القائمة الرئيسية

الصفحات



الضبطية القضائية

الضبطية القضائية

الضبطية القضائية





مــقدمة
* الفصل الأول:نظام الضبطية القضائية
       المبحث الأول:أعضاء الشرطة القضائية.اختصاصهم.ومسؤوليتهم
               المطلب الأول:تعداد أعضاء الشرطة القضائية
                      الفرع الأول:أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص العام
                      الفرع الثاني:أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص الخاص
                      الفرع الثالث:سلطات الوالي ورجال القضاء في مجال الضبطية القضائية
              المطلب الثاني:اختصاصات ضباط الشرطة القضائية
                      الفرع الأول:الاختصاصات العادية
                      الفرع الثاني:الاختصاصات الاستثنائية
              المطلب الثالث:مسؤولية ضباط الشرطة القضائية
      المبحث الثاني:القواعد التي تحكم جهاز الضبط القضائي                       
              المطلب الأول:قواعد الاختصاص
              المطلب الثاني: قواعد الإشراف والتبعية
     المبحث الثالث:الرقابة القضائية على الضبطية القضائية
* الفصل الثاني:الضبطية القضائية والإجراءات
     المبحث الأول:الجريمة المتلبسة
             المطلب الأول:تعريف التلبس وحالاته
             المطلب الثاني:سلطات ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس
     المبحث الثاني:التحقيق الأولي والإنابة القضائية
             المطلب الأول:التحقيق الأولي
                    الفرع الأول:تعريف التحقيق الأولي وخصائصه
                    الفرع الثاني:المختصون قانونا بإجراء التحقيق الأولي

                    الفرع الثالث:إجراءات التحقيق الأولي بالنسبة للضبطية القضائية
            المطلب الثاني:الإنابة القضائية
                   الفرع الأول:تعريف الإنابة القضائية وخصائصها   
                   الفرع الثاني:من يصدر الإنابة القضائية ولمن توجه
                   الفرع الثالث:الأعمال التي تنفذ بموجب الإنابة القضائية
     المبحث الثالث:المحاضر وحجيتها في إطار الضبط القضائي
            المطلب الأول:تعريف المحضر وخصائصه
            المطلب الثاني:شكل المحضر
            المطلب الثالث:حجية المحضر
خـــاتمة

  
              لما كان وقوع الجريمة هو الذي ينشئ للدولة الحق في عقاب مرتكبيها , و لما كان اقتضاء هذا الحق هو العلة التي تقف وراء وجود التنظيم القضائي الجنائي , وراء إعطاء النيابة العامة – باعتبارها وكيلة عن المجتمع – حق تحريك الدعوى الجزائية ورفعها إلى القضاء و مباشرتها أمامه إلى حين صدور الحكم القضائي البات في موضوعها , بما يستلزمه كله من مساس بالحرية الفردية للمتهم و مساس بحرية مسكنه فضلا عن توجيه الإتهام إليه .
     و لما كان ذلك كله , ضروريا أن تكون ثمة مرحلة تسبق تحريك الدعوى العمومية تهدف إلى الإعداد بجمع العناصر اللازمة لتمكين النيابة العامة من تقدير ملاءمة تحريك الدعوى من عدمها تعرف المرحلة السابقة على تحريك الدعوى بمرحلة الإستدلال , و التي يمكن تعريفها بأنها مجموعة الإجراءات التي تباشر خارج إطار الدعوى العمومية و قبل البدء فيها بقصد التتبت من وقوع الجريمة و البحث عن مرتكبيها و جمع الأدلة و العناصر اللازمة للتحقيق.
     و يباشر هذه الإجراءات المكونة لمرحلة الإستدلال جهاز يتكون من موظفين عمومين خصهم القانون بتلك المهمة بإعتبارهم من معاوني سلطة التحقيق , و قد اصطلح على تسميته بجهاز الضبطية القضائية تميزا له عن الضبطية الإدارية .
    فالأول منوط به التحري عن الجرائم المرتكبة و البحث عن مرتكيبها و تعقبيهم , و لذلك فهو يعتبر من الأجهزة المساعدة للسلطة القضائية في أداء مهمتها , في حين تنحصر مهمة جهاز الضبطية القضائية في القيام بكل ما هو لازم لإحترام القانون و تحقيق الأمن و السكينة للمواطنين , فدوره إذن وقائي , و يترتب على ذلك أن نطاق الضبطية القضائية الوظيفي يتحدد بالمرحلة السابقة على وقوع الجريمة , بينما يبدأ نشاط الضبطية القضائية بعد وقوع الجريمة .
    فإذا كان جهازالضبطية القضائية جهاز مستقل وقائم بذاته منحه القانون اختصاصات أوسع من تلك الممنوحة لجهاز الضبطية الإدارية , فمن هم الموظفون .
   و إذا كانت القاعدة العامة أن الإجراءات التي تباشرها هذه الفئة من الأشخاص هي إجراءات الإستدلال, و ليست بإجراءات تحقيق – كون هذه الإجراءات لا تباشرها إلا سلطات التحقيق أصلا – إلا أن المشرع خول بعضا من رجال الضبط القضائي – القيام ببعض من إجراءات

التحقيق – استثناء فأورد القانون على سبيل الحصر لما فيها من تقييد لحرية المتهم و مساس بشخصيه , مما يجعل الرقابة على أعمال الضبطية القضائية , و ربط صحة هذه الأعمال  بشروط محددة قانونا كضرورة يلميها واجب حماية الحقوق و الحريات الشخصية .
فما هو تنظيم الشرطة القضائية و المهام المنوطة بها ؟
و ما هي الأعمال التي ينفذها أعضاء الشرطة القضائية تحت رقابة السلطة ؟ و غيرها من الأسئلة .
سنحاول الإجابة عن أسئلة الإشكالية معتمدين في ذلك على  المنهج الوصفي و المنهج التحليلي .و قد ارتأينا تقسيم موضوع هذا البحث إلى مقدمة عامة و فصلين :
الفصل الأول : نظام الضبطية القضائية
الفصل الثاني : الضبطية القضائية و الإجراءات


الفصل الأول: نظام الضبطية القضائية

      الضبط القضائي نظام معروف في التشريعات المعاصرة, و هو في أساسه وليد الضرورة, فالنيابة العامة لا تملك القدرة الفعلية على القيام بنفسها بالتحري عن الجرائم و جمع المعلومات عنها, و عن مرتكبيها, لذا دعت الضرورة إلى إنشاء جهاز يعاون النيابة العامة في عملها لتحقيق الدعوى العمومية و بالتالي يخلص لها من الوقت ما ينتج لها القيام بمهامها الأصلية و الخطيرة.
    و تتفق أغلب التشريعات على إناطة مهمة القيام بإجراءات التحريات إلى أجهزة بوليسية  تنشأ و تكون خصيصا لهذا الغرض و تتولى مهمة مساعدة جهاز العدالة , يصطلح على تسميتها بأجهزة الضبطية القضائية أو الشرطة القضائية , و تعد هذه الأجهزة صاحبة الاختصاص الأصيل لمهام الضبط القضائي .
    و أجهزة الضبط القضائي تتكون من طائفة من رجال الشرطة حددت بموجب القانون من بين رجال الشرطة الذين على اختلاف رتبهم و وظائفهم يعتبرون من رجال الضبط الإداري.
    و رجال الشرطة المنوط بهم القيام بأعمال الضبط القضائي يباشرون الأعمال المهيأة لافتتاح الدعوى من قبل النيابة العامة , و قد أضيف لهم أشخاص آخرون , و إن لم يكونوا من رجال الشرطة , إلا أنهم بحكم وظائفهم يختصون بأعمال الضبط القضائي[i]   
    و قد عنى قانون الإجراءات الجزائية بوظيفة الضبط القضائي التي يبدأ دورها في جمع الإست دلالات بوقوع الجريمة نظرا لضرورتها للنيابة العامة للفصل في ملف القضية سواء بحفظها أو بتحريك الدعوى العمومية[ii].
    و للإلمام بنظام الضبط القضائي , يلزم أن نبين من لهم صفة الضبط القضائي , سواء ذوي الإختصاص العام أو الخاص و كذا السلطات التي خول لها القيام ببعض مهام الضبط القضائي من سلطة إدارية أو قضائية , مع بيان كيفية تعيينهم .
المبحث الأول: أعضاء الشرطة القضائية. اختصاصاتهم و مسؤوليتهم
     أعضاء الشرطة القضائية موظفون عموميين مذكورون على سبيل الحصر أكسبهم القانون صفة الضبطية القضائية إلى جانب عملهم الأصلي المتمثل في الضبط الإداري .


 فمعظم رجال الشرطة القضائية هم رجال لضبط الإداري , و هم يجمعون بين الصفتين و يباشرون كلتا الوظيفتين حسبما يقتضي الحال و ينقسم أعضاء الشرطة القضائية إلى :
- أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص العام.
- أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص الخاص .
المطلب الأول: تعداد أعضاء الشرطة القضائية
الفرع الأول:  أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص العام
    يشمل هذا الصنف طائفتين هما : ضباط الشرطة القضائية , و أعوان الشرطة القضائية و على الرغم من أن ضباط الشرطة القضائية و أعوانها يشتركون في المهمة الموكلة إليهم في إطار إجراء التحريات إلا أنه يبقى ضروريا اعمال التفرقة بينهما , نظرا لما يمتاز به الضباط من اختصاص أوسع في الحالات الاستثنائية إضافة إلى العادية .
    و على أية حال فإن قانون الإجراءات الجزائية قد حدد قائمة الضباط في المادة 15 منه, و كل من يخرج من فئة الضباط يدخل ضمن فئة الأعوان وفق ما هو مقرر في المادة 19 من القانون ذاته, و سنتناول في الفئتين على النحو التالي :
1- ضابط الشرطة القضائية:
    هم عبارة عن موظفين رسمين أطلق المشرع عليهم التسمية, و هذا يعني أنهم ليسوا هيئة متميزة و مختصة بل هي ذات صفات منحت لعدد من الموظفين الآخرين , الشيء الذي يجعلنا نقول و بصيغة أخرى أن صفة الضبطية هي صفة إضافية يتمتع بها هؤلاء الأشخاص فوق
اختصاصاتهم الرسمية و يعتبر هذا عيبا قضائيا و ثغرة تفقد بها الجهة القضائية استقلالها , ذلك أن مركز الضابط هذا قد يؤدي إلى نزاع الوظيفة الأصليةلرجال الضبطية و مالها من سلطات تدريجية رئاسية و الوظيفة الثانية و هي الإضافية و ما لرجال النيابة من سلطات توجيهية خلالها, و لقد حددت المادة 15 من ق إ ج من يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية أنه « يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية
1- رؤساء المجالس الشعبية البلدية
2- ضباط الدرك الوطني .oficier de la gendarmeri
3- محافظو الشرطة .commisaire
4- ضباط الشرطة .oficier de la police
5- ذوو الرتب في الدرك, و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل, و الذين تم تعينهم بقرار مشترك صادر عن وزير العدل, ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة اللجنة الخاصة.
6- ضباط أو الضباط الصف التابعين للأمن العسكري الذين تم تعينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع الوطني ووزير العدل.
- يحدد تكوين اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة و تسييرها بموجب مرسوم ».
- يتضح من خلال نص هذه المادة أن هناك ثلاث أصناف ممن يتمتعون بصفة ضابط الشرطة القضائية.
الصنف الأول: و يضم رؤساء المجالس الشعبية البلدية, ضابط الدرك الوطني و محافظو الشرطة, و ضباط الشرطة, و هؤلاء لا يشترط فيهم أي شرط سوى تمتعهم بهذه الصفة دون مراعاة الأقدمية أو شكليات أخرى, فهم إذا يعتبرون ضباطا للشرطة القضائية بحكم القانون.
   و نشير هنا أن رئيس المجلس الشعبي البلدي حتى و لو عد من ضباط الشرطة القضائية المذكورين على سبيل الحصر في المادة 15/1 إلا أنه مخير بين القيام بإجراءات التحريات جوازا و بين تكليف رجل من رجال الضبطية القضائية بذلك , فممارسة هذا العمل بالنسبة إليه جوازي عكس الفئات المتبقية و المنصوص عليها في المادة نفسها فهي ملزمة بالقيام بأعمال البحث و التحري , و يسألون عن عدم القيام بها أو الإهمال في ممارستهم لها .
   و لم يكن قانون الإجراءات الجزائية السابق يمنح رؤساء المجالس الشعبية البلدية صفة مأموري الضبط القضائي, حتى جاء تعديل سنة 1982, حيث خول لهم هذه الصفة و ذلك في المادة 15/6 من هذا القانون المعدل، كما جاء في القانون رقم 85/06
الصنف الثاني:و يتكون من ذوي الرتب في الدرك و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و الذين تم تعينهم بقرار مشترك صادر عن وزير العدل
ووزير الدفاع الوطني تم مفتشو الأمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل و عينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية بعد


موافقة لجنة خاصة و قد اشترط القانون في هذه الفئة ثلاثة شروط لكي تتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية و هي:
1- أن يكون المعني بالأمر قد قضى ثلاث سنوات على الأقل في الخدمة.
2- أن توافق اللجنة الخاصة على قبوله.
3-أن يمنح هذه الصفة بقرار مشترك بين الوزارتين المعنيتين.
الصنف الثالث: يتكون من ضباط, ضباط الصف تابعين للأمن العسكري الذين تم تعينه خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل وزير الدفاع الوطني دون الأخذ بعين اعتبار بأي معيار آخر كالأقدمية و موافقة اللجنة الخاصة2.
    و تجدر الإشارة إلى أن القانون عندما حدد طوائف الموظفين المخولين صفة ضابط الشرطة القضائية اشترط أن يكون ذلك التخويل وفقا للقانون – سواء كان بصفة مباشرة بإصباغه تلك الصفة أو بتخويله هذه المكانة التقنية للوزرين المختصين -.
    و إذا كان القانون قد أورد تعداد ضابط الشرطة القضائية على سبيل الحصر فإن التعديل في هذا التعداد سواء بالإضافة أو بالحذف يجب أن يكون بقانون أيضا و هذا يعد ضمانا قويا للحقوق و الحريات الفردية لأن التوسع في منح هذه الصفة من شأنه أن يقلل من ضمانات المشتبه فيه لصعوبة التحكم في تكوينهم و معرفتهم نظرا لسلطاتهم الواسعة التي تتصرف في جميع الجرائم, ما يتصل بحرية الأفراد.

2-أعوان الشرطة القضائية:

حدد قانون الإجراءات الجزائية أعضاء الشرطة القضائية الذين يتمتعون بصفة عون الشرطة القضائية و ذلك في المادة 19 منه حيث جاء أنه : «يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة و ذوو الرتب في الدرك الوطني , و رجال الدرك و مستخدمو الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية» من خلال نص هذه المادة , و المهيآت التي ينتمي إليها هؤلاء الأعوان يمكن تصنيفهم إلى صنفين:
الصنف الأول: موظفو مصالح الشرطة أي أعوان الأمن الوطني الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية.


الصنف الثاني: ذوو الرتب في الدرك الوطني و رجال الدرك أي ضباط الصف الذين ليست لهم صفة ضابط الشرطة القضائية.
    و ضباط الصف هم العسكريون الذين يحملون رتبة رقيب ( دركي ) , رقيب أول مساعد و مساعد أول , و هؤلاء قد تلقوا تكوينا مهنيا أكسبهم هذه الصفة , ولا يعتبر رجال الصف الذين هم من رتبة عريف أو عريف أول من ضباط الصف و ذوي الرتب الذين يتمتعون بصفة الضبط القضائي ( ضابط أو عون ) لأن هذا الصنف من رجال الدرك يختص أساسا في مهام حفظ النظام و يعرفون بالدركيين الأعوان, إن هذه الطوائف تباشر أعمالها في إطار اجراءات التحريات بالنسبة لجميع الجرائم و ذلك تحت إشراف ضباط الشرطة القضائية لذلك فإن دور هذه الفئة ينحصر في معاونة فئة الضباط و تلبية طلباتها و فق ما هو مقرر في المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية .
    و لعل السبب في ذلك أن عون الشرطة القضائية يكون عادة قليل الخبرة و المعرفة القانونية و ليس لديه من الكفاءة المطلوبة و الصفات التي تؤهله للقيام بإجراءات التحريات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية.
    و الفرق بين ضباط الشرطة القضائية و أعوان الضبط القضائي في الأهمية التي تتجلى فيما يلي:
1- الإنابة القضائية لا تكون إلا لضباط الشرطة القضائية دون الأعوان .
2- ضباط الشرطة القضائية لهم و حدهم سلطة حجز الشخص تبعا لمقتضيات التحقيق الأولي.
3- خص القانون ضباط الشرطة القضائية ببعض السلطات في حالة التلبس في جرائم الجنح و الجنايات.
4- يملك ضابط الشرطة القضائية مساعدة القوة العمومية في حالة التلبس .
5- رغم أن غرفة الاتهام تراقب الضبط القضائي فإن ضباط الشرطة القضائية , وحدهم الخاضعون للمساءلة الإدارية أمامها فضلا عن مساءلة الجهة التي يتبعونها ، أما أعوان الضبط القضائي فيخضعون للمراقبة من رؤسائهم التدريجيين  .



الفرع الثاني:أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص الخاص
        قد يعجز أصحاب الاختصاص الأصيل من ضباط و أعوان الشرطة القضائية المنوط بهم مباشرة إجراءات التحريات عن مكافحة الظاهرة الإجرامية مما استدعى إنشاء أجهزة إضافية للتخفيف من ذلك لعبئ الملقى على عاتق أعضاء الشرطة القضائية ذوي الاختصاص العام ( الضابط و الأعوان ) , و من أجل ذلك عمل المشرع على إيجاد فئة أخرى من الموظفين و الأعوان العاملين في بعض القطاعات و خول لهم مهمة الضبط القضائي في إطار إجراء التحريات طبقا لما ورد في المادة 14 من قانون الإجراءات الجزائية و هؤلاء الأشخاص يكون اختصاصهم مقصورا على جرائم معينة تحددها لهم طبيعة وظائفهم , و هي الحكمة التي لأجلها أصبغ القانون عليهم و على الهيآت التي ينتمون إليها كيانا خاصا يميزهم عن غيرهم  .
    و لا يمكن اعتبار موظف مأمور من مأموري الضبطية القضائية إلا بقانون, و لا يكفي لذلك قرار وزاري لأن بعض المصالح الإدارية قد تميل إلى الإكثار من تخويل موظفيها صفة مأموري الضبطية القضائية فتصبح هذه الصفة القاعدة بالنسبة لجميع الموظفين بدلا من تكون الاستثناء.
   و لقد حدد القانون الإجراءات الجزائية هذا الصنف من الموظفين و الأعوان في المواد من 21 إلى 27.
   و باستقراء هذه النصوص يمكن لنا أن نقسم هذه الفئة من أعوان الشرطة القضائية الى صنفين:
الصنف الأول:الموظفون و الأعوان المختصون في الغابات و حماية الاراضي و استصلاحها   
  لقد حدد المشرع هذا الصنف و بين اختصاصاته في المواد 21 الى 25 من قانون الإجراءات الجزائية , فجاء في المادة 21 : « يقوم رؤساء الأقسام و المهندسون و الأعوان الفنيون و التقنيون المتخصون في الغابات و حماية الأراضي و استصلاحها بالبحث و التحري و معاينة جنح و مخالفات قانون الغابات و تشريع الصيد و نظام السير و جميع الأنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة و إثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة ».
  و كما يتضح من هذا النص فإن مجال عمل هذا الصنف من أعضاء الشرطة القضائية ينحصر من الناحية النوعية على مجرد البحث و التحري على الجنح و المخالفات التي يرتكبها

الأشخاص إخلالا بالأحكام القانونية و التنظيمية التي تحكم وظيفتهم و إثبات تلك الجنح و المخالفات في محاضر فلا يتعدى اختصاصهم إلى جرائم أخرى .
   و من هؤلاء الموظفين و الأعوان الذين يدرجون تحت هذا الصنف نجد المهندسين و رؤساء الأقسام و الأعوان التقنين و التقنين المختصين في المياه و الغابات و مخالفات الصيد و نظام السير و حراس الأراضي الزراعية.
   و يجب أن لا يتبادر إلى الذهن أن المشرع يعتبر أعضاء هذا الصنف بمثابة ضباط الشرطة القضائية , بل هم أعوان لا غير , و هذا ما يستفاد من نصوص المواد 25.24.23.22 من قانون الإجراءات الجزائية التي تتضمن إلزام هؤلاء الموظفين الأعوان بتنفيذ مهامهم في إطار التحريات و تسليم محاضرهم إلى ضباط الشرطة القضائية باعتبارهم أعوان الشرطة القضائية.
الصنف الثاني: الموظفون و أعوان الإدارات و المصالح العمومية
    حدد المشرع أعضاء هذا الصنف من أعضاء الشرطة القضائية في المادة 27 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه: « يباشر الموظفون و أعوان الإدارات و المصالح العمومية بعض سلطات الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفق الأوضاع و في الحدود المبينة لتلك القوانين, و يكونوا خاضعين في مباشرة مهام الضبط القضائي الموكلة إليهم لأحكام المادة 13 من هذا القانون».
    و هؤلاء الموظفون و الأعوان الذين يتمتعون بصفة عون الشرطة القضائية و الذين يدرجون تحت هذا الصنف منصوص عليهم في قانون الصيد, قانون المياه, قانون حماية البيئة , قانون الأسعار , قانون الجمارك , قانون الضرائب .
    و ما يمكن الإشارة إليه أن المشرع عند ما خول هذا الصنف من أعضاء الشرطة القضائية صلاحيات القيام بإجراءات التحريات التي تندرج ضمن مهام الضبط القضائي فإنه أخصها بموجب المادة 27/2 من قانون الإجراءات الجزائية إلى أحكام المادة 13 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه: « و إذا ما افتتح التحقيق فإن على الضبط القضائية تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها», و هم بذلك يتمتعون ببعض صلاحيات ضباط الشرطة القضائية ذوي الاختصاص العام المذكورين في المادة 15 من قانون الإجراءات


الجزائية و إن كانت صفة «ضابط الشرطة القضائية» الممنوحة لهم مقصورة على جرائم محددة تحددها النصوص القانونية و التنظيمية التي تحكم الهيئة التابعيين لها.

الفرع الثالث: سلطات الوالي ورجال القضاء في مجال الضبطية القضائية

    إذا كان المبدأ العام أن إجراءات التحريات يباشرها أشخاص مؤهلون قانونا و مكونون خصيصا لذلك الغرض باعتبارها تندرج ضمن مهامهم الأصلية في ظل جهاز يدعى الشرطة القضائية فإنه يمكن و بصفة استثنائية و جوازيه منح بعض السلطات سواء كانت تابعة للجهاز القضائي أو للجهاز الإداري القيام ببعض مهام الضبط القضائي رغم عدم انتمائهم لجهاز الشرطة القضائية و دون أن تكون لها صلاحيات القيام بإجراءات التحريات التي يجريها أعضاء الشرطة القضائية بصفة أصلية.
1- سلطات الوالي:
    يعتبر الوالي من مأموري الضبط القضائي إلا أنه أقلهم صلاحيات و أكثر رجال الضبطية القضائية تقيدا حيث لم يمنح تلك الصفة إلا في الأحوال استثنائية محددة جدا و مقيدة و قد أعطت المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية للوالي سلطة مباشرة الضبط القضائي في حالات محددة حيث تنص على أنه: « يجوز لكل والي في حالة وقوع جناية أو جنحة ضد أمن الدولة و عند الاستعجال فحسب, إذا لم يكن قد وصل إلى علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث أن يقوم بنفسه باتخاذ الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات و الجنح الموضحة آنفا أو يكلف بذلك كتابة ضباط الشرطة القضائية المختصين.
   و إذا استعمل الوالي هذا الحق المخول له فإنه يتعين عليه أن يقوم فورا بتبليغ و كيل الجمهورية خلال 48 ساعة التالي لبدء هذه الإجراءات و أن يتخلى عنها للسلطة القضائية و يرسل الأوراق لوكيل الجمهورية و يقدم له جميع الأشخاص المضبوطين.
- يتعين على كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية تلقي طلبات من الوالي حال قيامه بالعمل بموجب الأحكام السابقة و على كل موظف بلغ بحصول الأخطار طبقا لهذه الأحكام ذاتها أن يرسل الأول هذه الطلبات و أن يبلغ الثاني هذه الإخطارات بغير تأخير إلى وكيل الجمهورية».
   و بناء على ما جاء في نص المادة 28 من قانون الإٌجراءات جزائية يكون للوالي سلطات الضبط القضائي في الحالات و ضمن الشروط التالية:

1- أن تكون هناك جريمة ( جناية أو جنحة ) ضد أمن الدولة, و بالتالي يخرج من اختصاص الوالي الجرائم غير المتعلقة بأمن الدولة.
2- أن يكون هناك استعجال فإذا فقد هذا الوصف فإنها تبقى من اختصاص مأموري الضبط القضائي الاصليين
3- ألا تكون السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث و إن علمها – أي النيابة أو الضبطية القضائية – يسقط على الوالي تلك الصفة و تنزع منه تلك الصلاحيات مادام قد علم بذلك لأن القانون اشترط لمباشرته هذا الحق أن لا يكون قد وصل الى عمله أن السلطة القضائية قد علمت بالحادث  .
4- أن يتخلى عن هذه الإجراءات لسلطة القضائية خلال 48 ساعة التالية , و أن يرسل بتلك الأوراق كلها لوكيل الجمهورية , و أن يقدم له جميع الأشخاص المضبوطين .
   هذه هي الشروط التي يجب ويتعين على كل وال قد باشر سلطات الضبط القضائي طبقا للمادة 28 من ق ا ج ان يحترمها,و يتعين على كل ضباط من الشرطة القضائية تلقى طلبات من الوالي طبقا لهذه المادة,و كذا كل موظف بلغ بحصول الاخطار طبقا لهذه الاحكام ذاتها ان يرسلها و يبلغها بغير تاخير الى وكيل الجمهورية.
    فإذا توافرت هذه الشروط الاربعة امكن للوالي القيام بسلطات الضبط القضائي في اطار اجراء التحريات,و عليه ان يبلغ وكيل الجمهورية في مهلة لا تزيد عن 48 ساعة بدء من اول اجراء يباشره الوالي , أو ضابط الشرطة القضائية الذي يكلفه .
    و الجدير بالذكر أن الوالي رغم منحه بعض السلطات في مجال الضبط القضائي فهو لم يكن و لن يصبح من ضباط الشرطة القضائية , و لا يخضع لإشراف النائب العام و لا لرقابة الإتهام تفاديا للإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات و الوظائف , كما أن حصر اختصاصه في الجرائم ضد أمن الدولة يرجع الى كونه محاط بمصالح الأمن , غير أن المتمعن بدقة في النصوص القانونية , و الناظر لمهام النيابة يجد أن إطفاء صفة مأمور الضبطية القضائية عليهم ليس بالأمر المستبعد و هذا انطلاقا من المادة 12في فقرتها الأولى التي تسند مهمة الضبط القضائي لرجال القضاء و الضباط  و الأعوان و كذلك المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية بالنص على أن : « الدعوى العمومية يباشرها رجال القضاء أو الموظفين المعهود

إليهم بمقتضى هذا القانون , فوكلاء الدولة و أعضاء النيابة يعدون من رجال القضاء , و عبارة رجال القضاء الواردة في المادة 12/1 و المادة 1/1 من قانون الإجراءات الجزائية استعملها أيضا المشرع في القانون الأساسي للقضاء الصادر بمقتضى الأمر رقم 69/27 المؤرخ في 13 ماي 1969 حيث تضمنت مادتها الاولى مايلي:"قضاة النيابة وقضاة التحقيق وقضاة الحكم" كما يفهم ذلك من المادة 36من ق.ا.ج التي تنص على انه:"يقوم وكيل الدولة بتلقي المحاضر و الشكاوي والبلاغات ويقرر ما يتخذ بشانها و يباشر بنفسه او يامر باتخاد جميع الاجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المقررة و المتعلقة بقانون العقوبات و المتمعن في هذه المادة يرى أن هذه الأعمال هي أعمال الضبطية القضائية الموضحة في المادتيين 12و 13 من قانون الإجراءات الجزائية.
    و ما يستلزم القول بهذا أيضا نص المادة 56 من قانون الإجراءات الجزائية  «  ترفع يد المأمور الضبط القضائي على التحقيق بوصول وكيل الدولة لمكان الحادث , و يقوم و كيل الدولة بإتمام جميع أعمال الضبطية القضائية في مجال التحقيقات»  , , و من هنا يتضح أنه لو لم يكن وكيل الدولة صاحب صفة ضبطية قضائية فكيف يستطيع أن يتم عمل المأمور الضبط القضائي المخالف له في الصفة ؟  و كيف يعتبر ذلك إتماما و إكمالا لعمله ؟ .
   و عليه يمكن القول بأن أعضاء النيابة هم رجال الضبطية و بالتالي فهم يتبعون الجرائم بعد وقوعها , و لكن مع هذا لا يمكن إضفاء عليهم صفة الضبطية الإدارية أي الضبطية المانعة للجريمة .
2- قضاة التحقيق :
     إن قاضي التحقيق أصلا هو من القضاء الجالس و مهمته الأساسية هي إصدار الأوامر و هذا ما قصرته عليه بعض التشريعات دون منحه سلطة الضبطية القضائية بينما فعندما يصل الى علمه أن جريمة ضد أمن الدولة قد ارتكبت فإنه يبادر الى إخطار و تبليغ المصالح التي تتدخل لمبادرة الإجراءات اللازمة لذلك .




3- سلطات رجال القضاء :
   إذا كان المشرع لا يدرج رجال السلطة القضائية ضمن التعداد الوارد في المادة 14 من قانون الإجراءات الجزائية الخاص بأعضاء الشرطة القضائي, و لا حتى في المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائيةالتي نصت على قائمة الأشخاص الذين يتمتعون بصفة ضباط الشرطة القضائية, فإن ذلك لا يمنع رجال الشرطة من القيام ببعض سلطات الضبط القضائي مادام المشرع قد خول لهم ذلك فلقد جاءت المادة 12/1 قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه:   « يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء و الضابط و الأعوان و الموظفون.
   و المتمعن في نصوص قانون الإجراءات الجزائية لا يجدها تمنح صراحة قضاة النيابة و قضاة الحكم و قضاة التحقيق صفة الضبطية القضائبة حتى لا يقع خلط و لبس في الوظائف, لأن اعتبار أعضاء السلطة القضائية كذلك – أي من رجال الشرطة القضائية يؤدي الى الإخلال بمبدأ الفصل في الخصومة بين السلطات
   و في هذا الصدد يوجد فرق بين وكلاء الدولة و أعضاء النيابة من جهة و قضاة التحقيق من جهة أخرى , أما عن قضاة الحكم فهم مجسدين فعليين للقضاء الجالس الذي مهمته الفصل في الخصومة .
4- وكلاء الدولة و أعضاء النيابة:
    هذه الفئة من رجال القضاء لم يمنحها القانون صفة ضباط الشرطة القضائية, و ذالك و حتى يجتنب أعضاء النيابة العامة الخضوع في نشاطهم كرجال ضبطية قضائية لرقابة غرفة الإتهام حسبما تنص عليه المادة 12 قانون الإجراءات الجزائية على أنه: »« يتولى و كيل الدولة إدارة الضبط القضائي و يشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس و ذلك تحت رقابة غرفة الإتهام بذلك المجلس ».
    نجد البعض الآخر وسع من صلاحيته و جعل من ضمن تلك الصلاحيات استطاعته القيام بمهام الضبطية القضائية.
   أما القانون الجزائري فلم ينص صراحة على إضافة صفة الضبطية القضائية على قضاة التحقيق, و لم يذكره من ضمن مأموري الضبطية القضائية كما فعل بالنسبة لغيره حين نص في المادة 15 قانون الإجراءات الجزائية و لكن الدارس لمهام قاضي التحقيق و اختصاصاته, و

المتمتعن لشروط مباشرته للتحقيق يجد أنه قد خول له بعض مهام.  مأموري الضبط القضائي فالمادة 12/1 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه : « يقوم بمهمته الضبط القضائي رجال القضاء و الضباط و الأعوان»  , تحمل في طياتها أن قاضي التحقيق معني و مطالب بالقيام بتلك المهام لأنه يعتبر قاضيا , و كذلك المادة 38/1 قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن : «يناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث و لا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق  و إلا كان ذلك الحكم باطلا » كما تنص المادة 60 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه : «  إذا حضر القاضي التحقيق الى مكان الحادث فإنه يقوم بإتمام أعمال ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليها في هذا الفصل .و له أن يكلف أحد ضباط الشرطة القضائية بمتابعة تلك الإجراءات و يرسل قاضي التحقيق عند انتهاء الإجراءات أوراق التحقيق الى وكيل الجمهورية ليتخذ اللازم بشأنها » .
    فمن خلال هذه المواد يتضح أن لقاضي التحقيق نفس الصلاحيات و السلطات الممنوحة لضباط الشرطة القضائية في سبيل القيام بمهام الضبط القضائي و إجراء التحريات , و إن كانت سلطاته هذه تقل أهمية عن سلطاته الأصلية كقاضي للتحقيق القضائي الإبتدائي فقاضي
التحقيق لا يجوز له مباشرة التحقيق القضائي إلا بموجب طلب افتتاحي صادر من وكيل الجمهورية وفقا لما نصت عليه المادة 60/4 من قانون الإجراءات الجزائية أما قبل
توجيه هذا الطلب إليه فإن أعماله تعد بمثابة إجراءات تدخل ضمن مرحلة التحريات لأنه إذا وجد في هذه المرحلة و باشر أي عمل منها جاز له ذلك , و في ممارسته يعتبر قد مارس بعض مهام الضبطية القضائية.
المطلب الثاني: إختصاصات ضباط الشرطة القضائية
الفرع الأول: الإختصاصات العادية للضبطية القضائية
     لقد حدد المشرع في قانون الإجراءات الجزائية مهمة ضابط الشرطة القضائية وواجباته المكلف بها أثناء تأديته وظيفته في الأحوال العادية  و يتضح ذلك جليا من خلال نص المادة 17/1 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه : « يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات الموضحة في المادتين 12و 13 و يتلقون الشكاوى و البلاغات و يقومون بجمع الإستدلالات و إجراء التحقيقات الإبتدائية».

   لكن و نظرا للظروف الطارئة للبلاد , تم بتعديل 1995 إتمام المادة 17/1 من قانون الإجراءات الجزائية فأصبحت كالتالي : « يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات الموضحة في المادتين 12 و 13 و يتلقون الشكاوى و البلاغات و يقومون بجمع الإستدلالات و إجراء التحقيات الإبتدائية و يمكن لضباط الشرطة القضائية بناء على رخصة من النائب العام لدى المجلس القضائي المختص اقليميا أن يطلبوا من أي عنوان أو لسان أو سند إعلامي نشر إشعارات أو أوصاف أو صور تخص أشخاصا يجري البحث عنهم أو متابعتهم لإرتكابهم جرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخربية»  .
    و هذه السلطات العادية يقوم بتنفيذها ضباط الشرطة القضائية و تحت إشرافه عون الشرطة القضائية , و كذلك من لهم صفة الضبط القضائي – ذو و الإختصاص الخاص – و الواردة  ذكرهم في المادة 27 من قانون الإجراءات الجزائية بالإضافة الى ما نص عليه من سلوكات و اختصاصات أخرى في القوانين التي منحهتم  هذه نصفته و من المهام العادية لضباط الشرطة القضائية :
1- البحث و التحري عن الجرائم .
2- جمع الأدلة .
3- تلقي البلاغات و الشكاوي .
4- تحرير محضر بإجراءات الإستدلال .
5- ضبط المنقولات المختلفة بعيدا عن المنازل عن الحيازة أصحابها .
6- ندب الخبراء .
الفرع الثاني: الإختصاصات الإستثنائية للضبطية القضائية
    القاعدة العامة أن اختصاصات الضبطية القضائية تنحصر في جمع الإستدلالات و لا تمتد الى التحقيق ذلك أن التحقيق هو تحريك للدعوى العمومية إذا تبدأ بأول إجراء من إجراءاته و عليه كان طبيعيا أن يكون الإختصاص بالتحقيق هو فقط للسلطة التي تملك الدعوى العمومية و هي النيابة العامة.


    غير أن المشرع راعى أن الضبطية القضائية هي جهاز يعاون النيابة العامة في تحقيق مهمتها بغية الوصول الى الحقيقة , فزود رجالها بجانب من سلطة التحقيق يباشرونها على سبيل الإستثناء في أحوال معينة , ووجه الإستثناء أن المهمة الأساسية لسطة الضبط القضائي هي جمع الإستدلالات لا جراء التحقيق و كان الأصل أن يقتصر نشاط رجالها على عملهم الأساسي , و أن يحال بينهم و بين مباشرة أي عمل من أعمال التحقيق لذلك راعى المشرع في اختيار أفرادها شروطا معينة تتناسب مع خطورة دورهم , أهمها الحيطة و القدرة الفنية على ادارة التحقيق كما حرص على حصر هذا الإستثناء أضيق الحدود و احاطه بعديد من الضمنات.
    و كل هذا الحرص يرجع لما في اجراءات بببب من معنى الاعتداء على حرمة شخص المتهم او حرمة مسكنه.
    و يستمد رجال الضبط القضائي سلطتهم في مجال التحقيق اما بنص القانون مباشرة,او بقرار يصدره القائم اصلا بالتحقيق و الاختصاصات الاستثنائية لضبطية القضائية المستمدة من القانون تتمثل في حالة التلبس, اما التي تكون بقرار يصدره القائم اصلا بالتحقيق فهي حالة الندب.

المطلب الثالث: مسؤولية ضباط الشرطة القضائية

    إن القانون يحمي ضباط الشرطة القضائية للقيام بمهامه و في نفس الوقت يقرر مسؤوليته عما يمكن أن يصدر عنه من أخطاء مهنية أو ارتكابها لفعل يجرمه القانون:
    لذلك فإن ضابط الشرطة القضائية و رجل الأمن عموما يكون مسؤولا مسؤولية تأدبية و جنائية و مدنية مما يقوم به من أفعال قد تؤدي الى الأضرار بحقوق و حريات المواطن جراء التعسف في استعمال القانون أو مخالفته:
* إذا ارتكب خطأ مهنيا جسيما .
* إذا اقترف جريمة جنائية.
1- المسؤولية التأديبية ( الخطأ المهني الجسيم ) : أثناء ممارسة مهامه قد يرتكب ضابط الشرطة القضائية التابع للدرك الوطني خطأ مهنيا ينتج عنه ضرر للغير , فيكون المخطئ مسؤولا تأديبية , و يقصد بالغير هنا الأشخاص الطبعيين أو المعنويين الذين لحقهم ضرارا ماديا أو معنويا نتيجة الخطأ المرتكب . يتعرض للجزاءات التأديبية المقررة في نظام الخدمة في

الجيش و اللوائح التنظيمية و النصوص القانونية و تلك الجزاءات تندرج تبعا لدرجة خطورةالخطأ و تبدأ بالإنذار – التوبيخ- التوقيف البسيط – التوقيف الشديد التقديم أمام مجلس التحقيق – أو مجلس التأديب – الشطب من صفوف الدرك  الوطني, أما ضابط الشرطة القضائية التابع لمصالح الأمن الوطني  فيتعرض للإجراءات المقررة في النصوص التشريعية  و التنظيمية التي تحكم هذا الجهاز و لا سيما المرسوم التنفيذي 91-524 المؤرخ في 25 ديسمبر 1991 المتضمن القانون الأساسي الخاص بموظفي الأمن الوطني .
   و تقسم العقوبات التأديبية الى ثلاثة درجات تشمل الدرجة الأولى الإنذار الشفوي و الإنذار الكتابي و التوبيخ و التوقيف عن العمل من يوم الى ثلاثة أيام و تشمل الدرجة الثانية التوقيف عن العمل من 4 الى 8 أيام و الشطب من جدول الترقية .
   أما الدرجة الثالثة فتشمل النقل الإجباري و التنزيل في الرتبة و الفصل مع الإشعار المسبق و التعويضات و الفصل بدون إشعار مسبق ولا تعويضات
2- المسؤولية الجنائية : ( ارتكاب جناية ) : اذا كان ضباط الشرطة القضائية جناية أثناء ممارسة و ظيفته أو بمناسبة ممارستها و حتى أثناء العطل يتابع قضائيا , فمن يفشي سرالمستند ناتج عن التفتيش أو ينتهك حرمة منزل أو يتعدى على حرمة شخص بحبسه أو القبض عليه في غير الحالات القانونية ...الخ يخضع لتحقيق من طرف محقيقين حياديين و يحال أمام  القضاء المختص ( القضاء العسكري بالنسبة للدرك الوطني و القضاء العادي بالنسبة لإعضاء الأمن الوطني) وذلك مع مراعاة الاجراءات التنظيمية الخاصة بكل هيئة كضرورة اصدار امر المتابعة من طرف قائد الهيئة او السلك الذي ينتمي اليه مرتكب الجريمة.يتولى القائد المؤهل الامر بتقديم من ارتكب جريمة من مرؤوسيه امام العدالة ليحاكم ويعاقب .ولا يمكن لضابط الشرطة  القضائية أن يبرر ارتكاب الجريمة بكونه تلقى أمرا من رؤسائه , فالأوامر الصادرة عن الرؤساء لا تكون عذرا قانونيا مبرار اذا كانت غير قانونوية .
3- المسؤولية المدنية : يكون ضباط الشرطة القضائية و كل موظف مسؤولا مسؤولية مدنية عن الأضرار المادية و المعنوية التي يمكن أن تنتج عن الأفعال التي يرتكبها خارج حدود الشرعية الإجرامية و كذلك الدولة باعتباره يمثل السلطة العامة و يقوم بأعماله طبقا لما تخول له وظيفته و صفته , غير أن الدولة يكون لها الحق الرجوع على الفاعل الذي ترتكب جريمته

ترتب عناه ضرارا و ثبتت مسؤوليته عن تلك الجريمة – و هذا ما نصت عليه المادة 108 من قانون العقوبات " مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 107 مسؤول شخصيا مدنية و كذلك الدولة على أن تكون لها حق الرجوع على الفاعل ."  
المبحث الثاني: القواعد التي تحكم جهاز الضبطية القضائية
    لكي يتمكن أعضاء الشرطة القضائية من أداء المهام الموكلة إليهم في مجال القيام بإجراءات التحريات ضمن إطار الشرعية الإجرائية أوجب عليهم القانون الإلتزام أثناء
مباشرة مهامهم بمجموعة قواعد نص عليها قانون الإجراءات الجنائية, و يمكن إجمال هذه القواعد في قواعد الإختصاص, و قواعد الإشراف و التبعية .
المطلب الأول: قواعد الإختصاص
    يقصد باختصاص ضابط الشرطة القضائية السلطات التي خوله إياها القانون لمباشرة المهام المنوطة به , وتدل لفظة اختصت في محتواها على معنين :
1- المعنى الشكلي: وينصرف الى تحديد المجال الإقليمي التي تمارس في اطاره صلاحيات الضبطية القضائية ,( الإخنصاص المحلي )
2- المعنى الموضوعي: و يشمل الصلاحيات و الواجبات ( الإختصاص النوعي ) , كما أن للفظة " إختصاص " مدلول زمني و آخر شخصي ( الإختصاص الزمني و الإختصاص الشخصي ).
الفرع الأول: الإختصاص المحلي
   و يقصد بالاختصاص المحلي الحدود الخغرافية التي تباشر فيها ضابط الشرطة القضائية مهامه بعد تعينته رسميا في منصبه و هذا ما تنص عليه المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية على أن:" يمارس ضابط الشرطة القضائية اختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون ضمنها وظائفهم المعتادة " إلا أنه يجوز لهم – في حالة الإستعجال – أن يباشروا مهمتهم في كافة دائرة اختصاص المجلس القضائي الملحقين به , و يجوز لهم أيضا – في حالة الإستعجال – أن يباشروامهمتهم على كافة تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إذا طلب منهم أداء ذلك من طرف أحد رجال القضاء المختصين قانونا , و ينبغي أن يساعدهم ضابط الشرطة القضائية الذي يمارس وظائفه في المجموعة السكنية المعنية و في حالات

المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين يتعين عليهم أن يخبروا مسبقا وكيل الجمهورية الذين يعملون في دائرة اختصاصه , و في كل مجموعة سكنية عمرانية , مقسمة الى دوائر الشرطة فإن محافظي و ضباط الشرطة القضائية الذين يمارسون وظائفهم في أحدها يشمل كافة المجموعة السكنية , و لا تطبق أحكام الفقرة الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة من هذه المادة على ضباط الشرطة القضائية التابعين لمصالح الأمن العسكري الذين لهم الإختصاص على كافة التراب الوطني".
    يتضح من نص هذه المادة أن القانون حد لمأمور الضبط القضائي اختصاصا مكانيا محددا يلزم لصحة الإجراءات التي تصدر منه أن تكون قد بوشرت في دائرة هذا الإختصاص و غالبا ما يكون هذا الإقليم عبارة عن مدينة أو قرية أو عدة مدن أو قرى أو ولاية بأكملها و يتعين الإختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي بأعمال أحد المعايير الثلاثة التالية : مكان وقوع الجريمة , محل إقامة المتهم و مكان ضبط المتهم , و الحكمة من تعدد أمكنة الإختصاص الجنائي هي تعذر تعيين مكان وقوع الجريمة في بعض الصور كما في حالة السرقة حافظة نقود من انسان كان يجوب المدينة كبيرة ولا يعرف مكان الذي سرق فيه  وعلى كل حال فالمعايير الثلاثة متكافئة فلا أفضلية لسبب منها على آخر و إن جرى العمل على إتباع معيار مكان وقوع الجريمة سواء في شأن التحقيق الإبتدائي أم في شأن المحاكمة فالأصل هو إذن أن يباشر مأمور الضبط القضائي الإجراءات المخولة له قانونا في دائرة اختصاصه المكاني, لكن هذا الإختصاص قابل للأمتداد الى خارج هذه الدائرة, لما تتطلبه وظيفة الشرطة القضائية من حركة ومرونة للقضاء على الجرائم الخطيرة , و لهذا كاستثناء أول و في حالة الإستعجال – و يقاس على حالة الإستعجال حالة الضرورة - أن يمتد اختصاصهم الى دائرة المجلس القضائي الملحقين به وظيفيا كما يجوز لهم كاستثناء ثان في حالة الإستعجال القصوى مباشرة أعمالهم على مستوى التراب الوطني إذا طلب منهم أحد رجال القضاء المختصين قانونا و ينبغي في هذه الحالة أن يساعدهم ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختصين محليا و الذين يمارسون وظيفتهم في المجموعة السكنية المعنية , كما يجب عليهم في الحالتين السابقتين أن يخبروا وكيل الجمهورية الذين سوف يباشرون عملهم في دائرة اختصاصه.و الذين يقوم بتحقيقاته بوجود


ضابط الشرطة القضائية للمكان الذي وصل إليه, مضافا الى ذلك تقديم العدد الكافي من طرف الفرق العاملة ضمن المصالح النشيطة في ميدان الأمن.
    أما محافظو و ضباط الشرطة القضائية الذين يباشرون عملهم في مجموعات سكنية عمرانية مقسمة, فإن الذين يمارسون وظائفهم في إحداها يشمل كافة المجموعة السكنية.
   غير أن أحكام الفقرات السابقة من هذه المادة لا تطبق على ضباط الشرطة القضاتئية للأمن العسكري الذين لهم اختصاص شامل على كافة التراب الوطني.
   و نظرا للظروف الطارئة التي عرفتها البلاد, جاء تعديل بموجب الأمر رقم 95/10 المؤرخ في 25 فيفري 1995 يتضمن تمديد اختصاص ضباط الشرطة القضائية الى كامل التراب الوطني فيما يتعلق بالقضايا الموصوفة بجرائم ارهاب أو تخريب , ويتم عملهم تحت رقابة النائب العام لدى المجلس القضائي المختص اقليميا.
    أما في القانون المصري فإن لمأمور الضبط القضائي – اذا انعقد اختصاصه المكاني بجريمة معينة – أن يباشر كافة الإجراءات المتصلة بها قبل الفاعلين و الشركاء فيها و لو اقتضى الأمر مباشرة الإجراءات خارج دائرة اختصاصه, فالعبرة ليست بمحل الإجراء وإنما بالجريمة التي إتخد الإجراء فيها.
و يترتب على مخالفة قواعد الإختصاص الإقليمي وبالتالي إستبعاد الدليل المستمد من الدليل الباطل,غير أن هذا البطلان موضوعي لا يجوز التمسك به الأول مرة أمام المحكمة النقض مادام قد فات المتهم إثارته أمام المحكمة الموضوعية لتبدي رأيها فيه .
الفرع الثاني: الإختصاص النوعي
   يقصد بالإختصاص النوعي تحديد الأعمال التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية من حيث موضوعها أو نوعها.
  و تتولى جمع النصوص القانونية و التنظيمية من مراسيم و لوائح تنظيم و ضبط الأساليب العملية التي تسمح لأعضاء الشرطة القضائية تنفيذ المهام المنوطة بهم دون المساس بحقوق و حريات المشتبه فيهم .


 
و يتفاوت مأمور الضبط القضائي فيما بينهم و في داخل دوائر اختصاصهم من حيث مدى الجرائم التي يشملها هذا الإختصاص فبعهم ذوو اختصاص عام يشمل كافة الجرائم بغير تميز ,    و بعضهم ذوو اختصاص محدود يقتصر على فئة خاصة من الجرائم أو على ما يرتكبه أشخاص معينة, فيتخصيص بعض من مأمور الضبطية القضائية في أعمال متعلقة بطائفة معينة من فئات المجتمع كتخصيص شرطة عسكرية لتتبع الجرائم المتعلقة بأسلحة الجيش التي تقع من أفراد الجيش أو وحداث. كما قد يتخصص بعضهم الآخر في أعمال متعلقة بجرائم معنية بالنسبة لكافة الناس كجرائم المخدرات و جرائم الأحداث.
و يمكننا تقسيم الإختصاص النوعي لأعضاء الشرطة القضائية الى صلاحيات وواجبات .
أولا: صلاحيات الضبطية القضائية: و تتلخص فيما يلي:
1- تلقي الشكاوى و البلاغات المتعلقة بالجرائم المقررة في قانون العقوبات.
2- معينة الجرائم و البحث و التحري في ملابستها, و جمع الإستدلالات المختلفة الرامية لكشف الحقيقة و إلقاء القبض على المجرمين و تقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة.
3- إجراء التحريات سواء في الجريمة المتلبي بها ( المادة 17/2 من قانون الإجراءات الجزائية و المواد من 41 الى 62 من قانون الإجراءات الجزائية).
ثانيا : الواجبات القضائية:
1- إخطار وكيل الجمهورية بالمعلومات التي تصل الى علم مأموري الضبط القضائي مع تنفيذ كافة التعليمات التي يتلقونها منه بشأنها بإعتباره وكيل الجمهورية مديرا للضبط القضائي ( المادة 18/1 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
2- تحرير محاضر التحريات و ارسالها مرفقة بكل الأشياء و المستندات المضبوطة خلال مرحلة التحريات الى وكيل الجمهورية ( المادة 18/2 , 3 من قانون الإجراءات الجزائية.)
3- تقديم المشتبه فيهم الى النيابة العامة فور الإنتهاء من الإجراءات التحريات التي يجب أن تنفذ ضمن الآجال وطبقا للأشكال المنصوص عليها في القانون .
4- إبلاغ رؤسائهم عن الجرائم التي يعاينوا لها ولا سيما الخطيرة منها و تنفيذ تعليماتهم و توجيهاتهم في شأن سير التحريات.

الفرع الثالث الإختصاص الشخصي

   و يتحدد بما تفرضه الوظيفة العامة على شخص معين بالذات من اختصاصت محددة و بالتالي لا يجوز له التفويض فيها إلا في الحدود التي يسمح بها القانون , فإذا كلف القانون ضابط الشرطة القضائية – مراعيا في ذلك صفته الشخصية – فلا يجوز له تفويض ذلك الإختصاص مالم يكن القانون يجيز له ذلك , فالإختصاص الشخصي مقتضاه أن هناك أشخاص لهم صفة تحدد اختصاص الموظف الذي يتحرى معه, فالعسكريون مثلا , يجب أن يجرى معهم التحريات ضابط الشرطة القضائية التابع للدرك الوطني أو الأمن العسكري و هم الصنف من ضابط الشرطة القضائية الذين يتصفون بصفة ضباط الشرطة القضائية العسكرية.
الفرع الرابع: الإختصاص الزمني
  و يحدد بوقت معين يجب اتخاذ إجراءات التحريات خلاله فضابط الشرطة القضائية لا يمارس مهامه إلا بعد استنادها إليه قانونا و في أثناء المواعيد المقررة له رسميا و لا يجوز له ممارستها إذا كان موقوفا , أو في إجازة مرضية أو اعتبارية أو حالة نقله الى أي مكان آخر أو حالة إخطاره بالإستغناء عن خدماته و إلا تعرض للعقوبات المقررة في نص المادتين 141-142 من قانون العقوبات
المطلب الثاني: قواعد الإشراف و التبعية
   مأمور الضبط القضائي – فيما عدا أعضاء النيابة العامة – لا يعتبرون من رجال القضاء و إنما من رجال السلطة التنفذية و هم بحكم وظائفهم  يخضعون لإشراف رؤسائهم, غير أنهم بحكم قيامهم بأعمال الضبط القضائي يتبعون النائب العام أيضا و يخضعون لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم , لأن النيابة العامة هي الرئيس الأعلى لسطة الضبط القضائي فأعضاء الشرطة القضائية  هم موظفون عموميون إداريون و لكنهم منحوا الصفة القضائية لمساعدة رجال الهيئة القضائية و معاونتهم في الأعمال التحضيرية للدعوى القضائية .
   ففي القانون الجزائري فإن أعضاء الشرطة القضائية يخضعون الى إشراف رئاسي و آخر قضائي حيث تنص المادة 12/2 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه :" يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي و يشرف  النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي و ذلك تحت رقابة غرفة الإتهام بذلك المجلس.

   من خلال هذه المادة يتضح ان ادارة الضبط القضائي موكلة الى وكبل الجمهورية وذلك بسبب ما هو مكلف به من مهام يباشرها بنفسه او يامر باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات.كما انه مكلف بمباشرة الدعوى العمومية وعليه فانه إذا لم تكن لديه سلطة إدارة الشرطة القضائية لا يمكنه مباشرة المهام الملقاة على عاتقه يلاحظ أن تبعية مأمور الضبطية القضائية للنيابة ليست تبعية ادارية و إنما وظيفية . فهو من الناحية الإدارية مستقل عنها و يتبع مباشرة جهته الإدارية سواء كانت وزارة الداخلية وإدارتها أم غيرها , و بالتالي فإن المجازاة الإدارية و إحالتهم الى المحاكمة التأديبية كلها أمور تدخل في إطار التعبية الإدارية لرؤسائهم دون أن يكون للنيابة العامة اختصاص في هذا الصدد , إنما يكون للنيابة العامة عليهم سلطة للأشراف على أدائهم لمهامهم الوظيفية و لكن هذا لا يمنع النائب العام في أن يطلب من الجهة الإدارية التي يتبعها مأمور الضبط القضائي النظر في أمره إذا وقع منه إخلال بواجبه أو تقصير في عمله فإذا كانت المخالفة جسيمة جاز له رفع الدعوى التأديبية عليه , أما إذا كان ما وقع منه جناية فللنيابة العامة أن ترفع الدعوى الجنائية عليه سواء كانت الجهة التي يتبعها قد وقعت عليه جزاء إداريا أو لم توقع عليه أي جزاء .
   أخيرا يمكن القول أن ضباط الشرطة القضائية يخضعون الى إشراف النائب العام و في نفس الوقت يتبعون لجهاتهم الإدارية و تجدر الإشارة الى أن قواعد الإختصاص لا يستطيع القاضي أن يثيرها من تلقاء نفسه, بل أن يدفع بها صاحب الشأن, و أن يثبت ما عليه
المبحث الثالث:الرقابة القضائية على الضبطية القضائية                                                   
 إن الأعمال التي ينفذها أعضاء الشرطة القضائية في إطار إجراءات التحريات تتم تحت   إدارة و إشراف النيابة العامة و رقابة غرفة الإتهام كما أن المحكمة السلطة التقديرية في    مراقبة جدية لتلك الإجراءات                                                                                                                                                                      
المطلب الاول: رقابة النيابة العامة و غرفة الإتهام على أعمال الضبطية القضائية
   من خلال نص المادة 12/2 من قانون الإجراءات الجزائية يتبين أن الأعمال التي ينفذها أعضاء الشرطة القضائية تتم تحت إدارة و كيل الجمهورية و إشراف النائب العام و رقابة غرفة الإتهام .


 الفرع الأول : رقابة النيابة العامة على أعمال الضبطية القضائية
   إدارة الضبط القضائي موكلة الى وكيل الجمهورية حيث يراقب الأعمال الخاصة بالتحريات و كيفية التصرف فيها و يأمر بإتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات , و هذا ما نجده في نص المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية.
    كما يشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة الإختصاص كل المجلس القضائي, كما خول القانون له أن يطلب من الجهة المختصة و التي هي غرفة الاتهام النظر في أمر كل ما من تقع منه مخالفة لوا جباته الوظيفية في إطار المهام المنوطة بأعمال الضبط القضائي.
   أما عن المضمون الرقابة التي تمارسها النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية بما فيها إجراءات التحريات نجد وكيل الجمهورية يقم نشاط ضابط الشرطة القضائية بتنقيطهم بواسطة مذكرة استعلامات شخصية حول مستوى أدائهم فيما يتعلق بممارسة مهام الضبط القضائي, و بعد ذلك يرسلها إلى النائب العام.
    و تتمثل الرقابة التي يمارسها النائب العام فيما يتعلق بأعمال الضبط القضائي في توجيه التنويه إلى من يقصر من أعضاء الشرطة القضائية في مهام المسندة إليهم و أخطار المرجع المختص بما يراه مناسبا من تدابير تأديبية.
   و يباشر النائب العام بالمجلس القضائي مهمته بالرقابة عن طريق معاونيه من أعضاء النيابة العامة كل حدود اختصاصه المحلي شأنه في ذلك شأن باقي اختصاصاته الوظيفية العادية .
الفرع الثاني: رقابة غرفة الاتهام على أعمال الضبطية القضائية
     تقوم غرفة الاتهام بمراقبة أعمال الشرطة القضائية و تنظر في الإخلالات و التجاوزات المنسوبة إليهم في مباشرة وظائفهم في إطار قيامهم بإجراءات التحريات و ذلك ضمن الشروط المحددة في القانون و المنصوص عليها في المادة 206 من قانون الإجراءات الجزائية.
    و في مجال مراقبة أعمال رجال الضبطية القضائية, فإن وكيل الجمهورية يبلغ النائب العام عن أي إخلال يرتكبه ضابط الشرطة القضائية, يقوم النائب العام بعد ذلك بإبلاغ غرفة الاتهام, كما يمكن أن يرفع لها الأمر من طرف رئيسها أو تنظر في الخطأ من تلقاء نفسها عندما تبث في قضية مطروحة أمامها و هذا ما نجده في نص المادة 207/1 من قانون الإجراءات الجزائية

     غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة أتت بحكم مؤداه منح الإختصاص إلى غرفة الاتهام في الجزائر العاصمة لنظر الإخلالات المنسوبة إلى ضابط الشرطة القضائية لمصالح الأمن العسكري, و تحال القضية إليها من طرف النائب العام بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجود بالمحكمة العسكرية المختص إقليميا.
     و للبث في هذا الإخلال المرفوع تأمر غرفة الاتهام بإجراء تحقيق و تسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع الشرطة القضائية المعني سواء أكان عاديا أو تابعا لمصالح الأمن العسكري و ذلك بعد تمكنيه من الإطلاع على ملفه المحفوظ لدى المجلس القضائي و هذا ما جاء في نص المادة 208/1 من قانون الإجراءات الجزائية و استحضار محامي للدفاع عنه كما ورد في الفقرة الثانية من نفس المادة.
      و في مجال القرارات التي تصدرها غرفة الاتهام بعد دراسة الملف المتعلق بالإخلالات المنسوبة إلى ضابط الشرطة القضائية فإنه يحق لها توقيع عدة جزاءات تتمثل في :
- توجبه ملاحظات كتابية.
- التوقف المؤقت عن مباشرة أعمال وظيفته كضابط الشرطة القضائية.
- الإسقاط النهائي لصفته كضابط الشرطة القضائية.
     و هذه الجزاءات تقررها غرفة الاتهام دون إخلال بما يتعرض له ضابط الشرطة القضائية من جزاءات تأديبية توقع عليه من طرف رؤسائه التدرجيين كما هو منصوص عليه في المادة 209 من قانون الإجراءات الجزائية, و إذا تعلق الأمر بجريمة من جرائم قانون العقوبات فإنها بالإضافة إلى الجزاءات السابقة المحددة في هذه المادة تقوم غرفة الاتهام بإحالة الملف إلى النائب العام .
     و إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة القضائية التابع لمصالح الأمن العسكري فإنها ترفع الأمر لوزير الدفاع لاتخاذ الإجراءات القانونية و المتابعة الجنائية وفقا لنص المادة 210 من قانون الإجراءات الجزائية.
    و في كل حالات يبلغ الرؤساء التدرجيين بناء على طلب النائب العام بالقرارات المتخذة ضد ضابط الشرطة القضائية و هذا ما نصت عليه المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية.


المطلب الثاني: رقابة محكمة الموضوع على أعمال الضبطية القضائية
 تتم هذه الرقابة من خلال تقدير كفاية التحريات وجديتها و ذلك بالنظر إلى المحاضر التي يحررها أعضاء الشرطة القضائية أثناء قيامهم بإجراء التحريات باعتبار أن المحاضر هي الوسائل الرئيسية التي يستعملها هؤلاء لتبليغ الجهات القضائية رسميا عن كل إجراءات التي يقومون بها.
  ↚

الفصل الثاني: الضبطية القضائية و الإجراءات

 المبحث الأول: الجريمة المتلبسة
  نص القانون الجزائري على حالة التلبس في الباب الثاني "في التحقيقات "الفصل الأول "في الجناية و الجنحة المتلبس بها"و هناك بعض الفقهاء العرب و بعض التشريعات تعبر عن هذه الإجراءات ب"الجرم المشهود" وهو ما يقابل بالفرنسية flagrant-delit  
المطلب الأول:  تعريف التلبس و حالاته
تعريف: إجراءات الجريمة المتلبسة هي شكل من أشكال التحقيقات و التحريات. نص عليها المشرع بغرض الاستجابة للمستلزمات الردعية في حالات واردة في القانون على سبيل الحصر.
   إن وضع هذا الشكل من الإجراءات يستهدف تمكين ضابط الشرطة القضائية من المعاينة الفورية للجريمة التي أحدثت صدمة في المجتمع وجمع الأدلة عنها قبل طمسها أو اختفائها و مواجهة مرتكبيها, غير أن المشرع في مقابل ذلك ألزم المحقق ضابط الشرطة القضائية  بشكليات غاية في الصرامة و نظرا إلى أن المحقق مخير لإجراء تحرياته طبقا لإجراءات الجريمة المتلبسة أو اجراءات التحقيق الأولي _جمع الاستدلالات Enquête préliminaire    فإن أغلب المحققين إن لم نقل كلهم يحبذون الشكل الأخير لمرونته على الصعيد العملي و تحلل المحقق من العديد  من الشكليات الإجرائية
الحالات: توصف الجناية أو الجنحة بأنها متلبسة في الحالات التالية :
 الحالة الأولى: ارتكاب الجريمة في الحال كأن يشاهد ضابط الشرطة القضائية شخصا و هو يطلق النار بواسطة مسدسه على شخص آخر فيرديه قتيلا_ أو يرى شخصا و هو يشعل النار في غابة أو يضبط لصا و هو يسرق مال غيره.
 و تتحقق حالة التلبس هذه متى أدرك المحقق بإحدى حواسه ( البصر – السمع – الشم ) لواقعة الجريمة – سواء رأى الفاعل أم لا.
الحالة الثانية: مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها – فتعتبر الجريمة متلبسة إذا علم المحقق بوقوعها بعد فترة زمنية قصيرة و هذا ما تدل عليه لفظة " عقب " في نص المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية و هناك بعض القانونين عبرت عن هذه الحالة بعبارة " عقب ارتكابها

ببرهة يسيرة " و مثال ذلك أن يصل ضابط الشرطة القضائية فيجد ضحية الجريمة و هو يتخبط في دمه من جراء طعنة خنجر و برغم من أن المشرع لم يحدد الفترة الزمنية التي تفصل بين لحظة ارتكاب الجريمة و لحظة حضور المحقق لمعاينتها إلا أن المعيار الذي يعتمد عليه يتمثل في " أن تكون آثار الجريمة لا تزال قائمة ودالة على وقوع الجريمة منذ وقت قصير بحيث يستطيع المحقق نظرا لملاءمة الظروف – جمع الأدلة و الآثار حديثة العهد و التمكن من اكتشاف و تعقب وضبط مرتكبيها " و مهما يكن من أمر فإن تقدير هذه الفترة يرجع لقاضي الموضوع .
الحالة الثالثة: تتبع المشتبه فيه بصياح العامة إثر وقوع الجريمة و تنص على هذه الحالة المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية بعبارة "... تعتبر الجريمة ( الجناية أو الجنحة ) متلبسا بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه إياها في وقت قريب جدا وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح......".
   و ليحقق التلبس في هذه الحالة يجب أن يهرب الجاني بعد ارتكابه لعمله الإجرامي و يتبعه الأشخاص الذين يشاهدونه بالصياح و سيان أن يكون ذلك بالصراخ الصوتي أو الإشارة الصادرة من المجني عليه أو أقاربه أو شهود الحادث أو الجيران أو أعضاء الشرطة القضائية .
 -و يجب أن نفرق هنا بين الصياح العام و بين الإشاعة العامة – فالأول يتمثل في الإشارة الصوتية أو الحركية التي تصدر عن الأشخاص الذين شاهدوا ارتكاب الجريمة أما الثانية ( الإشاعة ) فتتمثل في الأحاديث التي بتداولها الناس بعد مرور وقت طويل عن وقوع الجريمة كأن يقال من قتل فلان قبل أسبوع كان اثنان ملثمان طويلا القامة أحدهما
مسلح بمسدس و يقال أنهما كانا قد فرا على متن سيارة بيضاء الخ... فهذه الإشاعات يمكن أن يستغلها المحقق و لكنها لا تعد صياحا عاما يحقق حال التلبس.
الحالة الرابعة: حيازة المشتبه فيه لأشياء أو وجود آثار ودلائل عليه تدل على احتمال مساهمته في الجريمة – و هذا ما نصت عليه المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية بعبارة ".... أو وجدت في حيازته أشياء أو وجدت أثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة ..." و تتجسد هذه الحالة في :


1- حيازة المشتبه فيه الأشياء تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة أو متحصل منها كالآلات و الأسلحة و الأمتعة و الأوراق أو غيرها, فحيازة المشتبه فيه لسلاح أو خنجر في وقت قريب من وقت ارتكاب الجريمة يعتبر قرينة على احتمال مساهمته في ارتكابها – و هناك بعض التشريعات تشترط أن يكون المشتبه فيه حاملا لتلك الأشياء كالمشرع المصري و المشرع الليبي ( م 20/2 من قانون الإجراءات الليبي و المادة 30/2 من قانون الإجراءات المصري ).
2- وجود آثار أو دلائل على المشتبه فيه في وقت قريب جدا من لحظة ارتكاب الجريمة مما يدعو لإفتراض ارتكابه إياها أو مساهمته في ارتكابها و المقصود بالآثار و الدلائل (Traces et indices   ) العلامات الملاحظة على ملابسه أو جسمه كالجروح و الكدمات و الخدشات و بقع الدم و تمزق ثيابه.
الحالة الخامسة: التبليغ عن جريمة ارتكبت بمنزل عقب اكتشافه.
نصت على هذه الحالة المادة 41/3 من قانون الإجراءات الجزائية بعبارة:"... و تتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت و لو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل و كشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها و بادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها "
إن هذه الحالة تعد تلبسا اعتباريا و حتى تعتبر هذه الحالة متلبسة يجب توفير ثلاثة شروط : 1- ارتكاب جناية أو جنحة بغض النظر عن المدة الزمنية التي مرت بشرط أن لا يكون أجل تحريك الدعوى العمومية قد انقضى ( 10 سنوات بالنسبة للجنايات – 03 سنوات بالنسبة للجنح – 02 سنتان للمخالفات ) و لقد استثنى المشرع بالجريمة المنظمة العابرة
للحدود الوطنية أو الرشوة أو اختلاس الأموال العمومية و الأمر سيان بالنسبة للدعوى المدنية .
2- أن ترتكب الجريمة ( جناية أو الجنح ) داخل المنزل – و يقصد بالمنزل كل مكان مسكون فعلا أو معد للسكن كالمبنى أو الغرفة أو الخيمة أو الكشك و لو منتقلا و يشمل المنزل كل توابعه كالأحراش و الحظائر و المخازن و الإسطبلات.
3- أن يلجأ صاحب المنزل ( و هو الشخص الذي يشغل المسكن سواء كان مالكا أو مستأجرا أو مسيرا – رب عائلة رسميا أو فعليا ) – إلى ضابط الشرطة القضائية و يسخره لمعاينة

الجريمة و يمكن أن يكون هذا التسخير الذي هو في حقيقة الأمر طلب و تبليغ لضابط الشرطة القضائية سواء مباشرة أو بواسطة الهاتف و لكن المشرع عبر عنه بلفظة استدعاء – باللغة العربية و الفرنسية ( Réquisition ) و هذه صياغة معينة و الأصح أن يعبر عن ذلك بطلب تدخل أو تبيلغ ضابط الشرطة القضائية.
حالة اكتشاف جثة: في حالة العثور على جثة يستطيع ضابط الشرطة القضائية إجراء تحرياته تبعا لإجراءات الجريمة المتلبسة أو التحريات الأولية و في الحالتين يجب عليه:
إخطار وكيل الجمهورية تم التنقل فورا إلى عين المكان و الشروع في مباشرة التحريات لمعرفة أسباب الوفاة ( عمل لإجرامي – انتحار – حادث .. الخ )و يجب عليه أن يسخر طبيا لمعاينة الوفاة سواء بتنقله إلى مكان الحادث أو بعد نقل الجثة إلى دار حفظ الجثث و تبعا لكل حالة فلوكيل الجمهورية أن يطلب فتح تحقيق قضائي – و يمكنه أن يطلب من ضابط الشرطة القضائية مواصلة تحرياته و يمكنه أن يسخر طبيبا لتشريح الجثة قصد تحديد الحقيقة للوفاة – و على ضابط الشرطة القضائية أن يبدأ بالتعرف على هوية الهالك –– و يسهر على مساعدة أهله للاستصدار رخصة الدفن و الإجراءات الإدارية ذلك أن عمله هذا فضلا عما ينطوي عليه من جانب إنساني فإنه يمكن المحقق من التقرب من محيط وعائلة الميت و طريقة عيشه و سيرته و سلوكه كل ذلك قد يساعده في الوصول إلى الحقيقة و يسهل التحريات التي يباشر ها و قد يتعرض المتهم على قيام حالة التلبس من عدمها لكن القانون لا يخوله ذلك فيعتبر ذلك من اختصاص النيابة
المطلب الثاني: سلطات ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس
   إن المشرع حرصا منه على حماية حقوق و حريات الأفراد من جهة و حماية المجتمع من الجريمة من جهة أخرى وضع أحكاما قانونية يلتزم بها المحقق و هذا ما يعرف لدى فقهاء القانون بمبدأ شرعية الإجراءات الجنائية.
   لذلك فإن كل الأعمال و التحريات التي تنفذه ضابط الشرطة القضائية تجد لها سندا قانونيا فالإجراءات التي تفيد في تحريات الجريمة المتلبسة نص عليها المشرع الجزائري في الفصل الأول من الباب الثاني تحت عنوان في الجناية و الجنحة المتلبس بها من المادة 41 إلى 62  من قانون الإجراءات الجزائية.

    و بمقتضى المواد 12و 13 و 17 فإن المهام التي يمارسها ضابط الشرطة القضائية تتمثل في البحث عن الجرائم و التحري في ملابستها و البحث عن مرتكبيها و القبض عليهم و تقديمهم أمام الجهات القضائية قبل مرحلة التحقيق القضائي.
و بعد فتح التحقيق القضائي ينفذ الإنابات القضائية و يلبي كل الطلبات التي يتلقاها من جهات التحقيق ( قاضي التحقيق- غرفة التحقيق- غرفة الاتهام- جهات التحقيق العسكري ) .
    و لأداء هذه المهام فإن ضابط الشرطة القضائية يتلقى الشكاوى و يقوم بالتحقيقات في الجرائم سواء تبعا للتحقيق طبقا لإجـراءات التلـبس أو طبقا لإجـراءات التحـــقيق الأول ( الابتدائي ).
و لقد ألزم المشرع في المادة 17 من قانون الإجراءات الجزائية ضابط الشرطة القضائية عند القائم بالتحقيق في الجرائم أو بتنفيذ إنابة قضائي بعدم طلب أو تلقي أوامر و تعليمات إلا من الجهة القضائية التي يتبعها و ذلك توخيا لتفادي أي تأثير عليه و ضمانا للسير الحسن للتحقيق.
   و نستعرض فيما يلي بإيجاز السلطات المخولة لضابط الشرطة القضائية  قانونا في حالة تحريات الجريمة المتلبسة.
1- إخطار وكيل الجمهورية بوقوع الجريمة ( عادة يتم ذبك بواسطة الهاتف ) و يعلم رؤساء فورا بذلك ( المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية )
2- التنقل فورا و دون تمهل لمكان الجريمة بعد أن يجتمع كل المعدات و اللوازم الضرورية لإجراء المعاينات ( ... الوثائق – المتر – آلة التصوير الفوتوغرافي – عند اللزوم طلب مساعدة فرع الشرطة الفنية بالمجموعة الولائية ...) كما يمكن أن يستعان بالكلب البوليسي ( المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية ).
   و لإجراء التحريات يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يتولى إدارة عمليات التحقيق بنفسه أو يتولى ذلك تحت إمرة أحد رؤسائه إذا ما التحق بمكان الجريمة و يستطيع هذا الأخير إذا دعت ظروف و ملابسات الجريمة ذلك – تشكيل فريق من المحققين من ضباط و أعوان الشرطة القضائية – و يتولى بنفسه إدارة الأعمال و توزيع الأدوار و المهام على أعضاء الفريق المكلف بالتحريات.
  

