية
محافظتي المغرب
موقع المحافظة العقارية بالمغرب
محافظتي شهادة الملكية
شهادة الملكية العقارية بالمغرب
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم