أحكام الإلتصاق في القانون المغربي
إعداد الطلبة الباحثين: إشراف
الدكتور:
عبد الرزاق عزوزي - حليمة بن حفو
فاطمة الزهراء
أزوكاغ
مقدمة
نظرا للأهمية التي يلعبها العقار داخل المنظومة الاقتصادية في المغرب، حاول
المشرع مند الأزل جعل الترسانة القانونية العقارية منظمة تنظيما محكما من شأنه
الحفاظ على استقرار المعاملات العقارية المبرمة بين أطراف العلاقة القانونية،
وبالتالي الحفاظ على الاستقرار داخل المجتمع.
ورغبة منه في تثبيت وتأكيد الموقف أعلاه أوجد لنا المشرع في القانون 39.08
وبالضبط الكتاب الثاني المتعلق بأسباب كسب الملكية العديد من الوسائل التي يسوغ عن
طريقها تملك العقار بشكل قانوني. ويعد الالتصاق إحدى هذه الوسائل القانونية التي
من خلالها يمكن للأشخاص اكتساب الملكية العقارية.
أهمية الموضوع
تكمن أهمية معالجة هذا الموضوع في كون الالتصاق من الأسباب الشائعة في
الواقع العملي لكسب الملكية، لذا كان لابد من تسليط الضوء على مختلف الأحكام التي
يخضع لها في القانون المغربي.
إشكالية الموضوع
تؤطر هذا الموضوع إشكالية محورية تتجلى في مدى استطاعة المشرع المغربي
تنظيم أحكام الالتصاق تنظيما محكما بشكل يمكن من تلافي مختلف النزاعات العقارية التي
يمكن أن تنشا عن واقعة الالتصاق.
وتتفرع عن هده الاشكالية مجموعة من التساؤلات من قبيل:
ما هو مفهوم الالتصاق وشروطه؟
وماهي حالات وانواع الالتصاق ؟
منهج البحث:
سنتبع ونحن بصدد معالجة موضوع الالتصاق منهجا تحليليا، من خلال التناول
بالتحليل لمختلف النصوص المنظمة له سواء في مدونة الحقوق العينية أو في قانون
الماء.
خطة البحث
قصد التطرق لمختلف أحكام الالتصاق اتبعنا تصميما كالتالي:
المبحث الأول:ماهية الالتصاق في القانون المغربي
المبحث الثاني: أنواع الالتصاق في القانون المغربي
المبحث الأول:ماهية الالتصاق في القانون المغربي
لتحديد ماهية الالتصاق سنحاول
تعريفه وتحديد طبيعته القانونية (المطلب الأول)، ثم تحديد الشروط الواجب توافرها
لتطبيق أحكام الالتصاق (المطلب الثاني ).
المطلب الأول: تعريف الالتصاق وطبيعته
القانونية
يلاحظ من خلال قراءة النصوص المنظمة للالتصاق سواء في قانون 39.08[1]
أو قانون 36.15[2] أن
المشرع المغربي لم يعرف الالتصاق(الفقرة الأولى)، الشيء الذي أذى إلى وقوع بعض
اللبس حول طبيعته القانونية(الفقرة الثانية).
الفقرة
الأولى: تعريف الالتصاق
عرف المشرع الفرنسي الالتصاق[3]
بموجب المادة 546[4] من
القانون المدني والتي جاء فيها:" مالك الشيء سواء عقارا أو منقولا يعطيه
الحق في كل ما يحتويه الشيء وما يلحق به سواء طبيعيا أو اصطناعيا وهذا ما يسمى بحق
الإلحاق".
أما المشرع المغربي فلم يتطرق إلى تعريف الالتصاق شأنه في ذلك شأن أغلب
التشريعات العربية[5] التي أشارت
إلى أحكام الالتصاق دون التطرق لتعريفه.
وفي ظل هذا الفراغ التشريعي عرف بعض الفقه[6]
الالتصاق بأنه:عبارة عن الجمع بين شيئين كل واحد منهما مملوك لشخص ليصبحا شيئا
واحدا.وذلك كما في بناء يحدثه علي على أرض يملكها سعد.
في حين عرفه البعض الآخر[7] بأنه
اندماج شيئين متميزين مملوكين لمالكين مختلفين. بحيث يتعذر الفصل بينهما دون تلف.
إذن نستنتج من كل ما سبق أن
الالتصاق هو اندماج شيئين متميزين عن بعضهما البعض؛ يتمخض عن اندماجهما ولادة شيء
جديد مختلف بخصائصه ومتفرد بعناصره، وقد يكون الالتصاق بين عقار وعقار أو بين عقار
ومنقول.والالتصاق بهذا المفهوم يطرح إشكالا حول طبيعته القانونية.
الفقرة
الثانية: الطبيعة القانونية للالتصاق
الالتصاق واقعة مادية[8]إما بفعل
الطبيعة أو بفعل الإنسان، تؤدي إلى كسب الملكية. فاندماج أحد الشيئين في الشيء الآخر ،
وهذه هي الواقعة المادية ، تكسب ملكية أحد الشيئين لمالك الشيء الآخر .
ذلك أن الشيئين بهذا الاندماج قد أصبحا شيئاً واحداً ، إذ يتعذر الفصل فيما
بينها دون تلف كما سبق القول .
ولما لم يكن هناك اتفاق سابق بين المالكين على من منهما يملك هذا الشيء بعد
الاندماج ، فقد كان يمكن القول إن الشيء يكون مملوكاً لهما على الشيوع ، كل بنسبة قيمة
الشيء الذي كان يملكه مفرزاً. ولكن هذا الحل غير مناسب من الناحية الاقتصادية في
أكثر الأحوال ، ولذلك تدخل القانون فأسند ملكية الشيء كاملاً بعد الاندماج
إلى أحد المالكين ، إلا في حالات استثنائية أوجب فيها الفصل فيما بين الشيئين
ولو أدى هذا الفصل إلى إتلاف أحدهما . واختار من المالكين مالك الشيء الأصلي
فجعله مالكاً للشيء التابع الذي اندمج في الشيء الأصلي ، على أن يعوض مالك
الشيء التابع عن فقد ملكيته. وهذا هو الحل المعقول ، فمالك الأصل هو الذي
يملك التتبع[9].
المطلب الثاني: شروط تطبيق مقتضيات
الالتصاق
لابد من اجل تحقق واقعة الالتصاق، وتطبيق المقتضيات المتعلق بها ان تتوافر
مجموعة من الشروط، منها ما هو مرتبط بالشيئين موضوع الالتصاق (الفقرة الأولى )،
ومنها ما يرتبط بمالكي هذان الشيئين (الفقرة الثانية).
الفقرة
الأولى: الشروط المتعلقة بالشيء موضوع الالتصاق
لكي نكون أمام التصاق بالمعنى الذي سقناه سالفا، لابد أن يكونا الشيئين
موضوع الالتصاق متميزين عن بعضهما البعض(أولا)، وانه في حالة اندماجهما لا يمكن
الفصل بينهما دون حدوث تلف أو تغيير(ثانيا).
أولا :أن يتعلق الأمر
بشيئين ماديين احدهما يتميز عن الآخر
يجب لتطبيق المقتضيات الخاصة بالالتصاق أن يتعلق الأمر بشيئين مختلفين أحدهما
أكثر أهمية من الآخر بحيث يشكل الأول أصلا، والثاني فرعا أقل قيمة من الأول[10]
.مثال ذلك الأشغال والبناءات التي يقوم بها شخص في العقار المملوك لغيره دون أن
يكون هناك اتفاق مسبق، أما إدا تم إحداث هذا البناء باتفاق الطرفان فلا يمكن اعتباره
التصاقا بمفهوم القانون رقم 39.08 ولا يمكن أن يكيف إلا على أساس عقد مقاولة[11]
ويسري عليه أحكامه أو الاتفاق المبرم بين الطرفين.
ثانيا:عدم إمكانية
فصل الاندماج الحاصل بين الشيئين دون تغيير أو تلف
يقصد بهذا الشرط عدم إمكانية فصل الشيئين المندمجين عن بعضهما البعض دون
تغيير في أحدهما أو كليهما، ومثال ذلك أن يقدم السيد سفيان على زرع محصول في أرض
السيدة راضية، في هذه الحالة لا يمكن فصل المحصول عن الأرض دون حدوث تغيير في
الشيئين معا أو في أحدهما على الأقل.أما في الحالة التي ينزاح فيها جرار مملوك
للسيدة لراضية في ارض مملوكة للسيد لسفيان فانه من السهل فصل الجرار عن الأرض دون
حدوث أي تغيير وبالتالي لا تنطبق والحال هذا الأحكام المتعلقة بالالتصاق
الفقرة
الثانية: الشروط المتعلقة بالمالكين
باندماج شيئين متميزين عن بعضهما البعض لا يمكن الفصل بينهما دون حدوث تلف
أو تغيير، يتحقق الالتصاق وتطبق أحكام هذه الواقعة،لكن شرط أن يكون هاذين الشيئين
مملوكين لمالكين مختلفين(أولا)،وأن لا يوجد اتفاق مسبق بين هؤلاء(ثانيا).
أولا: أن يكون
الشيئان اللذان التصقا مملوكين لمالكين مختلفين
يقضي هذا الشرط بوجوب اختلاف مالكي الشيئين المندمجين، وهذا أمر منطقي لأن
مالك العقار أو المنقول لا يحتاج إلى طريق آخر لاكتسابه مرة ثانية، فعند إقدام
السيد نور الدين على إنشاء بناء على أرضه وبأمواله الخاصة وعلى نفقته، يصبح والحال
هذا مالكا للبناء دونما حاجته إلى تطبيق أحكام الالتصاق.
مما يعني أنه من أجل الأخذ بالالتصاق كواقعة مادية لاكتساب الملكية
العقارية لا بد من اختلاف مالكي الشيئين المتحدين.
ثانيا:عدم وجود
اتفاق مسبق بين ملاك الشيئين المندمجين
من المعلوم أن المشرع ترك للأشخاص الحرية في الاتفاق على خلاف ما جاءت به
القواعد القانونية، شرط أن تكون تلك القاعدة مكملة غير مرتبطة بالنظام العام، وأن
يكون ذلك الاتفاق لا يخالف قاعدة آمرة غير تلك التي اتفقو على مخالفتها .
ولأن القواعد المرتبطة بالالتصاق قواعد مكملة، فإنه ما من شيء يمنع الأطراف
من الاتفاق على خلاف ما جاءت به هذه القواعد، واستبعاد مقتضيات الالتصاق، وتطبيق أحكام
العقود.
إذن إدا كان هناك اتفاق مسبق بين الطرفين المالكين، فإن التكييف القانوني
الواجب الأخذ به يجب أن يكون مستنبط من اتفاق الطرفين المسبق، الذي يمكن إثباته
بكافة الطرق المتاحة قانونا.
المبحث
الثاني:أنواع الالتصاق في القانون المغربي
يأخد الالتصاق فرضيتين اثنتين، التصاق يتعلق بحقل المنقولات ؛ والذي غالبا
ما يتم عن طريق الخلط أو الضم أو المزج أو التحويل، والتصاق يدخل في حقل العقارات؛
وينقسم إلى نوعين : التصاق طبيعي يحدث بفعل الطبيعة، والتصاق صناعي يحدث بفعل الإنسان[12].وسنقتصر
في هذا المبحث على دراسة الفرضية الثانية في الالتصاق.
وبناءا عليه سنتناول في هذا المبحث أنواع الالتصاق الطبيعي (المطلب الأول)،
ثم نتطرق لأنواع الالتصاق بفعل الإنسان(المطلب الثاني).
المطلب الأول: الالتصاق الطبيعي
يقصد بالالتصاق الطبيعي اتحاد شيئين بفعل الطبيعة دون تدخل من الانسان، وقد
نظم المشرع المغربي بعض حالاته في مدونة الحقوق العينية(الفقرة الاولى)، والبعض الآخر
في القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء(الفقرة الثانية).
الفقرة
الأولى:حالات الالتصاق الطبيعي في مدونة الحقوق العينية
حدد المشرع المغربي بمقتضى مدونة الحقوق العينية بعض الحالات التي يتحقق
فيها الالتصاق الطبيعي من خلال الفرع الأول من الفصل الثاني من الكتاب الثاني، في
المواد من 227 إلى 230.
أولا: حالة الطمي
الذي يأتي به السيل إلى ارض يملكها الغير
يتعلق الأمر هنا بالحالة التي يأتي فيها السيل بالطمي إلى ارض الغير؛ فيصبح
جزءا لا يتجزأ من هذه الأرض، وبالتالي فقد جعله المشرع ملكا لصاحب الأرض[13].
ومثال ذلك الطمي الذي تخلفه الفيضانات وتجرفه إلى أرض الغير فيكون طبقة جديدة عليها، لتشكل هذه
الطبقة جزءا لا يمكن فصله عن هذه الأرض ، فيصبح بذلك ملكا لصاحبها.
ثانيا: الأراضي التي
تنحصر عليها المياه الراكدة كالبحيرات والبرك
هذه الأراضي تبقى على حالها ملكا عاما للدولة .أما الأراضي التي تغمرها تلك
المياه مؤقتا فإن هذا الحكم لا يسري عليها وإنما تظل في ملكية اصحابها[14]
ثالثا: حالة الجزر
التي قد تتكون بصورة طبيعية داخل المياه الإقليمية أو داخل البحيرات أو في مجاري الأنهار
تنص المادة 230 من م.ح.ع على ما يلي:"الجزر التي قد تتكون بصورة
طبيعية داخل المياه الإقليمية أو داخل البحيرات أو في مجاري الأنهار تكون ملكا
عاما للدولة".
وبناءا عليه فان هذه الجزر تكتسي طابع الملك العام للدولة ولا يمكن تملكها
من طرف الخواص ولو كانوا مجاورين لها .
الفقرة
الثانية: حالات الالتصاق الطبيعي في قانون الماء
بالعودة إلى القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، نجد المشرع تطرق إلى
الحالتين اللتين يتحقق فيهما الالتصاق، بموجب المادتين 6 و7.
أولا:حدوث تغيير في
مسيل مجرى مائي بفعل الطبيعة
نصت على هذه الحالة المادة السادسة من قانون الماء والتي جاء فيها :"
إدا حصل تغيير في مسيل مجرى مائي لأسباب طبيعية تنتقل حدود الضفاف الحرة تبعا
للعرض المحددة في الفقرة ه>
من المادة 5 أعلاه موازاة مع
المسيل الجديد".
وقد حدد هذا العرض في ستة أمتار على المجاري المائية أو مقاطع المجاري
المائية التالية:
v
ملوية من مصبه إلى منابعه
v
سبو من مصبه إلى منابعه
v
اللوكوس من مصبه إلى منابعه
v
أم الربيع من مصبه إلى منابعه
v
أبو رقراق من مصبه إلى سد سيدي محمد بن عبد
الله.
وفي مترين على المجاري المائية أو مقاطع المجاري المائية الأخرى .
"أما في الحالة التي تتقدم فيها المياه.فإن المنطقة الموجودة بين
الحدود القديمة والحدود الجديدة للضفاف الحرة، تضم إلى الملك العمومي المائي بقوة
القانون، إذ تصبح من أملاك الدولة العامة مع تعويض مناسب يحدد وفق المساطر المطبقة
على نزع الملكية لأجل المنفعة العامة"[15].
أما في حالة تراجع المياه فإنه يتعين تسليم المنطقة المذكورة إلى المالك
المجاور بدون عوض، شريطة إثبات ملكيته لها قبل أن تغمرها المياه ، واحترام ما جرى
به العمل من قوانين وأعراف[16].
ثانيا: اتخاذ النهر
مجرى جديد
عالج المشرع المغربي أحكام هذه الحالة في المادة 7 من القانون 36.15 .
إذا سلك النهر مجرى جديد وأصبح يجري في أرض جديدة بفعل الطبيعة، فان المجرى
الجديد والضفاف الحرة التابعة له تلحق بأملاك الدولة العامة وتنزع عنها الملكية
الخاصة للمالك الأصلي لها[17].
وفي الحالة التي لا تهجر المياه المجرى القديم كلية، فانه يسوغ لمالكي
العقارات التي انفتح فيها مسيل جديد في عقاراتهم المطالبة بجبر الضرر الواقع بهم
وفق مسطرة التعويض المطبقة على نزع الملكية من أجل المنفعة العامة [18].
أما في الحالة التي تترك فيها المياه المسيل القديم نهائيا فانه يجوز
للملاك المطالبة بالتعويضات التالية[19]
:
إذا عبر المسيل الذي هجرته المياه والمسيل الجديد على امتداد عرضهما نفس
العقار، فإن المسيل الأول يخرج من هادين المسيلين ويسلم مجانا لمالك العقار.
إذا كان المسيلان القديم والجديد يعبران عقارات في ملكية ملاكين مختلفين،
فان المسيل القديم وضفافه الحرة تخرج من الملك العمومي المائي، ويمكن لكل واحد من
الملاك المجاورين اكتسابه عن طريق حق الشفعة إلى حدود محور هذا المسيل، ويعهد بتحديد
ثمنه للخبراء الذين يعينهم رئيس المحكمة المختص بطلب من الإدارة.
هذا ومنح المشرع هؤلاء الملاك أجل ثلاثة أشهر من تاريخ التوصل بالإشهار
الموجه إليهم، للتعبير عن رغبتهم في اكتساب المسيل القديم وضفافه وفق الأثمان
المحددة من طرف الخبراء.وإذا لم يبدي أحد استعداده للاكتساب داخل الأجل المذكور،
فان للإدارة سلوك مسطرة البيع وفق القواعد التي تفوت بها الأملاك الخاصة للدولة،
ويوزع ثمن البيع على ملاك الأراضي التي عبرها المجرى الجديد كتعويض؛ كل حسب نسبة
العقار التي فقدها[20].
أما إذا تعذرت عملية البيع أعلاه، فانه يتم تعويض ملاك الأراضي بالتراضي أو
عن طريق المحكمة المختصة في حال تعذر ذلك[21].
المطلب الثاني: الالتصاق الصناعي(الالتصاق بفعل الإنسان)
يقصد بالالتصاق الصناعي: الالتصاق الذي يتم بتدخل من الإنسان، وذلك كان
يقوم شخص ببدر حقل أو تشييد بناء أو أغراس أو منشآت فوق أرض الغير.
وقد تعرض المشرع المغربي للالتصاق الصناعي في المواد من231 إلى 238 من
مدونة الحقوق العينية، وباستقراء هذه المواد يتبين أن الالتصاق بفعل الإنسان يتحقق
في حالات عديدة سنجملها في مايلي:
الفقرة
الأولى: بذر أرض الغير وإحداث أغراس أو بناءات أو منشآت في عقار الغير
نتحدث أولا على
حالة بذر ارض الغير، ثم نعالج حالة إحداث أغراس أو بناءات أو منشات في عقار الغير.
أولا: قيام شخص ببذر
أرض الغير
إذا زرع شخص أرضا مملوكة لغيره بمواد يملكها هو، فان المشرع المغربي ميز
بين حالتين:
1-حالة الزارع سيء النية
في هذه الحالة، إذا أخد المالك أرضه قبل فوات وقت الزرع فهو مخير بين أمرين:
إما المطالبة بقلع الزرع مع التعويض إن كان له محل، وإما تملك الزرع مع دفع نفقاته
إلى الزارع منقوصا منها أجرة القلع.أما إذا أخد المالك أرضه بعد فوات وقت الزرع
فله الحق فقط في أجرة المثل[22]،
مع التعويض إن كان له محل[23].
2-حالة الزارع حسن النية
في هذه الحالة نميز بين فرضيتين[24]
:
الفرضية الأولى : إذا استحق المالك أرضه قبل فوات وقت الزرع فللزارع أجرة
المثل .
الفرضية الثانية: إذا استحق المالك أرضه بعد فوات وقت الزرع ، فليس للمالك إلا
المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر من المتسبب فيه.
ثانيا: إحداث أغراس أو بناءات أو منشآت
في عقار الغير
تختلف الأحكام في هذه الحالة كذلك بحسب ما إذا كان الشخص الذي أتى بفعل الإحداث
حسن النية أم سيئتها.
فإذا أحدثت الأغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه الأرض في
دعوى استحقاق ولم يحكم عليه برد ثمارها نظرا لحسن نيته، فان مالك العقار لا يمكنه أن
يطالب بإزالة المنشآت أو الأغراس أو البناءات المذكورة، غير انه يمكن له الخيار
بين أن يؤدي قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة، أو أن يدفع مبلغا يعادل ما زيد في
قيمة الملك[25].
أما في الحالة التي يقوم فيها احد بإحداث أغراس أو بناءات أو منشآت عن سوء
نية وبدون علم مالك العقار، فلهذا الأخير الحق إما بالاستئثار بها مع أداء قيمة
المواد، أو إلزام محدثها بإزالتها على نفقته مع إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل
القيام بإحداث تلك الأغراس أو البناءات أو المنشآت.
الفقرة
الثانية: إحداث المالك بناءات أو أغراس أو منشات بمواد مملوكة للغير وتجاوز المالك
حسن النية حد أرضه
تختلف الأحكام
الخاصة بكل حالة وهو ما سنحاول أن نبينه فيما يأتي.
أولا: إحداث المالك
بناءات أو أغراس أو منشآت بمواد مملوكة للغير
تعتبر كل البناءات والأغراس والمنشآت الموجودة فوق الأرض أو داخلها محدثة
من طرف مالكها وعلى نفقته وتعتبر ملكا له ما لم تقم بينة على خلاف ذلك[26].
غير أن الأمر يختلف في الحالة التي يقوم فيها مالك العقار بإقامة بناءات أو
أغراس أو منشآت بمواد ليست له، ففي هذه الحالة يجب على المالك -إّذا حدث تغيير في
هذه المواد- أداء القيمة التي كانت عليها
المواد وقت استعمالها مع إمكانية طلب التعويض لفائدة مالكها إدا كان محل[27].
وبمفهوم المخالفة للمادة 236 ، إدا ما كان بالإمكان نزع تلك المواد دون
حدوث تلف أو تغيير فيها، فانه يمكن لصاحبها أن يستردها، على أن يلزم صاحب البناء
بمصاريف الاسترداد إن وجدت[28].
ثانيا: تجاوز المالك حسن النية حد ارضه
تنص المادة 238 من م.ح.ع على
مايلي:" إذا تجاوز مالك بحسن نية حد أرضه عند إقامته بناء عليها وامتد البناء
ليشمل جزءا صغيرا من أرض جاره لا يتجاوز عرضه 50 سنتمترا فإن للمحكمة بعد الموازنة
بين مصالح الطرفين إما أن تأمر بإزالة البناء المقام بأرض الجار على نفقة من أقامه
أو أن تجبر مالك الجزء المشغول بالبناء بالتنازل عن ملكيته لجاره في مقابل تعويض
مناسب".
وبمفهوم المخالفة، إدا امتد
البناء على أرض الجار أكثر من 50 سنتمتر عرضا ، أو كان مالك البناء سيئ النية فان الأحكام
الواردة أعلاه لا يمكن تطبيقها ، وإنما على المالك إرجاع الأرض مع التعويض إن وجد.
خاتمة:
يتضح من خلال التطرق لاحكام
الالتصاق في القانون المغربي ان المشرع توفق الى حد كبير في معالجة مختلف هده
الاحكام، غير ان الواقع العملي قد افرز سوءا في تطبيقها الشيء الذي جعل بعض
الاشخاص سيئي النية يستغلون ذلك والاستيلاء على الاملاك دون وجه حق.كل هذا جعلنا
نامل من القضاء المغربي السير في المنحى الذي سارعليه المشرع والمساهمة في التطبيق
السليم لمقتضيات الالتصاق باعتباره من اهم اسباب كسب الملكية.
لائحة المراجع
النصوص القانونية:
-القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432(22 نوفمبر
2011). الجريدة الرسمية
عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)،
ص
:5587.
-القانون
رقم 36.15 المتعلق بالماء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.113 صادر في 6 ذي
القعدة 1437(10 أغسطس 2016).ج.ر6494 بتاريخ25 أغسطس 2016، ص:6305.
الكتب:
-العربي محمد مياد: تأملات في مدونة الحقوق العينية ،
سلسلة إعلام وتبصير المستهلك 27، الجزء الثالث2016 .
-عبد الرزاق السنهوري: أسباب كسب الملكية،
الجز التاسع،دار النهضة العربية 1968.
-مامون
الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية ، الجزء الثاني ،
مطبعة شركة الهلال العربية، ط2. 1987.
محمد
محبوبي:أساسيات في الحقوق العينية العقارية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر،
الرباط، الطبعة الأولى 2012،ص:88.
أستاذتنا
حليمة بنت المحجوب بن حفو:دراسة في القانون العقاري المغربي، الطبعة الأولى 2017.
[1] القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق
العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة
1432(22 نوفمبر 2011).
الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص :5587.
[2]القانون رقم
36.15 المتعلق بالماء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.113 صادر في 6 ذي
القعدة 1437(10 أغسطس 2016).ج.ر6494 بتاريخ25 أغسطس 2016، ص:6305.
[3] المشرع الفرنسي وعكس نظيره المغربي أورد
مصطلح "الإلحاق " وليس "الالتصاق"، وهو الترجمة الحرفية
للمصطلح الفرنسي L’accession الذي
ورد في المادة 546 من القانون المدني الفرنسي.
[4]Article
546: "La propriété d'une chose soit mobilière, soit immobilière, donne droit
sur tout ce qu'elle produit, et sur ce qui s'y unit accessoirement soit naturellement, soit
artificiellement.Ce droit s'appelle "droit d'accession".
[5] من بين التشريعات التي لم تعرف الالتصاق نجد:
التشريع اللبناني والمصري والجزائري حيث تطرقت فقط إلى عناصره وأحكامه.
[6] العربي محمد مياد: تأملات في مدونة الحقوق
العينية ، سلسلة إعلام وتبصير المستهلك 27، الجزء الثالث2016 ، ص:
-مامون
الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية ، الجزء الثاني ،
مطبعة شركة الهلال العربية، ط2. 1987. ص: 170.
[8]الواقعة المادية: هي كل حدث يرتب عليه
القانون أثراً معيناً، حيث تنصرف إلى الأفعال المادية سواء أكانت من فعل الطبيعة
أم من فعل الإنسان؛ فالواقعة الطبيعية، هي التي تحدث بفعل الطبيعة دون أن يكون
للإنسان دخل في حدوثها، فتكون سبباً في اكتساب الحقوق أو انقضائها، أما الواقعة
القانونية المتأتية من تصرف الإنسان فهي مجموعة الأعمال المادية التي تصدر من
الإنسان، فتترتب عليها آثار قانونية بصرف النظر عن نية الشخص مرتكب الفعل.
[10] محمد محبوبي:أساسيات في الحقوق العينية العقارية، دار أبي رقراق
للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى 2012،ص:88.
[11] عقد
المقاولة: عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يضع شيئا أو يؤدي عملا لقاء أجر
يتعهد به المتعاقد الآخر.
[17] تنص الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون 36.15
على انه:" يضم إلى الملك العمومي المائي المسيل الجديد الذي شقه المجرى
المائي بشكل طبيعي والضفاف الحرة التي يحتويها"
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم