📁 آخر الأخبار

المنافسة غير المشروعة والحماية القانونية للمتضرر منها في التشريعات الأردنية

المنافسة غير المشروعة والحماية القانونية للمتضرر منها  في  التشريعات الأردنية

المنافسة غير المشروعة والحماية القانونية للمتضرر منها  في  التشريعات الأردنية



بسم الله الرحمن الرحيم


المنافسة غير المشروعة والحماية القانونية للمتضرر منها               في  التشريعات الأردنية


   بحث مقدم من القاضي  
أحمد سالم سليم البيايضة

وفقاً لإحكام المادة الخامسة من نظام الدورات والبحوث للقضاة النظاميين رقم 57 لسنة 1994 م

وايفاءً لمتطلبات المادة (20) فقرة ( ب) من قانون استقلال القضاء رقم (15) لسنة 2001م


2007
المقدمة
  المنافسة لغة: من نافس فيه: بمعنى رغب على وجه المباراة في الكرم، وكذلك تنافسنا ذلك الأمر، بمعنى تحاسدنا وتسابقناً، وفي التنزيل العزيز فليتنافس المتنافسون أي فليتراغب المتراغبون( ).
  وفي الحديث الشريف:( أخشى أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها)؛ وهو من الشيء الجيد في نوعه، والتنافس نزعة فطرية تدعو إلى بذل الجهد في سبيل التشبه بالعظماء واللحوق بهم( ).
  والمنافسة من سنن الفطرة الكونية للبشر، غايتها التفوق في مجالات الأعمال والأنشطة أياً كانت طبيعتها، وقد لازمت المنافسة النشاط الاقتصادي خاصة حتى اتصفت بكونها أحد الشروط اللازمة لاحترافه.
  وفي الاصطلاح القانوني المنافسة هي: نوع من الحرية في ممارسة النشاط الإنساني بصفة عامة، والنشاط الاقتصادي بصفة خاصة، والتي يعترف بها القانون ويضع لها ضوابطها ( )
  ويعّرف فقهاء الاقتصاد المنافسة بأنها: هي المنظم لآليات جهاز الأسعار، وهي التي تجعل كل من المنتجين والمستهلكين يتركون أسعار وكميات السلع المطروحة للتداول في السوق حتى تتحدد بشكل تلقائي، من خلال تفاعل قوى العرض والطلب بحرية تامة ( ).
  ومن خلال ما سبق يتضح لنا أن المنافسة التجارية المتمثلة في تباري التجار من أجل ترويج تجارتهم، واجتذاب أكبر عدد ممكن من العملاء، تؤدي إلى دفع التجار إلى تحسين مستويات إنتاجهم، وخفض الأسعار، مما يسهم في رفاهية المجتمع. 
  والمنافسة القائمة على وسائل تنافسية مشروعة، تعدّ حقاً يحميه القانون( ). لذا فإن المنافسة الحرة الشريفة بين التجار هي عمل مشروع حتى وأن ترتب عليها انحسار عملاء محل تجاري أو منتج معين وانجذابهم إلى محل آخر أو منتج آخر، طالما أنها تتم في جو من الشرف والنزاهة والصدق ( ).
  وإذا كان الأصل حرية المنافسة المشروعة، القائمة على قواعد الشرف والأمانة ومراعاة القوانين والأعراف والعادات التجارية، فإن خروج المنافسة عن هذا كله يجعلها تصبح منافسة غير مشروعة، وهنا لا بد من حماية المتضرر منها، ووسيلة هذه الحماية هي دعوى المنافسة غير المشروعة ( ).
  وقد أثار موضوع تحديد الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة جدلاً فقهياً سببه عدم تصدي التشريعات إلى تنظيم أحكام المنافسة غير المشروعة في بادىء الأمر، مما دفع بالقضاء أمام قصورا لتشريع ، أن يتدخل لسدّ هذا القصور، سواء عن طريق دوره الإنشائي أو التفسيري، ومن قبل الدور الإنشائي للقضاء في هذا المجال، تقريره لدعوى المنافسة غير المشروعة والتي أسسها على المسؤولية المدنية التقصيرية أو التعاقدية( ).
  وفيما بعد تدخل المشرع ووضع القواعد القانونية لضبط المنافسة، وذلك لضمان وجود منافسة مشروعة، وبذات الوقت حماية المستهلك من الغش والتضليل.
  ونجد أن تنظيم حماية المنافسة وضبطها في النظام القانوني الأردني قد مر بثلاث مراحل: الأولى، مرحلة النصوص القانونية المتفرقة في العديد من القوانين ذات الصلة، كما في نصوص مواد قانون العقوبات( )، أرقام(434) والمتعلقة بعرقلة حرية البيوع بالمزايدة، و(435) والمتعلقة بالمضاربات غير المشروعة،و(436)المتعلقة بالتلاعب بأسعار المواد الغذائية،و(469) والمتعلقة برفع أسعار السلع. وفي حين خلا قانون التجارة الأردني( )، من النصوص القانونية التي تحمي المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة، نجد أن المشرع قد أحال بنص المادة (39) من قانون التجارة إلى القوانين الخاصة بحماية العناصر المختلفة للمحل التجاري. وقد نظم هذه الحماية من خلال عدة قوانين كقانون العلامات التجارية الأردني رقم(33)لسنة1952،( ) وقانون براءات الاختراع، ( ) وقانون الأسماء التجارية ( )...، والتي تشكل في مجموعها قوانين حماية الملكية الصناعية والتجارية.
  أما المرحلة الثانية لتنظيم حماية المنافسة، فقد بدأت بصدور قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم(15) لسنة 2000 ( )، والذي أورد فيه المشرع قاعدة حظر عامة يندرج تحت مظلتها كل سلوك تنافسي غير مشروع ( )، والتي تقضي بأن كل عمل تنافسي يتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية، يعتبر عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة، وقد أورد المشرع على سبيل المثال لا الحصر، بعض صور المنافسة غير المشروعة.(وسيكون هذا القانون محور هذا البحث).
  والمرحلة الثالثة، وهي مرحلة تنظيم وضبط آليات السوق بوجه عام، وقد بدأت بصدور قانون المنافسة المؤقت رقم(49) لسنة 2002( ). وفي هذا القانون نجد أن المشرع قد انتهج آلية ترتكز على ثلاث محاور أساسية هي:
1- حظر الاتفاقيات والتحالفات الأفقية الصريحة والضمنية والهادفة إلى الإخلال بالمنافسة.
2- عدم حظر تواجد المؤسسة في وضعية هيمنة مع حظر أي ممارسة تتضمن إساءة استغلال لهذه الوضعية في السوق.
3- الإجازة المشروطة لعمليات التركز الاقتصادي، والتي تشكل صورة من صور الرقابة السابقة على حالات التركز في السوق.
  وبما أن هذا البحث يتمحور حول المنافسة غير المشروعة، فإننا سنبحث هذه المسألة من خلال دراسة صور هذه المنافسة وكذلك دعوى المنافسة غير المشروعة من حيث أساسها القانوني وشروطها، والآثار المترتبة عليها.
وعليه سيتم تقسيم هذا البحث إلى ثلاث فصول وعلى النحو التالي:
الفصل الأول/ ونبحث فيه ماهية المنافسة غير المشروعة وصورها.
الفصل الثاني/ ونبحث فيه الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة، وشروطها.
الفصل الثالث/ ونبحث فيه دعوى المنافسة غير المشروعة وأثارها.
ونختم هذا البحث، بخاتمة تتضمن أهم نتائج هذه الدراسة، وتوصياتها.

الفصل الأول

ماهية المنافسة غير المشروعة، وصورها

تمهيد وتقسيم:
  الأصل- كما سبق لنا القول- أن المنافسة عمل مشروع، وحق يحميه القانون، والتنافس هو تزاحم التجار أو الصناع على ترويج أكبر قدر من منتجاتهم أو خدماتهم من خلال جذب أكبر عدد ممكن من العملاء ( ) ، ويجب أن يتم هذا التنافس والتزاحم بشرف وأمانة ووفقاً لقواعد القانون والعادات التجارية، أما إذا خرج التنافس عن هذا الإطار العام فإنه يعد عملاً غير مشروع، ويترتب عليه قيام المسؤولية القانونية. 
  لذا نجد أن المشرع قد وضع الضوابط العامة التي تكفل بقاء المنافسة ضمن دائرة المشروعية، ومنع أي سلوك من شأنه إخراج المنافسة إلى دائرة عدم المشروعية، وبذات الوقت نجده قد منع السلوك التنافسي بذاته في حالات معينة بحيث تكون مجرد ممارسة المنافسة عمل غير مشروع وترتب المسؤولية القانونية.
  وفي هذا الفصل سنحاول تمييز المنافسة غير المشروعة عن المنافسة الممنوعة. وبما أن المنافسة غير المشروعة هي مدار البحث فسنعمل على بحث أهم صورها.
  وعليه سيتم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين، الأول ونحاول فيه تمييز المنافسة غير المشروعة عن المنافسة الممنوعة. والثاني، نبحث فيه صور المنافسة غير المشروعة.



المبحث الأول
تمييز المنافسة غير المشروعة عن المنافسة الممنوعة
  ولتمييز هاتين الصورتين من المنافسة، فإنه لا بد لنا من تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين: ندرس في الأول، المقصود بالمنافسة غير المشروعة،                  وفي الثاني، المقصود بالمنافسة الممنوعة.
المطلب الأول
المقصود بالمنافسة غير المشروعة
  نجد أن المشرع الأردني في قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية، قد تجنب وضع تعريف محدد للمنافسة غير المشروعة، وهذا موقف محمود للمشرع؛ ذلك إن وضع تعريف محدد لهذا المفهوم سيجعله أكثر جموداً بحيث لا ينسجم مع ما يسود مجتمع التجارة من تطور علمي وفني، مما قد يدفع بالتجار إلى ابتكار أساليب جديدة للتنافس غير المشروع قد يصعب إدراجها ضمن التعريف المحدد للمنافسة غير المشروعة إن وجد. مما يخرجها عن إطار النص القانوني الذي يحظر ممارسة السلوك التنافسي غير المشروع.
  وقد اكتفى المشرع بوضع قاعدة عامة تحظر القيام بأي عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة، مع إيراد وصف لها وأورد صوراً لبعض هذه الأعمال، وذلك على سبيل المثال لا الحصر ( )  . وقد جاءت القاعدة العامة بوصف المنافسة غير المشروعة بأنها كل منافسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية ومنها على سبيل المثال: الأعمال المؤدية إلى إحداث اللبس بين المتنافسين أو أنشطتهم أو منتجاتهم وكذلك الادعاءات المغايرة للحقيقة وقد تسبب نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه، وكذلك الممارسات التي تنال من شهرة المنتج أو تحدث لبساً لدى جمهور المستهلكين، وكذلك أي ممارسة غير مشروعة تتعلق بعلامة تجارية مشهورة في المملكة.
  وقد شمل المشرع الخدمات بالخضوع لأحكام المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة ( ) .
  أما عن التعريف الفقهي للمنافسة غير المشروعة، فقد تعددت أراء الفقه في هذا الصدد حيث عرفها البعض بأنها:- (اتجاه التاجر حتى ينتصر على منافسيه إلى وسائل غير شريفة تتنافى مع الأمانة والنزاهة والعادات الجارية في التجارة أو الصناعة بغية اكتساب العملاء وتحقيق أكبر ربح ممكن) ( ).
  نلاحظ أن هذا التعريف قد اعتمد معيار الأمانة والنزاهة والعادات التجارية، وهذا معيار غير دقيق ولا محدد، ذلك أن العادات التجارية النزيهة، قد تكون فكرة نسبية نتيجة مرونتها واختلافها من مكان إلى آخر، إضافة إلى أن ما كان في زمن معين يمكن اعتباره عادة تجارية قد لا تبقى كذلك بعد فترة من الزمن.
  وجانب آخر من الفقه اعتمد على مدى توافر قصد التعدي والإضرار بالمنافسين، فعرف المنافسة غير المشروعة بأنها:- (استخدام الشخص لطرق ووسائل منافية للقانون والعادات المحمية الجارية في التجارة والصناعة، أو مخالفة للشرف والأمانة والاستقامة التجارية تجاه تاجر آخر بهدف                    الإضرار به) ( ). ووفقاً لهذا الرأي فإن المنافسة تكون مشروعة، إلا إذا توافر لدى المنافس سوء نية وقصد تعدي. إلا أن بعض الفقه قد عارض هذا الرأي      وقال:- بأنه لا ضرورة لتوافر سوء النية، بل يكفي وجود فعل تعدي، وإن كان ناتج عن إهمال أو عدم حيطة، وبما أنه قد ينتج عن هذا السلوك التنافسي إضراراً بالغير فإنه يشكل منافسة غير مشروعة ( ) .
  وجانب آخر يرى أن مجرد وجود هدف تحقيق مكاسب مادية على حساب آخر، وبإتباع وسائل يمنعها القانون، يعدّ منافسة غير مشروعة. ويعرفها بأنها:- (كل عمل في مجال التجارة أو الصناعة أو المال أو الخدمات أو غيرها من المجالات يقوم به شخص، ومن شأنه إلحاق ضرر بشخص منافس أو تحقيق مكاسب على حسابه بإتباع وسائل يمنعها القانون) ( ).
  ما نلاحظه على الآراء الفقهية السابقة أنها بالرغم من وجود بعض الاختلافات فيما بينها؛ نتيجة اختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها كل جانب من الفقه إلى المنافسة غير المشروعة، إلا أنها جميعاً تنفق حول جوهر عدم مشروعية المنافسة غير المشروعة وهو إتباع وسائل غير مشروعة بذاتها في المنافسة؛ وذلك لمخالفتها للقانون أو العرف أو العادات التجارية. وإذا ما حاولنا مقارنة مركز هذا الإجماع الفقهي (عدم مشروعية الوسيلة بذاتها) فأننا نجده يتفق مع ما جاء في المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة الأردني، وأن الصور الواردة على سبيل المثال، في هذه المادة تتيح للقضاء أن يضيف إليها صوراً أخرى لم يرد النص عليها، وذلك بالاستناد إلى منطق القياس أو الاجتهاد الحر في إطار القاعدة العامة الواردة في متن المادة الثانية.
  أما عن موقف القضاء من مفهوم المنافسة غير المشروعة  ( ) ، فقد عرّف القضاء الفرنسي في إحدى قراراته المنافسة غير المشروعة بأنها: (اقتراف أفعال تخالف القوانين وتتنافى مع العادات التجارية...فإذا كانت محاولة اجتذاب العملاء هي روح التجارة فإن إساءة استخدام حرية التجارة التي تسبب ضرراً للغير عمداً أو غير عمد يعد عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة) ( ).
  في حين عرف القضاء المصري المنافسة غير المشروعة بأنها:- (ارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو العادات، أو استخدام وسائل منافية للشرف، والأمانة في المعاملات، إذا قصد بهذه الأعمال إحداث لبس بين تجارتين أو إيجاد اضطراب بأحدهما، متى كان من شأن ذلك صرف عملاء المنشأة عنها ( ) .


المطلب الثانيالمنافسة الممنوعة

  أتضح لنا فيما سبق أن المنافسة غير المشروعة قد اكتسبت صفة عدم المشروعية نتيجة كون الوسائل التنافسية المستخدمة فيها وسائل غير مشروعة، ولم يكن سبب عدم المشروعية هو عدم مشروعية المنافسة بذاتها.
  أما في المنافسة الممنوعة، فإن المنافسة بذاتها تمتنع سواء تم استخدام أساليب مشروعة أو غير مشروعة، بمعنى أن مرتكب فعل المنافسة الممنوعة لا يمتلك الحق بالمنافسة، وبالتالي ليس هنالك حدود لحرية المنافس، وإنما إلغاء كامل لهذه الحرية، ويكون المنع بمقتضى نص قانوني أو اتفاق بين الطرفين ( ) .
  ففي إطار المنافسة الممنوعة، تكون المنافسة غير مشروعة بالأصل؛ ذلك إن محل المنع هو ممارسة النشاط التنافسي بذاته، ومصدر المنع هو القانون أو الاتفاق، لذا لا يطلب من المتضرر من فعل المنافسة الممنوعة سوى أن يثبت أن هذا الفعل قد جاء مخالفاً لنص قانوني أو اتفاق، في حين أنه في حالة المنافسة غير المشروعة والتي يمكن أن تنجم عن مخالفه العادات التجارية فإنه يتوجب على المتضرر في هذه الحالة أن يثبت العادة التجارية التي تم مخالفتها وأيضاً إثبات مدى الزاميتها ( ) .
  فالمنافسة الممنوعة، إما أن يكون مصدر منعها هو القانون أو الاتفاق. وفيما يلي نبحث هذين المصدرين للمنع:
أولاً / المنافسة الممنوعة بنص القانون.
  ونبحثها وفقاً للتشريعات الأردنية التي حظرت المنافسة في أحوال وظروف معينة خاصة بكل حالة على حده ونذكر منها:
1- منع الموظف العام والقاضي من ممارسة التجارة بشكل عام( ). لذا فإن أي عمل تنافسي تجاري يأتيه موظف عام أو قاضي، لا يبحث في مدى مشروعية وسائله أو غايته بل هو ممنوع بالأصل. 
2- حظر المشرع ممارسة بعض المهن دون الحصول على درجة علمية معينة كالصيدلة أو المحاماة.... والتي يشترط لمن يرغب بممارستها توافر شروط أولها الحصول على الدرجة العلمية اللازمة لذلك( ).   
3- منع الشريك في شركة التضامن، والشركة ذات المسؤولية المحدودة، والشركة المساهمة العامة، وشركة التوصية بالأسهم، من ممارسة ذات النشاط الذي تزاوله الشركة إلا بموافقة الشركاء في شركة التضامن، وموافقة الهيئة العامة بأغلبية (75%) من مجموع الحصص المكونة لرأس المال في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، والشركات المساهمة العامة وشركات المساهمة الخاصة -وفقاً لأخر تعديلات قانون الشركات الأردني- وشركة التوصية بالأسهم( ).   
4- حالة منح المشرع حقوقاً لصالح أشخاص بعينهم سلطة استعمال هذه الحقوق على سبيل الاحتكار، مما يمتنع معه على غير هؤلاء الأشخاص استعمال هذه الحقوق( ). ومن ذلك حق استعمال براءة الاختراع لمدة 20 سنة من قبل مالكها، ومنع استعمال الغير لها طوال هذه المدة دون الحصول على موافقة مالك البراءة( ).   
 ثانياً / المنافسة الممنوعة اتفاقاً.
  المنافسة الممنوعة اتفاقاً هي:- التي تتم بأفعال مخالفة لشروط اتفاقية إرادية، صريحة أو ضمنية سكت عنها اكتفاء بما ورد في القانون من قواعد مكملة دون النص على ما يخالفها، وتكون هذه الشروط محددة من حيث الزمان والمكان ونوع النشاط وإلا كانت باطلة( ).   
  وإذا ما قضى العقد بمنع أحد طرفيه من منافسة الطرف الآخر، فإن أي فعل يأتيه الممنوع من المنافسة يشكل فعل منافسة ممنوعة اتفاقاً، ومن أبرز صور هذه الاتفاقات: عقد بيع أو تأجير المحل التجاري، وعقد العمل، واتفاقات التجار على منع المنافسة أو تنظيمها فيما بين أطراف الاتفاق. ونبحث هذه الصور فيما يلي:-
1- التزام بائع أو مؤجر المحل التجاري بعدم منافسة المشتري أو المستأجر. وعقد بيع أو تأجير المحل التجاري يقتضي وفقاً للغاية من العقد توافر شرط عدم المنافسة( ).  ذلك أن البائع أو المؤجر يضمن عدم تعرض الغير للمشتري أو المستأجر فأنه من باب أولى يضمن عدم التعرض الشخصي منه بمنافسة المشتري أو المستأجر باعتبار أن غاية العقدين هي تحقيق منفعة مادية وترتكز على عنصر أساسي من عناصر المحل التجاري وهو عنصر العملاء. لذا لا يجوز للبائع أو المؤجر فتح محل مشابه للمحل المباع أو المؤجر لأن ذلك يعد تعرضاً ويتنافى مع القانون ومع مبدأ تنفيذ العقود بحسن نية. 
2- التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل وسبب منع المنافسة هنا أن العاملين في متجر ولا سيما من يتولون إدارته أو الاتصال بعملائه، يقفون على هوية العملاء وعلى الموردين لهذا المتجر وأسعارهم، وتنظيم العمل فيه وأسرار الصنع( ).   وبالتالي عند تركهم للعمل فإن بإمكانهم إنشاء محل أو العمل في محل مماثل له، مما يمكنهم من منافسة صاحب العمل السابق.
  وقد نظم المشرع الأردني هذه المسألة – ابتداءً – في القانون المدني، وذلك عندما أجاز اتفاق صاحب العمل والعامل على أنه:-  لا يجوز للعامل أن ينافس صاحب العمل أو يشترك في عمل ينافسه بعد انتهاء عقد العمل، واشترط لصحة هذا الاتفاق أن يكون مقيداً من حيث الزمان والمكان ونوع العمل، وذلك بالقدر الضروري لحماية المصالح المشروعة لصاحب العمل( ). وكذلك قيدّ شرط ضمان عدم المنافسة بالا يكون مبالغاً فيه حتى لا تكون الغاية منه إجبار العامل على البقاء لدى صاحب العمل وإلا كان هذا الشرط غير صحيح( ). 
  ثم عاد المشرع وأكد تنظيم هذه المسألة من خلال قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996. وذلك بنص المادة 19/ب حيث جاء فيها: " على العامل المحافظة على أسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية وأن لا يفشيها بأي صورة من الصور ولو بعد انقضاء عقد العمل وفقاً لما يقضيه الاتفاق أو العرف( )."   
  والسر التجاري وفقاً لقانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية هو: " أي معلومات تعد سراً تجارياً إذا اتسمت بكونها غير معروفة بصورتها النهائية أو مكوناتها الدقيقة، أو أنه ليس من السهل الحصول عليها وسط  المتعاملين عادة في هذا النوع من المعلومات، أو إذا كانت ذات قيمة تجارية نظراً لكونها سرية، أو أن صاحب العمل قد أخضعها لتدابير معقولة للمحافظة على سريتها في ظل الظروف الراهنة( ).   
3- الاتفاقات المبرمة فيما بين المنتجين أنفسهم أو الموزعين أو بين المنتجين والموزعين.
  وتكتسب هذه الصورة من صور منع المنافسة أهمية خاصة وذلك لخطورتها على حرية التجارة؛ ذلك أن اتفاق المتنافسين على منع المنافسة يكون المنع فيه ذا نطاق أوسع مما هو عليه الحال في الصور السابقة، ويؤثر بشكل سلبي على القوى العامة للسوق من خلال تأثيره في قواعد العرض والطلب( ).   
  وقد تأتي هذه الاتفاقات على صورة اتفاقات تقييد أفقي للمنافسة، تتم بين المتنافسين على مستوى واحد في السوق، فقد تكون بين منتجين أو بين موزعين أو بين بائعي جملة أو تجزئة. وغالباً ما تكون الغاية منها تحديد أسعار السلع أو الخدمات، أو تحديد كميات الإنتاج أو تقاسم الأسواق بهدف رسم حدود النشاط الذي يمارسه أطرافها، بحيث لا يكون لأي منهم تجاوز هذه الحدود، وبذا يضمن الأطراف تنظيم أو تفادي المنافسة القائمة أو المحتملة سواء فيما بينهم أو من الغير( ).   
  ويمكن أن تأتي اتفاقات منع المنافسة على صورة اتفاق رأسي (عقد قصر)، يتم بين المنتجين والموزعين أو بين الموزع وبائع الجملة أو بين بائع الجملة وبائع التجزئة. فهي تتم بين تاجر في مستوى أعلى في السوق مع تاجر في مستوى أدنى، وفيه يتم تقييد الطرف الأدنى مرتبة في السوق، بعدم بيع سلعة أخرى غير التي ينتجها أو يبيعها الطرف الأعلى مرتبة، أو يتم تحديد المنطقة التي يجوز للطرف الثاني البيع بها، وهو ما يعرف (بالحصرية الإقليمية) ( ). وقد تتضمن الاتفاقات الرأسية أو عقد القصر شرطاً يلزم المنتج أو بائع الجملة بعدم البيع لموزع أو بائع تجزئة آخر في ذات منطقة توزيع الطرف الثاني للاتفاق( ).   
  ويرى الاتجاه الغالب من الفقه صحة مثل هذه الاتفاقات، وذلك بتوافر شروط معينة هي:-
1- أن لا تؤدي إلى خلق احتكارات فعلية في السوق( ).   
2- أن لا تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمستهلكين نتيجة رفع الأسعار أو تدني الجودة( ).   
 3- أن تكون هذه الاتفاقات محددة من حيث الزمان والمكان والموضوع( ).   
  أما عن موقف المشرع الأردني من هذه الاتفاقات، فقد جاء واضحاً ومفصلاً في أحكام قانون المنافسة الأردني (المؤقت) رقم (49) لسنة 2002.حيث جاء بنص المادة الخامسة منه: " يحظر تحت طائلة المسؤولية أي ممارسات أو تحالفات أو اتفاقات، صريحة أو ضمنية، تشكل إخلالاً بالمنافسة أو الحد منها أو منعها،..." .
  إذاً فالمشرع الأردني قد تنبه لخطورة هذه الاتفاقات، لذا فقد حظرها من خلال إيراد قاعدة حظر عامة، يمكن أن يندرج تحتها اتفاقات منع المنافسة الرأسية والأفقية، والصريحة والضمنية، إذا كانت من حيث موضوعها أو هدفها أو بفعل الآثار المترتبة على تطبيقها، من شأنها الإخلال بالمنافسة أو الحد منها، وذكر بعض الصور التي يمكن أن تكون هدفاً لهذه الاتفاقات – على سبيل المثال لا الحصر – كتحديد الأسعار أو شروط البيع أو تحديد كميات الإنتاج.   
  إلا أن المشرع قد أورد استثناء على هذا الحظر يتمثل بالاتفاقات ضعيفة الأثر على أن لا تتضمن هذه الاتفاقات أحكاماً بتحديد الأسعار وتقاسم الأسواق، وتكون الاتفاقات ضعيفة الأثر عندما لا تتجاوز الحصة الإجمالية لأطرافها نسبة (10%) من إجمالي معاملات السوق( ). 

  المبحث الثانيصور المنافسة غير المشروعة

  لقد عمد الفقه القانوني مبكراً إلى بحث المقصود بالمنافسة غير المشروعة، وبيان الصور التي يمكن أن ترد عليها، واختلفت الآراء الفقهية في إجمال هذه الصور بتصنيفات يمكن أن يندرج تحت مظلتها أي فعل تنافسي غير مشروع. وقد شكلت هذه الآراء تصنيفاً استندت إليه التشريعات فيما بعد لتحديد ما قد يشكل منافسة غير مشروعة من ممارسات تظهر في ميدان التنافس التجاري.
  وعليه نبحث ابتداء صور المنافسة غير المشروعة وفقاً لآراء الفقه، وذلك في مطلب أول، ثم نبحث في المطلب الثاني صور المنافسة غير المشروعة في التنظيم القانوني الأردني.
المطلب الأول
صور المنافسة غير المشروعة في الفقه القانوني
  لقد استقر الفقه في فرنسا ومصر على تصنيف أعمال المنافسة غير المشروعة، في غيبة أي تنظيم تشريعي، تحت أربعة عناوين رئيسية هي:-
أولاً / خلق نوع من الخلط أو اللبس. يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة كل عمل ينطوي على اعتداء على أي عنصر من عناصر المتجر متى كان الزبائن يعولون على هذا العنصر في تعاملهم مع المتجر. لأن من شأن هذا الاعتداء أن يؤدي إلى الخلط بين المحلات التجارية، ويوقع الزبائن في اللبس( ).   
  ومن أبرز صور الأفعال المؤدية إلى خلق نوع من الخلط أو اللبس لدى الجمهور، استخدام الاسم التجاري المملوك لمحل تجاري منافس ، أو تقليد العلامات التجارية أو النماذج والرسوم المملوكة لمحل تجاري آخر.
  والتعدي على العلامة التجارية لا يتحقق إلا باستعمال أو تقليد العلامة( ). ومن قبيل ذلك استخدام العلامة التجارية المملوكة لتاجر آخر دون ترخيص منه، أو في حالة وجود الترخيص أن يتم استخدامها بصورة مخالفة للترخيص بما يلحق الضرر بمالكها. وتقليد العلامة التجارية، قد يكون بوضع علامة قريبة الشبه من علامة أخرى مملوكة لمنافس آخر.
  وقد تأخذ أعمال الخلط أو اللبس صورة تقليد المظهر الخارجي والديكورات التي اتخذها محل تجاري سابق لإلهام الجمهور بأن المحل ينتمي لنفس السلعة التي ينتمي إليها المحل المقلد. وكذلك قد يتم تقليد الإعلانات التجارية وطرق الدعاية التي يتبعها محل تجاري معين.
ثانياً / إتباع أساليب تحقير ووسائل تشويه. قد يلجأ أحد التجار إلى إذاعة معلومات الهدف منها التقليل من شأن منافسه أو منافسيه، وبعث عدم الثقة والشك حول شخصه أو حول مشروعه التجاري أو منتجات هذا المشروع( ).  
 ومن أمثلة هذه الأعمال التي تعدّ إساءة لشخص التاجر المنافس: الطعن في وطنيته أو انتمائه القومي أو الادعاء على خلاف الحقيقة بأنه على وشك الإفلاس أو أنه لا يجد من يتعامل معه لضعف ائتمانه، أو بث دعاية كاذبة عنه بأنه سييء السلوك كالادعاء بأنه من رواد موائد القمار أو مدمني المخدرات إلى غير ذلك من الإشاعات التي يكون الغرض منها تشويه سمعة التاجر والعمل على صرف عملائه عن التعامل معه( ).   
  أما الأعمال التي يكون من شأنها الحط من قيمة منتجات التاجر المنافس، فمثالها وصف منتجاته أو سلعه بأنها رديئة أو ضارة بالصحة بالنسبة للمنتجات الغذائية أو أنها تحتوي على عناصر حيوانية أو نباتية محرمة بالدين، أو أنها غير مأمونة الاستعمال ويمكن أن تعرض مستخدميها لمخاطر، إلى غير ذلك من معلومات كاذبة تؤدي إلى انصراف زبائن التاجر عن بضائعه. 
  وقد تتخذ المنافسة شكلاً موضوعياً عن طريق إجراء مقارنة بين منتجات المشاريع المتنافسة، من حيث نوعية المنتجات وثمنها وشروط البيع وإظهار مزايا إحداها على الأخرى، وهذا الشكل من المقارنة يعد نوعاً من التشويه( ).   
ثالثاً / إحداث اضطراب داخلي في مشروع منافس. ويكون إحداث الاضطراب في داخل مشروع منافس، بمثابة اعتداء على التنظيم الداخلي لهذا المشروع ويعد من قبيل المنافسة غير المشروعة لأنه يهدف إلى تخلف المشروع عن سد حاجات العملاء، وصرفهم عن استمرار التعامل معه( ).   
  والتاجر يعتمد كثيراً على التنظيم الداخلي لمتجره في جذب زبائنه والمحافظة عليهم، فهو يختار العمال والمستخدمين والفنيين والطاقم الإداري وغيرهم من الذين يعتمد عليهم نشاط المتجر، وقد يترتب على اختلال هذا التنظيم اضطراب نشاط المتجر وانصراف زبائنه( )، وقد يلجأ المنافس إلى إغواء العاملين في متجر منافسه من خلال إعطائهم الحوافز والمغريات لترك العمل لدى منافسه والعمل لديه.  وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية أن خروج تسعة عمال من محل خلال شهر واحد ثم التحاقهم بالعمل في محل منافس له، ثم إعلان المنافس الثاني بالصحف أكثر من مرة عن التحاقهم بالعمل لديه، موجهاً النظر إلى أسماءهم وسبق اشتغالهم لدى منافسه، يعد منافسة غير مشروعة( ).   
 رابعاً / إشاعة الاضطراب في السوق. اتضح لنا فيما سبق أن أعمال المنافسة غير المشروعة كانت تتمحور حول مساس بشخص المنافس أو بالمنتج أو الخدمة المنافسة، مما يؤدي إلى انصراف عملاء المنافس عنه أو عما يقدمه من منتجات أو خدمات، فأثر المنافسة يقتصر على المنافس المعتدى عليه أو على منتجه أو خدمته، أما في الأعمال التي تؤدي إلى اضطراب عام في السوق، وعدم استقرار فأنه يقصد منها الانتقاص من قدرة المشروعات المنافسة، والتأثير على قوى العرض والطلب في السوق. ومن أبرز صور هذه الأعمال تلك التي تتمحور حول الأسعار، فقد يقوم التاجر بتخفيض أسعار بضائعه بدرجة كبيرة تتجاوز الحدود المألوفة في التجارة، كأن يبيع بسعر التكلفة أو بخسارة، وبعد أن يتمكن من جذب عملاء منافسيه يعود إلى رفع السعر، وبذلك يكون قد هدم تجارة غيره وتمتع باحتكار فعلي لسوق السلعة( ).   
  ذلك أن البيع بخسارة غالباً ما يهدف إلى إقصاء المنافسين من السوق أو تثبيط همة منافسين آخرين يحتمل دخولهم إلى السوق. إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون سبب تخفيض المنافس لأسعاره عائد إلى أنه يحصل على المواد الأولية اللازمة للإنتاج بأسعار منخفضة، ويستخدم تكنولوجيا متطورة في إنتاجه تؤدي إلى خفض كلفة الإنتاج، أو ربما يستخدم طرق تسويق أقل كلفة، وينتج كميات أكبر من غيره( ).   وفي هذه الحالة لا يشكل البيع بأسعار منخفضة منافسة غير مشروعة حتى وأن نجم عنه انجذاب عملاء غيره من المنافسين إليه. كذلك لا تعد أعمال التصفية التي تتم عادة في نهاية الموسم الخاص بسلعة ما، من أعمال المنافسة غير المشروعة المؤثرة في السوق.
  إذاً ومن خلال ما سبق تتضح لنا المعالم الأساسية لأفعال المنافسة غير المشروعة، والتي يمكن أن يندرج تحت مظلتها أي فعل تنافسي غير مشروع. وقد كان للتصنيف الفقهي السابق أثره في تنظيم وسن التشريعات المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة.
المطلب الثاني

( صور المنافسة غير المشروعة في التنظيم القانوني الأردني )

  جاء قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، متضمناً أحكاماً كفيلة بالإحاطة بكافة صور المنافسة غير المشروعة، وقادر على حماية جميع عناصر النشاط التجاري والصناعي، تلك العناصر التي سبق للمشرع وأن تصدى لها بالتنظيم والحماية في قوانين عديدة تشكل في مجموعها قوانين الملكية الصناعية والتجارية.
إلا أنه قد شاب هذه القوانين قصور في بعض جوانب الحماية من المنافسة غير المشروعة إلا أن قانون المنافسة غير المشروعة وبالصيغة الواردة في صدر المادة الثانية منه، قد أورد معياراً عاماً يمكن أن ينطبق على أي فعل غير مشروع في مجال التنافس.وفيما يلي نبحث صور المنافسة غير المشروعة وفقاً لنص المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة( )، مراعين في ذلك النصوص الواردة في قوانين الملكية الفكرية والتي تشكل نقاط التقاء مع ما جاء في نص هذه المادة .
ووفقاً للقاعدة العامة في قانون المنافسة غير المشروعة الأردني، فأن معيار عدم مشروعية المنافسة هو ارتكاب ممارسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية والتجارية دون اشتراط توافر قصد التعدي أو سوء النية، فمجرد التعارض مع الممارسات الشريفة يدخل المنافسة ضمن إطار عدم المشروعية. وهو معيار واسع وفضفاض يمكّن القضاء من إضافة صور عديدة لتلك التي أوردها المشرع بنص المادة الثانية والتي جاءت على سبيل المثال لا الحصر. ونبحثها على النحو التالي:-
أولاً / الأعمال التي بحكم طبيعتها تسبب لبساً مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري. وما نلاحظه على هذه الطائفة من الأعمال أنها تتفق مع الطائفة الأولى في التصنيف الفقهي لصور المنافسة غير المشروعة. وهذه الأعمال من شأنها إحداث الخلط أو اللبس حول التاجر أو منتجاته أو نشاطه أو خدماته (ذلك أن المشرع بالفقرة (ج) من المادة (2)، قد أشار إلى سريان الأحكام الواردة بالفقرة (أ) و (ب) على الخدمات بحسب مقتضى الحال).
  وأهم تطبيقات الأفعال التي ينتج عنها هذا اللبس أو الخلط هي:-
1- قيام محل تجاري باستعمال اسم تجاري سبق أن استخدمه محلاً آخر يعمل في نفس نطاق نشاط المحل الجديد( ). 
والاسم التجاري هو الاسم الذي يختاره الشخص لتمييز محله التجاري عن غيره من المحلات والذي يتكون من تسمية مبتكرة أو من اسم الشخص أو لقبه أو منها جميعاً ومع أي إضافة تتعلق بنوع التجارة أو النشاط الذي يمارسه( ).   
  وقد جاء في قانون الأسماء التجارية الأردني: أنه يشترط لتسجيل الاسم التجاري أن يكون جديداً غير مستعمل وغير مسجل باسم شخص آخر للنوع ذاته من التجارة أو لنوع مشابه قد يثير اللبس لدى الجمهور وكذلك أن يكون مبتكراً غير شائع الاستعمال في نوع التجارة التي يستخدم لها إلا إذ كان الاسم التجاري يتكون من اسم الشخص أو لقبه أو كنيته... ( ). وكذلك لا يجيز القانون تسجيل الاسم التجاري الذي يمكن أن يثير اللبس لدى الجمهور، وللنوع ذاته من التجارة أو لنوع مشابه قد يثير اللبس( ).   
  وما نلاحظه على الحماية القانونية التي وفرها المشرع للاسم التجاري باعتباره أحد عناصر المحل التجاري، أنها تجد أساسها بالأصل في قانون الأسماء التجارية والذي حظر ابتداء تسجيل الاسم التجاري الذي قد ينجم عنه منافسة غير مشروعة، ثم أجاز بعد ذلك لمسجل الأسماء التجارية من تلقاء نفسه أو بناء على طلب يقدمه ذو المصلحة أن يقرر شطب الاسم التجاري من السجل إذا كان تسجيله قد تم خلافاً لأحكام القانون أو صدر قرار من المحكمة بشطبه أو إذا ثبت عدم مزاولة مالكه للتجارة لمدة خمس سنوات متصلة( ). كذلك أعطى الحق لمالك الاسم التجاري برفع دعوى مدنيه لمنع التعدي وأن يتقدم بطلبات مستعجلة لوقف التعدي أو الحجز التحفظي على أي بضائع أو مواد ذات صلة بالتعدي أو للمحافظة على الأدلة ذات الصلة بالتعدي( ).   
  وبالرغم من وجود هذه الحماية ضمن قانون الأسماء التجارية إلا أنه بالإمكان حماية الاسم التجاري بالاستناد لنص المادة (2) من قانون المنافسة غير المشروعة من أي فعل اعتداء على الاسم التجاري ويشكل منافسة غير مشروعة، ولم يرد النص عليه في قانون الأسماء التجارية.
2- استعمال أو تقليد علامة تجارية مملوكة للغير
العلامة التجارية نوعان: علامة مميزة لمنتجات وعلامة مميزة لخدمات. والعلامة التجارية هي: أي إشارة ظاهرة يستعملها أو يريد استعمالها أي شخص لتمييز بضائعه أو خدماته عن بضائع أو منتجات أو خدمات غيره( ). والتعدي على العلامة التجارية لا يتحقق إلا باستعمال أو تقليد العلامة( ). وتتحقق المنافسة غير المشروعة هنا باستخدام ذات العلامة التجارية أو علامة مشابهة تخص الغير لوضعها على منتجات تاجر آخر دون أذن مالكها، أو استخدام هذه العلامة للإعلان عن منتجات تاجر آخر أو الادعاء الباطل بتسجيل العلامة التجارية. هذا على المستوى المحلي. أما على المستوى الدولي فقد أصبحت تستخدم بعض العلامات التجارية المشهورة من قبل غير أصحابها، كوسيلة لتسويق منتجاتهم عبر وسائل الاتصال الحديثة وخاصة الإنترنت( ).   
  وسوف نبحث ابتداءً في الحماية المدنية للعلامة التجارية في قانون العلامات التجارية الأردني وقد جاءت على النحو التالي:-
أ. تبدأ حماية العلامة التجارية في قانون العلامات التجارية بوسيلة وقائية؛ وذلك من خلال حظر المشرع تسجيل العلامة التجارية التي قد يؤدي تسجيلها واستخدامها إلى اللبس والمنافسة غير المشروعة( ). فقد حدد المشرع حالات عديدة لا يجوز فيها تسجيل العلامة ومنها إذا كان من شأن هذه العلامة إحداث لبس أو يترتب عليها منافسة غير مشروعة أو لكونها تدل على غير مصدرها الحقيقي. (ونأتي على تفصيل أكثر في مسألة المصدر غير الحقيقي فيما بعد).
  وقرار المسجل برفض تسجيل العلامة التجارية خاضع للطعن به أمام محكمة العدل العليا، وقد جاءت قرارات عديدة للمحكمة مؤيدة قرار المسجل برفض تسجيل العلامة كونها تؤدي إلى لبس ومنافسة غير مشروعة( ).   
  وقد تصدت محكمة التمييز لوضع معايير تقرير مدى وجود تشابه بين العلامة المسجلة والعلامة التي يشكل تسجيلها منافسة غير مشروعة وهي( ).:-
1- الفكرة الأساسية التي تنطوي عليها العلامة التجارية المسجلة.
2- المظاهر الرئيسية للعلامة التجارية وليس تفاصيلها الجزئية.
3- نوع البضاعة التي تحمل العلامة.
4- احتمال وقوع التباس بينها وبين العلامة الأخرى عن طريق النظر إليها أو سماع اسمها.
5- أن العبرة للجزء الرئيسي في العلامة.
6- عدم افتراض أن المستهلك عند شراء البضاعة يفحص علامتها التجارية فحصاً دقيقاً أو يقارنها بالأخرى.
ب. الاعتراض على قرار قبول تسجيل العلامة. فقد منح قانون العلامات التجارية الأردني أي شخص الحق في الاعتراض لدى المسجل على تسجيل أية علامة تجارية وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر إعلان تقديم الطلب أو من خلال مدة أخرى تعين لهذا الغرض( ). ولا يشترط في مقدم الاعتراض أن يكون له مصلحة شخصية مباشرة في طلب رفض تسجيل العلامة وإنما يجوز لأي شخص من الجمهور أن يعترض على طلب التسجيل حتى لا يؤدي تسجيلها إلى غش الجمهور( ). إلا أن هذا لا يمنع من أن يكون طالب رفض التسجيل لديه مصلحة شخصية ومباشرة لامتلاكه علامة تجارية مشابهة للعلامة المطلوب تسجيلها( ).   
ج. شطب (ترقين) العلامة التجارية. حيث يجوز لأي شخص ذي مصلحة أن يطلب من مسجل العلامات التجارية إلغاء تسجيل أية علامة تجارية مسجلة لغيره إذا لم يستعملها فعلياً وبصورة مستمرة خلال السنوات الثلاث التي سبقت الطلب ( ). وكذلك يجوز تقديم طلب لحذف علامة تجارية من السجل بسبب عدم وجود ما يسوغ تسجيلها بمقتضى أحكام المواد (8،7،6) في هذا القانون أو بسبب أن تسجيل تلك العلامة تنشأ عنه منافسة غير عادلة بالنسبة لحقوق الطالب في المملكة. على أن يقدم الطلب خلال خمس سنوات من تسجيل تلك العلامة( ).   
  وجاء في تطبيق طلب الشطب القرار الصادر بالدعوى رقم 118/1992، حيث تقدمت شركة خرفان أخوان (شركة مستوردة للسجائر) بطلب شطب العلامة التجارية (فايسروي) بالاستناد لنص المادة (22) من قانون العلامات التجارية، كون الشركة مالكه العلامة لم تستخدمها لمدة سنتين قبل تقديم الطلب. إلا أن محكمة العدل العليا قد رفضت شطب العلامة لعدم توافر شرط المصلحة المطلوب توافره وفقاً لنص المادة (22) من قانون العلامات لتجارية( ). 
إلا أن حق صاحب المصلحة بطلب شطب العلامة مقيد بمدة خمس سنوات من تاريخ تسجيل العلامة، وإلا سقط حقه بعد ذلك. والسبب في تحديده مدة خمس سنوات هو أنها قد تكون كافية للغير للطعن في تسجيل العلامة ، وأن الجمهور ثبت في ذهنه خلال هذه الفترة عائديه العلامة والبضاعة أو الخدمة التي تميزها. وشطبها بعد ذلك يعد مساساً بثقة الجمهور بها، وتخلق لبساً لدية إذا سجلت باسم غيرة بعد مرور خمس سنوات ( )، وفي حال نجاح دعوى الترقين وشطب العلامة فإن النتيجة تنحصر بشطب العلامة، دون إمكانية طلب التعويض عن استخدام العلامة وفقاً لقانون العلامات التجارية الأردني.
د- طلب منع استعمال العلامة المشهورة. والعلامة المشهورة هي العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسبت شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية ( ). وقد وضع الفقه معايير للاستعانة بها لمعرفة مدى شهرة العلامة التجارية، وهي: معيار موضوعي ينظر إلى العلامة التجارية بذاتها، ومدى الشهرة التي حققتها من خلال تخطيها لحدود الإقليم الذي تم تسجيلها فيه، إضافة إلى حجم الدعاية والإعلان الذي يتم بمقتضاه ترويج هذه العلامة في السوق الدولية، ومدى تحقيق الانتشار والشيوع لهذه العلامة، الأمر الذي يترتب عليه زيادة حجم توزيع السلع والخدمات التي تحمل هذه العلامة بشكل يفوق العلامات التجارية الأخرى. أما المعيار الآخر فهو معيار شخصي يقوم على أساس معرفة الجمهور المعنى بالعلامة والذي يتحدد بالمستهلكين الفعليين والمحتملين لنوع السلعة أو الخدمة التي تميزها العلامة إضافة إلى الأوساط التجارية التي تتعامل في نوعية السلع والخدمات التي تميزها العلامة. والمعيار الأخير هو المعيار المكاني والذي يقوم على أن شهرة العلامة تتحدد مكانياً بالدولة التي يطلب فيها حماية هذه العلامة ( ).
  وقد أجاز المشرع لمالك العلامة التجارية المشهورة وإن لم تكن مسجلة أن يرفع دعوى منع استعمالها من قبل الغير على منتجات أو خدمات مماثلة أو غير مماثلة شريطة أن يدل الاستعمال لهذه العلامة على صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات وبين العلامة المشهورة. واحتمال أن تتضرر مصالح صاحب هذه العلامة نتيجة هذا الاستعمال. ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استعمال علامة تجارية مشهورة مطابقة على منتجات مماثلة ( ).
وحماية العلامة التجارية المشهورة أخذت اتجاهين: الأول، منع تسجيل العلامة التي تشابه علامة تجارية مشهورة. والثاني، منع استعمال العلامة التجارية المسجلة والمشابهة لعلامة تجارية مشهورة، بناء على طلب يتقدم به مالك العلامة المشهورة، إلا أن هذه الحماية لا تصل إلى حد إعطاء الحق لمالك العلامة التجارية المشهورة وغير مسجلة بالأردن أن يطالب مستعمل علامته أو العلامة المشابهة لها بالتعويض عما لحقه من ضرر جراء هذا الاستعمال.
هـ- حماية العلامة التجارية المسجلة وإعطاء الحق لمالكها بطلب التعويض. فقد أضفى المشرع الأردني الحماية على العلامة التجارية المسجلة ورتب مسؤولية جزائية على تزوير أو تقليد العلامات المسجلة في الأردن( ). وفيما يتعلق بالحماية المدنية(وهي مدار البحث) فقد نظمها المشرع ونظم الإجراءات الوقتية أو التحفظية الكفيلة بحماية العلامة التجارية المسجلة، وأعطى مالك العلامة التجارية المسجلة الحق برفع الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض أو تقديم الطلبات التحفظية سواء عند إقامة الدعوى المدنية أو الجزائية أو أثناء النظر فيها أو تقديم طلب مستقل لوقف التعدي والحجز التحفظي على البضائع التي ارتكب التعدي بشأنها أينما وجدت، والمحافظة على الأدلة ذات الصلة بالتعدي ( ).
  إذاً فقانون العلامات التجارية يضمن حماية قانونية شاملة للعلامة التجارية المسجلة. إلا أنّه يمكن تصور حالة أن تكون العلامة التجارية المسجلة قد حصل اعتداء عليها مصدره استخدام علامة أخرى مسجلة ومستوفية لشرائط الحماية أيضاً، لكنها مشابهة أو يمكن أن تحدث اللبس رغم ذلك، وفي هذه الحالة يمكن أن تصبح العلامة المسجلة دون أي نوع  من الحماية أن كانت انقضت السنوات الخمس لترقين العلامة، فلا يعود ثمة وسيلة لمنع الاعتداء من مستخدم العلامة المشابهة(وفقاً لقانون العلامات التجارية)( ).
  بعد هذا العرض لوسائل حماية العلامة التجارية في قانون العلامات التجارية، نجد أن قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية، قد تجاوز جميع جوانب النقص التي مرت بنا في قانون العلامات التجارية. ذلك أنه وبالاستناد لمعيار التشابه وأحداث اللبس الوارد فيه يمكن حماية أية علامة تجارية من أية صورة من صور المنافسة غير المشروعة.
وكذلك تمكن المشرع من تلافي النقص الحاصل بالنسبة لحماية العلامة التجارية غير المسجلة، عندما أضفى الحماية على العلامة التجارية المستعملة في المملكة سواء أكانت مسجلة أم غير مسجلة وأدى الاعتداء عليها إلى تضليل الجمهور والمنافسة غير المشروعة( )، وسواء كانت علامة منتجات أو علامة خدمات.
  أيضاً يمكن بالاستناد لقانون المنافسة غير المشروعة تلافي النقص الحاصل في وسيلة الحماية المتمثلة بترقين العلامة التجارية حيث يجوز رفع دعوى المنافسة غير المشروعة حتى إذا مر على تسجيل العلامة أكثر من خمس سنوات، وأيضاً ما يتعلق بحق الاعتراض حتى وأن لم يعترض أحد على تسجيل العلامة وتم تسجيلها فإن ذلك لا يمنع من إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة في حال قيام أسبابها، أيضاً فيما يتعلق بالعلامة المشهورة فإنه إضافة إلى طلب منع استعمالها، يمكن  لمن لحقه ضرر جراء هذا الاستعمال أن يطلب تعويض ضرره. إضافة إلى ما سبق من أعمال تؤدي إلى أحداث اللبس فإن هنالك أعمال لا تدخل ضمن ما سبق تناوله تؤدي إلى حدوث اللبس والمنافسة غير المشروعة.
ثانياً / الادعاءات المغايرة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي قد تسبب نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
والادعاءات هنا موجهة تجاه منشأة المنافس أو منتجاته أو نشاطه التجاري أو الصناعي وهي تتفق مع الطائفة الثانية من أعمال المنافسة غير المشروعة الواردة في التصنيف الفقهي الذي سبق لنا بحثه لذا نحيل بحث هذا المسألة إلى ما سبق لنا تناوله في التصنيف الفقهي.
ثالثا / البيانات أو الادعاءات التي قد يسبب استعمالها في التجارة تضليل الجمهور فيما يتعلق بطبيعة المنتجات أو طريقة تصنيعها أو خصائصها أو كمياتها أو صلاحيتها للاستعمال. وتدخل أيضاً هذه الطائفة ضمن الطائفة الثالثة من التصنيف الفقهي. والبيانات والادعاءات هنا غير موجهة إلى منشأة منافس أو منتجاته أو نشاطه التجاري أو الصناعي بل تنصب على ما ينتجه التاجر نفسه. من وضع بيانات أو الادعاء بأمور غير صحيحة حول منتجاته. وتعد البيانات والمعلومات الخاصة بكل سلعة أو خدمة من بين الأمور ذات الأهمية لدى العملاء، مثل المنشأ والمواصفات، ذلك أن جودة البضائع تختلف بحسب البلد والشركة التي قامت بتصنيعها، وبحسب مواصفاتها( ). وقد يلجأ بعض التجار إلى وضع ملصق على المنتجات ينسبها فيه إلى دول صناعية مشهورة في مجالها كما في الساعات بأنها سويسرية والعطور فرنسية أو الأحذية إيطالية،...
  وقد يتم وضع بيانات غير صحيحة عن المواد الداخلة في تركيب المنتج، أو حول نسب هذه المواد. مما يؤدي إلى تضليل المستهلك الذي يقوم بالشراء بناء على تلك البيانات( ). وقد تأخذ الادعاءات التي تسبب تضليل الجمهور حول طبيعة المنتجات وسيلة انتحال ألقاب أو صفات لا وجود لها،( ) كأن يدعي أنه حاصل على جوائز أو درجات فخرية( )، أو أن السلعة التي ينتجها ذات مواصفات خاصة على خلاف الواقع، أو أنها حاصلة على علامة جودة عالمية(كالأيزو). أو قد تأخذ صورة الإعلان المضلل أو الكاذب، ومعيار تحديد ما إذا كانت الإعلان مضللاً أو كاذباً هو مدى مطابقة المعلومات أو البيانات أو الادعاءات التي تضمنها لواقع حال السلعة أو الخدمة المعلن عنها( ).
  وتنبع خطورة استخدام بيانات أو ادعاءات غير صحيحة حول المنتجات من سلع وخدمات في أن أثرها الضار والمضلل لا يقتصر على منافس بعينه، بل يمتد للسوق برمته، فيحدث اضطراب عام في السوق، ويتأثر به المستهلكين والمنافسين كافة( ) .
  وقد تناول المشرع الأردني مسألة البيانات والادعاءات السابق تناولها. في كل من قانون علامات البضائع رقم(19) لسنة 1953، وقانون المؤشرات الجغرافية رقم(8) لسنة 2000 ( ) . وقد ركز قانون علامات البضائع على مسألة الوصف التجاري الزائف للبضائع وعرفه بأنه: كل وصف تجاري غير صحيح من وجهة جوهرية، يتعلق بالبضائع التي أستعمل لها وتشمل كل تغيير في الوصف التجاري سواء أكان ذلك إضافة أو محواً أو غير ذلك إذا أصبح الوصف من جراء ذلك التغيير غير صحيح من وجهة جوهرية، ولا يمنع كون الوصف الزائف علامة تجارية أو جزءاً من علامة تجارية اعتباره وصفاً تجارياً زائفاً حسب مفاد القانون ( ).
  وتعني عبارة الوصف التجاري كل وصف أو بيان أو آية إشارة أخرى مما يشير مباشرة أو غير مباشرة إلى: رقم البضائع أو مقدارها أو مقياسها أو وزنها أو المكان أو البلاد التي صنعت أو أنتجت فيها البضائع أو استخرجت منه، أو طريقة صنع البضائع أو إنتاجها أو المواد المؤلفة منها البضائع أو كون البضائع تتمتع بامتياز أو بحق طبع لا يزال معمولاً به( ).
  وتنطبق أحكام الوصف التجاري الزائف على استعمال آيه أرقام أو كلمات أو علامات أو إشارات أو خليط منها سواء أكانت تشمل علامة تجارية أو لم تشمل ومن شأنها أن تحمل على الاعتقاد بأن البضائع هي من مصنوعات أو تجارة شخص غير الشخص الذي يتعاطى صنعها أو الاتجار بها( ). وقد تضمن القانون تنظيم للمسؤولية الجزائية عن استعمال الوصف الزائف.
  في حين نجد أن المشرع قد عالج مسألة منشأ المنتج وكذلك نظم إقامة الدعوى المدنية لمنع التعدي على المؤشر الجغرافي. وقد عرف المؤشر الجغرافي بأنه:" أي مؤشر يحدد منشأ منتج ببلد معين أو بمنطقة أو بموقع معين من أراضيه، إذا كانت نوعية المنتج أو شهرته أو خصائصه الأخرى تعود بصورة أساسية إلى ذلك المنشأ( ). وقد حظر المشرع على أي شخص استعمال المؤشر الجغرافي بشكل غير حقيقي أو أن يؤدي استعمال هذا المؤشر إلى منافسة غير مشروعة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الأنشطة الصناعية والتجارية"( ).
  وقد أعطى المشرع لمسجل العلامات التجارية الحق برفض تسجيل أي علامة تجارية إذا تكونت من مؤشر جغرافي أو احتوت عليه وكانت متعلقة بمنتج من منشئ غير ما يوحي به استعمال ذلك المؤشر. وأجازت الاعتراض على تسجيل العلامة المكونة من مؤشر جغرافي غير صحيح( ). كذلك أجاز المشرع رفع دعوى منع التعدي على المؤشر الجغرافي إضافة إلى إمكانية تقديم طلبات تحفظية مستعجلة، لوقف التعدي أو الحجز التحفظي على المنتجات ذات الصلة بالتعدي( ). إلا أن المشرع لم يعطي المتضرر من استخدام مؤشر جغرافي غير صحيح الحق بطلب التعويض.
رابعاً / أي ممارسة قد تنال من شهرة المنتج أو تحدث لبساً فيما يتعلق بمظهرة الخارجي أو طريقة عرضه أو قد تضلل الجمهور من الإعلان عن سعر المنتج أو طريقة احتسابه.
  وحقيقة أن الممارسات الواردة بهذه الفقرة لا تخرج عن دائرة ما تم إيراده في الفقرات السابقة. باستثناء ما يتعلق منها بالتضليل حول سعر المنتج وطريقة احتسابه، وكان بإمكان المشرع إن يضيف ذلك إلى أحد الفقرات السابقة، دون حاجة لأفراد فقرة مستقلة له. و مسألة أن يستخدم الإعلان عن السعر كوسيلة للتنافس غير المشروع وتضليل المستهلك. يمكن لنا تصور ذلك من خلال عدة حالات منها أن يتم إجراء عروض بيع لمواد عديدة، أو كميات معينة وبصفقة واحدة باعتبار أن بيعها بهذه الصورة ينجم عنه تخفيض السعر. لكن الحقيقة أن السعر قد لا يختلف عما إذا بيعت كل سلعة بشكل منفصل. وكذلك قد يتم الإعلان عن السلعة بأنها تحتوي على مجموعة ميزات موجودة في أكثر من سلعة أخرى، وعند حساب المستهلك لكلفة كل سلعة بشكل منفصل، يجد أن السلعة المعلن عنها والمشتملة على ميزات عدة سلع تكون كلفتها أقل بالنسبة له، فيقدم على شرائها بالرغم من عدم صحة الإعلان.
خلاصة بحثنا للقوانين ذات الصلة بالحماية من المنافسة غير المشروعة أنها جميعها يكتنفها النقص في بعض جوانب الحماية إلا أن قانون المنافسة غير المشروعة قد جاء وسدّ جوانب النقص هذه.

  ↚الفصل الثاني( الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة وشروطها)

تمهيد وتقسيم
  أتضح لنا في الفصل السابق أن دعوى المنافسة غير المشروعة قد ابتدعها الفقه والقضاء، وقاما بإرساء دعائهما. وقد أقاماها ضمن إطار المسؤولية التقصيرية، باعتبار أن أساسها هو فعل المنافسة غير المشروع، والذي يُعَدُّ خطأ يلزم مرتكبه بالتعويض لمن لحقه ضرر وفقاً للقواعد العامة في المسؤولية عن العمل غير المشروع.
  إلا أن الآراء الفقهية لم تتخذ صفة الإجماع على هذا الرأي، فجانب يرى أنها جزاء للتعسف في استعمال الحق، وجانب آخر يرى أنها دعوى عينية غايتها حماية حق الملكية للمنافس. ومرجع اختلاف الفقه هو خصوصية دعوى المنافسة وخصوصية التعامل مع شروطها.
  وعليه سيتم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين، نتناول في المبحث                  الأول: الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة بوجه عام، ثم في المبحث الثاني نبحث: شروط هذه الدعوى.

المبحث الأولالأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة

  أستقر القضاء وغالبية الفقه في كل من فرنسا ومصر على اعتبار دعوى المنافسة غير المشروعة دعوى مسؤولية تقصيرية( ).
  وكذلك الأمر في الأردن حيث لا يختلف الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة عن الأساس الذي أخذ به الرأي الغالب في الفقه والقضاء فهي دعوى مسؤولية عن الفعل الضار.
  ونبحث الآراء الفقهية حول أساس هذه الدعوى في مطلب أول، ونبحث في المطلب الثاني أساس هذه الدعوى في القانون الأردني.

المطلب الأولموقف الفقه من الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة


  تعددت الآراء الفقهية حول أساس دعوى المنافسة غير المشروعة على النحو التالي:-
أولاً: رأي يرى أنها تقوم على ذات أساس المسؤولية التقصيرية.
 وكما هو معلوم بأن المسؤولية التقصيرية تركز على أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية، ويرى أيضاً هذا الرأي أن فعل المنافسة غير المشروع يعتبر خطأً يلزم من ارتكبه بتعويض من لحقه ضرر( ).
  إلا أن هذا الرأي قد وجه له النقد، فمن ناحية يرى المعارضون لهذا الرأي أن فكرة الخطأ والتي تعد ركناً أساسياً في المسؤولية التقصيرية، تبدو قاصرة في مجال المنافسة غير المشروعة، وذلك لتعدد الأفعال التي يتعذر فيها معرفة الخطأ( )، وأن دعوى المنافسة غير المشروعة قد ثبتت رغم عدم وجود خطأ أو ضرر.
 وضرورة وجود الخطأ هو مبدأ أنشأه القضاء الفرنسي من خلال المادة (1382) من القانون المدني الفرنسي، وقضت محكمة النقض الفرنسية بذات الأساس بقولها: "إن دعوى المنافسة غير المشروعة أو غير الشريفة لا تستطيع أن تؤسس إلا من خلال النصوص التشريعية للمواد (1382) مدني فرنسي وما بعدها والتي تستلزم خاصة وجود خطأ باشره المدعى عليه" ( ). 

  أيضاً يرى المعارضون لهذا الرأي أن دعوى المسؤولية التقصيرية تهدف إلى تعويض الضرر فحسب، في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة قد تتجاوز تعويض الضرر إلى اتخاذ المحكمة لإجراءات تمنع وقوع الضرر مستقبلاً، أي أن الدعوى الأولى تعد وسيلة علاجية في حين أن الثانية يمكن أن تشكل إضافة لذلك وسيلة وقائية بالنسبة للمستقبل( ).
  ويضيف المعارضون حجة أخرى مفادها أن التعويض في المسؤولية التقصيرية يتم تقديره بمقدار الضرر المتحقق، في حين أنه في المسؤولية عن المنافسة غير المشروعة ونتيجة لصعوبة تقدير قيمة الضرر، وقد تحكم المحكمة بالتعويض بصورة جزافية دون ربطة بالضرر المتحقق فعلاً، وأن المحكمة لا تشترط لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة أن يكون الضرر محققاً، بأن يكون قد وقع فعلاً أو سيقع حتماً، إنما تكتفي بمجرد احتمال وقوع الضرر( ).  
  ونتيجة للانتقادات السابقة، فقد حاول المعارضون لها إيجاد نظرية يمكن تأسيس المسؤولية في المنافسة غير المشروعة على أساسها، فذهبوا إلى أن هذه الدعوى تقوم على أساس مبدأ التعسف في استعمال الحق.
ثانياً / التعسف في استعمال الحق.
  ويرى القائلون بهذه الفكرة، أن المنافسة هي بحسب الأصل عمل مشروع، فإذا جانب التاجر هذا السلوك المشروع وانحرف عنه، فإنه لا يعتبر مرتكباً لخطأ تقصيري وإنما يعد متعسفاً في استعمال الحق المقرر له والمألوف وفقاً لعادات وأعراف التجارة( ).  
  ونظرية التعسف في استعمال الحق تتحدد بأربعة معايير لا بد من توافرها للقول بوجود تعسف في استعمال الحق، وهي: 
1- قصد التعدي أو قصد الإضرار بالغير، ويتحقق التعدي إذا كان قصد إحداث الضرر هو العامل الأصلي الذي غلب عند صاحب الحق وهو يستعمل حقه للإضرار بالغير، وإن كان هذا القصد مصحوبا بنية جلب المنفعة لصاحب الحق كعامل ثانوي، سواء تحققت هذه المنفعة أو لم تتحقق( ).  
2- عدم مشروعية المصلحة المرجوة من الفعل، ومعيار عدم مشروعية المصلحة أو الغرض غير المشروع يتلخص في أن صاحب الحق يكون متعسفاً في استعمال حقه إذا كانت المصلحة التي يرمي إليها غير مشروعة؛ فالقانون عند إعطاءه الحقوق لأصحابها يهدف إلى تحقيق أهداف معينة، وإذا انحرف صاحب الحق في استعمال حقه عن هذا الهدف، كان متعسفاً وتحققت مسؤوليته( ). والمصلحة لا تكون غير مشروعة إذا كان تحقيقها يخالف حكماً من أحكام القانون فحسب إنما يتصل بها هذا الوصف أيضا إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام أو الآداب( ).
3- عدم التناسب بين المنفعة من استعمال الحق وما يصيب الغير من ضرر، وهنا يكون استعمال الشخص لحقه تعسفاً، إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، ومن يفعل ذلك، فهو إما عابث مستهتر لا يبالي بما يصيب الناس من ضرر بليغ لقاء منفعة ضئيلة يصيبها لنفسه، وإما منطو على نية خفية يضمر بها الإضرار بالغير تحت ستار من مصلحة غير جدية أو مصلحة محدودة الأهمية يتظاهر أنه يسعى إليها( ).
4- تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة في استعمال الحق، فالمضار العادية التي قد تنجم عن استخدام الشخص لحقوقه لا تعد تعسفاً في استخدام الحق، أما إذا تجاوزت المضار ما جرى عليه العرف والعادة، فإنها تعد تعسفاً.
  وقد وجه الفقه النقد لفكرة تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على أساس أنها جزاء للتعسف في استعمال الحق منطلقين من المعايير التي تقوم عليها بالأصل فكرة التعسف في استعمال الحق. وحجتهم في ذلك أن أحكام دعوى المنافسة غير المشروعة لا يمكن أن تعتبر تطبيقاً لأي واحد من المعايير المأخوذ بها في نظرية التعسف في استعمال الحق، ولا يمكن أن تصدق عليها أظهر معايير التعسف في استعمال الحق وهو معيار قصد الإضرار، باعتبار أن قصد الإضرار بالغير يكمن في صميم كل منافسة ولو كانت منافسة مشروعة( ). وأيضاً أن هنالك تعارض بين التعسف في استعمال الحق المستند على غاية وبين المنافسة غير المشروعة المستندة على الوسائل المستعملة( ).
  ونتيجة لهذا النقد حاول بعض الفقه ابتداع فكرة أن دعوى المنافسة غير المشروعة تقوم على أساس أنها دعوى عينية غايتها حماية ما يتمتع به التاجر من حق ملكية على متجره.
ثالثاً / أن دعوى المنافسة غير المشروعة من الدعاوى العينية.
  ويرى أنصار هذا الرأي أن أساس دعوى المنافسة غير المشروعة هو حماية ما يتمتع به التاجر من حق ملكية على متجره، لذا فإن أي اعتداء يقع على عناصر هذا الحق يعتبر منافسة غير مشروعة توجب المساءلة القانونية، لأن من شأن هذا الاعتداء تحويل عملاء المتجر وجذبهم إلى غيره من المتاجر التي تزاول ذات النشاط، وأن هذه الدعوى التي تهدف إلى منع الاعتداء الذي وقع على المتجر في الماضي ومنع استمرار هذا الاعتداء في المستقبل، وبذا تعد أقرب إلى دعوى الملكية منها إلى دعوى المسؤولية المدنية، فهي تقترب من دعوى الاستحقاق التي تحمي حق الملكية على الأشياء المادية( ). 
  إلا أن المعارضين لهذا الرأي يرون- وبحق- أن التاجر لا يتمتع بحق ملكية على عملائه بحيث يكون من حقه منعهم من التعامل مع التجار الآخرين أو منع التجار من التعامل معهم( ). فالعملاء من حقهم اختيار السلعة التي يرغبون بها، أو التاجر الراغبين في التعامل معه، إضافة إلى احتمالية تغيرّ أذواق العملاء ورغباتهم تجاه سلعة معينة، ويضيف المعارضون حجة أخرى مفادها أن أحكام القضاء لا تكتفي بمجرد انصراف العملاء، بل تستلزم أن يكون المتعدي قد ارتكب خطأ ولو كان غير عمدي( ).
  ومن خلال استعراضنا للآراء السابقة نرى مع الجانب الغالب من الفقه أن أساس دعوى المنافسة غير المشروعة يقوم على أساس دعوى المسؤولية التقصيرية مع مراعاة الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة، باعتبارها نوعاً خاصاً من دعاوى المسؤولية، وهذه الطبيعة الخاصة ناتجة عن طبيعة الحق الذي تحميه والذي يفترض وجود منافسة بين تاجرين( ). 
وإذا كانت دعوى المنافسة غير المشروعة مثل دعوى المسؤولية عن العمل غير المشروع تتطلب توافر أركان هذه المسؤولية من حدوث خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن طبيعة الحق الذي تحميه الدعوى الأولى قد يجعل من المتعذر تطبيق بعض هذه الأحكام عليه. ذلك أن الحق المحمي هو عنصر الاتصال بالعملاء كمنقول معنوي له قيمة مالية( ). ويقصد بهذا العنصر مجموعة الأشخاص الذين يتعاملون مع المحل التجاري عادة وبصورة مستمرة ومتجددة، فعدد العملاء قد يزيد وقد ينقص ويترتب على ذلك صعوبة تقرير قيمة الضرر الذي يصيب المتجر، مما يدفع بالمحاكم إلى تقدير التعويض بصورة جزافية لا ترتبط تماماً بمقدار الضرر.
  وفي ختام هذا النقاش الفقهي نشير إلى أن معظم التشريعات قد أخذت بفكرة تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على أساس المسؤولية التقصيرية، ومنها على سبيل المثال القانون الفرنسي فقد جاء نص المادة (1382) من القانون المدني الفرنسي على النحو التالي: " كل عمل أيا كان يوقع ضرراً بالغير يلزم من وقع بخطئه هذا الضرر أن يقوم بتعويضه"و نصت المادة (1383) على: "كل امرئ يعتبر مسؤولاً عما سببه من ضرر بفعله أو إهماله أو عدم تبصرة" ( ).
  وفي القانون المصري تجد هذه الدعوى أساسها في نص المادة (163) من القانون المدني وجاء نصها: "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض". أما عن الوضع في القانون الأردني فنبحثه في المطلب التالي.


المطلب الثاني( الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة في القانون الأردني )

  من خلال مراجع الفقه التي أتيح لنا الإطلاع عليها لإعداد هذا البحث، نجد أن هناك رأيان حول الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة في القانون الأردني وهما:
الرأي الأول/ ويرى أن المنافسة غير المشروعة تجد أساسها في مبدأ إساءة استعمال الحق( ). على اعتبار أن التاجر له الحق في أن ينافس التجار الآخرين، إلا أن هذه المنافسة يجب أن تبقى ضمن النطاق المسموح به والذي لا يؤدي إلى الإضرار بالغير بشكل غير محق، أما إذا تجاوز النطاق المسموح به فإنه يكون متجاوزاً باستعمال حقه أو متعسفاً فيه.
  ويستند هذا الرأي إلى أن نص المادة (256) من القانون المدني الأردني: " كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بالضمان"، ولم يشترط وقوع خطأ للحكم بالتعويض بل مجرد وقوع الضرر بالغير يلزم من أوقع الضرر بتعويض المضرور.
  وبما أن المنافسة المشروعة وإن ألحقت ضرر بالمنافسين لا تلزم من قام بها بتعويضهم عما لحقهم من إضرار، فإن دعوى المنافسة غير المشروعة في القانون الأردني، لا تجد أساسها في هذا النص وإنما تجده في نص المادة (66) من القانون المدني الأردني:
1. يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع.
2. ويكون استعمال الحق غير مشروع
أ- إذا توفر قصد التعدي.
ب- إذا كانت المصلحة المرجوة من الفعل غير مشروعة.
ج- إذا كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر.  
د- إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة.
  ووفقاً لهذا الرأي أساس دعوى المنافسة غير المشروعة يجد تطبيقه في حالة استعمال المنافس حقه بالمنافسة لتحقيق منفعة له ولكن هذه المنفعة لا تتناسب مع الضرر الذي يلحق الغير ذلك لأن أيا من الفروض الواردة في حالات استعمال الحق استعمالاً غير مشروع لا بد لها من عمل خاطئ تنتج عنه، فتوافر قصد التعدي أو عدم مشروعية الفعل أو التجاوز عما جرى عليه العرف والعادة إن هي إلا حالات تنتج عن فعل خاطئ يلحق ضرراً بالغير.
  ويعود هذا الرأي ويخالف نفسه من خلال تأسيسه لدعوى المنافسة غير المشروعة على فكرة التعسف في استعمال الحق، ثم بتكييف هذه الفكرة على أنها مسؤولية تقصيرية معتبراً أن معايير نظرية التعسف في استعمال الحق تشكل صورة الخطأ المتطلب في دعوى المسؤولية التقصيرية وأنه بوجود عنصر الخطأ إضافة إلى الضرر الذي يلحق بالمنافس المضرور وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر تتوافر عناصر المسؤولية التقصيرية ( ).
  ما نلاحظه على الرأي السابق أنه يخلط بين فكرتين قانونيتين مستقلتين عن بعضهما فالمسؤولية التقصيرية تختلف في جوهرها عن فكرة التعسف في استعمال الحق، وقصد التعدي الموجود في التعسف في استعمال الحق يشكل فارق جوهري لا يجوز إهماله.
كذلك نجد هذا الرأي قد أهمل الاختلاف الجوهري بين أساس المسؤولية المدنية، وعناصرها في القانون الأردني عما تقرره القوانين المدنية العربية الأخرى حيث لم يشترط المشرع في القانون الأردني توافر عنصر الخطأ لقيام المسؤولية المدنية، وهو بذلك لا يقيم المسؤولية على أساس أنها مسؤولية شخصية لا تقوم إلا بوجود خطأ، وإنما يقيمها على أساس موضوعي تقوم فيه المسؤولية بمجرد وقوع ضرر دون اشتراط لوجود خطأ نجم عنه هذا الضرر( ).
  أما الرأي الثاني، وهو الراجح فهو الرأي الذي يؤسسها كما في الغالب من الفقه والقضاء العربي والأجنبي على أساس أنها مسؤولية تقصيرية تنطبق عليها أحكام هذه الدعوى مع مراعاة الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة( ).
  ويستند أساس دعوى المنافسة غير المشروعة إلى المادة (256) من القانون المدني الأردني: " كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر". والنص لا يشترط لقيام المسؤولية وقوع خطأ من جانب الفاعل وإنما يكتفي بوقوع الفعل الضار، وإذا ما أخذ به منفرداً فإنه يعني أن أي منافسة تقع بين تاجرين وتؤدي إلى إلحاق ضرر بأحدهما توجب على الأخر أن يقوم بتعويض التاجر الذي لحقه ضرر. مما يعني أن المشرع يعطي الحقوق ثم يقيم المسؤولية على ممارستها. وما يؤخذ به هو أن هذا النص لا يكتمل في التطبيق إلا بمراعاة نص المادة (61) من القانون المدني الأردني: " الجواز الشرعي ينافي الضمان فمن استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر".
  وعليه فإن ممارسة التاجر لحقه في المنافسة المشروعة، حق يضمنه له القانون، ولا يقيم عليه أي مسؤولية، طالما كان ضمن إطار الممارسة المشروعة لهذا الحق، فلا يلزم بتعويض أي ضرر قد يلحق بغيره من التجار، إلا أنه إذا ما أتى أفعالاً تشكل بذاتها ممارسة غير مشروعة فأنه في هذه الحالة يلزم بتعويض الضرر الناجم عن أفعاله.
  وحقيقة أنه بعد صدور قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، فإن مسألة الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة أصبحت مسألة محسومة. فقد نظم المشرع في هذا القانون وباعتباره قانون خاص بالمنافسة غير المشروعة، كل ما يتعلق بهذه الدعوى ونظم في المادة (2) منه -والتي سبق لنا بحثها- الممارسات التي تشكل منافسة غير مشروعة وتمثل ركن الخطأ المتطلب لقيام المسؤولية والذي على أساسه يحق للتاجر المتضرر أن يطالب بالتعويض.  
  ومن خلال ما سبق ظهر لنا، سواء في إطار آراء الفقه أو في نطاق نصوص القانون المدني وقانون المنافسة غير المشروعة، ان نخرج بنتيجة مفادها أنه وإن كانت دعوى المنافسة غير المشروعة تجد أساسها ضمن إطار دعوى المسؤولية التقصيرية، إلا أنها مع ذلك دعوى ذات طبيعة خاصة؛ ذلك أن حق المنافسة بذاته ذا طبيعة خاصة ، وكذلك ما تتصف به التجارة من تطور في كافة مجالاتها ومنها طرق التنافس التي يمكن أن تجعل القضاء أمام حالات يصعب فيها الجزم فيما إذا كان الفعل يشكل ممارسة غير مشروعة للمنافسة، أو اعتبار أن الضرر ناجم عن تلك الممارسة بالذات، وهذا بطبيعة الحال أمر وارد ومتوقع، لذا لا بد من التعامل مع دعاوي المنافسة غير المشروعة بما يتلاءم مع طبيعتها.
 


المبحث الثانيشروط دعوى المنافسة غير المشروعة

  انتهينا في المبحث السابق إلى أن دعوى المنافسة غير المشروعة تقوم على ذات الأساس الذي تقوم عليه دعوى المسؤولية التقصيرية مع ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة، لذا فأنها تخضع لذات الشروط الواجب توافرها في دعوى المسؤولية التقصيرية مع اختلاف في مفهوم هذه الشروط نتيجة للطبيعة الخاصة للدعوى.
  وهذه الشروط هي: الخطأ والضرر والرابطة السببية ونبحثها تباعاً في مطلبين، نبحث في الأول شرط الخطأ وفي الثاني الضرر والعلاقة السببية.

المطلب الأول 
 الخطأ

يعرف الخطأ باعتباره ركن من أركان المسؤولية التقصيرية بأنه: "إخلال بالتزام قانوني"( ). والخطأ في المسؤولية التقصيرية يقوم على ركنين الركن الأول: مادي وهو التعدي، والركن الثاني: معنوي وهو الإدراك، فهو انحراف في سلوك الشخص مع إدراكه لهذا الانحراف( ). والتعدي أو الانحراف يقابل الفعل الضار أي الفعل الذي يؤدي إلى الضرر في ذاته، وهذا الفعل يستوجب الضمان في القانون الأردني. ومعيار التعدي معيار موضوعي، أي قوامة الشخص العادي. والإدراك بوجه عام هو مناط المسؤولية، فلا يكفي ركن التعدي ليقوم الخطأ، بل يجب لقيامه أن يكون من وقعت منه أعمال التعدي مدركاً لها، ولا مسؤولية دون تمييز( ). 
  أما عن ركن الخطأ في القانون الأردني، فإنه يكفي فيه قيام فعل التعدي، فالفعل الضار غير مشروع، ولذا يكون سبباً لضمان ما ترتب عليه من تلف أو ضرر بصرف النظر عن قصد فاعله وإدراكه، ولذا قال الفقهاء لو أن طفلاً يوم ولد انقلب على مال إنسان فأتلفه ضمن ما أتلف( ) . 
  أما عن شرط الخطأ في دعوى المنافسة غير المشروعة، فيتمثل بارتكاب عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة، وهذا يستوجب كما يتفق الفقه توافر عدة شروط هي: ( ) 
أولاً / قيام حالة المنافسة. أي أنه لا بد من توافر ذات الصفة القانونية في أطراف الدعوى؛ فلا بد أن يكون من قام بفعل المنافسة غير المشروعة وكذلك المتضرر منها يتصفان بأنهما تاجران، فلا يعتبر قيام شخص غير تاجر بتصرف غير مألوف في عرف التجار منافسة غير مشروعة، وأن أدى إلى انصراف عملاء تاجر عن التعامل معه،. كأن يقوم شخص غير تاجر باستخدام وسيلة غير مألوفة في العرف التجاري لتصريف سلعة كان قد اشتراها، فلا يشكل فعله الخطأ المكون للركن اللازم توافره في دعوى المنافسة غير المشروعة. لأن أثر فعله لن يتكرر إلا نادراً ولان من قام به لا يستهدف توفير إمكانية مستمرة للاتصال بالعملاء. فهو يفتقد للصفة القانونية (صفة التاجر). إلا أن هذا الفعل يمكن أن يؤدي إلى قيام المسؤولية التقصيرية نتيجة إلحاقه الضرر بالتاجر. 
كذلك لا بد للقول بقيام حالة المنافسة أن يكون النشاطين المتنافسين موجودين وقت القيام بفعل المنافسة غير المشروعة( ). ذلك أنه لا يكون العمل من أعمال المنافسة غير المشروعة إلا إذا كان حاصلاً لمصلحة نشاط على حساب نشاط آخر فالغاية منه عادة صرف عملاء نشاط تجاري عنه واجتذابهم إلى النشاط المنافس القائم. ومثال ذلك : أن يكون أحد النشاطين قد أنهى أعماله وأغلق محله وقام صاحب النشاط الآخر بنوع من الدعاية تستهدف الحط من المنتجات التي كان ينتجها ويسوقها المحل الأول بغرض الدعاية لمنتجاته، هنا لا يوجد فعل منافسة غير مشروعة، حيث لا يترتب على هذه الدعاية المغرضة تحويل العملاء، لأن عملاء المحل الأول انقطعوا عنه بالأصل بعد إنهاء أعماله ولكن يمكن تصور حالة المنافسة غير المشروعة بين محل قائم وآخر في طور الإنشاء ( ).
ثانياً/ التماثل في النشاط التجاري، دون اشتراط حد التطابق بين النشاطين( ). وأساس هذا الشرط أن حالة التنافس لا توجد إلا بين الأطراف الذين يعرضون على الجمهور منتجات أو خدمات متماثلة. أو على الأقل متشابهة. وقد أكدت محكمة العدل العليا على ضرورة وجود التماثل لقيام المنافسة غير المشروعة فقد جاء في قرار لها : "لا يجوز لمالك العلامة التجارية الاحتجاج بها إلا في مواجهة منافسين يمارسون تجارة أو صناعة من ذات النوع...". ( )  
ومثال تماثل أو تشابه النشاطين المنافسة، التي تقع بين شخصين يتاجران في الملابس الجاهزة، أو بين شخصين يتاجران في الأحذية، فأي عمل يقوم به أحدهما للإساءة إلى سمعة التاجر الأخر أو لمنتجاته يعد منافسة غير مشروعة بينما لا يعد كذلك قيام تاجر الملابس الجاهزة بالإساءة إلى سمعة تاجر الأحذية وذلك لاختلاف زبائن تجارة الأحذية عن زبائن الملابس الجاهزة.
  إلا أنه لا يشترط حد التطابق بين النشاطين. بل يكفي أن يكون النشاطان متقاربان، بحيث يكون لأحدهما تأثير في عملاء الآخر( ). كما إذا كان أحد المحلين مصنع لإنتاج وبيع سلعة معينة، وكان الأخر محلاً للاتجار في هذه السلعة. كذلك يمكن قيام منافسة غير مشروعة بين محلين أحدهما له أنشطة متعددة ويتعامل بسلع أو خدمات عديدة، والأخر له نشاط واحد ويتعامل بسلعة أو خدمة تمثل وجهاً واحداً من أنشطة المحل الآخر. ومثال ذلك مصنع ينتج أنواع عديد من الأطعمة المحفوظة، ومصنع آخر ينتج نوعاً واحداً من تلك الأطعمة، فيمكن تصور حالة من المنافسة غير المشروعة في النوع المشترك الذي ينتجه كلا من المصنعين.
ثالثاً/  وقوع فعل من أفعال المنافسة غير المشروعة( ). سواء قصد به الخلط بين المحلات التجارية أو بين المنتجات، أو الحط من قدر المحل أو السلع التي يتعامل بها أو من سمعة التاجر، أو شكل الفعل اعتداء على النظام الداخلي للمشروع التجاري، أو قصد به إحداث اضطراب عام في السوق. فأي فعل من هذه الأفعال يشكل فعل منافسة غير مشروعة ويعطي المتضرر منه الحق برفع دعوى المنافسة غير المشروعة، ولا يلزم لوجود المنافسة غير المشروعة أفعال متعددة أو     متنوعة ، وإنما يكفي فعل واحد يكون واضحاً على نحو كاف لحظة وقوعه. ( ) وفعل المنافسة غير المشروعة كما سبق لنا بيانه يعني كل فعل ينطوي على مخالفة للقوانين والعادات التجارية أو مناف للشرف والأمانة والنزاهة.
وفي قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني ذكر المشرع بعض صور الأفعال التي تشكل منافسة غير مشروعة، والتي بمجرد إثبات وقوع أي منها، يعد مرتكب الفعل مرتكبا لفعل منافسة غير مشروعة، وتقوم مسؤوليته عن التعويض.
  أما عن مدى توافر قصد الإضرار وسوء النية للقول بأن الفعل يشكل خطأ موجباً لقيام دعوى المنافسة غير المشروعة أم لا. فقد مرّ القضاء بمراحل استلزم في أولها ضرورة توافر الخطأ العمد، باشتراطه قصد الإضرار وسوء النية في التنافس للقول بعدم مشروعيته( )، حيثُ أقام دعوى المنافسة غير المشروعة على أساس أخلاقي هو الصدق والأمانة وحسن النية وهي صفات على التاجر التحلي بها. وأي إخلال بها يشكل مخالفة تستوجب التعويض لمن لحقه ضرر من هذه المخالفة. إلا أن القضاء قد تراجع تدريجياً عن موقفه هذا، فأصبح لا يشترط لتحقق الخطأ في المنافسة غير المشروعة أن يصدر الفعل عن سوء نية( ). وذلك على أساس أن الأضرار بالغير أمر حتمي وملازم لأفعال التنافس مشروعة كانت أم غير مشروعة.

المطلب الثاني
الضرر ورابطة السببية
الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية التقصيرية. فلا يكفي لتحقق المسؤولية أن يقع الخطأ بل لا بد من وجود الضرر. والمضرور هو الذي يثبت وقوع الضرر به. ووقوع الضرر واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق. ( )
  أما رابطة السببية، فهي العلاقة ما بين الخطأ والضرر ومعناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسؤول والضرر الذي أصاب المضرور، والسببية هي الركن الثالث من أركان المسؤولية. ( ).
 ونبحث هذين الركنين فيما يلي:
أولاً / الضرر:-
الضرر هو مساس بحق من حقوق الإنسان سواء تلك المتعلقة بسلامة جسده أو ممتلكاته بحيث ينتقص منها أو يتلفها أو يحول دون استعمال مالكها لها ( ).
والضرر على نوعين مادي وأدبي: والمادي هو ما يصيب الشخص في جسمه وماله، فهو إخلال بحق أو مصلحة ذات قيمة مالية ( )والإخلال بحق أو مصلحة للمضرور يتمثل بأن لكل شخص الحق في السلامة: سلامة حياته وسلامة جسمه، والتعدي على أي منها يشكل ضرراً. كذلك التعدي على ملك الإنسان، أو أي حق مالي ثابت، هو ضرر مادي ( ).
  ويجب أن يكون الإخلال بالمصلحة أو الحق، محققاً، ولا يكفي أن يكون محتملاً يقع أو لا يقع، وهذا الشرط لا بد من توافره ليكون الضرر واجب التعويض( )
  أما الضرر الأدبي، فهو الضرر الذي لا يصيب الشخص في ماله، فهو لا يمس المال بل يصيب مصلحة غير مالية كالضرر الذي يصيب الشرف والاعتبار والسمعة والعاطفة والشعور ( ). فهو يصيب القيم المعنوية وليس القيم المالية.
 إلا أنه قد يختلط الضرر الأدبي بالضرر المادي بأن يترتب على الضرر الأدبي ضرر مادي يلحق ذمة المضرور المادية، نتيجة الاعتداء على سمعته، وقد يكون الضرر الأدبي مجرداً من أي ضرر مادي ويقتصر على ألم يصيب المضرور في شعوره وعاطفته( )
  بعد هذا العرض الموجز للضرر في المسؤولية التقصيرية، نبدأ ببحث الضرر في دعوى المنافسة غير المشروعة. 
  الضرر في دعوى المنافسة غير المشروعة هو الخسارة المتكبدة في عنصر الاتصال بالعملاء بالنسبة للمشروع المتضرر، والتي تنتج عن عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة، ويستوي في ذلك أن يكون العملاء الذين افتقدهم المشروع قد تحولوا فعلاً إلى متجر المتسبب في الضرر أو إلى غيره من التجار الذين لم يساهموا في فعل المنافسة غير المشروعة. ( ) والضرر هنا كما نلاحظ مادي نجم عنه ضرر لحق بالذمة المالية للمنافس المضرور.
وقد يكون الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة ضرراً أدبياً، مس سمعة وشرف المنافس، إلا أنه في مجال التجارة بالذات لا يمكن لنا تصور الضرر الأدبي المجرد من أي ضرر مادي، ذلك أن سمعة التاجر واعتباره تعد من العناصر الهامة في عمله كونه يعتمد بالأصل على الثقة والائتمان. مما يعني أن الضرر في المنافسة غير المشروعة غالباً ما يكون ضرراً مادياً أو على الأقل مقترناً بضرر معنوي. 
  أما فيما يتعلق بشرط أن يكون الضرر محققاً. فإنه في مجال المنافسة غير المشروعية  يختلف الأمر؛ ففي حين يرى بعض الفقه ضرورة أن يكون الضرر محققاً، كما هو في القواعد العامة المتعلقة بمسؤولية التعويض عن الضرر.( ) يرى جانب آخر من الفقه أنه لا يشترط لطلب التعويض في دعوى المنافسة غير المشروعة أن يكون الضرر قد تحقق، وإنما يكتفي في هذا الخصوص بالضرر الاحتمالي أو المستقبل. ( )
  أما الرأي الغالب والراجح من الفقه فانهم يفرقون بين الضرر اللازم للحكم بالتعويض، والضرر اللازم للحكم بإجراءات منع وقوع الضرر، فيرو: أن الحكم بالتعويض في دعوى المنافسة غير المشروعة يتطلب أن يكون الضرر محققاً، وهو الضرر الواقع فعلاً أو الذي سيقع حتماً. ( ) أما الضرر اللازم للحكم باتخاذ إجراءات كفيلة بمنع وقوع الضرر فإنه لا يشترط لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة أن يكون الضرر محققاً بل يكفي أن يكون محتملاً، ذلك أن هذه الدعوى لا تتوقف على وجود الضرر.( ) كما إذا كان من شأن فعل المنافسة إحداث خلط بين محل أو منتجات المنافس مرتكب الفعل غير المشروع ومحل أو منتجات منافس آخر، وأن مثل هذا الضرر محتمل الوقوع يمكن للمحكمة أن تتخذ بمواجهته إجراءات تمنع بها وقوعه. كأن تأمر بإغلاق المحل أو تصادر السلع التي قد تؤدي إلى تضليل الجمهور، أو تأمر بشطب العلامة التجارية أو تعديلها أو تعديل الاسم التجاري الذي من شأنه أحداث الخلط أو اللبس، فهذه الإجراءات تكفل منع وقوع الضرر في المستقبل. 
  أما عن إثبات مقدار الضرر من جانب المضرور من فعل المنافسة غير المشروعة، فإن القضاء لا يتشدد في ذلك، نتيجة صعوبة هذا الإثبات، بل يكاد يكون إثبات مقدار الضرر آمرا مستحيلاً ( ) ذلك أن مناط الضرر مرتبط بتغير العملاء، وهو أمر يكاد يكون من المستحيل إثبات مقداره، لأنه ليس هنالك ما يقطع بأن العملاء كانوا سيستمرون في التعامل مع المشروع المتعدي عليه، لو لم تقع أفعال المنافسة غير المشروعة، لذا يتم تقدير التعويض تقديراً جزافياً. ( )
ثانياً / رابطة السببية:
  السببية ركن مستقل، فعلاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها: أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسؤول والضرر الذي أصاب المضرور. 
والسببية ركن مستقل عن ركن الخطأ وكونها قد توجد ولا يوجد الخطأ ( )، مثال ذلك أن يلحق شخص ضرر بآخر و بفعل صدر منه ولا يعتبر الفعل بذاته خطأ مثل فعل المنافسة المشروعة ، فالسببية هنا موجودة والخطأ غير موجود. وقد يوجد الخطأ ولا توجد سببية، ومثال ذلك أن يرتكب فعل منافسة غير مشروع وقبل أن ينتج عنه أثر، يحدث حريق في محل المنافس الذي وقع عليه فعل المنافسة غير المشروعة، فيغلق المحل بسبب احتراقه، فهنا يوجد خطأ هو فعل المنافسة غير المشروع، وضرر هو إغلاق المحل، ولكن لا سببية بينهما فإغلاق المحل سببه الحريق لا فعل المنافسة غير المشروع.
  ووفقاً للقواعد العامة فإنه لا بد من توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر لقيام المسؤولية عن العمل غير المشروع، فإذا ما تمكن مرتكب الخطأ من إثبات إن الضرر الذي لحق بالمضرور ليس له علاقة بالخطأ الصادر منه، بأن يثبت أنه نتيجة سبب أجنبي ، كأن يكون قوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو فعل الغير أو خطأ المضرور نفسه، فإنه بذلك ينجح في قطع رابطة السببية بين خطئه والضرر، ومن ثم فلا يلزم بتعويض الضرر. ( ) 
  وبما أن دعوى المنافسة غير المشروعة، تقوم على ذات أساس دعوى المسؤولية التقصيرية، فإنه لا بد لقيام دعوى المنافسة غير المشروعة من توافر رابطة السببية بين فعل المنافسة غير المشروعة والضرر الذي لحق بمن وقع عليه هذا الفعل.
  ولكن وكما مر بنا سابقاً فإنه نظراً للطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة، وطبيعة الضرر الموجب للتعويض فإنه يكون من الصعب في حالات عديدة إثبات رابطة السببية، فتقوم مسؤولية مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة في هذه الحالات رغم عدم إثبات هذه الرابطة. ومن ذلك حالة إتيان أفعال منافسة غير مشروعة في مواجهة مجموع التجار المتنافسين في نشاط معين ، الأمر الذي يتعذر معه إثبات علاقة السببية بين هذه الأعمال، والضرر الذي لحق تاجراً بعينه أو مجموع التجار، ومن ذلك أيضاً قيام تاجر بالإعلان الكاذب عن منتجاته من أنها حاصلة على شهادات جودة عالمية، وإن بها مواصفات غير موجودة فعلاً، ويؤدي هذا الإعلان إلى انجذاب العملاء نحو هذه المنتجات بشكل يلحق ضرر بالمنافسين له والذين ينتجون ذات الأصناف، ففي هذه الحالة يمكن رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ( )، رغم أن مسألة إثبات رابطة السببية بين هذا الإعلان الكاذب وانصراف عملاء منتج معين أو مجموع المنتجين للصنف محل الإعلان، قد تكون مسألة صعبة. إلا أن ما يمكن إثباته هو عدم مشروعية الإعلان مما يرتب المسؤولية .
  كذلك إن مسألة الأخذ بالضرر، المحتمل وقوعه مستقبلاً في إطار المنافسة غير المشروعة تجعل من إمكانية إثبات رابطة السببية أمر صعب، فالضرر لم يقع بعد، وقد تحدث أخطاء أخرى لاحقه للخطأ الأول المتطلب إثبات رابطة السببية بينه وبين الضرر، فإذا تعددت أفعال المنافسة غير المشروعة، والضرر محتمل وغير محقق بعد، فأي منها يمكن ربطه بالضرر.
  ونتيجة لصعوبة إثبات رابطة السببية فإن الغالب من الفقه لا يشترط إثباتها لقيام المسؤولية في دعوى المنافسة غير المشروعة. ذلك إنهم يرون- وبحق- إن دعوى حماية الحق في المنافسة، هي دعوى إصلاح بالمعنى الواسع لجبر الأضرار الناجمة عن الاعتداء على هذا الحق، مادية كانت أو أدبية، وأنها لا تتطابق تماماً في عناصرها مع دعوى المسؤولية المدنية التقصيرية، وأنه إذ قبل القضاء دعوى حماية الحق، حتى ولو لم يتحقق الضرر أو كان احتمالياً. أو صعب إثبات رابطة السببية، متى قام المدعى علية بمخالفة عرف المهنة وعاداتها، فتأخذ الدعوى طابع الزجر أو الردع باعتبارها أداه ضبط اقتصادي، تتسع لحماية الحق في المنافسة. وذلك لقدرتها على مواكبة التطورات الحديثة للنشاط الاقتصادي عامة. ( )
  


الفصل الثالث
دعوى المنافسة غير المشروعة وآثارها.
تمهيد وتقسيم:
  لقد جاء نص المادة (3) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، بإيضاح  ما يتعلق بدعوى المنافسة غير المشروعة من إجراءات في التقاضي، وما يترتب على هذه الإجراءات من أثار، فقد أعطى المشرع للمتضرر من أي فعل منافسة غير مشروعة الحق في المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر الفقرة (أ) من المادة (3) والتي جاء فيها: "لكل ذي مصلحة المطالبة عما لحقه من ضرر نتيجة أي منافسة غير مشروعة".
  وفي الفقرة (ب) من ذات المادة أجاز المشرع، تقديم طلب للمحكمة المختصة لاتخاذ إجراءات محددة هي وقف ممارسة تلك المنافسة، أو الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت، أو المحافظة على الأدلة ذات الصلة، وحدد المشرع وقت تقديم هذا الطلب بوقت إقامة الدعوى، أو تقديمه بصورة مستقلة قبل رفع الدعوى، واشترط شروط معينة إضافية هي: إثبات أن المنافسة غير المشروعة قد ارتكبت، أو أصبحت وشيكه وقد تلحق ضرراً لا يمكن تداركه، أو أنه يخشى من اختفاء الدليل عليها.
  وبذات الوقت رتب المشرع آثار معينة على إجابة المحكمة للطلب منها ما يتعلق بمقدم الطلب (المستدعي) ومنها ما يتعلق بالمستدعي ضده، ورتب المشرع على نتيجة الدعوى إضافة للتعويض في حال ثبوت أن المدعي محق بدعواه، أن للمحكمة مصادرة المنتجات موضوع المنافسة غير المشروعة، وفي حال ثبوت أنه غير محق فإن للمستدعي ضده الحق بالمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر، علماً بأن هذا الحق يستند بالأصل للقواعد العامة في المسؤولية عن الفعل الضار. فما مبرر إيراده في قانون المنافسة غير المشروعة؟!
  ولبحث هذه المسائل كافة وبشيء من التفصيل، نقسم هذا الفصل لمبحثين، نبحث في الأول إجراءات دعوى المنافسة غير المشروعة. ونبحث في الثاني آثار دعوى المنافسة غير المشروعة.
المبحث الأول
إجراءات دعوى المنافسة غير المشروعة
  عرف جمهور الفقهاء الدعوى بأنها " الوسيلة التي خولها القانون لصاحب الحق في الالتجاء إلى القضاء لتقرير حقه أو حمايته( ).
  فالدعوى إذاً وسيلة قانونية للتقاضي يستطيع صاحب الحق من خلالها اللجوء إلى القضاء لحماية حقه.
  ونظرية الدعوى تشغل مركزاً وسطاً بين القانون المدني وقانون أصول المحاكمات المدنية، إذ لا يكفي أن يحدد المشرع مدى حقوق المتداعيين بل لا بد له أيضاً من إيجاد الوسائل التي تمكنهم من إلزام الغير على احترامها، وهذه الوسائل تظهر للوجود وبأشكال مختلفة ولكن الدعوى تبقى أهم هذه الوسائل( ).
  وبوجه عام فقد حدد قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني( ). كل ما يتعلق بالدعوى سواء من حيث الأحكام العامة التي تخضع لها أو ما يتعلق بالاختصاص وكذلك إجراءات رفع الدعوى وقيدها، وما يتبع ذلك من إجراءات المحاكمة ونظر الدعوى وما يتخللها من طلبات ودفوع، وفيما يتعلق بدعوى المنافسة غير المشروعة نجد أن المشرع قد خصها بنصوص قانونية تبين إجراءات التقاضي فيها وذلك بنص المادة (3) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، وما لم يرد عليه نص في هذه المادة فإنه يرجع فيه إلى قانون أصول المحاكمات المدنية.
  أما عن تقديم الطلبات في دعوى المنافسة غير المشروعة فقد جاء نص الفقرة (ب) من المادة الثالثة بإجازة تقديم طلب مستعجل للمحكمة المختصة لاتخاذ إجراءات معينة، وحدد المشرع وقت تقديم الطلب بوقت إقامة الدعوى. إلا أنه عاد وبالفقرة (ج) من ذات المادة وأجاز تقديم طلب سابق على رفع الدعوى، ولكنه قيد إمكانية استجابة المحكمة لهذا الطلب بشروط لا بد من توافر أحدها.   
  ولدراسة الإجراءات التي يمكن أن يتضمنها الطلب سواء المقدم عند رفع الدعوى أو أثناءها أو المقدم قبل رفع الدعوى، ودراسة القيود المفروضة على طلب هذه الإجراءات التحفظية. نبحث ذلك في مطلبين، الأول نبحث                   في: الإجراءات التحفظية والتي يمكن أن يتضمنها الطلب، و الثاني نبحث فيه: قيود إجابة الطلب.  
المطلب الأول
الإجراءات التحفظية
  جاء نص الفقرة (ب) من المادة الثالثة على النحو التالي:
  لصاحب المصلحة عند إقامة دعواه المدنية المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة أو في أثناء النظر في هذه الدعوى أن يقدم طلباً إلى المحكمة المختصة مشفوعاً بكفالة مصرفية أو نقدية تقبلها لاتخاذ أي  من الإجراءات التالية: 
1. وقف ممارسة تلك المنافسة
2. الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت.
3. المحافظة على الأدلة ذات الصلة.
  والطلب القضائي بصفة عامة هو: طريق لاستعمال الدعوى للحصول على الحماية القانونية. وهو بصفة خاصة العمل القانوني أو الإجراء الذي يبديه شخص أمام المحكمة، ويمثل ادعاء في مواجهة خصمه ليحصل على حكم به( ). 
  والطلبات في الدعوى قد تكون طلبات أصلية: هي التي بموجبها تفتح الدعوى، فهي التي تنشئ الخصومة أمام المحكمة، وتحدد نطاقها من حيث الأطراف والموضوع والأسباب. أما الطلبات العارضة فهي التي تقدم أثناء نظر الدعوى، وتبدى بمناسبة دعوى قائمة، وتؤدي إلى التغيير أو الزيادة أو الإنقاص في موضوع الطلب الأصلي أو الأطراف أو السبب( ).
  أما الطلب التحفظي فهو طلب غايته اتخاذ تدابير وقائية، لحين الفصل في الدعوى، وهو طلب يتخذ صفة الطلب المستعجل، مما يعني أنه يدخل ضمن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، والذي يحكم بموضوع الطلب بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق، وقد حدد المشرع الأردني في المادة (32) من قانون أصول المحاكمات المدنية، المسائل التي تدخل ضمن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بما يلي:
1- المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات المدة.
2- النظر في طلبات تعيين وكيل أو قيم على مال أو الحجز التحفظي أو الحراسة ومنع السفر.
3- الكشف المستعجل لإثبات الحالة.
4- دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الاستشهاد به على موضوع لم يعرض بعد على القضاء ويحتمل عرضه عليه، ووفقاً لنص المادة(33) من قانون أصول المحاكمات المدنية، فإن النظر في المسائل المستعجلة يكون تدقيقاً دون حاجة لدعوة الخصوم إلا إذا رأت المحكمة أو القاضي خلاف ذلك. وأنه على مقدم الطلب أن يرفق به الوثائق التي يستند إليها في طلبه، وللمحكمة تكليفه بتقديم تأمين نقدي أو كفالة مصرفية أو عدليه تحدد المحكمة نوعها ومبلغها، ذلك لكي يضمن العطل والضرر الذي قد يلحق بالمستدعى ضده إذا ظهر أن المستدعي غير محق في طلبه. ويعد القرار الصادر بقبول الطلب المستعجل قراراً وقتياً على ذمة الدعوى ولحين الفصل فيها.
وقد أعطى المشرع الاختصاص في نظر الدعاوى المستعجلة لمحكمة البداية باعتبارها صاحبة ولاية عامة في القضايا التي لا تدخل في اختصاص محكمة أخرى بمقتضى أي قانون نافذ، وأيضاً نظر الطلبات المستعجلة والفصل فيها يعد وفقاً لنص المادة(30) من قانون أصول المحكمات المدنية، اختصاصاً نوعياً لمحكمة البداية مهما تكن قيمة الدعوى أو نوعها، وجاء بنص المادة(31) أن قاضي الأمور المستعجلة هو رئيس محكمة البداية أو من يقوم مقامه أو من ينتدبه  لذلك سواء من قضاة محكمة البداية أو من قضاة محكمة الصلح في الدعاوى التي تدخل ضمن اختصاص قاضي الصلح ابتداء.
  وبعد هذا العرض الموجز لنصوص قانون أصول المحكمات المدنية بما يتعلق بالطلبات المستعجلة. نبحث الإجراءات التي يمكن أن يتضمنها الطلب المستعجل في دعوى المنافسة غير المشروعة والواردة بنص المادة(3/ب).

أولاً / وقف ممارسة المنافسة غير المشروعة.
  وقف الممارسة يعني وقف الأعمال التي تشكل منافسة غير مشروعة وفقاً لنص المادة(2) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية. وهذه الأعمال قد تتخذ صورة أعمال تؤدي إلى اللبس بين المحلات المتنافسة أو صورة الادعاءات المغايرة للحقيقة، والتي تسبب نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين، أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري، أو استخدام بيانات تؤدي إلى تضليل الجمهور فيما يتعلق بطبيعة المنتجات أو طريقة صنعها أو خصائصها أو كمياتها، أو أي فعل منافسة غير مشروع يتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية.
  ويمكن لنا تصور قيام أحد الأفعال السابقة من خلال عدة أمور منها على سبيل المثال  تقليد علامة تجارية، أو أسم تجاري أو استخدام أسلوب الإعلان الكاذب، أو وضع بيانات غير صحيحة على المنتجات، وطلب وقف ممارسة المنافسة غير المشروعة والتي قد تتخذ أحدى الصور السابقة، يمكن أن يكون من خلال وقف إنتاج المنتج الذي يحمل علامة تجارية مقلده أو وقف بيعه أو وقف تقديم الخدمة التي ينطوي تقديمها على إحدى صور المنافسة غير المشروعة، أو وقف بث الإعلان الكاذب أو المضلل.
  وطلب وقف المنافسة غير المشروعة. قد يثير مشكلات عديدة، أهمها أن الطلب يتخذ صفة الطلب المستعجل، مما يعني أنه يجب البت فيه دون مساس بأصل الحق، وهو بذاته يمس بأصل الحق ذلك أن مسألة البت في كون الفعل المرتكب مشروع أو غير مشروع، لا بد للبت بها من وزن البينات، وقد يلزم اللجوء لأهل الخبرة، فكيف يتخذ إجراء وقف ممارسة المنافسة باعتباره إجراء وقتي قبل الفصل بالدعوى بصورة نهائية.

