القائمة الرئيسية

الصفحات



فعالية الوعد بالبيع العقاري

فعالية الوعد بالبيع العقاري

فعالية الوعد بالبيع العقاري





مقدمـة

نظم المشرع الجزائري أحكام الوعد ببيع العقار في مادتين وهما: 71 و72 من الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن التقنين المدني.
تنص المادة 71 " الاتفاق الذي يعدله كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها.
وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل يطبق أيضا على الاتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد "
تضيف المادة 72 من نفس القانون على أنه " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد الأخر طالبا تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم مقام العقد ".
من خلال نص هاتين المادتين يتضح لنا بأن الاتفاق الذي يبرمه المتعاقدين والوارد على عقار المتضمن الوعد ببيعه، لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه وتحديد المدة الزمنية التي يتعين إبرامه فيها، وينبغي أن تتوفر في عقد الوعد بالبيع جميع الشروط والأركان التي قررها المشرع والذي يجب توافرها في التصرف المتضمن عقد بيع العقار، والوعد بالبيع في هذه الحالة لا ينشئ الحق العيني العقاري للموعود له، ولا ينقل ولا يعدل ولا يصرح بحق الملكية العقارية لفائدته أيضا، وإنما تبقى


بيد صاحبها " الواعد "، يجوز لدائنه التنفيذ عليها عند ثبوت علاقة المديونية وعدم كفاية منقولاته على الوفاء بدينه، وبالمقابل، لا يخول الوعد بالبيع للموعود له أي حق على العقار الذي يرد عليه الوعد.
ونظرا لأهمية العقار في الوقت الراهن، وارتباطه بثروة الإنسان وممتلكاته ، خصه المشرع بأحكام متميزة، جعلت التصرفات التي ترد عليه تختلف عن التصرفات التي ترد على المنقول، حيث أن الشخص وعلى مر الأزمان إذا خسر عقارا مهما كان صغير المساحة أو زهيد الثمن أعتبر وكأنه خسر كل ماله وإن بلغت ثروته من المنقولات الشيء الكثير.
لذلك ارتأيت أن تكون دراستي هذه عن التصرف الذي يقع على العقار بوصفه وعدا بالبيع، شارحة خصائص هذا التصرف باعتباره عقدا، وطريقة تنفيذه وتقرير تعويض مناسب في حالة النكول أو التراجع عنه، عارضة في بحثي بعض القضايا الواقعية التي تم الفصل فيها بأحكام تختلف بعضها عن بعض لجهات قضائية مختلفة.
وللإلمام بالموضوع من جميع جوانبه ومعالجته معالجة دقيقة وميدانية أطرح الإشكاليات التالية:
1-    بماذا يختص عقد الوعد بالبيع العقاري عن مثيله في المنقول؟
2-    ماذا يكسب الشهر عقد الوعد بالبيع العقاري؟
3-    هل ينعقد البيع في جميع الحالات التي يبدي فيها الموعود له رغبته في الشراء؟
4-    هل يتعارض الوعد بالبيع في الملك المشاع مع ركن التعيين الدقيق للعقار؟
5-    هل يضمن الواعد بالبيع نزع الملكية العقارية للفائدة العامة؟
6-     ما هي الحالات التي يحكم فيها القاضي بإلزام الواعد بإتمام إجراءات البيع؟
7-    هل يتعارض حكم القاضي بإتمام إجراءات البيع مع مبدأ حرية التعاقد؟
8-    متى يحكم القاضي بالتعويض فقط دون الإلزام بإتمام إجراءات البيع؟
وللإجابة على هذه التساؤلات أقترح خطة البحث التالية معرجة على المبحث التمهيدي الذي ناقشت فيه نقاط عديدة أهمها:
أ-تعريف الوعد بالبيع العقاري واختلافه عن بعض البيوع الأخرى.
   ب -مراحل عقد الوعد بالبيع العقاري.
   ج- آثار الوعد بالبيع العقاري.



 
مقدمة


المبحث الأول: خصائص الوعد بالبيع العقاري

         المطلب الأول: الرســـمية.
         المطلب الثاني: الشــــهر.
         المطلب الثالث: التعيين الدقيق للعقار.

المبحث الثاني: مصير الوعد بالبيع العقاري

         المطلب الأول: تنفيذ الوعد بالبيع.
         المطلب الثاني: التراجع عن الوعد بالبيع.
         المطلب الثالث: الحالات التي يعفى فيها الواعد من التعويض.

خاتمـة



         المبحـث التمهيـدي

     الوعد بالبيع اتفاق الطرفين على جميع المسائل الجوهرية من مبيع وثمن وعلى مدة إظهار الرغبة    في الشراء، من آثاره انعقاد البيع بمجرد إعلان الرغبة في الميعاد، أما اختلاف الطرفين حول تنفيذ  التزاماتهما فلا أثر له كاختلافهما حول ميعاد الوفاء بالثمن.
فمتى اتفق الواعد والموعود له على جميع المسائل الجوهرية للعقار الموعود به وعلى المدة التي يجب على الموعود له إظهار رغبته في الشراء ينعقد العقد بمجرد إعلان هذه الرغبة خلال مدة الوعد ، ولا يؤثر في صحة انعقاده ونفاذه قيام اختلاف بين الطرفين حول تنفيذ أي منهما لالتزاماته، والمقصود بالمسائل الجوهرية أركان البيع وشروطه الأساسية والتي لا يمكن أن يتم البيع بدونها.
E   لا ينعقد الوعد بالبيع إلا بمطابقة إرادة الواعد مع الموعود له مطابقة تامة في كل المسائل الجوهرية، أما عن التعديل في هذا الوعد فيعتبر إيجابا جديدا لا ينعقد به العقد دون قبول الطرف الآخر، فإذا تبين لمحكمة الموضوع أن إرادة طرفي العقد لم تتطابق بشأن ركن الثمن مثلا فإن الحكم إذا انتهى إلى أن البيع لم ينعقد لفقده ركنا جوهريا لا يكون مخالفا للقانون ذلك أن تفسير نصوص عقد الوعد بالبيع يرجع إلى مقصود عاقديه في ألفاظه وعباراته وما لابسه من ظروف ففي هذا العقد يتفق بائع العقار مع راغب الشراء على شروط خاصة  تبقى موقوفة لمدة معينة، يفصح المشتري خلالها عن رغبته في قبول الشراء أم لا وكون القبول مؤجل للمدة المتفق عليها فهو إذن: التزام شخص هو الواعد بأن يبيع عقاره إلى شخص آخر

هو الموعود له لقاء ثمن معين إذا رغب في شرائه في مدة معينة ، فإذا نكل من وعد بإبرام العقد وقاضاه الطرف الآخر طالبا تنفيذ الوعد وتوفرت الشروط اللازمة لتمام العقد خاصة منها ما يتعلق بالشكل، قام الحكم متى حاز قوة الشيء المقضي به مقام العقد.
E   جاءت أحكام الوعد بالبيع في القانون المدني في المادتين 71 و72 وقد سبقت الشريعة الإسلامية القانون المدني في الحديث عن هذا النوع من العقود وكانت تعتبر أن الوعد بالبيع عقدا  قائما بذاته ومستقلا ولا يمكن لمن قام به النكول عنه باعتبار أن الوفاء بالوعد شيء مقدس في الشريعة الإسلامية يجب القيام به، فإن استحال الوفاء قام التعويض العادل مقام الوفاء. 
يتميز الوعد بالبيع العقاري بشروط خاصة ، ذلك أن قيمة العقار ومكانته تختلف كثيرا عن قيمة ومكانة المنقول مهما كان ثمينا، ويشترط في الوعد بالبيع شروط ثلاثة:
1-    تعيين العقار المبيع.
2-    تحديد الثمن.
3-    تحديد مدة الاتفاق على دفع الثمن التي يظهر خلالها المشتري رغبته في قبول الشراء وحينئذ يتم انعقاد العقد.
والوعد بالبيع العقاري ملزم لجانب واحد هو الواعد ببيع العقار أو الموعود به ولا يمنع الواعد بأن يبيع العقار أو يرتب عليه حق عيني خلال مدة الاختيار الممنوحة للشاري، فإذا أظهر المشتري رغبته

في الشراء خلال مدة الاختيار فإن البيع النهائي يعتبر قد تم بمجرد إبداء هذه الرغبة ولا حاجه لرضاء جديد من الواعد ومن ثمة ينقضي حق الخيار لتحقيق الغرض من إنشائه كما ينقضي هذا الحق بالتعبير عن عدم الرغبة في الشراء.
ويظهر من خلال اجتهاد المحاكم أن في الوعد بالبيع يجب الاتفاق على المدة التي يتم فيها إبرام العقد الموعود به، فإذا لم تعين هذه المدة لم ينعقد الوعد أو وضع باطلا بطلانا أصليا ولم يترتب عليه أي أثر، فلا يجوز للواعد أن يعين هو من تلقاء نفسه مدة يعلن بها الموعود له عن رغبته في الشراء، ولا يجوز للمحكمة أن تكمل العقد بتحديدها مدة يستعمل من خلالها الموعود له حقه في التعبير عن إرادته، والسبب في ذلك أن هذا الوعد يحمل إيجاب الواعد فقط لأنه لم يقترن بعد بقبول الموعود له ما دام الوعد خاليا من مدة لتقرير هذا القبول مما يجعله معدوماً ويصرف الوعد بجملته إلى الانعدام.
ويمر عقد الوعد بالبيع العقاري بمراحل تكمل كل واحدة منها الأخرى إلى غاية الوصول إلى إبرام العقد، وأول مرحلة في هذا المجال لا تعدو أن تكون مجرد الرغبة، فإذا أعلن شخص عن رغبته في بيع عقار، بأن وضع علامة مثلا عليه أو أعلن عنه في الصحف أو في نشرات خاصة، فإن هذا الإعلان لا يقيد صاحبه بشيء ولا يرتب أي أثر قانوني وهو لا يعدو أن يكون فعلا ماديا قصد به لفت انتباه الراغبين في شراء أو بيع هذا العقار ودعوتهم إلى الاتصال بمن صدر منه الإعلان للتفاهم معه على شروط البيع.



ثم تأتي مرحلة الإيجاب وتتحقق إذا عرض شخص على آخر أن يبيعه عقارا معنيا لقاء ثمن معلوم غير أن هذا العرض في حد ذاته لا يلزم من صدر منه إلا بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي الميعاد المحدد للقبول أو الميعاد الذي يستخلص من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة، فإن لم يكن قد حدد ميعاد للقبول فإن الإيجاب لا يلزم من صدر عنه إلا المدة اللازمة لإبداء من وجه إليه قبوله إياه ووصول القبول إلى علم الموجب.
ثم نكون بصدد مرحلة المشروع المتفق عليه، فإذا قبل الإيجاب من وجه إليه ولكن علق انعقاد العقد على إجراء معين كتحريره في ورقة رسمية أو إذا حرر الطرفان عقدا ابتدائيا نصا فيه على أن العقد لا يعتبر تاما إلا بعد توقيع العقد النهائي، فإن العقد لا ينعقد ولا يقيد أيا من الطرفين ما دام الإجراء المتفق عليه لم يتم، وفي هذه الحالة يتوفر إيجاب وقبول ولكنهما لا يكفيان إلى انعقاد العقد فيكون ثمة أكثر من مجرد رغبة أو إيجاب وأقل من عقد تام أي مشروع عقد متفق عليه ولا تتوافر له قوة الإلزام[1].



الوعد بالبيع أكثر من مجرد إيجاب ومن مشروع تعاقد لأنه يتكون من:
Å    أولا: وعد أحد الطرفين الآخر بأن يبيع له عقارا بثمن معلوم إذا قبل الآخر الشراء خلال مدة محددة.
Å    ثانيا: قبول الطرف الآخر ربط الأول بهذا الوعد.
فالوعد بالبيع يتكون إذن من الإيجاب والقبول وكذلك الوعد بالشراء، ولذا يعتبر عقدا تاما لا مجرد إيجاب أو مشروع تعاقد ولكنه لا يكون عقد بيع بل عقدا متميزا عن عقد البيع يدخل في طائفة العقود غير المسماة، ذلك أن البيع ينشيء من فوره في ذمة البائع التزاما بنقل الملكية وينشئ في ذمة المشتري التزاما بدفع الثمن ويشمل نقل الملكية في العقار تسجيله وشهره بالمحافظة العقارية، أما الوعد بالبيع فلا ينشيء شيئا من هذا بل يقتصر على إلزام الواعد بأن يعقد عقد البيع إذا طلب الطرف الأخر منه ذلك في مدة معينة.
إن كان الوعد بالبيع العقاري يتشابه مع بعض البيوع الأخرى ظاهريا، إلا أنه وبالتمعن في أركانه نجد أن له خصوصيات جعلت منه عقدا مستقلا بذاته، بل ومستقلا حتى عن عقد البيع النهائي الذي سيبرم بناءاً عليه في المستقبل.




و من البيوع التي تتشابه و عقد الوعد بالبيع أذكر على سبيل المثال:
1-   البيع بالعربون:
 يدخل في القانون المدني الجزائري ضمن العقود غير المسماة لذلك فهو منظم ضمن القواعد العامة، والعربون هو المبلغ النقدي الذي يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت إبرام العقد، يكون الغرض منه إما جعل العقد المبرم بينهما نهائي وإما إعطاء الحق لكل واحد منهما في إمضاء العقد أو نقضه وتحديد هذا الغرض أو ذاك يرجع إلى نية المتعاقدين الصريحة أو الضمنية التي تتكشف من ظروف الحال، وفي كل الأحوال إذا تبين من نية المتعاقدين أنهما أرادا العدول عن إبرام العقد النهائي للبيع فإن للمشتري الحق في الرجوع عن العقد لكن في هذه الحالة لا يجوز له استرداد المبلغ الذي دفعه كعربون، أما إذا عدل البائع،عليه رد العربون الذي دفعه له المشتري ومبلغ آخر يساويه جزاءاً على عدوله، أما إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت باعتبار العربون كعقد نهائي وبات فلا يجوز لا للبائع ولا للمشتري الرجوع في البيع أو العدول عنه ويعتبر في هذه الحالة كجزء من الثمن ويمكن لكل طرف أن يلزم الطرف الآخر بإبرام البيع النهائي، أما في الوعد بالبيع فلا نجد هذا المبلغ المدفوع بل مجرد اتفاق بين الطرفين يؤدي النكول عنه إلى ترتيب تعويض كما سنرى لاحقا ويختلف تكييف مبلغ التعويض عن تكييف العربون في حالة رده.



2-   العقد الابتدائي:

هو عقد بيع نهائي يرتب كافة التزامات البيع في ذمة كل من البائع أو المشتري، فإذا كان محله عقاراً فإن الالتزام الذي ينشأ منه بنقل ملكية العقار يحتاج إلى تحرير عقد نهائي يمر بإجراءات الشهر العقاري والمساحة لاعتماده من ناحية البيانات المساحية من فحص سندات الملكية واستيفاء بعض الأوراق لشهادة الأيلولة والإفراج عن الشركة وغيرها، أما الوعد بالبيع فلا يترتب عليه سوى التزامات شخصية في ذمة كل من عاقديه بأن يبرم عقد بيع إذا قبل الطرف الآخر ذلك في المدة المحددة.
ومن مبررات العقد الابتدائي، أنه مثلا بالنسبة للمشتري يجد العقار مثقلا بحق عيني لم ترد إليه الإشارة فيحق له الامتناع عن إبرام عقد البيع النهائي وفسخ العقد الابتدائي، أما بالنسبة للبائع فتوقعه ألا يستطيع المشتري أداء تتمة الثمن لظروف تتعلق بالمشتري فليتفادى البائع الوقوع في مغبة إفلاس المشتري قبل أداء الثمن وغيرها من تصورات تبرر عدم قطعية البيع.
3-   البيع على التصاميم:
يبرم عقد البيع بناءا على التصاميم بين شخص طبيعي أو معنوي مكلف بإنجاز مباني معدة للسكن مخصصة للبيع وبين شخص آخر هو المشتري المستفيد من الملك العقاري ويطلق المشرع على المكلف بإنجاز المباني " المتعامل في الترقية العقارية " ويكسبه صفة التاجر، ونجد أن عقد البيع على التصاميم يخضع إلى أحكام التصرفات القانونية المتضمنة عقد البيع من حيث وجوب استيفاء

شروطه القانونية وإخضاعه إلى الإشهار العقاري حتى يولد آثاراً قانونية فيما بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير.
 في عقد البيع على التصاميم يدفع المشتري الثمن على دفعات متفق عليها ومنصوص عليها في العقد، أما في الوعد بالبيع العقاري فرغم خضوعه لنفس خصائص البيع على التصاميم إلا أن الأقساط المالية في الوعد بالبيع لا تدفع إلا بعد إبداء الرغبة بالقبول وعند إبرام عقد البيع النهائي يدفع الموعود له ثمن العقار ليصبح مشتري. ويختلف الوعد بالبيع العقاري كما سبق بيانه من حيث الأركان، الالتزام والآثار عن الوعد بالشراء وعن الوعد بالبيع وبالشراء على النحو التالي:
Å   الوعد بالشراء:
هوعبارة عن عقد يلتزم فيه الواعد بشراء العقار إذا أبدى الموعود له وهو مالك العقار رغبته في بيعه خلال مدة معينة.والوعد في هذه الحالة يعتبر عكس الوعد بالبيع وذلك لأن الواعد في هذه الحالة هو المشتري وليس البائع وبالتالي فإن الالتزام الذي ينشأ من الوعد بالشراء يكون في ذمة المشتري لا البائع الذي يملك الحرية الكاملة في إبداء رغبته بالبيع أم لا[2] ولا تختلف شروط انعقاد


الوعد بالشراء وشروط صحته عما قلناه في الوعد بالبيع المنصوص عليه في المادة 71 من القانون المدني.
Å   الوعد بالبيع وبالشراء:
اعتبر المشرع الجزائري في نص المادة 71 من القانون المدني أن الوعد الصادر من الواعد والموعود له بمنزلة الوعد الصادر من جانب واحد بالنسبة لإرجاء التعاقد النهائي حتى ظهور رغبة الموعود له بالشراء أو رغبة الواعد بالبيع خلال المدة المتفق عليها.
ويتم الوعد بالبيع وفقا لشروط انعقاد وصحة الوعد بالبيع ويتم الوعد بالشراء من الموعود له، وفقا لشروط صحة وانعقاد الوعد بالشراء، فإذا انعقد الوعد بالبيع صحيحا بالنسبة للواعد نشأ
في ذمته التزاما بالشراء إذا ما أبدى الواعد رغبته بالبيع خلال المدة المحددة لذلك فينعقد العقد النهائي للبيع.
ولكن إذا لم يبد الواعد رغبته بالشراء أو بالبيع فإن العقد النهائي لا ينعقد [3] .
Å   آثار الوعد بالبيع العقاري
إذا توفرت في الوعد بالبيع شروط انعقاده وصحته فإن الوعد ينعقد صحيحا مرتبا آثار، لكن يجب أن نميز بين الآثار التي تترتب على الوعد بالبيع قبل إعلان الرغبة من المشتري وتلك التي تترتب بعد إعلان الرغبة أو بعد مضي المدة المحددة لذلك.

1- قبل إبداء الرغبة:
الوعد بالبيع عقد ملزم لجانب واحد وهو الواعد، موضوع هذا الوعد أن يقوم الواعد بإبرام العقد النهائي بينه وبين المشتري، ومن ثمة فإن حق الموعود له لا يعدو أن يكون في هذه المرحلة أي قبل إبداء الرغبة في الشراء مجرد حق شخصي لا عيني وبالتالي لا تنتقل ملكية العقار إلى المشتري ويترتب على ذلك نتيجتين:
أولا: أن الواعد يظل مالكا للعقار وثماره وحاصلاته ويجوز له التصرف فيه وله أن يؤجره إلى أن يعلن المشتري رغبته في الشراء وله أن يتصرف فيه بالبيع لشخص آخر ويكون هذا البيع نافذاً في حق الموعود له بل ويكون نافذاً في حقه حتى بعد إبداء رغبته في الشراء إذا تمكن المشتري من تسجيل العقار قبل الموعود له، وفي الحالتين لا يكون للموعود له إلا الرجوع على الواعد بالتعويض نتيجة الإخلال بالتزامه هذا إذا لم يطعن الموعود له بالتصرف الذي قام به الواعد عن طريق الدعوى البولصية بإقامة الدليل على سوء نية الواعد أو بحصول تواطؤ مع المتصرف إليه للإضرار بالموعود له هذا إذا كان تصرفه معاوضة أما إذا كان تبرعا فالأمر لا يحتاج إلى إثبات سوء نية المدين أو تواطؤه، فإذا تصرف المتصرف إليه إلى شخص ثالث فلا يبقى أمام الموعود له إلا المطالبة بالتعويض.



ثانيا: تبعة هلاك العقارالموعود به تقع على عاتق الواعد وذلك باعتباره مالكا للشيء خاصة إذا هلك بقوة قاهرة وبالتالي يسقط التزام الواعد دون أن يلتزم بالتعويض ومن ثمة لا ينعقد البيع لتخلف محله[4].
 2- بعد إعلان الرغبة:
إعلان الرغبة في الشراء لم يشترط فيه القانون شكل معين لأنه تعبيرعن الإرادة[5]، فقد يكون صريحا أو ضمنيا أو بأي شيء يفهم منه الرغبة في الشراء خاصة إذا كان التعبير خلال المدة المتفق عليها كأن يقوم الموعود له بتأجير العقار مثلا.
ويترتب إعلان الرغبة في الشراء تمام عقد البيع من وقت إظهار الرغبة وليس من الوعد دون حاجة إلى رضاء جديد يصدر من الواعد[6] ، غير أن الملكية لا تنتقل إلا باتخاذ إجراءات التسجيل.

3- بعد انقضاء المدة ودون أن يعلن المشتري رغبته في الشراء:
إذا انقضت المدة المحددة دون أن يبدي المشتري رغبته في الشراء فإن الواعد يتحلل، من التزامه الناشئ عن الوعد وبالتالي سقوط الوعد دون حاجة إلى إعذار الموعود له، ويكون للواعد الحرية الكاملة في التصرف بالعقار ولأي شخص أراده ونفس الحكم ينطبق إذا أعلن الموعود له رغبته في الشراء بعد مضي المدة المتفق عليها.


  المبحث الأول:خصائص الوعد بالبيع العقاري


لا ينعقد الوعد بالبيع العقاري إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقار المراد إنشاء هذا العقد بصدده وأن يتضمن هذا الوعد تحديدا للمدة التي يراد البيع فيها والتي يتعين على الموعود له أن يبدي رغبته في خلالها، إذن فالوعد بالبيع عقد مستقل سابق على البيع، ولما كان كذلك يجب أن تتوفر فيه أركان معينة حتى يتم صحيحا خاصة وأنه يتعلق بعقار، وكما نعلم أن المشرع الجزائري خص التصرفات الواردة على العقارات بشكليات معينة لا يمكن أن يكون التصرف صحيحا إلا بتوافرها، وسأتطرق لهذه الأركان كل على حدا في المطالب التالية:
          المطلب الأول: الرســــــمية
عقد الوعد بالبيع العقاري يجب أن يكون هو أيضا في ورقة رسمية شأنه في ذلك شأن عقد البيع العقاري، وإذا تم الوعد في الشكل الرسمي أمام الموثق نشأ في ذمة الواعد التزام بإتمام عقد البيع الرسمي وإذا لم يفعل استحصل الموعود له على حكم، ويقوم هذا الحكم متى حاز قوة الشيء المقضي به مقام العقد.
أما عقد الوعد الباطل لخلل في الشكل، كأن يتم في ورقة عرفية مثلا فإنه لا يكون وعدا صحيحا بالبيع، بمعنى أن تحكم المحكمة بناءا عليه بصحة البيع ويكون باطلا كوعد بالبيع العقاري ولكنه يتحول إلى تعهد ملزم يمكن بموجبه الحكم بتعويض على الواعد[7].  


وهذا الحكم قياسا على الوعد بالرهن التأميني، غير المفرغ في ورقة رسمية يستنتج مما سبق أن التصرفات التي ترد على عقار يجب توثيقها وإلا كانت باطلة ، وكذلك الوعد بالبيع باعتباره تصرف يرد على عقار، فيجب أن يحرر بمعرفة موثق وإلا كان باطلا، والبطلان هنا مطلق لتعلقه بركن من أركان العقد وهو الشكل لأن المشرع استلزم الشكلية و اعتبرها ركن في هذه التصرفات، غير أن العقد الذي لا يحرره موثق مختص يتحول إلى عقد غير مسمى يحتوي على تعهد ملزم وإن كان لا يمكن تنفيذه عينا فقد ينفذ بطريق التعويض، وبالتالي فيمكن القول إن للتوثيق وظيفة هي تكوين العقد[8].    
وتجدر الإشارة إلى أن الرسمية بالشكل السابق بيانه من حيث اعتبارها ركن من أركان العقد لا يكون صحيحا إلا بتوافرها ، لم يتأكد إلا بعد صدور قانون التوثيق رقم 70/91 المؤرخ 15/12/1970 في المادة 12 منه،فإذا عرض على القضاء وعد بالبيع العقاري في شكل عرفي حرر قبل هذا التاريخ فلا يعتبر العقد باطلا لانعدام الرسمية،ذلك أن الرسمية قبل هذا التاريخ لم تكن ركنا من أركان العقد يرتب عدم توفرها البطلان.
 فمن المقرر قانونا أن الوعد بالبيع يخضع للقانون الذي أبرم في ظله وليس للقانون الساري المفعول[9]    فإذا طرح نزاع حول عقد وعد بالبيع عرفي محرر بعد صدور قانون التوثيق وقضي بشأن هذا النزاع أن



الوعد بالبيع المبرم صحيح وأن الحكم يعتبر عقد رسمي فإن هذا الحكم مخالفة صارخة للقانون ويجب نقضه[10] باعتبار أنه لا يمكن إصدار حكم يقوم مقام العقد العرفي، وفي ذلك إساءة لتطبيق القانون وعدم
فهم لاجتهادات المحكمة العليا لأنه إذا خول القانون للقاضي سلطة إصدار حكم قضائي يقوم العقد في حالة ما إذا نكل الطرف الأخر عن تنفيذ الوعد، فإنه اشترط مع ذلك ضرورة توافر الشروط الشكلية في الوعد بالبيع، وانعدام الرسمية في عقد الوعد البيع المتعلق بالعقار يجعله باطلا ولا يمكن بناءا عليه استصدار حكم يقوم مقام العقد ولا يبقى أمام المدعي إلا المطالبة بالتعويض كأثر قانوني لعدم تنفيذ التزام قانوني لا تتوفر فيه الشكلية القانونية [11] ، ويحدث العكس في حالة وجود عقد وعد بالبيع متوفرالأركان خاصة منها الشكلية كالرسمية ويحكم القاضي ببطلانه وإبطال جميع الإجراءات التي تمت أمام الموثق بين الطرفين فإنه بقضائه هذا يكون قد خرق القانون.
وفيما يلي مثال عن حجية الرسمية في عقد الوعد بالبيع العقاري:
قرار رقم 00623/06 صادر عن مجلس قضاء قسنطينة بتاريخ: 25/11/2006 جاء في حيثياته أن المستأنف وعد المستأنف عليه بأن يبيعه العقار محل النزاع بعد أن تنتقل الملكية إليه وقد سدد له مقابل ذلك عربونا يقدر بـ: 200.000,00 دج دون تحديد الثمن النهائي ، وبعدما تحقق الشرط وهو انتقال الملكية للواعد طالبه الموعود له بإتمام إجراءات البيع ، غير أن الواعد رفض ذلك ، وقد جاء العقد المبرم بينهما عقدا رسميا تم تسجيله بمعرفة موثق بتاريخ 04/06/1994، وقد جاء حكم المحكمة في الموضوع

بإلزام المدعى عليه بإتمام إجراءات نقل الملكية وهذا الحكم الصادر بتاريخ 25/02/2006 عن محكمة شلغوم العيد تحت رقم 107/06، وجاء قرار مجلس قضاء قسنطينة المذكور أعلاه مؤيدا لهذا الحكم،إذن نلاحظ من خلال هذا المثال أن الحكم يقوم مقام العقد إذا توفر هذا الأخير على الشروط الشكلية لقيامه ومن بينها الرسمية، فبناءا على توفر ركن الرسمية تم الحكم بإلزام المدعى عليه بإتمام إجراءات البيع خاصة وأن رفض الواعد إبرام عقد البيع النهائي لا مبرر له.
&                      المطلب الثانــي: الشهـــــر" la publicité foncière "
إن الغرض الأساسي من الشهر العقاري هو إعلام الغير بما يرد على العقارات من حقوق عينية لضمان الثقة في المعاملات العقارية لان به يتم إعلان التصرفات التي ترد على العقارات فلا يخدع احد إذا اشترى عقارا أو اقرض نقودا بضمان رهن تأميني فيتعامل مع غير المالك ويتعرض لضياع الثمن الذي دفعه أو المال الذي اقرضه عند رجوعه على البائع أو المدين الراهن الذي يكون في الغالب شخصا معسرا ولذا كان هذا النظام من أهم النظم التي يعنى بها المشرع.
وشهر التصرفات العقارية يحقق استقرار الملكية العقارية وتدعيم الائتمان العقاري، وينقسم نظام الشهر العقاري في العالم إلى اثنين،نظام الشهر الشخصي ونظام الشهر العيني، أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد تبنى نظام الشهر العيني الذي لا يزال إلى حد الآن يعرف تذبذبا في الميدان خاصة في ظل عملية المسح، وكذلك التناقضـات في النصوص الخاصـة بهذا المجـال والتي وردت في الأمـر 75/74 المـؤرخ في
12/11/1975 المتضمن إعداد المسح العام للأراضي وتأسيس السجل العقاري وأحكام القانون المدني المنقولة عن القانون المدني المصري المتبني لنظام الشهر الشخصي[12] .
غير أنه من الثابت أن المشرع الجزائري تبنى نظام الشهر العيني،هذا الأخير الذي يتميز بخصائص عديدة من بينها أنه يرتكز في شهر التصرفات العقارية على العين نفسها أي العقار محل التصرف ويتميز بمسك سجل خاص لدى مصلحة الشهر تخصص فيه صفحة أو أكثر لكل عقار تدون فيها كل التصرفات التي ترد عليه مع تحديد موقعه، مساحته رقمه وحدوده ويسمى العقار المعني ب " الوحدة العقارية " وتعتبر البطاقة المخصصة له بمثابة بطاقة تعريفه ويسمى هذا السجل في التشريع الجزائري " مجموعة البطاقات العقارية "، فمن أراد الإطلاع على حالة العقار ومعرفة الحقوق والالتزامات والارتفاقات التي تثقله بإمكانه أن يطلب هذه المعلومات من مصلحة الشهر،فالأشخاص القائمون بالتصرفات لا أهمية كبرى لهم.
نستنتج أن المشرع الجزائري اشترط إشهار أي إجراء أو دعوى من شأنها تهديد المراكز القانونية لأصحاب الحقوق الواجبة الشهر أو تقييد التصرف فيها لترتيب حقوق في مواجهة الغير، ولما كان الوعد بالبيع العقاري من التصرفات التي ترد على عقار فهل يتشرط فيه هو الآخر الشهر لصحته ونفاذه أم لا؟ لقد حسم قانون المالية لسنة 2004 في التعديل الذي أدخل على قانون التسجيل الجدال حول إمكانية


إشهار الوعد بالبيع بنصه صراحة على شهر الوعد بالبيع وتحديد قيمة الرسم العقاري لهذا الشهر وهذا لحماية الحق العيني للموعود له بالبيع حتى يمكنه التمسك بحقه في مواجهة الغير[13] .
فإذا كان الوعد بالبيع العقاري غير مشهر لا يرتب سوى التزامات شخصية بين المتعاقدين إذا لم تنفذ عينا تنفذ بطريق التعويض.
فالوعد بالبيع ينشئ في ذمة الواعد التزاما شخصيا بتحرير عقد البيع النهائي، ونقل ملكية العقار إلى الموعود له فيبقى البائع أو الواعد مالكا للعقار محل الوعد بالبيع،لأن الملكية العقارية لا تنتقل فيما بين المتعاقدين أو الغير إلا بواسطة الشهر في المحافظة العقارية،فإذا انتقلت الملكية للمتصرف إليه لا يعتبر الواعد قد تصرف في ملك الغير بل تصرف فيما يملك، ويبقى للموعود له أن يطالب الواعد بتعويض وفقا لأحكام المادة 176 من القانون المدني، نظرا لاستحالة تنفيذ التزامه عينا، وهذا لا يعتبر مخالفة للقانون لأنه كما سبق بيانه وأن المالك تصرف في ملكه خاصة وان الشهر شرط أساسي لنفاذ الوعد بالبيع العقاري وبدون توفر هذا الشرط لا يمكن للقاضي أن يحكم بإتمام إجراءات البيع بناءا على وعد بالبيع غير مشهر.



فإذا التزم الواعد بالبيع وأعطى للموعود له مهلة ليعلن خلالها رغبته بالشراء، وبعد فوات هذه المدة المتفق عليها في الوعد بالبيع لم يعلن المشتري عن نيته في إتمام الشراء مما جعل الواعد يتصرف في العقار بالبيع لشخص آخر فإن هذا التصرف يعتبر سليم من الناحية القانونية[14].
وعليه فإن كان عقد الوعد بالبيع العقاري عقدا مشهرا وكان المالك للعقار أي الواعد لم يتصرف في عقاره بالبيع وجب على القاضي الحكم بإتمام إجراءات البيع لان تمنع الواعد في إتمام البيع لا مبرر له ويعتبر تعسفا في حق الموعود له مادام أن العقار الموعود ببيعه لم يرد عليه أي تصرف من قبل الواعد وكمثال على هذه الحالة أذكر حكما صدر عن محكمة شلغوم العيد بمجلس قضاء قسنطينة عن القسم العقاري بتاريخ 29/03/2008 تحت رقم الفهرس 1137/08 قضى برفض الدعوى لعدم التأسيس وتلخيص وقائعه أن المدعي والمدعى عليه يجمعهما عقد وعد ببيع عقار يتمثل في قطعة أرضية غير أن هذا العقد غير مشهر ، ولما طالب المدعي المدعى عليه بتمام البيع رفض هذا الأخير ، فلجأ المدعي إلى المحكمة ملتمسا اعتبار حكم المحكمة سندا لنقل الملكية بعد صيرورته نهائيا، غير أنه وبعد دراسة ملف القضية من طرف قاضي الموضوع تبين له أن عقد الوعد بالبيع المرفق بالملف يتخلف فيه ركن الشكلية الذي يعتبر ركنا جوهريا في البيع العقاري كونه غير مشهر في المحافظة العقارية، وما دام العقد لم يتوفر على الشهر هذا الأخير الذي يعتبر لازما تحت طائلة البطلان في جميع العقود المتضمنة نقل ملكية العقارات اعتمادا على المادة 324 مكرر 1والمادة 793 من القانون المدني، فإن طلب المدعي يعتبر غير مؤسس، ويجب
التصريح برفضه لذلك جاء حكم المحكمة برفض الدعوى لعدم التأسيس صحيحا و مؤسسا على قواعد قانونية واضحة و لا لبس فيها.
وهذا المثال كغيره من الأمثلة المستمدة من الواقع العملي دليل على أن الشهر ركن من أركان عقد الوعد بالبيع العقاري بدونه لا يكون صحيحا.
                       المطلب الثالث: التعيين الدقيق للعقار
ويقصد بالتعيين الدقيق للعقار، تحديد العقار الموعود ببيعه تحديدا كافيا بذكر رقم قيده في السجل العقاري أو السجلات الأخرى المعتمدة في التمليك ومنطقته ومشتملاته وأوصاف العقار بما يمنع جهالته.
فإن انصب الوعد بالبيع على حصة غير مفرزة في ملك مشاع فكيف يمكن أن يتوفر شرط التعيين الدقيق للعقار الموعود ببيعه ؟
عرفت المادة 713 من القانون المدني الجزائري الشيوع بقولها " إذا ملك اثنان أو أكثر شيئا وكانت حصة كل منهم فيه غير مفرزة فهم شركاء على الشيوع وتعتبر الحصص متساوية إذا لم يقم دليل على غير ذلك ".
فالملكية الشائعة وسط بين الملكية المفرزة والملكية المشتركة، إذ أن الحصة التي يملكها الشريك في الشيوع شائعة في كل المال، وليست في جزء معين منه، وهذا هو ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المفرزة والشيء المملوك على الشيوع لا يملكه الشركاء مجتمعين بل يملك كل شريك حصة فيه[15]
وللمالك على الشيوع حق التصرف في حصته الشائعة بكل أنواع التصرف من بيع وهبة ورهن وغيرها، كما له أن يعد ببيع العقار المملوك على الشيوع أو جزء منه ورغم أن المشرع الجزائري ليس بالوضوح الكافي فيما يخص هذه الحالة إلا أننا نجد الإجابة عليها من خلال ما يرد من قضايا من هذا النوع على


المحاكم وطريقة وكيفية تصرف القضاة بشأنها، فنجدهم على الأرجح أنهم يطبقون أحكام عقد البيع في المال المشاع على حالات عقد الوعد بالبيع في المال المشاع على النحو التالي:
Å    الحالة الأولى: إذا كان الموعود له يعلم أن الواعد لا يملك الحصة التي تصرف فيها بالوعد بالبيع ملكية مفرزة فإن الوعد بالبيع يعتبر صحيحا ومن ثمة لا يجوز للموعود له أن يطلب إبطال العقد قبل قسمة العقار ويعتبر موعودا له بحصة مفرزة بل ولا يجوز له أن يطالب بإبطال العقد بعد القسمة حتى وإن آل للواعد بعد الفرز جزء آخر فينتقل في هذه الحالة الجزء الموعود ببيعه إلى الحصة التي آلت للواعد بعد القسمة ويمكن إتمام عقد البيع على هذا الأساس.
Å    الحالة الثانية: إذا كان الموعود له يجهل أن الواعد لا يملك الحصة ملكية مفرزة وقت إبرام عقد الوعد بالبيع، في هذه الحالة وحسب ما يحدث في الميدان يجوز للموعود له طلب إبطال عقد الوعد بالبيع على أساس أحكام الغلط في صفة جوهرية في المبيع وهي كون العقار غير معين بدقة غير أنه إذا آلت الحصة الموعود ببيعها إلى الواعد فيسقط حق الموعود له بإبطال عقد الواعد بالبيع على هذا الأساس ، فإذا آلت بعد الفرز حصة أخرى للواعد جاز للموعود له طلب إبطال عقد الوعد بالبيع بل وجاز له طلب تعويض وغالبا ما يحكم له به.



الهدف من إبرام عقد وعد بالبيع بخصوص عقار، ما هو إبرام عقد بيع لهذا العقار فيما بعد وذلك لسبب من الأسباب حسب حالات مختلفة كأن يكون الواعد ليس مالكا للعقار ملكية تامة أو أن الثمن المقترح من الموعود له زهيد يرغب الواعد في ثمن أعلى خلال مدة معينة يتم الاتفاق بشأنها وغيرها من الأسباب العملية التي تجعل الطرفين يقدمان على إبرام عقد وعد بالبيع وليس عقد بيع تام.
عند إبرام عقد الوعد بالبيع العقاري يكون مصيره إما تنفيذه بعد المدة المتفق عليها بإبرام عقد البيع النهائي، إما أن يحدث سبب ما يجعل الواعد ينكل ويتراجع عن إبرام عقد البيع النهائي وللموعود له في هذه الحالة أن يلجأ للقضاء لمطالبة الواعد بإتمام إجراءات البيع فإن استحال ذلك طالبه بالتعويض عن هذا النكول، وهناك حالة أخرى أين يعفى فيها الواعد من التعويض رغم عدم إمكانية إتمام إجراءات البيع وهي حالة نزع الملكية للمنفعة العامة، ويأتي شرح كل هذا في المطالب التالية:


المطلب الأول: تنفيذ الوعد بالبيع العقاري

يتم في هذه الحالة إبرام عقد البيع النهائي بناءا على عقد الوعد بالبيع أي إتمام إجراءات البيع ذلك أن عقد الوعد بالبيع العقاري ينشئ التزاما شخصيا في ذمة الواعد، يتمثل في التنفيذ العيني لما اتفقا عليه المتعاقدان، وذلك بإتمام عملية البيع النهائي خلال المهلة المحددة لإعلان الرغبة في التعاقد، ويشترط في الموعود له أن يعلن عن رغبته في الشراء خلال المدة المتفق عليها حتى يتمكن من التنفيذ العيني لهذا العقد، والأصل أن يكون هذا التنفيذ طواعية من الواعد بمجرد إعلان رغبة الموعود له في الشراء وضمن الأجل المحدد لذلك، فيلجآن إلى إتمام إجراءات البيع بإبرام عقد بيع نهائي قائما بذاته ومتوافر على كافة شروطه الشكلية منها والموضوعية ويجب أن تتوافر في البائع أهلية البيع إن كان قد وعد بالبيع أو أهلية الشراء إن كان قد وعد بالشراء، وذلك وقت انعقاد الوعد، فإن أبدى الموعود له رغبته انعقد البيع دون حاجة إلى تعبير جديد عن الإرادة من جانب الواعد[16]  .
من خلال الواقع العملي نلاحظ وجود مرحلة في تنفيذ الوعد بالبيع العقاري تلي الوعد بالبيع وتسبق إبرام عقد البيع النهائي وهي البيع الابتدائي وتعرف هذه المرحلة على أنها المرحلة التمهيدية التي تسبق عادة إبرام العقد النهائي للبيع، فقد لا يكون المشتري مستعدا كل الاستعداد لدفع الثمن أو يحتاج إلى فرصة للتأكد من خلو العقار من التكاليف العينية التي تكون قد تقررت عليه من البائع لصالح شخص آخر، وهذا يؤدي إلى الإنقاص من المنفعة التي يمكن أن تعود على المشتري عندما تنتقل ملكيته إليه

فيكون في هذه الحالة للمشتري مصلحة في التريث لإبرام العقد النهائي للبيع، ويكتفي بالاتفاق مع البائع على جميع شروط البيع على أن يتم العقد النهائي بعد فترة تمضي من تاريخ اتفاقهما، ومن جهة أخرى قد يكون البائع هو الآخر يحتاج وقتا لتحضير مستندات الملكية التي التزم بتقديمها في هذا العقد الابتدائي فتكون له مصلحة هو أيضا في تأخير إبرام العقد النهائي للبيع.
البيع الإبتدائي اتفاق على البيع ومن ثمة يجب توافر شروط انعقاد وشروط صحة عقد البيع لينشأ صحيحا، وفي هذا العقد يبقى تنفيذ الالتزامات المترتبة عليه موقوفة إلى حين إتمام إجراءات العقد النهائي للبيع في الوقت المحدد لذلك، وهذا الالتزام من شأنه أن يعطي الحق لأحد الأطراف في إجبار الطرف الآخر باتخاذ إجراءات العقد النهائي للبيع إذا هو أهمل أو قصر في ذلك، عن طريق استصدار حكم قضائي بوقوع البيع أو بصحة التعاقد[17]، ويقوم هذا الحكم مقام العقد النهائي، وتنتقل ملكية العقار منذ تسجيله وشهره.
وعند انتهاء هذه المرحلة نكون بصدد المرحلة النهائية لتنفيذ الوعد بالبيع وهي إبرام عقد البيع النهائي، هذا الأخير الذي ينسخ عقد البيع الابتدائي ويحل محله فيعتبر البيع الابتدائي كأن لم يكن ويترتب على ذلك النتائج التالية:



E   أن يكون تاريخ البيع هو تاريخ عقد البيع النهائي.
E   إمكانية تعديل شروط البيع الابتدائي من طرف البائع أوالمشتري وقت تحرير عقد البيع النهائي ويكون ذلك بإتفاقهما.
&المطلب الثاني : التراجع عن الوعد بالبيع العقاري    
إذا كان البائع قد وعد بالبيع وكان هذا الوعد يستوفي جميع الشروط القانونية السابق بيانها بما فيها الأركان الشكلية والموضوعية، فإنه يكون ملزم بتنفيذه فإذا أبدى عدم رغبته في التنفيذ نكون في حالة إخلال الواعد بوعده.
وتحتمل حالة إخلال الواعد بوعده احتمالين، أولهما أن ينكل الواعد عن تنفيذ العقد تعتنا وبدون وجه حق، وثانيهما أن يخل بوعده بسبب تصرفه في العقار لشخص آخر، ولكل حالة آثارها كما يلي:
Å                                 أولا: حالة النكول عن الوعد بدون وجه حق:
إن عقد الوعد بالبيع العقاري - كما سبق بيانه - ينشئ التزاما شخصيا في ذمة الواعد، يتمثل في التنفيذ العيني لاتفاق المتعاقدين وذلك بإتمام عملية البيع النهائي خلال المدة المحددة لإعلان الرغبة في التعاقد، فإذا أمتنع الواعد عن تنفيذ ما اتفقا عليه، كان أمام الموعود له طريق اللجوء للقضاء لإجبار الواعد على تنفيذ العقد وذلك باستصدار حكم قضائي من الجهة المختصة بإلزام الواعد الذي يكون في الحكم مدعى عليه



بإتمام عملية البيع النهائي متى تبين للقاضي صحة الوعد بالبيع وثبوت ملكية العقار الموعود به لمالكه أي الواعد ويقوم هذا الحكم مقام العقد طبقا للمادة 72 من التقنين المدني[18] .     
وعندما يكون هذا الحكم نهائيا، حائزا لقوة الأمر المقضي به، تعين على الموعود له - وهو الذي تكون له مصلحة - أن يتقدم أمام المحافظة العقارية التي يقع بدائرة اختصاصها العقار محل التصرف، للتأشير بهذا الحكم بمجموعة البطاقات العقارية حتى يولد حقا عينيا عقاريا لفائدته، ويكون حجة على الطرفين وعلى كافة المتعاملين في العقارات وذلك بإخراج ملكية هذا العقار من الواعد ونقلها للموعود له بالشهر، ويولد الحق العيني العقاري بصدور هذا الحكم القضائي وصيرورته نهائيا.
Å    ثانيا: حالة النكول عن الوعد بسبب تصرف الواعد في العقار لشخص آخر:
 إذا رفض الواعد تنفيذ العقد واستند في رفضه هذا على بينة قانونية تفيد تصرفه في العقار لفائدة شخص آخر وكان هذا التصرف خلال المدة المتفق عليها والتي خلالها يقوم الموعود له بالرد على الواعد بقبوله الشراء كما يقرره التشريع العقاري في المعاملات العقارية، فتنفيذ العقد في هذه الحالة أصبح مستحيلا لا تتحقق منه الغاية من الوعد بالبيع لأن الملكية لم تعد في يد الواعد بل أدخلت في الذمة المالية للمشتري الذي أصبح مالكا جديدا للعقار.
لذلك فإن بقاء الموعود له متمسكا بطلب إتمام إجراءات البيع لا جدوى منه وليس له أي أثر على التصرف الذي قام به الواعد والمتمثل في عقد البيع مع المشتري الجديد لأن هذا العقد يبقى صحيحا وله

أثر على الكافة لكون الواعد تصرف في ملكه وليس في ملك الغير خاصة بعد أن تم نشر تصرفه بمجموعة البطاقات العقارية لأن التسجيل والشهر بالمحافظة العقارية هو مصدر وجود الحق العيني العقاري في النظام القانوني للملكية العقارية في التشريع الجزائري، فلا يبقى أمام الموعود له سوى المطالبة بمبلغ التعويض جبرا عما لحقه من ضرر كون الالتزام الذي أنشأه عقد الوعد بالبيع العقاري بذمة الواعد التزام شخصي وليس عيني[19].
ولما وضع تصرف الواعد في العقار للغير تنفيذ الوعد بالبيع في حالة استحالة مطلقة لتنفيذ التزامه عينا، فلا يبقى للموعود له إلا دعوى تعويض وفق أحكام المادة 176من التقنين المدني نظرا لإستحالة تنفيذ التزامه عينا.
وفي هذه الحالة على القاضي أن يتأكد من ثبوت ملكية العقار للواعد ويتأكد كذلك من كون التصرف بالبيع الذي قام به تصرفا صحيحا ورسميا وليس بمقتضى ورقة عرفية أو بصورة شفهية لان هذا لا يعد دليلا قانونيا بيد الواعد لتبرير تراجعه عن تنفيذ الوعد، لأن التصرف العرفي أو الشفهي باطل بطلان مطلق في التشريع العقاري الجزائري، فإذا كان كذلك بقيت الملكية العقارية في حوزته وبيده ويجوز للموعود له عندئذ أن يتمسك بإبرام العقد النهائي للبيع ويجعل الحكم الذي تصدره المحكمة يقوم مقام العقد كما يشير إليه نص المادة 72 من التقنين المدني[20] .

أما إذا خلى ملف القضية من دليل يثبت ملكية الواعد للعقار أي أنه تصرف فيه بالبيع تصرفا صحيحا لشخص آخر وتم تسجيله وشهره وكان الموعود له يلتمس أساسا التماس وحيد وهو الإشهاد بصحة الوعد بالبيع وجعل الحكم يقوم مقام العقد، فإن القاضي الناظر في هذه القضية يحكم برفض الدعوى لعدم التأسيس لأنه لا غاية من الحكم بإلزام المدعى عليه بإتمام إجراءات البيع كون هذا الحكم سيبقى حبرا على ورق لإستحالة تنفيذه،كما أن القاضي لا يمكنه أن يحكم بأكثر مما طلبه الخصم، أما إذا كان يلتمس احتياطيا طلب تعويض وتبين له صحة عقد الوعد بالبيع حكم له بذلك. 



&المطلب الثالث: الحالات التي يعفى الواعد فيها من التعويض
الوعد بالبيع بالعقاري - كما سبق بيانه - ينشئ في ذمة الواعد التزاما شخصيا، ويرتب آثارا إذا اتفق المتعاقدان على جميع شروطه ومسائله الجوهرية، فإذا حدث وأن نكل الواعد وتراجع في وعده وجب عليه دفع تعويض للموعود له جزاءا على نكوله وتصرفه في العقار لشخص آخر.
 لكن هل نجد في الواقع العملي حالة الرجوع عن الوعد وفي نفس الوقت عدم دفع تعويض بنص القانون ؟
الإجابة على هذا السؤال هي نعم، وهذه الحالة هي نزع الملكية للمنفعة العامة بالنسبة للعقار الموعود ببيعه وفيها يخرج العقار من الذمة المالية للواعد ولا يدخل في الذمة المالية للموعود له لأنه يندرج ضمن أملاك الدولة مقابل تعويض عادل ومسبق[21] ، ويكون هذا النزع من أجل المنفعة العامة ويطرح السؤال فيما إذا كان التعويض الذي تدفعه الدولة يؤول إلى الواعد باعتباره مالكا للعقار أم يؤول للموعود له باعتبار الغاية من الوعد بالبيع ومساره الطبيعي لولا تدخل الدولة ؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل أعرف أولا نزع الملكية للمنفعة العامة والذي ورد في المادة 677 من القانون المدني وهو إجراء استثنائي تقتضيه المصلحة العامة، فحق الملكية كما يعلم الجميع حق يحميه القانون و الدستور ولا يسمح بوقوع اعتداء عليه بمظاهره الثلاثة من استعمال واستغلال وتصرف


مادام أنه يستغل في الإطار القانوني الذي يسمح به التشريع والتنظيم وأن يستغل وفق طبيعته وغرضه      لأن حق الملكية مضمون بنص الدستور. 
 غير أنه و ضمانا لحسن أداء المرافق العامة لمهامها، ومن أجل فعاليتها واستمراريتها أجاز المشرع للسلطة   الإدارية أن تسلك طريقا استثنائيا بغرض الحصول على ممتلكات عقارية كانت أصلا مملوكة ملكية خاصة، يتمثل هذا الطريق الاستثنائي في انتزاع ملك عقاري لشخص ما عنوة وبدون أن يتطلب الأمر رضاه وذلك في مقابل مالي على سبيل التعويض كما تشير إليه الفقرة الأولى من المادة 677 من التقنين المدني بقولها " لا يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إلا في الأحوال والشروط المنصوص عليها في القانون، غير أن للإدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها، أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة مقابل تعويض منصف وعادل ..." .
ويعتبر سلوك الإدارة في هذا المجال قرارا إداريا يستمد وجوده من التشريع ويجب أن يغطي التعويض الممنوح من طرف الإدارة ما لحق الشخص من ضرر وما فاته من كسب بسبب نزع ملكيته العقارية وهذا التعويض تعده مديرية أملاك الدولة ويمكن أن يكون مبلغ مالي أو عقارا مماثلا حسب كل حالة كما تشير إليه المادة 72 من قانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن قانون التوجيه العقاري.
ولقرار الإدارة بنزع الملكية للمنفعة العامة إجراءات يجب أن تستوفى منها:



E    التصريح بالمنفعة العمومية.
E    تحديد كامل للأملاك والحقوق العقارية المطلوب نزعها وتعريف هوية المالكين وأصحاب الحقوق الذين تنتزع منهم هذه الملكية.
E   تقرير عن تقييم الأملاك والحقوق المطلوبة نزعها[22].       
كما ينبغي لكي يكون قرار الإدارة صحيحا أن يخضع لإجراءات الشهر العقاري[23] ، لكي ينشأ لها حق الملكية ومن ثمة يلزم المعنيون بإخلاء الأماكن.
إذا كان العقار الذي نزعت ملكيته للمنفعة العامة محل وعد بالبيع من طرف مالكه لا يمكن بأي حال من الأحوال تنفيذ عقد الوعد بالبيع للاستحالة المطلقة وانتقال الملكية للدولة، وفي هذه الحالة الواعد لم يرتكب أي خطأ يجعله يتحمل المسؤولية أو يقدم تعويض على ذلك ويدخل هذا في إطارالقوة القاهرة لأن إرادة الواعد ليس لها يد في هذا القرار، ولذلك يعفى الواعد من دفع تعويض للموعود له عن عدم تنفيذ عقد الوعد بالبيع.
أما بالنسبة للتعويض الذي تقدمه الإدارة فإنه يكون من حق الواعد باعتباره مالكا للعقار والتعويض الذي يدفع تأسيسا على المادة 677 من التقنين المدني يؤول لمالك العقار، وملكية العقار في عقد الوعد


بالبيع لا تزال تحت يد الواعد مادام أن عقد البيع النهائي بينه وبين الموعود له لم يبرم بعد وبالتالي فلا وجود للشهر باعتباره ناقلا للملكية في التشريع الجزائري. 


خاتمـة


يتبين لنا مما سبق أن عقد الوعد بالبيع العقاري كسائر العقود المتعلقة بالعقار، له خصائص ومميزات تجعله يختلف عن الوعد بالبيع في المنقول، ذلك أن قيمة العقار ومكانته تختلف عن قيمة ومكانة المنقولة، فهو يحتل مكانة خاصة بالنظر إلى ثمنه المرتفع جداً مقارنة بالمنقول مهما بلغت قيمته، وكذلك بالنظر إلى الإجراءات الواردة على التصرفات التي تقع عليه.
ولعل أهم نتيجة نستخلصها من هذا البحث هي أن عقد الوعد بالبيع العقاري إذ احترمت فيه أركانه من رسمية وشهر فإنه يكتسب حجية على عاقديه، فنجده إذا كان صحيحا وخاصة مشهراً فإنه يحمي الموعود له من تلاعب الواعد فإن كان هذا الأخير قد تصرف في العقار وكان عقد الوعد بالبيع مشهر تقرر للموعود له التعويض وإن لم يتصرف الواعد في العقار ألزم من طرف القضاء بإتمام إجراءات البيع النهائي، وهذا أهم أثر لكون عقد الوعد بالبيع صحيحا ومشهراً فلا يخشى الموعود له من نكول الواعد إذا كان عقده صحيحاً.

                                                                                    تم بعون الله



&   النصوص القانونية:
1-   أمر رقم 75-58 مؤرخ في 20 رمضان، عام 1395 الموافق لـ 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني معدل ومتمم.
2-   أمر 66-154 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو سنة 1966 يتضمن قانون الإجراءات المدنية.
3-    مجمع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالعقار – طبعة 2005 دار هومة للطباعة والنشر- الصنف 100/4 الجزائر.
&    المراجع الفقهية
1-   أ.د / حمدي باشا عمر - القضاء العقاري - دار هومة - الجزائر 2005.
2-   د/ خليل أحمد حسن قدادة - الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري " عقد البيع "- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2001.
3-   د/ سليمان مرقس - العقود المسماة " عقد البيع " الطبعة الرابعة عالم الكتاب - القاهرة 1980.
4-   أ/ مجيد خلفوني - شهر التصرفات العقارية في القانون الجزائري- دون طبعة- 2007.
5-   د/ مدحت محمد الحسيني - إجراءات الشهر العقاري - دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية 1991.
6-   أ.د/ محمد يوسف الزغبي - العقود المسماة - شرح عقد البيع في القانون المدني - الطبعة الأولى مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع الأردن 2004.
7-   أ.د. ليلى زروقي و أ.د .حمدي باشا عمر -المنازعات العقارية- دار هومة – دون طبعة-2006.
&    الأحكام والقرارات القضائية
1-   حكم صادر عن محكمة شلغوم العيد – مجلس قضاء قسنطينة القسم العقاري رقم الجدول 0673/07 رقم الفهرس 1137/08 تاريخ الحكم 29/03/2008.
2-   قرار صادر عن مجلس قضاء قسنطينة الغرفة العقارية رقم القضية 00323/06 رقم الفهرس 00623/06 تاريخ الحكم 25/11/2006.
&   المواقع الإلكترونية
http /www.algerdroit.dz
http/www.jorad.dz       

&   المجلات القضائية
1.    المجلة القضائية للمحكمة العليا سنة 1992 العدد 03 .
2.    المجلة القضائية للمحكمة العليا سنة 2001 العدد 01.
3.    مجلة مجلس الدولة سنة 2003 العدد 03 .



الفـهــرس

                                                                                                                           الصفحة

المقدمة .....................................................................................................................................................   01
الخطة .......................................................................................................................................................   02
المبحث التمهيدي .................................................................................................................................   03
البيع بالعربون ........................................................................................................................................   06
العقد الابتدائي  ....................................................................................................................................   06
البيع على التصاميم  .................................................................................................................................   07
الوعد بالشراء  .......................................................................................................................................   07
الوعد بالبيع والشراء  ...........................................................................................................................   07
أثار الوعد بالبيع العقاري  ..................................................................................................................   08
المبحث الأول: خصائص الوعد بالبيع العقاري .............................................................................   10
المطلب الأول: الرسمية .........................................................................................................................   12
المطلب الثاني: الشهر ...........................................................................................................................   15
المطلب الثالث: التعيين الدقيق للعقار ...............................................................................................   18
المبحث الثاني: مصير الوعد بالبيع العقاري .....................................................................................   19
المطلب الأول: تنفيذ الوعد بالبيع العقاري .....................................................................................   21
المطلب الثاني: التراجع عن الوعد بالبيع العقاري ...........................................................................   23
المطلب الثالث: الحالات التي يعفى فيها الواعد من التعويض ......................................................   26
الخاتمة .....................................................................................................................................................   29
قائمة المراجع .........................................................................................................................................   30
الفهرس  ...............................................................................................................................................   31











[1] . كثيرا ما يحدث ذلك في البيع عن طريق المزايدة إذ ينص في شروط المزايدة على أن إرساء المزاد على شخص معين، لا يعتبر عقدا وعلى أن التعاقد لا يتم إلا بتحرير وثيقة وتوقيعها من الطرفين ففي الفترة ما بين رسو المزاد وتحرير العقد لا يكون هناك عمل قانوني ثابت بل مجرد مشروع متفق عليه.

[2] . وكصورة عملية للوعد بالشراء أن يحصل أحد الأشخاص أراد أن يبيع عقاره على وعد بشرائه من شخص آخر إذا ما هو أبدى رغبته خلال مدة معينة يتفق عليها بالبيع أو يكون صاحب العقار يريد بيعه بأعلى الأثمان فيحصل على وعد بالشراء من أحد الأشخاص فإذا وجد صاحب العقار من يزيد على المشتري الواعد باع له وإن لم يجد باع المشتري.

[3] . الوعد المتبادل بالبيع والشراء الملزم للجانبين يقع لو قال- أعدك أن أبيع منزلي مقابل مبلغ كذا فيجيب الشخص الآخر- أعدك أن أشتري منك هذا المنزل بالثمن الذي تطلبه فهذا الوعد في هذه الصورة يعتبر بيعا في الحال، لأنه لا حاجة لرضاء جديد من أي الجانبين.
[4] . يعتبر من قبيل القوة القاهرة قرار الادارة العامة بنزع ملكية العقار للمنفعة العامة فالتعويض الذي تدفعه الإدارة في هذه الحالة يكون من نصيب الواعد وليس الموعود له وهذا رأي الفقه الفرنسي أما القضاء الفرنسي فيقضي بالتعويض للموعود له باعتباره حل محل العقار أي وفق نطرية الحلول العيني فإذا هلك جزء من العقار وكان مؤمنا عليه فإن مبلغ التأمين من نصيب الموعود له إذا قبل شراءه باعتبار التأمين في هذه الحالة من قبيل المستلزمات للشيء المستخلف فيه على خلاف من يعتبر الحق في التأمين من ملحقات المبيع.

        [5] . المادة 60 من القانون المدني الجزائري.
[6] .  وبالتالي يجب استبعاد الرأي الذي يذهب إلى أن الوعد بالبيع عبارة عن بيع معلق على شرط لأن الموعود له لم يربط وقت الوعد تحت أي نوع من الشروط فلا يكون لإبداء الرغبة من الموعود له أثرا رجعيا.

[7] . يختلف رأي الدكتور السنهوري بقوله أنه يجوز أن يعتبر هذا الوعد عقدا غير معين ورتب التزاما شخصيا في ذمة الواعد، ولما كان قد تعذر تنفيذ هذا الالتزام عينا، فلا يبقى إلا التعويض يحكم به على الواعد.

[8] . عقد البيع في القانون المدني الجزائري – محمد حسنين –ص 103

[9].  القضاء العقاري - حمدي باشا عمر - ص 98 .
[10] . قرار رقم 56500 المؤرخ في 26/03/1999 المجلة القضائية 1992 عدد 03 ص – 112.
[11] . القضاء العقاري – حمدي باشا عمر – ص 101 .
[12] . المشرع المصري يفرق بين العقارات الممسوحة التي تخضع للشهر العيني والعقارات غير الممسوحة التي تخضع للشهر الشخصي.

[13]  . تبنى مجلس الدولة نفس الموقف في القرار رقم 004983 مؤرخ في 15/07/2002 منشور في مجلة مجلس الدولة العدد 03 لسنة 2003 ص 155.

[14]  . قرار رقم 223852 مؤرخ في 24/05/2000 مجلة قضائية 2001 عدد 01 ص 138 .

[15] .  عقد البيع في القانون المدني الجزائري - محمد حسنين - ص- 198 .      
[16] . عقد البيع في القانون المدني الجزائري - محمد حسنين - ص33 .

[17] . عقد البيع في القانون المدني الجزائري - محمد حسنين - صفحة 48 .

[18] . شهر التصرفات العقارية في القانون الجزائري -مجيد خلوفي - ص -181.
[19]  . شهر التصرفات العقارية في القانون الجزائري - مجيد خلفوني- ص 176.
[20] .المادة 72 من التقنين المدني: " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد الأخر طالبا تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم مقام العقد ".

[21].  المادة 677/01 من التقنين المدني: " لا يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إلا في الأحوال والشروط المنصوص عليها في القانون غير أن للإدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها، أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة مقابل تعويض منصف وعادل".
[22] . المادة 03 من القانون رقم 91/11 المؤرخ في 27/04/1991.

[23] . شهر التصرفات العقارية في القانون العقاري الجزائري - مجيد خلفوني - ص 145.


تعليقات