القائمة الرئيسية

الصفحات



التأمين تقــويم المـسيـــرة النظريــة والتطبيقيـة

التأمين تقــويم المـسيـــرة النظريــة والتطبيقيـة

التأمين
تقــويم المـسيـــرة النظريــة والتطبيقيـة






التأمين
تقــويم المـسيـــرة النظريــة والتطبيقيـة
 
البروفسير الصديق محمد الأمين الضرير
استاذ الشريعة الإسلامية
بكلية القانون- جامعة الخرطوم
ورئيس الهيئة العليا للرقابة الشرعية
على أعمال التأمين

 (طبعة تمهيدية)

ملـخص البحـث
         تعتبر نماذج التكافل الاسلامي المطروحة من قبل شركات التامين الاسلامية، البديل الاسلامي لنماذج التامين علي الحياة ، التي لم تجزها مجامع فقهاء الشريعة الاسلامية ، لما فيها من مخافات شرعية بَّينها العلماء ، والباحثون في فتاواهم ، وابحاثهم العلمية .
   يهدف البحث ،الي تقويم تجربة نماذج التكافل التي طُبقت . ولكن نسبة لمحدودية عدد صفحات البحث ، فقد اختار الباحث نظامين من نظم التكافل التي طبقتها شركات التامين الاسلامية ، وذلك لحيويتها الزائدة ، واهميتها المتعاظمة ، و هما نظاما : التكافل والاستثمار ،ونظام التكافل لحماية الطلاَّب ، (اوالتكافل التعليمي ).
من خلال هذا البحث ، يسلط الباحث الضوء علي النظامين المذكورين ، بهدف توضيح الاسس التي يقومان عليها ، ثم يستعرض الباحث الاهداف التي يسعي الي تحقيقها كل نظام . كذلك يتناول الباحث بالشرح النظري ، والتطبيق العملي كيفية عمل كل نظام . كما يبين الباحث اهم السلبيات التي افرزتها التجربة العملية لكل نظام . ومن ثم يذكر الباحث مرئياته لوسائل العلاج ،حسبما ترآي له لكل نظام، بهدف إعادة صياغة نظام التكافل المعني ، بصورة تُمَكّنه من التقلب علي اهم العقبات ، والسلبيات التي لحقت به ، وكبحت انطلاقته، وبالتالي حدت من النفع به. .
   كخاتمة للبحث ، يشير الباحث الي ما توصلت اليه الدراسة ، ثم يتبعها بجملة من التوصيات التي يري في تطبيقها تجويداً لمسيرة التكافل التي تنظمها شركات التامين الاسلامية .

أولا: تقويم المسيرة النظرية للتأمين:

التأمين بصورته المعروفة الآن عقد مستحدث اختلف الفقهاء في حكمه الشرعي بين مجيز له بجميع أنواعه، ومانع له بجميع أنواعه، ومانع للتأمين على الحياة ومجيز لما عداه، ومانع للتأمين التجاري لما فيه من الغرر، ومجيز للتأمين التعاوني القائم على التبرع، وهذا هو رأيي الذي ذكرته في بحثي الذي قدمته في أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان الإمام ابن تيمية سنة 1380هـ-1961م. وهو متفق مع القرار الصادر من مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية سنة 1397هـ، والقرار الصادر من مجلس المجمع الفقهي بمكة المكرمة سنة 1398هـ، والقرار الصادر من مجمع الفقه الإسلامي بجدة 1406هـ 1985م.
ثانيا: تقويم المسيرة التطبيقية
بدأت المسيرة التطبيقية بإنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني لشركة التأمين الإسلامية-أول شركة تأمين تعاونية إسلامية في العالم- عملا بفتوى هيئة رقابته الشرعية التي أتتشرف برئاستها، التي منعته من التأمين في شركات التأمين التجارية، لأن في إمكانه إنشاء شركة تأمين تعاونية إسلامية، بينت له الهيئة أسسها العامة.
نشأت بعد شركة التأمين الإسلامية شركات تأمين تعاونية إسلامية، وظلت هذه الشركات الإسلامية تعمل بجانب شركات التأمين التجارية إلى سنة 1992م التي صدر فيها قانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين الذي الزم جميع شركات التأمين التجاري في السودان بالتحول إلى شركات تأمين تعاونية إسلامية، وتم هذا التحول بسهولة، وترتب عليه إقبال كبير على شركات التأمين تؤيده الإحصائيات الدالة على تزايد الاشتراكات، والحمد لله رب العالمين.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فهذا بحث عن: التــأمين
أقدمه للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي الذي سيعقد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة في شهر المحرم 1424هـ- مارس 2003م إن شاء الله، ملتزماً فيه بما جاء في:
المحور الأول: تقويم المسيرة النظرية والتطبيقية للاقتصاد الإسلامي (التأمين)
1-      تقويم البحوث والدراسات في الاقتصاد الإسلامي (البحوث والدراسات في مجال التأمين).
2-      تقويم المؤسسات التطبيقية للاقتصاد الإسلامي (شركات التأمين الإسلامية).
وملتزماً أيضاً بعدد الصفحات (30 صفحة)
والله أسأل أن يوفقني إلى الصواب، وأن يجنبني مواطن الزلل، إنه سميع مجيب.
أولا: تقويم المسيرة النظرية -(البحوث والدراسات في مجال التأمين)
1-  عقد التأمين بصورته المعروفة الآن من العقود المستحدثة، وقد اجتهد الفقهاء منذ ظهوره في بيان حكمه من وجهة النظر الشرعية، واختلفت آراؤهم فيه بين مجيز له بجميع أنواعه، ومانع له بجميع أنواعه، ومانع للتأمين على الحياة ومجيز لما عداه، ومانع للتأمين التجاري، ومجيز للتأمين التعاوني بشروط، وصدرت بحوث وكتب عديدة في هذا الموضوع، كما صدرت فيه فتاوى جماعية في مؤتمرات ومجامع فقهية.
وقد طلب منظمو المؤتمر تقويم هذه البحوث والدراسات في التأمين، وسأحاول الاستجابة لطلبهم بذكر أهم ما وقفت عليه في هذا الموضوع:
2- رأي ابن عابدين:
يقول ابن عابدين: جرت العادة أن التجار إذا استأجروا مركباً من حربي يدفعون له أجرته، ويدفعون أيضاً مالاً معلوماً لرجل حربي مقيم في بلاده، يسمى ذلك المال سوكرة على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق، أو غرق، أو نهب، أو غيره، فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذ منهم، وله وكيل عنهم مستأمن في دارنا يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن من السلطات، يقبض من التجار مال السوكرة، وإذا هلك من مالهم  في البحر يؤدي ذلك المستأمن للتجار بدله تماماً.
والذي يظهر لي أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله، لأن ذلك التزام ما لا يلزم، فإن قلت: إن المودع إذا أخذ أجرة عن الوديعة يضمنها إذا هلكت، قلت: مسألتنا ليست من هذا القبيل، لأن المال ليس في يد صاحب السوكرة، بل في يد صاحب المركب، وإن كان صاحب السوكرة هو صاحب المركب يكون أجيراً مشتركاً قد أخذ أجرة على الحفظ وعلى الحمل، وكل من المودع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز منه، كالموت والغرق ونحو ذلك.
فإن قلت: سيأتي قبيل باب "كفالة الرجلين" إن قال لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلك وأخذ ماله لم يضمن، ولو قال: إن كان مخوفاً وأخذ مالك فأنا ضامن ضمن، وعلله الشارح هناك بأنه ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصّاً اهـ. أي بخلاف الأولى، فإنه لم ينص على الضمان بقوله فأنا ضامن.
وفي جامع الفصولين: الأصل ان المغرور إنما يرجع على الغار لو حصل الغرور في ضمن المعاوضة، أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور، فصار كقول الطحان لرب البر: اجعله في الدلو، فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء، وكان الطحان عالماً به يضمن إذ غره في ضمن العقد، وهو يقتضي السلامة. اهـ.
قلت: لابد في مسألة التغرير من ان يكون الغار عالما بالخطر، كما يدل عليه مسألة الطحان المذكورة، وأن يكون المغرور غير عالم، إذ لا شك أن رب البر لو كان عالماً بنقب الدلو يكون هو المضيع لماله باختياره، ولفظ المغرور ينبئ عن ذلك لغة لما في القاموس: غره غرّاً وغروراً فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر هو . اهـ.
ولا يخفى أن صاحب السوكرة لا يقصد تغرير التجار، ولا يعلم بحصول الغرق، هل يكون أم لا، وأما الخطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار، لأنهم لا يعطون مال السوكرة إلا عند شدة الخوف طمعاً في أخذ بدل الهالك، فلم تكن مسألتنا من هذا القبيل أيضاً. انتهت فتوى ابن عابدين(1).
أقول: هذا العقد الذي استظهر ابن عابدين عدم جوازه هو تأمين بحري، فالتجار هم المؤمن لهم، والحربي هو المؤمن، والغرض من هذه العملية، كما هو واضح من كلام ابن عابدين، هو التأمين ضد المخاطر التي تحدث لحمولة المركب، فالمؤمن الحربي يلتزم بتعويض التجار ما يضيع من بضائعهم التي في المركب نظير مال يدفعونه له.
وقد بنى ابن عابدين فتواه بالمنع على ثلاثة أسباب:
أ- إن هذا العقد من قبيل التزام ما لا يلزم، وهو غير جائز لعدم وجود سبب شرعي يقتضي الضمان، وهذا العقد لا يصلح سبباً شرعيّاً لوجوب الضمان.
ب- هذا العقد ليس من قبيل تضمين المودع إذا أخذ أجراً على الوديعة لسبين:
الأول: المؤمن الحربي ليس هو صاحب المركب، فلا يكون مودعاً.
الثاني: لو كان المؤمن هو صاحب المركب فإنه يكون أجيراً مشتركاً لا مودعاً،  والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز منه، ومثله المودع.
ج- هذا العقد ليس من قبيل تضمين الغار، لأن الغار لا يضمن إلا إذا كان عالماً بالخطر، وكان المغرور جاهلاً به، والمؤمن الحربي لا يقصد تغرير التجار، ولا يعلم هل تغرق المركب أم تسلم.
3- هذه هي أول فتوى وجدت بعد ظهور التأمين، ولهذا اشتهر ان ابن عابدين هو أول من أفتى بعدم جواز عقد التأمين، ولكن توجد نصوص عامة لفقهاء قبل ابن عادين، وقبل ظهور عقد التأمين تدل على عدم جواز بعض أنواع التأمين، منها هذا النص:

"ضمان ما يغرق أو يسرق باطل"

ورد هذا النص في كـــــــتاب البحر الزخـــــار الجامــــع لمذاهب علماء الأمصار(2)،وهو يدل على أن التأمين البحري، والتأمين من السرقة لا يجوز عند جميع علماء الأمصار، لأن المؤلف لم يذكر خلافاً في هذا الحكم.
ومنها النص التالي الذي أورده الباجي في أثناء كلامه عن بيع الغرر، قال:
ومن دفع إلى رجل داره على أن ينفق عليه حياته، روى ابن المواز عن أشهب: لا أحب ذلك ولا أفسخه إن وقع، وقال أصبغ: هو حرام، لأن حياته مجهولة ويفسخ، وقال ابن القاسم عن مالك: لا يجوز إذا قال على أن ينفق عليه حياته. اهـ.
هذه المعاملة هي صورة من صور التأمين على الحياة تعرف في اصطلاح علماء القانون بالتأمين لحال البقاء براتب عمري وهو "أن يتعهد المؤمن بدفع إيراد لمدى الحياة نظير مبلغ مجمد يدفعه له المستأمن"(3).
واضح أن هذا العقد غير جائز عند هؤلاء الفقهاء، لما فيه من غرر، ويفسخ إن وقع إلا عند أشهب فإنه لا يفسخ العقد إن وقع مع منعه له ابتداء.
4- فتوى الشيخ محمد عبده:
يذكر بعض الذين يرون جواز التأمين على الحياة أن الشيخ محمد عبده يرى جوازه اعتماداً على فتوى صدرت منه عندما كان مفتياً للديار المصرية سنة 1319هـ، نذكر فيما يلي نص الاستفتاء والفتوى:
سأل مدير شركة ميوتوال لايف الامريكية الشيخ محمد عبده عن رجل اتفق مع جماعة -قومبانية- على أن يعطيهم مبلغاً معلوماً، في مدة مطلوبة على أقساط معينة للاتجار فيما يبدو فيه الحظ والمصلحة، وأنه إذا مضت المدة المذكورة، وكان حـيّاً يأخذ هذا المبلغ منهم مع ما ربحه من التجارة في تلك المدة، وإذا مات في خلالها يأخذ ورثتة، أو من يطلق له حال حياته ولاية أخذ المبلغ المذكور مع الربح الذي ينتج مما دفعه، فهل ذلك يوافق شرعاً؟
فأجاب الشيخ محمد عبده:
اتفاق هذا الرجل مع هؤلاء الجماعة على دفع ذلك المبلغ على وجه ما ذكر يكون من قبيل شركة المضاربة، وهي جائزة، ولا مانع للرجل من أخذ ماله مع ما انتجه من الربح بعد العمل به في التجارة، وإذا مات الرجل في إبان المدة، وكان الجماعة قد عملوا فيما دفعه، وقاموا بما التزموه من دفع المبلغ لورثته، أو لمن يكون له التصرف بدل المتوفى بعد موته جاز للورثة، أو لمن يكون له حق التصرف في المال، أن يأخذ المبلغ جميعه مع ما ربحه المدفوع منه بالتجارة على الوجه المذكور(4).
هذه هي الفتوى التي أخذ منها بعض من يرون جواز التأمين ان الشيخ محمد عبده أجاز عقد التأمين على الحياة.
والحقيقة أن هذه المسألة لا ينطبق عليها عقد التأمين مطلقاً، لأن المستفتي يقول: إن الشخص الذي يتفق مع الشركة يدفع لها المبلغ للاتجار به، ومعنى هذا أن الأقساط التي يدفعها تظل ملكاً له، وأن الشركة تعمل بها في التجارة فقط، وهذا من خصائص عقد المضاربة، وأما في عقد التأمين فإن الأقساط التي يدفعها المؤمن له تدخل في ملك المؤمن -الشركة- وهي مطلقة اليد في أن تتصرف فيها كما تشاء.
وكما لا ينطبق على هذه المعاملة عقد التأمين لا ينطبق عليها أيضاً عقد المضاربة، لأن فيها شرطاً يخرجها من أن تكون مضاربة، هو أن يدفع في حال الوفاة للورثة، أو لمن يعينه رب المال كل المبلغ المتفق عليه زائداً أرباح ما دفع بالفعل، ومعنى هذا أن الورثة يأخذون مبالغ لم يدفعها مورثهم، فلو فرضنا أن المبلغ المتفق عليه مائة دينار تدفع على عشرة أقساط دفع المورث منها قسطين للشركة ثم مات، فإنه بمقتضى الشرط المذكور يستحق الورثة المائة دينار زائداً ربح العشرين دينار، وليس في الفقه الإسلامي مضاربة بهذه الصورة.
وعلى هذا فلا يصح أن يؤخذ من هذه الفتوى رأي الشيخ محمد عبده في التأمين، بل إني أشك في صدور هذه الفتوى بهذه الصيغة من الشيخ محمد عبده.
5- رأي الأستاذ عبد الوهاب خلاف:
قال الأستاذ عبد الوهاب خلاف بجواز عقد التأمين على الحياة على أنه عقد مضاربة، لأن عقد المضاربة في الشريعة هو عقد شركة في الربح بمال من طرف وعمل من طرف آخر، وفي التأمين -كما يقول الأستاذ خلاف- المال من جانب المشتركين الذين يدفعون الأقساط، والعمل من جانب الشركة التي تستغل هذه الأموال، والربح للمشتركين والشركة حسب التعاقد(5).
وقد أورد الأستاذ خلاف نفسه اعتراضاً على هذا القياس هو أن شرط صحة المضاربة أن يكون الربح بين صاحب المال والقائم بالعمل شائعاً بالنسبة، وفي التأمين يُشترط للمشترك قدر معين في الربح 3% أو 4% فالمضاربة غير صحيحة.
وأجاب عنه بالآتي:
أولا: بما جاء في تفسير آيات  الربا في سورة البقرة للشيخ محمد عبده وهو: "لا يدخل في الربا المحرم بالنص الذي لا شك في تحريمه من يعطي آخر مالا يستغله، ويجعل له من كسبه حظّاً معيناً، لأن مخالفة أقوال الفقهاء في اشتراط أن يكون الربح نسبيّاً لاقتضاء المصلحة ذلك لا شيء فيه، وهذه المعاملة نافعة لرب المال والعامل معاً".
ثانيا: بأن اشتراط أن يكون الربح نسبيّاً لا قدراً معيناً خالف فيه بعض المجتهدين من الفقهاء، وليس حكماً مجمعاً عليه"(6).
وانتهى الشيخ خلاف إلى القول بأن عقد التأمين على الحياة عقد صحيح نافع للمشتركين وللشركة وللمجتمع، وليس فيه إضرار بأحد، ولا أكل مال أحد بغير حق، وهو ادخار وتعاون وتوفير لمصلحة المشترك، حين تتقدم سنه، و لمصلحة ورثته حين تفاجئه منيته، والشريعة إنما تحرم الضار، أو ما ضرره أكبر من نفعه(7).
والذي أراه أنه ليس هناك صورة من صور عقد التأمين على الحياة يمكن قياسها على عقد المضاربة حتى لو تجاوزنا عن كون الربح في المضاربة يشترط فيه أن يكون قدراً شائعاً بالنسبة، وذلك للأسباب الآتية: 
‌أ-    المبلغ الذي يدفعه رب المال للعامل في المضاربة يظل ملكاً لصاحبه، ولا يدخل في ملك العامل، وذلك بخلاف التأمين فإن القسط يدخل في ملك الشركة تتصرف فيه تصرف المالك في ملكه.
‌ب-   في حالة موت رب المال في المضاربة يستحق ورثته المال الذي دفعه مع ربحه إن كان فيه ربح، أما في عقد التأمين على الحياة فإن الورثة يستحقون عند موت المؤمن له المبلغ الذي اتفق عليه المؤمن له مع الشركة بالغاً ما بلغ، فلو أن شخصاً أمن على حياته بمبلغ ألف دولار ثم مات بعد ما دفع للشركة قسطاً واحداً مائة دولار،  فإن ورثته يستحقون الألف كاملة، فكيف يقاس هذا العقد على عقد المضاربة؟.
ولا يصح أن يقال إن الشركة تتبرع بالزائدة على ما دفعه المؤمن له، لأن من خصائص عقد التأمين على الحياة أنه عقد معاوضة، الشركة ملزمة فيه بدفع المبلغ المتفق عليه إذا وفى المؤمن له بالتزامه في دفع الأقساط.
ج- في حال موت صاحب المال في عقد المضاربة يكون المبلغ الذي في يد المضارب من ضمن تركة المتوفى يجري فيه ما يجري في سائر أموال التركة.
أما في عقد التأمين فإن المال المستحق قد لا يذهب إلى الورثة مطلقاً، وذلك في حالة ما إذا عين المؤمن له مستفيداً -وهذا من حقه- فإن جميع المال يذهب لهذا المستفيد، ولو لم يكن للمتوفى مال غيره، ولا حق للورثة في الاعتراض.
وهذا زيادة على ما فيه من مخالفة لعقد المضاربة، فإن فيه مخالفة لأحكام الميراث التي تقضي بأن يذهب هذا المال للورثة، أو يتوقف الزائد على ثلث التركة على إجازتهم لو اعتبرنا المستفيد موصى له.
6-رأي الشيخ محمد بخيت المطيعي:
يرى بعض المانعين للتأمين أنه من القمار، منهم الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية حيث يقول: عقد التأمين عقد فاسد شرعاً، وذلك لأنه معلق على خطر، تارة يقع، وتارة لا يقع فهو قمار معنى(8).
7- ومنهم الشيخ أحمد إبراهيم:
يقول الشيخ أحمد إبراهيم عن التأمين على الحياة:
أما إذا مات المؤمن له قبل إيفاء جميع الأقساط، وقد يموت بعد دفع قسط واحد فقط، وقد يكون الباقي مبلغاً عظيماً جدَاً، لأن مبلغ التأمين على الحياة موكول تقديره إلى طرفي العقد، على ما هو معلوم، فإذا أدت الشركة المبلغ  المتفق عليه كاملا لورثته أو لمن جعل له المؤمن ولاية قبض ما التزمت به الشركة بعد موته ففي مقابل أي شيء دفعت الشركة هذا المبلغ؟ أليس هذا مخاطرة ومقامرة، وإذا لم يكن هذا من صميم المقامرة ففي أي شيء تكون  المقامرة إذن؟ على أن المقامرة حاصلة أيضاً من ناحية أخرى، فإن المؤمن له بعد أن يوفى جميع ما التزمه من الأقساط يكون له كذا، وإن مات قبل أن يوفيها كلها يكون لورثته كذا،  أليس هذا قماراً ومخاطرة، حيث لا علم له ولا للشركة بما سيكون من الأمرين على التعيين .
ولا أوافق هذين العالمين الكبيرين على أن التأمين قمار، أو في معنى القمار، لأن حقيقة التأمين تختلف اختلافاً كبيراً عن حقيقة القمار الذي منه الميسر الذي حرمه الله في القرآن(10).
8- رأيى في التأمين:
رأيي في التأمين هو عدم جواز التأمين التجاري، وجواز التأمين التعاوني الإسلامي، قلت هذا الرأي أول مرة في أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان الإمام ابن تيمية سنة 1380هـ - 1961م، واقترحت العمل بالتأمين التعاوني الإسلامي بديلاً للتأمين التجاري، ثم طبقته عمليّاً عند انشاء شركة التأمين الإسلامية في بنك فيصل الإسلامي السوداني 1977م كما سيأتي. 
ودليلي على عدم جواز التأمين التجاري هو أنه عقد غرر منهي عنه بالحديث الصحيح الذي ينهى عن بيع الغرر(11).
وقد اعترض الاستاذان الكبيران الشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ على الخفيف على هذا الدليل، فلم يسلم الشيخ الزرقا بأن التأمين عقد غرر، وسلم الشيخ الخفيف بأن في التأمين غررا، ولكنه غرر خفيف، وغير مؤثر في صحة العقد، ورددت عليهما في كتابي الغرر وأثره في العقود فليراجع(12).
9- رأي المؤتمرات والمجامع الفقهية:
لعل أول دراسة جماعية لعقد التأمين هي التي كانت في أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان الإمام ابن تيمية الذي عقده المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بمدينة دمشق في المدة من 16-21 من شوال 1380هـ - 1-6 ابريل 1961م.
قدم في ذلك الاسبوع أربعة بحوث عن حكم عقد التأمين من وجهة النظر الشرعية، أجاز بحثان منها التأمين بنوعيه التعاوني والتجاري، هما بحث الاستاذ مصطفى الزرقا وبحث الأستاذ عبد الرحمن عيسى، ومنعه بحث واحد هو بحث الأستاذ عبد الله القلقيلي من غير أن يفرق صراحة بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني، ولكن حديثه يدل على أن المقصود هو التأمين التجاري، وأجاز بحث واحد التأمين التعاوني، ومنع التأمين التجاري، هو بحث الأستاذ الصديق محمد الأمين الضرير، وأيد هذا الاتجاه الأستاذ محمد أبو زهرة في تعقيب طويل منشور مع البحوث في كتاب اسبوع الفقه الإسلامي.
ويظهر من هذا ان ا لبحوث اتفقت على جواز التأمين التعاوني، واختلفت في التأمين التجاري -التأمين بقسط ثابت- فأجازه بحثان، ومنعه بحثان مضافاً إليهما تعقيب الأستاذ أبوزهرة.
ولعل من المناسب أن أنقل إليكم خلاصة ما جاء في بحثي عن حكم عقد التأمين التعاوني، وعقد التأمين التجاري: قلت:
التأمين التعاوني لا أعتقد أن هنالك اختلافاً في جوزاه، بل هو عمل تدعو إليه الشريعة، ويثاب فاعله إن شاء الله، لأنه من التعاون على البر والتقوى، وقد أمرنا الله به، فإن كل مشترك في هذه العملية يدفع شيئا من ماله عن رضاً وطيب نفس ليكون منه رأس مال للشركة، يعان منه من يحتاج إلى المعونة من المشتركين في الشركة، وكل مشترك هو في الواقع متبرع باشتراكه لمن يحتاج له من سائر المشتركين حسب الطريقة التي يتفق عيها المشتركون، وسواء أكان هذا النوع من التأمين في صورة تأمين بحري، أو بري، أو تأمين على الحياة، أو تأمين من الاضرار، فهو جائز شرعاً.
أما التأمين التجاري فقد قلت عنه بعد ما بينت وجود الحاجة إلى التأمين:
ورغم كل هذا فاني لا أري اباحة عقد التأمين بوضعه الحالي، لأنه لا يصح أن نلجأ إلى استخدام الضرورة أو الحاجة إلا إذا لم نجد سبيلاً غيرهما. وفي موضوعنا هذا من الممكن أن نحتفظ بعقد التأمين في جوهره ونستفيد بكل مزاياه مع التمسك بقواعد الفقه الإسلامي، وذلك يكون في نظري بإخراج التأمين من عقد المعاوضات، وإدخاله في عقود التبرعات، والطريق إلى هذا ان نبعد الوسيط الذي يسعى إلى الربح بأن نجعل التأمين كله تأميناً تعاونيّاً يديره المشتركون أنفسهم إن أمكن، أو تشرف عليه الحكومات، فتعين له موظفين يتولون إدارة الشركات بأجر كسائر الموظفين، وينص صراحة في عقد التأمين على أن الأقساط التي يدفعها المشترك تكون تبرعاً منه للشركة تدفع لمن يحتاج إليها من المشتركين حسب النظام المتفق عليه، من غير أن تتحمل الحكومة أية مسئولية مالية نحو المشتركين، وبهذه الطريقة يصبح التأمين تعاوناً حقيقيّاً على البر، يستفيد منه المشترك في دنياه، وينال به الثواب في آخرته(13).
هذا ما قلته قبل أكثر من أربعين عاماً، وسأزيده إيضاحاً فيما بعد عند الكلام عن شركة التأمين الإسلامية.
وهذا البديل للتأمين التجاري هو في الواقع رجوع بالتأمين إلى أصله، فقد نشأ التأمين أول مرة تأميناً تعاونيّاً خالصاً، لا يبتغى أحد ربحاً من ورائه، ثم جاءت فئة من الناس همها الربح المادي، فحولت التأمين إلى عمل تجاري، وأصبح التأمين تجارة تدر على  القائمين به أرباحاً طائلة، ولهذا تذكر القوانين أن عقد التأمين عقد معاوضة أحد طرفيه المؤمن "الشركة"، والآخر المؤمن له، يلتزم فيه المؤمن بدفع عوض مالي عند وقوع الحادث، نظير التزام المؤمن له بدفع قسط مالي.
10- استمرت الدراسات لعقد التأمين بعد اسبوع الفقه الإسلامي في عدد من المجامع والمؤتمرات أذكر منها:
أ. مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، فقد بحث هذا الموضوع في مؤتمره الثاني عام 1985-1965 ومؤتمره الثالث عام 1386-1966، وقرر فيهما جواز التأمين التعاوني، والاستمرار في دراسة مختلف أنواع التأمين لدى الشركات، والوقوف على آراء علماء المسلمين في الأقطار الإسلامية، وقد كان أمام المجمع في مؤتمره السابع  1392هـ - 1972 زهاء ثمانين رأياً من آراء علماء المسلمين في التأمين التجاري، بعضها أجازه بجميع أنواعه، وبعضها منعه بجميع أنواعه، وبعضها منع التأمين على الحياة وأجاز أنواع التأمين الأخرى، ولم يصدر المجمع قراراً في الموضوع.
ب. المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد  الإسلامي بمكة المكرمة 21-26 صفر 1396 هـ 21-26 فبراير 1976 فقد جاء في قراراته:
يرى المؤتمر أن التأمين التجاري الذي تمارسه شركات التأمين التجارية في هذا العصر لا يحقق الصيغة الشرعية للتعاون والتضامن، لأنه لم تتوافر فيه الشروط الشرعية التي تقتضي حله.
ويقترح المؤتمر تأليف لجنة من ذوي الاختصاص من علماء الشريعة وعلماء الاقتصاد لاقتراح صيغة للتأمين خالية من الربا والغرر، وتحقق التعاون المنشود بالطريقة الشرعية بدلا من التأمين التجاري.
ج- مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، جاء في قراره رقم 55 بتاريخ 4/4/1397 ما يلي :
"بعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس جوازه - التأمين التعاوني- وإمكان الاكتفاء به عن التأمين التجاري في تحقيق ما تحتاجه الأمة من التعاون على وفق قواعد الشريعة الإسلامية..".
د. مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي الدورة الأولى شعبان 1398 هـ مكة المكرمة، جاء في قراره ما يأتي:
"بعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، او البضائع التجارية، أو غير ذلك  من الأموال، كما قرر المجلس بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلا من التأمين التجاري المحرم".
هـ. مجمع الفقه الإسلامي بحده في دورته الثانية 1406هـ- 1985 حيث اصدر المجتمعون القرار التالي:

قرار رقم (2)
بشأن التأمين وإعادة التأمين
أما بعد : فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ 22-28 ديسمبر 1985م.
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع التأمين، وإعادة التأمين.
وبعد ان ناقش الدراسات المقدمة.
وبعد تعميق البحث في سائر صوره وأنواعه، والمبادئ التي يقوم عليها، والغايات التي يهدف إليها.
وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية، والهيئات العلمية بهذا الشأن قرر:
1- أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كثير مفسد للعقد، ولهذا فهو حرام شرعاً.
2- أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني، القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
3-  دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني، وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين حتى يتحرر الاقتصاد الاسلامي من الاستغلال، ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة. 
وما أظن اننا في حاجة بعد هذه القرارات إلى مزيد من الدراسة لبيان حكم عقد التأمين، وإنما نحن في حاجة إلى إنشاء مزيد من شركات التأمين، وشركات إعادة التأمين التعاونية الإسلامية، ودراسة ما تسير عليه شركات التأمين التعاونية الإسلامية القائمة بقصد تطويرها، وتقويم المعوج منها.
11- ولهذا سأنتقل إلى الجزء الثاني من البحث المطلوب الحديث عنه وهو:
ثانيا- تقويم المؤسسات التطبيقية للاقتصاد الإسلامي (شركات التأمين الإسلامية)
سيكون حديثي خاصاً بشركات التأمين في السودان، وسأبدأ ببيان الأسس التي قامت عليها شركة التأمين الإسلامية- أول شركة تأمين تعاونية اسلامية في العالم التي أنشأها بنك فيصل الإسلامي السوداني بناء على فتوى هيئة رقابته الشرعية التي أتشرف برئاستها.
كانت تلك الفتوى سنة 1977م وقد جاء فيها:
ترى الهيئة أن التأمين التجاري غير جائز شرعاً - وهذا هو رأي أكثر الفقهاء الذين بحثوا هذا الموضوع- ولكن هؤلاء الفقهاء المانعين قد اختلفوا في علة المنع، وجملة العلل هي الغرر- والربا- والقمار، فمن الفقهاء من يرى أن جميع هذه المحظورات موجودة في التأمين التجاري- ومنهم من يرى وجود بعضها فقط، وترى الهيئة ان المانع من جواز التأمين التجاري هو الغرر، وهذا هو المحظور المتفق على تحققه في عقد التأمين التجاري عند القائلين بالمنع.
وأصل المنع من عقود الغرر ورد في حديث صحيح رواه الثقات عن جمع من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر، وقد وضع الفقهاء المجتهدون شروطاً للغرر المفسد للعقد، أكثرها متفق فيه، وبعضها مختلف عليه، وترى الهيئة أن الشروط التي يجب أن تتوافر في الغرر ليكون مؤثراً ومفسداً للعقد هي:
1.  أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية.
2.  أن يكون كثيراً.
3.  أن يكون في المعقود عليه أصالة.
4.  الا تدعو إلى العقد حاجة.
وهذه الشروط متفق عليها بين المذاهب الأربعة ما عدا الشرط الأول، فهو مأخوذ من مذهب المالكية، أما المذاهب الثلاثة فلا توافق على هذا الشرط، لأن الغرر عندهم يؤثر في عقود التبرعات أيضاً.
وترى الهيئة ان ثلاثة الشروط الأولى متحققة في عقد التأمين التجاري، فهو عقد معاوضة مالية، والغرر فيه كثير، وفي المعقود عليه أصالة، أما الشرط الرابع فغير متحقق فيه، لأن الناس في جميع البلاد في حاجة إلى الخدمات التي تقدمها هذه الشركات، وقد تعامل كثير منهم معها تلبية لهذه الحاجة.
والحاجة إلى العقد هي ان يصل الناس إلى حالة بحيث لو لم يباشروا ذلك العقد يكونون في جهد ومشقة، لفوات مصلحة من المصالح المعتبرة شرعاً.
ويشترط في الحاجة التي تجعل الغرر غير مؤثر في العقد شرطان:
1-  أن تكون الحاجة عامة أو خاصة- فالحاجة العامة هي ما يكون الاحتياج فيها شاملا لجميع الناس- والحاجة الخاصة هي ما يكون فيها الاحتياج خاصّاً بطائفة من الناس كأهل بلد، أو حرفة.
2-  أن تكون متعينة- ومعنى تعينها أن تنسد جميع الطرق المشروعة للوصول إلى الغرض سوى ذلك العقد الذي فيه الغرر- لأنه لو أمكن الوصول إلى الغرض عن طريق عقد آخر لا غرر فيه، أو فيه غرر مغتفر، فإن الحاجة إلى العقد الذي فيه غرر مؤثر لا تكون موجودة في الواقع.
فإذا توافر هذان الشرطان جازت مباشرة العقد الذي فيه غرر، لكن يجب أن يقتصر على القدر الذي يزيل الحاجة فقط، عملا بالقاعدة المعروفة (الحاجة تقدر بقدرها).
وتطبيقاً لهذه الضوابط فإن الهيئة ترى أنه لا يجوز للبنك أن يقوم بالتأمين على أمواله لدى شركات التأمين التجارية، لأن الحاجة إلى التأمين لدى تلك الشركات غير متعينة، لأن البنك يمكنه أن يؤمن على أمواله لدى شركة التأمين التعاوني التي اقترح انشاءها في استفساره رقم (3) ووافقت الهيئة عليه- وأصبحت في حكم الشركة القائمة.
12- تم الاتفاق بعد دراسات ومناقشات على أن ينشئ البنك شركة تأمين تؤدي جميع الخدمات التي تؤديها شركات التأمين التجارية، مع تجنب كل المحظورات الشرعية التي في التأمين التجاري، والاستفادة بما توصلت إليه تلك الشركات في الجوانب الفنية والعلمية، فقامت شركة التأمين الإسلامية المحدودة على الأسس التالية:
1. أن يكون التأمين تأميناً تعاونيّاً بين المشتركين الغاية منه نفع المشتركين، ولا يبتغي المؤسسون -أصحاب رأس المال- ربحا من عملية التأمين، وقد نص على هذا صراحة في النظام الأساسي فجاءت المادة (5) منه على النحو التالي:
"لا يتقاضى المساهمون في هذه الشركة أي أرباح عن أسهمهم من أي فائض قد تحققه الشركة من أقساط التأمين، التي يدفعها المشتركون، أو عائد استثماراتها.
وهذا من الفروق الأساسية بين شركة التأمين التعاونية، وشركة التأمين التجارية، ففي التأمين التجاري يسعى مؤسسو الشركة إلى تحقيق ربح من الفائض الذي تحققه الشركة من أقساط التأمين أما في التأمين التعاوني فإن هذا الفائض ليس حقا للمؤسسين-المساهمين-، وإنما هو حق للمشتركين جميعاً، يحتفظ به كله أو بعضه كاحتياطي، ويوزع ما زاد عن الاحتياطي على المشتركين، وقد جاء هذا أيضاً في النظام الأساسي في المادتين 59-60 وهذا نصهما:
المادة 59: "يجوز لمجلس الإدارة أن يخصص كل الفائض أو جزءاً منه كاحتياطي عام، أو أي احتياطيات أخرى، ويعتبر ما يخصص تبرعاً من المشتركين".
المادة 60: " في حالة عدم تخصيص كل الفائض كاحتياطيات، تدفع الشركة ما تبقى من الفائض للمشتركين بنسبة أقساطهم".
والمعمول به في شركة التأمين الإسلامية أن الفائض يوزع على جميع المشتركين بنسبة اقساطهم من غير تفرقة بين مشترك نزلت به مصيبة فأخذ تعويضاً من الشركة، وآخر لم يأخذ تعويضاً، وهذا المسلك أولى عندي مما تسلكه بعض الشركات من خصم التعويض من اشتراك العضو الذي أخذ تعويضاً، ومحاسبته على الباقي إن وجد، وحرمانه من الفائض إذا زاد التعويض عما دفعه من أقساط أو ساواه، وذلك لأن الفائض حق المشتركين جميعاً، فكل مشترك متبرع للآخرين بما تحتاج إليه الشركة لدفع التعويضات، والتعويض حق من تحققت فيه شروط استحقاقه، فلا وجه لتأثير هذا الحق على ذاك.
2. أن يكون ما يدفعه المشترك قسطاً مقدماً ومحدداً:
هذا الأساس لا يختلف عن المعمول به في شركات التأمين التجارية بالنسبة لدفع القسط مقدماً، وبالنسبة لكيفية تحديده بالأساليب الفنية، ولكنه يختلف عنه بالنسبة للفائض من الأقساط، ففي التأمين التعاوني الفائض حق للمشتركين، وفي التأمين التجاري الفائض حق للمؤسسين كما قلنا، وهذا يجعل قسط التأمين التعاوني أقل منه في التأمين التجاري في الواقع، وإن كان مساوياً له في البداية.
ويختلف عنه أيضا بالنسبة لصفته فالقسط في التأمين التجاري يدفع مقابل العوض المالي الذي تلتزم الشركة بدفعه للمؤمن له، عند وقوع الخطر، وإذا لم يقع الخطر لا تدفع له شيئا، مع تملكها للقسط كاملا، فالتأمين التجاري عقد معاوضة محضة أحد العوضين محدد، وهو القسط الذي يدفعه المؤمن له، والعوض الآخر مجهول حصوله، ومجهول مقداره، ومن هنا دخله الغرر فأفسده.
أما القسط في التأمين التعاوني فيدفعه المشترك متبرعاً به، كله او بعضه، لمن تحل به مصيبة من المشتركين، وهو واحد منهم، فالتأمين التعاوني، عقد تبرع في حقيقته، وإن كان المتبرع قد يحصل على عوض نظير تبرعه، ولكونه عقد تبرع لم يؤثر فيه الغرر، عملا بمذهب الماليكة.
3. أن يكون للمشتركين نصيب في إدارة الشركة، ليشعرهم بالتعاون المتبادل، ويمكنهم من رعاية مصالحهم في الشركة، وقد تقرر هذا بالنص في النظام الأساسي على تكوين "هيئة المشتركين" وعلى تمثيل المشتركين في مجلس الإدارة، وذلك في المواد 20 و 21و 24 على النحو التالي:
المادة 20: "تتكون هيئة من المشتركين الذين لا تقل اقساط التأمين التي دفعها كل منهم خلال السنة عن ألف جنيه، أو ما يعادل ذلك بأي عملة أخرى".
المادة 21: "يعرض على هذه الهيئة الحساب الختامي للشركة والتقرير السنوي لمجلس الإدارة قبل مدةلا تقل عن شهر من اجتماع الجمعية العمومية".
المادة 24: "يتكون مجلس الإدارة من عدد لا يزيد  عن سبعة أشخاص على أن يكون واحد منهم على الأقل ممثلا للمشتركين".
وهذا النظام لا وجود له في شركات التأمين التجارية، وهو الذي يجعل التعاون حقيقة ملموسة، ويشعر المشتركين بأنهم هم أصحاب الشركة الحقيقيون فينبغي الاهتمام به.
4. أن تكون للشركة هيئة رقابية شرعية تشترك مع المسئولين في الشركة في وضع نماذج وثائق التأمين، وتراجع عمليات الشركة للتأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وقد نص النظام الأساسي على هذا في المواد 64-68.
5. أن تخضع جميع معاملات الشركة في مجال التأمين وغيره لما تفرضه أحكام الشريعة الإسلامية.
وهذا هو أهم الأسس والمهيمن عليها، ولهذا نص عليه في عقد التأسيس المادة 3، ومن أجله انشئت هيئة الرقابة الشرعية، وجاء في النظام الأساسي أنه لا يجوز بأي حال للجمعية العمومية تعديل هذا النص المادة 19-و.
13- نشأت بعد شركة التأمين الإسلامية شركات تأمين تعاونية إسلامية في داخل السودان وخارجه، وظلت شركات التأمين الإسلامية في السودان تعمل بجانب الشركات التجارية التي كانت موجودة قبلها إلى 1992 السنة التي صدر فيها قانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين 1992 الذي نصت المادة 26 منه على الآتي:
يشترط لمنح الترخيص بمزاولة أعمال التأمين أن يقدم طلب الترخيص مصحوباً بالمستندات الآتية:
(خامسا) تقديم ما يثبت بأن الشركة لديها هيئة رقابة شرعية تتم الموافقة عليها بواسطة مجلس الافتاء الشرعي .
(سادسا) نسخة من عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي على أن يكون ذلك وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
(3) تمنح الشركات العاملة في مجال التأمين قبل العمل بهذا القانون مدة يحددها الوزير بموجب أمر منه للوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في هذا القانون.
ترتب على هذا القانون تحول جميع شركات التأمين التجارية العاملة في السودان إلى شركات تأمين تعاونية إسلامية في كل منها هيئة رقابة شرعية .
وأوجبت المادة 50 (1) من القانون على كل شركة ان تقدم للهيئة حسابات مراجعة عن كل سنة مالية مدعمة بشهادة من مراجع قانوني، وهيئة الرقابة الشرعية.
14. التأمين الذي تمارسه الشركات
تمارس كل شركات التأمين في السودان التأمين على الأشياء باسم التأمين العام، وقد بين قانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين لسنة 1992م أنواعه وهي : 1- التأمين ضد الحريق 2- التأمين على السيارات 3- التأمين ضد الحوادث المتنوعة 4- التأمين ضد المسئولية المدنية  5-التأمين ضد مسئولية المخدمين6- التأمين ضد أخطار النقل البحري والجوي والبري 7- خيانة الأمانة 8- عمليات التأمين المتنوعة: يشمل هذا النوع أي عمليات تأمين لم تضمن في أي نوع من الأنواع المتقدم ذكرها بعد إجازة هيئة الرقابة الشرعية.
وتمارس بعض شركات التأمين التأمين على الأشخاص باسم التكافل وقد عرفه قانون الاشراف والرقابة على أعمال التأمين بأنه يشمل أنواع التكافل التي تتعلق بالحياة البشرية والأخطار التي تتعرض لها أو تطرأ عليها كالوفاة والعجز والشيخوخة.
والأساس الشرعي الذي يقوم عليها التكافل - البديل للتأمين على الأشخاص- هو نفس الأساس الذي يقوم عليه التأمين العام- التأمين على الأشياء- ولكن استحسن تسميته بالتكافل بدلا من التأمين.

15. الهيئة العليا للرقابة الشرعية على أعمال التأمين
صدر بموجب المادة السابعة من قانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين لسنة 1992 م القرار الوزاري رقم (219) لسنة 1992 بإنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية على أعمال التأمين.
وفيما يلي نص القرار:
قرار وزاري رقم (219) لسنة 1992م
بإنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية
على أعمال التأمين
استناداً على أحكام المادة السابعة من قانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين لسنة 1992م، وتمشيّاً مع القرارات الصادرة بإلغاء الصيغة الربوية في معاملات الدولة المالية والاقتصادية، وفي إطار أسلمة قطاع التأمين في السودان اصدر وزير المالية والتخطيط الاقتصادي القرار الآتي نصه:-
اسم القرار وبدء العمل به
1-  يسمى هذا القرار (قرار بإنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية على أعمال التأمين) ويعمل به من تاريخ التوقيع عليه.
إنشاء الهيئة
2-  تنشأ هيئة عليا للرقابة الشرعية للهيئة العامة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين يكون لها الأهداف والاختصاصات والسلطات الواردة بهذا القرار.
أهداف الهيئة
3-     تكون للهيئة الأهداف التالية:-
‌أ.    إصدار الفتاوى الشرعية في كل الأمور والموضوعات التي ترفعها الهيئة العامة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين.
‌ب.     تنقية نظام التأمين من كل أشكال المعاملات غير الإسلامية .
ج- توحيد الرؤية الفقهية لهيئات الرقابة الشرعية لشركات التأمين فيما يختص بالمعاملات التأمينية والمالية والاقتصادية .
اختصاصات وسلطات الهيئة
5- تكون للهيئة في سبيل تحقيق أهدافها الاختصاصات والسلطات التالية :
‌أ-    الاشتراك مع المسئولين في الهيئة العامة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين والمختصين في قطاع التأمين في مراجعة نماذج عقود التأمين للتأكد من خلوها من المحظورات الشرعية. 
‌ب-    إقرار الصيغ الشرعية للمعاملات، والمعاملات الفنية لعمليات التأمين.
‌ج-      إبداء الرأي والمشورة فيما يعهد إليها من الهيئة العامة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين.
‌د-        دراسة المشاكل الشرعية التي تواجه قطاع التأمين.
‌ه-        إصدار الفتاوى الشرعية في الموضوعات التي يطلب في شأنها فتوى شرعية.
‌و-   مراجعة القوانين واللوائح  والمنشورات التي تنظم أعمال التأمين بغرض إزالة ما بها من تعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختلفة.
‌ز-   مراقبة مراعاة التزام وتقيد كل قطاع التأمين بالجوانب الشرعية في جميع أعمال التأمين، وأعمال الاستثمار والمضاربات الاستثمارية.
‌ح-   مساعدة إدارة الهيئة في وضع برامج تدريب للعاملين بالهيئة وقطاع التأمين بما يؤدي إلى استيعاب الصيغ الإسلامية والجوانب الفقهية في مجال التأمين.
‌ط-     إعداد البحوث والدراسات التي تؤدي إلى إثراء اتباع النهج الإسلامي في مجال التأمين.
‌ي-  تقديم تقرير سنوي لوزير المالية والتخطيط الاقتصادي عن السلامة الشرعية للمعاملات التأمينية لقطاع التأمين .
‌ك-     يكون لها الراي النهائي في حالة اختلاف الآراء الفقهية حول أي موضوع خاص بقطاع التأمين .
‌ل-      أي اختصاصات اخرى تراها الهيئة الشرعية لازمة لتحقيق أهدافها.
‌م-        إصدار لائحة لتنظيم أعمالها وتحديد اجتماعاتها.
سلطات الهيئة:
6- يكون للهيئة في سبيل تحقيق الاختصاصات المنصوص عليها في المادة
(5) من هذا القرار السلطات الآتية:-
‌أ-    الاطلاع على أي مستندات أو وثائق أو سجلاتها أو عقود او مكاتبات، سواء كانت خاصة بالهيئة العامة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين، أو خاصة بأي جهة خاضعة لقانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين ترى أنها لازمة وضرورية لتمكينها من أداء مهامها.
‌ب-    تفتيش أعمال شركات التأمين والجهات الخاضعة لقانون الإشراف والرقابة على أعمال التأمين لعام 1992م بغرض التأكد من سلامة تطبيق الجوانب الشرعية في أعمالها .
إلزامية الفتوى
7- تكون الفتوى الصادرة من الهيئة في المسائل الشرعية ملزمة.
16- بدأت الهيئة عملها بمراجعة عقود التأسيس والنظم الأساسية لشركات التأمين، ووضعت منها ومن القرار الوزاري عقد تأسيس ونظام أساسي نموذجي للعمل به في جميع شركات التأمين .
نص في المادة (3) من عقد التأسيس على الآتي:
تلتزم الشركة في كل تصرفاتها، وتضبط كل معاملاتها بأحكام الشريعة الإسلامية، وتعمل على مراجعة نظمها ولوائحها ووثائقها وعقودها لتتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية .
ونصت المادة (63-67) من النظام الأساسي على الآتي :
(63)- تكون للشركة هيئة رقابة شرعية تختارها الجمعية العمومية بترشيح من مجلس الإدارة، وتحدد مكافآت أعضائها، على أن تكون من ثلاثة أعضاء على الأقل من علماء الشريعة الإسلامية، ويجوز أن يكون واحد منهم من رجال القانون له إلمام بأحكام الشريعة الإسلامية .
(64)- تشترك هيئة الرقابة الشرعية مع إدارة الشركة في وضع نماذج وثائق التأمين والنماذج الأخرى .
(65)- لهيئة الرقابة الشرعية الحق في مراجعة عمليات الشركة للتأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية .
(66)- يجوز لهيئة الرقابة الشرعية حضور الاجتماعات العامة للشركة وإبداء أي رأي .
(67)- يجوز لرئيس هيئة الرقابة الشرعية أو من يمثلها طلب حضور اجتماعات مجلس الإدارة لطرح أي موضوع .
صارت شركات التأمين بعد صدور هذا النموذج من عقد التأسيس والنظام الأساسي تسير كلها على نسق واحد تحت إشراف الهيئة العامة للإشراف والرقابة على التامين .
17- أثر تحول شركات التأمين التجاري إلى شركات تأمين تعاوني إسلامي:
كان لتحول شركات التأمين التجاري في السودان إلى شركات تأمين تعاوني إسلامي أثر واضح في الإقبال على الاشتراك في شركات التأمين، يظهر هذا من الزيادة المتتالية في جملة الاشتراكات كما هو مبين في الجدول التالي:

إجمالي الأقساط المكتتبة بالدينار السوداني

العام
الأقساط
الزيادة

1991
76976

قبل التحول
1992
274084
197108
سنة التحول
1993
603620
329536
بعد التحول
1994
1086733
483113

1995
1902892
816159

1996
3505618
1602726

1997
4818037
1312419

1998
6297713
1479676

1999
7644157
1346444

2000
10387668
2743511

2001
13442955
3055287

المصدر: هيئة الرقابة على التأمين
وبهذا تكون تجربة التأمين التعاوني الإسلامي فى السودان قد نجحت نجاحاً لا تشوبه شائبة سوى ما سأذكره عن إعادة التأمين .
18- إعادة التامين
يري خبراء التامين أن شركات التأمين لا يمكن ان تستمر في أداء خدماتها إلا إذا أعادت التأمين في شركات إعادة التأمين .
وقد كان من أهم المسائل التي عرضت على هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي عندما شرع البنك في إنشاء شركة التأمين الإسلامية هي مسألة إعادة التأمين في شركات التأمين التجارية .
درست الهيئة هذه المسألة وأفتت بأنه يجوز لشركة التأمين أن تعيد التأمين لدى شركات إعادة التأمين التجارية، وبنت فتواها على نفس الأساس الذي أفتت بمقتضاه البنك بعدم جواز تأمين ممتلكاته لدى شركات التأمين التجارية، وهو "وجود الحاجة المتعينة التي تجعل الغرر غير مؤثر في العقد"، فقد اقتنعت الهيئة بأن حاجة البنك إلى التأمين على أمواله في شركات التأمين التجارية غير متعينة، لان في إمكانه أن ينشئ شركة تأمين تعاونية إسلامية، فأفتت بعدم الجواز، واقتنعت الهيئة بأن الحاجة لإعادة التأمين لدى شركات إعادة التأمين التجارية عندما تقوم شركة التأمين الإسلامية حاجة متعينة، لعدم وجود شركات إعادة تأمين إسلامية، وعدم استطاعة البنك إنشاء شركة إعادة تأمين إسلامية، فأفتت بجواز إعادة التأمين لدى شركات إعادة التأمين التجارية بالقيود التالية:
تقليل النسبة التي تدفع من الأقساط لشركات إعادة التأمين التجارية الى أدنى حد ممكن القدر الذي يزيل الحاجة عملاً بالقاعدة الفقهية "الحاجة تقدر بقدرها" .
عدم تقاضى عمولة من شركة إعادة التأمين التجارية:
الأسلوب المتبع في التعامل بين شركات التأمين التجارية وشركات إعادة التأمين التجارية هو أن شركة التأمين تدفع إلى شركة إعادة التأمين مجموع الأقساط المتفق عليها، وتدفع شركة إعادة التأمين إلى شركة التأمين عمولة إعادة التأمين بالنسب التي يتفق عليها مشاركة منها في مصروفات إدارة شركة التأمين .
هذا الأسلوب غير سليم بالنسبة لشركة التأمين الإسلامية، لأن شركة التأمين الإسلامية تؤدى خدماتها للمشتركين، وتأخذ مصروفاتها الإدارية منهم، وليس عن طريق شركة إعادة التأمين، ولان أخذ هذه العمولة يجعل شركة التأمين الإسلامية بمثابة المنتج لشركة إعادة التأمين التجارية، والمفروض أن يكون التعامل محصوراً بين شركة التأمين الإسلامية وشركة إعادة التأمين التجارية بعقد مستقل، ولا يكون للمشتركين في شركة التأمين الإسلامية صلة مع شركة إعادة التأمين التجارية .
ولهذا فان شركة التأمين الإسلامية تعقد اتفاقيات إعادة التأمين على أساس صافى الأقساط، ولا تأخذ عمولة من شركة إعادة التأمين التجارية .
إلا تدفع شركة التأمين الإسلامية فائدة على الاحتياطات التي تحتفظ بها:
جرى العرف في التأمين التجاري أن تحتجز شركة التأمين جزءاً من الأقساط المستحقة لشركة إعادة التأمين لمقابلة الأخطار غير المنتهية، وتدفع عنها فائدة لشركة إعادة التأمين، وقد تجنبت شركة التأمين الإسلامية السودانية هذه المعاملة فلم تحتفظ باحتياطات أول الأمر، ثم وافقت بعض شركات إعادة التأمين للشركة الإسلامية بالاحتفاظ من غير أن تدفع عنها فائدة، ثم تم الاتفاق مع شركة إعادة التامين على أن تستثمر الشركة هذه الاحتياطات بالطرق المشروعة، وتدفع لها نسبة من الربح .
عدم تدخل شركة التامين الإسلامية في طريقة استثمار شركة إعادة التأمين لأقساط التأمين المدفوعة لها، وعدم المطالبة بنصيب في عائد استثماراتها، وعدم المسئولية عن الخسارة التي تتعرض لها .
أن يكون الاتفاق مع شركة إعادة التأمين لأقصر مدة ممكنة، وان ترجع شركة التأمين الإسلامية إلى هيئة الرقابة الشرعية كلما أرادت تجديد الاتفاقية مع شركات إعادة التأمين التجارية .
تحث الهيئة البنك أن يعمل منذ الآن (1977) على إنشاء شركة إعادة تأمين تعاوني تغنيه عن التعامل مع شركات إعادة التامين التجاري .
صدر توجيه من الهيئة العليا للرقابة الشرعية على أعمال التأمين بان الأولوية في إعادة التأمين على النحو التالي:
أ. شركة إعادة التأمين الوطنية السودان المحدودة .
ب. شركات إعادة التأمين الإسلامية خارج السودان .
ج. شركات إعادة التأمين التعاونية خارج السودان .
د. شركات إعادة التأمين التجارية .
وكنا نأمل ألا يطول أمد استعمال الرخصة في التعامل مع شركات إعادة التأمين التجارية، وأن يستجاب للنداءات المتكررة بإنشاء شركات إعادة تأمين إسلامية تزيل الحاجة إلى شركات إعادة التأمين التجارية، وتجعل التأمين كله تأميناً تعاونيّاً خالصاً .
ونسأل الله أن يوفق مؤتمركم هذا إلى اتخاذ خطوات عملية للقيام بهذا الواجب .
والله الموفق والهادي إلى الصراط المستقيم.









 الهوامش
رد المحتار- كتاب الجهاد باب المستأمن 3/345 توفي ابن عابدين 1252هـ.
الجزء الخامس ص 75 مؤلف الكتاب هو احمد بن يحيي بن المرتضى بن مفضل بن منصور الحسني المتوفى سنة 840هـ .
التأمين للدكتور البدراوى 267 .
المحاماة (5) رقم 460 ص 563 .
مجلة لواء الإسلام العدد الحادي عشر السنة الثامنة رجب 1374هـ .
           1.      المصدر السابق .
           2.      المصدر السابق .
           3.      رسالة السوكرتاه ص 64 .
           4.      مجلة الشباب المسلمين السنة (13) العدد (3) في 7/نوفمبر/ 1941م .
           5.      انظر بحثي عن التأمين في كتاب أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان الإمام ابن تيمية - ص459-461 .
           6.      انظر ص 17 من هذا البحث، وانظر كتاب الفقه الإسلامي ومهرجان الأمام ابن تيمية - ص 461 .
           7.      انظر ص 647-656 .
           8.      كتاب أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان الإمام ابن تيمية 464 .

تعليقات