ثانياً / الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت.
  يقصد بالحجز التحفظي بوجه عام: ضبط المال ووضعه تحت يد القضاء ومنع المحجوز عليه من التصرف به أو تهريبه لأن في ذلك ضرر بحقوق الحاجزين، وحتى ينتهي النزاع المتعلق بأساس الحق( ).
  وللحجز التحفظي وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية، مفهوم وأحكام تختلف عن مفهومه وفقاً لقانون المنافسة غير المشروعة؛ ذلك أن الحجز المقصود وفقاً لنصوص المواد من(141) إلى (152) من قانون أصول المحاكمات المدنية هو الحجز الذي يستند فيه طالب الحجز إلى وجود دين معلوم المقدار ومستحق الأداء وغير مقيد بشرط، ويتم الحجز على أموال المدين بحدود ما يفي بمقدار الدين والرسوم والنفقات، فهو حجز احتياطي غايته التمهيد للتنفيذ على أموال المدين واقتضاء الدين المثبت بسند أو حكم قضائي أو قرار تحكيم.
  أما الحجز التحفظي المقصود وفقاً لنص المادة(3/ب/2) من قانون المنافسة غير المشروعة، فإنه حجز على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت ويفهم من هذا أن المقصود حجز المواد والمنتجات التي يمكن من خلالها إثبات فعل المنافسة غير المشروعة، أو التي تشكل جسم المنافسة غير المشروعة. مما يجعل مفهوم الحجز التحفظي هنا أقرب إلى مفهوم حفظ الأدلة التي يخشى من إخفاءها أو إتلافها، فليس المقصود حفظ مال المدين بما يكفي لسداد الدين المستحق للدائن طالب الحجز كما في قانون أصول المحاكمات المدينة. وإنما بقصد إثبات المنافسة غير المشروعة.
  وقد تأكدت التفرقة السابقة بين مفهومي الحجز التحفظي في كلا القانونين من خلال قرارات عديدة للقضاء الأردني، إذ جاء في أحد القرارات:(...إذا استندت الجهة المستأنف عليها(المستدعية) في المسألة المقدمة لقاضي الأمور المستعجلة لغايات حجز البضاعة حجزاً تحفظياً حال التخليص عليها إلى المادة(141) من قانون أصول المحاكمات المدنية رقم(24/1988) المعدل بقانون رقم (14/2001) وإلى المادتين(3،2) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم(15/2001) وإلى أحكام وقوانين أخرى على اعتبار أنها هي الوكيل الوحيد لمنتجات الشركة الهولندية.... وإن الجهة المستأنفة استوردت هذه البضاعة التي تحمل ذات العلامة التجارية، وفي ذلك نجد أن أحكام المادة(141) من قانون أصول المحاكمات المدنية المعدل، المتصلة بالحجز الاحتياطي على أموال المدين لمصلحة الدائن لا تنطبق على المسألة موضوع الطلب على اعتبار أنه لا يتصل بدين مشغولة به ذمة المدين. وإن مجرد الاستيراد لبضاعة تحمل ذات العلامة منشأها من الخارج باعتبار أن لهذه البضاعة وكيل محلي لا يبرر وقف إجراءات التخليص وضبط هذه البضاعة ضمن إطار أحكام قانون المنافسة عير المشروعة والأسرار التجارية، ذلك أن ظاهر البينة لا توحي بتوافر منافسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية والتجارية... كما لا توحي بمنافسة غير مشروعة متصلة بعلامة تجارية... تؤدي إلى تضليل الجمهور...) ( ). وجاء في قرار آخر) أجازت المادة(3) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية، لصاحب المصلحة طلب الحجز الاحتياطي على المواد ذات العلاقة طالما أن هنالك خشية من اختفاء الدليل على المنافسة أو إتلافه، وطالما أن ظاهر البينة المقدمة من المستأنف عليها يثبت هذا الخطر...يقع الحجز الاحتياطي... على كامل المواد والمنتجات المدعى بأنها مقلدة،... إن قيمة الدعوى المقدرة لا علاقة لها بشمول الحجز لكافة البضاعة المقلدة، ذلك أن التقيد بقيمة الدعوى يكون في حالة إذا كان المدعي به ديناً، أما إذا كانت الدعوى مؤسسة على أن البضاعة المطلوب الحجز عليها هي جسم المنافسة غير المشروعة، فإن الحجز يشمل كامل البضاعة بغض النظر عن تقدير قيمة الدعوى طالما أن تقدير قيمة الدعوى هو لغايات الرسوم) ( ).
  وقد أكدت محكمة التمييز ذلك من خلال عدة قرارات لها حيثُ ورد بأحد القرارات:-(يعتبر طلب الحجز التحفظي الذي يقدم استناداً للمادة(3) من قانون المنافسة غير المشروعة ما هو إلا تطبيق للمسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت وفقاً لأحكام المادة(32/أ) من قانون أصول المحاكمات المدنية وإن القرار الصادر بمثل هذا الطلب هو قرار مستعجل يصدر على ذمة الدعوى الموضوعية ولحين الفصل فيها عملاً باحكام المادة 33/3 من قانون أصول المحاكمات المدنية...) ( ).
  ومما يؤكد اختلاف مفهوم الحجز التحفظي والسابق بيانه أن المشرع في قانون المنافسة غير المشروعة وبعد أن أجاز تقديم طلب الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة، عاد وأجاز بالفقرة(هـ) من المادة(3) للمحكمة أن تقرر مصادرة المنتجات موضوع المنافسة غير المشروعة، والمواد والأدوات المستعملة فيها بصورة رئيسية، وللمحكمة أن تقرر إتلاف أي منها أو التصرف بها في أي غرض غير تجاري. والمشرع هنا كما نلاحظ قد أخضع المواد والمنتجات ذات العلاقة بفعل المنافسة غير المشروعة إلى شكلين مختلفين من الإجراءات؛ ففي البداية أجاز إيقاع الحجز التحفظي عليها وهو إجراء مؤقت ووقائي خوفاً من إخفاءها أو إتلافها من قبل مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة. ثم عاد وأخضع ذات المواد لإجراء جوازي للمحكمة بمصادرة هذه المواد وإتلافها أو التصرف بها بطريق غير تجاري، وهذا إجراء علاجي هدفه إعدام وجود مقومات فعل المنافسة غير المشروعة وهو يشكل صورة من صور العقوبة التي يمكن إيقاعها على مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة بعد ثبوت ارتكابه للفعل.
  وقبل الانتهاء من بحث الحجز التحفظي لا بد من الإشارة إلى إمكانية تقديم طلب الحجز التحفظي وفقاً لمفهومه الوارد في قانون أصول المحاكمات المدنية بطلب مستعجل في دعوى المنافسة غير المشروعة. وذلك ليضمن المستدعي الحصول على التعويض اللازم لجبر ضرره الناجم عن فعل المنافسة غير المشروعة، وذلك في حالة أن يوجد لديه من البينات ما يثبت بصورة واضحة، وقوع فعل المنافسة غير المشروعة، كما في حالة تزوير أو تقليد علامة تجارية مسجلة. ووجود بينات يثبت من ظاهرها قيام فعل التزوير أو التقليد. وفي هذه الحالة يكون نطاق الحجز التحفظي لغايات تعويض المتضرر.





ثالثاً/ المحافظة على الأدلة ذات الصلة.
  وهذا الإجراء يتحدد من حيث محتواه تبعاً لكل حالة على حده، والفرض هو وجود ثمة أدلة على حالة منافسة غير مشروعة يخشى ألا تكون متوفرة في وقت نظر القاضي بينات الأطراف. فيهدف الطلب إلى حفظ هذه الأدلة، كالاستماع لشاهد يخشى سفره أو إجراء كشف إثبات حالة أو نحوه ( ).
  ونجد أن هذا الإجراء ينسجم مع طبيعة الاستعجال الذي أورد المشرع أحكامه التفصيلية في قانون أصول المحاكمات المدنية، ويحقق الغاية من اتخاذ الإجراء المستعجل في المسائل التي حددتها المادة(32) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتي تتضمن المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت أو تعيين وكيل أو قيم على مال أو الحجز التحفظي أو الحراسة أو منع السفر والكشف المستعجل لإثبات الحالة، وسماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الاستشهاد به.
  والأدلة ذات الصلة بفعل المنافسة غير المشروعة تتطلب المحافظة عليها بطلب مستعجل إذا كانت قابلة للتبديل والتغيير أو عرضة للزوال أو يخشى من ضياع آثارها كلها أو بعضها وبعكس ذلك تنتقي دواعي الاستعجال وينعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة للنظر في الطلب( ).

المطلب الثاني
شروط الطلبات المستعجلة في دعوى المنافسة غير المشروعة
  يقوم القضاء المستعجل على فكرة الحماية العاجلة التي لا تكسب حقاً ولا تهدره، لأن القضاء المستعجل يفصل في الإجراء الوقتي دون المساس في موضوع النزاع. ولا يحوز الحكم الصادر فيه حجية الأمر المقضي به أمام محكمة الموضوع( ). لذا فإن القرارات المستعجلة وأياً كان موضوعها يشترط فيها:
1- شرط الاستعجال.
2- عدم المساس بأصل الحق.
  وفيما يتعلق بشرط الاستعجال فإنه بالرغم من عدم تحديد المشرع للمقصود بالاستعجال إلا أن قضاء محكمة الاستئناف الأردنية قد جاء فيه بشأن شرط الاستعجال: "أنه يشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر دعوى الكشف المستعجل لإثبات الحالة المنصوص عليها في المادة(32/3) من قانون أصول المحكمات المدنية الخوف من فقدان وضياع معالم واقعة يحتمل أن تكون محل نزاع أمام القضاء فإن كانت لا تتغير حالها أثناء رؤية الدعوى فإنها تخرج عن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، والاستعجال هو الخطر المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده. فإن فقد الطلب صفة الاستعجال أصبح قاضي الأمور المستعجلة غير مختص نوعياً للنظر بالطلب. ويجب أن يكون قرار قاضي الأمور المستعجلة معللاً ومسبباً ومذكرواً به مدى توافر ركن الاستعجال ..." ( ) 
  إذاً فالاستعجال يتوافر في كل حالة يراد منها درء ضرر مؤكد قد يتعذر تدراكه أو إصلاحه إذا حدث، كإثبات حالة مادية قد تتغير أو تزول مع الزمن، أو المحافظة على أموال متنازع عليها، فالاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المطلوب حمايته ومن الظروف المحيطة به لا من فعل الخصوم أو اتفاقهم على إيجاده، فلا يوجد استعجال لمجرد رغبة رافع الدعوى في الحصول على حكم في طلباته على وجه السرعة ( ).
أما عن شرط عدم المساس بأصل الحق، فيقصد بأصل الحق: "كل ما يتعلق به وجوداً أو عدماً، فيدخل في ذلك ما يمس بصحته أو يؤثر في كيانه أو يغير فيه أو في الآثار القانونية التي رتبها له القانون أو قصدها المتعاقدان" ( ). ويقصد بالحق الممنوع على قاضي الأمور المستعجلة المساس به: " السبب القانوني الذي له أن يغير أو يعدل من مركز أحد الطرفين القانوني بل عليه أن يبقي جوهر النزاع سليماً لتفصل فيه محكمة الموضوع" ( ).
  وجاء في قضاء محكمة الاستئناف الأردنية بشأن عدم جواز المساس بأصل الحق:( يحكم قاضي الأمور المستعجلة مع عدم المساس بأصل الحق، في عدة أمور منها الكشف المستعجل لإثبات الحالة، وفي أي مسألة من المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت بحسب حكم المادة (32) من قانون الأصول المدنية. إذا كان الطلب يمس أصل الحق فإن على قاضي الأمور المستعجلة إصدار قرار برد الطلب لعدم الاختصاص وليس رفض الطلب) ( ). وفي تحديد محكمة الاستئناف لأصل الحق قضت بأنه: (يشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة شرطا الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، وذلك بأن يكون القرار الذي يصدره وقتياً أي إجراء لا فصلاً في أصل الحق، وإن معنى أصل الحق هو: ( كل ما يتعلق بالحق وجودا ًوعدماً، فيدخل في ذلك ما يمس صحته أو يؤثر في كيانه أو يغير فيه أو في الآثار القانونية التي رتبها القانون وقصدها المتعاقدان) ( ).
  أما عن شرط اتخاذ إجراء مستعجل في دعوى المنافسة غير المشروعة فنجد أن المشرع كان حريصاً على تقييد الإجراءات الوقتية المستعجلة بقيد موضوعي هام، وهو ثبوت أي من الصور المحددة بالنص الصريح في الفقرة(ج/1) من المادة الثالثة، فالمنافسة غير المشروعة - المبررة لإجراء مستعجل- يجب:

1- أن يثبت ارتكابها.
2- أو أن يثبت أنها أصبحت وشيكة.
3- أو أن واقعة دعوى المنافسة تقوم على دليل يخشى اختفاءه أو إتلافه.
  واشتراط ثبوت هذه الحالات يعني توفر بينات صالحة تظهرها وأن القاضي وقف على هذه البينات. ومرد هذا القيد على الإجراءات الوقتية في هذه الدعوى، مبررات تتفق مع طبيعة منازعات المنافسة غير المشروعة ومع دور التشريع في تنظيم المنافسة، والذي يعدّ أداة لتكريس معيار التوازن بين الحق في العمل الحر والاتجار الحر وبين وجوب الممارسة المشروعة، وكذلك حرص المشرع على عدم تحول التشريع أداة لهدر قواعد التنافس الحر الشريف، وأداة في يد من يرغب بالأضرار بمنافسيه من خلال الدعاوى الكيدية( ). 

  ولكن ما نلاحظه أن المشرع قد اكتفى بالفقرة(ب) من المادة الثالثة باشتراط تقديم كفالة مصرفية أو نقدية تقبلها المحكمة عند تقديم الطلب لاتخاذ إجراء مستعجل عند رفع الدعوى أو أثناء نظرها، في حين أنه لم يكتفي باشتراط الكفالة بل أضاف إليها القيد الموضوعي المتعلق بإثبات الحالات الواردة بالفقرة(ج) من ذات المادة، وذلك في حالة تقديم الطلب بصورة مستقلة وقبل رفع الدعوى، فهل هنالك من مبرر لاختلاف الشروط لذات الإجراء الوقتي؟ بحسب وقت تقديمه؟                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 
حقيقة أن مبرر هذا الاختلاف الظاهري، هو أنه في حالة تقديم الطلب عند رفع الدعوى أو أثناء نظرها، فأن من الطبيعي أن يكون المدعي قد                                                                                                                                                                                                                                                                                     قدم بيناته التي تثبت دعواه، والتي تمكن القاضي عند نظره في طلب اتخاذ إجراء مستعجل، من الوقوف على هذه البينات وإصدار قراره بناء على قناعته بجديتها، أما عند تقديم الطلب وبصورة مستقلة وقبل رفع الدعوى فإنه لا بد من ثبوت الحالات التي يمكن بتوافر أحدها أن يكون هنالك مبرر لاتخاذ الإجراء المستعجل.    
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 وعليه فإن القيد الموضوعي لا يختلف في الفقرة(ج) عنه بالفقرة(ب)، ففي الحالتين سواء قدم طلب عند رفع الدعوى أو أثناء نظرها أو قدم الطلب بصورة مستقلة فإنه لا بد من ثبوت شرط الاستعجال المتمثل بوجود الخطر أو أنه أصبح وشيك الوقوع أو أنه يخشى اختفاء الدليل عليه.
  وقد أضاف المشرع شرطاً آخر ليس لاتخاذ الإجراء المؤقت وإنما شرط لاحق على اتخاذ هذا الإجراء، ويتمثل بحالة إذا قدم الطلب بصورة مسبقة على إقامة الدعوى، فإنه يتعين على من قدم الطلب أن يرفع الدعوى خلال ثمانية أيام من تاريخ استجابة المحكمة لطلبة، وإلا فإن جميع الإجراءات الوقتية التي تم اتخاذها بناء على الطلب تعدّ ملغاة( )، ويحق لمن قدم الطلب بمواجهته أن يطالب مقدم الطلب بالتعويض عما لحقه من ضرر( ).
  وأخيراً، وفيما يتعلق بالطعن في القرار التحفظي، فقد أعطى المشرع للمستدعي ضده الحق باستئناف قرار اتخاذ الإجراءات التحفظية لدى محكمة الاستئناف خلال ثمانية أيام من تاريخ تبلغه أو تفهمه للقرار ويكون قرارها قطعياً( ). وبالرغم من أن النص صريح على عدم خضوع قرار اتخاذ الإجراءات التحفظية للتمييز إلا أنه في الواقع العملي نجد أن محكمة التمييز منحت الأذن بتمييز القرار رقم 1/2001، الصادر عن محكمة استئناف حقوق عمان والذي تضمن فسخ القرار المستعجل، الصادر عن محكمة بداية حقوق عمان/قاضي الأمور المستعجلة، والمتضمن إلقاء الحجز التحفظي على كافة البضائع والمنتجات والأدوات ومواد التغليف التي تحمل العلامة التجارية(ميركوري) و(ميركوري لايت)، وضبطها أينما وجدت. بالرغم من أن قرار محكمة الاستئناف هذا قرار قطعي وفقاً للنص، إلا أنه قد منح أذن تمييز، وفعلاً نظرت محكمة التمييز الطعن المقدم من مالكه العلامة التجارية (فايسوري)ولكنها بالنتيجة قررت صحة قرار محكمة الاستئناف وصدقت قرارها بإلغاء الحجز التحفظي( ).

المبحث الثاني
آثار دعوى المنافسة غير المشروعة (التعويض)
  أعطى المشرع لكن ذي مصلحة الحق بالمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة منافسة غير مشروعة، وكذلك أعطى المتضرر من الإجراء التحفظي أو من الدعوى غير المحقة، الحق بمطالبة طالب الإجراء أو المدعي بدعوى المنافسة غير المشروعة بالتعويض.
  وعليه فإن دعاوي طلب التعويض عن الضرر تتخذ ثلاث صور بالاستناد إلى سبب طلب التعويض، وهي: دعوى التعويض عن الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة، ودعوى التعويض عن الضرر الناجم عن الإجراء التحفظي، ودعوى التعويض عن الدعوى التي ثبت أنها دعوى غير محقة. ونبحث هذه الصور في مطلبين، الأول نبحث فيه دعوى التعويض عن الضرر الناجم عن دعوى المنافسة غير المشروعة، والثاني نبحث فيه دعاوي التعويض عن الطلبات التحفظية والدعوى غير المحقة.
المطلب الأول
دعوى التعويض عن الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة
  وأطراف هذه الدعوى هم: المدعي:"وهو كل شخص ذي مصلحة لحقه ضرر نتيجة المنافسة غير المشروعة"( ). والشخص المتضرر هنا قد يكون شخصاً طبيعياً كالتاجر الفرد أو شخصاً اعتبارياً كالشركة التجارية( ). ويجب أن يكون للمدعي مصلحة مشروعة وقائمة يقرها القانون. والمدعى عليه، وهو: مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة.
وتخضع دعوى المنافسة غير المشروعة لذات الشروط العامة لقبول الدعاوى، ومن أبرزها شرط المصلحة، ووفقاً للقواعد العامة فإنه لا دعوى بدون مصلحة، فالمصلحة هي مناط الدعوى، وقد أكد المشرع على هذا الشرط في     المادة (3) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتي تنص على:
1. " لا يقبل أي طلب لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون.
2. تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه".
  وكذلك أكد المشرع على ضرورة توافر المصلحة في دعوى المنافسة غير المشروعة، فقد جاء نص الفقرة (أ) من المادة الثالثة على أنه: " لكل ذي مصلحة المطالبة عما لحقه من ضرر نتيجة أي منافسة غير مشروعة".
  وقد اجمع الفقه والقضاء على أن أهم شروط قبول الدعوى هو المصلحة( ). وشرط توافر المصلحة يتعلق بالمدعي باعتبار أنه الخصم الذي يقيم الدعوى فينبغي أن تكون له سلطة إقامتها( ). وشرط المصلحة في دعوى المنافسة غير المشروعة يتمثل بحق المنافس في عدم الاعتداء على حقه بالتنافس الحر المشروع، وبعدم الاعتداء على القيم التنافسية لديه، كالاعتداء على سمعته التجارية أو على علامته التجارية... وقد أقرت محكمة التمييز شرط توافر المصلحة لدى المدعي في دعوى المنافسة غير المشروعة في قرارات عديدة لها فقد جاء في أحد قراراتها أنه: " إذا كانت المدعية الأولى شركة عبير وعزه حماد موزع لبضائع المدعية الثانية شركة جان سبورت والتي تحمل العلامة التجارية JAN SPORT  وبأن المدعية شركة عبير وعزه حماد بهذه الصفة صاحبة مصلحة في إقامة هذه الدعوى طبقاً للمادة (3/أ) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية"( ).
  كذلك وفي مجال دعوى المنافسة غير المشروعة في العلامة التجارية فقد ورد في قانون العلامات التجارية الأردني. وفي المادة (22) منه أنه: "...يجوز لأي شخص ذي مصلحة أن يطلب من المسجل إلغاء تسجيل أي علامة تجارية مسجلة لغيره إذا لم يستعملها فعلياً بصورة مستمرة خلال السنوات الثلاث التي سبقت الطلب.....". وفي مجال تطبيق محكمة العدل الموقرة لهذا النص، في الدعوى التي رفعتها شركة خرفان أخوان – سبق الإشارة إليها – تطلب فيها شطب العلامة التجارية VICEROY باعتبار أن الشركة مالكه العلامة لم تستخدمها خلال السنتين التي سبقت تاريخ رفع الدعوى، وهي المدة التي كان يعتد بها لطلب شطب العلامة من كل ذي مصلحة. إلا أنها عدلت لتصبح ثلاث سنوات. وقد جاء في قرار محكمة العدل العليا: ".....وحيث أن محكمتنا ترى أن شرط المصلحة هو شرط أساسي لقبول الدعوى وأن هذه المصلحة يجب أن تكون مباشرة وشخصية ومشروعة ومحمية قانوناً،......" فإن وضع الشركة المستدعية لا يتمتع بالحماية وبالتالي لا تتوفر المصلحة القانونية المشروعة لتمكنها من إقامة هذه الدعوى..... وحيث أنه على ضوء سالف البيان ولعدم توفر المصلحة دون حاجة لبحث أسباب الدعوى والدفوع، تقرر المحكمة بالأكثرية رد الدعوى". ( ).
  وترفع دعوى المنافسة غير المشروعة ضد التاجر أو المنافس الذي ارتكب فعل المنافسة غير المشروعة، بالإضافة إلى من اشترك معه في هذا الفعل أو الأفعال شريطة علم الأخير بعدم مشروعية الفعل أو كان بإمكانه أن يعلم ذلك( ). كما يسأل التاجر أو المنافس عن الضرر الذي يسببه تابعيه الذين يستعين بهم في ممارسة نشاطه الصناعي أو التجاري، طالما كان فعلهم غير المشروع قد وقع منهم حال تأديبهم وظيفتهم أو بسببها( ).
  فإذا ما توافرت أركان المسؤولية، وتكاملت عناصرها وتأكد القضاء من وجودها، فإن البحث يصبح في الكيفية التي يمكن بها جبر الضرر الذي أصاب المنافس بسبب الاعتداء على حقه بالمنافسة وعلى قيمة التنافسية، فيكون ذلك بالتعويض، كون هذه الدعوى ووفقاً لأساسها في قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، هي دعوى تعويض عن فعل المنافسة غير المشروعة.
  ولخلو قانون المنافسة غير المشروعة من أحكام التعويض في هذه الدعوى، فأنه يرجع في تحديد نوع التعويض وشروطه وأسس تقديره إلى القانون المدني.
  وبما أن الوظيفة الإصلاحية للتعويض ترمي إلى كفالة التعويض للمضرور بحيث يجبر ضرره فعلياً( ). فأنه لا بد من أن يتم التعويض عن الضرر الناجم عن فعل المنافسة غير المشروعة بصورة تكفل للمضرور جبر ما لحقه من ضرر، ويتم ذلك من خلال تحديد الضرر ابتداء ومن ثم تحديد الوسيلة الكفيلة بجبره، وسنبحث هذه المسائل وفقاً لقواعد تعويض الضرر في القانون المدني الأردني، وبحدود ما يتفق منها مع طبيعة الضرر في دعوى المنافسة غير المشروعة.
  وأساس التعويض في دعوى المنافسة غير المشروعة، هو الاعتداء على قيم المنافس، سواء كانت قيماً شخصية، حيث يكون الضرر معنوياً وتكون ضوابط تحديده مرنة إلى حد كبير، وقد يكون الاعتداء على قيم مادية يسهل تحديد التعويض عنها، وقد يكون الاعتداء على أموال معنوية تمثل قيماً لا يستهان بها للمشروع المنافس المعتدى عليه( ). فالاعتداء والضرر الناجم عنه يأخذ صوراً متعددة مما يترتب عليه اختلاف في نوع التعويض اللازم في كل حالة على حده.
  إذاً فالاعتداء على القيم الشخصية للتاجر المنافس، كاستخدام وسائل التشويه بإذاعة معلومات الهدف منها التقليل من شأن المنافس، أو بعث عدم الثقة والشك حول شخصه، مما يؤثر على سمعته أو شرفه أو مركزه الاقتصادي، كأن يذاع عنه أنه يعاني أزمات مالية وعلى وشك الإفلاس، أو أنه ينتمي إلى جنسية دولة معادية أو يعتنق مذهب سياسي مكروه( )، أو أن أخلاقه سيئة وما إلى ذلك من إشاعات غايتها الإساءة الشخصية للتاجر المنافس، فأنه ينجم عن مثل هذا الاعتداء ضرر أدبي يلحق بالمنافس، وقد يمتد أثر هذا الضرر ليؤثر على تجاره هذا المنافس فيحجم الناس عن التعامل معه مما يلحق به ضرراً مادياً إضافة إلى ما لحقه من ضرر أدبي. والتعويض يشمل الضرر الأدبي والمادي معاً( ).  
  أما عن الاعتداء على القيم المادية للمنافس، كأن يشاع عن منتجات المنافس أنها رديئة الإنتاج أو تحتوي على مواد مضرة بالصحة، أو محرمة وفقاً للدين، أو أن استخدامها يشكل خطورة معينة، أو قد يتم الاعتداء على المنتجات من خلال إجراء المقارنات بينها وبين منتجات مرتكب فعل الاعتداء بهدف التقليل من قيمتها، وصرف العملاء عن التعاطي بها، مما ينجم عنه ضرر مادي يتمثل  بانصراف العملاء عن هذه المنتجات، وقد يكون الاعتداء على الأموال المعنوية كالعلامة التجارية أو الاسم التجاري، سواء تم ذلك باستعمال ذات العلامة المملوكة للمنافس على منتجات مرتكب فعل الاعتداء، أو بتقليد العلامة، أو استخدام ذات الاسم التجاري أو اسم مشابه له، وينجم عن الاعتداء على هذه القيم ضرر مادي يلحق بالمنافس المعتدى على قيمة وأمواله المعنوية التي يرتكز عليها نشاطه التجاري.
  وبما أن الضرر الناجم من فعل المنافسة غير المشروعة، وقد يتخذ صورة الضرر الأدبي أو صورة الضرر المادي، إضافة إلى إمكانية قيام النوعين من الضرر في وقت واحد، وبما أن التعويض غايته جبر الضرر فهل بالإمكان التعويض في كلا الحالتين؟ وما هي طريقة التعويض وكيف يتم تقديره؟
  الضرر الموجب للتعويض هو الضرر المحقق، وليس الضرر الاحتمالي، والضرر المحقق هو الضرر الذي وقع فعلاً أو الذي سيقع حتماً( ). أما الضرر الاحتمالي فأنه في إطار دعوى المنافسة غير المشروعة، يمكن للقاضي أن يأمر باتخاذ إجراءات كفيله بمنع وقوعه مستقبلاً( ). ذلك أن دعوى المنافسة غير المشروعة – كما سبق لنا القول – هي دعوى وقائية إضافة لكونها دعوى علاجية تعمل على جبر ضرر المضرور.
  والإجراءات الوقائية التي يمكن الحكم بها لمنع وقوع الضرر، يمكن تصورها في حالات عديدة تم تنظيمها من قبل المشرع منها حالة منع تسجيل العلامة التجارية التي قد ينجم عنها لبس مع علامة تجارية أخرى مسجلة أو مشهورة، كذلك منع تسجيل الاسم التجاري المشابه لاسم سبق استخدامه من قبل منافس آخر، وإمكانية ضبط وحجز المنتجات التي تحمل علامة تجارية مشابهة لعلامة المنافس، إضافة إلى إمكانية تعديل العلامة أو الاسم لمنع وقوع اللبس في المستقبل.  
لذا فإن التعويض عن الضرر في دعوى المنافسة غير المشروعة، قد يأخذ صورة التعويض العيني أو التعويض بمقابل، والتعويض العيني، يعتبر أفضل طرق التعويض لأنه يؤدي إلى إصلاح الضرر إصلاحاً تاماً بإعادة الحال إلى ما كان عليه( ). فيجوز للقاضي بناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه( )، ومثال ذلك أن يأمر القاضي بإزالة الاسم التجاري أو التسمية المبتكرة التي استخدمها المنافس دون وجه حق، أو يأمر بنزع العلامة التجارية المقلدة عن بضائع المنافس المعتدي، أو بإزالة الإعلانات والملصقات التي تسيء إلى سمعة التاجر المضرور( ).
  أما عن التعويض بمقابل، فإنه أما أن يكون تعويضاً غير نقدي، أو تعويضاً نقدياً( ). ويكون التعويض غير النقدي غالباً في حالات الضرر الأدبي الذي يمس بسمعة المنافس وشرفه ويكون من خلال نشر الحكم القاضي بإدانة المدعي عليه مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة بالصحف وعلى نفقته الخاصة، مما يمكن معه اطلاع الجمهور أو كل من تأثر بما أشيع حول سمعة المنافس المضرور، على عدم صحة ما تم أشاعته وبالتالي إعادة الاعتبار إليه.
  أما التعويض النقدي، فإنه يقدر بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب، بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار( ). وبما أن الضرر المادي ينصب على نقص العملاء مما يؤدي إلى نقص مبيعات التاجر المضرور، ويمكن تقدير ذلك من خلال حساب إجمالي مبيعات التاجر قبل وقوع الفعل الضار ومقارنتها بحجم مبيعاته بعد وقوع الفعل الضار، إضافة إلى إمكانية حساب ما فات التاجر من فرص للكسب فيما إذا كان على وشك إبرام صفقات معينة لكنه نتيجة فعل المنافسة غير المشروعة المرتكب ضده لم يتمكن من إتمام إبرام هذه الصفقات، أو أن جهات تمويلية قد تراجعت عن منحه قروض لتمويل نشاطه نتيجة ما أشيع عن مدى ائتمانه. وتبحث هذه المسائل في كل حالة بحسب ظروفها.
  ويؤثر في مقدار التعويض، سلوك المعتدي عليه إذا كان قد سهل للمعتدي سبل الاعتداء على قيمه إذ يكون من واجبة المحافظة على هذه القيم( ) . 
    وفي حال تعدد المشتركين في الفعل الضار، فإن المسؤولية يتم توزيعها بينهم بحسب مشاركة كل منهم( ). مما يترتب عليه أن يكون كل منهم مسؤولاً عن تعويض المضرور بحسب مشاركة كل منهم، ويجوز للمحكمة أن تقضي يتساويهم أو بالتضامن والتكافل فيما بينهم( ). وقاعدة توزيع المسؤولية بحسب جسامة الخطأ (الفعل الضار) يجب أن تكون وجوبية متى استطاع القاضي أن يحدد مدى جسامة الخطأ لكل من الفاعلين، إذ لا يقبل أن تكون المسؤولية بالتساوي فيما بينهم في الوقت الذي يكون أحدهم قاصداً الأضرار بالمنافس بينما آخر قد لا يكون قاصداً أو ربما أرتكب خطأ يسيراً. وتجاهل القاضي لمسألة التفاوت في مدى مشاركة كل من المسؤولين عن الفعل الضار يؤدي إلى إهدار الحكمة من وضع المشرع لهذه الرخصة( ).
  ويمكن للمحكمة في حال عدم التمكن من تقدير التعويض بصورة نهائية، أن تحتفظ للمتضرر من فعل المنافسة غير المشروعة بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير( ). وحقيقة أن مسألة تحديد مبلغ التعويض المناسب والذي يكفل جبر ضرر المنافس المعتدي عليه، تعد مسألة يصعب فيها الجزم بمبلغ محدد، وذلك نتيجة الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة، ونتيجة لاختلاف القيم التنافسية من حيث قيمة كل منها، ومدى تأثيرها في نشاط المتنافس، إضافة إلى أن العنصر الأساسي في تقدير التعويض وهو مقدار الخسائر المتكبدة بالفعل يستند بالأصل إلى مدى الخسارة في عدد عملاء المنافس، وخسارة العملاء يصعب إثبات أنها نتيجة لفعل المنافسة غير المشروعة وحده، ذلك أن تغير أذواق واتجاهات العملاء، إضافة إلى تغير ظروفهم المادية، وإمكانية وجود سلع بمواصفات أفضل، كلها تشكل عوامل يمكن أن ينجم عنها انصراف العملاء عن منافس، وتوجههم إلى منافس آخر له دون اشتراط أن يقع ذلك نتيجة فعل منافسة غير مشروعة.
  وأخيراً فإنه يمكن للمحكمة بالإضافة إلى الحكم بتعويض المنافس المتضرر أن تحكم باتخاذ إجراءات كفيلة بمنع وقوع الضرر مرة أخرى، كأن تأمر بإغلاق المحل التجاري، أو تآمر بإضافة رمز إلى الاسم التجاري لتميزه عن الاسم التجاري المعتدي عليه أو تأمر بشطبه أو باتخاذ أي إجراء أخر مشابه. ويمكن أيضاً للمحكمة أن تقرر مصادرة المنتجات المقلدة أو المزورة أو التي تحمل بيانات أو علامات غير قانونية، إضافة إلى الأدوات المستعملة في فعل المنافسة غير المشروعة وللمحكمة أن تقرر إتلاف أي منها أو التصرف فيها في أي غرض غير تجاري( ). ونرى بهذا الخصوص أنه من الأفضل في حال إمكان ذلك أن يتم الأمر بتغيير أغلفة المنتجات التي تحمل العلامة المقلدة أو المزورة أو البيانات غير الصحيحة، بحيث تغلف بشكل يمنع وقوع اللبس والخلط، وتذكر عليها البيانات الصحيحة وذلك تحت رقابة المحكمة ومن خلال الاستعانة بأهل الخبرة في ذلك، ليصار بعد ذلك إلى بيعها ويتم احتساب قيمتها من ضمن المبلغ المحكوم به كتعويض. 

المطلب الثاني
دعاوي التعويض عن الطلبات التحفظية والدعوى غير محقة
  ورد بنص الفقرة(ج/4) من المادة الثالثة من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية أنه: " للمستدعي ضده المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر إذا ثبت أن المستدعي غير محق في طلبه باتخاذ الإجراءات التحفظية أو أنه لم يقيم دعواه خلال المدة المقررة في البند (2) من هذه الفقرة " وجاء بالفقرة (د) من ذات المادة أنه:(للمدعي عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر إذا ثبت بنتيجة الدعوى أن المدعي غير محق في دعواه).
  وعليه فإن للمدعي عليه (المستدعي ضده في الطلب) الحق في إقامة دعويين في مواجهة المدعي و(المستدعي في الطلب) ونبحثهما فيما يلي:

أولاً / دعوى التعويض عن الإجراء التحفظي المستعجل:
  لقد مر بنا سابقاً أن المشرع قد أعطى ذي المصلحة الحق بأن يقدم طلباً أما مستقلاً قبل رفع الدعوى، أو يقدمه مع الدعوى أو أثناء نظرها، يطلب فيه: وقف المنافسة غير المشروعة، أو الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة، أو حفظ الأدلة ذات الصلة، ويرفق في هذا الطلب كفالة نقدية أو مصرفيه تضمن جديته، ويكون مصير هذا الطلب متوقفاً على ما يقدمه المستدعي من أدلة وبينات تثبت أنه محق في طلبه، وقد ترد المحكمة هذا الطلب لعدم قناعتها بما قدمه من أدلة، أو توافق على الطلب وتأمر باتخاذ الإجراءات التحفظية، وعندها يكون على المستدعي أن يقيم دعواه الموضوعية خلال ثمانية أيام من تاريخ إجابة الطلب وإلا فإن جميع الإجراءات المتخذة تعدّ باطلة.
  إذاً نجد أن الطلب المستعجل المتعلق باتخاذ الإجراءات التحفظية يرتب أثاراً خاصة به بحق المستدعي ضده ونبحث هذه الآثار في الفروض التالية: 
1- في حال رد المحكمة للطلب وعدم قبولها اتخاذ الإجراءات التحفظية، هنا وفيما يتعلق بالمستدعي فإن له الحق باستئناف قرار المحكمة لدى محكمة الاستئناف والتي أما أن تؤيد قرار محكمة الدرجة الأولى، وإما أن تفسخ القرار. أما فيما يتعلق بالمستدعي ضده فإنه عند رفض المحكمة الطلب وعدم إيقاع الحجز التحفظي فإنه لا يوجد ضرر يلحق به، مما يعني عدم توافر شروط رفع دعوى المطالبة بالتعويض عن طلب الإجراءات التحفظية لعدم اتخاذ هذه الإجراءات بالأصل.
2- في حال قبول المحكمة لطلب المستدعي، واتخاذها القرار بإيقاع الحجز التحفظي، استئناف القرار خلال مدة ثمانية أيام من تاريخ تبلغه أو تفهمه للقرار، ويكون قرارها قطعياً( ).
  وفي هذه الحالة نكون أمام أمرين: الأول، أن تؤيد محكمة الاستئناف قرار محكمة الدرجة الأولى القاضي باتخاذ الإجراءات التحفظية، وعندها لا يكون من حق المستدعي ضده رفع دعوى المطالبة بالتعويض عن اتخاذ الإجراءات التحفظية، إلا في حال انتهاء الخصومة والفصل في الدعوى الموضوعية،  وثبوت أن المدعي غير محق في دعواه، وعندها يكون للمستدعي ضده المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن اتخاذ الإجراءات إضافة لحقه في طلب التعويض عن الدعوى الموضوعية التي تبث عدم صحتها. أما الاحتمال الثاني فهو: أن تفسخ محكمة الاستئناف القرار المستعجل القاضي باتخاذ الإجراءات التحفظية، وهنا يكون من حق المستدعي ضده رفع دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن اتخاذ الإجراءات، ولا يكون المستدعى ضده ملزماً بانتظار نتيجة الدعوى الموضوعية.
3- في حال انتهاء مدة المهلة المعطاة للمستدعى لإقامة دعواه الموضوعية، دون أن يقيم هذه الدعوى، فقد أعطى المشرع المستدعي مهلة يجب عليه خلالها إقامة دعواه الموضوعية، وحدد هذه المهلة بثمانية أيام من تاريخ إجابة المحكمة لطلبة باتخاذ الإجراءات التحفظية، ورتب على تخلف المستدعي عن إقامة الدعوى خلال هذه المدة نتيجة مفادها أن تعتبر جميع الإجراءات المتخذة بهذا الشأن ملغاة. وغاية المشرع من هذا أن يضمن جدية المستدعي في طلبه، والحرص من تقديم طلبات كيدية غايتها الأضرار بالمنافس المستدعى ضده.
  وقد يثور سؤال حول بدء سريان مهلة الثمانية أيام التي يجب خلالها إقامة الدعوى الموضوعية من قبل المستدعي، ذلك أن النص قد حدد بدء سريانها من تاريخ إجابة المحكمة للطلب، ولكن في حال استئناف قرار محكمة الدرجة الأولى القاضي باتخاذ الإجراءات التحفظية، فهل يؤدي استئناف القرار من قبل المستدعى ضده إلى قطع مدة الثمانية أيام المعطاة للمستدعي بحيث تبدأ مهلة جديدة تتحدد بتاريخ صدور قرار محكمة الاستئناف المؤيد لقرار محكمة الدرجة الأولى باتخاذ الإجراءات؟
  نرى أن تحديد المشرع لهذه المهلة، كانت الغاية منه ضمان جدية المستدعي في طلبه باتخاذ الإجراءات والحيلولة دون تقديم طلبات كيدية قد تلحق الضرر بالمنافس المستدعي ضده. لذا تبقى كما هي وتحسب من تاريخ إجابة محكمة الدرجة الأولى للطلب.
  أما فيما يتعلق بالتعويض المطالب به عن اتخاذ الإجراءات التحفظية فإنه يسري عليه ما تم تناوله عند بحث التعويض عن الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة، وعليه يمكن المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي الناجم عن اتخاذ إجراءات الحجز، والذي قد ينجم عن حجز البضائع، وعدم بيع المنتجات، وحجز مواد وأدوات الإنتاج وتوقف الإنتاج خلال مدة الحجز، إضافة إلى إمكانية المطالبة عن الكسب الفائت فيما لو كان هنالك صفقات لم يتمكن المستدعي ضده من إتمامها نتيجة اتخاذ إجراءات الحجز ضده. وأيضاً يمكن المطالبة عن الضرر الأدبي الذي لحق بسمعة المستدعى ضده نتيجة انتشار خبر الحجز على منتجاته أو بضائعه، مما قد ينجم عنه إساءة لسمعته التجارية، وإحجام الغير عن التعامل معه.
  ويكون الضرر المطالب بالتعويض عنه محققاً، فأما أن يكون قد وقع فعلاً نتيجة الحجز وما ترتب عليه من توقف في نشاط المنافس، أو أنه سيقع حتماً، نتيجة عدم تمكن المنافس الذي وقع الحجز على بضائعه ومنتجاته وأدوات الإنتاج لديه، من تلبية متطلبات السوق من هذه المنتجات، وبالتالي تأثر مركزه المالي فيما بعد. 
إلا أنه لا يمكننا تصور أن يتم المطالبة باتخاذ الإجراءات التحفظية المنصوص عليها في قانون المنافسة غير المشروعة، ذلك أن هذه الإجراءات تهدف بالأصل إلى حفظ المنتجات المقلدة أو الأدلة التي تثبت وجود منافسة غير مشروعة. في حين أنه يمكن للمنافس المدعي في دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن اتخاذ الإجراءات التحفظية غير المحقة ضده أن يطالب بإلقاء الحجز التحفظي على أموال المنافس المدعى عليه في هذه الدعوى، وذلك بالاستناد لقانون أصول المحاكمات المدنية وليس لقانون المنافسة غير المشروعة، باعتبار أنه يطالب بتعويض يمكن اعتباره ديناً في ذمة المدعي عليه.
  وقد شهد القضاء الأردني دعوى تعويض عن الضرر الناجم عن الطلب المستعجل باتخاذ إجراءات تحفظية، وذلك في الدعوى التي أقامتها شركة ميركوري ضد شركة فايسروي التي سبق لها أن تقدمت بطلب إيقاع الحجز التحفظي على كافة البضائع والمنتجات والأدوات ومواد التغليف التي تحمل العلامة التجارية ميركوري وميركوري لايت، لدى المدعى عليها، وضبطها أينما وجدت. وتم إلقاء الحجز، وتم استئناف القرار وتم فسخه، وبذلك تقرر إلغاء القرار المستعجل الذي قضى بحجز منتجاتها، ولا تزال كلا الدعويين - المقامة من فايسروي للتعويض عن المنافسة غير المشروعة، والمقامة من ميركوري للتعويض عن إضرار الحجز التحفظي- منظورتيين أمام القضاء( ).

ثانياً/ دعوى التعويض عن الضرر الناجم عن الدعوى الموضوعية.
  ونجد أن هذه الدعوى هي بالأصل مقررة وفقاً لنص المادة(256) من القانون المدني الأردني: "كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر". وردّ دعوى المنافسة غير المشروعة لعدم صحة الإدعاء ينشئ الحق للمدعي عليه في هذه الدعوى بأن يرفع دعوى تعويض عما لحقه من ضرر جراء الدعوى التي رفعت ضده وثبت عدم صحتها. وكان بإمكان المشرع الاكتفاء بما جاء في نص المادة (256) دون حاجة لإيراد هذا النص. ولكن خصوصية دعوى المنافسة غير المشروعة، وارتباطها بالنشاط الصناعي والتجاري، ونظراً لأهمية هذا النشاط فقد خصها المشرع بالنص عليها في قانون المنافسة وغير المشروعة وذلك لضمان جدية هذا النوع من الدعاوى، ومنع المتنافسين من إقامة دعاوى كيدية ربما يكون الهدف منها الإضرار بالمنافس المدعى عليه بحيث تكون الدعوى ذاتها صورة من صور المنافسة غير المشروعة.
  وفيما يتعلق بالتعويض في هذه الدعوى فإنه لا يختلف عما سبق تناوله، كونه تعويض عن فعل ضار(رفع دعوى غير محقة). لذا ومنعاً للتكرار نحيل إلى ما سبق لنا تناوله بهذا الخصوص.
وقبل ختام هذا البحث نشير إلى أن المشرع لم يحدد في قانون المنافسة غير المشروعة المحكمة المختصة بنظر دعاوى المنافسة غير المشروعة، إلا أنه بالاستناد لقواعد الاختصاص في قانون أصول المحكمات المدنية، وقانون محاكم الصلح رقم(15) لسنة 1952 وتعديلاته( )، نجد أن:(لقضاة الصلح النظر في:... دعاوي العطل والضرر بشرط أن لا يتجاوز قيمة المدعي به ثلاثة الاف دينار)( )   كما نصت المادة (30) من قانون أصول المحاكمات المدنية على: (تختص محكمة البداية بالنظر والفصل في الدعاوى التي لا تدخل في اختصاص محكمة أخرى بمقتضى أي قانون نافذ المفعول، كما تختص بالنظر والفصل في الطلبات المستعجلة وجميع الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها).
  وبالاستناد لهذين النصين يمكن القول أنه في دعاوي المنافسة غير المشروعة والتي لا تتجاوز قيمة المطالب فيه مبلغ ثلاثة الاف دينار.
  فإن محكمة الصلح التي يقع ضمن دائرتها موطن المدعي عليه، تكون هي المحكمة المختصة، أما في الدعاوى التي تتجاوز قيمة المطالبة منها الحد الصلحي فإن محكمة البداية التي تقع ضمن دائرة المدعي عليه تكون هي المحكمة المختصة. أما فيما يتعلق بالطلبات المستعجلة في هذه الدعاوى فإن الاختصاص هنا نوعي لمحكمة البداية سواء كانت قيمة الدعوى الموضوعية ضمن الحد الصلحي أم لا.
  وقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف فيما يتعلق بالاختصاص في دعوى المنافسة غير المشروعة أنه:(يستفاد من المادة الثالثة من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية، إنها لا تحدد اختصاصاً نوعياً لمحكمة بعينها لنظر هذا النوع من الدعاوى، وبالتالي فهي ليست من الدعاوى الغير محددة القيمة بل هي دعوى مطالبة بقيمة الضرر الجائز تقديره لغايات الرسوم، وطالما أن المستأنف عليه قد حصر قيمة دعواه بالحد الصلحي فلا قيد عليه بذلك)( ) . 

تــــــــم بحمــــــد اللـــــــه
 














الخاتمة:-
اتضح لنا في هذه الدراسة أن المنافسة التجارية مشروعة كأصل عام، ولكن قد يطرأ عليها ما يخرجها من دائرة المشروعية إلى دائرة عدم المشروعية، وذلك عند استخدام وسائل تنافسية غير مشروعة بذاتها.
وفي مجال دراستنا لقانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، نجد أن هذا القانون وإن كان بوجه عام يوفر الحماية اللازمة من كافة صور المنافسة غير المشروعة، إلا انه وبذات الوقت لا تخلو نصوصه من بعض الغموض وعدم الدقة، مما يقتضي إعادة النظر فيه. وفيما يلي نوجز أهم النتائج التي توصلنا لها في هذه الدراسة:-
1- المنافسة التجارية حق يحميه القانون، وعمل مشروع طالما كانت الوسائل المستخدمة فيه، وسائل تنافسية مشروعة، وتخرج المنافسة عن إطار مشروعيتها بمجرد استخدام وسائل تنافسية غير مشروعة بذاتها، فعدم مشروعية الوسيلة هو مصدر عدم مشروعية المنافسة.
2- إن الجدل الفقهي، حول تعريف المنافسة غير المشروعة، ناجم عن عدم تصدي المشرع لمسألة تنظيم المنافسة غير المشروعة في باديء الأمر، ونجد أن المشرع الأردني قد أحسن صنعاً بعدم وضع تعريف محدد للمنافسة غير المشروعة، وبوضعه للقاعدة العامة المحددة لما هو غير مشروع في مجال التنافس التجاري والصناعي، وبعد ذلك إيراده بعض صور المنافسة غير المشروعة على سبيل المثال لا الحصر، مما يتيح الحماية لكافة عناصر النشاط التجاري والصناعي من أي سلوك تنافسي غير مشروع، خاصة عندما تكون القوانين الخاصة بحماية هذه العناصر غير كافية بذاتها.
3- إن المشرع في قانون المنافسة غير المشروعة، قد حسم النقاش الفقهي حول الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة في النظام القانوني الأردني، حيث أعتبر أن إتيان أي ممارسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية، تشكل فعل منافسة غير مشروعة، وعليه فأساس هذه الدعوى يقوم على أساس المسؤولية عن الفعل غير المشروع، والفعل غير المشروع في هذا المجال هو فعل المنافسة غير المشروع بذاته.
4- أن المشرع قد وفر الحماية القانونية للعلامة التجارية غير المسجلة، وأعطى المتضرر- من الاعتداء عليها بوسائل تنافسية غير مشروعة- الحق برفع دعوى لطلب التعويض،  إلا أننا نرى أنه كان من الأفضل لو وجدت هذه الحماية ضمن نصوص قانون العلامات التجارية، كونه قانون خاص بذلك.
5- إن دعوى المنافسة غير المشروعة، هي دعوى مسؤولية مدنية عادية، مع مراعاة الطبيعة الخاصة بها والناجمة عن خصوصية الحق الذي تحميه هذه الدعوى، فهي ليست من الدعاوى المستعجلة، إلا أنه يمكن فيها تقديم طلبات تتخذ صفة الاستعجال، إما قبل رفع الدعوى، أو عند رفعها، أو أثناء نظرها.
6- عدم دقة النصوص الخاصة بالطلبات المستعجلة في دعوى المنافسة غير المشروعة؛ ذلك لتعارض ما تتيحه هذه النصوص من اختصاص لقاضي الأمور المستعجلة، مع طبيعة اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بوجه عام، وتقيّده بعدم المساس بأصل الحق. 
7- اختلاف مفهوم الحجز التحفظي، الوارد النص عليه في قانون المنافسة غير المشروعة، عن المفهوم العام للحجز التحفظي، وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية؛ ذلك أنه لا يقصد من وراء الحجز التحفظي الوارد في قانون المنافسة غير المشروعة، حجز الأموال بهدف التنفيذ عليها فيما بعد واقتضاء حق طالب الحجز من هذه الأموال، بل أن الغاية من الحجز هي ضبط المواد والمنتجات التي تثبت وقوع فعل المنافسة غير المشروعة.
8- يشترط في الضرر القابل لطلب التعويض أن يكون محققاً، إلا أنه لا يشترط تحقق الضرر لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة بوجه عام؛ ذلك أنه يمكن رفع الدعوى بهدف اتخاذ إجراءات لمنع وقوع المنافسة غير المشروعة، أو لوقفها، دون اشتراط أن يكون هنالك ضرر قد تحقق، حيث يكون الضرر احتمالي في بعض الحالات. أما فيما يتعلق بالضرر المحقق الموجب للتعويض، فلم يورد المشرع أحكاماً تنظم هذا التعويض، مما يقتضي الرجوع في ذلك إلى القانون المدني.
9- أن المشرع لم يقم الاختصاص بنظر دعاوى المنافسة غير المشروعة لمحكمة بعينها، مما يستوجب الرجوع في تحديد هذا الاختصاص لقواعد قانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون محاكم الصلح، وذلك بحسب قيمة الدعوى، ومكان وقوع فعل المنافسة غير المشروعة، أو مكان إقامة المدعى عليه... .

التوصيات:- 
1- ضرورة إعادة النظر من قبل المشرع، بنصوص قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الأردني، وخاصة ما يلي:-
‌أ) إلغاء نص الفقرة (4) من المادة (2/أ)؛ ذلك أن ما جاء في هذه الفقرة حول الممارسات التي قد تنال من شهرة المنتج أو تحدث اللبس، لا تخرج عما جاء في الفقرات السابقة (3،2،1)، أما فيما يتعلق بتظليل الجمهور حول ما يخص السعر، فإنه يمكن إضافته إلى الفقرات السابقة دون حاجة إلى إفراد نص خاص به.
‌ب) نقل الفقرة (ج) من المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة، والمتعلقة بحماية العلامة التجارية غير المسجلة، وإدراجها ضمن قانون العلامات التجارية فهو الموقع الأنسب لها، كونه قانون مختص بتنظيم وحماية العلامات التجارية بوجه خاص.
‌ج) تعديل نص المادة (3\ب وج) الخاصة بإجراءات التقاضي بحيث يزال الغموض وعدم الدقة الظاهر فيها، بما لا يتعارض مع اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، ومن الأفضل لو قصر المشرع موضوع الطلب المستعجل على طلب حفظ الأدلة ذات الصلة، وهذا بطبيعة الحال ووفقاً لطبيعة المنافسة غير المشروعة، يكون من خلال الحجز التحفظي - وفقاً لمفهومه في قانون المنافسة غير المشروعة - على المواد ذات الصلة بفعل المنافسة غير المشروعة، وتشمل الأدوات المستخدمة في إتيان هذا الفعل، وكذلك المنتجات التي تمثل جسم المنافسة غير المشروعة.
2- ضرورة العمل على نشر الثقافة القانونية، فيما يتعلق بالمنافسة التجارية وخاصةً غير المشروعة منها، إضافة إلى العمل على تأهيل الجهاز القضائي بحيث يتمكن من التعامل مع قضايا المنافسة غير المشروعة، بما يتفق مع طبيعة وخصوصية هذه الدعاوى.
  
 









المراجع، حسب ورودها في البحث:-
1. مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيد، الجزء الثاني، فصل النون، باب السين، دون طبعة، دون سنه، الناشر/دار الجيل- بيروت.
2. الامام أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم أبن منظور، لسان العرب، المجلد العاشر، دون طبعة، دون سنة، الناشر/دار الصادر- بيروت.
3. د. أحمد محمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة في مجالات النشاط الاقتصادي(الصناعة  - التجارة –  الخدمات) دون طبعة، سنة1994، دون ناشر.
4. د. أسماعيل محمد هاشم، مباديء الاقتصاد التحليلي، دون طبعة، سنة 1998، الناشر/ دار النهضة العربية- بيروت.
5. د. محمد فريد العريني ود. جلال وفاء محمدين، القانون التجاري، الجزء الأول(الأعمال التجارية- التجار- المحل التجاري)، دون طبعة، سنة 1998، الناشر/دار المطبوعات الجامعية- الأسكندرية.
6. ماهر فوزي حمدان، حماية العلامات التجارية، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير منشورة، سنه 1999، الناشر/مطبعة الجامعة الأردنية- عمان.
7. شمسية عبدالكريم الكفاوين، التنظيم القانوني للمنافسة التجارية في القانون الأردني: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة في جامعة مؤته – كلية الدراسات العليا، سنة 2005.
8. المحامي يونس عرب، النظام القانوني للمنافسة غير المشروعة في القانون الأردني، بحث منشور عبر شبكة الأنترنت، ومتاح على الموقع WWW.Arablaw.org. 
9. د.محمد بهجت عبدالله قايد، القانون التجاري(نظرية الأعمال التجارية-التاجر-المتجر- الشركات التجارية)، الطبعة الأولى، سنة 1991، الناشر/دار النهضة العربية- القاهرة. 
10. د. سميحة القليوبي، القانون التجاري، دون طبعة، سنة 1976، الناشر/دار النهضة العربية-القاهرة.
11. زينة غانم عبد الجبار الصفار، المنافسة غير المشروعة للملكية الصناعية: "دراسة مقارنة"، الطبعة الأولى، سنة2002، الناشر/دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع-عمان.
12. د. طعمة صعفك الشمري، أحكام المنافسة غير المشروعة في القانون الكويتي، بحث منشور في مجلة الحقوق-الكويت، العدد الأول، سنة 1990 .
13. هناء تيسير الغزاوي، المنافسة التجارية والحماية المدنية التي وفرتها التشريعات الأردنية للمتضرر منها، رسالة ماجستير، مقدمة في جامعة مؤتة - كلية الدراسات العليا ، سنة2006
14. مجموعة أحكام النقض، السنة القضائية67، رقم100.
15. د. عزيز العكيلي، القانون التجاري (الأعمال التجارية والتجار والمتجر والشركات التجارية)، دون طبعة، دون سنة، الناشر/ مكتبة دار الثقافة والتوزيع – عمان.
16. علي حسن يونس، المحل التجاري، دون طبعة، دون سنة، الناشر/ دار الفكر العربي.
17. د. محمد حسين إسماعيل، القانون التجاري (الأعمال التجارية – التاجر – المحل التجاري – العقود التجارية)، الطبعة الأولى، سنة 1985، الناشر / دار عمار للنشر والتوزيع – عمان.
18. د. جاك يوسف الحكيم، الحقوق التجارية (الأعمال التجارية والتجار والمتجر)، الجزء الأول، دون طبعة، دون سنة، الناشر / جامعة دمشق.
19. د. أحمد عبد الرحمن الملحم، التقيد الأفقي للمنافسة مع التركيز على اتفاقيات تحديد الأسعار" دراسة مقارنة"، بحث منشور في مجلة الحقوق – الكويت، السنة التاسعة عشر، العدد الرابع، سنة 1995.
20. د. أحمد عبد الرحمن الملحم، مدى تقييد عقد القصر للمنافسة الرأسية: دراسة تحليلية مقارنة في القانون الأمريكي والاوروبي مع العناية بالوضع في الكويت"، بحث منشور في مجلة الحقوق – الكويت، السنة العشرون، العدد الأول، سنة 1996.
21. د. عبد القادر حسين العطير، الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول (الأعمال التجارية – التجار – المحل التجاري – العقود التجارية) الطبعة الأولى، سنة 1993، الناشر / دار الشروق – عمان.
22. د. محمد فريد العريني، ود. جلال وفاء محمدين، القانون التجاري، الجزء الأول ( الأعمال التجارية – التجار -  المحل التجاري)، دون طبعة، سنة 1998، الناشر/ دار المطبوعات الجامعية – الاسكندرية.
23. د. عبدالله حسين الخشروم، الوجيز في حقوق الملكية الصناعية والتجارية، الطبعة الأولى، سنة 2005، الناشر/ دار وائل للنشر- عمان.
24. مبادئ قضائية عربية ومقارنة في المنافسة غير المشروعة، منشور على شبكة الانترنت على موقع: WWW.mybizans.com .
25. د. نوري حمد خاطر، شرح قواعد الملكية الفكرية-الملكية الصناعية- دراسة مقارنة في القوانين؛ الأردني والاماراتي والفرنسي، الطبعة الأولى، سنة2005، الناشر/ دار وائل للنشر والتوزيع-عمان.
26. مسلم عبد الرحمن أبو عواد، الحماية المدنية للعلامات التجارية غير المسجلة وفق أحكام القانون الأردني والاتفاقيات الدولية، رسالة ماجستير منشورة، بسنة 2007، الناشر/ منشورات الجامعة الأردنية- عمادة البحث العلمي .
27. د. نائل عبد الرحمن صالح، الحماية الجزائية للمستهلك في القوانين الأردنية، بحث منشور في مجلة الحقوق –الكويت، السنة الثالثة والعشرون، العدد الرابع، سنه 1999. 
28. د.عبدالرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام (العقد – العمل غير المشروع – الإثراء بلا سبب – القانون)، دون طبعة، سنة 1952، الناشر/ دار التراث العربي – بيروت.
29. د.عبد القادر العطير، الوسيط في القانون التجاري، الطبعة الثانية، سنة 1999، الناشر/ دار الشروق، عمان.
30. القاضي الدكتور الياس ناصيف، الموسوعة التجارية الشاملة، الجزء الأول(المؤسسة التجارية)، دون طبعة، دون سنه، الناشر/عويدات للنشر والطباعة- بيروت.
31. أنور العمروسي، المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية في القانون المدني (الأركان، والجمع بينهما والتعويض) دراسة مقارنه تأصيله، الطبعة الأولى، سنه 2004، الناشر/دار الفكر الجامعي-الإسكندرية.
32. المحامي خالد يوسف الفندي الزعبي، الدعوى (أصول إجراءات المحاكمة والتقاضي أمام المحاكم النظامية من الناحية العملية والقانونية حسب قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني)، الطبعة الأولى، سنة 1995، دون ناشر.
33. المحامي ياسين غانم، القضاء المستعجل ومشاكله العملية في الوطن العربي، "دراسة مقارنة"، الطبعة الأولى، سنة 1999، الناشر/ تنوير للخدمات الطباعية – حمص.
34. مقالة دخان(فايسروي) يخسر طلباته المستعجلة، متاح على شبكة الأنترنت على موقع:WWW.arblaw.orj .
35. د. محمد إبراهيم دسوقي، تقدير التعويض بين الخطأ والضرر، دون طبعة، دون سنة، دون ناشر. 
36. برنامج عدالة
37. مجلة نقابة المحامين النظاميين.







القوانين:-
قانون العقوبات الأردني رقم(16) لسنة1960.
قانون العلامات التجارية الأردني رقم(33)لسنة1952،وتعديلاته.
قانون براءات الاختراع رقم(32) لسنة 1999
قانون الأسماء التجارية رقم (22) لسنة 2003،
قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم(15) لسنة 2000
قانون المنافسة المؤقت رقم(49) لسنة 2002
قانون نقابة الصيادلة الأردني رقم (81) لسنة 1972
قانون نقابة المحامين النظاميين رقم (11) لسنة 1972، والمعدل بقانون رقم (51) لسنة 1985.
قانون الشركات الأردني، رقم (22) لسنة 1997، وآخر تعديلاته القانون المؤقت رقم (4) لسنة 2002.
القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976
قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996.
قانون علامات البضائع رقم(19) لسنة 1953.
قانون المؤشرات الجغرافية رقم(8) لسنة 2000. 
قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988، وآخر تعديلاته
القانون رقم 16 لسنة 2006. 
قانون محاكم الصلح رقم(15) لسنة1952،وآخر تعديلاته القانون رقم(13) لسنة 2001. 
فهرس المحتويات

1 المقدمة

6 الفصل الأول
ماهية المنافسة غير المشروعة، وصورها
7 المبحث الأول
تمييز المنافسة غير المشروعة عن المنافسة الممنوعة
7 المطلب الأول
المقصود بالمنافسة المشروعة
10 المطلب الثاني 
المنافسة الممنوعة
17 المبحث الثاني
 صور المنافسة غير المشروعة
18 المطلب الأول
صور المنافسة غير المشروعة في الفقه القانوني
21 المطلب الثاني
صور المنافسة غير المشروعة في التنظيم القانوني الأردني
38 الفصل الثاني
الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة وشروطها
38 المبحث الأول
الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة
39 المطلب الأول
موقف الفقه من الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة
44 المطلب الثاني
الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة في القانون الأردني
48 المبحث الثاني
شروط دعوى المنافسة غير المشروعة
48 المطلب الأول
الخطأ
52 المطلب الثاني
الضرر ورابطة السببية

58 الفصل الثالث
دعوى المنافسة غير المشروعة وآثارها
59 المبحث الأول
إجراءات دعوى المنافسة غير المشروعة
60 المطلب الأول
الإجراءات التحفظية
67 المطلب الثاني
شروط الطلبات المستعجلة في دعوى المنافسة غير المشروعة
72 المبحث الثاني
آثار دعوى المنافسة غير المشروعة (التعويض)
72 المطلب الأول
دعوى التعويض عن الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة
80 المطلب الثاني
دعاوي التعويض عن الطلبات التحفظية والدعوى غير محقة
87
الخاتمة والتوصيات
91
المراجع





تعليقات