الشامل في أحكام الشيك في القانون المصري
الشامل في أحكام الشيك في القانون المصري
الشيك (في ظل
قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999)
(1) تعريف الشيك
في ظل قانون التجارة
لم يُعرف التشريع المصري الشيك على غرار القانون الفرنسي فترك ذلك للاجتهاد
الفقهي ولأحكام القضاء.
فعرف بأنه أمر مكتوب وفقاً لأوضاع حددها العرف يطلب به الساحب إلى المسحوب
عليه أن يدفع بمقتضاه بمجرد الاطلاع عليه مبلغاً من النقود لشخص معين أو لإذن شخص
معين أو لحامله.
وعُرف بأنه محرر
مكتوب وفق أوضاع شكلية استقر عليها العرف يتضمن أمرا ً من الساحب إلى المسحوب عليه
يكون غالباً أحد البنوك بأن يدفع للمستفيد أو لآمره أو لحامل الصك مبلغاً من
النقود بمجرد الاطلاع.
وعرف بأنه (أمر مكتوب يتمكن بموجبه الساحب أو شخص آخر معين أو حامله من قبض
كل نقوده ـ أو بعضها ـ المقيدة لذمته في حسابه لدى المسحوب عليه عند الطلب).
ولم يستعمل المشرع في القانون التجاري الملغي لفظ شيك عند وضع مجموعة
القانون التجاري وعبر عنه بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الاطلاع.
بيد أن هذا التعريف لم يعد يصلح الآن في ظل القانون 17
لسنة 1999.
لأن المشرع تطلب ضرورة أن يكون الشيك محرر مصرفي وأن يكون محرراً على نموذج
من نماذج البنوك.
ولم يعرف قانون التجارة أيضاً الشيك ولهذا يغلب على الساحة الفقهية تعريف
الشيك بأنه: محرر مصرفي قابل بطبيعته للتداول كافٍ بذاته أن يتضمن بالضرورة أمراً
فورياً غير معلق على شرط فضلاً عن بيانات معينة عددها القانون يصدره شخص يسمى
مُصدر الشيك إلى بنك هو المسحوب عليه بأن يدفع لدى الاطلاع عليه للمستفيد المعين
فيه أو لإذنه أو لحامله مبلغاً نقدياً معيناً.
وهذا ما أكده قضاء النقض في أحدث
أحكامه في ظل القانون 17 لسنة 1999.
جرى قضاء هذه المحكمة على أنه في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد لابد أن يتوافر
في الشيك عناصره المقررة في القانون التجاري وأن الشيك في حكم المادة 337 من قانون
العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء مستحق
الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغني عن استعمال النقود في المعاملات، ولما كان ذلك،
وكان قانون التجارة سالف الإشارة قد نص في المادة 475 منه على أن (الشيك الصادر في
مصر والمستحق الوفاء فيها لا يجوز سحبه إلا على بنك أو المحرر على غير نماذج البنك
المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً).
ومفاد النص سالف الإشارة أن القانون قد ألغى ما كان يعتد به العرف ـ من قبل
ـ من جواز سحب الشيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه.
(2) البيانات الإلزامية للشيك:
الشيك ورقة شكلية تطلب المشرع ضرورة اشتمالها على بيانات
معينة فإذا تخلفت فلا تعد تلك الورقة شيكاً، ويجري نص المادة 473 من القانون 17
لسنة 1999 على النحو التالي:
يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية:
أ ـ كلمة شيك
مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتب بها.
ب ـ أمر غير معلق
على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً بالحروف والأرقام.
ج ـ اسم البنك
المسحوب عليه.
د ـ مكان الوفاء.
هـ ـ تاريخ ومكان
إصدار الشيك.
و ـ اسم وتوقيع
من أصدر الشيك.
وقد وضعت المادة 474 من هذا القانون جزاءاً على تخلف
إحدى هذه البيانات حيث يجري نصها على النحو التالي:
الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 من
هذا القانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالات الآتية:
أ- إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء اعتبر مستحق
الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيسي للبنك المسحوب عليه.
ب ـ إذا خلا
الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب.
وقد تضمن تقرير اللجنة المشتركة الخاص بمشروع القانون 17
لسنة 1999:
وأفرد القانون للشيك المواد من 472 ـ 539 وقد عمل
القانون على حماية الشيك كورقة تجارية والحرص على اعتباره أداة وفاء تجري مجرى
النقود في التعامل، ووضع من النصوص ما يحقق ذلك ويحول دون ما كان يجري عليه العمل
من استغلاله كأداة ائتمان بعداً به عن طبيعته التي استقر عليها في العالم أجمع،
فنص بدءاً من المواد 472 من القانون على كيفية إصداره، وحدد البيانات التي يجب أن
يتضمنها ووضع حلولا لبعض المشكلات التي تثور في العمل وحرص القانون على النص في
المادة 475 على أنه لا يجوز سحب الشيك إلا على بنك حتى يحقق الغاية التي سلف
الإجماع عليها من اعتباره أداة وفاء لا ائتمان.
وعلى هذا فإن القانون اهتم بتنظيم أحكام الشيك بما
استحدثه من أحكام جديدة حماية للشيك واستعادة لهيبته.
فإن البيانات الإلزامية للشيك تتمثل في الآتي:
البيان الإلزامي الأول: هو ذكر كلمة شيك في متن الصك:
فلابد من ذكر كلمة شيك في صلب الصك وذلك تعبيراً على أن
المحرر يقصد سحب شيك ولا يقصد سحب كمبيالة أي أنه يعلم علم اليقين أنه سيخضع
لأحكام الشيك وليس لأي ورقة تجارية أخرى.
ولم يقتصر الأمر عند هذا القدر وإنما تطرق المشرع فتطلب
أن تذكر عبارة شيك بذات اللغة التي كتب بها الشيك.
فإذا لم تكتب كلمة شيك في صلب الصك باطلاً بوصفه شيك ولا
تترتب أحكام الشيك المنصوص عليها في المادة 473 وما بعدها عليه.
وأهمية ذكر كلمة شيك في السند تميزه عن غيره من الأوراق
التجارية التي تتشابه معه كالسفتجة المستحقة الوفاء لدى الاطلاع. وذكر كلمة شيك في
متن السند لا يثير أيه مشكلة إذا تم تحرير الشيك من نماذج الشيكات التي توزعها
البنوك على عملائها، إذ تكون هذه الكلمة مطبوعة عادة على النموذج.
ومضمون النص في التشريع المصري أنه ورد بصيغة الوجوب أي
يجب أن يتضمن المحرر لفظ شيك وإلا لم يكن شيكاً في نظر القانون وإن كان هناك جانب
في الفقه يذهب إلى أن عدم ذكر لفظ شيك في متن الصك وإن كان يترتب آثاراً قانونية
في العلاقة بين أطراف الشيك والموقعين عليه إلا أنه لا أثر له في المساءلة
الجنائية إذ أنه يكفي أن يكون للورقة من المظاهر ما يدل على أنها أمر بالدفع لدى
الاطلاع صادر من الساحب إلى المسحوب عليه:فلا شك في أن هذا ما
يوفر الحماية التي أراد المشرع أن يوفرها للشيكات والتعامل فيها.
البيان الإلزامي الثاني في الشيك:
أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً
بالحروف والأرقام، وعلى هذا فإن هذا البيان يتكون من شقين:
الشق الأول: أمر غير معلق على شرط:
حسب
صريح نص المادة 473 /ب من القانون 17 لسنة 1999 والتي يجري نصها على النحو التالي:
(يجب أن يشمل
الشيك على البيانات الآتية:
ب: أمر غير معلق
على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً بالحروف والأرقام).
وعلى هذا فإنه يلزم أن يشترط في الشيك أن يشتمل على أمر
من الساحب غير معلق على شرط ما إلى المسحوب عليه بأي عبارة تفيد هذا المعنى ومضمون
هذا الشرط أن العبارات التي يصدر بها الشيك يجب أن تكون منجزة أي غير معلقة على
شرط أو مؤجلة إلى أجل، أي فوراً، ولكن لا يلزم أن يذكر صراحة عدم تعليق الدفع على
شرط أو على تأجيله، فهذا مفهوم من طبيعة الشيك وأنه أداة للدفع الفوري ومن قصد
الطرفين الساحب والمستفيد، ومن أنها أداة تجري ومجرى النقود في الوفاء، ومن كلمة
شيك المذكورة في الصك.
فإذا ربط الأمر بالدفع بأجل وجب الدفع فور تقديم الشيك
واعتبر الأجل كأن لم يكن.
وعلى هذا فإن كل بيان مصاحب لهذا الأمر الذي يعلق وفاءه
على شرط أو أجل يعتبر كأن لم يكن ولكن الشيك يصح.
والتعليق على شرط قد يكون تعليقاً على شرط
فاسخ، وهذا غير وارد أن يدفع الشيك ثم يزول الالتزام بالدفع إذا تحقق الشرط وقد يكون
تعليقاً على شرط
واقف، وهو ما كان يسمى بشرط الإخطار.
البيان الإلزامي الثاني الثاني: مبلغ الشيك الواجب دفعه
مكتوباً بالحروف أو الأرقام:
الشق الثاني من البيان الإلزامي الثاني هو ضرورة سحب
الشيك بمبلغ نقدي إذ أن سحب الشيك بغير النقود باطل، فيجب أن يشتمل المحرر على ذكر
مبلغ أياً كان هذا المبلغ صغير أو كبير من النقود ولابد أن يكون معيناً تعييناً
نافياً للجهالة.
وعلى هذا فإن هذا الشرط يقتضي ضرورة توافر عنصرين:
الأول: أن يكون محل الشيك مبلغ من النقود.
الثاني: أن يكون هذا المبلغ محدداً على وجه الضبط والتحديد.
على أنه لا يشترط كتابة المبلغ بطريقة معينة فيجوز أن
يكتب بالأرقام وحدها أو بالحروف وحدها. غير أن العمل جرى على كتابة المبلغ مرتين،
إحداهما بالأرقام في أعلا الشيك، والأخرى بالحروف في صلبه، وذلك لتأكيد القيمة.
وإذا وقع الاختلاف بين المبلغين فلا يجوز للمسحوب عليه أن يمتنع عن الدفع على أساس
أن مبلغ الشيك مكتوب بالأرقام أو بالحروف وحدها.
البيان الإلزامي الثالث: اسم البنك المسحوب عليه:
حسب صريح نص المادة 473 والتي يجري نصها على النحو
التالي:
(يجب أن يشتمل
على البيانات التالية.........ج: اسم البنك المسحوب عليه).
وعلى هذا فإن اسم البنك المسحوب عليه هو البيان الإلزامي
الثالث حتى يصبح الصك شيكاً.
فالشيك يوجه في الغالب إلى طرف ثالث هو المسحوب عليه
بخلاف الساحب وعلى هذا فإنه حتى يكون الشيك صحيحا لابد من تحديد اسم المسحوب عليه
أي أن يتضمن المحرر اسم الشخص الذي يأمره الساحب بدفع
قيمة الشيك إلى المستفيد منه فالشيك ورقة ثلاثية الأطراف ولذا يجب أن يتضمن بيان
اسم المسحوب عليه وأن يعين تعييناً كافيا وقد تضمن القانون 17 لسنة 1999 في المادة
475 ضرورة أن يكون الشيك مسحوباً على بنك ويجرى نصها على النحو
التالي:
الشيك الصادر في مصر والمستحق الوفاء فيها لا يجوز سحبه
إلا على بنك. والصك المسحوب في صورة شيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا
يعتبر شيكاً.
ولقد حدث خلاف بشأن الشيكات الخطية الغير مسحوبة على بنك
بعد صدور القانون 17 لسنة 1999 واتجهت بعض دوائر محكمة النقض إلى القضاء بالبراءة
حيث جاء بأسباب هذه الأحكام ما يأتي:
لما كان ذلك، وكان شرط العقاب في قانون التجارة على
إعطاء شيك بدون رصيد هو أن تتوافر في الصك المقومات الأساسية التي وضعها قانون
التجارة، فإن لازم ذلك أن كل محرر لا تتوافر فيه شروط اعتباره شيكاً بهذا المفهوم
تنحسر عنه الحماية الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان البين من المفردات المضمومة أن
الشيك محل الدعوى الراهنة غير محرر على نماذج البنك المسحوب عليه ومن ثم فإن
القانون يكون هو الأصلح بالنسبة للطاعن في هذا المجال.
وقد أكد هذا الحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد
الجنائية في الطعن 9098 لسنة 64 ق جلسة 10/ 7 / 1999 يبين من سياق ما استحدثه
قانون التجارة في شأن الشيك أن المشرع وضع قواعد شكلية وموضوعية محكمة لهذه الورقة
التجارية).
البيان الإلزامي الرابع: مكان الوفاء:
وفقاً لصريح نص المادة 473 من قانون التجارة رقم 17 لسنة
1999 يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية:
د ـ مكان الوفاء.
وعلى هذا فإن بيان مكان الوفاء بياناً جوهرياً لابد من
ذكره ومكان الوفاء له أهمية كبرى ذلك أنه يفيد في تعيين وتحديد القانون الواجب
التطبيق على شكل المحرر وشروط صحته الواجب توافرها فيه على أن خلو الشيك من هذا
البيان لا يبطله.
إلا أن المشروع قد واجه هذه الحالة في المادة 474 حيث
يجري نص المادة 474/ 1 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو التالي:
الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة الوفاء أعتبر مستحق
الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه.
(أ) إذا كان
الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء، اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به
المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه.
البيان الإلزامي الخامس: تاريخ ومكان إصدار الشيك:
تطلب المشرع ضرورة ذكر تاريخ ومكان إصدار الشيك.
وهذا البيان نصت عليه المادة 473/ ه ـ من القانون 17
لسنة 1999 صراحة حيث يجري نصها على النحو التالي:
يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية.........هـ: تاريخ ومكان
إصدار الشيك.
ومن ثم فإن هذا البيان ينطوي على شقين:
الشق الأول: هو تاريخ إصدار الشيك.
الشق الثاني: هو مكان إصدار الشيك.
ونعرض لهما على التفصيل التالي:
أولاً: تاريخ إنشاء الشيك:
أثر خلو الشيك من التاريخ:
استقر الفقه على أن تاريخ إصدار الشيك هو من العناصر
الأساسية الهامة بالنسبة لإنشاء الشيك وخلو الشيك من تاريخ إنشائه يجعله كأن لم
يكن ويتحول إلى سند دين عادي يتضمن اعترافاً من جانب المدين بحق الدائن بالمبلغ
المثبت بالسند، وهنا يثور التساؤل حول:
إثبات تاريخين للشيك:
لما كان الشيك مستحق الدفع دائماً بمجرد الاطلاع عليه
فإنه لا يقبل الإضافة إلى أجل وينبني على هذه القاعدة نتيجتان:
أولهما: ضرورة أن
يثبت بالشيك تاريخ واحد فقط.
وثانيهما: إنه إذا ثبت
بالشيك تاريخان أو إذا ثبت به تاريخ واحد وكانت عباراته يستفاد منها أنه صدر في
تاريخ سابق فإن ذلك مما ينافي طبيعة الشيك باعتباره أمراً واجب الدفع لدى الاطلاع
ويكون الصك لذلك أداة ائتمان قصد به تمكين المدين من الاستعداد للوفاء خلال الأجل
الثابت به فتخسر الحماية الجنائية لذلك عنه، هذا فضلا عن أن الشيك الذي يحمل
تاريخين لا يدل مظهره على أنه شيك بالمعنى المعروف قانوناً.
البيان الإلزامي السادس: اسم وتوقيع من أصدر الشيك:
تطلب القانون 17 لسنة 1999 بشأن قانون التجارة في المادة
473 فقرة (و) ضرورة ذكر اسم وتوقيع من أصدر الشيك.
التوكيل في التوقيع:
الأصل أن يوقع الساحب على الشيك بنفسه ومع هذا فإن
القواعد العامة تجيز التوكيل في التوقيع وهذا التوكيل قد يكون عاماً أو خاصاً بشيك
معين.
وفي حالة التوكيل الخاص ـ كما إذا كان الساحب غائباً
ووكل آخر في إعطاء شيك من دفتر معه لصالح شخص ثالث يستطيع الوكيل التوقيع على
الشيك ويذكر فيه صفته كوكيل وللمسحوب عليه أن يتحقق من هذه الصفة قبل صرف قيمة
الشيك.
فإذا كان التوكيل عاماً ـ وهو ما يجري
عليه العمل لاسيما بالنسبة للشخص المعنوي إذ يعتبر الممثل له بمثابة الوكيل ـ فإن
الموكل يخطر المسحوب عليه باسم الوكيل الذي يحق له التوقيع على الشيكات وبنموذج من
التوقيع وحينئذ يقوم المسحوب عليه بالوفاء بقيمة الشيكات متى تحقق من صدورها من
ذلك الوكيل.
وهذا يقتضي أن نتعرض لبيان المسئولية الجنائية في هذه
الحالة أن سوء النية من جريمة إصدار الشيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم الساحب بعدم
وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، وعلى الساحب أن يتابع حركات رصيده لدى المصرف
للتحقق من وجود الرصيد قبل إصدار الشيك.
وهذا الالتزام نفسه يقع أيضاً على الوكيل في السحب عندما
يسحب على رصيد موكله، لأن طبيعة العمل الصادرة بشأنه الوكالة وهو إصدار الشيك
يستلزم من الوكيل التحقق من وجود الرصيد. فإذا أخل بهذا الالتزام وقعت عليه
مسئولية الجريمة باعتباره مصدر الشيك الذي تحقق بفعله وحده إطلاقه في التداول.
التوقيع على بياض:
اتجه الفقه وناصره القضاء على أن توقيع الشيك على بياض
دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك طالما أنه استوفى البيانات اللازمة قبل
تقديمه في وضع هذين البيانين قبل تقديمه.
توقيع الساحب الشيك على بياض لا ينال من سلامته طالما
استوفى بيان القيمة وتاريخ التحرير قبل تقديمه للمسحوب عليه.
علة ذلك. إعطاء الشيك بدون إثبات القيمة أو التاريخ
مفاده أن مصدره قد فوض المستفيد في ملء هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه دون
أن يلزم بإثبات ذلك التفويض على من يدعى خلاف هذا الظاهر إثباته.
توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة
التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة
الشيك مادام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه. إذ أن إعطاء الشيك
بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين
قبل تقديمه للمسحوب عليه. وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته
ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر.
تكملة بيانات الصك الناقصة:
يثور التساؤل في هذا المجال بعد أن عرضنا البيانات
الإلزامية التي يتطلبها قانون التجارة 17 لسنة 1999 في المادة 473 منه.
على أن يثور التساؤل عن أثر صدور صك خالياً من إحدى
البيانات التي تطلبها المشرع وأثر ذلك على هذا الصك وعما إذا كانت يجوز تكملة تلك
البيانات من عدمه.
هذا الموضوع تصدت له المادة 474 من قانون التجارة حيث
تناولت بالبيان أنه خلا الصك من إحدى البيانات المذكورة في المادة 473 لا يعتبر
شيكاً ـ أي أنه لا يعتبر شيكاً صحيحاً ـ أي أنه يمكن تكملة بيانين اثنين الأول إذا
كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء فيعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد
فيه المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه، كما أنه إذا خلا الشيك من بيان مكان إصداره
اعتبر أنه صدر في موطن الساحب على أنه يذهب رأي في الفقه إلى أنه إذا ملأ المستفيد
البيان الناقص وقدم الشيك للبنك فلا يستطيع البنك التمسك عليه بالبطلان، إذ قد
يفهم سلوك الحامل على أن الساحب فوضه في ملء البيان الناقص.
الشيك (في ظل
قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999)
(3) الشروط
الموضوعية اللازمة لصحة الشيك:
تحرير الشيك والتوقيع عليه من الساحب تصرفاً قانونياً
ولهذا كان من الضروري لصحته أن يتوافر له الشروط المتطلبة لصحة التصرفات القانونية
بصفة عامة وهي المتعلقة بأهلية المتصرف وسلامة إرادة الموقع من عيوب الرضا فضلاً
عن أن يكون محل التصرف ممكناً وسببه مشروع فضلاً عن شرط تمليه الطبيعة الخاصة
للشيك وهو أن يوجد مقابل الوفاء عند السحب. ونعرض لهذه الشروط بالتفصيل:
(أ) الأهلية:
تكتمل أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية متى بلغ عمره
واحد وعشرين عاماً وكان متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه (م44 مدني) وتكون
الأهلية منعدمة قبل بلوغ الشخص السابعة من عمره (م45 مدني) وتكون ناقصة من السابعة
وحتى الواحدة والعشرين، ومن السابعة وحتى السادسة عشرة يمتنع على الشخص التصرف في
أمواله أو إدارتها وبذلك يمتنع عليه التوقيع على الشيكات فإذا بلغالشخص السادسة
عشرة يمتنع عليه التوقيع على الشيكات فإذا بلغ الشخص السادسة عشرة من عمره وكان
يمتهن فيكون له أهلية التصرف فيما يكسبه من مهنته (م63/ 1 من قانون الولاية على
المال) وبذلك يكون من حقه التعامل بالشيك في حدود ما يكسبه من عمله، وإذا بلغ
الشخص الثامنة عشرة من عمره جاز لوليه أو لمحكمة الأحوال الشخصية بعد سماع أقوال
الولي الإذن له في تسليم أمواله كلها أو بعضها لإدارته (م 54، 55 من قانون الولاية
على المال) وبذلك يكون من حقه التعامل بالشيك.
والمسئولية الجنائية للساحب الصغير ناقص الأهلية تخضع
للقواعد العامة إذ أن جريمة الشيك بدون رصيد لا تعدو وأن تكون جريمة عادية لم
يميزها المشرع بأحكام خاصة، وعلى ذلك فالساحب الصغير الذي سنه على السابعة وتقل عن
الإثنى عشر لا توقع عليه عقوبة هذه الجريمة وإنما يأمر القاضي أما بتسليمه لوالديه
أو لمن له حق الولاية على نفسه.
ويقع توقيع القاصر على الشيك باطلاً بطلاناً نسبياً مقرر
لمصلحته، وله التمسك بهذا البطلان حتى في مواجهة الحامل حسن النية، ذلك أن الدفع
بعدم الأهلية لا يطهره التظهير.
للقاصر الذي بلغ السادسة عشرة والمأذون له بالإدارة يحرر
شيكات للوفاء بالديون الناشئة عن أعمال الإدارة، وتعتبر الشيكات التي يحررها صحيحة
طالما أنها في حدود الإذن الصادر له، وليس له أن يتمسك ببطلانها وإذا كان القاصر
الذي بلغ الثامنة عشرة من عمره مأذوناً بالتجارة، ويجوز له تحرير شيكات وفاء
للديون المترتبة على هذه التجارة إذا كانت في حدود الإذن الصادر له أن يصبح كامل
الأهلية فيما يتعلق بالتجارة المأذون فيها أما خارج نطاق هذا الإذن فإن تصرفه يكون
قابلاً للإبطال، ويقتصر البطلان على توقيعه ولا يمتد إلى غيره من التوقيعات
إعمالاً لمبدأ استقلال التوقيعات الذي ينطبق على الشيك سواء أكان مدنياً أو
تجارياً.
(ب) الرضـا:
يتعين في كل التزام ناشئ عن علاقة قانونية أن يكون
مبنياً على رضاء صحيح خالياً من العيوب المبطلة للتصرفات القانونية كالغلط والغش والإكراه
ذلك أن الشيك عند تحريره وكما سبق أن أسلفنايحمل توقيع الساحب الذي يعبر عن إرادته
بالالتزام بالوفاء بقيمته وإن كان للساحب أن يدفع ببطلان التزامه في الدعوى
المدنية التي تقام عليه لمطالبته بقيمة الشيك ولكنه لا يجوز له أن يحتج بذلك في
الدعوى الجنائية التي تقام ضده إذا ثبت أن الشيك لا يقابله رصيد استناداً إلى
قاعدة الكفاية الذاتية لبيانات الشيك وافتراض صحته طالما أن مظهره لا يكشف لدى
الاطلاع عليه عن عيب يشوبه ولكن هذا لا يمنع من تطبيق قواعد المسئولية الجنائية
وذلك دون إخلال بها سواء من حيث موانعها أو أسباب تخفيفها فإذا كان من شأن عيب
الرضاء أن ينفي فعل السحب كما لو تعرض الساحب لإكراه مادي أو كان من شأنه أن ينفي
القصد كما لو وقع في غلط أو خضع لتدليس فإن جريمته تنتفي بذلك.
(4) محل الالتزام
في جريمة الشيك:
محل الالتزام للشيك هو دائماً مبلغ محدد من النقود. إذ
بهذا تقوم وظيفته في الوفاء ـ ومن ثم فإن كان محله غير النقود أو كان مجهلاً ترتب
على هذا بطلان الصك كشيك سواء من الناحية المدنية أو من ناحية إمكان المساءلة
الجنائية لإتحاد الحكمة في الصورتين إذ تنتفي في هذه الحالة وظيفته كأداة وفاء
ويكون بذلك غير جدير بالحماية الجنائية.
السبـب:
يمثل الشيك عند إنشائه علاقتين قانونيتين إحداهما بين
الساحب والمسحوب عليه والثانية بين الساحب والمستفيد. والعلاقة بين الساحب
والمستفيد هي سبب الالتزام الواردة به فهي التي دفعت الساحب لتحرير الشيك لمصلحة
المستفيد. وسبب الالتزام الوارد بالشيك قد يكون غير مشروع وعندئذ يبطل الشيك بوصفه
تصرفاً قانونياً وفقاً لأحكام البطلان لا أثر له على المسئولية الجنائية لأن
المحرر استوفى في الظاهر عناصر صحة الشيك مما يدعم الثقة فيه ويساعد على قبوله في
التداول باعتباره نقوداً فإذا ثبت عدم وجود رصيد له فإن الاعتداء على المصالح التي
يحميها المشرع يكون قد تحقق ويكون لذلك العقاب واجباً ـ فسبب الشيك لا أثر له على
طبيعته. ولذلك قضى بأنه إذا كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد
الاطلاع وانه وفاء لا أداة ائتمان فإن ما يقول له المتهم عن حقيقة سبب تحرير الشيك
لا أثر له على طبيعته ـ ذلك أن المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون
العقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي أعطى من أجله الشيك.
(5) البيانات
الاختيارية في الشيك
أوردنا فيما سبق الشروط الشكلية والشروط الموضوعية
اللازمة للشيك إلا أنه إلى جوار هذه الشروط فإنه في كثير من الأحيان قد يعمد
المتعاملون في الشيك إلى إضافة شروط أخرى يتفقون عليها فيما بينهم حيث لا مانع من
مثل إضافة تلك الشروط طالما لا تتعارض مع طبيعة الشيك ولا تؤثر على فقدانه
لاستقلاله وكفايته الذاتية تطبيقاً لمبدأ حرية التعاقد. والبيانات الاختيارية
المقصود بها زيادة ضمانات الحامل أو إنقاص أعباء الساحب بشرط ألا تخالف نصاً في
القانون.
ولا يوجد شكل لهذه البيانات الاختيارية حيث لا يشترط
كتابتها في صك الشيك بل يجوز كتابتها في ورقة أخرى كما أنه لا يوجد حصر للبيانات
الاختيارية ومن هذه الشروط:
1- شرط المحل المختار:
إن محل الوفاء ليس من البيانات الإلزامية في الشيك إذ
أنه من المفروض أن يستحق في محل المسحوب عليه وليس ما يمنع أن يعين محلاً مختاراً
للدفع محل المسحوب عليه.
ومتى عين المحل المختار، وجب على الحامل أن يقدم الشيك
للوفاء فيه. فإذا امتنع صاحب هذا المحل عن الدفع، فلا تجوز للحامل مخاصمته للحصول
على قيمة الشيك أو على تعويض مقابل الضرر الناشئ عن الامتناع عن الدفع، لأن صاحب
المحل المختار ـ سواء أكان الساحب أو المسحوب عليه ـ الرجوع على صاحب
هذا المحل بالتعويض بسبب تخلفه عن تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما.
2- تعدد النسخ:
لا يوجد لسحب الشيك على عدة نسخ أهمية كبرى إلا في نطاق
الشيكات الدولية أو الشيكات المسحوبة من دولة على أحد ممتلكاتها عبر البحار أو
العكس، أو الشيكات المسحوبة والمستحقة الوفاء في أحد أجزاء الدولة أو في عدة أجزاء
مختلفة منها واقعة عبر البحار.
وإذا سحب الشيك على أكثر من نسخة وجب ترقيم كل نسخة في
ذات متنها وإلا اعتبرت كل نسخة شيكاً مستقلاً على أنه يجوز أن تكتب عبارة نسخة
أولى ونسخة ثانية بدلا من وضع رقم 1و 2 الخ.
وترتبط النسخ بعضها ببعض، فإذا أوفى المسحوب عليه بموجب
إحدى النسخ برئت ذمته، ولو لم يكن مشروطاً فيها أن هذا الوفاء يبطل أثر النسخ
الأخرى.
ويثور التساؤل عن أثر تعدد النسخ على المسئولية الجنائية
وفي واقع الأمر فإنه إذا ما أوفى المسحوب عليه بإحدى نسخ الشيك تبرأ ذمته منها
جميعاً ذلك أنه رغم تعدد النسخ للشيك فإن الساحب لا يلزم بالقيمة المبينة في هذه
النسخ إلا مرة واحدة.
3- شرط الفوائد:
يجوز النص على سريان الفوائد منذ تاريخ الشيك أو منذ
المطالبة الودية. كما يجوز تعيين سعر للفوائد خلاف السعر القانوني. ويعتبر ذلك
تطبيقا للقواعد العامة وإن كان هذا الشرط نادراً في الحياة العملية لأن الشيك أداة
للوفاء الفوري. كما أن البنوك غير معتادة على المماطلة في الوفاء مادام المقابل
موجوداً.
4- الرجوع بدون مصاريف:
وهذا الشرط هو المعروف بدون بروتستو لأن المقصود بعدم
بروتستو ضد الشيك في حالة امتناعه عن الوفاء الودي وهذا البروتستو ليس إجبارياً إذ
يكفي لإثبات هذا الامتناع عن الوفاء القواعد العامة المنصوص عليها في القانون
التجاري.
وهناك رأي يذهب إلى أن هذا الشرط نادر في الشيكات بسبب
الصفة الاختيارية للبروتستو.
5- وصول القيمة:
إذا كانت وصول القيمة في الكمبيالة بياناً جوهرياً حيث
يفيد سبب الالتزام فيها، فيقال والقيمة وصلت نقدا أو القيمة وصلت بضاعة.
إلا أنه بالنسبة لطبيعة الشيك في كونه أمراً بالدفع
منجزاً وارداً على مبلغ من النقود لا أهمية فيه لسبب الالتزام. فأيا كان هذا السبب
ـ حتى ولو كان غير مشروع فإن الصك يؤخذ بأحكام الشيك مادام استوفى شرائطه ولا يحول
دون وقوع الجريمة ذكر بيان وصول القيمة في الشيك سواء في ذلك أكان محرراً على
نموذج مطبوع أم على ورقة عادية وورود مثل هذا البيان هو في حقيقته تصريحاً بسببه
وهو لا يعيب الشيك.
(6) الآثار
المترتبة على تخلف شروط الشيك:
أولاً: أثر تخلف الشروط الشكلية:
سبق أن ذكرنا الشروط الشكلية اللازمة لصحة الشيك ونعرض
هنا للجزاء المترتب على تخلف هذه الشروط الشكلية.
لم يكن يوجد في القانون المصري تنظيم تشريعي لا للشيك
ولا للجزاء المترتب على الإخلال بالشروط الشكلية اللازمة لصحة الشيك قبل صدور
القانون 17 لسنة 1999.
غير أن القانون 17 لسنة 1999 كان واضحاً في أن خلو الصك
من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 لا يعتبر شيكاً.
فيجري نص المادة 474 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو
التالي:
الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 من
هذا القانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالات الآتية:
أ- إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء أعتبر مستحق
الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيسي للبنك المسحوب عليه.
ب ـ إذا خلا
الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب
وعلى هذا فإن خلو الصك من أي بيان من البيانات الواردة
في المادة 473 عدا مكان الوفاء ومكان الإصدار يفقد الصك صفته كشيك.
وقد يتحول الشيك المعيب إلى سند إذني أو للحامل إذا لم
يرد به اسم المسحوب عليه متى أشتمل على بيان وجود القيمة وميعاد للاستحقاق كذلك
يمكن أن يعتبر الشيك كمبيالة صحيحة إذا كان مستوفياً لشروطها وخاصة شرط وصول القيمة
وميعاد الاستحقاق وشرط الأمر.
وقد عرض الأمر على القضاء قبل صدور القانون 17 لسنة 1999
فقضى: الشيك هو
أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع
فهي لا تعد شيكاً ولا يسري عليها حكم الشيك في القانون
فإذا كانت الورقة الموصوفة بأنها شيك مستحقة الدفع لا
عند الاطلاع بل في يوم معين بالذات وكانت كذلك خالية من ذكر وصول القيمة فإنها لا
تعد شيكاً في حكم القانون، كما لا يمكن عدها كمبيالة، ولا سنداً إذنياً تجارياً،
لذلك فلا يسري عليها حكم ضمان الوفاء بالتضامن بين الساحب والمحيل.
مدى تأثير تخلف الشروط الشكلية على الناحية الجنائية:
إن المشرع المصري لم يحدد المعنى المقصود من لفظ شيك
الوارد سواء في قانون العقوبات أو في قانون التجارة وعلى هذا أثارت مشكلة الشيك
المعيب خلافاً في الفقه والقضاء ونعرض لموقف القضاء المصري ثم لموقف الفقه.
اتبعت محكمة النقض المصرية معيار الظاهر وانتهت إلى أنه
متى كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة
وفاء لا أداة ائتمان فإن سبب الشيك لا يؤثر في طبيعته غير أن المحكمة وضعت قيدا
على هذا المعيار وهو إلا يكون الشيك قد تحول قانوناً إلى ورقة تجارية أخرى وبعبارة
أخرى إذا كان ظاهر الشيك في نظر الساحب الذي أصدره والمستفيد الذي قبله أنه يعتبر
شيكاً إلا أن العيب الذي شابه وإن أثر فيه بالبطلان إلا أن الشيك تتوافر فيه عناصر
ورقة تجارية أخرى التي توافرت فيها عناصرها فلا تعتبر شيكاً.
ثانياً: أثر تخلف الشروط الموضوعية:
1-
أثر تخلف شرط الأهلية:
تضمن قانون التجارة 17 لسنة 1999 النص في المادة 479 على
أن التزامات ناقصي الأهلية الذين ليسوا تجاراً وعديمي الأهلية الناشئة عن
توقيعاتهم على الشيك كساحبين أو مظهرين أو ضامنين أو بأي صفة أخرى تكون باطلة
بالنسبة إليهم فقط.
كما أوضحت المادة 480 حكم حمل الشيك لتوقيعات أشخاص ليست
لهم أهلية الالتزام أو توقيعات مزورة أو توقيعات لأشخاص وهميين أو توقيعات غير
ملزمة لأصحابها لأسباب أخرى أو لمن وقع الشيك بأسمائهم فإن التزامات غيرهم من
الموقعين عليه تبقى مع ذلك صحيحة.
ويجري نص المادتين 479 ، 480 من القانون 17 لسنة 1999
على النحو التالي:
مادة (479)
تكون التزامات ناقصي الأهلية الذين ليسوا تجاراً وعديمي
الأهلية الناشئة عن توقيعاتهم على الشيك كساحبين أو مظهرين أو ضامنين احتياطيين أو
بأية صفة أخرى باطلة بالنسبة إليهم فقط.
مادة (480)
إذا
حمل الشيك توقيعات أشخاص ليست لهم أهلية الالتزام به أو توقيعات مزورة أو لأشخاص
وهميين أو توقيعات غير ملزمة لأصحابها لأسباب أخرى أو لمن وقع الشيك بأسمائهم، فإن
التزامات غيرهم من الموقعين عليه تبقى مع ذلك صحيحة.
2 ـ
أثر تخلف شرط المحل:
إن
الشيك، بوصفه ورقة تجاريه، يجب أن يرد بداهة على مبلغ معين من النقود، فإذا خلا
المحرر من بيان المبلغ الذي يلتزم به المدين فإنه يتجرد من كل أثر قانوني، وإذا
كان العيب في هذه الحالة عيباً ظاهرا فإنه يكون حجة على الكافة، بما فيهم الحامل
الحسن النية.
كذلك
الحكم إذا ما كان المبلغ غير معين تعييناً كافياً كما إذا ذكر فيه ادفعوا الباقي
لنا طرفكم إذ أن تعيين المحل شرط لقيام الالتزام من الناحية القانونية.
وكذلك
الحال إذا ورد المحرر على شيء آخر غير النقود، فإن هذا المحرر يبطل بوصفه شيكاً،
ويجوز لكل ذي مصلحة أن يحتج بهذا البطلان، إذ أن العيب في هذه الأحوال ظاهر في
المحرر نفسه.
3 ـ
أثر تخلف شرط السبب:
التوقيع
على الشيك يجب أن يستند على سبب مشروع وأن يكون هذا السبب غير مخالف للنظام العام
والآداب على أنه في المجال الجنائي لا أثر لعدم مشروعية السبب الذي من أجله صدر
الشيك إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك وقبوله في التداول على اعتبار
أن الوفاء به كالنقود سواء بسواء.
ثالثاً:
أثر تخلف الشروط الاختيارية:
إن
الشروط الاختيارية لا يمكن حصرها كما سبق القول وهي لا تتعارض مع طبيعة الشيك
ووظيفته والإخلال بها لا يؤدي إلى بطلان الشيك ولا يؤثر على صحته وسلامته.
الشيك (في
ظل قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999)
(7)شروط مقابل الوفاء في الشيك:
أفرد البند الثاني من الفصل الثالث من الباب الرابع لمقابل الوفاء
وذلك في المواد من 497 إلى 499 من القانون 17 لسنة 1999.
وحسب صريح نص الفقرة الثانية من المادة
497 من القانون 17 لسنة 1999 لابد من توافر الشروط الآتية في مقابل الوفاء:
أولاً: أن يكون حقاً نقدياً أي واردا على مبلغ معين من النقود.
ثانياً: أن يكون هذا الحق قائماً عند إصدار الشيك.
ثالثاً: أن يكون هذا الحق كافياً لتغطية قيمة الشيك، أو بعبارة أخرى يجب
أن يكون مقابل الوفاء مساويا بالأقل لقيمة الشيك.
رابعاً: أن يكون هذا الحق قابلاً للتصرف فيه بموجب الشيك طبقاً لاتفاق
صريح أو ضمني بين الساحب والمسحوب عليه.
ونعرض لهذه الشروط بالتفصيل:
الشرط الأول: أن يكون مقابل الوفاء مبلغاً نقدياً:
يشترط في مقابل الوفاء أن يكون دينا نقدياً ذلك أنه لا يتحقق وجود
هذا المقابل إلا إذا كان الساحب دائناً للمسحوب عليه بدين محله مبلغ من النقود
وسواء في ذلك أكان الدين من طبيعة مدنية أم تجارية.
ومبلغ الشيك هو الذي يرد عليه أمر الدفع الصادر من الساحب إلى
المسحوب عليه وهذا المبلغ هو محل الالتزام في الشيك فلا يمكن أن يكون شيئاً آخر
غير النقود كالقيام بعمل أو تسليم البضاعة ولا يجب الخلط بين مبلغ الشيك ومقابل
الوفاء فمبلغ الشيك هو موضوع التزام الساحب قبل المستفيد وغيره من الحملة اللاحقين
للشيك أما مقابل الوفاء فهو الوسيلة التي ينفذ بها هذا الالتزام وهو لا يخص إلا
علاقة الساحب مع المسحوب عليه.
مدى صلاحية الأوراق التجارية لأن تكون مقابلا للوفاء:
قد يسلم الساحب إلى المسحوب عليه بعض الأوراق التجارية ككمبيالات
أما لتحصيلها أو لخصمها فيثور التساؤل عن مدى جواز سحب الشيكات بقيمة هذه الأوراق.
والأصل أن الأوراق التجارية تصلح لأن تكون مقابلا للوفاء إذا ما
تحولت لدين نقدي وقت إعطاء الشيك أما قبل ذلك فلا تصلح لأن تكون مقابل وفاء.
الحساب المجمد لا يصلح رصيداً للشيك:
إن من المستقر عليه أن تأمين خطاب الضمان لا يصلح أن يدخل في الحساب
الجاري وبالتالي لا يدخلفي تكوين عناصر الحساب الجاري التي تصلح لأن تكون محلا
للرصيد.
وقد تضمن القانون رقم 17 لسنة 1999 النص في المادة 497 السابق
إبدائها هذا الشرط:
الشرط الثاني: أن يكون هذا الحق قائماً عند سحب الشيك:
لا يكفي أن يوجد مقابل الوفاء عند تقديم الشيك للدفع بل يجب أن
يكون هذا المقابل قائماً عند سحب الشيك وقد استقر قضاء النقض على أن القانون إذ نص
في الشطر الأول من المادة 337 من قانون العقوبات على عقاب كل من أعطى بسوء نية
شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد نهى في عبارةصريحة، لا لبس فيها ولا
غموض، عن إصدار كل شيك لا يوجد له قبل إصداره مقابل وفاء كاف وممكن التصرف فيه.
ولم يشترط لإنزال العقاب بمن يخالف نهيه هذا إلا مجرد علمه بأن الشيك الذي أصدره
لم يكن له وقت إعطائه لمن أصدر له مقابل وفاء مستكمل لتلك الصفات هذا هو مفهوم
عبارة نص القانون وهو الذي استقر عليه القضاء وفقه القانون الفرنسي الذي نقل عنه
هذا النص، وهو كذلك الذي يتفق مع طبيعة الشيك والغرض الذي أعد له مما كان له
اعتبار في القانون رقم 44 لسنة 1939 الذي فرض رسم دمغة على الشيك أقل من سائر
الأوراق التجارية ولم يكن ذلك إلا لأنه أداة دفع ووفاء تغني عن استعمال النقود
وتستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً وليس أداة ائتمان تمكن المطالبة بقيمتها في غير
التاريخ الذي أصدرت وأعطيت فيه بالفعل، ومتى كان هذا مقررا كان القول بأن القانون
لا يوجب وجود مقابل للشيك إلا عند استحقاقه أو في وقت موعد دفعه، لا في وقت إصداره
، وإن العبرة إذن في سوء القصد هي العلم بوجود المقابل وقت الاستحقاق أو الدفع فقط
ـ هذا القول كله مخالفاً لصريح النص الذي صدر به القانون.
الشرط الثالث: ضرورة أن يكون الرصيد كافياً لدفع الشيك:
وهذا الشرط نصت عليه صراحة المادة 497/ 2 من القانون 17 لسنة 1999 (ومع مراعاة حكم المادة 503 من هذا
القانون...ويكون مقابل الوفاء موجوداً إذا كان للساحب أو للآمر للسحب لدى المسحوب
عليه وقت إصدار الشيك..مساوياً بالأقل لمبلغ الشيك).
وعلى هذا فإن الرصيد الناقص يعتبر في حكم الرصيد المنعدم.
ويترتب على هذا أن الساحب يتعرض للعقوبة المنصوص عليها في المادة
534 من القانون رقم 17 لسنة 1999.
الشرط الرابع: يجب أن يكون مقابل
الوفاء قابل للتصرف فيه بموجب الشيك طبقاً لاتفاق صريح أو ضمني بين الساحب
والمسحوب عليه:
إن المقصود بالشيك أن يكون أداة وفاء بمجرد تقديمه للمسحوب عليه
وعلى هذا لا يكفى أن يوجد مقابل الوفاء عند سحب الشيك ومن ثم يتعين أن يكون هذا
المقابل متوافراً فيه الشروط التي تطلبها القانون حتى يمكن التصرف فيه بموجب شيك.
ولقد نص على هذا الشرط صراحة قانون التجارة 17 لسنة 1999 في المادة
497/2 (ويكون مقابل الوفاء موجوداً إذا كان للساحب أو الآمر بالسحب لدى
المسحوب عليه وقت إصدار الشيك مبلغ من النقود مستحق الأداء مساو بالأقل لمبلغ
الشيك وجائز التصرف فيه بموجب شيك طبقاً لاتفاق صريح أو ضمني بين الساحب والمسحوب
عليه).
وعلى هذا فإنه يلزم في مقابل
الوفاء ضرورة توافر الشروط الآتية:
أ)
أن يكون مقابل الوفاء محقق الوجود.
ب) وأن يكون مستحق الأداء.
ج) وأن يكون معين المقدار.
د) أن يكون مقابل الوفاء خالي من النزاع.
