القائمة الرئيسية

الصفحات



الإيجار المنتهي بالتمليك

الإيجار المنتهي بالتمليك

الإيجار المنتهي بالتمليك




العنوان : الإيجار المنتهي بالتمليك
المؤلف : سعود بن عبد اللّه الفنيسان

الإيجار المنتهي بالتمليك[1]

الدكتور/ سعود بن عبد اللّه الفنيسان
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
التمهيد :
عرف في القوانين الغربية بأسماء كثيرة · أول ما عرف في فرنسا ب(الإيجار السلبي) ثم تطور مع تطور الحياة الاقتصادية فسمي ب(البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى سداد الثمن) ثم تطور مرة ثالثة إلى (الإيجار الساتر للبيع) ثم تطور في المرحلة الرابعة والأخيرة إلى ما هو عليه الآن : الإيجار المقترن بالبيع(1) وعندنا يسمى ب(التأجير المنتهي بالتمليك) وهو عقد مركب من عدة عقود سمي إيجاراً لئلا تترتب عليه آثار عقد البيع وهذا العقد فيما يظهر ليس بيعاً محضاً ولا إجارة محضة فالإجارة ليس لها تمليك ولكنها تنتهي بانتهاء مدة العقد ·
والبيع لا يتم حتى يسلم البائع العين المباعة للمشتري يتصرف فيها تصرفاً تاماً من بيع أو إجارة أو هبة ونحو ذلك ·
ثم إن (الإيجار المنتهي بالتمليك) صيغة من صيغ البيوع المنتشرة في الغرب وتعاملت به البنوك الإسلامية في السنوات الأخيرة في بلاد المسلمين لما فيه من مرونة· وقد أدخلت عليه بعض التعديلات مما رأته موافقاً لمعاملاتها المصرفية الإسلامية · والإشكال في مدى شرعية مثل هذا العقد هو ضمن إشكاليات أخرى حول معاملات تلك البنوك · ومن الطبيعي أن تظهر هذه الإشكاليات نتيجة لظهور المستجدات المتسارعة في العالم والمجتمعات الإسلامية · ونتيجة لقلة الاجتهاد الشرعي أو ضعفه من أهل الاختصاص الفاقهين للنصوص الشرعية العارفين بالواقع ومستجداته ، ومن ثم تكييف هذه الوقائع والأحوال بإنزالها على النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والقواعد الشرعية ·
مشكلة البحث وأهمية الدراسة :
نظرت في مشكلة البحث وأهمية دراسته ووجدتها تنحصر بخمس نقاط هي :
الأولى: العقد المسمى (الإيجار المنتهي بالتمليك) عقد جديد لم يكن معروفاً بهذا الاسم عند السلف وأئمة الفقه رضوان الله عليهم ·
الثانية: هو عقد مركب من عدة عقود فيه شبه من عقود البيع ، والإجارة، والرهن، والبيع بالآجال (التقسيط) إلخ ·· غير أنه لا يمكن إلحاقه بواحد من هذه العقود دون الآخر ·
الثالثة: حاجة الناس إلى معرفة حكمه الشرعي نظراً لانتشاره بينهم وتعاملهم به ·       الرابعة: اختلاف الفتاوى فيه بين مانع ومجيز رغم وفرة البحوث والدراسات الخاصة به ·
الخامسة: غالب البحوث والفتاوى حول هذا العقد رأيتها تنصب على العقود الصغيرة كبيع سيارة أو عمارة وأعرضت أو أغفلت العقود الكبيرة التي تبرمها الشركات والمؤسسات بعضها لبعض أو مع الدولة كبناء المصانع والمدارس والمستشفيات وتأمين الطرق والمواصلات والحكم في الحالين واحد ·

من الإشكالات العلمية التي قد ترد على هذا النوع من البيوع :

 أ - عقد جمع فيه بين بيع وشرط · وقد ورد في الحديث النهي عن ذلك (1)·
ب - عقد جمع فيه بيعتان في بيعه · وقد صح في الحديث النهي عن ذلك (2)·
ج - مطالبة المستأجر بأن يدفع للمؤجر مبلغاً مقدماً عند العقد يعتبره المؤجر جزءاً من حقه · ومثل هذا الفعل لا يكون عادة في عقد الإجارة وإنما يكون في عقد البيع في حين أن البيع لم ينعقد لعدم تسلم المشتري للعين المباعة يتصرف فيها تصرفاً تاماً من بيع أو هبة ونحوها بل لا تزال السلعة في ملك البائع ·
د - إلزام المستأجر بدفع دفعة أخيرة على أنها ثمن للسلعة المباعة غير صحيح ·
هـ - إذا أفلس المشتري قبل تمام السداد رجعت العين المباعة والأقساط إلى البائع وهذا فيه جمع بين العوض والمعوض وهو غير جائز شرعاً ·
علاوة على اشتماله على (التأمين) التجاري وهو حرام عند عامة أهل العلم ·
ويجاب عن تلك الإشكاليات بما يلي :
أولاً : الحديث الذي فيه النهي عن بيع وشرط غير صحيح · ونص شيخ الإسلام ابن تيمية على بطلانه(1) وقد ثبت خلافه بالنص والإجماع كما في حديث جابر لما باع جمله فاشتراه منه الرسول صلى الله عليه وسلم واشترط جابر حملانه إلى المدينة(2)·
ثانياً : كونه جمع فيه بيعتان في بيعة · وجاء في الحديث الصحيح النهي عن ذلك(3)· وفسرت البيعتان في بيعة: ببيع العينة ، فسرها ابن القيم بذلك ، كأن يبيع الرجل السلعة بمائة إلى سنة على أن يشتريها البائع بثمانين حالة · ووجه ذلك أنه جمع البيعتين أو الصفقتين : النقد والنسبة في بيعة واحدة (4)· بدليل الرواية الأخرى (فله أوكسهما أو الربا)(5) وكل التفاسير التي فسرت بها البيعتان في بيعة لا يظهر فيها معنى الربا إلا تفسير ابن القيم لها بالعينة ·
ثالثاً : مايدفعه المستأجر عند العقد كدفعة أولى · يخرّج على أن تكون جزءاً من الأجرة في عقد الإجارة أو جزءاً من الثمن في عقد البيع الموعود به وذلك عند النظر إلى كل منها على أنه عقد مستقل ·
رابعاً : الدفعة الأخيرة التي يدفعها المستأجر لمالك العين المؤجرة هي جزء متمم للأجرة أو لثمن السلعة ·
خامساً : الأقساط التي دفعها المشتري (أو المستأجر) هي مقابل انتفاعه بالعين المباعة أو المؤجرة ولو قيل غير ذلك للحق الضرر بالبائع (أو المؤجر) لكون المشتري (أو المستأجر) انتفع بالعين المباعة دون مقابل · وأما رجوع العين إلى البائع- حالة الإفلاس فهي حق له · فما الضرر في هذا ؟ ثم إن النهي عن الجمع بين العوض والمعوض إنما هو إذا كان الجمع بينهما في زمن واحد عند إبرام العقد · أما عند انفساخ العقد لسبب أو لآخر فالجمع بين العوض والمعوض عين الصواب · وأيضاً فإن إرضاع أم موسى لابنها عليه السلام من قبل امرأة فرعون عقد إجارة جمع فيه بين الإجارة والعوض (وهو النقد) والمعوض · وهو إرضاع أم موسى لموسى عليه السلام· وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يكن في شرعنا خلافه كما في هذا المثال ·
وبالنظر في الشروط في البيع نجدها أربعة أضرب :
1- ما يكون من مقتضى البيع كاشتراط تسليم السلعة · فهذا لا أثر له لأنه مجرد بيان وتأكيد لمقتضى العقد فحسب ·
2- ما يكون من مصلحة عقد البيع كاشتراط الخيار ، والأجل · ومنه التقسيط - والرهن والضمان · فالشرط في مثل هذا صحيح لازم وقد جاء الشرع به ·
3- أن يكون الشرط منافياً لمقتضى العقد كشرط أن لا ينتفع البائع أو المستأجر بالسلعة ، أو لا يتصرف بها · كاشتراط البائع عدم تسليم استمارة السيارة أو صك العمارة للمشتري ففي هذه الحال الشرط باطل والعقد صحيح · كما في حديث عائشة عند شراء بريرة واشترط أهلها الولاء لهم · قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء إنما الولاء لمن أعتق) (1)·
4- شروط لا تنافي مقتضى العقد ولا هي من مصلحته كأن يشترط مع عقده عقداً آخر أو يبيعه سلعة بشرط أن يبيعه الآخر سلعة أخرى أو يشترط المشتري منفعة البائع في المبيع أو كأن يشتري السلعة منه بأزيد من ثمن مثلها · وهذا جائز· وما يشترط في البيع من شروط يشترط في الإجارة لأنها نوع منه إلا ما اختصت به عنه · والإيجار المنتهي بالتمليك يدخل في الضرب الثالث فيصح معه العقد ويبطل الشرط ·
وبما أن هذا (الإيجار المنتهي بالتمليك) عقد مركب من عدة عقود من البيع ، ومن الإيجار ، والوعد بالبيع والبيع ، ومنه - التقسيط · والرهن · مع اشتماله على التأمين · فإنه والحالة هذه لا يشبه عقداً من تلك العقود بعينها دون الآخر ولكنه أخذ من كل عقد صفة من صفاته ومن مجموع هذه الصفات تكون عقد سمي ب(الإيجار المنتهي بالتمليك) ·

ومن دواعي استخدام هذا العقد المركب عندنا أمور منها :

1- الانفتاح التجاري على العالم وسرعة تطوره وانتشاره عن طريق الاتصالات الحديثة ·
2- يستخدمه التاجر (البائع أو المؤجر) بديلاً عن بيع التقسيط عند تعذر الرهن·
3- محافظة التاجر على ماله ما دام مؤجراً لتلك العين كالسيارة والعمارة · فلو ماطل العميل عن السداد أو أفلس استرد البائع سلعته المباعة أو المؤجرة لأنها لا تزال في ملكه وتحت يده ·
4- يستفيد منه العميل (المشتري أو المستأجر) لأنه لا يحتاج إلى ضمان أو كفالة أو رهن ·
5- يمكن معه تغير الثمن على صفة مراجعة الأقساط الشهرية أو السنوية بين الطرفين عند الحاجة لذلك · وهذا مربط الفرس ومحل المشكلة ·
ولو دققنا في حقيقة هذا العقد الجديد الوافد إلينا لوجدنا أكثر شروطه والاستفادة منه كلها تصب في مصلحة التاجر القوي وقليل منها في جانب العميل الضعيف ·
والعقود تتأثر كثيراً بالإرادة أو القصد · والإرادة في العقود الشرعية وسط بين القوانين الوضعية القديمة والحديثة · ففي القانون الروماني القديم لا أثر للإرادة في العقود حيث العقود مسماة محددة في القانون ولا يمكن القياس عليها · أما في القانون الوضعي الحديث (الغربي) فعلى العكس من ذلك · فقد أطلقت القوانين الغربية الإرادة في العقود بلا حدود نتيجة تأثرها بالمذهب الفردي حيث إرادة الإنسان عندهم مطلقة فالعقود والالتزامات في القوانين الوضعية يحددها عندهم سلطان الإرادة لا غير ·
أما الإرادة في العقود الشرعية فهي وسط بين إفراط القانون الروماني وتفريط القوانين الغربية وللإرادة في العقود الشرعية ضابطان : الأول الرضا بين المتعاقدين "وهو يمثل الإرادة" قال تعالى: ··· إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم(1)· والثاني : الوفاء بالشروط لحديث عائشة في الصحيح (المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)(2) ولعموم قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (3)·
وليس للعقود الشرعية صيغة خاصة لا تنعقد إلا بها بل كل ما تعارف عليه الناس بأنه بيع أو إجارة فهو كذلك ·
قال شيخ الإسلام ابن تيمية "لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه عين للعقود صيغة معينة : الألفاظ أو غيرها أو قال ما يدل على ذلك من أنها لا تنعقد إلا بصيغ خاصة · بل قد قيل إن هذا القول مما يخالف الإجماع القديم وأنه من البدع - ثم قال : فإذا لم يكن للبيع حد في الشرع ولا في اللغة كان المرجع فيه إلى عرف الناس وعاداتهم · فما سماه الناس بيعاً فهو بيع وما سموه هبة أو إجارة فهو كذلك"(4) وقد بوب البخاري في صحيحه : باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة (1)· وقال ابن القيم : لو باع غيره داراً أو عبداً أو سلعة واستثنى منفعة المبيع مدة معلومة جاز · كما دلت عليه النصوص الشرعية والقياس الصحيح(2)·
واستثناء استمارة السيارة أو صك العمارة في "الإيجار المنتهي بالتمليك" قريب من هذا النوع سواء خرج على أنه عقد إجارة أو عقد بيع أو مركب منهما· وكل ما وجدته مما صوره العلماء من أمثلة في هذا الموضع هو في البيع دون الإجارة · ولا يعني هذا عدم جواز الإجارة في ماذكره ابن القيم ولم أطلع لأحد من الفقهاء نص علي عدم جواز استثناء بعض المنفعة في الإجارة · وعدم وجود نص لأحد العلماء في الاستثناء في عقد الإجارة لا يدل على المنع بحال · بل لو جدّ لهم من العقود مثل ما استجد لنا لخرجوه على ما لديهم من نصوص وقواعد شرعية · ولو أبدلت في كلام ابن القيم السابق كلمة (باع) ب(أجر) و(المبيع) بالعين المؤجرة · لأصبح استثناء بعض المنفعة في عقد الإجارة أو بعض منفعة العين في عقد البيع حقيقة فيها لأن الاستثناء إنما وقع في بعض ما عقد عليه فيهما وهو (المنفعة) أصالة في التأجير ، أو تبعاً في البيع · والإجارة نوع من البيوع إلا ما خص به أحدهما دون الآخر وليس ما صوره ابن القيم مما خص به أحدهما ·· وإذا كان الأمر كذلك فإن عقد الإيجار المنتهي بالتمليك أو بعبارة أصح الإيجار مع الوعد بالبيع جائز حينئذ لوجود المنفعة المباحة · لأن ما لا نفع فيه لا يجوز بيعه ولان عقد البيع لا يكون إلا بطلب منفعة العين · وإذا جاز الانتفاع بالعين المباعة مدة معلومة جاز استثناء الانتفاع لبعض المنفعة وإذا جاز بالإجارة مدة معلومة جاز الانتفاع ببعض المنفعة في العين المباعة · والاستثناء في الإجارة أظهر منه في البيع لأنه في الأول استثناء لجميع المنفعة وفي الثاني استثناء لبعضها · واستثناء الجميع هو الذي نص الفقهاء على جوازه دون الآخر · ربما لعدم حاجتهم إليه ، أو هو من باب القياس ، أو الإشارة· وعلى هذا فالمؤجر للسلعة مع الوعد بتمليكها استثنى جزءاً من منفعتها وهو (الاستمارة مثلاً في السيارة) وعلى فرض التسليم بعدم الجواز سداً لذريعة فإن القاعدة الشرعية تقول : "ما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة"(1) وهذا العقد فيه مصلحة ظاهرة وراجحة للطرفين على ما يبدو ·

هل الأصل في العقود الحظر أو الإباحة ·؟

اختلف فيه العلماء على قولين :
الأول : الأصل فيها الحظر حتى يقوم الدليل على الإباحة(2) وهو مذهب ابن حزم الظاهري وهو مشهور الحنفية ومذهب الشافعية · وقد روي عن بعض أصحاب مالك وأحمد وإن كان هؤلاء يتوسعون في الشروط أكثر من أهل الظاهر لأنهم يقولون بالقياس دونهم (3)·
الثاني : الأصل في العقود الإباحة حتى يرد عليها دليل حاضر أو موجب قال بهذا القول عدد من المتقدمين من فقهاء المذاهب الأربعة وهو قول الإمام الشافعي(4) والزيلعي(5) من الحنفية · والشاطبي من المالكية(6) · وابن تيمية وابن القيم من الحنابلة (7)·
أدلة أهل القول الأول :
1- حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه - في قصة عتق مولاتها بريرة لما اشترط أهلها الولاء لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (خذيها واشترطي لهم الولاء) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق)(1)·
محل الاستدلال قوله (ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ووجه الاستدلال : لا يجوز من الشروط أو العقود إلا ما ورد به دليل من الشارع ·
ورد هذا الاستدلال بأن الشرط بالحديث بمعنى المشروط · كما تقول العرب : هذا الدرهم ضرب الأمير · أي مضروبة فالمراد المشروط لا نفس التكلم به · وقوله في الحديث: وإن كان مائة شرط · لا يراد به تكرار التكلم بالشرط وإنما المراد تكرار المشروط · بدليل قوله في الحديث (كتاب الله أحق وشرط الله أوثق) · ثم المراد بكتاب الله العموم للجزئيات والكليات ·
2- حديث عائشة المتفق عليه أيضاً (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (2)·
وجه الاستدلال : أن العقود عمل من الأعمال · ورد هذا الاستدلال : لأن المراد بالأعمال في الحديث هي أعمال العبادات حيث هي توقيف فلا يعبد الله إلا بما شرع أما أفعال المعاملات (العقود) فهي عادية : الأصل فيها الإباحة (3)·
3- حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتفق عليه · في قصة العسيف · ومحل الاستدلال قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام)(4) ووجه الاستدلال أن النبي أبطل صلح الذي زنى بالمرأة فرد عليه الوليدة ومائة من الغنم فدل على أن الصلح غير جائز أصلاً ·
ورد هذا الاستدلال بأن هذا الصلح الذي أبطله الرسول مخالف لأدلة الشرع لتضمنه إسقاط الحد الشرعي ولو لم يصادم الشرع لكان جائزاً ·
4- حديث (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط)(5) ووجه الاستدلال ومحله ظاهران · غير أنه رد بأنه لا يوجد في شيء من دواوين السنة النبوية · وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء وذكروا أنه لا يعرف · بل الأحاديث الصحيحة تعارضه كحديث بيع جمل جابر وغيره ·
أدلة أهل القول الثاني القائلين الأصل في العقود الإباحة :-
1- قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود(1) · وقوله: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً(2) · وهذا عام في كل العهود التي تجري بين الناس مما لم يمنعه الشارع ·
2- قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)(3) · فإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأموراً بهما دل على أن الأصل صحة العقود والشروط إذ لا معنى للتصحيح إلا ترتب أثره عليه ·
3- قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وأذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر) (4)·
4- عامة النصوص الشرعية التي تنهي عن نقض العهد أو تحذر من الغدر بالمعاهد كقوله تعالى: الذي ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون (5)· 
5- إن العقود من باب الأفعال العادية والأصل فيها عدم التحريم · ومما يدل على ذلك أن الله ذم مشركي العرب حين حرموا أفعالاً لم يحرمها الله ورسوله مثل تحريم قريش على غير أهل الحرم أن يطوفوا بالكعبة بالثياب التي عصوا بها الله بل عليهم أن يطوفوا عراة إلا إذا كانوا حمساً أو أعار أحمسي أحدهم ثيابه · وأيضاً كان الأوس والخزرج يحرمون على الرجل إتيان إمرأته في فرجها إذا كانت مجبية · وأيضاً كانت قريش تحرم السعي بين الصفا والمروة · إلى غير ذلك من الأفعال التي أنكرها الله على أهل الجاهلية، ولو لم يفعلوها لما لحقهم الإنكار · يقول ابن تيمية إذا حرمنا العقود والشروط بين الناس في معاملاتهم العادية بغير دليل شرعي كنا محرمين ما لم يحرمه الله بخلاف العقود التي تتضمن شرع دين لم يأذن به الله، فإن الله حرم من الدين ما لم يأذن به فلا تشرع عبادة إلا بشرع الله ولا تحرم عبادة إلا بتحريم الله والعقود والمعاملات من العادات التي يفعلها المسلم والكافر وإن كان فيهما قربة من وجه آخر · فليست من العبادات التي يفتقر فيها إلى شرع كالعتق والصدقة(1)· ويوضح ابن تيمية معنى "لا تشرع عبادة إلا بشرع الله ولا تحرم إلا بتحريمه" قائلاً: إن الأحكام الثابتة بأفعال العباد كالملك الثابت بالبيع وملك البضع الثابت بالنكاح، العباد هم الذين أحدثوا أسباب تلك الأحكام والشارع أثبت الحكم لثبوت سببه منهم ولم يثبته الشارع عليهم ابتداء كما أثبت إيجاب الواجبات وتحريم المحرمات المبتدئة · وإذا كان العباد قد أثبتوا ذلك الحكم الجزئي لم يحرم الله عليهم أن يرفعوه بأنفسهم لأن من شرع شيئاً فهو الذي يرفعه وذلك أن الأحكام الجزئية كحل هذا المال لزيد وحرمته على عمرو، لم يشرعها الشارع شرعاً جزئياً وإنما شرعها شرعاً كلياً(2) بمثل قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا(3)· وقوله: وأحل لكم ما وراء ذلكم(4) ·
6- الأصل في العقود رضا المتعاقدين وموجبها ما أوجباه على أنفسهما قال تعالى: ·· إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم(5) · فعلق جواز التجارة على الرضا تعليق الجزاء بشرطه فدل على أنه سبب له والرضا شرط زائد على مجرد البيع (التجارة) · قال شيخ الإسلام ابن تيمية "الأصل في العقود والشروط عند الإمام أحمد وقريب منه الإمام مالك الجواز والصحة فلا يحرم منها ولا يبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه أو بطلانه نصاً أو قياساً وليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحاً للشروط من أحمد" (1)·
مذاهب العلماء في الشروط إذا خالفت مقتضى العقد ·
منشأ الخلاف تعارض أحاديث أربعة في هذا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه - المتفق عليه - : أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فمر النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فدعا له فسار بسير ليس يسير مثله ثم قال: (بعنيه بأوقية) · قلت: لا· ثم قال: (بعنيه بأوقيتين) فبعته فاستثنيت حملانه إلى أهلي · فلما قدمنا المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه · ثم انصرفت فأرسل على إثري قال: (ما كنت لآخذ جملك فخذ جملك ذلك فهو مالك) (2) ·
2- حديث عائشة رضي الله عنها - المتفق عليه - أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت منها شيئاً قالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت · فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا · فذكرت عائشة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : (ابتاعيها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق) · ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط · شرط الله أحق وأوثق) (3)·
3- حديث جابر ابن عبد الله - المتفق عليه - قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة وعن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وأن لا يباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا (4)·
4- حديث (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط) (1) · والأحاديث الثلاثة كلها صحيحة ثابتة · أما الحديث الرابع فغير معروف عند العلماء ويخالف ما هو أصح منه فلا يحتج به ·
وهذه مذاهب العلماء في الشروط إذا خالفت مقتضى العقد ·
1- مذهب الحنفية إذا شرط البائع شرطاً لا يقتضيه ولم يرد بالشرع جوازه ولكنه يلائم العقد ويوافقه كأن يشتري شيئاً بشرط أن يعطي للبائع كفيلاً بالثمن فلا يخلو الأمر من حالين :
أ- إما أن يكون الكفيل أو الرهن معلوماً بالإشارة أو التسمية · و إما أن لا يكون معلوماً بهما كأن يقول أبيعك بشرط أن تعطيني كفيلاً بالثمن ولم يسم إنساناً أو يشير إليه · فالبيع فاسد لأن هذه جهالة تفضي إلى منازعة مانعة عن التسليم والتسلم · أما إذا كان معلوماً بالإشارة أو التسمية فالقياس عندهم أنه لا يجوز البيع · وبه أخذ زفر · وفي الاستحسان يجوز وهو قول علمائنا وهو الصحيح لأن الرهن أو الكفالة شرعاً توثيقاً للمثمن فيكون شرطاً مقرراً لما يقتضيه العقد معنى (2)·
ب- وإذا شرط شرطاً لا يقتضيه العقد ولا يتعارفه الناس وفيه منفعة لأحد العاقدين كأن يشتري حنطة على أن يطحنها البائع فالبيع فاسد · وهذا مذهب علمائنا · وقال ابن أبي ليلى : إن البيع جائز والشرط باطل وقال ابن شبرمة : إن البيع جائز والشرط جائز · ولو شرطا شرطاً فيه ضرر لأحد العاقدين بأن باع ثوباً أو حيواناً سوى الرقيق بشرط أن لا يبيعه ولا يهبه فالبيع بهذا الشرط صحيح · وقال أبو يوسف بفساده (3)·
2- مذهب المالكية الشروط مع البيع عندهم ثلاثة أقسام : الأول : شروط تبطل هي والبيع معاً · الثاني : شروط تجوز هي والبيع معاً · الثالث : شروط تبطل ويثبت البيع ·· وذلك راجع إلى كثرة ما يتضمن الشروط من صنفي الفساد وهما الربا والغرر · وإلى قلته وإلى التوسط في ذلك ·· فما كان دخول هذه الأشياء فيه كثيراً من قبل الشرط أبطله وأبطل الشرط · وما كان قليلاً أجازه وأجاز الشرط · وما كان متوسطاً أبطل الشرط وأجاز البيع · وبهذا تجتمع الأحاديث (1)· وعند المالكية ضابط حسن في هذا الموضوع وهو (كل عقدين يتضادان وضعاً و يتناقضان حكماًَ لا يجوز الجمع بينهما)(2) وذكر القرافي(3) ستة أنواع من العقود لا يجوز اجتماعها مع البيع جمعت في جملة (جص مشنق) فالجيم للجعالة والصاد للصرف والميم للمساقاة والشين للشركة والنون للنكاح والقاف للقراض · والسر في ذلك أن العقود أسباب لتحصيل سببها بطريق المناسبة والشيء الواحد لا يناسب المتضادين فكل عقدين بينهما تضاد لا يجمعهما عقد واحد · فلا يجتمع عقد النكاح مع البيع لتضادهما بالمكايسة بالعوض والمعوض فالمسامحة في النكاح والمشاحة في البيع فحصل التضاد· والمصارفة مبنية على التشديد فامتنع فيها التأجيل وخيار الشرط والبيع بخلافها فتضاد البيع والصرف حينئذ · فيمتنع الجمع بينهما · وهكذا سائر العقود الستة· وأما غيرها كالإجارة مع البيع أو السلم مع البيع مثلاً فلا تضاد بينهما في الوضع فالإجارة والسلم والبيع عقود على عوض قابلة للأجل ولا تناقض بينهما لقيامها على المشاحة ·
3- مذهب الشافعية ما لا يقتضيه مطلق البيع من الشروط ولا هو من مصلحة البيع فإنه يفسد البيع إلا شرط العتق · وذلك مثل أن يشتري سلعة على أن يحملها البائع إلى بيته أو ثوباً على أن يخيطه أو دابة على أن يسلمها في بلد كذا أو وقت كذا· أو على أن لا خسارة عليه في المبيع فالعقد فاسد لأنه شرط يصير به الثمن مجهولاً· وكذلك لو باع داره وشرط رضا الجيران أو رضا فلان ففاسد (4)·
4- مذهب الحنابلة قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "فالأصل في العقود والشروط الجواز والصحة ولا يحرم منها إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله نصاً أو قياساً· وأصول أحمد المنصوصة عنه أكثرها يجري على هذا القول · ومالك قريب منه لكن أحمد أكثر تصحيحاً للشروط · فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحاً للشروط منه(1)·
والأصل في العقود أن تنعقد بكل ما دل على مقصودها من قول أو فعل وبكل ما عده الناس بيعاً أو إجارة وهي التي تدل عليها أصول الشريعة وتعرفها القلوب (2)· ولا يجب على الناس التزام نوع معين من الاصطلاحات في المعاملات ولا يحرم عليهم التعاقد بغير ما يتعاقد به غيرهم إذا كان ما تعاقدوا به دالاً على مقصودهم(3)· ومعلوم أن البيع والإيجار  والهبة ونحوها لم يحد الشارع لها حداً لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين أنه عين للعقود صفة معينة : الألفاظ ، أو غيرها ، أو قال ما يدل على ذلك من أنها لا تنعقد إلا بالصيغة الخاصة وهذا القول يخالف الإجماع القديم وهو من البدع (4)· وتصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان : عبادة يصلح بها دينهم · وعادات يحتاجون إليها في دنياهم · وباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع · والعادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه · الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله ورسوله (5)· والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر · والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم فكيف إذا كانت المفسدة منتفية (6)· وكل ما احتاج الناس إليه في معاشهم ولم يكن سببه معصية - وهي ترك واجب أو فعل محرم - لم يحرم عليهم لأنهم في معنى المضطر الذي ليس بباغ ولا عاد ·· والمنفق للمال في المعاصي حتى لزمته الديون يؤمر بالتوبة ويقضى عنه دينه من الزكاة · وكل من توسع في تحريم ما يعتقده غرراً فإنه لا بد أن يضطر إلى إجازة ما حرمه الله · فإما أن يخرج عن مذهبه الذي يقلده في هذه المسألة وإما أن يحتال (1)· ويقول أيضاً : ولقد تأملت أغلب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته أحد شيئين : إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء كما جرى لأصحاب السبت من اليهود · وإما مبالغة في التشديد لما أعتقدوه من تحريم الشارع (2)· وما تمس الحاجة إليه من فروع هذه القاعدة (الأصل في العقود الصحة والجواز) ومن مسائل بيع الثمر قبل بدو صلاحه وما قد عمت به البلوى في كثير من بلاد الإسلام الأصل فيه الجواز (3)· ويقول ابن القيم: الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه · وهذا القول هو الصحيح (4)· وكل ما لم يبين الله ورسوله من العقود والشروط فلا يجوز تحريمها فإن الله سبحانه قد فصل لنا ما حرم علينا فما كان من هذه الأشياء حراماً فلا بد أن يكون تحريمه مفصلاً · وكما أنه لا يجوز إباحة ما حرمه الله فكذلك لا يجوز تحريم ما عفا عنه ولم يحرمه (5)· 
ولكل هذه الأقوال من الإمامين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يظهر لي شمولها ودخول عقد (الإيجار المنتهي بالتمليك) في دائرة العفو والجواز والحل وتؤيده مجمل القواعد الفقهية الآتية :
من القواعد الفقهية التي لها علاقة بهذا العقد ·
- الأصل في العقود بنائها على قول أربابها (6)·
- المعروف بين التجار كالمشروط بينهم (7)·
- الإجارة كالبيع إلا في موضعين : وجوب التوقيت (الأجل) والانفساخ بعد القبض بتلف (1)·
- استعمال الناس حجة يجب العمل به (2)·
- العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني (3)·
- الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة (4)·
- المواطأة العرفية تنزل منزلة المواطأة اللفظية من كل وجه (5)·
ولولا خشية الإطالة لبينت انطباق هذه القواعد على هذا العقد وهي ظاهرة عند القارئ اللبيب ·
بعض المجامع والهيئات الفقهية حرمت (الإيجار المنتهي بالتمليك) لأمرين:
الأول : أنه عقد اشتمل على عقدين مختلفين على عين واحدة في وقت واحد ·
الثاني: أن هذا العقد يصب في خانة الأغنياء على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود · فجُعل هذان الأمران علة للتحريم حيناً وضابطاً للصورة الممنوعة حيناً آخر دون ذكر دليل من كتاب أو سنة أو أثر عن الصحابة يعتمد عليه ·
والجواب عن الأمر الأول : أن يقال ما المحذور من اجتماع عقدين على نحو ما ذكر ؟ إن قيل سبب المنع دخوله تحت النهي عن بيعتين في بيعة فالجواب عنه: ما حققه ابن قيم الجوزية بأن البيعتين في بيعة هو بيع العينة · وليس الإيجار المنتهي بالتمليك من العينة في شيء · بل قد نص العلماء المحققون على جواز اجتماع البيع والإجارة في عقد واحد · ذكر ابن القيم في اعلام الموقعين في جواز الاحتيال إلى الحق بطريق مباح وإن لم تشرع بهذا الطريق قال: "المثال الخامس" لا يجوز استئجار الشمع ليشعله لذهاب عين المستأجر والحيلة في تجويز هذا العقد أن يبيعه من الشمعة أواقي معلومة ثم يؤجره إياها · · وهذا جائز على أحد القولين في مذهب الإمام أحمد واختاره شيخنا وهو الصواب المقطوع به ·· فإن قيل لكن العقد تضمن الجمع بين البيع والإجارة قيل لا محذور في الجمع بين عقدين كل منهما جائز بمفرده كما لو باعه سلعة وأجره داره شهراً بمائة درهم · وكلام ابن القيم ينطبق على العقد - محل البحث - فقد اشتمل على عقدين مختلفين الأول بيع والثاني إجارة وكل منهما جائز بمفرده - على عين واحدة - هي العمارة أو السيارة مثلاً أو الشمعة في المثال الآخر بيعاً وتأجيراً فقد جعلت الثلاثين درهماً ثمناً مشتركاً بين السلعة وأجرة الدار كما جعلت الدراهم ثمناً للشمعة وأجرة لها في وقت واحد ·
وجاء مثل هذا عند المالكية ففي مختصر خليل "وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين كمَعَ جُعْل لا بيع" قال الأزهري في شرحه للمختصر: فسدت الإجارة بشيء معين إن انتفى منها تعجيل الأجر المعين بأن كان العرف تأخيره أو لا عرف بأحدهما بأن جرى العرف بهما معاً · هذا مذهب ابن القاسم ، وقال ابن حبيب : تصح في الوجهين · أي عرف التأخير وعرفهما معاً وشبه في الفساد فقال: كالإجارة مع جُعْل في عقد واحد لتنافي أحكامهما · ولا تفسد الإجارة المجتمعة مع بيع في عقد واحد لاتفاقهما في الأحكام ·
أما الجواب عن علة البيع الثانية: التي هي "إن عقد التأجير المنتهي بالتمليك هو في صالح الأغنياء على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود" فيقال هل هذه علة مؤثرة في الحكم ؟ أليس عامة عقود البيوع والمعاوضات الشرعية المستفيد الأول هو الغني ؟ وما المانع من جواز هذه العقود إذا توافرت فيها الشروط وانتفت منها الموانع؟ ولم يعرف في كتب الفقه فضلاً عن الكتاب والسنة أن من شروط العقد أن يتماثل العاقدان في الغنى أو الفقر أو لا يربح الغني في بيعه على الفقير وهذا القول مردود على قائله ·

نتيجة البحث
بعد النظر في أقوال العلماء ومذاهبهم واختيارات المحققين منهم ظهر لي أنه يمكن التكييف الفقهي للعقد المسمى (بالإيجار المنتهي بالتمليك) على نحو مما يلي :-
أولاً : إن هذا العقد توافرت فيه أركان البيع وأركان الإجارة - العاقدان ، والمعقود عليه (السلعة) ، والعوض ، والأجل ، والصيغة (الإيجاب والقبول) · غير أنه جمع بينهما في صيغة واحدة · وأطلق فيه لفظ التمليك والمراد به تمليك منافع الإجارة وأطلق فيه لفظ الإيجار والمراد به منافع العين المباعة ولم يتخلف فيه سوى معرفة الثمن فيما لو تمت مراجعة الأقساط عند تأخر السداد بزيادتها ، وسيأتي لها مزيد بيان قريباً · أما إذا لم يشترط مراجعة الأقساط بزيادة أو نقص فجهالة الثمن مرتفعة حينئذ والله أعلم ·
ثانياً : هذا العقد بمجموع ما تركب منه يولد التزاماً بين الطرفين : التاجر (البائع) والعميل (المشتري) كل فيما يخصه فهو عقد معاوضة بين طرفين لهما به منفعة ·
ثالثاً : إنه عقد واضح محدد في الجملة وليس من العقود الاحتمالية بحال حتى يدخله الغرر أو الجهالة ·
رابعاً : هذا العقد (بيع بالوعد) وفيه كلام لأهل العلم هل هو ملزم أم لا ؟ وهو مذهب المالكية وهو المختار · وأقره مجمع الفقه الإسلامي بجدة ·
خامساً : ثم هو عقد رضا وعقد إذعان في وقت واحد · عقد رضا : لأنه برضا الطرفين وعقد إذعان من قبل المستأجر حيث يملي عليه المالك (المؤجر) وليس للمستأجر رد زيادة أو نقص في الأقساط ثمناً وعدداً · وكل من الطرفين ملتزم بتنفيذه · والمسلمون على شروطهم ·
سادساً : إن الوفاء بمثل هذا العقد ملزم للطرفين قضاء وديانة ويمكن تعيين بعض الأقساط الأخيرة مما يقارب ثلث ثمن السلعة مثلاً ثمناً للبيع الموعود به ·
سابعاً : إذا كان الأصل في الأشياء الإباحة قبل ورود الدليل كما هو مقرر في موضعه عند أهل العلم · فإن للمسلمين أن يحدثوا من العقود التجارية ما يخدم مصلحتهم ما دام ذلك لا يعارض نصاً صريحاً من نصوص الشارع -كما هو الحال- في نظري في العقد المسمى (بالإيجار المنتهي بالتمليك) بعد أن يسمى ب (التأجير مع الوعد بالبيع) - إذ لو كان مخالفاً لنص صريح من الشارع ما وقع فيه اختلاف بين العلماء كما ظهر في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ·
ثامناً : (الأصل في العقود والشروط كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - الجواز والصحة - ولا يحرم منها ولا يبطل إلا ما دل الشرع على بطلانه والإمام أحمد أكثر تصحيحاً للشروط وليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحاً للشروط منه) · وقد يصح العقد ويبطل الشرع كما في حديث بريرة لما اشترتها عائشة لتعتقها - الحديث ·
تاسعاً : قد يوجد في العقد شرط (التأمين) على السلعة المباعة كالسيارة أو العمارة مثلاً فهذا شرط باطل لما فيه من الظلم والغرر والجهالة · وإن تعذر على العميل الحصول على السلعة إلا بشرط التأمين عليها فلا بأس حينئذ إذا كانت الحاجة ماسة ولكن يجب عليه- إن حصل عليه حادث أن لا يأخذ أكثر مما دفع لشركة التأمين وهذا الشرط وإن كان باطلاً فإنه لا يبطل أصل العقد ·
عاشراً : قد يجهل الثمن في هذا العقد - الإيجار المنتهي بالتمليك - عند مراجعة الأقساط الشهرية عند تأخر السداد أو المماطلة · ويمكن لإزالة هذا الأمر بأن ينص عند إبرام العقد ما يزيل هذه الجهالة · كأن يشترط عند تأخر السداد أنه يجوز للمالك (البائع أو المؤجر) أن يرهن السلعة حتى يتم سداد الأقساط المتأخرة · أو يفك الرهن عنها فتباع في مزاد يستوفي البائع منه قيمة ماله من أقساط ثمناً للسلعة · وعلى كل حال إذا لم يحصل عند مراجعة الأقساط زيادة فلا جهالة ولا غرر في الثمن · والله أعلم ·
الحادي عشر : قد يرد على هذا العقد إشكال : هو تصرف المشتري بالسلعة قبل قبضها وقبض كل شيء بحسبه وقبض السيارة المباعة بهذا العقد مثلاً لا يتم إلا بقبض الاستمارة أو تسجيلها باسم المشتري وهذا لم يحصل · ويجاب عن هذا الإشكال أن المراد بالتصرف هو عموم الانتفاعات والبيع بعضها لا كلها والحكم للأغلب · والواقع أن المشتري يتصرف بالسلعة بكل منافعها وإن كان لا يستطيع بيعها لأنها لا تزال بيد مالكها وهو البائع حسب ما اشترطاه ومثل هذا العقد في التصرف بالسلعة قبل قبضه جائز بما عدا البيع · وقد نص العلماء أن ما عدا المكيل والموزون يجوز التصرف فيه - بغير البيع - قبل قبضه ويجوز بيعه لبائعه · أجاز فقهاء الحنابلة كل ما ملك بعقد سوى البيع كالإجارة والهبة مثلاً فإنه يجوز التصرف فيه قبل قبضه بالبيع وغيره(1)· وأجاز شيخ الإسلام ابن تيمية في بيع الرقيق وشرائه أنه يملك بمجرد  العقد دون قبضه (2)·
الثاني عشر : أجاز ابن قدامة في المغني أن يدفع الرجل الدابة إلى من يعمل عليها بجزء من الدخل المتولد منها ونص كلامه : "فإن قيل فقد جوزتم دفع الدابة إلى من يعمل عليها بنصف ربحها · قلنا إنما جاز ثم تشبيه بالمضاربة لأنها عين تنمى فجاز اشتراط جزء من النماء والمساقاة كالمضاربة · وفي مسألتنا لا يمكن ذلك لأن النماء الحاصل في الغنم لا يقف حصوله على عمله فيها فلم يمكن إلحاقه · وإن استأجره على رعايتها مدة معلومة بنصفها أو جزء معلوم منها صح · لأن العمل والأجر والمدة معلوم · فصح · كما لو جعل الأجر دراهم · ويكون النماء الحاصل بينهما بحكم الملك لأنه ملك الجزء المجعول له منها في الحال فيكون له نماؤه كما لو اشتراه" (3)·
ولو نظرنا لموقف ابن قدامة من هذا النوع من العقود مع عدم موافقته لعقد الإجارة أو المضاربة وجدنا أنه رآه معاملة جديدة لم تعرف من قبل واحتاج الناس إليها في عصره فأجازها تخريجاً على عقد المساقاة وذلك لمصلحة الناس حيث لا يوجد فيها غرر ولا جهالة ولا أكل لأموال الناس بالباطل · ولو خرجنا كلام ابن قدامة هذا على مسألة ما يسمى ب(الإيجار المنتهي بالتمليك أو الإيجار مع الوعد بالبيع) لوجدنا السيارة أو العمارة المعقود عليها مثلاً بمثابة الدابة التي يعمل عليها بجزء مما ينتج أو يتولد منها وهي الأقساط التي تدفع إلى المالك أو المؤجر للسلعة · لأن العمل هو (الشراء أو التأجير) والأجر هو (الثمن) والمدة التي هي (الأجل) كلها معلومة فلا جهالة حينئذ ·
الثالث عشر : وإن قيل إن هذا العقد الإيجار المنتهي بالتمليك - إجارة فهل تنعقد بلفظ البيع فيه قولان لأهل العلم يقول ابن تيمية : "وهل تنعقد الإجارة بلفظ البيع ؟ فيه وجهان يثبتان على أن هذه المعارضة نوع من البيع أو شبه به" (1)· والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد وهذا عام في جميع العقود (2)·
الرابع عشر : يمكن تخريج هذا العقد (الإيجار المنتهي بالتمليك) بأنه إجارة مع شرط مطلقاً أو مع شرط الخيار المؤجل إلى أجل طويل · وعدم تحديد مدة للخيار قال بها الإمام مالك وأحمد بن حنبل وابن أبي ليلى وابن شبرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون عند شروطهم) وأحال الإمام مالك مدة الخيار إلى العرف ·
الخامس عشر: ذكر ابن القيم قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة وهي "كل ما يعلم أنه لا غنى بالأمة عنه ولم يزل يقع في الإسلام ولم يعلم من النبي صلى الله عليه وسلم تغييره ولا إنكاره ولا من الصحابة فهو من الدين ·· وقد نص الله على جواز النكاح من غير تسمية وحكم النبي بمهر المثل · فإذا كان هذا في النكاح ففي سائر العقود من البيوع والإجارات أولى وأحرى" ·
السادس عشر: وخلاصة التكييف: أن الإيجار المنتهي بالتمليك عقد جديد لم ينشئه المسلمون ابتداءً بل هو عقد وافد إليهم من بلاد الغرب نتيجة الانفتاح الحضاري والتجاري فهو عقد مركب من عدة عقود : فيه شبه من الإجارة · وشبه من البيع · وشبه من بيع الآجال (التقسيط) · وشبه ببيع المواعدة · وشبه بالرهن · علاوة على ما قد يتضمنه من شرط (التأمين) فهو مزيج من هذه العقود مجتمعة ولا يمكن إلحاقه بواحد منها دون الآخر · ويخرج وفق القواعد الشرعية للنظر إليه جملة حيث الأصل في العقود الجواز والحل أو يخرج تخريجاً جزئياً على أنه إجارة مع الوعد بالبيع ·

الخلاصة
بعد النظر والتأمل ظهر لي جواز هذا العقد إذا سلم من شرط التأمين وإن كان اشتراطه فيه لا يبطل أصل العقد · وسلم أيضاً من جهالة الثمن نتيجة مراجعة الأقساط بالزيادة أو النقص عند التأخر عن السداد · وسبق أن خرجنا تكييفه الفقهي بما يزيل اللبس إن شاء الله · فهو عقد جديد التزم الطرفان الوفاء به وليس فيه ما يخالف نصاً صريحاً من كتاب أو سنة · والمؤمنون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً · والقول بالجواز يتفق مع يسر الشريعة وسماحتها كقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر(1) وقوله ما جعل عليكم في الدين من حرج(2)· ورسول الله صلى الله عليه وسلم (ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن فيه أثم) (3)· متفق عليه ·
فإن كان الصواب حليفي في اجتهادي فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان · والله ورسوله منه بريئان · وصلى الله على الموصوف من ربه بأنه عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم(4) والله أعلم ·          
الهوامش:

(1)  مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة - العدد 5 ص 5062 ·
(1)  لم يرد في كتب السنة هذا اللفظ ويخالف ما هو أصح منه ·
(2)  انظر شرح السنة للبغوي ج8 ص241 ·
(1)  مجموع الفتاوى ج81 ص 36 ·
(2)  ونص الحديث أنه كان يسير على جمل قد أعيا فمر النبي صلى الله عليه وسلم فمر به فدعا له فسار بسير ليس بيسير مثله ثم قال بعنيه بأوقية قلت لا · ثم قال بعنيه بأوقيتين فبعته فاستثنيت حملانه إلى أهلي فلما قدمنا المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه ثم انصرفت فأرسل على إثري قال ماكنت لآخذ جملك فخذ جملك ذلك فهو مالك · اللؤلؤ والمرجان ص 543 ·
(3)  شرح السنة للبغوي ج8 ص241 ·
(4)  تهذيب السنن ج5 ص841 ·
(5)  سنن أبي داود ج3 ص472 ·
(1)  اللؤلؤ والمرجان ص563 ·

(1)  سورة النساء من الآية 92 ·
(2)  صحيح البخاري مع الفتح ج4 ص154 ·
(3)  سورة المائدة من الآية 1 ·
(4)  القواعد النورانية ص 101 ، 211 ·
(1)  البخاري مع الفتح ج4 ص504 ·
(2)  اعلام الموقعين عن رب العالمين ج3 ص983 ·
(1)  القواعد الفقهية ص 911 ·
(2)  القواعد النورانية ص 481-581 ·
(3)  المصدر السابق ص 681 ·
(4)  الأم ج3 ص2 ·
(5)  تبيين الحقائق ج4 ص78 ·
(6)  الموافقات ج1 ص482 ·
(7)  القواعد النورانية لابن تيمية ص 412 ، واعلام الموقعين لابن القيم ج2 ص843 ·
(1)  اللؤلؤ والمرجان ص563 ، البخاري مع الفتح ج5 ص091 ·
(2)  اللؤلؤ والمرجان ص 134 ·
(3)  اللؤلؤ والمرجان ص324 ·
(4)  الموافقات ج1 ص482 ·
(5)  لم يرد في كتب السنة ويخالفه ما هو أصح منه ·
(1)  سورة المائدة من الآية 1 ·
(2)  سورة الاسراء الآية 43 ·
(3)  سنن الدار قطني ج3 ص72 ، وسنن البيهقي ج6 ص97 ، وسنن الترمذي ج3 ص304 وأصله عند البخاري · 
(4)  اللؤلؤ والمرجان ص 21·
(5)  سورة البقرة الآية 72 ·
(1)  القواعد النورانية ص 102 ·
(2)  المصدر السابق ص 202 ·
(3)  سورة البقرة من الآية 572 ·
(4)  سورة النساء من الأية 42 ·
(5)  سورة النساء من الآية 92 ·
(1)  القواعد النورانية ص 881 ·
(2)  اللؤلؤ والمرجان ص 092 ·
(3)  المصدر السابق ص 463 ·
(4)  اللؤلؤ والمرجان ص 673 ·
(1)  حديث ضعيف لا يوجد في دواوين السنة كما يقول ابن تيمية ·
(2)  تحفة الفقهاء للسمرقندي ج3 ص26 ·
(3)  نفس المرجع ج3 ص16 ، وانظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج2 ص951 ·
(1)  بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج2 ص951 ·
(2)  القبس شرح الموطأ ج2 ص348 ·
(3)  الفروق ج3 ص241 ·
(4)  مختصر المزني ج2 ص 302 ، وانظر شرح السنة للبغوي ج8 ص741 ·
(1)  القواعد النورانية ص881 ·
(2)  مجموع الفتاوى ج92 ص31 ·
(3)  القواعد النورانية ص501 ، ومجموع الفتاوى ج92 ص7 ·
(4)  القواعد النورانية ص 211 ·
(5)  نفس المرجع ، وانظر مجموع الفتاوى ج92 ص61 ·
(6)  القواعد النورانية ص 331 ، ومجموع الفتاوى ج92 ص94 ·
(1)  القواعد النورانية ص 341 ·
(2)  مجموع الفتاوى ج92 ص54 ·
(3)  نفس المرجع ص 55 ·
(4)  اعلام الموقعين ج1 ص423 ·
(5)  نفس المرجع ج3 ص383 ·
(6)  المنثور في القواعد الفقهية للزركشي والشافعي ج1 ص29 ·
(7)  فتح الباري ج4 ص504 ·
(1)  المنثور في القواعد الفقهية  مرجع سابق ·
(2)  شرح القواعد الفقهية ص 322 ·
(3)  نفس المرجع ص 55 ·
(4)  شرح المجلة ج1 ص33 ، والمنثور في القواعد الفقهية ج2 ص42 ·
(5)  اعلام الموقعين ج3 ص142 ·

(1)  حاشية ابن قاسم على الروض ج4 ص 874 ·
(2)  نفس المرجع ج4 ص 774 ·
(3)  المغني ج8 ص61 ·
(2)  الاختيارات الفقهية مع الفتاوى الكبرى ج4 ص094 ·

(1) 
(2)  سورة البقرة من الآية 581 ·
(3)  سورة الحج من الآية 87 ·

(1)  الاختيارات الفقهية مع الفتاوى الكبرى ج4 ص094 ·
(2)  مجموع الفتاوى ج02 ص335 ·
(2)  سورة البقرة من الآية 581 ·
(3)  سورة الحج من الآية 87 ·


(1)  سورة البقرة من الآية 581 ·
(2)  سورة الحج من الآية 87 ·
(3)  اللؤلؤ والمرجان ص 316 ·
(4)  سورة التوبة الآية 861 ·


[1] منشورات مجلة البحوث الفقهية المعاصرة

تعليقات