    كما يمكن لضابط الشرطة القضائية الذي يدبر إجراءات التحريات في حالة التلبس الاستعانة في أعماله بضباط شرطة القضائية من نفس الوحدة ( الفرقة أو محافظة الشرطة ) أو من وحدات قريبة يعينهم رؤسائهم .
- أما أعوان الشرطة القضائية فتوكل إليهم عادة الأعمال المادية كالسكرتارية و البحث عن الآثار و الأشياء و تنفيذ عمليات الاستيقاف و الإستعراف لدى مصلحة أوتاد و البطاقات المحلية و المركزية لمصالح الدرك الوطني و الأمن الوطني و على العموم كل ما يأمرهم به ضابط الشرطة القضائية ( الماد 20 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
3- عند وصول ضابط الشرطة القضائية إلى مكان الجريمة يكون له الحق في :
أ- منع أي شخص من مغادرة مكان الجريمة ريثما ينتهي من إجراء التحريات ( م 50/1 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
ب- التعرف على هوية أي شخص يرى في مجرى تحرياته – إن ذلك ضروري و على من يطلب منه الاستظهار بحقيقة هويته أن يتمثل لذلك تحت طائلة التعرض للعقاب ( م 50/2 من قانون الإجراءات الجزائية) .
ج- يسهر على المحافظة على الآثار و الدلائل التي يخشى طمسها و اخفائها و يضبط كل ما من شأنه أن يساهم في إظهار الحقيقة و يعرض الأشياء و المستندات التي ضبطت بحوزة المشتبه فيهم للتعرف عليها و معرفة مصدرها و سبب حيازتهم إياها ( م 43 من قانون الإجراءات الجزائية ).
4- بعد ذلك يشرع ضابط الشرطة القضائية في إجراء المعاينات و ليعلم المحقق ورجال الأمن أن المعاينات تعتبر أهم جزء في محضر التحريات لأن مهارته تبرز من خلال نوعية ودقة المعاينات التي يقوم بها و هي عادة مصدر الدلائل و القرائن التي يستدل بواسطتها عن الجريمة و مرتكبيها و منها يستخلص القاضي  أدلة الإثبات أو النفي.
و تتعلق المعاينات أساسا بـــ :
- وصف جسم الجريمة ( الجثة – السن – الأوصاف – آثار الجروح و طبيعتها – الملابس – وضع الجثة.... الخ )


- وصف حالة الأماكن ( تحيد الموقع – أثار المعالجة – وضع تصميم ورسم بياني يبين موقع الجثة الإتجاه – و يكون عادة مدعم بصور فوتوغرافية ).
- ضبط أدوات الجريمة ( سلاح- خنجر – عصا.... الخ ).
- و يجب أن تعرض ذلك المضبوطات على المشتبه فيهم للتعرف عليها و يشار إلى كل ذلك في المحضر .
5- تسخير الأشخاص المؤهلين: قد يجد ضابط الشرطة القضائية نفسه أثناء مباشرته التحريات أمام حالات تتطلب معاينتها مهارات فنية أو عملية لا يستطيع القيام بها لفتح الخزائن المحكمة الأقفال أو معرفة طبيعة مادة كيميائية أو تشخيص .
   الحالة الصحية للضحية أو سماع أجنبي لا يحسن التكلم بالغة العربية ففي هذه الحالات يلجأ المحقق إلى تسخير صانع أقفال أو طبيب أو كيميائي أو مترجم ( م 49 من قانون الإجراءات الجزائية ).
   و لتسخير شخص مؤهل من طرف ضابط الشرطة القضائية يجب توفر شرطين:
أولهما: أن تكون هناك حالة استعجال, بحيث أن عدم تنفيذ العمل المطلوب من الشخص المؤهل لا يمكن تأجيله دون الإضرار بالسير الحسن لإجراءات التحقيق و التحريات.
ثانيهما: أن يحلف الشخص المؤهل المسخر اليمين كتابة على أن يبدي برأيه بما يمليه عليه الشرف و الضمير – ويثبت رأيه ذلك كتابة بواسطة تقرير, و ليس له إلا أن يمثل لتسخير ضابط الشرطة القضائية – و يجب أن يكون ذلك كله مثبتا بشكل واضح في المحضر .
6- تفتيش الأشخاص و المساكن :
أ- التفتيش الجسدي: هو العملية التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية سواء لشخص مشتبه فيه و هو ما يعرف بالتفتيش الشخصي أو التفتيش الجسدي و يستهدف عادة غرضين:
1- تفتيش جسدي أمني: لنزع أي شيء أو أداة كالسلاح و الخنجر ورابطة العنق التي من شأنها تشكل خطرا على أمن الشخص ذاته أو أمن رجال الأمن و ينفد هذا النوع من التفتيش عادة على الشخص الموقوف للقبض عليه و اقتياده أمام النيابة أو للشخص الذي أتخذ ضده ضابط الشرطة القضائية إجراء التوقيف للنظر و كل شخص مشتبه فيه.


2- تفتيش جسدي يجرى بغرض البحث عن الأشياء أو مستندات يمكن أن تشكل دليلا ماديا لارتكاب الجريمة أو تساهم على الأقل في معرفة جانب من الحقيقة.
غير أن البحث عن الدلائل و الآثار المادية للجريمة لا يقتصر على التفتيش الجسدي للمشتبه فيه بل يمتد ليشمل مسكنه و هذا ما يعرف بتفتيش المسكن ونظرا لأهمية هذا الإجراء و خطره على حماية حرمة المسكن الذي يعتبر حقا حماه الدستور و القانون سنتعرض له بشيء من التفصيل و الشرح.
ب: تفتيش المسكن: و نتعرض له في نقطتين.
1-تعريف المسكن و حمايته القانونية: المسكن هو كل مكان مسكون فعلا أو معدا للسكن سواء كان الشخص يقيم فيه بصفة دائمة أو مؤقتة كالفندق مثلا و يستوي أن يكون الساكن مالكا أو مستأجرا أو يقيم فيه برضاء صاحبه و لو بدون مقابل و تعتبر مسكن كل توابع المسكن من حظائر و حدائق و مخازن و غيرها.
و لقد عرفت المادة 355 من قانون العقوبات المسكن كما يلي :
يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك و لو متنقلا متى كان معدا للسكن و إن لم يكن مسكونا و قت ذالك و كافة توابعه مثل الأحواش و حضائر الدواجن و مخازن الغذاء و الإسطبلات و المباني التي توجد بداخلها مهما كان استعمالها حتى و لو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي .
و حرمة المسكن تحميها الشرائع السماوية و القوانين الوضعية على حد سواء قال تعالى في الآيتين 27 و 28 من سورة النور " ياأيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم و إن قيل لكم أرجعوا فأرجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم « صدق الله العظيم .
و حرمة المسكن من حقوق و الحريات الدستورية التي تتكفل الدولة بضمانها و حمايتها و تتمثل الحماية في عدم إجراء تفتيش منزلا إلا بمقتضى القانون و في حدوده و بإذن مكتوب من السلطة القضائية. و ذلك ما نص عليه الدستور الجزائري لسنة 1996 على غرار الدساتير الأخرى في المادة 38 " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن فلا تفتيش إلا بمقتضى

القانون و في إطار احترامه و لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة ".
2- إجراءات تفتيش المسكن: تفتيش مسكن هو البحث في حجرات و توابع ذلك المسكن عن الوثائق و الأشياء التي يمكن أن تشكل دلائل مادية ضرورية لإظهار الحقيقة بحيث تكون قد استعملت أو لها علاقة بالجريمة أو بالشخص المشتبه فير ارتكابه إياها أو
المساهمة فيها , و ذلك بغرض ضبط تلك الأشياء أو المستندات و تقديمها للعدالة في شكل أحزر مرقمة بالمحاضر للاعتماد عليها في استخلاص أدلة أو البراءة. و قد يجري تفتيش المسكن أحيانا بغرض البحث عن أشخاص فارين يشتبه في ارتكابهم للجريمة أو المساهمة في ارتكابها.
و هناك فريق من فقهاء القانون ميز بين مصطلحين:
تفتيش المسكن ( Perquisition) و زيارة المسكن أو معاينته(Visite Domiciliaire)   
و يقتصد بالأول التفتيش المعمق و فحص الغرف و التوابع و الإحراز فحصا دقيقا و شاملا أما الثاني فينصرف معناه إلى التفتيش السريع و العابر و بالرغم من ذلك فإن المشرع الجزائري استعمل المصطلحين كما هو واضح من صياغة المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية.
" لا يجوز تفتيش المساكن و معاينتها ..." و لفظة معاينتها هي ترجمة للغة الفرنسية "Visiteّ "
من هم الأشخاص المؤهلين لتفتيش المساكن :
- قاضي التحقيق ( أنظر المواد 82-83-84 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
- و كيل الجمهورية لأن ( المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية تخوله مباشرة الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم ).
- ضابط الشرطة القضائية بموجب إذن كتابي من ( قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية المادة 38 من الدستور ) .
و قد يجرى التفتيش من ضابط الشرطة القضائية بموجب تسخيره كتابية من والي في الحالات الاستثنائية ( حالة الطوارئ ) و حتى يعتبر إجراء تفتيش المسكن صحيحا  و منتجا لأثره القانوني أي يكون شرعيا يجب  أن يتم بمقتضى القانون و في إطار احترامه , معنى ذلك أن


ينفذ طبقا للشروط الشكلية التي تنص عليها القانون. و تلك الشروط منها ما يتعلق بالمكان و منها ما يتعلق بالزمان فضلا عن الشروط الشكلية المتعلقة بطريقة التنفيذ.
الشروط المتعلقة بالمكان: يتم تفتيش مسكن الشخص الذي يشتبه في أنه يكون قد ساهم في ارتكاب جناية أو جنحة أو مسكن الشخص الذي يشتبه في أنه يحوز أوراقا أو أشياءا لها علاقة بالجريمة حتى و لو كانت تلك الحيازة بحسن نية ( المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية ).
كما يتم التفتيش في الفنادق و المحلات المفتوحة للجمهور مدام الجمهور موجودا فيها و في كل الأماكن التي ينص القانون على تفتيشها و في حدود الشروط التي يحددها.
الشروط المتعلقة بالزمان: القاعدة العامة أن تفتيش المسكن لا يجوز البدء فيه قبل الساعة الخامسة صباحا و لا بعد الثامنة مساءا ( المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية ).
و لكن هذه القاعدة ترد عليها جملة من الاستثناءات هي:
1- عند طلب صاحب المنزل ( م 47 ق إ ج ) أي يمكن دخول المنزل ليلا. و يكون الإجراء صحيحا إذا تم التفتيش ليلا برضا صاحب المنزل.
2- عند توجيه نداءات استغاثة من داخل المنزل ( م 47 ق إ ج ) كما هو الشأن في حالة الزلازل و الفيضانات و الحرائق.
3- في مواد الجنايات يمكن دخول منزل المتهم ليلا من طرف قاضي التحقيق عندما يباشر بنفسه التفتيش شريطة أن يكون مر فوقا بوكيل الجمهورية ( م 82 ق إ ج ).
4- عند التحقيق في جرائم التي تعاقب عليها قوانين المخدرات و الجرائم المعاقب عليه في المواد من 342 إلى 348 من قانون العقوبات و هي المواد التي تنص و تعاقب على جرائم الفسق و الدعارة ولا سيما في النوادي و المراقص الليلية لغرض معاينة الجرائم الأخلاقية.
5- عند معاينة جرائم الإرهاب و التخريب (م 47 معدلة بالأمر التفتيش و الحجز ليلا أو نهارا عبر كامل التراب الوطني أو يأمر ضابط الشرطة القضائية بذلك.
و يلاحظ أن هذه الاستثناءات أملتها ضرورة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم خطيرة تمس المجتمع بحيث أصحاب تلك المساكن لم يراعوا حرمتها بلجوئهم لاتخاذ ستارا لإتيان جرائم خطيرة و ضارة بالأفراد و المجتمع.

الشروط الشكلية: قبل الشروع في تفتيش مسكن يجب على ضابط الشرطة القضائية الاستظهار بإذن التفتيش – الكتابي لصاحب المسكن , كما يجب أن يتم التفتيش بحضور الشخص المعني أو من يمثله وإلا استدعى ضابط الشرطة القضائية شاهدين لحضور عملية التفتيش شريطة ألا يكون من الأشخاص الخاضعين لسلطته و هذه الشروط تراعي في الظروف العادية دون الحالات التي يخول القانون للمحقق مخالفتها و التي أشرنا إليها أعلاه .
و إذا جرى التفتيش في مسكن شخص يشتبه في أنه يحوز أوراقا أو أشياء لها علاقة بالجريمة فإن حضوره عملية التفتيش لازمة و في حالة غيابة يتبع المحقق نفس الإجراءات المذكورة في الفقرة السابعة.
  و لضابط الشرطة القضائية وحده الحق في الإطلاع على الأوراق و المستندات قبل ضبطها, و عندما يتم التفتيش في أماكن يشغلها شخص ملزم بالسر المهني فيجب اتخاذ كل التدابير اللازمة لاحترام ذلك السر و هذا الالتزام يجب مراعاته حتى في التفتيش الذي ينفذ في إطار معاينة جرائم الإرهاب و التخريب ( م47 ق إ ج ) المعدلة.
  إن كل إخلال بالشروط السالفة الذكر يحيل عملية التفتيش من عمل و إجراء مشروع إلى انتهاك – لحرمة منزل و يكون جريمة يعاقب عليها القانون و يختلف وصف و تكييف هذه الجريمة حسب صفة الشخص.
- فبالنسبة لضباط الشرطة القضائية و موظف السلك الإداري أو القاضي أو أحد أفراد أو رجال القوة العمومية يعتبر ذلك جريمة إساءة استعمال السلطة و هي جريمة التي تنص و تعاقب عليها المادة 135 من قانون العقوبات المعدلة بموجب القانون رقم 82/04 المؤرخ في 13 فيفري 1982 و التي نصها: " كل موظف في السلك الإداري أو القضائي و كل ضابط شرطة و كل قائد أو أحد رجال القوة العمومية دخل بصفته المذكرة منزل أحد المواطنين بغير رضاه , و في غير الحالات المقررة في القانون و بغير الإجراءات المنصوص عليها فيه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 3000دج دون الإخلال بتطبيق المادة 107" .



   و نلاحظ هنا أن المادة 107 من قانون العقوبات تجرم العمل التحكمي أو الذي يمس بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية ( كحق تولي الوظيفة و حق الانتخاب و الترشيح و كل الحقوق المنصوص عليها في المادة 08 من قانون العقوبات و في الدستور).
  و يعتبر هذا العمل جناية يعاقب عليها القانون من 5 إلى 10 سنوات سجن.
 و نصها " يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر "
- و حري بنا أن نذكر أن دخول المنزل من طرف شخص عادي أي ليس ممن أشارت إليهم المادة 135 و في الحالات غير المنصوص عليها قانونا يعد جريمة انتهاك حرمة مسكن و هي الجريمة التي تنص و تعاقب عليها المادة 295 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 82/04 المؤرخ في 13/02/1982 و التي نصها:
" كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب بالحبس من سنة الى خمس سنوات و بغرامة من 1000 إلى 10000 دج .
وإذا ارتكب الجنحة بالتهديد أو العنف تكون العقوبة بالحبس من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر و بغرامة من 5000 إلى 20000دج .
7- سماع الأشخاص:
أ- سماع الشهود: يحق لضابط الشرطة القضائية استدعاء و سماع كل شخص يبدو له أن باستطاعته تقديم معلومات حول وقائع الجريمة أو حول المستندات و الأشياء المضبوطة كما يجب على الشخص المستدعي أن يمثل للاستدعاء و أن يدلي بأقواله دون أداء اليمين كما يجب على الشخص المعني أن يجيب عن كل الأسئلة التي يطرحها عليه ضابط الشرطة القضائية و بعد الإدلاء بما لديه من اقواله واجاباته على الأسئلة الموجهة إليه يقرأ تصريحه اذا كان يعرف القراءة والكتابة أو يقرأ عليه الضابط الشرطة القضائية اذا كان لا يعرف القراءة والكتابة.ويشار إلى دلك في نهاية التصريح ثم يوقع الشاهد على اقواله مع الضابط الشرطة القضائية اذا امتنع الشخص عن الإدلاء بشهادته يحظر وكيل الجمهورية بدلك ويمكن لهدا الأخير أن يجبر ان على الإدلاء بواسطة القوة العمومية .

ب-سماع الأشخاص المشتبه في أنهم ساهموا في ارتكاب الجناية أو الجنحة:إن أخد وتسجيل هؤلاء الأشخاص يتم بنفس الطريقة التي تأخذ بها أقوال وتصريحات الشهود ويمكن لضابط الشرطة القضائية ان يطرح عليهم أسئلة على شكل استجواب.اذا تقدم شخص من هؤلاء رفقة محامي فلا يجب على ضابط الشرطة القضائية أن ياخد تصريحه بل عليه أن يحظر بدلك وكيل الجمهورية وينفد تعليماته . وتجدر الإشارة بهذا الصدد أن المشروع منح بدلك وكيل الجمهورية وينفد تعليماته. وتجدر الإشارة بهذا الصدد أن المشرع منح المشتبه فيه حق الاستعانة بمحام أمام وكيل الجمهورية الذي يستجوبه بحضور محاميه.
و يمكن للمحقق أن يلجأ إلى مواجهة الشهود و المشتبه فيهم بغرض التحقيق من صحة وقائع معنية أو إزالة التناقضات و الأقوال غير المنطبقة و غير المنسجمة التي تظهر في مختلف التصريحات مثال ذلك تصريح شخص بعدم وجوده في ساعة معينة و مكان معين مع ذكر اسمه من طرف شخص يصرح عكس ذلك – فيمكن أن يستجوبا معا و التحقق من و جوده أو عدم وجوده.
8- التوقيف للنظر ( الوضع تحت المراقبة ) : إن التوقيف للنظر إجراء خطير لكونه يمس الحرية الشخصية للأفراد لكنه ضروري لإجراء التحريات التي يقوم بها المحققون ( ضابط الشرطة القضائية ) لإظهار الحقيقة و معرفة ملابسات و مرتكبيي الجرائم – و نظرا للأهمية القصوى فلقد نص عليه الدستور ( دستور 1996 ) في المادة 48 .
" يخضع التوقيف للنظر في مجال التحريات الجزائية القضائية للرقابة القضائية و لا يمكن أن يتجاوز مدة ثمانية و أربعين 48 ساعة ".
" يملك الشخص الذي يوقف حق الاتصال فورا بأسرته و لا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا استثناء ووفقا للشروط المحددة بالقانون . و لذى انتهاء مدة التوقيف للنظر يجب أن يجرى فحص طبي على الشخص الموقوف إذا طلب ذلك على أن يعلم بهذه الإمكانية "
    و لحماية الأفراد من أي تجاوز أو تعسف يمس حقوقهم و حرياتهم نص المشرع على ضرورة مراعاة إجراءات صارمة ووضع قواعد قانونية في قانون الإجراءات الجزائية يتحتم على ضابط الشرطة القضائية أن يلتزم بها و يحترمها, و إذا أخل بها تعرض الإجراء                                            


للبطلان النسبي أو المطلق و قد يصل هذا الإخلال إلى حد اعتباره جريمة حبس شخص تعسفيا يترتب عنها متابعة المسؤول قضائيا.
    و تتعلق القواعد القانونية التي تنظم إجراء التوقيف للنظر بمدة هذا الإجراء و أشخاص المؤهلين لاتخاذه و المكان الذي يودع فيه المحتجزون و الأسباب التي تخول أو تبرر توقيف الشخص للنظر و كذا الحقوق و الضمانات يتمتع بها كل من أتخذ ضده هذا الإجراء.
أ- من له الحق في اتخاذ إجراء التوقيف للنظر: حرصا على توفير ضمانات أكثر لحريات الأفراد, قصر المشرع حق تقرير تنفيذ هذا الإجراء على المشتبه فيه على ضابط الشرطة القضائية باعتباره يتمتع بتكوين مهني و قانوني و تجربة تساعده على تقدير الموقف و مدى ضرورة اللجوء لمثل هذا الإجراء و لا يستطيع أعوان الشرطة القضائية اتخاذ هذا الإجراء, فدورهم يقتصر على تنفيذ أوامر ضابط الشرطة القضائية و القيام بالأعمال التي يأمرهم بها كحراسة المحجوزين و مساعدته على تفتيشهم.
كما يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي يقرر توقيف شخص للنظر أن يخطر بذلك فورا و كيل الجمهورية.
ب- مدة التوقيف للنظر: إن مدة وضع الشخص تحت المراقبة أو توقيفه للنظر حسب تعبير الدستور و قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالقانون رقم 01/08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 ( المادة 48 من الدستور – المادة 51 من ق إ ج ) لا يجب أن تتجاوز ثمان و أربعين (48) ساعة و يمكن مضاعفة هذه المدة لتصبح 96 ساعة إذا تعلق الأمر بجرائم تمس أمن الدولة , أما في حالة جرائم الإرهاب و التخريب فإن مدة الحجز تحت المراقبة تمدد لتصبح اثنا عشر (12) يوما ( المادتان 51-65 من ق إ ج ) و نلاحظ أن المشرع هنا فسح المجال واسعا لمصالح الأمن و الهيئات التنفيذية كي تتمكن من إجراء تحرياتها التي غالبا ما تتطلب وقتا أطول نظرا لتورط عدد كبير من الأفراد في جرائم ( الإرهاب و التخريب أشخاص منظمون , أشخاص مخططون , أشخاص ممولون , أشخاص مكلفون بالتسليح , و أشخاص منفذون ) فالعمليات الإرهابية غالبا ما تتصل بتنظيم و شبكة تضم أشخاصا من مختلف الاختصاصات و منتشرين عبر التراب الوطني و أحيانا حتى في الخارج الأمر الذي يجعل استكمال التحريات و


تقضي الوقائع و التعريف على المنفذين و المخططين أمرا في غاية الدقة و الصعوبة و يتطلب وقتا طويلا و تحريات معقمة .
   و من الناحية العملية يجب على المحقق أن يكون عارفا بلحظة بدء حساب مدة الحجز تحت المراقبة إذن فحساب المدة يبدأ من لحظة ضبط الشخص في حالة التلبس , أو من لحظة تبليغه بأنه موقوف للنظر , و إذا منع الشخص من مبارحة مكان الجريمة أو تبليغه بضرورة إخضاعه لإجراء فحص الهوية فإن حساب المدة يبدأ من لحظة التبليغ .
    و بالنسبة للشخص الذي تؤخذ أقواله تم يرى ضابط الشرطة القضائية أن توقيفه للنظر ضروري لمجريات و مقتضيات التحقيق فإن المدة تحسب من لحظة بداية أخذ تصريحه, و يبدأ حساب هذه المدة من لحظة تقديم الشخص أمام ضابط الشرطة القضائية إذا أرغم على ذلك.
   و يلاحظ من قراءة المادتين 51و65 من ق إ ج أن مدة التوقيف للنظر في حالة قيام دلائل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على ضلوع الشخص المحجوز في ارتكاب الجريمة المتلبس بها  هي 48 ساعة و يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يقتاده أمام السيد و كيل الجمهورية دون أن تتجاوز مدة احتجاز 48  ساعة و ذلك ما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة 51 من ق إ ج  و هي المادة التي تندرج تحت عنوان في الجناية أو الجنحة المتلبس بها                                            ومما يستخلص من هذه المادة أنه يجوز تمديد مدة التوقيف للنظر في هذه الحالة على خلاف التوقيف للنظر المتخذ لمقتضيات التحقيق و المنصوص عليه في المادة 65 من ق إ ج و التي تندرج تحت عنوان في التحقيق الابتدائي " حيث تخول الفقرة الثانية لوكيل الجمهورية تمديد التوقيف للنظر لمدة 48 ساعة بعد تقديم المشتبه فيه أمامه و فحص ملف القضية .
    أما الفقرة الثالثة من هذه المادة فلقد نصت على أن وكيل الجمهورية يمكنه بصفة استثنائية الإذن بتمديد مدة الحجز بقرار مسبب دون تقديم الموقوف للنظر أمامه و في الحالتين يكون قرار التمديد بإذن مكتوب .
و تنتهي هذه المدة ( أي نهاية حساب مدة التوقيف للنظر ) بتسريح الشخص أي إطلاق سراحه أو بتقديمه أمام النيابة ( وكيل الجمهورية ) .
و تجدر الإشارة إلى أن المادة 37 من القانون رقم 04-18 المؤرخ في 25/12/2004 تخول وكيل الجمهورية تمديد مدة التوقف للنظر 3 مرات ( 6 أيام ) بإذن كتـــابي, و باستجواب

الشخص و فحص ملف التحقيق في جرائم المخدرات مع الإشارة إلى أن المادة 51 مقترح تعديلها في قانون قيد الدراسة.    
ج- أسباب أو حالات التوقيف للنظر: لضابط الشرطة القضائية الحق في وضع شخص تحت المراقبة لسببين أو في حالتين:
أولهما لمقتضيات التحقيق و ثانيها إذا قامت ضد شخص دلائل قوية و متناسقة من شأنها تدلل على اهتمامه, و تشمل الحالة الأولى خاصة الأشخاص الذين منعوا من مبارحة مكان الجريمة أو الذين يجب التحقق من هويتهم و كذلك الأشخاص الذين يمكنهم أن يقدموا معلومات هامة حول الجريمة و مرتكبيها.
   و مهما يكن من أمر فإن ضابط الشرطة القضائية الذي يباشر تحرياته هو الوحيد الذي يقدر مدى ضرورة و فائدة اتخاذ إجراء التوقيف للنظر لمقتضيات التحقيق لكونه مطلعا على ملابسات القضية. كل ما في الأمر عليه أن يدرك أن هذا الإجراء, في طبيعته, يعد مساسا بحرية الأشخاص, لذلك لا يجب اللجوء إليه إلا عند الضرورة و في حدود الإجراءات التي حددها القانون تحت طائلة العقاب الجنائي عند تجاوز حدود تلك الإجراءات.
أما السبب الثاني فيتعلق بالأشخاص الذين تظهر التحريات ضدهم دلائل قوية و متناسقة ترجح احتمال إدانتهم و تجعل أمر تورطهم في ارتكاب الجريمة واردا .
د- مكان التوقيف للنظر :يحجز الشخص الموقوف للنظر في أحد الأماكن التالية :
مكان التحقيق ( منع الشخص من مبارحة مكان الجريمة و إبقائه في سيارة الخدمة أو في مكان التحقيق يعد وضعه تحت المراقبة ) .
-عادة و في غالب , يوضع الشخص الموقوف في حجرة الأمن بفرقة الدرك الوطني أو مركز الشرطة .
- يمكن حجز الشخص عند الضرورة في مقر البلدية .
- حذار – لا يجوز بأي حال من الأحوال قضاء مدة الحجز تحت المراقبة داخل مؤسسة عقابية – فمسؤول السجن لا يقبل إيداع شخص السجن إلا بمقتضى أمر إيداع صادر عن السلطة القضائية.


   و يلاحظ أنه للمحافظة على أمن الشخص موضوع الوضع تحت المراقبة و أمن أفراد الدرك و الشرطة يخضع المعني لتفتيش جسدي ينزع منه كل شيء يمكن أن يشكل خطرا على سلامته الشخصية و حياة المحققين فتنزع منه سيور الحذاء و ربطة العنق و الحزام... الخ و يجب أن يتم تفتيش الأنثى من طرف امرأة يتم تسخيرها أو يلجأ إلى أحدى النساء كالمساعدة الاجتماعية و عند الضرورة زوجة ضابط الشرطة القضائية .
هـ - حقوق الشخص موضوع التوقيف للنظر : ( أنظر م 51 من ق إ ج ) :فور اتخاذ قرار توقيف شخص للنظر , فإن ضابط الشرطة القضائية ملزم قانونا بأن يمكن الشخص المحجوز من الاتصال فورا و مباشرة بعائلة و السماح لأقاربه بزيارته , و عادة ما يتم ذلك بواسطة الهاتف – و يجب في كل الحالات مراعاة التدابير التي تساعد على الاحتفاظ بسرية التحريات من جهة و ضمان أمن أفراد الوحدة من جهة أخرى .
   ضرورة إخضاع الشخص الموضوع تحت المراقبة لفحص طبي في أي لحظة طيلة مدة الحجز إذا أمر بذلك وكيل الجمهورية أو إذا تطلبت حالته الصحية ذلك أو بطلب من أحد أفراد عائلته. عند نهاية مدة الحجز و لضمان حسن سير الإجراءات و عدم الطعن في مصداقيتها فإن الشخص المحجوز يبلغ بأن القانون يمنحه حق طلب فحصه من طرف طبيب يختاره هو أو محاميه أو أحد أفراد عائلته – و إذا لم يطلب الشخص إجراء الفحص فيوصى بإجرائه بمبادرة من ضابط الشرطة القضائية.
   و هذا المسلك من شأنه أن يمنع على الشخص طريق التحاليل أو ادعاء بأن أقواله و تصريحاته المسجلة في محضر الضبط القضائي أدلى بها تحت التهديد أو الضرب من طرف المحققين.
   يجري الفحص عادة في عيادة الطبيب أو المستشفى أو في مكتب الضابط الشرطة القضائية يجب عليه أن يتخذ كل الإجراءات و التدابير الوقاية لمنع فرار الشخص أو احتمال تعديه على الطبيب فيحظر بنفسه الفحص و يأمر بحراسة المعني و غلق الباب الخارجي.
   إذا منع المحقق من حضور الفحص تحت ذريعة سرية الأعمال الطبية فيبلغ ضابط الشرطة القضائية وكيل الجمهورية و ينفذ تعليماته.


   و قد يكون الشخص الموضوع تحت المراقبة ذا صحة هزيلة أو مصاب بمرض يتنافى و إمكانية حجزه و يكون ذلك بناءا على معاينة طبية.
فيجب إبلاغ النيابة و الرؤساء السلميين و الالتزام بتعليماتهم ( كنقل المريض إلى المستشفى و حراسته ...)
و لضمان احترام المحقق للإجراءات المشار إليها سلفا فإن القواعد القانونية و التنظيمية تلزمه بالإشارة الى جملة من البيانات في المحضر و في سجل الوضع تحت المراقبة الذي يفتح في كل مركز للشرطة أو الدرك يمكن أن يحتجز فيه الموقوف للنظر و تسجل فيه البيانات التالية:
- تاريخ و ساعة بداية سريان مدة التوقيف للنظر.
- اسم و لقب الشخص المحجوز.
- سبب اتخاذ إجراء التوقيف للنظر ( لمقتضيات التحقيق- وجود دلائل قوية و متنافسة تدلل على إمكانية اتهامه ).
- مدة التصريحات و الاستجوابات.
- تاريخ و ساعة نهاية مدة التوقيف للنظر و اقتياد الوقوف أمام النيابة.
و- اقتياد الموقوف للنظر أمام النيابة: بعد استكمال التحريات وإنهاء تحرير المحاضر يقتاد الشخص أمام النيابة مر فوقا بملف يتضمن أصل المحضر زائد نسخة طبق الأصل و كل المستندات و الأحراز الناتجة عن التحقيق و على ضابط الشرطة القضائية أن يتخذ كل التدابير التي من شأنها أن تمنع فرار الشخص أو اعتدائه على رجال الأمن ( عدد كافي من المرفقين وضع القيود...الخ ) و لا سيما في المحكمة و عند اقتياده إلى السجن
المبحث الثاني: التحقيق الأولي و الإنابة القضائية
المطلب الأول :التحقيق الأولي
الفرع الأول: تعريف التحقيق الأولي و خصائصه
1-التعريف: يقصد بالتحقيق الأولي ذلك الشكل من أشكال التحقيقات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية و التي يعتبر الوسيلة المعتادة التي يبلغ بها النيابة عن الجرائم التي يعاينها . فهو يقابل تحقيق الجريمة المتلبسة, و هذا التحقيق أكثر سهولة من حيث الشكليات و ليس لضابط الشرطة القضائية حق استعمال الإجراءات القسرية بشكل واسع .

     و تفاديا لاي التباس’ فضلنا تسميته بالتحقيق الاولي (enquête préliminaire) تمييزا له عن التحقيق الابتدائي(instruction préparatoire  )الذي هو تحقيق قضائي يقوم به قاضي التحقيق.
   فالنص العربي في الفصل الثاني من قانون الإجراءات الجزائية يورد عبارة في التحقيق الابتدائي كترجمة لعبارة (préliminaire enquête) و في المادة 66 يترجم instruction préparatoireبنفس اللفظة "التحقيق الابتدائي " و هذا مجانب للصواب إذا كيف نترجم معنيين مختلفين بعبارة واحدة.
  لهذا السبب نحبذ استعمال مصطلح "التحقيق الأولي " و هناك من يطلق عليه تحقيق جمع الاستدلالات _ أو محضر التحريات الأولية أو البحث الأولي.
2_الخصائص: يتصف التحقيق الأولى بجملة من الخصائص نوردها فيما يلي :
- إجراءات التحقيق الأول سهلة و مرنة حيث أن تحرير المحضر لا يتطلب الشكليات الصارمة المتطلبة في إجراءات الجريمة المتلبسة.
- التحقيق الأولى تحقيق بوليسي فهو عمل من أعمال مصالح الأمن و الشرطة أي أنه بالرغم من خضوعه لرقابة القضاء يبقى عملا تنفيذيا و إداريا, باعتباره أن مصالح الأمن جزء من السلطة التنفيذية.
- تستهدف إجراءات التحقيق الأولى لتصدي لظاهرة الإجرام و مواجهة الجريمة بسرعة و فعالية استجابة لتطلعات المجتمع إلى الأمن و الاستقرار.
- التحقيق الأولى سري فرجال الدرك و الشرطة يلتزمون بالسرية التامة أثناء ممارسة تحرياتهم ولا يحق لضابط الشرطة القضائية أن يبلغ معلومات علم عنها أثناء التحريات لأي طرف غير معني بالقضية فلا يجوز تبلغيها الى محامي أو الى وسائل الإعلام .
- التحقيق الأولى تحقيق تنقيبي Inquisitoire  فالمحقق يلتزم الحياد و الموضوعية و يكتفي بالبحث عن الحقيقة
- التحقيق الأولي غير حضوريnon contradictoire و لكن يمكن أن يلجا المحقق إلى المواجهة و الاستجواب في حدود ما يسمح به القانون و التنظيم.


- تغليبا للنجاعة و المصلحة العامة الرامية إلى مكافحة الجريمة لا يتمتع المشتبه فيه بالضمانات المتعلقة بحق الشخص في الدفاع فلا يجوز أن يحضر محاميا للدفاع عنه أثناء التحقيق الأولي فالنظام القانوني الجزائري لم يأخذ بهذا المبدأ بالرغم من أن فقهاء القانون و المتهمون بحقوق الإنسان و المؤتمرات الدولية توصي بضرورة السماح للمحامي بحضور مرحلة التحريات الأولية. غير أن ذلك لا ينفي اهتمام المشروع و حرصه على توفير كل الضمانات و الحقوق التي لا يجوز المساس بها الا بالقدر الضروري للكشف عن الحقيقة و طبقا لما يقرره القانون.
   و لقد سمح المشرع بحضور المحامي خلال استجواب المشتبه فيه من طرف وكيل الجمهورية طبقا للفقرة الثانية من المادة 59 المعدلة لقانون 04_13 كما سبق بيانه.
- التحقيق الأولي تحقيق شرعي أي يستند إلى القانون حيث تنص عليه المواد 63_64_65 من قانون الإجراءات الجزائية .
- الأعمال و التحريات التي تنفذ في إطار التحقيق الأولى تعتمد على الرضا الصريح للأشخاص المعنيين ( تفتيش المساكن و الأشخاص ) .
- رغم أن التحقيق الأولي لا يمنح لضابط الشرطة القضائية مجالا واسعا في اللجوء الى الإجراءات القسرية, غير أن القانون منحه بعضا من تلك الإجراءات الضرورية لممارسة تحرياته كالقبض و التوقيف للنظر و تفتيش المساكن.
3-متى يفتح التحقيق الأولي و من المكلف بإجرائه ؟
  يمكن القيام بالتحريات في إطار إجراءات التحقيق الأولي سواء قبل فتح التحقيق القضائي أو بعده و تتولى القيام به النيابة العامة و ضابط الشرطة القضائية و أعوان الشرطة القضائية.
أ‌-       قبل فتح تحقيق قضائي: يمكن لضابط الشرطة القضائية يفتح تحقيقا أوليا, و يشرع في تحرياته.
- سواء بمبادرة منه في إطار ممارسة مهامه العادية ( الشرطة القضائية – الشرطة العسكرية – الشرطة الإدارية ) و هذا ما تخوله إياه المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية ( و تناط بالضبط القضائي مهمة البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها مادام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي ...)

   و المادة 63 التي تنص على مايلي:
" يقوم ضابط الشرطة القضائية بالتحقيق الإبتدائي للجريمة بمجرد علمهم بوقوعها إما بناء على التعليمات وكيل الجمهورية و إما من تلقاء أنفسهم "
- كما يفتح ضابط الشرطة القضائية التحقيق الأولي بناء على تعليمات وكيل الجمهورية الذي يمكن أن تصل إلى عمله معلومات حول ارتكاب جرائم أو أعمال مخالفة للقانون سواءا عن طريق الشكاوى أو البلاغات التي يتلقاها من المواطنين كضحايا الجرائم المرتكبة أو الذين شاهدوا وقائع الجريمة.
    بالرغم من أن القانون يخول وكيل الجمهورية سلطة التحري عن الجرائم و معاينتها بهدف جمع الأدلة و البحث عن المجرمين إلا أنه على الصعيد العملي نادرا ما يقوم بذلك و يكلف ضابط الشرطة القضائية بهذه المهمة لأنه المختص أساسا و أصالة بهذه المهام.
- كما أن الرؤساء المباشرين لضابط الشرطة القضائية, قد تصلهم معلومات فيأمرونه بفتح تحقيق للتحري عن صحتها و الكشف عن ملابسات القضية بإجراء تحقيق أولي , و عند اللزوم يكون رئيس ضابط الشرطة القضائية فريقا من المحققيين يتولى إدارته بنفسه لأن له صفة ضابط الشرطة القضائية و يكون ذلك خاصة عند التحقيق في الجرائم الخطيرة أو المعقدة التي تستلزم سماع عدد كبير من الأشخاص و إجراء تحريات لا يمكن لمحقق واحد القيام بها و غالبا ما يلجأ لذلك في مجال التحقيق في الجريمة المنظمة ( جرائم الإرهاب – جرائم المخذرات – جرائم تزيف العملة – جرائم التزوير ...الخ ).
ب- بعد فتح التحقيق قضائي: إن القاعدة العامة هي أن يكلف قاضي التحقيق أحد ضابط الشرطة القضائية نيابة عنه بالقيام بعمل من الأعمال الضرورية أثناء التحقيق القضائي بواسطة ما يعرف بالندب القضائي أو الإنابة القضائية.
   غير أن قاضي التحقيق بإمكانه أن يلجأ إلى هذه الوسيلة و يكتفي  بطلب عادي يوجهه الى ضابط الشرطة القضائية , قصد التحقيق من نقطة فرعية أو تمحيص مسألة ما , فينفذ ضابط الشرطة القضائية ذلك محضر تحقيق أولي .



    كما قد يطلب وكيل الجمهورية من ضابط الشرطة القضائية البحث عن معلومات تكميلية بعد إصدار طلب افتتاحي أو أمر إحالة و قد يطلب البحث عن وقائع أو أدلة جديدة بعد إصدار أمر بالا وجه للمتابعة Ordonnance de non lieu ) (.
الفرع الثاني: المختصون قانونا بإجراء التحقيق الأولي
1- النائب العام ووكيل الجمهورية: يشرف النائب العـام على الشرطــة القضائية لقضائـي ( المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية ) و بما أن إجراءات التحقيق الأولي هي من مهام الشرطة القضائية فإن النائب العام يمكنه أن يأمر ضابط الشرطة القضائية بفتح تحقيق أولي سواء مباشرة أو بواسطة وكيل الجمهورية و يتمثل هذا الإشراف خاصة في تدخله عند ارتكاب أخطاء من ضابط الشرطة القضائية في تنفيذ القانون كما يتجسد الإشراف في مسك ملفات ضابط الشرطة القضائية العاملين في دائرة اختصاصه حيث يتم تنقيطهم سنويا في ما يتعلق بطريقة أداء مهامهم الخاصة بالشرطة القضائية.
   و يتولى وكيل الجمهورية إدارة أعمال ضابط الشرطة القضائية ( الضبط القضائي ) و يمكنه أن يقوم بالصلاحيات المخولة لضابط الشرطة القضائية بنفسه أو يأمرهم بالقيام بجميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.
   إن وكيل الجمهورية هو القاضي الذي يتصل به ضابط الشرطة القضائية دوما سواء لإخطاره بوقوع جريمة أو طلب تعليمات لكيفية التصرف إزاء وقائع معنية أو أشخاص معنيين و عليهم أن ينفذوا تلك التعليمات في إطار إجراءات التحقيق الأولي و بالنظر لمركزه كمدير لنشاط الشرطة القضائية يمكنه في قضية ما و نظرا لأسباب معتبرة أن يعفي ضابط الشرطة القضائيـة من التحقيق فيها و يـكلف أخـر سواء من نفس الهيئة (الدرك ) أو من هيئة أخرى ( الشرطة ).
2- ضابط الشرطة القضائية: ضابط الشرطة القضائية ( من الدرك أو الشرطة) هو المختص أساس في إجراء التحقيقات الأولية و هذا ما تنص عليه الماد 63 من قانون الإجراءات الجزائية فضابط الشرطة القضائية هو الذي يتولى تنفيذ كل الإجراءات المختلفة التي تسمح بالتحري عن الجرائم و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها و يحرر بشأن تلك الأعمال محاضر يرسلها إلى وكيل الجمهورية لاتخاذ الإجراء المناسب بشأنها بتحريك الدعوى العمومية أو الحفظ..

3- أعوان الشرطة القضائية: إن إجراء التحقيق الأولي من اختصاص ضابط الشرطة القضائية غير أنه بموجب المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحدد اختصاصات عون الشرطة القضائية ليس هناك ما يمنع من تحرير محاضر التحقيق الأولي من طرف أعوان الشرطة القضائية ممثلين في ذلك لأوامر رؤسائهم حيث تنص هذه المادة على ما يلي" يقوم أعوان الضبط القضائي الذين ليست لهم صفة ضابط الشرطة القضائية بمعاونة ضابط الشرطة القضائية في مباشرة وظائفهم و يثبتون الجرائم المقررة في قانون العقوبات ممثلين في ذلك للأوامر رؤسائهم مع الخضوع لنظام الهيئة التي ينتمون إليها , و يقومون بجمع كافة المعلومات الكاشفة عن مرتكبي تلك الجرائم "
   و من الناحية العملية يحرر أعوان الشرطة القضائية محاضر التحقيق الأولي عدا تلك المتعلقة بإجراءات تدخل ضمن اختصاص ضابط الشرطة القضائية :كمحاضر " معلومات قضائية – معلومات إدارية " – و على أية حال فإن أعوان الشرطة القضائية هم الذين يتولون الأعمال التنفيذية كالمعاينات و التصوير الفوتغرافي و رفع البصمات و عمليات الكتابة على الآلة الراقنة أو الحاسوب و هم المساعدون لضابط الشرطة القضائية و يعملون تحت إشرافهم و يأتمرون بأمرهم .
4-الموظفون و الأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية: و هم الفئة التي خولتها المادة 21 من قانون الإجراءات الجزائية القيام بالبحث و التحري عن الجنح و المخالفات المرتكبة إخلالا بالتشريعات و التنظيمات الخاصة مثل الصيد و الصرف و تحويل رؤوس الأموال من و إلى خارج حيث يقوم هؤلاء الموظفون بالمهام التي يخولهم إياها القانون فيعاينون تلك الجنح و المخالفات و يحررون بشأنها محاضر.
   و بالرغم من المادة 21 أشارت إلى رؤساء الأقسام و المهندسين و الأعوان الفنيين و التقنين المختصين في الغابات و حماية الأراضي و استصلاحها فإن لم نذكر كل الموظفين و الأعوان على سبيل الحصر بل أوردت عبارة الأعوان الفنين الذين عينوا في أنظمة خاصة و نصوص خاصة مما يترك الباب مفتوحا لكل موظف أو عون ينص القانون على تأهيله و اختصاصه لإجراء تحريات.و على سبيل المثال فإن الأمر 96-22 المؤرخ في 09 يوليو 1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من

والى الخارج ينص في المادة 07 على اختصاص أعوان الجمارك و موظفي المفتشية العامة للمالية و أعوان البنك المركزي من رتبة مفتش و مراقب و الأعوان المكلفين بالتحقيقات الاقتصادية في معاينة جرائم التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال.
الفرع الثالث : إجراءات التحقيق الأولي بالنسبة للضبطية القضائية
أ- المعاينات:  إن المعاينات المختلفة ( وصف المكان – وضع التصاميم – رفع البصمات و الآثار – التقاط الصور الفوتوغرافية...الخ ) يستلزم بالضرورة التنقل إلى مسرح الجريمة و في حالة التحقيق الأولي لم ينص المشرع صراحة على التنقل كما هو الشأن بالنسبة لإجراءات الجريمة المتلبسة ( المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية) غير أن المحقق لا يمكنه القيام بالتحريات و المعاينات دون التنقل إلى مسرح الجريمة لذلك فإن هذا التنقل ضروري و لو لم ينص عليه القانون صراحة في مجال التحقيق الأولي .
   فالتنقل لمسرح الجريمة يمكن المحقق من البحث عن الأدلة و الآثار المادية للجريمة و معرفة العناصر الضرورية لإظهار الحقيقة و التعرف على مرتكبيها.
   إن المحقق عندما يتولى إجراء التحريات بطريقة التحقيق الأولي يستطيع القيام بكل الأعمال و التحريات التي تسمح له بالبحث عن الأدلة و الآثار المادية و البحث عن المرتكبين و الكشف عن كل ملابسات الجريمة ...و ليس هناك أي قيد على أعماله ماعدا عدم تجاوزه للضمانات القانونية المقررة في قانون الإجراءات الجزائية المتمثلة في مختلف الشكليات الواجب احترامها فيما يتعلق بالقبض و تفتيش المساكن و التوقيف للنظر.... الخ و هو ما يجعل كل ما يقوم به مندرجا في إطار مبدأ الشرعية الإجرائية.
  و القراءة المتأنية للنصوص القانونية الإجرائية تبين أن المحقق في هذا الشكل من الإجراءات ليس له سلطة اللجوء إلى الإجراءات القسرية ( Mesures coercitives ) بشكل واسع لمنع الأشخاص من مغادرة المكان و تسخير الأشخاص المؤهلين و إلزام الشهود بالحضور كما هو الشأن في إجراءات التلبس.
ب- سماع الأشخاص: إن إدلاء الأشخاص بأقوالهم سواء كانوا شهودا أو مشتبها فيهم يعبر عنه بسماع الأشخاص أو أخذ التصريحات أو تسجيل الأقوال و هي تعابير مختلفة لمضمون واحد .و يمكننا في هذا الصدد أن نميز بين الإدلاء بالأقوال و التصريحات بصـورة تلقائية و

ذلك بمناسبة تقديم الشكاوى و البلاغات أمام ضابط الشرطة القضائية و التصريحات التي تدلي بها في إطار التحقيق الأولي عندما يستدعي المحقق شخصا له علاقة بموضوع التحقيق و الشخص الذي يدلي بأقواله يكون إما شاهدا أو مجنيا علية أو متضررا مدنيا أو مشتبها فيه.
    و تسجيل التصريحات أو الأقوال التي يتلقاها ضابط و أعوان الشرطة القضائية التابعين للدرك الوطني على دفتر (يسمى دفتر التصريحات )"  و هو وثيقة رسمية و مصادق عليها يسلم لكل عسكري بمجرد التحاقه بالوحدة و يحفظ في الأرشيف عند اختتامه أو مغادرة المحقق الوحدة و يمكن أن تسجل التصريحات مباشرة على المحاضر كما هو معمول به لدى مصالح الأمن الوطني أو بعض الموظفين المؤهلين لإجراء التحقيقات الأولية .
   و يكون التصريح على شكل سرد لوقائع القضية من طرف المصرح و يمكن أن يكون ذلك على شكل استجواب بين شخصين فأكثر , حيث أن المحقق يبدأ تسجيل أقوال الشخص المعني , تم يمكنه أن يطرح عليه أسئلة بغرض طلب توضيحات أو تفسيرات إضافية , قد يغفل عنها أو يتناساها المصرح .
   و قانون الإجراءات الجزائية لم يحدد أساليب و تقنيات معينة لكيفية أخذ التصريحات يبد أن برامج التكوين في مدارس الدرك و الشرطة تتضمن دروسا يلقن فيها المتربصون تقنيات و أساليب تحرير المحاضر و كيفية تسجيل التصريحات, حيث يبدأ المحقق تسجيل اسمه ورتبته ووظيفته تم مكان و تاريخ أخذ التصريح و اسم و لقب الشخص المصرح ونسبه ووظيفته و مهنته و حالته العائلية و عنوانه و ساعة بداية و نهاية التصريح و في هذا السياق من المفيذ التنبيه إلى النقاط التالية :
1- إن المحقق عليه أن يكتفي بتسجيل التصريح بأمانة و بأسلوب سهل وواضح حتى يفهم القاضي تسلسل الوقائع و دون أن يدلي بأي رأي أو انطباع أو تعليق شخصي.
2- أخذ تصريحات القصر ( الأحداث ) تتم بحضور الوالي الشرعي ( الأب, الأم..) .
3- الامتناع عن تسجيل أقوال أو تصريحات أي شخص بحضور محاميه فإذا أصدر المعني على حضور المحامي توجب إبلاغ وكيل الجمهورية وتنفيذ تعليماته و إخبار الرؤساء السلميين, و نذكر أن الشخص في التحقيق الأولي ليس ملزما قانونا بالإدلاء بأقواله و لا يحق لضابط الشرطة القضائية استعمال الإجراءات القسرية لإجباره على ذلك و في حالــة الرفـض تجب

الإشارة إلى ذلك في المحضر و الرجوع إلى النيابة و الرؤساء التصاعديين و الالتزام بتعليماتهم.
ج- التوقيف للنظر: في إطار إجراءات التحقيق الأولي يخول القانون لضابط الشرطة القضائية توقيف شخص للنظر إذا دعت مقتضيات التحقيق ذلك و هذا ما تقرره المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية, و مدة الحجز و تتجاوز 48 ساعة يقدم الشخص المحجوز قبل انقضائها أمام وكيل الجمهورية.
   و يجوز لوكيل الجمهورية أن يمدد بإذن كتابي مدة الحجز إلى مدة أخرى لا تزيد عن 48 ساعة بعد فحص الملف و ذلك بعد تقديم الشخص أمامه, و يمكن أن يصدر هذا الإذن استثنائيا دون تقديمه و في حالة جرائم الإرهاب و التخريب يمكن تمديد مدة الحجز إلى 12 يوما ( المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة ) و يكون هذا التمديد بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية و هذا ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 65 حيث أحالت على ضرورة تطبيق المادة 51.
   ويجب أن تراعي مختلف الإجراءات الشكلية المتعلقة بتسجيل الموقوف للنظر في سجل التوقيف للنظر و الفحص الطبي إذا طلب ذلك وحقه في الاتصال بعائلته و كل الإجراءات التي تنص عليها المواد 51و 51 مكرر و 51 مكرر 1و 52 من قانون الإجراءات الجزائية و التي سبق أن تعرضنا إليها بالتفصيل في التحقيق في الجريمة المتلبسة.فالحقوق المقررة للموقوف للنظر في حالة التلبس هي نفسها التي يستفيد منها الموقوف للنظر في إطار التحقيق الأولي .
( المادة 65 معدلة بموجب القانون 01-08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 ).
د- تفتيش المساكن و حجز الأشياء و المستندات و التفتيش الجسدي: يقوم المحقق أثناء تحرياته بالبحث عن أي شيء يساعد على إظهار الحقيقة و لا يتأتى ذلك إلا بالبحث عن القرائن و الأدلة من الشهادات و  المستندات و الأشياء و الدلائل المادية و المعنوية و هي العناصر أو المادة الخام التي يتعمد عليها القاضي بعد التحري و التقصي و التمحيص لتكوين اقتناعه الشخصي لإدانـة أو تبرئة المشتبـه فيه .يتمكـن المحقق من وسيلة الوصول إلى تلك


العناصر بواسطة تفتيش المساكن و الأشخاص و حجز ما عثر عليه و تحريزه ليستغل في إظهار الحقيقة
1- تفتيش المساكن و ضبط الأشياء و المستندات: ( Perquisition et saisi )
  إن البحث عن الأشياء و المستندات التي لها علاقة من قريب أو من بعيد بالجريمة يتطلب في غالب الأحيان الدخول إلى مسكن المشتبه فيه لذلك منح المشرع ضابط الشرطة القضائية حق تفتيش المساكن بموجب المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن تفتيش المسكن لا يتم إلا برضاء صريح من رب المنزل موضوع التفتيش , و يكون الرضاء صريحا و يكتب بخط يد المعني و إذا كان لا يعرف القراءة و الكتابة يمكنه أن يستعين بشخص يختاره و يشار إلى ذلك في محضر التحقيق .
   أما بالنسبة للإجراءات الشكلية المتعلقة بزمن التفتيش و حضور صاحب المنزل و تقديم المضبوطات إليه للتعرف عليها فإن المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية تحيل الى المادتين 44 إلى 47 من قانون الإجراءات الجزائية و هي المواد التي تتناول إجراءات تفتيش المسكن و قد سبق أن تعرضنا إليها سابقا .
  و نشير هنا إلى أنه قبل تعديل 1982 للمادة 44 كان ضابط الشرطة القضائية باستطاعته تفتيش المسكن إذا كان يجري تحرياته تبعا للتحقيق في الجريمة المتلبسة غير أن المشرع و حرصا منه على دعم ضمانات حماية حرمة المسكن – أخضع إجراء تفتيش المسكن و لو في حالة التلبس إلى إذن مكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الإذن قبل الدخول إلى النزل و المشروع في التفتيش.
لذلك فإن دخول المنزل يكون إما بإذن مكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق في حالة التحقيق في الجريمة المتلبسة, و بناء على رضاء صريح من رب المسكن في حالة التحقيق الأولي, غير أنه على الصعيد العملي , يحبذ المحققون طلب الإذن المكتوب في حالة التحقيق الأولى ,  و ذلك تفاديا لأي تأويل أو نزاع في تفسير المواد القانونية و ضمانا لهم من أي اتهام بتجاوز القانون و هو المسلك الملائم إذا أن دخول المساكـن بناءا على إذن قاضـي
المختص يعد ضمانة لإضافية لاحترام حرمة المساكن ويجعل أعمال ضابط الشرطة القضائية تحت رقابة القضاء.
 