ونعرض لها على التفصيل التالي:
أ ـ أن يكون الوفاء محقق الوجود:
لا يصلح حق الساحب قبل المسحوب عليه
أساساً لمقابل الوفاء في الشيك إلا إذا كان محقق الوجود وعلى هذا فإن دينا محتمل
الوقوع أو يتحقق تحت شرط واقف لا يمكن أن يكونا مقابلا للوفاء نظامياً، ذلك لأن
ليس للساحب أن يأمر المسحوب عليه أن يدفع للمستفيد أو الحامل مبلغاً لن يستطيع هو
ذاته المطالبة به.
ب ـ يجب
أن يكون مقابل الوفاء مستحق الأداء:
وهذا الشرط مفهوماً من طبيعة الشيك ذاتها
فالشيك هو محرر واجب الدفع وبمجرد التقديم وهذا الاعتبار يقتضي أن يكون حق الساحب
قبل المسحوب عليه واجب الأداء في تاريخ بدينه قبل حلول الأجل فإذا كان دين الساحب
مصحوباً بأجل ولم يحل بعد فلا يعد مقابل الوفاء قائماً.
ج ـ يجب
أن يكون مقابل الوفاء معين المقدار:
يجب أن يكون مقابل الوفاء معين المقدار
بشكل نهائي في تاريخ إصدار الشيك حتى يستطيع الحامل أن يقبض قيمة الشيك بمجرد
تقديمه إلى المسحوب عليه.
د ـ يجب
أن يكون مقابل الوفاء خالي من النزاع:
يجب أن يكون الوفاء خالي من النزاع فإذا
كان الدين محل نزاع لم يفصل فيه بعد اعتبر الرصيد غير قائم.
ملكية
مقابل الوفاء:
ولقد نظم قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
هذه المسألة حينما نص في المادة 499 على أن تنتقل ملكية مقابل الوفاء بحكم القانون
إلى حملة الشيك المتعاقبين.
كما أن وفاة الساحب أو نقص أهليته لا تؤثر
على ملكية الحامل للرصيد.
يجري نص المادة 495/3 من قانون التجارة 17
لسنة 1999 على النحو التالي: لا تنقضي
الوكالة التي يتضمنها التظهير بوفاة الموكل أو الحجر عليه كما يجري نص المادة 508
من القانون 17 لسنة 1999 على أن: وفاة
الساحب أو فقدانه الأهلية أو إفلاسه بعد إصدار الشيك لا يؤثر في الأحكام التي
تترتب على الشيك.
ومن ثم فإنه إذا توفى الساحب أو حجر عليه
بسبب جنون أو عته أو سفه أو غفلة بعد إصدار الشيك وقبل تقديمه للوفاء، فلا أثر
لذلك في حق الحامل على الرصيد، فيظل مالكاً له ولا يجوز للورثة أو للقيم استرداده.
وبالمثل لا يتأثر حق الحامل على الرصيد
إذا شهر إفلاس الساحب بعد إصدار الشيك وقبل تقديمه للوفاء. فيجب إذن على المسحوب
عليه أن يفي قيمة الشيك للحامل ولو عارض سنديك تفليسة الساحب في الوفاء.
وإذا استطاع أمين التفليسة استرداد الرصيد
قبل قبض قيمة الشيك، كان للحامل أن يطالبه به، لأنه يملكه، وقد أفلت من ذمة الساحب
منذ إصدار الشيك، أي قبل وقوع الإفلاس، فلا يتعلق به حق لجماعة الدائنين. ومع ذلك
يستطيع السنديك الوصول إلى حرمان الحامل من الرصيد بإبطال الشيك ذاته وفقاً لأحكام
الإفلاس.
إثبات وجود الرصيد:
إذا دفع المسحوب عليه قيمة الشيك الذي
أصدره الساحب على المكشوف ثم أراد الرجوع على الأخير ليطالبه بما قام بوفاته ونشب
بينهما نزاع حول وجود الرصيد فإنه على الساحب أن يثبت وجوده.
ولقد نص
القانون رقم 17 لسنة 1999 في المادة 498 على الحلول المتعلقة بإثبات الرصيد والتي
يجري نصها على النحو التالي:
على الساحب دون غيره أن يثبت عند الإنكار
أن المسحوب عليه كان لديه مقابل الوفاء في وقت إصدار الشيك.
فإذا لم
يثبت ذلك كان ضامناً وفاء الشيك ولو عمل الاحتجاج أو ما يقوم مقامه بعد الميعاد
المحدد قانوناً. وإذا أثبت الساحب وجود مقابل الوفاء واستمرار وجوده حتى الميعاد
الذي كان يجب فيه عمل الاحتجاج أو ما يقوم مقامه. برئت ذمته بمقدار هذا المقابل ما
لم يكن قد استعمل في مصلحته.
(8) التقادم في
دعاوى الشيك
جرائم الشيكات من الجنح، وكانت قبل صدور القانون رقم 17
لسنة 1999 تنقضي وفقاً لأسباب الانقضاء العامة وهي وفاة المتهم وصدور حكم بات
فيها، أو بصدور عفو شامل، أو بمضي المدة، وفيما يتعلق بالسبب الأخير فإن جنح
الشيكات كانت تنقضي بمرور ثلاث سنوات من وقت وقوع الجريمة ما لم يتحقق سبب من
أسباب انقطاع مدة التقادم، وذلك حسب نص المادة 15/1 إجراءات جنائية.
وقد صدر القانون رقم 17 لسنة 1999 متضمناً النص على
أحكام جديدة تتعلق بتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين، حيث حدد
المشرع مدة واحدة لانقضاء الدعاوى الناشئة عن الشيك بالتقادم الصرفي، وهي مدة
مقدارها ستة أشهر فحسب أياً كان المدين الذي يتمسك بالتقادم.
أما دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه فتتقادم بمضي ثلاث
سنوات من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه، كما تتقادم دعوى
رجوع الملتزمين بعضهم على البعض الآخر بمضي ستة أشهر من اليوم الذي أوفى فيه
الملتزم بقيمة الشيك، أو من يوم مطالبته قضائياً بالوفاء.
وإذا أقيمت الدعوى فلا تسري مدة التقادم المنصوص عليها
في هذه المادة إلا من يوم آخر إجراء في الدعوى.
ولا تسري مدة هذا التقادم إذا صدر حكم بالدين أو أقر به
المدين بسند منفرد إقراراً يترتب عليه تجديده.
وتسري على انقطاع هذا التقادم أو وقفه الأحكام المنصوص
عليها في القانون المدني.
والتقادم الصرفي يكون في صورة دفع بيدي المدين أمام
المحكمة، وهو دفع موضوعي يجوز له إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول
مرة أمام محكمة الاستئناف، ولا يتعلق التقادم الصرفي بالنظام العام، فلا يجوز
للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ويجوز للمدين الصرفي التنازل عنه صراحة أو
ضمناً، وقد قضي بشأن هذا التقادم بأنه من المتفق عليه علماً وعملاً أنه لا ارتباط
له مطلقاً.
ومن المقرر قانوناً أن للمحيل وحده دون غيره (ولا حتى
الضامن) أن يتمسك بسقوط حق حامل الكمبيالة في أية حالة كانت
عليها الدعوى قبل الحكم فيها ولو لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، إذ أن مثل
هذا الدفع معتبر أنه دفع موضوعي مثل سقوط الحق في المطالبة وليس بمثابة الدفع
ببطلان أي شكل من إجراءات الدعوى.
(9) الجرائم التي تقع من المسحوب عليه
أوضحت
المادة 533 من القانون الجرائم التي تقع من المسحوب عليه، وتتمثل هذه الجرائم في:
1-التصريح
على خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء الشيك.
2- جريمة
امتناع المسحوب عليه عن الوفاء بالشيك.
3- جريمة
امتناع البنك عن تسليم بيان الامتناع عن الدفع.
4- جريمة
تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في القانون.
ونعرض لها
على التفصيل التالي:
أولاً:
تصريح البنك بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل:
وهذه الجريمة مستحدثة بموجب الفقرة الأولى
من المادة 533 من القانون رقم 17 لسنة 1999.
وهذه الجريمة يتمثل ركنها المادي في قيام
موظف البنك المسئول أي المسحوب عليه في أن يصرح على خلاف الواقع والحقيقة بعدم
وجود مقابل وفاء للشيك أو أنه موجود، ولكنه أقل من قيمته الحقيقية، ولقد أثار هذا
النص كما ورد في مشروع الحكومة مناقشات في مجلس الشعب.
ولقد كان
النص كما ورد في مشروع الحكومة وارداً على النحو التالي:
أ)
كل بنك
يصرح خلافاً للحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل في قيمته
ب)
كل بنك يرفض
بسوء نية وفاء شيك مسحوب عليه له مقابل وفاء كامل أو جزئي، ولم تقدم بشأنه معارضة
صحيحة.
ج)
كل بنك
يمتنع عن وضع أو تسليم البيان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 518 من هذا
القانون.
د)
كل بنك
يسلم أحد عملائه دفتر شيكات بالمخالفة لحكم المادة 530 من هذا القانون.
ه)
ويعاقب
بالحبس أو الغرامة التي لا تجاوز خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين موظف
البنك الذي ارتكب عمداً أحد الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة، عدا البند (ب) فتكون
العقوبة الحبس.
وقد دارت مناقشات أثناء مناقشة هذه المادة،
حيث ورد على لسان السيدة الأستاذة الدكتورة/ آمال عثمان.. أن المادة 533 تقرر
المسئولية الجنائية للبنوك، وأنها تعارض ذلك، وأن الحكومة قد وافقت على أن تكون
المسئولية شخصية بالنسبة لموظف البنك الذي قام بفعل من الأفعال المذكورة في هذه
المادة؛ لأنها كلها أفعال لا تقع إلا من أشخاص طبيعيين، وقد افترضنا أن تكون
المسئولية شخصية، وأعتقد أن الحكومة توافق على هذا الاقتراح، وبدلاً من عقاب البنك
يكون عقاب الموظف المختص في البنك الذي وقعت منه المخالفة.
وأنها تقترح استبدال عبارة البنك بعبارة
الموظف المسئول بكل بنك إذا صرح خلافاً للحقيقة، كما عقب السيد المستشار وزير
العدل بأن الصياغة التي تقترحها السيدة العضوة موافق عليها، قم صدر النص على النحو
السالف بيانه.
وعلى هذا يبين من النص أن العنصر الجامع
بين هاتين الصورتين متمثل في النتيجة في عدم حصول المستفيد على قيمة الشيك لسبب
مرده فعل أحد موظفي المسحوب عليه، ولا يتصور وقوع هذا الفعل إلا من المسحوب عليه،
ذلك أن المسئول الأول والأخير عن الوفاء بقيمة الشيك.
ثانياً:
امتناع المسحوب عليه عن الوفاء بالشيك:
الصورة الثانية هي أن يرفض موظف البنك عن
عمد وبسوء نية وفاء شيك له مقابل وفاء كامل أو جزئي، ولم تقدم بشأنه معارضة صحيحة.
على أنه لا يعد الموظف مرتكباً لهذه
الجريمة إذا لم يكن للشيك وقت تقديمه مقابل وفاء أو قدمت فيه معارضة وفقاً لنص
القانون.
ثالثاً: امتناع موظف البنك عن وضع أو
تسليم البيان المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 518 من القانون رقم 17 لسنة
1999:
حددت الفقرة الأولى من المادة 518 من
القانون رقم 17 لسنة 1999 التزام البنك المسحوب عليه بأن يثبت امتناع الساحب عن
الدفع وسببه ببيان يصدر منه، مع ذكر وقت تقديم الشيك، ويجري النص على النحو التالي:
لحامل الشيك الرجوع على الساحب والمظهرين
وغيرهم من الملتزمين به إذا قدمه خلال ميعاد التقديم، ولم تدفع قيمته، وأثبت
الامتناع عن الدفع باحتجاج، ويجوز عوضاً عن الاحتجاج إثبات الامتناع عن الدفع
وسببه ببيان يصدر من المسحوب عليه، مع ذكر وقت تقديم الشيك، ويكون البيان مؤرخاً
ومكتوباً على الشيك نفسه، ومذيلاً بتوقيع من أصدره، ويجوز أن يصدر هذا البيان على
نموذج خاص، أو من غرفة مقاصة، على أن يذكر فيه أن الشيك قدم في الميعاد ولم تدفع
قيمته.
فإذا امتنع الموظف المسئول عن تسليم هذا
البيان عن عمد وقت الجريمة، أما إذا كان هذا الفعل نتيجة إهمال، فإن هذه الجريمة
لا تقع، على أنه حتى تقوم هذه الجريمة يجب أن يكون الشيك مسحوباً على هذا البنك
الذي يعمل به الموظف مقدماً في الميعاد القانوني، فإذا كانت الورقة المقدمة لا يدل
مظهرها على أنها شيك، أي لا تضمن البيانات المطلوبة فيها فإن الجريمة لا تقع.
↚
رابعاً: تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في القانون رقم 17 لسنة 1999:
تعمد أحد موظفي البنك تسليم أحد العملاء
دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في المادة 530 من قانون التجارة.
ويجري نص
المادة 530/1 على النحو التالي:
1ـ على كل
بنك يسم عميله دفتراً يشتمل على نماذج شيكات على بياض للدفع بموجبها من خزائنه أن
يكتب على كل نموذج منها رقم الشيك واسم البنك أو أحد فروعه واسم العميل الذي تسلم
الدفتر.
ويبين منها البيانات التي يجب أن تشتمل
عليها دفاتر شيكات العملاء.
ـ
مسئولية البنك بالتضامن مع الموظف المحكوم عليه:
وفقاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة
533 من القانون رقم 17 لسنة 1999، فإن موظف البنك الذي يرتكب أياً من الأفعال
سالفة الذكر، فإن مسئولية البنك تقوم بالتضامن مع الموظف المحكوم عليه في سداد
الغرامة التي يقضي بها، وللبنك الحق في الرجوع على الموظفين المعاقبين بما يدفعه
عنهم.
على أنه من الجدير بالذكر أن عقوبة
الغرامة مشروطة بأن يكون التصرف الذي أتاه الموظف بسوء قصد وهو ما عبر عنه النص: كل موظف
بالبنك ارتكب عمداً.
ـ
الركن المعنوي في جرائم المسحوب عليه:
ولقد استعمل النص عبارة كل موظف بالبنك
ارتكب عمداً أحد الأفعال، وعلى هذا يتضح أن هذه الجرائم عمدية يكفي فيها القصد
الجنائي العام ولا يتطلب قصداً جنائياً خاصاً.
ـ
العقوبة المقررة لجرائم المسحوب عليه:
تضمنت
المادة 533 من القانون رقم 17 لسنة 1999 النص على:
يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف
جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل موظف بالبنك ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:
......
(10)الجرائم التي تقع من الساحب
تناول القانون في القانون رقم 17 لسنة 1999 تنظيم صور
النشاط الإجرامي التي تصدر عن الساحب والسابق إيرادها:
ولقد كان النص كما ورد بمشروع الحكومة يجري على النحو
التالي:
1-
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من ارتكب عمداً أحد
الأفعال الآتية:
أ)
إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف.
ب)
استرداد كل
الرصيد أو بعضه والتصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.
ج)
إصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات
المقررة قانوناً.
د)
تحرير شيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون
صرفه.
2- يعاقب بالعقوبة
المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيراً ناقلاً للملكية أو
سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو
أنه غير قابل للصرف.
3-
وإذا عاد الجاني
إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه نهائياً في أي
منها تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات.
4- وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ عقوبة الحبس إذا تصالح
الجاني مع حامل الشيك في أية مرحلة كانت عليها الدعوى أو أثناء تنفيذ العقوبة.
ولقد دارت مناقشات عديدة أثناء مناقشة هذه المادة فقد
كان هناك اقتراح بإبدال الحبس الوجوبي وجعله جوازياً اختيارياً مع عقوبة مالية،
وهي غرامه والاقتراح الثاني إعادة صياغة الفقرة الرابعة، إذ أن التصالح أثناء نظر
الدعوى غير التصالح بعد إصدار حكم بالعقوبة.
ولقد عقب السيد الدكتور رئيس المجلس على أنه: يوجد في
المجلس اتجاهان، الاتجاه الأول: الذي يؤيد اقتراح الحكومة بتخفيف العقوبة، وهذا الاتجاه
يتفق مع كون الشيك أصبح واجب الدفع عند الاطلاع عليه بغض النظر عن تاريخ الإصدار.
أما الاتجاه الثاني: فيريد أن
يحافظ على هيبة الشيك، ويرى تشديد العقوبة وإلا فقد الشيك قيمته، والفارق بين
الاتجاهين يتضح في حكمة التشريع، فاليوم عندما يكون الشيك سيصرف بمجرد الاطلاع
عليه بغض النظر عن تاريخ إصداره، فسوف يتعرض كل المتعاملين بالشيك إلى عقوبات
جنائية صارمة، والتشريعات التي أخذت بمنطق وفاء الشيك عند الاطلاع عليه بغض النظر
عن تاريخ إصداره، وقد أعطت جزاءات مصرفية أو عقوبات مهنية مثل منعه من مزاولة
النشاط وسحب دفتر الشيكات، وعدم منحه دفتر شيكات لمدة معينة، ولم تلجأ للعقوبات
الجنائية، وقد لاحظت بعض التشريعات أن ساحب الشيك الذي يصرف بمجرد الاطلاع عليه،
توقع عليه عقوبة مخففة، فماذا لو كان سيئ النية واستمر الرصيد غير موجود إلى
التاريخ الذي حدده للصرف، فهل يمكن التفكير في عقوبة أخرى أشد؟ إذا لم يكن مقابل
الوفاء موجوداً في التاريخ المكتوب للإصدار ولو كان متراخياً إلى ما بعد الاطلاع
عليه.
واقترح مندوب الحكومة أن تكون العقوبة الحبس والغرامة
التي لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
وقد طلب السيد رئيس المجلس من السيد وزير العدل أن يعرض
الاقتراح المقدم من الحكومة، فعرض سيادته في ضوء كل هذه المناقشات والاعتبارات،
وبين تشديد العقوبة وتخفيفها، إلا أن المجلس الموقر يوافق على العقوبة التخييرية،
وهذا يقتضي أيضاً أن يترك للقاضي حدود التقدير ليصبح النص كالآتي:
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى
هاتين العقوبتين (إذن فالقاضي له حرية تقدير العقوبة ثلاث سنوات أو غرامة
خمسين ألف جنيه، أو عشرة جنيهات..... إلى آخره)، (إذن يترك
للقاضي أن يقدر ظروف كل حالة على حدة والعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات أن أراد القاضي،
وبالتالي أصبح نص المادة كالآتي:
(يعاقب بالحبس..... أي من 24
ساعة إلى ثلاث سنوات، وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين).
وعلى هذا فإن صور التجريم بالنسبة للساحب تتمثل فيما هو
آت:
أولاً: إصداره شيكاً
ليس له مقابل وفاء قابل للصرف.
ثانياً: استرداده كل
الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة
الشيك.
ثالثاً: إصداره أمراً
للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً.
رابعاً: تحريره شيكاً
أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه.
ونعرض بالتفصيل لجرائم الساحب على النحو التالي:
أولاً: إصدار الساحب شيكاً ليس له مقابل وفاء قابل
للصرف:
نميز هنا بين مرحلتين مر بهما الشيك الأولى إنشاءه،
والثانية سحبه أو إصداره، أما إنشاؤه فهو كتابته أو تحريره، أما إصداره فهو إخراجه
من حيازة الساحب وطرحه للتداول، وذلك بتسليمه إلى المستفيد أو الحامل، أما تحرير
الشيك بتسليمه للمستفيد على وجه يتخلى فيه نهائياً عن حيازته فيتمثل به فعل
الإعطاء.
ـ الحالات التي يتحقق فيها فعل الإعطاء:
استقر القضاء على أن الجريمة تتم بمجرد إعطاء الساحب
الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ
الاستحقاق، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول.
وجريمة إعطاء شيك بدون رصيد تحققها متى أعطى الساحب
شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل، ثم أمر بعدم السحب أو سحب من الرصيد
مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كافٍ لسداد قيمة الشيك.
وجريمة إعطاء شيك بدون رصيد تمامها بمجرد إعطاء الساحب
الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق.
إعطاء الشيك من الساحب إلى المستفيد يتحقق به معنى طرحه
للتداول، وتنعطف بذلك الحماية القانونية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد، باعتباره
أداة وفاء كالنقود، دون اعتداد بالأسباب التي دعت إلى إصداره بحسبانها من قبل
البواعث التي لا تؤثر على قيام المسئولية الجنائية.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى
المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، علة ذلك: اعتباره أداة
وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
لا عبرة بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبيل
البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية مادام الشارع لم يستلزم نية
خاصة في هذه الجريمة.
على أن إعطاء الشيك على وضع يدل مظهره وصياغته على أنه
مستحق الأداء بمجرد الاطلاع، وأنه أداة وفاء وليست أداة ائتمان يعتبر طرحاً للشيك
في التداول.
ـ تسليم الشيك
بواسطة وكيل:
إذا قام الساحب بتسليم الشيك إلى وكيله وكلفه بإعطائه
للمستفيد، فإن فعل الإعطاء يتحقق بتنفيذ الوكيل تعليمات موكله، نظراً لأن إرادة
الساحب قد انصرفت إلى التخلي نهائياً عن حيازة الشيك إلى المستفيد إذ يستوي أن
يكون هذا التخلي بالأصالة أو بالنيابة.
على أن التساؤل يثور عما إذا كان يعد فعل الساحب بإعطاء
الشيك إلى وكيله يتحقق به فعل الإعطاء، ويوفر الركن المادي لجريمة إصدار شيك لا
يقابله رصيد من عدمه.
هذا الأمر يقتضي التفرقة بين فرضين.
الفرض الأول:أن يسلم
الساحب الشيك إلى الوكيل مع إرادة التخلي نهائياً عن حيازته، في هذا الفرض لا يمكن
القول بأن فعل الإعطاء قد تحقق طالما أن الوكيل لم يسلم الشيك بعد إلى المستفيد.
الفرض الثاني:إذا كان
الساحب قد حرر الشيك ووقعه، ثم سلمه إلى وكيله على سبيل الأمانة، بمعنى أن تسليمه
لم يكن مصحوباً بنية التخلي نهائياً عن حيازته، فإذا خان المودع لديه الأمانة وسلم
الشيك لا تقع الجريمة لأنه ليس هو الساحب.
ثانياً: استرداد الساحب كل الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه
بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك:
هذه هي الصورة الثانية التي نصت عليها المادة 534 من
القانون رقم 17 لسنة 1999، على أن هذا الأمر يقتضي التفرقة بين حالة عدم وجود
مقابل للوفاء وعدم كفايته.
أ- تشابه الأثر بين انتفاء مقابل الوفاء وعدم كفايته في
تحقيق جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد.
ب- أن الشيك
الذي لا يقابله مقابل وفاء أو يقابله مقابل وفاءٍ غير كافٍ تنطبق عليه أحكام
المادة 504 من القانون رقم 17 لسنة 1999، والتي توجب تقديم الشيك المسحوب في مصر
والمستحق الوفاء فيها خلال ثلاثة أشهر، وأما المسحوب في بلد آخر خارج مصر والمستحق
الوفاء فيها يجب تقديمه للوفاء خلال أربعة أشهر، ويبدأ سريان الميعاد المذكور من
التاريخ المبين في الشيك، كما يعتبر تقديم الشيك إلى إحدى غرف المقاصة المعترف بها
قانوناً في حكم تقديمه للوفاء.
هذا عن أوجه التشابه، أما أوجه الخلاف فتتمثل فيما هو
آت:
أ- إذا كان مقابل الوفاء موجوداً، ولكنه غير كافٍ فإن حامل
الشيك الشرعي يمتلك هذا المقابل الناقص، ولا يجوز للساحب استرداده أو سحب شيكات
عليه.
ب-إن وجود نقص
يسير في مقابل الوفاء هو قرينة على انتفاء سوء القصد، وتقدير ذلك مرده إلى قاضي
الموضوع على العكس من حالة عدم وجود مقابل وفاء بالمرة، حيث يتوافر سوء النية في
جريمة سحب الشيك بدون مقابل وفاء.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى
المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، علة ذلك اعتباره أداة وفاء
تجري مجرى النقود في المعاملات، لا عبرة بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من
قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية مادام الشارع لم
يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة.
ـ أثر عدم كفاية
مقابل الوفاء:
إذا كان مقابل الوفاء أقل من قيمة الشيك أي أن يكون
المبلغ المستحق في الشيك أقل من المبلغ المقيد في ذمة المسحوب عليه لحساب الساحب
وقت إعطاء الشيك مع الرصيد المنعدم.
استرداد جزء من مقابل الوفاء أو التصرف فيه بحيث يصبح
الباقي لا يفي بقيمة الشيك، هذه هي الصورة الثانية من صور التجريم في الشيك، ونصت
عليها الفقرة (ب) من المادة 534 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999:..... أو بعضه
أو التصرف فيه بعد إصدار الشيك، بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.
ومن المستقر عليه أن حماية التعامل بالشيك لا تكون كاملة
إلا إذا كان الأمر بالدفع الذي يتضمنه قطعياً لا رجعة فيه.
ولقد أراد الشارع أن يتعقب الساحب بعد إصدار الشيك،
فيحول بينه وبين الرصيد حتى يتم قبضه، فنهى عن استرداده وحبسه.
هذا ولا يشترط لتمام الجريمة أن يسترد الساحب الرصيد
بأجمعه، وإنما يكفي أن يسترد بعضه بحيث يصبح الباقي غير كافٍ للوفاء بقيمة الشيك
بأكملها.
ـ أثر تراخي
المستفيد في التقدم للمسحوب عليه لاستيفاء حقه:
وفقاً لصريح نص المادة 504 من القانون رقم 17 لسنة 1999
التي يجري نصها على النحو التالي:
1-
الشيك المسحوب في مصر والمستحق الوفاء فيها يجب تقديمه
للوفاء خلال ثلاثة أشهر.
2-
والشيك المسحوب في أي بلد آخر خارج مصر والمستحق الوفاء
فيها يجب تقديمه للوفاء خلال أربعة أشهر.
3-
يبدأ سريان الميعاد المذكور في كل من الفقرتين السابقتين
من التاريخ المبين في الشيك.
4-
يعتبر تقديم الشيك إلى إحدى غرف المقاصة المعترف بها
قانوناً في حكم تقديمه للوفاء.
فإذا تراخى
المستفيد، فلم يتقدم إلى المسحوب عليه إلا بعد انقضاء هذه المواعيد، فما تأثير
ذلك؟
تقديم الشيك
للمصرف، إجراء مادي، يتجه إلى استيفاء مقابلة ولا شأن له في توافر أركان الجريمة،
إفادة البنك بعدم وجود الرصيد، إجراء كاشف للجريمة.
إن الجريمة
المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتحقق بمجرد صدور الأمر منن الساحب
إلى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى ولو كان هناك سبب مشروع.
ولا عبرة
بالأسباب التي دفعت الساحب إلى ذلك؛ لأنها من قبيل البواعث التي لا تؤثر في قيام
المسئولية في جرائم الشيك.
جريمة إصدار
شيك بدون رصيد لا أثر للدوافع على قيامها، ولا عبرة بالأسباب التي دعت صاحب الشيك
إلى الأمر بعدم الدفع، تستثنى من ذلك الحالات التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع
دون سواها.
إن السبب أو
الباعث لا يؤثر على المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 ع، قرار المحكمة
التحضيري لا تتولد عنه حقوق للخصوم.
الباعث على
إعطاء الشيك، لا أثر له في قيام جريمة إعطائه بدون رصيد.
جريمة إعطاء
شيك بدون رصيد، مناط تحققها، الأسباب التي دفعت إلى إصدار الشيك، لا عبرة بها.
جريمة إعطاء
شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل
وفاء قابل للسحب، علة ذلك اعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
لا عبرة
بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك؛ لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في
قيام المسئولية الجنائية مادام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة.
حقيقة سبب
تحرير الشيك لا أثر له على طبيعته، شرط ذلك.
السبب والباعث
لا يؤثران على المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 عقوبات، الدفع بالوفاء بجزء
من الشيك لا أثر له طالما لم يسترد من المستفيد.
ـ الشيك الممزق:
إذا سحب
المحرر الشيك ثم مزقه بحيث أصبح تمزيقه دليلاً على انصراف إرادة الساحب إلى إلغاء
الشيك امتنع على البنك دفع مبلغ الشيك ولو جمع الحامل القطع الممزقة وأعاد لصقها
بصورة متكاملة.
وإذا حدث أن
مزق الحامل الشيك عرضاً قبل تقديمه جاز تقديمه للدفع بشرط اعتماد الشيك من الساحب
أو من البنك الذي يتولى قبض المبلغ بصفته ضامناً، وجرت العادة على أن يوقع العميل
على الشيك بعد كتابة عبارة تفيد مزق عرضاً بمعرفتنا، ويعتمد الساحب أو البنك
القابض هذا الإقرار، أما إذا تعذر الحصول على توقيع الساحب أو البنك القابض فإنه
يتعين على البنك المسحوب عليه الشيك رده للعميل مؤشراً عليه بما يفيد أن الشيك
ممزق.
ثالثاً: إصدار
أمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً:
عبر المشرع عن
هذه الصورة في المادة 534/ج من القانون رقم 17 لسنة 1999 أصدر أمراً للمسحوب عليه
بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً.
والمقصود في
هذه الحالة أن الساحب يصدر أمراً للمسحوب عليه بالامتناع عن أداء قيمة الشيك
للحامل في غير الحالات المقررة قانوناً.
فهذه الصورة
تفترض أنه كان للشيك وقت إصداره رصيد قائم وقابل للسحب، ولكن الساحب أصدر أمره إلى
المسحوب عليه بعدم دفع مبلغه إلى المستفيد حينما يتقدم إليه.
ويفعل الساحب
ذلك حينما ينشأ خلاف بينه وبين المستفيد يجعله يعدل عن تمكينه من الحصول على مبلغ
الشيك، أو حينما ينقضي الحق الذي أصدر لتسويته، فيرى الساحب أنه لم يعد هناك مبرر
لحصول المستفيد على مبلغ الشيك، ومن تطبيقات هذه الصورة أن يتبين للساحب بعد
إصداره الشيك أنه كان واقعاً في غلط، وأنه غير ملتزم بدفع مبلغ الشيك، أو يخل
المستفيد بالتزامه نحو الساحب الذي كان سبباً لالتزامه بدفع مبلغ الشيك، كما لو
كان الساحب مشترياً ولم يسلمه المستفيد المبيع، أو سلمه ثم تبين أنه معيب على نحو
ينقص من قيمته، بحيث تصير أقل من المبلغ المثبت في الشيك.
ويستند تجريم
هذا الأمر إلى خطة الشارع في أن يكفل الثقة في الشيك حتى ينقضي بالوفاء به، ذلك أن
الشيك عمل قانوني مجرد ولا شأن له بالعلاقة بين الساحب والمستفيد.
وحتى لو كان
الساحب يستند إلى أمر مشروع في أمره للمسحوب عليه بعدم الوفاء، وهذا الأمر ما
استقر عليه قضاء النقض، ومن ذلك ما قضى به قبل صدور القانون رقم 17 لسنة 1999.
رابعاً: تحرير
شيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه:
الصورة
الرابعة من صور إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب هي صورة تحرير شيك أو
التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه إذا كان الساحب قد تلاعب في توقيعه
بسوء نية، مما أدى إلى عدم صرف الشيك، ذلك أن المصارف قد جرت على أن يودع الساحب
لديها نموذجاً للتوقيع الذي اعتاد الساحب استعماله في توقيعه على الشيكات، والذي
على أساسه تجرى المضاهاة، فإذا وجد خلاف أو ثار شك امتنع المصرف عن صرف قيمة
الشيك.
وإن كان قد
صار خلاف قبل صدور القانون حول هذه المسألة فإن القانون رقم 17 لسنة 1999 قد
حسمها، وذلك بالنص: في المادة 534 فقرة (د) على أن:
(يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز 50000 جنيهاً، أو بإحدى
هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:...............
د ـ تحرير الشيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه، وعلى هذا أصبح
تغيير التوقيع المعتمد لدى البنك إجراء لو تم بسوء نية أصبح النص قاطعاً في العقاب
عليه بذات عقوبة إصدار شيك بدون رصيد).
وكان القضاء قد استقر قبل صدور القانون رقم 17 لسنة 1999
على عدة أحكام منها:
إدانة الحكم
المطعون فيه الطاعن لمجرد التوقيع على الشيك بغير توقيعه المحفوظ في المصرف دون
بحث أمر رصيده وجوداً وعدماً واستيفائه شرائطه خطأ في تأويل القانون وقصور.
وجوب استظهار
الحكم الصادر بالإدانة في جريمة إصدار شيك بدون رصيد أمر الرصيد في ذاته من حيث
الوجود والكفاءة والقابلية للصرف بغض النظر عن قصد الساحب وانتوائه عدم صرف قيمته
استغلالاً للأوضاع المصرفية كرفض البنك الصرف عند التشكك في صحة التوقيع، أو عدم
مطابقة توقيعه للتوقيع المحفوظ لديه، وإلا كان الحكم قاصراً.
ـ العود في جرائم الساحب:
وفقاً لصريح
نص الفقرة الثالثة من المادة 534 إذا عاد الجاني إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم خلال
خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه نهائياً كانت العقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز
مائة ألف جنيه.
كما يجوز
للمحكمة أن تأمر بسحب دفتر الشيكات من المحكوم عليه، وأن تمنع إعطاء دفاتر شيكات
جديدة له لمدة تعينها.
وحدد المشرع
أن تتولى النيابة العامة تبليغ هذا الأمر لجميع البنوك.
ـ التعدد في جريمة الشيك:
إذا أصدر
المتهم عدة شيكات لصالح شخص واحد عن معاملة واحدة في يوم واحد، وإن جعل استحقاق كل
منها في تاريخ معين، فإن هذا يثير التساؤل عما إذا كان هذا الفعل يشكل مشروعاً
إجرامياً واحداً من عدمه.
(11)العقاب على
الادعاء بسوء نية تزوير شيك
تضمن نص المادة 536 العقاب على الادعاء بسوء نية تزوير
شيك ويحكم نهائياً بعدم صحة هذا الادعاء، وهو يمثل الشق الثاني من جرائم الساحب
التي تناولها الشارع في القانون رقم 17 لسنة 1999، ولم تكن مجرمة من قبل، هي
الادعاء بسوء نية بتزوير شيك، ويثبت بعد ذلك بحكم نهائي أن هذا الادعاء غير صحيح
إذا ما حدث في الواقع أن يكون توقيع الساحب غير صادر منه كأن يكون التوقيع بغير
خطه أو مقلد عليه، فإن هذه المسألة لا تثير صعوبة وإنما يعاقب عليها بموجب المادة
215 من قانون العقوبات والتي تنص على: كل شخص ارتكب تزويراً في محررات أحد الناس..... أو
استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب بالحبس مع الشغل.
وقد نصت على هذه الصورة من التجريم المادة 536 من
القانون رقم 17 لسنة 1999: يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز نصف قيمة الشيك أو بإحدى
هاتين العقوبتين كل من ادعى بسوء نية تزوير شيك وحكم نهائياً بعدم صحة هذا
الادعاء.
ولاشك أن تزوير الشيكات سيؤدي بالأفراد إلى التشكك في
صحتها، وينال من ثقتهم فيها مما ينعكس أثره على إقبال الأفراد على التعامل بها.
وعلى هذا فإن وجود مثل هذا النص سيؤدي حتماً وبالضرورة
إلى الإقلال من مسألة الطعن بدون وجه حق على الشيك بالتزوير بنية اكتساب أجل طويل
وإطالة أمد التقاضي.
ـ شروط العقاب
على جريمة الادعاء بسوء نية تزوير شيك ويثبت بحكم نهائي صحة هذا الشيك:
1-
صدور شيك تتوافر فيه كافة الشروط القانونية التي تطلبها
الشارع لصحة الشيك.
2-
الادعاء بسوء نية بتزوير هذا الشيك.
3-
أن يصدر حكم نهائي بصحة هذا الشيك رغم هذا الادعاء.
على أن هذه الجريمة من الممكن أن تقع من الساحب كما يمكن
أن تقع من المستفيد إذا ما ظهر الشيك.
ـ القصد الجنائي
في جرائم الساحب:
بعد أن أوضحنا النشاط الإجرامي لجرائم الساحب والتي
حددها المشرع في المادة 534 من القانون رقم 17 لسنة 1999 يتضح لنا أن جرائم السحب
كلها جرائم عمدية، ولم يعد هناك مجال للخلاف الذي كان يثار بشأن المادة 337 حول
كلمة سوء النية، حيث أن الشارع استعمل عبارة واضحة في المادة 534 من القانون رقم
17 لسنة 1999.
وفي تقديرنا أن جميع جرائم الساحب لا تتطلب سوى القصد
الجنائي العام عدا جريمة واحدة، وهي المنصوص عليها في المادة 536 من القانون،
والخاصة بجريمة الادعاء بسوء نية تزوير شيك ويثبت بحكم نهائي عدم صحة هذا الادعاء،
فهي تتطلب بالإضافة إلى القصد الجنائي العام قصداً جنائياً خاصاً وهو نية الإضرار
بالمستفيد وتعطيله عن صرف الشيك.
ـ العقوبة:
أوضحت المادة 534 من القانون رقم 17 لسنة 1999 العقوبة،
وذلك عن الصور الإجرامية الأربعة (إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف ـ استرداد كل
الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة
الشيك ـ إصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات
المقررة قانوناً ـ تحرير شيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون
صرفه) بالحبس والغرامة التي لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو إحدى
هاتين العقوبتين.
أما بالنسبة لعقوبة الادعاء بسوء نية تزوير الشيك ويحكم
نهائياً بعدم صحة هذا الادعاء هي الحبس والغرامة التي تجاوز نصف قيمة الشيك أو
إحدى هاتين العقوبتين.
وأجاز الشارع للمحكمة في حالة الحكم بالإدانة في إحدى
الجرائم المنصوص عليها في المادة 534 أن تأمر بنشر الحكم في صحيفة يومية على نفقة
المحكوم عليه، ويجب أن يتضمن هذا النشر اسم المحكوم عليه، وموطنه، ومهنته،
والعقوبة المحكوم عليه بها.
(12)تعليمات النيابة العامة بشأن جرائم
الشيك (كتاب دوري رقم (4) لسنة 1999)
أصدر
السيد المستشار النائب العام التعليمات التالية بشأن جرائم الشيك ونوردها
لأهميتها.
كتاب دوري رقم (4) لسنة 1999
صدر قانون التجارة رقم 17 لسنة
1999، ونشر بالجريدة الرسمية العدد (19) مكررا في 17 مايو 1999، وقد نصت المادتان الأولي والثالثة من مواد
إصدار هذا القانون على إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات ـ الخاصة بجرائم الشيك ـ اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2000،
وعلى العمل بهذا القانون من أول أكتوبر سنة 1999، عدا الأحكام الخاصة بالشيك فيعمل
بها اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2000، وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ
الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات
تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001، ويكون إثبات تاريخ الشيك المشار إليه لدى أحد
مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري بلا رسوم أو قيده في سجلات خاصة لدى أحد البنوك،
أو بأية طريقة أخرى من الطرق المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإثبات في
المواد المدنية والتجارية.
وقد استحدث هذا القانون أحكاما
هامة تتعلق بالشيك ـ الفصل الثالث من الباب الرابع من القانون ـ قصد بها حماية قبوله كأداة وفاء
يجري مجري النقود في المعاملات وإضفاء الثقة عليه في ظل ظروف الإصلاح الاقتصادي
التي تعيشها البلاد.
وقد وردت المادة 534 من هذا
القانون ضمن المواد المنظمة للأحكام الخاصة بجرائم الشيك، وجاءت الفقرة الأولي (أ، ب، ج) منها متضمنة لصور من جرائم الشيك
تقابل الجرائم المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات، كما تضمنت الفقرات (1/د)، (2)، (3) منها صورا مستحدثة لجرائم الشيك،
وعقوبة مشددة في حالة العود، وأحكاما هامة للصلح في الجرائم المنصوص عليها في هذه
المادة حيث نصت على أن:
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز
خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية:
إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل
للصرف.
استرداد كل الرصيد أو بعضه أو
التصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.
إصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك
ف غير الحالات المقررة قانوناً.
تحرير شيك أو التوقيع عليه بسوء
نية على نحو يحول دون صرفه.
يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في
الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيرا ناقلا للملكية أو سلمه شيكاً مستحق
الدفع لحامله مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل
للصرف.
وإذا عاد الجاني إلى ارتكاب إحدى
هذه الجرائم خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه نهائياً في أي منها تكون العقوبة
الحبس والغرامة التي لا تجاوز مائة ألف جنيه.
وللمجني عليه ولوكيله الخاص في
الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة بحسب
الأحوال وفى أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلحه مع المتهم، ويترتب على الصلح
انقضاء الدعوى الجنائية، ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر، وتأمر النيابة
العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتا.
ولما كان مؤدي نص المادة 534 (الفقرتان 1 / أ، ب، ج، 4) آنف البيان أن جرائم الشيك
المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات وهي:
1- إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم
وقابل للسحب أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك.
2- سحب كل أو بعض الرصيد بعد إعطاء
الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.
3- أمر المسحوب عليه بعدم الدفع أصبحت معاقبا عليها بعقوبة الحبس أو
الغرامة، بعد أن كانت العقوبة هي الحبس فقط، طبقاً لنص المادتين 336، 337 من قانون
العقوبات، فضلا عن أنه يترتب على صلح المجني عليه أو وكيله الخاص مع المتهم في هذه
الجرائم انقضاء الدعوى الجنائية، ويوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها
ولو بعد صيرورة الحكم باتا، ومن ثم فإن نص المادة 534 من قانون التجارة بما تضمنه
من عقوبة تخيرية، وتقرير الثر لمشار إليه للصلح على الدعوى الجنائية وعلى تنفيذ
الحكم حتى ولو صار باتا بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المادة 337 من قانون
العقوبات، يتحقق به معني القانون الأصلح للمتهم المقصود بنص المادة الخامسة من
قانون العقوبات، إذ أنه ينشئ للمتهم مركزا ووضعا أصلح من نص المادتين 336، 337 من
قانون العقوبات ويتعين إعماله ـ دون المادة 336 من قانون العقوبات ـ من تاريخ صدوره وبأثر رجعي على
الواقعات التي حدثت قبل صدوره، ودون انتظار حول حلول الأجل الذي حدده قانون
التجارة في مواد إصداره لنفاذه.
هذا ونشير إلى أن الصورة المستحدثة
من جرائم الشيك والمنصوص عليها في الفقرتين (1/د)، (2) والعقوبة المقررة في حالة العود
المنصوص عليها في الفقرة (3) من المادة 534 سالفة الذكر، يبدأ تطبيق أحكامها مع أحكام الشيك
الأخرى المنصوص عليها في القانون اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2000، وهو الأجل
المحددة قانون لنفاذ القانون بشأنها.
وفى ضوء ما تقدم فإننا ندعو السادة
أعضاء النيابة إلى إتباع ما يلي:
أولاً: قيد المحاضر المحررة عن جرائم
الشيك المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات والتي لم يتم التصرف فيها
بعد ضد المتهمين جنحة بالمادتين 337 من قانون العقوبات و534 من قانون التجارة رقم
17 لسنة 1999، مع تخصيص المادة الأخيرة بالبند المنطبق على الواقعة، وإسباغ الوصف
الصحيح عليها والتصرف فيها على هذا الأساس... على أن يراعي عدم تضمين القيد المادة
337 من قانون العقوبات اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2000، وذلك للنص على إلغائها من
هذا التاريخ.
ثانياً: إذا كانت هذه المحاضر قد قدمت إلى
المحكمة لمعاقبة المتهمين فيها طبقاً لنص المادتين 336، 337 من قانون العقوبات ولم
يحكم فيها بعد، تطلب النيابة العامة من المحكمة تطبيق حكم المادة 534 من قانون
التجارة.
ثالثاً: يترتب على صلح المجني عليه أو
وكيله الخاص مع المتهم في هذه الجرائم انقضاء الدعوى الجنائية، ومن ثم يتعين على
أعضاء النيابة ـ إذا ما تم الصلح وفقاً لأحكام القانون ـ حفظ الأوراق قطعيا أو التقرير
فيها بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحسب الأحوال لهذا السب وإذا كانت النيابة
قد أمرت بإحالة الدعوى إلى المحكمة ولم يكن المتهم قد أعلن بالتكليف بالحضور، فيتم
العدول عن الإحالة والتصرف فيها بالحفظ على النحو السالف بيانه.
ويراعي عند التصرف إعمال القواعد
والإجراءات المقررة في شأن الصلح في بعض الجرائم المنصوص عليها في الكتاب الدوري
رقم 19 لسنة 1998 والصادر بتاريخ 31/12/1998م.
رابعاً: إذا تم الصلح المشار إليه في
البند السابق أثناء نظر الدعوى ـ في أية مرحلة ـ تطلب النيابة العامة من المحكمة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية
خامساً: تأمر النيابة العامة في جرائم
الشيك بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتا،
لذا يجب على أعضاء النيابة أن يبادروا إلى إرسال ملفات هذه القضايا مرفقاً بها
الطلبات والأوراق والمستندات المتعلقة بالصلح إلى المحامي العام للنيابة الكلية
المختصة الذي يأمر ـ بعد التحقق من الصلح ـ بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها، والإفراج فوراً عن المتهمين
المحبوسين تنفيذا لهذه الأحكام.
سادساً: يجب على أعضاء النيابة دراسة ما
تضمنه قانون التجارة من أحكام أخرى دراسة متأنية خاصة ما تتعلق منها بجرائم
الدفاتر التجارية (المواد من 21 إلى 29) وجريمة تصرف المشتري في المبيع قبل أداء الأقساط (م ـ 107) وجريمة إنشاء أو استغلال
المستودعات العامة (م147) وجرائم الشيك الأخرى (المواد من 533 إلى 539) وجرائم الإفلاس والصلح الواقي منه (المواد من 768 إلى 772) والحرص على تطبيقها فور حلول
الآجال المحددة في مواد إصدار هذا القانون لنفاذها حتى يتحقق الهدف المنشود منها.
(13)المنازعات التي ثارت حول الشيك بمناسبة صدور قانون
التجارة الجديد:
صدر قانون
التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999 صدر في 17/5/1999 ونشر بالجريدة الرسمية العدد 19
مكرراً في 17/5/1999 وتضمن في المادة الأولى منه النص على إلغاء قانون التجارة
الصادرة بالأمر العالي في 13 نوفمبر سنة 19883 كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة
الأولى من قانون الإصدار النص على إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من
أول أكتوبر سنة 2000 والنص على إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون.
وعلى أثر صدور
هذا القانون ثار الخلاف بين المحاكم ودوائر محكمة النقض حيث انتهت بعض الدوائر
الجنائية بمحكمة النقض إلى القضاء بالبراءة المتهم في جنحة إصدار شيك بدون رصيد،
تأسيساً على أن القانون الجديد رقم 17 لسنة 1999 هو الأصلح للمتهم وكان من أبرز
هذه الأحكام.
"ومن حيث أن البين من الأوراق أن المدعية بالحقوق المدنية
أقامت الدعوى الراهنة ـ بطريق الادعاء المباشر ـ قبل الطاعن بوصف أنه أعطاها شيكاً
مسحوباً على البنك الأهلي فرع قويسنا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، وطلبت
عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 51 جنيه
على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبس الطاعن ستة أشهر مع
الشغل وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية التعويض المدني المطالب به،
فاستأنف الطاعن وقضت محكمة ثاني درجة غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه
موضوعاً، وإذ عارض الطاعن قضي في معارضته الاستئنافية بقبول المعارضة شكلاً ورفضها
موضوعاً. لما كان ذلك، وكان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 القانون رقم 17 لسنة
1999 بإصدار قانون التجارة ونشر في الجريدة الرسمية في التاريخ ذاته ونص في الفقرة
الأولى من المادة الأولى من مواد إصداره على إلغاء قانون التجارة الصادر بالأمر
العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883، عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه والخاص
بشركات الأشخاص، ويستعاض عنه بالقانون المرافق، كما نصت الفقرتين الثانية والثالثة
من ذات المادة على إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات من أول أكتوبر سنة 2000
وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كما نصت المادة الثالثة من مواد
الإصدار على العمل بالقانون اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1999 عدا الأحكام الخاصة
بالشيك فيعمل بها اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا
التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 وقد استحدث القانون الجديد
تنظيم أحكام الشيك بأن خصص له الفصل الثالث من الباب الرابع في المواد من 472 إلى
539 منه وذلك خلافاً لما كان عليه الحال في ظل قانون التجارة الملغي الذي خلت
أحكامه كلية من تنظيم لأحكام الشيك وتكفل القضاء بتنظيمها مستلهماً في ذلك القواعد
القانونية التي أفرزها العرف، وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه في جريمة إعطاء شيك
بدون رصيد لابد أن يتوافر في الشيك عناصره المقررة في القانون التجاري، وأن الشيك
في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه
أداة دفع ووفاء مستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغني عن استعمال النقود في
المعاملات. لما كان ذلك، وكان قانون التجارة الجديد سالف الإشارة قد نص في المادة
475 منه على أن الشيك الصادر في مصر والمستحق الوفاء فيها لا يجوز سحبه إلا على
بنك، والصك المسحوب في صورة شيك على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك
المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً. ومفاد النص سالف الإشارة أن القانون الجديد قد ألغى
ما كان يعتد به العرف ـ من قبل ـ من جواز سحب الشيك على غير نماذج البنك المسحوب
عليه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد وضع قاعدة دستورية مطلقة في المادتين 66، 187
مفادها عدم رجعية نصوص التجريم وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من
قانون العقوبات بقولها يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها
إلا أن المستفاد ـ بطريق مفهوم المخالفة من هذا النص الدستوري أن القوانين
الجنائية الأصلح تسري على الماضي، بل أن قاعدة عدم الرجعية للقوانين الجنائية
تكملها وتقوم إلى جانبها قاعدة أخرى هي قاعدة القانون الأصلح للمتهم، وأن القاعدة
الأخيرة التي يرتكز عليها هذا المبدأ تفرضها المادة 41 من الدستور التي تقرر أن
الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا تمس، وعلى تقرير أن هذه الرجعية ضرورة
حتمية يقتضيها صون الحرية الفردية، وهو ما سجلته الفقرة الثانية من المادة الخامسة
من قانون العقوبات في قولها ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا
قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره ومفاد ما سلف إيراده أن قاعدة القانون
الأصلح للمتهم وأن لم ينص عليها الدستور صراحة إلا أنها ترتكز على دعامة دستورية.
لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدستور هو القانون الوضعي
الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما
تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، وكان من المقرر أيضاً
أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشىء له من الناحية الموضوعية مركزاً أو وضعاً
يكون أصلح له من القانون القديم بأن يلغي الجريمة المسندة إليه، أو يلغي بعض
عقوباتها أو يخففها، أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية، أو يستلزم
لقيامها ركناً جديداً لم يتوافر في فعل المتهم، أو يتطلب للعقاب شرطاً أو عنصراً
لم يكن لازماً في القانون القديم، أي أن القانون الأصلح هو الذي يوجد من حيث
التجريم أو العقاب مركزاً أو وضعاً أصلح للمتهم على أي وجه من الوجوه، فيكون من حق
المتهم في هذه الحالات ـ استمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى
التخفف ـ أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها. لما كان ما
تقدم وكان قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على ما أفصحت عنه المادة 475 منه ـ
سالفة الإشارة ـ قد أخرج الصك المسحوب في صورة شيك والمحرر على غير نماذج البنك
المسحوب عليه من عداد الشيكات. لما كان ذلك، وكان شرط العقاب في قانون التجارة
الجديد على إعطاء شيك بدون رصيد هو أن تتوافر في الصك المقومات الأساسية التي
وضعها قانون التجارة، فإن لازم ذلك أن كل محرر لا تتوافر فيه شروط اعتباره شيكاً
بهذا المفهوم تنحسر عنه الحماية الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان البين من
المفردات المضمومة أن الشيك محل الدعوى الراهنة غير محرر على نماذج البنك المسحوب
عليه ومن ثم فإن القانون الجديد يكون هو الأصلح بالنسبة للطاعن في هذا المجال. لما
كان ذلك. وكان الدستور في المادة 188 منه قد نص على نشر القوانين الجديدة في
الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي
لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر، وسواء كان سريان القانون الجديد بعد
شهر من اليوم التالي لنشره أو إذا أضيف نفاذ القانون إلى أجل آخر فإن ذلك لا يغير
مما هو مقرر من أن القانون الأصلح للمتهم يسري من تاريخ صدوره وليس من تاريخ العمل
به وذلك أعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات إذ يكفي
لكي يستفيد المتهم من القانون الجديد الأصلح له أن يكون هذا القانون قد صدر ولو
كان موعد سريانه لم يحن بعد، إذ يسوغ القول باتصال التأثيم طوال الفترة من صدور
القانون وتاريخ العمل به ذلك أن عدالة التشريع تأبى أن يظل الفعل مؤثمًا حتى العمل
بالقانون الجديد بعد أن أعلن الشارع بإصداره أنه أصبح فعلاً مباحاً وهي ذات الحكمة
التي حدت بالمشرع إلى إصدار المادة الخامسة من قانون العقوبات، ولم تغب هذه
القاعدة الأصولية عن أعضاء السلطة التشريعية فقد أفصحوا عند مناقشة مواد إصدار
قانون التجارة الجديد عن أن قواعد القانون الأصلح للمتهم المقررة طبقاً للدستور
وطبقاً للمادة 5 من قانون العقوبات سوف تطبق بأثر رجعي من يوم صدور القانون وليس
من يوم العمل به وذلك على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب ومن ثم فلا يغير من الأمر ـ
بالنسبة لتطبيق قواعد القانون الأصلح للمتهم ـ ما نصت عليه المادة الثالثة من مواد
إصدار قانون التجارة سالف الإشارة من إرجاء العمل به حتى أول أكتوبر سنة 1999
وارجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك حتى أول أكتوبر سنة 2000، ذلك أنه كما سبق
القول فإن قواعد القانون الأصلح للمتهم تسري فور صدور القانون وبغض النظر عن ميعاد
سريانه كما لا يغير من الأمر أيضاً ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة
من مواد إصدار القانون من أنه تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام
القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره
لأن القول بأن
قصد الشارع من هذا النص ـ إضافة إلى الأحكام القانونية المدنية ـ الأحكام الجنائية
مردود بما سبق الإشارة إليه من أن قواعد القانون الأصلح للمتهم ترتكز على دعامة
دستورية لا يجوز للمشرع العادي مخالفتها أو وقف سريانها ومن ثم تعين أن ينزه
الشارع عن الخطأ واللغو. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن
تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون
يسري على واقعة الدعوى فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف
والحكم ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه
(الطعن رقم 28107 لسنة63 ق ـ جلسة9/6/1999 لم ينشر بعد)
(الطعن رقم 7360 لسنة63 ق ـ جلسة 9/6/1999 لم ينشر بعد)
وأيضاً ما قضي
به من تطبيق القانون 17 لسنة 1999 بعد تصالح الطرفين في الدعوى مما يؤدى للقضاء
بالبراءة.
لما كان ذلك،
وكان نص المادة 534/4 من القانون رقم 17 لسنة 1999 سالف الذكر يقرر قاعدة موضوعية
من شأنها تقييد حق الدولة في العقاب مؤداها انقضاء الدعوى بالصلح بدلاً من معاقبة
المتهم فإنها تسري عند توافر شروط تطبيقها على الدعوى التي لم تنته بصدور حكم بات
فيها وذلك باعتبارها أصلح للمتهم، لئن كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون
الإصدار لهذا القانون قد نصت على أنه يلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات
اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، كما يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام القانون
المرافق كما نصت المادة الثالثة على أنه ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية
ويعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1999 عدا الأحكام الخاصة بالشيك فيعمل بها
اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام
القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان الثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه
قبل أول أكتوبر سنة 2001 ولما كان القانون رقم 17 لسنة 1999 ـ بما أنشأه من مركز
أصلح للمتهم ـ وإن كان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 ونص على العمل به في تاريخ
لاحق ـ إلا أنه يعتبر من تاريخ صدوره ـ لا من تاريخ العمل به ـ القانون الأصلح
طبقاً لنص المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك. وكان البين من محضر
جلسة 29/ 12/ 1993 أن الحاضر عن المدعي بالحق المدني ـ بتوكيل يبيح الصلح والإقرار
أقر بتخالصه مع المتهم وقبضه قيمة الشيك وتنازله عن دعواه. وهو ما يعني تصالح
الطرفين ومن ثم فإن المادة 534/4 من القانون رقم 17 لسنة 1999 تكون واجبة التطبيق
على الدعوى. لما كان ذلك. وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة
النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل
الفصل فيه بحكم بات قانون جديد أصلح للمتهم ـ وهو الحال في الدعوى الماثلة ـ فإنه
يتعين القضاء ينقض الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
(الطعن رقم
4048 لسنة 64ق جلسة 10/6/1999 لم ينشر بعد)
على أن الأمر
لم يقتصر عند هذا القدر وإنما ذهبت بعض الدوائر إلى القضاء بالإدانة ومن ذلك ما
قضى به:
لما كان ما
تقدم، وكانت المادتان الأولى والثالثة من مواد إصدار قانون التجارة الجديد قد
حددتا إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات والعمل بأحكام الشيك الواردة بالقانون
اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، وأن يطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ
الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات
تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001، وكانت عبارات الشارع في هاتين المادتين واضحة
المعنى لا غموض فيها لأحكام الدستور، ومراد الشارع لا يحتمل التأويل، ولايمكن أن
ينصرف إلى غير المعنى الذي قصده الشارع في أن الشيكات التي صدرت قبل أول أكتوبر
سنة 2000 تظل خاضعة لأحكام المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك الشيكات الصادرة
قبل التاريخ المشار إليه وتلك التي ثبت تاريخها قبل أول أكتوبر سنة 2001 تظل هي الأخرى
محكومة فيما يتعلق بالاعتداد بها كشيك بالقواعد السارية وقت إصدارها فلا تسري
عليها قاعدة القانون الأصلح للمتهم ـ وهذا هو المعنى الذي قصدت إليه المادتان
المشار إليهما وهو المستفاد من سياق نصيهما وعبارتيهما وهو الذي كان قائماً في ذهن
الشارع حين أجرى هذا التعديل وما يجب أن يجرى عليه العمل باعتباره التفسير الصحيح
للقانون ـ وهو ما أكدته المناقشات التي جرت في هذا الصدد في مجلس الشعب قبل صدور
القانون ـ ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من مواد
الإصدار بإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكامه، إذ أن أحكامه لا تنطبق إلا على الشيكات
التي صدرت في التاريخ المحدد بالمادتين الأولى والثالثة من مواد إصداره فألغي
تطبيق أي قانون آخر في شأنها اعتباراً من ذلك التاريخ، ومن ثم فإن جرائم إعطاء شيك
لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي وقعت طبقاً لنص المادة 337 من قانون
العقوبات، تظل قائمة خاضعة لأحكامها، حتى بعد صدور قانون التجارة الجديد، ولا يمتد
إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي ـ حتى ولو كان أصلح للمتهم ـ لتخلف مناط إعمال
هذا الأثر.
(الطعن رقم 3305 لسنة 61 ق جلسة 14/6/1999 لم ينشر بعد)
ولم يقف الأمر
عند هذا الحد وإنما ذهبت أيضاً دائرة أخرى إلى قبول الدفع بعدم دستورية قانون
التجارة الجديد وقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا.
(لما كان ذلك،
وكان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون
التجارة ونشر في الجريدة الرسمية في التاريخ ذاته، وأوجبت الفقرة (أ) في متن الصك
وكانت المادة 474 من هذا القانون قد اعتبرت الصك الخالي من هذا البيان لا يعد
شيكاً، كما نص في الفقرة الثانية من المادة 475 على أنه: والصك المسحوب في صورة
شيك على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً،
ومفاد النصوص سالفة الإشارة أن قانون التجارة الجديد قد ألغى ما كان يعتد به العرف
ـ من قبل ـ من جواز سحب الشيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه واشتراطه تدوين
كلمة شيك في متن الصك ومن ثم فقد أضحى هذا الفعل ـ في ظل العمل بأحكام قانون
التجارة الجديد المشار إليه ـ فعلاً غير مؤثم، وكان هذا القانون قد نص أيضاً في
الفقرة أ من البند رقم 1 من المادة 534 على عقاب من أصدر شيكاً ليس له مقابل وفاء
قابل للصرف بعقوبة الحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين خلافاً لما كان يقرره المشرع في المادتين 336 و 337 من قانون العقوبات
من تقرير عقوبة الحبس وجوباً لتلك الجريمة. لما كان ذلك وكان ما تضمنه قانون
التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 سالف الإشارة من أحكام سلف بيانها في
المواد 473، 474، 475، 534 هو قانون أصلح للمتهم ـ الطاعن ـ باعتباره أنشأ له من
الناحية الموضوعية مركزاً ووضعاً أصلح له من القانون القديم باستبعاده الصك
المسحوب في صورة شيك والمحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه وخلو الصك من كلمة
شيك في متنه من عداد الشيكات، ومن تقريره للجريمة عقوبة الحبس والغرامة أو إحداهما
بعد أن كان يقرر لها الحبس فقط، ومن ثم يكون من حق المتهم في هاتين الحالتين ـ
استمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفف ـ أن يستفيد لصالحه من
تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها.
إلا أنه كان
قانون التجارة المار ذكره قد نص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من
مواد إصداره على إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر
سنة 2000 وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كما نصت المادة الثالثة
من مواد الإصدار على العمل بالأحكام الخاصة بالشيك اعتباراً من هذا التاريخ، وأن تطبق
على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره
إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 وإذ كان ما
أورده القانون المذكور في المادتين الأولى والثالثة من مواد إصداره على النحو
المار ذكره المتضمن إلغاء العمل بالمادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول
أكتوبر سنة 2000، وعلى تحديد هذا التاريخ موعداً لسريان الأحكام الخاصة بالشيك،
وعلى أن يطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في
تاريخ إصداره مما قد يحمل لعموم لفظه على أنه يشمل الجانب العقابي، وعلى إلغاء كل
حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كل ذلك يخالف قاعدة رجعية النصوص العقابية
الأصلح للمتهم وسريانها بأثر رجعي منذ صدورها على الجرائم التي ارتكبت من قبل
طبقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان
ذلك وكان الدستور قد وضع قاعدة دستورية مطلقة في المادتين 66 و 187 مفادها عدم
رجعية نصوص التجريم وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون
العقوبات بقولها: يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها وهو
ما يدل على أن الشارع الدستوري قد حظر الرجعية على القوانين العقابية دون أن يحظر
رجعية القوانين الأصلح للمتهم، وأن هذه القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ
تفرضها المادة 41 من الدستور التي تقرر أن: الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا
تمس وأن القول بغير ذلك فيه افتئات على حريات المواطنين وفيه مخالفة لصريح نص
المادة 41 من الدستور سالف الإشارة، وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على
أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وصوناً للحرية الشخصية بما يرد كل عدوان عليها،
إلا أن هذا المبدأ لا يعمل منفرداً، بل تكمله وتقوم إلى جانبه قاعدة أخرى هي رجعية
القانون الأصلح للمتهم، وهي قاعدة مؤداها إفادته من النصوص التي تمحو عن الفعل
صفته الإجرامية أو تنزل بالعقوبة المفروضة جزاء على ارتكابها، إلى ما دونها، وأن
مؤدى رجعية النصوص العقابية الأصلح للمتهم هو سريانها بأثر رجعي ـ ومنذ صدورها ـ
على الجريمة التي ارتكبها من قبل، وذلك لانتفاء الفائدة الاجتماعية التي كان يرجى
بلوغها من وراء تقرير العقوبة وتوقيعها عليه. وأنه لئن كان الدستور لا يتضمن بين
أحكامها مبدأ رجعية القوانين الأصلح للمتهم، إلا أن القاعدة التي يرتكز عليها هذا
المبدأ تفرضها المادة 41 منه تقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا
تمس، ذلك أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وما اتصل به من عدم جواز تقرير رجعية
النصوص العقابية، غايته حماية الحرية الفردية وصونها من العدوان عليها في إطار من
الموازنة بين موجباتها من ناحية، وما يعتبر لازماً لحماية مصلحة الجماعة والتحوط
لنظامها العام من ناحية أخرى، وفي إطار هذه الموازنة وعلى ضوئها، وتكون رجعية
القوانين الأصلح للمتهم ضرورة حتمية يقتضيها صون الحرية الفردية بما يرد عنها كل
قيد غدا تقريره مفتقراً إلى مصلحة اجتماعية، ويتحقق ذلك بوجه خاص حين ينتقل
القانون الجديد بالفعل كلية من منطقة التجريم إلى دائرة الإباحة ـ وهي الأصل ـ
مقرراً أن ما كان مؤثماً لم يعد كذلك ويتعين بالتالي ـ وكلما صدر قانون جديد يعيد
الأوضاع إلى حالها قبل التجريم ـ أن ترد إلى أصحابها الحرية التي كان القانون
القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون بالتالي على عقبيه إعلاءً لقيم القانون
الجديد، وإن قاعدة رجعية القانون الأصلح لا تخل بالنظام العام، بل هي أدعى إلى
تثبيته بما يحول دون انفراط عقده، وعلى تقدير أن إعماله منذ صدوره أكفل لحقوق
المواطنين المخاطبين بالقانون القديم وأصون لحرياتهم. لما كان ذلك وكان البين مما
سبق إيراده أن مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم الذي قررته الفقرة الثانية من
المادة الخامسة من قانون العقوبات إنما يرتد إلى أصل دستوري في المادتين 41 و 66
مما لا يجوز للتشريع العادي أن يخرج على هذا المبدأ، وإذ كان ما ورد في الفقرتين
الثانية والثالثة من المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة الجديد رقم 17
لسنة 1999 من إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات حتى أول أكتوبر سنة
2000، وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، وما نص عليه في المادة
الثالثة من مواد إصداره من إرجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك إلى أول أكتوبر سنة
2000، وأن تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها
في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ فيه تعطيل لمبدأ رجعية القانون الأصلح
للمتهم، وكانت هذه المحكمة ترى أن ما ورد في هاتين المادتين في هذا الخصوص يكون
مخالفاً للدستور، ولما كان الفصل في هذه المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطعن
الماثل ويخرج عن اختصاص هذه المحكمة وإنما تختص به المحكمة الدستورية العليا ـ
اختصاصاً انفرداياً استئثارياً ولا يشاركها فيه سواها ـ وذلك عملاً بنص الفقرة
أولاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979. لما كان
ما تقدم فإنه يتعين وقف نظر الطعن الماثل وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية
العليا للفصل في المسألة الدستورية سالفة البيان وذلك عملاً بالفقرة الأولى من
المادة 29 والمادة 30 من قانونها سالف الإشارة.
(الطعن رقم 12996لسنة 64ق ـ جلسة28/6/1999 لم ينشر بعد)
وبعد هذه
الاتجاهات عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية لمحكمة النقض وذلك بجلسة
10/7/1999 وذلك في الطعن رقم 9098 لسنة 64 ق حيث انتهت إلى أن: ومن حيث أنه على إثر صدور قانون التجارة المشار إليه
صدرت أحكام عدة عن بعض الدوائر الجنائية بهذه المحكمة كان لكل منها منحى في مدى
اعتبار نصوص هذا القانون أصلح للمتهم في شأن العقوبة عن تلك المنصوص عليها في
المادة 337 م من قانون العقوبات مما أدى إلى تضاربها على نحو يوجب على الهيئة
العامة حسمه وهو ما يتسع له سبب إحالة الطعن إليها. فقد ذهب الحكم الصادر في الطعن
رقم 7360 لسنة 63 القضائية إلى أن المادة 475 من قانون التجارة الجديد نزعت صفة
الشيك عن الصك المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه. وبذلك يكون القانون
الجديد قد أخرج فعل إعطاء مثل هذا الصك ـ بدون رصيد ـ من دائرة التجريم ومن ثم فهو
أصلح للمتهم من القانون الذي كان يجرم هذا الفعل، وأن ما تضمنه نص المادة الثالثة
من مواد إصدار القانون المشار إليه من اعتداد بهذا الصك، مثله من الصكوك التي لم
تستوف الشروط المنصوص عليها بالمادة 473 من قانون
التجارة الجديد لا يصح أن يعطل تطبيق قاعدة
سريان القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي إذ أنها ترتكز على دعامة دستورية لا يملك
المشرع العادي مخالفتها. بينما ذهب حكم آخر صدر في الطعن رقم 3305 لسنة 64
القضائية إلى أن قاعدة القانون الأصلح هذه هي من وضع المشرع العادي وله أن يرسم حدود
تطبيقها أو أن يعطله لمصلحة يقدرها، وأن نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من
مواد إصدار قانون العقوبات مدى من الزمان ممتداً حتى أول أكتوبر سنة 2000، فقد عطل
بذلك تطبيق قاعدة القانون الأصلح على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد بحيث تنطبق
المادة 337 المشار إليها سواء في التجريم إلا أنه في شأن العقوبة المشار إليها
للمتهم مركزاً قانونياً أصلح عما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات، حين أجاز
الحكم على مرتكبها بعقوبة الغرامة وحدها بعد أن كان معاقبا عليها بالحبس وجوباً،
كما رتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم انقضاء الدعوى الجنائية مما يتعين معه
تطبيق أحكامه في هذا الصدد أعمالاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون
العقوبات.
وحيث أنه من
المقرر أن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي بحكم ما يقع في
ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة الخامسة من قانون العقوبات، بنصها على
أن يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها وما أوردته المادة
المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم
فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره إنما هو استثناء من الأصل
العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجودا وعدما مع العلة التي دعت إلى تقريره
لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز
مصادرته فيه. لما كان ذلك، وكان يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن
الشيك أن المشرع حين وضع قواعد شكلية وموضوعية محكمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد
أن ينفى عن الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد
التي استحدثها، بل اعتد بتلك الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية
السارية وقت إصدارها، وعمد إلى تأكيد سلامتها وصحتها، فقد نص في الفقرة الثانية من
المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ
الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات
تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 ومن ثم فإنه متى اعتبرت الورقة شيكاً طبقاً
للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد ـ
وذلك طبقاً لما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار
ـ فإن إعطاءه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً. ولا محل
بالتالي لاعتبار ما نصت عليه المواد 473 و 474 و 475 من قانون التجارة الجديد في
شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم، إذ يكتمل حكمها بما
نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها. لما كان ما تقدم، فإنه الهيئة
العامة تنتهي ـ بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة
القضائية ـ إلى العدول عن المبدأ الذي قرره الحكم الصادر في الطعن رقم 7360 لسنة
63 القضائية.
وحيث أن
الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة تنص على أن يلغي نص
المادة 337 من قانون العقوبات، التي تنص على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم
وقابل للسحب، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 كما نصت الفقرة الأولى من المادة
الثالثة من مواد الإصدار على أن يعمل بالأحكام الخاصة بالشيك ـ بما في ذلك المادة
534 من قانون التجارة والتي نصت على ذات الجريمة ـ اعتباراً من أول أكتوبر سنة
2000،.ومفاد ذلك أن إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات لا يكون إلا في تاريخ
نفاذ نص المادة 534 المار ذكرها، حتى يتواصل تجريم إعطاء شيك لا يقابله رصيد، فلا
يفصل بين نفاذ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات ونفاذ تطبيق المادة 534 من
قانون التجارة فترة زمنية. إذ أن المشرع لو ألغى نص قانون التجارة ـ لأصبح إعطاء
شيك لا يقابله رصيد فعلاً مباحاً منذ هذا التاريخ وحتى تاريخ نفاذ المادة 534 من
قانون التجارة في أول أكتوبر سنة 2000 مع ما يترتب على هذا من إباحة الفعل بأثر
رجعي أعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وهو ما قصد
المشرع حين جعل تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة هو ذات تاريخ إلغاء المادة
337 من قانون العقوبات. ومن ثم لم يكن في قصد الشارع البتة المصادرة على تطبيق
قاعدة القانون الأصلح للمتهم في شأن العقاب وآية ذلك أنه يبين من مراجعة الأعمال
التحضيرية لقانون التجارة الجديد أن مشروع القانون كان يتضمن النص في المادة
الأولى من مواد الإصدار على أن يلغي قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من
نوفمبر سنة 1883. ويلغي نص المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك كل نص يتعارض مع
أحكام هذا القانون بعد سنة من اليوم التالي لتاريخ نشره، ثم رُئي ـ بناء على
اقتراح الحكومة ـ تنظيم أحكام الفترة الانتقالية بين صدور القانون الجديد وبين
العمل به بإفساح الأجل حتى أول أكتوبر سنة 1999 عدا النصوص المتعلقة بالشيك فيؤجل
العمل بها حتى أول أكتوبر سنة 2000 وبالضرورة إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون
العقوبات حتى تاريخ العمل بهذه النصوص الأخيرة كي يتواصل تجريم إعطاء شيك بدون
رصيد. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من
جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد
وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانوناً أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره،
فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى
زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز
توقيع عقوبة الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات
من وجوب توقيع الحبس وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح
بحسبان أن كلا الأمرين ينشىء مركزاً قانونياً أصلح للمتهم، ومن ثم تعد في هذا
الصدد قانوناً أصلح للمتهم تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة
الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي أيضاً ـ
بالأغلبية سالفة الذكر ـ إلى العدول عن الحكم الصادر في الطعن رقم 3305 لسنة 64
القضائية فيما أورده في شأن وجوب توقيع عقوبة الحبس على خلاف هذا النظر.
ومن حيث أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها.
ومن حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه خلا من بيان أسباب قضائه بالإدانة.
ومن حيث أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها.
ومن حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه خلا من بيان أسباب قضائه بالإدانة.
وحيث أنه لما
كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة
على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي
وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها
وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة
كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه
بالحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الواقعة التي دان الطاعن بها وأطلق القول بثبوت
التهمة في حق الطاعن دون أن يورد الدليل على ذلك فإنه يكون قاصر البيان مما يوجب
نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن. وحتى تتاح للطاعن فرصة
محاكمته في ظل المادة 534 من قانون التجارة باعتبارها أصلح للمتهم في شأن توقيع
عقوبة الحبس أو الغرامة وانقضاء الدعوى بالتصالح.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم