أهمية مساواة السند الالكتروني بالسند الورقي وإصدار تشريع يكفل ذلك ويضع له ضوابط
جامعة الدول
العربية
مجلس وزراء
العدل العرب
المركز
العربي للبحوث القانونية والقضائية
ورقة عمل الندوة العلمية
حول
"أهمية
مساواة السند الألكتروني بالسند الورقي وإصدار تشريع يكفل ذلك ويضع له ضوابط"
بيروت 4-6 آب 2009
ﺇعداد
القاضي الدكتور وسيم الحجار
(مجاز في هندسة
الكمبيوتر والإتصالات من الجامعة الأميركية في بيروت)
(دكتوراة في القانون من جامعة مونبلييه - فرنسا - إختصاص معلوماتية
قانونية)
(القاضي المشرف على
مركز المعلوماتية القضائية والقانونية في وزارة العدل)
المحور الأول: تعريف كل من السند الورقي والسند الإلكتروني وتبيان خصائصهما- أوجه التشابه وأوجه التباعد بينهما
المحور الثاني: مبررات إصدار تشريع يساوي السند الإلكتروني بالسند الورقي
المحور الثالث: إشكاليات التشريع بالنسبة للسند الإلكتروني
المحور الرابع: الضوابط في التشريع
الخاتمة
المقدمة
لقد
دخلت تكنولوجيا المعلومات إلى جميع أوجه
أنشطة الإنسان: الإقتصادية، التجارية، العلمية، التعليمية، القانونية... وقد أصبحت
المحرك الدافع في كثير من الحقول، ومنها حقل الأعمال التجارية وما إصطلح على
تسميته التجارة الإلكترونية والمعاملات الإلكترونية. وبطبيعة الحال، فور نشوء
أساليب جديدة في التعامل بين الناس، يجهد النظام القانوني ليواكب هذه الأساليب عبر
وضع إطار قانوني لها أو تكييف القواعد القانونية السائدة لتستوعبها. في الواقع، لقد
أثارت التشريعات المتعلقة بالسند الإلكتروني، ولا تزال تثير، إشكاليات عديدة،
بالرغم من إقرار عدد منها منذ عدة سنوات في كثير من الدول. وإن المناقشات في هذا
الموضوع لا تزال تغني البحث العلمي، وتسهم في توضيح كيفية تطبيق النصوص والممارسات
والآليات التقنية، ولاسيما بعد إختبارها، كما تسهم في تعديلها وتطويرها في أحيان كثيرة.
وتشكل هذه الندوة فرصة قيمة لمعالجة موضوع شائك ذات أبعاد تقنية وقانونية في آن
معاً.
إن
موضوع بحثنا "أهمية مساواة السند الإلكتروني بالسند الورقي وإصدار تشريع يكفل
ذلك ويضع له ضوابط" يتطلب أولاً تحديد العنصر الأولي الذي يُبنى عليه، وهو
السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، ومن هنا ضرورة تعريفهما، ومقارنتهما بالسند
الورقي والتوقيع اليدوي. ويتطلب موضوع بحثنا محاولة كشف المبررات التي تحمل على
التشريع فيه، كما إستخلاص الإشكاليات التي قد تعوق عملية التشريع تمهيداً لإيجاد
حلول لها، وأخيراً إستعراض الضوابط التقنية والقانونية التي يُفترض بالتشريع
الصادر أن يتبناها وينظم جزئياتها، وذلك لتوفير حماية قانونية للمتعاقدين وأرضية
صلبة للقطاع ككل ضماناً لإزدهاره.
ومن هنا سنتناول المحاور التالية تباعاً:
المحور الأول: تعريف كل من السند
الورقي والسند الإلكتروني وتبيان خصائصهما- أوجه التشابه وأوجه التباعد بينهما
المحور الثاني: مبررات إصدار تشريع
يساوي السند الإلكتروني بالسند الورقي
المحور الثالث: إشكاليات التشريع
بالنسبة للسند الإلكتروني
المحور الرابع: الضوابط في التشريع
المحور الأول: تعريف كل من السند الورقي والسند الإلكتروني وتبيان خصائصهما- أوجه التشابه وأوجه التباعد بينهما
قبل الإنتقال إلى صلب الموضوع،
يقتضي تحديد موضوع البحث، ألا وهو السند الإلكتروني من خلال إعطاء تعريف له،
وإعطاء تعريف أيضاً للرديف التقليدي له، ألا وهو السند الورقي. ومن ثم تبيان خصائص
كل من السند الإلكتروني والسند الورقي ومقارنة هذه الخصائص.
يمكن
تعريف السند الإلكتروني بأنه "سند يتضمن معلومات قابلة للإسترجاع بشكل مفهوم،
يتم إنشاؤه أو تخزينه أو إستخراجه أو نسخه أو إرساله أو إبلاغه أو إستلامه أو حفظه
بوسائل إلكترونية".[1] نلاحظ أن التعريف يتضمن
مصطلح سند، والذي هو مفهوم واضح ومستقر في ذهن الحقوقيين وقد إرتبط بالسند الورقي.
كما يقتضي تعريف رسالة البيانات التي هي قريبة في مفهومها التقني والواقعي للسند
الإلكتروني، فالسند الإلكتروني هو بالطبع رسالة بيانات، إلا أنه يتضمن بالتأكيد
معلومات قابلة للقراءة والفهم البشري. تعطي بعض القوانين المقارنة والنموذجية
تعريفاً لرسالة البيانات، مثلاً، ينصّ القانون النموذجي بشأن التواقيع الإلكترونية
الصادر عن لجنة القانون التجاري الدولي بتاريخ 5/7/2001، على أن رسالة البيانات
تعني معلومات يتم إنشاؤها أو إرسالها أو إستلامها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو
ضوئية أو بوسائل مشابهة، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التبادل الإلكتروني
للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي.
كما
يمكن تعريف توقيع إلكتروني بشكل عام بأنه كل وسيلة إلكترونية معترف بها قانوناً
تؤكد بأن شخص ما يعتمد محتوى
رسالة إلكترونية[2].
التوقيع الإلكتروني هو "بيانات أو إشارات أو آليات مدمجة في سند إلكتروني
ومضافة إليها أو مرتبطة بها منطقياً، تستخدم لتعيين هوية الموقع ولتأكيد موافقته
على محتوى السند"[3]. كما يُعرف القانون الفرنسي
رقم 530 تاريخ 13/3/2000 التوقيع الإلكتروني بأنه يُعتبر قائماً حين تُستخدم وسائل
وإجراءات موثوق بها، من شأنها تأمين التعريف بصاحب التوقيع وتأكيد الصلة بين
التوقيع وبين السند الذي يقترن به. فوظيفة التوقيع الإلكتروني هي مشابهة لوظيفة
التوقيع اليدوي لجهة التعريف بهوية الموقع والتعبير عن إلتزامه بمضمون السند.
لم يعطِ قانون أصول المحاكمات اللبناني أي تعريف للسند، بل عرّف السند
العادي (أي السند ذو توقيع خاص) والسند الرسمي المنظّم من قبل مأمور رسمي. فالسند
العادي هو، سنداً للمادة 150 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني، السند ذو
التوقيع الخاص، ويعتبر صادراً عمّن وقعه ما لم ينكر صراحةً ما هو منسوب إليه من خط
أو توقيع أو بصمة، إذا كان يجهل التوقيع. كما تنص المادة 143 من قانون أصول
المحاكمات المدنية اللبناني على أن السند الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص
مكلف بخدمة عامة، ضمن حدود سلطته وإختصاصه، ما تم على يده أو ما تلقاه من تصريحات
ذوي العلاقة وفق القواعد المقررة.
يتضح مما سبق أن المفهوم الوظيفي والقانوني للسند، سواء كان ورقياً أو
إلكترونياً هو ذاته، وهو قائم على إحتوائه على معلومات قابلة للقراءة والفهم
البشري سواء مباشرةً أو بالواسطة. هكذا، يقتضي الفصل بين الركيزة المادية للسند،
وقد تكون ورقية أو إلكترونية، وبين المضمون، وهو نص مكتوب. إذ أن الخلط بين
الركيزة الورقية والسند قد ترسخ منذ القديم في ذهن العامة بفعل إستقرار التعامل الورقي
لفترة طويلة من الزمن وإنتفاء وجود أي منافس حقيقي للركيزة الورقية.
ينتج عما تقدم أن السند، أياً كانت ركيزته، يقوم على الكتابة. إن
الكتابة هي تعبير عن الإرادة بوسائل معيّنة أياً كانت، المهم أن تكون هذه الوسائل
سهلة الإدراك. فاللغة، التي يُعبَّر عنها، على الأقل بين الفرقاء، برموز معينة،
أياً كانت، هي ممكنة، ونذكر في هذا الصدد الكتابة الهيروغرافية لدى المصريين
القدماء.[4] ولهذا سعت معظم القوانين الصادرة
في العالم إلى تعريف الكتابة أو الإثبات الخطي. فالإثبات الخطي، وفق المادة الأولى
من القانون الفرنسي رقم 230 تاريخ 13/3/2000 المتعلق بتكييف قانون الإثبات على تكنولوجيا المعلومات
وبالتواقيع الإلكترونية،
ينتج عن تسلسل أحرف أو أرقام أو أية رموز ذات معنى قابل للفهم، أياً كانت الركيزة
أو وسيلة النقل.[5] كما
عرَّفت المادة 1001 من قانون الإثبات الفدرالي الأميركي Federal Rules of Evidence
الكتابة أو التسجيل بأنهما يتألفان من حروف، كلمات، أرقام، أو ما يعادلها،
موضوعة بخط اليد أو الآلة الكاتبة أو الطباعة أو التصوير الفوتوغرافي أو بتردد
مغناطيسي، تسجيل ميكانيكي أو إلكتروني، أو أي شكل آخر للمعلومات المجموعة.[6] وهذا التعريف واسع وشامل
ومفصَّل، ويحتوي أهم الأشكال المعروفة حتى الآن للكتابة.
بالتالي،
يتجه المشترع في هذا المجال إلى إعادة توسيع مفهوم الكتابة، بجعله مستقلاً عن
السند الورقي، ويصبح بالتالي الدليل الخطي غير مرتبط بالركيزة الورقية، لا يختلط
معها، وغير مرتبط أيضاً بوسائل حفظه أو نقله، وهذا ما يُعرف بمبدأ الحياد
التكنولوجي في القانون. يُراجع.[7] لكن التكنولوجيا بذاتها ليس
"حيادية" بل هي في "حركية مستمرة" مرجّحة أحياناً للسند
الإلكتروني، إذ تعرف التقنيات الإلكترونية تطوراً مستمراً، بحيث أن السند
الإلكتروني أصبح أكثر ضماناً وفعاليةً من السند الورقي، وهو آخذ بالإنتشار
وبالحلول تدريجياً وإن جزئياً مكان الورقي، وفق سياسات بعض الدول التي بدأت تسعى
لتخفيض الورقيات في التعاملات بنسب معنية تتجاوز أحياناً 50%، ولتحقيق الفعالية في
الأرشفة الإلكترونية والبحث الإلكتروني.
نخلص إلى أن أوجه التشابه بين السندين الإلكتروني والورقي هو تضمنهما كتابة قابلة للقراءة مباشرةً أو بالواسطة ومفهومة من الإنسان. إن الإختلاف بينهما هو إختلاف بالركيزة المادية للمحتوى Support: فالركيزة هي إما ورقية أما إلكترونية. وتنتج عن الخصائص التقنية لكل من الركيزتين، بعض أوجه الإختلاف بين السندين الإلكتروني والورقي.
أولاً، فالسند الإلكتروني مجرّد، أي ليس له
كيان ملموس، بعكس السند الورقي. فالمتعامل يرى الركيزة الورقية والكتابة عليها
مباشرةً دون اللجوء إلى أي وسيط تقني أو واقعي. في حين أنه بالنسبة للسند
الإلكتروني، لا يجد أمامه سوى الركيزة الإلكترونية (مثل قرص مدمج أو غيره)، ولا
يستطيع الوصول إلى الكتابة المفهومة إلا عبر وسيط أو تجهيزات إلكترونية (كجهاز
كمبيوتر) قادرة على ترجمة البيانات التقنية المحفوظة إلى كتابة مفهومة من الإنسان،
تظهر على شاشة الكمبيوتر أو تطبع على الورق. بالتالي، السند الورقي قابل للقراءة
مباشرةً دون أي وسيط بعكس السند الإلكتروني. وهو تبعاً لذلك قابل للنقل إلى أي
مكان، كونه مستقل وقائم بذاته وليس بحاجة إلى أية تجهيزات لمعالجته.
ثانياً، إن التسجيل المعلوماتي، وفق البعض، لا يتمتع نسبياً بصفات الدوام
والإستقرار والثبات، إذ إن التسجيل المغناطيسي على وسيطة إلكترونية قابل للتعديل
والتغيير بسهولة تامة دون ترك أي أثر بعكس الورق، ويستلزم بالتالي إجراءات تقنية
معقدة للمحافظة على سلامته. (يُراجع)[8]. وإن المعلومات المقيَّدة
على الركيزة الإلكترونية، على عكس الركيزة الورقية، ليست مطبوعة بطريقة نهائية غير
قابلة للعكس وللإعادة، وتبقى مهما كانت الوسائل والإحتياطات التقنية المتخذة،
قابلةً للتلاعب من قبل الممتهنين وأصحاب الإختصاص.[9]
ثالثاً، إن بعض الوسائط الإلكترونية التي تستعمل لحفظ المعلومات لها
عمر معين، كما أن التقنيات والبرامج المعلوماتية قد تتغير وتتطور، مما يفرض نقل
المعلومات وتغيير وسيطة الحفظ الإلكترونية وقاعدة المعلومات أو إعادة تخريج
المعلومات أو إعادة هيكلتها، مما قد يتيح التلاعب أثناء هذه العملية.
رابعاً، إن الوسائط الإلكترونية معرضة لخلل تقني أو لأخطاء في
الإستخدام والمعالجة من قبل الحقوقيين، مما قد يحتِّم الرجوع في كثير من الأحيان
إلى وسائل ثبوتية أخرى خارج إطار الوسيطة الإلكترونية المغلوطة ( ظروف إنشاء العمل
القانوني، المقارنة مع أعمال قانونية أخرى مبرمة بين المتعاقدين في تاريخ سابق،
شروط نقل الرسالة …) وكمثل بسيط، يمكن تصور أن عملية دفع آلي قد
تمت مرتين نتيجة خلل تقني، مع أن الآمر بالدفع أراد التسديد لمرة واحدة فقط.[10] وقد
يجعل الخلل التقني السند الإلكتروني غير قابل للإسترجاع أو يمنع عرض محتواه، كما
قد يعدل الخلل التقني هذا المحتوى.
خامساً، إن الركيزة الإلكترونية، أداة السند الإلكتروني، تستوعب كميات
هائلة من المعلومات، بعكس الركيزة الورقية (أداة السند الورقي) التي تحتاج إلى
إشغال مساحات من الأرض وفق حجم المعلومات. الأمر الذي يشجع على إعتماد الأرشفة
الإلكترونية والإبتعاد ما أمكن عن الأرشيف الورقي.
سادساً، من الأسهل بالطبع البحث داخل مضمون السند الإلكتروني أو عن
هذا السند في قاعدة معلومات، وإدارة السندات الإلكترونية والتعديل فيها وتخزينها
وإسترجاعها وتيوميها وأرشفتها، وذلك مقارنةً بالسندات الورقية "ذات الركيزة
الثقيلة وغير المرنة".
أخيراً، فإن السندات والتواقيع الإلكترونية توفر الوقت وفي الكلفة
(كلفة الورق والحبر والمسح الضوئي والحفظ)، وتسمح بالإنتاج الفوري والسهل لنسخ
لجميع الفرقاء وبإنشاء أرشيف بشكل أسهل وأسرع، كما أنها أكثر أماناً تبعاً لتقنيات التشفير.[11]
المحور الثاني: مبررات إصدار تشريع يساوي السند الإلكتروني بالسند الورقي
في الواقع، إن السند الإلكتروني هو مفهوم
طارئ على النظام القانوني التقليدي، ويصعب تطبيق القواعد القانونية الحالية
النافذة عليه. وهو يعرف إستعمالاً متزايداً في التعاملات بين الأفراد والشركات.
فمن هنا، يتبين أن مبررات إصدار تشريع يساوي السند الإلكتروني بالسند الورقي هي
قانونية بالدرجة الأولى وإقتصادية في الدرجة الثانية.
فمن
الناحية القانونية، لقد ثبت بالتجربة العملية أن القواعد القانونية التقليدية غير
صالحة في المبدأ، وغير كافية في مطلق الأحوال، لحكم السند الإلكتروني كونه مفهوم
قانوني إستجد بفعل التطور التقني، وهو لم يكن موجوداً أصلاً عند سن القواعد
القانونية المعمول بها. بالنسبة للإثبات، لقد حاول الفقهاء إستيعاب السند
الإلكتروني ضمن نظام الإثبات التقليدي المعمول به، وتطبيق عليه القواعد الخاصة
بالإستثناءات على مبدأ الإثبات الخطي، وهذه القواعد هي: بدء البينة الخطية،
إستحالة الحصول على بينة خطية، حالة فقدان السند الخطي، الإثبات في المواد
التجارية، الإتفاقات المنظمة للإثبات. لقد تعرضت هذه الحلول لإنتقادات كثيرة،
فالسند الإلكتروني لا يتمتع بصفة الأصالة حيث تختلط النسخ بالأصل، وهو غير ملموس
وقابل للتعديل السهل، ولأن الإستحالة هي غير مبررة بل مفتعلة وناتجة عن فعل
المتعامل نفسه، ولأن الإثبات قد يكون بوجه مدني، ولا تطبق عليه قاعدة حرية الإثبات
التجارية، ولأن الإتفاقات المنظمة للإثبات لا تعقد دوماً وهي في مطلق الأحوال لا
تسري على الغير تبعاً لمبدأ نسبية العقود، ولكونها تفرض في كثير من الأحيان من
الطرف القوي في العقد على الطرف الضعيف.
من وجهة التطبيق العملي، وقبل صدور أية تشريعات متعلقة
بالإثبات الإلكتروني، تضاربت الأحكام الصادرة عن المحاكم، حيث جهدت بعض المحاكم
لإيجاد مبررات قانونية لإعطاء الوسيطة الحديثة قوة ثبوتية ما، حتى لو كانت غير
كاملة، في حين أنكرت محاكم أخرى أية قوة ثبوتية عن هذه الوسائط. لكن ذلك يتعلق
بالحالة الواقعية المعروضة أمام المحاكمة وبطبيعة التصرف القانوني المُراد إثباته
والمعاملة الُمراد إنجازها. كما يُستفاد من معظم
الأحكام الصادرة قلة معرفة الحقوقيين بالوسائط الحديثة ووجود مخاوف منها لجهة مدى
إنطباقها على القوانين النافذة ومدى الحماية القانونية التي تؤمنها.
لقد بادرت بعض المحاكم إلى مواجهة الوسائط الحديثة في المنازعات المُثارة
أمامها ومحاولة تقييم قيمتها الثبوتية بالإستناد إلى القواعد القانونية التقليدية
النافذة حينها بالنسبة للإثبات، وذلك قبل صدور أية تشريعات قانونية تنظّم الإثبات
الإلكتروني. وقد وضعت بعض المحاكم السبّاقة المبادئ العامة
للإثبات والتي ستعتمد لاحقاً بالنسبة للأسناد الإلكترونية. فقد إشترطت هذه المحاكم
نِسبة مضمون السند إلى محرره وإمكانية التأكد من نزاهته، وأخيراً أوردت الفصل بين
المرتكز والمضمون. كما إستندت بعض المحاكم إلى حصول
منازعة حول الوسيطة الجديدة المُدلى بها أمامها من قبل الخصم لتقدير قيمتها في
الإثبات. في المبدأ، لقد فرّقت المحاكم بين المواد
التجارية والمواد المدنية، حيث أُعطيت الوسائط الجديدة قوة ثبوتية بالنسبة للمواد
التجارية بالإستناد إلى مبدأ حرية الإثبات في المسائل التجارية، بينما لم تُصنّف
بالنسبة للمواد المدنية، وفي أحسن الإفتراضات، إلا كبدء بينة خطية (يُراجع)[12]. أما بعد صدور التشريعات
التي تنظم السندات الإلكترونية، وكمثال في فرنسا، فقد أحسنت المحاكم الفرنسية في
المبدأ تفسير النصوص الجديدة المتعلقة بالسند الإلكتروني وتطبيقها[13].
في الواقع، من الوجهة القانونية، يقتضي النظر
إلى المفهوم الوظيفي لكل من السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، وليس إلى الشكل
الذي يظهر به كل منهما. فوظيفة السند، إلكتروني أم ورقي، التعبير عن مضمون معين
مصاغ في كتابة. ووظيفة التوقيع هي تحديد صاحب السند الموقع وتأكيد إلتزامه بالموجبات
المنصوص عنها في السند (يُراجع[14]). وهكذا، يقتضي إزالة اللبس الحاصل لجهة الخلط بين
الركيزة والسند، ويقتضي التمييز بين السند والكتابة عليه كسلسلة من الرموز القابلة
للقراءة والفهم البشري، وإن بصورة غير مباشرة، وبين الركيزة المادية (إلكترونية أم
ورقية) التي يتم وضع السند والكتابة عليها. بالتالي، لا يمكن تكييف السند
الإلكتروني في عداد حالات الإستثناءات على مبدأ الإثبات الخطي، في حين أنه يدخل في
صلب الأدلة الخطية. إن الأسباب الكامنة وراء إشتراط الإثبات الكتابي الورقي عند تجاوز
الإلتزام حدوداً معينةً تبقى هي نفسها عند تطلب سند إلكتروني، وهذه الأسباب
تتلخَّص في حماية المستهلك بلفت نظره إلى خطورة الإلتزام الذي سيُقدم عليه.[15]
في الواقع، لا يتعلق الأمر بالإثبات فقط، فقد
يكون السند الخطي ضرورياً لتقديم طلب ما أو لإبرام عقد أو معاملة أو أن تأشير
المتعاقد خطياً أو تدوينه عبارة بخط يده هما مطلوبان، وقد يكون الشكل الخطي هنا مُشترط
لصحة العمل أو أنه ركن من أركان العمل[16]. فالمعاملة الخطية تبقى خطية ولو قدّمت في شكل إلكتروني،
وأن الخطي ممكن أن يعني ورقي أو إلكتروني. وتشدد القوانين والتوجيهات العالمية،
كالقانون الفدرالي الأميركي حول التواقيع الإلكترونية والتوجيه الأوروبي حول
التجارة الإلكترونية، على أنه لا يمكن حرمان أي عقد أو معاملة أو
توقيع من المفاعيل القانونية أو من الصحة القانونية أو من إمكانية التطبيق لمجرد
أنها بشكل إلكتروني. كما قد تسبب الطبيعة الإلكترونية للمعاملة مخاطر إضافية على
المتعامل، مما يفترض لحظ قواعد قانونية بخصوصها، ومنها مثلاً في مجال التجارة
الإلكترونية شروط رسائل أو وسائل الترويج غير المستدرجة وطرق وقفها وموجب الإعلام
والإعلان والمعلومات المفروض عرضها وشروط العرض والقبول وكيفية إقترانهما وكيفية
التعاقد عن بعد ومدة العرض...
بالفعل، إن النواحي الفنية لكل من السند
الإلكتروني والسند الورقي والناتجة عن طبيعة كل من الركيزتين الإلكترونية
والورقية، تؤكد عدم إنطباق القواعد التقليدية القانونية على السند الإلكتروني، مما
يتطلب تدخلاً تشريعياً لوضع قواعد خاصة مفصّلة للسند الإلكتروني والتوقيع
الإلكتروني. إن التقدم التقني يترافق دوماً بمخاطر جديدة مرتبطة به، وهذه المخاطر
هي مادية وقانونية، مما يوجب إيجاد آليات جديدة للمراقبة والمصادقة والإشراف
الرسمي.[17] إن الطابع التقني للسند
الإلكتروني، يجعل الممتهن صاحب المعرفة التقنية في وضع قد يسمح له بالتلاعب التقني
بهذا السند، مما يثير خشية الأشخاص العاديين غير الملمّين بتكنولوجيا المعلومات،
ويدفعهم إلى عدم الوثوق بالوسائط التقنية الحديثة، إذ هم يفضلون السندات الورقية
الملموسة والتي إختبروها لفترة طويلة، والتي تحظى لديهم بحد أدنى من الموثوقية.
فكثير من الأمور التقنية يتطلب تنظيماً
قانونياً تفصيلياً، لجهة تنظيم وسائل التشفير وكيفية نِسبة السند الإلكتروني إلى
صاحبه من الناحية التقنية والتحقق من هويته، وكيفية التحقق من موثوقية السند
الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني والتزوير المعلوماتي، وكيفية الحفاظ على الرسالة
المعلوماتية وصونها من أي تعديل غير مشروع وكيفية منح تراخيص لمقدمي خدمات
المصادقة والتواقيع الإلكترونية والوسائل التقنية والبشرية والمالية المطلوبة منهم
وكيفية إصدار شهادات المصادقة ووقفها ومفاعليها...
أما من الناحية الإقتصادية والتجارية، لقد أصبحت
الإنترنت تستخدم كسوق كونية للترويج للسلع وتقديم الخدمات وإبرام المشتريات... وهي
في أساس تطور ما يعرف بالتجارة الإلكترونية. كمفهوم واسع،
تشمل التجارة الإلكترونية مجموع عمليات التبادل الإقتصادية التي تُجرى عبر الشبكات
الحديثة للإتصال؛ كمفهوم أضيق ولكن أكثر دقة، تتحدَّد التجارة الإلكترونية
بالمعاملات والمبادلات التي يشترك فيها تاجر ممتهن واحد على الأقل، مما يستبعد من
هذا المضمار العلاقات الجارية بين الأفراد والمعاملات الإدارية. هكذا، تُعتبر
التجارة الإلكترونية إحدى المظاهر الأصلية والرمزية للعولمة الحاضرة؛ وهي أكثر من
منتوج لتقنيات الإتصال، بل تتجه لتكون وسيلة إرتقاء إقتصادية ومصدراً لعادات
إجتماعية جديدة.[18]
إن تعاظم حجم التعامل بالسندات الإلكترونية نتيجة
إزدهار التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وتطور التقنيات في مجال تكنولوجيا
المعلومات بشكل مستمر، يحتمان تدخلاً تشريعياً لحماية هذا القطاع الناشئ من
الإقتصاد وتنظيمه، ولاسيما مسألة السند الإلكتروني. فإن النمو المتواصل للتجارة
الإلكترونية، وما يعنيه ذلك من إزياد المنازعات بين العارضين والمسوقين والمشترين
والمتعاملين وغيرهم، وبغية الحفاظ على المردود الإقتصادي لهذه التجارة، يستلزم
تحديد إطار قانوني لها، فيه ضمانات وضوابط توفر الحماية القانونية للمتعاملين.
ويقتضي بالتالي تحديد موجبات كل فريق في العقد، لاسيما موجبات الفريق الممتهن
كموجب الإعلام وآليات العرض، والإعتراف بالأدوات المستعملة لإبرام التعامل،
ولاسيما السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، ووضع تنظيم مفصل لهما.
تدريجياً، بدأ السند الإلكتروني يحل بصورة
عفوية وطبيعية مكان السند الورقي، ولاسيما في التعاملات الإلكترونية الحاصلة عبر
شبكة الإنترنت. وقد يأتي وقت، يتفوق فيه التعامل التجاري الإلكتروني على التعامل
التجاري الورقي، فلا مفر من الإعتراف بالسندات الإلكترونية، ومن ضرورة وضع نظام
قانوني متكامل لها. لا بل يعتبر البعض أن التواقيع الإلكترونية
ستزيد حجم أعمال المؤسسات تجارية، كونها قادرة على وصف طبيعة النشاط التجاري لجهة
إسم التاجر ونوعية الخدمات المقدّمة والمنافع والنتائج الإيجابية التي ينتظرها
الزبائن.[19]
أضف إلى ما تقدم تخطي التجارة الإلكترونية الحدود
الجغرافية للدول، مما يضفي على المسألة طابعاً دولياً ويجعلها أكثر تعقيداً. فالعلاقة
القانونية قد تخضع لأكثر من قانون، أو بالأحرى قد يتنازع حكمها أكثر من قانون، إستناداً
على عناصر ربط متنوعة. وقد تُثار مسألة إعتراف القانون الوطني الداخلي بالسندات
الإلكترونية وبمفاعليها، أو على الأقل إحتمال وجود تعارض بين الأنظمة القانونية
العائدة لمختلف الدول المتعاملة. الأمر الذي يعيدنا إلى نقطة البداية، وهي ضرورة
إقرار تشريعات تنظم السند الإلكتروني وتمنحه مفعول قانوني مساوي للسند الورقي.
