جامعــة مولــود معمــري- تيـــزي وزو
كليـــــة الحقـــوق
قســــم الماجستيـــر
فرع القانون الخاص
المسؤوليــة المهنية
إتفاقات المسؤولية في عقد التأمين
من إعداد
الطالبة: نوال شعباني
تحت إشراف
الأستاذ: بوبشير محند أمقران
السنة
الدراسية: 2008-2009
مقدمـــــة:
لقد فرضت كثرة المخاطر و عظم الأضرار
المنبعثة من أوجه النشاط الإنساني على المشرع البحث عن وسيلة يضمن بها للمضرور
الحصول على حقه في التعويض.
و نعيش في الوقت الحاضر عصر ازدهار التأمين
و تنوع مجالاته، حيث نجده متغلغلا في مختلف الأنشطة ، إذ أصبح التأمين يمثل ركيزة
أساسية من ركائز الاقتصاد القومي من خلال ما يوفره من رؤوس أموال ضخمة تغذي السوق
المالية.
و البحث في أحكام عقد التأمين فيما
يتعلق بالمسؤولية من الأمور العسيرة ،ذلك أنها تمثل المجالات التي تقع عليها
التزامات الأطراف في ضمان المخاطر ، و هي تخضع لقواعد عاما و أخرى خاصة.
و إذا كان عقد التأمين في الأصل كباقي
العقود يعطي الحرية للمتعاقدين في تعديل أحكام المسؤولية(المبحث الأول) ، فإنه
أمام حيوية التأمين و خطورته كانت الحاجة الماسة للتدخل التشريعي لضبط و تقييد
عمليات التأمين ،و بسط الرقابة عليها حماية للطرف الضعيف في العقد من تعسف شركات
التأمين( المبحث الثاني).
و لبحث هذا الموضوع ننتهج الخطة
الآتية:
إتفاقــات المسؤوليـــة فــي
عقــد التأميـــن
مقدمـــــة
المبحث الأول:
حريـــة إتفاقــات المسؤوليـــة فــي عقــــد التأميـــن
المطلب الأول:
الإتفاقات الخاصة بمحل و شروط العــقد
الفرع الأول:حرية
الإتفاق على الخطر المؤمن عليه
الفرع الثاني: إمكانية
تعديل الشروط بعد إبرام العقد
المطلب الثاني: الإتفاقات
الخاصة بالإلتزامات المالية المتبادلة
الفرع الأول: الإتفاق
على كيفية دفع القسط
الفرع الثاني:
الإتفاق على دفع مبلغ التأمين
المبحث الثاني:
القيود القانونية على اتفاقات المسؤولية في عقد التأمين
المطلب الأول:
القيـــود العامــــة
الفرع الأول:
إلزامية تحديد البيانات
الفرع
الثاني: بطلان الشروط التعسفية في العقد
المطلب الثاني:
القيــــود الخاصـــة
الفرع الأول:
القيود الخاصة بالتأمين على الأشخاص
أولا:
تحديد أطراف العقد
ثانيا:
عدم إمكانية رجوع المؤمن على المستفيد
الفرع الثاني:
القيود الخاصة بالتأمين على السيارات
أولا:إلزامية
التأمين على السيارات
ثانيا:إلزامية
الأخطار و الأضرار محل الضمان
الخاتمـــة
المبحث الأول: حريـــة إتفاقــات المسؤوليـــة فــي عقــــد التأميـــن
طبقا للمادة 619 من التقنين المدني
الجزائري(1)، فإنّ التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن
يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو يراد
أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه ، وذلك مقابل
قسط أو أية دفعة ملية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
إنّ القاعدة العامة تقتضي بأنه يجوز
للأطراف الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية كون العقد شريعة المتعاقدين،و ينشىء
عقد التأمين إلتزامات متبادلة على كاهل الطرفين(2)، فيمكن للأطراف الإتفاق
فيما يتعلق بأحكام محل و شروط العقد من جهة(المطلب الأول)، و حول ما يفرضه العقد
من إلتزامات مالية متبادلة( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإتفاقات
الخاصة بمحل و شروط العــقد
يتمثل موضوع و محل عقد التأمين أساسا
في الخطر، و يمكن لأطراف عقد التأمين و هم المؤمن والمؤمن له أو المستفيد ،
الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية الخاصة بالخطر(الفرع الأول) المؤمن عليه، و
كذلك لهما الحرية في تعديل الشروط بعد إبرام العقد( الفرع الثاني).
الفــرع الأول: حرية
الإتفاق على الخطر المؤمن عليه
يتميز عنصر الخطأ في عقود
التأمين بمختلف أصنافه بأنه حادث مستقبلي محتمل الوقوع ، فلا يجوز لشخص أن يؤمن
على متجر من الحريق و يكون ذلك قد حصل بعد إبرام العقد ، فيكون العقد باطلا ، ولكن
مادام الخطر محقق الوقوع وغير مخالف للنظام العام(3)، كأن يكون محل العقد هو خطر التهريب أو الإتجار
بالمخدرات، و بما أن التأمين على الأشخاص يتسم بالطابع الإختياري ، فإنّ الأخطار
المؤمن منها تتسم أيضا بالإختيارية، و بالتالي يجوز لأطراف عقد التأمين الاتفاق
على تعديل الأحكام المتعلقة بالخطر(4).
(1): أمر رقم: 75-58 مؤرخ في:26 سبتمبر1975
يتضمن القانون المدني، (جريدة رسمية عدد 78 صادرة بتاريخ:30-09-1975 )،
معدل و متمم.
(2): معراج جديدي، محاضرات في قانون
التأمين الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 2007، صفحة:35.
(3):تنص المادة 621 من
القانون المدني الجزائري على أنه:"تكون محلا للتأمين كل مصلحة اقتصادية
مشروعة تعود على الشخص
من دون وقوع خطر معين".
(4): أنظر: إبراهيم أبو النجا،التأمين، القانون الجزائري، الأحكام العمة طبقا لقانون
التأمين الجديد، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة
الثالثة،الجزائر ، 1985 ،
صفحة
إنّ الأخطار التي يمكن للأطراف الإتفاق على ضمانها في عقد التأمين على الأشخاص
نصت عليها المادة 63 من القانون رقم 95-07 المتعلق بالتأمينات(1) وهي:
§
الأخطار المرتبطة بمدة الحياة
البشرية.
§ الوفـاة
إثر حادث.
§
العجـز الدائم الجزئي أو الكلي.
§
العجز المؤقت عن العمل.
§ تعويض
المصاريف الطبية والصيدلانية والجراحية.
الفــرع الثاني: إمكانية
تعديل الشروط بعد إبرام العقد
يشترط المشرع في معظم دول العالم أن
يستوفي العقد بعض الشكليات حتى يمكن أن
ينتج آثاره القانونية ، و المشرع الجزائري يشترط لصحة عقود التأمين أن يكون
مكتوبا، و لم يحدد أن تكون الكتابة في شكل محرر عرفي أو رسمي و ترك الأمر إلى
إرادة الأطراف(2) ،غير أن المعمول به في عقود التأمين أن تفرغ في نماذج
معدة مسبقا من طرف شركات التأمين .
و ما يميــز عقد التأميــن إمكانية
إضافـة بعض البنود أو تعديل بعض الشروط بعد إبرام العقد ،
و يتم ذلك بواسطة ملحق التأمين.
و تدرج الشروط
الجديدة في ملحق التأمين إتفاق الطرفين و هما
المؤمن و المؤمن له، تسمى هذه الشروط بالشروط الخاصة أو الإضافية، لأنها
تكتب باليد أو بآلة الكتابة، وهذا ما نصت عليه المادة 9 من القانون المتعلق بالتأمينات(3)،
وهذا لما تطرأ بعد إبرام عقد التأمين، ظروف جديدة تستدعي إجراء تعديل في شروط أو
بيانات هذا العقد، ففي مثل هذه الحالات، بدلا من أن يلجأ المتعاقدان إلى إبرام عقد
جديد، يحرر المؤمن بالاتفاق مع المؤمن له ملحق الوثيقة، تتضمن ما يريدون إضافته على
عقد التأمين الأصلي من تعديل.
(1): أمر رقم: 95-07 مؤرخ في:25 يناير 1995 يتضمن قانون التأمينات، (جريدة رسمية عدد 13 صادرة بتاريخ: 08-03-1995)،
معدل و متمم.
(2): معراج جديدي، المرجع السابق، صفحة 65.
(3):تنص المادة القانون
رقم 95 -07 المتعلق بالتأمينات على أنه:"لا يقع أي تعديل في عقد التأمين
إلا بملحق يوقعه الطرفان".
و يمثل ملحق
الوثيقة الاتفاق على بعض التعديلات في شروط الوثيقة الأصلية المثبتة لعقد التأمين
و التعديل الذي يتضمنه الملحق قد يتعلق بزيادة مبلغ التأمين أو مدة العقد، أو
تغيير المخاطر المؤمن منها بالإضافة أو التعديل و أدراج شروط جديدة بالوثيقة أو
تغيير المستفيد(1).
المطلب الثاني: الإتفاقات الخاصة بالإلتزامات المالية المتبادلة
يطبق المتعاقدان في عقود التأمين مبدأ"العقد شريعة
المتعاقدين" و مبدأ"سلطان الإرادة"، و هذا في
الإلتزامات المالية المتبادلة بينهما،سواء في الإلتزام الخاص بالمؤمن له في دفع
القسط (الفرع الأول) أو في التزام المؤمن في أداء مبلغ التأمين.
الفــرع الأول: الإتفاق على كيفية دفع القسط
يقصد بالقسط، ذلك المبلغ من المال الذي يلتزم المؤمن له بدفعه
للمؤمن مقابل تغطية المخاطر المؤمن منها(2)، و يتم تقدير القسط في التأمين على
الأشخاص بالنظر إلى درجة احتمال تحقق الخطر وحدها، دون درجة جسامة الضرر(3) ،
و يجوز للمؤمن و المؤمن له على تأدية القسط دفعة واحدة كما هو الشأن في حالة التأمين
على النقل(4).
وبما أن الوفاء بالقسط في التأمين على الأشخاص إختياري،
فيجوز للمؤمن له التوقف عن الدفع، ولا يجوز للمؤمن رفع دعوى لإجباره على دفع
الأقساط، ويمكن للمؤمن تطبيق أحكام المادة 84 من القانون المتعلق بالتأمينات، التي
تقرر عدم إمكانية المؤمن وقف الضمان، بل يمكنه تخفيض مبلغ التأمين، ولا يمكنه فسخ
العقد إذا كان القسط السنوي المستحق عن السنتين الأوليتين قد تم دفعه.
سواء تعلق الأمر بالتأمين على الأشخاص
أو التأمين على السيارات، يمكن الاتفاق على مكان وزمان الوفاء بالقسط،و يتم الوفاء
بالقسط وفقا للقواعد العامة التي تقضي بأن"الدين مطلوب وليس محمول"
فالدين يدفع
في موطن المدين.
(1): محمد حسين منصور،المسؤولية عن حوادث السيارات و التأمين الإجباري منها،دار
الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2000 ، صفحة 81
(2):يعرف الدكتور عبد
الرزاق السنهوري القسط بأنه:"المقابل المالي الذي يدفعه المؤمن له لتغطية
الخطر المؤمن منه".
(3): نعني به درجة جسامة
الضرر الذي يصيب المؤمن له في أمواله أو في جسمه، و هذا المعيار ينحصر تطبيقه على
عقود التأمين على الأضرار دون التأمين على الأشخاص. معراج جديدي، المرجع السابق،
صفحة 55.
(4 ): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد
الشواربي، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه و القضاء، دار المطبوعات
الجامعية،الطبعة الخامسة،
الإسكندرية، 1996، صفحة
651
فيتم الوفاء
بالقسط في موطن المؤمن له، غير أنّ هذه القاعدة ليست من النظام العام، لذا يجوز الإتفاق على أن يكون الوفاء بالقسط في موطن الدائن، و
قد جرى الأمر بذلك في الجزائر ، بحكم أنّ شركات التأمين تمارس الإحتكار في هذا
المجال حيث يلاحظ بأن الوفاء بالقسط غالبا ما يتم في موطن المؤمن، أما من حيث
الزمان، فيتم تحديد زمان الوفاء بالقسط وفقا لاتفاق الطرفين وقت إبرام العقد(1).
الفــرع الثاني: الإتفاق على
دفع مبلغ التأمين
مبلغ التأمين هو المبلغ الذي يتفق
الأطراف على ضمانه بمقتضى عقد التأمين، و نجده منصوصاً عليه صراحةً في بنود العقد،
و كقاعدة عامة ينبغي أن لا يزيد مقدار التعويض على المبلغ المتفق عليه(2).
و يتميز مبلغ التأمين في عقد التأمين
على الأشخاص بحرية المناقشة فيه ، سوا ءًَ في تحديد مقداره أو في كيفية دفعه
للمؤمن له، فيجوز للمؤمن الجمع بين مبلغ
التأمين و مبلغ التعويض الذي يحكم له قيل
الغير الذي تسبب في وقوع الحادث، هذا ما نصت عليه المادة 61 من القانون
المتعلق بالتأمينات:
" يمكن جمع التعويض الذي يتوجب
على الغير المسؤول دفعه للمؤمن له أو لذوي حقوقه مع المبالغ المكتتبة في تأمين
الأشخاص".
فرجوع المؤمن له على المؤمن بمبلغ
التأمين سنده عقد التأمين الذي أوفى بأقساطه ، و بذلك يجوز له الجمع بين الحقين
لاختلاف مصدرهما، ذلك أن مصدر الحق في التعويض هو الخطأ الذي ارتكبه الغير ، أما
مصدر الحق في عقد التأمين فهو العقد الذي
ابرم بينه و بين المؤمن(3).
ومع ذلك فإنّ قاعدة الجمع بين مبلغ
التأمين ومبلغ التعويض، ليست من النظام العام، بحيث يجوز استبعادها بمقتضى شرط
اتفاقي، والتطبيقات العملية في ميدان التأمينات على الأشخاص تبين اشتمال بعض وثائق
التأمين على شرط الاقتطاع، وبمقتضى هذا الشرط لا يجمع مبلغ التأمين مع مبلغ
التعويض.
(1):قد يتفق الأطراف بأن
يدفع المؤمن له للمؤمن جزءا أوليا من القسط، ثم بمقتضى العقد يتم تحديد آجال
الأقساط الباقية، غير أن القسط
غالبا ما يدفع مقدما، و هذا ليتمكن المؤمن من الحصول على الأموال التي تكفل
له تغطية المخاطر.
(2):تنص المادة 623 من
القانون المدني الجزائري على أنه:"لا يلتزم المؤمن في تعويض المؤمن له إلا
عن الضرر الناتج من وقوع
الخطر المؤمن منه بشرط ألا يتجاوز ذلك قيمة التأمين".
(3): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد الشواربي،المرجع السابق، صفحة 654.
المبحث الثاني:
القيود القانونية على اتفاقات المسؤولية في عقد التأمين
إنّ عقد التأمين من عقود الإذعان، التي
تتميز بأن يستقل أحد الطرفين بوضع شروط العقد، لذلك فإن هذا النوع من العقود غالبا
ما يخضع لتنظيم ورقابة المشرع حمايةًًََ للطرف المذعن(1).
لذا فانه ترد قيودا كثيرة و متنوعة على
حرية الإتفاقات بشأن تعديل أحكامها و شروطها .
و قد تكون هذه الشروط عامة تخص كل أنواع
عقود التأمين (المطلب الأول)،كما قد تكون خاصة بأنواع معينة من عقود التأمين(
المطلب الثاني).
المطلب الأول: القيــــود
العامـــــة
في شتى أنواع عود التأمين قيد المشرع
الجزائري من حرية الأشخاص في الإتفاق فيما يتعلق بإلزامية تحديد البيانات (الفرع
الأول)، و بطلان الشروط التعسفية( الفرع الثاني).
الفــرع
الأول: إلزامية تحديد البيانات
بالإضافة إلى الشكلية ، يشترط المشرع
الجزائري بأن يتضمن عقد التأمين إجباريا زيادة على توقيع الأطراف المتعاقدة
البيانات المحددة بموجب المادة 07 من القانون المتعلق بالتأمينات ،و تتمثل هذه
البيانات فيما يلي:
-
إسم كلٌ من الطرفين المتعاقدين
وعنوانهما.
-
الشيء أو الشخص المؤمن عليه.
-
طبيعة المخاطر المضمونة(2).
-
تاريخ الاكتتاب.
-
تاريخ سريان العقد و مدته.
-
مبلغ الضمان.
-
مبلغ قسط أو اشتراك التأمين.
أما إذا تعلق الأمر بالتأمين
على السيارات، يضاف إلى ذلك مميزات المركبة من رقم تسجيلها ورقم تسلسلها(3).
(1):
توفيق فرج، النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، الدار الجامعية، بيروت، لبنان،
1993، صفحة 48.
(2): و ليست هذه البيانات التي عددها المشرع على سبيل
الحصر بل هي على سبيل المثال ، بحيث يجوز للأطراف ذكر بيانات أخرى
في عقد التأمين ،أنظر: معراج جديدي، المرجع السابق، صفحة 66.
(3) : BONNARD, Jeôrme, droit des assurance, LITEC,
Paris, 2005, page74
ففي التأمين
على السيارات مثلا، تكون وثيقة التأمين وفقاً لنموذج تعتمده وزارة المالية، ولا
يجوز أن تتضمن وثيقة التأمين الإجباري، أيّ عطاء إضافي، فالأخطار الإضافية لا يجوز
التأمين فيها إلاّ بموجب وثيقة تكميلية(1).
كما أنّه يجب
أن تتضمن وثيقة التأمين – إضافةًَ إلى البيانات السابقة الذكر – تاريخ بدأ سريانه،
سواء كان هذا الأخير بقوة القانون أو كان هذا التاريخ على اتفاق الطرفين.
و أوجب المشرع
من جهة أخرى بأن تكتب عقود التأمين بحروف واضحة، و أن تكون العبارات المتعلقة
بأحوال البطلان و السقوط مكتوبة بحروف ظاهرة، و إلا اعتبرت باطلة(2).
و بالتالي لا
يمكن لأطراف عقد التأمين الإتفاق بعدة إدراج هذه البيانات لأنها أحكام قررها
المشرع و لا يجوز مخالفتها.
الفــرع
الثاني: بطلان الشروط التعسفية في
العقد
حماية للطرف
الضعيف المتمثل في المؤمن له في عقود التأمين، نصّ المشرع الجزائري صراحة في
المادة 262 من القانون المدني على البطلان بعض الشروط التي قد يضعها المؤمن في
وثيقة التأمين، لكونها تعسفية تتمثل في:
§
الشرط الذي
يقضي بسقوط الحق في التعويض بسبب خرق القوانين أو النظم، إلا إذا كان ذلك الخرق
جناية أو جنحة عمدية.
§
الشرط الذي
يقضي بسقوط حق المؤمن له في التعويض، بسبب تأخره في إعلان الحادث المؤمن له
للسلطات أو تقديم المستند إذا تبين من الظروف أن التأخر كان لعذر مقبول.
§
كل شرط مطبوع
لم يبرز بشكل ظاهر، وكان متعلقا بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى البطلان أو
السقوط.
(1): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد
الشواربي،المرجع السابق، صفحة 677.
(2): معراج جديدي، المرجع السابق، صفحة 66.
§
كلّ شرط مطبوع
لم يبرز بشكل ظاهر، وكان متعلقا بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى البطلان أو
السقوط.
§
كلًّ شرط
تعسفي آخر يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في وقوع الحادث المؤمن منه.
إنّ مثل هذه
الشروط تكون عادة ضمن عقود ذات طبيعة خاصة أين لا يكون مركز الطرفين فيها متعادلا
و هي عقود الإذعان يفرض فيها طرف قوي يتمتع باحتكار قانوني أو فعلي على الطرف
الآخر(1).
هذه الشروط التي أقرّها المشرع تقيد من
حرية الأطراف في الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية في عقد التأمين.
و يمكن للمؤمن له أن يطلب بطلان الشروط
التعسفية التي تدرجها شركة التأمين في وثيقة التأمين و المنصوص عليها في المادة622
المذكورة أعلاه(2).
المطلب الثاني: القيــــود الخاصـــة
بالإضافة إلى القيود العامة التي
أوردها المشرع على اتفاقات المسؤولية في كل أنواع عقود التأمين ، فقد أورد شروطا
خاصة تتعلق بالخصوص بالتأمين على الأشخاص من جهة(الفرع الأول)، و بالتأمين على
السيارات من جهة أخرى(الفرع الثاني).
الفــرع الأول:
القيود الخاصة بالتأمين على الأشخاص
التأمين على الأشخاص لا يرتبط بالأخطار
المتعلقة بالذمة المالية للمؤمن له ، و لكن بالأخطار المتعلقة بالحياة البشرية.
ويفرض المشرع الجزائري قيودا خاصة على
الإتفاقات المتعلقة بالتأمين على الأشخاص،سواءً تعلق الأمر بأطراف العقد (أولا)،أو
بدعوى الحلول(ثانيا).
(1): حسن علي الذنون،المبسوط في شرح القانون المدني، الرابطة السببية، دار وائل،
الأردن،2006، صفحة 228 .
(2): معراج جديدي، المرجع السابق، صفحة 87.
(3) : - BONNARD, Jeôrme, op.cit, page10.
أولا:
تحديد أطراف العقد
قيّد المشرع حرية المتعاقدين في عقد
التأمين على الأشخاص بالنسبة لتحديد أطراف العقد، فلا يجوز أن يكون المؤمن أو
المستفيد غير الذين ذكرهم القانون.
§ المؤمــن:
لا
يجوز إبرام عقد التأمين على الحياة من قبل شركات تبادلية، ولا من قبل شركات حصلت
على إذن خاص بإجراء هذه الالتزامات القانونية، ففي الجزائر لا يحق لمؤسسات القطاع
الخاص أن تمارس أي نوع من التأمين على الأشخاص، بل ترك التأمين على الأشخاص
لاحتكار الدولة، فالشركة الوطنية للتأمين هي المؤهلة لإبرام عقود التأمين على
الأشخاص.
حيث لا يجوز لأطراف
عقد التأمين الإتفاق على خلاف ذلك.
§ المستفيــد:
في
عقود التأمين على الأشخاص يجب تعيين المسفيد من مبلغ التأمين، و نظرا لأهمية
تحديده فقد نظم المشرع أحكامه في المواد من المواد: 68،76 ،77 و78 من القانون المتعلق بالتأمينات، و لا يمكن
للمؤمن أو المؤمن له الإتفاق على غير ذلك، حيث تنص المادة 68 منه على ما يلي:
" يمكن لكــل شخص يتمتــع
بالأهليـة القانونيــة اكتتاب عقود تأمين على شخصـه أو على الغير ".
وبالتالــي
يستلــزم التأميــن علــى الأشخــاص توفــر شـرط أهليــة التعاقــد (1).
و
لا يصح اكتتاب التأمين على الغير إلا في حالة تأمين الجماعات أو بين الدائن و
المدين في حدود مبلغ الدين، و هو ما نصت عليه المادة 68 من القانون المتعلق
بالتأمينات.
و في عقود
التأمين على الوفاة، يتوقف صحة هذا النوع من التأمين على الموافقة الكتابية
للمستفيد منه، وإلا بطل العقد.
ولم
يكتف المشرع على بطلان العقد في انعدام شرط الكتابة، بل قيد المستفيد أيضا بشرط
السن، إذ نصت المادة 87 من قانون التأمين على أنه:
" يبطل أي عقد من عقود التأمين في
حالة وفاة اكتتب على شخص قاصر بلغ 16 سنة أو شخص مختل عقلياً، دون إذن من ممثله
الشرعي وموافقة القاصر نفسه".
(1):تنص المادة40 من القانون المدني الجزائري على ما يلي:" كل شخص بلغ
سن الرشد متمتعا بقواه العقلية،و لم يحجر عليه، يكون
كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
و سن الرشد تسعة عشر(19)سنة كاملة".
ثانيا:
عدم إمكانية رجوع المؤمن على المستفيد
في عقد التأمين على الأشخاص لا
يجوز للمؤمن أن يتفق مع المؤمن له إذا دفع التأمين أن يحل محل المؤمن له في الرجوع
على الغير المسؤول عن وقوع الحادث المؤمن منه، ذلك أن المؤمن له هو وحده صاحب الحق
في الرجوع على المسؤول.
حيث نصت المادة 61 من القانون
المتعلق بالتأمينات عل ما يلي:
"لا يحــق للمؤمـن ، بأي حــال
، القيــام بدعوى رجـوع ضــد الغيــر المسؤوليـن عن الحــادث."
و نظرا للطبيعة الآمرة لهذه القاعدة، فلا يجوز الإتفاق على مخالفتها.
الفــرع الثاني: القيود الخاصة بالتأمين على
السيارات
نظرا للتطور الصناعي في القرن الواحد و
العشرين، أين ساهمت الآلات وبالخصوص السيارات في التسبب بالحوادث،أصبح من الضروري
تقييد نظام التأمين على السيارات(1) ويتجلى ذلك في إلزامية التأمين من
جهة(أولا)، و في تحديد المخاطر و الأضرار محل الضمان(ثانيا).
أولا:إلزاميّة
التأمين على السيارات
تصنف التأمينات على أساس ارتباطها
بالنظام العام إلى تأمينات اختيارية، وهي الأشكال و الصور التي يعمل بها في أغلب
الدول و في الكثير من عمليات التأمين ، و بين التأمين الإجباري أو الإلزامي، و هو
الإستثناء الذي تتطلبه مقتضيات النظام العام.(2)
و قد أدّى تزايد
حوادث السيارات و تفاقم أضرارها إلى ميلاد التأمين الإجباري من المسؤولية عنها ، و
احتلّ الموضوع مكانة بارزة في جنبات الواقع العملي و ساحات القضاء(3).
(1) :
BERRABIA Abdeslam, « analyse du système d’assurance et d’indemnisation/branche
automobile en Algérie », mémoire pour obtenir le diplôme d’étude
master ; institut d’assurance et de gestion, Alger, 2004. page04
(2): محمد
حسين منصور،المرجع السابق،صفحة 07 .
(3): معراج جديدي،مدخل لدراسة قانون
التأمين الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2007.صفحة 29
يستند نظام التأمين على السيارات في
الجزائر على الأمر رقم:74-15 و التعديل اللاحق له المتمثل في القانون رقم: 88-31
المتضمن إلزامية التأمين على حوادث السيارات و نظام التعويض عن الأضرار(1)،بالإضافة
إلى القانون رقم95-07 المتعلق بالتأمينات.
و لا يجوز التنصل من أحكام قانون
التأمين الإجباري أو الإعفاء من الخضوع له مهما كان صاحب السيارة مليئا أو مفتقرا
مهما قدّم من ضمانات، فلا يجوز الإتفاق بأي حال من الأحوال على حكم مخالف للقانون(2).
حيث طبقا للمادة
الأولى من الأمر رقم 74-15 المعدل والمتمم ،فإنّ كل مركبة برية ذات محرك، وما
يتبعها من مقطورات، وشبه المقطورات، وكذا حمولتها سواء كانت المركبة مستعملة لنقل
الأشخاص أو لنقل البضائع ،تخضع المركبة لإلزامية التأمين، ولا يجوز الاتفاق على
إعفاءها من ضمان مسؤوليتها(3).
و استثنى المشرع من التأمين الإجباري،
المركبات البرية ذات المحرك المملوكة للدولة، أو الموضوعة تحت حراستها ، و ذلك
باعتبار أنّ الدولة مؤمنة على نفسها بنفسها.
كما استثنى من نطاق تطبيق هذا النظام وسائل
النقل الأخرى بالسكك الحديدية، بمختلف أنواعها، وهي خاضعة لنظام خاص.
و طبقا للتشريع
الفرنسي(4)،
فإنّ المادة L211-1 من قانون رقــم 85-677 الصادر
في 1985 المتضمن قانون
التأمين، تنص
على أن يغطي
التأمين الإجباري كل
مركبة أرضية بمحرك،
ويشمل ذلك كل
أنواع المركبات سواء
كانت تسير على
العجلات أربع أو
أكثر أو ثلاث
أو اثنان،
(1): أمر رقم: 74 -15 مؤرخ في: 30 يناير1974 يتضمن إلزامية التأمين على حوادث
السيارات و نظام التعويض عن الأضرار،
( جريدة رسمية عدد 15
صادرة بتاريخ:19-02-1974 )، معدل و متمم بالقانون رقم:88-31 مؤرخ في: 19 يوليو
1988
( جريدة رسمية عدد 29 صادرة بتاريخ: 20-07-1988 ).
(2): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد
الشواربي،المرجع السابق، صفحة 677.
(3): جاءت المادة 190 من الأمر المتعلق بالتأمينات
لتقرر جزاء مخالفة المادة الأولى من الأمر رقم:75-15 حيث تنص على ما يلي:
" كل شخص خاضع لإلزامية التأمين المنصوص عليها في المادة الأولى من
الأمر رقم:75-15المؤرخ في: 30 يناير سنة 1974
و المذكور أعلاه ، يعاقب بالحبس من ثمانية(8) أيام إلى (3) أشهر و بغرامة
من 500دج إلى 4.00دج أو بإحداهما فقط ، إن لم
يمتثل لهذه الإلزامية."
(4):أقدم الدول الأوربية التي أخذت
بنظام التأمين من حوادث السيارات انجلترا، إذ يرقى أول قانون صدر في هذا الموضوع
إلى عام
1898، و لم يصبح التأمين من هذه
الحوادث إلزاميا إلا في عام 1931 حيث صدر أول قانون إنجليزي يقرر التأمين الإلزامي
من
حوادث السيارات.أنظر: حسن علي الذنون،المرجع
السابق ، صفحة 337 .
و يغطي التأمين المركبة حتى ولو كانت
معطلة أو كان محركها غير صالح للعمل وقت الحادث، ويدخل في ذلك بطبيعة الحال كل
أنواع المركبات كالسيارة والأتوبيس والجرار، والمقطورة والدرجات ذات المحرك، ولا
يدخل ضمن نطاق التأمين الإجباري القطارات والمترو... إلخ.
لذا ،لا يجوز الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية في الأحوال التي يمنع فيها المشرع الإتفاق على
الإعفاء منها ، إذ أن الإتفاق على التخفيف هو في الحقيقة اتفاق على الإعفاء الجزئي
منها، فمبدأ إلزامية التأمين على السيارات، يقضي بعدم حرية الأطراف على الإتفاق
على مخالفتها كالإتفاق الذي يقضي بعدم التأمين على سيارة المؤمن له و التي تحمل
المواصفات التي أقرها المشرع.
لقد حقق قانون التأمين الإجباري عن المسؤولية عن حوادث السيارات
هدفين:
- الأول: تهيئة الأمان لصاحب
السيارة الذي قد تعرضه سيارته لأي وضع يجعله محلا للمسؤولية المدنية.
- الثاني: تهيئه الضمان للمضرورالذي
سيجد في شركة التأمين ملتزما مليئا مع
صاحب السيارة ، يدفع له التعويض عما لحقه من أضرار(1).
ثانيا:إلزاميّة
الأخطار و الأضرار محل الضمان
يلتزم المؤمن بتغطية المسؤولية الناشئة
عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة(2)،و يقتصر
التأمين على تغطية الأضرار التي تلحق بالأشخاص دون الأموال أو الحيوان أو النبات
أو الجماد ، و يشمل كل حوادث السيارة أثناء سيرها أو وقوفها(3).
يغطي هذا
النوع من التأمين نوعين من المسؤولية، مسؤولية التقصيرية ومسؤولية عقدية، و
بالنسبة للسيارة الخاصة يغطي التأمين الإجباري المسؤولية التقصيرية أي الأضرار
التي تحدث للغير دون الركاب،وبالنسبة لباقي أنواع السيارات ، فإنه يغطي المسؤولية
التقصيرية إذا حدث ضرر للغير ، ويغطي المسؤولية العقدية إذا حدث ضرر بالنسبة إلى
الركاب الذين يربطهم بالناقل عقد نقل(4).
(1): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد
الشواربي،المرجع السابق، صفحة 661.
(2): أنظر المادة الأولى من مجموعة
الشروط العامة لعقد التأمين على السيارات، الشركة الوطنية للتأمين، الجزائر، 1997.
صفحة 05
(3): محمد حسين منصور، المرجع السابق،صفحة 206 .
(4): عز الدين الديناصوري و عبد
الحميد الشواربي،المرجع السابق، صفحة 681
فالمسؤولية
التقصيرية هي الأصل، حيث لا يوجد بين المؤمن له والمضرور أي عقد ومصدر هذه
المسؤولية هو الفعل الضار.
في حين
المسؤولية العقدية تكون في حالة صاحب سيارة الأجـرة أو نقل الركاب ،إذ يوجد عقد
بين المؤمن له والمضرور ،سواء كان عن فعله الشخص أو عن فعل الغير من التابعين
المسؤولية العقدية عن فعل الغير، فهو لا يلتزم مجرد التزام ببذل عناية، وإنما
يلتزم بتحقيق نتيجة، وهي وصول الركاب سليمين إلى جهة الوصول، فإذا لم يصل سليماً
اعتبر الناقل مقصراً في تنفيذ التزامه التعاقدي.
ولا يستطيع
التخلص من المسؤولية إلا بإقامة الدليل على أن الضرر قد وقع بسبب أجنبي، فسواءٌُ
كانت المسؤولية المدنية، التي يغطيها عقد التأمين، عقدية أو تقصيرية، فإنّ التأمين
الإجباري يكفل تعويض المضرور عن إصابة بدنية من جراء الحادث، وذلك بغض النظر عما
إذا كان من ارتكب الحادث هو المؤمن له أو أحد تابعيه أو كان واحد من الغير استولى
على السيارة.
و تقوم
مسؤولية شركة التأمين قبَل المضرور إذا تحققت مسؤولية مالك السيارة ، فإذا قضي
ببراءته أو بعدم مسؤولية قائدها ، فلا يجوز للمضرور الرجوع على شركة التأمين
بالتعويض(1).
في التأمين
على السيارات، هناك أخطار خاصة تتصف بإلزاميتها من التأمين، حيث لا يجوز الاتفاق
على الإعفاء منها من المسؤولية وهي:
§
الأضرار
المادية والجسمانية التي يتسبب في حدوثها المؤمن له للغير،و الناتجة عن حوادث
المرور، وبذلك يضمن التأمين في جانبه الالزامي مسؤولية المؤمن له من رجوع الغير
عليه سواء كان مصدر الضرر مادي أو جسماني(2).
و سواءٌ كان الضرر الذي لحق
المضرور قد وقع أثناء تحرك السيارة أو سيرها أو وقوفها في الطريق، أو وقوف سيارة
نقل الركاب في المحطات المعدة لذلك، أو أثناء نزول الركاب أو صعودهم،أو أثناء
عملية شحن السيارة أو تفريغ حمولتها أو إصلاح السيارة أو تزويدها بالوقود أو سبب
إنفجار أحد إطارات السيارة.
(1): محمد حسين منصور، المرجع
السابق،صفحة 205 .
(2): تنص المادة 5 من مجموعة
الشروط العامة لعقد التأمين على السيارات، المرجع السابق:"تضمن الشركة
المؤمن له من التبعات المالية التي قد يتعرض لها بسبب الأضرار الجسمانية أو المادية التي يحدثها
للغير أثناء أو بمناسبة سير المركبة وفق الشروط المبينة...". و يتم تحديد
صور و درجات الأضرار الجسمانية وفق جداول معينة.
.
ففي كل هذه الحالات السالفة الذكر، تكون
الواقعة ضمنحوادث السيارات، و تدخل في نطاق
الخطر الذي يغطيه التأمين الإجباري.
§
الأضرار
الناتجة عن الحوادث والحرائق والانفجارات التي تسببها المركبة نفسها، إما من
توابعها وإما الأشياء والمواد التي تنقلها(1).
§
الأضرار
الناتجة عن سقوط توابع المركبة أو المواد والأشياء المذكورة أعلاه، وكثيرا ما يحصل
الحادث بسبب انفصال عنصر من عناصر السيارة، أو بسبب سقوط أشياء منقولة.
إذا
كانت المخاطر السابقة تستوجب الضمان منها ، فإنّ هناك أخطار لا يمكن لأطراف عقد
التأمين الإتفاق على ضمانها، لذا يقر المشرع الجزائري في التأمين الإلزامي استبعاد
بعض المخاطر من الضمان منها:
§
الأضرارالتي
تسبب فيها المؤمن له بصورة عمدية .
§
الأضرار
الناجمة بصفة مباشرة أو غير مباشرة في الإشعاعات النووية، و أضرار الطاقة الذريّة.
§
الأضرار عن
الإختبارات أو المنافسات و التي هي في الواقع تخضع لتنظيمات و لرخص مسبقة تصدر عن
السلطات العمومية المختصة(2).
بالإضافة
إلى أن هناك حالات لا يمكن الإتفاق على ضمانها متى تحققت شروطها و هي:
- قيادة المركبة في حالة سكر وقت الحادث، وتحت
تأثير الكحول أو المخدرات.
- قيادة
المركبة ونقل وقت الحادث أشخاصا بعوض وبدون إذن قانوني مسبق فيما إذا لحقت بهؤلاء
الأشخاص أضرار جسمانية.
- قيادة
المركبة وهي مخالفة لشروط النقل والأمن:أي التلف الحاصل نتيجة زيادة الحمولة أو
الضغط.
(1):أنظر المادة6 من مجموعة الشروط العامة لعقد التأمين على
السيارات، المرجع السابق، صفحة17.
(2): معراج جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، المرجع السابق، صفحة 145 .
(3): أنظر:المادة 5فقرة 1 من الأمر رقم 74-15المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات .
حيث تشترط عقود التأمين في بند الإستثناءات،
استثناء الخسائر والأضرار الناجمة عن حادث سيارة كانت تقل عدداً من الركاب يفوق
العدد المسموح به في رخصة السياقة، حيث لا يكون الحادث في مثل هذه الحالة مضموناً.
- وقوع الحادث
بغير السيارة (المركبة) المؤمنة ، حيثلا يغطي المؤمن إلا الأضرار الواقعة بواسطة السيارة
المؤمنة، والتي جرى تحديد أوصافها بدقة وقت التعاقد من حيث النوع، ورقم التسجيل،
ورقم المحرك، وعدد المقاعد، وعدد الأحصنة، وهذا يفسر بأنّ ضمان المؤمن واقع على
السيارة، والسبب في ذلك هو أن التأمين من المسؤولية المدنية للمؤمن له مرتبط
بتأمين السيارة وجوداً وعدماً(1).
فلا يسأل
المؤمن له على سيارة غير السيارة الموصوفة في عقد التأمين، غير أنه وفي كل الحالات
لا يُحتجّ بسقوط الضمان تجاه الضحايا أو ذوي حقوقهم.
وفي حالة سقوط
الحق في الضمان، لا يستطيع مالك السيارة التي رفعت عليه دعوى تعويض من المضرور أن
يرفع دعوى الضمان الفرعية ضد شركة التأمين، لإلزامها بأن تؤدي للمضرور مبلغ
التعويض. لأن إذا رأت المحكمة أن الوقائع تكون سقوط الحق في الضمان وإنتهت التي
توافر أركان المسؤولية التقصيرية ضـــد القائد والمالك، فإنه يتعين علينا في هذه
الحالة أن تقضي برفض دعوى الضمان الفرعية(2).
(1):يتم تشخيص المركبة
المشمولة بالضمان الخاص بالتأمين الإلزامي بمجموعة من المواصفات المحددة.أنظر: معراج جديدي، محاضرات في قانون
التأمين الجزائري ، المرجع السابق، صفحة 142 .
(2): عز الدين الديناصوري و عبد الحميد الشواربي،المرجع
السابق، صفحة 169 .
الخاتمــة:
إنّ عقد التأمين كباقي العقود قد يسمع
لأطرافه بالإتفاق على تعديل أحكامه،و لكنه عقد يتسم بالصفة الإذعانية أين يقبل
المؤمن بالشروط التي يضعها المؤمن دون مناقشتها ، فلا تكون له الحرية في قبول أو
رفض شروط معدة سلفا من طرف شركات التأمين ، و هنا لا يجد مبدأ" العقد شريعة
المتعاقدين "مكانة واسعة، و هذا ما يؤدي إلى تقييد مجال حرية الإتفاق.
إلاّ ان المشرع الجزائري من خلال القواعد العامة في القانون المدني ، أو
القوانين المختلفة المتعلقة بالتأمين ،حرص على الحماية الضرورية للطرف المذعن سواءٌ
من خلال وضع قواعد تسمح بالإتفاق على بعض الأحكام المتعلقة بالمسؤولية، أو من خلال
فرض بعض القواعد الإلزامية التي لا يمكن الإتفاق على مخالفتها، و هذا يتجلى أكثر
في أحكام التأمين الإجباري الذي يجد أكبر تطبيق له في إجبارية التأمين على
السيارات.
قائمـــة
المراجـــع
v
باللغـــة العربيــة:
* الكتب:
1- إبراهيم
أبو النجا،التأمين، القانون الجزائري، الأحكام العامة طبقا لقانون التأمين الجديد،
ديوان
المطبوعات
الجامعية ، الطبعة الثالثة،الجزائر ، 1985 .
2- توفيق فرج،
النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، الدار الجامعية، بيروت، لبنان، 1993.
3- حسن علي الذنون،المبسوط في شرح القانون المدني، الرابطة السببية، دار
وائل، الأردن،2006 .
4- عز الدين
الديناصوري و عبد الحميد الشواربي، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه و القضاء،
دار المطبوعات الجامعية،الطبعة الخامسة، الإسكندرية، 1996 .
5- محمد حسين منصور،المسؤولية عن حوادث السيارات و التأمين الإجباري
منها،دار الجامعة الجديدة ،
الإسكندرية ، 2000 .
6- معراج جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري ـ ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر 2007
7- معراج جديدي،مدخل لدراسة قانون التأمين الجزائري، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر،2007 .
*النصوص القانونية:
- أمر رقم: 74 -15 مؤرخ في: 30 يناير1974 يتضمن إلزامية التأمين على حوادث
السيارات و نظام التعويض عن الأضرار، ( جريدة رسمية عدد 15 صادرة
بتاريخ:19-02-1974 )، معدل و متمم بالقانون رقم:88-31 مؤرخ في: 19 يوليو 1988 (
جريدة رسمية عدد 29 صادرة بتاريخ: 20-07-1988 ).
- أمر رقم: 75-58 مؤرخ في:26 سبتمبر1975 يتضمن القانون المدني، (جريدة رسمية
عدد 78 صادرة بتاريخ:30-09-1975 )، معدل و متمم.
- أمر رقم: 95-07 مؤرخ في:25 يناير 1995 يتضمن قانون التأمينات، (جريدة
رسمية عدد 13 صادرة بتاريخ: 08-03-1995)، معدل و متمم.
* الوثائق:
- مجموعة الشروط العامة لعقد التأمين على السيارات، الشركة الوطنية للتأمين،
الجزائر، 1997.
v باللغــة الفرنسيــة:
*Ouvrage :
- BONNARD, Jeôrme, droit des
assurance, LITEC, Paris, 2005.
*Mémoire :
- BERRABIA
Abdeslam, « analyse du système d’assurance et d’demnisation/branche
automobile en Algérie », mémoire pour obtenir le diplôme d’étude
master ; institut d’assurance et de gestion, Alger, 2004.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم