القائمة الرئيسية

الصفحات



أحكام الصدقة في ضوء مدونة الحقوق العينية

أحكام الصدقة في ضوء مدونة الحقوق العينية



أحكام الصدقة في ضوء مدونة الحقوق العينية


إعداد الطالبين الباحثين:                                  إشراف الدكتورة:
 مريم النباش                                                 - حليمة بن حفو
نور الدين بلكجر





مقدمة
تعتبر التبرعات من أهم المواضيع التي عالجها الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه، فقد تناولتها المصنفات الفقهية وشروحها المعتمدة، وكتب النوازل المختلفة قديما وحديثا بالبحث والتدقيق لاسيما فقهاء الغرب الإسلامي الذين أولوا هذا الموضوع عناية خاصة
والتبرعات هي كل ما يعطيه الإنسان مجانا بدون عوض مقابل كالهبة والصدقة والمعرى والحبس والعرية، والمنحة الى غير ذلك، مما يجمعها قانون واحد وهو الإعطاءات.
والصدقات كعقد بدون عوض تدخل في دائرة التبرعات، هذا العقد الذي نظمه المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية رقم 39.08 في الفصل الثالث في المادتين 290 و 291 مع الإحالةإلىأحكام الهبة المنظمة في الفصل الثاني من المادة 273 الى المادة 289، هذا العقد الذي عرفه المشرع من خلال المادة 290 من نفس القانون على انه: "تمليك بغير عوض، ويقصد بها وجه الله تعالى".
وفي دراستنا لذا الموضوع سنقتصر على الحديث عن أحكام الصدقة من خلال دراسة ماهيتها، وأركان انعقادها ثم آثارها واهم الموانع التي تحول دون قيامها.



اولا: اهمية الموضوع:

يكتسي موضوعأحكام الصدقة في ضوء م.ح.ع. أهمية كبيرة، وذلك راجع لارتباطها بأحد أهم التصرفات التبرعية، فالمشرع المغربي اوجب لها أحكاما عامة ونطلب لانعقادها شكلية خاصة، بعد أن كانت حبيسة التنظيم الفقهي الإسلامي.
ثانيا: إشكال الموضوع
هذا الموضوع تتجاذبه مجموعة من الإشكالاتيمكن ترجمتها كالأتي:
- ماهية عقد الصدقة
- وماهي أركان انعقادها؟
- وماهي الآثار المترتبة عن عقد الصدقة واهم موانعها؟


ثالتا: المنهج المتبع

في دراسة هذا الموضوع سنعتمد المنهج التحليلي والوصفي الى جانب المنهج المقارن.

رابعا :خطة الموضوع.

ارتأينا في دراستنا لهذا الموضوع تقسيمه وفق التصميم الاتي:
   المبحث الأول: ماهية الصدقة وأركان انعقادها.
المبحث الثاني:اثار وموانع عقد الصدقة .

المبحث الأول : ماهية الصدقة وأركان انعقادها.

تعتبر الصدقة من أهم التصرفات التبرعية التي نظمها المشرع من خلال مدونة الحقوق العينية الى جانب مجموعة من التصرفات الأخرى كالهبة والوصية... وتطلب لانعقادها مجموعة من الاركان كما سيأتي بيانه.
ولذلك سنتناول بالدراسة ماهيتها في(المطلب الأول)، على أن نخصص (المطلب الثاني) لتناول أركان انعقادها.

المطلب الأول : ماهية الصدقة.

اهتم المشرع المغربي بتنظيم الصدقة في قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية في فصله الثالث من بابه الثاني، حيث أحالها على أحكام الهبة، وبهذا  سنتناول  هذا المطلب في فقرتين، بحيث سنتناول في الاولى مفهوم الصدقة وحكمها وخصائصها ،على أننخصص الثانية لدراسة أركان انعقادها.

الفقرة الأولى : مفهوم الصدقة، حكمها وخصائصها

سنبحث في هذه الفقرة  مفهوم الصدقة وحكمها (اولا ) ؛ تم نتطرق الى اهم خصائصها (ثانيا).

اولا : مفهوم الصدقة وحكمها

أ –مفهوم الصدقة:
الصدقة في اللغة :
"ما يعطى على وجه القربى لوجه الله بغير عوض"[1].
واصطلاحا :
في هذا الاطار يمكن التمييز بين التعريفات الفقهية، والتعريفات التي أورها التشريعات الوضعية :
 بحيث عرفها بعض الفقه على أنها:"تمليك ذي منفعة لوجه الله بغير عوض[2].
كما عرفها العامة الأصفهاني :"الصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، كالزكاة، لكن الصدقة في الاصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدقة في فعله"[3]
وعرفها البعض الآخر على أنها: "العطية التي يبتغى بها الثواب عند الله تعالى"[4].
اما المشرع المغربي  فقد عرفها من خلال المادة 290 من م.ح.ع على أن: الصدقة  "تمليك بغير عوض لملك، ويقصد بها وجه الله تعالى".



والظاهران الصدقة،كانت حبيسة التنظيم الفقهي إلىأن نظمها المشرع المغربي في م.ح.ع.
ب – حكم الصدقة:
الصدقة حكمها الذنب تصح وتلزم بالقول إلاإذا وجد مانع، وهو إما مرض الموت او الدين المحيط بماله على قول صاحب التحفة :
 صدقة تجوز إلا مع مرضْ ْْْْ  موت وبالدين المحيط تعترض[5].

ثانيا: خصائص عقد الصدقة

يتميز عقد الصدقة بمجموعة من الخصائص وهي :
أ)-الصدقة عقد عيني:
والعقد العيني هو الذي يشترطأن يقترن التراضي على العقد بتسليم شيء فان تخلف التسليم اعتبر العقد غير منعقد على الرغم من توافرالرضا.
وعقد الصدقة بهذا المعنى من العقود العينية الذي يشترط لقيامه حيازة الشيء المتصدق به من المتصدق له وإلا اعتبر العقد غير تام.
وجاء في رسالة ابن زيد القيرواني في هذا الصدد :"لا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس الا بالحيازة"[6]
ب)-الصدقة عقد مسمى :
يعتبر عقد الصدقة من العقود المسماة التي اولى المشرع المغربي تنظيم أحكامها نظرا للطبيعة التداولية لهذه العقود ،على خلاف العقود غير المسماة والتي لم تحظى بتنظيم خاص نظرا لصعوبة حصرها، وتخضع بذلك للقواعد العامة،حيث نجد المشرع نظم هذا العقد (الصدقة) من خلال م.ح.ع في اطار المواد: 290 و 291.
ج )-عقد الصدقة عقد ملزم لجانب واحد :
فكما هو معلوم أن العقود تنقسم إلى قسمين، عقود ملزمة لجانبين وعقود ملزمة لجانب واحد، وتعتبر الصدقة من  العقود الملزمة لجانب واحدل، بحيث يلتزم المتصدق بإعطاء الشيء المتصدق به إلى المتصدق له في حين لا يقع على هذا الأخير أي التزام.
د)-الصدقة عقد رضائي:
الأصل في الشرع رضائية العقود، فلا يحل مال امرئ إلا برضاه وعن  طيب نفس ،ومنه قوله تعالى : "{ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم }" ؛ والتراضي في العقود الملزمة لجانب واحد اشد منه في العقود الملزمة لجانبين ، فهذه الاخيرة  تقوم على المساومة والمفاوضة، والتراضي فيها أخد وعطاء؛أماالأخرى فالالتزام فيها بدون مقابل، والمال على سبيل التبرع فالتراضي فيها اشد، لذا وجب فيه أنيكون تاما وكاملا وبقلب مطمئن[7].
ه )-الصدقة عقد بدون عوض:
فالالتزام في الصدقة، على سبيل التبرع فقط ، فالمتصدق عندما يتصدق بشيء أو بحق  فلا ينتظر من المتصدق له شيئا؛ ومن صفات المؤمن في الصدقات انه إذاأعطى، فإنما يعطي ابتغاء وجه الله الكريم، لا يريد جزاء ولا شكورا [8].
ك )-الصدقة عقد ناقل للملكية:
تعد الصدقة سببا من أسباب اكتساب الملكية إلى جانب إحياء الأراضي الموات والهبة و الحيازة و الحريموغيرها  ففي الصدقة يفوت المتصدق ملكية الشيء أو الحق بكل عناصرها.
م )-الصدقة عقد شكلي :
يدخل عقد الصدقة ضمن العقود الشكلية حيث نص المشرع  في المادة 274 في فقرتها الثانية من م.ح.ع. على انه : " يجب تحت طائلة البطلان أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي"، وذلك استنادا الى الماد 291 من نفس المدونة .




الفقرة الثانية : تمييز عقد الصدقة عن بعض العقود المشابهة

نظرا لوجود مجموعة من العقود التي تدخل في نظام التبرعات كان لزاما علينا تمييز  عقد الصدقة عن عقد الهبة (اولا) ثم  عن عقد الوقف  (ثانيا) وفي الاخير سنميزها عن الهدية (تالثا )،باعتبارهم من أكثرالانظمة  شبها بعقد الصداقة.

اولا :تمييز عقد الصدقة عن عقد الهبة

الصدقة مايعطى لوجه الله تقربا إليه من غير قصد شخص معين، ولا طلب غرض من جهته.
والهبة هي ما يعطى بقصد إكرام شخص معين أما للتودد وإما لطلب الحاجة [9].
فإحكام الهبة والصدقة ، باعتبار أن كلاهما عقدا تبرع وفي كون حيازتهما واستغلالهما والتصرف فيهما يجب أن تكون قبل وفاة الواهب أو المتصدق.
فالهبة والصدقة لا يفترقان إلا في أربعة أمور:
 - أن الهبة تعتصر، أي يجوز للأبوالأم اعتصارها والرجوع فيها، وانتزاعها من يد الولد الموهوب له، بخلاف الصدقة لا يجوز اعتصارها.
  -أن الصدقة لا يجوز للمتصدق تملكها مرة ثانية بأي وجه من وجوه التملك إلابالإرث، حسب المادة 291 من م.ح.ع. في بندها الثاني:
"لا يجوز ارتجاع الملك المتصدق به بالإرث.، بخلاف الهبة، فيجوز للواهب أن يشتري ما وهبة، ولا يجوز أن يشتري ما تصدق به".
- والواهب يصدق في قصده التواب أي العوض وان لم يشترطه بخلاف المتصدق، فلا يصدق في قصد الثواب إلاإذا اشترطه قصير معاوضة[10].
- وكذلك يجوز للواهب الإنفاق من الهبة على أبيهإذا افتقر بخلاف الصدقة. ويجوز للمتصدق بالماء على مسجد آو غيره أن يشرب منه لأنه لم يقصد به الفقراء فقط بل هم والأغنياء.
والفرق في حقيقتهما أن الهبة تكون للواصلة والود، والصدقة تكون لابتغاء الثواب عند الله تعالى[11].

تانيا: تمييز عقد الصدقة عن عقد الوقف:

يعرف الوقف حسب المادة 1 من مدونة الأوقاف على انه:" كل مال حبس اصله بصفة مؤبدة او مؤقتة وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة أو خاصة، ويتم إنشاؤه بعقد، او بوصية، أو بقوة القانون".
ومن هنا يمكننا تمييزه عن عقد الصدقة في النقط التالية:
- الوقف تصدق بمنفعة وليس بالقبة كما هو الشأن بالنسبة للصدقة.
- الصدقة تخصص لشخص أوأشخاص بعينهم بغض النظر عن مآل تلك الصدقة على خلاف الوقف والذي تخصص منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة أو خاصة.
- الوقف يكون إما بصفة مؤبدة أو مؤقتة أما الصدقة فتكون بشكل مؤبد لصالح المتصدق عليه.
- الوقف يمكن الرجوع فيه، حسب ما نصت عليه مدونة الأوقاف[12] في مادتها 37 ، عكس الصدقة التي لا يمكن الاعتصار فيها مطلقا.
- الصدقة قدرها محدد في الثلث كحد أقصى شأنها شأن الوصية، عكس الوقف فقدره غير محدد.

ثالتا:  تمييز عقد الصدقة عن الهدية .

أنأهم ما يميز عقد الصدقة عن الهدية هو الهدف منها ففي الأولى يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى، من غير أن يقصد أن تكون في شخص معين ،أما الثانية فيقصد بها التودد إلىالمهدىإليهوإكرامه.
فضلا عن أن الهدية لايمكن تصورها في عقد عكس الصدقة.
وفي هذا الاطار  نصت المادة 37 على ما يلي :
"لا يجور للواقف الرجوع في الوقف ولا تغيير مصرفة أو شروطه بعد انعقاده، إلا في الحالتين التاليتين:
- إذا تعلق الوقف بموقف عليه سيوجد مستقبلا، وفوته الواقف قبل وجوده .
- إذا اشترط الواقف في عقد الوقف الرجوع عنه عند افتقاره".

المطلب الثاني: أركان انعقاد الصدقة.

عقد الصدقة كسائر العقود يقوم على الأركان اللازمة في العقد بصفة عامة، وان كان الأصل في قيام عقود التبرع هو الرضائية ، الذي تبنى عليه العقود في كنف الفقه الإسلامي ، فانه ونظرا لخطورة عقد الصدقة المنجلية في التجرد من المال دون مقابل، والذي يكون المتبرع أوبالأحرى المتصدق في حالة عقد الصدقة اشد الحاجة إلىالتأمل والتدبر، كان لابد من إيجاد شكلية معينة يفرغ فيها ذلك التصرف ذو الخطورة والأهمية وما تلك الشكلية المتطلبة إلا الكتابة الواجب توافرها لإبرام عقد الصدقة.
وبهذا سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين، بحيث سنتناول في الأولىالأركان الخاصة لانعقاد الصدقة ، على أن نخصص الثانية للأركان العامة.

الفقرة الأولى :الأركان الخاصة لانعقاد الصدقة.

  لا بد لانعقاد الصدقة توافر مجموعة من الأركان الخاصة والجوهرية ، التي بانعدامها ينعدم هذا العقد ، وهذه الأركان هي كما سيأتي بيانها.




أولا: أطراف عقد الصدقة.

أ- المتصدق:
وهو الشخص المتبرع بماله، ويشترط فيه أن تكون له أهلية التبرع وذلك بان يكون له أهلية التبرع وذلك بان يكون راشدا عاقلا غير مجنون ولا سفيه، وان يكون في حال صحة وإطلاق يد فهذه شروط لابد أن تتوفر في المتصدق حتى تصح صدقته.
وما تجدر الإشارةإليه هو تشدد المشرع في أهلية المتصدق نظر الطبيعية تصرف هذا الأخير الذي يدخل ضمن التصرفات الضارة ضررا محضا ومفقرة لذمته المالية.
ب- المتصدق عليه:
وهو المستفيد من الشيء المتصدق به، أو من عقدت الصدقة لمصلحته ، فان كان شخصا معينا فينبغي أن يكون أهلا للتملك، ولا يشترط فيه مايشترط في المتصدق، فالمتصدق عليه يمكن أن يكون راشدا، أو سفيها ، أو صبيا مميز أو غير مميز، ويستوي أن يكون شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباريا، ولايشترط فيه أن يكون موجودا وجودا حقيقيا أو تقديريا.
والملاحظأن المشرع لم يتشدد في أهلية المتصدق عليه على خلاف ماهو عليه الحال بالنسبة للمتصدق وذلك راجع إلىأن المتصدق عليه لا يلحق به أي ضرر أو افتقار لذمته.
ج- المتصدق به:
الشيء المتصدق به هو المحل في عقد الصدقة، ويسري عليه ما يسري على محل العقد يوجه عام[13] ، فيجب أن يكون محل الالتزام داخلا في دائرة التعامل ،موجودا، ممكنا غير مستحيل، وهي الشروط المنصوص عليها المواد من 57 إلى 61 ق.لع، ومعينا أو قابلا للتعيين ومشروعا أي غير مخالف للنظام العام ولا لحسن الآداب ، وان يكون مملوكا للمتصدق.
ثانيا: حيازة المتصدق عليه للشيء المتصدق به في حياة المتصدق.
فبانتفاء هذه الحيازة يكون عقد الصدقة غير مكتمل الأركان وبالتالي يترتب عليه البطلان.
حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض انه :" لما ثبت للمحكمة أن المتصدق عليه حاز المتصدق به في حياة المتصدق الذي نازعه في الحيازة قيد حياته،فإنها اعتبرت عن صواب أن الصدقة صحيحة ومستوفية لشرط الحيازة"[14].
بالإضافة ومما يجدر ذكره أن مجرد رفع دعوى من طرف المتصدق عليه يطالب فيها بحيازة الشيء المتصدق به تعتبر حيازة.
ثالثا: إخلاء المتصدق للمتصدق به.
ويفيد هذا أن المتصدق يجب أن يلزم بإخلاء المتصدق به من جميع شواغله لتكون الصدقة صحيحة.
وهذا ما يستنتج من قرار صادر عن محكمة النقض حيث جاء فيه:
"...لكن حيث انه من المقرر فقها وقانونا أن المتصدق به كان دارا لسكنى المتصدق فانه يشترط لصحة الصدقة إخلاء الدار من أمتعة المتصدق ومعاينة الشاهدين لذلك وإذاأفرغها فلا يعود لها قبل مضي عام كامل ولو بكراء وفي ذلك يقول صاحب التحفة:
وان يكن موضع سكناه وهب***** فان الإخلاء له حكم وجب"[15].

الفقرة الثانية: الأركان العامة لانعقاد الصدقة

إذاكان الأصلفي العقود الرضائية (اولا) فإن عقد الصدقة يتطلب الى جانب الرضائية  شكلية معينة حددها له المشرع( ثانيا).

أولا: التراضي في عقد الصدقة

   إن التراضي هو قوام العقد وأساسه، بل هو تعريف للعقد نفسه ، إذ التراضي لحمة العقد وسداه[16] ، والأصل في الفقه  الإسلامي هو رضائية العقود، غير أن الاختلاف الموجود يمكن في أن التراخي في العقود الملزمة لجانب واحد اشد منه في العقود الملزمة للجانبين، فهذه الاخيرة تقوم على المساواة والمفاوضة والتراضي فيها أخد وعطاء ، أماالأخرى فالالتزام ضمانها يكون دون مقابل، وبالتالي فالتراضي فيها اشد، لذا وجب فيه أن يكون تاما وكاملا وبقلب مطمئن.
ولا يخرج عقد الصدقة باعتباره من عقود التبرعات عن هذا الأصل المتمثل في رضائية العقود. أي انه عقد يبرم بالإيجاب من طرف التصدق والقبول من طرف المتصدق عليه ثم تطابق الإيجابوالقبول[17]. وهكذا نصت الفقرة الأولى من المادة 274 منم.ح.ع. على انه: "تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول ".
والإيجاب هو كل صيغة تدل على التمليك من لفظ او فعل ، لافرق أن تكون دلالة اللفظ صريحة كقول المتصدق تصدقة عليك، او غير صريحة كأعطيتك وملكتك وتنازلت لك عنه، أماالإشارة فهي تعبير للأصموالأبكم.
كما يراد بالإيجابالإثبات، ويطلق على ماصدر أولا من احد المتعاقدين ، وسمي إيجابالأنه يثبت للمتعاقد الآخر خيار القبول. فإذا وافق هذا الأخير كان كلامه قبولا وعلى ذلك فان القبول هو ماصدر ثانيا[18].
والإيجاب في عقد الصدقة ذلك التعبير الصادر عن إرادة المتصدق بان يتبرع لشخص أخر بالشيء المتصدق به[19]
أما قبول الصدقة فهو ذلك التعبير الصادر عن المتصدق عليه الذي يوجهه للمتصدق بقبول الصدقة، وهو الشق الثاني والذي بانضمامه إلىالإيجاب ينعقد العقد[20]
وفي هذا الصدد لاباس من الانفتاح في مناقشة مسالة الإيجاب والقبول على آراء الفقه الإسلامي وعلى ضوء بعض التشريعات الوضعية:
أ- على مستوى الفقه الإسلامي
اختلف الفقهاء في انعقاد الصدقة إلى قولين:
القول الأول: الصدقة تنعقد بالإيجابوالقبول والى هذا ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وزفر من الحنفية[21]
وان كلا من الإيجاب والقبول ركنان للصدقة شأنها شأن أي عقد آخر وقيام العقد لابد أن يتم بالإيجاب والقبول لان ملك الإنسان لا ينتقل إلى الغير بدون تمليكه وإلزام الملك على الغير لا يكون بدون قبوله[22].
إما القول الثاني والذي ذهب إليه الحنفية عدا الإمام زفر، فيقر أن الصدقة تنعقد بالإيجاب فقط[23]
وقياسا على ما ذهب إليه الفقه الإسلامي ، فان الصدقة تنعقد بالإيجاب وحده أو الإيجاب والقبول عند جمهور الملكية، وهو الشيء الذي سار عليه المشرع في إطارتنظيمه لإحكام الصدقة من خلال ما نص عليه في المادة 274 من م.ح.ع، السالفة الذكر.
كماأن هذه المادة توحي بان المشرع المغربي في إطار تقنينه لإحكام كل من الهبة والصدقة لم يخرج عن قواعد الفقه الإسلامي من حيث الأركان الواجبة في الصدقة باعتباره تصرفا ناقلا للملكية، ويعبر عن إرادة متجهة نحو تمليك حتى بدون عوض.
ب-على مستوى التشريع الوضعي:
إن المشرع المصري هو الآخر اوجبأن تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول حيث نص في المادة 487 من القانون المدني المصري على انه "لاتتم الهبة إلاإذا قبلها الموهوب له أو نائبه" مما يتضح أن المشرع المصري في تنظيمه للهبة باعتبارها أشهر عقود التبرع وأكثرها انتشارا، لم يكتف بالتنصيص على وجوب أن تتم بالإيجاب بل لابد أن يقترن هذا الإيجاب بالقبول.
وذهب جانب من الفقه إلىأن مرد ذلك أن الهبة وان كانت تبرعا إلاأنها تثقل عنق الموهوب له بالجميل وتفرض عليه واجبات أدبية نحو الواهب، وقد يؤثر الموهوب له رفض الهبةٍّ[24].
وفي هذا السياق فان المشرع المصري لم يشترط في القبول أن يكون صريحا كما هو في القانون الفرنسي[25]، بل اجاز ان يكون القبول ضمنيا، بل وأكثر من ذلك اعتبر علم المتبرع له- المتصدق عليه – بالإيجاب قبولا.
وبالنسبة للقانون المغربي أشار في الفصل 38 من ق.ل .ع [26]على انه: " يسوغ استنتاج الرضا أوالإقرار من السكوت إذا كان الشخص الذي يحصل الصرف في حقوقه حاضرا أو علم بحصوله على وجه سليم ولم يتعرض عليه من غير أن يكون هناك سبب مشروع يبرر سكوته".
مما يستنتج من هذا الفصل أن السكوت يمكن أن ينهض دليلا على الرضا كما لو تصرف في أموال شخص بمحضره وهو حاضر ساكت غير ممانع، أو كان غائبا وبلغ إلى عمله أنه قد تصرف في أمواله ولم يعترض[27].
هذا بما يتعلق بقانون الالتزامات والعقود، فهل يمكن تطبيق هذا المقتضى على أحكام الصدقة المنظمة في إطارم.ح.ع ، خاصة وان هذه الأخيرة لم توضح لا بشكل خفي أو جلي اعتبار السكوت دليلا على الرضى.
فبالرجوع إلى المادة الأولى منم.ح.ع. نجد أن المشرع في إطار الفقرة الثانية من هذه المادة ينص على انه : " تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331(2 أغسطس 1931) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في مالم يرد به نص في هذا القانون، فان لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي".
وبهذا يكون السكوت المعتبر دليلا على الرضا في إطار ما هو مدون في الفصل 38 من ق.ل.ع، يمكنأن نستنتج منه القبول الضمني للمتصدق عليه وإيجاب المتصدق عليه إذا ما تصرف في أمواله بالصدقة ولم يعترض.
وقد ذهب البعض أن القبول الضمني في إطار الصدقة يتجسد في قبض وحيازة الشيء المتصدق به[28].




وغنى على البيان أن الموجب يظل ملتزما بإيجابه متى وصل إلى علم الملتزم به[29] غير انه ضمن عقود التبرعات عامة، وعقد الصدقة خاصة ، لا يظل الموجب ملتزما بإيجابه، إذا ما ارتبط القبول بأسباب جعلت منه قبولا باطلا، أوبالأحرى متى كان الالتزام ككل باطلا، وهو ما يستشف من المادتين 277 و 279 من م.ح.ع[30]
كما يمكن أن يكون هذا الالتزام أكثر صلابة واشدقوة،إذا ما توفرت الشروط المتطلبة فيه لدرجة يصبح معها عدم الرجوع في الالتزام مستحيلا استحالة مطلقة، وهو ما يظهر ضمن عقد الصدقة في ما نحت عليه المادة 291 من م.ح.ع، حيث جاء في فقرتها الأولى على انه: تسري على الصدقة أحكام الهبة  مع مراعاة مايلي: - لا يجوز الاعتصار في الصدقة مطلقا".
ومما تجدر الإشارةإليهأن المشرع المغربي لم يكتف بإيرادالإيجاب والقبول لكي تصبح الصدقة صحيحة، بل اوجب لتمامها إفراغ رضا الطرفين في شكل محدد رسمي وهو الأمر الذي سيتم التطرق إليه في الفقرة الثانية.

ثانيا :الكتابة في عقد الصدقة.

الكتابة كما هو متعارف عليه قانونا، أماأن تكون شرط انعقاد أو شرط إثبات التصرفات القانونية ، وهكذا فالمشرع ألزمإفراغ بعض التصرفات في قالب الكتابة لصحة تلك التصرفات ، هذه الكتابة التي تكون مضمنة في إطار محرر رسمي هذا الأخير الذي يتجاذبه جهازين، جهاز العدول وجهاز التوثيق.
إن الواقع العملي يثبت أن اللجوء إلى العدول لإبرام عقود التبرع هو الأكثر شيوعا نظرا للثقة التي يضعها المتعاقدون في الوثيقة التي تحرر من طرف العدول[31].
والمحرر الذي يحرره العدول يتضمن الإشهاد الذي يعد بمثابة شكلية واجبة الإتمام في عقد الصدقة ولا يستغنى عن الإشهاد بالحوز، وهو حكم شرعي لا مناص من تحققه وهذا ما تقرر في القضاء ونوازل التبرعات[32]
والإشهاد في المحرر الرسمي بالصدقة الذي يكون بمحرر عدلي، لا يمتع من أن يعقد بمحرر توثيقي يقوم بتحريره موثق عصري خاضع للقانون 32.09.
وفي هذا الصدد ذهب الاجتهاد القضائي في إحدى القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) جاء في قاعدته أن: "عقد الصدقة المحرر من طرف موثق، والذي يشهد فيه باتمية المتصدق وقت إبرامه هو وثيقة رسمية لا يطعن فيها إلا بالزور..."[33].
ويبقى السؤال المطروح هو هل يجوز تلقي عقد الصدقة من طرف موثق واحد؟
في السابق كانت تثبت التبرعات الخاضعة لأحكام الفقه الإسلامي ، وبما فيها عقد الصدقة بوثيقة رسمية أو عرفية كلما استوفت شروطها القانونية في ظل ظهير 1925 المتعلق بمهنة التوثيق. إلاأن الوضع لم يصبح كذلك مع إلغاء هذا القانون الأخير بمقتضى ق.32.09 والذي لم يفرد عقود التبرعات بخصائص معينة، وهي عقود رسمية إذا تلقاها الموثق وفق مقتضيات هذا القانون وإذا وجدت نصوص خاصة كما جاء في م.ح.ع. فإنها تطبق عليها.
ومما لا شك فيه أن الوثيقة الرسمية لها من الحجية ما يجعل منها حجة بذاتها، وتستمد هذه الأخيرة حجيتها من الفصلين 419 و 420 من ق.ل.ع.
وعليه فان الورقة الرسمية تعتبر حجة ذو قوة في الإثبات ما لم يطعن فيها بالتزوير[34].وبهذا تكون الصدقة المبرمة في عقد رسمي حجة قاطعة لا يطعن فيها إلا بالزور.
ولعل المشرع لما توخى رسمية عقد الهبة- الصدقة – كان يرمي إلى تلافي النزاعات التي قد يثيرها عقد الصدقة العرفي ، والذي غالبا ما يكتنفه اللبس والإبهام، ويفتقر إلى تعداد العناصر الأساسية[35].
كما تجدر الإشارةإلىأن المشرع المغربي، قد رتب جزاء على عدم احترام هذه الشكلية التي تعد شكلية انعقاد وهو بطلان التصرف الذي لم يحترمها ، والمحكمة تكون ملزمة إذا مارفع إليها النزاع أن تثير هذا الأمر تلقائيا ولو لم يقم بذلك الأطراف،وانه عندما نص على الجزاء فقد أصبح هذا المقتضى من النظام العام الذي لايجوز مخالفته، ويمكن إثارة الدفع بالبطلان في أي طور من أطوار المسطرة ولو أمام محكمة النقض ولأول مرة[36].
وخلاصة القول أن الشكلية التي تطلبها المشرع في إطار مانص عليه من أحكام خاصة بعقد الصدقة هي شكلية للانعقاد، وهي شكلية يترتب على تخلفها البطلان سواء نص المشرع على هذا البطلان أم لم ينص[37].

المبحث الثاني : اثار وموانع عقد الصدقة .

ان الهدف من كل عقد هو الوصول الى الأثار التي تنتج عنه متى استوفى الأركان والشروط المقررة قانونا ، نفس الأمر يسري على عقد الصدقة الا انه قد تحول دون قيامه مجموعة من الموانع تؤدي في غالب الأحيان الى بطلانه .

المطلب الثاني : إلتزامات الأطراف والاعتصار في الصدقة

سنتناول بالدراسة في اطار هذا المطلب اثار عقد الصدقة وذلك في( الفقرة الثانية )،على انعرج الحديث  عن الاعتصار في الصدقة في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :  التزامات اطراف عقد الصدقة

ان الأصل في الصدقة انها عقد ملزم لجانب واحد ، على اعتبار انه من عقود التبرعات التي لا يأخذ فيها احد المتعاقدين مقابلا لما يعطيه [38].
لهذا ينشئ عقد الصدقة التزامات في دمة [39]، المتصدق تتمثل في ما يلي :

اولا : نقل الشيء المتصدق به الى  دمة المتصدق عليه .

هذا ما اكده المجلس الأعلى حيث جاء في قرار صادر عنه " ان المتصدق ملزم بنقل المتصدق به الى المتصدق عليه والا اجبر على ذلك "[40].
ونستنتج من خلال هذا القرار ان المتصدق الدي لم يعمل على نقل ملكية الشيء المتصدق به الى المتصدق يمكن اجباره على ذلك حتى ينتج عقد الصدقة اثاره .
وهذا ما دهب اليه الفقه المالكي عندما اقر ان ملكية الشيء تنتقل الى المتصدق عليه طالما هناك  جد هذا الأخير في طلبها بل يستطيع اجبار المتصدق له  على القبض[41].
كما جزم الإمام مالك ان الصدقة تقع باطلة في الحالة التي يموت عليها المتصدق ولم يقبض المتصدق له الصدقة [42]، بخلاف ما ادا توفي المتصدق عليه حيث يبقى المتصدق ملزما بالصدقة وينزل الورثة منزلة المتصدق عليم المتوفى[43].
وبالرجوع الى مدونة الحقوق العينية نلاحظ ان المشرع احال على احكام الهبة التي نفسها تسري على عقد الصدقة مع بعض الاستثناءات  بموجب المادة 291 ، لهذا فإن المادة 279 من نفس المدونة اخدت نفس النهج الدي صار عليه المذهب المالكي ، حيث جاء فيها :
" إذا توفي الواهب قبل أن يقبل الموهوب له الملك الموهوب بطلت الهبة.
لا يعتد إلا بتاريخ تقييد إراثة الواهب إذا تعلق الأمر بعقار محفظ.
إذا توفي الموهوب له قبل أن يقبل الملك الموهوب بطلت الهبة كذلك، ولا حق لورثة الموهوب له في المطالبة به".
نفس الأمر يسري على الصدقة احتكاما الى المادة [44]291 من م. ح. ع.

ثانيا : التزام المتصدق بالمحافظة على الشيء المتصدق به .

يلتزم المتصدق بالمحافظة على محل الصدقة الى حين تسليمه الى المتصدق عليه على الحالة التي كان عليها وقت الصدقة دون نقصان ، مالم يتم اشتراط خلاف ذلك من طرف المتصدق .
كما يلتزم المتصدق بمجرد تمام الصدقة بالتسليم مالم يشترط من قبل المتعاقدان وقتا اخر  او اقتضت طبيعة العقد او العرف خلاف ذلك ، اما نفقات التسليم فهي على المتصدق باعتباره هو المدين مالم يتحملها المتصدق عليه بمقتضى الشرط [45].
لكن هذا القول متجاوز في اطار ما نصت عليه مدونة الحقوق العينية في ما يخص احكام الهبة المحال عليها ما يطبق على عقد  الصدقة بحيث جاء في اطار المادة 282 من م. ح. ع :
"نفقات عقد الهبة ومصروفات تسليم الملك الموهوب ونقل ملكيته تكون على الموهوب له، ما لم يتفق على غير ذلك".
وعليه فإن المتصدق يتحمل نفقات عقد الصدقة ومصروفات تسليم الشيء محل الصدقة بل ونقل ملكيته مالم يتم الاتفاق على ان المتصدق  هو الدي يتحمل هذا الالتزام  ، الشيء الدي يوحي بأن هذه المادة لا تندرج في اطار القواعد الامرة  بل هي مجرد قاعدة مكملة  يجوز للأطراف الاتفاق على خلافها[46].




ثالثا: ضمان الاستحقاق و العيوب اللاحقة بالصدقة الناتجة عن الفعل العمد او الخطاء الجسيم للمتصدق.

يميز فقه العقود بين انواع الضمان ، اما ضمان استحقاق او ضمان عيوب ؛ ويعني الاول ضمان الملكية الشرعية لمحل الالتزام وتمكين المستفيد من التمتع به دون منازع ، واما الثاني وهو ضمان العيوب فهو ينصرف الى صمان محل الالتزام من أي عيب يلحق به ظاهرا كان او خفيا [47].
كما تجدر الاشارة الى ان احكام الضمان  تختلف بين عقود المعاوضة وعقود التبرع بسبب وجود المقابل في الاولى وانعدامه في الثانية[48] .
وفي عقد الصدقة لا يضمن المتصدق استحقاق لشيء او الحق المتصدق به الا ادكان مسؤولا عن فعله العمد او خطأه الجسيم ، وهذا ما تؤكده المادة 281 من م .ح .ع التي نصت انه :
" لا يلتزم الواهب بضمان استحقاق الملك الموهوب من يد الموهوب له، كما لا يلتزم بضمان العيوب الخفية.
لا يكون الواهب مسؤولا إلا عن فعله العمد أو خطئه الجسيم".
وبالتالي فإن المتصدق لا يضمن الملكية للمتصدق عليه الا ادا ثبتت مسؤوليته عن الفعل العمد او خطأه الجسيم[49].
لدا فكل ملك كان موضوع  صدقة يعود الى الغير او مثقل بعبء ضريبي او بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة او أي تكليف اخر ، فإن ملك الغير يكون ثابتا والاستحقاق يكون مستوجبا ، كما لا يلزم الضمان في الاستحقاق ادا حاز المتصدق عليه الصدقة تم طرأ سبب يدعو الى نزع ملكيتها من اجل المنفعة العامة فالسبب لاحق وطارئ[50].
وفي هذا الاطار يجب التميز في اطار الاستحقاق ما ادكان المتصدق حسن النية على اساس ان الصدقة عقد تبرع والإحسان لا يقابل بالإساءة، لأن استحقاق الصدقة من الغير كان سيقع لا محالة قبل الصدقة وبعدها ، لهذا فإن المتصدق عليه يخلف المتصدق ويتحمل الصائر الدي قد ينفقه على الشيء المتصدق به او على  دعوى الاستحقاق كما تقع عليه اضرار الانشغال والتأخير ولا ضمان على المتصدق[51].
اما ادا كانت الصدقة بسوء النية ، فإن المتصدق يتحمل الضمان كما هو الشأن لمن يتصدق عن علم بشيء مملوك للغير او مسروقا او مثقلا بدين اوبرهن او حجز او عبء  ضريبي ، فليس لأحد ان يخسر من الاخر و ان يدفع به إلى الخسارة او المشقة وينصب عليه ، والصدقة في هذه الحالة ليست بصدقة اصلا فهي منعدمة[52].
على العموم فليس للمتصدق عليه ان يقبل الصدقة بجميع عيوبها ، لأن المبدأ العام هو لا ضمان على المتصدق سواء كان ضمان استحقاق او ضمان عيوب ،لأن المتصدق يضمن ما تعمد اخفاؤه وما اشترط على نفسه ، والعلة في وجوب الضمان على المتصدق ليس هو الإخفاء في حد داته ونما هو تعمد الإضرار[53].
وفي هذا لاطار تدق المسألة ويثور الإشكال حول مسوؤلية المتصدق السيء النية ؟ :
وعليه يمكن اثارة هذه المسؤولية بناء على القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية لا العقدية ، لأن العقد والحالة هذه يكون باطلا طبقا للفصل 306[54] من قانون الالتزامات والعقود؛ وعليه فإن المتصدق يسأل عن الخسائر والأضرار التي تلحق المتصدق عليه[55].
والملاحظ ان المشرع المغربي لم ينص عن التعويض[56]نتيجة الاضرار التي تلحق بالمتصدق عليه ، لكن هذا لا يمنع من عدم الرجوع الى  القواعد العامة ، علما ان المادة الاولى من مدونة الحقوق العينية تنص على انه "...تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12اغسطس 1913) بمتابة قانون الالتزامات والعقود فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون ...".
وفي الاخير فأن زبدة القول ان المتصدق عدما يبرم عقد الصدقة فإنه يلتزم بنقل ملكية الشيء، وادا تقاعس عن ذلك فإنه يجبر عليه استنادا الى ما دهب اليه الاجتهاد القضائي ، وانكان المشرع المغربي في اطار تنظيمه لأحكام الصدقة لم يتم التطرق اليه (اجبار المتصدق )، كما ان المشرع اعفى بنصوص صريحة المتصدق من الضمان بنوعيه سواء ضمان الاستحقاق او ضمان العيب ، الا ادما تبث تعمده او خطأه الجسيم ، كما اعفاه اغفاه من تحمل نفقات التسليم الشيء المتصدق له التي يتحملها هذا الاخير .

الفقرة الثانية : حق الاعتصار في الصدقة

عرف ابن عرف الاعتصار بانه "ارتجاع الملك المعطي عطية دون عوض لا بطوع المعطي "[57]، ويظهر من حلال ماسبق ان الاعتصار هو الرجوع في العطية  وهو يتميز بخاصيتين :
الاولى انه بلا عوض ، والثانية انه بلا طواعية من المعطي[58].
وما يلاحظ على هذا التعريف انه لم يخصص العطية ولم يستثني منها ماهو لوجه الله تعالى كالصدقة، وانه لم يخصص في المعطي الدي له حق الارتجاع ، بل تركه مطلقا وكأن كل معطي الا وله هذا الحق[59].
وبالرجوع الى المادة 291 من مدونة الحقوق العينية فقد نصت على عدم الاعتصار في الصدقة بشكل مطلق وهذا ما صرحت به المادة اعلاه على انه " تسري على الصدقة احكام الهبة مع مراعات ما يلي:
-   لا يجوز الاعتصار في الصدقة مطلقا .
-   لا يجوز ارتجاع الملك المتصدق به الا بالإرث.
 و ضيقت هذه المادة من نطاق حكم الفقه الاسلامي في الموضوع بأن اقرت انه " لا يجوز الاعتصار في الصدقة مطلقا "، في حين ان الفقه الاسلامي يسمح للأب والأم ، كما ان الفقه المالكي استثنى من اصل عدم الاعتصار في الصدقة حالات خاصة [60].
وكل ما يجري بلفظ الصدقة ْْْ ْ  فلا اعتصار ابدا لن يلحقه[61] .
ويقول الشارح حول هذا البيت " ان كل ما تلفظ فيه بلفظ الصدقة قرينة على الصدقة فاعتصاره ممنوع  الا ان يشترط الأب والأم او الأجنبي ذلك في صلب عقدها ، فيعمل بالشرط ..."[62].
كما ان هذه المادة منعت ارتجاع الصدقة بشكل مطلق ، في حين ان الفقه الاسلامي يقر استثناء من الأصل  بجواز ارتجاع الصدقة بالإرث ، وهو ما يعني ان نطاق منع التصرفات بالمال المتصدق به انسجاما والمادة 291 من م. ح. ع اصبح يشمل كافة طرق التفويت باستثناء الإرث  بقولها "لا يجوز الصدقة  الا عن طريق الإرث".

علما ان بعض الفقه[63] قال على انه يجب على المشرع ان يقتبس نص المادة اعلاه وفق اصولها وان تعاد صياغتها كالتالي  : "لا يجوز الاعتصار في الصدقة الا الأب والأم ادا ما اشترطت في العقد .
ويجوز ارتجاع الصدقة بطريقة الإرث ."
وهذا ما دهب اليه القضاء من خلال مجموعة من القرارات القضائية ؛ حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بأكادير ما يلي "بناء على الاستئناف والاسباب التي اثارها المستأنف وفق الفصل اعلاه.
وحيث ان معابه المستأنف على الحكم المستأنف لمل رفض طلبه الرامي الى التراجع عن عقدي الصدقة المذكورين أعلاه والحال ان المتصدق عليها لم تحز العين المتصدق بها الامر المعتبر وهو السنة لا تستند الى اساس من القانون.
وذلك انه من المعلوم والمنصوص عليه فقها والمقرر قضاء ان الصدقة لا يمكن الرجوع فيها خلافا لعقد الهبة التي اباحث النصوص اعتصارها بشروط معلومة ومقررة فمحل اعتصار الهبة لا الصدقة لقول صاحب التحفة العاصمية :" وكل ما يجري بلفظ الصدقة ، فالاعتصار ابدا لن يلحقه ...[64] .
كما ورد قرار للمجلس الاعلى حيث جاء فيه " ...ولما تضمن الرسم العدلي ان المتبرع قد قصد بعطيته لابنته وجه الله العظيم وثوابه الجسيم ، فإن المحكمة في اطار سلطتها في تأويل التصرفات كيفت العطية على انها صدقة وليست عقد هبة رغم دكر لفظها في الرسم العقاري طبقا لقواعد الفقه المالكي لا يجوز اعتصارها على خلاف الهبة "[65] .
وقد تمت ملاحظة في غاية الاهمية في اطار هذا القرار تتجلى  في كون القضاء له سلطة في الجانب المتعلق بتكيف التصرفات ، وعليه فإدا كيف العطية على انها صدقة فلا يمكن الرجوع فيها ، وهذا ما اعتمده المجلس الاعلى في احد قرارته الصادرة في تاريخ 06/01/ 2010 اد جاء في قاعدته " العقد المحرر باللغة الفرنسية يعتبر عقد هبة ولا يكيف على انه صدقة لعدم تضمنه ألفاظ الصدقة المنصوص عليها فقها وهي ان تكون العطية لوجه الله تعالى وثواب الاخيرة ، لذلك تكون الهبة قابلة للاعتصار[66].
على العموم فإن عقد الصدقة تحكمه الألفاظ الدي به حرر حتي يتبين مصير العقد من حيث حكم الاعتصار فيها من عدمه .




المطلب الثاني : موانع قيام عقد الصدقة .

بمجرد اكتمال اركان عقد الصدقة قامت هذه الأخيرة وانتجت اثارها ، الا ان هذا العقد تحول دون قيامه امور يستحيل معها ابرام عقد الصدقة مما يجعله عقد باطل بقوة القانون ، كما ان عقد الصدقة في بعض حالات استثنائية يأخذ احكام بعض التصرفات .
و لمعاجلة موضوع موانع قيام عقد الصدقة سوف نتطرق اليه في فقرتين اتباعا كالتالي :
الفقرة الاولى :  حالات بطلان عقد الصدقة .
الفقرة الثانية :  حكم الصدقة في مرض الموت.

الفقرة الاولى : حالات بطلان عقد الصدقة .


تقوم الصدقة الى ان تكون محاطة بالدين (اولا)، او تنصب على ملك الغير (ثانيا) ، فتقع باطلة بقوة القانون .

اولا : بطلان الصدقة لإحاطتها بالدين .

الدين هو حق شخصي لدان على مدينه بحيث يجوز للدائن مطالبة مدينه بمبلغ الدين رضاء او قضاء متى كان الدين تابتا ومستحقا[67].
وعليه فإدكان المتبرع مدينا وقد احاط الدين بماله فإن لدائنين الحق في ابطال هذا التبرع ، سواء كان الدين سابقا على ابرام التبرع او على انتقال الشيء المتبرع به من حيازة المتبرع الى حيازة المتبرع له [68].
وعليه فإن تمام التبرع يتوقف على حصول الحوز، قبل حصول فلس او احاطة المال بالدين ، وبالتالي  فحصول الحوز يحول دون امكانية ابطال التبرع ، لان حصول التبرع في وقت يكون فيه مال المتبرع محاطا الدين لا يكون تاما بل يمكن ابطاله ،مالم يحصل الحوز فعلا من طرف المتبرع له قبل اقرار هذا الحكم[69].
لأن الدين والحالة هذه يكون واجبا اما التبرع فهو مندوب لهذا فالواجب يقدم على المندوب ، لدا فالدين ادكان سابقا على الصدقة تقع هذه الاخيرة باطلة ، اما إدا كانت الصدقة سابقة عليه –الدين – فإنها تصح ادا حيزت قبل الدين او في حالة وجدود الشك هل حيزت قبل الدين او تأخرت عليه[70].
ومن المقرر في القواعد العامة ان امول المدين ضمان عام لدائنيه طبقا للفصل 1241 [71]؛ وهذا ما دهب اليه الاجتهاد القضائي ، بحيث ورد قرار عن المجلس الاعلى جاء فيه : " لكن حيث انه تطبيق لمقتضيات الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود فإن اموال المدين ضمان عام لدائنيه ،و الثابت من اوراق الملف ان المطلوب استصدر بتاريخ ان المطلوب استصدر بتاريخ 09/05/2002 حكما على المتصدق ... بأدائه مبلغ 690.000 درهم بناء على دعوى التعويض التي اقامها بتاريخ 30/9/2000  أي قبل ابرام عقد الصدقة لفائدة الطاعنات الدي كان بتاريخ 08/01/2001 والمحكمة لما قضت بإبطال الصدقة المذكورة بعدما ثبت صفة المطلوب بموجب الحكم القاضي على المتصدق بأدائه تعويضا عن حرمانه من الاستغلال الجزئي للمحل الدي كان قد احتله بدون سند ولا قانون وبنت قرارها على مقتضيات الفصل 1241من قانون الالتزامات والعقود وعلى الفقه وطبقا لما جاء في قول ابن عاصم في تحفته :
صدقة تجوز الا مع مرض ْْْْ موت وبالدين المحيط تعترض.
تكون قد اقامت قضاءها على اساس وعللت قرارها تعليلا كافيا ويبقى ما اثير بدون اساس "[72].
وجاء في قرار اخر للمجلس الاعلى  حيث اعتبر ان صدقة من احاط الدين بماله معرضة للإبطال وجاء فيه ، :" يحق لدائن الطعن في تصرف مدينه المعسر بغير عوض لفائدة زوجته ، متى تبث ان ذلك التصرف يضر به ،وذلك طبقا للفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود ولقواعد الفقه التي تشترط لصحة الصدقة ألا يحيط الدين بمال المتصدق[73].
 وعليه يكون المشرع المغربي قد سار في نفس الاتجاه حيث نص في اطار المادة 278 من مدونة الحقوق العينية " لا تصح الهبة ممن كان الدين محيطا بماله"؛ نفس الامر لصدقة التي احال عليها  المشرع بموجب المادة 291 من مدونة الحقوق العينية حلى احكام الهبة .
لكن يطرح في هذا الصدد اشكالية تقيد عقود الصدقة ،حيث وردت مدكرة عن المحافظ العام [74]، تمنع تقيد حقوق الهبات بالرسم العقاري او مثقلة برهون لفائدة الغير او حتى تقديم مطلب التحفيظ بشأنها ، وذلك تطبيق للمادة 278 من مدونة الحقوق العينية ، علانه تم توجيه رسالة الى الامين العام للحكومة بخصوص تطبيق مقتضيات المادة اعلاه من م. ح. ع من اجل قيام وزارة العدل بإضافة احكام جديدة تعبر بشكل صريح وواضح عن نية المشرع في تطبيق المادة 278 السالفة الدكر[75].
لذلك فكل صدقة يكون محلها  مثقل بحقوق الغير يمنع تقيدها بالرسم العقاري او تقديم بشئانها مطلب التحفيظ ، مالم يتم الادلاء برفع اليد عن الحقوق  المذكورة[76].
وهذا ما عبرت عنه المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكم صادر عنها بتاريخ 09/10/2012 ، القاضي برفض طلب المدعي الرامي الى إلغاء قرار المحافظ الرافظ لتقيد عقد الهبة بالرسم العقاري لمخالفته نص المادة 278 من مدونة الحقوق العينية[77].
والملاحظ ان هذه الدورية الصادرة عن المحافظ العام المتعلقة بالمادة 278 من م. ح. ع ، غلبت احكام عقد الرهن عن احكام التبرعات ؛ وقد رأى البعض ان علة المنع من التبرع ادا ما أحيط الدين بمال المتبرع هي حماية حقوق الدائنين ، فإن مقتضيات الفصول المتعلقة بالأولوية المنصوص عليها بالمادتين 197 و198 من م. ح. ع ، ومقتضيات حق التتبع في المواد 199الى 211 من نفس المدونة تسمح بحماية حقوق هؤلاء.
ويضيف ان العلة هي عدم التصدق بالمال  مادام انه مشروط ومقيد ، الأن الصدقة هي تمليك مال للمتصدق عليه ابتغاء مرضاة الله ونيل الأجر ،وبذلك فأحكام عقد الرهن  لا تسمح لتحقيق هذه الغايات وبذلك يتعين رفض تقيد هذه الانواع من التصرفات[78].
خلاصة القول انه يجب لحماية الدائنين تجريد تصرفات المدين المتصدق من أي اثر قانوني لأن في ذلك    ضمانة لحقوقهم.

ثانيا : بطلان الصدقة بعقار الغير .

استلزم المشرع المغربي لانعقاد الصدقة ان يكون الشيء المتصدق به مملوكا للمتصدق ، حيث يشترط ان يكون العقار مملوكا للمتصدق ،وهو ما يستخلص من خلا المادة 277[79]من مدونة الحقوق العينية التي تطبق على عقد الصدق بصريح المادة 291 من م.ح.ع .
والملاحظ ان المشرع المغربي رتب والحالة هاته بطلان عقد الصدقة ادا لم تنصب على ملك المتصدق ، وذلك استنادا الى المادة 277 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على انه "يقع باطلا:
-   الوعد بالهبة؛
-   هبة عقار الغير؛
-   هبة المال المستقبل.
ولقد دهب الاستاد خيري الى تعريف الغير بأنه كل شخص من غير المتعاقدين وورثتهم وتكون بينهم وبين احد المتعاقدين علاقة قانونية تجعل له مصلحة في التمسك بالعقد[80].
وقد جاء في قرار صادر  عن المجلس الاعلى ، انه ليس للمكترين مصلحة في الدفع بعدم صحة الصدقة لعدم معاينة الحوز لأنهم ليسوا ورثة ولا مالكين حيث جاء ضمن حيثياته أنه "...لكن جواب المحكمة عن دفع للطاعنين المتمثل بأن قيام المتصدق بالتصدق بالمدعى فيه على المدعيات المطلوبات في نقس الوقت الدي قام بكرائه للطاعنين تنتفي معه معاينة الحيازة فإن هذا الدفع غير مرتكز على اساس لانعدام المصلحة  وصفة الطالبين لطعن في صحة رسم الصدقة لأنهما مجرد مكثرين للمتصدق به وليس بمالكين ولا من ورثة المتصدق، تكون بذلك قد عللت قضائها بما فيه الكفاية لأن حق الكراء الثابت للطاعنين في المدعي به لم يمس مادامت المحكمة الغت طلب التخلي عن العين المكثرات على الحالة مما تكون معه الوسيلة غير مؤسسة [81].
يتضح من القرار اعلاه ان انعدام المصلحة والصفة تحول دون ممارسة الغير لحق ابطال الصدقة ادا ما تم لأخد بعين الاعتبار مفهوم الغير الدي تم ادراجه في التعريف اعلاه ، وان الورثة يمكنهم ابطال الصدقة ادا كانت لهم المصلحة في ذلك ، كما ان للمالكين الحقيقين المصلحة في ابطال الصدقة الواقعة على ملكهم[82].
كما ان الوكيل الدي يعقد الصدقة باسم موكله دون ان تتضمن الوكالة صلاحيته لتبرع ، لا يعتبر تصدقه نافدا في حق موكله بناء على الفصل 894 من قانون الالتزامات والعقود وهذا ما يؤكد قرار للمجلس الاعلى الدي جاء فيه " لكن ردا على ما ورد في اسباب اعادة النظر فإن قرار المجلس الاعلى اجاب بوضوح بأن محكمة الاستئناف قومت حجج الدعوى المتمثلة في الوكالة عدد 742 ورسم الصدقة عدد 928 ولفيفيتي  الاحتجاج عدد  390 وعدد 1996 وتقرير القسمة حسب السلطة الممنوحة لها لهذا الشأن وانتهت الى القول باستبعادها جميعا لكون الوكيل الدي ابرم رسم الصدقة غير مأذون له من طرف موكلته المالكة بالتبرع الدي يعتبر تصرفا مضرا بها ولا يمكن امضاؤه الا بادن خاص منها الشيء الدي لا يتوفر في النازلة وان لفيفتي الاحتجاج لا تفيدان الادن المذكور[83].
خلاصة القول ان ان المتصدق الدي يبرم الصدقة لصالح شخص لابد ان يكون مالكا للعقار ومتمتعا بحق الملكية المستوفية لعناصرها الثلاث بدون قيد او منازعة من الغير تحت طائلة البطلان .
الفقرة الثانية : حكم الصدقة في مرض الموت .
يعرف مرض الموت بأنه ما يعتري الأجسام الحية من خلل او نقص يوؤدي عادة الى الوفاة ، وكثيرا ما يصطلح عليه بمرض المخوف ، انطلاقا من الاثار التي يخلفها في نفسية المريض والتي تظهر من خلال التصرفات التي يجريها المريض وهو في تلك الحالة[84].
ولا يختلف الفقهاء في ان مرض الموت يجب ان يتحقق فيه امران ، احدهما ان يكون مرضا يحدث من الموت غالبا ،وثانيهما ان يموت الشخص بالفعل موتا متصلا به[85].
وبالرجوع الى ما نظمه المشرع المغربي فلا يوجد هناك تعريف لمرض الموت اد اكتفى المشرع بتحديد الاطار القانوني لأحكام تصرفات المريض مرض الموت في البيع والابراء بموجب الفصل 479[86] من قانون الالتزامات والعقود الدي احال على الفصلين 344[87]، و445[88] من نفس القانون[89].
وهكذا يكون المشرع المغربي قد اغفل تعريف مرض الموت تاركا ذلك وكالعادة الى الفقه والقضاء ؛ وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى "ان المحكمة اذا ما طبقت بعض المفاهيم القانونية كمرض الموت والمحاباة ، فلا يجوز ان يعاب عليها فساد التعليل وعدم تطبيق القانون الواجب"[90].
اما بالنسبة لصدقة الصادرة في مرض الموت وحسب الفقه الإسلامي فهي جائزة من ثلت ماله ، فإدا تصدق المريض مرض الموت تبقى صدقته موقوفة الى ان يصح او يموت فإن صح من مرضه صحت عطيته ، وان مات فيجرى ذلك مجرى الوصية بالثلث واقل لغير وارث ولا يجوز بأكثر من الثلث مطاق ولو لغير  وارث الا بإجازة الورثة الرشداء كذلك[91].
نفس الامر اقر به المشرع  المغربي في اطار المادة 280 من مدونة الحقوق العينية التي تنص في فقرتها الاولى على انه " تسري على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية.
إلا أنه إذا لم يكن للواهب وارث صحت الهبة في الشيء الموهوب بكامله".
وهذا ما اكدته محكمة النقض في قرار صادر عنها جاء فيه "تصرفات المريض مرض الموت تخرج مخرج الوصية ، فإدا كانت لوارث لا تصح  إلا بإجازة باقي الورثة .
لما أثبت للمحكمة ان المتصدق كان يعاني من نرض سلطان البرستات واجرى عملية جراحية بسببه وانه تصدق على الطاعنين وهو بحالة هذا المرض 01/04/2007 وتفي بعد ذالك بتاريخ 22/05/2007 وقضت تبعا لذلك ببطلان الصدقة المبرمة من مورث الطاعنين لعقدها لهم اثناء مرضه المخوف الدي مات منه ولعدم اجازتها من طرف باقي الورثة المطلوبين ، وردت دفوع الطاعنين بأنه لاتلازم بين توافر المتصدق على قواه العقلية ومرض الموت والتي اعتمدت في اثباته على خبرة طبية لم  يطعن فيها بأي مطعن جدي ، تكون عللت قرارها تعليلا كافيا وسليما "[92].
كما جاء في قرار اخر صادر عن الجلس الأعلى على انه حيث تبين صحة ما أثاره الطاعن في هذه الوسيلة ذلك ان المنازعة في  الصدقة اثيرت من طرف المطلوبين وحدهم دون بقية الورثة ومنهم اخوه (أ. ب ) الدي سلم الصدق واقر لطاعنين بحيازتها منه سنة 2004 والمحكمة لما تأخذ بهذا القرار وابطلت الصدقة حتى بالنسبة لمن لم يطلب ابطالها  لم تؤسس قرارها ، فجاء معرضا لنقض جزئيا[93].
يتبين مت خلا هذا القرار ان المحكمة لا تملك سلطة ابطال الصدقة مالم يقر الورثة بذلك.
كما ان ابطال عقد الصدقة المبرم في مرض الموت الهدف منه هو حماية حق الورثة من المحاباة ، وهذا ما جاء في احد قرارات محكمة الاستئناف بالرباط في قاعدة "مرض الموت هو كل مرض يغلب فيه الموت ، والعبرة في تحديد تصرفات المريض مرض الموت تكمن في شعور المريض بدنو اجله ، وانتهاء المرض بالوفاة .
لا يرجع تقيد تصرف المريض مرض الموت الى نقص او تميز عنده او عيب في ارادته او نقص حتى في اهليته ، و انما يرجع الى تعلق حق الورثة بأموال المريض مند وقت بدء المرض وحمايتهم من مبدأ محاباة بعضهم على حساب البعض ، ومخالفة النظام العام للإرث في الإسلام[94].
وتجدر الإشارة الى ان مرض الموت واقعة مادية يمكن اثباتها بجميع وسائل الإثبات[95] واتباثه على عاتق من ادعاه حيث صدر عن المجلس الاعلى قرار يشير فيه الى ان " عقد الصدقة المحرر من طرف الموثق ، والدي يشهد فيه بأتمية المتصدق وقت ابرامه ، هو وثيقة رسمية لا يطعن فيها الا بالزور ، ويقع فيها على عاتق الوريث اتباث ان المورث المتصدق كان وقت ابرام عقد الصدقة في حالة مرض الموت المخوف  ، ونيته محاباة المتصدق عليه على حساب ورثته الشرعيين[96].
كما ان الصدقة الواردة اثناء مرض الموت قد تتعرض للبطلان وهذا ما يؤكده الاجتهاد القضائي  ن حيث تعرضت محكمة النقض في احد قرارتها الى هذه النقطة بحيث دكرت " ان اقدام الهالك  المتصدق على  ابرام عقد الصدقة اثناء اصابته بمرض السرطان المنتشر في جميع جسمه يعدم ارادته ويجعل صدقته قابلة للإبطال "[97]
وما يلاحظ في هذا لإطار ان المحكمة لا تعتمد على واقعة المرض  بأكثر من اعتمادها على انعدام الإرادة .
والجدير بالدكر ان محاكم الموضوع في تقريرها ببطلان  الصدقة من عدمه  قد تستبعد الخبرات الطبية وتأخذ بشهادة العدلين على الأتمية  اد ورد في قرر لمحكمة الاستئناف بالرباط الدي اعتبرت فيه "لما كان تقرير الخبرة المنجزة ابتدائيا يظهر ان نتائج الخبير مبنية على التخمين والتقدير ولا تجزم  في وجود خلل عقلي من شأن التأثير على مدارك  الهالك وتميزه ، وان العدلين الشاهدين اكدا على اتمية الواهب ، فإنه لا يمكن التصريح بالبطلان لمجرد التخمين والافتراض تطبيق للقاعدة الاصولية " ان ما احتمل واحتمل سقط بالاستدلال و ان اعمال العقود خير من اهمالها "[98].
وردا على القرار اعله اصدر المجلس الأعلى قرارا بتاريخ 01/02/2011 جاء فيه " لئن كانت المحكمة رأت عدم الأخذ برأي الخبير الطبي لانبنائه على التخمين وما شاب رأيه من اجمال ، فإنه كان على المحكمة ان تقوم بتعين خبير اخر من اجل استيضاح ما ابهم ، طالما ان المسائل المطروحة من المسائل الفنية البحتة التي لا يجوز للمحكمة الحسم فيها الا بالاستناد الى اهلها[99].
 وعليه فإن الملاحظ ان بعض الاجتهادات القضائية قد اعتمدت على ابطال عقد الصدقة المبرم في مرض الموت على معيار فقدان الأهلية والتمييز ؛ في حين هناك بعض الاجتهادات لا تأخذ بهذا المعيار بقدر ما تقيد تصرفات المريض مرض الموت بناء على حماية مصالح الورثة والدائنين[100].
على العموم فإن ما تم استخلاصه ان مسألة تحديد المرض الدي يعتبر من امراض الموت يعود الى السلطة التقديرية للقضاء بعد إجرات التحقيق ، وبه اما  ان تأخذ الصدقة احكام الوصية فتضل صحيحة  ، واما ان تبطل في حالة مخالفة هذه الأحكام او في الحالة التي ينعدم فيها الأدراك والتميز لدى المتصدق .



























لائحة المراجع
النصوص القانونية :
_ ظهير شريف رقم 1.11.178 ، الصادر في 25 من دي الحجة 1432(22نفمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5998 ، بتاريخ 27 دلحجة 1432 ,الموافق 24 نفمبر 2011.
- ظهير شريف رقم 1.09.236 صادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) يتعلق بمدونة الأوقاف.
_ ظهير شريف صادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.
الكتب  :
- جمال الدين محمد بن كرم ابن منظور، لسان العرب. ج3. الطبعة الاولى  1992
دار التراث العربي مؤسسة التاريخ العربي، بيروت لبنان.
_أبو الحسين على بن عبد السلام التوسلي، البهجة في شرح التحفة ، الجزء الثاني دار المعرفة بيروت، الطبعة 3. 1977.
-مفردات ألفاظ القرآن ، للأصفهاني ، ص 480.
&- التعريفات للجرجاني، ص 173، ولغة الفقهاء، لمحمد رؤسا، .
- صالح عبد الأبي. الثمر الداني في تقريب المعاني . شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
- د.عبد الرحمان بلعكيد،"الهبة في المذهب والقانون"، دراسة للهبة وما يتصل بها من صدقة وحبس وعمرى...، الطبعة الأولى، مكان النشر غير مذكور. 1997/1417 .
_ د. عبد الكريم شهبون " عقود التبرع في الفقه المالكي مقارنا بمذاهب الفقه الإسلامي الأخرى والقانون الوضعي" الطبعة الأولى 1413ه-1992م. مطبعة النجاح الجديدة  .
_ احمد السنهوري،" الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الخامس،المجلد الثاني، دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
_ عبد الرزاق السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني، العقود التي تقع على الملكية للهبة والشركة" المجلد 2، دار النهضة العربية ، دون ذكر سنة الطبع.
-_عبد الرزاق السنهوري ، مصادر الحق الجزء الأول، طبعة 1953، بدون ذكر المطبعة.
_ عادل حاميدي،" التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني" الطبعة الأولى ، اكتوبر2006، المطبعة الوراقة الوطنية مراكش_ جمال الدين طه العاقل " عقد الهبة بين الفقه الإسلامي والقانون المدني"، دار الهدى للطباعة، طبعة 1978.
_  سلمى التزنيتي،" الهبة من أحكام الفقه الملكي إلى مقتضيات التشريع الوضعي"،مجلة القضاء والقانون العدد 161، سنة 2012.
_ حسن محمد بودى" موانع الرجوع في الهبة- دراسة مقارنة- بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، دار الكتب القانونية ، طبعة 2010.
_عبد الرحمان الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، ج.3.
_ مأمون الكز يري ، "نظرية العقد في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي"، الجزء الأول، مصادر الالتزامات ، ط.2، 1976، دون ذكر الطبعة.
-شكري السباعي،" نظرية بطلان العقود وإبطالها في قانون الالتزامات والعقود" طبعة 1981، دون ذكر المطبعة.
- هند بربوشي تفويت العقار عن طريق الصدقة ، الطبعة الاولى سنة 2016 .
- ابي عبد الله محمد الأنصاري الرصاع "شرح حدود ابن عرفة الموسوم بالهدايا الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام  ابن عرفة الوافية "، القسم الثاني ، دار الغرب الاسلامي 1993 ، الطبعة الاولى  .
 - احمد العطاوي ، تأملات حول الإشكالات القانونية التي افرزها تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتبرعات  الواردة بمدونة الحقوق العينية ، سلسلة دراسات وابحات المنازعات العقارية ، الجزء الأول منشورات مجلة القضاء المدني العدد 5.
 _ ابي بكر بن محمد بن عاصم الغرناطي،" احكام الأحكام على تحفة الحكام " ،شرح وتعليق مامون بن محي الدين  الجنان ، دار الكتب العلمية بيروث  الطبعة الاولى 1994 .
- محمد بن معجوز " الحقوق العينية في الفقه الاسلامي والتقنين المغربي "، <1999 ؛1419 .
 _ محمد خيري ،"قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي "دار نشر المعرفة مطبعة المعارف الجديدة 2010.

القرارات :
- قرار صادر بتاريخ 3 يناير 1995. مجموعة قرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)، مادة الأحوال الشخصية، الجزء الثاني (1983-1995)، الرباط 1996، ص.240.
 - قرار مؤرخ في 4 يونيو 2008، مجلة المحاكم المغربية، العدد 133-13.4/2012.ص.364.
- قرار محكمة الاستئناف عدد 378 صدر بتاريخ 16/10/2011 قضية عدد 194/2011 غير منشور ، اوردته هند بربوش .
- قرار المجلس الاعلى عدد 2185 الصادر بتاريخ 2011 في الملف المدني عدد 15/11/2009 منشور بمجلة ملفات عقارية عدد1 التبرعات وابطال التصرفات .
- قرار المجلس الاعلى عدد 04 في الملف الشرعي 399/2/1/2008 الصادر بتاريخ 05/01/2010 اورده بحماني.
_ قرار محكمة النقض بتاريخ 8 مارس 2011 تحت عدد 84 في الملف الشرعي عدد 30/2/1/2009، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 73، السنة 2011.
_  قرار رقم 26/04/2006 ، ملف شرعي عدد 83/2/2004 ، اورده ابراهيم بحماني .
_  قرار المجلس الاعلى عدد447 صادر بتاريخ 03/2/1/2006 أورده إبراهيم بحماني  .
_ - قرار المجلس الاعلى عدد 6742 الصادر بتاريخ 29/10/ 1997 في الملف المدني عدد 1725/3 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55،ص:226.
[1]- عبد السلام فيغو ،"التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت دراسة فقهية قانونية "، مطبعة المنية الرباط الطبعة الأولى 1999، ص : 226.
[1]- قرار محكمة النقض 501  المؤرخ في 26 يونيو 2012 – غرفة الاحوال الشخصية و الميراث الملف عدد 611/2/2010 ، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف ، الرباط ، العدد 3 ، ص : 115 – 116.
- [1] قرار المجلس الاعلى عدد 646 صادر بتاريخ 15/11/2012 ملف عدد 780/ 2010 ، اورده ابراهيم بحماني ، م.س ، ص : 476/ 478.
[1]- قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 130 ،صادر بتاريخ 01 يوليوز  2010 الغرفة العقارية ، ملف عدد 201- 2009 – 1401 ، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف  بالرباط ، العدد 3، ص :15 .
_ قرار المجلس الاعلى عدد 215 بتاريخ 23/04 / 2008 ملف شرعي عدد 161/2/1/2007 اورده إبراهيم بحماني .
_- قرار المجلس الاعلى عدد 398 بتاريخ2000،/04/ 18 ، ملف عقاري عدد 95/2/2/685 ، اورده إبراهيم بحماني .
- قرار المجلس الاعلى عدد 265 بتاريخ 5/11 في ملف شرعي عدد 2002 / 1 / 2 / 251 اورده ابرهيمبحماني.
_ - قرار المجلس الاعلى عدد 84 الصادر بتاريخ 8/03/2011 في الملف الشرعي عدد 630/2/1/2009، منشور بمجلة المجلس الاعلى عدد 73 ، السنة 2011 ، .
- قرار محكمة النقض عدد 180 الصادر بتاريخ 5 مارس 2013 في الملف الشرعي عدد 530/2/1/2011، منشور بمجلة ملفات عقارية العدد3،السنة 2013،
- قرر محكمة الاستئناف بالرباط عدد 187 صادر بتاريخ 16 اكتوبر 2008ىالغرفة الشرعية الملف عدد25/2008/3ل ، المنشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف، بالرباط العدد.
- قرار المجلس الاعلى عدد 84 الصادر بتاريخ 8/03/2011 في الملف الشرعي عدد 630/2/1/2009، منشور بمجلة المجلس الاعلى عدد 73 ، السنة 2011 ..
الاحكام
- حكم ابتدائية الدار البيضاء ، عدد 2714 ، بتاريخ 09/10/2012 ، رقم 2732/21/2012 ، اورده احمد العطاري .
الرسائل والاطاريح :
_ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاصة:" أحكام الهبة في القانون المغربي " لحسن منصف، بجامعة القاضي عياض، مراكش، 2000-1999.
_ _ جواد الهروس " الحيازة والاستحقاق في الفقه المالكي والقانون المغربي " ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة المعاملات جامعة القروين كلية الشريعة فاس السنة الجامعية :2002/2001 .

المقالات :
_ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاصة:" أحكام الهبة في القانون المغربي " لحسن منصف، بجامعة القاضي عياض، مراكش، 2000-1999.
_ - عبد الواحد بن مسعود، "الهبة والصدقة في مدونة الحقوق العينية قراءة أولية"، مقل منشور بمجلة الأملاك، العدد المزدوج 11/12/2012 م – 2013م.



[1]-جمال الدين محمد بن كرم ابن منظور، لسان العرب. ج3. الطبعة الاولى  1992 دار التراث العربي مؤسسة التاريخ العربي، بيروت لبنان.
[2]-أبو الحسين على بن عبد السلام التوسلي، البهجة في شرح التحفة ، الجزء الثاني دار المعرفة بيروت، الطبعة 3. 1977.ص.60
[3]- مفردات ألفاظ القرآن ، للأصفهاني ، ص 480.
[4]- التعريفات للجرجاني، ص 173، ولغة الفقهاء، لمحمد رؤسا، ص.243.
[5]-أبو الحسين علي بن عبد ألتسولي. م.س.ص.61.
[6]-صالح عبد الأبي. الثمر الداني في تقريب المعاني . شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني. ص.55.
[7]- د.عبد الرحمان بلعكيد،"الهبة في المذهب والقانون"، دراسة للهبة وما يتصل بها من صدقة وحبس وعمرى...، الطبعة الأولى، مكان النشر غير مذكور. 1997/1417 ، ص. 29.
[8]-د.عبد الرحمان بلعكيد . م.س.ص 39.
[9]- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاصة:" أحكام الهبة في القانون المغربي " لحسن منصف، بجامعة القاضي عياض، مراكش، 2000-1999 .ص.32.
[10]-) د. عبد الكريم شهبون " عقود التبرع في الفقه المالكي مقارنا بمذاهب الفقه الإسلامي الأخرى والقانون الوضعي" الطبعة الأولى 1413ه-1992م. مطبعة النجاح الجديدة.ص.133.
[11]- د. عبد الكريم شهبون .م.س.ص.133.
[12]- ظهير شريف رقم 1.09.236 صادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) يتعلق بمدونة الأوقاف.
-[13]احمد السنهوري،" الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الخامس،المجلد الثاني، دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان، ص. 113.
[14]- قرار صادر بتاريخ 3 يناير 1995. مجموعة قرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)، مادة الأحوال الشخصية، الجزء الثاني (1983-1995)، الرباط 1996، ص.240.
[15]- قرار مؤرخ في 4 يونيو 2008، مجلة المحاكم المغربية، العدد 133-13.4/2012.ص.364.
[16]- مأمون الكز يري ، "نظرية العقد في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي"، الجزء الأول، مصادر الالتزامات ، ط.2، 1976، دون ذكر الطبعة، ص.49.
[17]- عادل حاميدي،" التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني" الطبعة الأولى ، اكتوبر2006، المطبعة الوراقة الوطنية مراكش، ص 141.
[18]-  جمال الدين طه العاقل " عقد الهبة بين الفقه الإسلامي والقانون المدني"، دار الهدى للطباعة، طبعة 1978 .ص 44.
[19]- سلمى التزنيتي،" الهبة من أحكام الفقه الملكي إلى مقتضيات التشريع الوضعي"،مجلة القضاء والقانون العدد 161، سنة 2012، ص.117.
[20]-  حسن محمد بودى" موانع الرجوع في الهبة- دراسة مقارنة- بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، دار الكتب القانونية ، طبعة 2010، ص، 80.
[21]-عبد الرحمان الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، ج.3.. ص.289 وما يليها.
[22]-عبد الرزاق السنهوري ، مصادر الحق الجزء الأول، طبعة 1953، بدون ذكر المطبعة، ص. 43
[23]-عبد الرحمان الجزيري. م.س.ص. 298 وما يليها.
[24]- عبد الرزاق السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني، العقود التي تقع على الملكية للهبة والشركة" المجلد 2، دار النهضة العربية ، دون ذكر سنة الطبع. ص.29.
[25]-عبد الرزاق السنهوري، م.س.ص. 30.
[26]-ظهير شريف صادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.
[27]-عادل حاميدي. م.س. ص.153.
[28]-إدريس السبع: م.س. ص.153.
[29]-عادل حاميدي.م.س.ص.142.
[30]-تنص المادة 277 منم.ح.ع، على انه:" يقع باطلا =
   1- الوعد بالهبة.
   2- هبة عقار للغير
   3- هبة المال المستقبل.
تنص المادة 279 على انه:" إذا توفي الواهب قبل أن يقبل الموهوب له الملك الموهوب بطلت الهبة..."

[31]-عمر الأبيض، "شرط الحوز في التبرعات"، أطروحة  لنيل الدكتوراه في الحقوق ، جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –اكدال– الرباط، السنة الجامعية 2009-2010. ص 71.
[32]-جيهان بونبات، ص 119.
[33]-قرار محكمة النقض بتاريخ 8 مارس 2011 تحت عدد 84 في الملف الشرعي عدد 30/2/1/2009، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 73، السنة 2011. ص .153.
[34]-نور الدين وحداني ،"حجية الوثائق الكتابية وسلطة القاضي التقديرية"، مقال منشور بمجلة . الملف عدد 15 نونبر 2009 ،ص .175 .
[35]-سلمى التزنيتي . م.س. ص119.
[36]- عبد الواحد بن مسعود، "الهبة والصدقة في مدونة الحقوق العينية قراءة أولية"، مقل منشور بمجلة الأملاك، العدد المزدوج 11/12/2012 م – 2013م. ص . 16.
[37]-شكري السباعي،" نظرية بطلان العقود وإبطالها في قانون الالتزامات والعقود" طبعة 1981، دون ذكر المطبعة، ص:210.
[38]- ما مون الكزبري ، م.س ؛ ص :38 .
[39]- لهذا فمسؤولية المتبرع المتصدق  اخف من  مسؤولية المعاوض .
[40] - قرار المجلس الأعلى عدد 248 العدد المزدوج 11/12/2012 م – 2013م. ص . 16.
[40]-شكري السباعي المؤرخ في 26/04/2006 ، ملف شرعي عدد 83/2/2004 ، اورده ابراهيم بحماني ، م.س ،ص : 210.
[41] -جمال الدين طه العاقل ،م.س ؛ ص :158 .
[42] - عادل حميدي ، م.س؛ ص: 147.
[43] - نفس المرجع اعلاه ، ص : 147.
[44]-  تنص المادة 291 على انه "تسري على الصدقة أحكام الهبة مع مراعاة ما يلي:
-         لا يجوز الاعتصار في الصدقة مطلقا؛
 -لا يجوز ارتجاع الملك المتصدق به إلا بالإرث".
[45]- عادل حميدي ؛ م.س ؛ ص :147 .
[46]- هند بربوشي  ن تفويت العقار عن طريق الصدقة ، الطبعة الاولى سنة 2016 ؛ ص : 32.
[47]- عبد الرحمان بلعكيد ، م .س ؛ ص 230 .
 نفس المرجع ، ص :230 . - [48]
[49]- عادل حميدي ؛ م. س ، ص: 148 .
[50] - جواد الهروس " الحيازة والاستحقاق في الفقه المالكي والقانون المغربي " ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة المعاملات جامعة القروين كلية الشريعة فاس السنة الجامعية :2002/2001 ، ص : 239 .
[51] - جواد لهروس ، م. س ص: 240.
[52]-  نفس المرجع ،ص : 245.
[53] - عادل حميدي ،م.س ،ص :149.
[54]-  ينص الفصل 306 على ان " الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن ان ينتج اي اثر ، الا استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا  للعقد .
ويكون الالتزام باطلا بقوة القانون :
1-      اد اكان ينقصه احد الأركان اللازمة لقيامه .
2-      ادا قرر القانون في حالات خاصة بطلانه ."
[55]- هند بربوشي ، م .س ، ص : 34 .
[56]- عكس المشرع المصري الدي قيد التعويض بحصول الضرر يسببه تعمد اخفاء العيب ، حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل 495 من القانون المدني المصري على انه " ادا تعمد الواهب اخفاء العيب كان ملزما بتعويض الموهوب له عن الضرر الدي يسببه العيب ".
[57]- ابي عبد الله محمد الأنصاري الرصاع "شرح حدود ابن عرفة الموسوم بالهدايا الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام  ابن عرفة الوافية "، القسم الثاني ، دار الغرب الاسلامي 1993 ، الطبعة الاولى ، ص:553 .
[58]-عبد الرحمان بلعكيد ، م. س  ،ص : 313.
[59] - نفس المرجع  ، ص :314 .
[60] - احمد العطاوي ، تأملات حول الإشكالات القانونية التي افرزها تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتبرعات  الواردة بمدونة الحقوق العينية ، سلسلة دراسات وابحات المنازعات العقارية ، الجزء الأول منشورات مجلة القضاء المدني العدد 5، ص:90.
- [61]ابيبكربنمحمدبنعاصمالغرناطي،" احكامالأحكامعلىتحفةالحكام " ،شرحوتعليقمامونبنمحيالدينالجنان ، دار الكتب العلمية بيروث  الطبعة الاولى 1994 ، م، ص : 223.
[62]- ابيبكربنمحمدبنعاصمالغرناطي، م. س، ص: 223.
[63] - احمد العطاوي ، م .س ، ص : 223.
[64] - قرار محكمة الاستئناف عدد 378 صدر بتاريخ 16/10/2011 قضية عدد 194/2011 غير منشور ، اوردته هند بربوش ، م.س ،ص: 45.
[65]- قرار المجلس الاعلى عدد 2185 الصادر بتاريخ 2011 في الملف المدني عدد 15/11/2009 منشور بمجلة ملفات عقارية عدد1 التبرعات وابطال التصرفات ، ص:193 .
[66]- قرار المجلس الاعلى عدد 04 في الملف الشرعي 399/2/1/2008 الصادر بتاريخ 05/01/2010 اورده :بحماني ، م .س ، ص:193 .
[67]- هند بربوشي ، م. س ؛ ص :51 .
[68]- محمد بن معجوز " الحقوق العينية في الفقه الاسلامي والتقنين المغربي "، <1999 ؛1419، ص : 341 .
[69]- عمر الأبيض " شرط الحوز في التبرعات " ، م. س ،ص : 53.
[70]- عمر الأبيض ، م. س ، ص : 53.
[71] - ينص الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود على انه" أموال المدين ضمان عام لدائنيه ،ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم مالم تجود بينهم أسباب قانونية للأولوية " .
[72] - قرار المجلس الاعلى عدد447 صادر بتاريخ 03/2/1/2006 أورده إبراهيم بحماني ،م . س ،ص : 265 .
[73]- قرار المجلس الاعلى عدد 215 بتاريخ 23/04 / 2008 ملف شرعي عدد 161/2/1/2007 اورده إبراهيم بحماني ، م. س ، ص : 206 .
[74]-  الصادرة في اطار 31 يناير 2013 .
[75]- هند بربوشي ، م. س ، ص : 54 .
[76] - نفس المرجع ، ص : 54 .
[77] - حكم ابتدائية الدار البيضاء ، عدد 2714 ، بتاريخ 09/10/2012 ، رقم 2732/21/2012 ، اورده احمد العطاري ، م. س ، ص : 89.
[78] -  احمد العطاري ، م. س ، ص : 89 .
[79]- تنص المادة  275 " يشترط لصحة الهبة أن يكون الواهب كامل الأهلية مالكا للعقار الموهوب وقت الهبة".
-[80]محمد خيري ،"قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي "دار نشر المعرفة مطبعة المعارف الجديدة 2010، ص: 526.
[81]- قرار المجلس الاعلى عدد 398 بتاريخ2000،/04/ 18 ، ملف عقاري عدد 95/2/2/685 ، اورده إبراهيم بحماني ، م ,س ، ص :74
[82] - هند بربوشي ، م . س ، ص : 62 .
[83] - قرار المجلس الاعلى عدد 265 بتاريخ 5/11 في ملف شرعي عدد 2002 / 1 / 2 / 251 اورده ابرهيمبحماني ، م. س ، ص : 187 .
[84] - هند بربوشي ،م . س ، ص : 66 .
[85]- إدزني عبد العزيز " مرض الموت بين الفقه والقضاء " ، مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية للدراسات القانونية العدد السابع 2011 ، مطبعة الوراقة الوطنية الدوديات مراكش ، ص: 128 .
[86] - ينص الفصل 479 من قانون الالتزامات والعقود على ان "البيع المعقود من المريض في مرض موته يطبق عليه احكام الفصل344 ، ادا اجرى لأحد ورثته بقصد محاباته ، كما ادا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية ويشتري منه شيء بثمن يجاوز قيمته الحقيقية  .
اما البيع المعقود من المريض لغير وارث تطبق عليه احكام الفصل 345 ".
[87]- ينص الفصل 344 من قانون الالتزامات والعقود على ان " الإبراء الحاصل من المريض في مرض موته لأحد ورثته من كل او بعض ما هو مستحق عليه لا يصح الا ادا اقره باقي الورثة "
[88]-ينص الفصل 445 من قانون الالتزامات والعقود على ان "الإبراء الدي يمنحه المريض في مرض موته لغير وارث يصح في حدود ثلت ما يبقى في تركته بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته "
[89]-إدزني عبد العزيز، م. س ، ص :128 .
[90]- قرار المجلس الاعلى عدد 6742 الصادر بتاريخ 29/10/ 1997 في الملف المدني عدد 1725/3 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55،ص:226.
[91]- عبد السلام فيغو ،"التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت دراسة فقهية قانونية "، مطبعة المنية الرباط الطبعة الأولى 1999، ص : 226.
[92]- قرار محكمة النقض 501  المؤرخ في 26 يونيو 2012 – غرفة الاحوال الشخصية و الميراث الملف عدد 611/2/2010 ، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف ، الرباط ، العدد 3 ، ص : 115 – 116.
- [93] قرار المجلس الاعلى عدد 646 صادر بتاريخ 15/11/2012 ملف عدد 780/ 2010 ، اورده ابراهيم بحماني ، م.س ، ص : 476/ 478.
[94]- قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 130 ،صادر بتاريخ 01 يوليوز  2010 الغرفة العقارية ، ملف عدد 201- 2009 – 1401 ، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف  بالرباط ، العدد 3، ص :15 .
[95]- إدزني عبد العزيز ، م .س ,، ص:129 .
[96]- قرار المجلس الاعلى عدد 84 الصادر بتاريخ 8/03/2011 في الملف الشرعي عدد 630/2/1/2009، منشور بمجلة المجلس الاعلى عدد 73 ، السنة 2011 ، ص : 153.
[97]- قرار محكمة النقض عدد 180 الصادر بتاريخ 5 مارس 2013 في الملف الشرعي عدد 530/2/1/2011، منشور بمجلة ملفات عقارية العدد3،السنة 2013، ص : 19-21.
[98]- قرر محكمة الاستئناف بالرباط عدد 187 صادر بتاريخ 16 اكتوبر 2008ىالغرفة الشرعية الملف عدد25/2008/3ل ، المنشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف، بالرباط العدد 1 ، ص : 314.
[99]- قرار المجلس العلى عدد 49 المؤرخ في 21 فبراير 2011 ، غرفة الاحوال الشخصية والميراث في ملف عدد 390/2/1 / 2009 ، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف بالرباط ، العدد 1 ، ص : 314
[100] - هند بربوشي ، م . س ، ص : 72 .

تعليقات