القائمة الرئيسية

الصفحات



احكام الهبة في القانون المدني العراقي

احكام الهبة في القانون المدني العراقي




الهبة لغة هي : ( التبرع والتفضل على الغير ولو بغير مال أي بما ينتفع به مطلقا سواء كان مالا ام غير مال ) اما التعريف القانوني للهبة فقد عرفها المشرع العراقي في المادة ( 601 ) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على انها ( تمليك مال لاخر بلا عوض ) وقد عرفها بعض فقهاء القانون على انها : (وهي عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له من دون عوض ويجوز ان يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين وهي عقد يحتاج الى توافر عناصر).

وتعتبر الهبة عقداً من العقود المسماة ويجب ان تتوفر فيه نية التبرع بالمال الموهوب الى الموهوب له ، وعقد الهبة لايتم الا بين الاحياء اذ لابد من توفر الايجاب والقبول بين الواهب والموهوب له وهي اي الهبة من اعمال التصرف التي ترتب التزاماً على الواهب بنقل حق عيني الى الموهوب له ولايقتصر الحق العيني على حق الملكية اذ قد يكون حق انتفاع او حق ارتفاق او حق شخصي او مبلغ من النقود او مال منقول .
كما ان للواهب ان يدرج شرطا معنويا على الموهوب له كأن يهب شخصا بيتا لاخر على شرط البقاء فيه الى حين وفاته والاعتناء به من قبل الموهوب له.
على ان ذلك لايعتبر عوضا اذ كما قلنا فان الشرط الاساسي في عقد الهبة هو توفر نية التبرع الذي لايكون بعوض اي بمقابل مادي والا انقلب عقد الهبة الى عقد بيع او مقايضة وكذا الحال اذا كان الشرط المعنوي يساوي المنفعة التي سيحصل عليها الواهب من الموهوب له فلا يمكن الحديث هنا عن عقد هبة وانما يكون عقد اتفاق بمقابل .
وبما ان الهبة هي عبارة عن عقد فلابد من ان تتوفر فيه الاركان العامة الواجب توفرها في كل العقود الاخرى وهي تضم نوعين من الشروط هما : شروط انعقاد وشروط صحة فشروط الانعقاد هي الرضا والمحل والسبب وان يكون مستوفيا للشكلية التي يتطلبها القانون ، اما شروط الصحة التي يجب ان تتوفر في عقد الهبة والا كان قابلا للابطال وهي الاهلية وان لايكون الرضا مشوبا باحد العيوب المفسدة الى جانب شرط تسجيل عقد الهبة في دائرة التسجيل العقاري اذا كان محلها عقارا اما في حالة كون محل عقد الهبة منقولا فيجب ان يتم قبض المنقول من قبل الموهوب له من دون حاجة الى سند رسمي .
ومن ترتب على انعقاد الهبة الصحيحة بحسب الاصل اثار من جانب واحد وهو الواهب ولكن اذا اشترط الواهب شرطا معنويا على الموهوب له اصبح عقد الهبة ملزما لجانبين وترتبت التزامات متقابلة بين الواهب والموهوب له فالتزامات الواهب هي نقل ملكية الشيء الموهوب ( محل عقد الهبة ) الى الموهوب له وهو تسجيل العقد في دائرة التسجيل العقاري ان كان العقد عقارا وتسليم الشيء الى الموهوب له ان كان محل عقد الهبة مالا منقولا كما ان على الواهب ان يضمن المال الموهوب من التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية .
وفي حالة تعمد الواهب اخفاء مستند يثبت حق الغير في المال الموهوب كان يعلم به مسبقا فيكون الواهب مسؤولا عن الضرر الذي قد يلحق بالموهوب له جراء ذلك الغش ويستطيع مطالبة الواهب بتعويض عادل يقدره قاضي الموضوع عما لحق الموهوب له من خسارة بسبب هذا الاستحقاق وكذا الحال اذا تعمد الواهب اخفاء عيب في المال الموهوب فانه يكون ايضا ملزما بالتعويض اذا كانت الهبة بعوض وفي هذه الحالة لايضمن الواهب الاستحقاق الا بقدر ما اداه الموهوب له من عوض مالم يتم الاتفاق على غير ذلك ( المادة 614 الفقرة 1 ) من القانون المدني العراقي واستنادا الى المادة ( 613 ) من القانون المدني التي تنص على انه : ( تنتقل بالهبة ملكية الموهوب الى الموهوب له ) وبناء عليه فانه اذا استحق الموهوب حل الموهوب له محل الواهب فيما له من حقوق ودعاوى وذلك استنادا الى المادة ( 614 الفقرة 2 ) من القانون المدني العراقي .
كما انه يجوز للواهب ان يرجع في الهبة اما بالاتفاق مع الموهوب او في حالة تحقق سبب مقبول حيث نصت المادة ( 620 ) من القانون المدني العراقي على ذلك بقولها ( للواهب ان يرجع في الهبة برضاء الموهوب فان لم يرض كان للواهب حق الرجوع عند تحقق سبب مقبول مالم يوجد مانع من الرجوع ) وبناء عليه فان هناك هبات لايمكن الرجوع فيها وذلك في احدى الحالات الاتية : ( اذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته او اذا مات احد طرفي الهبة او اذا تصرف الموهوب له بالشيء الموهوب تصرفاً نهائياً او اذا قدم الموهوب له بدلا عن الهبة اذا كانت الهبة صدقة او عملاً من اعمال البر او اذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له ) وذلك استنادا الى نص المادة ( 623 ) من القانون المدني العراقي . وقد حدد القانون المدني العراقي الاعذار التي تجيز للواهب الرجوع في الهبة وهي كما بينتها المادة 621 بقولها : يعتبر بنوع خاص سببا مقبولا للرجوع في الهبة :
أ- ان يخل الموهوب له اخلالا خطيرا بما يجب عليه نحو الواهب بحيث يكون هذا الاخلال من جانبه جحودا غليظا .
ب- ان يصبح الواهب عاجزا ان يوفر لنفسه اسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية او ان يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير .
ج- ان يرزق الواهب بعد الهبة ولدا يبقى حيا الى وقت الرجوع او ان يكون للواهب ولد يظنه ميتا وقت الهبة فاذا هو حي .
د- ان يقصر الموهوب له في القيام بما اشترط عليه في العقد من التزامات بدون عذر مقبول ) كما ان المادة ( 622 ) من القانون المدني العراقي نصت على حالة لابطال عقد الهبة وذلك في حالة قتل الموهوب له للواهب عمدا فيكون في هذه الحالة لورثة الواهب حق ابطال عقد الهبة اذ جاء فيها ( اذا قتل الموهوب له الواهب عمدا بلا وجه حق ، كان لورثته حق ابطال الهبة).
وفي حالة تحقق سبب من اسباب الرجوع عن الهبة سواء كان بالاتفاق ام عن طريق اقامة دعوى لدى المحكمة المتخصصة فان هذا يعتبر فسخا لعقد الهبة وتعتبر الهبة كأنها لم تكن وفي هذه الحالة يجب على الموهوب له ان يرد الشيء الموهوب الى الواهب اما اذا هلك المال محل الهبة في يد الموهوب له قبل الرد فانه يكون مسؤولا اي الموهوب له عن الهلاك ويجب عليه تعويض الواهب قيمة المال الموهوب ، اما بالنسبة لاثار الرجوع عن الهبة اذا توفر احد اسباب الرجوع فان ذلك لايؤثر على حقوق الغير ولا يكون لرجوع الواهب عنها اثر رجعي على حقوق الغير بل يجب ضمان حقوق الغير فاذا تصرف الموهوب له بالشيء تصرفا نهائيا فان الهبة تصبح لازمة ولا يجوز للواهب الرجوع عنها سواء بالتراضي ام بالتقاضي ، اما اذا رتب الموهوب له حقا عينيا على المال الموهوب مثل ترتيب حق ارتفاق او انتفاع او وضع اشارة رهن على العقار ( ان كان محل الهبة عقارا ) لصالح المصرف العقاري مثلا ففي هذه الحالة يسترد الواهب الموهوب له خاليا من كل حق رتبه الموهوب له على المال الموهوب ويحق للغير الرجوع على الموهوب له بالتعويض .

تعليقات