القائمة الرئيسية

الصفحات



أحكام العضل في فقه الأسرة والنظم المعاصرة

أحكام العضل في فقه الأسرة والنظم المعاصرة

أحكام العضل في فقه الأسرة والنظم المعاصرة




بسم الله الرحمن الرحيم




بحث
أحكام العضل في فقه الأسرة والنظم المعاصرة

إعداد الدكتور
محمد بن منصور ربيع المدخلـــــي
الأستاذ المشارك
جامعة الملك خالد – كلية الشريعة وأصول الدين
قسم الفقه – أبها


بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص البحث
يعد موضوع أحكام العضل في الفقه والنظم والدراسات المعاصرة من أهم المسائل الأسرية المعا صرة لما له من الأهمية  في لاستقرار النفسي والعضوي  والاجتماعي  . حيث بينت فيه ماهيته التي ترتكز على منع الظلم والتعسف وقهر المرأة  في عدم تزويجها بالكفؤ وله أثر فقهي في نزع الولاية من العاضل وتزويجها من أقرب ولي أو السلطان ، وبيان حالات العضل الممنوعة والجائزة، وآثار العضل على الفرد والمجتمع والأمة.
كما بينت الموضوعات ذات العلاقة مثل حكم التحجير وكذلك الفتاوى الفقهية مع إيراد بعض القوانين  والأنظمة في المنظمات العالمية  والإسلامية المبينة لحق المرأة في الاختيار وبينت الأسباب والعوامل التي تؤدي للعضل وحلول ومواجهة هذه المشكلات المعاصرة  للزواج وقد أفردت مبحثا خاصا عن مقارنة قوانين الأحوال الشخصية في بعض دول مجلس التعاون العربية وبعض المواثيق العربية والعالمية فيما يناسب موضوع العضل  والله الموفق .

المقدمــــة

         الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ..
         فإن موضوع " أحكام العضل في فقه الأسرة والنظم المعاصرة " من الموضوعات المعاصرة والجديرة بالبحث وإبراز معالمه نظراً لأهميته في فقه الأسرة المسلمة المعاصرة وأن الإسلام احترم المرأة وأعطى حقوقها ومنع الظلم عنها، فقد رأيت أن أفرده بالبحث والدراسة فقد توخيت الدقة والأمانة العلمية وشروط البحث العلمي وإتباع الدليل والحكم الفقهي والإثباتات البحثية للأنظمة وبيان آثار العضل على الفرد والمجتمع المعتبرة وتكون البحث من عشرة مباحث ومقدمة وخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع.
خطة البحث :
المبحث الأول : تعريف فقه الأسرة والعضل والنكاح والألفاظ ذات العلاقة، ومشروعية النكاح . وفيه مطالب :
         المطلب الأول : تعريف الفقه لغة واصطلاحاً.
         المطلب الثاني تعريف الأسرة لغة واصطلاحاً.
         المطلب الثالث : تعريف النكاح لغة واصطلاحاً.
         المطلب الرابع : تعريف العضل لغة واصطلاحاً.
         المطلب الخامس : تعريف التحجير لغة واصطلاحاً.
         المطلب السادس : تعريف الخلع لغة واصطلاحاً.
         المطلب السابع : تعريف النظام لغة واصطلاحاً.
         المطلب الثامن : مشروعية النكاح وعدم العضل فيه.

المبحث الثاني : حكم العضل في النكاح.
المبحث الثالث : حالات اعتبار العضل في النكاح.
المبحث الرابع : العضل المباح للولي في النكاح.
المبحث الخامس : عضل الزوجة ومنع حقوقها المشروعة في فقه الأسرة.
المبحث السادس : أثر العضل على انتقال الولاية في النكاح.
المبحث السابع : حكم عضل الولي بسبب غلاء المهر.
المبحث الثامن : حكم العضل بالتحجير في النكاح والفتاوى والقرارات الفقهية الواردة في ذلك .
المبحث التاسع : أثر العضل في النكاح على الأسرة والمجتمع.
المبحث العاشر: مقارنة قوانين الأحوال الشخصية في بعض دول مجلس التعاون العربي الخليجي والمواثيق العربية والعالمية.
الخاتمة ، والفهارس.

المبحث الأولتعريف فقه الأسرة والعضل والنكاح والألفاظ ذات العلاقة ومشروعية النكاح

وفيه مطالب:
المطلب الأول : تعريف الفقه لغة واصطلاحاً :
الفقه لغة يأتي بمعنى العلم بالشيء والفهم له .
قال تعالى حكاية عن موسى : ( وأحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ) ([1]).
وكذلك يأتي بمعنى دقة الفهم ولطف الإدراك ومعرفة غرض المتكلم قال تعالى : (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول ) ([2]).
         وقال تعالى : (فعال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً) ([3]).
         أما الفقه في اصطلاح العلماء : فهو " العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية "([4]).
         قولهم : " العلم" : ليس جميع الأحكام الشرعية وإنما يكفي منه جملة، وما هو مستدرك فيه روح الاستنباط والفهم الدقيق للمسائل . ومن هنا تسمى هذه الجملة " فقهاً" ويسمى صاحبها " فقيهاً".
         قولهم : الأحكام : هو ما يثبت للمكلفين من وجوب وندب وحرمة وكراهة أو إباحة أو صحة أو فساد أو بطلان .

         وقد قيدت هذه الأحكام بما يلي :
         كونها : " شرعية" حتى يخرج منها الأحكام " العقلية" كالعلم أن الواحد نصف الاثنين ، وأن العالم حادث .
         وأيضاً يخرج منها : الأحكام "الحسية" والثابتة بالحس كالعلم بأن النار محرمة. ولا الأحكام الثابتة " بالتجربة" كالعلم بأن السم قاتل.
         ولا الأحكام " الوضعية" : من وضع البشر مثل العلم بأن كان وأخواتها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر .
-         ثم قيدت هذه الأحكام بكونها : " عملية" وهي ما تعلقت بأفعال المكلفين من صلاة وبيع وشرب وجناية حتى يخرج منها :
الأحكام الاعتقادية فهي مهمة علم التوحيد ، والأحكام الأخلاقية التي من مهمة علم الأخلاق وغيرهما .
وقيدت أيضاً بكونها " مكتسبة من الأدلة التفصيلية": أي مستفادة عن طريق النظر والاستدلال من دلائل الشرع المتمثلة في الكتاب والسنة ومما هو مقيس عليهما بالاجتهاد والرأي . مثل استفادة الحكم الكلي الجماعي من دليل جزئي وهو قوله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) ([5]) الذي دل على حكم شرعي وهو وجوب إعداد القوة من قبل الجماعة لإرهاب العدو.
     فقد فهمنا من أن مهمة الفقيه تتبع كل حكم في مسألة معينة مستنيراً بعلم الأصول المتمثل في وضع الأدلة الثابتة بالشرع وصياغة قواعد الاستنباط ومناهج الاستدلال([6]).

المطلب الثاني : تعريف الأسرة لغة واصطلاحاً :
الأسرة في اللغة : يطلق الأسر على المفاصل والشد والعصب ، ومنه : الأسرة من الرجل : رهطه الادنون وعشريته التي يتقوى بها والدرع الحصينة "([7]).
والأسرة في الاصطلاح الفقهي تطلق ويراد بها الأب والأم وما انبثق منها من ذرية أبناء وبنات وأخوة وأخوات ، أعمام وعمات وعاقلة الفرد([8]) بحيث يقرب المعنى الإصطلاحي من اللغوي .

المطلب الثالث : تعريف النكاح لغة واصطلاحا .

النكاح : في اللغة الضم والجمع للشيء ، ومنه تناكحت الأشجار إذا انضمت إلى بعضها، كما يطلق على الزواج نكاحاً لعلة الارتباط والتقارب والاقتران([9]) . قال تعالى : ( فإن طلقهـا فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ) ([10]).
والنكاح اصطلاحاً : عقد بلفظ الزواج يلتزم فيه العاقدان بمقتضاه تنفيذ ما اتفقا عليه إيجاباً وقبولاً ([11]) على وجه مشروع.
الزواج في اللغة بمعنى الصنف والنوع واللون، ومعناه الارتباط والاقتران ومنه قوله تعالى : ( كذلك وزوجناهم بحور عين ) ([12]). أي قرناهم ([13]).

ويطلق الفقهاء على النكاح والزواج بمعنى واحد كما سبق في تعريف النكاح([14]).
والنكاح أو الزواج مشروع في الجملة وذلك لعموم الأدلة التي تحث عليه :
قال تعالى : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) [النساء : 3].
والحديث الشريف : " يا معشر الشباب : من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"([15]).
ولإجماع الأمة على مشروعية النكاح قال ابن قدامه رحمه الله : " الأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والإجماع .. وأجمع المسلمون على أن النكاح مشروع([16])" وقال غيره بل : النكاح مشروع من عهد آدم ، واستمرت مشروعيته ، بل مستمر في الجنة"([17]).
وفيما مضى دلالة واضحة على مشروعية النكاح ( الزواج ) منذ العصور السابقة إلى عصرنا الحاضر والله أعلم .

المطلب الرابع :  تعريف العضل لغة واصطلاحاً :
العضل في اللغة : عضل العضلةِ والعضيلة كل عصبةٍ معها لحم غليظ ، وعضل إذا كان كثير العضلات ، وعضل بهم المكان ضاق وأعضل الأمر اشتد ومنه داء عضال أي شديد ، وعضل الرجل المرأة إذا قتل وضرب، وعضل المرأة عن الزوج حبسها([18]) ، وعضل الرجل أيّمه يعضلها عضلاً وعضلها منعها الزوج ظلماً قال تعالى : ( فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهن) ([19]).
وأما قوله تعالى : (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ([20]). فإن العضل في هذه الآية من الزوج لامرأته وهو أن يضارها ولا يحسن عشرتها ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها فسماه الله عضلاً لأنه يمنعها حقها في النفقة وحسن العشرة ليضطرها بذلك إلى الافتداء منه بمهرها.
وعضله عليه أمره تعضيلاً ضيق عليه وعضل به المكان ضاق ([21]).
العضل اصطلاحاً :
         يطلق الفقهاء على العضل بأنه منع المرأة من الزواج بكفء ترضاه إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه سواء ذلك بمهر مثلها أو دونه في كل زمان ومكان([22]) .
         قال ابن قدامه رحمه الله " معنى العضل : منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه "([23]). وبهذا التعريف قال بقية فقهاءالمذاهب الفقهية ([24]).
المطلب الخامس : تعريف التحجير في النكاح لغة واصطلاحا :
التحجير في اللغة : التحجير للشيء والمنع وعدم التصرف فيه([25]).
والتحجير في الاصطلاح : يقترب معناه من العضل فإنه يطلق على إجبار المرأة على الزوج ممن لا توافق عليه ومنعها من الزوج بمن رضيت به مع توفر الشروط المعتبرة فيه شرعاً بالقرابة خاصة ([26]).
         وهو في تعريفه السابق يقترب تماماً مع مصطلح العضل .
المطلب السادس : تعريف الخلع لغة واصطلاحا:
         الخلع لغة : بمعنى الإزالة والتبديل في الأشياء ومنه خلعت المرأة زوجها إذا خلعت ثوبها ([27]).
الخلع اصطلاحا :
         لقد استعمل الفقهاء العضل في الخلع بمعنى الإضرار بالزوجة ([28]).
قال ابن قدامه([29]) : " إن عضل زوجته وضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من النفقة والقسم ونحو ذلك لتفتدي نفسها ففعلت فالخلع باطـــل والعوض مردود" .

المطلب السابع : تعريف النظام لغة واصطلاحاً :

         النظام لغة مأخوذ من الفعل نظم بمعنى الاستاقمة والاتساق والتمام تقول: نظمت الأمر فانتظم أي أقمته فاستقام وهو على نظام واحد أي نهج غير مختلف([30]). كما يطلق النظام على اللؤلؤ المجموع في السلك([31]) . وعلى تدبير الأمور وسياستها" يقال: قد انتظم لفلان الأمر والتدبير ، واتسق ، واستتب ، واطرد ، وتهيأ. واستقام، والتأم ([32]).
         والنظام اصطلاحاً يطلق على تأليف الكلمات والجمل مترتبة المعاني ، مناسبة الدلالات ، على حسب ما يقتضيه العقل ([33]).
المطلب الثامن : مشروعية النكاح وعدم العضل فيه :
         لقد جاءت النصوص الشرعية لبيان مشروعية النكاح . قال تعالى : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) ([34]). فإن قوله تعالى : (وأنكحوا) خطاب للأولياء ، وترغيب من الله تعالى لهم في إنكاح من لا زوج له من الرجال والنساء ، ووعده تعالى لهم بالغنى إن كانوا فقراء([35]) . وهذا مشروع بالجملة فإن هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح ، أي : زوجوا من لا زوج له منكم ، فإنه طريق التعفف ، والخطاب للأولياء ومن في حكمهم([36]).
         ومن الحديث قوله r : « إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»([37]).
         ففي هذا الحديث حث على إنكاح من اتصف بالصلاح في دينه وخلقه، والتحذير من تجاوز ذلك بالفتنة والفساد الكبير وهو يدل على مشروعية النكاح في بابه .
         قال صاحب تحفة الأحوذي([38]) : « فساد عريض : أي ذو عرض ، أي كبير؛ وذلك لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ، ربما يبقى أكثر نسائكم بلا زواج ، وأكثر رجالكم بلا نساء ، فيثكر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد ، ويترتب عليه قطع النسب ، وقلة الصلاح والعفة» .
         وفي الاخبار السابقة من الدلالة البالغة على حث الشرع على إنكاح النساء وعدم عضلهن . فإن الأولياء مطالبون بالبحث عن أسباب تزويج مولياتهم بالطرق المشروعة .

المبحث الثاني : حكم العضل في الفقه الإسلامي
العضل كبيرة من كبائر الذنوب بإجماع المسلمين كما أفتى النووي – رحمه الله - ، وقال غيره بأنها صغيرة ([39]) .
وفي روضة الطالبين : العضل ليس من الكبائر وإنما يفسق به الولي إذا عضل مرات أقلها فيما حكى بعضهم ثلاثاً وحينئذٍ فالولايات للأبعد ([40]).
وفي الروض المربع أن الولي العاضل يفسق به إذا تكرر منه العضل([41]) .
         والأصل أن عضل الولي من له ولاية تزويجها من كفئها حرامٌ ، لأنه ظلمُ، وإضرار بالمرأة في منعها حقها في التزويج بمن ترضاه ، وذلك لنهي الله سبحانه وتعالى عنه في قوله مخاطباً الأولياء : (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) ([42]).
         كما أن عضل الزوج زوجته ، بمضارتها وسوء عشرتها والتضييق عليها حتى تفتدي منه بما أعطاها من مهر حرام ، لأنه ظلم لها بمنعها حقها من حسن العشرة ومن النفقة ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى الأزواج عن ذلك في قوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) ([43]). والأدلة على حرمة العضل من الكتاب والسنة والإجماع :
         فأما الكتاب ، فقوله تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) ([44]).
ففي قوله تعالى : (فلا تعضلوهن) دلالة على تحريم العضل .
قال ابن العربي([45]) رحمه الله : « فنهى الله – تعالى – أولياء المرأة من منعها عن نكاح من ترضاه بصريح الآية .
ومن السنة قوله r : « لا ضرر ولا ضرار » ([46]).
         فإن منع الولي موليته من النكاح بكفء رغبته ضرر بين ، وإضرار بحق المرأة المشروع من العفاف بالنكاح ، والضرر جاءت الشريعة بمنعه ورفعه، والعاضل تزول ولايته بامتناعه لرفع الضرر عن موليته([47]).
والاجماع : فقد ذكر جمع من العلماء إجماع أهل العلم واتفاقهم على تحريم العضل في النكاح .
وقال ابن رشد – رحمه الله - : « واتفقوا على أنه ليس للولي أن يعضل موليته إذا دعت إلى كفء، وبصداق مثلها »([48]).
         وقال ابن تيمية – رحمه الله - : « فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه ، إذا كان كفئاً باتفاق الأئمة ، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية ، والظلمة ...» ([49]).

المبحث الثالث : حالات اعتبار العضل في النكاح
         ذكر العلماء حالات للعضل في النكاح وبينوا أحكامها في الصور التالية :
الحالة الأولى : عضل الولي مولاته لعدم رجوعها لزوجها بعد الطلاق :
قال تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) ([50]).
         وسبب نزول هذه الآية أن معقل بن يسار t قال أنها نزلت فيه قال : «زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها يخطبها ، فقلت له : زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها ،  لا والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله هذه الآية «فلا تعضلوهن» فقلت الآن أفعل يا رسول الله قال فزوجتها إياه([51]).
قال القرطبي : «فدعاه رسول الله r فقرأ عليه الآية ، فترك الحمية وانقاد لأمر الله تعالى" ([52]). وهي صورة ظاهرة من صور العضل المنهى عنها.
وقال الشافعي – رحمه الله – في الآية السابقة : «يعني أولياءهن ... ولا أعلم أن الآية تحتمل غيره ، لأنه إنما يؤمر بألا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل ، بأن يكون يتم به نكاحها من الأولياء ، والزوج إذا طلقها فانقضت عدتها ، فليس بسبيل منها فيعضلها ، وإن لم تنقض عدتها يحرم عليها أن تنكح غيره وهو لا يعضلها عن نفسه ، وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقا، وأن على الولي ألا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف .. والولي عاصٍِ بالعضل لقول الله عز وجل : (فلا تعضلوهن) ([53]).
الحالة الثانية : عضل اليتيمة من النكاح بسبب مالها :
         قال تعالى : (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن)([54]).
         فقد جاء أن سبب نزول هذه الآية ما ورد عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها – أنها " قالت : هذا في اليتمية التي تكون عند الرجل علها أن تكون شريكته في ماله ، وهو أولى بها ، فيرغب عنها أن ينكحها ، فيعضلها لمالها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها" ([55]).
         وتوضيح صورة هذا العضل : أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها .. فتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها([56]).
الحالة الثالثة : عضل الولي موليته من الزواج بالكفء :
يرى فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أنه إذا دعيت المرأة إلى الزواج من كفء ، ورضيت به أو خطبها كفء وامتنع الولي من تزويجه دون سبب مقبول ، فإنه يكون عاضلاً ، وذلك لعموم الأدلة الشرعية والعقلية التي تحرم العضل ، السابق ذكرها([57]).
قال ابن تيمية([58]) رحمه الله : " فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفئاً باتفاق الأئمة".

الحالة الرابعة : عضل الولي موليته بتزويجها كفء غير الكفء الذي ترضاه .

إذا دعيت المرأة لكفء وأراد الولي تزويجها من كفء غيره ، فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول : للمالكية في قول عندهم وهو قول للشافعية في الأصح , ووجه عند الحنابلة  أن كفء الولي أولى إذا كان الولي مجبراً لأنه أكمل نظرا منها ، فإن لم يكن الولي مجبراً فالمعتبر من عيّنته لأن هذا من حقوقها المشروعة([59]).
القول الثاني : للحنفية في قول عندهم ورجحه ابن عابدين الحنفي وهو مذهب الحنابلة وهو مقابل الأصح عند الشافعية : يلزم الولي إجابتها إلى كفئها إعفافاً لها ، فإن امتنع الولي عن تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً ([60]).
         القول الثالث : للبغوي أنه لا يتحقق العضل حتى يمتنع الولي بين يدي القاضي وذلك بأن يحضر الخاطب والمرأة والولي ويأمره القاضي بالتزويج فيقول لا أفعل أو يسكت فحينئذٍ يزوجها القاضي وهذا فيما إذا تيسر إحضاره عند القاضي وأما إذا تعذر فيجب أن يجوز الإثبات بالبينة كسائر الحقوق ([61]).
         والراجح القول الثاني فيما أرى وذلك استناداً للثوابت الشرعية التي تدعوا إلى احترام المرأة وإعطائها حقوقها المشروعة في النكاح ، ومنها الرضا والذي يعتبر من الشروط في الزواج والله أعلم .
الحالة الخامسة : امتناع الخطاب من خطبة الفتاة خوفا من وليها .
إذا امتنع الخطاب من خطبة المرأة لشدة الولي والخوف منه ، فإنه يعتبر عاضلاً حينئذ وآثماً([62])، ويرفع أمره للحاكم ويزوجها إذا ثبت عضل وليها لها ، ولعل السبب في ذلك ما ظهر في العصر الحاضر من مغالاة في المهور أو مواصلة تعليم الفتاة ، أو أخذ أجرها الوظيفي أو ترفع الولي عن مصاهرة الخاطب بسبب تفكيره الجاهلي وتعصبه لجنسه ونسبه والله الهادي إلى السبيل .
         وهناك حالات أخرى للعضل جائزة مباحة وممنوعة سيفرد لها مباحث مستقلة إن شاء الله .

المبحث الرابع : العضل المباح للولي
وفيه مطلبان :
المطلب الأول : رد الولي الخاطب غير الكفء لموليته:
         إذا كان الخاطب غير كفء شرعاً فللولي رده ولا يعد بهذا عاضلاً آثماً، بل هو مصيب شرعاً وعقلاً ، ودليل أمانته ورعاية المسؤولية المنوطة به شرعاً، إذ لا خير للمرأة في غير الكفء ، وضرره عليها متحققاً ([63]).
وقد اتفق الفقهاء على إباحة هذه الصورة للعضل ، فقد جاء في بداية المبتدي مع شرحه الهداية([64]) : " وإذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما". ومقتضاه أن للولي أن يمنع موليته من الزواج بكفء ونص في حاشية رد المحتار عند الحنفية([65]) : "لو امتنع من غير الكفء .. فليس بعاضل ".
         كما جاء في الشرح الصغير عند المالكية ([66]): ثم إن امتنع " يعني الولي" زوج الحاكم ، ولا ينتقل الحق لمن بعد العاضل من الأولياء إلا أن يكون امتناعه لوجه صحيح فلا يزوج الحاكم ، ولا يكون الولي عاضلاً".
         وقال الإمام الشافعي – رحمه الله([67]) - : " وإن دعت إلى غير كفء لم يكن له تزويجها ، والولي لا يرضى به ، وإنما العضل أن تدعو إلى مثلها أو فوقها فيمتنع الولي ".

         وقال ابن قدامة الحنبلي([68]) : " فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا ... " واستدلوا على ما ذهبوا إليه بعموم قول الله تعالى : ( إذا تراضوا بينهم بالمعروف) ([69]) . وفسرها ابن العربي([70]) : "يعني إذا كان لها كفئاً ، لأن الصداق في الثيب المالكة أمر نفسها لا حق للولي فيه ، والآية نزلت في ثيب مالكة أمر نفسها ، فدل على أن المعروف المراد بالآية الكفاءة، وفيها حق عظيم للأولياء ، لما في تركها من إدخال العار عليهم، وذلك إجماع من الأمة".
وعقلاً : أن الولي إذا رفض الخاطب غير الكفء فقد أدى عملاً مشروعاً يثاب عليه لمحافظته على موليته بما يصلح لها شرعاً([71]).
المطلب الثاني : عضل الزوج زوجته حال اتيانها الفاحشة:
         يباح عضل الزوج لزوجته إن كان لمصلحة يراها ، ودفع مفسدة اقتضاها وذلك بالتضييق على زوجته حتى تفتدي منه بما أعطاها من مهر ، وذلك في حالة إتيانها الفاحشة([72])، للاستثناء الوارد في قوله تعالى : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنَّ إلا أن يأتين بفاحشة مبينه) ([73])، حيث أبيح للزوج أن يضيق على زوجته ومنعها من استمرار عقد الزوجية وفسخه على عوض لما حدث من فاحشة منها .
قال ابن تيمية في باب الخلع : قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيمتوهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة).
         فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة : بأن يمنعها ويضيق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضر بها لأجل ذلك . لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها لتفتدي منه، وله أن يضربها ، هذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبين لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه ، فهي ظالمة متعدية ، فلتفتد منه"([74]).
         وأما إن عضل الزوج زوجته للعوض " فإن عضلها ظلماً للإفتداء" أي لتفتدي منه (ولم يكن) ذلك (لزناها، أو نشوزها ، أوتركها فرضاً ففعلت) أي افتدت منه، حرم ولم يصح . لقوله تعالى : (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بافحشة مبينة).
فإن كان لزناها ، أو نشوزها ، أو تركها فرضاً جاز وصح ، لأنه ضرها بحق([75]).
قال ابن عباس t في تفسير الآية السابقة : هذا في الرجل تكون له المرأة ، وهو كاره لصحبتها ، ولها عليه مهر ، فيضرها لتفتدي به ، فنهي تعالى عن ذلك، ثم قال "إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" يعني الزنا ، فله أن يسترجع منها الصداق الذي أعطاها ، ويضاجرها حتى تتركه له ، ويخالعها ، وقال النشوز ومعصيتها ، والآية تعم ذلك كله([76]).

المبحث الخامس : عضل الزوجة بمنع حقوقها المشروعة في فقه الأسرة

وفيه مطالب :
المطلب الأول : عضل الزوجة بمنع النفقة عنها :
وفي هذه المسألة قولان :
القول الأول : أن من عضل الزوج زوجته في النفقة وأعسر فإن للزوجة أن تستدين ولم يفرق بينهما وبه قال الحنفية وعطاء والزهري وابن شبرمه وهو قول للشافعية والحنابلة ([77]).
القول الثاني : أنه إذا أعضل الزوج زوجته بالنفقة ثم أعسر فالزوجة بالخيار إن شاءت صبرت وانفقت على نفسها من مال أو مما اقترضته ، وإن شاءت رفعت أمرها إلى القاضي وطلبت فسخ نكاحها .
وهذا القول ورد عن عمر وعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم ، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبدالعزيز وربيعة وحماد ويحيى ابن القطان وعبدالرحمن بن مهدي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وإليه ذهب المالكية والشافعية في الأظهر والحنابلة في قول([78]) . واستدلوا بعموم الحديث " لا ضرر ولا ضرار"([79]).
         والإسلام ينهى عن الضرر ، وأيضاً دفعاً للضرر . وهذا القول أولى بالترجيح لوجاهة أدلته ، ولعدم الأدلة لأصحاب القول الأول المخالف .
المطلب الثاني : عضل الزوجة والإضرار بها بسبب الرجعة :
         يحرم على من طلق زوجته ثم راجعها بقصد عضلها ومنعها حقوقها والمضارة لها ويعتبر آثماً بذلك ، فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن هذا التصرف بقوله عز وجل : ( ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)([80]). ففي تفسير الآية ولا تراجعوهن ان راجعتموهن في عددهن مضارة لهن لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع لمضارتكم إياهن ، وبإمساككم إياهن ومراجعتكموهن ضراراً واعتداء([81]) ، فقد نهى الله الأزواج أن يعضلوا الزوجات وامساكهن اضرار لهن والنهي يفيد التحريم فتكون الرجعة محرمة في هذه الحالة لحصول الضرر على الزوجات([82]).
المطلب الثالث : عضل الزوجــة والإضرار بها في الرضاع :
         يرى الفقهاء أنه إذا رغبت الزوجة في إرضاع ولدها أجيبت وجوباً سواء أكانت مطلقة أو في عصمة الأب لعموم قوله تعالى : (ولا تضار والدة بولدها)([83]). والمنع من الإرضاع لولدها مضارة لها وهو منهى عنه ([84]).
         وعلى ضوء ذلك يلزم الأب (الزوج) سابقاً إجابة طلب زوجته المطلقة في إرضاع ولدها ما لم تطلب زيادة على أجرة مثلها ، أما إن طلبت زيادة على أجر مثلها زيادة كبيرة ووجد الأب من يرضعه بأجرة المثل لم يلزم الأب إجابتها إلى ما طلبت ، لأنها تقصد المضارة والعضل من جهتها ([85]).
المبحث السادس
أثر العضل على انتقال الولاية في النكاح
         لا تنتقل الولاية إلا عندما يتكرر العضل ثلاث مرات فحينئذٍ تنتقل الولاية للأبعد ([86])، أو السلطان على خلاف سيأتي بيانه.
         وفي الروض المربع : ( إن عضل الولي الأقرب بأن منعها كفئاً رضيته ورغب بما صح مهراً أو لم يكن الأقرب أهلاً لكونه طفلاً أو كافراً أو فاسقاً أو عبداً أو غاب غيبة منقطعة أو جهل مكانه زوج الحرة الولي الأبعد لأن الأقرب هنا كالمعدوم وإن زوج الأبعد أو زوج أجنبي ولو حاكماً من غير عذر للأقرب لم يصح النكاح لعدم الولاية من العاقد عليها مع وجود مستحقها ويفسق الولي بتكرار العضل )([87]).
         ويعتبر في بقاء الولاية العدالة وقد زالت بالعضل وحكم على العاضل بالفسق لذا تنتقل الولاية للأبعد ([88]).
         وفي كشاف القناع : إن عضل الولي الأقرب زوج الأبعد لأن الولاية لا تثبت للأقرب مع اتصافه بما سبق فوجوده كعدمه، ولتعذر التزويج من جهة الأقرب بالعضل جعل وجوده كالعدم فإن عضل الأبعد زوجها الحاكم لقوله r : (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) ([89]).
وانتقال الولاية للسلطان أو الولي الأبعد عند ثبوت عضله أو منعه أمر مجمع عليه عند الفقهاء([90]).
قال ابن قدامة رحمه الله : لا نعلم خلافاً من أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم ، وبه يقول مالك ، والشافعي ، واسحاق ، وأبو عبيد ، وأصحاب الرأي ، والأصل فيه قول النبي r فالسلطان ولي من لا ولي له"، وروى أبو دواد باسناد عن أم حبيبه أن النجاشي زوجها رسول الله r وكانت عنده، ولأن للسلطان ولاية عامة بدليل أنه يلي المال ، ويحفظ الضوال فكانت له الولاية في النكاح كالأب([91]) .
         لكن الفقهاء اختلفوا فيمن تنتقل إليه الولاية  حال العضل إلى الولي الأبعد أم الأقرب أم السلطان ؟ على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الولاية في عضل النكاح تنتقل إلى السلطان لقول النبي r: " فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له "([92]) .حيث ثبت انتقال الولاية للسلطان حال عضل الولي لموليته في النكاح .
         ولأن الولي قد امتنع ظلماً من حق توجه عليه فيقوم السلطان مقامه لإزالة الظلم، كما لو كان عليه دين وامتنع عن قضائه .
         وروى ذلك عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه تعالى – وشريح وهذا القول رواية عند أحمد واختيار أبي بكر وبه قال الشافعية وقيدوه بما إذا كان العضل دون ثلاث مرات . وهو مذهب الحنفية والمالكية([93]).
         القول الثاني : وهو المذهب عند الحنابلة أنه إذا عضل الولي الأقرب انتقلت الولاية إلى الولي الأبعد ، نص عليه أحمد ، لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد كما لو جُنّ ، ولأنه يفسق بالعضل فتنتقل الولاية عنه ، فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم ، وردوا على الاستدلال بقول النبي r : " السلطان ولي من لا ولي له " أنه يحمل على ما إذا عضل الكل ، لأنه قوله : " فإن اشتجروا ... " ضمير جمع يتناول الكل ([94]).
القول الثالث : قال ابن عبدالسلام من المالكية : إنما يزوجها الحاكم عند عدم الولي غير العاضل ، وأما عند وجوده فينتقل الحق للأبعد ، لأن عضل الأقرب واستمراره على الامتناع صيره بمنـزلة العدم ، فينتقل الحق للأبعد ، وأما الحاكم فلا يظهر كونه وكيلاً له إلا إذا لم يظهر منه امتناع ، كما لو كان غائباً.
         وهو قول الشافعية وقيّدوه بأن يكون العضل أكثر من ثلاث مرات فتنتقل الولاية للولي الأبعد . ويرى الفقهاء أنه لا بد من مراجعة الولي عن العضل المحرم ، وقالوا : إن السلطان لا يزوج المرأة إلا بعد أن يأمر وليها بالرجوع عن العضل ([95]) استدلالاً بما ورد : عن معقل بن يسار قال : " كانت لي أخت تخطب إلي ، فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه ، ثم طلقها طلاقاً له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها ، فلما خطبت إلي أتاني يخطبها ، فقلت : لا والله ، لا أنكحها أبداً ، قال : ففيّ نزلت هذه الآية : (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) الآية . قال : فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه " ([96])
الترجيح والمناقشة :
والقول الثاني أولى بالترجيح لوجاهة أدلته والله أعلم .
         وأما الرد على أدلة المخالفين ومناقشتها ، فإن أصحاب القول الأول الذين استدلوا بحديث : «فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولي له » فإنه محمول على عضل كل الأولياء بدليل ضمير كل ([97]).
         وأما استدلالهم بأن هذا ظلمٌ يجب إزالته من السلطان وقياسهم على الدين حين الامتناع يعود إلى السلطان فإن زوال الظلم هنا يجعل الانتقال للولي الأبعد مصوغاً لردع الولي العاضل فينتفي الظلم حينئذ تماماً لتسليم المدين دينه حين الامتناع ولا فرق .
         وما استدل به أصحاب القول الثالث من تقييد بمنع العاضل من التزوريج مصوغ لتزويج الولي الأبعد مع وجود الأقرب فهو مقارب للقول الثاني وأنه لا بد من مراجعة الولي فهو من الاحتساب في النصيحة وإلا فحقه في الولاية ممنوع وذلك لتجنيه بمنع موليته من حقها في الزواج وعضلها وهو ممنوع شرعاً وعقلاً فتنقل الولاية لمن بعده لفواتها بسبب عضله إياها والله أعلم.

المبحث السابع
حكم عضل الولي بسبب غلاء المهـــــر
         إذا تقدم أحد الخطّاب للفتاة فهل للولي الاعتراض على عدم تزويجها إلا بمهر مثل غالٍ ويكون عاضلاً بذلك أم لا ؟
         اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : للولي حق الاعتراض على نكاح موليته بسبب قلة مهرها أو نقصانه عن مهر مثلها ولا يكون عاضلاً في هذه الحالة .. وهو مذهب أبي حنيفة([98]) . واستدل بقياس المهر وغلائه على الكفاءة في النكاح بجامع علّة لحوق العار على الأولياء فينبغي الاعتراض على المهر وعدم الزيادة فيه ([99]).
القول الثاني : ليس للولي عضل الفتاة عن النكاح بمهر أقل وعند رضاها بالكفؤ ومن فعل ذلك يكون عاضلاً ، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وقال به أبو يوسف ومحمد من الحنفية([100]) واستدلوا على ما ذهبوا إليه بما يأتي([101]) :
قوله r : " التمس ولو خاتماًَ من حديد"([102]) حيث نظر في تخفيف المهر وعدم المغالاة والعضل فيه .
قوله r لأمرأة زُوجت بنعلين : " أرضيت بنعلين من نفسك ؟ قالت : نعم، فأجازه

النبي r "([103]). وهو طاهر في عدم المغالاة في المهر وعدم العضل بسببه.
الترجيح والمناقشة :
         وهذا القول أولى بالترجيح من سابقه لوجاهة أدلته، ولأن أدلة المخالفين من أصحاب القول الأول يمكن أن تناقش بالأمور التالية:
أولاً : أن استدلالهم بقولهم قياس المهر وغلائه على الكفاءة في النكاح بجامع علة لخوف العار على الأولياء فينبغي الاعتراض على المهر وعدم الزيادة فيه . فيه نظر لأن هذا خلاف المسنون في أفضلية التخفيف في المهر وعدم الغلو في الصداق وكذا عضل النساء بسببه ، ولأن التعليل قياساً على الكفاءة أمر مختلف فيه بين الفقهاء والمختلف فيه لا يعول عليه في الاستدلال بل لا يحصل العار بذلك بدليل حصول زواجات كثيرة في عصور الإسلام الأولى ومن بعدها ولم يقل أحد بمنعها([104]).


المبحث الثامن
حكم العضل بالتحجير في النكاح
والفتاوى والقرارات الفقهية الواردة في ذلك
أولا : فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – في التحجير وعضل الفتاة عن النكاح :
من الفتاوى والقرارات الفقهية حول التحجير على الفتاة في النكاح ومنع العضل عنها ، ما جاء في فتوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله – مفتي المملكة العربية السعودية عن إجابته على الأسئلة التالية :-
سؤال : إذا تقدم شخص لخطبة فتاة ولكن ولي الفتاة رفض تزوجيها بقصد حرمانها من الزواج ما حكم الإسلام في ذلك ؟
الجواب : الواجب على الأولياء البدار بتزويج مولياتهم إذا خطبهن الأكفاء، ورضين بذلك لقول النبي r " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
ولا يجوز عضلهن من أجل تزويجهن على من لا يرضين من أبناء عمهن أو غيرهم ، ولا لطلب المال الكثير ولا لغير ذلك من الأغراض التي لم يشرعها الله ورسوله والواجب على ولاة الأمور من الأمراء والقضاة الأخذ على يد من عرف بالعضل والسماح لغيره من الأولياء بالتزويج لمولياتهم الأقرب فالأقرب منعاً للظلم وتنفيذاً للعدل وحماية للشباب والفتيات من الوقوع فيما حرم الله عليهم بأسباب عضل أوليائهم وظلمهم نسأل الله للجميع الهداية وإيثار الحق على هوى النفس .
سؤال : أريد حلاً لمشكلتي وهي أنني فتاة أبلغ من العمر 24 سنه وقد تقدم لخطبتي شاب قد أنهى دراسته الجامعية ومن عائلة دينية وحيث إن والدي قد وافق عليه وطلب مني الحضور إلى المجلس لأرى الشاب وقد رأيته ورآني وأعجبت بالشاب وأعجب بي علماً بأن هذا نص عليه ديننا الحنيف بأن أراه ويراني وعندما علمت والدتي بأن هذا الشاب من عائلة متدينة أقامت الدنيا عليه وعلى والدي وأقسمت أن لا يتم هذا الموضوع بأي شكل فقد حاول والدي الكثير معها ولكن بدون فائدة.
فهل لي الحق في أن أطلب من الشرع أن يتدخل في موضوعي ؟
الجواب : إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فليس لأمها الاعتراض في الموضوع بل ذلك حرام عليها ولا يلزمك أيتها المخطوبة طاعة أمنك في ذلك لقول النبي r " إنما الطاعة في المعروف " وليس من المعروف رد الخاطب الكفء، بل قد روي عن النبي r أنه قال :" إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " . وإذا دعت الحاجة إلى الرفع إلى المحكمة فلا حرج عليك في ذلك.
سؤال : رجل زوج ابنته لآخر مقابل أن يتزوج ابنته أو أخته ولم يدفع مهراً فما الحكم في ذلك ؟ وسؤال : رجل زوج ابنته لشخص آخر مقابل أن يتزوج ابنته أو أخته ولم يدفع كل منهما مهراً رمزياً للفتاة . هل يجوز تزويج الفتاة مقابل فتاة أخرى أم لا بد من وضع مهر رمزي بين الاثنين ؟
الجواب : لا يجوز لأحد أن يزوج ابنته أو أخته أو غيرهما من مولياته على أن يزوجه الثاني أو يزوج ابنه أو غيره بنته أو أخته أو غيرهما من مولياته لأن الرسول r نهى عن ذلك وسماه الشغار ويسميه بعض الناس نكاح البدل سواء سمي في ذلك مهر أم لم يسم لأن الرسول r نهى عن هذا النكاح وسماه الشغار وفسره بقوله عليه الصلاة والسلام بأن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ولم يذكر المهر فدل ذلك على أن النهي عام للصورتين جميعاً وهذا هو الأصح من قولي العلماء وفي المسند وسنن أبي داود بسند جيد عن معاوية - رضي الله عنه - أن أمير المدينة كتب إليه في رجلين تزوجا شغاراً وقد سميا مهراً فكتب معاوية - رضي الله عنه - إلى أمير المدينة وأمره أن يفرق بينهما وقال هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي r ولأن هذا الشرط يفضي إلى ظلم النساء من أوليائهن وإجبارهن على من يكرهن واتخاذهن سلعاً يتصرف فيهن الأولياء حسب رغباتهم ومصالحهم كما هو الواقع ممن فعل ذلك إلا من شاء الله . وأما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق فهو من كلام نافع وليس من كلام النبي r وتفسير النبي r للشغار مقدم على تفسير نافع والله ولي التوفيق . ([105])

ثانياً : فتوى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في تحريم التحجير على النساء وتقرير العقوبة المترتبة على ذلك :

أوضح سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن مجلس هيئة كبار العلماء درس موضوع التحجير على النساء وإجبارهن على الزواج بمن لا يرغبن الزواج منه ومنعهن بمن لا يرغبن بغيره وقال إن مجلس هيئة كبار العلماء درس الموضوع في دورته الثانية والستين التي انعقدت في الرياض ابتداء من 17/1/1426هـ ورأى بعد المداولة والمناقشة أن قراره السابق الصادر برقم 153 وتاريخ 15/8/1409هـ قد بين حكم ذلك إذ تضمن ذلك القرار :
تعريفه : أن التحجير وإجبار المرأة على الزواج ممن لا توافق عليه ومنعها من الزواج بمن رضيت هي وولي أمرها الزواج به ممن تتوافر فيه الشروط المعتبرة شرعاً أمر لا يجوز والنصوص الشرعية صريحة بالنهي عنه والنكاح على هذا الوجه منكر ظاهر إذ التحجير من أكبر أنواع الظلم والجور .ومن يصر على تحجير الأنثى ويريد أن يقهرها ويتزوجها أو يزوجها بغير رضاها فإنه عاص لله ولرسوله ومن لم ينته عن هذه العادة الجاهلية التي أبطلها الإسلام تجب معاقبته بالسجن وعدم الإفراج عنه إلا بعد تخليه عن مطلبه المخالف لأحكام الشرع المطهر والتزامه بعدم الاعتداء على المرأة أو ولي أمرها أو من يتزوجها وبعد كفالته من قبل شيخ قبيلته أو أحد ذوي النفوذ فيها بالالتزام وعدم الاعتداء . وفيما يلي نص القرار 153 الذي صدر من مجلس هيئة كبار العلماء بتاريخ 15/8/1409هـ :
"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ..أما بعد ،،
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثالثة والثلاثين المنعقدة في مدينة الرياض بتاريخ 4/8/1409هـ إلى 15/8/1409هـ اطلع على المعاملة الواردة من وكيل إمارة منطقة عسير برقم 8226 وتاريخ 10/2/1409هـ الخاصة بتحجير أحد الأشخاص ابنة عمه ومنعها من الزواج بغيره وتهديده لها ولأبيها والشخص الذي يريد الزواج بها لأنه يرى أنه أحق بالزواج بابنة عمه أو قريبته من غيره ونظراً إلى أن هذه الظاهرة منتشرة بين الجهلة من سكان تلك الجهة وغيرها وهي من العادات الجاهلية المخالفة للشرع المطهر وقد التمس سعادته دراسة الموضوع وبيان الحكم الشرعي بشأنه للقضاء على هذه الظاهرة السيئة وقد درس المجلس الموضوع واطلع على كلام أهل العلم في موضوع التحجير والعضل ومنع المرأة من الزواج بمن ترضى الزواج منه هي ووليها .
وإجبارها على الزواج بمن لا ترضاه وعضلها عن الزواج بغيره إذا لم توافق على الزواج به وأدلة تحريم ذلك من كتاب الله وسنة رسوله محمد r وإجماع أهل العلم فمن ذلك قول الله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ). وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها". قال كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها وهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية . ومن ذلك قول الله سبحانه " فلا تعضلوهن إن ينحكن أزاوجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " الآية.
ونظراً إلى أن العضل والتحجير وإجبار المرأة على الزواج بمن لا ترضاه وعدم استئمارها وأخذ إذنها من العادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام وجاء بالنهي عنها والتهديد والوعيد الشديد على المصرين عليها كما جاء الوعيد الشديد بحق المخالفين لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو يصيبهم عذاب أليم " وقال سبحانه: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب " فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي :
1-       أن التحجير وإجبار المرأة على الزواج بمن لا توافق عليه ومنعها من الزواج بمن رضيت هي وولي أمرها الزواج به ممن تتوافر فيه الشروط المعتبرة شرعاً أمر لا يجوز والنصوص الشرعية صريحة بالنهي عنه والنكاح على هذا الوجه منكر ظاهر إذ التحجير من أكبر أنواع الظلم والجور.
2-       ومن يصّر على تحجير الأنثى ويريد أن يقهرها ويتزوجها أو يزوجها بغير رضاها فإنه عاص لله ولرسوله ومن لم ينته عن هذه العادة الجاهلية التي أبطلها الإسلام تجب معاقبته بالسجن وعدم الإفراج عنه إلا بعد تخليه عن مطلبه المخالف لأحكام الشرع المطّهر والتزامه بعدم الاعتداء على المرأة أو ولي أمرها أو من يتزوجها وبعد كفالته من قبل شيخ قبيلته أو أحد ذوي النفوذ فيها بالالتزام وعدم الاعتداء .
3-       تكثيف توعية المواطنين بعدم جواز هذا الأمر وبيان مخالفته للشرع المطهر من قبل القضاة والخطباء والدعاة والوعاظ وأهل الحسبة في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة([106]).
ففي الفتوى السابقة بيان لمعنى التحجير وأنه منع للفتاة من الزواج بالكفء الذي ترضاه وقصرها على ابن عمها أو قريبها وأن ذلك من الظلم والجور وهذا حكمه في الشرع بالأدلة المذكورة ويقترب من حكم العضل وأن هناك عقوبة بالسجن لمن يفعل ذلك وتقرير العقوبة بما يراه ولي الأمر تعزيراً للمحجرين في النكاح وقد بينت الفتوى أنه يتعين على أهل القضاء والحسبة من الدعاة والعلماء ووسائل الإعلام بيان ذلك للناس ونشره ودحض هذه العادات الجاهلية عنهم حتى يتجنبوها ويعرفوا حكمها الشرعي .


ثالثاً : قرار صادر من مجمع الفقه الإسلامي بالمملكة العربية السعودية حول الاختلافات بين الزوج والزوجة والتي قد تسبب العضل المحرم

أصدر مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في 8/3/1426هـ فتوى حول اختلافات الزوج والزوجة الموظّفة وعن انفصال الذمة المالية بين الزوجين جاءت فيها مواد تنصّ على الأهلية الكاملة للمرأة في بنود سبعة تعالج قضايا المرأة وذمتها المالية والعمل والنفقة والتملك وكل ما تتمتع به المرأة من حقوق واحترام في الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي على وجه الخصوص وعدم عضلها أو الإضرار بها في حياتها الزوجية . كما أصدر مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية عام 1425هـ قراراً بقضي بزيادة فرص ومجالات عمل المرأة وقد ناقش مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية أيضاً موضوع مجلس شؤون المرأة بناء على القرار السابق ([107]). مما يفيد عدم عضل المرأة في النكاح، ووجوب اعطاءها حقوقها المشروعة لها ، فإن الإضرار بسبب العضل له آثاره السيئة على الأسرة والمجتمع والأمة الإسلامية.

المبحث التاسع
أثر العضل في النكاح على الأسرة والمجتمع
         المرأة التي  لم تتزوج بسبب العضل أو كبرت وطال مكثها فإن أثرها يظهر على المجتمع فهل يجب معالجة ذلك بالاجبار على النكاح أم لا ؟
اختلف الفقهاء على قولين :
القول الأول :
         أن البكر المعضولة لا تجبر على النكاح وهو مذهب الحنفية ، ورواية عند المالكية، وقول عند الشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد .
         واستدلوا أن إطالة مكثها يمنعها من الإقدام على النكاح فلا تجبر ([108]). ولا بد من الإذن منها حتى يتحقق عقد الزواج المشروع.
القول الثاني :
         أن البكر المعضولة تجبر ، وهذا هو المشهور عند المالكية ، والأصح عند الشافعية والحنابلة([109]).
         واستدلوا بقولهم لأن طول المكث لها تكون كالثيب فتجبر([110]) . لكن هذا الدليل عليهم وليس لهم لأن الثيب لا تجبر لا بد من إذنها لمعرفتها بالرجال وهنا قياس مع الفارق .
         وينبغي النظر للأصلح هنا وأخذ إذن الفتاة المعضولة وحسب رغبتها ولا شك أن انتقال الولاية من هذا الولي العاضل إلى غيره أمر ضروري وأهمية  تكثيف الوعي بخطورة العضل والتنبيه عليه بوسائل كثيرة.
ومن الآثار الاجتماعية للعضل في النكاح على الأسرة والمجتمع ، مما هو معروف ومشاهد :
         إن عضل الفتاة عن الزواج له آثاره السلبية على المجتمع ذلك أن العانس بسبب العضل إذا تأخر زواجها حتى تجاوزت سن الثلاثين أو الأربعين ، فتطول إقامتها عند أهلها ويحصل لها من الأعراض والأمراض والفساد .
         ويكون أثر ذلك على نفسها وصحتها وإقتصاد الأمة ، فإن متطلبات الحياة الاجتماعية ازدادت والمرأة العانس المعضولة تحتاج إلى التعليم والمتابعة الاجتماعية والمالية والسكن والمال والنفقة والأكل والشرب واللباس والعمل وكل ذلك له آثاره على الفرد والمجتمع ، ولا شك أن المغالاة في المهور والعادات الاجتماعية والاعلام والوسائل الاتصال الالكتروني كالانترنت والهاتف وعضل الأسرة كلها وسائل ساعدت على ظهور العنوسة على المجتمع الإسلامي، وبهذا يظهر أن على الأسرة المسلمة وأفرادها وكافة المجتمعات الأسرة وذوي الألباب والبصائر أن يتنبهوا من الوقوع في هذه الآفات الاجتماعية (العضل) التي لها آثارها السيئة ، ولقد ظهرت الدراسات الاجتماعية المعاصرة وبينت  الأضرار الناتجة من العنف الأسري والتعسف في عقود الزواج بطرق غير شرعية ، مما يتسبب ذلك في هدم النفوس والبيوت والمجتمعات والله ولي الهداية والتوفيق.

المبحث العاشر
مقارنة قوانين الأحوال الشخصية في بعض دول مجلس التعاون العربي الخليجي والمواثيق العربية والعالمية
إن المرأة في الإسلام محترمه باعتبارها إنساناً له من الكرامة والحقوق التي كفلتها كل  التشريعات الإسلامية باعتبارها،  لكمال أهليتها وقيامها بسائر التكاليف  وقد استفادت القوانين والمواثيق والنظم العربية والإسلامية والدولية من تلك المفاهيم الإسلامية ، حيث سنت نظمها وقوانينها وفق ما سبق :
 أولاً : جاء في قانون الأحوال الشخصية بدولة الإمارات العربية المتحدة بدول مجلس التعاون العربي الخليجي الصادر برقم 28 لسنة 2005م([111])  ما يدل على أهمية دفع العضل عن الفتاة الإماراتية  وإمكانية  تزويجها برضاها وكذلك نزع ولاية عاضلها عن الزواج  إلى أقرب ولي لها ثم   القاضي وفق المصالح المشروعة .
وفي مادة 21 من القانون المذكور فقرة 2 ( إذا كان الخاطبان غير متناسبين سناً بأن كانت سن الخاطب ضعف سن المخطوبة أو أكثر فلا يعقد الزواج إلا بموافقة الخاطبين وعلمهما وبعد إذن القاضي ، وللقاضي أن لا يأذن  به  ما لم تكن مصلحة في هذا الزواج ).
وفي مادة 30 فقرة 3 ( إذا طلب من أكمل الثامنة عشرة من عمره الزواج وامتنع وليه من تزويجه جاز له رفع الأمر إلى القاضي ).
وفي مادة 32 ( الولي في الزواج هو الأب ،ثم العاصب بنفسه على ترتيب الإرث  ابنا ثم أخا ثم عما فإذا استوى وليان في القرب فأيهما تولى الزواج بشروطه جاز ويتعين من أذنت له المخطوبة ).
ثانياً: وفي دولة الكويت صدر قانون الأحوال الشخصية في عام 1984م والذي ترجع فكرة اصداره في بداية عام 1977م وقد اشتمل على أحكام الوصية والميراث ومن مواده مساهمته بشكل كبير في الحقوق والواجبات العائلية للمرأة . وتنظيم المسائل الأسرية وإيجاد حقوق الزوجين والأبناء ، وفي الحد من المنازعات الأسرية الخاصة بالالتزامات المترتبة على الخطبة وسن الزواج مما يمنع العنف والظلم الأسري الذي قد يقع على المرأة ([112]).
ثالثاً : وفي دولة البحرين إن المطالبة بقانون الأحوال الشخصية بدأت منذ عام 1982م، ولكن في السنوات الأخيرة وبعد جدال حدث في البحرين ضرورة إصدار قانون لأحكام الأسرة . والذي طالبت به الجمعيات النسائية البحرينية ولجنة الأحوال الشخصية الحكومية .
وفي عام 2005م ما زالت الأفكار ترى لإصدار نظام الأحوال الشخصية بدولة البحرين ولقد جاءت ندوة مساواة النساء في قوانين الأسرة في المنطقة العربية بالبحرين لتكون مساهمة لاصدار ذلك القانون وأهميته في حل مشاكل المرأة البحرينية وأن غياب القانون يسبب مشاكل أسرية وغياب التزامات أسرية وحقوق وأفراد ، وحدوث سلبيات على الأسرة والقرارات أثناء المنازعات([113]) ، وأن قانون الأحوال الأسرية لا بد وأن يمر عبر الجهات والقنوات وخاصة أن مسودة القانون التي تم صياغتها من قبل رجال الدين وقضاة شرعيين تمرسوا في العمل القضائي وأنه سيعنى بالمرأة البحرينية التي تعاني الكثير من الويلات في المحاكم([114]).
خامساً : وعن واقع المرأة في المملكة العربية السعودية تقول د. سعاد محمد جابر أن مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية هو الكتاب والسنة والمصادر الثانوية مثل الإجماع والاجتهاد والقياس والذرائع بمعنى إغلاق السبل أمام الأسرة في الوقوع في الإثم ، مع أنها في بعض الظروف شرعية ومباحة ، وأن الحراك الاجتماعي في المملكة العربية السعودية يخضع لتأثير خطابات قوية وإن كانت ليست متساوية الأطراف ومنها رسمي وآخر خارجي ضمن التزامات ولآليات دولي ضمن اتفاقيات([115]).
         وأن التغيرات التي تحدث في السعودية لإعطاء المرأة حقوقها جاءت نتيجة قناعة القيادة وكذلك الضغوط الخارجية ([116]). وأن وضع المرأة في المملكة العربية السعودية حيث النظام الذي يمكن تطبيقه في حالة تعرض البنت في السعودية لعنب أسري من قبل أبيها أو أخيها ([117]).
سادساً : وفي قطر تقول أنيسة الروبعي أن التغييرات التي حدثت في قطر على صعيد المكاسب تمثل مشاركة المرأة ، وأن هناك العديد من الحقوق قد نالتها بكل سهولة ويسر بسبب القرارات السياسية الصادرة من صانعي القرار وأن ما دار بخصوص موقف العلماء من ضرورة وجود ضمانات على قانون الأحكام الأسرة وعلى المستقبل ، ترى لآليء الحايكي أن هذا الموقف لما له من أهمية من أناس متخصصين في شؤون الشريعة الإسلامية لتعديل النظام([118]).
سابعاً : وعن سلطنة عمان وبقية دول مجلس التعاون الخليجي :
         تقولم الدكتوره([119]) القانونية بدرية عبدالله العوضي : " أن قوانين الأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي (الكويت ، سلطنة عمان ، ودولة الامارات العربية المتحدة) مسقط للقانون الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي وذلك للعديد من المبادىء الشرعية والقانونية عن الظلم للمرأة.
ثامناً : وعن تجربة اليمن في نظام الأحوال الشخصية ترى فاطمة عبده علي من اليمن فتقول : إن قانون الأحوال الشخصية اليمني مر بالعديد من التغيرات وما زال في صف المرأة اليمنية والمطالبة بتعديل بعض المواد الخاصة بالخطبة وشروط الزواج من أخطر المواد الخاصة بالخطبة وشروط الزواج من أخطر المواد هي المادة ، وفيها أن الحق لولي الصغيرة أن يعقد لها ويكون العقد صحيحاً ولم تشترط سناً معيناً فقد كانت المادة السابقة تشترط سناً معيناً ولكن المادة عدلت بقانون سنة 1999 وجعلت لولي أمر البنت الحق في أن يزوجها حتى لو هي طفلة.
         وكذلك المادة المتعلقة بتعدد الزوجات إلى أربع ولم يشترط أخبار الزوجة وأخذ موافقتها فقد كان هذا الشرط ولكنه ألغي سنة 1998 ، كما ألغي شرط وجود مصلحة مشروعة من التعدد وترك موضوع تعدد الزوجات وحتى من الزوجة الأولى ولم يعطها القانون الحق في اختيار مصيرها إما أن تستمر في الحياة مع زوجها وتقبل بالزوجة الطلاق أو المفسخ ويكون من حقها ذلك([120]).
تاسعاً : وعن تجربة بريطانيا.. قدمت المحامية إنجانا باهل كبير محاضري القانون بجامعة لندن متروبوليتان صورة توضيحية للوضع القانوني قالت إنه لا يوجد دستور كتابي في انجلترا بل يشتمل النظام القانوني العرفي العام على مجموعة متنوعة وفي انجلترا وعلى غرار معظم البلدان الخاضعة للقانون العرفي العام.
تندرج القوانين التي تنظم الأسرة ضمن القوانين أو التشريعات البرلمانية وقانون الدعوى ، ولا يوجد أيضاً أي من قوانين برلمانية أو قانون الدعاوى  ولا يوجد أيضاً أي مجموعة قوانين تحكم قانون الأسرة أو أي مجال آخر من مجالات معظم البلدان الخاصة للقانون المدني.
وتضيف : إن قانون الأسرة الخاص جاءت صياغته محايده للنوع الاجتماعي ، ولذلك يبدو من الوهلة الأولى أن الاقنون وبنفس أسلوب سريانه على الرجل، ومع ذلك،  فمن الواضح أن ذلك لم يكن بمثابة الاطار القانوني فيما يتعلق بالأسرة وتضيف: أن الرجل والمرأة يحظيان بنفس الحق في الزواج ويمكن أن تحمل المرأة اسم الزوج عقب الزواج بالأسرة . وكثيراً ما أثرت النساء العاملات اللائي عرفن بأسمائهن ألا يحملن أسماء أزواجهن.
وتنوه بأنه تم اصلاح القانون في هذ      ا المجال بصفة جزئية من أجل دراسة مدى ضعف الزوجة في الأغلب وتعرضها للعنف وبمنزل الزوجية ومنحها حق الاقامة وحق الحماية من الطرد ويقوم القانون بتعريف هذين الحقين باعتبارها تمتلك الزوجة منزل الزوجية ، فإن هذين الحقين يمنحانها الحماية اللازمة من أجل البقاء بالمنزل أو اعادة دخول في حق المحكمة .وقد ساعدت هذه الحقوق بصفة خاصة النساء اللاتي وقعن ضحايا للعنف المنزلي([121]).
عاشراً : وقد جاء في البيان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م وهي أول وثيقة عالمية تصدر في ذلك بتاريخ 10/12/1948م ( المادة الأولى : يولد جميع الناس أحرار متساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء ) وفي ( المادة الخامسة لا يعرّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحط من الكرامة )([122]).
الحادي عشر : وفي الوثيقة الأولى المعبر عنها بإعلان القاهرة لحقوق الإنسان والتي أجيزت من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي بالقاهرة في 5 أغسطس 1990م ما يؤيد احترام الإنسان وحرمة ظلمه واحتقاره ، كما ورد في الوثيقة الثانية لمشروع وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام والمقدمة للأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي. في ( المادة 4 : المرأة شقيقة الرجل ، ومساوية له في الإنسانية ولها من الحقوق مثل ما عليها من الواجبات ،وللرجل عليها درجة القوامة والرياسة للأسرة ولها شخصيتها المدنية وذمتها المالية المستقلة والاحتفاظ باسمها ونسبها ) ([123]).
وبالنظر للمواد السابقة في القوانين والمواثيق نجد أن الفقه الإسلامي قد سبقها في تقرير احترام المرأة وإعطائها حقوقها ومنع الظلم عنها سواء بالعضل أو التضييق عليها مما مضى بحثه ، لأن الشريعة السلامية مطبقة في جميع قوانيه الاحوال الشخصية ، والمسائل في المنازعات الاسرية في دوائر المحاكم الشرعية بتلك البلاد القائمة عليها الدراسات القانونية والله الموفق .

الخاتمـــــة
في نهاية البحث أجد أنني انتهيت فيه إلى ثمار أهمها :
تقارب المعنى بين مصطلح العضل الذي ينص على منع تزويج المرأة الكفؤ الذي رضيته مع مصطلح التحجير الذي تمنع فيه الفتاه من التزويج إلا من قريبها وحجزها له وكذلك اتصال العضل بالخلع الذي فيه معنى المنع والتضييق لقاء مبلغ من المال تفتدي به نفسها ، وبيان سماحة الإسلام في إعطاء المرأة حقوقها من غير ظلم ولا تقتير بحيث حرم الإسلام العضل في النكاح وأنه تنتقل الولاية من العاضل إلى من هو أولى منه،ومن ثم السلطان لتمام عقد النكاح للمرأة المعضولة بالاضافة إلى بيان حالات جواز العضل ، وصور حالات العضل المحرم كما أظهرت بعض الفتاوى الفقهية المعاصرة الواردة في العضل والتحجير وكذا بعض المواد القانونية ذات العلاقة بالموضوع من قوانين الأحوال الشخصية بدولة الإمارات العربية المتحدة ومواثيق حقوق الإنسان العالمية والعربية والإسلامية وبيان آثار العضل السيئة على الأفراد والمجتمعات والأمم  والله ولي الهداية والتوفيق .،،
                                                         

فهرس المصادر والمراجع
·        القرآن الكريم .
·        السنة النبوية المطهرة.
·        إبراهيم محمد بن مفلح : المبدع في شرع المقنع ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1400هـ.
·        ابن العربي : أحكام القرآن ، دار المعرفة ، لبنان ، 1407هـ.
·        ابن الهمام : شرح فتح القدير ، دار الفكر ، بيروت 1402هـ.
·        ابن تيمية : مجموع الفتاوى ، المكتبة الاسلامية ، 1405هـ.
·        ابن جزي : القوانين الفقهية ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
·        ابن حجر : فتح الباري ، دار المعرفة ، بيروت ، 1403هـ.
·        ابن رجب : جامع العلوم والحكم ، دار العلم 1403هـ .
·        ابن رشد : بداية المجتهد ، دار الفكر ، 1402هـ.
·        ابن عابدين : حاشية رد المحتار على الدر المختار ، مطابع البابي الحلبي ، مصر عام 1386هـ.
·        ابن قاسم الجدي : حاشية الروض المربع ، المكتبة الحديثة ، 1402هـ.
·        ابن قدامة : الكافي  المكتبة الاسلامية ، بيروت .
·        ابن قدامة : المغني دار الفكر ، بيروت الطبعة الاولى ، 1405هـ.
·        ابن مفلح : الفروع ، مكتبة المعارف .
·        ابن منظور : لسان العرب ، الطبعة الأولى ، دار صادر ، بيروت.
·        الآبي : جواهر الاكليل شرح مختصر خليل ، دار إحياء الكتب العربية ، عيسى البابي الحلبي.
·        أحمد رضا : معجم متن اللغة ، طبع مكتبة الحياة ، بيروت ، 1377هـ.
·        الأنصاري أسنى المطالب ، مكتبة المعارف .
·        الألباني : إرواء الغليل ، المكتب الإسلامي ، بيروت 1400هـ.
·        البخاري : الصحيح ، دار المعرفة بيروت ، 1403هـ.
·        البهوتي : الروض المربع ، المكتبة الحديثة ، 1402هـ.
·        البهوتي : كشاف القناع ، دار الفكر ، بيروت ، 1402هـ.
·        الترمذي : السنن المكتب الاسلامي ، بيروت ، 1405هـ.
·        الجرجاني : التعريفات ، دار العلم للملايين ، بيروت.
·        الحاكم : المستدرك ، دار صادر ، بيروت.
·        د. عبدالكريم زيدان : الوجيز في أصول الفقه ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1408هـ.
·        الدردير : الشرح الصغير ، دار المعرفة ، 1405هـ.
·        الدسوقي ، حاشية على الشرح الكبير ، دار المعرفة، بيروت ، 1403هـ.
·        السرخسي ، المبسوط ، دار المعرفة ، بيروت ، الطبعة الثانية .
·   سليمان البجيرمي : حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب المسماة التجريد لنفع العبيد، المكتبة الإسلامية ، ديار بكر ، تركيا .
·        الشافعي : الأم ، الكتب العلمية ، بيروت 1405هـ.
·        الشربيني : مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج ، شركة الباني الحلبي مصر ، طبع ، 1377هـ.
·        صحيفة أخبار الخليج عدد 3ديسمبر عام 2005م.
·         صحيفة الأهرام المصرية، القاهرة ، عام 2003م.
·        صحيفة الرياض الأحد 21 رمضان ، 1424هـ ع 12931.
·        صحيفة الوطن السعودية ، ربيع الأول ، 1425هـ، وصفر 1427هـ.
·        صحيفة عكاظ السعودية عام 2005م، عدد  699532 شعبان.
·        الطبري : تفسير الطبري ، دار العلم 1397هـ.
·        عبدالرحمن السند : فتاوى الشيخ ابن باز ، مطابع الرياض الحديثة ، 1402هـ.
·        الفيومي : المصباح المنير ، نشر المكتبة العلمية بيروت.
·        قاسم القونوي أنيس  الفقهاء بتحقيق أحمد عبدالرزاق الكبيسي ، دار الوفاء جده ، طبعة أولى عام 1406هـ .
·        القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، دار الفكر ، لبينان ، 1402هـ.
·        الكاساني : بدائع الصنائع ، دار الكتاب العربي ، 1402هـ.
·        الكاساني : بدائع الصنائع ، دار الكتاب العربي ، بيروت، الطبعة الثانية ، 1394هـ.
·        مالك : المدونة – المطبعة الحديثة.
·        مالك : الموطأ ، دار الكتب العلمية ، 1404هـ.
·        المباركفوري : تحفة الأحوذي، شرح سنن الترمذي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1409هـ.
·        مجلة البحوث الأمنية بالمملكة العربية السعودية ، ذو الحجة 1426هـ.
·        محمد سلام مدكور ، مباحث الحكم ، مكتبة وهبه ، القاهرة ، مصر.
·        المرداوي : الانصاف . عالم الكتب 1426هـ.
·        المرغيناني : بداية المبتدي : عالم الكتب ، 1402هـ.
·        مسلم : الصحيح ،  دار الفكر ، 1401هـ.
·        النووي : شرح صحيح مسلم ، الفكر ، 1401هـ.
·        النووي ، روضة الطالبين : المكتب الإسلامي ، بيروت ، طبعة سنة 1395هـ.
·        وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، الكويت ، الموسوعة الفقهية، 1410هـ.
·        وزارة العدل السعودية ، مجلة العدل ع 31 رجب 1427هـ.
·        موقع :
www.womengateway.com/arwg/Qadhya+Almaraa/A7wal+Shakhseys/ahwal132.htm.




([1] ) طه ، 27-28.
([2] ) هود ، 91.
([3] ) النساء ، 78.
([4] ) الآمدي الإحكام في أصول الأحكام ج1 ، ص 7، وانظر : الشوكاني إرشاد الفحول ص3.
([5] ) الأنفال 60.
([6] ) انظر : محمد سلام مدكور – مباحث الحكم ص 5 ، ود.عبدالكريم زيدان . الوجيز في أصول الفقه ص 8.
([7] ) أحمد رضا : معجم متن اللغة مادة " أسر" وانظر ابن منظور لسان العرب مادة أسر.
([8] ) انظر : ابن تيمية مجموع الفتاوى 34/52 وما بعدها . والموسوعة الفقهية ج31/31-32د. عبدالرحمن الطريفي تعنيس النساء ، مجلة العدل السعودية ع31، ص 86-87.
([9] ) انظر: ابن منظور ، لسان العرب 2/60-62. والفيومي المصباح المنير جـ2/ 179 وما بعده.
([10] ) سورة البقرة آية، 230.
([11] ) انظر: ابن عابدين ، حاشية رد المحتار ، 3/3 ، الإبيّ ، جواهر الإكليل 1/274، الشربيني ، مغني المحتاج، 3/24 ، وابن قدامة المغني 3/333.
([12] ) سورة الدخان آية ، 54
([13] ) انظر: ابن منظور ، لسان العرب ، 2/61 ، والجرجاني التعريفات ص 121.
([14] ) انظر: ابن عابدين ، حاشية رد المحتار 3/3، وابن قدامه المغني 7/333 ، وقاسم القونوي أنيس الفقهاء ص 145.
([15] ) البخاري في صحيحه 4/119  في كتاب النكاح.
([16] ) المغني 7/334.
([17] ) الشربيني : مغني المحتاج ، 3/124.
([18] ) انظر : ابن فارس معجم مقاييس اللغة 4/345 ، وابن منظور لسان العرب 11/452.
([19] ) سورة البقرة ، آية 232.
([20] ) سورة النساء  آية 19.
([21] ) ابن منظور ، لسان العرب ، ج1 ، ص 451. الطبعة الأولى، دار صادر ، بيروت.
([22] ) انظر : ابن قدامه ، المغني جـ7/304 طبعة دار الفكر ، بيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1405هـ.
([23] )
([24] ) انظر بدائع الصنائع 2/249 الدردير الشرح الصغير 1/389، والبهوتي الروض المربع 6/183، والشربيني مغني المحتاج ، جـ3/153.
([25] ) انظر الفيومي المصباح المنير باب حجر .
([26] ) انظر قرار هيئة كبار العلماء في السعودية برقم 153 في 15/8/1409هـ والقرار المنعقد في 17/1/1426هـ ، أيضاً (صحيفة الوطن السعودية ) عدد 1657 اليوم الأربعاء 4/3/1425، ص 28.
([27] ) انظر ابن منظور لسان العرب باب خلع.
([28] ) انظر: الشربيني مغني المحتاج ، جـ3/153 ، وابن قدامة المغني ، 6/477.
([29] ) المغني ، جـ7/54-55.
([30] ) انظر الفيومي ، المصباح المنير جـ2/612.
([31] ) انظر الرازي : مختار الصحاح ص 667.
([32] ) الهمذاني الألفاظ الكتابية ص 25.
([33] ) الجرجاني ، التعريفات ص 242 وانظر د. عيسى عبده ، النظم المالية في الإسلام، ص17.
([34] ) النور ، 32.
([35] ) انظر : ابن كثير في تفسيره 3/300.
([36] ) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن 21/158 ، ابن العربي : أحكام القرآن ، 3/1376.
([37] ) أخرجه الترمذي في سننه ، كتاب النكاح ، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه ، 3/394 وما بعدها ، برقم 1084، 1085 ، وذكره الألباني في إرواء الغليل 6/266 وحسنه .
([38] ) المباركفوري 4/204.
([39] ) سليمان بن عمر البجيرمي ، حاشية البجيرمي، ج3/ص 342،المكتبة الاسلامية ديار بكر، تركيا.
([40] ) النووي ، روضة الطالبين ، ج7،ص 65.
([41] ) البهوتي ، انظر جـ6/183.
([42] ) سورة البقرة 333.
([43] ) سورة النساء 193
([44] ) البقرة ، آية 232.
([45] ) أحكام القرآن 1/201.
([46] ) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/327 ، وصححه الألباني في إرواء الغليل 3/408.
([47] ) انظر مالك: المدونة 2/144 .
([48] ) بداية المجتهد 2/15 .
([49] ) مجموع الفتاوى ،32/52، 53 . 3/83.
([50] ) البقرة ، 332.
([51] ) أخــرجه البخاري في صحيحه مطبوع مع ابن حجر في فتح الباري جـ8/192، باب لا نكاح إلا بولي .
([52] ) الجامع لأحكام القرآن 3/105.
([53] ) الأم ، 5/13-14.
([54] ) النساء 127.
([55] ) البخاري في الصحيح بشرح ابن حجر فتح الباري جـ9/183. ومسلم في الصحيح بشرح النووي، 18/156 ، كتاب التفسير .
([56] ) انظر ابن كثير في تفسيره 1/597.
([57] ) انظر الكاساني : بدائع الصنائع جـ2/247 وما بعدها ، الدسوقي حاشية على الشرح الكبير 2/131، وابن جزي القوانين الفقهية ص 134، الشافعي الأم 5/14، المرداوي الانصاف 20/185.
([58] ) مجموع الفتاوى الكبرى 3/83.
([59] ) انظر الدسوقي حاشيته على الشرح الكبير جـ2/231-232، النووي : روضة الطالبين جـ7/55، والشربيني مغني المحتاج 3/154 ، المرداوي الانصاف 2/127 ، ابن مفلح الفروع 5/172.
([60] ) ابن عابدين ، حاشية رد المحتار ، 2/315-316، والدسوقي حاشية على الشرح الكبير 2/231-232 ، والشربيني مغني المحتاج ، 3/153 -154 ، والبهوتي كشاف القناع 5/54-55، وابن قدامه ، المغني 6/477-478.
([61] ) النووي ، روضة الطالبين ج7/ص 59.
([62] ) انظر : النووي ، روضة الطالبين 7/58، الشربيني مغني المحتاج 3/153، ابن قدامة ، المغني جـ7/ص24، البهوتي كشاف القناع 5/54.
([63] ) انظر : د. عبدالرحمن علي الطريقي تعنيس النساء، مجلة العدل ع 31/94.
([64] ) للمرغيناني 1/201.
([65] ) لابن عابدين ، 4/82.
([66] ) للدردير جـ1/389.
([67] ) الأم ، 5/14.
([68] ) المغني 9/384.
([69] ) البقرة 232.
([70] ) أحكام القرآن 1/201-202.
([71] ) انظر الشربيني ، مغني المحتاج 3/153.
([72] ) انظر : ابن عابدين ،حاشية رد المحتار ، 3/315-316، والدسوقي ، حاشية على الشرح الكبير 2/231-232، والقرطبي، التفسير ، 2/158.و 5/94 ، ابن العربي ، أحكام القرآن 1/194 ، 201 والشربيني مغني المحتاج ، 3/153 ، والبهوتي ، كشاف القناع ، 5/54-55، 213 ، وابن قدامه ، المغني 6/477 و 7/54-55.
([73] ) سورة النساء آية 19.
([74] ) مجموع الفتاوى جـ32/283-284.
([75] ) البهوتي الروض المربع شرح زاد المستنقع جـ6/462-463.
([76] ) انظر : ابن قاسم حاشية الروض المربع جـ6/463.
([77] ) انظر : ابن عابدين ، الحاشية 5/93. الشربيني : مغني المحتاج 3/442 وابن قدامة ، المغني جـ7/573.
([78] ) انظر: الدسوقي الحاشية 2/518 ، والشربيني مغني المحتاج 3/442 ، وابن قدامة المغني 7/573.
([79] ) أخرجه مالك في الموطأ 2/745 مرسلاً وله شواهد تقوية وحسنه النووي ابن رجب جامع العلوم والحكم ص 286-287.
([80] ) البقرة  ، 231.
([81] ) انظر : الطبري التفسير جـ1/7-8 .
([82] ) انظر ابن رجب جامع العلوم والحكم ص 288 والمراجع السابقة .
([83] ) البقرة 233.
([84] ) انظر ابن عابدين الحاشية 2/675 وما بعدها ، والدسوقي الحاشية 2/526، وأسنى المطالب 3/445 ، وابن قدامة المغني 7/627، وابن رجب جامع العلوم والحكم ص 289.
([85] ) انظر ابن رجب ، جامع العلوم والحكم ص 289، والموسوعة الفقهية جـ28/184.
([86] ) النووي، روضة الطالبين ، ج7/ص 59 ، الطبعة الثانية ، المكتب الاسلامي ، بيروت.
([87] ) البهوتي ، الروض المربع ، ج3 ، ص 75، 1390هـ، الرياض .
([88] ) ابراهيم بن محمد أبو اسحاق الحنبلي ، المبدع ، ج7/ص37، المكتب الإسلامي ، بيروت، سنة 1400.
([89] ) منصور البهوتي ، كشاف القناع ، ج5/ص54، دار الفكر بيروت، 1402هـ.
([90] ) انظر ابن المنذر ، الاجماع ، ص 57.
([91] ) المغني جـ9/360-361.
([92] ) حديث : " فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ... " أخرجه الترمذي (3/399) من حديث عائشة رضي الله عنها ، وقال : حديث حسن.
([93] ) انظر الشافعي الأم 5/15، الشربيني مغني المحتاج جـ3/153. وابن قدامة ، المغني 9/382-383 ، الكاساني بدائع الصنائع 2/151 ، والدسوقي حاشية على الشرح الكبير جـ2/232 .
([94] ) انظر ابن قدامة ، المغني ج 7 / ص 24 وما بعدها .
([95] ) انظر الكاساني ، بدائع الصنائع ، 2/251-252، والسرخسي ، المبسوط 4/221، وابن عابدين حاشية رد المحتار ، 2/315-316، والدسوقي الحاشية 2/231-232، والشربيني مغني المحتاج 3/15، والبهوتي ، كشاف القناع 5/554، وابن قدامه،المغني 6/476-477.
 ([96] ) الحديث أخرجه البخاري بروايات متعددة في صحيحه كما ذكره ابن حجر في فتح الباري ، 9/298 كتاب تفسير القرآن ، سورة البقرة ، باب وإذا طلقتم النساء ، حديث 4854 ، 4278 ، 4165 .
 ([97] ) انظر: ابن قدامة ، المغني ، جـ7 /24.

([98] ) انظر الكاساني ، بدائع الصنائع 2/248 وما بعدها ، وابن عابدين ، الحاشية جـ3/36.
([99] ) انظر : ابن عابدين ، حاشية رد المحتار 3/94. وابن الهمام شرح فتح القدير 3/302.
([100] ) انظر : ابن رشد ، بداية المجتهد 2/16، والنووي روضة الطالبين 7/58 ، وابن قدامة، المغني 9/384 ، الكاساني ، بدائع الصنائع 2/322.
([101] ) انظر : ابن قدامة ، المغني 9/384.
([102] ) أخرجه البخاري في صحيحه مع كتاب ابن حجر الموسوم بفتح الباري جـ9/190، كتاب النكاح باب السلطان ولي لقول النبي r " زوجناكها بما معك من القرآن ".
([103] ) أخرجه الترمذي في سننه كتاب النكاح باب ما جاء من مهور النساء جـ3/411 وقال عنه حديث حسن صحيح.
 ([104] ) انظر: الشافعي الأم 5/16، أحمد ، المسند 1/40، 41، والحاكم المستدرك، 4/175.

([105] ) عبدالرحمن السند ، فتاوى الشيخ ابن باز ، ج1 ص 125 ، مطابع الرياض الحديثة ، 1402 هـ .
([106] ) انظر القرار في صحيفة الوطن السعودية عدد 1657 الأربعاء 4/3/1425هـ.
([107] ) أميره كشغرى ، المرأة الإنسان ، صحيفة الوطن السعودية العدد ع 1992 ، ص 14، ص 25، صفر 1427هـ.
([108] ) انظر ، ابن عابدين ، الحاشية 3/63.
([109] ) انظر النووي ، روضة الطالبين 7/54 ، وابن قدامة المغني 9/411.
([110] ) انظر : المراجع السابق .
([111] ) انظر : نص المواد المذكورة في الكتاب الموسوم بقانون الأحوال الشخصية بدولة الإمارات العربية ص 6 ، 35، 43.
 ([112] ) د. بدرية عبدالله العوضي ، أستاذ القانون الدولي العام بدولة الكويت ، ورقة في ورشة العمل بدولة البحرين حول مساواة النساء في قوانين الأسرة في المنطقة العربية ، التحولات والاستراتيجيات في الفترة من 19-21 نوفمبر 2005م ، تنظيم الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ، احياء الخليج، بوابة المرأة ، ص 1.
 ([113] ) المحامية زينات المنصوري من دولة البحرين في ورقة عمل عن ورشة عمل بالبحرين " مساواة النساء في وانين الأسرة في المنطقة العربية ، مرجع سابق ، ص 3.
 ([114] ) ابتسام أبو زيد من جمعية البحرين النسائية ، المرجع السابق نفسه والصفحة.
 ([115] ) د. سعاد محمد جابر صحيفة أخبار الخليج ، بتحقيق هناء المحروس ، صفحة بوابة المرأة، ص2 ، مرجع سابق.
 ([116] ) ريم خليفه ، جريدة الوسط ، نقلاً عن أخبار الخليج 3 ديسيمبر 2005 .
 ([117] ) ميادة معارج ، مداخلة في ورشة عمل مساواة المرأة في قوانين الأسرة العربية، مرجع سابق.
 ([118] ) صحيفة أخبار الخليج ، 3 ديسيمبر 2005، ص 3.
 ([119] ) راجع موقع :
www.womengateway.com/arwg/Qadhya+Almaraa/A7wal+Shakhseys/ahwal132.htm.
 ([120] ) راجع موقع :
www.womengateway.com/arwg/Qadhya+Almaraa/A7wal+Shakhseys/ahwal132.htm.

 ([121] ) المرجع السابق .
([122] ) انظرد. إبراهيم عبدالله سعدان ، حقوق الإنسان ، بحث بمجلة البحوث الأمنية السعودية ، ع 22/ ذو الحجة 1426هـ.
([123] ) صحيفة الاهرام ، القاهرة ، مجلد 2 ص 245 عام 2003م (البحث العلمي ) ، وانظر مجلة البحوث الأمنية السعودية ، ع 22/ذو الحجة 1426هـ، ص 145.

تعليقات