   و حبذا لو نص المشرع على حالة رفض صاحب المنزل السماح للمحقق بدخول المسكن و في الواقع فإن المحقق في هذه الحالة يلجأ إلى وكيل الجمهورية لاستصدار إذن مكتوب بالتفتيش مع مراعاة اتخاذ كل الإجراءات التحفظية لمنع طمس الآثار أو اختفاء الأشياء و المستندات كتطويق المسكن و منع الأشخاص من الدخول و الخروج منه إلا بعد التفتيش مثلا .
و الصياغة السليمة للرضاء الصريح لرب المنزل تكون على النحو التالي " علما أنه في إمكاني الاعتراض عن تفتيش مسكني , أصرح لكم برضائي عن قيامكم بإجراءات التفتيش و الضبط التي ترونها مفيدة لتحرياتكم و تحقيقكم الجاري .
   بعد التفتيش المنزل تفتيشا دقيقا يتم تقديم الأشياء و المستندات لصاحب المنزل للتعرف عليها تم ترقم و توضع في أحراز يحمل كل منها رقما و رقم المحضر و مكان العثور على الشيء و محتواه .و على المحقق أثناء تفتيش المسكن أن يتصرف بحكمة و حذاقة مراعيا العادات و التقاليد دون أن يغفل ما يجب أن يتحلى به من ذكاء و يقظة حتى لا يلجأ أصحاب المنزل إلى إخفاء بعض الأشياء أو إزالة بعض الآثار .
2- التفتيش الجسدي: ( La fouille )   إن التفتيش الذي ينفذ على جسم الشخص المشتبه فيه أو على أمتعة أو سيارته يكتسي أهمية كبيرة في مجرى التحريات , إذا يسمح بالعثور و الكشف عن آثار أو أشياء أو مستندات تساعد على إظهار الحقيقة و تكوين الأدلة أو على الأقل الدلائل و القرائن التي قد تساعد على إدانة الشخص و الكشف عن تورطه أو علاقته بوقائع الجريمة .
   و قد يطرح السؤال التالي: ما هي الإجراءات الواجب إتباعها لتفتيش شخص هل يجب طلب منه ذلك و عدم تفتيشه إلا برضاه أم أن المحقق في مجرى تحرياته له الحق في تفتيش أي شخص مشتبه فيه.
للإجابة على هذا السؤال يمكننا الاستئناس بالاجتهاد القضائي حيث يعتبر أن تفتيش الشخص يأخذ حكم تفتيش المنزل أي أن القاعدة أن المحقق يطلب رضاه الشخص المعني قبل تفتيشه
و يذهب الفقه إلى أن تفتيش صاحب المنزل الذي أعرب عن رضاه كتابة يتم دون حاجة إلى رضاه جديد, لأن رضاه الأول ضمنا يحتوي على قبول تفتيشه لأنه تعهد للمحقق بالسماح له بالقيام بالتفتيش و تنفيذ كل الإجراءات التي تساعد على إظهار الحقيقة.


   أما بالنسبة للأشخاص الموجودين داخل المنزل فإن رضا رب المسكن يشمل مسكنه و محتوياته ولا تمتد إلى الأشخاص الموجودين داخله لذلك يتجه الفقه و القضاء إلى ضرورة رضاهم الصريح حتى يكون الإجراء مشروعا باعتبار أن الإجراءات تتم بموجب الرضا في إطار التحقيق الأولي.
  و بخصوص تفتيش الأشخاص في الأماكن العمومية فإن الإجتهاد القضائي يسمح بالفحص السطحي و السريع للشخص إلا إذا هناك إمارات و علامات أو تصرفات تثير الشك حول الشخص بما يرجع أنه مشتبه فيه أو أنه يحوز على أشياء غير مشروعة, و تبقى خبرة المحقق و بعد نظره و حنكته هي التي تمكنه من تقرير من يجب تفتيشهم و متى  .
و يجب على المحقق دائما أن يراعي قاعدة تفتيش المرأة من طرف امرأة مع ملاحظة أن المشرع لم ينص على هذه القاعدة على خلاف العديد من التشريعات العربية و الأجنبيةهو تقصير يجب تداركه.
هـ- القبض و الاستعانة بالأشخاص المؤهلين:
1- القبض: لم ينص المشرع الجزائري صراحة على حق ضابط الشرطة القضائية في القبض على الأشخاص في إطار التحقيق الأولي لكنه خول له الحق في توقيفهم للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة و تقديمهم أمام العدالة, بما أن اختصاص ضابط الشرطة القضائية يخول القبض على الأشخاص في حالة ارتكابهم لجناية أو جنحة و إذا كان محل أمر قضائي بالقبض أو بالإحضار أو الإيداع لذلك ليس هناك مانع من القبض على الأشخاص في إطار التحقيق الأولي لأن ذلك ضروري ولازم لتوقيفهم للنظر و تقديمهم أمام القاضي المختص.
و حالات القبض على الأشخاص يدرسوها رجال الأمن أثناء برنامج تكوينهم فيجب أن يلتزموا حدود اختصاصهم و أن يندرج ذلك في إطار المشروعية الإجرائية و في كل الأحوال يراعى نص المادة 44 من الدستور.
" لا يتابع أحد و لا يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون و طبقا للإشكال التي نص عليها" .
   فرجال الأمن مهمته الأساسية تنفيذ القانون الذي وضع أساس لحماية حريات وحقوق الأشخاص المادية منها و المعنوية و حرصا من قيادة الدرك الوطني على تفادي أي تجاوز في

مجال القبض على الأفراد وضعت مذكرة تحتوي على كل الأفعال التي تعد جرائم ورقم المادة القانونية و المرجع لكي يستعين بها عسكريو الدرك حيث تبين لهم هذه المذكرة كيفية التصرف في كل حالة ( هذه الوثيقة تسمى مذكرة الدر كي ) و في ذلك ضمان و أي ضمان لحرية الأفراد .
 و في هذا السياق ينبغي على قضا النيابة و الجهات المختصة أن تبادر بوضع مدونة لشرح الإجراءات العملية المتعلقة بتطبيق النصوص القانونية المتعلقة بممارسة الشرطة القضائية.
2 – الإستعانة بأشخاص مؤهلين: لم تنص القانون في التحقيق الأولي صراحة على إمكانية الإستعانة بالخبراء أو الأشخاص المؤهلين على غرار إجراءات التلبس بيد أن المحقق بإمكانه الاستعانة بخبرات أشخاص مؤهلين في المجالات التقنية و التي لها طابع فني و عملي يحتاج إلى خبرة و ذلك عن طريق سماعهم كشهود يدلون برأيهم في مسائل معينة.
   ويجب أنه ننبه هنا إلى طابع السري لإجراءات الشرطة القضائية فالشخص الأجنبي عن القضية مبدئيا – ليس من حقه الإطلاع و معرفة وقائع القضية و ليس من حق ضابط الشرطة القضائية أن يمكنه من الإطلاع على المحاضر فذلك من اختصاص قاضي التحقيق وحده الذي يخوله القانون طلب لإجراء خبرات بطريقة رسمية و يكون الخبير ملزما بالإلاء برأيه على شكل تقرير يعتمد في إقامة الأدلة و المحاكمة.
  كما يمكن للشخص الذي يكون طرفا في القضية أن يطلب بصورة فردية إجراء خبرة على نفقته, و يشار إلى ذلك في المحضر و يرفق المستند المتضمن لرأي الفني بالمحضر .
و عند تقديم طلب رد الاعتبار من طرف أحد المحكوم عليهم كان يطلب معلومات عن سلوكه و سيرته طيلة المدة التي تلت الإفراج عنه ( المادة 677 من قانون الإجراءات الجزائية ) في كل هذه الحالات ينفذ ضابط الشرطة القضائية تلك الطلبات بواسطة محضر تحقيق أولي و غالبا ما يكون " محضر معلومات قضائية "
ملاحظتان :
1- ضابط الشرطة القضائية ليس ملزما عند وقوع جريمة و لو في حالة تلبس بإجراء تحرياته وفق إجراءات الجريمة المتلبسة بل هو مخير بين تلك الإجراءات و إجراءات  التحقيق الأولي ,


و يلاحظ هنا أنه على المستوى العملي و التطبيقي غالبا ما يحبذ المحققون إجراءات التحقيق الأولي و يعود ذلك لصعوبة  شكليات إجراءات التلبس و سهولة إجراءات التحقيق الأولي .
2- إن الجرائم التي توصف بأنها مخالفات, و على المستوى النظري يمكن أن تكون موضوع تحقيق قضائي و ذلك بناءا على طلب من وكيل الجمهورية و إن كان الواقع و الممارسة العملية تبين أن ذلك ليس مطبقا عمليا.
   و المخالفات لا تكون محلى إجراءات متلبسة لأن المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على " توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس..." و لم يذكر المخالفة و المخالفات تعتبر بسيطة مقارنة بالجنايات و الجنح  لذلك فهي لا تستلزم القبض على مرتكبيها و تفتيش مساكنهم أو توقيفهم للنظر و إنما المعمول به تحرير المحضر و إرساله إلى النيابة تم يتم استدعاؤهم مباشرة أمام المحكمة عن طريق التكليف المباشر بالحضور .
المطلب الثاني:الإنابة القضائية
الفرع الأول: تعريف الإنابة القضائية وخصائصها
أ- التعريف: الإنابة القضائية أو الندب القضائي بمعنى واحد هي عمل من أعمال قاضي التحقيق يفوض بموجبه قاضيا أو ضابطا للشرطة القضائية مختصا ليقوم مقامه في تنفيذ عمل أو بعض من أعمال التحقيق القضائي.و يمكن أيضا أن تعرف بأنها تفويض لبعض سلطات قاضي التحقيق إلى قاضي أو ضابط شرطة قضائية.
   بالرغم من أن حرية المبادرة تبدوا مقيدة لدى ضابط الشرطة القضائية بالمقارنة مع ما يتمتع به في تحقيق الجريمة المتلبسة و التحقيق الأولي غير أنه يقوم بتنفيذ الإنابة القضائية لا يتصرف بصفته عضوا من أعضاء الشرطة بل أن منزلته ترتفع لمرتبة القاضي لأنه يحل محله في القيام بعمل هو أساس من اختصاص قاضي التحقيق و هذا ما يجب أن يعيه جيدا ضابط الشرطة القضائية فالاستظهار بالإنابة القضائية يجسد سلطة شرعية و قانونية ذات أهمية هذا فضلا عن أن محاضر الإنابة تدرج في الملف و يعتد بها كما لو كان قاضي التحقيق هو الذي قام بها .
ب-الخصائص:إن الإنابة القضائية هي تفويض كتابي من قاضي التحقيق لبعض سلطاته إلى قاضي أو ضابط الشرطة القضائية و يتميز هذا التفويض بالخصائص التالية :

1- الشرعية : إن هذا التفويض عمل مشروع ينص عليه القانون صراحة في المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية " يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف بطريق الإنابة القضائية أي قاض من قضاة محكمته أو أي ضابط من ضابط الشرطة القضائية المختص بالعمل في تلك الدائرة أو أي قاض من قضاة التحقيق بالقيام بما يراه لازما من لإجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهم.
و يذكر في الإنابة القضائية نوع الجريمة موضوع المتابعة و تؤرخ و توقع من طرف القاضي الذي أصدرها وتمهر بخته و لا يجوز على الجريمة التي تنص عليها المتابعة.
لذلك فكل إنابة قضائية تصدر ضمن الشكل القانوني إلى ضابط الشرطة القضائية مختص تعد شرعية .
2: رسمية و قضائية: يعد العمل المنفذ في إطار الإنابة القضائية حكما عملا قضائيا – فالشاهد الذي يدلي بشهادته بعد أداء اليمين , يعتمد قاضي التحقيق المنيب على تلك الشهادة و تخطى بقية و حجية لديه تفوق تلك القيمة التي تحظى بها محاضر الجريمة المتلبسة أو محضر التحقيق الأولي و ذلك لا يشوب على أية حال مبدأ الاقتناع الشخصي للقاضي الذي يعتمد عليه في إصدار أحكامه .
3- الشكلية: إن تفويض قاضي التحقيق لبعض سلطاته إلى ضابط الشرطة القضائية يجب أن يتم لشكليات صارمة و لإجراءات محددة ينص عليها القانون و ذلك يهدف الى توفير ضمانات للحقوق و الحريات الأساسية للأفراد نظرا لما تتضمنه أعمال التحقيق من                                                                                                                                                                                                             محاضر على تلك الحقوق و الحريات .
و تكون الإنابة القضائية كتابية و تتضمن خاصة:
- طبيعة الجريمة موضوع المتابعة.
- أن تكون مؤرخة.
- أن تكون موقعة من طرف القاضي المنيب و ممهورة بختمه.
- يجب أن يأمر القاضي المنيب بالقيام بالأعمال الإجرائية المتصلة بصورة مباشرة بردع و معاقبة الجريمة أي الإجراءات المتعلقة بالوقائع المكونة لأركان الجريمة و ظروف تشديدها أو تخفيفها .

الفرع الثاني:من يصدر الإنابة القضائية و لمن توجه
1- الجهات المخولة لإصدار الإنابة القضائية: إن الإنابة القضائية عادة تصدر من قاضي التحقيق إلى ضابط الشرطة القضائية و لكن هناك جهات أخرى مخولة قانونا لإصدارها:
أ- قاضي التحقيق ( المواد من 138 إلى 142 من قانون الإجراءات الجزائية ).
ب- غرفة الاتهام و ذلك عندما يتولى أحد قضائها القيام بتحقيق إضافي ( أنظر المواد من 186 إلى 190 من قانون الإجراءات الجزائية).
ج- رئيس محكمة الجنايات: عندما يأمر بإجراء أعمال في إطار التحقيق كأن يكون ملف التحقيق ناقصا أو عند ظهور عناصر جديدة فيه تتطلب مزيدا من التحريات و تدقيق و تمحيص بعض جوانب و ملابسات القضية.
د- المحكمة ( جهة الحكم ): و يكون ذلك عادة عندما تريد سماع محبوس خارج دائرة المحكمة من طرف القاضي المختص محليا .
هـ: الغرفة المدنية و الجنائية لدى المحكمة العليا: إذا وكل إليها النظر في جناية ارتكبها قاضي أو موظف أثناء ممارسة وظائفه.
2- الأشخاص الذين يمكن تفويضهم: يمكن للجهة التي تصدر الإنابة القضائية أن تفوض قاضيا أو ضابط شرطة قضائية للقيام بالإجراء و التحريات التي تحددها الإنابة القضائية.
أ- يمكن لقاضي التحقيق في دائرة اختصاصه ( أي ضمن اختصاص المحكمة التي يعمل بها ) أن يفوض أي قاض من قضاة التحقيق أو أي ضابط من ضابط الشرطة القضائية العاملين في دائرة اختصاص المحكمة التي يعمل بها.
ب- يمكن لقاضي التحقيق خارج دائرة اختصاصه أن يفوض أي قاض من قضاة التحقيق و يجوز لهذا الأخير أن يفوض ضابط الشرطة القضائية للقيام بالعمل موضوع الإنابة و هو ما يعرف بتفويض السلطات المفوضة ( Subdélégation) و لكي يستطيع القيام بالأعمال التي تتضمنها الإنابة القضائية يجب أن يكون مختصا اختصاصا ماديا فهناك سلطات من التحقيق لا يجوز لقاضي التحقيق أن يفوضها لضابط الشرطة القضائية و سوف نشير إليها عند التعرض لنطاق الإنابة القضائية. كما يجب أن يكون ضابط الشرطة القضائية مختصا بالنظر للأشخاص فهناك فئة من الأشخاص يتمتعون بالحصانة البرلمانية أو يتطلب سماعهم إجراءات خاصة

كالوزراء و البرلمانيين و الدبلوماسيين مثلا أما الاختصاص المكاني فيتمثل في الدائرة الإقليمية للمحكمة التي يمارس في نطاقها مهامه المعتادة.
    و في حالة الاستعجال يمكن أن يمتد هذا الاختصاص إلى كامل التراب الوطني أي يستطيع ضابط الشرطة القضائية أن ينفذ أعمال الإنابة القضائية في أي نقطة من التراب الوطني شريطة أن يخبر وكيل الجمهورية المختص محليا و كذا ضابط الشرطة القضائية لأن هذا الأخير يستطيع أن يقدم المساعدات اللازمة لضابط الشرطة المفوض و يكون عارفا بالأشخاص و ظروف الحياة و معالم المكان الذي يقيم فيه الأشخاص المعنيون بالإنابة.
   و من الناحية النظرية, فإن قاضي التحقيق حر في اختيار أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختصين غير أن الممارسة العملية و ضرورة البحث عن المزيد من السرعة و النجاعة تقتضي أن يختار قاضي التحقيق ضابط الشرطة القضائية الأكثر كفاءة و المعروف بخبرته و فعاليته فضلا عن مراعاة قواعـد الاختصاص و التنظيم بين مختلف مصالـح الأمن ( يكلف عادة ضابط الشرطة القضائية من مصالح الأمن الوطني في المناطق الحضرية و ضابط الشرطة القضائية من الدرك الوطني في المناطق الريفية ).
الفرع الثالث: الأعمال التي تنفذ بموجب الإنابة القضائية
    يقوم ضابط الشرطة القضائية – في حدود الإنابة القضائية – بكل الأعمال المخولة لقاضي التحقيق, عدا تلك المستثناة بموجب القانون و من خلال نص المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية يمكننا أن نستخلص الأعمال التي يمنع على ضابط الشرطة القضائية القيام بها . تنص المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية على مايلي :" يقوم القضاة أو ضابط الشرطة القضائية المنتدبون للتنفيذ بجيع السلطات المخولة لقاضي التحقيق ضمن حدود الإنابة القضائية  غير أنه ليس لقاضي النحقيق أن يعطي بطريق الإنابة القضائية تفويضا عاما
و لا يجوز لضابط الشرطة القضائية استجواب المتهم أو القيام بمواجهته أو سماع أقوال المدعي المدني "
   لو حاولنا شرح هذه المادة للاحظنا أن النص من جهة يحتمل التفسير الواسع " يقوم القضاة أو ضابط الشرطة القضائية المنتدبون بجميع السلطات المخولة لقاضي التحقيق ..." و من جهة أخرى يحتمل التفسير الضيق لأن ضابط الشرطة القضائية المنتدب لا يجب عليه أن يخرج

على نطاق الإنابة القضائية و لا يمكنه استجواب المتهم أو مواجهته بغيره أو سماع أقوال المدعي المدني .
  و هذا المنحى من المشرع مقصودا إذ يهدف إلى وضع نوع من التوازن و الانسجام بين مصلحتين حماية حريات الأفراد و السير الحسن لإدارة العدالة. مما سبق يتبين أن القاضي المنيب لا يمكنه أن يصدر إنابة قضائية تتضمن تفويضا عاما و أن ضابط الشرطة القضائية المناب ينفذ التحريات التي سمحت له بها الإنابة القضائية ماعدا ما يلي :
- استجواب المتهم أي الشخص الذي تظهر ضده دلائل قوية و متماسكة من شأنها تسمح بإدانته أو مواجهته بمتهم أخر أو شاهد. فذلك مقصور على قاضي التحقيق وحده و يستلزم مناقشة الأدلة و استخلاص اقتناع القاضي بالاتهام أو البراءة مما يساعد على اتخاذ قراره بتوجيه التهمة أو إصدار أمر بالأوجه للمتابعة.
- سماع أقوال المدعي المدني.لأن المدعي المدني عادة يكون متضررا من الأفعال المجرمة و اختصاصه يهدف إلى الحصول على تعويض عما لحقه من ضرر  و التحريات التي ينفذها ضابط الشرطة القضائية تنفيذ للإنابة القضائية تتمثل خاصة في الأعمال التالية:
أ- المعاينات: كقاعدة عامة فإن الإنابة القضائية يصدرها قاضي التحقيق بعد تحريك الدعوى العمومية أي إجراء التحقيق الأولي أو تحقيق الجريمة المتلبسة و تسليم الملف بما في ذلك المحاضر إلى وكيل الجمهورية و ذلك يعني أن المعاينات قد نفذت باعتبار أنها من الأعمال الإجرامية الأساسية في التحريات و يتم تنفيذها فورا بعد ارتكاب الجريمة
   غير أن القاعدة المذكورة ترد عليها استثناءات, فبعد تلقي الملف و فحصه يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر إنابة قضائية في وقت قريب من ارتكاب الجريمة لاستكمال بعض التحريات بواسطة المعاينات .أو عندما يلاحظ قاضي التحقيق أنه من الضروري إعادة المعاينات لكونها لم تنفذ بطريقة سليمة أو تم إغفال بعض الجزئيات الهامة . و تنفذ المعاينات بنفس تعرضنا لها تبعا لملابسات و ظروف كل جريمة فإن المعاينات يمكن أن تتم بحضور المتهم , فإذا تعذر حضوره يمكنه أن يعين ممثلا عنه و إلا سخر  المحقق شاهدين و على ضابط الشرطة القضائية أن يتمتع عن استجواب المتهم و يكفي سؤاله عن هويته و يمكن أن يلجأ قاضي التحقيق إلى تمثيل وقائع الجريمة لإستجلاء بعض النقاط الغامضة في القضية .

ب- التفتيشات و الضبط ( الحجز ):
1-التفتيش: إن إجراء تفتيش المساكن مبدئيا خلال الحالات القانونية التي يجوز لضابط الشرطة القضائية دخول المساكن دون إذن كتابي من القضاة لا يتم إلا بموجب إذن مكتوب من السلطة القضائية المختصة وطبقا للشكليات التي ينص عليها القانون, و في إطار تنفيذ الإنابة القضائية يجب  أن يكون تفتيش المسكن متضمنا في صلب الإنابة القضائية و يستطيع ضابط الشرطة القضائية تفتيش أي مسكن إذا كانت الإنابة القضائية ذات طابع عام كأن تتضمن العبارة التالية " البحث في كل مكان عن كل الأشياء التي يكون كشفها مفيدا للحقيقة ."
   و تبقى السلطة التقديرية للمحقق المفوض في مدى ضرورة دخول منزل و تفتيشه بحثا عن الحقيقة حتى و لو لم يشر إلى اسم صاحب المنزل في الإنابة و هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي. و في إطار التحقيق بموجب الإنابة القضائية يمكننا أن  نميز بين:
 _التفتيش في مسكن المتهم
 _التفتيش في مسكن غير المتهم
 _التفتيش في أماكن خارج المسكن
1_1: التفتيش في مسكن المتهم:  في حالة حضور المتهم,يدعى لحضور عملية التفتيش دون حاجة لأخذ رأيه المسبق , و في حالة غيابه أو استحالة حضوره يمكن أن يقوم المحقق بعملية التفتيش بحضور شخص يكلفه بتمثيله و في حالة رفض المعنى أو غيابه أو استحالة حضوره و لم يعين من يمثله فيمكن للمحقق تسخير شاهدين ممن ليسوا تحت سلطته. في حالة وجود المعنى رهن الحبس, فيمكن إخراجه بأمر من قاضي التحقيق لحضور عملية التفتيش و في حالة رفضه أو عدم امكان إخراجه فيجري التفتيش بحضور شاهدين يسخرهما ضابط الشرطة القضائية شريطة امن غير الأشخاص الخاضعين لسلطته. و إذا تولى قاضي التحقيق عملية التفتيش سواء بنفسه أو عن طريق الإنابة القضائية فيجب عليه أو على ضابط الشرطة القضائية المنتدب أن يلتزم بأحكام المواد من 45 إلى 47 من ق.ا.ج.
1_2:التفتيش في مسكن غير المتهم: تنص المادة 83من قانون الإجراءات الجزائية على هذه الحالة, حيث يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يستدعي صاحب المنزل موضوع التفتيش,


و في حالة غيابه أو رفضه يتم التفتيش بحضور اثنين من أقاربه أو أصهاره و إذا تعذر ذلك فيجب أن يسخر المحقق شاهدين شريطة أن لا يكونان ممن يخضعون لسلطته.
  و تراعى أحكام المواد من 45 إلى 47 من قانون الإجراءات الجزائية كما تتخذ جميع الإجراءات التي تضمن احترام مبدأ كتمان سر المهنة و حقوق الدفاع.
1_3: التفتيش في اماكن خارج المسكن: ليس هناك إجراءات أو قيود محددة بالنسبة للتفتيش خارج المساكن بل تطبق الإجراءات الخاصة بالمعاينات , كما هو الحال في تفتيش و زيارة المحلات العامة ما دام الجمهور موجودا بها.
  2_ الضبط و التحريز: إن الممارسة العملية تظهر بجلاء أن التفتيش يستهدف أساسا البحث عن الأشياء و المستندات المفيدة لإظهار الحقيقة. و عملية الضبط (الحجز) تحكمها ضوابط و شكليات نصت عليها المادة 84 من قانون الإجراءات الجزائية حتى تكون شرعية و تتمثل هذه الضوابط في:
2_1 _يجب أن تكون المضبوطات مفيدة لإظهار الحقيقة و تشمل المستندات المفيدة سواء لادانة المتهم أو لتبرئته أو تلك التي يمكن أن يضر إفشاؤها بالسير الحسن للتحقيق.
2_2_بعد ضبط الأشياء و المستندات يتم جردها و وضعها في أحراز مختومة أي يوضع كل شيء او مستند في حرز يتم ختمه بالشمع و يسجل عليه الرقم_اسم المضبوط _مكان اكتشافه و رقم المحضر. نشير هنا إلى أن إحصاء المضبوطات و وضعها في احراز قد يتم في مكان اكتشافها أو بعد العودة إلى مركز الدرك أو الشرطة إذا كان التحقيق بحاجة إلى تدقيق بعض المعلومات أو البيانات الخاصة لان الشرطة القضائية ليس من اختصاص فض الاحراز أو فتحها فذلك مقتصر على قاضي التحقق لوحده.
2_3_ يتم فض المضبوطات من طرف قاضي التحقيق بحضور المتهم و محاميه و من ضبطت لديه أو يتم ذلك دون حضورهم لكن بعد استدعائهم.
2_4_إذا كانت المضبوطات نقودا أو سبائك ذهب أو أوراق تجارية أو أوراق ذات قيمة مالية و ليس من الضرورة لإظهار الحقيقة أو المحافظة على حقوق أطراف الدعوى الاحتفاظ بها عينا يبلغ قاضي التحقيق المنيب الذي يسوغ له أن يأمر بإيداعها الخزينة.


2_5_إذا تعلق الضبط بمستندات أو أشياء تمت بمكان يشغله شخص ملزم قانونا بكتمان السر المهني فيجب على ضابط الشرطة القضائية أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان احترام ذلك السر.
ج_ اخذ التصريحات(تسجيل الاقوال):قد تتضمن الإنابة القضائية أمرا لضابط الشرطة القضائية بسماع شخص أو أكثر يذكر اسمه و هويته. و اخذ التصريحات تعبير يستعمل في محاضر الضبط القضائي و يقصد به تسجيل الشهادات التي يدلي بها الأشخاص الذين لهم صفة شاهد, او تسجيل أجوبة على أسئلة أو ما يرد في المجابهة أو المواجهة بين شخصين فأكثر.
1_ سماع الشهود:Audition d’un simple témoin)  (  يدلي الشاهد بأقواله سواء من تلقاء نفسه ليبلغ عما شاهده أو يعرفه حول القضية أو باستدعائه من طرف ضابط الشرطة القضائية و تنص المادة 140 من قانون الاجراءات الجزائية على إن:
   _الشاهد المستدعي ملزم بالحضور.
   _أداء اليمين. و الصيغة التي يؤدي بها اليمين هي نفسها التي يحلف بها الشاهد أمام قاضي التحقيق باعتبار أن ضابط الشرطة القضائية عندما ينفذ إنابة قضائية يحل محل قاضي التحقيق و تؤدى اليمين بعد رفع اليد اليمنى بالصيغة التالية "اقسم بالله العظيم أن أتكلم بغير حقد و لا خوف و أن أقول كل الحق و لا شيء غير الحق" (المادة 93من قانون الإجراءات الجزائية ).
   إن عدم الإشارة في محضر المرافعات أو في الحكم يؤدي إلى نقض هذا الأخير.
   و تسجل أقوال القصر إلى سن السادسة عشر بغير حلف اليمن و إذا كان الشاهد لا يحسن العربية يجوز لضابط الشرطة القضائية استدعاء مترجم حيث يحلف هذا الأخير اليمين
بالصيغة التالية:" أقسم بالله العظيم و أتعهد بأن أترجم بإخلاص الأقوال التي تلفظ أو تتبادل بين الأشخاص معبرة بلغات مختلفة ".
   وإذا كان الشاهد أصما أو أبكما يدلي بشهادته كتابة و إذا كان لا يعرف الكتابة يعين له قاضي التحقيق من تلقاء نفسه مترجما بالإشارات قادرا على التحدث معه و فهمه يسجل اسمه ولقبه و مهنته و موطنه و ينوه عن حلفه اليمين تم يوقع على المحضر ( م 91-92 ق إ ج ) . و يراعي في سماع الشهود الأحكام المتعلقة بالمحافظة على السر المهني .


إذا لم يسحب الشاهد للاستدعاء و امتنع عن الحضور يبلغ القاضي المفوض بذلك و يجوز لهذا الأخير بناءا على طلب وكيل الجمهورية إجباره بواسطة القوة العمومية و الحــــكم عليـه
بغرامة 200 إلى 2000دج و يمكن للقاضي إعفاءه من الغرامة كليا أو جزئيا إذا قدم عذرا مقبولا و صحيحا بعد سماع طلبات وكيل الجمهورية ( م97 من ق إ ج ) و يجوز توقيع نفس العقوبة على الشاهد إذا حضر و لكنه امتنع عن أداء اليمين و الإدلاء بشهادته و يجب ملاحظة أن هذه العقوبة لا تطبق الى إذا بلغ الشاهد بالاستدعاء.
2_سماع شخص مسمى في شكوى مع الإدعاء مدنيا : مبدئيا لا يجوز لضابط الشرطة القضائية سماع المدعي المدني و ذلك ما تنص المادة 139  من قانون الإجراءات الجزائية  التي تمنع على قاضي التحقيق أن يكلف ضابط الشرطة القضائية بإنابة قضائية بمهمة يأمره فيها بسماع الشخص المدعي مدنيا.
  و لكن في الواقع أن ضابط الشرطة القضائية قد يتلقى إنابة قضائية لسماع شخص معين دون أن يشار إلى انه مدعى مدنيا أو أن هذه الصفة تظهر عنه الإدلاء بأقواله ففي هذه الحالة يجب أولا الرجوع الى القاضي المنيب و إعلام المعني بامكان اخذ أقواله بصفة شاهد محافظة على حقوق دفاعه و تثبت أقواله أو رفضه في المحضر, و مهما يكن فيجب دائما الالتزام بتنفيذ تعليمات القاضي الذي أصدر الإنابة القضائية.
3_ سماع المتهم: لقد سبق و أن اشرنا إلى أن قاضي التحقيق يمنع عليه تفويض استجواب المتهم إلى ضابط الشرطة القضائية بموجب إنابة قضائية و بينا الحكمة من هذا النص, و لكن هناك تساؤل يتبادر إلى الذهن و يتمثل في "متى يعتبر الشخص متهما و لا يجوز استجوابه" إن الفقه و القضاء يعتمد على معيارين اولهما شكلي و مفاده أن الشخص يعتبر متهما إذا اعتبر كذلك في الطلب الافتتاحي لوكيل الجمهورية introductive d’instance réquisitoire) ( أو إذا كان قد استجوب في مقابلة طبقا لاحكام المواد 100_105 من ق.ا.ج.
    أما المعيار الثاني فموضوعي فيتمثل في أن الشخص يعتبر متهما عندما تثبت ضده دلائل قوية و متماسكة من شانها تسبب إدانته.  فإذا توفرت ضد شخص دلائل و علامات قوية و متماسكة ترجح إدانته يعتبر متهما و القانون يمنع استجوابه من طرف ضابط الشرطة القضائية و يرجع استجوابه لاختصاص قاضي التحقيق, و يميل الفقه و القضاء للأخذ بهذا المعيار. لكن

ما المقصود "بدلائل قوية و متماسكة من شانها تسبب إدانة الشخص " (Indices graves et concordants de culpabilité)
يقصد بذلك الدلائل و العلامات و الوقائع و القرائن التي بطبيعتها و نظرا للمنطق و العرف و طبائع الأمور تعتبر دالة على أن شخص ما ارتكب جريمة فهي وقائع ليست بالضرورة ترقى إلى مرتبة دليل الإثبات لكنها أقوى درجة من الشبه مثال ذلك شهادة عدة أشخاص على أن فلان ارتكب جريمة قتل أو اكتشاف سلاح أستخدم في جريمة قتل في منزل شخص ولم يستطيع هذا الأخير تقديم تفسير لذلك و اكتشاف بقع دم في سيارة شخص بعد اكتشاف جثة قتيل كان راكبا معه دون أن يقدم تبريرا منطقيا لذلك.
   و بما أن هذه الدلائل ليست بالضرورة أن تكون معروفة قبل إصدار الإنابة القضائية , فإن ضابط الشرطة القضائية قد يستجوب عدة أشخاص و خلال الإدلاء بالتصريح أو الاستجواب يتضح أن الشخص توجد ضده دلائل قوية من شأنها تجعله متهما كأن يتعرف بارتكابه للجريمة ففي هذه الحالة على المحقق أن يشرع في البحث عن دلائل وأثار وقرائن تدعم الاعتراف و يتوقف على استجواب المعني و يبلغ قاضي التحقيق المنيب .
   و مما سبق يتضح جليا أن ضابط الشرطة القضائية إذا تبين له خلال تحرياته و سماعه للأشخاص أن فردا توجد ضده  دلائل قوية و متماسكة , فإنه يمكن تسجيل أقواله مع تبلغيه بحقه في الامتناع عن الإدلاء بأي تصريح .
4- التحقيق حول الشخصية: من الأعمال التي يمكن أن ينفذها ضابط الشرطة القضائية بموجب إنابة قضائية إجراء تحقيق حول شخصية المتهمين و بناء على المادة من قانون الإجراءات الجزائية  68 فإن هذا التحقيق وجوبي في مواد الجنايات و جوازي في مواد الجنح – و يعتمد التحقيق حول الشخصية أساسا على أقوال الشهود و تحرير بشأنها محاضر و يجب أن تلفظ هذه الشهادات لدى أشخاص نز هاء و يجب تجنب الأقارب المباشرين ( الأصول أو الفروع أو الحواشي المباشرين ) و الأشخاص الذين بينهم و بين المتهم عداوات أو نزاعات .
5- التوقيف للنظر في إطار الإنابة القضائية: في إطار تنفيذ الإنابة القضائية يمكن لضابط الشرطة القضائية – إذا دعت الضرورة لذلك – أن يوقف شخصا للنظر و يجب عليه حتما أن يقدمه خلال ثمانية و أربعين (48) ساعة أمام قاضي التحقيق في الدائرة التي يجري فيها تنفيذ

الإنابة. إذا امتنع شخص استدعاه ضابط الشرطة القضائية في إطار تنفيذ الإنابة القضائية –عن الحضور فيبلغ القاضي الأمر ويمكن توقيفه للنظر وتطبق عليه المادة 97 من قانون الإجراءات
الجزائية التي تنص استحضاره جبرا بواسطة القوة العمومية والحكم عليه بغرامة من       200 الى2000 دج.
-التأكيد من شرعية الاستدعاء (أن يكون مكتوبا وموقعا من طرف ضابط الشرطة القضائية و ممهورا بختمه).
-التحقق من أن المستدعي قد تلقى الاستدعاء.
-عدم وجود مبرر أو عذر مقبول لعدم الحضور.
          وتراعى كل الشروط القضائية والإجراءات المتعلقة بالتوقيف للنظر والتي سبق أن تعرضنا لها بالتفصيل .وتطبق نفس العقوبة الواردة في المادة 97 من ق ﺇج على الشاهد الذي يحضر ولكنه يمتنع عن أداء اليمين أو الإدلاء بشهادته، ويكون الحكم بهذه العقوبة بموجب أمر يصدره قاضي التحقيق ولا يكون قابلا لأي طعن.
المبحث الثالث:المحاضر وحجيتها في إطار الضبط القضائي
   إن المحاضر هي الوسيلة الرئيسية التي يستعملها أعضاء الشرطة القضائية في معاينة الجرائم و إعلام السلطات القضائية و الإدارية و العسكرية بالوقائع التي يعاينوها و التي تصل إلى عملهم طبقا للقواعد القانونية و التنظيمية التي تحدد مجال اختصاصهم و تدخلهم
المطلب الأول : تعريف المحضر و خصائصه
1-التعريف أ – لغة: المحضر مشتق من الحضور و هو المغيب و من المعاني الواردة في قاموس لسان العرب لابن منظور تقول كلمته بحضرة فلان , أي بمحضر منه و مشهد منه و المحضر أيضا المرجع إلى المياه و تعني لفظة المحضر أيضا السجل .
من خلال ما ذكر نلاحظ أن لفظة المحضر تتضمن مدلولين الحضور أي المشاهدة و الرجوع . و المحضر نرجع إليه للحصول على معلومات و يتم تحريره بحضور المعنى و المحرر لتسجيل الوقائع و لفظة محضر تقابل بالفرنسية procés_verbal) ( و اللفظة الفرنسية يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر حيث كان الرقباء les sergents    آنذاك في فرنسا أميين أي لا يقرؤون و لا يكتبون و كانوا يبلغون السلطات عن الجرائم التي تصل إلى عملهم بطريقة

شفهية وهو ما تدل عليه لفظة ( Verbal) أي شفاهي و رغم التطور الذي شهده المجتمع الفرنسي و بقية المجتمعات أحتفظ بالاسم الأول للمحضر لدى المستعملين للغة الفرنسية .
ب- اصطلاحا: إن التعريف الإصطلاحي للمحضر يمكننا أن نقسمه إلى تعريف عام و خاص على النحو التالي:
التعريف العام : المحضر هو اصطلاح يطلق على الأوراق و المستندات التي يسجل فيها شخص أو أكثر مؤهل .( عادة يكون موظف يتمتع بصلاحيات خوله إياه القانون ) ما يقوم به من عمل في الزمان و المكان سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من رؤسائه
أو السلطات المختصة على أن يكون ذلك طبقا لشكل محدد مثل ذلك محاضر الجلسات و محاضر التنصيب و يشمل هذا التعريف حتى محاضر الشرطة القضائية.
التعريف الخاص: و هو ما يعنينا في دراستنا هذه فالمحضر هو وثيقة يحررها ضابط و أعوان الشرطة القضائية طبقا للأشكال التي يحددها القانون و التنظيم – يسجلون عليها ما يقومون به من أعمال تندرج في إطار المهام المنوطة بهم, كالتحريات و المعانيات و سماع الأشخاص و تلقي الشكاوى و تفتيش المنازل, و ختم الإحراز و ما إلى ذلك من اختصاصات خولهم إياها القانون و التنظيم.
 متى يحرر المحضر: يتولى أعضاء الشرطة القضائية تحريري المحاضر سواء من تلقاء أنفسهم عندما ينفذون الخدمات المعتادة, و يعاينون الجرائم و الوقائع التي تستوجب تدخلهم , أو بناء على أوامر رؤسائهم أو طلبات النيابة أو الجهات التحقيق القضائي أو طلبات السلطات العسكرية أو الإدارية في مجال الشرطة العسكرية و الإدارية .
2- خصائصه:
 أ- يستهدف المحضر قبل الوقائع التي تمت معاينتها بموضوعية لذلك فإن الأسلوب الذي يحرر به يجب أن يكون بلغة سليمة و أسلوب واضح و دقيق و ينقل بتسلسل الوقائع دون إسهاب ممل أو إيجاز مخل بحيث يتجنب المحرر كل العبارات أو الصيغ التي يكون مدلولها ظنيا يقبل عدة تأويلات و تفسيرات أو تلك المتضمنة لأحكام ذاتية أو تعاليق معبرة عن الطباعات المحرر الشخصية .


فالأسلوب الذي يجب أن يتبع هو الأسلوب الوصفي الذي يكون بمثابة الكاميرا التي تتنقل الوقائع و تسلسلها المنطقي الى القارئ بصورة وفية و موضوعية و إن كان ذلك يتسم بصعوبة بالغة إلا أنه غير مستحيل و يمكن بلوغه بالمزيد من التمرين و الخبرة .
ب- تعفى المحاضر ( محاضر موظفي و أعوان الشرطة القضائية ) من أي تسجيل رسمي عدا إثباتها في سجل للمحاضر, و هو سجل خاص يفتح على مستوى كل مركز للدرك الوطني أو الأمن الوطني بصادق و يؤشر عليه وكيل الجمهورية المختص إقليميا بصفته مديرا للشرطة القضائية و يراقبه دوريا.
ج- تحرر المحاضر باعتبارها مستندات رسمية باللغة العربية و تكتب بالآلة الراقنة أو الكمبيوتر على أوراق عادية و طبقا للنموذج الذي تحدده النصوص التشريعية و التنظيمة الجاري العمل بها. و بالنسبة للدرك الوطني تحرر المحاضر طبقا لنماذج معتمدة و ذات شكل و بنود محددة.
د- ترقم المحاضر في عدد من النسخ طبقا لما ينص عيه القانون و التنظيم بحيث يكون عددها  لعدد المرسل إليهم و مراعاة ضرورة إرسال أصل المحضر زائد نسخة أو نسختين بالنسبة للمحاضر الموجهة إلى الجهات القضائية ( كالنيابة أو الجهات التحقيق ).
هـ- ترقم المحاضر و تؤرخ و تتضمن أسماء ورتب وصفة محرريها و كل البياتات المتعلقة بالوحدة التي ينتمون إليها و تكييف الجريمة و أسماء المشتبه فيهم و المواد القانونية المجرمة للوقائع التي يعاينها المحضر و توقع من طرف المحققين. و تحرر المحاضر فور معاينة الوقائع أو بعد ذلك بمهلة وجيزة و هذا ما يستخلص من نص المادة 18 من قانون الإجراءات الجزائية.
و- الأساس القانوني لتحرير المحاضر تنص عليه المادة 18 من قانون الإجراءات الجزائية حيث يلزم ضابط الشرطة القضائية بأن يسجلوا أعمالهم في محاضر و أن يوافوا النيابة بالنسخ الأصلية مرفوقة بنسخة أو أكثر مطابقة للأصل و بكل المستندات و الأوراق المتعلقة بالتحقيق.
كما أن هناك مواد أخرى تشير إلى ضرورة تسجيل تلك المحاضر في سجل خاص ( المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية) و لما كانت كل أعمال أعضاء الشرطة القضائية تسجل في


محاضر فإننا نجد أن كل القوانين الخاصة تنص على تحرير المحاضر و الموظفين المؤهلين لذلك و حجيتها و الجهة التي ترسل إليها.
المطلب الثاني: شكل المحضر
   إن شكل المحاضر التي يحررها أعضاء الشرطة القضائية ليس موحد طبقا لنموذج محدد تلتزم به مختلف الهيئات المكلفة بمهام الشرطة  القضائية ( الدرك الوطني – الأمن الوطني ) و اعتماد نموذج موحد غاية مرجوة و لاسيما أن الأساس القانوني واحد و هو قانون الإجراءات الجزائية و قانون القضاء العسكري .
أما بالنسبة للدرك الوطني فالنموذج و شرعيتها من قانون الإجراءات الجزائية و مختلف النصوص التنظيمية الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني ( قيادة الدرك الوطني ) و لا سيما المرسوم رقم 104/80 أع/أ1 المؤرخ في 05 فيفري 1980 المتضمن خدمة الدرك الوطني ( أنظر المواد من 48 إلى 52 من هذا المرسوم ) حيث يتلقى أعضاء الدرك الوطني أثناء فترة تكوينهم دروسا نظرية و تطبيقية يتدربون من خلالها على الأساليب و الطرق التي يتبعونها في تحرير المحاضر سواء من حيث الشكل أو المضمون .
   مكونات المحضر: إن التعرض للمكونات الأساسية للمحضر ليس الغرض منه دراسة أجزاء المحضر بصورة مستفيضة و مفصلة فذلك يدرس في مدارس الشرطة و الدرك و إنما الهدف هو تناول تلك إجمالا لأخذ فكرة عامة عنها .
   و إذا كانت مكونات المحاضر تتباين تبعا لنوع التحقيق و موضوع غير أن الهيكل العام و المكونات الرئيسية المشتركة تكاد توجد في كل المحاضر و هذه المكونات نلاحظ أنها أكثر جلاء ووضوحا في محضر التحقيق الأولي (Procès verbal d’enquête préliminaire)  حيث يتضمن البنود التالية :
1- البيانات الهامشية و المقدمة:و يشار في البيانات الهامشية إلى الوحدة التي يتبعها المحقق الذي حرر المحضر و التي يحتفظ فيها بالنسخة الموجهة إلى الأرشيف ورقم المحضر و تاريخ تحريره و تكيف الجريمة و أطراف القضية و النسخة المرسلة و تأشيرة الإرسال .كما يشار في مقدمة المحضر إلى الهيئة و عنوان المحضر ( محضر جريمة تلبس بها أو محضر تحقيق


ابتدائي ( أولي ) و تاريخ و معاينة الوقائع وأسماء المحققين وصفة كل واحد منهم و المواد القانونية التي تخولهم لتحرير المحضر و القيام بالأعمال التي يثبتونها فيه .
- جسم المحضر: و يتضمن العناصر التالية:
2- التمهيد:الهدف من التمهيد تزويد السلطة المختصة ( وكيل الجمهورية – قاضي التحقيق – الرئيس – الوالي ) بنبذة وجيزة عن القضية و لاسيما تاريخ وطبيعة الخدمة – مكان المعاينات – خلاصة عن وسيلة التبليغ أو المستند الذي كان سببا في تحرير المحضر – تم أهم الأعمال المنجزة من المعاينات و الإجراءات التحفظية و كذا النيابة و الرؤساء.
   والتمهيد بالنسبة للمحضر هو عبارة عن مقدمة تسمح بفهم الخطوط العريضة لتسلسل أحداث القضية و يتضمن خلاصة شاملة للوقائع و المعاينات و الإجراءات المتخذة من طرف المحققين بدءا بتلقي الإعلام عن وقوع الجريمة أو الحدث و انتهاء باختتام المحضر و إعلام السلطات القضائية و الإدارية و العسكرية و الرؤساء.
3- المعاينات و الإجراءات التحفظية:
يشكل هذا البند العمود الفقري لأي محضر و هو المرآة التي تعكس مدى مهارة المحقق و عليه يتوقف نجاح أو فشل القضية و إذا أردت أن تقيم مهارة المحقق فعليك بالرجوع إلى هذا البند.
   فالمعاينات و الإجراءات التحفظية هي التي تسجل بموضوعية و تسلسل الإجراءات و الأعمال التي ينفذها المحقق و من خلال هذا الجزء من المحضر تستخلص السلطة القضائية أو غيرها الدلائل و القرائن و حتى الأدلة التي تبرر إدانة الأشخاص الضالعين في القضية أو تبرئتهم ,و تتركز المعاينات على الجانب المادي للوقائع ففي هذا البند يسجل المحقق ما يلي :
معاينة الآثار و الأدلة: و هي كل الأشياء و الآثار و القرائن و الدلائل التي تكون ضرورية لإظهار الحقيقة و التي تشكل الأساس التي يعتمد عليها لاحقا في تأسيس الأدلة و تعليل الأحكام الصادرة و يشار إلى الإجراءات المتخذة في حفظ تلك الآثار و الأدلة ورفعها.
* الإشارة الى عمليات رفع البصمات و القولبة و كل أعمال الشرطة الفنية كاستعمال الكلب البوليسي و التصوير الفتوغرافي ورفع الأشياء التي يمكن أن يؤدي فحصها و تحليلها إلى وصول إلى حقيقة الوقائع و التعرف على مرتكبي الجريمة و طريقة تنفيذها.

* الوصف الدقيق لمسرح الجريمة – تحديد موقع الأماكن و حالتها – و تحديد أماكن العثور على الأشياء المضبوطة و تدعيم ذلك بالصور و الرسوم البانية ( المجمل).
* وصف جسم الجريمة ( الجثة ) أو ( الجروح) وصفا دقيقا و شاملا.
            و على المحقق عند إجراء التعليمات مراعاة القواعد التالية:
* التأكد من عدم تغيير حالة الأماكن و تحريك الأشياء من طرف أشخاص بعد وقوع الجريمة.
* العمل على إعادة الأشياء إلى أماكنها إذا تم تحريكها و الاستعانة في ذلك بشهادة الحاضرين لمعرفة المكان الأصلي وقت وقوع الجريمة أو الحادث.
* عدم إغفال أي ملاحظة مهما بدت بسيطة أو تافهة.
* مراعاة التسلسل في المعاينات وصف المكان تم الآثار تم جسم الجريمة.
* تدعيم المعاينات بالمرسوم و الصور البيانية و الصور الفتوغرافية .
* اتخاذ الإحتياطات اللازمة عند رفع البصمات و الأشياء تفاديا لاختلاط بصمات المحققين أو آثارهم أو أجزاء من أجسامهم مع الآثار التي يخلفها المجرم .
* تنظيم العمل و تكفل كل عنصر مساعد بإنجاز مهمة محددة.
* يجب دائما البدء بإخلاء الجرحى نحو المؤسسات الصحية و فتح الطريق أمام حركة المرور عند اللزوم و إعلام الجهات المعنية لاتخاذ ما يجب اتخاذه.
* البحث عن آثار الجريمة كبصمات الأصابع و آثار الأسنان أو الكسر و الألبسة و الأسلحة و كل شيء يمكن أن يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة .
* يجب أن نتضمن المعاينات أسلوب ارتكاب العمل الإجرامي و الوسائل المستعملة .
دون أن نخوض في التفاصيل المتعلقة بالمعاينات يمكننا الإشارة الى أن مجمل المعاينات التي يقوم بها المحقق يجب أن تجنب على الأسئلة التالية : كيف و متى و أين تم تنفيذ
الفعل الإجرامي ؟ و ما هو الدافع ؟ و من قام به ؟ أي كيف و متى و أين و لماذا و من ؟
4- التحقيق: و يقصد بالتحقيق استخلاص شهادة الشهود و سماع أقوالهم لتسليط الضوء على حقيقة العمل الإجرامي و فاعله ( المعنى هنا اصطلاحي أكثر منه لغوي ).



   و سماع أقوال الشهود و تسجيل تصريحات الأطراف المختلفة ( الضحية – الشـاهد- الجاني ) يتطلب تقنيات و أساليب يتدرب عليها أعضاء الشرطة القضائية و في هذا البند نشير باختصار إلى:
أ- التصريح أو الشهادة: الأقوال أو التصريحات التي تتضمن معلومات حول الحادث أو المشتبه فيهم و رغم أن أهمية الشهادة تضاءلت بتقدم تقنيات الشرطة الفنية و العملية إلا أنها لا تزال تحتل مكانة هامة في تقنيات البحث و التحري بشرط مراعاة المؤثرات التي تحيط بالشاهد و إتباع أساليب معنية لاستخلاص  الحقيقة و استنتاج القرائن .
  و في مرحلة الشرطة القضائية و التحريات الأولية فإن الأقوال التي يدلي بها الشخص قد تسمى شهادة أو أقوال أو تصريح و هي مسميات مختلفة لشيء واحد و لا عبرة لصفة الشخص الذي يدلي بها لأن حجيتها تقتصر على أنها مجرد معلومات يستند إليها القاضي مع مراعاة الإستثناءات المتعلقة بتحقيق الجريمة المتلبسة و تسخيرة الوالي و الإنابة القضائية..
ب- الشاهد أو المصرح: الشخص الذي يدلي بشهادته يمكن أن يكون:
- شاهدا على الوقائع أي حاضرا في مسرح الجريمة,
- مشتبها فيه ( فاعلا أو مساهما أو مشاركا ),
- ضحية.
    و لتكوين الشهادات ذات مصداقية يجب على المحقق أن يراعي شروط تكوين الشهادات و المؤثرات ولا سيما الشروط المتعلقة بمدى سلامة الإدراك و الذاكرة لدى المصرح و الظروف الموضوعية كالمكان و الزمان و الإنارة و الظروف الذاتية كدرجة الانتباه – و الحالة النفسية للمصرح و أخلاقه و سيرته – و سنة – و جنسه و مستواه الثقافي إلى غير ذلك من الظروف و الملابسات و لقد وضع علماء الحديث النبوي الشريف علما قائما بذاته و له قواعده يعرف بـ ( علم التجريح و التعديل ) يهدف إلى التحري عن الحياة الشخصية لرواة الحديث النبوي الشريف وحبذا لو تمت الاستفادة ببعض قواعد هذا العلم في مجال التحريات و التحقيقات و البحث عن الحقيقة و الخبر الصادق.
   و القانون يفرض على الأشخاص واجب الإدلاء بشهاداتهم و أقوالهم حسب نوعية التحقيق فالأشخاص المدعوون للإدلاء بشهاداتهم في إطار التحقيق و في حالة الجريمة المتلبسة و

بموجب تسخيرة من الوالي ملزمون بالحضور و ليسوا ملزمين بالإدلاء بشهاداتهم أما في حالة استدعاء الشهود بموجب إنابة قضائية فهؤلاء الأشخاص ملزمون بالحضور و ملزمون أيضا
بالإدلاء بشهاداتهم.و نلاحظ هنا أن أخلاق الشاهد تؤخذ بعين الاعتبار فشهادة مواطن مستقيم ليست كشهادة آخر معروف بالكذب و الأخلاق السيئة.
ج- موضوع التصريح أو الشهادة: ليس هناك حصر لموضوع الشهادة أو التصريح فكل الأقوال التي تتضمن معلومات تفيد المحقق لإستجلاء ملابسات ارتكاب الجريمة و الوصول إلى الحقيقة يمكن للمصرح أن يدلي بها.
و يمكن أن نتناول الشهادة أو التصريح ما يلي:
* المعلومات التي تتعلق بالحادث و يدلي بها عادة شهود العيان أو الضحايا أو الفاعلون.
* المعلومات المتعلقة بالفترة السابقة لوقائع الجريمة ( المؤشرات أو الأعمال التحضيرية ).
* المعلومات المعاصرة لارتكاب الجريمة .
* المعلومات المتعلقة بالوقائع اللآحقة للحادثة كتغيير حالة الأماكن أو نقل الجثة.
* المعلومات المتعلقة بالمشتبه فيه .
د- طرق تلقي التصريحات أو الشهادات: إن أسلوب تلقي المعلومات تتطلب مهارة وحنكة خاصة من طرف المحقق الذي يجب عليه مراعاة القواعد التالية:
1- البحث عن الشهود و تصنيفهم أي معرفتهم فمنهم ذوي السوابق ومنهم النزيه و منهم المشبوه و منهم الذين لا يتمتعون بحواس سليمة فيجب على المحقق أن يفحص جيدا مصدر الشهادات المتمثل في شخصية الشاهد فلا تؤخذ بشهادة أصم إذا كانت مبينة على حاسة السمع ولا الأعمى إذا كانت تعتمد على حاسة البصر و هكذا .
2- لا يجب على المحقق أن يترك الشاهد في حالة انتظار لمدة طويلة أو يسيء استقباله أو يعنفه بالألفاظ البذيئة أو المهنية .
3- على المحقق أن يتحلى بهيئة و سلوك يجعل المستجوب و المدلي بأقواله يشعر بالطمأنينة , و لا يجب بأي حال من الأحوال التشكيك في أقواله حتى و لو خامر المحقق شك في عدم مصداقيتها .


4- ترك الشاهد أو المصرح يروي أو يسرد ما لديه من معلومات بحرية و دون مقاطعة و بعد نهاية التصريح يمكن للمحقق تقديم أسئلة للمعني لتوضيح بعض النقاط الغامضة أو التحقق من بعض التناقضات في أقواله أو استكمال معلومات يكون المصرح قد أغفلها ناسيا أو متناسيا.
   و بما أنه لا يوجد تصريح كامل فعلى المحقق أن يكون متأكدا أن التصريح قد أجاب على الأسئلة التالية : من ؟ بماذا ؟ أين ؟ كيف؟ متى ؟ لماذا ؟ .
كما يجب عليه أن يتذكر الآية القرآنية :
{ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }     (الآية 06 من سورة الحجرات )  
5- إذا كان المحقق في قضية ما يريد سماع عدة أشخاص تختلف صلتهم بالقضية فيجب مراعاة الترتيب في سماع أقوالهم. و هؤلاء الأشخاص لا يخرجون عن كونهم من أحد الأصناف التالية:
أولا: الضحــايا.
ثانيا: الشهود ( سواء من عاينوا و شاهدوا الوقائع أو من لديهم معلومات حول تلك الوقائع أو حول المشتبه فيهم ) .
ثالثا: المشتبه فيهم أو الوالي أو المسؤول المدني فعلى المحقق أن يبدأ بسماع الضحية تم الشهود و أخيرا المشتبه فيه أو الوالي أو المسؤول المدني.
6- يجب سماع كل شاهد على الفصل بينهم أي عدم السماح لهم بتبادل الحديث فيمكن أن يتأثروا ببعضهم البعض و عدم السماح باتصال من تم سماعهم بالذين لا يزالون في الانتظار .
7- يجب سماع القصر بحضور أوليائهم.
8- عدم انفراد المحقق بمن يسمعه إذا كانت امرأة , بل يجب سماعها بمعية محقق آخر أو أكثر أو ترك باب المكتب مفتوحا إذا كان المحقق لوحده حتى لا يتعرض نفسه للشبهات و التأويلات المغرضة .
9- في مرحلة الشرطة القضائية لا يسمح القانون الجزائري بحضور المحامي إثناء التحقيق الأولي و إذا احضر شخص محاميا فلا يجب سماعه بحضوره و في هذه  الحالة اذا رفض الشخص الإدلاء بتصريحه إلا بحضور المحامي فيجب إبلاغ النيابة و الرؤساء و الامتثال

لأوامرهم و تعليماتهم.  و تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤتمرات الدولية و فقهاء القانون يوصون بضرورة وضع نصوص تسمح بحضور المحامي أثناء التحقيق البوليسي و لقد استجاب المشرع
الفرنسي لذلك و أصبح بامكان المحامي حضور هذا التحقيق بعد مضي 20 ساعة من القبض على المشتبه فيه
   أما المشرع الجزائري فلقد اكتفى في التعديل الأخير بالسماح لحضور المحامي أمام وكيل الجمهورية خلال استجواب المشتبه فيه و اعتبر ذلك حقا له (المادة 59 من ق ا ج المعدلة و المتممة بالقانون رقم 04_14 المؤرخ في 10_11 2004).
 10_ الشهود لا يؤدون اليمين قبل أن يدلوا بشهادتهم أمام ضابط الشرطة القضائية الا في الحالات الاستثنائية كأن يكون هناك شخص على وشك الهلاك.
 11_ يمكن للمحقق( ضابط الشرطة القضائية) أن يوجه أسئلة للمستوجب لاستكمال ما يراه ناقصا أو توضيح ما يراه غامضا و لا يجوز له أن يستوجب المتهم أي يناقشه في الأدلة و يواجهه بها لان الاستجواب بهذا المعنى من اختصاص قاضي التحقيق.
     يتضمن تصريح الشخص المسموع البيانات التالية:
  - اسم المحقق و رتبته_ اسم و لقب الشخص المسموع و تاريخ و مكان الازدياد و نسبه و حالته العائلية_ مهنته_ و مقر سكنه_ مكان و ساعة بدء التصريح و نهايته مثال:
  بعد انتهاء الشخص المسموع من الإدلاء بتصريحه يمكن من قراءة ما أدلى به من أقوال إذا كان يعرف القراءة و الكتابة آو لا يحسن اللغة العربية يقوم المحقق بتلاوة تصريحه عليه و يوقع أو يبصم مع ضابط الشرطة القضائية.
 5_ اختتام المحضر: كما ينبغي أن يشار في المحضر إلى تكييف الوقائع المجرمة و مواد النصوص القانونية التي تجرمها و تعاقب عليها و يبلغ الشخص المعنى بأنه يحرر ضده محضر و يرسل إلى النيابة للتصرف  في الملف و في نهاية المحضر يسجل مكان و تاريخ تحريره.
  و يمكن أن تكون صياغة آخر فقرة في المحضر على النحو التالي:
   "بما ان الوقائع المشار إليها انفا تكون جنحة تنص و تعاقب عليها المواد من... إلى...من قانون العقوبات( أو أي قانون آخر) نصرح للمعني أننا نحرر ضده محضرا و نقدمه أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة...". 

    إن وكيل الجمهورية يجب أن يبني قراره بالحفظ أو المتابعة بناء على الملف الذي يقوم بإعداده ضابط الشرطة القضائية و عادة ملف القضية متكونا من المحضر و جملة من الوثائق الثبوتية التي تكون مرفوقة به و عادة ما تشمل هذه الوثائق:
  _الشهادة او الشهادات الطبية,
  _الاحراز ترقيمها و وصفها,
  _جدول التوقيف للنظـــر,
  _معلومات حول المشتبه فيه( هويته_نسبه_مواصفاته_سوابقه...الخ) . _أية وثائق أخرى. 
 المطلب الثالث: حجية المحاضر:
     المقصود بحجية المحاضر Valeur probante قوتها القانونية و مدى اعتماد القاضي عليها في اصدار احكامه.  و المحاضر تعتبر من المحررات و المستندات التي يعتمد عليها كوسيلة من وسائل الاثباث الجنائي شريطة أن تكون صحيحة و محررة طبقا للأشكال القانونية و التنظيمية الجاري العمل بها في بلادنا.
     و هذا ما تنص عليه المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية "لا يكون للمحضر أو التقرير قوة الاثباث إلا إذا كان صحيحا في الشكل و يكون قد حرره واضعه أثناء مباشرته أعمال وظيفته. و أورد فيه عن موضوع داخلي في نطاق اختصاصه قد رآه أو سمعه أو عاينه بنفسه:
  1_المحاضر التي تتلخص حجيتها في كونها مجرد استدلالات:
Procés-verbaux.ne vaut qu’à titre de simple renseignements
ويشمل المحاضر التي يحررها ضابط الشرطة القضائية و التي يثبتون فيه الأعمال و الإجراءات التي يباشرها كمعاينة الجنايات و الجنح.
  و هذا ما تنص عليه المواد 18و 20و 215 من قانون الاجراءات الجزائية و المادة 51 من المرسوم رقم:104/80/اع/ا1 المؤرخ في 05/02/1980 المتضمن خدمة الدرك(غير منشور في الجريدة الرسمية ).



  معنى ذلك أن الوقائع التي ثبتت في المحاضر هي مجرد معلومات و القاضي حر في أن يأخذ بها أو يطرحها, و لا يمكن أن تعتبر حجة أو دليلا يؤسس عليه حكم الإدانة أو البراءة فالحكم يكون معيبا إذا استند القاضي فيه على الاستدلالات و حدها فالحكم لا يبنى على أدلة. و يعتبر ذلك حماية للمشتبه فيهم حيث يتم تدارك اي تقصير في مرحلة التحريات الاولية على مستوى القضاء باعتباره حامي الحريات و الحريص على احترامها.
  2_ المحاضر التي تعتبر حجة حتى يثبت العكس
Procés_verbaux faisant foi jusqu’à preuve du contraire   
     فهذا النوع من المحاضر تكون له حجيته أي أن المحكمة تعتمد عليه أو بتعبير آخر يعتبر ما جاء فيه من معلومات صحيحا إلى أن يدحضها دليل عكسي. و تنص على هذا النوع المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية "في الأحوال التي يخول القانون فيها بنص خاص لضباط الشرطة القضائية أو أعوانهم أو للموظفين و أعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة إثبات جنح في محاضر أو تقارير تكون لهذه المحاضر أو التقارير حجيتها ما لم يدحضها دليل عكسي بالكتابة أو بشهادة الشهود" و هذا في ما يتعلق بالمحاضر التي تحرر بشان الجنح أما بالنسبة للمخالفات فتنص عليها المادة 400 من قانون الإجراءات الجزائية.
   من خلال هذا النص يلاحظ أن المشرع وضع ثلاثة قيود لتكون لهذه المحاضر حجية و هي:  1_ تحديد الحالات التي يحدد فيها هذا النوع من المحاضر و هي الحالات التي خول المشرع بنصوص خاصة سلطة إثبات الجنح لضابط الشرطة القضائية و أعوانهم أو الموظفين أو أعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الشرطة القضائية.
2- أن تكون شهادة الشهود أو كتابة هي الدليل العكسي الذي يدحض حجية ما جاء في المحضر فلا يعتد بإنكار أو نفي المتهم أو القرائن,
3- هذا النوع من المحاضر مقتصر على فئة الجرائم المكيفة جنحا و التي تنص عليها قوانين خاصة كقانون حماية البيئة و قانون الصيد و قانون الجمارك و المخالفات طبقا لما تنص عليه المادة 400 من قانون الإجراءات الجزائية .



3- المحاضر التي تكون لها حجة الى أن  يطعن فيها بالتزوير :
( Procés verbaux faisant foi jusqu’à inscription de faux) 
   حجية هذا النوع من المحاضر تنص عليها المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية " إن المواد التي تحرر عنها محاضر لها حجيتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير تنظمها قوانين خاصة " و قد يثور تسائل حول إجراءات الطعن بالتزوير فإذا نص القانون الخاص على هذه الإجراءات فيجب التقيد بها أما إذا لم ينص على ذلك فتطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية. و كمثال على هذا النوع من المحاضر ما ورد في الفقرة الأولى من المادة 254 من قانون الجمارك المتعلقة بمحضر الجمارك الذي يحرره عونان محلفان على الأقل حيث يكون صحيحا ما لم يطعن فيه بالتزوير.


من خلال البحث تبين لنا أن التحريات تشكل مرحلة هامة من مراحل البحث عن الحقيقة في المجال الجزائي و قد نظمها المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية مراعيا في ذلك مصلحتين أساسيتين : مصلحة الفرد من خلال حماية حقوقه و حرياته و مصلحة المجتمع بضمان حقه في توقيع العقاب على المجرم.
         و بينما يكون عمل رجل الضبطية سابقا لهذه المرحلة، فالدعوى لم تحرك و الشخص لم يتهم بها و إنما دار الشبه حوله، الشيء الذي حتم على القائم بها عدم المساس بحريته إلا بالقدر الضروري للقيام بتلك الإجراءات التمهيدية و هذا حتى لا تضيع الأدلة أو تندثر معالم الجريمة.
         و من ثم فإننا نرى أنه كان من الأولى أن تعطى دراسة ضمانات هذه المرحلة أهمية أكثر من غيرها ، لأن إجراءاتها تتعلق بشخص لم يصل بعد إلى درجة الاتهام أو الإدانة ، مع كونها حاملة لبعض القيود على الحريات و الحقوق.
         و القوانين الإجرائية ليست على حال واحدة فيما يمنح لرجل الضبطية من صلاحيات و ما يضفى على الشخص من ضمانات، الأمر الذي يوصف البعض منها بالنظم البوليسية و الأخرى بالديمقراطية تبعا لزيادة التدخل في الحياة الخاصة و انتهاك الحقوق و الحريات.
         و من يطلع على قانون الإجراءات الجزائية يجد أنه في كثير من النصوص لا يفرق بين مشتبه فيه و متهم ، و لا بين تحر و تحقيق ، الأمر الذي أحدث خلطا في الحانب العملي فصار رجال الضبطية يتكلمون بلغة المحققين، فمحاضر سماع الأقوال عنهم هي محاضر للإستجواب، و الشخص متهم لا مشتبه فيه مع العلم بأن لكل من الشخصين حقوق و إلتزامات تبعا لما هو عليه و في أي مرحلة كانت عليها الدعوى العمومية.
         و عليه فعلى رجال الضبطية القضائية ضرورة اللجوء إلى الإجراءات المشروعة عند مباشرة أعمال البحث و التحري و إتباع الأساليب التي لا تتنافى مع الأخلاق و الآداب العامة و حريات و حقوق الشخص الدستورية تبقى دون مفعول ما لم توضع لها آليات تضمن تطبيقها و


 تجعل من مرحلة التحريات مرحلة دقيقة و مبنية على مستويات قانونية ، و لا يتأتى ذلك إلا بمراعاة مجموعة من شروط واقعية و أخرى قانونية.
1- أن تكون هناك أمارات قوية لاتهام شخص معين بإرتكاب جريمة ما أو بإشتراكه فيها و أن تدل كل الظواهر و المظاهر على أن الاجراء المتخذ سوف يكشف عن هذه الجريمة
2- تعديل النصوص القانونية المتعلقة بمرحلة التحريات و جعلها مستقرة على تسمية واحدة
 ( التحريات ) كتمييز لها عن غيرها من المراحل و كذلك تعديل تسمية التحقيق الابتدائي و كذا عنوان الفصل الثاني من الباب الثاني من ق.أ.ج و نص المادة 63 من نفس القانون لتصير التحري او التحقيق الأولي باعتباره أسلوب من أساليب التحريات لتمييزه عن التحقيق الإبتدائي الذي يقوم به قاضي التحقيق.
3- أن تعطى مهمة البحث و التحري عن الجريمة و مرتكبيها إلى مجموعة من العناصر القادرة إما بحكم تخصصها الوظيفي أو موقعها على القيام بالمهمة و صولا إلى أداء أفضل و ذلك بتنظيم أجهزة الشرطة القضائية و تحديد مهامها و الصهر على تكوين نوعي متخصص.
         إن توافر هذه الشروط من شأنه أن يضفي الطابع الشرعي على أعمال الضبطية القضائية.
         و بالتالي نرى أن دولة القانون تستلزم وجود منظومة تشريعية متكاملة و تنظيم محكم للشرطة القضائية و جهاز قضائي يتكون من قضاة ذوي خبرة و كفاءة و كل ذلك لا يتجسد على أرض الواقع ما لم تكن النصوص التشريعية و التنظيمية سهلة المنال لدى ممارسي القانون على مستوى أجهزة الضبطية القضائية.
         و كلنا أمل أن يكون هذا العمل خالصا لوجه الله ثم الوطن ، و لله در القائل : « من لم يقدم زيادة في الحياة فهو في الحياة زيادة »                      




1-       قانون الإجراءات الجزائية الجزائري – الديوان الوطني للأشغال التربوية 1991
2-       قانون العقوبات الجزائري – الديوان الوطني للأشغال التربوية 1991
3-       دستور 1996 – الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية المؤرخة بـ16/10/96 .
4-       الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الصادر بتاريخ 01/03/1999 العدد 11 التربوية 1994.
5-       المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد 1/1994 الديوان الوطني للأشغال التربوية 1994.
6-       المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد 2/1997 الديوان الوطني للأشغال التربوية 1997.

1-    د. أبو زيد علي المتيت ، النظم السياسية و الحرريات العامة عن مؤسسة شباب الجامعة ,الإسكندرية – مصر.
2-    أحمد شوقي الشلفاني مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ديوان المطبوعات الجامعية الجزائرية 1988.
3-    د. أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية ج1 دار النهضة العربية القاهرة – مصر 1979 .
4-    د. إسحاق ابراهيم منصور المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ديوان المطبوعات الجانعية الجزائرية ط2 ,  1982 .
5-    د. جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية المجلد 4 دار المؤلفات القانونية بيروت لبنان 1940.
6-    د. حسن صادق المرصفاوي أصول الإجراءات الجزائية منشأة المعارف الإسكندرية – مصر 1972.


7-د. رؤوف عبيد مبادئ الإجراءات الجنائية في قانون المصري , دار الجيل للطباعة الفجالة مصر ط 17 1989.
9-       سليمان بارش شرح قانون الإجرءات الجزائية الجزائري دار الشهاب باتنة – الجزائر 1986 .
10-  عبد الستار الجميلي , التحقيق الجنائي قانون وفن دار السلام بيروت لبنان ط1 1973.
11-المبادىء الأساسية في قانون الإجراءات الجزائية- جامعة وهران-الدكتور   اسحاق إبراهيم منصور
12- مجلة بونة – مدرسة الشرطة بعنابة- العدد 02/جانفي 2007

تعليقات