القائمة الرئيسية

الصفحات



موضوع بعنوان: السياسة العقابية والوقائية للدولة

موضوع بعنوان: السياسة العقابية والوقائية للدولة


إعداد الطلبة:                                                                                                                                                                   تحت إشراف األستاذ:
                                                                                                                                                                                   د. عبد اإلله متوكل
أحمد الحجوجي
بالل الهيري
أحمد أمين أوسفار
محمد اليزري
وليد أقضاض


مقدمـــــــــــــة
إن اجلرمية ظاهرة اجتماعية ارتبطت باإلنسان وعرفت منذ وجوده، وتطورت
وتعقدت أشكاهلا وتنوعت مناهجها ووسائلها مع تقدم اجملتمعات وتطورها، ونظرا
ملا ختلفه هذه الظاهرة من أضرار على الدول بصفة عامة كانت وال تزال حمل اهتمام
العديد من الباحثني والدارسني ورجال القانون سعيا منهم يف معاجلتها والقضاء عليها.
فوضعت هلا يف بداية األمر عقوبات كان هدفها االنتقام للجماعة من اجملرم
فاختلفت اساليب هذا االنتقام بني القتل والتعذيب والنفي، بل تعدت حىت إىل أهل
املذنب وقبيلته فكانت تقام احلروب بني القبائل وتباد عن آخرها بسبب ذنب ارتكبه
أحد أفرادها، ومع تطور اجملتمعات بدأت تتغري النظرة للجرمية وحتولت إىل االهتمام
باجلاين وطرق املعاملة معه، فظهرت أفكار جديدة لعل أمهها كان تفريد العقوبة
وشخصية العقوبة وكذا املسؤولية اجلنائية... مشكلة فيما بينها ما يعرف بالسياسة
1 اجلنائية
.
بالرغم من أن مدلول السياسة اجلنائية ليس من الوضوح الكايف حىت نتبني
أبعاده ألول وهلة إال أنه ميكن القول بأنه ال يكفي ملعاجلة مشكلة اجلرمية حتديد
ماهيتها ورد الفعل املرتتب عليها وبيان وسائل منعها ما مل تعرف بادئ األمر ما هي
اخلطة اليت تعاجل على أساسها هذه املشكلة، وبدون معرفة اخلطة سوف تتم معاجلة
مشكلة اجلرمية يف صورة ارجتالية ووفقا حللول متنافرة ال ترتبط ببعضها بوثاق متني
2 يوحدها مجيعا حنو أصل واحد





وقد أثار حتديد السياسة اجلنائية العديد من املشكالت اليت حتيط عادة بكل
عمل علمي يهدف إىل البحث عن احلقيقة، حيث ظهر مفهومها ألول مرة يف أواخر
القرن 17 على يد الفقيه األملاين فيورباخ والذي عرفها: '' جمموع الوسائل اليت ميكن
اختاذها يف وقت حمدد يف بلد معني من أجل مكافحة اإلجرام فيه''؛ يف حني اعترب
مارك آنسل أن اهلدف من السياسة اجلنائية هو الوصول إىل أفضل صياغة لقواعد
القانون اجلنائي الوضعي وتوجيه كل من املشرع الذي يسن القانون والقاضي الذي
يقوم بتطبيقه واملؤسسات العقابية املكلفة بتنفيذ ما يقضي به القاضي.
وتعترب السياسة العقابية باإلضافة إىل السياسة الوقائية فرع من فروع السياسة
3 اجلنائية
، حيث هتتم األوىل بتنفيذ جزء حمدد من السياسة اجلنائية واملرتبط أساسا
بالقانون اجلنائي واملسطرة اجلنائية باعتبارمها آليتني حموريتني يف حتديد ردود الفعل اجتاه
اجلرمية، وهي أيضا- السياسة العقابية- التتمة املنطقية لدراسة النظرية العامة للجرمية،
4 إذ بدون جرمية ال جمال للحديث عن اجلزاء اجلنائي

؛ وهي أيضا جمموعة من
التصورات والتوجهات العقابية اليت تراها الدولة مناسبة يف فرتة زمنية حمددة ملكافحة
اجلرمية ومعاقبة مرتكبيها، حيث يتم حتديدها وصياغتها يف نصوص وقواعد قانونية

2
- خليل رضوان، سياسة التجريم والعقاب، مجلة قرارات محكمة النقض، الغرفة الجنائية، العدد 20 ،
.137 ،ص، 2015
3
- باإلضافة إلى سياسة التجريم.
4
- سكري يوسف محمد، بدائل العقوبات السالبة للحرية في ضوء االتجاهات الجنائية، مجلة الشريعة
والقانون، عدد 31 ،المجلد األول، 2016 ،ص، 6.

4
من طرف السلطة التشريعية على أن يتم تطبيقها وتنفيذها من طرف املؤسسات
5 القضائية واإلدارية املختصة بذلك
.

وقد مرت السياسة العقابية باملغرب مبجموعة من األحداث والوقائع، فاملغرب
قبل 1913 مل يكن يعرف تقنينا جنائيا باملفهوم الوضعي وإمنا كانت أحكام الشريعة
اإلسالمية يف احلدود التعازير والقصاص هي القائمة آنذاك. لكن بعد فرض احلماية
على املغرب بدأت موجات التغيري تالمس النظام اجلنائي القائم حيث صدر ظهري
12 غشت 1913 يأمر بتطبيق القانون اجلنائي واملسطرة اجلنائية الفرنسيني أمام
احملاكم اليت أقامتها فرنسا باملغرب على األشخاص اخلاضعني إىل اختصاص هذه
احملاكم. وبعد حصول املغرب على االستقالل، انطلقت اجملهودات لتوحيد التشريع
املغريب، فتم إصدار القانون اجلنائي يف 26 نونرب 1962 والذي تأثر فيه املشرع
املغريب مبحتو يات النصوص اجلنائية املقارنة وخاصة القانون اجلنائي الفرنسي، والذي
تضمن جمموعة من اآلليات العقابية اجلديدة، كما استفاد واضعو القانون اجلنائي من
الدراسات احلديثة يف جمال العدالة اجلنائية وعلوم اإلجرام والعقاب يف هنج سياسة
عقابية حديثة تتالءم مع خصوصيات اجملتمع املعاصر.
يف حني تعترب السياسة الوقائية جمموعة من الطرق والوسائل والربامج
واالسرتاتيجيات اليت تضعها الدولة للحيلولة دون وقوع الفعل اإلجرامي مبشاركة
6 األفراد واخلواص واجلمعيات





. وقد ظهرت السياسة الوقائية تقريبا يف منتصف القرن
الثامن عشر مع ظهور أفكار املدر سة التقليدية على يد مؤسسيها بيكاريا وبينتام

5
- محمد اإلدريسي العلمي المشيشي، سياسة التجريم الواقع واآلفاق، مجلة الحقوق، قراءات في المادة
الجنائية، 2013 ،ص 10.
6
- وهي أيضا كل إجراء أو تدابير من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في أحد شروط حدوث الجريمة بحيث
يحول دون حدوثها )تعريف فيلسون وكالرك(.

5
واللذين طالبا بأن تكون للعقوبة أهداف حمددة وصفات معينة حىت حتقق العدل
واملساواة، حيث يتضح الفكر الوقائي يف أفكارمها يف حماولة اإلقناع بأمهية األهداف
الوقائية املسبقة املرتتبة من العقوبة إذا اتصفت بالعدل واملساواة.
مث جاءت املدرسة الوضعية اليت تعد مبثابة بداية علم اإلجرام احلديث اليت
اعتمدت املنهج الوضعي يف دراسة اجملرم دراسة علمية منظمة، حيث توصلت إىل
نتيجة مفادها أن اجلرمية ظاهرة حتمية وهذه النتيجة تتضمن يف طياهتا جوانب وقائية
من حيث حماولة اكتشاف ومعرفة هؤالء األفراد اللذين يتميزون بصفات االستعداد
اإلجرامي حىت يتم التعامل معهم وقائيا وعالجيا وليس عقابيا صرفا. ويالحظ من
خالل أفكار فريي )أحد أقطاب هذه املدرسة( أنه وضع األسس اليت تقوم عليها
الوقاية من اجلرمية يف العصر احلايل أال وهي معاجلة املصدر أو املنبع الذي له دور يف
بروز شخصية اجملرم )الوقاية القبلية( وذلك من قبيل مكافحة ظواهر املخدرات
والتشرد...
مث جاءت مدرسة الدفاع االجتماعي وطالبت أن يكون هناك حترك اجتماعي
جاد لوقاية اجملتمع من اجلرمية واألفراد أنفسهم من الوقوع يف اجلرمية وذلك من خالل
التدخل ألجل إصالح أنظمة اجملتمع ألنه يعترب أفضل وسيلة ملكافحة الظاهرة
اإلجرامية.
إن األفكار اليت جاءت هبا هذه املدارس قد أمثرت جهودها وذلك بتكوين
توجه يؤمن بأمهية العمل الوقائي يف مواجهة اجلرمية، وبدأت هذه املرحلة منذ بداية

6
القرن العشرين تقريبا حبيث أصبحت معظم التشريعات احلديثة تركز على اجلانب
7 الوقائي أكثر من اجلانب العقايب
.

ولعل أمهية املوضوع تكمن يف أهنا تبني اجلهود املبذولة من طرف الباحثني
والدولة على حد سواء يف إصالح اجملرم والبحث عن العقوبة األجنع واألصلح ملنعه
من العودة إىل إجرامه وجعله بذلك فردا صاحلا يف اجملتمع. كذلك يرب ز هذا املوضوع
دور السياسة اجلنائية سواء العقابية أو الوقائية يف معاجلة اجلرم والبحث عن أجنع
الطرق والسبل والوسائل والعقوبات ملنع الظاهرة اإلجرامية.
هذا يدفعنا إىل طرح إشكالية حمورية وهي كالتايل: إىل أي حد استطاعت
الدولة املغربية يف ظل السياسة اجلنائية احلديثة هنج سياسة عقابية ووقائية فاعلة للحد
من ظاهرة اجلرمية؟
واليت حتيلنا على إشكاليات فرعية من قبيل:
ما هي معيقات السياسة العقابية باملغرب؟ وما هي تو جهاهتا اجلديدة؟ وما دور
القانون اجلنائي يف الوقاية من اجلرمية؟ وأي دور للمجتمع يف احلد منها؟
أسئلة ضمن أخرى سنحاول مقاربتها من خالل هذا املوضوع عرب مبحثني:
المبحث األول: السياسة العقابية بالمغرب واقع وآفاق
المبحث الثاني: السياسة العامة للدولة في الوقاية والمنع من الجريمة

تعليقات