القائمة الرئيسية

الصفحات



العقار غير المحفظ

العقار غير المحفظ




مقدمة:
لقد شكلت االرض العامل االنتاجي الطبيعي الثاني الذي يكون مع العامل االول، عمل االنسان، العنصرين
الوحيدين لالنتاج، و بالرغم مما عرفه عالم االقتصاد مع تعاقب العصور، من تطور كبير أدى الى خلق
رؤوس أموال جديدة ، فان عنصر األرض بقي حتى االن يلعب دورا مهما في االنتاج بجانب العمل و العوامل
االنتاجية االخرى.
فاألرض أوالعقار بوجه عام أساس كل تنمية إقتصادية و إجتماعية و حتى سياسية ، و بالتالي فهو بحاجة
إلى ملكية عقارية تقوم على أساس ثابت و ذلك عن طريق حمايتها بسياج من التنظيم و التشريع لذلك نجد
أن المواثيق الدولية و الدساتير والقوانين كلها تجمع على حماية هذا الحق .
إال أن المحلل للنظام القانوني العقاري بالمغرب ، يجد أنه يتميز بخاصية أساسيية تتمثل في ازدواجيته بين
عقا ارت محفظة و أخرى غير محفظة ، وكما هو معلوم أن هذا الوضع الذي ال إليه العقار بالمغرب له
إرتباط أساسا بعوامل تاريخية محضة ، فهو نتيجة طبيعة الوضعية القانونية التي عاشها المغرب منذ بسط
الحماية عليه تطبيقا لالتفاقية المبرمة بين السلطان و الجمهورية الفرنسية بمدينة فاس بتاريخ 9191/30/03
، فقبل هذا التاريخ لم يكن المغرب يعرف أي تنظيم سوى تنظيم العقار المدني بأشكاله التقليدية ، ولم يكن
تعبير العقار غير المحفظ متداوال و ال معروفا ، إال بعد الحماية . و بالتالي فإن مصطلح العقار غير
المحفظ قد ظهر بعد الحماية وقد اطلقت عليه تسميات مختلفة منها العقار العادي والعقار األصيل، وتسمية
العقار الملك وهي اصطالحات وإن كانت مختلفة من حيث المبنى إال أنها متحدة من حيث المعنى، و يراد
بها أساسا ذلك العقار الذي لم يسبق أن خضع لنظام التحفيظ العقاري المنظم بظهير91غشت9190 والذي
عدل وتمم بقانون رقم31.90 ،وإنما هذا العقار- العقار غير المحفظ- بقي كما هو منذ فجر التاريخ يخضع
قبل اإلسالم لألعراف المحلية وبعد الفتح اإلسالمي للفقه المالكي وأحيانا لبعض األعراف كما أن بعض
الفقه كان ال يرى مانعا من إخضاع العقار غير المحفظ ألحكام قانون االلتزامات والعقود، وبالتالي كان يثار
نقتش فقهي و تضارب قضائي حول أولوية التطبيق بين أحكام الفقه المالكي و قانون اإللت ازمات والعقود إال
أنه بصدور القانون رقم33.01 المتعلق بمدونة الحقوق العينية قد نص على إزالة االختالف الذي كان بين
الفقه والقضاء حول األسبقية في التطبيق بين أحكام الفقه اإلسالمي ونصوص االلتزامات و العقود بالنسبة
للعقارات غير المحفظة وهكذا نصت الفقرة الثانية من المادة األولى من القانون رقم33.01 على ما يلي:
)تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في1 رمضان9009(91غشت9190 )بمثابة قانون االلتزامات
والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به
العمل من الفقه المالكي(.





فقبل فترة الحماية إذن وقبل إقرار نظام التحفيظ العقاري في 91 غشت9190 كان المغرب ال يعرف إال
تنظيما واحدا وهو العقار المدني بأشكاله التقليدية ولم يكن تعبير عقار غير محفظ متداوال و ال معروفا، ومع
إقرار نظام التحفيظ العقاري بمقتضى ظهير1 رمضان9009(91 غشت9190 )وظهير 91
رجب9000(1يونيو9191 الملغى( المتضمن للقواعد التي تطبق على العقارات المحفظة أصبح المغرب
يتوفر على ازدواجية لنظامه العقاري، عقارات محفظة وأخرى غير محفظة، ويعتبر العقار غير المحفظ هو
األساس ألن العقار المحفظ كان أصال عقارا غير محفظ فتحول وضعه القانوني والمادي بعد اتباع مسطرة
التحفيظ التي هي مجموعة من اإلجراءات الرامية إلى إخضاع العقار غير المحفظ للنظام المحدث بمقتضى
ظهير91 غشت9190 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه.
إن االعقار غير المحفظ الزال يغطي نسبة كبيرة من األراضي الخاضعة لنظام الملكية الخاصة بالبالد وهو
يخضع على خالف العقار المحفظ لنظام الشهر الشخصي الذي يقوم على أساس شخص مالك العقار أو
أشخاص لحقوق العينية عليه، حيث ال بد لذي المصلحة لكي يحيط بالوضع المادي والحقوقي لعقار ما،
ويطمئن لسالمة التصرف المزمع إبرامه عليه من الرجوع إلى سائر السندات التي نظمت باسم المالكين أو
أصحاب الحقوق العينية المتعاقبة، والتأكد من أن المتصرف قد قام هو نفسه أو بواسطة سلفه بحيازة العقار
طيلة مدة التقادم المكسب و بالتالي البد من توفير الحماية القانونية و القضائية الالزمة لهذا النوع من
العقارات .
و يتميز العقار غير المحفظ بتنوع المصادر المكسبة له حيث نجد أن أسباب ملكيته تتأرجح بين التصرفات
قانو نية المكسبة للملكية و أخرى مادية نظمها المشرع المغربي في الكتاب الثاني من مدونة الحقوق العينية
، كما أن المشرع المغربي قد أوجب رسمية هذه التصرفات القانونية الواقعة عليه من خالل المادة الرابعة
من مدونة الحقوق العينية ، سعيا منه إلى تكريس مبدأ األمن القانوني و استقرار التصرفات الواقعة على
العقار غير المحفظ .
إال أنه و بالرغم من كل هذه المستجدات التي جاءت بها مدونة الحقوق العينية فيما يخص العقار غير
المحفظ ، فالزالت هناك العديد من اإلشكاليات القانونية التي تتعلق أساسا بمدى توفير الحماية الالزمة
للعقار غير المحفظ خاصة في ضل تفشي ضاهرة اإلستيالء على عقارات الغير . من هنا تظهر لنا أهمية
موضوع العقار غير المحفظ ، أهمية يمكن النظر إليها من زاويتين أساسيتن ، الزاوية األولى تتعلق بأهمية
الموضوع من الناحية النظرية و التي تتمثل في معرفة اإلطار القانوني المنظم للعقار غير المحفظ ومميزاته
، أما الزاوية الثانية فتتمثل في أهمية الموضوع من الناحية العملية و ذلك لمعرفة مدى توفير اإلطار
التشريعى للحماية الالزمة للعقار غير المحفظ ، و مدى مساهمة القضاء في توفير الحماية للعقار غير
المحفظ من خالل البث في المنازعات المتعلقة به .

4

و من هنا تبرز إشكالية هذا الموضوع و التي سنصوغها على الشكل التالي :
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير الحماية الالزمة للعقار غير المحفظ و تجاوز اإلشكاالت التي
يثيرها؟
هذه اإلشكالية ا تتفرع عنها عدة تساؤالت يمكن إبرازها في األتي :
ما هو اإلطار القانوني المنظم للعقار غير المحفظ ؟
و ما هي مصادر كسب ملكيته ؟
ما هي الحماية القانوني والقضائية التي يتمتع بها العقار غير المحفظ ؟
لإلجابة عن هذه اإلشكالية و التساؤالت المتفرعة عنها سنعتمد التصميم التالي :
المبحث األول: األحكام العامة للعقار غير المحفظ:
المبحث الثاني :حماية العقار غير المحفظ في ضل ظاهرة اإلستيالء على العقارات :



تعليقات