القائمة الرئيسية

الصفحات



دور النيابة في المسائل المتعلقة بالأسرة

دور النيابة في المسائل المتعلقة بالأسرة

دور النيابة في المسائل المتعلقة بالأسرة





الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العدل
المدرسة العليا للقضاء                                               

مجلس قضاء جيجــل
         محكمــة الطاهيـــر



مــــذكـــرة التخـــرج
لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء
بعـنـــــوان


                                                                            دور النيابة في المسائل المتعلقة بالأسرة


     من إعداد الطالب القاضي:
-         الشيخ إسماعيل  





المقدمــة:
         إن النيابة العامة هي الهيئة التي تعمـل على الدفـاع عن المصلحة العامة و التـي تسهـر على تطبيـق القانـون، و تتولى النيابة العامة رفع الدعوى المرتبطة بالمصلحة العامة أو مصلحة المجتمع في الحدود التي وضعها القانون، فالنيابة العامة هي الهيئة التي تمارس الدعوى باسم المجتمع أو للمصلحة العامة، و قد جعلها المشرع الجزائري سلطة الادعاء العامة التي تقوم بوظيفة الاتهام للحفاظ على حسن تطبيق القوانين و الدفاع عن المجتمع و حقوقه ، و باعتبارها ممثلة للدولة في التطبيق السليم و الصارم للقانون.
و هكذا فإنه بالإضافة إلى الاختصاص الأساسي للنيابة العامة و هو تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها وفقا للمادة 01 من قانون الإجراءات الجزائية، فإنها تمثل أمام كل جهة قضائية المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية والإشراف على وظائف الضبط القضائي المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية، و مراقبة الأعمال الخاصة بالضبط القضائي و كيفية التصرف فيها المادة 18 و 36/1 من قانون الإجراءات الجزائيـة و تنفيـذ القرارات  والأحكـام القضائيـة ، بالإضافة إلى اختصاصات أخرى في المجال الجزائي.
و كاستثناء على ذلك تمـارس النيابة العامة مهامهـا في بعض القضايا المدنية على وجهين إما كطرف منظـم أو إضافي بمعنى أنها تتمثل في الخصومة و تحضـر المحاكمـة فقط لإبـداء الـرأي طبقا للمادة 141 من قانـون الإجـراءات المدنيـة، إذ تجيز هذه المـادة للجهات القضائية المدنيـة على ضـرورة إبـلاغ بعـض القضايـا إلى النيابة العامـة لإعطاء رأيها فقـط، و قد تكـون طرفا أصليـا بصفـة مدعــى أو مدعى عليه و تكون لها فـي هذه الحالـة جميـع الحقوق و الضمانات التي أقرها القانون لسائر الخصوم إذ تكون طرفـا أصليا في القضايا المتعلقـة بالأسرة، لهذا إرتأينا التعرض للدور الذي تقوم به النيابة العامة في المسائل المتعلقة بالأسرة وذلك من خلال طرح الإشكاليات الآتية :
ما المقصود بالمسائل المتعلقة بالأسرة ؟ وكيف يجسد دور النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالأسرة ؟ وما قصد المشرع الجزائري عندما اعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في دعاوى الأسرة ؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟ والمبررات العملية لذلك ؟ وما هو المغزى والغايـة من اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا ؟ وما هو الجزاء المترتب عن عدم قيامها بهذا الدور ؟.
هذا ما سنحاول دراسته من خلال إتباع الخطة الآتية :


ـ الفصل الأول : المسائل المتعلقة بالأسرة و مركز النيابة العامة في الدعوى .
ـ المبحث الأول : المسائل المتعلقة بالأسرة.
ـ المطلب الأول : المقصود بالمسائل المتعلقة بالأسرة .
ـ المطلب الثاني: القضايا الغير نزاعية في مسائل الأسرة.
ـ المطلب الثالث: النزاعات المتعلقة بالجانب الإجرائي .
ـ المطلب الرابع: النزاعات المتعلقة بالجانب الموضوعي.
ـ المبحث الثاني: مركز النيابة العامة في المسائل المتعلقة بالأسرة.
ـ المطلب الأول: النيابة العامة طرفا أصليا في المسائل المتعلقة بالأسرة.
ـ المطلب الثاني: مفهوم و أحكام الطرف الأصلي في الدعوى.
ـ المطلب الثالث: حق الادعاء أو الدفاع.
ـ المطلب الرابع: دعاوى النيابة في المسائل المتعلقة بالأسرة.
ـ الفصل الثاني: الآثـار المترتبة على اعتبار النيابة طرفا أصليا و المبررات العملية لتكريس
 نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة.
ـ المبحث الأول : الآثار المترتبة على اعتبار النيابة طرفا أصليا.
ـ المطلب الأول : قواعد الاختصاص و إجراءات الدعوى.
ـ المطلب الثاني: إجراءات التبليغ و الحضور و تقديم الطلبات و الدفوع.
ـ المطلب الثالث: من حيث الطعن و الاستئناف.
ـ المطلب الرابع: حجية الأحكام الصادرة في دعاوى الأسرة.
ـ المبحث الثاني: المبررات العملية لتكريس نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة .
ـ المطلب الأول: من حيث وظيفة و دور النيابة العامة.
ـ المطلب الثاني: من حيث الغاية من اعتبار النيابة طرفا أصليا.
ـ المطلب الثالث: من حيث اعتبار النيابـة كممثلة للحق العام.
ـ المطلب الرابع: من حيث الآثار المترتبة على عدم تبليغ النيابة بملف القضية.
الخاتمــة.


ـ الفصل الأول :المسائل المتعلقة بالأسرة و مركز النيابة العامة في الدعوى :


          إن المسائل المتعلقة بالأسرة تضمنها قانون الأسرة الجزائري الصادر بموجب قانون رقم 84-11 المؤرخ في 9 رمضان 1404 الموافـق لـ 9 يوليو 1984 المعدل و المتمم بالأمر رقم 05-02 المـؤرخ في 18 محرم 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005، و جوهر التعديل الوارد ينصب علـى مركز النيابـة إذ تنص المادة 03 مكرر منه على أنه تعد النيابة العامة طرفـا أصليـا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون ، وهذا ما سوف نعالجه في المبحثين التاليين خصصنا المبحث الأول للمسائل المتعلقة بالأسرة و المبحث الثاني لمركز النيابة العامة في المسائل المتعلقة بالأسرة


ـ المبحث الأول : المسائل المتعلقة بالأسرة :
         المتصفح لقانون الأسرة سيتضح له أن المشرع نظم الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع تنظيما دقيقا و وضع لها جدارا منيعا يحميها من التشتت و الانحراف ضمن موضوعات قانون الأسرة الجزائري الذي سوف نتناوله فيما يلي:

ـ المطلب الأول: المقصود بالمسائل المتعلقة بالأسرة :
يشتمل قانون الأسرة الجزائري [1]على 224 مادة تناول المشرع المواضيع التالية:
ـ الكتاب الأول: الزواج و انحلاله المواد من 4إلى 80.
ـ الكتاب  الثاني: النيابة الشرعية المواد من 81 إلى 125.
ـ الكتاب الثالث : الميـراث المـواد مـن 126 إلى 183.
ـ الكتاب الرابع : التبرعات ( الوصية، الهبة، الوقف) المواد من 184 إلى 224.
         الملاحـظ أن المشرع تنـاول أحكـام الزواج و ما يتعلق به من نسب، و أحكام الطلاق و ما يتعلق به من نفقة و عدة، و أحكام النيابة الشرعية، و الولاية، و الوصاية، و التقديم، و الحجر، و المفقود، و الغائب،  والكفالة، و أحكام الميراث و قسمة التركات،و أحكام التركات كالوصايا و الهبة و الوقف فكان هذا القانون على قدر من الأهمية لشموله لكافة الموضوعات التي تهم حياة الأسرة.
         و قانون الأسرة تضمن النصوص الموضوعية لتنظيم الأسرة، دون أن يتضمن النصوص الشكلية الإجرائية اللازمة لتطبيقه، ذلك أن قانون الأسرة باعتباره قانونا خاصا كان من الأفضل أن يتضمن قواعد إجرائية خاصة تنظم كيفية اللجوء إلى القضاء، و كيفية التقاضي التي يجب مراعاتها ، و التي تضمن للأطراف المتخاصمة حماية مصالحهم القانونية[2].
         و كحتمية لذلك كان من اللازم الرجوع إلى نصوص قانون الإجراءات المدنية[3]باعتباره الشريعة العامة للقواعد الإجرائية الواجبة الإتباع أمام القضاء، و لأنها ترسم للمتقاضين على اختلاف قضاياهم الطريق الواجب الإتباع و المحكمة المختصة بنظر دعواهم و الفصل فيه.



إذ أن قانون الأسرة جاء لينظم حياة الأسرة و العلاقات العامة للحياة الزوجية و بناء الأسرة ،و سن القواعد المبينة لحقوق و واجبات كل من الزوجين تجاه الآخر، و تجاه الأبناء و الأقارب و الأصهار ، كما أن نصوصه تضمنت قوانين لحماية الأسرة و رعاية الطفولة و حماية حقوق المرأة و ضمان مصلحة المحضونين بعد الطلاق[4].
         فتشمل القضايا المتعلقة بالأسرة ، المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص و أهليتهم و المتعلقة بنظام الأسرة كالخطبة و الزواج و حقوق الزوجين و واجباتهم المتبادلة و المهر و نظام الأموال بين الزوجيـن و الطلاق  والتطليق و التفريق و البنوة و الإقرار بالأبوة و إنكارها و العلاقة بين الأصول و الفروع و الالتزام بالنفقة للأقارب و النسب و التبني و الولاية و الوصاية و الحجر و الغيبة و اعتبار المفقود ميتا و كذلك المسائل المتعلقة بالمواريث و الوصايا.
و قد ذهب رأي في الفقه إلى أن منازعات الأسرة جزء من منازعات الأحوال الشخصية ،و من ثم فإن الأسرة نوعا و الأحوال الشخصية جنس، فالأقرب هو اصطلاح قانون الأسرة و ذلك لقرب التعبير من مسائل الواقع  والأحكام الموضوعية[5].
         و المسائـل المتعلقة بالأسرة لها جانـب غير نزاعي ، و جانـب نزاعي فيما يتعلق بالجانب الإجرائي  والجانب الموضوعي، هذا ما سوف نتطرق إليه في المطلب الثاني و الثالث و الرابع.

ـ المطلب الثاني: القضايا الغير نزاعية في مسائل الأسرة:

         إن قانون الأسرة و هو قانون خاص جاء لينظم العلاقات العامة للحياة الزوجية و بناء الأسرة ،وسن القواعـد المبينـة لحقـوق و واجبـات كـل من الزوجين تجـاه الآخـر و تجـاه الأبنـاء و الأقــارب  والأصهار ،وإذا كانت هذه القواعد التي جاء بها هذا القانون جاءت لتسوية بعض النزاعات في حالة نشوئها ، فإنها تضمنت قواعد أساسية تضمن الحقوق و الواجبات الأساسية لكل من الزوجين دون منازعة فيها من أي طـرف كان ، إذ أن المشـرع الجزائـري قصد مـن وراء ذلك تنظيم مسائل الأسرة و تكوينها كالخطبة و الزواج و ما يتفرع عنها.
إذ تدخل طائفة منها في قسم المعاملات و العلاقات العائلية التي هي الأصل بصفة غير نزاعية،و المشرع ألحق بها أحكام في حالة المنازعة، حيث أن كثيرا من الفقهاء أدخلوا مسائل الزواج و الطلاق و ما يترتب عليه و النسب و آثاره في قسم المعاملات[6].
         إن المشرع الجزائري وضع القواعد و الأصول العامة في قانون الأسرة كدعامة كبرى و أساسية يقوم عليها نظام الأسرة لكي تكفل له الرسوخ و الاستقرار، إذ مثلا الزواج يمتد أثره إلى حياة الأسرة و إلى المجتمع، فالزواج هو أصل الأسرة بدون منازعة، و وضع له قواعد و أحكام في حالة الطلاق ، إذ تؤكد نصوصه إلى إرساخ قواعد متينة لبناء أسرة قوية بدون مشاكل.
         و رغم أن نصوص قانون الأسرة الجزائري تتضمن جل أحكامه قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية ، إلا أنه عمليا و تطبيقيا يحمل ضمنه بعض النقائص التي تؤدي إلى بعض المنازعات في مجال الأسـرة لا سيما منها الخطبة و الزواج و الطلاق و الحضانة و مسكن الزوجية التي هي على سبيـل المثال.

ـ المطلب الثالث: النزاعات المتعلقة بالجانب الإجرائي:
         و هي الدعاوى التي تتعلق بالنزاعات الناشئة بين أفراد الأسرة الواحدة أو العائلة بدءا من الزوجين و إلى الأصول، فالفروع، و هذه الدعاوي ليست كلها نزاعات بل البعض منها ينشأ لغرض تسوية حالات معينة كما هو الشأن بالنسبة للميراث خاصة إذا كانت التركة تتناول عناصر كثيرة و ورثة كثيرين فالأمر هنا يحتاج إلى ذوي الاختصاص سواء على مستوى الجانب الشرعي أو التقني، فبدون ذلك لا يمكن الوصول إلى نتيجة.
و هذا النوع من النزاعات يتناولها قانون الأسرة[7]، و الذي يتناول في مجمله نصوصا مستمدة من الشريعة الإسلامية .
         و نصـت المادة 08 فقرة 04 من قانـون الإجـراءات المدنية على أنـه :" في دعـاوى الطـلاق أو العودة إلى مسكن الزوجية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية"،  و تنص المادة 57 من قانون الأسرة على أنه تكون الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق و التطليق و الخلع غير قابلة للاستئناف فيما عدا جوانبها المادية، تكون الأحكام المتعلقة بالحضانة قابلة للاستئناف.
         الإشكال الذي تطرحه المادتين المختلفتين يتمثل في حالة رفض محكمة الدرجة الأولى لطلب الطلاق المقدم من الزوج هنا يستأنف هذا الحكم أمام المجلس القضائي و يؤول هذا الاختصاص لهذا المجلس كجهة استئنافية  ويفصل المجلس في الدعوى بقبولها أو الطلاق.هنا يجب عليه أيضا أن يفصل في آثار الطـلاق أي في التعويضات و الحضانة و السكن و النفقة بهذا الفصل قد حرم الطرف الثاني المدعى عليه من درجة من درجـات التقاضي[8] و بالنسبة لمنازعـات الخطبة تنـص المادة 8 فقرة 4 من قانون الإجراءات المدنية على أنه " في دعاوى الطلاق أو العودة إلى مسكن الزوجية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية " يتضح من هذه الفقرة أنها تكلمت على دعاوى الطلاق و دعاوى الرجوع إلى بيت الزوجية و حددت الاختصاص بشأنها لمحكمة مقر الزوجية ، لكن هذا النص أغفل ذكر المحكمة المختصة بنظر المنازعات المتعلقة بالخطبة ذلك أن الخطبة إجراء سابق للزواج و فيه يكون الطرفين الخاطب و المخطوبة لازال لم يسكنهما مسكن الزوجية و لم يتكون بعد، كذلك الشأن بالنسبة للأحكام الغيابية تنص المادة 57 من قانون الأسرة على أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف يتضح من هذه المادة أن الأحكام التي تصدرها محاكم قسم الأحوال الشخصية تصدر بصورة ابتدائية و نهائية، أي أنها لا تقبل الاستئناف أمام المجالس القضائية كدرجة ثانية إلا في الجوانب المادية و إن كانت تقبل الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ، و هذه المادة بوضعها الحالي تطرح إشكالا قانونيا للأحكام التي تصدرها محاكم الدرجة الأولى غيابية ، فهل هذه الأحكام تصدر بصورة ابتدائية أم أنها تصدر بصورة نهائية ؟.
و في حالة الطعن فيها بالمعارضة فإنها تنظر أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي هنا أيضا وجب تدخل المشرع و تدارك هذا القصور[9].
         بالنسبة للاختصاص المحلي لمنازعـات الأحوال الشخصية حيث أن المشرع حدد الاختصاص المحلي  المكاني بمقر مسكن الزوجية حسب المادة 8/4 من قانون الإجراءات المدنية، و هذا الاختصاص بوضعه الحالي فيه إجحاف لحق الزوجة خاصة إذا كانت تقيم خارج الولاية التي بها مسكن الزوجية ، أما إذا كان مسكن الزوجية بشرق البلاد و الزوجة من غرب البلاد أو العكس فهذا في كثير من الأحوال تجعل الزوجات تتنازل عن حقوقهن خوفا من مشقة السفر و المصاريف الباهظة للتقاضي[10].



ـ المطلب الرابع :النزاعات المتعلقة بالجانب الموضوعي:
أهم دعاوى الزواج و الطلاق نذكر ما يلي:- دعوى الطلاق بين الزوجين – دعوى طلب رجوع الزوجة إلى محل الزوجية – دعوى اللعان و نفي الولد- دعوى إثبات النسب - دعوى طلب نفقة الزوجة أو نفقة الأولاد - دعوى الحضانة الشرعية.
         دعوى الطلاق بين الزوجين هي دعوى طلب الحكم بالطلاق يتقدم بها إلى المحكمة إما الزوج بإرادته المنفـردة ( المادة 48 من قانون الأسرة ) أو الزوجين معا ( المادة 48 و 54 من قانون الأسرة ) أو بطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين ( 53 و 54 من قانون الأسرة).
         دعوى طلب الرجوع إلى محل الزوجية هي تلك الدعوى التي يتقدم بها الزوج إلى المحكمة ضد زوجته التي تركت محل إقامة الزوجية، فيطالب من المحكمة أن تحكم عليها بالرجوع، و دعوى اللعان و نفي الولد إذا اتهم الزوج زوجته بالزنا أو نفي الولد إليه، و لم يستطع إثبات ذلك أمام القضاء فإنه يجوز له أن يرفع إلى المحكمـة دعوى اللعان و نفي الولد و لم يذكـر المشرع ( ج ) اللعان كسبب من أسباب الطلاق ، و لكنـه أشار إليه ضمنا في المادة 41 قانون الأسرة ، و ذكره صراحة في المادة 138 من قانون الاسرة كسبب مانع من التوارث[11]، و دعوى إثبات النسب فهي تهدف أساسا إلى إسناد نسب شخص معين إلى شخص آخر دون أي نزاع أو خصام صريح حول موضوع محدد، و دعوى طلب نفقة الأولاد إذا تخلف الزوج عن التزاماته اتجاه زوجته أو اتجاه الأولاد، و خاصة التزامه بالنفقة عليهم ( المادة 75 من قانون الأسرة).
فإنـه يجوز للزوجة أن ترفع دعوى طلب النفقة أمام المحكمة التي تقيم بدائرتها، و دعوى الحضانة الشرعية وهي دعوى تبعية تثار تبعا لدعوى الطلاق.
         و بالنسبة للخطبة تنص المادة 05 من قانون الأسرة على أنه الخطبة وعد بالزواج و لكل من الطرفين العدول عنه، إذا ترتب عن العدول ضرر مادي أو معنوي لأحد الطرفين جاز الحكم بالتعويض،لا يسترد الخاطب شيئا مما أهداه إن كان العدول منه، و إن كان العدول من المخطوبة فعليها رد ما لم يستهلك من هدايا أو قيمته، يتضح من هذا النص المتعلق بالخطبة رغم بساطته إلا أنه يثير منازعة ، فمثلا الخطيب الذي يخطب الفتاة و بعد مضي سنوات يعـدل عن الخطبة، في حالة المنازعة في مثل هذه القضايا ما هو التعويض الذي يمنح للمخطوبة 
وكم ثمنه و نفس الشيء ينطبق على المخطوبة التي تعدل عن الزواج بخطيبها بعد إتمام الدراسة مثلا عند العدول كيف تسترد هذه الأشياء.
         بالنسبة للطلاق تنص المادة 48 من قانون الأسرة على أنه مع مراعاة أحكام المادة 49 يحل عقد الزواج بالطلاق الذي يتم بإرادة الـزوج أو بتراضـي الزوجيـن أو بطلـب مـن الزوجـة فـي حـدود مـا ورد في المادتين 53 و 54 من هذا القانون ، يتضح من هذه المادة أن الطلاق يتم بإرادة الزوج أي باستعمال العصمة الذي كثيرا ما تثور فيه منازعة بين الزوجة خاصة إذا كانت جدية أي أسباب الطلاق غير تافهـة ، ذلك أن الطلاق وضع له المشرع ضوابط على درجة كبيرة من الأهمية، كذلك الأمر بالنسبة للخلع إذ تنص المادة 54 من قانون الأسرة الجزائـري على أنه يجـوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخالـع نفسها بمقابل مالي إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع  يحكم القاضي بما بلا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صـدور الحكـم،  وقضاة المحكمـة العليا كان لهم اجتهاد مفاده بأن الخلع أجازته الشريعة الإسلاميـة و كرسه قانون الأسرة سواء رضي به الزوج أو لم يرضى فإنه يكفي أن تعرض الزوجة بدلا لفك الرابطة الزوجية دون وقع الحاجة إلى موافقة الزوج ملف رقم 115-118 قرار بتاريخ : 11/04/1994 فيما يخص الحضانة تنص المادة 62 من قانون الأسـرة علـى أنه الحضانـة هي رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته  وحفظه صحة و خلقا و يشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك، فمن تسند له الحضانة يجب أن يقوم بتلك الواجبات كاملة و إلا أثيرت منازعة فيها ، مما يؤدي إلى إسقاط الحضانة عنه كذلك أن المشرع حدد أصحاب الحضانة، و تثار المنازعة في مسألة الحضانة في حالة عدم طلـب الحضانة من كلا الطرفين أي الزوجيـن كيف تسند الحضانة في هذه الحالة ؟، كذلك تثار المنازعة في حالة عسر الزوج أي عدم قدرته على دفع نفقة الأولاد خاصة إذا كان بطالا، فهنا إذا أسندت الحضانة للأم كيف يدفـع مقابل الحضانة و المتمثل في الإنفاق على الأولاد، كذلك فيه منازعة تتمثل في عدم تجزئة الحضانة أي أن حضانـة كـل الأولاد  تمنح لطالبها ( شخص واحد ) في حالة تجزئة الحضانة ما مصير الطفل الرضيع ؟[12]  .
         و نلاحظ أن جل الأمهات يطلبون حضانة الأولاد رغم عدم قدرتهن على ممارسة الحضانة سواء لغياب المسكن ، أو لفقر الزوجة ، أو أهلها يرفضون استقبال الأطفال رغم هذا تطلب المطلقة حضانة الأطفال قاصدة الضغط على المطلق حتى يعيدها لبيت الزوجية فتثار المنازعة بين الزوج و الزوجة بشأن الحضانة.
         كذلك تثار المنازعة في المسكن الزوجية و ممارسة الحضانة إذ تنص المادة 72 من قانون الأسرة على ما يلي:«في حالة الطلاق يجب على الأب أن يوفر لممارسة الحضانة سكنا ملائما للحاضنة و إذا تعذر ذلك فعليه دفع بدل الإيجار» نص المـادة 72 طرح عدة نزاعات من هي الحاضنة التي لها الحق الإستفادة من المسكن لممارسة الحضانة، و كم يجب أن يكون لها من الأولاد حتى تستفيد من المسكن لممارسة الحضانـة، لأن الحاضنة التي لها خمسة أولاد ليست كالحاضنة التي لها ولد واحد، كذلك مسكن الزوجيـة التي تكون له عدة صور قد يكون ملك للزوج أو مؤجر له ، لأن منح بدل الإيجار كحل عادل حتى لا يتهرب الزوج  من الالتزامات مع منح الحضانة للحاضنة.
         كذلك تثار المنازعة في الميراث لأن عند تقسيم التركة حسب قانون الأسرة الجزائري بساطة التنصيف تختفي تماما، لأن مسألة ميراث الرجل و المرأة في قواعد الشريعة الإسلامية و قانون الأسرة ليست ثابتـة في نصيـب واحـد هـو الذكـر مثل حظ الأنثيين ، بل إن الأنصبة تتغير بتغير الأحوال و الحالات و من ثم تثار المنازعة و ما تجدر الإشارة إليه أن معظم المسائل المتعلقة بالأسرة تثار فيها [13]المنازعة الواردة ضمن قانون الأسرة التي يكون أطرافها الزوج – الزوجةبصفة أصلية، لكن المشـرع أضـاف ضمن التعديل الـوارد بالأمر رقـم 05/02 مؤرخ في 18 محـرم عام 1426 هـ الموافق لـ 27 فيفري سنة 2005 الذي يعدل و يتمم القانون رقم 84/11 المؤرخ في 09 رمضان عام 1404 الموافق لـ 9 يونيو سنة 1984 و المتضمن قانون الأسرة، أضاف طرفا أصليا في دعاوى الأسرة و هي النيابة العامة إذ تنص المادة 03 مكرر منه: تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون و هذا ما سوف نتعرض إليه بالتفصيل في المبحث الثاني.



ـ المبحث الثاني: مركز النيابة العامة في المسائل المتعلقة بالأسرة:

         إن التعديـل الوارد علـى القانون الأسرة بموجب أمر رقم 05/02 أصبحت النيابة طرفا أصليا في الدعوى و يعطيها صفة المدعى أو المدعى عليه عن طريق الإدعاء أو الدفاع باعتبارها طرفا في الرابطة الإجرائية.

ـ المطلب الأول: النيابة العامة طرفا أصليا في المسائل المتعلقة بالأسرة:
         إن الوظيفـة الأساسيـة للنيابـة العامة تمارسهـا في القضايـا الجنائيـة التي تعتبر فيها طرفا أصليا،  وأصبحت تقوم بهذا الدور في قضايا الأسرة طبقا للمادة 03 مكرر من قانون الأسرة[14]، حيث يمكنها رفع الدعوى على كل من اعتدى على المركز القانوني الذي تهدف إلى حمايته، كما ترفع عليها الدعوى فتقف موقف المدعى أو المدعى عليه بحسب الأحوال، و هو ما يسمى بحق الادعاء أو الدفاع بوجود نص صريح يمنحها هذا الحق ، إذ تقوم برفع الدعوى باعتبارها الممثلة الرسمية للنظام العام، إذ تتدخل لاحترامه، إذن القانون هو الذي يعطيها صفة رفع الدعوى[15]، إذ منحت للنيابة سلطات تقديرية واسعة بمقتضاها تتحكم في شؤون الأفراد و تتدخل بمبرر و فكرة النظام العام، إذ تكون النيابة مدعية بوجود مساس بالنظام العام سواء قامت النيابة بدور الادعاء أو الدفاع فإنها في الحالتين تأخذ مركز الطرف في الخصومة، و يكون لها ما للخصوم من حقوق و يكون عليها ما على الخصوم من واجبات و أعباء، و بالتالي تكون طرفا كاملا يمكنها توجيه سير الخصومة و إبداء الطلبات و الدفوع و تقديم الحجج و أدلة الإثبات و الحضور و كل الإجراءات تحرر باسمها و تتناول الكلمة الأولى عندما تكون مدعية  والكلمة الأخيرة عندما تكون مدعى عليها و تبلغ بنفسهـا طلباتهـا إلى الطـرف الخصـم و لا يجـوز القضاء في غيبتها و إلا كانت إجراءات المحاكمة باطلة و الحكم الصادر في الدعوى باطلا لأن صحة التمثيل هنا من النظام العام[16].
          و لما تكسب النيابة العامة القضية يحكم بمصاريف التقاضي على الخصم، أما في الحالة العكسية فمن الطبيعي أن الدولة هي التي تتحمل مصاريف التقاضي و مصاريف الطرف الخصم الذي كسب القضية إلا أنه ليس معمول به عمليا.
         فإلى جانـب القاضـي و الخصـوم كأشخـاص في قضايـا الأسـرة تقوم النيابة العامة بدور متميز، إذ يفترض أن هناك خصومة قائمة بين أطرافها و تقوم النيابة العامة بوظيفتها كطرف أصلي بالادعاء أو الدفاع حيث تقوم النيابة برفع الدعوى ابتدائيا و تأخذ مركز أطراف الخصومة و لهذا تكون لها ما للخصوم من حقوق  و واجبات، و في هاته الحالة النيابة طرف أصلي في الخصومة فبمقتضى المادة 03 مكرر من قانون الأسرة لذا أستوجب أن تبدي طلباتها و دفوعها.
        
ـ المطلب الثاني: مفهوم و أحكام الطرف الأصلي في الدعوى:
         إن الدعـوى حق لكل من المدعي والمدعى عليه، و تعني بالنسبـة للمدعي حق عـرض ادعاء قانونـي على القضاء، و تعني بالنسبة للمدعى عليه حق مناقشة ادعاءات المدعـي ، و ترتـب التزاما على المحكمة إصدار حكم في موضوع الادعاء بقبوله أو رفضه[17]، والنيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا قد تكون مدعى أو مدعى عليه، فالادعاء القانوني هو تأكيد شخص لحقه أو مركزه القانوني في مواجهة شخص آخر بناء على واقعة قانونية معينة.
         فالدعـوى المرفوعة من طرف النيابـة هي رفع الادعاء على القضاء للحصول على حكم إيجابي من القضاء، و يتم رفع الادعاء عن طريق المطالبة القضائية الذي يتم بإيداع عريضة مكتوبة لدى كتابة الضبـط،  ويشترط لصحة المطالبة القضائية الصفة و المصلحة و الأهلية طبقا للمادة 459 من قانون الإجراءات المدنية [18] الذي تتوفر في النيابة العامة.
         فالمصلحـة هـي الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى ماديـة أو معنوية، و للنيابة مصلحة في مسائل الأسرة و هي الحفاظ على النظام العام مدعية باسم الحق العام ،و لها صفة في الدعوى باعتبارها ممثلـة للمجتمع مثـال ذلك دعوى تصفية التركـة المادة 182 قانون الأسرة[19] باعتبار النيابة صاحبة صفة في الدعوى فهي مدعية أو مدعى عليها وللنيابة الأهلية في مباشرة الإجراءات أمام القضاء الممثلة في وكيل الجمهوريـة أو مساعديه ، فإذا كانت النيابة العامة طرفــا أصليا في الدعوى فتطبق عليها القواعد العامة في قانون الإجراءات المدنية، خاصة في حالة ما إذا قامت النيابة برفع الدعوى من أجل الدفاع عن المصالح العامـة للمجتمع و كذلك حفاظا علـى النظام العام، أما فيما يخص موضوع الطلب المقدم من النيابة المطروح على القاضـي فهو يختلف حسب المنازعات المتعلقة بالأسرة، شرط أن لا يكون محل الدعوى القضائيـة المقدم من النيابـة مخالفا للنظام العام و الآداب العامة و لا للقانون و المبادئ العامة، بالإضافة إلـى ذلك لا بد من احتـرام المواعيد الإجرائيـة التي تهدف إلى تحديد النشاط الإجرائي و القضائي بفترة من الزمان و على الخصوم و النيابة باعتبارها طرفــا


أصليا في المسائل المتعلقة بالأسرة احترام هذه المواعيد خاصة عند رفع الدعوى و سيرها بما في ذلك مواعيد التبليغ و الطعن و التقادم.
         فإذا ما تطرقنـا إلى أطراف الخصومـة في المسائل المتعلقـة بالأسرة نجد المدعى و المدعى عليه  والنيابة سواء مدعى أو مدعى عليه ، و قد يكون عدد الأطراف إثنان فأكثر في بعض الحالات، و قد تمتد الخصومة إلى أطراف آخرين زائد الأطراف الأصليين بطريق إدخال الغير أو عن طريق التدخل.
         و تحديد مركز أطراف الدعوى يترتب عليه آثار هامة بالنسبة للخصومة و إجراءاتها خاصة إذا كانت النيابة مدعى أو مدعى عليه ، فيتحدد الاختصاص المحلي للمحكمة التي ترفع أمامها الدعوى القضائية بموطن المدعى عليه كذلك قواعد الحضور و الغياب الذي سوف نتطرق إليه في الفصل الثاني.
         و إذا أخذنـا بعين الاعتبار مركز النيابة العامـة في المسائل المتعلقة بالأسرة كمدعية فقد تهدف إلى مجرد تقرير حق أو مركز قانوني أو إنكاره مثل طلب ثبوت رابطة زوجية أو بنوة، و قد يكون بإنشاء مركز قانوني جديد كالطلب بالتفريق بين الزوجين، و باعتبار أن القانون القضائي الجزائري جعل الخصومة ملك للخصـوم فإن للنيابة لهـا أن تدعي باسم النظام العام و ترد في نفس الوقت على ادعاءات الخصوم.فإلى جانب النيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في قضايا الأسرة التي يجب أن تتوفر فيها شروط قبول الدعوى في حالة ادعائها طبقا للمادة 459من قانون الإجراءات المدنية التي تشترط لقبول الدعوى أمام المحكمة أن ترفع من شخص له صفة و أهلية و مصلحة في ذلك إذ يجب أن تتوفر في أطراف الخصومة هاته الشروط.

ـ المطلب الثالث: حق الإدعاء أو الدفاع:
         تقوم النيابـة العامة برفـع الدعوى على كـل من اعتـدى على المركـز القانونـي الذي تهدف إلى حمايتـه[20]،كما ترفـع عليها الدعـوى و النيابة العامة تقف في الدعاوى المتعلقة بالأسرة موقف المدعى أو المدعى عليه حسب الأحوال.
         و حيث أن النص صريح في المادة 03 مكرر من قانون الأسرة حيث اعتبرت طرفا أصلي في قضايا الأسرة مثال ذلك المواد 99 ، 102 ، 114 من قانون الأسرة، و النيابة العامة في هذه الحالات تتصل بالدعوى كطرف أصلي فهي خصم حقيقي إذ أنها تعمل بطريق الإدعاء، أما إذا رفعت الدعوى من الغير فتعمل النيابة بطريق الدفاع.
ذلك أن المشرع اعتبر مركز النيابة كطرف أصلي تعمل بطريق الإدعاء أو الدفاع قائم على اعتبارات تتعلق بالنظام العام.
        
         فالمادة99  من قانون الأسرة تنص على أنه يحق للنيابة أن ترفع دعوى مبتدئة أمام المحكمة «المقدم هو من تعينه المحكمـة في حالة عدم وجود ولي أو وصي على من كان فاقد الأهلية أو ناقصها بناء على طلب أحد أقاربـه، أو ممن له مصلحة أو من النيابة العامة. ففي هذه الحالة يجوز للنيابة العامة أن ترفع الدعوى أمام المحكمة للمطالبة بتعيين مقدم لفاقد الأهلية أو ناقصها ، كما يجوز للغير أن يرفع الدعوى عليها.فتقوم النيابة بالادعاء باعتبارها هيئة عمومية تعمل على حماية المصالح العامة و حماية الشرعية في المجتمع ، فهي لا تقوم بالدفاع عن مصالح أحد الخصوم و إنما تهدف بادعائها إلى رعاية المصلحة العامة و تطبيق القانون تطبيقا سليما لتحقيق السير الحسن للعدالة، فهي تستعمل حقها في الالتجاء إلى القضاء أو ما يسمى حق الإدعاء، فهي تلجأ إلى رفع دعوى في المسائل المتعلقة بالأسرة أمام القضاء للمطالبة بحماية مصلحة عليا للمجتمع في حالة الاعتداء على هذه المصلحة.
          و عندما تلجأ النيابة لرفع دعوى في المسائل المتعلقة بالأسرة ففي هذه الحالة كما سبق الذكر تعمل كخصم حقيقي، أما إذا افترضنا قيام خصومة بين أطرافها فالنيابة طرف أصلي في الخصومة فمهمة النيابة هي حسن سير العدالة و التطبيق السليم للقانون.
         و اعتبار النيابة طرف أصلي ليست لديها مصلحة شخصية فهي تقـف في الدعـوى موقف الحكم المحايد لا يهمه إلا قول الحقيقة لا تأخذه في ذلك لومة خصم و القاضي يهمه أن يسمع لرأي جهة متخصصة محايدة لا تهمها من النزاع إلا تطبيق القانون تطبيقا سليما و السهر على حسن سير العدالة[21]. فعضو النيابة العامة لا يتصرف باعتباره طرفا في الخصومة الموضوعية سيعود عليه النزاع بمصلحة خاصة و إنما يتصرف وفقا لمقتضيات الصالح العام.

ـ المطلب الرابع: دعاوى النيابة العامة في المسائل المتعلقة بالأسرة:

         للنيابة العامة الحق في رفع دعوى أصلية[22] بنصوص صريحة :
ـ للنيابة العامة حق تقديم طلبات بطلان الزواج عندما يكون باطلا بطلانا مطلقا و ذلك إذا كان أحد الزوجين غير بالغ أو إذا ارتكب فاحشة حسب نص المادة 48 من الأمر[23] رقم 70/20 المؤرخ في 19/02/1970 المتعلق بالحالة المدنية.
ـ يمكنها طلب تصحيح عقود الحالة المدنية و ذلك بناء على عريضة يقدمها وكيل الجمهورية و بمجرد حكم يصدره رئيس محكمة مكان تحرير أو تسجيل العقد و هذا تطبيقا لنص المادة 49 من الأمر70/20 السالف الذكر .

ـ للنيابة العامـة تقديم طلب لاستصدار حكم بفقـدان أو وفاة كل جزائري فقد في الجزائر أو خارجها و ذلك إلى محكمة مكان الولادة أما بالنسبة للمولودين بالخارج أو الأجانب يقدم الطلب إلى محكمة المسكن أو الإقامة الاعتيادية و إلا تكون محكمة مدينة الجزائر هي المختصة طبقا لنص المواد 89 ، 91 من الأمر المتعلق بالحالة المدنية و المادة 114 من قانون الأسرة.
ـ للنيابة العامـة تقديم طلـب بتصفية التركة و تعيين مقدم في حالة عدم وجود ولي أو وصي على قصر من بين الورثة و في هذه الحالة وجب أن تكون القسمة عن طريق القضاء و ذلك تطبيقا للمادتين 181 و 182 من قانون الأسرة.
ـ كما تستطيع النيابة أن تطلب من المحكمة تعيين مقدم على فاقد الأهلية أو ناقصها في حالة عدم وجود ولي أو وصي عليهم طبقا للمادة 99 من قانون الأسرة.
ـ كما يمكنها رفع دعوى بالحجر على كل من بلغ سن الرشد و هو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إحدى هذه الحالات بعد رشده طبقا لنص المادة 101 و102 من قانون الأسرة ، كما لها الحق في رفع الدعوى التي تتعلق بالإرث و الوصية.
ـ كما تنص المادة 22 من قانون الأسرة على أنه يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية، و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي. يجب تسجيل حكم تثبيت الزواج في الحالة المدنية بسعي من النيابة العامة، كما تنص المادة 49 فقرة 3 من قانون الأسرة على أنه تسجل أحكام الطلاق وجوبا في الحالة المدنية بسعي من النيابة العامة كما تنص المادة 125 من نفس القانون على أن التخلي عن الكفالة يتم أمام الجهة القضائية التي أقرت الكفالة و أن يكون بعلم النيابة العامة.
ـ مثل بعض القضايا المتعلقة بإثبات زواج عرفي القضية ترفع من طرف مدعي أو مدعية ضد النيابة العامة مثل هاته القضايا لا يوجد فيه نزاع، و ترفع الدعوى بين أطرافها ، و النيابة تلتمس تطبيق القانون.
فالملاحظ أن النيابة العامة رغم أنها طرف أصلي في مسائل الأسرة التي ترفع الدعوى أو ترفع عليها فإنها لا تقدم مذكرات مكتوبة بل تلتمس تطبيق القانون.
ـ وإذا مـا رجعنا إلى نص المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية نجدها تنص على أن النيابة يجب عليها أن تتدخل في القضايا المتعلقة بحالة الأشخاص و يقصد بحالة الأشخاص كل ما يتعلق بالجوانب الشخصية كالزواج والطلاق و النسب[24] .
نص المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية توجب إرسال ملف بعض القضايا إلى النائب العام للإطلاع عليها  وتقديم التماسات بشأنها كتابيا أو شفاهيا[25].

ـ حـق الدفـع بعدم الإرسال نصت المادة 141 من قانون الإجـراءات المدنيـة على أنه يجب إرسال ملف الدعوى إلى النائب العام و ذلك كلما كان أحد أطرافها شخص من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية ممن ورد ذكرهم على سبيل الحصر في البنود من 1 إلى 8 من هذه المادة و هم:
ـ الدولة، و الجماعات المحلية ، المؤسسات العمومية والمصالح و الهبات و الوصايا لصالح الخدمات الاجتماعية.
ـ القضايا الخاصة بحالة الأشخاص.
ـ القضايا التي تتضمن دفوعا بعدم الاختصاص في نزاع يتعلق بصلاحية الجهة القضائية .
ـ تنازع الاختصاص بين القضاة و رد القضاة.
ـ مخاصمة القضاة.
ـ الدعاوى المتعلقة بعديمي الأهلية.
ـ القضايا المتعلقة بالأشخاص المعتبرين غائبين.
ـ إجراءات الطعن بالتزوير.
         فيتضح من تحليل أحكام هذه المادة أن قاعدة إرسال الملفات المتعلقة بالأشخاص الطبيعيين أو الإعتباريين المشار إليهم في هذه المادة إلى النائب العام و إطلاعه عليها خلال الأجل المحدد في القانون يعتبـر قاعدة جوهرية أوجبها القانون بقصد حمايـة الصالح العام و حماية مصالح و حقوق هؤلاء الأشخاص، و هو من النظام العام يمكن إثارته و الدفع به خلال جميع مراحل المحاكمة من صاحب المصلحة التي شرعت هذه القاعدة لحماية حقوقه، و باعتبار أن وجوبية إرسال الملف إلى النائب العام هو قاعدة إلزامية أقرها المشرع لصالح القاصرين دعما لحماية حقوقهم ،وأن إثارة الدفع بعدم إرسال مثل هذا الملف إلى النائـب العام من طرف غير القاصر أو ممثلـه يعتبر دفعا من طرف غير ذي صفة و غير ذي مصلحة و يتعين رفضه و الإرسال المادي لملف الدعوى مشتملا على جميع الوثائق و المستندات قبل 10 أيام على الأقل من يوم الجلسة بواسطة كتابة الضبط.
         و توجد عدة قرارات صادرة عن المحكمة العليا تبين ذلك منها القرار الصادر في 09/05/1988 منشور في المجلة القضائية عدد 2- 1992 جاء فيه ( لقد جعل المشرع لبعض القضايا ميزة خاصة و فرض علـى قضاة المجالس في حالة عرضهـا عليهم أن يتخـذوا في شأنها إجراءات معينة قبل أن يفصلوا فيها و من تلك القضايا تلك التي تتعلق بحالات الأشخاص و منها الطلاق، و بالرجوع إلى أوراق ملف القضية و القـرار المطعون فيه الصادر حولها فإنه يتبين منها أنه رغم أن النزاع يتعلق بالطلاق فإن الملف لم يبلغ إلى النائب العام مما يعد خرقـا لإجراءات جوهرية تتعلـق بالنظام العام الذي يعـرض القرار المطعون فيه للنقض، كما جاء في القرار الصادر في : 6/10/1986 في المـلف رقـم 41752 المنشـور فـي المجلة القضائيـة عدد 2/1989 ص 92 
وحيث أن القضية الصادر فيها القرار المطعون فيه اشتمل على شيئين عن حالات الأشخاص و هي الطلاق و  الحضانة و أهمل القضاة إطلاع النيابة عليه منتهكين بذلك مقتضيات المـادة في السبـب و بالتالي فإن النيابة العامة تكون كطرف أصلي في مسائل الأسرة كالطلاق و الحضانة و التطليق ).
         و جاء في قرار صدر في 08/05/1985 في الملف رقم 39694 منشور في المجلة القضائية عدد 3/1989 ص 35 ( عن الوجـه الأول مأخـوذ من خرق المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية بدعوى أن هذه القضيـة تتناول مصالـح بعض القاصريـن و كان يجب أن يبلـغ ملف الدعـوى إلى النيابـة العامـة غيـر أن هـذا الإجـراء لم يحترم بحيـث أن النيابة تكون طرفا أصليا في القضايا التي يوجد فيها قصر في المسائل المتعلقة بقسمة التركات بحيث أن المشرع أعطى حماية كبيرة للقصر.
         فهناك حالات ينـص فيها القانون صراحة على حـق النيابة العامـة في رفع الدعوى أمام المحكمة في قضايـا الأسرة ، فإذا  رفعـت في هذه الحالـة من الغير فيكـون تدخلها وجوبيا و تكون طرفا أصليا في الخصومة و على المحكمة إرسال الملف إلى النيابة لتقديم دفوعها و طلباتها و من أمثلة الحالات التي يحق للنيابة العامة التدخل فيها أمام المحكمة مثل المواد 114-102-99 من قانون الأسرة ففي هذه القضايا يحق للنيابـة رفـع دعوى مبتدئة أو ترفع عليها، فإذا رفعت أمام المحكمة فلا بد من تدخل النيابة كطرف أصلي لأن المسألة تتعلق بالنظام العام، لأن المشرع سمح بصريح النص للنيابة العامة بتحريك الدعوى في مسائل الأسـرة فإذا تم تحريكها من طرف غيرها فإنه يتعين إدخالها في الخصومة كطرف أصلي طبقا للمادة 03 مكرر من قانون الأسرة ، فمثلا المادة 99 من قانون الأسرة تجيز للنيابة العامة رفع دعوى أمام المحكمة للمطالبة بتعييـن مقدم لفاقد الأهلية أو ناقصهـا كما يجوز للغير أن يرفع الدعوى عليها ، أما إذا رفعت الدعوى بغير ما تكـون طرفا فيها فيكون تدخلها وجوبيـا [26]  فالنيابة العامة تكون طرفا أصليـا استنادا مثلا إلى المادة 102 من قانون الأسرة و بما أن الدعوى رفعت من أشخاص آخرين فتدخل النيابة كطرف أصلي.
         و ما لاحظناه هو تطبيق نص المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية سواء أمام المحكمة أو المجلس  ونصهـا على إطلاع النائب العام و ليس النيابة العامة و وجود قرارات من المحكمة العليا تؤكد أنها تطبق أمام المحاكم، باعتبار أن النيابة العامة لا تتجزأ و نذكر على سبيل المثال كذلك لا على سبيل الحصر الحالات التي يحق للنيابة رفع الدعوى أمام المحكمة الحالات المنصوص عليها في المواد 99-102-114 من قانون الأسرة فالقضايا المشار إليها في المواد السابقة من قانون الأسرة يحق للنيابة العامة أن ترفع فيها دعوى مبتدئة أو ترفع عليها[27] فإذا رفعت تلك القضايا أمام المحكمة فلا بد أن تكون النيابة العامة طرفا اصليا فيها بصريح النص المادة 3 مكرر من قانون الأسرة.
        
         واعتبار ذلك أن المشرع أعطى الحق للنيابة العامة أن ترفع الدعوى أمام المحكمة لأن القضية تتعلق بالنظام العام و بتأكيد من المشرع نفسه.
ونشير إلى بعض الاجتهادات القضائية على سبيل المثال:
فيما يخص القضايا المتعلقة بحالة الأشخاص[28] من المقرر قانونا انه يجب إبلاغ النائب العام بالقضايا المتعلقة بحالة الأشخاص ,و من ثمة فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لإجراء جوهري و انتهاكا لقاعدة قانونية من قواعد النظام العام .
ولما كان قضاة الاستئناف وافقوا على حكم قضى بالطلاق دون إبلاغ الملف المتعلق به إلى النائب العام فإنهم بقضائهم هدا خرقوا أحكام المادة 141 ق ا م القرار رقم 762 -34 المؤرخ في 03/02/1984 المنشور في المجلة القضائية العدد 04 .
ولقد نصت المادة 141 المحتج بها في السبب على انه حينما يتعلق الأمر بحالة الأشخاص فان الواجب يقتضي إرسال الملف إلى النائب العام للإطلاع عليه و إعطاء رأيه فيه ودلك من مقتضيات المادة المذكورة.
وبالرجوع إلى ملف القضية والقرار المطعون فيه الصادر حولها فانه يتبين منها انه رغم أن النزاع يتعلق بالطلاق فان الملف لم يبلغ إلى النائب العام مما يعد خرقا لإجراءات جوهرية تتعلق بالنظام العام الذي يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
قرار رقم 283/49 مؤرخ في 09/05/1988 ن ق 1992 عدد 02 أن القرار لا يعد معيبا إذا لم يسلم الملف للنيابة العامة إلا إذا أحدث تغييرا في حالة الأشخاص وهو ما لم يتحقق في حالة رفض التحقيق الذي قدمته الزوجة والحكم عليها بالرجوع.
قرار رقم 535/26 مؤرخ في 11/01/1982 ن ق عدد خاص 1982 .
حيث أن الطاعنة تعيب على المجلس كون القضية الحالية تتعلق بحالة الأشخاص أنها لم تحال إلى النائب العام ليطلع عليها.
لكن بعد الإطلاع على المادة 141 ق ا م أن حالة الأشخاص تتعلق بالقضايا المتعلقة بعديمي الأهلية أو كانوا قصرا.
فيما يخص القضايا المتعلقة بالقصر[29] يعتبر إطلاع النيابة العامة على الملفات الخاصة بالقصر قاعدة جوهرية أوجبتها المادة 141 ق ا م رعاية لمصالح عديمي الأهلية و الأحداث.
ومن ثمة وجب اعتبار الوجه المثار من طرف الخصوم و المأخوذ من خرق هده القاعدة صادرا ممن ليست له الصفة في التمسك به وبالتالي يعد مرفوضا ذلك أن الوسيلة المقررة قانونا لا يستفيد منها إلا من تقررت لمصلحته.
قرار رقم 598/26 مؤرخ في 19/01/1983 م ق 1989 عدد 01 .
متى أوجب القانون تبليغ القضايا التي تهم القصر إلى النيابة العامة كان دلك الإجراء يعد جوهريا لا يجوز استبعاده أو اعتباره مستوفيا بمجرد الإشارة إلى إتمامه والجهة القضائية التي اكتفت بالذكر في قرارها انه تم سماع النائب العام في طلباته تكون قد خرقت قاعدة جوهرية في الإجراءات مما يستوجب النقض.
قرار رقم 377/32 مؤرخ في 11/07/1984 م ق 1989 عدد 01 ، ص 51 .













ـ الفصل الثاني: الآثار المترتبة على اعتبار النيابة طرفا أصليا و المبررات العملية لتكريس نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة:
         كما رأينا فيما سبق ذكره أنه إذا قامت النيابة العامة برفع الدعوى كانت بذلك خصما حقيقيا  وطرفا أصليـا، كما هو الشأن إذا ما رفعت دعوى من الغير فتكون النيابة طرفا أصليا و ذلك بصريح نص المادة 03 مكرر قانون أسرة، لكن مركز النيابة هذا يترتب عليه عدة آثار من حيث قواعد الاختصاص و إجراءات الدعوى ،و من حيث إجراءات التبليغ و الحضور و تقديم الطلبات  و الدفوع، و من حيث الطعن و الاستئناف، ومن حيث حجية الأحكام الصادرة في القضايا التي تكون النيابة فيها طرفا أصليا، هذا ما سوف نتطرق إليه في المبحث الأول و في المبحث الثاني نتطرق إلى المبررات العملية لتكريس نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة .
















ـ المبحث الأول: الآثار المترتبة على اعتبار النيابة طرفا أصليا:
         لقد جاء التعديل الوارد على قانون الأسرة في مادته 03 مكرر على أنه تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون و كحتمية لذلك فلابد من الرجوع إلى أحكام القواعـد العامة فـي قانون الإجراءات المدنيـة لتطبيق أحكـام و آثـار الطرف الأصلـي فـي الدعـوى و التي سوف نناقشها في المطالب الآتية:
ـ المطلب الأول: قواعد الاختصاص و إجراءات الدعوى:
         إن القانون الجزائري يوزع الاختصاص بين الاختصاص النوعي و الاختصاص المحلي، فالاختصاص النوعي يحدده المشرع حسب معيارين المعيار الأول يعتمد على طبيعة الدعوى أي يأخذ بنوعية المادة التي هي محل النزاع القائم بين الأطراف، و المعيار الثاني يرتكز على قيمة المصالح التي هي محل الخصومة.
         و الاختصاص النوعـي للمحاكم يمتد في قضايـا الأسـرة فيما يتعلق بالعصمة و فكها و توابعها  والحضانة و النفقة والمواريث و غيرها إلى فرع الأحوال الشخصية أو فرع الأسرة ، و الاختصاص النوعي يتعلق أكثر بالنظام العام، عكس الاختصاص المحلي فهي موضوعة خاصة في مصلحة الخصوم و لصالحهم.
فالقاعـدة الأساسيـة في الاختصاص المحلي هي أن المدعي يسعى إلى المدعى عليه في أقرب المحاكم إلى موطنه، فالاختصاص المحلي للمحكمة يحدد بالنسبة لموطن المدعى عليه الذي يقع في دائرتها ، إلا أنه يوجد استثناءات [30]التي تفرض فيها اختصاص محلي لمحكمة معينة في:
ـ مادة المواريث ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح التركة( المادة 08 فقرة 4 من قانون الإجراءات المدنية) و المقصود هنا بالاختصاص هو تجميع القضايا المتعلقة بالتركة أمام محكمة واحدة على أن عملية قسمة التركة تتطلب فيها إجراءات عديدة و مختلفة و يطبق هذا الاستثناء على الدعاوى التالية:
ـ الدعاوى التي ترفع من بعض الورثة على بعض و الوارث هنا ليس الوارث شرعا فقط بل يدخل في ذلك الموصى له.
ـ الدعاوى التي تتعلق بتنفيذ وصية بعد وفاة الموصى.
ـ في دعاوى الطلاق أو العودة إلى محل الزوجية يكون الاختصاص محليا للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها محـل الزوجية ( المادة 8 فقرة 6 من قانون الإجراءات المدنية) على أن هذه المحكمة هي أقدر من غيرها على التحقيق في المشاكل القائمة ما بين الزوجين و التي يمكن الإطلاع عليها بسهولة في المكان الذي يقع به محل الزوجية .

ـ و ترفع الدعاوى المتعلقة بالنفقة أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطن أو مسكن الدائن بقيمة النفقة ( المادة 8 فقرة 8 من قانون الإجراءات المدنية) على أن النفقة تعتبر دينا محمولا و المقصود هنا هو لإطعام صاحبها و عليه يجب أن يسلمها في مكانه كما تنص المـادة 38 من القانون المدنـي الجزائـري « موطن القاصـر و المحجور عليه و المفقود و الغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانونا غير انه يكون للقاصر المرشد موطن خاص بالنسبة للتصرفات التي يعتبره القانون أهلا لمباشرتها».
فبالنسبة للاختصاص هنا نرجع إلى القواعد العامة في قانون الإجراءات المدنية و الاستثناءات الواردة عليها ، أما فيما يخص اتصال النيابة بقضايا الأسرة فإذا كانت تعمل بطريق الإدعاء فهي من تحرك النشاط القضائي و ترفع الدعوى فتقوم بتبليغ ملف القضية إلى الخصم في هذه الحالة لا يطرح إشكال، في حالة ما إذا تم رفع الدعوى من الغير فيتم تبليغها بملف القضية عن طريق كتابة ضبط المحكمة و في بعض المحاكم تشترط النيابة تبليغها بالقضية عن طريق المحضر القضائي و نتيجة لذلك تتصل النيابة بالقضية المتعلقة بالأسرة.
و تختلف المحكمة المختصة بالفصل في القضايا التي تنشأ بين الزوجين المتخاصمين و ذلك حسب اختلاف موضوع الطلب المقدم للمحكمة على أن المحكمة المختصة بالفصل في دعاوى الطلاق و دعاوى الرجوع إلى محل الزوجية هي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية[31] .
         فالاختصاص[32]بشأن مسائل الأسرة في القانون المصري لا يخرج عن نطاق الاختصاص في القواعد العامة إلا بعض الاستثناءات:
ـ اختصاص محاكم الأحوال الشخصية دون غيرها بنظر مواد الحساب بين عديم الأهلية و النائب عنه، عدم اقتصار مهمتها على مناقشة أرقام الحساب و تمحيصها حقها في تناول كل دفع يتمسك به المدعى عليه المادة 1008 مرافعات مصري.
ـ متى بلـغ القاصر سن الرشـد فلا ولاية لمحكمة الأحوال الشخصية إلا في بحث ما قدم لها من حساب عن مدد سابقة على انتهاء الوصاية المادة 970 مرافعات مصري.
ـ عدم اختصاص المحاكم الشرعية بالفصل في دعاوى الأحوال الشخصية من غير المسلمين إذا اتحد الطرفان مذهبا ( عدم ولايتها أمر يتعلق بالنظام العام ).

المطلب الثاني: إجراءات التبليغ و الحضور و تقديم الطلبات و الدفوع:
         من حيث اتخاذ إجراءات الدعوى أو البدء فيها فكون النيابة طرفا أصليا في الدعوى المتعلقة بالأسرة فتقوم بإعلان الأوراق للخصم و يتم إعلانها بها [33]، و يكون لها ما للخصوم من حقوق و واجبات فلها أن تبدي ما تشاء من الطلبات و الدفوع، إذ يمكنها مثلا أن تتمسك بالدفوع المتعلقة بالنظام العام كالدفع بعدم الاختصاص النوعي لأن ذلك مما تلزم المحكمة أن تراعيه من تلقاء نفسها، و ما عمل النيابة في هذه الحالة إلا تنبيهها لما هو واجب عليها[34] ، و عليه فإن إخطار النيابة بملف القضية الذي يرسل لها الملف من طرف كتابة ضبط المحكمة قبل 10 أيام على الأقل من يوم الجلسة طبقا للقواعد العامة.
         و باعتبـار النيابة طرفـا أصليا فإذا كانت في مركز المدعى كانت هي أول من يتكلم أما إذا كانت في مركز المدعى عليها كانت آخر من يتكلم.
         و باعتبـار النيابـة طرفا حقيقيا لا يجـوز طلـب ردها باعتبارها خصم و تبدي طلباتها و دفوعها في القضية بصفة موضوعية مما يحقق المصلحة العامة.
         و باعتبار النيابة طرف أصلي دورها لا يختلف عن الخصم العادي فهي تتصل بالدعوى وفقا للإجراءات العادية.
         إذ تنص المادة 92 من قانون المرافعات المصري أنه في كل حالات النيابة العامة يجب على قلم الكتابة إخبارها كتابة بمجرد قيد الدعوى ، و إذا كان أثناء نظرها يتم ذلك بأمر من المحكمة، و تعتبر النيابة طرفا أصليا في الدعوى بمجرد تقديم مذكرة برأيها فيها، و لا يتعين حضورها إلا في الحالات التي ينص القانون على ذلك  وهذا طبقا لنص المادة 91 من قانون المرافعات المصري[35]و يكون تدخلها قبل إقفال باب المرافعـات، و إن تدخلت لها الحق في طلب مهلة 7 أيام على الأقل لتقديم مذكرة بأقوالها تبدأ من اليوم الذي يرسل لها فيه ملف القضية[36].
         بالنسبـة للمشرع الجزائري و في المسائـل المتعلقة بالأسرة باعتبارها طرفا أصليا فيكون بإعلانها من كاتب الضبط بأمر من قاضي الأحوال الشخصية المختص بنظر النزاع، أما في الحالة الواردة في المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية وهي حالة الأشخاص فإن إطلاع النيابة عليها يكون طبقا للفقرة 2 من هذه المـادة   وترسل هذه القضايا الموضحة آنفا إلى النائب العام قبل 10 أيام على الأقل من يوم الجلسة بواسطة كتابة الضبط .
ـ أي أنه يمنـح للنيابة العامـة أجل 10 أيام على الأقل لتقديم مذكرة في القضية و يبدأ سريان هذه المهلة من اليوم الذي يرسل إليها ملف القضية مشتملا على مستندات الخصوم و مذكراتهم، و الغاية تكمن في تحقيق المصلحة العامة من طرف النيابة و مادامت النيابة طرفا أصليا في الدعوى فأوجب القانون عليها بقصد حماية الصالح العام أن تقدم مذكرة جوابية.
         و نذكر على سبيل المثال لا الحصر القرار الصادر في 11/07/1984 في القضية رقم 32377 المنشور في المجلة القضائية رقم 1-1989 الذي جاء في حيثياته ، حيث بالفعل أن القضية تهم الأطراف القاصرين و أنه لا يتضح من القرار المطعون فيه و لا من سائر أوراق ملف الطعن الإجراء المنصوص عليه في المادة 141 من الإجـراءات المدنيـة قد وقع فعـلا و أن الإشـارة في القرار محـل الطعن بالنقض إلى النائب العام قد استمع في طلباته لا تعـوض الإجراء المنبـه عليه، مما يترتب عنه أن القرار قد خرق قاعدة جوهرية و يتعيـن نقضه.
         مـن خلال ذلك نستطيع أن نقول أن إجراء اتصال النيابة العامة بملف القضية هو إجراء جوهري، لذا يمكـن القول أنه يحـق للنيابـة أن تحضـر الجلسـة و تقـدم التماساتهـا و طلباتها شفاهـة أو تبديـه في مذكرة مكتوبة ، لكن المعمول به في مسائل الأسرة أنها لا تحضر الجلسة و إنما تقدم التماسات دون حضورها في الجلسة ملتمسة تطبيق القانون.
         و على مستوى المجلس يمكن للنيابة العامة الحضور في الجلسة و إذا لم تحضر فعليها أن تقدم مذكرة مكتوبة.
         فالنيابـة العامة التي تعمل كطـرف أصلي في الدعـوى المتعلقة بالأسـرة فتقوم بإعلان الأوراق إلى الخصم و تعلن بها ، و كنتيجة لذلك فهي تأخذ حكم الخصم فلها أن تبدي ما تشاء من الطلبات و الدفوع، و يحق لها الطعن في الحكم الصادر عليها.
         و إذا قامت بالادعاء فلا يجوز طلب ردها و ذلك نزولا عند الأصل العام الذي يقضي بأنه لا يجوز رد الخصم [37]، فالنيابة لا تنضم لأحد الخصوم و لا تدافع على أحدهما و إنما تعمل على تطبيق القانون تطبيقا سليما. وإذا كانت النيابة تعمل عن طريق الدعوى حق لها طلب رد القضاة.
         حيث كان من قبل التعديل أن اتصال النيابة العامة بالدعوى عن طريق الإدعاء هو طريق استثنائي في حين اتصالها بالدعوى لإبداء الرأي هو الطريق الطبيعي لممارسة وظيفتها [38] ، لكن بالتعديل الوارد على قانون الأسرة المادة 03 مكرر أصبح طريق الإدعاء او الدفاع هو الطريق الطبيعي لممارسة النيابة لوظيفتها في المسائل المتعلقة بالأسرة.
و إذا كانت النيابة مدعى عليها فإنها تكلف بالحضور أمام المحكمة طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 22 و ما يليها من قانون الإجراءات المدنية[39]و يجوز للنيابة أن تبدي رأيها في المسائل المعروضة عليها على القضاء شفاهة بالجلسة أو تقدم مذكرة بأقوالها.
        
         و قد نصت بعض التشريعات صراحة على إعفاء النيابة العامة من حضورها الجلسات حتى في الدعـاوى التي تكون طرفـا أصليا فيها ، و بالنسبـة لتسيير جلسة قضايا الأسرة فهي عادية و لا تختلف عن الجلسات الأخرى العادية.

ـ المطلب الثالث: من حيث الطعن و الاستئناف:
         يحق للنيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في الدعوى المتعلقة بقضايا الأسرة أن تطعن في أي حكم طبقا للقواعـد العامة، و الأحكام الصادر دون إبداء النيابـة بطلباتها و التماساتهـا يترتب عليه بطلان الحكم و هذا البطلان يتعلق بالنظام العام[40].
         قبل التعديـل كانت النيابة تعمل كطرف منظم فإذا مكنـت من إبداء الـرأي فلا يحق لها أن تطعن في الحكم الصادر و لو جاء مخالفا لقاعدة من قواعد النظام العام، فإذا ما تمكنت من إبداء رأيها جاء الحكم صحيحا
و لا يمكن لها أن تطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
         لأن القاعدة العامة تقضي أن الطعن في الحكم لا يقبل إلا ممن كان طرفا في الدعوى التي صدر منها الحكم المطعون فيه و باعتبار النيابة طرفا أصليا فيحق لها الطعن و الاستئناف.
         قبل التعديـل الوارد على قانون الأسـرة كان إذا صـدر حكم من المحكمـة في القضية التي يجب أن تتدخل النيابة العامـة و يكون تدخلها فيهـا وجوبيا و لم تمكن من التدخـل لإبداء الرأي ، فإذا وقع فيه الطعن  و الاستئناف فإن الجهـة الإستئنافيـة لا تستطيـع استعمال حقها في التصدي و إنما عليها أن تعيد القضية إلى المحكمة لتمكين النيابة العامة على مستوى المحكمة من إبداء الرأي و لا يغني تدخلها أمام المجلس القضائي عن تدخلها أمام المحكمة [41].
         أما إذا لم يطعن في الحكم من أحد الأطراف فإنها تقف مكتوفة الأيدي بالرغم من أن الحكم الصادر هو حكم باطل بطلان مطلقا [42].
         و قد خـول قانون المرافعات المصري للنيابة العامة الطعن في الأحكام التي صدرت في الدعاوى التي لم تكن طرفـا فيها أصلا طبقا لنص المادة 96 مرافعـات مصري التـي تقضي للنيابة العامة الطعن في الحكم في الأحوال التي يوجب القانون أو يجيز تدخلها فيها إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد النظام العام أو إذا نص القانون على ذلك، فإذا كانت النيابة طرفا منضما و لم تتدخل في الدعوى عندما يوجب القانون ذلك فلا يجوز لها الطعن في الحكم إلا إذا انطوى على مخالفة للنظام العام لتدارك ما فاتها من التدخل[43].
         بالرجوع إلى القواعد العامة نجد أن المشرع قد حصر طرقها و مواعيدها و أعطى المشرع للنيابة باعتبارها طرفا أصلي في مسائل الأسرة كل طرق الطعن و الاستئناف طرق الطعن العادية و الغير عادية، فالطريقـان العاديان يتمثلان في المعارضة و الاستئناف، فالمعارضة هي طريق عادي في الأحكام الغيابية و هذا لا يحدث بالنسبة للنيابة لأن كل الأحكام تصدر حضورية في حق النيابة ، و هناك الاستئناف أمام المجلـس القضائي من أجل النظر فيـه و يمنح للنيابـة مهلة شهـر واحد يسـري من تاريخ تبليـغ الحكم إذا كان حضوريا ، و تستطيع النيابة تقديم طلبات التي تكون بمثابة دفاع عن الدعوى الأصلية مثل طلب التعويض المقدم في دعوى محلها الأصلي هو الطلاق، كذلك في حالة عدم إدخال بعض الورثة في دعوى القسمة و حصر تركة الميت.
         أما بالنسبـة للطرق الغير عاديـة الممنوحة للنيابـة تتمثل في الطعن النقض و التماس إعادة النظر إذ تستطيـع النيابة الطعن في الحكم الذي يفصح بالطلاق بتظليم الزوجين بداعي عدم إثبات الطرفين ادعاءاتهما ،
و الحال أن الزوجة تأخذ على زوجها عدم السعي إلى تنفيذ حكم صادر بناء على طلب الزوج برجوع الزوجة مظهرا بذلك إرادته في عدم إرجاعها و الاستمرار في عدم الاعتناء بها و بالطفل المشترك، كذلك في الحكم بالطلاق دون إجراء محاولة الصلح و يعد الحكـم موجبا للنقـض و للنيابـة تطعن في الحكم الذي يخرق قانون الأسرة مثال ذلك إبقاء المطلقة ساكنة مع مطلقها و قد صارت أجنبية عنه.
          فإلى جانـب حالة كون النيابة طرفـا أصليـا في الدعوى عن طريـق الإدعاء أو الدفاع فإنها تكون كذلك طرفا أصليا في حالة رفعها لمختلف الطعون ، بحيث يحق لها كأي خصم عادي الطعن في الحكم و بالتالي فهي تباشر مهمتها في تحقيق تطبيق القانون لمختلف الطعون وفقا للمواعيد المحددة قانونا، و من بينها الاستئناف[44]إذ من الطبيعي أن يعطي لوكيل الجمهورية حق الطعن بالاستئناف فيمكنه القيام بذلك بصفته طرفا أصليا في الدعوى المتعلقة بالأسرة ، حيث أنه باستطاعته الاستئناف في كل حكم يصدر في قضية من محكمة الدرجة الأولى في مهلة شهر من تبليغ الحكم الحضوري حسب نص المادة 102 من قانون الإجراءات المدنية.
         و يقوم بالطعن بالاستئناف في كل الحالات التي تكون النيابة طرفا أصليا لكن لا يجوز له قانونا الطعن بالمعارضة باعتباره دوما حاضرا أو ممثلا في الجلسة ، و للاستئناف نفس الآثار الموقفة و الناقلة كأنه رفـع من طرف خصم عادي[45].وأعطى القانون للنائب العام الحق في الطعن بالنقض إذ يجوز للنائب العام لدى المجلس
القضائـي بصفته طرفـا أصليا في الدعوى الطعن بالنقض في القرارات الصـادرة عن الدرجـة الأخيــرة في التقاضي ، لكن بشرط أن يكون ميعاد الطعن مازال قائما و هو شهرين من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه أو أصبحت المعارضة غير مقبولة( المادة 235 من قانون الإجراءات المدنية) و النائب العام الذي يرفع الطعن بالنقـض يكون بواسطة عريضة مرفوعـة إلى المحكمة العليا بمعرفة النائب العام لدى المحكمة العليا و يرفقهـا بوثائق الملف[46] ،وهناك الطعـن لفائدة القانون فللنيابـة العامة الحق في رفـع مختلف الطعون في دعاوى الأسـرة، وأن يكون الحكـم قابـلا للطعن فيه كما أنه طبقـا للقواعد العامة فإن الطعن لا يقبل إلا من الأطراف في الدعوى، إذ يمكن للنائب العام لدى المحكمة العليا الطعن لصالح القانون في كل الأحكام التي تصبح نهائية إذا  كان الحكم مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله فهنا يظهر دور النيابة في الدفاع عن القانون  وحسن تطبيقه[47].




ـ المطلب الرابع : حجية الأحكام الصادرة في مسائل الأسرة:
         قبل التطرق إلى حجية الأحكام الصادرة في مسائل الأسرة لا بد أن نشير إلى أنواع هذه الأحكام بنوع من الإيجاز[48] :
1)    الحكم الملزم: حكم الإلزام هو ذلك الحكم الذي يتضمن إلزام المدعى عليه بأداء معين قابل للتنفيذ الجبري و لذلك فإن حكم الإلزام يهدف إلى تقرير مصدر الإلزام و لكي تتحقق هذه الصورة فلابـد أن يكون هناك تنفيذ جبري يهدف إلى إعادة مطابقة المركز الواقعي مع المركز القانوني للشخص فمتـى نقول بأننـا أمام حكم ملزم ؟  فنكون أمام حكم ملزم إذا كان هناك حق يقابله إلتزام و يكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ الجبري.
2)    الحكم المقرر: هـو ذلك الحكم الذي يؤكد وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني و هذا الحكم لا يمكن تنفيذه جبرا و هذا عكس الحكم الملزم لأنه بمجرد صدوره تتحقق الغاية منه مثل الحكم الصادر بالتطليق، فبمجرد صدوره تشبع الحاجة منه أي تخلص الزوجة من الزوج و الأحكام المقررة لا يساهم القضاء إلا في الكشف عنها و تقريرها و الدعوى التقريرية لا تواجه اعتداء في شكل مخالف للالتزام لأن الحق أو المركز القانوني لا يقابله التزام و إنما يواجه مجرد اعتراض.
3)    الحكم المنشأ: هو ذلك الحكم الذي يهدف إلى الحصول على قضاء يتضمن إنشاء أو إنهاء أو تعديل حق أو مركز قانوني.
         وتختلف الأحكام التقريرية عن الأحكام المنشاة في كون أن الأولى تكون فيها السلطة التقديرية للقضاء     
        محدودة، بينما في الأحكام المنشاة تكون السلطة التقديرية للقضاء أوسع.
وبالرجوع إلى القواعد العامة في إجراءات التنفيذ بعد أن يصبح الحكم نهائيا أي لا يقبل أي طريق من طرق الطعن فإنه يصبح حائز لقوة الشيء المقضي به و يكون قابلا للتنفيذ ، و مادامت النيابة طرفا أصليا في دعاوى الأسرة إذ قد تكون مدعى أو مدعي عليها فإنها تنفذ تلك الأحكام.
         فالأحكام الصادرة في مسائـل الأسرة هي عنوان الحقيقة بما فرضه المشرع فيها من حجية مطلقة و ذلك رعاية لحسن سير العدالة و ضمان للاستقرار لاتقاء المنازعات من جديد أو وقوع تعارض بين الأحكام، و هي أمـور متعلقة بالنظام العـام بل و تسمو علـى اعتباراتـه، و مؤدى ذلك أن الحقيقـة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية، و إذا كانت مسائل الأسرة و هي مجموعة متميزة من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص و التي رتب القانون عليها أثـرا في حياته الاجتماعية لكونه إنسانا ذكرا أو أنثى و كونه زوجا أو أرمل أو مطلقا و كونه أبا أو ابنا و كونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون، و باعتبار أنها تقوم على تقرير مراكز قانونية يرتب عليهـا القانون أثرا في حياة الأشخـاص الاجتماعية و من ثم أحاطهـا المشرع بإجـراءات و ضمانات خاصــة من بينها وجوب تمثيل النيابة كطرف أصلــي في الدعوى بوصفهـا نائبة على المجتمع و بالتالي فإن الأحكـام الصادرة فيها تكون لها حجية قبل الكافة و ذلك دون اعتبار إن كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة أو ملزمة لمـا تضمنته من حقوق، إذ أن الحقيقة القضائية في مسائل الأسرة كالأهلية و الزواج و البنوة و الطلاق تتضمن تقريرا لمركز قانوني و ترتب آثارا من شأنها تحديد وضع الشخص فـي المجتمع بصفة مطلقة و عامة، إذ أن النـزاع في مواد الولاية على المال ينطوي في حقيقة على معنى الحسبة حفاظا على أموال ناقص الأهلية و عديمها ، و كان طلب الحجر لعارض من عوارض الأهلية يستهدف مصلحة خاصة و مصلحة عامة ترجع كلها إلى حفظ مال من لا يستطيع المحافظة عليه يستدعـي تدخل النيابة كطرف أصلـي بغرض حمايته، إذ أن النيابـة العامة تعمل علـى رعاية مصالحـه و التحفظ على أمواله و الإشراف على إدراتها ، مما مفـاده أن النيابة الخصـم الأساسـي و الرئيسي في دعوى الحجر بوصفها ممثلة للمجتمع [49] و إن كـان القانون أجاز لأي من الأقارب أو الأشخاص طلب توقيع الحجر و الحضور في إجراءاته و الطعن في حكمه و لما كان الحكم الذي يصدر في دعوى الحجر تكون له حجية قبل الكافة أيا كان وجه قضائه سواء بإجابـة الطلب أي بتقريـر عارض الأهلية لـدى المدعى عليه و بتوقيع الحجر أو سلبا برفض الطلب أي ينفي عارض الأهليـة، مـن المدعى عليه و باكتمال أهليته، لأن ينطوي على تقريـر مركز قانوني يتحدد فيه وضـع المدعى عليه في المجتمـع و رتب عليـه القانون آثار معينة في حياته، و من ثم يكون للحكم الحجية المطلقة فضلا عن كون النيابة العامة هي الخصم الأساسي في الدعوى بوصفها ممثلة للمجتمع حجية مطلقة[50].


ـ المبحث الثاني: المبررات العلمية لتكريس نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة:
         لقد أوجب المشرع الجزائري في التعديل الوارد على قانون الأسرة بموجب الأمر 05/02 أن النيابة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون أي قانون الأسرة ، و استند المشرع الجزائـري إلى عدة اعتبارات تتعلق بالنيابة العامة كونها تدعي باسم الحق العام و تقوم بحماية الصالح العام و النظام العام فهي حامية الحقوق و الحريات خاصة في مسائل الأسرة التي سوف نتعرض إليها في المطالب الآتية:

ـ المطلب الأول: من حيث وظيفة و دور النيابة العامة:
         إن تحريـك الدعوى يترتب عليـه رفع الدعوى سواء رفعت من طرف النيابة أو من أطراف أخرى و به تنشأ الرابطة الإجرائية بين أطراف الخصومة.
         فتعتبـر من أهم وظائف النيابـة في المسائـل المتعلقة بالأسرة إذا قامت بمباشرة الدعوى و قامت هي برفع الإدعاء أمام القضاء باعتبارها صاحبة الحق في رفع الدعوى و تحريكها كأصل عام مدعية باسم الحـق العام فهي ترافع باسم المجتمـع و نظامه العام و طمأنينتـه بهدف تحقيق المصلحـة العامة و العدالة و القانون.
         إذ أن الإدعاء يدخل من صميم أعمال النيابة إذ لها الحرية التامة في إبداء طلباتها و لها الحق في رفع أي دعوى متعلقة بالأسرة إذا ما رأت أن فيه انتهاكا للقانون و للمصلحة العامة.
         إذ تتولى النيابة العامة في مسائل الأسرة رفع الدعوى المرتبطة بالمصلحة العامة أو مصلحة المجتمع في الحدود التي وضعها القانون، فالنيابة العامة هي الهيئة التي تمارس الدعوى باسم المجتمع أو للمصلحة العامـة،  وقـد جعلهـا المشرع الجزائري سلطـة الإدعـاء للحفـاظ على حسن تطبيق القوانين و الدفاع عن المجتمــع
 و حقوقه، إذ بالإضافة إلى دورها الهام في المجال الجزائي منح لها المشرع في مسائل الأسرة مركزا أصليا في تلك القضايا ( المادة 3 مكرر من قانون الأسرة) كطـرف أصلـي بصفة مدعى أو مدعى عليه أو متدخل أو مدخلا وتكون لها في هذه الحالة جميع الحقوق و الضمانات التي أقرها المشرع لسائر الخصوم فالقضايا التي تتولى النيابة العامة الدفاع عنها هي التي تمس بالنظام العام و الأحوال التي عينها القانون بتطبيق القانون كالحفاظ على مصالح القصر و عديمي الأهلية.
         إذ أن النيابة العامة تمارس حق الإدعاء كطرف أصلي أو رئيسي فتدخل عن طريق رفع الدعوى كطريق عادي.
         إن النيابة كطرف رئيسي و أصلي غالبا ما تكون مدعية او مدعى عليها إذ تقدم طلبات بطلان العلاقات الزوجية عندما تكون باطلة بطلانا مطلقا إذا كان أحد الزوجين غير بالغ، إذا ارتكبت فاحشة، إذا كانت سرية،  وكأن تطلـب تعييـن مدير ا مؤقتـا على أموال الغائب، و أن تصرح بوفاة الأشخاص المفقودين، هذه الحـالات التي هي علـى سبيل المثال تتدخل النيابة فيها عن طريق رفع الدعـوى كطرف أصلـي و بصفتهـا هـذه يحق 
لها أن تحضر في كـل إجراءات القضيـة في التحقيقـات و كل الإجراءات تحرر باسمها و الهدف هو تطبيق القانون و حماية المصلحة العامة.

ـ المطلب الثاني: من حيث الغاية من اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا:
         إن المشرع عندما يضع قاعدة قانونية إنما يهدف من خلالها إلى تحقيق غاية معينة، و على رجل القانون أن يعمل على الكشف على هذه الغاية، إذ أن علة كل نص تدور وجودا و عدما من الغاية التي يريد المشرع تحقيقهـا[51]، و المشرع عندما نـص على اعتبار النيابة العامة طرفا أصليـا في مسائل الأسرة فإنه مما لا ريب فيه يسعى إلى تحقيق غاية معينة.
         و الحقيقة أنه لا ينبغي أن يفهم اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا أن تنضم في الخصومة إلى أحد الخصوم فهي لا تنضم لا إلى المدعي أو المدعى عليه في طلباتهم أو دفوعهم ، فهي تتمسك بتطبيق القانون فحسب، و قد يكون موقف النيابة العامة في غير مصلحة أطراف الخصوم فهي ممثلة للمصلحة العامة[52].
         فالهدف الذي يسعى المشرع إلى تحقيقه من القاعدة أو النص القانوني الذي أوجب أن تكون النيابة طرفا أصليا في مسائل الأسرة تحقيقا للصالح العام و المصلحة العامة.
         حيث أن الغاية من اتصال النيابة بالمسائل المتعلقة بالأسرة كطرف أصلي ليس هو إجراء مقرر لغاية كامنـة في حد ذاته و إنما لغايـة أخرى [53]و هو اعتبارهـا ممثلة للحق العام و المصلحة العليا ، و هـو ما يؤدي إلى إرسال القضية إليها بواسطـة كتابة الضبـط التي يمكنها من إبداء طلباتها و التماساتها و دفوعها و الغالب في الحياة العملية أنها تلتمس تطبيق القانون.

ـ المطلب الثالث: من حيث اعتبار النيابة كممثلة للحق العام :
         إن دور النيابة العامة في الدعوى كان محل جدل فقهي ، حيث انتقده البعض على أساس أن وجود النيابة العامة إلى جانب القاضي الذي ينظر القضية يعني عدم الثقة في القضاء إضافة إلى أنه للدولة كما لباقي الأفراد نوابهم الذين يمثلونهم في الدعوى و وجودها إلى جانب أحد الخصوم يخل بمبدأ المساواة في الدعوى ، كما قيل أن وجود النيابة العامة في الخصومة المتعلقة بالأسرة وسيلة في يد السلطة التنفيذية للتدخل في شؤون القضاء[54].
         وقد رد البعض على هذه الانتقادات بقولهم أنه إذا كانت مصالح المجتمع يمكن صيانتها بواسطة القاضي ، إلا أنه يوجد مبدأ في الخصومة يحول دون قيامه بهذا الدور فالخصومة لا تبدأ إلا بطلب ، و لهذا فإن القاضي لا يمكنه القيام بشيئ بدونه ، و من ناحية أخرى لا يتصور أن يقوم القاضي من تلقاء نفسه بإعادة النظر في حكم مخالف للقانون بغير طعن فيه و لا يمكن القول بترك الأمر إلى أصحاب الرابطة الموضوعية و ذلك أنه توجد روابط رغم أنها من القانون الخاص تفوق المصلحة العامة في تطبيق القانون عليها المصلحة العادية[55].
         و رغم هذا فإن الانتقادات لم تؤثر في أداء النيابة العامة لدورها في قضايا الأسرة بل معظم التشريعات نصت على هذا الدور كالتشريع المصري فالنيابة العامة لما اعتبرت طرفا أصليا في قضايا الأسرة لا تهـدف إلى حمايـة مصالح خاصـة أو تحقيق منافـع ذاتيـة بل تعمل على تطبيق القانون تطبيقا سليما و هذا يفيد إلى إرجاع الحقوق إلى أصحابها باعتبارها ممثلة للحق العام .
         و بالتالـي فإن أسـاس اعتبار النيابـة طرفا أصليـا في مسائـل الأسرة مرتبط بفكرة النظام العام في المجتمع فهو أساس قيامها بهذا الدور فالنيابة لا تهدف إلى تحقيق منفعة مادية و إنما تهدف إلى تحقيق الدفاع الاجتماعي بحماية القانون و الشرعية و مهمتها الوصول إلى الحقيقة و حسن سير العدالة و تطبيقا لذلك قيل أن النيابة العامة لا تكسب و لا تخسر الدعوى[56]  .

ـ المطلب الرابع: من حيث الآثار المترتبة على عدم تبليغ النيابة بملف القضية:
         تبليغ النيابة العامة بقيام الدعوى أمام الجهة القضائية هل إجراء جوهريا يترتب على مخالفته بطلان العمل القضائي ؟ أم أنه يعد إجراءا تنظيميا خاصة لإجراء المنصوص عليه في المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية  ما هو جاري به العمل في بعض المحاكم أن النيابة تشترط تبليغها بملف القضية عن طريق المحضر القضائي باعتبارها خصم في الدعوى المتعلقة بمسائل الأسرة و يقوم بإجراء التبليغ الذي قام برفع الدعوى.
         و لمعرفة طبيعة هذا الإجراء، نقول أن الإجراء الذي يترتب على مخالفة بطلان العمل القضائي هو ذلك الإجـراء الذي يرتب عليه المشرع مباشـرة البطلان على مخالفته في حـد ذاته دون المساس بالبحث عن تحقق الغاية منه من عدمه[57].
         إن إجـراء تبليغ النيابة العامـة هو إجـراء تنظيمـي ومادامـت النيابـة العامة قــد تدخلـت في الدعـوى ، و أبدت رأيها أو قدمـت طلباتهـا و التماساتها أو مذكراتها فقد تحققت الغاية، و في الحقيقة أن الإجراء الجوهري ليس هو التبليغ في حد ذاته و إنما الإجراء الجوهري التي يترتب على مخالفتة بطلان الحكم هو
تمكين النيابة العامة من إبداء الرأي فإذا أبدت رأيها في القضية و تضمن الحكم أن النيابة قد أبدت رأيها فتكون الغاية قد تحققت، فإذا لم تبلغ النيابة العامة بالقضية ، و استطاعت أن تتدارك هذا النقص بنفسها، بحضورهـا أمام المجلس القضائـي أو أمام المحكمـة مما مكنها من الإطلاع على القضية بحيث سمح لها أن تبدي رأيها ففي هذه الحالة إذا لم تبلغ النيابة العامة فإنه لا يترتب عليه البطلان لأن إجراء تبليغ النيابة بالدعوى ما هو إلا إجراء تنظيمي و ليس إجراء حتمي[58] .
         فعدم تمكين النيابة العامة من إبداء رأيها في القضايا الخاصة بناقصي الأهلية و عديمها إنما بطلان مقرر لمصلحة هؤلاء فالبطلان هنا لا يتعلق بالنظام العام[59] ، و هناك رأي يرى المسألة تتعلق بالنظام العام سواء تعلق الأمر بالقضايا الخاصة بعديمي الأهلية و ناقصيها أو يتعلق بتنظيم صلاحيات الجهات القضائية[60]، ذلك أن مصلحة القصر و عديم الأهلية تتعلق بالنظام الاجتماعي الذي يهمه بالدرجة الأولى رعاية حقوق عديمي الأهليـة  وناقصيها و الأشخـاص المعتبرين غائبين ، لأن هؤلاء الأشخاص هم في حاجة إلى الحماية لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم و النظام الاجتماعي يهمه الدفاع عن هؤلاء و على ذلك البطلان المترتب على عدم تمكين النيابة العامة من إبداء رأيها في القضايا الخاصة بالقصر هو بطلان يتعلق بالنظام الاجتماعي.
         و الرأي الأرجح هو الرأي الأخير الذي يذهب إلى عدم التفرقة بين البطلان الناشئ على عدم تمكين النيابة العامة من إبداء رأيها ، سواء تعلق الأمر بالقضايا الخاصة بالقصر و عديمي الأهلية و القضايا الخاصة بالدولة  والجماعات المحلية و المؤسسات العامة المنصوص عليها في المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية لأن تلك القواعد في جملتها تهدف إلى تحقيق الصالح العام، و هي كلها تتعلق بالنظام العام[61] .
و تشير أحكام القضاء المصري[62] بشأن تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية و الآثار المترتبة على عدم تدخلها على ما يلي :
ـ وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية و بيان اسم العضو الذي مثلها و إلا كان الحكم باطلا.
ـ عدم إبداء النيابة رأيها في دعوى الحجر، بطلان الحكم الصادر في موضوع الدعوى.
ـ حكم صـادر في مسألة من مسائل الأحـوال الشخصية- عدم بيان اسم عضـو النيابة الـذي أبدى رأيه في القضية فيه- بطلان الحكم.
ـ وجوب تدخـل النيابة في قضايا الأحـوال الشخصية و لو كانـت الدعوى قد رفعت أصلا دعاوى مدنية أو أثيرت فيها مسألة أولية تتعلق بالأحوال الشخصية- بطلان إدا أغفل إثبات رأي النيابة في هذه القضايا ضمن بياناته.
ـ وجوب إبداء رأي النيابة في قضايا الأحوال الشخصية- لا لزوم لإبداء الرأي في خطوة من خطوات الدعوى.
ـ تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر لرعاية مصالحهم التمسك بالبطلان على أصحاب المصلحة ليس لغير القصر التصدي بعدم إخبار النيابة.
ـ عدم تعقيب النيابة العامة على دفاع أحد الخصوم – حمله على أنها لم تجد فيه ما يدعوها إلى إبداء رأي جديد.
ـ وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية و إلا كان الحكم باطلا يستوي في ذلك كون الدعوى أصلا من دعاوى الأحوال الشخصية، أو تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية و أثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية.
ـ وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية و الوقف مثال في بيان الحكم لرأي النيابة.
ـ الحكم في موضوع طلب الحجر و رفض ما طلبته النيابة بشأن عرض المطلوب الحجر عليه في الكشف الطبي، لا محل للنعي على الحكم بأن النيابة لم تبد رأيها في الموضوع.
ـ النيابة العامة تعتبر طرفا أصليا في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية قانون 678 لسنة 1900 عدم سريان المادة 95 مرافعات التي تجيز للخصوم تصحيح الوقائع التي ذكرتها النيابة إلا حيث تكون النيابة طرفا منضما.
ـ إغفال كاتب المحكمة إخبار النيابة العامة بقضايا القصر أثره بطلان الحكم. هذا البطلان نسبي مقرر لمصلحة القصر.








الخاتمـــة:
         من خـلال بحثنـا هذا نقول أن دور النيابة في المسائـل المتعلقـة بالأسـرة  تكون كطرف أصلي في الدعوى عن طريـق الإدعاء و الدفاع بصريـح نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة، و يكون تدخلها في خصومة قائمة بين أطرافها لتبدي رأيها في النزاع و يكون وجوبا في بعض الحالات كنص المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية  أو بتدخلها تلقائيا عندما ترى أن القضية تتعلق بالنظام العام و إما بأمر من المحكمة أو المجلس القضائي.
وأن النيابة العامة تكتفي بعد إحالة القضية إليها بمجرد الإشارة على ظهر الملف بالتماس تطبيق القانون رغم أنها طرف أصلي في الدعوى و كأنها تبدي رأيها فقط فلا تقدم مذكرات مكتوبة ، رغم أن المشرع الجزائري أعطى لها هذا المركز لاعتبارات تتعلق بالنظام العام و المصلحة العامة و لحماية حقوق الأفراد و حماية حرياتهم إذ لا تقوم بالدفاع عن مصالح الخصوم إذ تهدف إلى تطبيق القانون تطبيقا سليما، و تحقيق الدفاع الاجتماعي بحماية القانون و الشرعية فهي حارسة المصالح العامة و مهمتها الوصول إلى الحقيقة و حسن سير العدالة بما يحقق العدل في المجتمع و تلك هي الاعتبارات و الأسس التي اعتمد عليها المشرع في منـح الدور الكبير للنيابـة في مسائـل الأسـرة من طرف منظـم إلى طرف أصلـي و بالتالي حماية الشرعية في المجتمع ، و يبقى بالمشرع الجزائري أن يبرز بالتدقيق اعتبار النيابة طرف أصلي في مسائل الأسرة بواسطة قواعد تنظيمية إجرائية و في غياب ذلك لابد من الرجوع إلى القواعد العامة المعروفة في قانون الإجراءات المدنية .
         و بالإضافة إلى دلك فإن مجال تطبيق أحكام المادة 03 مكرر من قانون الأسرة على مستوى المحاكم  والمجالس مازال غامضا و غير موحدا، إذ أن بعض المحاكم تعتبر دور النيابة ما هو إلا دور شكلي لا يترتب عليه أي بطلان. إذ أنها لا تبلغ بملف القضية ، إذ يتم الإشارة على ظهر الملف بعبارة بحضور النيابة العامة  وكذلك في العريضة الافتتاحية للمدعي يذكر عبارة ( بحضور ) ، و في بعض المحاكم من يشترط تبليغ القضية إلى النيابة العامة بواسطة المحضر القضائي و سواء حضرت أم لم تحضر و سواء قدمت مذكرة جوابية أم لم تقدم فإنه لا يترتب عليه أي أثر و يتم الفصل في القضية دون الأخذ برأي النيابة و هذا ما يقلص من دورها بصفتها ممثلة و حامية لمصالح المجتمع، و هناك بعض المحاكم من تحيل الملف إلى النيابة لإبداء رأيها و بدورها تلتمس تطبيق القانون .
         و هناك من يعتمد على محضر بذكر التماسات النيابة العامة فيما يخص مسائل الأسرة و النيابة تلتمس تطبيق القانون دون أي رد أو جواب إذ حجتهم في ذلك ما الفائدة إذا كان طلب الزوج هو الطلاق و طلب الزوجة هو الرجوع إلى البيت الزوجية و النيابة كيف تبدي طلباتها و المغزى من تقديم الطلبات و الفائدة المرجوة من ذلك ، و كان إلحاح بعض القضاة و خاصة قضاة النيابة العامة وقضاة الأحوال الشخصية على صدور تنظيم ينظم
 كيفية تطبيق نص المادة03 مكرر من قانون الأسرة و الإجراءات المتبعة سواء في تبليغ النيابة أو تبيان مركزها في الخصومة و الآثار المترتبة علي دلك بصفة دقيقة و موحدة على مستوى كل محاكم و مجالس القطر الجزائري.
         و في اعتقادنا أن المشرع الجزائري اعتبر النيابة طرفا أصليا لغاية تكمن في حماية مصالح المجتمع و تطبيق القانون تطبيقا سليما، و من خلال ذلك اعتمدت على أحكام الطرف الأصلي في الدعوى طبقا لنص المـادة 03 من مكرر قانون الأسـرة للبحث و المناقشة، لكن يبقى و من خلال هذه الدراسة تخلص في نتائج على شكل إشكالات تحتاج إلى بحث و دراسة معمقة ، ويتعلق الأمر سيما في :
ـ هل باعتبـار المشرع للنيابـة كطرف أصلي في المسائـل المتعلقة بالأسرة يعني تطبيق مختلف الأحكام  والقواعد الإجرائية المتضمنة في قانون الإجراءات المدنية على النيابة العامة.
ـ هـل الأحكـام الصادرة بدون تبليـغ النيابة تصدر في حقها غيابية أم تعتبر الخصومة غير منعقدة في حقها
و بذلك تكون أمامها مختلف الطعون ضد هذا الحكم .
ـ في حالة صدور حكم بالطلاق و بإثبات النسب ما هي المصلحة للنيابة للطعن فيه و في حالة ما إذا طعنت فيه فإن طعنها لا جدوى منه نظرا للحالة الواقعية التي أنشأها الحكم الأول.
ـ هل يمكـن للنيابة برفع مختلـف الدعاوى المتعلقة بقانون الأسرة أم أنها محصورة على بعض الدعاوى و إن كان كذلك هل تطبق عليها شروط المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية.
         لكن يبقى و أن المادة 03 مكرر من قانون الأسرة جاءت لحل مشكلة كانت مطروحة في مجال قضايا الأحوال الشخصية و عدم نجاعة المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية لوحدها أين كانت ترفع الدعوى ضد النيابة في حالة الفقدان و الحجر رغم أنها ليست طرفا أصليا فقوبلت هاته الدعاوى بالرفض فكرست المادة 03 مكرر كحل لهاته المشكلة.
         و نتمنـى أن تفتح مجالات أخرى للبحـث في هذا المجـال و إرساء الضوء على المادة 03 مكرر من قانون الأسرة و دور النيابة فيها من أجل إزالة الغموض و توضح الرؤية للقضاة و المواطنين و المحامين وحتى المحضرين القضائيين لتكريس عدالة حقيقية و تطبيق سليم للقانون موحدا على مستوى القطر الوطني، من أجل الوصول إلى إقامة أساس قضائي ثابت و مستقر يكرس الفهم و التطبيق.





قائمــة المراجــــع



1.     المستشار معوض عبد التواب – موسوعة الأحوال الشخصية - حسب أخر التعديلات – الطبعة الرابعة ( منقحة و مزيدة ) الجزء الأول – 1988 – دار الوفاء المنصورة .
2.     بوبشير محند أمقران - قانون الإجراءات المدنية ( نظرية الدعوى– نظرية الخصومة – الإجراءات الاستثنائية) ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون طبعة 1981.
3.     الدكتور غوتي بن ملحة -القانون القضائي الجزائري – طبعة منقحة و مزيدة - الطبعة الثانية -الديوان الوطني للأشغال التربوية 2001.
4.     بلحاج العربي - دور النيابة العامة في الخصومة القضائية المدنية في القانون القضائي الخاص.
5.     الأستاذ عمر زودة  - طبيعة الأحكام بإنهاء الرابطة الزوجية و أثر الطعن فيها .
6.     يحي بكوش  الأحكام القضائية و صياغتها الفنية.
7.     نبيل إسماعيل عمر – أصول المرافعات المدنية و التجارية – منشأة المعارف بالأسكندرية.
8.     فتحي والي - الوسيط في قانون القضاء المدني-مطبعة جامعة القاهرة و الكتاب الجامعي .1993
9.     محمد أحمد العابدين – الدعوى المدنية 1994- منشأة المعارف بالأسكندرية.
10.   أنور طلبة – موسوعة المرافعات المدنية و التجارية – الجزء الثاني 1995 - منشأ المعارف بالأسكندرية.
11.   حمدي باشا عمر مبادئ الاجتهاد القضائي في مادة الاجراءات المدنية ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ، سنة 2002 .
12.   المجلة القضائية العدد الثالث سنة 1991 – دراسة للأستاذ عمر زودة  دور النيابة العامة في الدعوى المدنية – قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا.
13.   المجلة القضائية العدد الأول سنة 1999 ( تطبيقات المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية ) قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا.





14.   النشرة القضائية سنة 1981.
15.   نشرة القضاة  عدد خاص 1982 – دور النيابة في المادة المدنية – للأستاذ كرغلي مقداد.
16.   دور النيابة في المادة المدنية – مذكرة نهاية التربص – الدفعة  العاشرة.
17.   موسوعة الفكر القانوني – العدد الرابع – دار الهلال للخدمات الإعلامية.
18.   موسوعة الفكر القانوني – العدد الخامس – دار الهلال للخدمات الإعلامية.
19.   قانون الأسرة الجزائري- الطبعة الرابعة – الديوان الوطني للأشغال التربوية 2005.
20.   قانون الإجراءات المدنية-– الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002.
21.   قانون الحالة المدنية- الطبعة الأولى – الديوان الوطني للأشغال التربوية2002  وزارة العدل.





[1]  قانون الأسرة الجزائري الصادر بموجب قانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 رمضان 1404 الموافق لـ 9 يوليو 1984 المعدل و المتمم بالأمر رقم 05/02 المؤرخ في 18 محرم 1426 الموافق لـ 27 فبراير سنة 2005.
[2]موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 ص 76-77، الصادر عن دار الهلال للخدمات الإعلامية.
[3] قانون الإجراءات المدنية الصادر بأمر رقم 66-154 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966.
[4]  موسوعة الفكر القانوني العدد 5 ص 76-77.
[5]  المستشار معوض عبد التواب، موسوعة الأحوال الشخصية دار الوفاء المنصورة ص 20 الجزء الأول الطبعة الرابعة 1988.
[6]  المستشار معوض عبد التواب، المرجع السابق .
[7]  قانون رقم 84-11 مؤرخ في 09 رمضان 1404هـ الموافق لـ 09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة المعدل و المتمم بالأمر رقم 05-02 مؤرخ في 18 محرم عام 1426 هـ الموافق لـ 27 فيفري 2005.
[8]  موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 ص 78- 79.
[9]  موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 ص 79.
[10]  موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 ص 79.
[11]  النشرة القضائية سنة 1981 ص 80.
[12]  موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 ص 80-81 تصدر عن دار الهلال للخدمات الإعلامية.
[13]  موسوعة الفكر القانوني، العدد 4 تصدر عن دار الهلال للخدمات الإعلامية.
[14]  المادة 03 مكرر قانون أسرة تنص « تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون».
[15]  كرغلي مقداد، دور النيابة في المادة المدنية- نشرة القضاة عدد خاص 1982 وزارة العدل ص 102،101.
[16]  بلحاج العربي – دور النيابة العامة في الخصومة القضائية المدنية في القانون القضائي الخاص الجزائري ص 142-.
[17]  بوبشير محند أمقران قانون الإجراءات المدنية ( نظرية الدعوى – نظرية الخصومة- الإجراءات الإستثنائية) ص 27 – ديوان المطبوعات الجامعية.
[18]  المادة 459  من قانون الإجراءات المدنية ، لايجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك.
[19]  المادة 182 قانون الأسرة :« في حالة عدم وجود ولي أو وصي يجوز لمن له مصلحة، أو للنيابة العامة أن يتقدم إلى المحكمة يطلب تصفية التركة و بتعيين مقدم و لرئيس المحكمة أن يقرر وضع الأختام، أو إيداع النقود و الأشياء ذات القيمة ، و أن يفصل في الطلب».
[20]  المجلة القضائية العدد الثالث سنة (1991) ص 276 دراسة للأستاذ زودة عمر دور النيابة العامة في الدعوى المدنية مجلة تصدر عن قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا.
[21]  الأستاذ زودة عمر – المرجع السابق-.
[22]  نص المادة 03 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
[23]  أمر رقم 70/20 مؤرخ في 13 ذي الحجة عام 1389 الموافق لـ 19 فبراير سنة 1970 المتعلق بالحالة المدنية.
[24]  مذكرة نهاية التربص الدفعة 10 ص 14.
[25]  المجلة القضائية (1) سنة 1999 تطبيقات المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية.
[26]  الأستاذ زودة اعمر – المرجع السابق-.
[27]  الأستاذ زودة عمر – المرجع السابق-.
[28]-  حمدي باشا عمر ، مباديء الاجتهاد القضائي في مادة الإجراءات المدنية – دور النيابة العامة في القضايا المدنية ، مجال تطبيق المادة 141 من ق أ م – دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع سنة 2002 ص 162 – 163 .
[29] -  حمدي باشا عمر ، المرجع السابق ص 164 .
[30]  الدكتور غوثي بن ملحة القانون القضائي الجزائري 2001 الطبعة الثانية ص 200.
[31]  المحكمة العليا قرار مؤرخ في 06/06/1988 ملف رقم 49091 ( غير منشور).
[32]  المستشار معوض عبد التواب المرجع السابق.
[33]  نبيل اسماعيل عمر – أصول المرافعات المدنية التجارية – نشأة المعارف بالإسكندرية ص 162.
[34]  بوبشير محند أمقران قانون الإجراءات المدنية ص 123-124  نفس المرجع السابق.
[35]  محمد أحمد العابدين – الدعوى المدنية 1994- نشأة المعارف بالأسكندرية ص 504.
[36]  المواد 94-96 من قانون المرافعات المصري.
[37]  الأستاذ عمر زوده ، المرجع السابق.
[38]  الأستاذ عمر زوده ، المرجع السابق ، ص 286.
[39]  الأستاذ عمر زوده ، المرجع السابق، ص 287.
[40]  الأستاذ عمر زودة ، المرجع السابق.
[41]  الأستاذ عمر زودة ، المرجع السابق.
[42]  الأستاذ عمر زودة ، المرجع السابق.
[43]  أنور طلبة ، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية الجزء الثاني 1995منشأة المعارف بالإسكندرية.
[44]  مذكرة نهاية التدريب الدفعة 10 ، دور النيابة في الدعوى المدنية.
[45]  كرغلي مقداد، المرجع السابق.
[46]  بلحاج العربي ، المرجع السابق ص 139.
[47]  كرغلي مقداد، المرجع السابق ص 99-100.
3  الأستاذ عمر زودة، طبيعة الأحكام بإنهاء الرابطة الزوجية و أثر الطعن فيها ص 98.
[49]  المستشار معوض عبد التواب،المرجع السابق.
[50]  المستشار معوض عبد التواب، المرجع السابق.
[51]  الأستاذ عمر زودة نفس المرجع السابق.
[52]  الأستاذ عمر زودة نفس المرجع السابق.
[53] الأستاذ عمر زودة نفس المرجع السابق.
[54]  مذكرة نهاية التدريب الدفعة 10 ص2.
[55]  فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مطبعة جامعة القاهرة و الكتاب الجامعي 1993 ص 73.
[56]   الأستاذ عمر زودة ( نفس المرجع).
[57]  الأستاذ عمر زودة ( نفس المرجع).
[58]  الأستاذ عمر زودة ( نفس المرجع).
[59]  الأستاذ عمر زودة ( نفس المرجع).
[60]  يحي بكوش، الأحكام القضائية و صياغتها الفنية ص 84.
[61]  الأستاذ عمر زودة ( نفس المرجع).
[62]  المستشار معوض عبد التواب ، المرجع السابق.

تعليقات