المحور الثالث: إشكاليات التشريع بالنسبة للسند الإلكتروني
إن المسار التشريعي هو عملية تقنية بإمتياز، تفترض تأمين تجانس
التشريع الجديد الصادر وتناسقه مع النظام القانوني السائد في الدولة، مع إمكانية
الإسترشاد بالقوانين في الدول الأخرى والقوانين النموذجية والإرشادات الدولية. كما
يتطلب التشريع في مجال السندات الإلكترونية والتواقيع الإلكترونية التزاوج والربط
بين المسائل التقنية والمسائل القانونية، وإخراج القواعد القانونية والتقنية معاً
في صياغة قانونية متينة، حيث تكون المواد والفقرات القانونية مرتّبة ومقسّمة بصورة
منطقية ومتسلسلة. على أن التشريع في موضوع السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني
يطرح إشكاليات كثيرة، وقد واجهناها شخصياً في معرض مشاركتنا الفاعلة، كممثل عن
وزارة العدل، في أعمال اللجنة المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة في المجلس
النيابي اللبناني، في صياغة إقتراح قانون تكنولوجيا المعلومات اللبناني. ونعرض
لأهم الإشكاليات التي تعترض التشريع في مجال السندات والتواقيع الإلكترونية:
1-
إشكالية الخيار بين توسيع مفهوم الكتابة وفصلها عن الركيزة العائدة لها،
أو إعتماد مفهومين مستقلين (هما مفهوم السند الإلكتروني ومفهوم السند الورقي)،
ولكن متساويين ضمن ضوابط: الإتجاه الأول ينطلق خصوصاً من المفهوم الوظيفي للكتابة
بأنها تسلسل رموز قابلة للقراءة والفهم البشري. الإتجاه الثاني يستند خصوصاً إلى
الفروقات التقنية الهائلة بين السند الإلكتروني والسند الورقي. ولعل الغالب هو
الإتجاه نحو توسيع مفهوم الكتابة، كما هو حال القانون الفرنسي والقانون الأميركي.
2-
إشكالية الخيار بين سن قانون مستقل منفصل متكامل للتعاملات
الإلكترونية وبين الإكتفاء بإضافة بعض المواد على القوانين الموجودة أو بتعديلها:
الخيار الأول يضع إطاراً قانونياً شاملاً للتعاملات الإلكترونية في تقنين واحد،
بحيث يشكل مرجعاً في هذا المجال. الخيار الثاني، تسيطر عليه روحية تأمين التناسق
بين النصوص والتساكن بينها وتفادي التضارب بينها، وإحترام التقسيم الموضوعي
التقليدي للمواد القانونية (قانون مدني، أصول محاكمات...). كما يهدف إلى إدخال
السند الإلكتروني ضمن النظام القانوني القائم، أو بتعبير أوضح، لحظ قواعده جنباً
إلى جنب السند الورقي والتوقيع اليدوي، لأن السند الإلكتروني لا يعدو كونه أداة
قانونية شكلية، في حين يبقى مضمونه ذاته. القانون الفرنسي تبنى الإتجاه الثاني، في
حين القانون الأميركي إعتمد الإتجاه الأول. يرى البروفسور بيار كتالا، في معرض تساؤله عن التقنية
التشريعية المُفترض إعتمادها، أي في معرض الخيار بين وضع قانون مستقل أم الإضافة
إلى القوانين النافذة، أن القواعد المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، والتي ما هي إلا
تحول n’est qu’un avatar في قواعد التجارة بشكل
عام، تجد مكانها ضمن القانون المدني، القانون الجزائي، قانون الأصول، قانون التجارة،
قانون الملكية الفكرية...[20]
3-
إشكالية كيفية مجاراة التطور التقني المتسارع وكيفية تعديل الأنظمة
القانونية النافذة: هذه الإشكالية تنبع من الهامش الزمني الذي يستغرقه التشريع،
فلذلك تلجأ بعض الدول، كفرنسا مثلاً، إلى وضع القواعد العامة القانونية في قانون،
وإحالة المسائل التقنية التفصيلية للقانون على مراسيم تطبيقية، يسهل تعديلها
وبسرعة أكبر بكثير من سرعة تعديل القانون، والذي يتطلب آليات معقدة أكثر. أن
التطور التقني المتسارع يقضي بسنِّ قانون، يضع فقط القواعد القانونية العامة، دون
التطرق إلى الجزئيات والنواحي التقنية التي يسهُل تنظيمها وتعديلها بمرسوم، وهذا
ما يُعرف بمبدأ حياد المشترع حيال المسائل التقنية.[21]
4-
إشكالية تعريف المصطلحات التقنية وإعادة تعريفها وتقريبها من ذهن
الحقوقيين وربطها بالمفاهيم القانونية التقليدية من خلال صياغة قانونية متينة: لا
يكون التشريع حول السندات الإلكترونية وافياً إلا إذا تضمن تعريفاً تقنياً دقيقاً
للمصطلحات التقنية بأسلوب مبسط يلاقي الجانب القانوني للموضوع. كما يفترض تأمين
الربط السليم للمفاهيم التقنية بالمفاهيم القانونية من خلال أسلوب متين، يحافظ على
تقنية الصياغة كقانون، ولكنه لا يغفل الطابع التقني للموضوع. فلا يجب أن تأتي
الصياغة غارقة في التقنيات، بحيث تصعب على الحقوقي، ولا أن تسهو الصياغة عن بعض
الجوانب التقنية، فتكون ناقصة، وتعرض النص لمخاطر الإجتهاد وسوء التطبيق. بالتالي،
تفترض العملية التشريعة تضافر جهود حقوقيين وفنيين متخصصين، ولاسيما أيضاً مشاركة أشخاص
لهم معرفة متقدمة في المجالين التقني والقانوني معاً، ليؤمن هؤلاء عملية التواصل
بين الحقوقيين والفنيين.
5-
إشكالية تفهم الحقوقيين للقواعد القانونية العائدة للسند الإلكتروني،
ولاسيما الجانب التقني منها: إن التداخل بين المسائل التقنية وتلك القانونية يلبك من جهة
الحقوقي، لكونه يُصادف مفاهيم تقنية لم يعتد عليها، ومن الصعب عليه تبيان ماهيتها
ووظائفها. كما يلبك الفني التقني، لكونه هو أيضاً لا يفهم اللغة القانونية التقنية
ولا يتفهم التقييدات غير التقنية التي تأتي بها.[22] وبالتالي، يتطلب الفهم
العميق للتشريعات المتعلقة بالسندات الإلكترونية إطلاعاً على الجانب التقني،
وتخصصاً في هذا الفرع الناشئ من علوم القانون، ألا وهو قانون المعلوماتية.
6-
التنازع
بين وسائل الإثبات الإلكتروني والورقي: في حال مساواة السند الإلكتروني بالسند
الورقي، وإعتبار كل منهما دليلاً كتابياً، لا توجد أية تراتبية بين السندات
الإلكترونية والسندات الورقية، ويعود للقاضي المفاضلة بينها بإعتماد السند الأكثر
مصداقية.[23] ولكن
تُطرح بالمقابل إشكالية التثبت من موثوقية السند الإلكتروني وموثوقية التوقيع
الإلكتروني العائد له، وذلك لإعتباره دليلاً خطياً يوازي سند ورقي موقّع وفق
الأصول. وقد إعتبر البعض أنه يجب إعطاء السند الإلكتروني قوةً ثبوتيةً أكبر من
السند العادي، لأن مخاطر تقليده أصبحت أقل بكثير، وأصعب من السند الورقي، تبعاً
لتطور التقنيات.[24] خلافاً
لما تقدَّم، عارض تيار فقهي آخر مساواة السند الإلكتروني بالسند الورقي لجهة
القيمة في الإثبات، لأنه إعتبر أن هذه المسألة تتطلَّب فترة زمنية معينة في أذهان
الناس وفي المفهوم الحقوقي ولإمكانية التمييز بين مختلف طبقات المتعاقدين (معاهد،
شركات، مستهلكين …)، ولعدم موثوقية الأسناد الإلكترونية ولإمكانية
التلاعب بها.[25]
7-
تنازع قوانين الإثبات الإلكتروني في المكان وفي الزمان (مفعول شهادات
المصادقة الأجنبية): بالنسبة لتنازع قوانين الإثبات الإلكتروني في المكان، تُطرح
الإشكالية من ناحية مدى الإعتراف بالسند الإكتروني والقوة الثبوتية المُعطاة له. تقليدياً
في القانون الدولي الخاص، إن قبول الإثبات الكتابي المقدَّم يخضع إما للقانون الذي
يخضع له أساس التصرف، وإما لقانون مكان إبرام العمل. أما القوة الثبوتية للسند،
فيحكمها قانون مكان إبرام العمل. يُراجع.[26] ويمكن تطبيق هذه القواعد على
سبيل القياس في مسائل الإثبات الإلكتروني. كما تُثار مسألة مفعول شهادات المصادقة
الأجنبية المتعلقة بالتواقيع الإلكترونية، والغالب هنا الإعتراف بها إما بناء على
إتفاقات ثنائية أو دولية أو في حال تمتعها بمستوى متكافئ جوهري من الموثوقية. أما
بالنسبة لتنازع قوانين الإثبات في الزمان، يطبق في حل التنازع الزماني القانون
الذي كان سائداً بتاريخ نشوء الحق المطلوب إثباته.[27]
8-
إشكالية النسخ بالنسبة للسندات الإلكترونية وكيفية إبرازها وتقديمها
أمام المراجع كافة: بالنسبة للسند العادي المتضمن موجبات متبادلة، يشترط القانون
أن تتعدد النسخ بقدر عدد أطرافها ذوي المصالح المتضاربة... فالسند الإلكتروني لا
يتمتَّع بخصوصية الأصل، إذ أنه قابل للإستنساخ بصورة غير محدودة، وبالتالي يمكن
إنتاج نسخ مطابقة للنسخة المُستنسخة، بحيث يستحيل التمييز بين هذه النسخ. وعليه،
فإن الحكمة من إشتراط تعدّد النسخ حسب عدد الفرقاء الموقعين تنتفي، إذ تستند قاعدة
تعدّد النسخ على فكرة المساواة بين المتعاقدين، وعلى ضرورة حصول كلّ طرف في
التصرّف على وسيلة معدَّة مقدّماً لإثبات حقِّه.[28] وإذا تصورنا أن يكون
للتصرف نسخة واحدة تسلمها أحد المتعاقدين، لأمكنه إخفاءها أو إتلافها، إذا وجد أن
التعاقد في غير مصلحته، وبالتالي يفقد الطرف الآخر الدليل على حصول التعاقد، وقد
يصعب عليه إثباته بوسائل أخرى.[29] وقد إعتبرت المادة 2 من
القانون الفرنسي رقم 674 تاريخ 16 حزيران 2005 ، والتي عدلت المادة 1325 من
القانون المدني الفرنسي، بأن شرط تعدد النسخ يعتبر مُستوفى بالنسبة للعقود المنظّمة
بشكل إلكتروني عندما يتم تنظيم العقد أو حفظه مع وجود آلية تسمح لكل طرف بالحصول على
نسخة أو بالوصول إليها، ومع إحترام شروط إمكانية تحديد هوية الشخص والموثوقية
والرابط مع السند الموقع. كما تُطرح مشكلة أخرى، وهي صدقية التاريخ المُثبت في
السند العادي الإلكتروني، إذ بإمكان المُتعامل تغيير الساعة الداخلية لحاسوبه
الشخصي، وهذا التاريخ يُسجَّل على السند المُرسل.[30]
9-
إشكالية
السند الرسمي الإلكتروني والإستثناءات على الإثبات الإلكتروني: توجد في الواقع بعض
الإستثناءات على قاعدة مساواة السند الإلكتروني بالسند الورقي، وذلك عندما يشترط
القانون صيغة معينة لبعض الأعمال القانونية، حيث يُصبح الشكل ركناً من أركان
العمل، يؤدي تخلّفه إلى إنعدام هذا العمل أو أنه شكلية جوهرية، كما في حالة الوصية
( منظَّمة بخط اليد )، أو ملحق الوصية، أو في مسائل أخرى يكون للسند الورقي أهمية
خاصة كمسائل الأحوال الشخصية وإجراءات المحاكمة.
وقد ورد نص صريح بذلك حول أمور معينة في القانون الأميركي حول التوقيع
الإلكتروني، وهي إنشاء الوصية أو تنفيذها، والتبني والطلاق وحقوق العائلة، وأوراق
المحاكمة والتبليغات وبالنسبة للإشعار الموجّه بإنهاء بعض الخدمات العامة (مياه،
تدفئة، طاقة)، والإشعار بإنهاء التأمين الصحي أو بعض المنافع المتعلقة بالتأمين
على الحياة، والإشعار بإسترداد أو سحب منتوج يعرِّض الصحة والسلامة العامة للخطر،
والمستندات المرافقة للمواد الخطرة مثل المبيدات والمواد السامة والخطرة …
(الفقرة (a)
من القسم 103 من قانون التوقيع الإلكتروني الأميركي الفدرالي). وعلى وزارة التجارة
الأميركية مراجعة الإستثناءات المذكورة في خلال ثلاث سنوات، للنظر ما إذا كانت ما
تزال ضرورية لحماية المستهلك، وعلى الوزارة أن تقدَّم تقريراً بهذا الخصوص إلى
الكونغرس. كذلك أجازت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من التوجيه الأوروبي حول
التجارة الإلكترونية الصادر في 8/6/2000 للدول الأوروبية الأعضاء إستثناء بعض
العقود من ميدان العقود الإلكترونية، والتي تتعلَّق بالعقود الناقلة أو المُنشأة
لحقوق على الأموال غير المنقولة بإستثناء عقود الإيجار، وبالعقود التي تتطلب تدخل
المحاكم أو سلطات عامة أو مهن تُمارس سلطة عامة، وعقود الضمان والتأمينات
المقدَّمة من أشخاص يتصرّفون لغاياتٍ لا تدخل ضمن نشاطهم المهني أو التجاري، وبالعقود
المختصة بحقوق العائلة أو قانون الإرث. (يُراجع[31]). في الواقع، إن حضور الفرقاء المادي أمام المأمور الرسمي ليتحقق من هويتهم ورضاهم
وليشهد على تصرفاتهم يشكل عائقاً أمام إعتماد السند الرسمي الإلكتروني، بالإضافة
إلى قلة خبرة المأمورين الرسميين في مجال التقنيات الحديثة، والذي قد يعرضهم
للخطأ، ناهيك عن القوة الثبوتية الكبيرة الممنوحة للسند الرسمي الثابت في بعض
أوجهه حتى إدعاء التزوير، مما يفرض التشدد بخصوصه في معايير الموثوقية. هذه الأمور
دفعت عدد من الدول إلى إستثناء السند الرسمي من نطاق السندات الإلكترونية أو
إخضاعها لمتطلبات تقنية إضافية.[32] القانون الفرنسي يلحظ
إمكانية تنظيم السند الرسمي، ولا سيما من قبل كتاب العدل، وقد صدر مرسومان بتاريخ
10 آب 2005 ينظمان آلياته. الحل كان في الواقع بحضور الطرف المتعاقد أمام كاتب عدل
آخر يقوم هو بالتحقق من أهليته ورضاه، والتبادل بين كاتبي العدل يتم بواسطة نظام
لتبادل المعلومات. إن الحل يبدو معتدل، إلا أنه لا يخلو من الجرأة.[33]
10-
إشكالية الآثار الإلكترونية: وقد تُعتبر بمثابة بدء بينة خطية بوجه
الشخص في حال صدورها عنه. والآثار الإلكترونية قد تكون نصوص مكتوبة أو بيانات
تقنية متعلقة النظام، وفي جميع الأحوال يمكن تكييفها كبدء بينة خطية شرط صدورها عن
الشخص المُتذرع بها بوجهه.
المحور الرابع: الضوابط في التشريع
الضوابط في التشريع في مجال السندات الإلكترونية تهدف
إلى حماية المتعاملين في هذا المجال، ولاسيما الطرف غير الممتهن، وبالتالي إلى
إرساء الثقة في التعاملات الإلكترونية، والتي تعرف توسعاً مطرداً. الضوابط هي في
الواقع ذات وجهين: الوجه الأول هو قانوني يتمثل في التنظيم القانوني والموجبات
القانونية والقواعد الآمرة والمكملة والرقابة على عمل مقدمي خدمات المصادقة
الإلكترونية... الوجه الثاني من الضوابط هو تقني، ينشأ عن التقنيات، ولاسيما وسائل
التشفير المُستخدمة... على أن الوجهين من الضوابط يتداخلان، فالقانون يتعرض إلى
الجوانب التقنية ويسعى إلى تنظيمها بالحد الأدنى، ولا يكتفي بوضع قواعد عامة
مجردة. كما أن المسائل التقنية لا تجد أي معنى منتج لها ضمن القانون إلا من خلال
القواعد القانونية التي تعالجها. صحيح أنه في صلب القانون ذاته، الجانبان التقني
والقانوني لا ينفصلان، بل يتم معالجتهما معاً، لكننا سنعمد لضرورات البحث النظري
والعملي، ولجعله أكثر وضوحاً وسهولةً، إلى إستعراض كل من الضوابط التقنية
والقانونية على حدة.
أولاً- الضوابط التقنية
تتمثل الضوابط التقنية
في الوسائل المعلوماتية والإلكترونية والتقنية المبتكرة لضمان موثوقية السند ومصداقيته
وصحته. فقد يسهل التلاعب بالسند الإلكتروني، تبعاً لسهولة التعديل فيه وإمكانية
نسخه، وصعوبة تحديد الأصل، ولوجود تفاوت في المعرفة التقنية بين طبقة المتعاملين
العاديين والمتعاملين الممتهنين. وكان لا بد من ضوابط تقنية للسند الإلكتروني تضمن
موثوقيته، وتسمح بإكتشاف أي تحوير في مضمونه أثناء نسخه على وسائط أخرى أو نقله
عبر الشبكات المعلوماتية أو عرضه أمام الجمهور والأطراف أو تقديمه لهم أو طباعته
على ركيزة ورقية.
إن تقنيات الحماية المستعملة تشمل:
- تقنيات
التشفير لضمان موثوقية السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني ووظائفه ونِسبتهما
للموقّع
- تقنيات
التشفير لضمان سرية الرسالة الإلكترونية حين نقلها عبر الشبكات المعلوماتية
- تقنيات حفظ
المعلومات ومنع أي تعديل غير مُصرّح به لها
- تقنيات منع
أي دخول غير مُصرّح به على الأنظمة المعلوماتية وقواعد المعلومات (Firewall...)
إن
التشفير هي الوسيلة التقنية الأفعل والأكثر إستعمالاً في مجال الحماية التقنية. تُعطي المادة 29 من
القانون الفرنسي رقم 575/2004 تاريخ 21/6/2004 المتعلق بالثقة في الإقتصاد الرقمي[34] التعريف التالي لوسائل التشفير،
فهي أية
أجهزة أو برامج معدة أو معدلة لتحويل
بيانات، سواء
كانت معلومات أو إشارات، عبر إتفاقاتٍ سريةٍ أو لإجراء العملية المعاكسة مع أو بدون إتفاقية سرية.
تهدف وسائل التشفير إلى تأمين أمان حفظ أو نقل البيانات بتأكيد سريتها أو
موثوقيتها أو مراقبة نزاهتها وسلامتها.
التشفير
Encryption
هو العملية الأولى، وفك التشفير Decryption هو العملية الثانية، والعمليتان تتمان عبر
مفاتيح معلوماتية معينة. يمكن تعريف المفتاح Key/Clé بأنه بيانة آلية أو مجموعة قواعد تجعل الرسالة
مقرؤة.[35] في التشفير عبر المفتاح السري أو المتماثل،
يستعمل نفس المفتاح لتشفير الرسالة الإلكترونية ولفك هذا التشفير، أما في التشفير
عبر المفتاح غير المتماثل، يستعمل المفتاح العمومي لتشفير الرسالة والمفتاح
الخصوصي لفك التشفير.
توفر آلية المفتاحين ضمانة تقنية لصاحب التوقيع الذي
يملك مفتاحين: واحد خصوصي، وآخر عمومي Private Key/ Public Key Clé Privé/ Clé
Publique. وهذان المفتاحان هما بيانات
معلوماتية رقمية متسلسلة، وهما مرتبطان منطقياً وحسابياً، إلا أنهما مختلفان ولا
يمكن إستنباط أحدهما من الآخر، ويتم المصادقة على هذين المفتاحين من قبل شخص ثالث
موثوق عبر إصدار شهادة مصادقة إلكترونية، وهذا الشخص يُسمى مقدم خدمات المصادقة
الإلكترونية. المفتاح الخصوصي يستعمل للتوقيع من قبل صاحب التوقيع، ويكون بالتالي
في حيازة صاحب التوقيع لوحده بشكل مُشفّر ومحمي بكلمة سر. أما المفتاح العمومي،
فيستخدم من قبل الجميع للتحقق من موثوقية التوقيع وهوية الموقع، وهو يُنشر لذلك في
شهادة المصادقة على الإنترنت.
كما يمكن إستعمال آلية المفتاحين ليس فقط لضمان موثوقية
التوقيع والرسالة الإلكترونية الموقعة، بل أيضاً لضمان سريتها وتشفيرها بحيث لا
يمكن فهمها بحال إعتراضها عند إرسالها إلا بعد فك هذا التشفير. وتُشفّر الرسالة
بواسطة المفتاح العمومي للمُرسل إليه المُتاح للجميع، إلا أنه لا يمكن فك التشفير
إلا من قبل المُرسل إليه بواسطة المفتاح الخصوصي العائد له والموجود في حيازته
لوحده.
تجدر الإشارة إلى مستوى الأمان في وسائل
التشفير مرتبط بحجم مفتاح التشفير وبتطور سرعة الأجهزة المعلوماتية وقدراتها
الحسابية، بحيث يتم زيادة طول مفتاح التشفير منعاً لإمكانية إختراقه.
كما يمكن إستعمال التوقيع الإحيائي القياسي Biometric Signature /Signature Biométrique، والذي يرتكز على خصوصيات بيولوجية فريدة في كل
شخص لربط التوقيع الإلكتروني بصاحبه. وهذه الخصوصيات قد تتعلق بوظائف الجسم وأشكاله أو بطرق
تصرف الشخص.[36] فهذا النوع من التواقيع يعتمد
على قياسات مادية، تشكِّل أساساً للتوقيع الإلكتروني مثل تقسيمات الوجه وملامحه
وهندسته Face
characteristics/ Traits du Visage والبصمات Empreinte Digitale Fingerprint/ (علم
Dactyloscopie)
والصوت (طبقات الصوت/النبرة) وشبكية العين Retina/ Rétine (علم Rétinoscopie، توزيع الأوردة الدموية فيها …)
وشكل اليد الهندسي Hand
Geometry/ Géométrie de la Main، والحامض النووي الجيني (الحامض الريبِي النووي
المنقوص الأوكسجين) ADN
/ DNA، والتحليل الديناميكي للتوقيع اليدوي، ليس لشكله بل لطريقة رسمه
من خلال عدة عناصر هي سرعة حركة القلم، والحركات، ومدى الضغط على القلم…
ففي
حال كانت الخاصية البيولوجية مرتبطة بشخص ما، وكان في الإمكان جعل هذا الرابط
آمناً وذا ثقة، يجري إستثمار هذه الخاصية لوظائف التعريف في تطبيقات مختلفة منها
إمكانية الدخول إلى غرف محمية أو إلى خزائن وعلب، ومنها ما يتعلق بالتحقيقات
الجنائية، وأخيراً في التواقيع. )يُراجع[37](.
في الواقع، تبعاً لآليات الرقابة والمصادقة، يُرتّب
القانون قرائن من الموثوقية بالنسبة للسند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني وفق
شروط معينة، ولاسيما منها إستخدام وسائل إنشاء تواقيع إلكترونية آمنة وشهادات
مصادقة موصوفة.[38]
كما
يفترض حفظ المعلومات، بشكل مشفر، أو على حواسب خادمة Servers محمية من أي إختراق
بواسطة برامج حماية Firewall. وتوضع عادةً أصول
تقنية خاصة لكيفية حفظ المعلومات وأرشفتها، كالتأكد من إكتمال المعلومات وصحتها
قبل المباشرة بعملية حفظها، وإتاحة إمكانية إعادة إستخراج المعلومات بالشكل الأولي
المحفوظة فيه دون أي تعديل، وحفظ البيانات التقنية المتعلقة بالمعلومات Log File، والتي تبين منشأ
المعلومات وتواريخ وصولها وتعديلها ومصدرها والأشخاص الذين عملوا عليها...
أخيراً، يمكن القول أن القوة الثبوتية للأسناد الإلكترونية وللتواقيع
الإلكترونية هي بالمجمل متناسبة عكسياً مع إمكانيات التزوير. تكون الأسناد
الإلكترونية معرضةً للتغيير في المحتوى والدعامة ولإعادة توجيهها عبر شبكات تبادل
المعلومات إلى مُستقبل آخر، وتكون معرضة أيضاً للتدمير وللنسخ غير المشروع وللشك
في موثوقيتها التقنية. فكلما تكون الوسائل التقنية الضامنة لمصداقية السند
وموثوقيته على درجة عالية، كلما أصبح التزوير أكثر صعوبةً، فالموثوقية هي نقيض
التزوير.[39]
فالتزوير في السندات الإلكترونية يصبح غير ممكن أو صعباً جداً، كلما كانت وسائل
الحماية التقنية آمنة وفعالة كإعتماد مفتاح تشفير طويل جداً. وتجدر الإشارة إلى أن
التوقيع الإلكتروني الرقمي المرتكز على التشفير غير المتماثل يفيد عدم إمكانية
إنكار التوقيع Non-repudiation،
في حال بقاء المفتاح الخاص بحيازة صاحبه بصورة سرية، كما أن هناك أختام إلكترونية
بالنسبة للزمن الذي حصل فيه التوقيع.[40]
إن المخاطر
التقنية بالنسبة للسند الإلكتروني هي كبيرة، تبعاً لتسارع التطور التقني وصعوبة
مجاراته أحياناً، لاسيما من قبل الطرف غير الممتهن، والإحتمال المتزايد لإختراق
الأنظمة المعلوماتية القديمة. ناهيك عن أن الغش المعلوماتي أو التحوير في مضمون
السند الإلكتروني قد لا يترك أثراً أو أدلة مادية يمكن تعقبها لإكتشاف الفاعل والتلاعب،
كما يمكن أن يتم عن بعد عبر شبكات نقل المعلومات وبواسطة أشخاص لا يعلنون عن
أنفسهم.
ثانياً- الضوابط القانونية
إن التنظيم القانوني لقطاع تكنولوجيا المعلومات، ولاسيما
في ما يتعلق منه بالتواقيع الإلكترونية والسندات الإلكترونية والتجارة الإلكترونة
والتشفير، يجب أن يتضمن ضوابط قانونية لحماية المتعاملين والقطاع ككل. فالضوابط
القانونية تتمثل بموجبات مفروضة على الممتهنين والمشغّلين والموردين والمستخدمين
ومقدمي خدمات المصادقة والتواقيع الإلكترونية ومستضيفي البيانات ومقدمي خدمات
الإتصال وغيرهم. كما يحدد التنظيم القانوني للأشخاص المعنيين، كمقدمي خدمات
المصادقة والتواقيع الإلكترونية، الوسائل التقنية والمعلوماتية والجهاز البشري
والخبرات والوسائل المادية ووسائل الإعلام والنصح والمعلومات المفروض تقديمها أو
عرضها والتحقق منها وتيويمها...
لضمان الحماية القانونية وعدم حدوث تلاعب تقني أو إساءة
إستعمال لوسائل التشفير، يُفترض سن التشريعات التي تنظّم وسائل التشفير وكيفية
إستعمالها وإدارتها وتصديرها وإستيرادها وتحديد وسائل التشفير المُباحة دون أي
رقابة والتصريح المطلوب أو الترخيص المطلوب، أو التي تشترط إيداع مفاتيح التشفير
لدى شخص ثالث موثوق به لمراقبة أهلية المستخدم التقنية ولإتاحة المجال للأجهزة
الأمنية تحت رقابة القضاء لإعتراض الرسائل عند الضرورة، لاسيما في ما يتعلق
بمفاتيح التشفير التي تفوق حجم معين، وعندما يتعلق الأمر بسرية البيانات وبوسائل
تشفير ذات إستخدام مزدوج: مدني وعسكري.
كما يُفترض وضع التشريعات التي تُساوي بين السند الورقي
والسند الإلكتروني، والتي تعترف بالأسناد الإلكترونية والتواقيع الإلكترونية
وبقوتها الثبوتية، والتي تنظِّم ضمانات موثوقيتها وسلامتها وتحديد هوية صاحبها
وأصول المنازعة بها وكيفية التحقق من موثوقيتها وتحديد الجهة الرسمية أو المخولة
من قبلها لإعطاء التقييم الفني المطلوب وإدعاء التزوير...
كما يُفترض وضع تنظيم لمقدمي خدمات المصادقة الذين يُصدرون
شهادات المصادقة العائدة للتواقيع الإلكترونية، وللتراخيص المطلوبة لهؤلاء وللوسائل
المادية والكفاءات البشرية ونوعية البرامج المعلوماتية والأجهزة ووظائفها وإجراءات
العمل والأمان المناسبة وكيفية التحقق من هوية صاحب الشهادة والمعلومات الشخصية
المتعلقة به والواردة ضمن شهادة المصادقة وضمان صدقيتها وكفايتها وتيوميها وكيفية
نشر الشهادات وإدارتها وتعديل بياناتها ووقف مفعولها أو إلغاءها... بالإضافة إلى موجب
حماية الحياة الخاصة والبيانات الشخصية للمتعاملين وموجب الإعلام والنصح المُلقى
على عاتق مقدم خدمة المصادقة تجاه المستخدم، كإعلامه بأساليب إستخدام الخدمات
وكيفية إنشاء التوقيع الإلكتروني والتحقق منه وكيفية إستعمال دليل شهادات
المصادقة.
ويُفترض وضع
نظام قانوني متكامل لمقدمي الخدمات التقنية (مقدم خدمة الإتصال، مستضيف
البيانات...)، يتضمن هذا النظام شروط الخدمات المقدمة منهم والموجبات القانونية
والتشغيلية الملزمين بها، كالحفاظ على المعلومات المتعلقة بحركة البيانات،
والتعاون مع الأجهزة الأمنية، وحفظ عناصر التعريف الخاصة بالناشرين الذين لا
يعلنون عن هويتهم، وكيفية التصرف في ما خص المعلومات غير المشروعة لجهة سحبها أو
محوها أو منع الولوج إليها...
كما يقتضي وضع أحكام قانونية واضحة تحدد المسؤوليات:
مسؤولية مقدم خدمة المصادقة والتوقيع الإلكتروني، مسؤولية مستضيف البيانات،
مسؤولية مقدم خدمة الإتصال، مسؤولية المستخدم، مسؤولية المُرسل، مسؤولية مُستقبل
الرسالة الإلكترونية...
كما يجب وضع آليات رسمية حازمة ومرنة في
نفس الوقت للرقابة على عمل مقدمي الخدمات التقنية، وإنشاء مراجع رسمية (مثل هيئات
خاصة أو إدارات عامة ضمن بعض الوزارات) تتضمن ملاكاتها خبرات بشرية قادرة على
ممارسة الرقابة بشكل فعال ومجد...
كما يتطلب الأمر تنظيم الخبرة التقنية في هذا المجال
وطرق إختيار الخبراء والشهادات والكفاءات المطلوبة منهم، وكيفية تقييم أدائهم
وتأديبهم ومحاسبتهم ومراقبتهم، لكون المحاكم والفرقاء سيستعينون بهم في الأمور
التقنية، وقد يكون رأيهم الفني حاسماً في النِزاع، ولاسيما أن القاضي لا يملك المعارف
التقنية لمراقبة عملهم.
كما يُفترض تجريم الأفعال التي تعيق عمل نظام معلوماتي
وتجريم الدخول غير المشروع لنظام معلوماتي أو التعديل غير المشروع للبيانات
المعلوماتية أو البرامج المعلوماتية أو محوها غير المشروع أو إنتاج أو تقديم برامج
أو أجهزة إلكترونية معدّة لإرتكاب جرائم معلوماتية...
كما يُفترض تنظيم كيفية تبادل البيانات المعلوماتية بين
إدارات الدولة أو بين المؤسسات الخاصة وضمان موثوقيتها وسريتها وعدم تحويرها
وإعتراضها والمسؤوليات عن ذلك.
كما يُفترض تنظيم كيفية حفظ البيانات المعلوماتية
الرسمية أو الخاصة وأرشفة المعلومات الرسمية أو الخاصة بشكل آمن ومنع أي تعديل غير
مشروع فيها.
الخاتمة
لقد عالجنا في هذا البحث موضوع السند
الإلكتروني وأهمية مساواته بالسند الورقي وإصدار تشريع يكفل ذلك ويضع له ضوابط،
وقد إتبعنا نهجاً علمياً، وتوخينا، وبدون إغفال أي من الأمور الأساسية، طرح
الإشكاليات والمبررات والمفاصل الرئيسية والضوابط لأي تشريع يختص بالسند الورقي،
متجنبين الإكتفاء بإيراد وصف أدبي جامد للموضوع.
في الواقع، إن النظام القانوني "لم يهضم" بعد
كليةً المفاهيم التقنية المستجدة كالتوقيع الإلكتروني والسند الإلكتروني، ولا يزال
الحقوقيون مقصرين عن اللحاق بركب عصر المعلومات. مما يفرض إطلاق ورش عمل قانونية
وتشريعية في هذا المجال، وحملات لتوعية العامة والحقوقيين وتعزيز ثقافتهم الحقوقية
الرقمية، وإطلاق البرامج الجامعية التعليمية المتخصصة في هذه المواضيع. إلا أن
المحاولات هي جادة في هذا المجال، ومنها التشريعات العديدة التي توالت على الصدور على صعيد العالم ولاسيما في
العالم العربي، ومنها أيضاً الندوات والمؤتمرات العملية في الموضوع الراهن. ونأمل
أن تشكل هذه الندوة إضافة علمية، تساهم في تدعيم البنيان القانوني الذي بدأ يكتمل
حول مفاهيم السند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني.
[1]- التعريف هو التعريف المُعطى في المادة الثالثة من
إقتراح قانون تكنولوجيا المعلومات اللبناني.
- Wikipedia encyclopedia,
Electronic signatures, 30/7/2009,
http://en.wikipedia.org/wiki/Electronic_signature.
[3] -
التعريف هو التعريف المُعطى في المادة الثالثة من إقتراح قانون تكنولوجيا
المعلومات اللبناني، وهو مقتبس من التعريف الوارد في القانون الأميركي الفدرالي
حول التواقيع الإلكترونية الصادر عام 2000.
[4] - بيار إيف غوتييه، الإنقلاب في قانون الإثبات:
نحو نظام بديل لإبرام الإتفاقيات، مقالة، مجلة بوتيت أفيش، باريس، 7/2/2000، رقم
26.
Pierre
Yves Gautier, Le Bouleversement du Droit de la Preuve : Vers un Mode Alternatif
de Conclusion des Conventions, Article, Petite Affiches, 7/2/2000, N 26.
[5] - يعرّف إقتراح قانون
تكنولوجيا المعلومات اللبناني الكتابة بأنها تدوين أحرف أو أشكال أو رموز أو
بيانات أو تسجيلها على أن تكون قابلة للقراءة والفهم، وذلك أياً كانت الركيزة
المستعملة.
-[6]Rule 10001 of the Federal Rules of Evidence defines writings and
recordings, “writings and recordings consist of letters, words, or numbers, or
their equivalent, set down by hand writings, printing photostanding,
photographing, magnetic impulse, mechanical or electronic recording, or other
form of data compilation”.
[7]-
السناتور شارل
جوليبوه، لجنة القوانين، تقرير حول مشروع قانون تكييف قانون الإثبات على تكنولوجيا
المعلومات وحول التواقيع الإلكترونية، 2/2/2000.
- Sénateur Charles Jolibois, Commission
des Lois, Rapport sur le Projet de Loi Portant Adaptation du Droit de la Preuve
aux Technologies de l'Information et Relatif à la
Signature Electronique, 2/2/2000, Internet, Site
http://www.senat/fr/rap/199-203/199-2031.html.
[8] - كزافييه ليلان دو بلوفون، وهولاند،
قانون المعلوماتية والإتصالات، الطبعة الثانية، دار النشر مسون، باريس، 1990، ص
142.
- X. Linant de Bellefonds et A. Hollande, Droit
de l’Informatique et de la Télématique, 2ème édition, Masson, Paris, 1990, P 142.
[10] - جيروم هوي، نحو تكريس الإثبات والتوقيع
الإلكترونيين، دلوز، 2000، فقه، ص 96.
- Jérôme Huet, Vers une Consécration de
la Preuve et de la Signature Eléctroniques, Recueil Dalloz, 2000, n 6,
Doctrine, p 96.
- How an electronic
signature service can save time and money, internet, 30/7/2009,
http://www.sitepoint.com/blogs/2009/06/18/electronic-signature-services.
[12] - وسيم
الحجار، مداخلة حول مسائل الإثبات الإلكتروني في ورشة العمل لبناء القدرات في مجال
الحماية القانونية على الإنترنت، بيروت، شباط 2009.
[13] - إعتبرت محكمة التمييز الفرنسية (الغرفة المدنية الثانية)
في قرارها تاريخ 4/12/2008 أنه بموجب المادة 1316-1 من القانون المدني، أن الكتابة
في شكل إلكتروني لا تعتبر دليلاً، إلا بشرط أن يتم تحديد هوية الكاتب، وأن تُنشأ
الكتابة وتُحفظ وفق شروط تضمن الموثوقية والسلامة. وأن محكمة إستئناف ريمز قد
أخطأت بعدم التحقق من كون الملف الإلكتروني المُنازع فيه قد أُنشأ بتاريخ المنازعة
وحُفظ بطريقة تمنع الطرف الثاني من تعديله.
- محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية
الثانية، قرار رقم 07-17622 تاريخ 4/12/2008، منشور على موقع ليجيفرنس العنوان
المذكور أدناه.
- Cass. Civ., 2ème
ch. Civ., 4/12/2008 n:07-17622, http://www.legifrance.gouv.fr.
لقد إستخلصت محكمة التمييز
الفرنسية- الغرفة المدنية الأولى بتاريخ 13/3/2008 من مضمون المادة 1326 من
القانون المدني، المعدّلة بموجب القانون الصادر بتاريخ 13/3/2008 والمتعلق
بالتواقيع الإلكترونية، بأنه لا يشترط أن يتم يدوياً تدوين المبلغ أو الكمية
بالأرقام وبالأحرف من قبل الشخص ذاته المُلتزم، لكن هذه الأرقام والحروف يجب أن
تَنتج، وفق طبيعة الركيزة المُستعملة، من آليات التعريف المُنطبقة على القواعد
التي ترعى التوقيع الإلكتروني أو من أية آلية تسمح بتأكيد بأن المُوقّع هو
المُدوّن لهذه الأرقام أو الحروف.
- محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة
الأولى، قرار رقم 06-17534 تاريخ 13/3/2008، منشور على موقع ليجيفرنس العنوان
المذكور أدناه.
- Cass. Civ.,
1ère ch., 13/3/2008
n:06-17534, http://www.legifrance.gouv.fr.
كما أخذت محكمة الإستئناف الفرنسية
في فرساي بتاريخ 6/11/2007 بالعرض المُنظّم والمُرسَل بالبريد الإلكتروني
والمُوقّع بتوقيع إلكتروني للعارض، وإعتمدته لتفسير نية الفرقاء والعمل القانوني
المبرم.
-محكمة إستئناف
فرساي، فرنسا، قرار رقم 06/06790 تاريخ 6/11/2007، منشور على موقع ليجيفرنس
العنوان المذكور أدناه.
-CA Versailles, 6/11/2007 n: 06/06790,
http://www.legifrance.gouv.fr.
[14] -
وسيم الحجار، الإثبات الإلكتروني، المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، الطبعة
الثانية، ص 139 وما يليها.
[15] - بيار إيف غوتييه، الكتابة الإلكترونية والتواقيع
التي ترتبط بها، مجلة ج.س.ب.، رقم 24، 14 حزيران 2000، ص 1118.
Pierre- Yves Gautier, De l'Ecrit
Electronique et des Signatures qui s'y Attachent, JCP, n 24, 14 juin 2000, p
1118.
[16] - ينص
مشروع قانون الإتصالات والكتابة والمعاملات الإلكترونية اللبناني الموضوع من قبل
خبراء فرنسيين ولبنانيين تحت إشراف وزارة الإقتصاد والتجارة في المادة 220-1 منه
على أنه في حال إشترط تنظيم سند خطي لصحة العمل القانوني، يمكن تنظيم هذا السند
وحفظه بالصيغة الإلكترونية في حال كان السند والتوقيع يشتملان على الشروط المطلوبة
للإثبات... كما تنص المادة ذاتها على أنه في حال إشترط تدوين عبارة بخط يد من
إلتزم، فهو يستطيع إجراء هذا التدوين بالصيغة الإلكترونية إذا ضمنت شروط التدوين
الإلكتروني عدم إمكانية صدوره إلا عن الملتزم.
[17] -
آن بينو، المصادقة على المنتجات والأنظمة التي تسمح بإنشاء سندات وتواقيع
إلكترونية، دالوز 2002 رقم 26، قسم الفقه، ص 2065.
Anne Penneau, La certification des produits et
systèmes permettant la réalization des actes et signatures électroniques, Le
Dalloz, 2002, n 26, doctrine p. 2065.
Francis Balle, Laurent
Cohen-Tanugi, Dictionnaire du Web, Dalloz, 2001, p 39.
[19] -
كلير بليلوس، توقيعك الإلكتروني كأداة تسويق، مقالة، الإنترنت، 30/7/2009 العنوان
المذكور أدناه.
Claire
Belilos, Your electronic signature as a marketing tool, article, internet,
30/7/2009, http://www.easytraining.com/signature.htm.
[20] -
بيار كتالا، مشروع القانون حول الإتصالات والكتابة والمعاملات الإلكترونية، العدل،
2006، عدد 4، ص 1429.
[21] - سنتياغو كفنيلاس موغيكا وغيره من المؤلفين،
التجارة الإلكترونية، وقت الحقائق، دار النشر برولان، فرنسا، 2000، ص 96.
Santiago Cavanillas
Mugica, Vincent Gautrais, Didier Gobert, Rosa Julia Barcelo, Etienne Montero,
Yves poullet, Anne Salaün, Quentin Van Daele, Commerce
Electronique, Le Temps des Certitudes, Bruylant, Delta, 2000, p 96.
[22] -
وسيم الحجار، مداخلة حول تفاعل الحقوقيين مع التشريعات المتعلقة بالتعاملات
الإلكترونية، الملتقى الأول للبنية القانونية والتشريعية للتعاملات الإلكترونية في
البلدان العربية، بيروت، شباط 2009.
[23] -
تنص المادة الأولى من القانون الفرنسي رقم 530 تاريخ 13/3/2000 حول تكييف قانون
الإثبات على تكنولوجيا المعلومات وحول التواقيع الإلكترونية على أنه "عندما
لا يحدد القانون مبادئ أخرى، وفي حال عدم وجود أي إتفاق صحيح بين الفرقاء، يبت
القاضي بالمنازعات حول الإثبات بالكتابة عبر تحديد بجميع الوسائل السند الأكثر
مصداقية، وذلك أياً كانت ركيزته".
[24] - ليونيل تومير، الإثبات والتوقيع الإلكتروني،
أيلول 1999، مقالة على الإنترنت، العنوان على الإنترنت مذكور ادناه.
Lionel
Thoumyre, Preuve et Signature Numériques, Septembre 99, Internet, Site
http://www.juriscom.net//espace1/chojur11.htm.
[25] - سيريل شربونوه، فريديرك جيروم بونسيه، حداثة
قانون الإثبات (التوقيع الإلكتروني)، مجلة الغازيت دو بالي، فرنسا، آذار-نيسان
2000، ص 594.
Cyrille Charbonneau, Frédéric – Jérôme Pansier, Le Droit de la Preuve est un Totem Moderne (Le Commerce
Electronique), Gazette du Palais, Recueil mars – avril 2000, p 594.
[26] - سامي منصور، عكاشة عبد العال، القانون الدولي
الخاص، الدار الجامعية، ص 338.
[27] - حلمي الحجار، الوسيط في أصول المحاكمات
المدنية، 1998، الجزء الأول، ص 113.
[29] - رمضان أبو السعود، أصول الإثبات في المواد
المدنية والتجارية، الدليل الكتابي، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1994، ص 259.
[30] - فاليري سيديان، الإثبات والتوقيع الإلكتروني،
مقالة، 9/4/2000، عنوان موقع النشر على الإنترنت.
-
Valérie Sédallian, Preuve et Signature Electronique,
Article, 9/4/2000, Internet, Site
http:/www.juriscom.net/chronique/21fr0509.htm.
[31] - وسيم الحجار، الإثبات
الإلكتروني، المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، الطبعة الثانية، ص 114 وما يليها.
[32] -
تتيح المادة 8 من القانون الفرنسي رقم 1516 تاريخ 8/12/2005، المتعلق بالتبادل
الإلكتروني بين المستخدمين والسلطات الإدارية وبين السلطات الإدارية نفسها، توقيع
أعمال السلطات الإدارية بتوقيع إلكتروني، مما يفيد إعترافاً صريحاً بالسندات
الإلكترونية في هذا المجال.
[33] -
جيروم هوييه، السند الرسمي الإلكتروني، دليل صغير للإستعمال، دالوز، 2005 رقم 42، جزء 4، فقه، ص 2903.
Jérôme
Huet, L’acte authentique électronique, petit mode d’emploi, Recueil Dalloz,
2005, n 42 volume 4, doctrine, p. 2903.
[35]- Frequently Asked Client
Questions about Web Trust, Internet, Site
http://www.mtrust.com.my/faq/ctfaq_sec2.html : Cryptographie is the science of
enabling secure communications between a sender and one or more recepients.
This is achieved by the sender scrambling a message (with a computer and a
secret key) and leaving the recepient to unscramble the message (with the same
computer and a key, which may or may not be the same as the sender’s key).
A Key in
this case is an algorithm pattern or rule(s) to render readable.
Encryption
is the transformation of information from readable form into some unreadable
form.
Decryption
is the reverse of encryption; it's the transformation of encrypted data into
some intelligible form.
- Wikipedia encyclopedia,
Biometrics, 30/7/2009, http://en.wikipedia.org/wiki/biometric.
[37] - وسيم الحجار، الإثبات الإلكتروني، المنشورات
الحقوقية صادر، الطبعة الثانية، 2007، ص 186.
[38] -
فرنسوا كوباز، نحو توقيع إلكتروني مُنظم أو مُسيطر عليه قانوناً، جوريس كلاسور،
التجارة الإلكترونية، تشرين الثاني 2002، ص 13.
- François Coupez, Vers
une signature électronique juridiquement maîtrisée, Juris-Classeur,
Communication- Commerce Electronique, novembre 2002, p. 13.
[39] - أرنو فوس، التوقيع الإلكتروني، التعاملات
والثقة على الإنترنت، دار النشر دونود، باريس، 2001، ص 5.
-
Arnaud-F. Fausse, La Signature
Electronique, Transactions et Confiance sur Internet, DUNOD, Paris, 2001, p. 5.
- Wikipedia, encyclopedia,
internet, 30/7/2009, http://en.wikipedia.org/wiki/digital_signature:
Digital signatures can also provide non-repudiation, meaning that the signer
cannot successfully claim they did not sign a message, while also claiming
their private key remains secret; further, some non-repudiation schemes offer a
time stamp for the digital signature, so that even if the private key is
exposed, the signature is valid nonetheless.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم