📁 آخر الأخبار

قراءة في القانون المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم 50.00

قراءة في القانون المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم 50.00





قراءة في القانون المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم 50.00

مقدمة

إن المفھوم الواسع للقضاء والعدالة یشمل عدة أجھزة تتدخل في العملیة
القضائیة إلى جانب القاضي الذي یبت في النزاعات، حیث أملت التطورات التي
عرفتھا الحیاة في جمیع المجالات، نتیجة للتغییر العمیق في العلاقات بین الأفراد
والمؤسسات، ظھور صیغ جدیدة من المعاملات التي أحدثت تشعبا في الوضعیات
القانونیة، على المشرع تنظیم مجموعة من المھن القانونیة والقضائیة التي تساعد
القضاء في أداء مھامھ، ومن ضمنھا مھنة الترجمة القضائیة.
والترجمة في معناھا نقل من لغة أجنبیة إلى ما یقابلھا في لغة أخرى،
ونجاحھا یعتمد على مدى استیعاب المترجم للغتین ولأبجدیات فن الترجمة؛ وبتعبیر
آخر الترجمة ھي نقل المعلومات بمختلف الوسائل المقروءة والمرئیة والمسموعة
1 والمكتوبة من لغة إلى أخرى، أو من لغة إلى لغات عدیدة، وھذا النقل لھ قسمان
:

1 -التعجیم: وھو النقل من اللغة العربیة إلى لغة أو لغات أجنبیة.
2 -التعریب: ویعني عملیة النقل من لغة أعجمیة أو لغات إلى اللغة العربیة.
ومع تنامي الحاجة إلى الترجمة والمترجمین، ازدادت كذلك أنواع الترجمة
وتعددت أشكالھا بتعدد مجالات استعمالھا نذكر على سبیل المثال: الترجمة التحریریة
وھي ترجمة نص مكتوب إلى نص مكتوب بلغة أخرى، والترجمة التتبعیة تحدث
عندما یستمع المترجم للمتحدث، ولما یصمت المتحدث یبدأ المترجم بإعادة ما قالھ
المتحدث باللغة المترجم لھا، والترجمة الفوریة وھي ترجمة ما یقال من قبل شخص
أثناء حدیثھ، بحیث یضع المترجم سماعة یستمع من خلالھا للمتحدث و یترجم في
نفس الوقت إلى اللغة الأخرى، وتحدث في بعض المؤتمرات الدولیة، وھي أصعب
أنواع الترجمة على الإطلاق، بحیث یقطع المترجم مراحل متعددة في التكوین قبل
وھناك الترجمة الآلیة وھي ترجمة یقوم بھا





الحاسوب أو الآلة بدون تدخل الإنسان.
فقد ظھرت الترجمة منذ عھد قدیم، واحتلت مكانة ھامة داخل مختلف
الحضارات، و بفضلھا تم التواصل بین الشعوب المختلفة اللغة، و التقالید والعادات،
فالترجمة تعزز العلاقات بین الأمم و تقرب بینھم مما یساھم لا محالة في ازدھار
التلاحق الحضاري.
3 ویرجع تاریخ الترجمة في العصر الإسلامي

إلى عھد الرسول صلى الله علیھ
وسلم حیث كان یعتمد على زید بن ثابت الأنصاري لیترجم لھ الكتابات التي كان
یرسلھا الملوك بلغات مختلفة كالفارسیة والرومیة والحبشیة، وقد كان یلقب ''بترجمان
4 الرسول''

صلى الله علیھ وسلم. كما احتلت الترجمة مكانة خاصة في العھدین
العباسي والأموي، فبفضل الترجمة تمكن المسلمون من الإطلاع على الفكر الیوناني،
5 وبالترجمة عرف العالم الغربي الفكر و الثقافة الإسلامیة

، فقد تمت ترجمة العدید من
الكتب الإسلامیة والسیرة النبویة للرسول صلى الله علیھ وسلم، نظرا لكون التاریخ
الإسلامي حافل بالعلم والمعرفة، فالحضارة الغربیة اعتمدت في تأسیس جذورھا
وتطورھا على الفكري الإسلامي وعلى اكتشافات المسلمین قدیما.
و للترجمان دور جد ھام ، حیث یساھم في تیسیر سبل التفاھم بین بني
البشر من مختلف بقاع العالم، فكلما كان ھناك ترابط بین لغتین أو ثقافتین حضر
المترجم كحلقة وصل بینھما، لذلك فالترجمان یعتبر أمینا في ترجمة ونقل المعرفة من
لغة أو ثقافة إلى لغات أو ثقافات متعددة، و الإسلام حث على الأمانة والصدق
والأخلاق، فقد جاء في حدیث عن الرسول صلى الله علیھ وسلم أنھ قال: "لا إیمان لمن
لا أمانة لھ، ولا دین لمن لا عھد لھ".لذلك على المترجم التحلي بصفات الصدق
والأمانة في نقل المعلومة والنزاھة والحیاد، والتوفر على الكفاءة، واحترافھ مجال
الترجمة، مع التقید بالقوانین التي تؤطرھا.
وقد أصبحت الترجمة في العصر الحالي ضرورة حاسمة للانفتاح والتطور،
بل أضحت العنصر الحاسم في تكریس " مجتمع المعرفة" الذي یستطیع تحقیق التنمیة
الثقافیة والحضاریة والعلمیة عبر امتلاكھ لغات متعددة، للإطلاع على ما ینتجھ
الآخرون، فالترجمة لم تعد مسألة أسلوبیة ولغویة بل صارت مسألة حضاریة وثقافیة لا
غنى عنھا، لأن التطور الھائل في مجال العلوم في ظل بزوغ مجتمع تكنولوجي نتیجة
للثورة الصناعیة التي عرفتھا المجتمعات في العصور الأخیرة ، والتي أفرزت سیاسة
العولمة التي تفرض حتمیة مواكبة التطور العلمي ومسایرة الاقتصاد العالمي، أدت إلى
تزاید الطلب والاھتمام بالترجمة، وھو ما فرض تكتل المترجمین في شكل شركات
اعتباریة تقدم خدمات للأفراد والدول والمؤسسات في مختلف المجالات المعرفیة،
بترجمة الكتب والمقالات العلمیة وآخر الأبحاث التي توصل إلیھا العقل البشري.
ونتیجة لذلك اكتسحت الترجمة مختلف العلوم وشملت شتى المجالات، سواء
في العلوم الطبیعیة أو العلوم الإنسانیة أو العلوم الاجتماعیة...كما ھو الحال في مجال
العدالة، حیث للترجمة دور مھم في المجال القضائي، فھي تساھم في ضمان حقوق
الأطراف عندما یكون ھناك طرف لا یتقن لغة القاضي، وبالتالي المساھمة في
حسن سیر الجلسة، وضمان المحاكمة العادلة، فالترجمان المقبول لدى المحاكم یعد
مساعدا للقضاء، یقوم بترجمة التصریحات الشفویة والوثائق والمستندات المراد
الإدلاء بھا أمام القضاء في حدود اللغة أو اللغات المرخص لھ بالترجمة فیھا.
والترجمة القانونیة مھنة عریقة في المغرب، حیث ترجع بدایاتھا إلى سنة
1913 ،فبصدور الظھیر الشریف الصادر في 9 رمضان 1330 الموافق ل12
غشت 1913 المتعلق بقانون المسطرة المدنیة نص في فصلھ 45 على إحداث منصب
6 التراجمة العدلیین





، فقد عرف الإطار القانوني المنظم للمھنة تطورا تشریعیا مھما
عكس رغبة المشرع في النھوض بھذه المھنة والارتقاء بھا، وتجلى ذلك بصدور عدة
نصوص قانونیة تعنى بتنظیم ھذه المھنة، تتمثل في:
- صدور الظھیر الشریف لسنة 1920 الذي حدد شروط الولوج إلى مھنة
التراجمة العدلیین.
- سنة 1923 صدر ظھیر شریف یحدد صفة الترجمان، وتم تغییر التسمیة
من الترجمان العدلي إلى الترجمان المحلف.
- وفي سنة 1960 صدر ظھیر 1960 المتعلق بوضع جداول التراجمة
المقبولین لدى المحاكم، والذي عمر لمدة 41 سنة إلى غایة صدور القانون رقم
50.00 المنظم لمھن التراجمة المقبولین لدى المحاكم.
إن أھم ما یمیز ھذا القانون أنھ فصل بین نظامي الترجمة والخبراء نظرا لاختلاف
طبیعتھما وأساسھما القانوني، بعد أن كانا منظمین معا بموجب قانون واحد وھو ظھیر
30 مارس 1960 المتعلق بوضع جدول الخبراء والتراجمة المقبولین لدى المحاكم.
وقد جاء القانون الحالي بعدة مستجدات أھمھا تلك المتعلقة بشروط الولوج إلى المھنة
والتكوین والمراقبة، وذالك في إطار برنامج إصلاح القضاء لوضعیة المھن القانونیة
المساعدة لھ، ومواكبة لورش إصلاح منظومة العدالة الذي یعد من الأوراش الكبرى
والمھمة في بلادنا، وذلك في أفق استكمال دولة الحق والقانون والمؤسسات، وفق
اختیار استراتیجي لا رجعة فیھ. مبني على المقاربة التشاركیة والمندمجة لجمیع
القطاعات الحیویة والفعالیات المؤھلة المعنیة بإصلاح منظومة العدالة.
وتتجلى أھمیة الموضوع في كون مھنة التراجمة المقبولین لدى المحاكم، من
بین المھن القانونیة المعنیة بالإصلاح العمیق والشامل لمنظومة العدالة، نظرا لدورھا
في خدمة القضاء الأمر الذي یقتضي الوقوف على واقع ھذه المھنة، والتحدیات التي
تعرفھا، في أفق مواكبة مخرجات میثاق إصلاح منظومة العدالة ببلادنا، وذلك تعزیزا
لمكانة المھن القانونیة والقضائیة كرافعة أساسیة للتنمیة وحمایة الحقوق والحریات.
وبناء على ما سبق تطرح إشكالیة مفادھا:
إلى أي حد استطاع القانون رقم 50.00 تنظیم مھنة
التراجمة المقبولین لدى المحاكم؟ وما ھي إكراھات ممارسة المھنة
في الواقع العملي وأفاق الإصلاح؟
للإجابة على ھذه الإشكالیة ارتأینا أن نقسم موضوع عرضنا ھذا إلى مبحثین
اثنین:
 المبحث الأول: الإطار القانوني المنظم لمهنة التراجمة
المقبولين لدى المحاكم.
 المبحث الثاني: الجمعية المهنية للتراجمة و إكراهات
المهنة في الواقع العملي


تعليقات