الإشهاد في الطلاق
الإشهاد في الطلاق
قال الحق سبحانه وتعالى:
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ
وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا
يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي
لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا،
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا
الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا" سورة الطلاق " آية 1-2
يوسف إبرام
المقدمة:
الزواج ميثاق غليظ، وعقد أحاطه الإسلام بشرائع وآداب تحفظه من
الانحلال و الهدم، وهو من آيات الله و نعمه على عباده، به يعف العبد ويستمر النسل
وتحفظ الأعراض.قال
سبحانه وتعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا
لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون."
الروم آية 21 ،
وقد نهي المسلم أن يعرض هذا الميثاق لكل ما يفسده، فحث الأزواج على
حسن المعاشرة وحث النساء على حسن التبعل. وكل طلاق من دون بأس فهو ظلم وعدوان إما
على النفس أو على الغير، أو عليهما معا لما يعرض الأولاد للسوء. إن الحديث المنسوب
إلى النبي صلى الله عليه وسلم " أبغض الحلال إلى الله الطلاق، ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق" هو
حديث ضعيف، ولكنه صحيح المعني، يشهد له الحديث الصحيح "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير
بأس فحرام عليها رائحة الجنة " رواه أبو داود، ويؤكده هذا الحديث "إن
الله يوصيكم بالنساء خيرا، إن الله يوصيكم بالنساء خيرا، فإنهن أمهاتكم
وبناتكم وخالاتكم، إن الرجل من أهل
الكتاب يتزوج المرأة وما يعلق يداها الخيط، فما
يرغب واحد منهما عن صاحبه ( حتى يموتا هرما )السلسلة الصحيحة 6/2871.
وعن العلاء الغساني،
قال: لقد بلغني: أن من الفواحش التي
حرم الله مما بطن، مما لم يتبين ذكرها في القرآن:
أن يتزوج الرجل المرأة، فإذا تقادم صحبتهما، وطال عهدهما، ونفضت ما في
بطنها؛ طلقها من غير ريبة. قال الشيخ الألباني
رحمه الله وهذا إسناد صحيح متصل عندي كما حققته في إرواء الغليل 7/42.
ذهب عامة أهل العلم إلى كراهة الطلاق من غير حاجة، بل ورد عن الإمام
أحمد رواية أنه
يحرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه،
فكان حراماً كإتلاف المال، ولقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".وقال ابن تيمية : والطلاق
في الأصل مما يبغضه الله، وهو أبغض الحلال إلى الله، وإنما
أباح منه ما يحتاج إليه الناس كما تباح المحرمات للحاجة. وفي رواية عند أحمد رحمه الله أن الطلاق يدور مع
الأحكام التكليفية الخمسة فيكون إما واجبا أو مستحبا وقد يكون محرما أو مكروها أو
مباحا. "
أما الإمام النووي فلا يرى أن الطلاق يكون مباحا. قال في شرح صحيح مسلم: قال أصحابنا: الطلاق أربعة أقسام: حرام،
ومكروه، وواجب، ومندوب،
ولا يكون مباحاً مستوي الطرفين. " ج 10ص 52
تعرف المرأة المسلمة كثيرا من صور الظلم نظرا
لسوء استعمال ما تبقى من الشريعة الإسلامية، أقصد قوانين الأحوال الشخصية
المكتوبة في الغالب بناء على تقليد لمذهب واحد، أو دون مراعاة للجهل المنشر بين
المسلمين والمسلمات، ولا لتباين الوضع
الحالي المزري للمجتمع الإسلامي مقارنة ببيئة نزول الوحي. لقد نزلت هذه الأحكام
الشرعية زمن الخيرية، فالتزم بها المكلفون على أنفسهم وعلى غيرهم، مع أداء الحقوق ومراعاة الأمانات، ومحبة الخير للغير . أما الآن، وفي مجتمعات غلب
على أهلها الجهل والفوضى وغمط الحقوق، مع
غياب الوازع الديني وتغييب الشريعة ، فعلى
أصحاب القرار أن يراعوا في تطبيقهم للأحكام أن لا يظلم الناس رجالا كانوا أو نساء باسم الشرع الحنيف.
وإني أتساءل مستندا إلى واقع
النوازل القضائية حاليا، هل تناسب مقادير نفقة الأولاد المخصصة للمطلقات غلاء المعيشة ؟
ففي بعض الدول تعطى المرآة مبلغا لا يكفيها حتى لعيش أيام قليلة،
وهل إخراج المرأة من السكن بعد الطلاق ورميها في الشارع مع أولادها
موافق لرحمة الإسلام؟ فكم من مطلقة دفعت
قهرا للتسول أو الحرام حتى تطعم أولادها !
وهل الحكم على الزوجة في كل الأحوال بما يسمى " ببيت
الطاعة" وإلزامها بالرجوع إلى بيت الزوجية
وإن كان الزوج رجل سوء حكم مقبول شرعا ؟
وهل الحكم على زوجة المفقود بوجوب أن تتربص أربع سنوات ثم تعتد
أربعة أشهر وعشر حتى تحل للأزواج، وإلزامها بوجوب إحضار البينة على غياب زوجها حكم مقبول عقلا ؟ بل لا تزال بعض المحاكم تلزم زوجة
المفقود بانتظار أن يصل سن الزوج الغائب إلى
ستين أو سبعين سنة وقيل بتسعين حتى
يحكم لها بالطلاق ؟ وأمثلة أخرى تشهد بوجوب إعادة النظر في كثير من الأحكام غير
القطعية لمواجهة تحديات العصر وانتشار
الجهل، تحقيقا لمقاصد الشرع، وبناء على قواعده الكلية ومن بينها قوله صلى
الله عليه وسلم"
لا ضرر ولا ضرار" على العباد، كل العباد رجالا كانوا أو نساء.
لقد وصف الحق سبحانه وتعالى
عقد الزواج بأنه ميثاق غليظ، فأتت السنة المطهرة فأكدت هذا الوصف بأن جعلت لصحته
توفر شروط محكمة من إيجاب وقبول وحضور ولي الزوجة وشاهدين عدلين، مع انتفاء الموانع مثل التوقيت أو الشغار أو
التحليل وغيره.
أما عند الطلاق فأكثر أهل العلم يقول بوقوع الطلاق بمجرد التلفظ بكلمة الطلاق أو الفراق أو التسريح تصريحا أو
غيرها كناية مع النية، وسواء كان المطلق جادا أو هازلا أو لاعبا. واستدلوا بحديث " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد
النكاح والطلاق والرجعة " قال إبن القيم رحمه الله " وتضمن
أن المكلف إذا هزل
بالطلاق أو
النكاح أو الرجعة لزمه ما هزل به فدل ذلك أن كلام الهازل معتبر وإن لم
يعتبر كلام
النائم والناسي وزائل العقل والمكره" زاد المعاد 5/204 .
ولكن الحديث ضعيف كما قال الترمذي عقب الحديث:
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لأن في إسناده
عبد الرحمن
بن حبيب بن أدرك، والعمل على هذا عند أهل العلم
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. قال فيه النسائي: منكر الحديث. ووثقه ابن حبان.
وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ": مجهول. وقد
ضعف الحديث بهذا السند الشيخ الألباني
في " الإرواء " (6/225) وحسنه بمجموع طرقه. وذهب
الشيخ مصطفى العدوي إلى
تضعيف الحديث
بجميع طرقه في " جامع أحكام النساء " (4/126) فقال: وللحديث شواهد
كلها ضعيفة
واهية أشار إليها ابن حجر في " التلخيص " (3/209) ، والشوكاني في "
نيل الأوطار
" (6/40 ونقل
الشيخ مصطفى
أقوال أهل العلم في المسألة ما ملخصه
:
اختلف أهل العلم في المسألة على قولين :
القول الأول : أن من تلفظ ولو هازلا بصريح لفظ الطلاق فإن طلاقه يقع ودليلهم الحديث الآنف
القول الثاني وهو قول المالكية أن اللفظ الصريح يفتقر إلى النية .
ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ". وقول الله عز وجل:
اختلف أهل العلم في المسألة على قولين :
القول الأول : أن من تلفظ ولو هازلا بصريح لفظ الطلاق فإن طلاقه يقع ودليلهم الحديث الآنف
القول الثاني وهو قول المالكية أن اللفظ الصريح يفتقر إلى النية .
ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ". وقول الله عز وجل:
" وإن عزموا الطلاق فإن
الله سميع عليم
" البقرة: 227 ]
أليس القصد والاختيار وإحضار الشهود أو الذهاب للتوثيق عند القاضي
قيود لو روعيت حاليا لما تعرضت البيوت للفساد والأنساب والأولاد للضياع ؟
أليس إلزام الزوج بإحضار الشهود وسيلة لإبعاده عن جو الخصام والصدام
عسى بحضورهم أن يذكروه بالله فيندم على ما سيقدم عليه ؟
أليس إلزام الناس بتوثيق العقود تحصين لهم من أن يعيشوا في الشبهات
حيث أن الرجل قد يطلق زوجته مرات ومرات، لا يدري عددها وهي لا تزال في عصمته وفراشه،
وهذا أمر حاصل ومشاهد في واقع المجتمع المسلم. هذه الحالة الأخيرة لا تخفى على من
له تجربة في قضايا الزواج والطلاق وسط الأسر المسلمة، فقد سمعت وسمع غيري من زيجات
اعترفن أنهن سمعن الطلاق من أزواجهن عددا لا يحصى من المرات. حتى أصبح التلفظ به
لا يؤثر فيهن على الإطلاق.
قضية الإشهاد في الطلاق:
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الطلاق/آية 1-2
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ
رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ
يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ
حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، فَإِذَا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ
يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ
اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا"
الشهادة عموما:
ذهب جمهور علماء الأمة إلى أن الطلاق يقع من غير إشهاد لأنه حق الزوج
وله أن يتصرف في حقه كيف يشاء واستدلوا بأن المسلمين قديما وحديثا كانوا يطلقون
ولم يشهدوا على هذا فدل على أن قوله تعالى " وأشهدوا ذوي عدل منكم " إنما للندب
مثل قوله تعالى " وأشهدوا إذا تبايعتم " فمن
أشهد على طلاقه فحسن ومن لم يشهد فلا شيء عليه. بل هناك من قال أن آية سورة الطلاق ليست إلا
للرجعة وليست للطلاق.
أقوال المفسرين:
1. قال الطبري وقوله: {
وأشهدوا ذوي عدل منكم } وأشهدوا على الإمساك إن أمسكتموهن, وذلك هو الرجعة ذوي عدل
منكم, وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما. ولكنه نقل قولا عن إبن عباس يقول بأن
الإشهاد للطلاق والرجعة قال: حدثني علي ,
قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قال : إن أراد
مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها , أشهد رجلين كما قال الله { وأشهدوا ذوي عدل منكم }
عند الطلاق وعند المراجعة.
وروى قولا آخر عن السدي مثله.
ج12/ صفحة 121
2. وقال أبن كثير "
وَقَوْله تَعَالَى " وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ " أَيْ عَلَى
الرَّجْعَة إِذَا عَزَمْتُمْ عَلَيْهَا
3. وقال القرطبي : " فيه
ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : " وأشهدوا " أمر بالإشهاد على الطلاق
. وقيل : على الرجعة . والظاهر رجوعه إلى الرجعة لا إلى الطلاق . فإن راجع من غير
إشهاد ففي صحة الرجعة قولان للفقهاء . وقيل : المعنى وأشهدوا عند الرجعة والفرقة
جميعا . وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة ; كقوله تعالى : " وأشهدوا
إذا تبايعتم " [ البقرة : 282 ] . وعند الشافعي واجب في الرجعة , مندوب إليه
في الفرقة . وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد , وألا يتهم في إمساكها ,
ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي ثبوت الزوجية ليرث ." ج 18/صفحة 104
وللإمام الشافعي رحمه الله قول آخر في القديم يرى أن الإشهاد في الطلاق واجب. قال" فأمر
الله عز وجل في الطلاق والرجعة بالشهادة وسمى فيها عدد الشهادة فانتهى إلى شاهدين
فدل ذلك على أن كمال الشهادة على الطلاق والرجعة شاهدان فإذا كان ذلك
كمالها لم يجز فيها شهادة أقل من شاهدين " الأم ج12/ ص 121
ويرى الشيعة الأمامية
فقالوا بأن الأشهاد شرط لصحة الطلاق، قال الطوسي في كتاب الخلاف: كل طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان وإن
تكاملت سائر الشروط، فإنه لا يقع.
وسبب الخلاف هو:
هل الإشهاد يعود إلى الطلاق أي إذا طلقتم النساء
فاشهدوا ذوي عدل منكم أو يعود على الرجعة إي إذا أرجعتموهن فأشهدوا على هذه الرجعة. يرى الشيعة أنه يعود إلى الطلاق بدليل أن
السورة بكاملها أتت لبيان أحكام الطلاق حيث ذكرت عدة أحكام تخصه وهي - أن يكون الطلاق لعدة النساء. 2- إحصاء العدة.3- عدم إخراج النساء من
البيوت.4- خيار الزوج بين الإمساك والمفارقة عند دنو العدة من الانتهاء.5- إشهاد
العدول.6- عدة المرتابة .7- عدة من لا تحيض وهي في سن من تحيض.8- عدة المرأة
الحامل.
أقوال أهل العلم في هذه المسألة:
1. قال شيخ الإسلام إبن
تيمية في الفتاوى:
وقال تعالى: { وأشهدوا ذوي عدل
منكم وأقيموا الشهادة لله } فأمر بالإشهاد على الرجعة ؛ والإشهاد عليها مأمور به باتفاق الأمة ،
قيل : أمر إيجاب . وقيل : أمر استحباب . وقد ظن بعض الناس: أن الإشهاد هو الطلاق،
وظن أن الطلاق الذي لا يشهد عليه لا يقع. وهذا خلاف الإجماع، وخلاف الكتاب والسنة،
ولم يقل أحد من العلماء المشهورين به؛ فإن الطلاق أذن فيه أولا، ولم يأمر فيه بالإشهاد،
وإنما أمر بالإشهاد حين قال: { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف }. والمراد هنا بالمفارقة:
تخلية سبيلها إذا قضت العدة، وهذا ليس بطلاق ولا برجعة ولا نكاح. والإشهاد في هذا
باتفاق المسلمين، فعلم أن الإشهاد إنما هو على الرجعة." مجموع الفتاوى
م33/صفحة 33
لا أدري كيف جزم شيخ الإسلام رحمه الله بأن القول بعدم وقوع الطلاق
خلاف الإجماع وخلاف الكتاب والسنة مع العلم أن الصحابي الجليل عمران بن حصين سئل
عن الرجل يطلق المرأة ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال طلقت
لغير سنة ورجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد رواه أبو داود وابن ماجه
وقال ابن جريج كان عطاء يقول " وأشهدوا ذوي عدل منكم " قال
لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا رجاع إلا شاهدا عدل كما قال الله عز وجل إلا أن يكون
من عذر .
2. قال إبن فرحون صاحب
كتاب تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام :
"واختلف
العلماء في قوله تعالى: { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف. وأشهدوا ذوي عدل
منكم }
فقال بعض العلماء: هو أمر بالإشهاد على الطلاق، وقيل على الرجعة، وقيل المعنى،
وأشهدوا عند الرجعة والفرقة جميعا؛ لأن الله تعالى قال: { وأشهدوا ذوي عدل
منكم }
عقب ذكر الطلاق والإمساك بالرجعة والمفارقة بانقضاء العدة، فوجب أن يرجع ذلك إلى
الجميع رجوعا واحدا إما وجوبا وإما ندبا... و قال ابن رشد: وإذا قلنا إن
الإشهاد واجب، فمعنى ذلك أنه يكون بتركه آثما لتضييع الفروج، وما يتعلق به من الحقوق من غير أن يكون شرطا في صحة الطلاق
والرجعة " ج3 ص
5
3. العلامة الشيخ أحمد
محمد شاكر
يرى الشيخ أحمد محمد شاكر أن الإشهاد شرط لصحة الطلاق فقد أصدر كتابا
سنة 1936 سماه نظام الطلاق في الإسلام قال فيه:
والظاهر من سياق الآيتين أن قوله: (وأشهدوا) راجع إلى الطلاق وإلى
الرجعة معاً والأمر للوجوب، لأنه مدلوله الحقيقي، ولا ينصرف إلى غير الوجوب ـ
كالندب - إلا بقرينة ولا قرينة هنا تصرفه عن الوجوب، بل القرائن هنا تؤيد حمله على
الوجوب لأن الطلاق عمل استثنائي يقوم الرجل وهو أحد طرفي العقد سواء أوافقته
المرأة أم لا كما أوضحنا ذلك مرارا وتترتب عليه حقوق للرجل قِبلَ المرأة وحقوق
للمرأة قبل الرجل وكذلك الرجعة ويخش الإنكار من أحدهما فاشهاد الشهود يرفع احتمال الجحد
ويثبت لكل منهما حقه قبل الآخر فمن أشهد على طلاقه، فقد أتى بالطلاق على الوجه
المأمور به، ومن أشهد على الرجعة فكذلك، ومن لم يفعل فقد تعدى حد الله الذي حده له
فوقع عمله باطلاً، لا يترتب عليه أي أثر من آثاره ـ إلى أن قال – وهذا الذي قلنا هو قول ابن عباس فقد روى عنه
الطبري في التفسير إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد رجلين كما قال الله
" وأشهدوا ذوي عدل منكم" عند الطلاق وعند المراجعة. وهو قول عطاء أيضا
فقد روى عنه عبد الرزاق وعبد بن حميد قال: " النكاح بالشهود والطلاق بالشهود
والمراجعة بالشهود" نقله السيوطي في الدر المنثور " نظام الطلاق في
الإسلام ص 118-119
4. الشيخ أبو زهرة:
علق الشيخ أبو زهرة على قوله تعالى:"وأشهدوا
ذوي عدل منكم" فقال رحمه الله:
" فهذا الأمر بالشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطلاق وجواز الرجعة،
فكان المناسب أن يكون رجعاً إليه، وإن تعليل الإشهاد بأنه يوعظ به من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر يرشح ذلك ويقويه، لأن حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة
حسنة يزجونها إلى الزوجين، فيكون لهما مخرج من الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى
الله سبحانه وتعالى.
وأنه لو كان لنا أن نختار للمعمول به في مصر لاخترنا هذا الرأي فيشترط
لوقوع الطلاق حضور شاهدين عدلين ليمكنهما مراجعة الزوجين فيضيقا الدائرة ولكيلا
يكون الزوج فريسة لهواه ولكي يمكن إثباته في المستقبل فلا تجري فيه المشاحة وينكره
المطلق إن لم يكن له دين والمرأة على علم به ولا تستطيع إثباته فتكون في حرج
شديد" الأحوال الشخصية ص 431
5. الشيخ سيد سابق رحمه الله
قال : " و أخرج السيوطي في الدر المنثور
عن عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء قال: " النكاح بالشهود والطلاق بالشهود
والمراجعة بالشهود" وروى إبن كثير في
تفسيره عن ابن جريج أن عطاء كان يقول في قوله تعالى " وأشهدوا دوي عدل
منكم" قال لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا إرجاع إلا شاهدا عدل إلا من عذر" فقوله لا يجوز صريح في وجوب الإشهاد على
الطلاق عنده رضي الله عنه لمساواته له بالنكاح ومعلوم ما اشترط فيه من البينة.
إذا
تبين لك أن وجوب الإشهاد على الطلاق هو مذهب هؤلاء الصحابة والتابعين المذكورين
تعلم أن دعوى الإجماع على ندبه المأثورة في بعض كتب الفقه مراد بها الإجماع
المذهبي لا الإجماع الأصولي الذي حده الغزالي كما في المستصفى هو " إتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم
خاصة على أمر من الأمور الدينية " لانتقاضه بخلاف من ذكر من الصحابة
والتابعين ومن بعدهم من المجتهدين.
وتبين مما نقلناه عن السيوطي وابن كثير أن
وجوب الإشهاد لم ينفرد به علماء آل البيت عليهم السلام كما نقله السيد المرتضى في
كتاب الإنتصار بل هو مذهب عطاء وابن سيرين وابن جريج كما أسلفنا.
6. الشيخ محمد الطاهر ابن
عاشور
يرى الشيخ أن الأمر بالإشهاد راجع إلى الطلاق والرجعة، ولكن لم يترجح عنده بوضوح هل الإشهاد شرط لصحة الطلاق أم واجب يصح
مع الإثم. فقال في المجلد 28/ ص 309:
" ظاهر وقوع هذا الأمر بعد ذكر
الإمساك أو الفراق، أنه راجع إلى كليهما لأن الإشهاد جعل تتمة للمأمور به في معنى
الشرط للإمساك أو الفراق لأن هذا العطف يشبه القيد وإن لم يكن قيدا، وشأن الشروط الواردة بعد جمل أن تعود إلى
جميعها.
وظاهر صيغة الأمر الدلالة على الوجوب
فيتركب من هذين أن يكون الإشهاد على المراجعة وعلى بت الطلاق واجبا على الأزواج
لأن الإشهاد يرفع أشكالا من النوازل وهو قول ابن عباس وأخذ به يحيى بن بكير من
المالكية والشافعي في أحد قوليه وابن حنبل في أحد قوليه وروى عن عمران بن حصين
وطاووس وإبراهيم وأبي قلابة وعطاء. وقال الجمهور الإشهاد المأمور به الإشهاد على
المراجعة دون بت الطلاق.
أما مقتضى صيغة الأمر في قوله تعالى "وأشهدوا
ذوي عدل" فقيل هو مستحب وهو قول أبي
حنيفة والمشهور عن مالك فيما حكاه ابن القصار ولعل مستند هذا القول عدم جريان
العمل بالتزامه بين المسلمين في عصر الصحابة وعصور أهل العلم، وقياسه على الإشهاد
بالبيع، فإنهم اتفقوا على عدم وجوبه. وكلا هذين مدخول لأن دعوى العمل بترك الإشهاد
دونها منع، ولأن قياس الطلاق والرجعة على البيع قد يقدح فيه بوجود فارق معتبر وهو
خطر الطلاق والمراجعة وأهمية ما يترتب عليهما من الخصومات بين الأنساب، وما في
البيوعات مما يغني عن الإشهاد وهو التقايض في الاعواض.
وقيل الأمر لوجوب المراجعة دون الفرقة وهو أحد
قولي الشافعي وأحمد ونسبه إسماعيل بن حماد من فقهاء المالكية ببغداد إلى مالك وهو
ظاهر مذهب ابن بكير.
واتفق الجميع على أن هذا الإشهاد ليس
شرطا في صحة المراجعة أو المفارقة لأنه إنما شرع احتياطا لحقهما وتجنبا لنوازل
الخصومات خوفا من أن يموت فتدعي أنها زوجة لم تطلق، أو أن تموت هي فيدعي هو ذلك،
وكأنهم بنوه على أن الأمر لا يقتضي الفور.... قال الموجبون للإشهاد لو راجع ولم
يشهد أو بت الفراق ولم يشهد صحت مراجعته ومفارقته وعليه أن يشهد بعد ذلك.
7. الشيخ محمد الغزالي
رحمه الله
عقد الشيخ الغزالي رحمه الله فصلا في كتابه" قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة
والوافدة" سماه " التشدد في
الطلاق" أبدى فيه استغرابه ممن يتشدد في العبادة الشخصية ولا يتشدد في الطلاق، وكذلك استغرب من فقهاء متربصين لكلمة الطلاق
تقال أو تفهم أو تتوهم فإذا هم يحكمون على الحياة الزوجية بالموت كأنما يشتهون
تمزيق الشمل وبعثرة كيان الجميع " ص 181 إلى أن قال " من المتناقضات
الباعثة على الحزن، أن المسلم ينفق أوقاتا
وأموالا في الخطبة والمهر والاثاث والهدايا والعرس قد تكون ألوف الجنهيات في أيام
طوال ثم بعد ذلك كله يقول عليه الطلاق إن عاد إلى التدخين ثم يدخن وتذهب امرأته
في سيجارة وينهار بيت أنفق في إقامته الكثير."
ولكن قد يضيع المال، ولكن
المال والمتاع لا قيمة لهما إذا ما ضاعت الأسرة وانحرف الأولاد وتصدعت أركان
المجتمع .
ثم يضيق الشيخ رحمه الله :" لقد رفض إبن حزم جميع أنواع الطلاق
المعلق واضطر المشرع في مصر من ستين سنة الى التدخل لوقف هذا البلاء فوضع هذه المادة " لا يقع الطلاق غير المنجٌز إذا قصد
به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير."
وجاء في المذكرة الإيضاحية
لهذه المادة " إن المشرع أخذ في إلغاء اليمين بالطلاق برأي بعض علماء الحنفية
والمالكية والشافعية وأنه أخذ في إلغاء المعلق الذي في معنى اليمين برأي علي بن
أبي طالب وشريح القاضي وداود الظاهري وأصحابه "
وأستطيع أن أضم إلى ذلك رفض
الطلاق الذي ليس عليه إشهاد، فالشاهدان لابد منهما لقبول العقد والرجعة والطلاق
على سواء وخير لنا نحن المسلمين أن تقتبس من تراثنا ما يصون مجتمعنا ويحميه من
نزوات الأفراد. أما الزهد في هذا التراث كله فهو الذي فتح الطريق لمحاولات تنصير
قوانين الأسرة" " قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة
والوافدة" ص 184
8. علماء من الأزهر
الشريف:
8/1 رئيس لجنة الفتوى
بالأزهر الشريف في مصر سنة 2001،
نص الفتوى كما نقلته وسائل الإعلام:
أصدر الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف في مصر
سنة 2001، فتوى بأنه لا طلاق إلا بالإشهاد عليه. وأوضح أنها فتوى الإمام علي بن
أبي طالب رضي الله عنه والصحابة، ومعمول بها في المذهب الشيعي.
وأشارت الفتوى إلى انتشار ظاهرة الطلاق بصورة غير عادية بحيث أصبحت
تهدد كيان الأسرة المسلمة، ونصت الفتوى على أنه لا بد أن يجتهد علماء أهل السنة
وأن يأخذوا من مذهب الزيدية -أحد المذاهب الشيعية المعتمدة- خاصة أن هناك من
الأدلة المعتمدة ما يؤكد ما ذهب إليه هذا المذهب، وهو أنه لا طلاق إلا بالإشهاد
عليه أو لا بد من الإشهاد على الطلاق، بدليل قول الله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل
منكم) والمقصود بالإشهاد هذا، الإشهاد على الطلاق، كما جاء في كتب التفاسير
المتعددة، ويؤكد ذلك ما ذهب إليه ابن عباس(رحمه الله) وغيره: (لا طلاق ولا عتاق
ولا نكاح إلا بشاهدي عدل).
8/2. أمين عام اللجنة العليا
للدعوة في الأزهر فقال:
قال الشيخ جمال قطب: " إن الإشهاد على الطلاق شرط مفقود خاصة في
هذا الزمان، فقد أصبح الطلاق ظاهرة خطيرة تهدد كيان الأسرة المسلمة ومرضا مستشرياً
ينخر في جسد الأمة حيث تتشرد الأسر ويضيع الأطفال....إننا عندما نفتي أو نجتهد لا
بد من وضع عدة أمور في حسباننا أهمها أن مقاصد الشريعة الإسلامية هي تحقيق مصلحة
العباد ودفع الفساد عنهم وقضاء المصالح، فهل المصلحة أن تتشرد الأسرة ويهدم
بنيانها بفعل الطلاق المتسرع
8/3 أما الشيخ البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة:
" ليس من المعقول أن يشدد الإسلام في شروط عقد الزواج، وصفه
بالميثاق الغليظ وتكون له شروط خمسة: (انعقاد وصحة ولزوم ونفاذ وقانونية) ثم ينقض
بكلمة، هذا غير صحيح فالإشهاد شرط أصبح مفقوداً، ولا بد أن نعلم أن الإبلاغ
والأخبار ليس إشهادا".
9. القانون المصري الجديد:
ورد في نص المادة 21 من القانون بأنه " لا يعتد في إثبات الطلاق
عند الإنكار إلا بالإشهاد
والتوثيق "
حسب هذا القانون الجديد فإن الطلاق لا يعتد به إلا بالإشهاد عليه
وتوثيقه وذلك أسوة بالزواج الذي لا يعتد به قانونا إلا بتوثيقه في ورقة رسمية وذلك
تلافيا لمشاكل عديدة منها أن بعض الأزواج ينكرون إيقاع الطلاق على الزوجة
لأغراض في أنفسهم-
أما بهذا النص الجديد المستحدث في هذا
القانون فإنه إذا أوقع الزوج الطلاق لفظا
على زوجته ورفض توثيقه أو الإشهاد عليه فإن الزوجة لا تعد مطلقة وهذا الأمر
يترتب عليه منع الأزواج من استخدام
لفظ الطلاق بسهولة ولأسباب غير مناسبة كالتهديد بعدم
الخروج أو غيره وبذلك يصبح استخدام لفظ الطلاق في موضوعه الصحيح ألا وهو
الاتفاق النهائي على إنهاء العلاقة
الزوجية مما يعيد الاحترام لهذه العلاقة ويمنع العبث
بها لأسباب تافهة.
10. دليل القضاء الأسري
المغربي 2003
مند استقلال
المغرب والمحاكم الشرعية تطبق ما يعرف
بمدونة الأحوال الشخصية المبنية على القول الراجع عند الإمام مالك، ولكن بعد الحملة الشرسة من بعض الجهات اليسارية
اضطرت الجهات الرسمية عرض قانون جديد وافقت عليه كل المؤسسات العلمية المغربية وأكثر
الجماعات الإسلامية ثم صادق عليه البرلمان المغربي. نص هذا القانون على وجوب
الإشهاد في الطلاق فقال :
باب إجراءات
الطلاق
" يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به
لدى عدلين منتصبين لذلك، بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية، أو موطن
الزوجة، أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب. يتضمن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق،
هوية الزوجين ومهنتهما وعنوانهما، وعدد الأطفال عند الاقتضاء، وسنهم ووضعهم الصحي
والدراسي. "
الخاتمة:
لقد رغب الشارع الحكيم في الزواج والإحصان وأمر الناس أن يحافظوا على هذا الرباط وعدم تعريضه للسوء، كما حث المرء على أن لا
يتعجل في قرار الفراق فإن كره من زوجته
خلقا رضي منها بآخر وهي كذلك. وقد يطلق
تهورا أو لكراهية عارضة ولكن تهوره واستعجاله قد يحرمه من خير غيبي مستقبلا،كما
قال " فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه كثيرا"
مثل دوام التعفف أو الذرية الصالحة أو احتمال تغير السلوك
والطباع أو سعة في الرزق أو الأجر على الصبر . فكل ما يعين على الطلاق مذموم مثل
قوله صلى الله عليه وسلم " لعن الله
من خبب امرأة عن زوجها " ، وكل ما يعين على استمرارية الزواج محبوب ومنه
إحضار الحكمين " إن يريدا إصلاحا
يوفق الله بينهما " . هذه هي النتيجة ينبغي أن لا ينساها كل من أراد أن يفتي
في وقوع الطلاق من عدمه.
فاعتبار الشهود في الطلاق حفاظا على الأسرة ليس إلا أملا في أن الأمر
إذا كثرت قيوده عز وجوده. ولعل قوله تعالى"
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
" إشارة إلى أن الذهاب لإحضار الشهود وقت الخصام قد يحدث الله أمرا آخرا من
مراجعة النفس ومحاسبتها والتفكير مليا بهدوء وتروي قبل الإقدام على الطلاق.
كما أن إحضار الشهود وسيلة لضمان الحقوق لمن أراد إنكارها أو التلاعب بها فكم من مطلقة ظلت معلقة لأن الزوج أنكر أنه
تلفظ بكلمة الطلاق فلا هي ذات زوج ولا هي
سرحت سراحا جميلا.
لقد تنبهت كثير من المؤسسات التشريعة في العالم العربي إلى الفوضى
القائمة في المجتمع المسلم، فبدأت على
استحياء تغيير بعض مواد الأحوال الشخصية درءا للمشاكل المتكاثرة .
أما في بلاد الغرب، فلا بد من حسم هذه القضية حيث أن الزوج يتلفظ بالطلاق ثم لا يصرح به لدى
الدوائر الحكومية ويبني عليه أحكام الطلاق
من ترك البيت والنفقة وعدم الخلوة وغيرها،
وتظل المرأة مطلقة شرعا وزوجة رسميا، لأن
الزوج يخاف أن تسحب منه أوراق الإقامة إن صرح به أمام القضاء ، وتظل المطلقة حائرة
هل تتزوج بناء على الطلاق الشفوي، أو تعتبر نفسها زوجة بناء على العقد الرسمي. بل
هناك صور أخرى من صور التلاعب والخداع تفنن فيها كثير من الناس ولا حول ولا قوة
إلا بالله.
إن القول بوجوب تسجيل الطلاق
لدى الدوائر الحكومية أو عند السلطات
القنصلية أو المجالس الشرعية المعترف بها في بعض البلاد الأوربية أو الإشهاد عليه في المراكز الإسلامية سيساعد
لا شك في تخفيف المعاناة وتقليل مظاهر الفوضى والظلم المنتشر في الأسرة المسلمة في
الغرب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية": "المقصود من القضاء وصول
الحقوق إلى أهلها ، وقطع المخاصمة، فوصول
الحقوق هو المصلحة ، وقطع المخاصمة إزالة المفسدة ، فالمقصود هو جلب تلك المصلحة
وإزالة هذه المفسدة ، ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض" مجموع الفتاوى 35 /
355
لابد من قرار واضح وصريح يمنع كثيرا من الأزواج من تطليق زوجاتهم شفويا
ودون إشهاد، وبدون توثيقه لدى المحاكم الغربية، إما خوفا من سحب رخصة الإقامة. أو
بقصد إيذاء المرأة ، فكلما كانت حالة الطلاق
بغير تراض إلا وطال الفصل فيها، فقد تصل مدة انتظار حكم القاضي الأوربي إلى
أكثر من ثلاث سنوات أو يزيد، أما لو كان
الطلاق مبنيا على التراضي فلا يدوم أكثر من ستة إلى ثمانية اشهر. أما الزوج فيجد لنفسه حلا بالزواج ثانيا وثالثا
عن طريق الزواج العرفي المنتشر ، وأما المطلقة فليس لها إلا الإنتظار.
والله أعلم
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم