القائمة الرئيسية

الصفحات



النظام القانوني لصفقات المؤسسات العمومية الطابع الصناعي والتجاري في ظل المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم

النظام القانوني لصفقات المؤسسات العمومية الطابع الصناعي والتجاري في ظل المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم

النظام القانوني لصفقات المؤسسات العمومية
الطابع الصناعي والتجاري في ظل المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم




 
المـقدمــة:
من أجل الحصول على الأموال والخدمات تملك الدولة سبيلين قانونيين، فإما أن تلجأ إلى طريق الإكراه، وذلك باستعمال التسخيرة أو نزع الملكية، وإما أن تلجأ إلى الطريق الودية والمتمثلة أساسا في التعاقد، بمفهوم القانون المدني ، كوسيلة قانونية مفضلة لتماشيه مع النظام الديمقراطي، تسعى من خلاله الدولة ـ مهما كان نظامها الإقتصادي ـ إلى التدخل في الحياة الإقتصادية، إلى جانب نظام الوكالة، أو المؤسسات العمومية.
في المرحلة الحالية، وبسبب التوجه نحو النظام الرأسمالي المعتمد على رأسمال الأشخاص والشركات الخاصة، في خلق الثروة وتسيير الإقتصاد ، فمن المنتظر أن نشهد تطورا هاما لعقـود الإمتيـاز التي سوف تمـس كـل المجالات في إطار شكلي الخوصصة  ، إضافة إلى دور الصفقات العمومية التي تبقى وسيلة قانونية هامة تستعملها الدولة في ضخ الأموال العامة في الإقتصاد للحفاظ على توازنه، والتي ما انفكت تسجل حضورا قويا بالنظر إلى عدد المؤسسات العمومية الموجودة في الجزائر ، وكذا عدد الصفقات العمومية المبرمة ، تطبيقا للنظرية الكينزية  ، التي تعتمد على استعمال الأموال العامة من أجل تنشيط العجلة الإقتصادية من خلال زيادة حجم النفقات العمومية  ، وبالتالي اللجوء إلى الطلبات العمومية أي بإبرام الصفقات العمومية  .
إن التشريع المتعلق بالصفقات العمومية من التشريعات الحديثة إذا ما قورن مع باقي فروع القانون، فقد صدر أول قانون نظم أحكامها في فرنسا سنة 1964  ، وجعل مفهومها مرتبط بالعقود التي تبرمها الإدارة  ، لذا فكل صفقة عمومية تعتبر عقدا إداريا في النظام القانوني الفرنسي.
وفي الجزائر، فقد تم سن أول تشريع نظمها سنة 1967 بمقتضى الأمر 67-90 المؤرخ في 17 يونيو 1967، المتضمن قانون الصفقات العمومية، والذي أخذ بمفهوم مخالف لما كان عليه الحال في فرنسا، ذلك أن مفهوم الصفقة العمومية شمل كل الطلبيات العمومية بالمفهوم الإقتصادي للمصطلح، فكانت كل طلبات القطاع العام، الذي يشمل كل المرافق العامة ـ الإدارية منها والإقتصادية على حد السواءـ تخضع لقانون الصفقات العمومية، حسب ما نصت عليه الفقرة 2 من المادة الأولى منه، وكان الهدف من اتخاذ هذا الموقف هو "حماية أموال الدولة واعتماد فكرة التنسيق بين مختلف المؤسسات العمومية الإدارية والإقتصادية"  
وبقي الحال على هذا الوضع بمناسبة صدور الأمر 74-09 المتضمن مراجعة قانون الصفقات العمومية، وكذا المرسوم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982، بإبقائهما على نفس المفهوم للصفقة العمومية، وعلى نفس التوجه، فأخضع كل الأشخاص القانونية العامة لأحكامه، الإدارية منها والإقتصادية، بما فيها المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، على الرغم من أنها "مؤسسة يكون موضوعها ونشاطها مشابها لنشاط المشروعات الخاصة الصناعية والتجارية، وتعمل في ظروف مشابهة للظروف التي تعمل فيها تلك المشاريع الخاصة"  .
واستمر الحال على هذا الوضع حتى صدور القانون 88-01 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية في 12 يناير 1988 الذي استثنى المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من أحكام قانون الصفقات العمومية بنص المادة 59 منه  ، ولذا لم تتم الإشارة في المرسوم التنفيذي 91-434 المؤرخ في 9 نوفمبر 1991 المعدل والمتمم، والمتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، لخضوع هذه المؤسسة لأحكامه، غير أن الممارسات كانت غير ذلك فدواوين الترقية والتسيير العقاري ـ مثلا ـ كانت دائما تلجأ إلى تطبيق أحكام النصوص المنظمة للصفقات العمومية بناء على تعليمات الوزارة الوصية.
لكن سرعان ما عاد المشرع إلى موقفه القديم بمناسبة صدور المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24 يوليو 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم بموجـب المرسوم الرئاسي 03-301 المؤرخ في 11 سبتمبر 2003، الذي نص في المادة 2 منه على أنه " لا تطبق أحكام هذا المرسوم إلا على الصفقات محل مصاريف الإدارات والهيئات العمومية المستقلة ذات الطابع الإداري بالإضافة إلى مراكز البحث والتنمية والمؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي والثقافي والتكنولوجي، والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف هاته الأخيرة بإنجاز مشاريع استثمارات عمومية بمساهمة نهائية لميزانية الدولة، وتدعى في صلب النص المصلحة المتعاقدة".
وهنا نقطة الخلاف مع الوضع السائد في فرنسا ذلك أن المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري لا تخضع لأحكام قانون الصفقات العمومية هناك، بل للقانون التجاري نظرا لطبيعة مهامها .
وعرف الصفقة العمومية معتمدا على أربعة معايير هي المعيار العضوي، والمادي والمالي والشكلي، في مجموع المواد 2، 3، 5 و11 منه، وبالرجوع إليها يمكن استخلاص المفهوم الذي يهـم مذكرتنا هاته، والتي يقصد بها : "ذلك العقد المكتوب في مفهوم التشريع المعمول به، والمبرم وفق الشروط المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي 02-250 من طرف المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف بإنجاز مشاريع استثمارات عمومية بمساهمة نهائية لميزانية الدولة، وكان محلها اقتناء اللوازم أو إنجاز الأشغال، أو تقديم الخدمات أو إنجاز الدراسات التي يساوي مبلغها أو يزيد على المبلغ الذي حدده المشرع "  . 
الملاحظ أن هذه المواقف غير المستقرة ارتبطت بمرحلة تغيير إقتصادي أو إعادة هيكلة الدولة وتحديد دورها، وهي الملاحظة الصحيحة أيضا بالنسبة لصدور المرسوم الرئاسي 02-250، وبالنسبة لتعديله الصادر بالمرسوم الرئاسي 03-301، ذلك أنهما صدرا في مرحلة هامة من الإصلاحات التي تتبناها الجزائر، وفي إطار سياسة إعادة هيكلة الدولة وتحديد مهامها، تكريسا لمبدأ الحكم الراشد وترشيد النفقات العمومية، فلجنة سبيح، أحصت 225 مؤسسة عمومية ذات طـابع صناعي وتجاري E P I C، من بين العدد الإجمالي للمؤسسات العمومية الموجودة  ، أي ما نسبته 34.61 بالألف  .
إن اتخاذ مثل التعريف المذكور أعلاه، ترتبت عليه آثار لافتة للانتباه تتعلق بالطبيعة القانونية للصفقة العمومية، وكذا بطبيعة النزاعات التي قد تطرح بشأنها وبالتالي في اختصاص القضاء الفاصل فيها والقانون الواجب التطبيق، والتي سوف نحاول استشرافها والإحاطة بها من الناحية النظرية على الأقل، وتقديم الحلول الممكنة لها على ضوء النظام القانوني الجزائري والمواقف المعبر عنها من طرف القضاء العادي والإداري، وكذا محكمة التنازع.
ذلك أن اعتبار الصفقات العمومية، عقدا إداريا، يخضع لأحكام القانون الإداري وكل نزاع يتعلق به من اختصاص القاضي الإداري، من طرف غالبية الفقهاء الجزائريين  ، ومن طرف مجلس الدولة الجزائري، الذي ساير الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في موقفها  ، لم يصبح حتمية.
وإن رأي الدكتور بن ناجي شريف ، الذي دافع منذ مدة على أن الصفقة العمومية قد مالت نحو العقد المدني أكثر منه إلى العقد الإداري  ، أصبح اليوم أكثر جلاء.
ولذا لزام علينا اليوم أن نقف ولو برهة للنظر في هذا الموقف المتجدد للمشرع، من خلال هذا الموضوع، ودراسة النظام القانوني لصفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، في ضوء المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، وعلى ضوء تمسك المشرع الجزائري بالمعيار العضوي لتحديد مجال الإختصاص النوعي للقضاء، واستخلاص أولى النتائج المترتبة على ذلك.
إن السبب الرئيسي في اختيار هذا الموضوع هو أننا لا نجد اليوم ـ في الجزائر ـ الكتابات المتخصصة الكافية في هـذا المجـال   وكل من يتطرق إلى الصفقة العمومية، يدرسها عرضا في مجال العقد الإداري، ويقدمها كنموذج مثالي له، سواء بالنسبة للدراسات التي تتم على مستوى الليسانس أوعلى مستوى برنامج السنة الأولى لمقرر القانون الإداري بالمدرسة العليا للقضاء  ، إلى درجة أنه تم تعريف العقد الإداري بأن هو نفسه الصفقة العمومية  ، مما يدفع إلى الإعتقاد أن الصفقة العمومية هي عقد إداري بامتياز.
وكل من كتب مؤخرا عن المشاكل المتعلقة بالصفقة العمومية، إلا وتجاهل التطرق إلى صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري  .
والدراسة هذه ترمي للإجابة على الإشكالية المتعلقة بتحديد خصوصيات النظام القانوني لصفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، في مرحلة إبرامها وفي مرحلة تنفيذها، وكذا في المنازعات المتعلقة بها وطرق فضها.
وعلى اعتبار أن دراسة النظام القانوني لمادة ما، يعني دراسة القواعد القانونية المتعلقة بموضوعها وبالإجراءات المرتبطة بها وكذا بالمنازعات الناجمة عنها، ولما كانت منازعات العقود عامة، والصفقات العمومية خاصة تتعلق إما بمرحلة الإبرام أو بمرحلة التنفيذ، فقد ارتأينا تقسيم مذكرتنا هاته إلى فصلين، نقسم كل واحد منهما إلى ثلاثة مباحث، نخصص الأولين لدراسة الجوانب الإجرائية والموضوعية للنقاط محل البحث، ونحدد المواطن التي قد تكون موضوع نزاع محتمل، فنجعلهما يمهدان للمبحث الثالث من كل فصل.
أي أن الفصل الأول سيخصص لدراسة مرحلة إبرام الصفقة العمومية، من خلال التطرق في مبحث أول إلى كيفيات إبرامها والرقابة عليها، بتخصيص مطلب أول لدراسة كيفيات الإبرام، ومطلب ثان لدراسة الرقابة على إبرام الصفقة.
أما المبحث الثاني، فنتطرق فيه إلى مرحلة الموافقة على الصفقة العمومية، ندرس من خلاله تحديد المقصود بالموافقة على الصفقة العمومية، والآثار القانونية لعدم الموافقة عليها، في مطلبين.
أما المبحث الثالث فلمعالجة طرق فض المنازعات المحتمل وقوعها في مرحلة الإبرام، من خلال دراسة حقوق الطعن المقررة في قانون الإجراءات المدنية، ثم دراسة الطعن أمام لجنة الصفقات المختصة، في مطلبين.
أما الفصل الثاني فنخصصه لدراسة مرحلة تنفيذ الصفقة، بالتطرق في مبحث أول إلى الإلتزامات المتولدة عنها، من خلال تحديد إلتزامات المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة، والتزامات المصلحة المتعاقدة تجاه المتعاقد معها، في مطلبين.
أما المبحث الثاني، فيخصص لدراسة السلطات والحقوق المتولدة عن الصفقة العمومية، من خلال تحديد السلطات المقررة للمصلحة المتعاقدة، ثم الحقوق المقررة للمتعاقد جراءها، في مطلبين.
أما المبحث الثالث فـلدراسة طرق فض المنازعات المحتمل وقوعها في مرحلة التنفيذ، من خلاله تحديد طرق فض النزاعات خارج ساحة القضاء، ثم فض النزاع أمام قاضي العقد، في مطلبين.
إن اختيارنا لهذه المنهجية في الدراسة وإتباع هذه الخطة راجع إلى أن هذه المذكرة موجهة إلى الطلبة القضاة بدرجة أولى، ثم إلى القضاة بدرجة ثانية، وإلى كل مهتم بالقانون في الحياة التطبيقية، تساعدهم في إيجاد ضالتهم في تحديد النزاعات التي قد تثور بشأن هذا النوع من الصفقات العمومية، وتحديد القواعد القانونية الموضوعية والإجرائية المطبقة عليه، ولذا خصصنا مبحثا كاملا لدراسة المنازعات وطرق حلها في كل فصل ، واستبقنا كل واحد منهما بمبحثين لدراسة القواعد اللإجرائية والموضوعية عند إبرام الصفقة وتنفيذها، ذلك أنه لا يمكن فهم المنازعة والإلمام بكل جوانبها، إلا بعد فهم موضوعها بشكل كاف، وبذلك نتفادى احتمالات للوقوع في التكرار بقدر الإمكان.
ومن أجل الوصول إلى الإجابة عن الإشكالية المطروحة، فيتم اتباع المنهج التحليلي، من خلال تحليل النصوص القانونية المنظمة للموضوع، لاستنباط القواعد التي تحكمه، ومنهج القياس كلما استلزم الأمر تقديم حلول لمشاكل لم ينظمها قانون الصفقات العمومية تاركا ذلك للقواعد القانونية العامة.




الفصل الأول: مراحل إبرام صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
المبحث الأول: كيفيات إبرام الصفقة والرقابة عليها.
المطلب الأول: طرق إبرام الصفقة.
المطلب الثاني: الرقابة على إبرام الصفقة.
المبحث الثاني: الموافقة على الصفقة العمومية.
المطلب الأول: تحديد المقصود بالموافقة على الصفقة العمومية.
المطلب الثاني: الآثار القانونية لعدم الموافقة على الصفقة العمومية.
المبحث الثالث: طرق فض المنازعات الناتجة عن إبرام الصفقة.
المطلب الأول: حقوق الطعن المقررة في قانون الإجراءات المدنية.
المطلب الثاني: الطعن أمام لجنة الصفقات المختصة. 

الفصل الثاني: مرحلة تنفيذ صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
المبحث الأول: الإلتزامات المتولدة عن الصفقة العمومية.
المطلب الأول: إلتزامات المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة.
المطلب الثاني: إلتزامات المصلحة المتعاقدة وجزاء مخالفتها.
المبحث الثاني: السلطات والحقوق المتولدة عن الصفقة العمومية.
المطلب الأول: السلطات المقررة للمصلحة المتعاقدة جراء الصفقة العمومية.
المطلب الثاني: الحقوق المقررة للمتعاقد جراء الصفقة العمومية.
المبحث الثالث: طرق فض المنازعات الناتجة عن تنفيذ الصفقة.
المطلب الأول: طرق فض النزاع خارج ساحة القضاء.
المطلب الثاني: فض النزاع أمام قاضي العقد.


الفصل الأول :
 مراحل إبرام صفقة المؤسسة ذات
 الطابع الصناعي والتجاري .







الفصل الأول: مراحل إبرام صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.


دراسة مراحل إبرام الصفقة العمومية، تعني التطرق إلى مختلف الكيفيات التي نص عليها المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم في إبرام الصفقة العمومية، والآليات التي نظمها من أجل ضمان الرقابة الناجعة والفعالة للعملية بما يضمن الليونة لهذه الطرق من جهة، ويسمح بالحفاظ على المال العام، من جهة أحرى.
عند دراسة هذه المراحل والكيفيات، سيتم التوقف عند كل نقطة قد يثور نزاع بشأنها وتحديدها، من أجل التطرق إليها وتقديم الحلول الكفيلة بفضها من خلال تكييف طبيعة النزاع، وتحديد الجهة المختصة بالنظر فيه، وفقا للقواعد والإجراءات المقررة قانونا، وذلك فيما يلي:

المبحث الأول: كيفيات إبرام الصفقة والرقابة عليها.

معالجة كيفيات إبرام الصفقات العمومية من المواضيع الهامة، ذلك أن المشرع نظمها بشكل دقيق في المواد من 20 إلى 28 من المرسوم الرئاسي 02-250، جاعلا المناقصة القاعدة العامة، بينما التراضي إجراء استثنائيا  ، وجعلها تقوم على قاعدتين هامتين لا بد من مراعاتهما، هما المنافسـة الشفافة والمساواة بين المتنافسين  ، وكرسهما في مبدأ إشهار المناقصة المقرر في المادة 39 من المرسوم الرئاسي 02-250، من خلال اللجوء إلى الصحافة بكل انواعها حسب المادة 40 من المرسوم الرئاسي، ونظرا لأهمية المبدأ فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي ببطلان المناقصة أو المزايدة إذا لم يتم احترامه حسب الطريقة التي نص عليها القانون  .
ومبدأ المساواة بين المترشحين، والمقصود به هو أن لكل من له الحق قانونا بالتقدم إلى المناقصات، الحق في الإشتراك فيها على قدم المساواة مع غيره من المتنافسين  ، وقد كرسته المادة 47 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم في كل فقراتها، عندما نصت مثلا أنه لا تؤخذ في الحسبان إلا المعايير المذكورة في دفتر الشـروط  .
غير ان هذا المبدأ ليس عاما ولا مطلقا، إذ يعرف عدة قيود واستثناءات ترجع إلى اعتبارات عدة  ،غير أنه محترم في جوهره، والإستثناءات الموجودة فيه تأكيد عليه، وهي في مجملها مبررة بالنظام العام، وبالغاية المرجوة من سن نظام الصفقات العمومية، ومثالها المؤسسة التي لا تملك التأهيل اللازم، المقرر في المادة 31 من المرسوم الرئاسي 02-250 لا يمكنها المشاركة في المناقصات، كما لا يمكن المؤسسات التي لا تمتلك شهادة التأهيل والتصنيف المهنيين أن تشارك في صفقات البناء والأشغال العمومية ، أو الثابت في حقها ارتكاب غش ضريبي  ، أو تلك المقصية من الصفقات العمومية تطبيقا لنص المادة 18 مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم، أن تشارك في الصفقات العمومية. 

المطلب الأول: طرق إبرام الصفقة.

لقد حدد المشرع طرق إبرام الصفقات العمومية، فجعل المناقصة الطريق الأصلية في ذلك، بينما التراضي طريقا استثنائيا، لذا سوف نتطرق إليهما وفق الأولوية التي منحها المشرع لكل طريقة.
الفرع الأول: إبرام الصفقة عن طريق المناقصة.
عرف المشرع المناقصة بأنها إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم أفضل عرض  .
ومن أجل ذلك تستعمل المصلحة المتعاقدة عدة معايير تتعلق بالناحية المالية للعرض والتقنية فيه، كنوعية المواد وآجال التنفيذ، إضافة إلى الضمانات المقدمة، والخدمات ما بعد الإنجاز، وغيرها من المعايير التي تحدد حسب طبيعة الصفقة وموضوعها لتحديد أفضل عرض.
هذا وقد نصت المادة 23 من المرسوم الرئاسي على أن المناقصة تأخذ عدة أشكال، والسبب في ذلك هو أن المشرع يحاول منح نوع من المرونة والفعالية للمصلحة المتعاقدة، وفي حدود معينة، بما يسمح لها بالتحرك من أجل تحقيق الهدف المرجو بنوع من الحرية دون أن ينسى أنه لا بد من رقابتها لتعاملها بالمال العام، وهذه الأصناف هي:
- المناقصة المفتوحة: إجراء يمكن من خلاله لأي شخص تقديم تعهد  ، ولذا فإنها تتطلب العلانية التامة، وتلتزم المصلحة المتعاقدة عند اتباع هذا الطريق في إبرام الصفقة بأن تتعاقد مع من يقدم أفضل عرض.
إن نص المادة 24 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، لا يظهر منه هذا الإلتزام، غير أنه بالرجوع إلى نص المادة 21 من ذات المرسوم يكمن استنباطه، ذلك أن المناقصة تؤدي إلى تخصيص الصفقة للمتعهد الذي يقدم أفضل عرض، و الملاحظ أن النص باللغة الفرنسية أكثر وضوحا ودقة  .
- المناقصة المحدودة: إجراء لا يسمح فيه بتقديم عروض إلا للمترشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الخاصة التي تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا  ، وفي حقيقة الأمر يكون المتعهدون المشاركون في المناقصة المحدودة أولئك " المعتمدين "   لدى المصلحة المتعاقدة. 
-  المزايدة: إجراء يسمح بتخصيص الصفقة للمتعهد الذي يقترح أحسن عرض، وتشمل العمليات البسيطة من النمط العادي ولا تخص إلا المترشحين الوطنيين أو الأجانب المقيميـن في الجزائر  .
لا بد من الإشارة هنا إلى أن التعريف الوارد في النص العربي للمادة 27 يختلف عن ذاك الوارد في النص الفرنسي، ففي حين أن النص العربي يقرر أن الصفقة تخصص لأحسن عرض، وهو ما يعني أن الإختيار يتم بناء على إعمال عدة معايير، وهي المذكورة أعلاه في تعريف المناقصة، مما يجعل هذه الأخيرة تتطابق مع المزايدة، فإننا نلاحظ أن النص باللغة الفرنسية يقرر أن الصفقة تخصص لمن يقترح أقل سعر.
إن النص باللغة الفرنسية   هو الصحيح ويجب الإعتماد عليه عند تطبيق المادة 27 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، للتمكن من تفرقة المناقصة عن المزايدة  .
وأخيرا نشير إلى أن السعر الأقل الذي يتم اختياره يجب أن لا يكون أكبر من السعر الأقصى الذي تحدده المصلحة المتعاقدة، والذي تحتفـظ به سريا ولا تفصح عنه إلا عند فتح الأظرفة .
- الإستشارة الإنتقائية: إجراء يقدم فيه المرشحون المرخص الذين تم انتقاؤهم والترخيص لهم مسبقا من طرف المصلحة المتعاقدة، عروضهم في الصفقات التي تتميز عملياتها بتعقيد خاص أو بأهمية بالغة .
- المسابقة: إجراء يضع رجال الفن في منافسة قصد إنجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو جمالية أو فنية خاصة  .
الملاحظ أن اعتماد المشرع على هذا التصنيف لأشكال المناقصة قد يضع المصلحة المتعاقدة في وضعية حرجة، ذلك أنها قد تجد نفسها أمام صفقة لا تتطلب بالضرورة اعتماد طريقة وحيدة من أجل تنفيذ موضوعها، كأن يكون بناء عمارة من عدة طوابق لا تتطلب تقنية عالية من أجل تشييد هيكلها، بينما تتطلب الحس الفني من أجل تزيينها، فمثل هذه الوضعيات قد تؤدي إلى إبرام عدة صفقات تكلف من الوقت والمال الشيء الكثير.
الفرع الثاني: إبرام الصفقة عن طريق التراضي.
لقد جعل المشرع التراضي طريقا استثنائيا عند إبرام الصفقة العمومية، وعرفها بأنها الإجراء الذي تخصص بموجبه الصفقة لمتعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة  ، وجعل طريق التراضي على نوعين، التراضي البسيط والتراضي بعد الإستشارة.
-التراضي بعد الإستشارة.
على خلاف ما فعله المشرع مع طرق إبرام الصفقة الأخرى، فإنه لم يقدم أي تعريف للتراضي بعد الإستشارة، غير أنه يمكن القول بأنه ذلك الإجراء الذي تبرم بموجبه المصلحة المتعاقدة الصفقة بعد استشارة مسبقة حول أوضاع السوق وحالة المتعاملين الإقتصاديين، والتي تتم بكل الطرق المكتوبة الملائمة ومن دون شكليات أخرى.
فالمشرع لا يشترط شكليات معينة لإجراء الإستشارة، فيما عدا الكتابة بمختلف أنواعها، غير أن صياغة الفقرة الثانية من المادة 22 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم توحي بأن اللجوء إليها غير إجباري، إلا أن الحقيقة عكس ذلك، على اعتبار أن المشرع جعل التراضي البسيط استثناء على التراضي بعد الإستشارة، ونص على الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى التراضي البسيط على سبيل الحصر  .
كما نص في المادة 35 فقرة ثانية من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم على أن اختيار كيفية إبرام الصفقة يدخل ضمن اختصاصات المصلحة المتعاقدة، لكن عليها تبرير اختيارها كلما طلب منها ذلك من الجهة المخولة قانونا بمراقبتها  ، كأن تكون الجهة الوصية أو مجلس المحاسبة  مثلا.
وحددت المادة 38 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم الحالات التي يمكن فيها اللجوء إلى التراضي بعد الإستشارة على سبيل الحصر فيما يلي:
- عندما يتضح أن الدعوة للمنافسة غير مجدية، وهو ما يعني أنه لا يمكن اللجوء إلى التراضي بعد الإستشارة إلا بعد القيام بإجراء المناقصة التي يتبين أنها لم تؤت أكلها.
- في حالة صفقات الدراسات واللوازم والخدمات الخاصة التي لا تستلزم طبيعتها اللجوء إلى مناقصة، والذي يتم تحديدها بموجب قرار مشترك بين الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني.


- التراضي البسيط:
يعتبر التراضي البسيط الإستثناء المقرر على الإستثناء في طرق إبرام الصفقات العمومية، ذلك أن المادة 22 فقرة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم تنص على أن التراضي البسيط قاعدة استثنائية لإبرام العقود لا يمكن اعتمادها إلا في حالات خاصة مقررة قانونا.
والمقصود بالتراضي البسيط هو قيام المصلحة المتعاقدة بإبرام الصفقة العمومية مع متعامل اقتصادي بمجرد تطابق إرادتيهما على محلها، في إحدى الحـالات المقررة حصرا في المـادة 37 يتحتم فيها اللجوء إلى هذا الطريق بسبب عدم جدوى الطرق الأخرى الناتجة عن وضعية معينة سائدة السوق ذاتها أو بسبب ضيق الوقت مما لا يسمح باللجوء إلى غيرها من الطرق، و المتمثلة في:
- وجود وضعية احتكارية في السوق، حيث لا يمكن تنفيذ موضوع الصفقة إلا على يد متعامل متعاقد وحيد، أو لانفراد هذا الأخير بامتلاك الطريقة التكنولوجية التي اختارتها المصلحة المتعاقدة.
- حالة الإستعجال الملح المعلل بخطر داهم يتعرض له الملك أو الإستثمار، قد يقع ولا يسعفه التكيف مع آجال المناقصة.
ما يعاب على موقف المشرع هنا أنه لم يحدد المعايير التي يمكن الإستناد عليها لتحديد حالة الإستعجال هذه، لاسيما وأن أي تصرف يصدر في مجال الصفقات العمومية ويكون مخالفا للقانون يقع تحت طائلة المساءلة المدنية والجزائية والتأديبية والمالية على حد السواء  .
- في حالة تموين مستعجل مخصص لضمان سير الإقتصاد أو توفير حاجات السكان الأساسية.
يمكن تقديم نفس الملاحظات المذكورة أعلاه، رغم أن هذه الحالة تبدو أقل إبهاما من سابقتها، ذلك أنه يمكن تصور أمثلة عنها بسهولة، كأن يتعلق الأمر بتوفير دواء لمواجهة مرض ظهر فجأة أو شراء تموينات لمواجهة مخلفات كارثة طبيعية.
- عندما يتعلق الأمر بمشروع ذي أولوية وذي أهمية وطنية، وفي هذه الحالة يخضع اللجوء إلى هذا النوع الإستثنائي لإبرام الصفقات للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء.
ما يعاب على هذا الموقف أنه مرن ومطاط لعدم تحيد المقصود بالمشروع ذي الأولوية أو ذي الأهمية الوطنية، ولعل الغاية منه هو السماح للسلطة التنفيذية بحرية الحركة وإنفاق المال العام بعيدا عن أية رقابة قبلية.

المطلب الثاني: الرقابة على إبرام الصفقات العمومية.

أخضع المشرع الجزائري الصفقات العمومية لرقابة   متشددة بهدف الحصول على أكبر فعالية ممكنة، وجعلها رقـابة داخليـة، ورقابة خارجية ورقابة وصائية  .
الفرع الأول: الرقابة الداخلية على إبرام الصفقة.
نصت المادة 106 من المرسوم الرئاسي 02-250 على أن الرقابة الداخلية تمارس وفقا للنصوص والقوانين الداخلية للمصلحة المتعاقدة، التي تكلف بتبيان محتوى مهمة كل هيئة رقابة، والإجراءات الواجب اتباعها، تاركة بذلك للمصلحة المتعاقدة حرية كاملة في تنظيم هذه الرقابة وممارستها.
وفي نفس الوقت أسست هيئتين أخريين للرقابة القبلية وحدد مهامهما وهما:
- أولا: لجنة فتح الأظرفة. 
أسستها المادة 107 من المرسوم الرئاسي 02-250، مما يعني أنها واجبة الإنشاء بقوة القانون، وجعلت لرئيس المصلحة المتعاقدة  ، صلاحية تعيين أعضائها  ، وحددت المادة 108 من المرسوم الرئاسي 02-250 مهامها المتمثلة في :
- تثبيت صحة تسجيل العروض في سجل خاص.
- إعداد قائمة التعهدات حسب ترتيب وصولها مع توضيح المبالغ المقترحة.
- إعداد وصف مختصر للوثائق التي يتكون منها التعهد.
- تحرير محضر أثناء انعقاد الجلسة، يوقعه جميع الأعضاء الحاضرين.
- وعند الإقتضاء تحرير محضر عدم جدوى العملية يوقعه الأعضاء الحاضرون.
إن ما يستدعي التوقف، هو أنه من خلال قراءة هذه المادة يستشف أن معيار المبالغ المقترحة هو الوحيد الذي يبنى عليه تحرير محضر عدم جدوى المناقصة، في حين أن من بين طرق إبرام الصفقات نجد طريقة المزايدة، والتي تهدف إلى تخصيص الصفقة إلى المتعهد الذي يقترح أحسن عرض، والذي لا يتم تقويمه على أساس السعر فقط، وإنما على مجموعة كبيرة من المعايير يعتبر السعر أحدها، إلى جانب آجال التنفيذ، نوعية المواد المستعملة، خدمات ما بعد التنفيذ وغيرها من المعايير.
وتضيف المادتان 109 و110 من ذات المرسوم، على أن اللجنة تجتمع بناء على استدعاء المصلحة المتعاقدة في آخر يوم من الأجل المحدد لإيداع العروض، في جلسة علنية يحضرها المتعهدون، وأن هذه الإجتماعات تصح مهما كان عدد أعضائها الحاضرين.
إن الملاحظ هو أن موعد اجتماع اللجنة فيه مساس بحقوق المتنافسين الذين يتأخرون في تقديم عروضهم على اليوم الأخير المحدد، مما يعني أن آجال تقديم العروض ليست كاملة، خلافا للمبدأ المقرر في قانون الإجراءات المدنية، المذكور كأحد تأشيرات المرسوم الرئاسي 02-250.
أما فيما يخص النصاب الواجب توفره لصحة اجتماعات اللجنة، فيستدعي التساؤل عن جدوى إنشاء لجنة تصح اجتماعاتها بحضور فرد وحيد فيها، لا يشترط فيه حتى أن يكون رئيسها  .
وإجمالا فإن مهمة هذه اللجنة ينحصر في فتح الأظرفة المقدمة، تمهيدا لفحص العطاءات التي تحتويها والتأكد من مطابقتها للشروط المعلن عنها، بناء على طبيعة المناقصة أو الشروط المطلوبة في المتقدمين إلى المناقصات العامة.  
هذا وقد تم إغفال تنظيم الإجراءات الواجب اتباعها عند فتح الأظرفة، مما يشكل فراغا قانونيا على كل مصلحة متعاقدة تنظيمه على حدى، خلافا لما هو عليه الوضع في مصر، أين فصل القانون الإجراءات والمراحل التي تمر بها هذه الرقابة، وبين دور كل واحد من الأعضاء المشكلين للجنة  .
- ثانيا: لجنة تقويم العروض.
أسستها وحددت مهامها المادة 111 من المرسوم الرئاسي 02-250، التي نصت أن تشكيلها من صلاحيات رئيس المصلحة المتعاقدة، ويتم ذلك من أعضاء مؤهلين يختارهم نظرا لكفاءتهم، شريطة أن لا يكونوا أعضاء في لجنة فتح الأظرفة، لتفادي حالة التنافي.
يؤاخذ على موقف المشرع بهذا الصدد أنه لم يحدد عدد أعضاء اللجنة ولا معايير الكفاءة، ولم يبين الجزاء المترتب عن عدم احترام حالة التنافي، رغم أن المنطق القانوني يقضي أن يترتب عن ذلك بطلان التشكيلة وبالتالي بطلان أعمالها.
أما مهامها فتتمثل فيما يلي:
- تحليل العروض وبدائل العروض عند الإقتضاء، والتي تتم على أساس المعايير والمنهجية المنصوص عليها في دفاتر الشروط، حيث تقوم بالترتيب التقني للعروض، بأن تنقطها، وتقصي تلك التي لم تتحصل على العلامات الدنيا اللازمة المنصوص عليها في دفتر الشروط.
- تقديم الإقتراحات لمدير المصلحة المتعاقدة، أو لمديرها العام، حول العروض التي تم فحصها وترشيحها من أجل اختيار المتعهد الذي سوف يتم التعاقد معه.
- إقصاء العروض غير المطابقة لموضوع الصفقة أو لمحتوى دفتر الشروط.
- يمكن أن تقترح اللجنة ـ بعد تحليلها للعروض ـ على المصلحة المتعاقدة رفض العرض الجدير بأن يفوز بالصفقة إذا ما ترتب عن منح المشروع إحتكار المتعامل المقبول على السوق، أو تسبب في اختلال في المنافسة بأية طريقة كانت، متى كان دفتر الشروط قد وضع هذا الشرط.
إن الملاحظ حول تمتع لجنة تقويم العروض بهذه الصلاحية، هو أن المرسوم جعل اللجنة أداة لمراقبة حالة المنافسة في السوق، متدخلة في ذلك في اختصاصات مجلس المنافسة  .
وأغفل تحديد النصاب الواجب توفره لصحة أعمال هذه اللجنة، وكذا تحديد الشكل الذي يتم بموجبه عملها، الذي يتم عمليا في شكل محاضر.
كما أغفـل التطرق إلى النتائج المترتبة عن اختلاف أعضائها في الرأي حول العروض المقدمة ، أي لم ينص إذا كان لرئيسها الصوت المرجح.
هذا ويعتبر دور لجنة تقويم العروض تتويجا للرقابة القبلية، فهند إتمام عملها تقدم اقتراحاتها للمصلحة المتعاقدة ، ذلك أن اختصاصها مقيد بتحديد أصلح العروض، ذلك أن المصلحة المتعاقدة " تلتزم قانونا باختيار من يقدم أفضل الشروط المالية أو الفنية للتعـاقد معه" ، من خلال إصدار قرار المنح المؤقت للصفقة  ، لصالح المتعهد المقترح عليـها  .
هذا القرار يرتب نتيجة وحيدة على عاتق المصلحة المتعاقدة ابتي تلتزم " بألا تتعاقـد إلا مع من ترسـو عليه المزايدة أو المناقصة"  ، من دون أن يعتبر قبولا منها يرتب انعقاد الصفقة  ، ويرتب التزاما على عاتق المرشح الذي تم اختياره بأن يبقى ملزما بإيجابه إلى حين انعقاد العقد أو انتهاء الميعاد المحدد، في دفتر الشروط، بينما تبقى المصلحة المتعاقدة حرة في عدم التعاقد  .
قرار المنح المؤقت هذا هو أول محل للنزاعات المحتمل أن تثور بين المصلحة المتعاقدة والمتعهدين الذي تم إقصاء عروضهم، نظمت المادة 101 من المرسوم الرئاسي طرق فضها، ولذا ستتم مناقشتها في المبحث المقرر لذلك.
الفرع الثاني: الرقابة الخارجية على إبرام الصفقة.
جعل المشرع هيئات الرقابـة الخارجيـة تتولى رقابة ملاءمة ومشروعية في نفس الوقت  ، وقد نص المرسوم الرئاسي على تشكيل أربع لجان للصفقات العمومية تكلف بها ، في هذه المرحلة من المذكرة سيتم التطرق إلى اختصاصات كل لجنة، وإلى نتيجة العمل الذي يتمخض عن الرقابة التي تمارسها، وفقا لما يلي:
أولا: إختصاصات لجان الصفقات العمومية.
نظم المشرع إختصاصات لجان الصفقات العمومية في مجال الرقابة الخارجية القبلية للصفقات العمومية بالمواد 101، 112، 116 و118 من المرسوم الرئاسي 02-250 ، والمتمثلة فيما يلي:
- تقديم المساعدة في مجال تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها.
- دراسة مشاريع دفاتر الشروط قبل إعلان المناقصة، تتوج بإصدار تأشيرة في أجل أقصاه 15 يوما، فإن مر هذا الأجل فيعتبر مشروع دفتر الشروط كأنه مصادق عليه، وتعفى من هذه الدراسة والتأشيرة العمليات ذات الطابع المتكرر التي شرع فيها على أساس دفتر شروط نموذجي سبقت المصادقة عليه.
- التحقق من مطابقة الصفقات المعروضة عليها، والتي مرت على الرقابة الداخلية، وتم الإختيار الأولي للمتعهد المرشح للفوز بالصفقة، والذي صدر قرار المنح المؤقت لمصلحته، للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
- التحقق من مطابقة التزام المصلحة المتعاقدة للعمل المبرمج بكيفية نظامية.
- تقديم المساعدة في تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها.
- هذا وتختص اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، دون سواها في مجال الرقابة الخارجية حسب ما نصت عليه المادة 127 من المرسوم الرئاسي 02-250 بمراقبة صحة إجراءات إبرام الصفقات ذات الأهمية الوطنية مهما كانت المصلحة المتعاقدة، المكلفة بإنجازه.
تحديد مجال اختصاص كل واحدة من اللجان المذكورة يتم استنادا على  معيار مزدوج، شقه الأول مالي يرتكز على مبلغ الصفقة المراد إبرامها، وشقه الآخر يعتمد على نوع المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، محلية أو وطنية المكلف بإبرامها.
ومن دراسة هذه المواد 114، 119، 121 و130 من المرسوم الرئاسي 02-250 يتضح أن الإختصاص في الرقابة ينعقد كما يلي:
- اللجنة الوطنية للصفقات العمومية: تختص برقابة كل صفقة عمومية مبرمة من طرف المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الوطنية أو المحلية، في حدود المبالغ التالية:
صفقات الأشغال إذا زاد مبلغها عن 250 مليون دينار.
صفقات اقتناء اللوازم إذا زاد مبلغها عن 100 مليون دينار.
صفقات الدراسات والخدمات إذا زاد مبلغها عن 60 مليون دينار.
- اللجنة الوزارية للصفقات العمومية: تختص برقابة كل صفقة عمومية مبرمة من طرف المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الوطنية، في حدود المبالغ التالية:
صفقات الأشغال التي مبلغها يساوي أو أقل من 250 مليون دينار.
صفقات اقتناء اللوازم التي مبلغها يساوي أو أقل من 100 مليون دينار.
صفقات الدراسات والخدمات التي مبلغها يساوي أو أقل من 60 مليون دينار.
- اللجنة الولائية للصفقات العمومية: تختص برقابة كل صفقة عمومية مبرمة من طرف المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري المحلية، في حدود المبالغ التالية:
صفقات الأشغال التي مبلغها يساوي أو أقل من 250 مليون دينار.
صفقات اقتناء اللوازم التي مبلغها يساوي أو أقل من 100 مليون دينار.
صفقات الدراسات والخدمات التي مبلغها يساوي أو أقل من 60 مليون دينار.
خلاصة التأمل في هذه المواد هي أن لجنة الصفقات للمصلحة المتعاقدة، ليس لها أي اختصاص فعلي في مجال المراقبة المنصوص عليه في المادة 118 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، وأن هذه الرقابة تمارس من قبل اللجان الأخرى حسب نوع المؤسسة العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي، وبناء على مبلغ الصفقة التي سوف يتم إبرامها وعلى نوعها.
ثانيا: نتيجة الرقابة الخارجية.
عند ممارسة هذه اللجان للرقابة المنوطة بها، فإنها تصدر أعمالا ذات طبيعة إدارية تتمثل في منح آراء أو التأشيرات وقرارات، بحسب الحالة وبحسب موضوع الرقابة.
- فبالنسبة لتقديم المساعدة في تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها، فإنها تقدم أراء، حول كل طعن يقدمه متعهد يحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة حسب المادة 116 من المرسوم الرئاسي.
- تصدر مقرر ( تأشيرة ) عند دراسة مشاريع دفاتر الشروط قبل إعلان المناقصة، إن هذه الصيغة المستعملة "مقرر ( تأشيرة) " يطرح إشكالا قانونيا في تحديد طبيعة هذا العمل القانوني، وإمكانية المنازعة فيه.
- إصدار " تأشيرة " من أجل تنفيذ الصفقة التي تم الفصل في منازعات قرار المنح المؤقت المتعلقة بها، حسب نص المادة 143 من المرسوم الرئاسي 02-250، والذي تعتبر إجراء موقفا لتنفيذ الصفقة، ذلك أنه لا يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تأمر بالشروع في التنفيذ ما لم تتحصل عليها، ولا يحق لها تجاوزها في حالة رفض اللجنة منحها التأشيرة إلا عن طريق رفع تقرير للوزير أو الوالي حسب الحالة.
 وحسب المادة 147 من المرسوم الرئاسي 02-250 فإنه في حالة عدم صدور التأشيرة في الآجال المحددة، فعلى المصلحة المتعاقدة أن تخطر رئيس اللجنة الوطنية الذي يقوم باستدعائها في أجل 8 أيام للبت في الأمر حال انعقاد الجلسة.
ومهما يكن من أمر فإن هذه التأشيرة ليست شرطا لانعقاد الصفقة   وإنما شرط لنفاذها، إذ بدونها لا يمكن للمصلحة المتعاقدة إصدار أمر الشروع في الخدمة للمتعاقد معها     
الفرع الثالث: رقابة الوصاية.
أكد المشرع في المادة 105 من المرسوم الرئاسي 02-250على أن كل الصفقات العمومية تخضع لمختلف أنواع الرقابة المنصوص عليها في هذا المرسوم، وخـص هذا النوع من الرقابة بمادة وحيدة هي المادة 113 منه  ، وجعلها رقابة ملاءمة.
إن المشكل الذي يطرحه هذا النوع من الرقابة على صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، هو تحديد الجهة الوصية المخولة بهذا النوع من الرقابة.
فإذا علمنا أن المؤسسة العمومية هي شخص معنوي عام يتمتع بالإستقلال المالي، وأن القـانون 88-01 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسـات العمومية نص في المادة 45 منه على أن علاقاتها ذات صفة مزدوجة، فهي تاجرة في مواجهة الغير، وتخضع للقواعد المطبقة على الإدارة في علاقتها مع الدولة، من دون تحديد للمقصود بهذه القواعد  .
وعند الرجوع إلى القواعد العامة للقانون الإداري نجد أنه لا وصاية إلا بنص قانوني صريح وفي الحدود التي يسمح بها، لأن "الإستقلال هو الأصل والوصاية هي الإستثناء " ، على الرغم من أنها لا تتعارض مع الاستقلالية العضوية للمؤسسة العمومية   التي تعتبر شكـلا من أشكـال اللامركزية المرفقية  .
لذا لا بد من الرجوع إلى المادة 46 من ذات القانون   فيما يتعلق بالمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الوطنية، وللمادة 137 من قانون البلدية  ، والمادة 127 من قانون الولاية  ، فيما يتعلق بالمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري المحلية، التي توجهانا إلى النصوص التنظيمية لاعتمادها كمعيار قانوني لمعرفة مشروعية الرقابة الوصائية وتحديد أساسـها القانوني ومداها والجهة المخولة بممارستها، فبالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الوطنية، يعود الإختصاص للوزارة الوصية على قطاع نشاطها، أما بالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الولائية أو البلدية فيعود الإختصاص للولاية أو البلدية التي أنشأتها.
ومهما يكن من أمر، فإن هذه الرقابة تستمر حتى بعد تنفيذ الصفقة، ذلك أن المادة 113 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم تنص في الفقرتين 2 و3 منها على أنه عند التسليم النهائي للمشروع تعد المصلحة المتعاقدة تقريرا تقييميا عن ظروف إنجاز المشروع وكلفته الإجمالية مقارنة بالهدف المسطر أصلا، ويرسل هذا التقرير حسب نوعية النفقة الملتزم بها إلى الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، وكذا إلى هيئة الرقابة الخارجية المختصة.
ويمكن للجهة الوصية متابعة مدى تقدم إنجاز الصفقات المبرمة وطلب المعلومات التي تراها ضرورية في كل وقت، كما لها القيام بتفتيشات مفاجئة كلما رأت داعيا لذلك. 

المبحث الثاني: الموافقة على الصفقة العمومية.

قرار المنح المؤقت بإرساء المناقصة على أحد المتعهدين، ليس آخر خطوة في التعاقد، " بل ليس إلا إجراء تمهيديا "، أما التعاقد بالمفهوم القانوني الصحيح الوارد في المادة 54 من القانون المدني، والمقصود به توافق إرادتين أو أكثر من أجل ترتيب أثر قانوني معين  ، فإنه لا يترتب إلا بناء على خطوة أخرى تختص بها هيئة أخـرى.
قبل الشروع في دراسة هذه المرحلة لا بد من الإشارة إلى أن مصطلح الموافقة لا يتلاءم مع نظام الصفقات العمومية بالطريقة التي قررها المشرع الجزائري فيما يتعلق بصفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، لأن الموافقة تتعلق بذلك العمل القانوني الصادر عن الجهة المخولة قانونا بممارسة الرقابة الوصائية على المصلحة المتعاقدة  ، لذا ففي حقيقة الأمر أن الأمر يتعلق بإمضاء الصفقة العمومية لصدوره من ممثل المصلحة المتعاقدة، غير أنه سيستعمل نفس المصطلح الذي جاء في نص المرسوم الرئاسي.
بعد إبداء هذه الملاحظة الأولية، سيتم التطرق إلى تحديد المعنى القانوني للموافقة على الصفقة، والآثار القانونية المترتبة عليها، فيما يلي: 

المطلب الأول: تحديد المقصود بالموافقة على الصفقة العمومية.
تحديد المقصود بالموافقة في مجال الصفقات العمومية، يعتبر من المواضيع الدقيقة جدا، والتي شهدت خلافات كبيرة بين رجال القانون الإداري الفرنسيين، نظرا لموقف القانون الفرنسي، وقضاء مجلس الدولة هناك.
والمسألة أكثر تعقيدا بالنسبة لموضوع هذه المذكرة، لتعلق الأمر بصفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، والتي تتمتع بصفة التاجر تجاه الغير المتعامل معها، وعلاقاتها خاضعة للقانون الخاص، إضافة إلى أن المشرع لم يخصص لهذه المرحلة سوى مادة وحيدة، و إلى أننا لم نحصل في إطار بحثنا هذا ما يفيد أن المسألة قد نوقشت أو حتى أثيرت من طرف الفقه والقضاء الجزائريين.
غير أنه يمكن الإعتماد على مختلف النقاشات التي دارت في فرنسا، لارتباطها بالصفقة العمومية باعتبارها عقد تم تنظيم الإجراءات القانونية المتعلقة بها بنص قانوني استمد أصوله ومبادئه من القانون الفرنسي.



الفرع الأول: المدلول القانوني للموافقة.

يرى كل مـن ديلوبادير، مودارن وديلفولفي عنـد دراسـة المدلـول الـقانـوني للموافقة "Approbation" " والآثار المترتبة عنها، أنها جزء من عملية معقدة متعلقة بتكوين الصفقة .
ففي حين يرى اتجاه واسع من الفقهاء الفرنسيين أنه قبل الموافقة، أوفي حالة غيابها فإنه لا وجود للصفقة، متخذين بذلك " موفقا متطرفا "  ، مرتكزين لتأسيسه على ما جاء في القضاء الفرنسي الذي قضى أنه في هذه الحالة " لا يوجد سوى مشروع اتفاق"  .
وكان في قضايا قد قضى بـ " أننا في فترة انتظار، لا يكون فيها العقد كاملا بسبب عدم الموافقة، ويمكن أن لا يصبح كاملا أبدا لهذا السبب "  .
كما قضى بأن الأمر يتعلق بمجرد " مشروع اتفاق لم تتولد عنه أية رابطة قانونية بعد"   . 
هذا وقد صرح أن " أي عقد غير موافق عليه لا يعتبر نهائيا "  ، وقد جاء في نص المادة 7 من المرسوم الرئاسي 02-250 مستعملة نفس المصطلح إذ تنص " لا تصح الصفقات ولا تكون نهائية إلا إذا وافقت عليها السلطة المختصة"   .
 هذا القضاء هو الذي اعتمد عليه غاستون جيز " G.JEZE " للتأكيد أنه في حالة غياب الموافقة فلا وجود للعقد، أي وجود للرابطة التعاقدية، لذا فأية رابطة قد توجد فليس لها طبيعة تعاقدية  ، وهو الرأي الذي يوافقه عليه ديلوبادير، مودارن وديلفولفي عندما يتعلق الأمر بموافقة يكون اختصاص إصدارها الشخص المعنوي المتعاقد ذاته، ويخالفونه الرأي إذا كانت السلطة الوصية هي المختصة بإصدارها، ذلك أن الموقف الذي اتخذه غاستون جيز يجعل الموافقة في هذه الحالة عنصرا داخلا في تكوين الصفقة ذاتها.
وفي نفس الموضوع يرى جورج فودال George Vedel أنه " عندما ينبغي أن تصدر الموافقة عن سلطة تعمل باسم الشخص العام الذي جرى إبرام العقد لحسابها يكون للموافقة مدى مختلف، إنها شرط الإلتزام التعاقدي للشخص العام المعني "  ، فهي شرط انعقاد إذن وليست شرطا لنفاذ العقد. 
إن اسقاط هذا النقاش الفقهي على ما جاء في المادة 7 من المرسوم الرئاسي 02-250 يدفع اتخاذ نفس الموقف على اعتبار أن الموافقـة ـ مثلما هي منظمة بهذا النص ـ هي التي تجعل الصفقة صحيحة ونهائية، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية لأنها صادرة عن الممثل القانوني للشخص المعنوي المتعاقد، على اعتبار أن المدير العام أو مدير المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري هو السلطة المختصة بالموافقة على الصفقة، أي أن عملية التعبير عن إرادة المؤسسة في التعاقد من اختصاص هذه الهيئة  .   
فالموافقة إذن هي شرط انعقاد إذ تجعل الصفقة تنعقد صحيحة ونهائية مرتبة لكل آثارها، ذلك أن "التزامات المتعاقدين لا تبدأ إلا من هذه اللحظة، أما قبل ذلك نكون في دور التكوين "  ، ولذا لا يمكن اعتماد رأي كل من ديلوبادير، مودارن وديلفولفي اللذين يعتبرون أن الموافقة تعتبر شرطا موقفا لنفاذ العقد فقط، مستندين في ذلك إلى ما قضى به مجلس الدولة الفرنسي  ، لتعلق الأمر هنا بإجراء صادر عن الهيئة المكلفة بالرقابة الوصائية، وهو ما لا يتوفر في حالتنا هاته كما سبق بيانه.
الفرع الثاني: النتائج المترتبة على الموافقة على الصفقة العمومية.
النظام المقصود في هذا الجزء من المذكرة هو تلك القواعد المتعلقة بالصفقة ذاتها، وتلك المتعلقة بالصلاحيات المقررة للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، وتلك المقررة للمرشح للتعاقد معها، وبناء على ما سبق بيانه يمكن استنتاج ما يلي:
- الموافقة حسب المادة 7 من المرسوم الرئاسي 02-250 تجعل الصفقة نهائية، فبدونها لا تكون كذلك، وعليه لا يكون الأطراف ملزمين بتنفيذ ما جاء فيه، فإذا شرع المرشح الذي صدر قرار المنح المؤقت لصالحه في تنفيذ الصفقة من تلقاء نفسه، فإنه يتحمل تبعة ذلك، ولو علمت المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري بذلك ولم تعترض عليه، إذ في هذه الوضعية لا يمكنه التمسك بأحكام الصفقة ولا بالنظام المقرر بالمرسوم الرئاسي 02-250 للمطالبة بالحقوق المقررة فيهما، وإنما بأحكام القانون المدني المتعلقة بالإثراء بلا سبب  .
أما إذا شرع المرشح في تنفيذ الصفقة بناء على طلب المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، أو صدرت عنها موافقة لاحقة، فإن الأمر يختلف، إذ يمكنه التمسك بأحكام الصفقة والنظام القانوني المقرر في المرسـوم الرئاسي 02-250.
- القول بأن الصفقة لا تكون نهائية إلا بعد الموافقة عليها يترتب عليه أن الحقوق الناتجة عن الصفقة لا تكون مكتسبة إلا بناء على الموافقة، وأنه يحق للمترشح الذي صدر قرار المنح المؤقت أن يتراجع عن المناقصة بعد الآجال المقررة لبقائه ملتزما  ، متى تمت الموافقة عليها.
-  المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري حرة في الموافقة أو عدم الموافقة، ولذا إذا رفضت التعاقد لا يمكن للطرف الآخر إلزامها بذلك، شريطة أن تصدر عدم الموافقة من الجهة المختصة قانونا بالتعبير عن إرادتها، وهي مديرها العام أو مديرها، ذلك أن الموافقة هي تعبير عن القبول بالنسبة للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
إذن فعدم الموافقة يجعل الصفقة غير منعقدة، غير أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، باتخاذها هذا الموقف لا يعني أنه لا وجود لآثار قانون ترتبت، وهو ما سوف نتطرق إليه في المطلب التالي.

المطلب الثاني: الآثار القانونية لعدم الموافقة على الصفقة العمومية.

هذه الآثار القانونية لا تخلو أن تتعلق بالصفقة التي لم تتم الموافقة عليها وبالحقوق المحتملة والمتعلقة بتعويض المرشح الذي كان من المفروض أن يتم التعاقد معه، وهو ما سوف نتطرق إليه في الفرعين التاليين:
الفرع الأول: مصير الصفقة التي لم تتم الموافقة عليها.
المصير القانوني المقرر لهذه الصفقة هو عدم الإنعقاد، فلا ترتب أي أثر قانوني، والسبب في ذلك هو أن الأثر القانوني لا يترتب إلا من اليوم الذي تصبح فيه الصفقة نهائية، وهو ما لا يتحقق إلا من تاريخ الموافقة عليها، والمـادة 7 من المـرسوم الرئاسي 02-250 صريحة في هذا المجال فقد نصت على أنه: " لا تصح الصفقات ولا تكون نهائية إلا من يوم الموافقة عليها من السلطة المختصة ".
ونـفس النتيـجة نتوصل إليها إذا ما اعتمدنا على نص المادة 50 من المرسوم الرئاسي 02-250 التي تنص على أنه: " يجب أن تشير كل صفقة إلى التشريع والتنظيم المعمول بهما وإلى هذا المرسوم، ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات التالية:...تاريخ إمضاء الصفقة ومكانه...."، فهذه المادة تجعل من الإمضاء شكلا جوهريا في كل صفقة عمومية، وعلى الرغم من أنها لا تنص صراحة على الأثر المترتب عن عدم إمضاء الصفقة، والذي هو التعبير الشكلي عن موافقة الجهة المختصة بإصداره، إلا أن القواعد العامة للتعاقد تجعلنا نؤكد أن عدم الإمضاء معناه عدم وجود ما يثبت تعبير المتعاقد عن قبوله، وبالتالي عدم انعقاد الصفقة أصلا، فلا ترتب أي أثر قانوني.
ولذلك فإنه لا يحق للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، ولا للمرشح للتعاقد معها، الإدعاء بأي حق ناتج عن الصفقة أو الإدعاء في مواجهة الآخر بأي التزام مترتب عنها  .
وفي مقابل ذلك يمكن لكل من الطرفين التمسك بعدم ترتيب الصفقة التي لم تتم الموافقة عليها لآثارها القانونية، والسبب في ذلك أننا أمام تصرف قانوني لا يتوفر فيه الشرط الضروري لانعقاده صحيحا، لأن الصفقة في هذه الحالة تكون غير نهائية، ودور القاضي في مثل هذه الحالة ينحصر في تقرير أن الصفقة لا ترتب أي أثر قانوني.

الفرع الثاني: الحقوق المحتملة في تعويض المرشح للتعاقد.
قد تختلف المواقف والآراء حول هاته الحقوق، وتنقسم إلى مجموعتين، بالنظر إلى الحجج القانونية والقضائية التي يمكن الإعتماد عليها  :
الرأي الأول: بما أنه يمكن للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، أن ترفض الموافقة لأسباب المشروعية أو لأسباب الملاءمة، من دون أن يترتب عن ذلك أية مسؤولية عليها، متى كان هذا الرفض مبررا.
هذه الوضعية هي التعبير الواضح عن الإختلال في مركز المتعهد الذي يبقى مجبرا على التعاقد إذا ما وافقت هذه الأخيرة طوال المدة التي تحددها في دفتر الشروط  ، ويتحمل مسؤولية التراجع عن العرض الذي يقدمه، وتصل درجة الإختلال في المراكز إلى درجة أنه لا يمكنه الرجوع عليها حتى بما أنفقه من مصاريف لإنجاز ملف ترشحه  ، بما في ذلك المبلغ الذي يدفعه للمصلحة المتعاقدة مقابل الحصول على دفتر الشروط، والذي يذهب لخزينتها.
والسبب في هذا الإختلال في المراكز يمكن تفسيره من الناحية التاريخية، كون الصفقة العمومية ارتبطت دائما بمفهوم المخاطر، التي يشكل رفض المصلحة المتعاقدة لإتمام إجراءاتها أحد أشكالها.
ومن الناحية القانونية، كون العرض الذي يقدمه المتعهد يعتبر الإيجاب في العقد، والموافقة الصادرة عن المصلحة المتعاقدة هي القبول، ولا يوجد أي نص قانوني يمكن الإعتماد عليه من أجل إجبار من وجه له العرض على قبوله، بينما العكس صحيح، ذلك أن الموجب ملزم بالبقاء على إيجابه طوال المدة المتفق عليها، والمقررة في دفتر الشروط  .
والسبب الأخير أنه لا يمكن تكييف الأعمال السابقة لهذه المرحلة على أنها وعد بالتعاقد رغم اشتمالها على كل الشروط الجوهرية للصفقة، لأن في ذلك تغيير لمراكز الأطراف، أين يتحول الموجب قابلا، والقابل موجبا، ولتناقض هذا الوصف مع الغاية من تنظيم الصفقات العمومية، وهو حماية المال العام، الشيء الذي يبرر المبدأ القاضي بعدم إجبار المصلحة المتعاقدة على إتمام الصفقة، كما يبرر تمتعها بسلطة الملاءمة.   
أما الرأي الثاني : فيمكن القول أنه وعلى الرغم من أن قرار المنح المؤقت لا يقيد المصلحة المتعاقدة، التي تبقى دائما حرة غير أنها قد تجد نفسها مسؤولة عن الضرر الذي يلحق المتعهد الذي صدر قرار المنح المؤقت لمصلحته  ، إذا ما تعسفت في استعمال هذا الحق، كأن ترتكب خطأ في تقدير الوقائع أو تفسير القانون، فتسيء استعمال سلطتها في الملاءمة.
ذلك أنه في الحالة عدم موافقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري على الصفقة، فليس عليه تنفيذ أحكامها، فإن فعل فعليه تبعات ذلك، والمبدأ المقرر في القضاء الإداري الفرنسي أنه لا يحق له المطالبة بأية تعويضات، وأن عدم الموافقة لا يمكن استدراكها بتنفيذ العقد  ، وأن الصفقة التي لا تتم الموافقة عليها لا يمكن أن ترتب المسؤولية العقدية  ، غير أن الخدمات المنجزة يمكن أن تكون مصدر تعويض إذا تمت برضا المصلحة المتعاقدة، ولو لم تعبر عنه صراحة، كأن علمت بالشروع في التنفيذ ولم تعترض عنه.
فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بأن أي استبعاد لتعهد من دون عرضه على اللجان المخولة قانونا وتقييمه يرتب الحق في التعويض، وأن أي تخصيص لصفقة لفئة معينة من المؤسسات ( الصغيرة، المتوسطة أو كبيرة ) فيه مساس بمبدأ المساواة بين المتنافسين، ذلك أن هذه السياسة غير مبررة ولا تتلاءم مع الهدف المتوخى من قانون الصفقات العمومـية  ، وأن استبعاد أحد الساعين لتقديم عروض بدون وجه حق يرتب له الحق في التعويض لاسيما إذا أثبت أن حظوظه كانت قائمة في الحصول على الصفقة لو شارك في المنافسة  .
كما قد يترتب له الحق في التعويض، وذلك في الحالة التي يكون قد شرع في تنفيذ الأشغال أو الخدمات أو التوريدات أو الدراسات محل الصفقة غير الموافق عليها، إذا ترتب عن هذا الشروع في التنفيذ حصول المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري على منفعة.
والتعويض المستحق في هذه الحالة يقدر وقت قيام المرشح للتعاقد بإنفاق المال الذي قام به من أجل القيام بتلك الخدمات، وبنسبة المنفعة التي تحصلت عليها المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري جراء ذلك، وذلك ما يعني تطبيق نظرية الإثراء بلا سبب، والتي ينظمها القانون المدني في المادتين 141 و142 منه  .

المبحث الثالث: طرق فض المنازعات الناتجة عن إبرام الصفقة.

خص المشرع المنازعات المتعلقة بمراحل إبرام الصفقة بمادة وحيدة هي المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 التي بينت الإجراءات والآجال الواجب احترامها، والتي لم تحل المشكل المتعلق بهذه المنازعات، بل قد تكون سببا في نشوبها، ذلك أنها نصت على طريقين للطعن في قرار المنح المؤقت، فإما اللجوء إلى طرق الطعن المقررة في التشريع المعمول به، وإما رفع طعن أمام لجنة الصفقات.
تحديد طرق الطعـن المقررة المقصـودة، يعني الرجوع إلى تأشيرات  المرسوم الرئاسي 02-250، التي تحيل على قانون الإجراءات المدنية، كنص وحيد يمكن الإعتماد عليه من أجل إيجاد طرق طعن تخدم الموضوع.
لذا يجب التطرق إلى الطعن المقرر في قانون الإجراءات المدنية، ثم الطعن أمام لجنة الصفقات العمومية، باعتبار الأول هو الأصل والثاني استثناء. 

المطلب الأول: حقوق الطعن المقررة في قانون الإجراءات المدنية.
نظم قانون الإجراءات المدنية طريق الطعن في المادتين 7، 274 منه، فيجيز لكل متضرر من قرار إداري أن يرفع طعنا أمام القضاء الإداري من أجل إلغائه لتجاوز السلطة، ولذلك لا بد أن ينازع قرارا إداريا ـ بالمعنى القانوني للمصطلح ـ قابلا للطعن فيه بالإلغاء، من أجل استعمال هذا الطريق، ولذا تحديد الطبيعة القانونية لقرار المنح المؤقت، ثم تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الطعن فيه، والإجراءات الواجب احترامها في ذلك.
الفرع الأول: قرار المنح المؤقت هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء.
من أجل القول أن قرار المنح هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء، لا بد أن ينطبق عليه أولا مفهوم القرار الإداري، ثم التأكد من الشرط المتعلق بإلحاق الأذى بنفسه، والذي يشكل ركن المصلحة في المتعهد الذي يريد استعمال هذا الحق في الطعن.
- أولا: قرار المنح المؤقت هو قرار إداري.
للقول إن كان قرار المنح المؤقت قرارا، لا بد من تحديد مفهوم هذا الأخير، ومطابقته مع قرار المنح المؤقت، ومن أجل ذلك، سوف نطابق مختلف المعايير التي استعمالها الفقه والقضاء والتشريع في ذلك  .
- تعريف القرار الإداري حسب المعيار العضوي: باستعمال هذا المعيار عرف العميد ليون دوقي القرار الإداري بأنه: " كل عمل إداري يقصد تعديل الأوضاع القانونية القائمة وقت صدوره أو كما ستكون في لحظة مستقبلة معينة "  .غير أن هذا التعريف أغفل عنصرا هاما هو أن القرار الإداري صادر بإرادة منفردة وأنه ملزم.
أما الأستاذ أحمد محيو فيعتمد على المادة 274 من قانون الإجراءات المدنية، لاقتراح تعريف يتماشى والمبدأ الوارد فيها، فيرى أن القرارات الإدارية هي: " القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة من السلطة الإدارية"  .
بينما الأستاذ عمار عوابدي فيعتنق نفس التعريف الذي قال به الدكتور فؤاد مهنا الذي يرى أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث فيه ابتغاء مصلحة عامة"  .
ويرى الأستاذ رشيد خلوفي أن القرار الإداري القابل للإلغاء هو ذاك العمل القانوني التنفيذي الصادر عن سلطة إدارية، بإرادتها المنفردة، والذي يلحق الأذى بذاته  . 
ويعرفه القاضي خالد قمبوعة بأنه: "عمل قانوني صادر عن السلطة الإدارية أو شخص يمارس السلطـة الإدارية بإرادتها المنفردة يؤثر على حقوق وواجبات الغير دون موافقتهم"  .
وبالرجوع إلى أحكام المادتين 7 و274 من قانون الإجراءات المدنية نلاحظ أنها استعملت "المعيار العضوي حيث أن القرار الصادر عن الهيئة الإدارية فقط هو الذي يمكن أن يكون محلا للطعن "  ، وهو نفس المعيار الذي تشترطه التعريفات السابقة.
والمقصود بالمعيار العضوي حسب ما هو مقرر في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، وكذا المادة 09 من القانون العضوي 98-01  ، هو أن يكون هذا القرار صادر عن الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، أي أنه يتعين علينا مبدئيا استبعاد كل شخص عام آخر.
فإذا طبقنا هذا المعيار على قرار المنح المؤقت نستنتج أنه ليس قرارا إداريا قابلا للإلغاء أمام القاضي الإداري على اعتبار أنه صادر عن مؤسسة عمومية غير إدارية.
غير أن الأستاذ أحمد محيو يشكك في هذا الرأي، معللا موقفه بما ذهب إليه المشرع ذاته الذي استعمل المعيار المادي من أجل إخضاع بعض القرارات لدعوى الإلغاء.
- تعريف القرار الإداري حسب المعيار المادي:  يرى الأستاذ أحمد محيو أن للمعيار المادي مكانته في تعريف القرار الإداري في النظام القانوني الجزائري، ولا يمكن القول بأن المعيار العضوي هو الوحيد المستعمل ذلك " أن الأمور ليست بهذه البساطة وذلك لسببين أولهما أن المشرع الجزائري قد اضفى صفة القرار الإداري على قرار هيئة مهنية وليست هيئة إدارية، قاصدا المنظمة الوطنية للمحامين، آخذا بعين الإعتبار المعيار المادي .
وثانيهما، هو وجود شركات وطنية تتمتع بنظام الشركات التجارية الخاضعة للقانون الخاص ومنازعاتها تدخل في اختصاص القاضي العادي، ولكن هذا النظام البسيط في البداية قد عرف ميلا إلى التعقيد ليصبح مختلطا وذلك بتطبيق قواعد القانون الإداري"  .
و تجدر الإشارة إلى أنه إضافة إلى ما جاء به العميد أحمد محيو، فقد أخضع المشرع الجزائري القرارات الصادرة عن  السلطات الإدارية المستقلة إلى دعوى الإلغاء  ، كما أنه استعمل المعيار المادي صراحة في المادتين 55 و56 من القانون 88-01 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية.
وقبل صدور هذا القانون، كان القضاء قد قبل استعمال المعيار المادي لعقد اختصاصه في دعوى الإلغاء، بمناسبة صدور قرار المحكمة بتاريخ 8 مارس 1980، في قضية شركة « SEMPAC » ضد « OAIC »  ، وهي قضية وحيدة من نوعها، فيها كل التعبير عن مكانة وإمكانية استعمال المعيار المادي لتحديد الطبيعة الإدارية لقرارات صادرة عن أشخاص قانونية خاصة.
إضافة إلى ما سبق، فقد استعمل المشرع المعيار المادي من أجل تعريف الإدارة العامة في المادة 05 من المرسوم رقم 84-325 المؤرخ في 03/11/1984 المتضمن شروط بسط العلم الوطني، التي نصت على أنه: " تعتبر كإدارة أو مصلحة غير مركزية أو لا مركزية وطنية ولائية أو بلدية كل مصلحة ذات السلطة العامة".
زيادة على ما سبق بيانه فإن مناهج التفسير في العلوم القانونية، تحث على التفكير فيما أراده المشرع من إقراره في المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 أنه يوجد طرق للطعن في قرار المنح المؤقت ضمن القواعد القانونية سارية المفعول، فباستعمال منهج"L'argument apagogique ou de réduction à l'absurde"   ، الذي يقتضي أنه لا يمكن للمشرع وضع نص غير قابل للتطبيق أو أن تفسيره يؤدي إلى نتيجة غير معقولة. يصبح القول بأنه لا يوجد في التشريع الساري المفعول أية طريقة للطعن هو النتيجة غير المعقولة ذاتها.
كما أن استعمال منهج التفكير حسب الهدف من النص " L'argument téléologique "  ، القاضي بالبحث عن الهدف الذي كان يرمي إليه المشرع من خلال النص على أن قرار المنح المؤقت يمكن الطعن فيه حسب طرق الطعن المقررة في التشريع الساري المفعول، يوصل إلى القول أن القانون المقصود هو قانون الإجراءات المدنية لأنه الوحيد الذي يقرر طريق طعن وحيدة تنصب على القرارات الإدارية.
- ثانيا: قرار المنح المؤقت هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء.
لا يكفي أن يكون القرار إداريا كي يمكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء، وإنما لا بد أن يكون ملحقا الأذى بنفسه، وهو الشرط الذي يعبر عن المصلحة في الدعوى.
وإلحاق الأذى يتمثل في عنصر مهم، يستشف من خلال الرجوع إلى الإلتزامات الملقاة على المصلحة المتعاقدة عند اختيارها المتعهد الذي سوف تتعاقد معه.
وقد سبق بيان أن المناقصة تحكمها مجموعة من المبادئ والقواعد القانونية، لاسيما مبدأ المساواة والعلنية والإشهار، ولذا كل مخالفة لهذه المبادئ يمكن الإعتماد عليها للقول بتوافر شرط إلحاق الأذى.
كما سبق بيان أن على المصلحة المتعاقدة أن تختار أحسن عرض من العروض التي يتبين من فحص لجنة تقويم العروض أنها جديرة بالفوز بالصفقة.
ذلك أنه في ميدان المناقصات يتم اختيار أحسن العروض، وهو الحاصل على أكبر مجموع من النقاط، تمثل كل منها أحد معايير الإختيار، فقد يتحصل متنافسان أو أكثر على نفس مجموع النقاط من دون أن يكون تفصيلها متشابها، فيتم اختيار عرض ورفض آخر، فيتحقق شرط إلحاق الأذى. 
وعلى كل حال فإن مجرد استبعاد عرض وقبول آخر يعتبر إلحاقا للأذى بصاحب العرض المستبعد، والذي يحق له تقديم طعن أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء.
الفرع الثاني: الجهة المختصة بنظر النزاع والإجراءات الواجب احترامها.
لتحديد الجهة القضائية المختصة في نظر الدعوى تعين الرجوع إلى أحكام عدة مواد لاختيار النص الواجب التطبيق، لاسيما قانون الإجراءات المدنية والقانون العضوي 98-01.
 فنص قانون الإجراءات المدنية، في المادة 7 منه على اختصاص القضاء الإداري عامة، فتعقد الفقرة 1 منعا الإختصاص للغرف الجهوية الخمسة كلما كان موضوع الدعوى هو إلغاء قرار صادر عن الوالي، بينما تعقد الفقرة 2 الإختصاص للغرف الإدارية المحلية فيما يتعلق بدعوى الإلغاء.
بينما المادة 9 من القانون العضوي 98-01 فتجعل من مجلس الدولة درجة التقاضي الأولى والأخيرة فيما يتعلق بدعاوى الإلغاء الصادرة عن الدولة أي عن السلطات الإدارية المركزية التي تعمل باسم ولحساب الدولة وهي رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، والوزراء، وبعض المصالح الخارجية التابعة لهم مباشرة  .
فما دام قرار المنح المؤقت لا يصدر عن السلطة المركزية للدولة، فلا يمكن تطبيق أحكام المادة 9 من القانون العضوي 98-01.
كما لا يكمن معه تطبيق أحكام المادة 7-1 من قانون الإجراءات المدنية لأن هذا القرار لا يصدر عن الولاة، وعليه فإن الجهة المختصة هي الغرفة الإدارية المحلية للمجلس القضائي التابعة له المؤسسة.
أما فيما يتعلق بالآجال، فلا بد من رفع الطعن خلال 4 أشهر المقررة بنص المادة 169 مكرر1 من قانون الإجراءات المدنية، والتي تسري من تاريخ نشر القرار في الجرائد ، أو تعليقه، أو تبليغه  .
وهو شرط من النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها، لتعلقه بالنظام العام

المطلب الثاني: الطعن أمام لجنة الصفقات المختصة.

أجازت المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 للمتعهد الذي يحتج على الإختيار الذي قامت به المصلحة المتعاقدة في إطار مناقصة، أن يرفع طعنا أمام لجنة الصفقات المختصة في أجل عشرة أيام تسري من تاريخ نشر إعلان المنح المؤقت للصفقة في حدود المبالغ القصوى المحددة في المادتين 121 و130 من ذات المرسوم، كما بينت الآثار المترتبة عن ذلك، ولذا يجب التطرق إلى الشكل والإجراءات الواجب اتباعها لممارسة هذا الطعن، والنتائج المترتبة عنه.
الفرع الأول: الشروط الشكلية الواجب احترامها عند ممارسة الطعن أمام لجنة الصفقات.
لقد سبق بيان أن الإختصاص ينعقد إما للجنة الوطنية للصفقات العمومية أو اللجنة الوزارية للصفقات العمومية أو للجنة الولائية للصفقات العمومية، في حدود المبالغ المحددة بالمادة 130، في مجال المراقبة الخارجية للصفقات.
لذا يستنتج عن تفسير الفقرة الأولى من المادة 101 التي تنص " للمتعهد الذي يحتج على الإختيار الذي قامت به المصلحة المتعاقدة في إطار مناقصة، أن يرفع طعنا " بمفهوم المخالفة   أنه:
- لا يحق لغير المتعهد اللجوء إلى هذا الطريق، والمقصود بالمتعهد هو من قدم اقتراحا للمصلحة المتعاقدة بخصوص موضوع الصفقة، أما المتنافسين الذين لم يقدموا عروضا فليس لهم استعمال هذه الطريق في الطعن، ولو كان سبب تخلفهم راجع للمصلحة المتعاقدة، كأن يرفض أعوانها استلام العرض أو يرفض تمكين المتنافس من الوثائق اللازمة لدخول المنافسة، أو حتى إذا لم تحترم المصلحة المتعاقدة الآجال التي حددتها من أجل تقديم العروض.
ففي هذه الحالات يكون للمتنافسين اللجوء إلى القضاء من أجل المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابهم طبقا للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية. 
- أن صيغة المفرد التي استعملها المشرع عندما نص " يجوز للمتعهد " معناها أن الطعون ترفع فردية، ولا مجال لقبول الطعون الجماعية.
- أن هذا الطريق في الطعن مفتوح في حالة لجوء المصلحة المتعاقدة إلى استعمال المناقصة بمختلف أشكالها من أجل اختيار المتعاقد معها، ولذا لا يمكن رفعه في الحالة التي يتم استعمال التراضي بشكليه ـ البسيط وبعد الإستشارة ـ من أجل اختيار المتعاقد.
أما عن الآجال المقررة لرفع هذا الطعن فقد حددتها المادة 101 بعشرة أيام تسري من تاريخ نشر قرار المنح المؤقت في الصحافة.
وبمجرد الطعن تجتمع اللجنة المختصة حسب التشكيلة المقررة قانونا، بحضور ممثل عن المصلحة المتعاقدة بصوت استشاري، وتصدر قرارا في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ انتهاء آجال تقديم الطعون.
هذا القرار واجب التبليغ للمتعهد الذي قدم الطعن وللمصلحة المتعاقدة.
بعد دراسة الشروط الإجرائية والموضوعية للطعن المقرر في المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250، يتعين علينا دراسة طبيعة القرار الناتج عنه.
الفرع الثاني: نتيجة الطعن أمام لجنة الصفقات.
دراسة طبيعة العمل القانوني الناتج عن الطعن الذي يقدمه المتعهد بناء على المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 مسألة دقيقة لها أهمية قصوى، لأنها تسمح باستخلاص النتائج المترتبة عن ذلك.
وتدق المسألة بسبب تضارب المصطلحات المستعملة من قبل المشرع ذاته، ذلك أن المادة 101 تنص في فقرتها الثانية على أنه: " تصدر لجنة الصفقات قرارا في أجل خمسة عشر(15) يوما..."
بينما نجد أن الترجمة الفرنسية للنص   تستعمل مصطلح AVIS فنتيجة هذا الطعن هو إصدار "رأي " وليس قرارا.
وهو نفس ما جاء في المادة 116 من ذات المرسوم باللغة الوطنية وترجمته، إذ تنص : " تقدم لجنة الصفقات مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها، وتقدم رأيا حول كل طعن يقدمه متعهد يحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة في إطار إعلان مناقصة"  .
المشكل الذي تطرحه هذه الصياغة هو تحديد التكييف الصحيح لهذا العمل القانوني، والمشكل في هذه الحالة لا يتعلق بالتأكد من مدى توافر المعيار العضوي ذلك أنه بالرجوع إلى تشكيلة لجان الصفقات العمومية الولائية، الوزارية والوطنية المحددة في المواد 120،119،131 من ذات المرسوم على التوالي نجدها مكونة من رجال الإدارة، ويرأسها إما وال أو وزير حسب الحالة أو مفوضا عنهما، وأن هذه الآراء يمضيها رئيسها  .
إنما المشكل يتعلق بالطابع التنفيذي لهذا الرأي، من أجل استخلاص النتائج القانونية المترتبة عنه، ومن أجل ذلك لا بد من الإعتماد على ما ذهب إليه الفقه في هذا المجال الذي أقام التفرقة بين:
- الرأي الإستشاري: أو الرأي غير الإلزامي، وهو الرأي الذي لا تكون الهيئة التي طلبته ملزمة بالتقيد به، غير أنه إذا تم الأخذ به يجب أن يتم ذلك بدقة، بدون أن تكون الهيئة التي طلبته ملزمة بألا تأخذ إلا بالنص الأساسي أو التعديلات التي يقترحها الرأي  .
- الرأي الإلزامي: هو رأي تكون الهيئة ملزمة بطلبه مع إمكانية عدم الأخذ به، غير أنها ملزمة بتبني نص يستعيد إما النص الأولي أو النص الذي تقترحه الهيئة أو نص يوافق بين الإثنين، وليس بإمكانها تبني نص لم يخضع للإستشارة  .
- الرأي المطابق: أو الرأي الموافق، هو رأي يلزم الهيئة التي طلبته، فليس لها الأخذ به فحسب بل بالمعنى الذي جاء به، لذا فإن هذا الإجراء في الحقيقة " هو تقريري مشترك"  ، ولذا يكيف على أنه "إذن "  .
لتكييف الرأي الذي تصدره لجنة الصفقات المختصة لا بد من معرفة عدة نقاط هامة لتأخذ بعين الإعتبار هي:
- أن غاية الرقابة الخارجية للصفقات العمومية هي التحقق من مطابقتها للتشريع والتنظيم المعمول به  ، فمتى لاحظت لجان الرقابة الخارجية عند فحص الطعن المرفوع لها طبقا لأحكام المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250، أن المصلحة المتعاقدة لم تحترم القانون، فسوف تصدر رأيا يبين ذلك، تقترح فيه على المصلحة المتعاقدة إعادة النظر في موقفها. 
- أن لجنة الصفقات العمومية المختصة سوف يعاد عرض الصفقة عليها مرة ثانية من أجل منح التأشيرة في إطار تنفيذ الصفقة  ، فإذا لم تأخذ المصلحة المتعاقدة ما جاء في رأيها، فإن لها أن ترفض منح هذه التأشيرة وتعلله بمخالفة التشريع و/أو التنظيم المعمول به  . 
ولذا فإن المصلحة المتعاقدة مجبرة في الواقع بأن تتبع رأي اللجنة، أي أنه رأي مطابق، ولو لم ينص القانون على هذا التكييف صراحة.
وأكثر من ذلك فإن هذا الرأي سواء صدر بالإستجابة لموضوع الطعن أو رفضه فإنه دائما يلحق الأذى، ففي حالة رفض الطعن فإنه يلحق الأذى برافع الطعن الذي سبق تبيان مصلحته، وكيف أن له اللجوء إلى دعوى الإلغاء، أما في حالة الإستجابة فإنه يلحق الضرر بمن صدر قرار المنح المؤقت لصالحه، لأنه يغير من مركزه القانوني كمتعاقد محتمل، وبالتالي يحرمه فرصة الفوز بالصفقة، وفي هذا المجال بالذات استشهد الأستاذ أحمد محيو بقرار صادر عن المجلس الأعلى   للتأكيد على أنه " إذا كان الرأي يحدد القرار، فإنه يلحق ضررا، ويمكن مخاصمته"  .
لذا يمكن اعتباره قابلا للخضوع لدعوى الإلغاء، التي ترفع للجهة القضائية المختصة، وهي إما الغرفة الإدارية الجهوية، إذا صدر القرار عن اللجنة الولائية للصفقات العمومية، باعتباره صادرا عن الوالي أو ممثله، على أساس المادة 7-1 من قانون الإجراءات المدنية، في أجل 4 أشهر   تسري من تبليغ القرار للطاعن أمام اللجنة  ، أومن تاريخ علم صاحب قرار المنح المؤقت الذي تم إلغاؤه، والذي يسري عادة من تاريخ نشر قرار التراجع عن قرار المنح الصادر لمصلحته، أو نشر قرار المنح المؤقت المعدل والصادر بناء على رأي اللجنة.
أو أمام مجلس الدولة، كأول وآخر درجة، إذا ما تعلق الأمر في منازعة رأي صادر عن اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، بعد تقديم الطعن الإداري المسبق أمام نفس اللجنة لعدم وجود سلطة إدارية تعلوها  ، والذي يرفع في أجل شهرين   تسري من تبليغ القرار للطاعن أمام اللجنة  ، أومن تاريخ علم صاحب قرار المنح المؤقت الذي تم إلغاؤه، التي تسري من تاريخ نشر قرار التراجع عن قرار المنح الصادر لمصلحته، أو نشر قرار المنح المؤقت المعدل والصادر بناء على رأي اللجنة، على أن يرفع دعواه في أجل شهرين  تسري من تاريخ تلقيه رد اللجنة على تظلمه السابق، أو بعد ثلاثة أشهر  من تقديمه تظلمه المسبق في حالة سكوتها عن الرد. 




الفصـل الثاني: مرحلـة تنفيـذ صفقـة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.


الأصل في المعاملات أن العقد شريعة المتعاقدين  ، وبما أن الصفقة العمومية عقد   على اعتبارها "العمل القانوني الذي بمقتضاه حدد الفريقان علاقتهما"  ، فإن أحكامها ملزمة لطرفيها " فإذا أبرما العقد فلكي يلتزم كل منهما بتنفيذه تجاه الآخر"  ، وبحسن نية  .
غير أن تطبيق هذه المبادئ في مجال الصفقات العمومية ليس بنفس ما هو عليه الحال في العقود الأخرى، لارتباط مفهومها بالعقد الإداري، منذ ظهورها كمفهوم مستقل في فرنسا، وهو ما دفع بغالبية الفقه في الجزائر إلى الأخذ بهذا التكييف كمسلمة  .
 ولذا سوف يتم التطرق في هذا الفصل إلى تحديد الحقوق والإلتزامات المترتبة على عاتق كل طرف في صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، باعتبارها عقدا يخضع لنظام قانوني خاص، وللشريعة العامة للعقود كلما قصر التنظيم الخاص بالصفقات العمومية في تنظم مسألة معينة، وذلك في مبحثين مستقلين، بينما يخصص المبحث الثالث لدراسة مختلف النزاعات التي قد تثور بمناسبة تنفيذ هذا النوع من الصفقات.   
 

المبحث الأول: الإلتزامات المتولدة عن الصفقة العمومية.

المقصود بها تلك الواجبات التي يتحمل المتعاقدان تنفيذها حسب ما تم الإتفاق عليه كمحل في الصفقة، وقبل ذلك يجب التأكيد أن المحل في الصفقة العمومية هو إما القيام بعمل أو أداء، ولا يمكن تصور الإمتناع عن فعل كمحل فيها، من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين يتناول كل واحد منهما الإلتزامات المترتبة على طرف.

المطلب الأول: إلتزامات المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة.
يلتزم المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة بأن يفي بالتزاماته التعاقدية، وفقا لشروط العقد وحسب القواعد العامة المقررة في القانون المدني في هذا الصدد، في النظرية العامة للعقد، وكذا الخاصة المقررة في تنظيم العقود المسماة  ، وإلا ترتب عن ذلك مسؤوليته العقدية  ، ما لم تمنعه من ذلك حالة القوة القاهرة أو بفعل المصلحة المتعاقدة التي تضع المتعاقد معها في حالة استحالة تنفيذ الصفقة .
الفرع الأول: الإلتزامات المترتبة عن النظرية العامة للعقد.
إضافة إلى الإلتزام بتنفيذ الصفقة وفقا لما اشتملت عليه وبحسن نية  ، على المتعاقد أن يلتزم بما يلي:
- التنفيذ الشخصي للصفقة: ذلك أن المصلحة المتعاقدة عند اختيارها للمتعاقد معها، راعت مجموعة من الاعتبارات المرتبطة بشخصه وبحالته، والتي بررت منحه الصفقة، فيفترض عدم توافرها في غيره، ولذا " فإن الإعتبار الشخصي  L'Intuitus personae ، يوضع في المقام الأول باختيار المتعاقد أو تنفيذ العقد"  ، وفي هذا الإطار جاءت المواد 29، 30، 33، 45 فقرة 9 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم  ، وغيرها من مواد المرسوم.
 تترتب على هذه القاعدة الإلتزامات التالية:
- لا يمكنه تكليف غيره للقيام بما هو مقرر في الصفقة، لا جزئيا ولا كليا إلا بعد أخذ موافقة صريحة ومسبقة من المصلحة المتعاقدة، وأن يتم التعاقد الثانوي في الحدود المقررة صراحة في الصفقة، وهو الحكم المقرر بالمادة 96 من المرسـوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم.
- في حال قبول المصلحة المتعاقدة اللجوء إلى المتعامل الثانوي، فإن هذا الجوء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون كليا حسب ما تنص عليه المادة 94 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم.
- مع التأكيد على أن المتعاقد مع المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري يبقى دائما مسؤولا تجاهها عن الأعمال التي ينجزها المتعامل الثانوي حسب ما تنص عليه المادة 95 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم.
- التنفيذ ضمن الآجال المتفق عليها: في الصفقة وأي تأخير قد يؤدي إلى تسليط عقوبات عليه ، وهو ما نصت عليه المادة 99 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم.
- الإلتزام بتقديم الضمانات: التي تضمن قيامه بما هو ملقى عليه من التزامات، ولذا حملت المادة 80 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، المصلحة المتعاقدة مسؤولية الحرص على إيجاد الضمانات الضرورية التي تتيح أحسن الشروط لاختيار المتعامل وأحسن الشروط لتنفيذ الصفقة.
كما عليه دفع الكفالة حسب ما تنص عليه المادة 45 فقرة 6 من المرسـوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم.
الفرع الثاني: الإلتزامات المترتبة عن طبيعة العقد.
نص المرسوم الرئاسي 02-250 على أن موضوع الصفقات العمومية هو إما اقتناء لوازم، أو إنجاز أشغال ، أو تقديم خدمات أو إنجاز دراسات  ، وبما أن المحل في صفقات الخدمات وصفقات إنجاز الدراسات لا يمكن تحديده إلا من خلال الإطلاع على الصفقة ذاتها، في حين أن صفقة التوريدات وإنجاز الأشغال تعتبر من العقود المسماة في القانون المدني، ذلك أن عقود التوريد هي في حقيقة الأمر عقود بيع  ، بينما عقود الأشغال العامة هي مقاولة بحسب المفهوم الوارد في القانون المدني، وعليه نشير إلى أهم الإلتزامات التي تترتب على هذين العقدين فقط، لعدم المعرفة المسبقة للمحل في باقي أنواع الصفقات، وذلك فيما يلي:
- الإلتزامات المترتبة على صفقة التوريد: صفقات اقتناء اللوازم هي عقود تمس أصل الملكية، وهي في الحقيقة عقد بيع أو شراء، بحسب الزاوية التي ننظر إليها.
ولذا فإن الإلتزامات التي تترتب عليها هي تلك المترتبة على عقد بيع المنقول، ذلك أن المحل في صفقات إقتناء اللوازم هي المنقولات   وليس العقارات، وأنه بمناسبة هذا العقد تقوم المؤسسة العمومية ذات الطابع الإقتصادي والتجاري بشراء المنقولات وليس ببيعها  ، " وفئة التوريدات تجمع التوريدات الجارية العادية، المنتجات الموجودة أصلا التي لم يتم تصنيعها وفق معايير تقنية خاصة، وأيضا المنتجات الصناعية التي ترمي إلى شراء مواد غير موجودة في السوق والتي تتطلب من المقاول إنجازها بناء على طلب المشتري"  .
ولتحديد هذه الإلتزامات لا بد من الرجوع إلى أحكام القانون المدني لتحديدها، وتتمثل أهمها في:
- نقل ملكية المنقول محل الصفقة للمصلحة المتعاقدة حسب ما تقتضيه المادة 351 من القانون المدني  ، لأن نقل الملكية ركن في العقد ذاته  .
- نقل المبيع إلى المصلحة المتعاقدة والإمتناع عن كل عمل من شأنه جعل نقل الحق عسيرا أو مستحيلا  ، وهو الإلتزام بتسليم المبيع، الذي يكون في مكان وزمان محددين، إما تسليما ماديا أو حكميا. 
- الإلتزام بضمان عدم التعرض الشخصي وعدم التعرض الصادر من الغير  .
- الإلتزام بضمان عدم الإستحقاق  .   
- الإلتزام بضمان العيوب الخفية  .
الإلتزامات المترتبة على صفقة الأشغال: صفقات الأشغال هي عقـود ، يتعهد بموجبه المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا مقابل أجر تلتزم هي بأدائه له  ، والمقصود بالأشغال " كل الأعمال الواقعة على المباني وكل أعمال الهندسة المدنية "  ، وبهذا المفهوم فإنها تنطبق تماما على مفهوم عقد المقاولة   كما هو منظم في المواد 549 وما يليها من القانون المدني، والذي يرتب مجموعة من الإلتزامات على عاتق المقاول أهمها ما يلي:
- الإلتزام بتقديم العمل بتشييد عقار أو ترميمه أو تهديمه أو إصلاحه، ويستوي أن يتم تنفيذ الشغل بمواد تقدمها المصلحة المتعاقدة أو يتعهد المقاول بتقديمها   مع تحمل المسؤولية عن جودتها وضمانها . 
- الإلتزام بالضمان العشري، المقصود به التزام المقاول بالتضامن مع المهندس المعماري   بالضمان لمدة 10 سنوات، تسري من وقت التسليم النهائي للعمل، ،عن أي تهدم كلي أو جزئي عما شيده من بناء أو أقامه من منشآت ثابتة، ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض  ، وهذا الموقف قد عمل به وكرسه اجتهاد القضاء الفرنسي فيما يتعلق بصفقات الأشغال  .
هذا الإلتزام من الإلتزامات التي رتبها القانون التي لا يمكن للمقاول التملص منها أو الإتفاق مع المصلحة المتعاقدة على إعفائه منها أو الحد منها  ، ولذا فلا يمكن التملص منه إلا بسبب القوة القاهرة أو إثبات خطأ المصلحة المتعاقدة في إلحاق الضرر بالبناية أو المنشأة.
ومن خصائص العيوب التي يجب على المقاول ضمانها   أن:
- تكون خفية عند التسليم النهائي للعمل، أو على الأقل أن يكون أسبابها غير ظاهرة.
- تصل حدا من الخطورة تمس بصلابة البناء أو المنشأة، أو تجعلها غير صالحة للإستعمال المخصصة له.

المطلب الثاني: إلتزامات المصلحة المتعاقدة وجزاء مخالفتها.

سبقت الإشارة منذ الوهلة الأولى عند تعريف للصفقة العمومية، بأنها عقد، تكريسا لنص المادة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، ولذا فمن جهتها تلتزم المصلحة المتعاقدة على غرار المتعاقد معها على التنفيذ الكلي وبحسن نية للعقد الذي يربطهما، غير أن لها في بعض الأحيان أن تتملص من أحكام الصفقة، ولذا سوف يتم تبيان مدى التزام المصلحة المتعاقدة بالصفقة، وجزاء مخالفتها لالتزاماتها.
الفرع الأول: الإلتزامات المترتبة عن الصفقة.
أقر المشرع للمصلحة المتعاقدة بعض السلطات لم يقررها للمتعاقد معها، بسبب ارتباطها الدائم بمفهوم المرفق العام، باعتباره نشاطا يضمن المصلحة العامة، لذا لا يمكن للمصلحة المتعاقدة في هذا الإطار التملص من الإلتزامات التي يفرضها عليها العقد إلا عند ممارستها لبعض الإمتيازات التي قررها لها القانون  ، وضمن الشروط التي رسمها لها في ذلك، والقول بالحرية المطلقة للمصلحة المتعاقدة في التملص من التزاماتها التعاقدية فيه إنكار لفكرة العقد ذاته، صحيح أن في الصفقة العمومية لا تكون مراكز الطرفين متساوية غير أنها تبقى ملزمة لطرفيها.
هذه الحدود هي التي دفعت مجلس الدولة في فرنسا وفي مصر إلى عدم التسليم بهذه السلطة الخطيرة إلا بقصد التمكين من تحوير العقد ليصبح ملائما للصالح العام l'adaptation du contrat aux exigences de l'intérêt général ، وهو ما يعني أن العقد يبقى ملزما دائما.
ولذلك فأول التزام هو العمل على تنفيذ الصفقة بمجرد إبرامها من السلطة المختصة، مع مراعاة الإجراءات الواجب احترامها في هذا المجال، لاسيما إخضاع الصفقة للرقابة الخارجية المسبقة من أجل الحصول على تأشيرة اللجنة المختصة في أقرب الآجال حسب ما تقتضيه المادة 143 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، والسعي إلى الشروع في تنفيذ الصفقة في أجل 6 أشهر المقررة في المادة 144 فقرة 8 من ذات المرسوم.
كما أن على المصلحة المتعاقدة تنفيذ الشروط الأصلية المتفق عليها وبطريقة سليمة، والسعي إلى عدم القيام بأعمال من شأنها إعاقة المتعاقد معها على تنفيذ التزاماته، بل عليها مده بيد العون في تنفيذها، ومن أمثلة ذلك:
- تمكينه من المستندات الضرورية لحسن التنفيذ، كالمخططات مثلا.
- حمايته من أي تصرف قد يعيقه عند أداء التزاماته، بمنحه ما تستطيع من تسهيلات.
- إحترام الآجال المقررة في الصفقة أو تلك التي يقررها المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، فإن سكتت الصفقة عن تحديد مدة معينة، فيمكن اللجوء إلى تطبيق نظرية المدد المعقولة لتنفيذ العقد  .
- الإلتزام بعدم القيام بأي عمل يتعارض مع صفتها كمتعاقدة أو يعرض المتعاقد معها لأعباء ومتاعب في تنفيذ الصفقة، كعدم تسليمه المخططات من أجل إنشاء بناية هي موضوع الصفقة.
- احترام كل التزاماتها المالية، لاسيما دفع الثمن حسب الشكل المتفق عليه، مع الأخذ بعين الإعتبار تطور الظروف الإقتصادية، طبق النظام الذي تنص عليه المواد من 51 إلى 79 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، التي عالجت كل النقاط المتعلقة بدفع ثمن الصفقة.
الفرع الثاني: جزاء مخالفة المصلحة المتعاقدة لالتزاماتها.
الأصل هو أن أية مخالفة لالتزامات عقدية يرتب المسؤولية، ولذا تترتب مسؤولية المصلحة التعاقدية عند كل إخلال بالتزاماتها التعاقدية، يكون للمتعاقد معها الحق في اللجوء إلى القضاء.
وخلافا لما هو مقرر بالنسبة للصفقات العمومية التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري طرفا فيها، أين لا يحق للمتعاقد معها التمسك بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ المقررة في القواعد العامة للقانون المدني، ولذا فليس له الإمتناع عن التنفيذ بحجة أن المصلحة المتعاقدة قد قصرت من جانبها في تنفيذ التزاماتها ما لم يترتب عن هذا التقصير استحالة التنفيذ  .
إلا أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري لها صفة التاجر في علاقاتها مع الغير، ولذا من الممكن التمسك بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ.
ولذلك، فإنه يحق للقاضي أن يمارس مجموعة من السلطات في مواجهتها، نوجزها فيما يلي:
- له أن يصدر لها أوامر للقيام بالتزام تعاقدي معين تحت طائلة تعرضها للغرامات التهديدية.
- الحكم عليها بدفع التعويضات التي يراها مناسبة لجبر الضرر الذي لحق المتعاقد معها، على أساس القواعد العامة المقررة في المواد من 176 إلى 187 من القانون المدني.
- الحكم بفسخ الصفقة بناء على طلب المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة، مع وجوب مراعاة الإعذار المسبق، وكل الشروط المقررة في المادة 119 من القانون المدني وقانون الصفقات العمومية وكل شرط تعاقدي آخر إن وجد.
- استحقاق المتعاقد تعويضا كاملا يغطي ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، يقدر يوم النطق بالحكم.
- استحقاق المتعاقد الفوائد التأخيرية، على أساس خطأ المصلحة المتعاقدة في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية التي " محلها مبلغا من النقود معلوم المقدار يوم المطالبة به "  .

المبحث الثاني: السلطات والحقوق المتولدة عن الصفقة العمومية.
بعد التطرق في المبحث الأول للواجبات المتولدة على عاتق الطرفين بسبب الصفقة العمومية، يجب التطرق إلى السلطات   المقررة للمصلحة المتعاقدة والحقوق المقررة للمتعاقد معها، وإن استعمال مصطلحين مختلفين وغير متقابلين راجع إلى اختلاف تلك الحقوق   المقررة للطرفين، وذلك في المطلبين التاليين:

المطلب الأول: السلطات المقررة للمصلحة المتعاقدة جراء الصفقة العمومية.
تتمتع المصلحة المتعاقدة ـ كطرف في الصفقة العمومية ـ بسلطات هامة يصعب عليها التمتع بها لو أبرمت العقد وفق القواعد العامة المقررة في القانون المدني، ومناط هذه السلطات " مقتضيات سير المرفق العام "  ، وهذه السلطات هي:
الفرع الأول: سلطة رقابة المتعاقد أثناء تنفيذ العقد.
لهذه السلطة معنيان، معنى ضيق stricto sensu يتوافق تماما مع ما هو مقرر في القانون المدني، وينحصر في التأكد من أن المتعاقد يقوم بتنفيذ العقد طبقا للشروط المقررة فيه، ويتم من خلال إرسال أعوانها المؤهلين إلى مكان تنفيذ العقد للتأكد من سيره وفقا للمعايير والمواعيد المتفق عليها.
أما السلطة التي تتمتع بها المصلحة المتعاقدة ولا نجدها في القانون العام Droit commun، فهي تلك التي تتعدى هذا الحد كأن تتدخل من أجل تغيير بعض الأوضاع في حالات لا ينص العقد عليها صراحة كأن تطلب من المتعاقد استعمال طريقة تقنية غير تلك المتفق عليها، وهو المعنى الواسع لهذه السلطة.
إن الإقرار بتمتع المصلحة المتعاقدة بسلطة الرقابة بمعناها الضيق لا جدال فيه، ذلك أنه مقرر بالقواعد العامة للقانون المدني، كما لا جدال إذا ما تقرر المعنى الواسع لها باتفاق المتعاقدين أو بنص قانوني، وهي الحالة السائدة عامة في صفقات الأشغال التي تنص دائما على أن دفتر الشروط الإدارية العامة، والذي يحتوي على هذه السلطات، يطبق عليها.
غير أن الوضع يصبح مختلفا إذا ما سكتت النصوص القانونية أو الإتفاقية عن إقرارها، ولذا فإن مجلس الدولة الفرنسي يسلم بوجودها إذا ما تعلق الأمر بصفقات الأشغال، لأن المصلحة المتعاقدة هي صاحبة المشروع وبالتالي فلها حق الرقابة بالمفهوم الواسع.
أما في عقود التوريد وبسبب ضعف الصلة بين الإلتزام وسير المرفق العام، فالأصل أن المتعاقد يستقل باختيار طريقة التنفيذ  .
غير أنه يجب اتخاذ المفهوم الضيق فيما يتعلق بصفقات إنجاز الدراسات، كون أن المصلحة المتعاقدة لا تكون مؤهلة بما يكفي من أجل توجيه المتعاقد في طريقة تنفيذ الصفقة، ولو كانت لها الكفاءة الكافية لأنجزت الدراسة بنفسها.
واتخاذ المفهوم الواسع في ما يتعلق بصفقات الخدمات كلما كانت للمصلحة المتعاقدة المؤهلات الكافية.
هذا ولا بد من التأكيد على أنه مهما كانت سلطة المصلحة المتعاقدة في رقابة المتعاقد عند تنفيذ الصفقة، فإنها محدودة بواجب عدم تغيير طبيعة العقد.
الفرع الثاني:  سلطة التعديل من جانب واحد.
تعتبر هذه السلطة أخطر من سلطة الرقابة بمفهومها الواسع، لأنها تسمح بتغيير الإلتزامات التعاقدية بالزيادة أو بالنقصان، أي تسمح بتغيير المحل في العقد، فهذه السلطة تمس جوهر العقد، ولذا فإن العقود ودفاتر الشروط عادة ما تنص عليها، بسبب أنها من قبيل الشروط الإستثنائية غير المألوفة في القانون العام، ولذلك قد تمس :
- كمية الأعمال أو الأشياء محل العقد، وفي هذه الحالة يتم إبرام ملحق للصفقة، حسب ما تقتضيه المادة 90 من المرسوم الرئاسي 02-250 والمادتين 31 و32 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
- شروط التنفيذ المتفق عليها.
- ومدة تنفيذ العقد، حسب المادتين 32 و34 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
- أسعار الصفقة، حسب ما ورد صراحة في المادة 53 من المرسوم الرئاسي 02-250، والمادة 33 من دفتر الشروط الإدارية العامة. 
بخصوص هذه السلطة يرى الجانب الراجح من الفقه الفرنسي أنه مقرر للمصلحة المتعـاقدة ولو لـم يتم الإتفاق عليه، لكن في الحدود اللازمة لمرونة العقد واتصاله بالمرفق العام  .
بينما يرى غاستون جيز أنها سلطة مقررة في صفقات الأشغال دون سواها من الصفقات العمومية.
ويرى  لويلييه L'Huillier أن هذا الحق وضعه الفقهاء، وأن القضاء الفرنسي لا يؤيده، مستندا في ذلك على ما قضى به مجلس الدولة الفرنسي في قضية Hôpital Hospice de Chauny بتاريخ 11 جويلية 1941  ، ويخلص إلى أنها لا تكون مقررة إلا بنص قانوني أو اتفاقي.
ومهما يكن من أمر في فرنسا فإن الوضع في الجزائر يختلف فالأستاذ عمار عوابدي يرى أن هذه السلطة ممكنة في كل الصفقات العمومية  ، والسبب في ذلك هو أنه في مؤلفه المذكور يعتبر كل صفقة عمومية عقدا إداريا  ، ونصت المادة 53 من المرسوم الرئاسي 02-250   عليها دون تخصيص. 
كما تنص الصفقات عادة على أنه في حالة تنفيذ أمر من المصلحة المتعاقدة والتي تعدل أهمية وطبيعة بعض الأشغال بنسبة معينة، يحق للمتعاقد طلب التعويض عن الضرر الذي تسببت فيه التعديلات  .
ومثل هذه البنود تقضي عادة أن للمصلحة المتعاقدة استعمال حق تعديل الشروط المقررة في الصفقة من دون أن يكون للمتعاقد معها الحق في التعويض إلا إذا بلغ الضرر الذي أصابه حدا معينا.
إن مناط ذلك حاجيات المرفق العام المتغير والمتطور، لذا لا يمكن استعمال هذه السلطة إلا إذا تغيرت الظروف وبررت هذا التعديل، فإن استعملتها من دون ذلك يكون عليها تحمل المسؤولية  .
كما لا يمكن أن يتناول التعديل إلا البنود اللازمة لضمان حسن سير المرفق العام، على أن لا تتعدى الحدود التي تجعل من الصفقة عقدا جديدا، لأن في ذلك إضرار كبير للمتعاقد مع المصلحة المتعاقدة، الذي قد لا تسمح له إمكانياته المالية والفنية والتقنية بتحمل التغيرات.
تتم هذه الرقابة باستعمال أوامر التنفيذ Ordre de service التي توجهها المصلحة المتعاقدة، كان تأمر بالبدء في التنفيذ، أو استعمال نوعية معينة من المواد والتي يكون للمصلحة المتعاقدة الحق في مراقبتها  ، كـما قد تحدد الشروط التقنية الخاصـة بتنفيذ الصفقـة المتعلقة بالأشغال الكبرى أو الثانوية  ، كما قد تأمر بهدم الأشغال التي تمت خلافا لما هو متفق عليه وإعادتها على حساب المقاول، أو تأمر بالوقف المؤقت للعمل  .      
ومهما يكن من أمر فإنه يجب أن لا تؤدي هذه السلطة إلى فقد التوازن الإقتصادي للعقد، أو إلى فرض أشغال أو التزامات يكون موضوعها غريبا عن محل الصفقة الأصلي كأن تكلف المقاول الذي أبرم صفقة صيانة بأن ينشئ مبنى جديدا، وهنا يكمن الفرق بين الأعمال الجديدة والتي هي أعمال لا تظهر في العقد وغريبة عنه، والأعمال الإضافية التي هي أعمال لا تظهر في العقد غير أنها متوقعة، والأعمال غير المتوقعة والتي هي أعمال لا تظهر في العقد لكنها ليست غريبة عنه.
الفرع الثالث:  سلطة فرض العقوبات على المتعاقد وفسخ الصفقة.
نظام الصفقات العمومية يسمح للمصلحة المتعاقدة بأن تفرض على المتعاقد معها عقوبات كلما أخل بالتزاماته التعاقدية، لإهمال أو تقصير في تنفيذها أو لعدم احترام للآجال.
ومن خصائص هذه السلطة أن للمصلحة المتعاقدة إنزالها بالمتعاقد من دون اللجوء إلى القضاء، ومن دون أن يتضمنها بند صريح في الصفقة، ذلك ان عدم نص العقد عليها لا يعني عدم امكانية استعمالها ويمكن تصنيف هذه الجزاءات إلى:
جزاءات مالية: من خلال الزام المتعاقد بدفع مبالغ مالية كلما ارتكب إخلالا بالتزاماته التعاقدية، ومثالها:
- دفع تعويضات: تقدر بناء على الضرر الذي لحق المصلحة المتعاقدة وبالتناسب معه، الملاحظ أن المرسوم الرئاسي 02-250 لم ينص صراحة على هذه التعويضات، لكن يمكن أن نستشفها من قراءة المادة 99 فقرة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250 التي تنص: " لا يمكن الإعتراض على قرار المصلحة المتعاقدة بفسخ الصفقة عند تطبيقها البنود التعاقدية في الضمان والملاحقات الرامية إلى إصلاح الضرر الذي لحقها بسبب سوء تصرف المتعاقد معها". 
- فرض الغرامات التأخيرية: والتي تستأثر المصلحة المتعاقدة تحديد كيفية حسابها وهو ما تقره المادة 50 فقرة 17 من المرسوم الرئاسي   وتبين كيفيات اقتطاعه المادة 78 منه  ، التي تسمح للمصلحة المتعاقدة أن تفرض عقوبات مالية وأن تعفي المتعاقد منها كلما رأت ذلك أو إذا لم يكن هو المتسبب في التـأخير كأن يكون بسبب أوامر المصلحة المتعاقدة بوقف الأشغال أو بسبب القوة القاهرة حسب المادة 78 فقرة 3 من ذات المرسوم  ، وحسب المادة 36 من دفتر الشروط الإدارية العامة، فإذنها تفرض وتطبق بمجرد ملاحظة تأخر في التسليم، ومن دون توجيه إعذار مسبق.
وتبقى المصلحة المتعاقدة في كل الحالات خاضعة لرقابة القضاء عند استعمالها هذا السلطة، فقد يقضى بإلزام المصلحة المتعاقدة برد الغرامات التأخيرية أو تخفيضها أو الإعفاء منها. 
استعمال وسائل للضغط والإكراه: هي جزاءات تهدف إلى إجبار المتعاقد على الوفاء بالتزاماته التعاقدية أو احترام أوامر التنفيذ  ، تتم عن طريق حلول المصلحة المتعاقدة محل المتعاقد المقصر أو بإحلال الغير محله في تنفيذ الصفقة.
وهي في الأصل جزاءات مؤقتة لا تنهي العقد وإنما تكفل تنفيذه لغير المتعاقد  ، كحلول المصلحة المتعاقدة محل المتعاقد في صفقات الأشغال، أو تكليف مقاول آخر بتنفيذ الأشغال المطلوبة وعلى نفقة المقاول الأصلي  ، أو الشراء على حسابه في عقود التوريد. 
عادة ما يتم النص على هذا العقوبات في الصفقة ذاتها، فإن لم تفعل يمكن الرجوع إلى المادة 35 من دفتر الشروط الإدارية العامة، غير أن قضاء مجلس الدولة الفرنسي يسلم به حتى ولو لم ينص عليه العقد  .
الفسخ: يقصد به إنهاء الرابطة التعاقدية، مما يفترض معه ارتكاب المتعاقد لخطأ جسيم، فلا يتم اللجوء إليه إلى إذا اضطرت المصلحة المتعاقدة لاستعماله لأنه لا فائدة ترجى من تقويم المتعاقد Ultima ratio، يصدر بموجب قرار من دون اللجوء إلى القضاء، ومن دون تعليله، وإنما يكفي اتباع الإجراءات المقررة كي يكون صحيحا.
إن هذا الجزاء يشمل كل أنواع الصفقات العمومية وقد نصت عليه المادة 99 من المرسوم الرئاسي 02-250، ولاستعمال هذه السلطة يشترط مجلس الدولة الفرنسي مجموعة من الشروط هي:
- أن يكون الخطأ جسيما، كأن يتوقف المقاول عن التوريد، أو يتنازل عن العقد، أو يستعمل الغش، أو يسلم بضائع رديئة.
بينما جاء نص المادة 99 المذكورة بصيغة العموم إذ جمعت كل هذه الحالات في " عدم تنفيذ المتعاقد التزاماته"
- أن يتم إعذار المتعاقد قبل توقيع هذا الجزاء عليه وهو ما نصت عليه المادة 99 المذكورة.
- كما يمكن للمصلحة المتعاقدة اللجوء إليه من دون أن يرتكب المتعاقد معها أي خطأ، غير أنها ترتب مسؤوليتها العقدية في هذه الحالة.
إن ممارسة المصلحة المتعاقدة لهذه السلطة لا يعفيها من رقابة القاضي الواسعة التي تشمل مشروعية العقوبة وملاءمتها للخطأ.

المطلب الثاني: الحقوق المقررة للمتعاقد جراء الصفقة العمومية.
أهم الحقوق الناتجة عن الصفقة العمومية بالنسبة للمتعاقد هو الحصول على المقابل المالي الذي تؤديه له المصلحة المتعاقدة، والذي يعتبر الإلتزام المقابل لالتزامه، ذلك ان المتعاقد يستهدف الربح أصلا جراء إبرامه للصفقة، والذي يمثل الثمن المتفق عليه، ولذا سوف نتطرق إلى كيفية تحديده ثم إلى طريقة تسديده.
الفرع الأول: استحقاق الثمن المقابل لما أداه من التزامات.
الأصل أن تحديد الثمن وطرق مراجعته ودفعه يتم باتفاق المتعاقدين، وفقا للقواعد المقررة قانونا في المواد من 51 إلى 61 من  المرسوم الرئاسي 02-250 ، ولذا فيعتبر شرطا تعاقديا ألزم المشرع ذكره ضمن البيانات التعاقدية بمقتضى بند صريح في الصفقة ذاتها، بأن يتم بطريقة مفصلة وموزعة، وهو ما تقضي به المادة 50 فقرات 5، 6 و15.
أما عن طريقة تحديده، فإنها تختلـف حسب إرادة المصلحة المتعاقدة   والتي يمكن تصنيفها بحسب موضوع الصفقات، فبالنسبة لصفقات الإشغال فقد يتم:
- بسعر إجمالي أو جزافي للعملية كلها فنكون أمام ما يسمى Le marché au forfait.
- أو يحدد الثمن على أساس كل نوع من أنواع العملية، أي يدفع على نفقات مراقبة فنكون أمام ما يعرف Le marché sur dépenses contrôlées.
- وقد يحدد بحسب وحدة معينة من وحدات القياس فنكون أمام Le marché sur devis ou à unité de mesure.
أما بالنسبة لصفقات التوريد فقد يتم التحديد الثمن بناء على:
- الكمية المطلوبة فنكون اما ما يسمى Le marché au forfait.
- أو بحسب السلع المطلوب توريدها بحيث يحدد بنوع السلع المطلوب توريدها فنكون أمام ما يعرف Le marché sur série de prix. 
ومهما يكن من أمر فإن كل الطرق المذكورة ممكنة مهما كان محل الصفقة، التي يمكن دفع الثمن فيها أيضا بسعر مختلط، وهي طريقة تسمح باختيار كيفيتين فأكثر لدفع الثمن وفقا لمتطلبات تنفيذ كل صفقة.  
أما فيما يخص طريقة تسديد الثمن فإنها تطرح إشكالا حقيقيا بالنسبة لصفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري التي تشمل تنفيذ استثمارات عمومية بمساهمة نهائية من ميزانية الدولة، غير أنها تتم حسب نظام المحاسبة الخاصة أي أن دفع الثمن يتم مباشرة للمتعاقد، بمجرد إثباته استحقاقه، ويستوي الأمر أن يكون تسبيقا لتنفيذ جزء من الصفقة، أو مقابل أشغال أو توريدات تم القيام بها، أو الثمن النهائي المستحق والذي يحدد عند إنجاز كل العملية  ، والسبب في استعمال هذا النظام هو أن المبالغ المحددة لإنجاز المشروع تخصصها الدولة مسبقا وتدفعها مباشرة في الحساب التجاري للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من أجل استعمالها في تمويل المشروع قبل الشروع في التعاقد، ويتم الوفاء باستعمال تقنيتين قانونيتين:
- بسحب شيك لفائدة المتعاقد على الحساب التجاري للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
- بإصدار أمر بتحويل: المبلغ المستحق لفائدة المتعاقد يوجه للبنك التجاري الذي يوجد به الحساب التجاري للمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري كي يقوم بتحويله إلى حساب المتعاقد معها.
الفرع الثاني: الحق في إعادة التوازن المالي للعقد.
بالمقابل مع السلطات التي تتمتع بها المصلحة المتعاقدة عند تنفيذ الصفقة العمومية، لاسيما سلطة تعديل الإلتزامات والشروط التعاقدية بالزيادة والنقصان بإرادتها المنفردة كما سبق بيانه، فإنه يحق للمتعاقد معها الذي يتحمل تبعات هذا السلطات، وكذا تبعات المخاطر الإقتصادية المرهقة لكاهله بشكل يخل بالتوازن المالي للصفقة أن يطلب إعادة هذا التوازن، من خلال تعويضه عن الأعباء التي يتعرض لها أثناء التنفيذ.
فكرة إعادة التوازن المالي قائمة على أساس التعويض بدون خطأ ذلك " أن هذه السلطات والأعمال والإمتيازات مشروعة لارتباطها وتعلقها بالمرفق العام والصالح العام "  ، ولهذه الفكرة حالات يتم اللجوء إليها، حددتها النظريات التي تم تكريسها من طرف الفقه والقضاء بثلاثة حالات، في فرنسا ومصر، فبجانب الحالتين حمل هذه الدراسة، توجد حالة فعل الأمير، والتي لا مكان لها في هذه الحالة ذلك أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ليس لها إصدار أوامر توصف بفعل الأمير في معاملاتها مع الغير لتمتعها بصفة التاجر تجاهه، في حين أن الصفقة في كل من مصر وفرنسا تعتبر عقودا إدارية بدون جدال، بينما الوضع يختلف في مجال هذه المذكرة  ، وتبيان مكانة نظرية فعل الأمير بينهما فيما يخص صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
أولا: نظرية الظروف الطارئة.
وضع قضاء مجلس الدولة الفرنسية الصادر في 24 مارس 1916 هذه النظرية من بمناسبة نظره في قضية غاز بوردو  ، ومفادها أنه كلما جدت بعد إبرام العقد ظروف استثنائية خارجية لم تكن في الحسبان، ومن غير الممكن توقعها، أي ليست ناتجة عن الإخلال بالتزامات تعاقدية، وترتب عنها إختلال التوازن المالي للعقد لدرجة يصبح معها تنفيذ الصفقة يشكل إرهاقا وتكاليفه أكبر بكثير من تلك التي تم توقعها عند إبرام العقد، فإنه يجوز للمتعاقد أن يطلب من المصلحة المتعاقدة المساهمة بتحمل جزء من التكاليف والأعباء الإضافية، بما يضمن له تعويض جزء من الخسارة التي لحقت به، فالمصلحة المتعاقدة " تدفع تعويضا يمنع تجاوز عتبة اختلال التوازن الذي لا يحتمل، وهو ما يسمى التوازن الحدي"   وليس تعويضا عن كل الأضرار، ومن أجل ذلك يجب أن يستمر المتعاقد في تنفيذ التزاماته التعاقدية على الرغم من وقوع الإختلال المالي الذي أصابه، وبحسن نية.
ومن أمثلة الظروف الطارئة الحرب، أو الأزمة الإقتصادية، أو صدور أوامر أو مناشير أو قرارات من الإدارة أي من غير المصلحة المتعاقدة   ، وهذه الحالة الأخيرة تمثل ما يقابل فعل الأمير الصادر عن الإدارة، لو كانت هي المتعاقدة.
هناك من يرى أن مجال تطبيق هذه النظرية هو العقود الإدارية والعقود التي تبرمها الإدارة وفقا للقانون الخاص  ، غير أنه يمكن تطبيقها على صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري على أساس أن فعل الإدارة يعتبر من الظروف الطارئة  ، لتوفر كل شروط الظرف الطارئ فيه، وبالتالي يرتب نفس آثاره.
ثانيا: نظرية الصعوبات المادية.
وضع هذه النظرية قضاء مجلس الدولة الفرنسي، والخلاف مازال ثائرا حول وجودها كنظرية مستقلة عن نظرية الظروف الطارئة  ، وحول قبول إعمالها في مجال صفقات الأشغال  .
مفاد هذه النظرية أنه إذا ما صادف المقاول خلال تنفيذ التزاماته التعاقدية صعوبات مادية ذات طبيعة استثنائية خالصة وغير مألوفة، من غير الممكن توقعها في مرحلة إبرام الصفقة، وتجعل تنفيذها مرهقا، فإنه يحق له أن يطلب الحصول على تعويض كامل عما سببته له هذه الصعوبات المادية من أضرار.
ومن الأمثلة التي تضرب عادة يمكن ذكر حالة حدوث زلزال شديد  ، وهي حالة يرفض مجلس الدولة الفرنسي رفض اعتبارها حالة صعوبات المادية بل ظرفا طارئا ، وعبر عن هذا الموقف في قراره الصادر في 21 أفريل 1944 في قضية  société française des câbles téléphoniques  .
وحول لأساس هذه النظرية، يرى الرأي الراجح أنها تقوم على اعتبارات العدالة، وهو ما قال به كل من الأستاذ عمار عوابدي  ، سليمان محمد الطماوي فالين وديلوبادير  . 
أما الشروط الواجب توافرها من أجل تطبيقها فتتمثل في الآتي بيانه:
- أن تكون الصعوبات ذات طبيعة مادية محضة، مثل طبيعة الأرض.
- أن تكون هذه الصعوبات غير راجعة لعمل أحد الطرفين المتعاقدين.
- أن تكون غير متوقعة عند إبرام الصفقة.
- أن تكون هذه الصعوبات ذات طابع استثنائي بحت.
أما عن النتائج المترتبة عن قيام هذه الشروط هي أن:
- بقاء المقاول ملتزما بالصفقة رغم الصعوبات غير المتوقعة، وساهرا على تنفيذ بنودها، ما لم يكن التنفيذ مستحيلا، لأنه يكون أمام حالة القوة القاهرة في هذه الحالة.
- يصبح للمقاول الحق في الحصول على مقابل مالي يعوض به كل ما انفقه من أجل مواجهة تلك الصعوبات المادية، أي أن التعويض يكون كاملا، وعادة ما يحسب بناء على النفقات الحقيقية التي صرفت، ما لم تكن منسوبة للمتعاقد بخطئه.
وقد كرس المشرع الجزائري في المـادة 92 من المرسـوم الرئاسي 02-250 حق المتعاقد الذي تعرض إلى اختلال التوازن الإقتصادي للعقد إختلالا معتبرا جراء أسباب إستثنائية وغير متوقعة وخارجة عن إرادة المتعاقدين ، وذلك عند تعداد الحالات التي يمكن فيها إبرام ملحق للصفقة  ، وفي حقيقة الأمر لا يمكن الجزم في هذه المرحلة من البحث، هل أن المشرع سعى إلى تطبيق نظرية الظروف الطارئة أم الصعوبات المادية، ذلك أن الإجابة على مثل هذا التساؤل تستدعي الرجوع إلى مصادر قانونية أخرى لاسيما الأعمال التحضيرية للمرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، غير أن القراءة الأولية تدفع إلى الإعتقاد أنه أخذ بنظرية الظروف الطارئة التي تعترض المتعاقد أثناء تنفيذ الصفقة، ذلك أن هذا الحق مقرر لكل المتعاقدين مهما كان موضوع الصفقة.
ذلك أن سكوت المشرع في تحديد النصيب من الأضرار الذي تتحمله المصلحة المتعاقدة   لا يكفي للقول أنه يسعى إلى تطبيق نظرية الصعوبات المادية، بل معناه أن صعوبة تحديد الحد الأدنى الذي تتحمله المصلحة المتعاقدة من الأمور التي يتم تحديدها حالة بحالة بالنظر إلى أهمية الضرر وقدرة المتعاقد على تحملها، مما يعني عدم إمكانية التحديد المسبق للجزء الذي تتحمله المصلحة المتعاقدة.

المبحث الثالث: طرق فض المنازعات الناتجة عن تنفيذ الصفقة.
على غرار ما فعله المشرع مع منازعات الإبرام، فقد نص على مادة وحيدة من أجل فض المنازعات المتعلقة بتنفيذ الصفقة العمومية، حدد فيها طريقين يمكن اتباعهما، فإما اللجوء إلى الحل الودي خارج ساحة القضاء ، وإما اللجوء إلى القضاء المختص، ومن أجل مناقشة هذا الموضوع ستتبع هذه الخطوات، على اعتبار أن الحل الأول لا يحرم المتعاقد من اللجوء إلى القضاء، أما العكس فليس صحيحا.

المطلب الأول: طرق فض النزاع خارج ساحة القضاء.
حرص المشرع على الحفظ على المال العام والسرعة في إنجاز المشاريع، فحاول إيجاد طرق من أجل فض النزاع من دون اللجوء إلى القضاء وتحمل ما قد يترتب عنه من ضياع للوقت، من خلال التفاوض المباشر أو الجوء إلى اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، كحل اختياري  .
الفرع الأول: فض النزاع من خلال التفاوض المباشر.
أسس المشرع هذا الطريق من أجل فض النزاعات بأن نص في المادة 102 فقرة 2 من المرسوم الرئاسي 02-250 على: " غير أنه يجب على المصلحة المتعاقدة ، دون المساس بتطبيق هذه الأحكام، أن تبحث عن حل ودي للنزاعات التي تطرأ عند تنفيذ صفقاتها كلما سمح هذا الحل بما يأتي: 
- إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين.
- التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة.
- الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة ".
يظهر جليا مما سبق أن الحالات التي يمكن التفاوض المباشر من أجلها هي تلك المتعلقة بفقد التوازن المالي للعقد لأحد الأسباب التي تم ذكرها أعلاه، أو من أجل التوصل إلى تدارك التأخر في إنجاز المشاريع، إذن لا مجال للتفاوض في حالات أخرى مثل:
- سوء إنجاز المتعاقد لمحل الصفقة.
- عدم احترام طرق الإنجاز.
- عدم استعمال المواد المطلوبة أو الطريقة التقنية المتفق عليها.
لأن الهدف المرجو هو المحافظة على المال والوقت بأن تتم التسوية في أسرع وقت وبأقل تكلفة.
هذا ونصت المادة 102 فقرة 6 من المرسوم الرئاسي 02-250 على أنه: " في حالة اتفاق الطرفين، يكون هذا الاتفاق موضوع مقرر يصدر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، حسب طبيعة النفقات المطلوب تنفيذها ".
إذن فلتحديد الجهة المختصة في إصدار هذا المقرر لا بد من الرجوع إلى المادة 2 من المرسوم الرئاسي، التي تقرر أنه يتعين على المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري لإبرام صفقة عمومية كلما تعلق الأمر بإنجاز مشاريع استثمارات عمومية بمساهمة نهائية من ميزانية الدولة  .
فيستنتج أنه في حالة الإتفاق تقوم يصدر الوزير الذي تتم الصفقة في قطاعه، بإصدار مقرر بالتسوية، تكون له القوة التنفيذية، وينفذ بغض النظر عن منح لجنة الصفقات المختصة بالرقابة الخارجية لتأشيرة.
الفرع الثاني: فض النزاع من خلال الطعن أمام اللجنة الوطنية للصفقات.
هذه الطريقة لفض النزاعات المتعلقة بتنفيذ الصفقات العمومية نصت عليها المادة 102 فقرة 8 من المرسوم الرئاسي 02-250، التي تنص على أنه: " يمكن المتعاقد أن يرفع طعنا أمام اللجنة الوطنية للصفقات التي تصدر مقررا، في هذا الشأن" .
إذن يتبين من قراءة هذه المادة أن اللجوء إلى لجنة الصفقات الوطنية إختياري، إذ يحق للمتعاقد عدم استعمال هذا الطريق واللجوء مباشرة إلى القضاء من أجل منازعة المصلحة المتعاقدة، وفي ذلك تراجع عما كان الأمر عليه في قانون الصفقات العمومية سابقا، الذي كان يعتبره إجراء جوهريا، ولذا درج القضاء على عدم قبول أية دعوى لم يتم رفع تظلم مسبق بشأنها، وهو ما حكمت به الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في قضية (ش ذ م س)  ضد وزير الري ووالي ولاية الجزائر، ملف رقم 43731 في 09 نوفمبر 1985   الذي جاء فيه: " من المقرر قانونا أن عرض النزاعات التي تنشأ عن تنفيذ الصفقات العمومية على اللجنة الوطنية الاستشارية المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية من أجل إيجاد تسوية ودية لهذه المنازعات، هو إجراء وجوبي قبل رفع الدعوى القضائية"  ، وهو نفس الحل الذي قدمه المرسوم التنفيذي 91-434 في المادتين 100 و101 منه".
تجتمع اللجنة الوطنية للصفقات، عند اتصالها بالطعن المرفوع أمامها، وتصدر فيه مقررا في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ الطعن.
يسري هذا القرار بمجرد صدوره وتبليغه على المصلحة المتعاقدة، ومن ديون انتظار أخذ تأشيرة لجنة الصفقات المختصة بالرقابة القبلية.
إن تخصيص سريان مقرر لجنة الصفقات العمومية على المصلحة المتعاقدة وحدها، وليس على المتعاقد معها، تنتج عنه آثار قانونية هامة منها:
- أن هذا القرار غير ملزم للمتعاقد الاخر.
- أن هذا القرار لا يكتسي طابع القرار الإداري الملزم في مواجهة المتعاقد.
- أن هذا القرار غير قابل للطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الإداري، لانعدام شرط إلحاق الأذى.
هذا أهم ما يمكن الإشارة إليه فيما يخص هذه الطريقة لفض النزاعات الناتجة عن تنفيذ صفقات المصلحة المتعاقدة، لذا يجب المرور إلى الطريق الثاني لفض النزاع.

المطلب الثاني: فض النزاع أمام قاضي العقد.
نظرا للتنظيم القضائي المزدوج في الجزائر، فإن الحديث في هذا الموضوع يستدعي تحديد طبيعة صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، من أجل تحديد الجهة القضائية المختصة في فض النزاع الذي قد يثور بمناسبة تنفيذها، من خلال النقاشات الثائرة على مستوى الفقه والقضاء، حول الموضوع، المنقسم على رأيين، يرى الأول أن الصفقة العمومية هي عقد إداري، بغض النظر عن أطرافها، معتمدا على المعيار المادي لتأسيس رأيه، بينما يخالفه الرأي الثاني الذي يرى أن صفقات المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ليست عقدا إداريا.
الفرع الأول:  المعيار المادي لتحديد طبيعة صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري. 
تحت تأثير النظام القانوني المتعلق بالصفقات العمومية السائد في فرنسا، الذي تخضع لأحكامه ما يمكن تعريفه عندنا بالأشخاص المعنوية الإقليمية، عندما تقوم بإبرام صفقات ترمي من ورائها إلى القيام بأشغال أو اقتناء توريدات أو الحصول على خدمات  .
يرى جانب من الفقهاء الجزائريون أن كل صفقة عمومية هي عقد إداري لاحتوائها على بنود غير مألوفة في القانون العام  ، ولذا جاء في رد الأستاذ سعيد بوالشعير على الذين شككوا في الطبيعة الإدارية لصفقات المتعامل العمومي الذي أخضع لأحكامه أشخاصا من القانون الخاص أن "هذه الإفتراضات لا أساس لها طالما أن النظام الجديد أبقى على تلك الشروط غير المألوفة"  ، ثم يضيف" مما يؤكد الإبقاء على الطبيعة الإدارية للعقد "  . 
ويرى الأستاذ محمد الصغير بعلي أنه يمكن تعريف العقد الإداري ( الصفقة العامة ) بأنه: " العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام، بقصد تسيير مرفق عام، وفقا لأساليب القانون العام بتضمينه شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص"  ، وفي ذلك تأثر بما ذهب إليه غاستون جيز، الذي عرف العقد الإداري باستعمال نفس المعيار  ، على الرغم من أنه يجمع المعياران المادي والعضوي في نفس الوقت.
هذا الرأي اتخذه الأستاذان ليلى زروقي وحمدي باشا عمر ، اللذان يريان بدورهما: " أنه بموجب التعديل الأخير لقانون الصفقات العمومية، فإن الصفقات التي تبرمها المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري لإنجاز سكنات تمول من طرف الخزينة العامة تخضع لقانون الصفقات العمومية والتي تسري عليها أحكام المادتين 55 و56 من القانون 88-01 المؤرخ في 12 جانفي 1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات الإقتصادية العمومية لتحديد القانون المطبق والقاضي المختص ( القانون الإداري والقاضي الإداري) "  .
ويتخذ القاضي نصر الشريف عبد الحميد نفس الموقف كونه يرى أن: "العقد الإداري، عقد يكون أحد طرفيه إدارة عامة، وموضوعه متعلق بمرفق عام، يتضمن شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص تعبر عن امتيازات السلطة العامة التي تستهدف بها الإدارة تحقيق المصلحة العامة" ، على الرغم من الملاحظات التي يمكن إبداؤها حول هذا الرأي الذي جمع عددا هاما من المعايير، يعتبر كل واحد منها تعبير عن مدرسة فقهية مستقلة، إلا أنه أشار إلى البند غير المألوف في القانون الخاص.
فحسبهم، كلما تعلق الأمر بعقد يكون موضوعه تسيير مرفق عام، ويحتوي على بنود غير مألوفة في القانون الخاص، فإنه عقد إداري، يكون الإختصاص في الفصل في المنازعات التي قد تثور بشأنه من اختصاص القاضي الإداري.
هذا وقد ساير القضاء فترة طويلة من الزمن هذا الرأي، فأصدر مجموعة هامة من الأحكام والقرارات نذكر منها أول قرار لمحكمة التنازع الذي جاء فيه: " حيث أنه من الثابت أن النزاع القائم بين الطرفين يرجع الفصل فيه للإختصاص المانع للجهة القضائية الإدارية على أساس:
 1- أن أحد الطرفين المتخاصمين هو بلدية رايس حميدو تطبيقا لمقتضيات المادة 07 من ق إ م.
2- وأن موضوع النزاع وبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه يخص تنفيذ صفقة عمومية وفقا لمقتضيات المرسوم رقم 91/434 المؤرخ في 09 نوفمبر 1991 "  .
إن هذا الموقف الذي عبرت فيه محكمة التنازع في أول قرار لها جدير بالمناقشة، ذلك أنه يؤسس لمعيار جديد في تحديد الإختصاص القضائي لم يعرفه القانون الجزائري من قبل، على اعتبار أن القاضي الإداري يصبح مختصا لوحده كلما تعلق الأمر بالنظر في منازعة تتعلق بتنفيذ صفقة عمومية وبغض النظر عن أطرافها.
وكرس مجلس الدولة نفس الإتجاه في تاريخ سابق، في قرار جاء فيه: "حيث أن المسألة تتعلق بنزاع حول صفقة عمومية، وبهذا فإنه وطبقا للمرسوم 82-145 المؤرخ في 10/04/1982 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية المعدل والمتمم بموجب المرسوم 84-51 المؤرخ في 25/02/1984 فإن القضاء الإداري هو وحده المختص"  .
الملاحظ أن مجلس الدولة بقي على نفس موقفه السابق بمناسبة نظره في القضية المستأنفة أمامه، بين ديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران ضد مؤسسة الأشغال لعين تيموشنت التي صدر بشأنها القرار الذي جاء في الصفحة 4 منه: " ولكن حيث بعد الإطلاع على الملف وعلى رد المستأنف عليه يتضح أن الصفقة محل النزاع.....وعليه فإن القانون المرجعي هو قانون الصفقات العمومية وبالتالي ذلك يفتح الإختصاص للقضاء الإداري"  .
وخلافا لما ذكر فقد تمسكت الغرفة التجارية والبحرية للمحكمة العليا، بحرفية المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية لنقض القرار الصادر عن مجلس قضاء قالمة في 06 ديسمبر 1997، المتعلق بصفقة عمومية  . 
فحسب كل الآراء المقدمة أعلاه تعتبر الصفقة العمومية عقدا إداريا بغض النظر عن الأطراف المتعاقدة، وكل نزاع يتعلق بتنفيذها من اختصاص القاضي الإداري، وهذا الرأي يتناقض وصراحة المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، وما ذهب إليه جانب آخر من الفقه والقضاء الجزائري الذي يبدو أنه يتراجع عن مواقفه المكرسة أعلاه.  
الفرع الثاني:  المعيار العضوي لتحديد طبيعة صفقة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري. 
المقصود بالعقد الإداري حسب هذا المعيار، هو ذلك العقد الذي تبرمه الأشخاص المعنوية العامة الخاضعة للقانون العام، مع أشخاص قانونية أخرى، بغض النظر عن موضوع العقد ذاته، فقد يكون صفقة عمومية حسب التعريف الوارد في المرسوم الرئاسي 02-250، أو أي عقد آخر، تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري طرفا فيه، فالعبرة إذن بأطراف العقد وليس بموضوعه أو مبلغ الإلتزامات التي يحتويها.
بالرجوع إلى أحكام المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية نلاحظ أن المشرع كرس هذا المعيار، كمعيار أساسي ووحيد، وفي ذلك يرى الأستاذ أحمد محيو بعد التذكير بالنتائج المستخلصة من دراسة النظرية الكلاسيكية حول عقد، وبأنها لا تسمح بتفسير الحالة السائدة في الجزائر خاصة ما يتعلق بالإختصاص القضائي، مؤكدا أن "الواقع لأنه حول ما يمس هذه النقطة، يعتبر المجلس القضائي الفاصل في المواد الإدارية، مختصا على الدوام في حالة نزاع، بمجرد كون أحد أطراف النزاع شخصا عاما، دون أخذ الصفة العامة أو الخاصة للعقد بعين الإعتبار. وهذه نتيجة منطقية للمادة السابعة من قانون الإجراءات المدنية، المؤيدة من جهة أخرى بقانون صفقات الدولة الذي يعتمد بدوره المعيار العضوي في وصف الصفقات العامة"  .
وعليه بمفهوم المخالفة، لما جاء به الأستاذ أحمد محيو، فإذا طرح على القضاء الإداري نزاع يتعلق بعقد لا يكون أحد أطرافه شخصا عاما، فعليه أن يصرح بعدم اختصاصه في النظر في مثل هذا النزاع.
هذا ويضيف الأستاذ أنه فيما يتعلق بالإستثناء الوارد بالمادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية، فيمكن تفسيرها عن طريق الإشارة إلى توزيع الإختصاص السابق وإلى الجدل الذي دار حول معيار المرفق العام، الذي أصبح صناعيا وتجاريا، نجمت عنه مصاعب تمس أولا موضوع التكييف القانوني للمرفق العام الصناعي والتجاري.
ويخلص إلى أن الإستثناءات الواردة في المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية تكون قد وضعت حدا للصعوبات التي نتجت عن ظهور المرافق العامة الصناعية والتجارية، وبسطت مهمة المتقاضي الذي لم يعد يتعين عليه التساؤل حول القاضي المختص، ذلك أن هذه الإستثناءات تجعل القاضي العادي هو المختص  .
هذا الرأي يسانده الأستاذ محمد قطان الذي أكد أن القاعدة الواردة في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية من النظام العام ولا يمكن مخالفتها، ذلك أن الغرف الإدارية لا تكون مختصة إلا إذا كان هناك شخص عمومي معني  ، وتبنى الدكتور عمار بوضياف نفس الموقف  .    
وهو نفس ما يراه الأستاذ بن ناجي شريف، الذي يعتبر أن القضاء العادي هو المختص في نظر هذا النوع من النزاعات، على اعتبار أن طرف النزاع هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وأنه منذ 1982 فقد مالت الصفقات العمومية في الجزائر نحو عقود القانون الخاص  .
هذا الإتجاه قد كرسه قضاء مجلس الدولة عندما قضى أن: "القاضي الإداري غير مختص للبت في النزاع القائم بخصوص إبرام صفقة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري صفقة عمومية "  .
كما اتخذ نفس الموقف عندما صرح في قضية أخرى أن: "الوكالات المحلية للتسيير والتنظيم العقاري الحضري هي مؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري وبالتالي لا تكون نزاعاتها القائمة مع متقاضين خاضعين للقانون الخاص من اختصاص الجهة القضائية الإدارية "  .
الملاحظ أن قضاة الغرفة المدنية بمجلس قضاء قالمة متمسكون باختصاصهم بنظر النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية التي تبرمها المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، كما هو الحال في القضية بين ديوان الترقية والتسيير العقاري بقالمة ضد مقاولة أشغال البناء، الذين يعتبرون أن الإختصاص ينعقد للقضاء العادي ولو تعلق الموضوع بصفقة عمومية  .
وهو ما كرسه قضاة الغرفة الإدارية بذات المجلس الذين قضوا بعدم الإختصاص النوعي في قضية تتعلق بصفقة عمومية رفعت من طرف مقاول ضد ديوان الترقية والتسيير العقاري وولاية قالمة، فبعدما ثبت لقضاة الغرفة الإدارية أن الولاية غير معنية بالنزاع، قضوا بإخراجها من الخصومة وصرحوا بعدم الإختصاص النوعي متمسكين بصراحة المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية  .
وهو ما كرسه قضاة القسم التجاري لمحكمة قالمة، بفصلهم في القضايا المتعلقة بالصفقات العمومية التي يكون أحد أطرافها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، مثل القضايا التي تخص ديوان الترقية والتسيير العقاري بقالمة ضد المقاولين المتعاقدين معه  .
لذا وبناء على ما سبق يعتبر هذا الإتجاه هو الأصح والذي ينبغي التمسك به، لأسباب قانونية هامة تتمثل فيما يلي:
- أن نظرية المرفق العام، التي تعبر عن المعيار المادي، ليست لها  في الجزائر نفس المكانة التي عرفتها في النظام القانوني الفرنسي  .
- أن نظرية المرفق العام قد عرفت أزمة حادة أدت بالقضاء الفرنسي إلى التراجع عنها. 
- أنه لا يجب القياس في تحديد طبيعة الصفقة العمومية التي تبرمها المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري على تعريف القرار الإداري بناء على المعيار المادي، ذلك أن دعوى الإلغاء دعوى موضوعية تنازع القرار في حد ذاته وليس مصدر القرار، ولذا على القاضي الإداري التمسك باختصاصه كلما لاحظ وجود عمل قانوني تتوفر فيه خصائص القرار الإداري، بينما المنازعات المتعلقة بالعقود لا تتوفر فيها هذه الخاصية، ذلك أن المنازعة تقوم بين المتعاقدين، وليس بين المتعاقد ضد العقد.
- أن المشرع الجزائري متمسك بالمعيار العضوي بنص المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية.
- أن المعيار العضوي بسيط يسهل على المتقاضين تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع.
وفي هذا الإطار يرى الأستاذ بوسماح أن "انهيار المفهوم القانوني للمرفق العام في ميدان المنازعات ليس إلحادا علميا، وهو ليس سيء في حد ذاته من الناحية التقنية، لكونه يتفادى وجود نظام منازعات جد متطور، وبالتالي معقد مبني على المعيار المادي.
وبفضل وضوحه وسهولة استعماله، يبسط المعيار العضوي إجراءات المنازعات الإدارية، وهو يرضي كل واحد المتقاضي الممارس والقاضي، وبإشارته إلى فكرة السلطة العامة وإثارتها بقوة فإن المعيار العضوي يحدد هكذا مجال القانون الإداري"  .
ويضيف الأستاذ بوسماح أنه لا ينبغي للقاضي الجزائري أن يحذو حذو القاضي الفرنسي في المسعى الذي ذهب إليه عندما طور نظرية المرفق العام، مؤسسا موقفه على حجتين قانونيتين قويتين، يستمد الأولى من الدستور، ذلك أن القاضي لا يخضع إلا للقانون، حسب الحكم المقرر بالمادة 147 منه، وأن هذا القانون يأمره بالخضوع إلى المعيار العضوي.
أما الحجة الثانية فيستمدها من المادة 116 من قانون العقوبات التي تجرم تدخل السلطة القضائية في صلاحيات السلطة التشريعية  . 
هذا ولابد من التأكيد من أن انعقاد الإختصاص للقاضي العادي لا يعني تمسكه بتطبيق البنود الواردة في الصفقة باعتبارها شريعة المتعاقدين، وأحكام القانون الخاص أي القانون المدني والقانون التجاري فقط، وإنما عليه تطبيق كل القواعد المتعلقة بنظام الصفقات العمومية ولو كانت قواعد القانون العام، فعليه الإلمام بالأحكام الواردة في قانون الصفقات العمومية، ومختلف دفاتر الشروط، لاسيما دفتر الشروط العامة للبنود الإدارية العامة، لأن الصفقات ذاتها عادة ما تنص عليها كقواعد قانونية تطبق على الصفقة ذاتها.
وفي ذلك يعبر الأستاذ قطان صراحة قائلا أنه: "حسب رأينا الخاص الأمر يتعلق بالعقود الإدارية الخاضعة لتنظيم الصفقات العمومية بينما النزاع الناتج عنها يخرج من اختصاص القاضي الإداري لكي يبقى من ضمن اختصاص القاضي العادي. هناك تناقض خطير بالفعل فهذا الأخير خلاف القاضي الإداري لم يتعود على القضايا الإدارية"  .
وهنا تكمن المفارقة التي يعبر عنها الأستاذ بن ناجي شريف بقوله بأننا أمام فئة جديدة من العقود التي يسميها العقود ذات الشكل الإداري  .  


الـخاتمــة:

بناء على ما سبق بيانه، يمكن القول أن المشرع عندما تبنى الموقف المعبر عنه في المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، القاضي بإخضاع العقود التي تبرمها المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف بإنجاز مشاريع استثمارية بمساهمة نهائية من ميزانية الدولة، لم يتوقع الآثار القانونية التي سوف تنجر عن ذلك على النظام القانوني العام القائم، لاسيما وأنه أخضع كل الصفقات العمومية مهما كانت طبيعة المصلحة المتعاقدة، لنفس إجراءات الإبرام والرقابة القبلية الداخلية والخارجية، وقصر في وضع نظام قانوني واضح لحل النزاعات السابق بيانه، مكتفيا بالنص على أنها تخضع للقواعد القانونية العامة التي يحتويها التشريع الساري المفعول.
هذا الموقف المكرس، أدى إلى خلق مشكل قانوني كبير حول تحديد الطبيعة القانونية لمختلف الأعمال الصادرة أثناء مراحل إبرام الصفقة وتنفيذها، واستخلاص النتائج القانونية المترتبة عنها، لاسيما تحديد الجهات القضائية المختصة في فض النزاعات التي قد تثور بمناسبتها، ذلك أن ما جاءت به المادتان 101 و102 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، هو مصدر مشاكل قانونية هامة سوف تطرح على القضاء لا محالة، الذي سوف يكون مدعوا لتفسيرها وتحديد الطبيعة القانونية لكل من قرار المنح المؤقت والصفقة ذاتها.
ففيما يتعلق بقرار المنح المؤقت، تم تبيان أن مسألة تحديد طبيعته القانونية مسألة في غاية من الدقة، استدعت اللجوء إلى معرف النظرية العامة للقرار الإداري السائدة في المنظومة القانونية الجزائرية، والمعبر عنها من طرف النظام القانوني السائد، والذي يحظى بإجماع الفقهاء، بسبب الطبيعة القانونية لدعوى الإلغاء، التي ترمي إلى منازعة القرار الإداري ذاته، متى كان مشوبا بعيب.
لذا فإن المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250، تعتبر مصدر مشكل آخر لأنها تجعل المنازعات التي قد تثور حول قرر المنح المؤقت مقسمة، ومن اختصاص عدة جهات قضائية، ففي بعض الحالات يرجع إلى الغرف الإدارية المحلية التي تصدر قرارا قابلا للإستئناف، أو أمام مجلس الدولة كأول وآخر درجة، وفي ذلك مساس بمبدأ المساواة وقواعد العدالة.   
كما تثير إشكالات أخرى بنصها على إمكانية الطعن في قرار المنح المؤقت أمام لجان الصفقات العمومية، وذلك بالنظر إلى الطبيعة القانونية للعمل الناتج عن هذا الطعن، والذي تم  تبيان أنه رأي مطابق، بالنظر لطابعه التنفيذي في مواجهة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، التي تجد نفسها مجبرة على التقيد به من أجل الحصول على تأشيرة تنفيذ الصفقة.
وبالتالي يكون هذا الرأي قابلا للطعن فيه أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء، وبذلك فتحت المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 المجال لمنازعات غير منتظرة وغير مرغوب فيها.
لذا من الضروري مراجعة هذا المادة وإعادة صياغتها بطريقة أكثر دقة ووضوح تضمن تقديم حل للمشاكل المذكورة من خلال تحديد المقصود بالتشريع الساري المفعول، وهجر استعمال هذه الصيغة عن سن النصوص، بما يساهم في فض كامل ونهائي للمنازعات، وتفادي إثارة نزاعات متولدة عن تطبيق القانون نفسه.
أما فيما يتعلق بالصفقة المبرمة، فإن المادة 102 فأدت إلى تقسيم للمواقف الفقهية التي تباينت في تحديد طبيعتها القانونية، والتي يرتكز كل منها على أسانيد قانونية صلبة مدعمة باجتهادات قضائية صادرة عن الجهات العليا للسلطة القضائية، المنقسمة أصلا حول المسألة منذ زمن بعيد، كما سبق بيانه.
وما ساهم في زيادة هذا التباين في المواقف، هو أن نظرية العقد الإداري في الجزائر لا تحظى بنفس الإجماع الذي تحظى به نظرية القرار الإداري، نظرا للقواعد القانونية الموضوعية التي تخضع لها كل الصفقات العمومية بدون تمييز، المتسمة أساسا بكونها قواعد ذات طابع تنظيمي، أي قواعد من القانون العام.
فاتجاه متمسك بالمعيار المادي لتعريفه متأثر أساسا بالموقف المعبر عنه في الفقه والقضاء الفرنسيين، واتجاه متمسك بالمعيار العضوي المعبر عنه صراحة في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، بينما يستعمل اتجاه المعيارين معا في ذات التعريف، كما سبق بيانه.
كما ساهم المرسوم الرئاسي 02-250 في تناقض الموقف الذي اتخذه القضاء، على مستوى هرم التنظيم حول نفس الموضوع، والمدعو اليوم إلى اتخاذ قرار مبدئي يعبر فيه صراحة عن تكييفه للطبيعة القانونية لهذا النوع من الصفقات، وعن المكانة التي يتميز بها المعيار المادي في النظام القانوني.
فلهذه الأسباب يكون من الواجب أن يتوحد موقف القضاء حول الموضوع، ويتخذ موقفا لا رجعة فيه، يؤكد من خلاله توجهه والنظرية التي يتبناها، بما يسمح بتوضيح الرؤية للجميع قضاة، ممارسين، ومتقاضين.   












المراجـع المستعملـة:
المراجع باللغة العربية:
الكتب العامة:
1 - د/ أحمد محيو المنازعات الإدارية، ترجمة فائز أنجق وبيوض خالد، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة 5.
2 - د/ جورج فودال، بيار ديلفولفي، القانون الإداري، الجزء الأول، ترجمة منصور القاضي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 2001.
3 - د/ سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، توزيع دار الكتاب الحديث، 1993.
4 - د/ سليمان محمد الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة 5، 1991.
5 - د/ سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة 6، 1991.
6 - د/ عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، دار ريحانة، الجزائر.
7 - د/ عمار عوابدي، القانون الإداري، الجزء الثاني، النشاط الإداري، طبعة 2002، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
8 - أ/ عمر بن سعيد، الإجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر 
9 - د/ محمد الصغير بعلي، المحاكم الإدارية، الغرف الإدارية، دار العلوم والنشر، الحجار، عنابة 
10 - د/ مصطفى أبو زيد فهمي، القانون الإداري ـ ذاتية القانون الإداري، الإدارة العامة في معناها العضوي ـ الإدارة العامة في معناها الوظيفي، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1993.
11- د/ طعمية الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الإدارة العامة للقانون، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة 3، 1976.
12 - أ/ ليلى زروقي وحمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر، 2003. 

الكتابات المتخصصة:
1 - د/ سعيد بوالشعير، نظام المتعامل العمومي بين المرونة والفعالية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الإقتصادية والسياسية، الحجم 14، العدد 2، جوان 1986.
2 - د/ محمد قطان، محاضرة حول قانون الصفقات العمومية، ملتقى قضاة الغرف الإدارية 22- 23- 24 ديسمبر 1990، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 1992.  
3 - الأستاذ بن ناجي شريف، محاضرات طلبة الماجستير فرع الدولة والمؤسسات العمومية، حول موضوع المؤسسات العمومية، السداسي 2، سنة 2003، كلية الحقوق و العلوم الإدارية بن عكنون، غير منشورة.
4 - د/ بن ناجي شريف، محاضرات في الصفقات العمومية ألقيت على طلبة الدفعة 14 بالمدرسة العليا للقضاء، السنة الأكاديمية 2004-2005، غير منشورة. 
5 - الأستاذ بوسماح محمد الأمين، محاضرات في المرفق العام في الجزائر، ألقيت على طلبة الماجستير، فرع الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق بن عكنون، السنة الدراسية 2002-2003، غير منشورة. 
6 - الأستاذ دربوشي نور الدين، محاضرات في القانون الإداري، ألقيت على طلبة السنة الأولى للدفعة الرابعة عشر، المعهد الوطني للقضاء، السنة الأكاديمية 2003-2004، غير منشورة.
7 - الأستاذ رشيد خلوفي، محاضرات في المنازعات الإدارية، ألقيت على طلبة السنة الثانية للدفعة الرابعة عشر، ، المدرسة العليا للقضاء، 2004-2005، غير منشورة.

المـذكـرات:
1 - القاضي خالد قمبوعة، مذكرة التخرج لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء، القرار الإداري ونظامه القانوني، الدفعة الثانية عشر، 2004.
2 - القاضي نصر الشريف عبد الحميد، العقود الإدارية في التشريع الجزائري، مذكرة التخرج لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء، الدفعة، الثانية عشر، 2001-2004.

النصوص القانونية:
1 – دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، المصادق عليه في استفتاء 28 نوفمبر 1996.
2 – أمر 66-156 ممضى في 08 يونيو 1966، يتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم، جريدة رقم 49 مؤرخة في 11 يونيو 1966، الصفحة 702.
3 - أمر 66-154 المؤرخ في 08 يونيو 1966، جريدة رقم 47 مؤرخة في 09 يونيو 1966، الصفحة 582، يتضمن قانون الإجراءات المدنية، المعدل والمتمم.
4 - أمر 67-90 المؤرخ في17 يونيو 1996، جريدة رقم 52 مؤرخة في 27 يونيو 1967، الصفحة 718 يتضمن قانون الصفقات العمومية.
5 - أمر 74-9 المؤرخ في30 يناير 1974، جريدة رقم 13 مؤرخة في 12 فبراير 1974، الصفحة 198، يتضمن مراجعة قانون الصفقات العمومية.
6 - أمر 75-58 المؤرخ في26 سبتمبر 1975، جريدة رقم 78 مؤرخة في 30 سبتمبر 1975، الصفحة 990، يتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
7- القانون العضوي 98-01 المؤرخ في 30 مايو 1998، جريدة رقم 37 مؤرخة في 01 يونيو 1998، الصفحة 3، يتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله
8- قانون 88-01 المؤرخ في12 يناير 1988، جريدة رقم 2 مؤرخة في 13 يناير 1988، الصفحة 30، يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية.
9-  قانون 90-08 ممضى في 07 أبريل 1990، يتعلق بالبلدية، جريدة رقم 15 مؤرخة في 11 أبريل 1990، الصفحة 488.
10- قانون 90-09 ممضى في 07 أبريل 1990، يتعلق بالولاية، جريدة رقم 15 مؤرخة في 11 أبريل 1990، الصفحة 504.
11- قانون 90-32 المؤرخ في04 ديسمبر 1990، جريدة رقم 53 مؤرخة في 05 ديسمبر 1990، الصفحة 1690، يتعلق بمجلس المحاسبة وسيره.
12- أمر 96-31 المؤرخ في30 ديسمبر 1996، جريدة رقم 85 مؤرخة في 31 ديسمبر 1996، الصفحة 3، يتضمن قانون المالية لسنة 1997.
13- أمر 03-03 المؤرخ في19 يوليو 2003، جريدة رقم 43 مؤرخة في 20 يوليو 2003، الصفحة 25، يتعلق بالمنافسة.
14- مرسوم رئاسي 02-250 المؤرخ في24 يوليو 2002، جريدة رقم 52 مؤرخة في 28 يوليو 2002، الصفحة 3، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية.
15- مرسوم رئاسي 03-301 المؤرخ في11 سبتمبر 2003، جريدة رقم 55 مؤرخة في 14 سبتمبر 2003، الصفحة 6، يعدل ويتمم المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المؤرخ في 13 جمادى الأولى عام 1423 الموافق 24 يوليو سنة 2002 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية.
16- مرسوم تنفيذي 91-434 المؤرخ في09 نوفمبر 1991، جريدة رقم 57 مؤرخة في 13 نوفمبر 1991، الصفحة 2211، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية.
17- مرسوم تنفيذي 93-289 المؤرخ في28 نوفمبر 1993،جريدة رقم 79 مؤرخة في 01 ديسمبر 1993، الصفحة 12، يوجب على جميع المؤسسات التي تعمل في إطار إنجاز الصفقات العمومية للبناء والأشغال العمومية والري إمتلاك شهادة التخصص والتصنيف المهنيين.
18 - مرسوم 84-325 ممضى في 03 نوفمبر 1984، جريدة رقم 55 مؤرخة في 07 نوفمبر 1984، الصفحة 1868، يحدد شروط رفع العلم الوطني.
19 - قرار  المؤرخ في21 نوفمبر 1964، جريدة رقم 6 مؤرخة في 19 يناير 1965، الصفحة 46، يتضمن المصادقة على دفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال الخاصة بوزارة تجديد البناء والأشغال العمومية والنقل.

الأحكام والقرارات القضائية:
1 - محكمة التنازع، قرار رقم 01 مؤرخ في 08ماي 2000، مجلة مجلس الدولة، عدد 01 سنة 2002.
2 - قرار المجلس الأعلى الصادر في 06 أفريل 1977، المنشور من طرف ح.بوشهدة و ر.خلوفي: مجموعة الأحكام، معهد الحقوق بالجزائر، سنة 1980.
3 - قرار المحكمة العليا المؤرخ في 23/01/1991، ملف رقم 64.748، المجلة القضائية رقم 4 لسنة 1992.
4 - قرار المحكمة العليا الصادر في 12 أكتوبر1999، ملف رقم 200.572، قضية مديرية الحماية المدنية ضد صمودي السعيد، المجلة القضائية لسنة 2001، عدد 1.
5 - قرار مجلس الدولة، بتاريخ 23 نوفمبر 1998، قضية رقم 122.983، غير منشور.
أنظر حمدي باشا عمر، مبادئ الإجتهاد القضائي في مادة الإجراءات المدنية، دار هومة، 2002، ص 22. 
6 - قرار مجلس الدولة قضية ديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران ضد مؤسسة الأشغال لعين تيموشنت، قرار في 14 ماي 2001، قضية رقم 000332، غير منشور.
7 - مجلس الدولة قضية ز.ش ضد المدير العام لمؤسسة التسيير السياحي للشرق ـ قسنطينة، ملف رقم 003889 الصادر في 05 نوفمبر 2002، مجلة مجلس الدولة رقم 3، لسنة 2003. 
8 - مجلس الدولة قضية الوكالة المحلية للتنظيم والتسيير العقاري الحضري ضد أ ح، ملف رقم 004841 الصادر في 15 أفريل 2003، مجلة مجلس الدولة رقم 4، لسنة 2003.
9 - مجلس قضاء قالمة، الغرفة المدنية، قضية بين ديوان الترقية والتسيير العقاري بقالمة و مقاولة أشغال البناء، قرار في 21 ماي 2002 ، رقم 484/2002. 
10- مجلس قضاء قالمة، الغرفة الإدارية، قضية بين قروي عبد الماليك ضد ولاية قالمة و ديوان الترقية والتسيير العقاري بقالمة ، قرار في 07 أكتوبر 2002، رقم 400/2002.
11- مجلس قضاء قالمة، محكمة قالمة، القسم التجاري ، قضية بين شنينة محسن ضد ديوان الترقية والتسيير العقاري بقالمة ، حكم في 23 جانفي 2001، رقم 33/2001.
12- مجلس قضاء قالمة، الغرفة التجارية، قضية مديرية الحماية المدنية لولاية قالمة ضد صمودي السعيد، تحت رقم فهرس 83/97، في 06 ديسمبر 1997.

 

Ouvrages en langue française:
Ouvrages généraux de droits.
1 - A. DE LAUBADERE, F. MODERNE, P. DELVOLVE, traité des contrats administratifs, Tome 1, 2° édition, LGDJ, 1983.
2 - PERELMAN ( Ch. ), logique juridique nouvelle rhétorique, édition Dalloz, 1976, collection "Méthode du droit" .
3 - RENE CHAPUS, Droit administratif général, Tome 1, 9° édition, Montchrestien, Delta, 1995. 

Articles spécialisés.
1 - Dr. AHMED MAHIOU: Commentaire de l'arrêt de la cours suprême, chambre administratif, du 8 mars 1980, SN SEMPAC contre O.A.I.C, Revue algérienne des sciences juridiques économiques et politiques, Volume 18; N° 1, mars 1981.
2 - M.ALFONSI Jean, La notion de marché public, revue du conseil d'Etat, N°3; année 2003.
3 - Mr Kouroughli Mokdad; quelques pratiques déviantes dans l'application du codes des marches publics, l'intervention au colloque organisé par le conseil d'Etat sous le thème " la justice administrative", Alger, 19 et 20 novembre 2005.    
4 - Dr MOMAMED KOBTAN; Introduction à l'étude du droit des marchés publics, Revue du conseil d'Etat, N° 3, Année 2003.

Thèses et mémoires.
1 -Dr BENNADJI CHERIF: Evolution de la réglementation des marchés publics, thèse de doctorat, faculté de droit, université d'Alger; 1991.



تعليقات