القائمة الرئيسية

الصفحات



خصوصيات الكمبيالة الموحدة من إعداد : محمد عماد الدين أغربي

خصوصيات الكمبيالة الموحدة

من إعداد : محمد عماد الدين أغربي




تقديم :
تعتبر الكمبيالة من بين الأوراق التجارية التي يتعامل بها التجار بمناسبة نشاطهم التجاري، وقد عرفها أحد الفقهاء بأنها: صك أو محرر مكتوب وفقا لأوضاع شكلیة معینة حددھا القانون، تتضمن أمرا من شخص یسمى "الساحب"

لشخص أخر یسمى "المسحوب علیھ" بأن یدفع مبلغا معینا من النقود
بمجرد الاطلاع أو في تاریخ معین أو قابل للتعیین، لشخص ثالث یدعى "المستفید" أو "الحامل" [1].

ونظرا للأهمية التي تكتسيها الكمبيالة في الميدان التجاري، عمل المشرع المغربي على تنظيمها في القسم الأول من الكتاب الثالث من مدونة التجارة[2]، وبما أن الميدان التجاري من خصائصه ومميزاته التطور المستمر والمتواصل، فقد كان من اللازم تجديد المقتضيات المنظمة للكمبيالة وجعلها مسايرة للعصر الحالي، وهو ما تم بالفعل عن طريق منشور والي بنك المغرب رقم D20/G/2007 الصادر بتاريخ 27 فبراير 2007، المنظم للكمبيالة الموحدة، ولقد ترتب عن هذا الوضع وجود نوعين من الكمبيالة، كمبيالة (عادية) وهي التي تم تنظيمها في مدونة التجارة، وكمبيالة موحدة المنظمة بموجب منشور والي بنك المغرب .
وإذا كانت الكمبيالة العادية قد نالت ما يكفي من الكتابات والدراسات والأبحاث، فإن الكمبيالة الموحدة لم يتم الإقبال عليها، وبالتالي لازالت غامضة بالنسبة للمواطنين عامة، والباحثين خاصة، من أجل ذلك قمنا بمحاولة متواضعة في هذه المقالة، لعلنا نوضح مدلول الكمبيالة الموحدة، ونقف على أوجه الاختلاف بينها وبين الكمبيالة العادية التي تم تنظيمها في مدونة التجارة .
وارتأينا تقسيم هذه المقالة إلى مطلبين، الأول سنعالج فيه مفهوم الكمبيالة الموحدة، في حين سنخصص المطلب الثاني لأوجه الاختلاف بين الكمبيالة الموحدة والكمبيالة العادية .



المطلب الأول : مفهوم الكمبيالة الموحدة
تعتبر الكمبيالة الموحدة بدورها ورقة تجارية، أحدثها والي بنك المغرب بموجب منشوره لأسباب عديدة أهمها، توحيد الكمبيالات بين الأبناك لتكون على شكل واحد دون أدنى اختلاف فيما بينها، والسبب الثاني الذي هو الأهم هو حماية المتعاملين بهذه الورقة من أي تزوير أو تزييف أو نصب قد يتعرضون له .
ويجب أن تحرر الكمبيالة الموحدة وفق شاكلة حددها بنك المغرب في قراره[3] رقم LC41/DOMC/07 باللغتين العربية والفرنسية، وتضعها المؤسسات البنكية رهن إشارة زبائنها التجار للتعامل بها أثناء مزاولة نشاطهم، ويتضح على أنها قريبة نوعا ما إلى الشيك، وقد نظم ذلك القرار الخصائص التي يجب أن تتوفر في الكمبيالة الموحدة بشكل عالي الدقة، من قبيل وزن الورقة، نوع الورق المستعمل في إنجاز الكمبيالة الموحدة، طول الورقة، عرض الورقة، وغيرها من المواصفات الدقيقة التي يجب توفرها حتى تكون مقبولة ويمكن إصدارها من قبل المؤسسات البنكية .
ووعيا منا بأن الاقتصار على الجانب النظري قد يجعل البحث معيبا وقاصرا، لذلك سنقوم بتقديم نموذجين للكمبيالة الموحدة بغية توضيح الصورة أكثر عن هذا الصنف من الكمبيالات :




المطلب الثاني : أوجه الاختلاف بين الكمبيالة الموحدة والكمبيالة العادية
فبالرغم من وجود تشابه بين الكمبيالة الموحدة والكمبيالة العادية المنصوص عليها في مدونة التجارة ،إلا أنه توجد اختلافات كثيرة أيضا، لا من حيث شكل الكمبيالة أو مضمونها وهو ما سنتطرق إليه في النقط التالية :
·       تتمثل نقطة الاختلاف الأولى في كون أن الكمبيالة العادية تباع من طرف المطبعات وكذا في المحلات المخصصة لبيع التبغ، حيث بإمكان لأي شخص أن يقوم بإصدار الكمبيالة الأمر الذي نتج عنه انعدام الثقة أثناء التعامل بها، وضعف قيمتها كوسيلة أداء وائتمان، أضف إلى ذلك سهولة تزويرها وكذا الاحتيال بواسطتها، الأمر الذي دفع بنك المغرب إلى إعطاء الحق للمؤسسات البنكية لإصدار الكمبيالات الموحدة .
·       طبقا للمادة 159 من مدونة التجارة يتبين لنا أن الساحب هو من يبادر إلى إنشاء الكمبيالة ومن ثم القيام بملئها وتقديمها للمسحوب عليه من أجل قبولها، أما فيما يتعلق بالكمبيالة الموحدة فإن الأطراف تختلف فالساحب هو المدين حيث يبادر إلى إصدار الكمبيالة الموحدة وتكون المؤسسة البنكية هي المسحوب عليه حيث تقوم بدفع المبلغ المتضمن في الكمبيالة إلى المستفيد من حساب زبونها الذي هو الساحب، هذا وتسلم المؤسسة البنكية لزبونها دفتر الكمبيالات حسب الحجم الذي يناسبه إما 10- 25- 50- 100 ورقة من الكمبيالة الموحدة [1].
·       الكمبيالة العادية تملأ بواسطة خط اليد، أما الكمبيالة الموحدة فهي تصدر متضمنة للبيانات المتعلقة بالساحب، كالاسم والعنوان والمدينة التي يقطن فيها ورقم الحساب، كما تتضمن أيضا المعلومات الخاصة بالمؤسسة البنكية كالتسمية والعنوان.
·       من بين أوجه الاختلاف أيضا الأمر بالدفع حيث يأمر الساحب المؤسسة البنكية بتحويل مبلغ الكمبيالة إلى المستفيد، في حين أن الكمبيالة العادية يأمر الساحب المسحوب عليه الذي هو مدينه بدفع المبلغ للمستفيد .
·       وفيما يتعلق بالشكل، فإنه لم يسلم بدوره من الاختلاف، حيث الكمبيالة العادية يختلف شكلها وحجمها من مطبعة لأخرى، أما بخصوص الكمبيالة الموحدة فإن شكلها وحجمها وطولها وعرضها ووزنها محددا بين جميع الأبناك .
·       الكمبيالة العادية يمكن أن تصدر من التاجر أو من غيره لأنها متاحة للعموم، أما الكمبيالة الموحدة محصورة على التجار فقط، فبعد صدور قرار بنك المغرب فإنه قنن من استعمالها وحتم على المسحوب عليه الإدلاء بشهادة التقييد في السجل التجاري أو شهادة تثبت ممارسته للتجارة للمؤسسة البنكية حتى يتسنى له الحصول على الكمبيالات الموحدة.


·       من بين مميزات الكمبيالة الموحدة هو إنفرادها برقم خاص يميزها عن غيرها من الكمبيالات الموحدة، وهذا ما لا نجده في الكمبيالات العادية [2].
·       وفيما يتعلق بتوقيع الأطراف فنجد في الكمبيالة الموحدة أن هناك مكانين للتوقيع من طرف الساحب، مكان في الأمر بالدفع والآخر في القبول، أما بخصوص المستفيد فإنه يوقع في الخانة المخصصة له، وفي ظهر الكمبيالة، أما بالنسبة للكمبيالة العادية المنصوص عليها في مدونة التجارة، يوقع كل منهما توقيعا واحدا.
·       قبل سنة 2007 كان كل ممثل عن شركة بنكية يتوجه إلى بنك المغرب مصاحبا معه الكمبيالات التي تلقتها المؤسسة التابع لها على أن يتم تداولها داخل قاعة تسمى "تبادل القيم" حيث تقوم المؤسسات البنكية بتبادل الكمبيالات فيما بينها، ومراعاة للنشاط التجاري الذي يتسم عموما بالسرعة والحركة الدؤوبة تم ابتكار طريقة أكثر فاعلية تتمثل في نقل صورة الكمبيالة للمؤسسة التي أصدرتها بشكل إلكتروني، على أن تقوم المؤسسة المتلقية بالرد إما بالقبول وتحويل المبلغ المتضمن في الكمبيالة أو الرفض بسبب عدم وجود النقود في الحساب، ويتم الأداء بواسطة هذه الطريقة داخل أجل 48 ساعة .
·       نص المشرع من خلال الفقرة الأولى من المادة 163 من مدونة التجارة على أنه : "إذا حرر مبلغ الكمبيالة بالأحرف والأرقام في آن واحد يعتمد المبلغ المحرر بالأحرف عند الاختلاف..." وبخصوص الكمبيالة الموحدة في حالة ما إذا وقع الاختلاف بين المبلغ المكتوب بالأرقام والحروف فإن المؤسسة البنكية ترفض استيفاء الكمبيالة بحجة عدم التطابق بين المبلغ المكتوب بالحروف والأرقام[3] .
·       يعتبر شرط الرجوع بدون مصاريف بيانا اختياريا في الكمبيالة العادية الواردة في مدونة التجارة، في حين أصبح هذا الشرط إلزاميا في الكمبيالة الموحدة .
بناء على ما وقفنا عليه في هذا المقال حول مفهوم الكمبيالة الموحدة وأوجه الاختلاف بينها وبين الكمبيالة العادية، يتبين لنا مدى حرص بنك المغرب على جعل الكمبيالة الموحدة أكثر ضمانا وبالتالي تشجيع التجار على التعامل بها بكل طمأنينة لاسيما وأن المؤسسة البنكية هي من تتولى إصدارها بالإضافة إلى الحماية القانونية التي يتمتع بها الحامل من خلال قانون الصرف .





[1] -معلومات تلقيناها من طرف المؤسسة البنكية "تجاري وفا بنك" بتاريخ : 2015/12/ 07.

[2] -معلومات تلقيناها من طرف المؤسسة البنكية "الشركة العامة" بتاريخ :2015/12/07 .
[3] معلومات تلقيناها من طرف المؤسسة البنكية "القرض الفلاحي" في تاريخ : 2015/12/07 .               






[1] أحمد  شكري السباعي، الوسيط في الأوراق التجارية الجزء الأول، ص: 117 .
[2] ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 من ربيع الأول 1417 (فاتح أغسطس 1996) بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4418 الصادرة بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 (3 أكتوبر 1996)  ص: 2187 .
[3] الصادر بتاريخ 20 مارس 2007، المحدد للخصائص التقنية للكمبيالة الموحدة .

تعليقات