القائمة الرئيسية

الصفحات



حرز السيارات صوره – أحكامه

حرز السيارات صوره – أحكامه



حرز السياراتصوره – أحكامه


إعداد:
الشيخ/ خالد بن عبد العزيز بن إبراهيم الجريد *([1])  
المقدمة
   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
   فهذا بحث بعنوان: «حرز السيارات صُورَه وأحكامه»، وقد انتظم البحث في تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة.
   التمهيد: في عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال.
   المبحث الأول: حقيقة الحرز، وفيه ثلاثة مطالب:
   المطلب الأول: تعريف الحرز في اللغة وفي الاصطلاح.
   المطلب الثاني: ضابط الحرز.
   المطلب الثالث: أنواع الحرز.
   المبحث الثاني: معنى السيارة، وبيان حرزها، وفيه مطلبان:
   المطلب الأول: معنى السيارة في اللغة وفي الاصطلاح المعاصر.
   المطلب الثاني: حرز السيارات.
   المبحث الثالث: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات، وفيه ثلاثة مطالب:
   المطلب الأول: شروط السرقة إجمالاً.
   المطلب الثاني: سرقة السيارة نفسها.
   المطلب الثالث: السرقة من السيارة، وفيه مسألتان:
   المسألة الأولى: سرقة قطعة من قطع السيارة، أو جزء من أجزائها.
   المسألة الثانية: سرقة متاع من السيارة من غير أجزائها.
   الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات.
   هذا وأسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، إنه حير مسؤول وأكرم مأمول، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التمهيد
عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال


   أباحت الشريعة الإسلامية كسب المال وتملكه من الطرق المباحة، وأثبتت للإنسان حق التملك والتصرف في هذا الملك، وثبوت الحقوق عن طريق الشرع يعني أن تلك الحقوق مصونة، محفوظة عن التعدي عليها، وإلا لم يكن لإثباتها فائدة، بل لا يتصور؛ للتناقض الذي تتنزه عنه شريعة الإسلام المحكمة الخاتمة التي ارتضاها الله – تعالى – ديناً للعباد؛ فقال – عزّ وجلّ -: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا )) ([2]).
   ومن جملة الحقوق التي عنيت الشريعة الإسلامية بحفظها وتكفلت بصيانتها الحقوق المالية.
   وفي نصوص الوحيين المتكاثرة ما يكون أصلاً لذلك؛ وأنّى لأحد أن يحيط بها جمعاً وفهماً، ولكني أذكر هنا بعض النصوص الشرعية العامة التي تدل على عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الحقوق بأنواعها، والتحذير من التعدي عليها؛ فمن ذلك:
   قول الله – عزّ وجلّ -: (( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) ([3]).
   وقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ )) ([4]).
   وهاتان الآيتان بعمومهما دالتان على عدم جواز التعدي على الحقوق المالية؛ فيشمل النهي فيهما التعدي على المال بأنواعه؛ لأن المال لم يرد له حد في اللغة ولا في الشرع؛ فيكون مردّه إلى العرف يُبيِّن المقصود منه، ولذلك قرر العلماء أن مفهوم المال يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأعراف.
   وعليه فإن النهي عن أكل أموال الآخرين بالباطل يشمل كل ما يدخل في مفهوم المال، مما يتعارف الناس على ماليته.
   ومن ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» ([5]).
   وقوله صلى الله عليه وسلم في أكبر اجتماع للناس، في حجة الوداع، في أعظم بقعة: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضهم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا»([6]).
   فهذه النصوص وغيرها من النصوص دالة على تحريم الاعتداء والظلم والإضرار بالآخرين، وقد أجمع المسلمون على أن أخذ أموال الناس وأكلها ظلماً لا يحل، وأن الله – عزّ وجلّ – حرم ذلك ([7])؛ مما يبين حفظ الشريعة الإسلامية لحقوق الناس، بشتى أنواعها، وصيانتها عن الاعتداء عليها بأية صورة من صور الاعتداء.
   ومن هذه الأموال، بل من أهمها: السيارات التي جعل الله تعالى منها بفضله ومنّه وسيلة يستعين بها الناس في قضاء كثير من حوائجهم ومتطلباتهم، حتى أصبحت في هذه الأيام من الوسائل التي تشتد حاجة الناس إليها، ولا غنى لهم عنها؛ فإذا ثبت أن تملكها من الحقوق الثابتة لأصحابها بمقتضى الشرع؛ فإنه لا يجوز التعدي عليها بأي صورة من صور التعدي، ومن ذلك السرقة، وفي النصوص السابقة ما يجعلها محفوظة لأصحابها.
   ونظراً لما يلاحظ في المقروء والمسموع من كثرة الاعتداء بسرقة السيارات [بها ومنها ولها] في هذه الأيام أفردت هذا البحث المتواضع في بيان حقيق السيارات وصوره وأحكامه.
   أسأل الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم.

المبحث الأولحقيقة الحرز

وفيه ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: معنى الحرز في اللغة والاصطلاح
   الحرز في اللغة: مأخوذ من الحفظ والتحفظ، يقال: حرزته واحترزهو، أي: تحفظ، وأصل الحرز في اللغة: الموضع الحصين، والمكان الذي يحفظ فيه، والجمع أحراز، وأحرزت المتاع جعلته في الحرز([8]).
   وفي الاصطلاح: تعددت عبارات الفقهاء في بيان المراد منه، مع وجود التقارب في بيانه، ومن تعريفاتهم للحرز ما يلي:
   1- عرفه الموصلي من الحنفية بأنه: «ما يصير به المال محرزاً عن أيدي اللصوص»([9]).
   20 وعرفه ابن رشد من المالكية بأنه: «ما من شأنه أن تحفظ به الأموال كي يعسر أخذها، مثل: الأغلاق والحظائر، وما أشبه ذلك» ([10]).
   3- وعرّفه القرطبي من المالكية بقوله: «الحرز: هو ما نُصِب عادةً لحفظ أموال الناس، وهو يختلف في كل شيء بحسب حاله»([11]).
   4- وعرفه الماوردي من الشافعية بأنه: «ما يصير به المال محفوظاً»([12]).
   5- وعرّفه الحجاوي من الحنابلة بقوله: «وحرز المال: ما العادة حفظه فيه، ويختلف باختلاف الأموال والبلدان وعدل السلطان وجوره، وقوته وضعفه» ([13]).
   ومن هذه التعاريف يظهر التواطؤ بين المعنى اللغوي والشرعي للحرز: من أن الحرز هو المكان المعدّ لحفظ المال فيه، كما نجد أن النقول متفقة على أن حرز كل شيء بحسبه، وأنه يختلف باختلاف الأموال والأمكنة والأزمنة والأحوال ونحو ذلك ([14])، والله أعلم.
المطلب الثاني: ضابط الحرز
   لم يرد في الشرع للحرز حقيقة اصطلاحية، إذا أطلق تبادرت تلك الحقيقة إلى الأذهان، كما هو الحال في الصلاة والصوم والنكاح وغيرها؛ بل تُرِك ذلك لما تعارف الناس عليه بما يعرفون ويألفون، وهذا يعني أن مفهوم الحرز قابل للتبدل بحسب اختلاف الأعراف زماناً ومكاناً.
   ولأنه لم يرد للحرز تعريف محدد في اللغة أو الشرع؛ فإن المرجع في بيان معناه هو العرف؛ لأن مقتضى قاعدة الأسماء المطلقة في الشريعة الإسلامية هو اعتبار الحقيقة الشرعية؛ فإن لم يوجد فيها تحديد فاللغوية؛ فإن لم يوجد فيها تحديد فالمعرفة.
   وقد نص الفقهاء – رحمهم الله تعالى – على أن كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع؛ فالمرجع فيه إلى العرف ([15]).
   قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى -: «والحرز: ما عُدَّ حرزاً في العرف؛ فإنه لما ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه عُلم أنه ردّ ذلك إلى أهل العرق؛ لأنه لا طريق إلى معرفته إلا من جهته؛ فيرجع إليه، كما رجعنا إليه في معرفة القبض الفرقة في البيع وأشباه ذلك»([16]).
   وبناءاً على ما قرّره العلماء – رحمهم الله تعالى – فيما سبق يتبين أن ضابط الحرز وتحديد مفهومه إنما يرجع إلى العرف، وأن الإحراز يختلف باختلاف المُحرزات وكيفية إحرازها زماناً ومكاناً، ومن الأمور التي ذكر بعض العلماء أن الأحراز تختلف بناءً على اختلافها وتفاوتها ما يلي:
   1- اختلاف جنس المال ونفاسته.
   2- اختلاف البلدان؛ فإن كان البلد واسع الأقطار كثير الدعّار – أي: المفسدين – غلظت أحرازه، وإن كان صغيراً قليل المارّ، لا يختلط بأهله غيرهم خفت أحرازه.
   3- اختلاف الزمن؛ فإن كان زمان سِلْم ودَعَة خفّت أحرازه، وإن كان زمان فتنة وخوف غلظت أحرازه.
   4- اختلاف السلطان؛ فإن كان عادلاً غليظاً على أهل الفساد خفّت أحرازه، وإن كان جائراً مهملاً لأهل الفساد غلظت أحرازه.
   5- اختلاف الليل والنهار؛ فيكون الإحراز في الليل أغلظ لاختصاصه بأهل العبث والفساد([17]).
   وقد يضاف إلى ما سبق:
   6- اختلاف البلاد وتفاوتها من حيث الحكم بشرع الله – عز وجل -، وتطبيقه في الأحكام عامة وفي الحدود خاصة؛ فلاشك أن البلد الذي يطبّق أحكام الشرع يقلّ فيه المفسدون فتقل أحرازه، والبلاد التي لا تطبق شرع الله تعالى يكثر فيها المفسدون فتغلظ أحرازها.
   وجملة ما سبق أنه يعتبر في الحرز شرطان ([18]):
   الشرط الأول: العرف.
   الشرط الثاني: عدم التفريط.
   وذلك لأن المال المحرز هو ما لا يُعدّ صاحبُه مضيعاً.

المطلب الثالث: أنواع الحرز

   الحرز نوعان:
   1- حرز بنفسه، ويسمى حرزاً بالمكان، وهو كل بقعة معدة للإحراز يمنع الدخول فيها إلا بإذن كالدار والبيت.
   2- وحرز بغيره، ويسمى حرزاً بالحافظ: وهو كل مكان غير معدٍّ للإحراز، لا يُمْنَع أحد من دخوله؛ كالمسجد والسوق.
   ولما كان ضابط الحرز وتحديد مفهومه يرجع إلى العرف، وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان ونوع المال المراد حفظه، وباختلاف حال السلطان من حيث العدل أو الجور، ومن حيث القوة أو الضعف – اختلف الفقهاء في الشروط الواجب توافرها ليكون الحرز تاماً، ليقام الحد على من يسرق منه.
   فذهب الحنفية ([19]) إلى أن الحرز بنفسه: كل بقعة معدَّة للإحراز يمنع دخولها إلا بإذن، كالدور والحوانيت والخيم والخزائن والصناديق والجرن وحظائر الماشية، سواء أكان الباب مغلقاً أم مفتوحاً أو لا باب لها؛ لأن هذه الأبنية قُصِد بها الإحراز كيفما كان، ولا يُشترط في الحرز بنفسه عندهم وجود حافظ، ولو وُجد فلا عبرة به.
   أما الحرز بغيره: فهو كل مكان غير معد للإحراز يدخل إليه بدون إذن ولا يمنع منه؛ كالمساجد والطرق والأسواق، وهي لا تُعد حرزاً إلا إذا كان عليها حافظ، أي: شخص ليس له من مقصد سوى الحراسة والحفظ؛ فإن كان له مقصد آخر فلا يكون المال محرزاً به.
   وذهب المالكية ([20]) إلى أن الحرز بنفسه: كل مكان اتخذه صاحبه مستقراً له، أو اعتاد الناس وضع أمتعتهم به، سواء أكان محاطاً أم غير محاط؛ كالبيوت والحوانيت والخزائن وكالجرن التي يُجمع فيها الحب والتمر وليس عليه باب ولا حائط ولا غلق، وكالأماكن التي يضع التجار بضائعهم فيها، في السوق أو في الطريق دوت تخصين، وكالأماكن التي تُراح فيها الدواب دون بناء، أو التي تُناخ فيها الإبل للكراء.
   أما الحرز بغيره فهو المكان الذي لم يتخذ صاحبه مستقراً له، ولم تجر العادة بوضع الأمتعة فيها؛ كالطريق والصحراء، وهو يكون حرزاً بصاحب المتاع إن كان قريباً من متاعه عرفاً، بشرط أن يكون حياً عاقلاً مميزاً.
   وعند الشافعية ([21]) لا يكون حرزاً بنفسه إلا المكان المغلق المعد لحفظ المال داخل العمران؛ كالبيوت والحوانيت وحظائر الماشية، فإن كان المكان غير مغلق بأن كان بابه مفتوحاً أو ليس له باب، أو كان حائطه متهدماً أو به نقب؛ فإنه لا يُعد حرزاً بنفسه.
   وإن كان المكان خارج العمران، بأن كان منفصلاً عن مباني القرية أو البلدة ولو ببستان، فلا يكون حرزاً بنفسه، ولا يرى الشافعية ما يمنع من اعتبار الحرز بنفسه حرزاً بالحافظ إذا اختل الحفظ بالمكان.
   أما الحرز فهو كل مكان لم يعد لحفظ المال، أو كان خارج العمران أو غير مغلق، وهو لا يكون حرزاً إلا بملاحظ يقوم بحراسة المال، بحيث لا يعتبر العرف صاحبه مقصراً عند سرقته، والملاحظة يختلف مداها باختلاف نوع الحرز.
   ويتفق الحنابلة مع الشافعية في أن الحرز بنفسه هو كل موضع مغلق معد لحفظ المال داخل العمران كالبيوت والحوانيت وحظائر الماشية، فإن لم يكن مغلقاً فلا يُعد حرزاً بنفسه، وإن لم يكن معداً لحفظ المال كالسوق والمسجد فلا يُعدّ حرزاً بنفسه، وإن كان خارج العمران فلا يُعدّ حرزاً بنفسه، ولا يرى الحنابلة مانعاً من اعتبار الحرز بنفسه حرزاً بالحافظ إذا اختل الحرز بالمكان بأن أذن للسارق بالدخول أو كان الباب مفتوحاً، أما الحرز بغيره فهو الموضع الذي لم يعدّ لحفظ المال دون حافظ في العادة؛ كالخيام والمضارب، أو الموضع المنفصل عن العمران؛ كالبيوت في البساتين والطرق والصحراء، مغلقة كانت أو مفتوحة فلا تكون حرزاً إلا بحافظ أياً كان ([22]).
المبحث الثاني
معنى السيارة وبيان حرزها
وفيه مطلبان:
   المطلب الأول: معنى السيارة في اللغة، وفي الاصطلاح المعاصر
السيارة في اللغة: مأخوذة من الفعل (سير)، وفي معجم مقاييس اللغة: أن السين والياء والرّاء أصل واحد يدل على مضي وجريان، يقال: سار يسير سيراً، وذلك يكون ليلاً ونهاراً، ومنه السيرة، وهي الطريقة في الشيء والسنة، سميت بذلك؛ لأنها تسير وتجري ([23]).
   والسيّارة: القافلة ([24])، ومنه قوله تعالى: (( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ ))[يوسف:19] ([25])، سميت بذلك لكثرة سيرها.
   وأما السيّارة في الاصطلاح المعاصر فعرِّفت بأنها:
   «عربة آلية سريعة السير، تسير بالبنزين ونحوه، وتستخدم في الركوب أو النقل»([26]).
   والسيارة إذا أطلقت في زماننا هذا فهي معروفة، لا يكاد يجهلها أحد، بل يعرفها الصغير والكبير، والجاهل وغير الجاهل؛ لأنها مما تمّس حاجة الناس اليوم إليها، وعليها المعوّل في غالب تنقلاتهم.
   ومن المعلوم أن السيارات أنواع كثيرة؛ فمنها ما يستخدم للنقل الخاص، أي: لنقل الأشخاص والأمتعة الخفيفة – وهي الأكثر – ومنها ما يستخدم لنقل الجماعات الكثيرة من الناس، ومنها ما يستخدم لنقل الأحمال الثقيلة، أو لنقل الماء والوقود، وغير ذلك من الاستخدامات المتعددة؛ فضلاً من الله تعالى ونعمة؛ فالحمد والشكر له – سبحانه – على تفضله وإنعامه.
المطلب الثاني: حرز السيارات
   من المعلوم أن السيارات بأنواعها هي من الآلات التي استحدثت في العصور المتأخرة بعد اكتشاف النفط، والاستفادة منه في تطبيقات صناعية كثيرة، منها صناعة المعدات الآلية والتي منها السيارات، ثم ما زالت هذه السيارات في تطوّر وتحسّن حتى وصلت إلى ما نراه اليوم من أنواع ومواصفات كثيرة؛ ولذا كان من الطبعي ألاّ يتطرق الفقهاء  المتقدمون في كتبهم لمسألة حرز السيارات؛ لأنها لم تكن قد وجدت آنذاك، وإنما تطرّقوا لحرز بعض الأشياء التي كانت تقوم – في عهدهم – مقام السيارات الآن؛ كحرز الإبل، وحرز السفن، وفصّلوا الكلام في حكم سرقة الإبل وسرقة السفن، وحكم السرقة منها، وحرز كل منها.
   والحقيقة أننا في حاجة إلى بيان حرز السيارات نظراً لما نلحظه من كثرة السرقات الواقعة عليها؛ فهل يُقال: إن السيارات تأخذ حكم الإبل أو السفن من جهة الإحراز وعدمه، أم إن لها حكماً آخر؟
   ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أن السيارات تأخذ حكم الإبل في الإحراز وعدمه([27])، ولعل من ذهب إلى هذا نظر إلى أن السيارات الآن لما قامت مقام الإبل في التنقل وحمل الأثقال، ونحو ذلك؛ فإنها تأخذ حكمها؛ لأن البدل يأخذ حكم المبدل.
   وبناءً على هذا الاتجاه – وقياساً على ما ذكره الفقهاء في حرز الإبل – فإن حرز السيارات الواقفة داخل العمران يكون – على مذهب الحنفية والمالكية – هو وجودها في مكانها المتعارف على وضعها فيه، سواء أكانت داخل الدار أم في الطريق أم في مكانها المعدّ لبيعها في السوق، أم في الأماكن المعدّة لها عموماً؛ كمواقف السيارات.
   وإذا أوقفت السيارة في مكان غير متعارف على وضعها فيه؛ كأن تكون عند المسجد أو في السوق في غير المكان المعدّ لها فإنها تكون غير محرزة. أما إذا كانت خارج العمران فإنها لا تكون محرزة إلا بالحافظ.
   أما بناءً على مذهب الشافعية والحنابلة فإن السيارة لا تكون محرزة إلا بحافظ؛ فإذا كانت مقفلة؛ فيكتفى بالحافظ ولو كان نائماً. هذا بناءً على ما تقدم بيانه من نوعي الحرز، وهما: الحرز بالمكان والحرز بالحافظ، وما يترتب على كل منهما من أحكام. والذي يظهر – والعلم عند الله تعالى – أن في قياس السيارات على الإبل في طريقة إحرازها بُعداً؛ ذلك لأن السيارات وإن كانت بديلاً عن الإبل في بعض الاستخدامات إلا أنها تختلف عنها وتفارقها في أمور كثيرة من أهمها:
   أولاً: أن الإبل يمكن سرقتها بمجرد فكّ عقالها إن كانت معقولة ثم قيادتها، بخلاف السيارة فهي تحتاج لفتح قفل بابها، ثم تشغيلها وإدارة محركاتها، وهذا وذاك لا يكونان إلا بمفتاح، ثم إن كل سيارة لها مفتاح خاص بها.
   ثانياً: أن عادة الناس في هذه الأيام في إحراز السيارات تختلف عن عادتهم – في هذه الأيام كذلك – في إحراز الإبل؛ فكل منهما له طريقة معينة في الحفظ والإحراز، فدلّ على التفاوت بينهما.
   ثالثاً: أن الحرز إنما يعتبر بالعادة، وعادات الناس تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة – كما سبق بيانه – وتختلف كذلك باختلاف المال المحرز، بل إن السيارات فيما بينها قد تختلف أحرازها باختلاف الزمان والمكان؛ فإذا جاز اختلافها فيما بينها؛ فإن اختلافها عن الإبل من باب أولى. فإذا تبيّن بُعد قياس السيارات على الإبل في الإحراز؛ فإن الأقرب أن يقال: إن حرز السيارات إنما يعتبر بالعرف والعادة التي درج عليها الناس في ذلك البلد وذلك الزمان؛ فما عدّه الناس حرزاً لمثل هذه السيارة حُكِم بأنه حرز لها، وما عدّه الناس غير حرز حُكِم به كذلك؛ أخذاً بالقاعدة الفقهية المشهورة: (القاعدة مُحَكَّمة) ([28]).
   وقد أكّد الفقهاء – رحمهم الله تعالى – قديماً على هذا المعنى فيما يتعلق بخصوص الحرز، من ذلك قول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى -: «وانظر إلى المسروق، فإن كان في الموضع الذي سرق فيه تنسبه العامة إلى أنه في مثل ذلك الموضع محرز فاقطع فيه، وإن كانت العامة لا تنسبه على أنه في مثل ذلك الموضع محرز فلا يقطع فيه» ([29]).
   وقال: «الأحراز تختلف فيحرز بكل ما يكون العامة تحرز به»([30]).
   ويقول ابن قدامة – رحمه الله تعالى -: «والحرز ما عُدَّ حرزاً في العرف؛ فإنه لما ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه؛ عُلِم أنه ردّ ذلك إلى أهل العرف؛ لأنه لا طريق إلى معرفته إلا من جهته؛ فيرجع إليه، كما رجعنا إليه في معرفة القبض والفرقة في البيع وأشباه ذلك» ([31]).
   وبهذا يتبين أن المحكَّم في ضبط حرز السيارات إنما هو العرف، وذلك للأمور التالية:
   أولاً: أن الشارع أثبت اعتبار الحرز في وجوب القطع من غير تنصيص على بيانه؛ فعُلِم أنه ردّ على عرف الناس فيه؛ فيؤخذ به في حرز السيارات.
   ثانياً: أن الرجوع في ضبط الحرز إلى العرف هو في حقيقته رجوع إلى الشرع، فإن الشرع ما ترك التحديد إلا أن الحرز لا ينضبط([32]).
   ثالثاً: أن ضبط حرز السيارات بضابط محدد غير العرف لا يمكن؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الزمان والمكان، واستتباب الأمن وضعفه، ويختلف كذلك باختلاف أنواع السيارات واختلاف استخداماتها.
   وبهذا يتبين أن ضابط الحرز في السيارات هو العرف، ولكن ينبغي أن ينضمّ إلى ذلك ضابط آخر هو عدم حصول التفريط في إحراز السيارة؛ لأن التفريط في الإحراز يضعفه؛ إذ الحرز في اللغة يدل على الحفظ والصيانة عن الأخذ([33])، والتفريط يضاد ذلك.
   ولذا فسّر بعض الفقهاء المُحرز بأن صاحبه لا يُعدّ مضيِّعاً ([34])، وقال الماوردي – بعد بيانه للحرز وأنه يختلف باختلاف المُحرزَات -:
   «وجملة ذلك اعتبار شرطين: العرف، وعدم التفريط»([35]).
   والذي يظهر: أنه لابُدّ من اعتبار هذين الشرطين في حرز السيارات، والله – تعالى – أعلم.
المبحث الثالث
أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: شروط السرقة إجمالاً
   يثبت حد القطع إذا توافرت الشروط المعتبرة في السرقة وهي([36]):
   1- أن تكون السرقة من حرز ([37])، وحرز كل شيء بحسبه، والمحكَّم في ذلك العرف وهو يختلف باختلاف الأموال والأمكنة والأزمنة والأحوال.
   2- أن يكون المسروق مملوكاً تاماً لغير السارق.
   3- أن يكون المسروق محترماً؛ فلا قطع على من سرق آلة تستخدم للمعصية؛ كأن تستخدم في الغناء والطرب، أو تزوير وتزييف النقود، أو في إجهاض الأجنة ونحو ذلك، وكذلك لا قطع في سرقة كتبٍ محرمة، كالمشتملة على كفر أو شركيات أو سحر وكهانة ونحو ذلك، لأن كل هذه الأشياء غير محترمة، بل محرمة، يجب إتلافها وإفسادها.
   4- انتفاء الشبهة، بألا يكون فيه شبهة استحقاق للسارق، لأن وجود الشبهة يدرأ الحد، تبعاً للقاعدة المطردة في كتاب الحدود، وهي درء الحدود بالشبهات، وأهل العلم متفقون على ذلك([38]).
   5- أن يكون المسروق نصاباً.
   ومقدار نصاب السرقة الموجب للقطع هو – على الصحيح – ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، أو ما تبلغ قيمته ذلك.
   6- مطالبة المسروق منه بماله على الصحيح.
   7- ثبوت السرقة بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين.
   فإذا سرق مكلف سيارة مع توافر الشروط السابقة وجب إقامة حد السرقة عليه بقطع يده، وذلك حفظاً للأموال التي بها قوام الحياة، ولأن المال محبوب إلى النفوس تميل إليه الطباع البشرية وخاصة عند الحاجة، ومن الناس من لا يردعه عقل، ولا يمنعه نقل، ولا تزجره ديانة، ولا ترده مروءة الأمانة، فلولا الزواجر الشرعية من القطع والصلب ونحوهما، لبادر إلى أخذ الأموال مكابرة على وجه المجاهرة، أو خفية على وجه الاستسرار، وفيه من الفساد ما لا يخفى، فناسب شروع هذه الزواجر، حسماً لباب الفساد، وإصلاحاً لأحوال العباد ([39])، والله – تعالى – أعلم.
المطلب الثاني: سرقة السيارة نفسها
   سرقة السيارات من الجرائم التي كثرت وفشت في هذه الأيام، وما زلنا نسمع ونقرأ بين آونة وأخرى أخباراً تترى عن سرقة السيارات حتى أصبح كثير من الناس لا يستغرب إذا ما قرأ أو سمع بنبأ سرقة سيارة في مكان ما، ولا ريب أن لهذه الجريمة أسباباً وأغراضاً متعددة ليس هذا هو مقام بحثها، إلا أنها تعود في مجملها إلى ضعف الإيمان ونقص الوازع وكثرة المفسدين ووسائل الإفساد، والذي يسبر الواقع يجد أن سرقة السيارات قد أخذت صوراً عديدة، أذكر فيما يلي أهمها، مع أن البحث سيكون متوجّهاً إلى سرقة سيارات النقل الخاصة؛ لأن غالب السرقة تقع عليها – كما هو ملاحظ -، ومن أهم تلك الصور:
أولاً: سرقة السيارات من عند المنازل.
   اعتاد الناس في هذه الأزمنة إيقاف سياراتهم الخاصة أمام منازلها، وقليل هم أولئك الذين لديهم مواقف خاصة لسياراتهم داخل المنزل، والذين لديهم تلك المواقف قد لا يداومون على إدخال سياراتهم فيها، وعلى كل حال فإن الأمر لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون السيارة موقفة داخل سور المنزل وأبواب السور مغلقة:
   ففي هذه الحالة تكون السيارة مُحرزة، ومن سرقها فقد سرقها من حرزها، سواء أكانت أبواب السيارة مغلقة أم مفتوحة، وسواء أكان عندها حافظ – أي: حارس وضع لحراستها – أم لا، وهذا بناءً على ما قرره الفقهاء من أن الدور والبيوت والحظائر تعد حرزاً بنفسها إذا كانت أبوابها مغلقة، وهذا عند فقهاء الشافعية والحنابلة الذين يشترطون في الحرز نفسه – كالبيوت والحظائر والحوانيت – أن تكون أبوابه مغلقة؛ فإن كان المكان غيري مغلق بأن كان مفتوحاً أو ليس له باب فإنه لا يعد حرزاً بنفسه.
   وأما على قول فقهاء الحنفية والمالكية فإن إخراج السيارة من داخل السور يعد إخراجاً لها من حرزها، ويترتب عليه حدّ القطع، سواء أكان باب السور مغلقاً أو مفتوحاً.
   والذي يظهر لي – والله أعلم – أنه إذا كان باب السور مغلقاً؛ فهو حرز لها، وإخراج السيارة بعد ذلك هو إخراج لها من حرزها يستوجب حدّ القطع، وينبغي ألاّ يكون ذلك محل خلاف.
   أما إذا كان باب السور مفتوحاً أو غير مغلق بالغلق المعروف (القفل) أو متهدماً أو لا باب له؛ فإننا ننظر إلى حال السيارة؛ فإن كانت أبوابها مغلقة فهي مُحرزة – كما سيأتي بيانه في الحالة الثانية – وإن كانت غير مغلقة؛ فالذي يظهر أن الإحراز هنا ناقص، والقاعدة أن «النقصان في الحرزية يمنع من وجوب القطع»([40]).
   الحالة الثانية: أن تكون السيارة موقفة أمام المنزل:
   وهذا حال أغلب الناس في هذه الأيام، ومع ذلك فإن السيارة الواقفة أما المنزل لا تخلو من حالتين:
   الحالة الأولى: أن تكون مطفأة المحرِّك، مغلقة الأبواب؛ فالذي يظهر لي أن السيارة في هذه الحالة محرزة، وأن من سرقها من هذا المكان فقد سرقها من حرزها؛ فيستحق القطع عند توافر الشروط وانتفاء الموانع، وذلك أن الناس – في هذه الأيام – جرت عادتهم على هذا الصنيع؛ فهم – مع شحّهم بسياراتهم التي هي من أثمن أموالهم وحرصهم عليها – هكذا يحرزونها؛ فيرجع إلى عادتهم في ذلك.
   الحالة الثانية: أن تكون السيارة غير مطفأة المحرك، أو غير مغلقة الأبواب، أو قد ترك مفتاحها فيها أو قريباً منها؛ فالذي يظهر أن صاحبها في هذه الحالة قد فرّط في حفظها وإحرازها، وهي إن لم تكن محرزة فإنها على الأقل ناقصة الإحراز؛ والنقصان في الحرزية يمنع من وجوب القطع، ومما يؤيد حصول التفريق: أن من حصل منه ذلك فإن الناس ينسبونه إلى التفريط ويلومونه عليه.
ثانياً: السرقة من معارض السيارات.
   معارض السيارات هي الأماكن المخصصة لبيع السيارات، سواء أكانت لبيع السيارات الجديدة أو المستعملة، ومن خلال الواقع يلاحظ أن قد جرت العادة في السيارات المعروضة للبيع أن تحفظ داخل بناء أو حائط (معرض) يكون له باب، وقد يضعون مع ذلك حافظاً – أي حارساً مخصصاً للحراسة – وعندئذٍ يقال:
   إن وجود صاحب المعرض أو العاملين فيه أثناء مدة العمل يعد حرزاً لجميع السيارات التي في المعرض، حتى وأن لم تكن أبواب السيارات مغلقة؛ وذلك لأن القاعدة أن الإنسان حرز لما عليه أو معه أو يحرسه ([41])، وأن من سرق بحضرة رب المتاع يقطع ([42]).
   وإذا كان المعرض مغلقاً على ما بداخله من سيارات؛ فإن السيارات التي بداخله تعد محرزة بهذا البناء المقفل، وهو المعرض.
   وكذلك الحال إذا كان هناك حارس مخصص للملاحظة والحراسة؛ فهو حرز لها، حتى وإن كان باب المعرض مفتوحاً.
   وبناءً على ما سبق فإن من سرق سيارة في إحدى الحالات السابقة فهو مخرج لها من حرزها، ويكون شرط السرقة من الحرز قد تحقق فيه.
   أما ماعدا ذلك من الصور فلا تخلو من أن تكون السيارة غير محرزة أو تكون محرزة إحرازاً ناقصاً، كما إذا كان باب المعرض مفتوحاً، والسيارة كذلك غير مقفلة، ولا يوجد من يلاحظها – وهذا نادر؛ فلاشك أن هناك تفريطاً واضحاً تحصل معه شبهة في وجوب القطع على الآخذ فيدرأ بها، والله – تعالى – أعلم.
   مسألة: ولعله قريب من معارض السيارات الأماكن المخصصة لتصليح السيارات (الوُرَش)، ومراكز الصيانة؛ فالعادة في هذه الأماكن أن تكون داخل بناء، وتكون تحت ملاحظة العاملين في هذه الأماكن؛ فتأخذ حكم ما تقدم في معارض السيارات، من جهة ضابط الإحراز وعدمه، والله تعالى أعلم([43]).
ثالثاً: السرقة من المواقف المخصصة للسيارات.
   جرت العادة في هذه الأيام على تحديد مواقف مخصصة للسيارات عند المرافق وفي الأماكن العامة، كما هو الحال عند المساجد أو الجامعات أو الأسواق أو المستشفيات أو المطارات أو الدوائر الحكومية الأخرى، ونحوها، وهذه المواقف لا تخلو من حالتين:
   الحالة الأولى: أن تكون السيارات داخل سور أو حائط أو بناء معين، له باب، ويكون عليها حارس مخصص لحفظها وحراستها؛ ففي هذه الحالة يعد هذا الحارس حرزاً لجميع السيارات التي داخل الموقف، وسرقة سيارة من هذه السيارات من موقفها يعد سرقة لها من حرزها يتوجه معه القول بوجوب القطع.
   الحالة الثانية: أن تكون هذه المواقف بدون سور أو حافظ، كما هو الحال في المواقف التي عند المساجد أو الأسواق او على جانب الطرق العامة داخل العمران؛ ففي هذه الحالة يظهر – والله تعالى أعلم – أن من أوقف سيارته في هذه المواقف المعدّة لوقوف السيارات يكون قد وضعها في المكان المخصص لوقوفها؛ فيكون حرزاً لها، وعلى هذا جرت عادة الناس، والواقع يشهد بأنه لا يمكن إحرازها بأكثر من ذلك، في الوقت الذي اعتاد الناس إيقاف سياراتهم فيه في هذه المواقف.
   ومع ذلك فإنه ينبغي التحقق من عدم حصول التفريط أو النقصان في الإحراز؛ كأن تترك السيارة مفتوحة، أو يترك مفتاحها فيها، أو أن تكون غير مطفأة المحرك ونحو ذلك من الأمور التي تشعر بالإهمال والتفريط؛فيكون ذلك مانعاً من وجوب القطع.
   وكذلك الحال بالنسبة لإيقاف السيارة في إحدى الطرق؛ فيعتبر في ذلك عرف الناس في هذا المكان، ومدى اعتباره ملائماً لوقوف تلك السيارة فيه([44])؛ فإن كان ملائماً فهو حرز لها بشرط ألاّ يَنْضَمَّ إلى ذلك تفريط؛ كأن يتركها مدة تشعر بأن هذا السيارة مهملة.
   ومن المعلوم أن الصور لا تنحصر ولكن مرجع ذلك كله – كما سبق – إلى العرف وعدم التفريط، والعرف قد يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولهل من ذلك أن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – قد أفتى في زمنه بأن وقوف السيارات في السوق ليس حرزاً لها؛ فقال: «السيارات ليس حرزاً وقوفها في السوق»([45]).
   أقول: ولعل مقصد الشيخ – رحمه الله تعالى – أن وقوف السيارات في السوق ليس حرزاً لها بعد انصراف الناس، وإغلاق الأسواق؛ لأن وقوفها بعد ذلك ليس وقوفاً معتاداً، وقد يقال بأن هذا مبني على اختلاف العرف في عهد الشيخ – رحمه الله تعالى – عن العرف في هذه الأيام؛ فلربما لم تكن آنذاك مواقف مخصصة لوقوف السيارات، والله – تعالى – أعلم ([46]).
رابعاً: سرقة السيارات من الطرق التي تربط بين المدن.
   من المعلوم أن وسائل المواصلات في هذه الأزمنة قد تعددت وتيسرت بما هيّأه الله تعالى للناس من طائرات وقطارات وسفن وسيارات، واعتاد كثير من الناس التنقل بين المدن بسياراتهم، مع أن المسافات بين المدن طويلة، والمساحات شاسعة، مما يحتاج معه الوقوف للراحة ثم متابعة السفر؛ فما المعتبر في حرز السيارات في هذه الحالة؟
   أقول – وبالله التوفيق -: إنه لا يدخل في مسألتنا هذه، ولا حتى في المسائل المتقدمة الاستيلاء على السيارة غصباً أو مكابرة، وذلك لإجماع العلماء على أنه ليس على الغاصب ولا المكابر قطع، إلا أن يكون قاطع طريق، شاهراً للسلاح على المسلمين، مخفياً للسبيل؛ فهذا حكمه حكم المحارب ([47]).
   والبحث هنا هو فيما إذا أوقف شخص سيارته بجانب الطريق، وهو في سفر؛ فما المعتبر في إحرازها، الذي يتحقق معه أن السيارة قد أُخِذت من حرزها؟
   الذي يظهر: أن إيقاف السيارة بجانب الطريق خارج العمران لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون وقوف السيارة في أماكن مخصصة للوقوف.
   كما هو الحال في بعض الطرق الطويلة، حيث تخصص مواقف للوقوف، تجتمع فيها مجموعة من السيارات، والغالب أن سائق السيارة يكون فيها أو قريباً منها؛ فعندئذٍ تكون السيارة واقفة في حرزها؛ لأنها واقفة في الموقف المعتاد لها في هذه الحالة، وإن لم يلاحظها سائقها، ما دامت في مجتمع من السيارات.
الحالة الثانية: أن يكون وقوف السيارة في غير الأماكن المخصصة للوقوف.
   فإن الأمر حينئذ لا يخلو كذلك من حالين: إما أن يكون صاحب السيارة فيها أو ملاحظاً لها أو لا.
   فإن كان فيها ولو نائماً، أو ملاحظاً لها فهو في حرز لها؛ لجريان العادة بذلك ([48])، وقد نص الفقهاء – كما سبق – على أن الإنسان حرزٌ لما عليه أو معه أو يحرسه وهو يقظان أو نائم، بل نقل عدم الخلاف في ذلك ([49])، ونصول على أن من سرق بحضرة رب المتاع يقطع ([50]).
   وإن أوقفها على جانب الطريق وهو ليس فيها ولا قريباً منها؛ فإنها تكون في هذه الحالة غير محرزة لا بالمكان ولا بالحافظ؛ لأن العادة أن وقوفها في مثل هذا المكان لا يُعدّ إحرازاً لها، وكذلك الحال في السيارات التي توقف خارج العمران، والله – تعالى – أعلم.
المطلب الثالث: السرقة من السيارة
   وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: سرقة قطعة من السيارة أو جزءاً من أجزائها
   صورة هذه المسألة أن يعمد شخص إلى سيارة فيسرق شيئاً من قطعها أو أجزائها المركبة أو المربوط فيها؛ فهل يعدّ هذا آخذاً لها من حرزها أو لا؟.
   الذي يظهر – والله تعالى أعلم -: أن قطع السيارة المركبة فيها والمشدودة إليها – كالعجلات والأنوار ونحوها – إحرازها يكون بوضعها مشدودة ومربوطة في أماكنها المخصصة لها ([51])؛ فمن أخذ شيئاً من هذه الأجزاء بأن حلَّها من مكانها المشدودة إليه فهو آخذ لها من حرزها؛ شريطة أن تكون السيارة ذاتها مُحرَزة، فإن كانت السيارة غير محرزة؛ كأن تكون خارج العمران بدون حافظ؛ فإن أجزاءها المركبة فيها تأخذ حكم السيارة نفسها في عدم الإحراز. والحاصل أن السيارة إذا كانت في حرز معتبر، وأُخِذ جزء من أجزائها من مكانه المشدود إليه، وتحقق من بلوغه النصاب؛ فإنه يتوجه القول بوجوب القطع إذا توافرت باقي الشروط، وانتفت الموانع والشبهات، والله – تعالى – أعلم.
المسألة الثانية: سرقة متاع من السيارة من غير أجزائها.
   صورة هذه المسألة: أن يقوم شخص بسرقة متاع من سيارة ما؛ فهل تعد السيارة حرزاً لما فيها أو عليها؟
   بحث الفقهاء – رحمهم الله تعالى – في مسألة الحرز وأحكامه مسألة السرقة من على ظهر الدابة أو الرَّجُل أو السفينة، وذكروا أن ظهر الدابة والرَّجُل لما عليه، وأن السفينة حرز لما فيها ([52]).
   والذي يظهر أن السيارة كذلك حرز لما فيها أو عليها إذا كانت السيارة نفسها محرَزة، سوار بصاحبها أو بمكانها وكان ما عليها محكماً مشدوداً عليها.
   وإذا كانت البضاعة أو المتاع على سيارة نقل مثلاً، معبّأً في جوالقها، واستلها من رصّتها من تحت شدتها المعقود عليها من حبال، أو جنازير قُطع؛ لأنه حرز مثلها.
   وإن سرق السيارة بما عليها من حملها قُطع، وذلك أن السيارة وما عليها محرزة بصاحبها أو قائدها أو تابعها؛ فيقطع سارقها كما لو سرق متاعاً محرزاً به بالبيت ([53]).
   وإذا كان المتاع داخل السيارة قد أُحكمت عليها أبوابها، والسيارة في حرز مثلها؛ فإن ما بداخلها يكون مُحرَزاً بها؛ كالأغلاق تكون حرزاً لما فيها .
   أما إذا كانت السيارة غير مغلقة، ولم يكن عندها حافظ فاُخذ منها متاع؛ فإنها لا تُعد سرقة؛ لعدم الإحراز.
   وينبغي مع ما سبق النظر إلى المسروق إن كانت السيارة تصلح حِزراً لمثله أو لا.
   فإن كان ما بداخلها مما يترك مثله في السيارة؛ كالنقود والذهب والجواهر فقد يقال بعدم القطع على من سرقها؛ لأن مثل هذه الأشياء لا توضع عادة في السيارة؛ فليست في حرز، والله – تعالى – أعلم ([54]).
الخـــاتـمة
   لعل أهم نتائج هذا البحث تتلخص في الآتي:
   1- أن الضابط في حرز السيارات مرجعه إلى أمرين:
   الأول: عادة الناس التي درجوا عليها في حفظ سياراتهم، وهذه تختلف باختلاف الزمان والمكان، وغيرهما من الأمور المؤثِّرة.
   الثاني: عدم التفريط، وهذا ثابت حتى مع تغير العادات والأعراف.
   2- أن وجود الإنسان بحضرة سيارته يعد حرزاً لها، سواء أكان يقظاً أم نائماً.
   3- أن إيقاف السيارة داخل بناء محكم بين العمران؛ كأسوار المنزل، أو معارض السيارات ونحوها يعد حرزاً لها.
   4- أن إيقاف السيارة أمام المنزل، أو في موقف صحيح مناسب لمثلها، مقفلة الأبواب، يعد حرزاً لها، بشرط عدم التفريط والإهمال، وعلى هذا جرت عادة الناس في هذه الأيام، والقاعدة (أن العادة محكّمة)، ويترتب على ذلك أن سرقتها من هذه الأماكن سرقة لها من حرزها تستوجب القطع.
   5- أن إيقاف السيارة في مكان مّا خارج العمران لا يعد حرزاً لها ما لم يكن معها حافظ.
   6- أن وجود أجزاء السيارة في أماكنها المخصصة لها مربوطة في السيارة، مشدودة إليها يعد حرزاً، شريطة أن تكون السيارة نفسها مُحرَزة.
   7- أن سرقة شيء من الأمتعة في السيارة أو عليها بعد سرقة تستوجب القطع إذا بلغ المسروق نصاباً، وكانت السيارة محرزة وصالحة لإحراز مثل ذلك المسروق.
   8- «أن شرائط العقوبة يراعى وجودها بصفة الكمال، لما في النقصان من شبهة العدم»، وعليه فإن «النقصان في الحرزية يمنع من وجوب القطع».
   9- أن عدم وجوب القطع لتخلف شرط أو وجود مانع لا يمنع من إيقاع عقوبة التعزيز؛ حفظاً لأموال المسلمين وحقوقهم، خصوصاً مع انتشار جريمة سرقة السيارات وتعدد أساليبها وصورها.
   10- الحرص على تبصير الناس، وبخاصة النشء بوجوب احترام حقوق الآخرين وأموالهم، وحرمة التعدي عليها. 
   11- وجوب إيقاع حدّ السرقة على من ثبت بحثه الاعتداء بسرقة سيارة معصومة، والحرص على إشهار هذه العقوبات ردعاً للمفسدين.
   هذا ما تيسر لي جمعه حول هذا الموضوع، فإن أصبت فمن الله وأحمده على ذلك وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله.
   وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



([1])* القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة ينبع.
([2]) الآية 3 من سورة المائدة.
([3]) الآية 188 من سورة البقرة.
([4]) الآية 29 من سورة النساء.
([5]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وماله وعرضه، ص1124، الحديث (6541).
([6]) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب: الحج، باب الخطبة أيام منى، من حديث ابن عباس، وأبي بكرة، وعبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنهم – ص280، الأحاديث: 1739، 1740، 1742، ومسلم في صحيحه: كتاب القسامة والمحاربين، باب: تغليظ الدماء والأعراض والأموال، من حديث أبي بكرة – رضي الله تعالى عنه – ص 743، الحديث 1679.
([7]) ينظر: الإشراف 2/350، الإجماع، لابن المنذر ص184، حلية الفقهاء ص145، مراتب الإجماع ص100.
([8])  ينظر: المحيط في اللغة (3/7)، ومعجم مقاييس اللغة (ص236)، لسان العرب (ص3/121).
([9]) الاختيار لتعليل المختار 4/125.
([10]) بداية المجتهد 2/550.
([11]) الجامع لأحكام القرآن 6/106.
([12]) الحاوي الكبير 13/280.
([13]) زاد المستقنع ص141.
([14]) ينظر: الحدود والتعزيرات عند ابن القيم، بكر أبو زيد ص361.
([15]) ينظر: البيان، للعمراني 12/444، الحاوي، للماوردي 13/281، الموافقات 4/24، مجموع الفتاوى لابن تيمية 7/9، 24/40، 29/16، 227، القواعد النورانية ص133، إعلام الموقعين 1/337، الفروق للقرافي 3/283، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، للإسنوي ص230، مغني المحتاج للشربيني 4/215، المنثور في القواعد للزركشي 2/193، الأشباه والنظائر للسيوطي ص98، رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة للسعدي ص16، 67.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في الفتاوى 29/15، 16: «وكل اسم فلابد له من حدّ؛ فمنه ما يعلم حده باللغة؛ كالشمس، والقمر، والبر، والبحر، والسماء، والأرض. ومنه ما يعلم بالشرع؛ كالمؤمن والكافر والمنافق، وكالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وما لم يكن له حد في اللغة ولا في الشرع؛ فالمرجع فيه إلى عرف الناس.».
([16]) المغني 12/ 427.
([17]) ينظر: الحاوي الكبير 13/282، فتح القدير 5/308، شرح منتهى الإرادات 3-368.
([18]) ينظر: الحاوي الكبير 13/282.
([19]) ينظر: المبسوط 9/150، الاختيار لتعليل المختار 4/355، بدائع الصنائع 9/301، فتح القدير 5/384، حاشية ابن عابدين 6/143.
([20]) ينظر: حدود ابن عرفة مع شرحها 2/651، تبصرة الحكام 2/191، شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
([21]) الحاوي للماوردي 13/285.
([22]) ينظر: المغني 12/427.
([23]) ينظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس ص487.
([24]) ينظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي ص412.
([25]) بعض الآية (19) من سورة يوسف.
([26]) المعجم الوسيط ص476.
([27]) ينظر: مكافحة جريمة السرقة في الإسلام، خليفة البراهيم الزرير ص72.
([28]) هذه القاعدة هي إحدى القواعد الخمس الكلية المعروفة وهي من القواعد المهمة في الفقه الإسلامي، وقد رجع إليها الفقهاء في أمور كثيرة حتى قال عنها السيوطي – رحمه الله تعالى -: إنها مسائل لا تعدّ كثرة، وهي إحدى أربع قواعد ردّ القاضي حسين إليها جميع مذهب الشافعي – رحمهما الله تعالى -.
ولأهمية هذه القاعدة أوجبوا على المفتي معرفة العوائد، وسؤال المستفتي عن عادات يومه قبل أن يفتي في مسألة. وأما المقصود بالعادة فقد عُرِّفت بأنها «الأمر المتكرر من غير علاقة عقليّة»، وهذا هو تعريف ابن أمير الحاج في التقرير والحبير 1/282، واختاره الدكتور يعقوب الباحسين في كتابه: قاعدة (العادة محكمة)، وينظر فرقه بين العرف والعادة في ص49.
ينظر: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات، حسين بن معلوي الشهراني (6).
([29]) الأم 6/148.
([30]) المرجع نفسه.
([31]) المغني 12/427.
([32]) ينظر: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/136.
([33]) ينظر: لسان العرب 3/121.
([34]) ينظر: فتح القدير 5/380، الخرشي على مختصر خليل 5/97، جواهر الإكليل 2/98.
([35]) الحاوي الكبير 13/382.
([36]) ينظر: الاختيار لتعليل المختار 4/134، وبداية المجتهد 2/547، وما بعدها، روضة الطالبين 7/326، وما بعدها، مغني المحتاج 4/207 وما بعدها، زاد المستقنع ص142، 141.
([37]) سبق تعريف الحرز في المبحث الأول.
([38]) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص162، المغني 12/344.
([39]) الاختيار لتعليل المختار 4/124.
([40]) المبسوط 9/154.
([41]) ينظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
([42]) ينظر: تبصرة الحكام 2/192، جواهر الإكليل 2/292، الخرشي على مختصر خليل 5/99/ منح الجليل شرح مختصر خليل 7/315.
([43]) ينظر: مكافحة جريمة السرقة في الإسلام، للزرير (73)، وسرقة السيارات بين الفقه والقانون، رسالة ماجستير لعثمان الجريِّد (69-78).
([44]) أجرت جريدة الجزيرة في عددها الذي صدر يوم الجمعة بتأريخ 9/7/1421هـ لقاءً مع فضيلة الشيخ إبراهيم الخضيري، القاضي بالمحكمة العامة بالرياض، حول السرقة وأحكامها، وكان من ضمن اللقاء سؤال عن سرقة السيارات؛ فأجاب الشيخ يقوله: «سرقة السيارات فيها حكم القطع إذا سرقها وقد أغلقها صاحبها وأوقفها في موقف صحيح؛ فإنه تقطع يد السارق». انتهى كلامه.
([45]) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/142.
([46]) ينظر: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات ص8.
([47]) ينظر: بداية المجتهد 4/400، 401.
([48]) ينظر فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/142، تكملة المجموع، للمطيعي 22/182.
([49]) ينظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
([50]) ينظر: تبصرة الحكام 2/192، جواهر الإكليل 2/292، الخرشي على مختصر خليل 5/99، منح الجليل شرح مختصر خليل 7/315.
([51]) ينظر: مكافحة السرقة في الإسلام ص73، أحكام الحرز في الفقه الإسلامي.. إبراهيم بن ناصر السحيباني ص77 (بحث تكميلي للماجستير من المعهد العالي للقضاء، بإشراف فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله المطلق، 1417هـ).
([52]) ينظر: المدونة 6/290، تبصرة الحكام 2/192، القوانين الفقهية ص377، شرح الزرقاني 2/99، 101، منح الجليل 7/ 313.
([53]) ينظر: تكملة المجموع، للمطيعي 22/181، 182.
([54]) أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات (9).

تعليقات