قضايا وأحكام
قضايا
وأحكام
عرض وتحليل
هل يضمّن
الجاني منفعة المجني عليه مدة احتباسه بالجناية، وتكلفة علاجه؟
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله – صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثير – أما بعد:
فقد استدعت النهضة الشاملة التي تعيشها
المملكة العربية السعودية استقدام عدد كبير جداً من الأيدي العاملة من كثير من
بلاد العالم، وكانت إحدى النتائج المترتبة على ذلك زيادة عدد القضايا نتيجة
للخلافات بين العمال المستقدمين وأرباب العمل، واستحدث لأجل ذلك وغيره لجان العمل
وتسوية الخلافات بدرجتها الابتدائية والعليا([2]) خارج منظومة القضاء
العام؛ إلا أن عمل اللجان المذكورة يقتصر على الفصل في خلافات العمال، والخلافات
المتعلقة بقرارات الفصل، والتعويض عن إصابات العمل، وفرض العقوبات الجنائية على
مخالفي أحكام نظام العمل والعمال في الجملة ([3]).
وبقيت المحاكم صاحبة الولاية العامة ([4])
مختصة بنظر القضايا الأخرى للعمال، وغيرهم من المقيمين
في المملكة ([5]).
وقد كان لذلك أثر ملحوظ في زيادة عدد القضايا
المنظورة في المحاكم الشرعية ([6])، ومطالبات غير معتادة؛
نظراً لقدوم معظم العمال والمقيمين من بلاد أخرى تحكمها قوانين وضعية، ومن ذلك
دعاوى التعويض عن الأضرار المستقبلية، والأضرار المحتملة، ودعاوى التعويض عن
الأضرار المعنوية .
ولأهمية البحث في هذه المسائل نظراً لإقامة
قضايا فيها، وحاجتي وحاجة زملائي القضاة لمعرفة حكمها؛ نظراً لقلة كلام الفقهاء
عنها، فقد بذلت جهدي في بحث بعضها عند نظر بعض القضايا فيها، ومن بذل جهده في
إصابة الحق فهو دائر بين الأجر والأجرين .
وفيما يلي استعرض قضية من قضايا طلب التعويض
عن الضرر نظرتها في محكمة محافظة الزلفي متحدثاً عن مراحلها، ومشيراً إلى أهم
مسائلها .
المرحلة الأولى: الدعوى والإجابة
أولاً:
الدعوى
في صباح يوم ... الموافق ... حدث بيني وبين المدعى عليه
نقاش حول العمل، قام على إثره بضربي متعمداً – قاصداً إحداث إصابة بي – بماسورة
ماء طولها متر واحد وقطرها ثلاثة أرباع بوصة، وقد نتج عن ذلك إصابتي بما يلي:
1- كسر في الجزء السفلي من عظم الزند ليدي اليسرى .
2- سحجة بإصبع الإبهام ليدي اليمنى بطول نصف سنتمتر وعرض
نصف سنتيمتر .
3- تعطلي عن العمل مدة شهرين وعشرة أيام هي مدة العلاج،
وانجبار الكسر؛ وهذا نتج عنه حرماني من أجري الشهري البالغ ألف ريالـ1000 .
4- نقص راتبي بمقدار ريالـ200 نتيجة لتحويلي لقيادة
السيارات الصغيرة بدل قيادة الشاحنات لضعف يدي اليسرى بعد الإصابة .
وقد جبر الزند مستقيماً، وبرأت السحجة، وشفيت من إصابتي، وأمنت سرايتها .
أطلب إلزام المدعى عليه
بما يلي:
ثانياً: مبلغ ألف ريالـ1000، وهو تكاليف
العلاج وأجرة التجبير .
ثالثاً: مبلغ ألفين وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين
ريالاً وثلاث وثلاثين هللة 33/333.2، وهو مقدار راتبي خلال فترة العلاج وانجبار
الكسر .
رابعاً: مبلغ ثلاثة آلاف وستمائة ريالـ3.600،
وهو مقدار النقص الحاصل في راتبي خلال الفترة التي من تحويلي لقيادة السيارات
الصغيرة، حتى نهاية عقد عملي لدى كفيلي، والبالغة ثمانية عشر شهراً .
ثانياً:
الإجابة:
ما ذكره المدعى عليه بخصوص ضربي له على إثر
مناقشة بيني وبينه فصحيح، وقد ضربته بمفتاح عجل شاحنة، ونتج عن ذلك إصابته بكسر في
الجزء السفلي من عظم زند يده اليسرى .
وما ذكره من أنني ضربته متعمداً قاصداً إحداث
إصابة به فغير صحيح، والصحيح أنني ضربته لتخليص نفسي بعد أن مزق قميصي، وأمسك
رقبتي بيده اليمنى وأحدث فيها جراحاً بأظفاره، وما فعلته كان دفاعاً عن نفسي، ولم
أستطع دفعه بأقل من ذلك، ولم أحدث به أية إصابة سوى الكسر، ولا أوافق على ما طلبه
المدعي، وأطلب إلزامه بأرش الجراح التي ألحقها بي .
- فسألت المدعى عليه عن عدد الجراح المذكورة
في إجابته، وصفتها،
فأجاب بقوله: هي أربعة جراح يبلغ مقدار كل
واحد منها نصف سنتيمتر، وهي جراح شقت الجلد وأدمته .
- فسألته: هل شارك معكما أحدٌ في المضاربة؟
فأجاب بقوله: لا .
ثالثاً: إجابة المدعى عليه على ما دفع به
المدعى عليه: ما ذكره المدعى عليه من تمزيقي لقميصه، وإمساكي لرقبته، وإحداثي
لجراح فيها فغير صحيح، فلم أمزق قميص المدعى عليه، ولم أمسك برقبته، ولم أحدث فيه
أي جرح، ولا أوافق على ما طلب .
المرحلة الثانية: البينات والأيمان
أ- سألت المدعى عليه: ألك بينة على ما ذكرته من تمزيق
المدعي لقميصك، وإمساكه رقبتك بيده، وإحداثه أربعة جراح فيها؟
-
فأجاب بقوله: لا بينة
لدي على ذلك .
-
فأعلمته بأن له يمين
المدعي على نفي ذلك . فسأل يمينه .
-
وبعرض ذلك على المدعي
وافق على بذل اليمين، ثم حلف المدعي بعد صلب المدعى عليه، وأمري له بذلك على وفق
ما جاء في إجابته .
ب- سألت المدعي: ألك بينة على ما ذكرته من إحداث المدعى عليه لسحجة بإبهام
يدك اليمنى؟
- فأجاب بقوله: نعم، لدي التقرير الطبي
بالمعاملة، وبالرجوع إلى المعاملة وجدت تقريراً طبياً صادراً من مستشفى الزلفي في
حق المدعي مؤرخاً بتاريخ الضرب، جاء فيه ما نصه: ((توجد سحجة ([8]) بأصبع اليد اليمنى الإبهام)) .
- فعرفته بأن له أن يحلف بأن المدعى عليه هو
الذي أحدث به السحجة المذكورة، وأنها بطول سنتيمتر، وعرض نصف سنتيمتر، ويستحق أرشها،
فبذل اليمين على ذلك .
- قرر مقدرُ الشجاج ومقومُ الحكومات بالمحكمة
أن السحجة التي لحقت بإبهام يد المدعي اليمنى قد شفيت تماماً، وقدر أرشها في حالة
العمد بخمسمائة ريال 500 .
المرحلة
الثالثة: تسبيب الحكم
تقدَّم الحكمَ في هذه القضية تسبيب له اشتمل على
ملخص للدعاوي والطلبات، والإجابات والبينات والأيمان، وتقرير الراجح عندي في عدد
من المسائل التي يتوقف الحكم عليها . وفيما يلي عرض لهذه المسائل، وغيرها .
المسألة
الأولى: الأصل براءة الذمة
ذكر المدعى عليه أن المدعي ألحق برقبته أربعة
جراح شقت الجلد وأدمته، وأنكر المدعي ذلك، وقرر المدعى عليه أنه لا بينة لديه،
وحلف المدعي بعد طلب المدعى عليه وأمري له بذلك على وفق إجابته، والأصل براءة ذمته
. و(الأصل براءة الذمة) إحدى القواعد الفقهية الكلية المقررة شرعا ([9]).
ومن ادعى خلاف الأصل فعليه عبء الإثبات . فإن
عارض أصل براءة الذمة أصل أو ظاهر نظر في ترجيح أحدهما على الآخر كما في تعارض
الدليلين ([11]). وفي مسألة الجراح لم
يعارض أصل براءة الذمة أصل، ولا ظاهر .
المسألة
الثانية: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن .
ذكر المدعي أن المدعى عليه أصابه بسحجة بإبهام
يده اليمنى، وأنكر المدعى عليه ذلك، وجاء في التقرير الطبي الصادر في حق المدعي
أنه توجد سحجة بإبهام يد المدعي اليمنى، وقرر المدعى عليه أنه لم يشارك معهما أحد
في المضاربة، والتقرير مؤرخ بتاريخ وقوع المضاربة، والأصل في كل حادث تقديره بأقرب
زمن، وهذه إحدى القواعد الفقهية المقررة شرعاً ([12])، وزمن المضاربة هو أقرب
زمن لحدوث السحجة، فكان القول فيها قول المدعي؛ لهذه القاعدة، ولما سيأتي في
المسألة الثالثة .
المسألة
الثالثة: اليمين تشرع في جانب أقوى المتداعين
ذكر المدعي أن المدعى عليه أصابه بسحجة بإبهام
يده اليمنى بطول نصف سنتيمتر وعرض مثل ذلك، وطلب إلزام المدعى عليه بأرشها، وأنكر
المدعى عليه ذلك، وسبق أن تقرر أن الأصل براءة الذمة (ذمة المدعى عليه)؛ إلا أن
هناك أدلة وقرائن تضعف هذا الأصل، وتقوي جانب المدعي، ومن ذلك:
1- إقرار المدعى عليه بضرب المدعي بمفتاح عجل .
2- إقرار المدعى عليه بكسر الجزء السفلي من عظم زند المدعي
.
3- إقرار المدعى عليه بأنه لم يشارك معهما في المضاربة أحد
.
4- ما جاء في التقرير الطبي الصادر في حق المدعى عليه
والمؤرخ بتاريخ الضرب من وجود سحجة بإبهام اليد اليمنى للمدعي .
5- ولِما تقرر في المسألة السابقة من أن الأصل في كل حادث
تقديره بأقرب زمن له .
ومن الأصول المستقرة في الشريعة أن اليمين تشرع في جانب أقوى المتداعيين،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((إن الأصل المستقر في الشريعة أن اليمين مشروعة في
جنبة أقوى المتداعيين عند الجمهور كمالك والشافعي وأحمد)) ([13]).
المسألة الرابعة: في الدفاع عن النفس
ذكر المدعى عليه أنه ضرب المدعي بمفتاح عجل
شاحنة نتج عنه كسر عظم زند يد المدعي اليسرى، وأنه ضربه لتخليص نفسه بعد أن مزق
المدعي قميصه وأمسك برقبته بيده اليمنى محدثاً فيها بأظفاره أربعة جراح، وأن ما
فعله كان دفاعاً عن نفسه؛ وأنه لم يستطع دفعه بأقل من ذلك .
ويعبر الفقهاء عن مسألة الدفاع المشروع عن
النفس بدفع الصائل، ويدفع الصائل من آدمي أو غيره – كما هو مقرر شرعاً – بالأسهل،
فإن دفعه بالأشد مع قدرته على الأسهل ضمن في الجملة، وإن قدر على الهروب من غير
مضرة تلحقه تعيَّن عليه ذلك، وإن لم يستطع دفع الصائل إلا بإتلاف عضو من أعضائه أو
قتله فله ذلك، ولا ضمان عليه في الجملة([14]).
وقد قرر المدعى عليه أنه لا بينة لديه على ما
ذكره من إمساك المدعي برقبته وإحداث جراح فيها، والأصل العدم، وبراءة ذمة المدعي .
وعلى فرض صحة ذلك فقد كان يمكن المدعى عليه أن يدفع بأسهل من ذلك؛ ولاسيما أن جسمه
يبلغ في تقديري ضعفي جسم المدعي، ويتمتع ببنية قوية كما يظهر لي من عضلات ساعديه
وعضديه؛ فضلاً عن تحرر إحدى يديه وهي اليد التي أمسك بها مفتاح العجل .
المسألة
الخامسة: في توصيف ضرب المدعى عليه للمدعي وكسر يده
ذكر المدعي أن المدعى عليه ضربه بماسورة متعمداً قاصداً
إحداث إصابة به، وذكر المدعى عليه أنه ضربه بمفتاح عجل شاحنة دفاعاً عن نفسه بعد
أن أمسك المدعي برقبته وأحدث جراحاً فيها، وقرر أنه لا بينة لديه على هذا الدفع،
وسبق تقرير أن ما قام به المدعى عليه ليس من قبيل الدفاع عن النفس، فهل هو من قبيل
العمد؟
يتوقف معرفة ذلك على بيان معنى العمد . العمد
في اللغة: ضد الخطأ، وهو قصد الشيء، يقال عمد إلى الشيء أي قصده، والقصد طلب الشيء
بعينه ([15]).
ويمكن تعريف العمد في كسر العظم: أن يقصد من
يعلمه آدمياً معصوماً بشيء يغلب على الظن كسر عظمه به .
وقد قرر المدعى عليه في إجابته أنه ضرب المدعي
بمفتاح عجل شاحنة، فهنا قصد الفعل وهو الضرب بمفتاح العجل، وقصد المدعى عليه بعينه
وهو آدمي معصوم، واستخدم في الضرب آلة تؤدي إلى كسر العظم غالباً، وهي مفتاح عجل
الشاحنة، فانطبق على ما قام به المدعى عليه وصف العمد .
المسألة
السادسة: في الزند
وفيه مسألتان:
الأولى:
المراد بالزند:
الزند مفرد يثنى على زندين، والزندان عظما
الساعد أحدهما أدق من الآخر، ويسمّى الدقيق منهما عند الأطباء عظم الكعبرة، وطرف
الزند الذي يلي الإبهام هو الكوع، وطرف الزند الذي يلي الخنصر كرسوع، والرسغ مجمع
الزندين، ومن عندهما تقطع يد السارق .
والساعد: ما بين المرفق إلى الرسغ سمّي ساعداً
لمساعدته الكف إذا بطشت، أو تناولت شيئاً .
وفي بعض اللغات الساعد: الجزء العلوي من عظمي
الزندين، والذراع الجزء السفلي منهما، وهو ما انحسر عنه اللحم . ويتصل الزندان من
الأعلى بعظمة العضد بواسطة مفصل الكوع، ويتصلان من الأسفل بالعظام الرسغية بواسطة
مفصل الرسغ ([17]).
الثانية: في الواجب في الزن
ذهب جمهور الفقهاء الحنفية ([18])، والشافعية ([19])، والحنابلة ([20]) إلى أنه لا قصاص في كسر
الزند عمداً؛ لعدم إمكانية المماثلة .
واتفق الجمهور القائلون بعدم القصاص في كسر
الزند على أن الواجب في الزند إن جبر غير مستقيم حكومة، واختلفوا في الواجب فيه إذ
جبر مستقيماً .
وذهب جمهور الحنابلة إلى أن فيه مقدراً،
واختلفوا في المقدر فيه على أقوال:
1- فيه بعيران، وهو المذهب .
2- فيه بعير .
قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات ([26]): ((وفي كسر كل عظم من
زند بفتح الزاي ومن عضد وفخذ وساق وذراع وهو الساعد الجامع لعظمي الزند بعيران
نصاً لما روى سعيد بن شعيب أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر في إحدى الزندين إذا كسر
فكتب إليه عمر أن فيه بعيرين وإذا كسر الزندان ففيهما أربعة من الإبل، ومثله لا
يقال من قبيل الرأي ولا يعرف له مخالف من الصحابة)) .
وقال المرداوي في الإنصاف ([27]): ((وفي كل واحد من
الذراع والزند والعضد والفخذ والساق بعيران وهو المذهب، نص عليه في رواية أبي طالب
وجزم به في الوجيز .
... وقدمه في الرعايتين
... وعنه في كل واحد من ذلك بعير نص عليه في رواية صالح .... وقدمه في المحرر
والنظم .... وذكر ابن عقيل في ذلك رواية أن فيه حكومة .... وعنه في الزند الواحد
أربعة أبعرة لأنه عظمان وفيما سواه بعيران واختاره القاضي)) .
وهنا خمس
وقفات:
الوقفة الأولى: في المراد بالزند في كتب المذهب
عند التأمل في النصين المذكورين آنفاً،
ونحوهما في كتب المذهب ([28]) يظهر لي أن الزند يطلق
على عظمي الزند جميعاً، وأن التقدير المذكور للزند هو للعظمين معاً، وذلك ما يلي:
1- جاء في الإنصاف في الرواية الرابعة أن فيه أربعة أبعرة؛
لأنه - أي الزند – عظمان، فدل ذلك على أن البعيرين المنصوص عليهما في المذهب هما
للعظمين معاً؛ وإلا لاتفقت الرواية الرابعة مع المنصوص عليه في المذهب .
2- جاء في شرح المنتهى والإنصاف أن في كل واحد من الزند
والذراع بعيرين، وجاء في الشرح أن الذراع هو الجامع لعظمي الزند، فدل على أن
المراد بالزند العظمان معاً؛ لأن في الساعد الجامع لهما بعيرين . كما ظهر لي أنه
يراد بالزند في التقارير الطبية العظم الكبير من عظمي الزند فقط؛ في حين يطلق
الأطباء على الصغير منهما عظم الكعبرة ([29]).
وعند النظر في بعض الأحكام الشرعية في الزند – والتي وقفت عليها -، ويظهر
لي أنه أخذ فيها بقول الأطباء في المراد بالزند، وحُكِم فيها ببعيرين على المشهور
في المذهب، وهذا في حقيقة الأمر أخذ باختيار القاضي أبي يعلى، وليس بالمشهور من
المذهب .
الوقفة
الثانية: في تخريج حديث سعيد بن شعيب
لم أجد حديث سعيد في شيء من كتب السنة التي
وقفت عليها، ووقفت على قريب من لفظه في مصنف ابن أبي شيبة من طريق حجاج عن ابن أبي
مليكة ([30]).
قال الألباني عن حديث سعيد: ((ضعيف، لم أقف على إسناده إلى ابن شعيب، ولم يدرك جده عمرو بن العاص، وقد أخرجه ابن أبي شيبة (11/39/2) من طريق حجاج عن ابن أبي مليكة عن نافع بن الحارث قال: ((كتبت إلى عمر أسأله عن رجل كسر أحد زنديه، فكتب إليَّ عمر: فيه حقتان بكريان)) . وحجاج هو ابن أرطأة، وهو مدلس وقد عنعنه)) ([31]).
الوقفة
الثالثة: في صفة البعيرين
جاء في الرواية التي أخرجها ابن أبي شيبة من طريق
حجاج بن أرطأة أنهما ((حقتان بكريان)) . والرواية لما سبق في الوقفة الثانية .
وفي كتب اللغة قال ابن منظور: ((البعير الجمل
البازل، وقيل الجذع، وقد يكون للأنثى، حكي عن بعض العرب: شربت من لبن بعيري ...
والجمع أبْعِرةٌ .... وأبَاعِرَ، وقيل أبَاعِرُ، جمع الجمع .... قال الجوهري ....
يقال للجمل بعير وللناقة بعير قال: وإنما يقال له بعير إذا أجذع)) ([32]).
والذي يظهر لي: أنه إذا كان كسر الزند عمداً
أو شبه عمد فينظر إلى بعيرين قيمتهما ربع قيمة بنتي مخاض وبنتي لبون، وحقتين،
وجذعتين .
وإن كان كسر خطأ فينظر إلى بعيرين فيمتهما خمس
قيمة ابني مخاض، وبنتي مخاض، وبنتي لبون، وحقتين، وجذعتين .
قال الرحيباني في الشجة الموضحة: ((وتجب في
موضحة عمد وشبهه أربعةً أرباعاً أي بنت مخاض وينت لبون وحقه وجذعة، ويجب البعير
الخامس من أحد الأنواع الأربعة، قيمته ربع قيمة الأربعة)) ([34]).
الوقفة
الرابعة: هل تغلط الحكومة في العمد وشبهه كما تغلظ الدية؟
واختلفوا في الحالات التي تغلظ فيها الدية([36])، كما اختلفوا في البقر
والشاء ونحوهما: هل هي أصول في الدية بنفسها كالإبل، أم هي من باب القيمة؟ ([37]).
ويترتب على الخلاف في هذه المسألة أنه إذا
قيل: إن البقر والشاء ونحوهما أصول بنفسها كالإبل أن التغليظ يكون في الإبل خاصة؛
لأنه لم يرد التغليظ إلا في الإبل ([38])، وإن قلنا من باب
القيمة فتغلظ؛ لأن تغيظ الشيء تغليظ لقيمته .
كما يترتب على الخلاف أننا إذا قلنا إن البقر
والشاء ونحوهما من باب القيمة اختلف مقدارها من زمن لآخر لاختلاف قيمة الإبل،
بخلاف ما إذا كانت أصولاً بنفسها فلا تختلف من زمن لآخر ([39]).
والمذهب أن البقر والشاء ونحوهما أصول كالإبل،
قال البهوتي: ((دية المسلم مائة بعير أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألفا مثقال
ذهباً أو اثنا عشر ألف درهم إسلامي فضة، قال القاضي: لا يختلف المذهب أن أصول
الدية الإبل والذهب والورق أي الفضة والغنم)) ([40]).
والراجح وما عليه العمل أن الإبل هي الأصل في
الدية وما عداها من باب القيمة.
قال سماحة الشيخ محمد بن
إبراهيم: ((والراجح عند أئمة الدعوة رحمة الله عليهم، أنها هي الأصل لا غير، وما
سواها من باب القيمة)) ([42]).
إذا تقرر هذا فإن تغليظ الدية كما يكون في
الإبل، فإنه يكون في غيرها، وأن التغليظ كما يكون في دية النفس ونحوها يكون فيما
دونها ([43]) ممّا فيه مقدر .
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم: ((وفي كل
واحد من الذراع وهو الساعد الجامع لعظمي الزند والعضد وفي الفخذ والساق إذا جبر
ذلك مستقيماً بعيران أو قيمتهما وهي ثلاثمائة وستون ريالاً في العمد وشبهه، وفي
الخطأ المحض ثلاثمائة وعشرون ريالاً)) ([44]).
هذا فيما فيه مقدر، فماذا عن ما لا مقدر فيه؟
الذي يظهر لي أنه يلحق بما فيه مقدر، وعندئد
يختلف التقدير فيما لا مقدر فيه في حالتي العمد وشبهه عنه في حالة الخطأ؛ لكن عند
تأملي في عدد من تقديرات مقدري الشجاج ومقومي الحكومات – التي وقفت عليها – أجد
أنه لم يلحظ فيها هذا الأمر .
الوقفة
الخامسة: في تقدير الدية بالريالات.
ذكر سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة في
دية النفس وغيرها ([45]) أن إمام المسلمين في
وقته عبد العزيز بن محمد آل سعود رأى أن تقدر الإبل بالفضة فقدرت المائة من الإبل
بثمانمائة ريال فرنسي، وذلك في القرن الثاني عشر، وفي عام 1374هـ جرى تقديرها في
العمد وشبهه بثمانية عشر ألف ريال عربي، وفي الخطأ المحض بستة عشر ألفاً ([46])، وذكر سماحة الشيخ محمد
بن إبراهيم تعليقاً على هذا التقويم بقوله: ((وهذا التقويم باعتبار دون الوسط
ويستمر العمل على هذا ما لم تتغير قيمتها بزيادة كثيرة أو نقص كثير، فإن تغيرت وجب
تجديد التقويم)) ([47])، وفي عام 1390هـ تم
تقديرها في العمد وشبهه بسبعة وعشرية ألف ريال، وفي الخطأ بأربعة وعشرين ألف ريال([48])، وفي عام 1396هـ تم
تقديرها في العمد وشبهه بخمسة وأربعين ألف ريال، وتقدير دية الخطأ بأربعين ألف
ريال ([49])، وفي عام 1401هـ تم
تقديرها في العمد وشبهه بمائة وعشرة ألف ريال، وتقدير دية الخطأ المحض بمائة ألف
ريال ([50]).
وعند وقوفي على بعض أسواق الإبل في بعض
محافظات المملكة وجدت أن الأمر يستدعي إعادة النظر في تقدير قيمة الإبل الواجبة في
دية العمد وشبهه، ودية الخطأ المحض .
المسألة
السابعة: في تكاليف العلاج، وأجرة التجبير
والمسألة المفروض هنا: هل للمجني عليه أن يرجع
على الجاني بما أنفقه من ثمن الدواء، وأجرة الطبيب ونحوه، إضافة إلى الأرش؛ - إذا
لم يتوافر الدواء والطبيب مجاناً – أم لا؟
اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول
الأول:
ليس للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه
من ثمن الدواء وأجرة الطبيب ونحوه، وبه قال الإمام مالك ([51])، واختيار الشيخ محمد بن
إبراهيم . قال – رحمه الله -: ((وأما .... نفقته تلك المدة [أي مدة العلاج] وأجرة
الطبيب فلا أعلم استحقاقه الرجوع به على من دعمه)) ([52]). وقال في فتوى أخرى:
((أنه بتأمل ما ذكر لم يظهر لنا أن الجاني يتحمل ما ينفقه المصاب على نفسه مدة
مرضه)) ([53]).
القول
الثاني:
للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه من
ثمن الدواء، وأجرة الطبيب ونحوه، وهو قول عند المالكية ([54])، رجحه الخرشي منهم ([55])، وبه قال البهوتي في
حاشية المنتهى والرحيباني من الحنابلة ([56])، وإليه ذهب بعض
المتأخرين ([57]).
القول
الثالث:
للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه من
ثمن الدواء، دون أجرة الطبيب، وبه قال بعض الشافعية ([58]).
الأدلة:
يمكن الاستدلال لأصحاب القول الأول بأدلة
منها:
1- قياس ما ليس فيه مقدر
على ما فيه دية أو مقدر شرعاً، فكما أنه لا يلزم الجاني فيما فيه دية أو مقدر
شرعاً سوى المقدر، فكذلك لا يلزم إلا أرش فيها لا مقدر فيه .
2- أنه وقع في عهد النبي
– صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين من بعده عدد غير قليل من الجنايات، ولم
ينقل سوى الحكم بالدية والمقدر فيما فيه مقدر، والحكومة فيما لا مقدر فيه، ولم
ينقل عنهم الحكم بثمن الدواء وأجرة الطبيب ونحوه، ولو وجد لنقل .
واستدل أصحاب القوال الثاني بأدلة منها:
1- قاعدة ((الضرر يزال))
([60])، وهذه القاعدة مفرعة من
القاعدة الكلية ((لا ضرر ولا ضرار)) ([61])، وأصلها قوله صلى الله
عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) ([62]).
ووجه الدلالة:
أن الضرر جاء معرفاً، فيعم كل ضرر، ومن ذلك
أجرة الطبيب ونحوه، وثمن الدواء .
ويجاب عن ذلك بأن الضرر قد زال بالمقدر فيما
فيه مقدر من الجنايات، وبالأرش فيما لا مقدر فيه .
ويجاب عن ذلك: بأن التعزير بالمال مختلف فيه
بين الفقهاء، فلا يستدل بمختلف فيه على مختلف عليه، والقائلون بالتعزير بالمال
خصوه في حالات دون أخرى([64])، ومع التسليم بمشروعية
التعزير بالمال، فإنه لا يلزم في كل جناية؛ فضلاً عن جناية الخطأ، والتعزير مجاله
واسع، ولا يقتصر على المال فقط، والمسألة هنا ليست في التعزير وإنما في الضمان،
وفرقٌ بين المسألتين .
3- إن مقتضى العدل
وإحقاق الحق يقتضي المماثلة بين التعويض والضرر، ومقتضى المماثلة التعويض عن جميع
الضرر([65])، ومن ذلك ما خسره
المجني عليه ثمناً للدواء وأجراً للطبيب ونحوه .
ويجاب عن ذلك أن العدالة قد تحققت بالمقدر
شرعاً فيما فيه مقدر، وبالأرش فيما لا مقدر فيه .
واستدل أصحاب القول الثالث:
ولم يظهر لي وجه للفَرْق بين أجرة الطبيب،
وثمن الدواء .
الراجح ووجه الترجيح:
من خلال ما سبق يترجح لي القول الأول، وذلك
لما يلي:
1- للإجابة الواردة على
أدلة القول الثاني .
2- للأدلة المتوافرة على
حرمة مال المعصومين؛ إلا برضى نفس، أو سبب مشروع .
المسألة
الثامنة: في ضمان الجاني لأجر المجني عليه مدة توقفه عن العمل بسبب الجنابة
والمسألة المفروضة هنا: هل يضمن الجاني أجر
المجني عليه مدة توقفه عن العمل بسبب الجناية، إضافة إلى الأرش، أم لا؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول
الأول:
لا يضمن الجاني أجر المجني عليه مدة توقفه عن
العمل بسبب الجناية، وبد قال الجمهور الحنفية، والمالكية، والصحيح عند الشافعية،
والحنابلة، وذلك تخريجاً على مسألة حبس الحر .
وقال الخرشي من المالكية: ((وكذلك منفعة بدن
الحر لا يضمنها الغاصب إلا بالتفويت، والمراد به الاستيفاء وهو .... استعمال الحر
بالاستخدام أو العمل، ولا شيء عليه حيث عطله عن العمل)) ([68]).
وقال الرملي من الشافعية: ((وكذا منفعة بدن
الحر لا تضمن إلا بالتفويت في الأصح دون الفوات كأن حبسه ولو صغيراً .... فإن
أكرهه على العمل لزمت أجرته)) ([69]).
وبه قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، قال:
((وأما أجره مدة تعطله بالمعالجة شهرين .... فلا أعلم استحقاقه الرجوع به على من
دعمه)) ([71]).
وبه قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين
قال: ((لم أجد للأصحاب كلاماً في تضمين الجاني منفعة المجني عليه مدة احتباسه
بالجناية، والذي تقتضيه القواعد أن يقال: .... وأما إن كانت الجنابة عمداً فهذه إن
أوجبت قصاصاً أو دية مقدرة أو حكومة فليس فيها سوى ما توجبه الجناية، ولا يضمن
الجاني سوى ذلك؛ لأن الشارع أوجب ذلك في مقابلة ما فات من عضو أو منفعة)) ([72]).
القول
الثاني:
يضمن الجاني أجر المجني عليه مدة توقفه عن
العمل بسبب الجناية، وبه قال ابن رحال من المالكية([74])، وإليه ذهب بعض
المتأخرين ([75]).
الأدلة:
يمكن الاستدلال للقول الأول بأدلة منها:
قياس ما ليس فيه مقدر على ما فيه دية أو مقدر
شرعاً، فكما أنه لا يلزم الجاني فيما فيه دية أو مقدر شرعاً سوى المقدر، فكذلك لا
يلزم إلا الأرش فيما لا مقدر فيه، وقد سبق في المسألة التاسعة ذكر الاتفاق على أن
ما فيه مقدار لا يلزم الجانيَ غيرُه .
واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها:
1- قياس المجني عليه
الذي حبسته الجناية عن العمل على المحبوس، فكما أنه لا يلزم الحابسَ ما فات
المحبوس من منفعة، فكذلك يلزم الجانيَ ما فات المجني عليه من منفعة بالجناية التي
حبسته عن العمل .
وأجيب عن ذلك: بأن إلزام الحابس بما قات
المحبوس من منفعة بمجرد الحبس غير مسلم، وإنما يضمن الحابس بإتلاف منافع المحبوس
عند الحنفية، وباستعمالها عند المالكية، وبتفويتها عند الشافعي كما سبق ذكره، ولو
سلمنا أنه يلزم الحابس ما فات من منفعة المحبوس بمجرد الحبس كما هو قول الحنابلة،
فإنه قياس مع الفارق؛ لأن المجني عليه قد استحق بالجناية عليه قصاصاً أو دية أو
مقدراً أو أرشاً، بخلاف المحبوس الذي يستحق ما فاته من منفعة .
2- استدلوا بقاعدة
(الضرر يزال) .
3- أن إلزام الجاني
بأجرة المجني عليه مدة احتباسه بالجناية من التعزير بالمال، والتعذير بالمال مشروع
.
4- أن مقتضى العدل،
وإحقاق الحق يقتضي المماثلة بين التعويض والضرر، ومقتضى المماثلة التعويض عن جميع
الأضرار، ومن ذلك الأجر الذي فات المجني عليه .
وفي سبق وجه الدلالة من الدليل الثاني
والإجابة عليه وعلى الدليلين الثالث والرابع في المسألة التاسعة .
الراجح،
ووجه الترجيح:
من خلال ما سبق يترجح لي القول الأول، وذلك
لما يلي:
1- للإجابة الواردة عن
أدلة القول الثاني .
2- للأدلة المتوافرة على
حرمة مال المعصومين؛ إلا برضى نفس، أو سبب مشروع .
3- أن الشريعة الإسلامية
سوت بين الصغير والكبير، والعالم والأمي، والشريف والوضيع في الدية والأرش، وهذا
مقتضى العدل، فتقتضي العدالةُ المساواةَ بين العامل ومن كان دون عمل، وهذا المسلك
يؤمن الاستقرار للأحكام، ويبعد عنها الارتجال والاختلاف .
فإذا ترجح القول بأن المجني عليه لا يستحق
أجرة خلال مدة علاجه، فمن باب أولى لا يستحق مقدار نقس راتبه بعده؛ لأن حصوله على
ما ذكر أمر محتمل يتوقف على أداء العمل الذي يستحق عليه الأجر وقد يعرض له ما
يمنعه، ولما سبق تقريره من أنه ليس له شرعاً إلا ما أوجبت الجناية .
المرحلة
الرابعة: الحكم
ثبت لدي:
1- كسر المدعى عليه
للجزء السفلي من عظمة زند يد المدعي اليسرى عمداً، وانجباره مستقيماً .
2- إحداث المدعى عليه
لسحجة بإصبع الإبهام ليد المدعي اليمنى بطول نصف سنتيمتر وعرض نصف سنتيمتر وبرؤها
.
وحكمت بما
يلي:
أولاً: إلزام المدعى عليه بأن يسلم للمدعي
ألفين ومائتي ريال 2.200 ريال، وهو المقدر في الزند إذا كسر عمداً وجبر مستقيماً .
ثانياً: إلزام المدعى عليه بأن يسلم للمدعى
خمسمائة ريالـ500 حكومة عن سحجة إبهام يده .
ثالثاً: ردّ دعوى المدعي في تكاليف العلاج
وأجرة التجبير، وراتبه خلال فترة العلاج وانجبار الكسر، والنقص الحاصل براتبه خلال
المدة المتبقية من عقد عمله لعدم استحقاقه ما يدعيه .
رابعاً: ردّ دعوى المدعى عليه في الجراح التي
ذكر أن المدعي ألحقها برقبته لعدم إثباته ما يدعيه .
وبعد: فهذا ما ظهر لي حسب الجهد، فإن كان
صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان .
وقد رفع الحكم لمحكمة التمييز لتدقيقه، فعاد
الصك مظهراً بالتصديق بالرقم 134/ج/3/أ لعام 1420هـ .
وصلى الله على نبينا
محمد وآله وصحبه وسلم .
([3]) انظر المرجع السابق، ص299-300، م176.174. ويستثنى من أحكام
النظام (نظام العمل والعمال) الأشخاص الذين يشتغلون في المراعي أو الزراعة؛ ما عدا
ما استثني منهم. انظر: م3 من النظام المذكور. وقد صدر أخيراً أمر ملكي كريم رقمه
أ/14، في 23/2/1426هـ، متضمناً الموافقة من حيث المبدأ على الترتيبات التنظيمية
لأجهزة القضاء وفض المنازعات التي أوصت به اللجنة الوزارية للتنظيم الوزاري
المشكلة بموجب الأمر الملكي الكريم ذي الرقم 7/ب/6629، والتاريخ 7/5/1420هـ، ومن
ضمن هذه الترتيبات إنشاء محاكم عمالية .
([5]) بلغ عدد المقيمين في المملكة 236.144.6 ستة ملايين ومائة وأربعة
وأربعين ألفاً ومائتين وستاً وثلاثين نسمة وهم يمثلون 1.27% سبعة وعشرين وواحد من
عشرة في المئة من إجمالي عدد السكان: انظر: النتائج الأولية للتعداد العام للسكان
والمساكن 1/8/1425هـ، موقع مصلحة الإحصاءات العامة على الشبكة العالمية www.plonninq.qov.sd .
([7]) الأرش لغة: مفرد يجمع على أروش، يقال: أرش
بين القوم: حمل بعضهم على بعض وأفسد، ثم استعمل في نقصان الأعيان؛ لأنه فساد فيها،
وأرش الجراحات: ما ليس له قدر معلوم. وفي الاصطلاح، قال في المغرب: ((الأرش دية
الجراحات)). والحكومة لغة: من الحكم، وهو المنع، والحُكومَة في أرش الجراحات: التي
ليس فيها دية معلومة. وفي الاصطلاح: جاء في الموسوعة الفقهية: ((تطلق عند الفقهاء
على الواجب الذي يقدره عدل في جناية ليس فيها تقدير من الشرع)). وبين الأرش
والحكومة عموم وخصوص، فالأرش يطلق على العوض المقدر للنقص الحاصل بالأعيان، أو
الجناية على الإنسان فيما لا مقدر فيه؛ أما الحكومة فتطلق على العوض المقدر في
الجناية على الإنسان فقط، فالأرش أعم من الحكومة، والحكومة نوع من الأرش. انظر:
معجم مقاييس اللغة، أبو الحسن بن فارس بن زكريا، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار
الجيل، بيروت، مادة: أرش، ج1، ص79، مادة: حكم، ج2، ص91؛ لسان العرب، لأبي الفضل
محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي، ط الأولى، 2000م، دار صادر، بيروت، مادة: أرش،
ج1،ص87، مادة: حكم، ج4، ص186-188؛ المغرب، ناصر بن عبد السيد أبو المكارم المطرزي،
دار الكتاب العربي، ص24؛ الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت،
وزارة الأوقاف الكويتية، ج31، ص170؛ ج3، ص 104.)
([8]) يحصل في عدد غير قليل من التقارير الطبية، وقليل من الأحكام
الشرعية خلط بين كلمتي السحجة والسجحة، فالأولى بحاء مهملة يليها جيم معجمة تدل
على قشر الشيء، يقال بعيرٌ سَحَّاج؛ إذا كان يسحج الأرض بخفه كأنه يريد قشر وجهها
بخفه، والأخرى: بجيم معجمة يليها حاء مهملة تدل على استقامة وحسن، والسجح: الشيء
المستقيم، وخد أسجح: سهل طويل، قليل اللحم . انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس،
مادة: سحج، ج3، ص143، مادة: سجح، ج3، ص133؛ لسان العرب، مادة: سحج ج7، ص133-134،
مادة سجح، ج7، ص125.
([13]) الفتاوى الكبرى، لتقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، دار
الكتب العلمية، ج3، ص381، وانظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، لأبي عبد الله بن
محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، راجعه وعلق عليه: طه عبد الرءوف سعد،
دار الجيل، بيروت، ج1، ص101؛ والطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لابن قيم
الجوزية، حققه وخرج أحاديثه: بشير محمد عيون، مكتبة المؤيد، الطائف، ط الأولى،
1410هـ، ص99.83.
([14]) انظر: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، لبرهان
الدين إبراهيم بن علي بن فرحون المالكي، راجعه: طه عبد الرءوف سعد، مكتبة الكليات
الأزهرية، القاهرة، ط الأولى، 1406هـ، ج2، ص347؛ أسنى المطالب شرح روض الطالب، عبد
الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، دار الكتاب الإسلامي ج4، ص166؛ كشاف القناع عن
متن الإقناع، منصور بن يوسف بن إدريس البهوتي، عالم الكتب، بيروت، ج6، ص154-155.
([17]) انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، باب الزاء والنون والحرف
المعتل، مادة: زند، ج3، ص27-28؛ لسان العرب لابن منظور، مادة: زند، سعد، ج7،
ص63-186.64؛ أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء، قاسم
القونوي، تحقيق: أحمد الكبيسي، دار الوفاء، جدة، ط الأولى، 1407هـ، ص177؛ كشاف
القناع، للبهوتي، ج6، ص57؛ المورد، منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت،
ط1985.19م، ملحق جسم الإنسان، ص8 .
([35]) انظر: بداية المجتهد، لابن رشد، ج2، ص409؛ التنبيه، لأبي إسحاق
الفيروزأبادي الشيرازي، إعداد: عماد الدين أحمد حيدر، بيروت، عالم الكتب، ط
الأولى، 1403هـ، ص222-223؛ رسالة في دية النفس وغيرها، لسماحة الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ، الرياض، مؤسسة النور، ص2، وقد طبعت ضمن فتاوى ورسائل سماحة
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ط الأولى 1395هـ، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة،
ج11، ص328- 332، كما طبعت ضمن التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة خلال 68عاماً، ط
الأولى، 1413هـ، أعدته لجنة متخصصة بالوزارة، وزارة العدل، ج3، ص296-300.
([39]) روى أبو داود في سننه حديثنا يحيى بن حكيم، ثنا عبد الرحمن بن
عثمان، ثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت قيمة الدية على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل
الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، قال: فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله
فقام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها على أهل الذهب ألف دينار وعلى
أهل الورق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة،
وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.
سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد
الحميد، 1416هـ، المكتبة العصرية، بيروت، ج4، ص184، الحديث 4542؛ وانظر: رسالة في
دية النفس وغيرها، لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، ص3.
([56]) قال البهوتي: ((وإن لم تكن الجائفة مندملة ولا الموضحة نبت شعرها
فعلى الجاني الحكومة مع أجرة الطبيب وثمن الخيط)). حاشية المنتهى، للبهوتي، ج2،
ص1298، وقال الرحيباني: ((لو فتق جائفة غير مندملة أو موضحة لم ينبت شعرها فعليه
حكومة ... وعليه أجرة الطبيب وثمن الخيط)). مطالب أولي النهى، للرحيباني، ج6،
ص133.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم