الصيغ القانونية
ودورها في جذب التمويل للخدمات والمرافق البلدية
الصيغ
القانونية
ودورها في
جذب التمويل للخدمات والمرافق البلدية
الأستاذ/
هاشم عوض عبدالمجيد
محام ومستشار
قانوني – مكتب بسام- الرياض
مقدمة:
يشهد العالم في هذه
المرحلة من تاريخ العلاقات الدولية إنطلاقة نظام إقتصادي موحد تضبطه إتفاقيات جماعية
وثنائية في إطار منظمة التجارة الدولية التي تتجه لأن تكون التجمع العالمي الثاني
بعد منظمة الأمم المتحدة من حيث عدد الدول الأعضاء ومن حيث الفاعلية ، ومن أهم عناصر هذا النظام الإقتصادي العالمي
الجديد الإتجاه إلى “الخصخصة " (1) Privatization حيث تضافرت عوامل كثيرة لجعل هذا المسار الإقتصادي - إقتصاد
السوق الحر - هو المسار الذي تسلكه معظم دول العالم في الوقت الراهن ، وقد كان أهم
هذه العوامل إنتهاء الحرب الباردة وإنهيار الكتلة الإشتراكية وبروز القطبية
الواحدة .
النمط الإقتصادي الحر
هذا يستوجب تبعاً روابط وتنظيمات قانونية مخالفة لما كان سائداً في الزمان الذي
كانت فيه الدولة متدخلة في الأنشطة الإقتصادية وتقوم بأعمال إقتصادية كثيرة ،
فتبعاً لإقتصاد السوق الحر، سيقل تدريجياً عدد ما كان يعرف بالمرفق العام ،
وسينحصر هذا المسمى في المرافق الدفاعية والأمنية وبعض المرافق الصحية والتعليمية
وبعض المرافق الخدمية الأخرى، وسيفتح الباب على مصراعيه للقطاع الخاص ليستثمر
أمواله في أنشطة كثيرة كانت في السابق حكراً على الدولة.
تهدف هذه الورقة إلى
إستعراض وتحليل بعض الصيغ القانونية المتمثلة في عقود الإمتياز والتي يمكن توظيفها
كأداة لجذب الرساميل الخاصة لتمويل الخدمات والمرافق البلدية وغيرها من مرافق
الدولة . وهذه الصيغ ليست جديدة أو وليدة هذه التحولات التي يشهدها العالم وإنما
هي صيغ معروفة ومتداولة ومعمول بها منذ زمن بعيد ، ولكن أصبحت أكثر بريقاً وجاذبية
الآن لتلبيتها للحاجات التي أفرزتها الأوضاع سالفة الذكر. إن عقود الإمتياز والتي
تتدرج من الإيجار وحتى التخصيص الكامل هي إحدى أهم الأدوات القانونية التي يمكن أن
تساعد الدول النامية عموماً ودول المنطقة العربية في مسايرة الركب والعمل على
توفيق أوضاع مرافقها العامة توطئة لإزالة الكثير من التشوهات التي تشوب إقتصاديات
هذه الدول وصولاً لإقتصاد حر غير موجه ولا تدخل للدولة فيه إلا في وضع الخطوط
والخطط الرئيسة.
إهتمت الكثير من
الدراسات بمسألة "الخصخصة" Privatization
الكاملة للمرافق والتنازل عن ملكيتها للقطاع الخاص . ولكننا في هذه الورقة
نتناول إمكانية التدرج في مسألة الخصخصة من خلال إستخدام عقود الإمتياز كمرحلة
أولى وإنتقالية ينشط فيها القطاع الخاص في إنشاء أو تأهيل أو تجديد مرافق حكومية
وتشغيلها والتحكم في عائداتها لفترة ولكن في كل الأحوال تبقى أصول هذه المرافق العامة مملوكة للدولة.
إن إعمال هذه الصيغة القانونية
وهذا النوع من العقود يتيح للبلديات والجهات الحكومية متسعاً من الزمن تستطيع فيه
تقييم الأصول التي تملكها تقييماً حقيقياً بناء على معطيات التشغيل التجاري التي
ستتضح بعد إنتقالها للقطاع الخاص بموجب هذه العقود ومن ثم فإن الجهات الحكومية
والبلديات بإمكانها الإختيار ما بين الإستمرار في إستخدام هذه الصيغة أو الإنتقال
لمرحلة الخصخصة بالكامل دون مشاكل ودون نقلات فجائية تؤثر على المواطن مستقبل
الخدمة مستفيدة في ذلك من مرحلة إستخدام
عقود الإمتياز في جعل تقبل الخصخصة أمراً
سهلاً ، كما وتساعد على إجتذاب مستثمرين كثر لتأكدهم الفعلي من جدوى
المشروع.
إننا سنعني في هذه الورقة بدراسة أحد أشكال عقود الإمتياز التي شاع إستخدامها في الآونة الأخيرة والمعروفة بعقد البناء –التشغيل – الإعادة ، الذي إشتهر بإسم الـBOT . وهو عقد تعطي الجهة الحكومية بموجبه القطاع الخاص إمتيازاً بإنشاء مرفق محدد وتشغيله ومن ثم إعادته في أجل متفق عليه ، ويكون القطاع الخاص حينها قد إستعاد التكلفة وحقق أرباحاً. وقد تم إستنباط أشكال تعاقدية عديدة من عقد البوت تطبق على المشاريع والمرافق و ستعمل هذه الورقة على إستعراض جانب كبير منها.
أهمية هذه الصيغ تتأتي
من كونها تؤطر العلاقة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص تأطيراً جيداً وتغطي كافة
الجوانب التي يمكن أن تحتاجها علاقة طويلة مثل التي تنشئها هذه العقود، كما أن هذه
الصيغ القانونية يستوجب تطبيقها حزمة من القوانين وبالتالي يستوجب الأمر أن تقوم
الدولة أو القطاع المعين بدراسة نظمها وقوانينها ولوائحها وتحديثها لتواكب هذه
الصيغ ومن ثم ستضطر الدولة بصفة عامة إلى تحديث قوانينها وجعلها متوافقة مع النمط
الإقتصادي الجديد.
إذن يمكن أن يكون تطبيق
البلديات لهذه الصيغ القانونية صافرة بداية لعملية تحديث في القوانين على مستويات
مختلفة تساعد في تحريك عجلة الإقتصاد وبالتالي تجعل الدولة تنسلك في المنظومة
الإقتصادية الدولية بيسر وسهولة، إن هذه
الصيغ القانونية إذا ما تم تبنيها من قبل القطاعات الحكومية المختلفة والبلديات
على وجه الخصوص لأمكنها تقديم خدمات عديدة أصبحت عاجزة عن أدائها أو تؤديها
بصعوبة. وفي ذات الوقت تكون قد حققت هدفاً يخدم الإقتصاد الكلي للدولة برفع أعباء
ليست يسيرة عن كاهلها . كما أنها تمكن البلديات من إعادة تأهيل الكثير من مرافق
البنية التحتية التي تحتاج لأموال ضخمة وإدارات فاعلة لتتحدث وتواكب التطور
العالمي وتغطي الإحتياج المتزايد ومثال ذلك مرافق الصرف الصحي ، والنقل، والكهرباء
والصحة العامة .
بعد هذه المقدمة فإننا
سنقوم بتناول موضوع هذه الورقة من خلال مبحثين في المبحث الأول سوف نقوم بدراسة
عقود الإمتياز من خلال ثلاثة محاور هي على التوالي:
- ما هو عقد الإمتياز .
- الأشكال القانونية
لعقد الإمتياز
- ماهو الإستخدام
الأمثل لصيغ عقود الإمتياز.
أما في المبحث الثاني
فسنتناول بالبحث دور الصيغ القانونية في
جذب الرساميل المستثمرة وذلك من خلال
محورين هما :
- القوانين ودورها في
منح المستثمر ضمانات للإستثمار.
- الدور الذي يمكن أن
تقوم به عقود الإمتياز متمثلة في إتفاقية " البوت" والعقود المشتقة منها في جذب رؤوس الأموال.
وفي الختام سوف نقدم ما
توصلت له هذه الورقة من توصيات ومقترحات
المبحث الأول: عقود الإمتياز الماهية والتعريف
ما هية
عقد الإمتياز:
الإمتياز إصطلاحاً هو حق تمنحه الدولة أو
أحد أجهزتها لشخص من القطاع الخاص سواء أكان طبيعياً أو معنوياً وقد يكون وطنياً
أو أجنبياً ، ويعتبر الإمتياز في الفقه القانوني أحد الأساليب التي تدار بها
المرافق العامة ، وتبعاً لتاريخ بدايات هذا النوع من العقود فإنه قد بدأ في شكل
إلتزام يقوم بموجبه الملتزم بأشغال عامة حيث يعتبر عقد إمتياز نقل الماء الشروب
(النقي) لمدينة باريس في القرن الثامن عشر أقدم عقود الإمتياز المعروفة ، بيد أن
التطبيقات الضخمة والطموحة لعقود الإمتياز
نجدها متمثلة في عقد إنشاء قناة السويس (2) حيث كانت أعمال حفر القنال هي أساس
الإلتزام أما الإدارة (التشغيل) فقد كانت إلتزام تابع للإلتزام الأساس " ذلك
أن إستغلال المرفق – ويستتبع ذلك إدارته – كان يعتبر هو المقابل الذي يأخذه
الملتزم في نظير تنفيذ الأشغال العامة التي يتطلبها إنشاء المرفق" (3). لاحقاً وتبعاً للتطورات الإقتصادية أصبح
الأكثر إستخداماً هو إمتياز إدارة المرافق العمومية.
في الآونة الأخيرة شاع إستخدام مصطلح "إتفاقية" بدلاً
عن "عقد" فيما يتعلق بعقود الإمتياز ، ويرجع السبب في ذلك لكون هذا
النمط من العقود كثر إستخدامه في القرن الماضي في إتفاقيات تنقيب البترول لدرجة
أصبح مصطلح إمتياز رديف لهذه الإتفاقيات وصار أي حديث عن
"الإمتيازات" قرين بإتفاقيات
شركات النفط مع الدول المنتجة ، بل إن معظم كتب الفقه القانوني كانت تعالج موضوع
الإمتيازات حصراً في إطار دراستها لإتفاقيات البترول ومؤخراً لم يهتم إلا بعض
الشراح بالحديث عن "الإمتياز" بمفهومه الواسع (4). ومن المفارقات أنه مع
أفول نجم عقود الإمتياز في مجال البترول وظهور صيغ جديدة تبنتها الدول المنتجة
للنفط (5) فإن نجم عقود الإمتياز بمفهومها الذي بدأت به في القرن الثامن عشر كما
ذكرنا آنفاً قد أخذ في البريق واللمعان
..إذ أن التطورات الإقتصادية مطلع هذا القرن – الحادي والعشرين – أعادت
للأذهان بدايات التعامل مع هذا النمط من العقود.
ينبغي في هذا المقام أن نفرق بين ما نحن بصدد دراسته وهو عقد
الإمتياز Concession Contract وبين عقد الإمتياز التجاري Franchise Contract وهذا الأخير هو " نظاماً جديداً لتسويق
البضائع والخدمات من أفكار النظام الأمريكي وهي في نطاقها ومعناها تقع بين عقود
التوزيع وعقود التراخيص Licensing Agreement وقد نشأت أولاً في داخل الولايات المتحدة
الأمريكية ومن ثم بدأ إستخدامها من قبل الشركات الأمريكية على النطاق الدولي"
(6) ، وهو عقد يرتب علاقة بين شركتين
أو مؤسستين خاصتين . أما عقد الإمتياز Concession Contracts محل هذه الدراسة فهو عقد أحد أطرافه
الدولة أو أحد أجهزتها والطرف الآخر شخص خاص معنوي (شركة – مؤسسة) أو طبيعي ويسمى
صاحب الإمتياز – أو الملتزم – Concessionaire .
لقد أورد شراح القانون
الغربيين تعاريف عديدة لعقد الإمتياز Concession Contracts منها تعريفهم له بأنه :" عقد يقوم
بمقتضاه فرد أو أفراد بتنفيذ عمل ما على أساس مكافأتهم لقاء مجهودهم ومصروفاتهم ،
لا بمبلغ من النقد يدفع لهم من قبل الحكومة بعد إتمام العمل ، بل بتسلم عائد يفرض
لمدى أجل طويل إلى حد ما على الأفراد الذين يربحون من العمل " ..بينما ذهب
البعض الأخر لتعريفه بأنه " منح حقوق لفرد ما بموجب القانون البلدي مما يتعلق
بالصالح العام " (7). أما فقهاء القانون العرب فقد عرفوا عقد الإمتياز بأنه
عقد بموجبه ""تعهد السلطة الإدارية في إدارة المرفق العام وإستغلاله إلى
ملتزم يقوم بتمويل المرفق ويستقل بتبعاته المالية فيستأثر بكل الأرباح ويتحمل كل
الخسائر " (8).
إنطلاقاً من هذا التعريف فإن عقد الإمتياز هو من أعمال السيادة
التي تقوم بها الدولة أو أحد الأشخاص التابعة لها ويوصف بأنه "عقد دولة
" (9) وبموجب هذا العقد يمنح شخص ما – طبيعي أو معنوي – حقاً دون سواه ويسمى
هذا الشخص بـ "صاحب الإمتياز" ولعل أشهر فرد حصل على إمتياز في المنطقة
العربية هو المقاول الفرنسي "
دليسبس" الذي أنشأ قناة السويس كما أسلفنا ، وحيث أننا بصدد الحديث عن عقود
البناء والتشغيل والإعادة (البوت) بوصفها أحد التطبيقات الهامة لعقود الإمتياز فمن
الضروري أن نشير إلى أن المشروع المنفذ
بطريقة الـ "البوت" يعتمد كلية في بنيته القانونية على عقد
"الإمتياز" والذي بدوره يمثل
الأساس لترتيبات قانونية تابعة عديدة ومعقدة سنتحدث عنها فيما بعد.
إن بروز تيار العولمةGlobalization (10) وسيطرة مفاهيم الإقتصاد الحر دون غيرها
وتصاعد حركة إنتقال رؤوس الأموال عبر الدول قاد الإنظار لعقود الإمتياز Concession Contracts بوصفها أحد آليات تحرير الإقتصاد ..وهي
أيضا في رأينا قد تكون ترياقاً يخفف من غلواء الخصخصة Privatization في شكلها المطلق وفق ما سنبينه
لاحقاً .
الأشكال القانونية لعقد الإمتياز:
إن إستخدامات عقود الإمتياز بوصفها من التصرفات التي تقوم بها
الدولة أو أحد أجهزتها التابعة بما لها من صلاحيات على الموارد والإمكانيات
المتاحة لها لا يمكن حصرها ، ذلك أن هنالك الكثير مما هو تحت يد قطاعات الدولة
المختلفة مما يمكن أن يكون محلاً لإمتياز يمنح لجهة ما . إلا أننا ونحن في معرض الحديث عن الأشكال
القانونية لما قبل الخصخصة الكاملة للمرافق العامة يمكننا القول بأن هذه العقود
لاتخرج عن أحد هذه الصيغ القانونية المتمثلة في إمتياز الإيجار و إمتياز البناء –
التشغيل – الإعادة. إن هنالك بعض الكتابات
تخلط ما بين عقود الإمتياز والتي لا تخرج عن الإيجار وإمتياز البناء والتشغيل
والإعادة ومشتقاته وبين عقود التوريد والخدمات المتمثلة في "عقود التوريد
والتنفيذ ، وعقود التشغيل الجزئي ، وعقود التشغيل" والفرق بين عقود الإمتياز
وعقود التوريد والخدمات جوهره مدى مشاركة القطاع الخاص في هذه العقود فبينما
تتميزعقود الإمتياز بمشاركة أعلى تصل إلى درجة الملكية الكاملة للمشاريع نجد دور
القطاع الخاص في عقود التوريد والخدمات لا يتجاوز التشغيل ولا تكون له أي صلة
بأصول المرفق محل عقود التوريد والخدمات (11).
سنتناول فيما يلي هذين النمطين من العقود – الإيجار والبوت
- مع التركيز على النوع الثاني بإعتباره
محور هذه الورقة، ولكون عقد تأجير المرافق العامة من العقود الشائعة.
(أ) عقد الإيجار:
إن تأجير مرافق القطاع العام لمستثمرين من الخواص بموجب إمتياز
تمنحه الجهة المسئولة عن المرفق العام من العقود الشائعة والمعروفة . وتعتبر
البلديات من أكثر مرافق الدولة إستخداماً لعقد التأجير Leasing حيث تقوم بتلزيم مستثمر من القطاع الخاص القيام
بتشغيل مرفق عام وتقديم خدماته للجمهور وذلك مقابل جعل معين يدفع للبلدية ، ويلتزم
هذا المستثمر بتقديم خدمة/خدمات المرفق لجمهور المستهلكين وفق ضوابط عقدية متفق
عليها بين الدولة والمستأجر أهمها تحديد الدولة لسعر الخدمة التي سيقوم المستثمر
بتقاضيها من جمهور المستهلكين بالإضافة لإلتزامه بصيانة المرفق طوال فترة العقد ، وبالطبع
يهدف المستثمر إلى تحقيق هامش ربح مجزي له ، وتتراوح مدة إيجار المرفق ما بين 5
إلى 10 سنوات وعموماً عقود الإيجارة تتراوح مابين قصيرة إلى متوسطة الأجل (12).
ويعتبر عقد الإيجار من عقود الإمتياز القديمة
والشائعة التطبيق حيث تعمد الدولة وتحديداً أجهزتها البلدية في غالب الأحيان لمنح
مستثمر - يسمى عند شراح القانون "الملتزم" - إمتياز تقديم خدمة كانت
هي التي تقدمها للجمهور " وقد لا يمنح الملتزم حق الإحتكار القانوني ، بل
يمنح حق إمتياز Privilege . ومعنى ذلك أن غيره من الأفراد أو الشركات لا يمنع قانوناً من
إستغلال المرفق ، ولكن السلطة الإدارية تتعهد للملتزم بألا تمنح لغيره من
المنافسين له التسهيلات التي تمنحها إياه " (13) ، و نسبة لإرتباط هذه الخدمة
بمصالح للجمهور فإن الدولة تعمد إلى تحديد أسعار الخدمة/الخدمات التي يقدمها
المرفق ومن هنا فإنها لكي تمكن المستثمر من تحقيق قدر معقول من الربح تمنحه
إمتيازاً يحمي إدارته للمرفق من أي منافسة تعرضه للخسارة.
لما سبق يمكننا القول بأن عقود الإيجار
كغيرها من عقود الإمتياز تتطلب إجراءات ذات شفافية عالية في طرح المرافق للإيجار
تسبقها دراسات وافية عن مزايا التشغيل التجاري من الناحية الإقتصادية (دراسات
الجدوى) ودراسات تقوم بها البلديات عن أقل الأسعار التي يمكن أن تفرض على متلقي
الخدمة وتمكن في ذات الوقت مستأجر المرفق Concessionaire من الحصول على قدر
معقول من الربحية مع إستمرار صيانة المرفق والحفاظ على مقومات بقائه . وتعد هذه
العوامل الأخيرة وغيرها المبرر الموضوعي
للجوء إلى خيار الإستعانة بالقطاع الخاص في إدارة المرافق البلدية بمختلف
الصيغ (14).
من أشكال المرافق البلدية التي يمكن أن تكون محلاً لعقود
الإيجار: مواقع الإعلانات، مدن الملاهي ومراكز الترفيه وحدائق الحيوان ، الأسواق
العامة ،المسالخ وحظائر المواشي (15).
إن عقد إيجار المرافق العامة ومنح إمتياز الإدارة في شكله
التقليدي في طريقه للزوال ، وسيتم في الغالب إعتماد صيغ جديدة تشتق من نظام
"البوت" يكون هدفها بالإضافة إلى تشغيل المرفق العمل على تحديثه أو
إعادة تأهيله.
(ب) عقد البناء –
التشغيل – الإعادة:
إشتهر هذا التطبيق
المعروف إصطلاحاً بـ BOT في
العقدين الماضيين وهو إختصار للكلمات الثلاث : Build – Operate – Transfer وتعني (البناء – التشغيل – الإعادة) أو (البناء – التملك – الإعادة)
وقد ترد بصورة أخرى وهي BOOT والتي هي إختصار لـ : Build – Own – Operate –
Transfer
وتعني (البناء – التملك – التشغيل – الإعادة) .
يعتبر هذا النمط من المشاريع "البوت" أهم تطبيق لعقود
الإمتياز كآلية قانونية توفر للدولة ذات فوائد الخصخصة دون أن تفقدها أصول
الإستثمارات مثلما يحدث في الخصخصة الكاملة. وقد إشتهر هذا النوع من العقود وأصبح
إصطلاح الـ BOT شائعاً بعد أن ظهر هذا المسمى في بداية 1980م
على يد رئيس الوزراء التركي السابق تورقوت
أوزال حيث أصبح يشار لهذا المصطلح في كثير من الكتابات المتخصصة بمعادلة/ وصفة
أوزال Ozal Formula(16).
إن الكتابات التي تناولت مشاريع البناء ، التشغيل ،
الإعادة كانت تشير لها بوصفها (Concept) "مفهوم" أو(Strategy) "خطة" و "البوت"
يمكن وصفه بأنه نمط أو نظام أكثر من كونه عقد وذلك لإشتماله وإحتوائه على عدة عقود
لذا فإنها من الناحية القانونية قد تكون أقرب للإتفاقية من كونها عقد عادي وذلك
لأنها ترتب إلتزامات وعقود أخرى ، فهي بالإضافة لعقد أو إتفاق الإمتياز تتضمن
إتفاقية تمويل مع جهة أو جهات ممولة ، توجد إتفاقية التنفيذ التي غالباً ما تتضمن
تعاقداً مع شركة مقاولات أو مصنع لمعدات ..إلخ وكذلك قد تشتمل على إتفاقية مع جهة
مشغلة للمشروع ..أما دور مانح الإمتياز سواء كان الدولة أو أحد أجهزتها فإنه حيوي
وهام خصوصاً في مرحلة ما قبل التعاقد ومنح الإمتياز حيث تقوم الجهة الحكومية
بإعداد دراسات جدوى المشروع ، وقد تكون هذه الدراسات معمقة بحيث تشتمل على الجدوى
الإقتصادية وكذلك قابلية المشروع للتمويل ومن ثم تعد الجهة الحكومية كافة
المستندات المتعلقة بالمشروع وصولاً لمرحلة طرحه للمستثمرين (17). وأحياناً قد
يكتفي القطاع الحكومي بدراسات أولية عن جدوى المشروع ويهتم بالأطر القانونية ، ومن
ثم يترك للقطاع الخاص عملية إعداد الدراسات العميقة خصوصاً الإقتصادية
والتمويلية.
إن السمة الأساسية لنظام "البوت" أنها إتفاقية
قانونية توفر تمويل من القطاع الخاص لتنفيذ مشروع تعود ملكيته بعد فترة زمنية
محددة إلى الدولة ، ولهذا النوع من العقود
"البوت " أنماط متفرعة عديدة بيد
أن كل هذه تعتبر إشتقاقات من التطبيق الأساس القائم على فكرة " البناء –
التشغيل – الإعادة " وأهم هـذه الإشـتقاقات تتمثل في :
-
عقد التمويل
،البناء،التملك،التشغيل، الإعادة والذي يعرف إختصاراً بـ ( FBOOT )
-
عقد البناء،التشغيل، التأجير ،
والذي يعرف إختصاراً بـ ( BOL )
-
عقد التصميم ،البناء،التشغيل،
الإعادة والذي يعرف إختصاراً بـ ( DBOT )
-
عقد البناء،التشغيل، التسليم ،
والذي يعرف إختصاراً بـ ( BOD )
-
عقد
،البناء،التملك،التشغيل،الدعم، الإعادة والذي يعرف إختصاراً بـ ( BOOST )
-
عقد البناء،التأجير، الإعادة
والذي يعرف إختصاراً بـ ( BRT )
-
عقد البناء، الإعادة ،التشغيل ،
والذي يعرف إختصاراً بـ ( BTO)
وتستخدم الكثير من هذه الإصطلاحات أحياناً كأسماء بديلة لنظام
" البوت " ، وعلى الرغم من أن بعضها يرمز إلى مشاريع تختلف في بعض
جوانبها عن تعريف مشروع البوت إلا أنها في غالب الحال لا تخرج عن الوظيفة الرئيسية
التي تتميز بها المشاريع المنفذة باسلوب "البوت" . إن كثير من الكتابات
لا تفصل بصورة واضحة بين "البوت" وما بين العقود المشتقة منه وبين أنظمة
تعاقد أخرى تختلف عنه ولكنها شبيهة به،
ولذلك فإننا قد تعمدنا في هذه الورقة عدم الحديث عن عقد البناء،التملك،التشغيل،
والذي يعرف إختصاراً بـ ( BOO )
والعقود المشابهة له مثل (ROO) و(MOO) وغيرها
من أشكال الأخرى المماثلة وذلك لكونها تخرج عن المفهوم الجزئي للخصخصة ولا تتضمن
الخاصية الرئيسة لبقية تفريعات وإشتقاقات عقود البوت التي أوردناها وهي خاصية
إعادة (تحويل) ملكية المشروع من القطاع الخاص إلى الدولة بعد إتنهاء فترة عقد
الإمتياز. إن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال) في معرض
تعريفها للمصطلحات المتعلقة بمشاريع البنية التحتية تحدثت عن "البناء
فالتشغيل فنقل الملكية (بوت) (BOT)
والتعابير ذات الصلة" وأوردت شرحاً للمصطلح بأنه وصفاً يطلق على مشروع البنية
التحتية حينما " تختار السلطة المتعاقدة صاحب إمتياز لتمويل وتشييد مرفق أو
نظام للبنية التحتية ، وتعطي هذا الكيان حق تشغيل المرفق على أساس تجاري لفترة
معينة، تنتقل ملكية المرفق بعد إنقضائها
إلى السلطة المتعاقدة" وأوردت أيضاً خمس إشتقاقات رئيسية أدرجت تحت هذا
المصطلح إحداها المشاريع المنفذة بأسلوب الـ BOO ، ونرى
أنه مع تزايد الكتابات في هذا الموضوع والإهتمام الذي توليه دوائر كثيرة له يجب أن
يتم فصل منهجي ما بين أنواع هذه الإتفاقيات يعتمد على التفرقة بين المشاريع
الهادفة للخصخصة الجزئية وتلك التي تهدف للخصخصة الكاملة (18).
ماهو الإستخدام الأمثل لصيغ عقود الإمتياز:
كما سبق وأوضحنا في مقدمة هذه الورقة فإن اللجوء للخصخصة بات
ضرورة لا مفر منها في ظل التطورات الإقتصادية الدولية الراهنة ، فقد " أصبح
الإعتماد على السوق العالمية للمال أساسياً للحصول على الرساميل والتكنلوجيا
اللازمة للتنمية ، ولما كانت هذه السوق تعمل عبر العالم ، بموجب آليات ذاتية، تعمل
وفقاً لمبدأ الربح والخسارة ومراعاة مخاطر الإستثمار المتنوعة، فقد أصبح من
الضروري أن تبتدئ الدول النامية في الإنسجام مع هذه الآليات، وذلك بجعل
إقتصادياتها تعمل وفقاً لمتطلبات هذه السوق" (19).إن الإهتمام بالتمويل أصبح منصرفاً
إلى المشاريع التي تدار على أساس الربحية البحتة.
إن إنتقال البنية الإقتصادية في دول العالم الثالث والدول
النامية تحديداً من تبني الإقتصاد الموجه إلى الإقتصاد الحر لابد أن يتسم بالتدرج
وأن يأخذ قدراً كافياً من الزمن تستطيع فيه هذه الدول لململة أطرافها في ظل التشوهات التي تعانيها
بنية هذه الدول عموماً وإقتصادها على وجه التحديد. فبدلاً من الإنتقال من نقيض إلى
نقيض فإن على هذه الدول تبني سياسات متدرجة تستطيع من خلالها تغيير النمط
الإقتصادي بدون نقلات فجائية ذات آثار سلبية عميقة وتمثل آليات الخصخصة الجزئية
أفضل هذه السياسات (20).
من أهم إحدى هذه الآليات التي يمكن أن تنقل إقتصاد الدولة إلى
إقتصاد السوق الحر بتدرج يحفظ للدولة قدر من توجيهها للإقتصاد بحيث يمكنها تلافي
أي سلبيات إجتماعية أو سياسية مصاحبة للتغييرات الإقتصادية آلية قانونية تتمثل في
إستخدام عقود الإمتياز وتحديداً نظام "البوت" والعقود الأخرى المشتقة
منه ، سنقوم فيما يلي بإستعراض بعض أنواع هذه العقود وتبيان فائدتها في التحول التدريجي
لإقتصاد السوق الحر:
عقود البناء – التشغيل – الإعادة:
هذا النمط من العقود يمكن الجهة الحكومية سواء ً كانت الدولة أو
أحد أجهزتها من توفير خدمة جديدة للجمهور دون أن تضطر إلى دفع تكاليف هذه الخدمة
حيث يتكفل الطرف الذي تتعاقد معه الجهة الحكومية بتوفير رأس المال وإنشاء المرفق
وتشغيله طوال أجل متفق عليه بناءً على أسس تجارية تتيح للمستثمر إمكانية تحصيل رأس
المال المدفوع في إنشاء المرفق وكذلك تحقيق هامش ربح مجزي.
إن الدولة في قطاعاتها وأجهزتها المختلفة والبلديات على وجه
الخصوص يمكنها إستخدام هذا النمط من التعاقد في حال وجود طلب على تأسيس مرافق
خدمية جديدة ، حيث أن التوسع الذي تشهده المدن بسبب من إزدياد الكثافة السكانية
يتطلب توفير خدمات جديدة ومثال ذلك المستشفيات – المدارس – الطرق – شبكات الإتصال – محطات الطاقة – محطات تنقية المياه – شبكات
ومحطات الصرف الصحي - وسائل المواصلات ذات التكلفة العالية مثل السكك الحديدية أو
قطارات الإنفاق..إلخ (21).
عقد إعادة التأهيل –التشغيل- الإعادة:
ويعرف هذا النوع من العقود إختصارأً بعقد الـ ROT وهي
إختصار لـ Rehabilitate – Operate –
Transfer وتعني :
إعادة التأهيل – التشغيل – الإعادة. هذا النمط من العقود ذ و فائدة
جمة في إعادة الحياة للمرافق القديمة التي تحتاج لإعادة تأهيل ، و عادة ما يحتاج
المرفق لإعادة التأهيل بسبب الكوراث الطبيعية – الأمطار ،الفيضانات ،الزلازل – أو بسبب
أفعال الإنسان من حروب ونزاعات مسلحة. عقد
الـ ROT يختلف عن عقد الـ BOT في كون
إعادة التأهيل تنصب على مرافق قائمة كلياً أو جزئياً وبغض النظر عن التكلفة التي
قد تنقص أو تزيد عن عقد الـ BOT فإن وجود المرفق من قبل له دلالات إقتصادية من
ناحية الجدوى والأهمية . وقد أعطت بعض قوانين الخصخصة العربية الجهة الحكومية حقاً
جوازياً في الإشتراط على القطاع الخاص الراغب في شراء المرفق العام أو المشاركة في
إدارته إعادة تأهيل هذا المرفق (22).
عقد
التحديث –التشغيل- الإعادة:
ويعرف هذا النوع من العقود إختصارأً بعقد الـ MOTوهي إختصار لـ : Modernize – Operate – Transfer وتعني :
التحديث – التشغيل – الإعادة. وينصرف هذا النوع من التعاقد
وفق ما يدل عليه مسماه إلى تحديث مرفق قائم حيث يقوم المستثمر بالإنفاق على عملية
التحديث ومن ثم تشغيل المرفق وتقاضي مقابل هذا التشغيل لحين إعادة رأس المال
المدفوع في التحديث مع تحقيق هامش الربح المتفق عليه. إن التطورات التكنلوجية
المذهلة والتي لها فوائد كبيرة في تقليل هدر الموارد الطبيعية أو تقليل الآثار
البيئية الضارة.. إلخ كل هذه وغيرها إعتبارات تدخل في العوامل التي تحدد حوجة
المرفق للتحديث. هذا العقد يشابه عقد
إعادة التأهيل الـ ROT مع
إختلافات بسيطة .
إن هذه الصيغ وغيرها مما سبـق وأوردناه من إشـتقاقات مثل ( FBOOT ) و( BOL ) و( DBOT ) و ( BOD ) و( BOOST ) و( BRT ) و( BTO) هذه
الصيغ جميعها وغيرها مما يمكن إستحداثه يمكن أن يكون محل توظيف كعقود تدعم توجه
الدولة وأجهزتها المحلية في إستقطاب التمويل من القطاع الخاص.
المبحث الثاني: دور الصيغ
القانونية في جذب الرساميل المستثمرة
قبل أن نتناول دور صيغة "البوت"
كأحد تطبيقات عقد الإمتياز في جذب الرساميل المستثمرة الخاصة فإننا سوف نناقش دور البيئة القانونية في البلد محل الإستثمار
بصفة عامة وأثرها في جذب الإستثمار:
القوانين ودورها في منح المستثمر ضمانات للإستثمار:
البيئة القانونية هي الرحم الذي يتخلق
فيه كيان الإستثمار وينمو إلى أن يطرح ثمرته ممثلة في العوائد والأرباح للمستثمر
والتنمية للبلد محل الإستثمار، ولذلك فإن المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال تتجه
أبصارهم صوب المكان الذي سيضعون فيه أموالهم ، إذ بغض النظر عن مدى الربحية التي
سيوفرها المشروع وفق جدواه الإقتصادية ، فإن عدم الإستقرار السياسي وبالتالي
إختلالات البيئة القانونية عامل طرد أساسي للإستثمار. وعلى النقيض متى ما توفر
الإستقرار السياسي والثبات القانوني والتشريعي ، وتأكد المستثمر من فاعلية
وموضوعية القوانين وأجهزة تطبيقها فإنه سيعمد للإستثمار حتى وإن كان مستوى الأرباح
المتحقق أقل مما يمكن تحصيله في مكان آخر لا تتوفر فيه هذه المقومات.
يضع أصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص نصب أعينهم المخاطر
التي يمكن أن تهدد إستثماراتهم ويدرسونها بدقة قبل البدء في أي عمل بل إنها قد
تكون من أسباب توقفهم عن المضي قدماً في تنفيذ أي إستثمار. ومن هذه المخاطر غياب
أو ضعف الآليات والضمانات القانونية المتصلة بالإستثمار والتي تشكل الإطار الضابط
للإستثمار وما يمكن أن يصادفه من عقبات داخلية أو مع الغير بما فيهم الدولة نفسها.
يهتم المستثمر بكامل القوانين المطبقة في
البلد المعني إبتداءاً من دستورها وإنتهاءاً باللوائح المنظمة لأعمال أصغر وحدة
إدارية في البلد المستقبل للإستثمارات . وبالتالي لا يوجد قانون يمكن إستثناؤه أو إبعاده
من دائرة إهتمام المستثمر أجنبياً كان أم وطنياً وما ظاهرة هجرة رؤوس الأموال إلا
إحدى نواتج الإشكاليات القانونية التي تعانيها الدول المصدرة لرأس المال في غالب الأحوال
بينما نجد دولة الإستقبال تتمتع ببيئة قانونية أفضل حالاً.
إن عقود الإمتياز وتحديداً مشاريع
"البوت" تتطلب ضمانات أهمها على
الإطلاق توافق العقود التي تبرم في ظل إتفاقية البوت مع القوانين السارية في البلد
الذي ينفذ فيه المشروع وأهم هذه القوانين هي :قوانين تشجيع الإستثمار وحمايته ،
وقوانين تنظيم الملكية، وقوانين المعاملات ،قوانين الملكية الفكرية ، قانون الشركات
، قانون الضرائب ، قوانين الإفلاس، القانون الإداري (23).
وبالطبع فإن أول ما يهتم المستثمر به من
أنظمة وقوانين ، تلك المعنية بتنظيم تحويل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص
سواء كلياً أو جزئياً والميزات والحماية
القانونية التي تمنحها له ، وقد بادرت الكثير من الدول العربية إلى سن مثل هذه
التشريعات (24).
سنستعرض فيما يلي بعض القوانين ذات الصلة
المباشرة بإستثمارات القطاع الخاص مع التركيز على
الخدمات والمرافق البلدية :
قوانين الإستثمار:
يجب على كل قطاع جهوي (إقليمي) أن يعمل
على إصدار قوانين ولوائح تتعلق بالإستثمارات التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها في
حدود سلطاته الإدارية ، فالوحدة الإدارية الإقليمية معنية بإستلهام قوانين
الإستثمار السارية على نطاق المركز في إيجاد قوانين ولوائح تشجع الإستثمارات في
الإقليم بل وتعطي وفق ما لها من صلاحيات وسلطات ميزات أكثر من تلك الممنوحة في
قوانين المركز والأقاليم الأخرى فيما يتعلق بالإستثمار في الأنشطة التي تحتاج لها
الجهة بصورة ماسة وعاجلة. فالجهات التي تعاني من مشاكل في مرافق القطاع الصحي
يمكنها أن تعطي ميزات تفضيلية لمن يستثمر في هذا القطاع أو في حال وجود نقص في
صناعات تحويلية ترتبط بإنتاج تتميز به هذه الجهة مثل تعليب الخضر والفاكهة ، أو
الثروة السمكية..إلخ.
قوانين المعاملات المدنية والقوانين التجارية:
إن إنصراف الدولة على مستوى المركز أو
الجهات إلى تبني سياسة التحرير الإقتصادي تتطلب تفعيل القوانين ذات الصلة ونفض
الغبار عنها لتكون مواكبة للتطورات الإقتصادية الداخلية والخارجية ، فقوانين
العقود والقوانين المتعلقة بالتجارة وتنظيم عمل الشركات بالإضافة لقوانين الأوراق
التجارية وأهمها في زماننا هذا القوانين الضابطة للتعامل بـ "الشيكات"
وإذا أضفنا لذلك القوانين الإجرائية التي بموجبها تنظر المحاكم للنزاعات المتعلقة
بهذه المسائل فإن هذه الحزمة من القوانين تعتبر هي عظم الظهر للأعمال التجارية
التي يدخل طرفاً فيها القطاع الخاص وبالتالي فإن فعاليتها وإطمئنان الأطراف في
الإحتكام إليها يعد أحد أهم ضمانات الإستثمار على الإطلاق.
وبالنسبة للوحدات الإدارية الجهوية فإن
وجود قوانين موزونة وسلطات واضحة للأقاليم والفصل ما بين سلطات المركز والأقاليم
بحيث لا يحدث تعارض يعتبر عاملاً مهماً في جذب الإستثمار للوحدات الإدارية الجهوية
والإقليمية. إن البلاد الراغبة في إستنهاض القطاع الخاص المحلي والأجنبي للإستثمار
على مستوى لا مركزي يجب أن تمنح هذه الأقاليم
بغض الانظر عن مسمياتها المختلفة وفق الأنظمة القانونية والسياسية التي
تختلف من بلد إلى آخر - أمارات ، أقاليم ، عمالات ، محافظات ، ولايات – وذلك على
امتداد الوطن العربي سلطات واسعة في إستثمار الإمكانيات المتاحة لها في القطاع
الجغرافي الذي يقع تحت إدارتها ومن ثم فإن القوانين المنظمة للنشاطات الإقتصادية
وكذلك اللوائح يجب أن تراجع وتحدث بإستمرار حتى تواكب ما يمكن أن يتدفق من
إستثمارات على هذه الوحدات الجهوية، ذلك أن المتخصصين في الإقتصاد يرون أن العولمة
ستقود إلى وجود مدن مستقبلة وجاذبة للإستثمارات ومدن طاردة للإستثمارات وبالتالي
فإن على المدن الجاذبة أن تتهيأ لإستقبال رؤوس الأموال وما يستتبع ذلك من ضرورة
وجود آليات قانون حديثة تحد من الآثار السالبة لقيام إستثمارات ضخمة ، وعلى الجانب
الآخر فإن المدن ذات الحظ الأقل في جذب الإستثمار عليها أن أن تبتكر من التشريعات
ما يجعلها ذات ميزات أفضل (25).
إن صلاحيات الحاكم الإداري للقطاع
الإداري الجهوي وطاقمه الإداري المساعد ، بالإضافة للسلطات الممنوحة لمجالس
التشريع الإقليمية يجب أن تكون من الفاعلية بحيث تساعد على جذب الإستثمارات الخاصة
وفي ذات الوقت تعمل على تلافي أي إشكالات يمكن أن تنجم جراء هذه الإستثمارات ، إن الكثير من الجهات المستثمرة تعمد
إلى إستغلال البنية القانونية الضعيفة للدول النامية ، سواء على مستوى المركز أو
الأقاليم وتعمل على الولوج عبر ثغرات القانون لتحصيل معدلات ربح عالية ، ومثال ذلك
إستغلال غياب تشريعات تضع معايير عالية لحماية البيئة وضعف تشريعات العمل عموماً والتشريعات
الضابطة لتشغيل الأطفال على وجه الخصوص.
الدور الذي يمكن أن تقوم به عقود الإمتياز متمثلة في إتفاقية "
البوت" والعقود المشتقة منها في جذب
رؤوس الأموال:
يمكن للصيغ القانونية أن تلعب دوراً كبيراً في جذب الإستثمارات
للدول على المستوى المركزي أو الجهوي ، وعقود " البوت " من الصيغ
الجاذبة للإستثمار ، فهذه الصيغ أخذت تحظى بإهتمام كبير جداً في الآونة الأخيرة
وخضعت لدراسات معمقة من جانب المنظمات والمؤسسات الدولية المتخصصة (26) كما أن
الكثير من الدول قامت بدراسة هذه العقود وسعت لتطويرها وجعلها موائمة لإحتياجاتها
ومنضبطة مع بيئاتها القانونية ، حيث قامت باكستان بإستحداث صيغة موحدة تتعلق
بمشاريع الطاقة المنفذة بنظام "البوت" ، بينما على الصعيد الإقليمي تعتبر
سلطنة عمان من أوائل الدول العربية التي قامت بتنفيذ مشاريع بنى تحتية بنظام
"البوت" (27).
كما أن بعض قوانين الإستثمار في الوطن العربي قد إستصحبت في
صياغتها الأنماط الحديثة من التعاقدات مثل " البوت " حيث نجد أن قانون
الإستثمار السوداني لسنة 2000م وإن لم يشر لهذا النمط من التعاقدات مباشرة إلا أنه في
المادة الأولى من القانون و في تعريفه لرأس المال ذكر ما يلي: ( (أ) النقد
المحلي المدفوع، من المستثمر والذي يستخدم في إنشاء المشروع أو تشغيله، أو تحديثه، أو إعادة تعميره، أو
التوسع فيه.) وقد ورد تكرار للعبارات التالية: إنشاء المشروع ، أو تشغيله ، أو
تحديثه، أو إعادة تعميره وذلك في عدة مواضع في نصوص هذا القانون الشئ الذي يدل على
إمكانية إعمال هذا النوع من العقود في ظل مرجعية قانونية متوافقة مع تطبيقاته.
وبجانب السودان فإن دولاً عربية أخرى على رأسها المملكة العربية السعودية أصدرت
أنظمة جديدة للإسـتثمار وعملت على تحسـين وتهيئة مناخ الإسـتثمار لإجتذاب رؤوس
الأموال الخاصة للمشاركة في التنمية (28).
يكمن عنصر الجذب في هذه الصيغ القانونية في عدة نواحي تتمثل في :
أ- جاذبية مشاريع البوت بالنسبة للحكومات وأجهزتها المختلفة:
تعتبر مشاريع البوت جاذبة ومغرية للقطاع الحكومي لكون هذه
الآلية توفر له إمكانية إقامة أو تحديث أو إعادة تأهيل مرافق هامة وحيوية دون أن
يتكبد أموال طائلة يمكنه توجيهها لقطاعات أخرى أقل جذباً من الناحية الإستثمارية.
إن مشاريع البوت لا تكلف الحكومات وأجهزتها سوى تكلفة الدراسات التي تقوم بها
للمشاريع وتكلفة المختصين الذين يوكل لهم الإشراف على هذه المشاريع منذ مرحلة
الدراسة وعند التنفيذ وأثناء التشغيل وحتى مرحلة إستلام الدولة للمرفق ، وأحياناً
لا تكلف الدولة أو أجهزتها نفسها حتى عناء القيام بهذه الدراسات ورهقها المادي
وتترك الأمر برمته للقطاع الخاص الذي ينشط في القيام بهذه الدرسات لتكون بمثابة
محفز للجهات الحكومية للتعاقد معه لتنفيذ هذه المشاريع . عدا ذلك فإن الدولة غير
معنية بأي مخاطر أخرى وإن كان لها دور هام وجوهري في توفير الضمانات السياسية
والقانونية للمشروع وفرد غطاء واقي يمنع أي أعمال من شأنها التأثير على سير أعمال
المشروع في أي مرحلة من مراحله من ناحية تدخل القطاعات الحكومية أو تغيير السياسات
العامة والقوانين خصوصاً تلك التي لها تأثير مباشر على إقتصاديات المشروع . ومن
ناحية إقتصادية فقد دلت التجارب على أن بعض المشاريع التي نفذت عن طريق
"البوت" قد أعطت مردوداً جيداً في نوعية الخدمة المقدمة كما أنها قللت
من التكلفة النهائية للخدمة التي يتلقاها المستهلك (29) وبالتالي يعتبر هذا عاملاً
دافعاً للدولة وأجهزتها في إتباع هذا الأسلوب في تنفيذ المشاريع .
فيما يتعلق بالإدارة الجهوية أو البلديات فإن مشاريع البوت قد
تكون حلاً ناجعاً لتلبية الكثير من إحتياجات ومتطلبات النمو المتسارع في منطقة
إدارية بحجم الرياض مثلاً والتي تفوق مساحتها دولة في حجم إيطاليا، بينما تعادل
مساحة الرياض المدينة ثلاث أضعاف دولة سنغافورة تقريباً ، ويحتل المطار الرئيسي في
الرياض – مطار الملك خالد الدولي – مساحة تزيد على ثلث مساحة نفس
البلد أو دولة مثل السودان التي إذا ما قسمنا مساحتها إلى عشر وحدات إدارية
إقليمية نجد أن كل وحدة إقليمية تعادل مساحة المملكة المتحدة وتزيد (30) هذه
الوحدات الإدارية الجهوية بما لها من صلاحيات يمكنها أن تلجأ لهذا النمط من
التمويل في إنفاذ كثير من المشاريع الهامة دون أن تلجأ لميزانية الدولة المركزية
أو تضطر لإستنفاد مواردها.إن مشاريع مثل قطارات الأنفاق أو السكك الحديدية أو
الصرف الصحي أو تحلية المياه أو توليد الطاقة أو الطرق السريعة أو المطارات أو
الموانئ أو شبكات الهاتف الثابت والمتحرك أو إنشاء المجمعات والوحدات السكنية
لمحدودي الدخل كل هذه المشاريع وغيرها يمكن أن تنفذ بطريقة البوت ، وكذلك فإن المشاريع
القائمة يمكن تحديثها أو إعادة تأهيلها بذات الآلية. يبقى القول أن الجهات الحكومية
والوحدات الإدارية الجهوية أكثر حظاً في نسبة نجاح المشروعات التي تعتمد في
تنفيذها على أسلوب البوت لكون هذه الوحدات الإدارية جاذبة للتمويل الذي هو أس الإستثمار
وذلك لأن هذه الوحدات الجهوية هي في غالب الأحوال متلقي الخدمة ومن سيقوم بشراء
الخدمة/السلعة التي يوفرها المرفق الذي يتم تمويله بأسلوب البوت ، ذلك أن كثير من بيوت
التمويل خصوصاً المؤسسات المالية الكبرى تضع في إعتبارها مسألة عائدات المشروع
وتدفقها وبالتالي قابليتها لتكون ضماناً للتمويل، ولا تخفي المؤسسات التمويلية هذا
التوجه الذي يعطي أهمية شديدة لهذا الغطاء ومنها على سبيل المثال البنك الإسلامي
للتنمية الذي يعتبر أن " المشروعات الحكومية التي تنفذ عن طريق صيغة البناء
والتشغيل والتمويل – وردت هكذا خطأ ويقصد بها (التحويل) – (B.O.T) والتي تتضمن عقود تلتزم بموجبها الحكومة بدفع
ثمن الخدمة (أو السلعة) التي يوفرها المشروع من شأنها تشجيع البنك الإسلامي على
المشاركة في التمويل نظراً لإمكانية تخصيص إيرادات المشروع في حساب مقيد Escrow Account كضمان يمكن أن يقدمه المقاول ويقبل به
البنك" (31).
قد تنفر كثير من القطاعات الجهوية والبلدية من التعقيدات
القانونية التي تفرزها عقود الإمتياز و"البوت" تحديداً ، وهي التي
إعتادت أن تأمر فتطاع لكونها صاحبة يد طولى وفق ما كان سائداً إبان تدخل الدولة ،
بيد أن هذه العقود لا تكون بالتعقيد إلا في حالة المشاريع الضخمة مثل محطات الصرف
الصحي أو تحلية المياه ، محطات الطاقة ، شبكات الميترو وقطارات الأنفاق وشبكات
الطرق السريعة. وحتى فيما يتعلق بهذا النمط من المشاريع المعقدة فقد إتجهت مؤسسات
التمويل الدولية والمنظمات المتخصصة لصياغة أدلة ومراجع تستطيع الجهات الحكومية
الإستدلال بها في تنفيذ مثل هذه المشاريع بأسلوب "البوت" (32).
لقد قام كاتب هذه الورقة
بتقديم الإستشارة القانونية ومراجعة عقود إمتياز مبسطة أبرمتها شركات من
القطاع الخاص مع بلديات وأجهزة حكومية أو عقود جانبية إنبنت على هذه العقود، ولم
تكن تحفل بتعقيد منفر وتميزت بالبساطة واليسر ، ولا يقدح في ذلك أنها جميعاً كانت
منصبة على منح إمتياز إستخدام أراض مملوكة لجهات حكومية لقاء أجرة تعتبر رمزية
مقابل أن تقوم الجهة المستثمرة ببناء منشآت على هذه ألأراضي وتشغيل هذه المنشآت
لصالحها ومن ثم إعادة الأرض بما عليها من
مبان لهذه الجهات الحكومية ، حيث يعتبر هذا إستخدام مبسط لعقود البوت . إن صيغة البوت صيغة مجدية وتلبي إحتياجات
الطرفين ، فالدولة تجد من ينوب عنها تماماً في تنفيذ مشاريع حيوية والقطاع الخاص
يجد أنشطة ذات جدوى ومربحة.
ب-
جاذبية مشاريع البوت بالنسبة
للمستثمرين :
إن أي إستثمار لا بد وأن يتضمن قدراً من المخاطر ، وجاذبية أي
مشروع إستثماري محورها قلة ما يحتوي من مخاطر ، وعقود "البوت" من العقود
ذات المخاطر المعلومة مسبقاً لأي مستثمر وبالتالي إمكانية التحكم فيها والعمل على
تقليل آثارها متوفرة ، إن المخاطر التي يمكن أن تواجه مشاريع البوت لا تخرج عن
ثلاثة أوجه إما مخاطر منصبة على إقتصاديات المشروع أو مخاطر فنية أو مخاطر قانونية. وكما سبق وذكرنا فإن عقود البوت
من الناحية القانونية معقدة وتترتب عليها إلتزامات قانونية كثيرة كما أن الإعداد
لها يتطلب في غالب الأحيان مفاوضات طويلة خصوصاً في حالة المشاريع الضخمة كمشاريع
توليد الطاقة ..ورغم أن هذا التعقيد قد يكون منفر بالنسبة لأجهزة الدولة كما
أسلفنا إلا أنه بالنسبة للمستثمر مطلوب لكونه لا يغادر كبيرة ولا صغيرة وبالتالي
تقل إحتمالات نشوب مشاكل ، بل إن عقود "البوت" لاتخلو من بنود تنص على إشكالات وحالات نزاع
عقدي مفترضة الوقوع أهمها القوة القاهرة ، تعريفها والحالات التي تدخل في هذا
الوصف وصيرورة العقد والمنشآت والخدمة التي تقدمها في ظل قيام حالة قوة قاهرة
والضمانات المتعلقة بذلك.
إن عقود البناء –التشغيل –الإعادة تعتبر أداة جاذبة لإستثمارات
القطاع الخاص سواء المحلي أو الأجنبي ، فعلى الصعيد الوطني فإن القطاع الخاص إذا
كانت لديه الملاءة المالية خصوصاً في تنفيذ مشاريع البنية الأساسية التي تتطلب
أموالاً ضخمة فإن عقود البوت تمثل له آلية قانونية موائمة من ناحية توزيع المخاطر
ومن ناحية العائد الذي غالباً ما تضمنه الدولة بوصفها مشتري الخدمة الأساس أو لكون
هنالك طلب شديد على الخدمة لكونها ترتبط بالحياة اليومية للجمهور . كما أن هذا
النمط من المشاريع يعتبر مدخلاً لشراكة
قوية بين رأس المال الأجنبي والوطني حيث يمكن للقطاع الخاص الوطني أن ينشط في
إعداد دراسات الجدوى ، ليمثل ذلك أرضية تفاوضه مع المستثمر الأجنبي الذي سيدرك
جاذبية الإستثمار من خلال هذه الدراسات العلمية والجادة والواقعية ويعمل على
توظيفها لتكون هي جواز مروره لدخول مؤسسات التمويل سواء أكانت خاصة أو تابعة
لهيئات دولية ، حيث عمدت بعض هيئات التمويل المعروفة في الآونة الأخيرة إلى إنشاء
أقسام ومؤسسات مالية متخصصة في دعم وتمويل إستثمارات القطاع الخاص في مجال مشاريع
البنية التحتية ، ومنها البنك الإسلامي للتنمية الذي أنشأ مؤسسات وصناديق تمويل
جديدة منها صندوق البنك الإسلامي للبنية الأساسية "حيث يوفر هذا الصندوق
فرصاً جذابة أمام الحكومات والمستثمرين من القطاع الخاص للمشاركة في مجموعة متنوعة
من المشروعات المربحة في مجال البنية الأساسية" ...كما أن "هيكلة هذا
الصندوق وموارده والخدمات الإستشارية التي توفرها له شركة متخصصة تعتبر جميعها من
العوامل التي ستتيح له الدخول بقوة في مجال المشروعات المنفذة عن طريق عقود الإمتياز
بصيغها المختلفة في الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية (33) .
ج - مشاريع البوت وخصوصية المنطقة العربية:
للمنطقة العربية خصوصية تميزها عن كثير من مناطق العالم ، فعل
الصعيد الإقتصادي فإن بعض الدراسات ذكرت أن ثماني دول عربية هي مصر والأردن
وفلسطين واليمن والجزائر وتونس والمغرب بالإضافة لدول الخليج الست ستواجه عجزاً
تمويلياً قدره 50 بليون دولار خلال الفترة من 1997 م إلى 2006م حيث يقدر البنك
الدولي حجم الإستثمارات المطلوبة بحوالي 230 بليون دولار بينما تستطيع هذه الدول
حشد إستثمارات قدرها 180 بليون دولار فقط ، وحيث أن خيار الخصخصة الكاملة غير
مقبول لدى كثير من الدول العربية لإعتبارات عديدة فإن صيغة "البوت" هي
الحل الأمثل لسد هذا العجز التمويلي . هذا بالإضافة للتنوع الفريد الذي تتميز به
هذه المنطقة من ناحية الموارد الشئ الذي يجعلها جد مؤهلة للتكامل الإقتصادي من خلال
مشاريع تستخدم صيغة البوت (34) . وعلى الصعيد القانوني فإن الخصوصية الثقافية
للوطن العربي الذي تستمد معظم دوله قوانينها من الشريعة الإسلامية تشجع على
إستخدام نظام "البوت" كصيغة تمويل تستغل فيها أموال مؤسسات الإستثمار
الوطنية والإقليمية مثل صناديق المعاشات والتأمين الإجتماعي وشركات التأمين
التعاوني دون حرج ، وكذلك أموال البنوك
التي تستخدم صيغ التمويل الإسلامية. ويمكن للمجامع الفقهية ومراكز البحث أن تنشط
في دراسة أوجه التقارب بين صيغ التمويل المعروفة في الشريعة الإسلامية وصيغ
التمويل والتعاقد المستحدثة وإمكانية الإستفادة منها( 35 ).
الخاتمة:
إن عالم اليوم تحكمه القاعدة الفلسفية "أن الثابت الوحيد
هو الحركة " ، وإزاء التطورات المذهلة التي يشهدها العالم في مناحي الحياة
المختلفة لا يوجد أمام الدول السائرة في درب النمو ودولنا العربية كلها تسير في
هذا الدرب سوى مواكبة هذه التطورات وتقبلها بذهنية مفتوحة تستصحب الصالح وتتفادى
الطالح ..إن الجديد ليس بالضرورة شراً .
إن عقود الإمتياز آلية يمكن الإستفادة منها في شكلها الحالي
الذي طوره الفكر الإنساني حول العالم وبإمكاننا في العالم العربي تطوير هذه الآلية
وتطويعها لتخدم مصالح المنطقة في التنمية والتطور.
إن الإنتقال من مرحلة الدولة المتدخلة إلى مرحلة الدولة
المتخلية – إن جاز التعبير – وإعتماد الخصخصة كآلية لولوج عالم إقتصاد السوق ينبغي
أن يتم بتأني وتمرحل ، وإذا كانت مرحلة ما بعد الإستقلال والإنعتاق من ربقة
الإستعمار قد أفرزت توجهات إقتصادية مثل التأميم وغيرها من مظاهر تدخل الدولة بما
لها من إيجابيات ينبغي ألا تصرفنا عن تلكم السلبيات التي نتجت عن تلك التوجهات
الإقتصادية والتي أفرزت تشوهات ضربت بجذور عميقة في إقتصاد المنطقة.
إن عقود الإمتياز وتحديداً تنفيذ المشاريع بأسلوب "البناء –
التشغيل – الإعادة " هي إحدى أهم طرق الخصخصة الجزئية للإقتصاد وبالتالي يمكن
أن تكون إحدى أهم السبل في مرحلة إنتقال الدول العربية من مرحلة سيادة القطاع
العام إلى مرحلة نمو القطاع الخاص وعليه فإن خلاصة هذه الورقة تتمثل فيما يلي:
1- إن عقود الإمتياز عموماً وعقود "البوت" خصوصاً تنفرد
بميزة أن أصول المشاريع المنفذة بهذا الأسلوب تعود إلى ملكية الدولة في نهاية
المدة المتفق عليها عقدياً ، وبالتالي فإن إستخدام آلية عقود الإمتياز يجعل الدولة في خيار إما أن تستمر في إدارة
مشاريعها بهذا النمط من التعاقدات أو أن تتجه للخصخصة الكاملة .
2- أن عقود البوت من الصيغ الجاذبة لتمويل الإستثنمارات عموماً
ومشاريع البنية التحتية على وجه الخصوص لإحكامها من الناحية القانونية.
3- أن صيغة "البوت" صيغة مرنة قابلة للتطويع والتطوير
بما يلائم البيئة القانونية لكل دولة .
4- إن إستخدام نظام "البوت" يجعل الدولة المستقبلة
للإستثمار الخاص سواء على المستوى المركزي أو الجهوي متحكمة في تحديد المجالات
التي ترغب أن يشارك القطاع الخاص في تنميتها وبالتالي تتفادى الآثار السالبة
لعولمة الإقتصاد التي ربما تفرز تشوهات إقتصادية وإختلالات إجتماعية في البلدان
النامية.
5- العمل على تطوير صيغ التعاقد والتمويل المستمدة من الشريعة
الإسلامية بوصفها مصدر تشريع رئيس على مستوى العالم العربي ، "كعقود
الإستصناع" و"التمويل بالمشاركة" و"القرض الحسن " ،
ودراسة هذه الصيغ بالمقارنة مع أنماط العقود المستحدثة على مستوى العالم ، والعمل
من خلال المؤسسات المتخصصة للخروج بآراء من شأنها إزالة أي تعارض أو تناقض يمكن أن
ينفر الدول من إستخدام "البوت" أو أي صيغ أخرى مستحدثة.
إن التطورات السياسية والإقتصادية التي قادت العالم من الإقتصاد
الحر للإقتصاد الموجه في بداية القرن العشرين قد نسخت بتطورات سياسية واقتصادية
جديدة أعادت دول العالم إلى مربع الرأسمالية وإقتصاد السوق الحر وإتباع آليات
السوق في بدايات القرن الثاني والعشرين وبداية الألفية الثالثة..وحيث أن نهاية
التاريخ تبقى في علم الغيب فإنه لا يمكن الجزم بأن هذا هو النمط الإقتصادي الذي سيسود
خصوصاً وأن الحديث بدأ يعلو عن الطريق الثالث. عليه لا يجب على الدول النامية
والدول العربية تحديداً الإنجراف إقتصادياً
بصورة كاملة أمام رياح التغيير ، وينبغي عليها مراعاة خصوصياتها والعمل على
توظيف مقدراتها وإمكانياتها المشتركة لخلق بنية إقتصادية إقليمية متينة يمكنها أن
تفرض شروطها على الغير وتسهم في التغيير إيجابياً على مستوى العالم.
المراجع والهوامش:
(1) تعريف الخصخصة لا يخلو من بعد آيدولوجي حيث يتناوله أهل
الإقتصاد كل من زاويته بيد أن الجميع يتفق على أن محوره الإعتماد على القطاع الخاص
في التنمية بحيث يعني ذلك " العودة إلى الإعتماد على آلية السوق لتحديد سقوف
الإنتاج وكيفية التوزيع وتحفيز الإنتاج ، كما يعني إعادة الإعتبار إلى اللبرالية
وتقديمها على الفكر الماركسي والتدخلي " د. محمد الأبرش /د. نبيل مرزوق –
الخصخصة آفاقها وأبعادها – دار الفكر – دمشق - سورية – الطبعة الأولى 1420هـ =
1999م - ص 31. وقد . قدم عدد كبير من
المختصين والباحثين مداخلات بشأن الإصطلاح المرادف لكلمة Privatization في اللغة العربية ، ولم تخرج جل هذه المداخلات
عن محاولة تعريب الكلمة حيث شاع في الوطن العربي من الخليج إلى المحيط إستخدام
مفردات مثل : خوصصة ، خصخصة ، تخصيص ، الخاصخصة بيد أن المحاولة الجريئة الوحيدة لترسيخ مصطلح يغطي المفهوم الذي تحمله
الكلمة الإنجليزية Privatization دون
الترجمة الحرفية هو ذلك الذي قدمته الدكتورة /رجاء الناجي أستاذة القانون بجامعة
محمد الخامس بالرباط والتي رجحت إستخدام كلمة "تفويت" بدلاً من المفردات
الأخرى المستخدمة، ولكننا رغم ذلك سنستخدم في هذه الدراسة أحد المصطلحات الشائعة
وهو "الخصخصة". لمزيد من التفصيل عن الكتابات التي تناولت مصطلح الخصخصة
راجـع: د. محمد الأبرش /د. نبيل مرزوق – الخصخصة آفاقها وأبعادها – مرجع سابق
وأيضاً د. محسن أحمد الخضيري – الخاصخصة ، منهج إقتصادي متكامل لإدارة عمليات
التحول إلى القطاع الخاص على مستوى الإقتصاد القومي والوحدة الإقتصادي – الناشر ،
مكتبة الأنجلو المصرية- 1993م. أ/دة. رجاء ناجي – التخصيص والجهوية : آليات قانونية
لتفعيل تنمية محلية مستديمة - ورقة مقدمة إلى ندوة /دور القطاع الخاص في تنمية
المدن العربية (الأوراق العلمية ) – دمشق – الجمهورية العربية السورية – تنظيم
المعهد العربي لإنماء المدن ص 1 / الهامش.
(2) N.J Smith – ENGINEERING PROJECT MANGMENT –Blackwell Science –
Forth Edition , 2000- U.K P.250.
(3) عبدالرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – العقود الواردة على العمل - المقاولة والوكالة والوديعـة والحراسة -
المجلد السابـع /قسم أول – دار النهضة العربية، القاهرة - ص 289.
(4) د. حفيظة السيد الحداد – العقود المبرمة بين الدول والأشخاص
الأجنبية ، تحديد ماهيتها والنظام القانوني لها – دار الفكر الجامعي – الإسكندرية
2001م - ص 174.
(5)
إتجهت الدول المنتجة لنفط إلى تبني صيغ تعاقية
جديدة مع شركات البترول الكبرى ، وغلب على هذه الصيغ طابع المشاركة وقسمة العائدات
مع الإهتمام بتدريب الكوادر الوطنية وتأهيل الشركات الوطنية التي إستحدثتها هذه
الدول حيث كانت بدايات هذا التحول مع الخلاف الذي نشب بين إيران والشركة الأنجلو –
إيرانية Anglo-Persian
والذي بلغ ذروته سنة 1932م وبعد
تدخل من جهات دولية توصل الطرفين إلى صيغة مرضية لهما تمت بموجبها زيادة مدخول
الحكومة الإيرانية من عائدات النفط ومن ثم قامت السعودية بتعديل عقودها مع الشركات
التي كانت تعمل في أراضيها مثل Pacific Westren و Aramco وقد لعبت التطورات الإقتصادية والسياسية على
مستوى العالم دوراً في إنصراف الدول المنتجة للبترول عن صيغة الإمتياز إلى أشكال
التعاقد الجديدة – لمزيد من التفصيل أنظر: حفيظة السيد _ مرجع سابق ص 176 وما
بعدها.
(6) د. صالح بن عبدالله بن عطاف العوفي – المبادئ القانونية في
صياغة عقود التجارة الدولية – مركز البحوث والدراسات الإدارية – معهد الإدارة
العامة – الرياض 1419هـ 1998م.
(7) د. أحمد عبدالرازق خليفة السعيدان – القانون والسيادة وإمتيازات
النفط (مقارنة بالشريعة الإسلامية) مركز دراسات الوحدة العربية /بيروت – الطبعة
الثانية يناير 1997م – ص 28 .
(8) عبدالرزاق السنهوري – مرجع سابق - ص 278.
(9) د. حفيظة السيد الحداد – مرجع سابق – ص 70.
(10) إن المصطلحات التي أفرزتها التطورات المتسارعة في العلاقات
الدولية مازالت محل نقاش وجدل المختصين وبالتالي لا يوجد تعريف محدد متفق عليه ،
وفي هذا السياق يمكننا إعتماد تعريف "جورج لودج" للعولمة بأنها "
هي العملية التي من خلالها تصبح شعوب العالم متصلة ببعضها في كل أوجه حياتها
،ثقافياً وسياسياً وتقانياً وبيئياً "، جورج لودج –إدارة العولمة – عرض
د. محمد رؤوف حامد – كراسات عروض – سلسلة
غير دورية تصدرها المكتبة الأكاديمية/القاهرة 1999م ص 12.
(11) الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جده – مقومات وشروط إنشاء
شركات إستثمار كبرى لإقامة وتمويل المشاريع الحكومية وفق صيغة "البناء
والتشغيل فالتحويل" (BOT) - ورقة
مقدمة إلى ندوة الإستثمار في المشاريع الحكومية بعقود الإنماء للبناء والتشغيل
والتحويل – الحرس الوطني بالقطاع الغربي –
جده- 12 أبريل 2000م.
(12) د. فهد بن صالح السلطان – برنامج تخصيص الأنشطة البلدية بوزارة
الشئون البلدية والقروية(المملكة العربية السعودية) – ورقة مقدمة إلى ندوة /دور
القطاع الخاص في تنمية المدن العربية (التجارب ) – دمشـق – الجمهورية العربية
السـورية – تنظيم المعهد العربي لإنماء المدن ص 6.
(13) عبدالرزاق السنهوري – مرجع سابق ص 284.
(14) د. فهد بن صالح السلطان – مرجع سابق ص 3.
(15) أسامة محمد مكي الكردي - تجربة القطاع الخاص السعودي في مجال
الإستثمارات البلدية – ورقة مقدمة إلى
ندوة دور القطاع الخاص في تنمية المدن العربية (التجارب ) – دمشق – الجمهورية العربية السورية
– تنظيم المعهد العربي لإنماء المدن ص 24/25) .
(16) N.J Smith – Ibid, P.250.
(17) دكتور/ عوض شفيق عوض -الخصخصة – طباعة أبناء رياض سلامة ، وابور المياه ، الإسكندرية ، 2000م ص 23 .
(18)
دليل (الأونسيترال) التشريعي بشأن مشاريع البنية
التحتية الممولة من القطاع الخاص – إعداد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري
الدولي (الأونسيترال)- الأمم المتحدة ، نيويورك 2001م ص 6و7.
(19) د. محمد الأبرش /د. نبيل مرزوق – الخصخصة آفاقها وأبعادها – دار
الفكر – دمشق ، سورية – الطبعة الأولى 1420هـ = 1999م - ص 42.
(20) دكتور/ عوض شفيق عوض – مرجع سابق - ص 20.
(21) دليل (الأونسيترال) التشريعي بشأن مشاريع البنية التحتية
الممولة من القطاع الخاص – مرجع سابق ص 4.
(22)
قوانين السودان – المجلد التاسع – قوانين مناخ
الإستثمار – الطبعة السادسة 1993م - مطبعة جامعة الخرطوم ص 815.
(23) دليل (الأونسيترال) التشريعي بشأن مشاريع البنية التحتية
الممولة من القطاع الخاص - مرجع سابق – ص 221 وما بعدها.
(24) أصدرت المملكة المغربية الظهير 39/89 بتاريخ 11/4/1990م
والمتعلق بالخصخصة ، وكذلك أصـدرت جمهورية السـودان "قانون التصرف في مرافق
القطاع العام لسنة 1990م الصادر بتاريخ 6/8/1990م .
(25)
أ. د. محمد حامـد عبدالله – التأثيرات المتوقعة
على إقتصاديات المدن بعد قيام منظمة التجارة الدولية – ورقة مقدمة إلى ندوة /دور
القطاع الخاص في تنمية المدن العربية (الأوراق العلمية ) – دمشق – الجمهورية
العربية السورية – تنظيم المعهد العربي لإنماء المدن ص 54 وما بعدها.
(26) إهتمت المنظمات الدولية المتخصصة في الآونة الأخيرة بهذا النمط
من العقود وأفردت له الدراسات المعمقة والندوات وورش العمل والتقارير ..إلخ ومن
ذلك ما صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO ومنها
على سبيل المثال لا الحصر:
-
Guidelines for Infrastructure
Development through Build-Operate-Transfer (BOT) Projects.- 1996.
-
UNIDO BOT Programme,1996.
-
Report.(Meeting on Guidelines
for the Development, Negotiation and Contracting of Build-Operate-Transfer Projects,1993.
-
International Seminar on
Build-Operate-Turnover (BOT) Project Implementation and Financing Report,1992.
لمزيد من التفصيل راجع: http://www.uindo.org/data/ida
(27) دكتور/ عوض شفيق عوض –الخصخصة – مرجع سابق ص
26"الهامش" وص 39.
(28) أصدرت المملكة العربية السعودية نظاماً لإستثمار رأس المال
الأجنبي بموجب المرسوم الملكي رقم م/1 وتاريخ 05/01/1421هـ وذلك ليحل محل نظام
الإستثمار الأجنبي الذي كان مطبقاً من قبل.
(29) Robert Taylor – International Finance Corporation – BOTs and
Concessions – Presentation to a Symposium on
Investment in Government Projects on BOT Contracts – Jeddah , Saudi
Arabia , April,2000.P195.
(30) تبلغ مساحة سنغافورة 641 كيلومتر مربع بينما تبلغ مساحة مدينة
الرياض 1600 كيلومتر مربع ومساحة مطار الملك خالد الدولي في مدينة الرياض 225
كيلومتر ، راجع: عبدالله العلي النعيم – إدارة المدن الكبرى – تجربة مدينة الرياض –
مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية – الرياض 1410هـ/1994م ص 191 وما بعدها. راجع
أيضاً: www.alriyadh.gov.sa/mattar.asp ، وأيضاً
راجع: www.asp.com.lb
(31)
البنك الإسلامي للتنمية – آلية تمويل المشاريع
الحكومية واتجاهات المستقبل - ورقة مقدمة إلى ندوة الإستثمار في المشاريع الحكومية
بعقود الإنماء للبناء والتشغيل والتحويل – الحرس الوطني بالقطاع الغربي – جده – 12 أبريل 2000م – ص 83.
(32) بالإضافة للدراسات المتخصصة التي أعدتها اليونيدو والتي أشرنا
لها بتفصيل في الهامش رقم (26) ، هنالك أيضاً : دليل الإونسيترال التشريعي بشأن
مشاريع البنية التحتية الممولة من القطاع الخاص والذي أعدته لجنة الأمم المتحدة
لقانون التجاري الدولي (الإونسيترال) والذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة – نيويورك
2001م .
(33) البنك الإسلامي للتنمية – آلية تمويل المشاريع الحكومية
واتجاهات المستقبل – مرجع سابق- ص84 وما بعدها.
(34) محمد حلمي الشرقاوي ومحمد خليل مصطفى- دور المقاولات العربية في
مشاريع الإنشاء التمويلي (البوت) – ورقة مقدمة لندوة دور المقاولات العربية في
مشاريع الإنماء التمويلي B.O.T – بيروت- نوفمبر 2000م – ص 7 وما بعدها.
(35)
في هذا السياق تقول لجنة الأمم المتحدة للقانون
التجاري الدولي في معرض إستعراضها لهياكل ومصادر تمويل مشاريع البنية التحتية
بنظام "البوت" أن " المؤسسات المالية الإسلامية هي فئة أخرى من
فئات مقدمي رؤوس الأموال المحتملين . وتعمل هذه المؤسسات بمقتضى قواعد وممارسات
مستمدة من الشريعة الإسلامية. وتمثل واحدة من أبرز سمات الأنشطة المصرفية بمقتضى
هذه القواعد في عدم وجود فوائد تدفع على المال ، أو فرض حدود صارمة على حق إقتضاء فوائد ، وهو ما يعني بالتالي إقرار
أشكال أخرى من العوض المجزي على الأموال المقترضة ، كالتشارك في الربح أو المشاركة
المباشرة من جانب المؤسسات المالية الإسلامية ، نتيجة لأساليب عملها ، أكثر من
المصارف التجارية الأخرى ميلاً إلى النظر في المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في
أسهم المشروع" أنظر: دليل
(الأونسيترال) التشريعي بشأن مشاريع البنية التحتية الممولة من القطاع الخاص -
مرجع سابق – ص 21.
المصادر:
أولاً: المراجع العربية:
(أ)
القوانين:
1-
قوانين السودان – المجلد التاسع
– قوانين مناخ الإستثمار – الطبعة السادسة - مطبعة جامعة الخرطوم – 1993م.
2-
جريدة أم القرى – العدد 3792
بتاريخ 1 صفر 1421هـ (وهي الجريدة الرسمية "الغازيتة" في المملكة
العربية).
(أ) الكتب:
(1) د. أحمد عبدالرازق خليفة السعيدان– القانون والسيادة وإمتيازات
النفط (مقارنة بالشريعة الإسلامية) مركز دراسات الوحدة العربية /بيروت – الطبعة
الثانية يناير 1997م .
(2)
جورج لودج –إدارة العولمة – عرض
د. محمد رؤوف حامد – كراسات عروض – سلسلة
غير دورية تصدرها المكتبة الأكاديمية/القاهرة 1999م.
(3) د. حفيظة السيد الحداد – العقود المبرمة بين الدول والأشخاص
الأجنبية ، تحديد ماهيتها والنظام القانوني لها – دار الفكر الجامعي – الإسكندرية
2001م .
(4) د. محسن أحمد الخضيري –
الخاصخصة ، منهج إقتصادي متكامل لإدارة عمليات التحول إلى القطاع الخاص على مسـتوى
الإقتصاد القومي والوحدة الإقتصادي – الناشر ، مكتبة الأنجلو المصرية- 1993م.
(5) د. محمد الأبرش /د. نبيل مرزوق – الخصخصة آفاقها وأبعادها – دار
الفكر – دمشق - سورية – الطبعة الأولى 1420هـ = 1999م .
(6) عبدالرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني الجديد
– العقود الواردة على العمل - المقاولة والوكالة والوديعة والحراسة -
المجلد السابع /قسم أول – دار النهضة العربية،القاهرة .
(7)
عبدالله العلي النعيم – إدارة
المدن الكبرى – تجربة مدينة الرياض – مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية – الرياض
1410هـ/1994م ص 191 وما بعدها.
(8)
دكتور/ عوض شفيق عوض – الخصخصة
– طباعة أبناء رياض سلامة ، وابور المياه، الإسكندرية ، 2000م .
(9) د. صالح بن عبدالله بن عطاف العوفي – المبادئ القانونية في
صياغة عقود التجارة الدولية – مركز البحوث والدراسات الإدارية – معهد الإدارة
العامة – الرياض 1419هـ 1998م.
(10)
هيئة الأمم المتحدة- دليل (الأونسيترال) التشريعي بشأن مشاريع البنية
التحتية الممولة من القطاع الخاص – إعداد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري
الدولي (الأونسيترال)- الأمم المتحدة ، نيويورك 2001م (النص العربي) .
(ب)
الندوات:
1- مجموعة أوراق عمل مقدمة إلى: ندوة الإستثمار في المشاريع الحكومية
بعقود الإنماء للبناء والتشغيل والتحويل– الحرس الوطني بالقطاع الغربي – جده- 12 أبريل 2000م.
2-
أوراق عمل مقدمة ندوة /دور القطاع الخاص في تنمية المدن العربية -
من جزئين (أوراق العمل والتجارب ) – دمشق – الجمهورية العربية السورية – تنظيم
المعهد العربي لإنماء المدن .
3- أوراق عمل مقدمة إلى ندوة/ دور المقاولات العربية في مشاريع
الإنشاء التمويلي B.O.T – بيروت 8-11 نوفمبر 2000م.
ثانياً: المراجع الأجنبية:
(1) N.J Smith – ENGINEERING PROJECT MANGMENT –Blackwell Science –
Forth Edition , 2000- U.K .
(2) Robert Taylor – International
Finance Corporation – BOTs and Concessions – Presentation to a Symposium
on Investment in Government Projects on
BOT Contracts – Jeddah , Saudi Arabia , April,2000.
ثالثاً: مواقع ذات صلة بالبحث على شبكة
الإنترنت:
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم