التجارة الالكترونية من منظور إسلامى
التجارة
الالكترونية من منظور إسلامى
ورقة
عمل مقدمه من
الأستاذ
الدكتور محمد عبد الحليم عمر
مدير
المركز
إلى
الحلقة
النقاشية الخامسة عشرة
المنعقده
بمركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامى
السبت:
18 ذو القعدة 1420هـ الموافق: 26/2/2000م
إن
الحلقات النقاشيه التى يعقدها المركز تمثل مجلس علم لاستفادة الحضور من تلاقى
الأفكار وإفادة الغير بنتائج الحلقة التى تطبع إما في كتاب مستقل أو بمجلة المركز.
وجريا
على الأسلوب المتبع في الحلقات النقاشية التى يعقدها المركز دوريا فإنه تعدّ ورقة
عمل تتناول الجوانب العامه للموضوع محل المناقشة التى يتم تناولها في الحلقة من
السادة العلماء الحضور بالدراسة والحوار الذى يهدف إلى تجلية الموضوع من جميع
جوانبه.
وهذه
الورقة أعدت حول موضوع:
{ التجارة الالكترونية من منظور إسلامى }
التى تعتبر أحد إفرازات ثورة التكنولوجيا ومن
أدوات العولمة، وتدور التجارة الالكترونية في شكل مبسط حول أسلوب اتمام الصفقات
التجارية عن بعد من خلال الاتصال غير المباشر بين طرفى الصفقة بواسطة الانترنت،
وهو أسلوب بدا يتزايد استخدامه في التجارة المحلية والدولية مصاحبا بتطورات
تكنولوجية متلاحقه وسريعة في كيفية تنفيذه وانتشاره، ومن المعروف أن التجارة بشكل
عام تحتاج إلى بيئة قانونية ملائمة من أجل حفظ الحقوق والممتلكات الخاصة وسعيا نحو
تحقيق الكفاءة الاقتصادية والتقدم الاقتصادى، ونظرا لأن جزءا كبيرا من التجارة
الالكترونية يتم دوليا، فإن المنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية وكذا
المنظمات العالمية مثل منظمة Unicitral تبذل جهودا مستمرة من أجل إيجاد صيغة فنية وقانونية للتجارة
الالكترونية، نظرا لأن القوانين القائمة والتشريعات الخاصة بالصفقات التجارية
وأسلوب تنظيمها ليست ملائمة للتجارة الالكترونية، هذا فضلا على أن كون التجارة
الالكترونية نشأت وتزايدت في الدول المتقدمة والتى تستأثر بالدراسات الخاصة بوضع
النظم والتشريعات الخاصة بها، جعل مشاركة الدول النامية تكاد لا تذكر في هذا
المجال والتى إن لم تستدرك الأمر ستتركز تبعيتها للدول المتقدمة وربما تؤثر هذه
التشريعات على بيئتها الثقافية.
هذا
ولما كان الإسلام قد جاء بنظم واجراءات مميزة للمعاملات المالية خاصة البيع وما
يرتبط به، وأنه يجب على المسلمين اتباع ذلك في معاملاتهم، لذلك كان عقد هذه الحلقة
التى نحاول فيها أن نقدم ما جاء به الإسلام من أحكام وتوجيهات يمكن أن تساهم في
إيجاد البيئة القانونية والتنظيمية للتجارة الالكترونية من أجل أن يلتزم بها
المسلمون في تعاملهم بهذه الوسيلة ومن أجل توفير المعلومات التى يمكن للجهات
المسئولة أن تستخدمها للمشاركه مع المنظمات العالمية في وضع التشريعات والنظم لهذا
الأسلوب لترشيده والحد من مشكلاته وتعظيم الاستفادة منه.
وهذه
الورقة تركز على النقاط العامة التى تمثل أساساً للمناقشة ولذا فإنها تحتوى على
مايلى:
القسم الأول: التعريف بالتجارة الالكترونية:
أولاً:
التعريف بالانترنت.
ثانياً:
التجارة الالكترونية.
القسم الثاني: الجوانب الشرعية للتجارة
الالكترونية:
أولاً:
التجارة الالكترونية في الميزان العام للشريعة الإسلامية.
ثانياً:
التجارة الالكترونية في ميزان القواعد الشرعية العامة للمعاملات المالية
ثالثاً:
التجارة الالكترونية في ميزان نظرية العقود الإسلامية
القسم
الأولالتعريف
بالتجارة الالكترونية
إذا
كانت التجارة الالكترونية تدور حول عقد الصفقات التجارية عن بعد بواسطة الوسائل
التكنولوجيه فإنه يمكن أن يدخل فيها التعاقد من خلال الانترنت والفاكس والتلفزيون،
ولكن نظرا لانتشار واستخدام الانترنت بصورة أكثر ولأنه توجد بها امكانية التسليم
الالكترونى للخدمات المباعه، فإنه إذا اطلقت التجارة الالكترونية يقصد بها التجارة
على الانترنت وبواسطته([1])،
ومن أجل ذلك سوف نبدأ هذا القسم من الورقة بالتعرف على الانترنت ثم نتناول التعرف
على التجارة الالكترونية، وذلك في الفقرات التالية:
أولا: التعريف بالانترنت: ونتناول فيه ما يلى:
أ- ما هو الانترنت؟!
إن الاجابة على ذلك تقتضى العودة إلى
البداية وهى إعداد وزارة الدفاع الأمريكية في الستينات لسلسلة من الوصلات بين
الحاسبات الالكترونية الخاصة بها لنقل المعلومات بأمان ومرونه، (فـي شبكة موحدة
سميت الأربانت ARPANET) ثم انتقل الأمر إلى الأكاديميين الذين رأوا استخدام هذا الأسلوب
لاتصالهم ببعضهم من خلال الحاسبات لتبادل الأفكار والابحاث، وبالتالى فالمعنى
الأولى للانترنت هو وجود اتصال بين مجموعة من الحاسبات الالكترونية (الكمبيوتر) من
خلال شبكة اتصال متعددة يطلق عليها Network أى وسيط لنقل المعلومات،
إلى أن مر حوالى عشرين سنة وتطور استخدام هذه الشبكات على نطاق واسع وأصبحت هناك شبكات
محلية متصلة بشبكات في دول اخرى ويطلق على الجميع الشبكة العالمية (الانترنت)
يشترك فيها ملايين البشر من خلال حواسبهم بواسطة خطوط التليفون أو القمر الصناعى
أو الميكروويف، وأصبح الأمر لا يقتصر على مجرد شبكة محدودة أو محلية والتى تعتمد
على المعلومات المتوفرة على البرامج الموجودة في الأجهزة المتصلة بالشبكة.
ونخرج
من ذلك إلى أن الانترنت اصطلاح يطلق على شبكة المعلومات العالمية التى يشارك فيها
المنظمات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأفراد الذين قرروا السماح للآخرين
بالاتصال بحواسبهم ومشاركتهم المعلومات وفي المقابل لذلك إمكان استعمال معلومات
الآخرين، مع العلم أنه لا يوجد مالك حصرى للانترنت، وأقرب ما يوصف بالهيئة الحاكمة
للانترنت هو العديد من المنظمات غير الهادفه للربح مثل جمعية الانترنت، والفريق
الهندسى المساند للانترنت([2]).
ب- وظيفة الانترنت: توجد ثلاث وظائف للانترنت هى:
1-
الاتصال أو البريد الالكترونى e-mail والذى من خلاله يمكن إرسال الرسائل إلى أى شخص في العالم من خلال
شبكة الانترنت، مادام له عنوان مسجل في إحدى هيئات التزويد بخدمة الإنترنت، وكذا
استلام الرسائل من الآخرين، هذا مع مراعاة أن البريد الالكترونى لا يقتصر فقط على
كتابة رسالة على الحاسب، ولكن يمكن أن يتم الاتصال بالمحادثة كما يمكن أن يتم
الاتصال من خلال المناقشات مع مجموعة من الناس أو ما يسمى "الدردشة عن
بعد" وكذا الاجتماعات بين مجموعة من الأفراد وهم في أماكن متباعدة، وتوضح
الاحصاءات أن نسبة استخدام البريد الالكترونى تمثل 85% من اجمالى حركة مرور
المعلومات عبر الانترنت.
2-
جمع المعلومات: تتوافر على الانترنت مجموعة كبيرة من المعلومات تغطى مواضيع متعددة
بأشكال مختلفة مثل محتويات المكتبات العامة ومعلومات عن السلع والأسواق والشركات
والاحصاءات الرسمية، واللوحات الفنية وبرامج الكمبيوتر والأنشطة الفنية وكل ما تود
معرفته في شتى المجالات، وهذه المعلومات قد تتوافر متكاملة وبما يمكن نقل ملفاتها
مجانا، كما قد تكون في صورة عناوين، وبعضها قد يظهر لك لفترة قصيرة ثم يختفى، هذا
مع مراعاة انه يمكنك الوصول إلى المعلومات التى يريد الآخرون المشتركون في
الانترنت عرضها.
3-
التسويق أو التجارة: حيث يمكن تسويق أى شئ على الانترنت من السلع والخدمات المالية
وغير المالية وهو يمثل عملية التجارة الالكترونية التى سنتناولها تفصيلا فيما بعد.
وتتعدد
المجالات التى تدخل في نطاق الخدمات السابقة فيما يطلق عليها موارد شبكة الانترنت
وتوجد قوائم لهذه الموارد([3])
تشمل المجالات والمؤسسات التى تقدمها في صورة شبكات يمكن من خلال الاشتراك بها
الحصول على الخدمات المتوفرة لديها حيث توجد عدة شبكات لكل من الشئون المالية
وشركات الحاسبات الكبرى والصغرى والمؤسسات والشركات الكبرى واحصاءات الأعمال
والمعلومات المتعلقة بالأعمال الخاصة، ثم مجالات اللهو والتسلية والرياضة
والموسيقى، والأحداث المعاصرة، والقطاع الحكومى ودليل الدليل ثم القانون والتعليم
والمتاحف والولايات والمدن والسياحة، وكل مؤسسة لها موقع واعلان على الانترنت.
جـ- كيف يمكن الاشتراك في الانترنت واستخدامه؟
1-
كيفية الاشتراك في الانترنت: يوجد وسيلتين رئسيتين للوصول إلى الانترنت هما:
الوسيلة
الأولى: "الاتصال الكامل أو الاتصال المباشر" على شبكة الانترنت
العالمية وهى وإن كانت الأفضل إلا أنها مكلفة حيث تحتاج إلى دائرة لتكنولوجيا
المعلومات ووصلة كاملة (خط) بالانترنت وحاسب مقلم server، ومسيرّ Router، وجدار نارى Firewall ولقد بدأ الأنترنت في مصر عام 1993م من خلال موقعين لهما اتصال
مباشر، هما المجلس الأعلى للجامعات، والموقع الثانى هو مركز معلومات مجلس الوزراء
بالاشتراك مع مركز هندسة وتكنولوجيا المعلومات، ويمثلان الشبكة المصرية
المحلية للانترنت، ولا يمكن لأى جهة
الدخول المباشر على الشبكة العالمية إلا بموافقة مركز معلومات مجلس الوزراء، والآن
توجد شركات تجارية عديدة للأنترنت يمكن الاشتراك من خلالها في الشبكة العالمية.
الوسيلة
الثانية: الوصول الهاتفى أو غير المباشر على الانترنت، وذلك من خلال إحدى
الجهات التى لها اتصال كامل ومباشر على الشبكة العالمية، وهنا يحتاج الأمر إلى
الآتى:
-
حاسب (كمبيوتر شخصى)
-
خط تليفونى.
-
مودم بمواصفات خاصة.
-
برنامج خاص بالوصول إلى الانترنت Internt Access
-
اشتراك أو حساب لدى إحدى المؤسسات التى لها اتصال كامل بالشبكة العالمية وهو عبارة
عن مبلغ دوريا (كل شهر أو كل سنة)، أو عن طريق الكارت المدفوع مقدماً لعدد من
ساعات الإتصال.
وبعد
ذلك يمكن لك إنشاء صندوق بريد إلكترونى ويعطى عنوانا معينا يتكون من ثلاث مقاطع
هى:
المجال اسم الشركة @ اسم المستخدم
مثال: مركز صالح عبد اللَّه كامل مشترك بأسلوب
الاتصال غير المباشر عن طريق إحدى الشركات ومجال عمله الاقتصاد، وبالتالى عنوانه
البريدى على الانترنت هو:
SAKCegypt @ Netcape Net
المجال اسم الشركه اسم
المركز
2- استخدام الانترنت: بعد أن تتصل بشبكة الانترنت يمكنك استخدام
الانترنت من خلال حاسبك الشخصى إما بالتفتيش في قواعد البيانات (تلنت Telent) أو نقل الملفات من حاسب إلى آخر (بروتوكول نقل الملفات FTP) أو استعمال شبكة الوب العالمية (World wide web “WWW”) أو ادوات التفتيش، أو
خريطة الانترنت.
هذا
هو الانترنت أداة التجارة الالكترونية، فكيف تتم هذه التجارة من خلاله؟
هذا ما سنتعرف عليه في الفقرة التالية.
ثانيا: التجارة الالكترونية: (أو التجارة من خلال
الانترنت):
أ- مفهوم وأهمية التجارة الالكترونية:
من
المعروف أن السوق بمعناها الاقتصادى المعاصر لم تعد تقتصر على النطاق الجغرافى
الذى يلتقى فيه البائعون والمشترون، وإنما هى تعبر عن مختلف الاجراءات والطرق التى
يتم بها اتصال البائعين والمشترين وتنفيذ الصفقات التجارية فيما بينهم، وفي إطار
هذا المعنى إن التجارة الالكترونية هى الأساليب والاجراءات التى تتم من خلال
الانترنت للاتصال بين البائعين والمشترين وتنفيذ الصفقات التجارية مع بعضهم.
وإذا كانتت العمليات التجارية تقوم على
العرض من جانب البائعين والطلب من جانب المشترين، فإن ذلك يتم من خلال الانترنت عن
طريق استئجار الشركات التجارية موقعا على الانترنت وعرض منتجاتها وكل ما يتعلق بها
فيما يعرف بالتسويق عبر الانترنت والذى بدأته شركات عديدة في العالم خاصة منذ قيام
شبكة الوب العالمية (WWW) التى سهلت على الشركات تأليف وعرض المواد الاعلانية والدعائية،
ومن جانب آخر فإنه من خلال شبكة الوب أمكن للمستهلكين التوجه إلى موقع محدد للبحث
عن السلع والخدمات التى يرغبون الحصول عليها وذلك باستخدام الماوس على الكمبيوتر
الشخصى أو المحمول، وطبقا لخطوات معينة من السهل التعرف عليها ويمكن للعميل التعرف
على كل خصائص السلعة أو الخدمة من خلال استعراض البيانات الخاصة بها أو رؤية صورها
على شاشة الكمبيوتر ثم يصدر أمرا ببدء عملية البيع حيث يظهر أمامه على الشاشة
قائمة يدون بها بعض المعلومات التعريفية به، وهنا تظهر قائمة أو فاتورة البيع
والثمن وباستخدام وسائل الدفع الالكترونى بواسطة الانترنت فأنه تتم المصادقة على
تسليم السلعة أو الخدمة.
والتجارة
الالكترونية وإن كانت حديثة النشأة إلا أنها حققت قفزات هائلة حيث يقدر عدد من
يستخدمون الانترنت أكثر من 300 مليون مستخدم منهم حوالى 100 مليون في الولايات
المتحدة وهذا العدد يزيد بمقدار مليون مستخدم كل شهر ويتوقع أن يصل عدد المستخدمين
للانترنت عام 2003 إلى أكثر من مليار مستخدم وخاصة بعد ظهور شبكة المعلومات فائقة
السرعة (سوبر انترنت Super
Internet) ويصل حجم التجارة التى تتم بواسطة الانترنت حالياً حوالى 50
مليار دولار، وإذا كانت التجارة الالكترونية تجد رواجا في الدول المتقدمة فإنها
مازالت في بداياتها في الدول النامية، فعلى سبيل المثال فإن مصر دخلت عصر الانترنت
عام 1993 بموقعين هما المجلس الأعلى للجامعات ومركز معلومات مجلس الوزراء من خلال
خط اتصال مباشر مع فرنسا أولا، ثم تم إضافة خط اتصال مباشر آخر من مركز معلومات
مجلس الوزراء إلى أمريكا، كما سمح لشركات الشبكات بالدخول المباشر ووجد عدد منها،
وبالتالى يمكن لأى شخص أو جهة بدلا من الدخول المباشر الذى يحتاج إلى تكلفة عالية
أن يشترك في الانترنت من خلال الجهات التى لديها اتصال مباشر.
ب- مجالات وأنواع الصفقات الالكترونية التى تتم
من خلال الانترنت:
لقد
سبق القول إن الانترنت يقوم بوظائف ثلاث هى: البريد الالكترونى، وجمع المعلومات،
ثم التسويق. وأنه بداية لكى يتمكن المستخدم من الحصول على هذه الخدمات فإنه يدفع
تكاليف الاشتراك والاتصال (وهى زهيدة)، ثم بعد ذلك يمكنه الاستفادة من الخدمات
المترتبة على هذا الاشتراك وهى كل من البريد الالكترونى وجمع المعلومات المتاحة
دون أن يدفع مقابلها كل مرة سوى تكلفة الاتصال التليفونى باعتبارها مكالمات محلية
رغم أنها تتم عالميا.
ومن
هذا العرض يمكن القول إنه توجد أنواع من الصفقات يمكن استخدامها للتجارة
الالكترونية في مجالات متعددة نوضحها فيما يلى([4]):
1- أنواع الصفقات:
إذا
كانت التجارة الالكترونية تساعد على اتمام الصفقات دون حاجة لانتقال الطرفين
والتقائهما في مكان معين، فإن هذه العلاقة بين الطرفين تتم في صورة صفقات معينة
هى:
-
تقديم والحصول على خدمات الانترنت نفسها فالشركة التى تسوق خدمات الانترنت عن طريق
توصيل الآخرين بشبكة المعلومات العالمية تبيع هذه الخدمة للراغبين في الحصول عليها
مقابل اشتراك معين (وهو زهيد في العادة).
-
التعاقد والتسليم الالكترونى، وذلك في حالة الخدمات مثل الاستشارات المالية
والقانونية والطبية.
-
استخدام الانترنت كقناة توزيع يتم من خلالها تسويق السلع بالاعلان عنها ثم تلقى
طلبات الشراء والتعاقد بين الطرفين على أن يتم التسليم للسلع المادية بطريقة
مباشرة وفي شكل غير الكترونى.
-
ومن أهم تطبيقات الإنترنت المقارنة بين الأسعار الخاصة بكل سلعة ومواصفاتها بحيث
يستطيع المشترى الحصول على أحسن السلع وأفضل الأسعار والشروط.
2- مجالات التجارة الالكترونية:
وبتطبيق
هذه الأنواع من الصفقات على مجال التجارة الالكترونية يمكن التمييز بين نوعين
رئسيين منها هما:
المجال
الأول: التجارة في الخدمات: وهى المنافع غير الملموسه التى يجرى التعاقد
عليها من خلال الانترنت ويمكن التمييز فيها بحسب كيفية إتمام الصفقة بين الأنواع
التالية:
النوع
الأول: وهى الخدمات التي يتم التعاقد عليها وتنفيذ إجراءات تسليم الخدمة
وتسلم ثمنها عنها إلكترونيا من خلال الإنترنت، منها الخدمات المصرفية مثل
التحويلات للأموال والدفع الإلكتروني، والخدمات المالية المتعلقة باستثمار وإدارة
الأموال مثل التبادل المادي للنقد، والاستثمار في الأوراق المالية ثم الخدمات
المتخصصة مثل الاستشارات الطبية والقانونية، وخدمات التعليم، والخدمات المحاسبية،
وخدمات برامج الكمبيوتر.
النوع
الثاني: الخدمات التي يتم التعاقد عليها على الإنترنت، ولكنها لا تسلم
إلكترونيا مثل حجز تذاكر السفر وحجز الفنادق وإن كان دفع ثمنها يتم إلكترونيا.
المجال
الثاني: التجارة في السلع: وهذه يتم التعاقد عليها من خلال الإنترنت ويتم
دفع الثمن أيضا إلكترونيا، ولكن تسليم السلعة يتم من خلال شحن البائع السلع للعميل
عن طريق البريد الدولي السريع لتصله فيما بعد، وهذه تشمل جميع أنواع السلع خاصة
الاستهلاكية وغيرها مثل الكتب والملابس والزهور والأدوية والمفروشات والأجهزة الكهربائية
المنزلية وغير المنزلية.
جـ- أسلوب وإجراءات التنفيذ في التجارة الإلكترونية:
إن
خطوات العمل في التجارة الإلكترونية تبدأ بعد اختيار مستخدم الإنترنت للسلعة أو
الخدمة حسب البيانات المتوفرة عنها على شاشة الحاسب وذلك بعد المقارنة مع السلع
المنافسة وتتمثل في كل من التعاقد ودفع الثمن وتسلم السلعة أو الخدمة ويتم ذلك من
خلال الأساليب والإجراءات التالية:
1- بالنسبة للتعاقد فهو يتم إلكترونيا بتسجيل
المستخدم أو المشترى بياناته على الكمبيوتر الشخصي وفق قائمة تتضمن معلومات أساسية
عنه وعن السلعة أو الخدمة المتوفرة والمطلوبة ثم وضع بيانات بطاقة الائتمان الخاصة
به، وبإدخال هذه البيانات والتي تمثل الإيجاب في العقد ترسل إلكترونيا من خلال
الشبكة إلى البائع، ثم تظهر أمام المستخدم على شاشة حاسبه فاتورة البيع ويبدأ في
تلقى الخدمة المطلوبة إلكترونيا، أو يظهر له مستند شحنها على الشاشة فيقوم بطبعه
على الطابعة المتصلة بحاسبه كمستند لتسلم البضاعة عند ورودها إليه.
2- بالنسبة لدفع الثمن: تتم عملية دفع الثمن في
التجارة الإلكترونية من خلال الإنترنت ذاتها وذلك بأسلوبين هما:
الأسلوب الأول: استخدام بطاقات
الائتمان (فيزا أو ماستركارد أو غيرها من بطاقات الإئتمان) حيث يدخل المستخدم
المشترى بيانات بطاقته الائتمانية للحاسب فترسل إلى البائع الذي يتأكد من سلامة
البطاقة وكفاية رصيدها بالاتصال إلكترونيا بالبنك المصدر لها أيا كان موقعه، وبعد
تسليم الخدمة أو إرسال فاتورة البيع ترسل منها صورة إلى بنك البائع الذي يتولى
تحصيل القيمة وتعليتها على حسابه لديه([5])،
ومن الجدير بالإشارة إلى أنه تعمل عدة شركات عالمية على تطوير نظم الدفع
الإلكتروني بواسطة الإنترنت وباستخدام بطاقات الائتمان منها شركة مايكروسوفت التى
تعمل مع شركة فيزا لصياغة نظام آمن للدفع بواسطة بطاقات الائتمان المصرفية، وعرض
منتجات آمنة لزبائن شركة نت سكيب Netscape يسمى Netscape Commerce Server لوضع رقم بطاقة الائتمان
المصرفية فى الحاسب.
الأسلوب
الثاني: وهو
الدفع بالنقود أو العملة الإلكترونية ويطلق عليها e- cach cyber cach ويتم الحصول عليها وتخزينها على الحاسب الشخصي
(كخزانه) وعند الشراء يتم تحويلها إلكترونيا من حاسبك إلى البائع، وهذا نظام وإن
كان بدأ استخدامه بالفعل إلا أنه مازال في مراحله الأولى بينما ينتشر استخدام
بطاقات الائتمان المصرفية بصورة أكثر شيوعا، ومن المجهودات التي تذكر في مجال إصدار
العملة الإلكترونية ما تقوم به شركة سيتكورب Citecorp على صياغة نظام نقدي إلكتروني على شكل نقود
إلكترونية يمكن للمصارف إصدارها، كما يعمل بنك ناشنونال وستمنستر، وبنك ميد لاندرز
في بريطانيا على تحميل النقد الإلكتروني فى بطاقات ائتمان خاصة تستعمل عند أطراف البيع.
3- تسليم السلعة أو الخدمة: كما سبق القول إنه توجد
خدمات تسلم إلكترونيا في صورة معلومات تظهر على الشاشة أمام المشترى، وهناك خدمات
لابد أن ينتقل المشترى لاستلامها مثل خدمة النقل الجوى والخدمات الفندقية، إذ بعد
أن يتعاقد ويدفع الثمن إلكترونيا يذهب للحصول على الخدمة بالسفر أو المبيت.
هذا بإيجاز نظام التجارة الإلكترونية بصفقاته
ومجالاته وأساليبه وإجراءاته وحيث أن الحكم على الشئ لابد أن يستند إلى ما يحققه
من فوائد ومنافع تمثل مزاياه، وما يكتنفه من مشكلات، لذلك سوف ننهى الكلام عن
التجارة الإلكترونية ببيان فوائدها ومشكلاتها في الفقرة التالية قبل أن نتناول
الجوانب الشرعية لها في القسم الثاني من هذه الورقة.
د- مزايا ومشكلات التجارة الإلكترونية:
يمكن تلخيص مزايا التجارة الإلكترونية في أنها تتيح الدخول إلى الأسواق الدولية بأسلوب سهل وبسيط ودون تكاليف كبيرة، كما تتيح فرص العرض والإعلان عن السلعة والخدمة، ومن ناحية المستهلك فإن هذا النظام يوفر له الحصول على ما يحتاجه من السلع والخدمات العديدة من أى مكان في العالم ويقارن بينها ليختار الأنسب له وكل ذلك يصب في تيسير وزيادة التجارة الدولية ويحقق ما تقتضيه العولمة من رفع الحواجز في التجارة الدولية.
غير
أنه لحداثة هذا النظام وسرعة تطوره واعتماده على تكنولوجيا معقدة ومتقدمة ومتطورة
لا يستطيع الكثير من الناس فهم أسرارها ومتابعتها، لذلك فإن نظام التجارة
الإلكترونية ينطوى على مشكلات عدة من أهمها ما يلي:
1- مشكلات
مرتبطة بالسيادة الوطنية للدولة والحفاظ على القيم والممتلكات: ومن أهمها عدم قدرة
الدولة على منع المواد غير الأخلاقية في صورة أفلام وصور، والسلع غير المناسبة
دينيا واجتماعيا وأيضا المشاكل المتعلقة بالضرائب خاصة ضريبة الاستهلاك والرسوم
الجمركية، ثم عدم قدرتها على السيطرة على العمليات النقدية التي تتم من خلال
التحويلات، وكذا عدم إمكانية حماية الملكية الفكرية التي تمثل خدمات يمكن تسليمها
إلكترونيا مثل حقوق النشر للمؤلفات والتصميمات وأخيراً فإن عمليات الدفع
الإلكتروني تساعد على جريمة غسيل الأموال دولياً.
2- مشكلات تؤثر على المشترى مثل الغش والاحتيال
والمعلومات المضللة عن السلع والخدمات وكذا مشكلة حق الرجوع في الصفقة خاصة في
حالة تسلم الخدمات إلكترونيا، إلى جانب مشكلة السطو على المنشور إلكترونيا،
وبطاقات الائتمان الخاصة به من خلال الدخلاء.
3- مشكلات تؤثر على البائع والمشترى معا، مثل ما
يقوم به قراصنة الإنترنت بنشر الفيروسات التي تدمر وتغير المعلومات المتبادلة
لإجراء الصفقات والتلاعب في المعلومات بما يضر الشركة البائعة، ثم إن التطور
المتلاحق في تكنولوجيا الإنترنت يرهق كلاهما ماليا وفنيا.
4- مشكلات قانونية وأهمها عدم وجود إطار تشريعي
مناسب لهذا النظام من التجارة، وكذا مشكلة توثيق العمليات التجارية من خلال
التوقيعات والعقود.
وننتهي بذلك إلى تلخيص أهم جوانب التجارة
الإلكترونية وبالقدر الذي يمكن من تناولها إسلاميا في القسم الثاني من هذه الورقة.
القسم
الثاني
الجوانب
الشرعية للتجارة الالكترونية
هذا
القسم هو المقصود بعقد حلقة المناقشة ولذلك لن نتوسع فيه وإنما سنحاول سرد النقاط
الأساسية لما يتصل بالتجارة الالكترونية في الشريعة الإسلامية وطرح ذلك على السادة
العلماء لتوضيح الجوانب التفصيلية للموضوع وسوف يتم تسجيل المناقشات ثم تحريرها
وطبعها مع ورقة العمل هذه فيما بعد.
وفي
تصورنا أن تناول الموضوع من منظور إسلامي يمكن تحديده في الفقرات التالية:
أولاً: التجارة الالكترونية في الميزان العام
للشريعة الإسلامية
ثانياً: التجارة الالكترونية في ميزان القواعد
الشرعية العامة للمعاملات المالية
ثالثاً: التجارة الالكترونية في ميزان نظرية
العقد في الشريعة الإسلامية
وفيما يلى بيان ذلك
أولاً: التجارة الالكترونية في الميزان العام
للشريعة الإسلامية:
من
المعلوم أن مقصود الشريعة الإسلامية هو تحقيق المصالح التى تقوم على جلب المنافع
ودرء المفاسد وأن الشارع الحكيم في تشريعه للأحكام العملية المتعلقة بالمعاملات
اقتصر على وضع الأسس العامة التى لا تختلف باختلاف الزمان والمكان وترك التفصيلات
التى تختلف باختلاف البيئات ليكون الناس
في سعة بالاجتهاد فيها في ضوء الأسس الشرعية العامة بما يؤدى إلى تحقيق المصالح
ولا يخالف نصاً دينياً من قرآن وسنة.
وفي
ضوء هذا التصور والذى يجمع عليه الفقهاء وعلماء الأصول، فإن الإسلام لا يمنع من
الاستفادة بالانترنت في التجارة طالما يتم التعاقد في إطار القواعد الشرعية
العامة، أما ما ينطوى عليه هذا الأسلوب من مشكلات فإنه تبذل جهود عديدة لتلافيها
من الناحية الفنية ويمكن الاستفادة من أحكام الشريعة افسلامية في تلافى هذه
المشكلات خاصة التى تتعلق بحماية المتعاملين من الغش وعدم الصدق في المعاملات
وحماية النظام العام للمجتمع فللإسلام أحكام سديدة وتوجيهات رشيدة حول تحريم هذه
الممارسات ووسائل مواجهتها ونظراً لعدم وضع إطار قانوني للتجارة الالكترونى حتى
الآن، ولأن اتفاقية الجات أوردت 47 استثناء من أحكامها يمكن للدولة أن تتخذها في
تجارتها الدولية حماية للأهداف الأخلاقية والصحية والبيئية والدينية، فإن هذا يتيح
لأى دولة موقعه على الاتفاقية من تبنى إجراءات معينة في ضوء هذه الاستثناءات
لحماية قيمها العامة، لذلك فإنه يمكن وعلى مستوى الدول الإسلامية اتخاذ ما تراه
لحماية القيم الدينية لها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية واستخدام الأساليب
الفنية المتاحة وما تنتجه التطورات التكولوجية مستقبلاً لحماية مواقع الانترنت بها
من الممارسات المخالفة للشريعة الإسلامية.
ثانياً: التجارة الالكترونية في ميزان القواعد
الشرعية العامة للمعاملات المالية:
إنطلاقاً
من مقصود الشريعة الإسلامية في تحقيق المصالح بجلب المنافع ودرء المفاسد،
وباستقراء ما ورد عن المعاملات المالية في الدراسات الفقهية يمكن القول بأن
القواعد الشرعية العامة للمعاملات المالية تتمثل في الآتى:
أ - القواعد المتصلة بجلب المنافع (القواعد
الإيجابية) وهى:
1
- تحقيق المنفعة لطرفى المعاملة، وعلى ذلك فما لامنفعة فيه حساً أو شرعاً لا يجوز أن يكون محلاً
للمعاملات، مثل السلع والخدمات المحرمة شرعاً ومثالها في التجارة الالكترونية
(وغيرها) الخمر والخنزير وكذا المنتجات التى تدخل فيها، ثم الافلام والصور والكتب
التى تحتوى على مواد غير أخلاقية، وللأسف فإن هذه المواد متاحة على الأنترنت ويتم
تسليم بعضها إلكترونياً، والسبيل الوحيد لتلافيها هو الجدار النارى Fire
Wall وهو حاسب موقعه بين الأنترنت من جانب والشبكة المحلية من جانب آخر
ويعمل كأداة لابعاد الدخلاء والمتطفلين ومنع المواد التى تحرمها الشريعة، وقد كان
هذا النظام ممكنا في مصر في ظل وجود موقعين رئيسيين للأنترنت بالمجلس الأعلى
للجامعات ومركز معلومات مجلس الوزراء، أما بعد أن تم التصريح للشركات التجارية
للأنترنت بالاتصال المباشر بالشبكة العالمية، فإن وصول هذه المواد أصبح متاحاً مما
يتطلب معه ضرورة إلزام هذه الشركات بوجود جدار نارى لديها والرقابة على ذلك.
2-
التراض: بمعنى توفر القصد والإرادة والاختيار الكامل لطرفى المعاملة على قدم
المساواة للقيام بالمعاملة من عدمه، ويمكن القول إنه في التجارة الالكترونية يتحقق
هذا التراضى حيث لا يوجد لأى طرف من المتعاملين أية سلطة لاجبار الآخر على إجراء
المعاملة.
3-
المعلومية: بمعنى ضرورة توافر المعلومات الصادقة عن محل المعاملة لكلا الطرفين لكى
يتخذ قراره بالقيام بالمعاملة وهو على علم بآثارها ونتائجها، ويمكن القول إن
التجارة الالكترونية توفر المعلومات الكاملة من السلعة والثمن، غير أن مسألة الصدق
في هذه المعلومات تتعرض له التجارة العادية من احتمال بث معلومات غير صادقة من
جانب التجار أو العملاء كما أن عرض السلع الكترونياً على شاشة الكمبيوتر أقل في
المعلومية من وجدودها في شكل مادى محسوس، ولكن يخفف من ذلك أنه في حالة اكتشاف أى
في مواصفات مخالفة السلعة مادياً عن ماتم بثه على الأنترنت يقوم المستخدم ببث ذلك
على الانترنت فيتعرف عليه الجميع ولا يتعاملون مع من قدم المعلومات المضللة.
4-
العدالة بين طرفي المعاملة ممثلة في توازن المنفعة والعائد من المعاملة وهو أمر
يتحقق في التجارة الالكترونية الذى يتخذ كل طرف قراره بحرية تامة وبما يحقق مصلحته
بشكل يكافئ بين المنفعة والعائد بالنسبة له.
ب- القواعد المتصلة بدرء المفاسد (قواعد سلبية
يجب الامتناع عنها) وهى:
1-
منع الغرر : ويعنى به الجهالة التى ترتبط بالعقد بحيث يكون مجهول العاقبة، أو كل
ما من شأنه أن يجعل المتعاقد لا يدرى أن يحصل على مقصوده من المعاملة أولاً.
والتجارة
الالكترونية لا تنطوى على غرر حيث أنه إذا كان محل المعاملة خدمات تسلم الكترونياً
فإن العملية تتم في نفس المجلس بدفع الثمن بموجب بطاقة الائتمان، ويتم الحصول على
الخدمة على شاشة الكمبيوتر.
وإن
كانت سلعاً مشتراه بناء على المواصفات الظاهرة على الكمبيوتر فإنه في العادة يتم
توصيلها للمشترى في وقت قليل بعد التعاقد.
2-
منع الظلم الذى يقع على أحد المتعاقدين بعدم حصوله على حقه مع الوفاء بالتزاماته
أو حصوله على أقل مما تعاقد عليه صفة أو كمية، وفي التجارة الالكترونية يندر أن
يحدث ذلك، وإن حدث فهو كما يحدث في التجارة العادية، غير أن الأمر الجدير بالذكر
هنا أنه توجد مشكلة حق الرجوع على البائع بعد تسلم الحق ناقصاً وهو ما يجب العمل
على حل هذه المشكلة.
3-
منع الضرر، ويعنى به النهى والامتناع عن كل معاملة يحصل فيها ضرر على أحد
المتعاملين (الضرر الخاص) مثل الضرر الناتج عن المعاملات البربوية، أو يقع فيها
ضرر على المجتمع (الضرر العام) مثل المعاملات التى تنطوى على إضرار بالعقيدة أو
قيم المجتمع وأمنه وتماسكه كالأفلام والصور غير الأخلاقية وبيع المخدرات بأنواعها
والكتب الاباحية التى تمس العقيدة الإسلامية، وللأسف كما سبق القول فإن هذا متاح
على الأنترنت الذى يعتبر إحدى أدوات العولمة لنقل الثقافات وانتشارها.
وأخيراً
فإن كل ما يؤدى إلى المنازعة ويورث الكره والحقد لدى المتعاملين فهو ممنوع شرعاً.
وفي
ضوء هذه القواعد وتطبيقاتها على التجارة الالكترونية يمكن للسادة العلماء في
الحلقة التقرير بمدى موافقتها أو مخالفتها للشريعة، غير أن الأمر الجدير بالذكر
هنا هو أنه إن كانت توجد مخالفات في التجارة الالكترونية لبعض القواعد الشرعية،
فهى مخالفة في المماراسات والتى يمكن أن تحدث في التجارة العادية ويمكن العمل على
تلافيها بالأساليب الفنية والقانونية فهذه المخالفات ليست من طبيعة الأنترنت ذاتها
ولكن من الممارسة.
ثالثاً: التجارة الالكترونية في ميزان نظرية
العقود الإسلامية:
إن
نظرية العقود الإسلامية تنطوى على الضوابط الأساسية التى يتم بها إبرام العقد
وتنفيذه، وهذه الضوابط تتصل بأركان العقد وما يتصل به وفي تطبيقها على التجارة
الالكترونية نجد ما يلى:
أ - بالنسبة لأركان العقد وهى:
1- الركن الأول الصيغة، وهى التعبير عن
إرادة العاقدين في اتمام العقد وتتكون من الايجاب الذى يصدر أولاً ثم القبول الذى
يصدر من الطرف الثاني ثانياً، والصيغة ضرورية في التعاقد لأن الأصل في التجارة
الرضا لقوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ
مِنْكُمْ﴾ والرضا أمر باطنى نفسى فلابد من وجود شيء ظاهر يدل عليه وذلك يكون
بأى تعبير يدل على الرضا وهو الصيغة التى يشترط فيها التوافق بين الإرادتين،
والاتصال، والدلالة والواضحة على الإرادة وحقيقة العقد.
وفي
تطبيق ذلك على التجارة الالكترونية نجد ما يلى:
-
أن الصيغة موجودة في صورة طلب مستخدم الكمبيوتر شراء السلعة وتسجيل ذلك في القائمة
الظاهرة أمامه على شاشة الكمبيوتر وإرسالها إلى البائع الذى يرد بالموافقة
الكترونياً، وهو ما يدخل في باب التعاقد بالرسالة الذى أجازه الفقهاء، ولافرق بين
أن تكون الرسالة على ورق مكتوب وترسل بالبريد العادى، أو ترسل على الأنترنت، وهذا
ما أفتى بجوازه مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجواز التعاقد
بآلات الاتصال الحديثة كالتليفون والفاكس والتلكس وشاشات الكمبيوتر (الأنترنت).
-
إن التوافق كشرط للصيغة متحقق لأن المشترى يطلب شراء السلعة أو الخدمة المعروضة من
التاجر أمامه على شاشة الكمبيوتر والبائع يوافق على طلب المشترى.
-
الاتصال وهو مايعبر عنه باتحاد مجلس العقد، فإنه من حيث النظرة الجغرافية للتجارة
الالكترونية نجد أنه لا يجمع البائع والمشترى مكان واحد، ومع ذلك فإن الفقهاء
قالوا في التعاقد بالرسائل إن مجلس العقد هو مجلس قراءة الرسالة والتى يجب أن يرد
متلقى الرسالة عليها بعد قراءتها حتى يتصل الايجاب بالقبول وهو ما يحدث في
الأنترنت.
-
الدلالة: بمعنى أن تعبر الصيغة عن حقيقة العقد وإن كان الكلام مشافهه هو الذى يدل
دلالة مباشرة وأصلية، إلا أنه يجوز شرعاً إجراء التعاقد بأى وسيلة تدل على رضا
المتعاقدين غير الكلام مثل الكتابة سواء كانت كتابة عادية أو كتابة الكترونية، ولا
يقال هنا إن التعاقد من خلال الأنترنت تنقصه عملية التوثيق لأن تسجيل رغبات
الطرفين ايجاباً وقبولاً على الكمبيوتر المتصل بشبكة الأنترنت يمثل توثيقاً
كتابياً لإمكان الاحتفاظ به وطباعته فيما بعد.
ب- بالنسبة للركن الثاني (العاقدين):
وهما
طرفى المعاملة المشترى والبائع، وأهم ما يشترط فيهما الأهلية خاصة أهلية الأداء،
بمعنى صلاحية الشخص لصدور التصرفات التى ترتب له أو عليه حقوقاً والتزامات، والشيء
الذى يؤخذ على التجارة الالكترونية هنا هو أنه يتاح فيها لناقص الأهلية مثل الصبى
التعاقد من خلالها، ولكن يمكن تدارك ذلك حيث أن من البيانات التى يسجلها المشترى
تاريخ ميلاده وهى ما يمكن الاستفادة به في تقرير عدم التعاقد مع ناقص الأهلية، أما
البائع فهو عادة شركة ذات شخصية معنوية مستقلة وهى معترف بها شرعاً.
والأمر
الجدير بالذكر هنا أنه يوجد دخلاء يسمون قراصنه الأنترنت يمكن أن يقوموا بهتك سرية
البيانات بأساليب فنية ويتعاقدون باسم أصحاب بطاقات الائتمان ويتسلمون هم السلع
والخدمات، وهذا أمر وارد في التجارة العادية.
جـ - بالنسبة للركن الثالث (محل العقد)
أى
المعقود عليه، ويتكون من المبيع - سلعة أو خدمة - والثمن، وهذا قائم في التجارة
الالكترونية، أما شروط المحل ومدى توافرها في التجارة الالكترونية فهى:
*
أن يكون المعقود عليه قابلاً لحكم العقد شرعاً، وهو أن لا يكون محرماً استخدامه
كالخمر والخنزير أو عدم صلاحية بيعه كالأشياء المباحة لعامة الناس، وهذا التزام
على المسلم أن لا يتعامل في هذه الأشياء بيعاً وشراءً حتى وإن كان نظام الانترنت
يتيحها كما سبق القول، هذا مع ضرورة الاشارة إلى أن المعلومات المتاحة مجاناً على
الأنترنت ليست محل تعاقد في التجارة الالكترونية.
*
العلم بالمعقود عليه علماً نافياً للجهالة وهذا الشرط تمت الاشارة إليه في الفقرة
السابقة.
وبذلك
نجد أن التجارة الالكترونية تتوفر لها أركان العقد شرعاً وشروط كل ركن.
ب- بعض الأحكام الشرعية للعقود والتجارة
الالكترونية: ويمكن ايجازها فيما يلى:
1-
مسألة القبض: وتتناول فيها الآتى:
-
التسليم الالكترونى: لقد سبق القول إنه توجد بعض الخدمات يتم تسليمها الكترونياً
ومن أوضح الأمثلة على ذلك قبض البدلين في حالة الصرف أو شراء أو بيع العملات
النقدية، وهذه يشترط فيه شرعاً ضرورة قبض البدلين في مجلس العقد، فهل يحقق التسليم
الالكترونى عن طريق التسجيل الكترونياً في حسابات العملاء هذا الشرط ؟ لقد أفتى
مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بأن القيد المصرفي في حسابات
البنك يعتبر قبض حكمى وهو جائز شرعاً ويدخل في ذلك أيضاً تسليم الخدمات الأخرى مثل
الاستشارات الطبية والقانونية الكترونياً، وكذا تسليم الثمن من خلال بطاقة
الائتمان الكترونياً.
-
تسلم السلع بعد إبرام عقد البيع بيوم أو بيومين، وهذا جائز شرعاً طالما تم دفع
إحدى البدلين في مجلس العقد وهو الثمن.
2-
مسألة الخيارات ويعنى بها حرية المتعاقد في امضاء العقد أو عدم الامضاء بناء على
ما يقرره من خير الأمرين أو القرارين خاصة إذا لم تتوافر عند التعاقد الفرصة
للتعرف الكامل على المعقود عليه وهو أمر وارد في التجارة الالكترونية التى تقوم
على رؤية المبيع من خلال شاشة الكمبيوتر وليس بطريقة محسوسة ثم يجده عند استلامه
السلعة مخالفتها للمواصفات التى تعرف عليها الكترونياً، وهذا يدخل في إطار خيار
الرؤية، وخيار العيب التى أقرها الشرع.
والمشكلة
هنا أنه لا توجد حتى الآن ترتيبات في التجارة الالكترونية لممارسة هذه الأنواع من
الخيارات فيما يعرف بحق الرجوع.
هذه
هى أهم الأمور الشرعية المتصلة بالتجارة الالكترونية، والموضوع معروض على السادة
العلماء وأعضاء الحلقة للمناقشة. شاكرين لهم جميعأً الاستجابة لدعوتنا وحضور
الحلقة.
نسأل
اللَّه الهداية والتوفيق
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم