القائمة الرئيسية

الصفحات



الالتصاق الطبيعي كسبب لاكتساب الملكية العقارية

 الالتصاق الطبيعي كسبب لاكتساب الملكية العقارية




 الالتصاق الطبيعي كسبب لاكتساب الملكية العقارية


قد تؤدي مياه النهر إلى زيادة رقعة الأرض أو إلى تحويلها عن موقعها وهو بتراكم الطمي، كما قد تؤدي إلى الكشف عن أرض جديدة لم تكن ظاهرة كونها كانت مغطاة بهاته المياه أو بتحويلها عن مكانها دفعة واحدة وهو ما يسمى بالطرح وهي حالة تؤدي في واقع الأمر إلى التصاق ظاهري ونقصد بها الوضع الظاهر بالأراضي المجاورة.
هل يمكن إعمال قواعد الالتصاق في كل هذه الحالات وبهذا سنأتي إلى دراسة هاته الحالات بالتفصيل ومدى كونها سببا لاكتساب الملكية العقارية عن طريق الالتصاق.
المطلب الأول: طمي النهر:
يعرف طمي النهر أنه الطين الذي يجلبه النهر إلى اليابسة بطريقة تدريجية بحيث لا يمكن التنبه له كونه يقع بطريقة تدريجية ودون أن يلفت النظر، فيكون بطميه أراض جديدة تجاور أراض مملوكة لأشخاص آخرين.
ولقد عرفه المشرع الفرنسي أنه[1](1)  "الأراضي التي تتكون من جراء فعل النهر بتراكم أحجار صغيرة فيكشفها النهر بعدها بطريقة غير محسوسة"[2](2).




كما لم يتطرق إليها علماء الشريعة الإسلامية بالتفصيل كونهم تطرقوا إلى الالتصاق بإعطاء حلول عملية للالتصاق الصناعي واعتبروا الالتصاق الطبيعي من عوامل طبيعية لا دخل للإنسان فيها ولا يدخل في إطار الغصب وأعطوا أحكاما لمجاري المياه لا للأراضي المتكونة من خلالها.[3](3)
ولقد تطرق المشرع الجزائري إلى الطمي في المادة 778 من التقنين المدني والتي تنص على "الأرض التي تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة غير محسوسة..." وأعطى حكما لها، إذ أن التصور الوحيد في هذه الحالة هو أن تكون الأرض التي تجمعت بجوارها الطمي مجاورة للنهر بحيث يكون الطمي أيضا مجاورة ملتصقة بها بحيث لا نجد لهذه التراكمات حدا لها سوى مياه النهر(1) من جهة والأرض الأصلية من جهة أخرى.
كما تطرق المشرع المصري إلى الطمي في المادة 918 من التقنين المدني المصري بمثل ما جاء به المشرع الجزائري في المادة 778 وتقابل هاته المادة 922 من القانون المدني الليبي والمادة 1113 من القانون المدني العراقي وكذا المادة 206 من قانون الملكية العقارية اللبناني.
ونص عليه المشرع الفرنسي في المواد 556-557 من القانون المدني.
ولكي يتحقق تمام ظاهرة الطمي وتنتج آثارها القانونية بحسب المادة 778 يجب توافر شروط معينة.
الشرط الأول: عنصر التدرج في تكوين الطمي: بحيث يجب أن تتكون الأرض التي أظهرها الطمي بطريقة غير محسوسة بفترات زمنية متفاوتة والمعيار في ذلك هو أن التراكم يجب أن يستغرق مدة طويلة للتكون وهو يجمل ذرات التراب على شاطئ النهر وهذا ما يعبر عليه في فرنسا بـ:   « Consistant en un dépôt de gravier »
إذن فهنا نستبعد أن تظهر الأرض فجأة فالتدرج شرط أساسي، وهنا يجب أن نستثني ما هو متكون من جراء عدم تطهير مصارف المياه رغم عدم توافر عنصر المفاجأة إلا أنها تخضع للقواعد العامة.[4](2)
الشرط الثاني: علو الأرض المتكونة عن منسوب المياه:
إذ يجب أن تكون الأرض المتكونة نتيجة الطمي قد بلغت من الارتفاع حدا يجاوز منسوب المياه وهنا يجب الأخذ بحالة النهر العادية إذ لا يمكن أن نتصور إلا نادرا أن يكون الطمي كذلك في حالة الفيضانات غير العادية، وأهمية هذا الشرط في أن عدم تجاوز الطمي منسوب المياه فالأرض المتكونة منه تبقى دائما جزءا من النهر وهو ما يرتب أثرا أي أن عند حاجة المصالح المختصة بتطهير المياه وكانت هاته العملية تستدعي نزع الأرض المكونة من الطمي يجب أن يقوموا بإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة فهم يمسون بملكية خاصة بمالك الأرض المجاورة وهذا مقابل تعويض طبقا للمواد 677 من التقنين المدني الجزائري والقانون رقم 91/11 المؤرخ في 27-04-1991 المتضمن القواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
الشرط الثالث: وهو ما يتعلق بمجاورة الأرض المتكونة من الطمي للأراضي للملاك المجاورين، وهذا السبب بسيط هو كون طريق كسب ملكية هذا الطمي هو الالتصاق وكذا أن تجد لها حدا المياه فقط كما لا يمكن أن تكون هناك حواجز بين الطمي والأرض الأصلية كالطريق العام أو الجسور والممرات المعتادة، لكن الصخور الموضوعة خصيصا لحماية الشاطئ لا تعد حاجزا مانعا من التملك عن طريق الالتصاق في هذه الحالة.



الشرط الرابع: كما يجب أن تكون الزيادة لا دخل للإنسان فيها أي أن تكون طبيعية، كأن يقوم صاحب الأرض بوضع حدود خشبية ترغم التربة على التجمع في الشاطئ بمرور الوقت فهنا لا يمكن أن يتملك الطمي بل أنه قام بالتعدي على مجرى النهر وهذا استنادا إلى كونه ملكا للدولة حسب المادة 15 من قانون الأملاك الوطنية الطبيعية وأدرجت ضمنها مجاري المياه.[5](1)
ويعتبر كل تعد على المياه فعلا معاقبا عليه طبقا للمادة 136 من قانون الأملاك الوطنية التي تحيل على قانون العقوبات "يعاقب كل مساس بالأملاك الوطنية التي يحددها هذا القانون طبقا لقانون العقوبات".
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على تملك أراضي الطمي بالالتصاق الطبيعي:
أولا: التملك يكون بقوة القانون ودون إبداء الرغبة فيه فكل مساس به فهو مساس بملكيته الخاصة إلا إذا قامت المصالح المختصة بنزعه قبل اكتمال تكونه وظهوره بالمعايير المشار إليها سابقا.
ثانيا: - كل ما كان على الأرض قبل التصاق الطمي بها يكون على الطمي بعد الالتصاق وهذا ما يعني أنه إذا كانت الأرض الأصلية مثقلة بالرهن أو إيجار فالأرض المتكونة من جراء الطمي تثقل بها.
 ثالثا: إذا تملك شخص أرضا بالتقادم لكن قبل أن تنتهي مدة التقادم حدث وأن التصقت بالأرض التي يحوزها الأرض الناتجة عن الطمي، فهي له بالتبعية تسري عليها مدة التقادم المتبقية فقط.[6](1)
رابعا: إذا باع صاحب أرض أرضه على أن يتم إجراءات الشهر بعد مدة معينة فإذا وقعت زيادة في تلك الأرض عن طريق طمي النهر فهي لمن اشتراها.
خامسا: إذا بيعت الأرض على شرط واقف وقبل أن يتحقق الشرط حدثت زيادة الأرض عن طريق الطمي فإنها تعود إلى المشتري.
سادسا: إذا كان البيع معلقا على شرط فاسخ فإنها تعود إلى البائع في حالة تحقق الشرط لأن البيع لم يتم بل انعدم.
إذن في حالة تحقق أي شرط من الشروط التي ذكرناها بالنسبة لطمي النهر فإنها تكون صالحة لإعمال قواعد الالتصاق لكن هل كل تحركات المياه والبحيرات والبحر يؤدي إلى ذلك؟
وبأكثر دقة هل يؤدي طرح النهر إلى نفس النتائج المترتبة على الطمي؟
المبحث الثاني: طرح النهر وأكله.
إن للنهر تحركات أخرى من دون الطمي بل أنها تحدث نفس النتائج ظاهريا لكنها لا تؤدي نفس الآثار القانونية وتؤثر على مراكز قانونية بالإنقاص منها على حساب أخرى وهي موضوع دراستنا فيما يلي:




المطلب الأول: - ماهية الطرح وأكله.
يتحقق طرح النهر عندما تؤدي الحركة غير العادية للنهر أثناء جريانه إلى اقتلاع أراضي فيقوم بإلصاقها بأراضي أخرى أو أن يكشف عليها دفعة واحدة، فتكون بالنسبة لمن التصقت به أي بأرضه طرحا ولمن أفقدته جزءا من أرضه أكلا.
ومن هنا نستطيع أن نفرق بين الحالة التي تطرقنا إليها سابقا وهي طمي النهر الذي يتكون من ترسب التربة والأحجار أو الطين على شاطئ النهر « l’evallusion » لكن الطرح فهو ينتزع هذه الأراضي دفعة واحدة وهذا ما جعل أحكامهما مختلفة من حيث مدى جعلها سببا لاكتساب الملكية. إذ وبالرجوع إلى المادة 15 من قانون الأملاك الوطنية والتي تنص على أن "مجاري المياه ورقاق المجاري الجافة وكذلك التي تتكون داخل رقاق المجاري والبحيرات والمساحات المائية الأخرى أو المجالات الموجودة ضمن حدودها "كما تعرفها المادة 02 من الأمر رقم 83/17 المؤرخ في 16 جويلية 1983 المتضمن قانون المياه المعدل والمتمم بالأمر رقم 96/13 المؤرخ في 15 جوان 1996 والتي نصت على أن الطمي والرواسب تنتمي إلى الأملاك الوطنية العامة كما نصت المادة 921 من التقنين المدني المصري على أن الأراضي التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها و التي تتكون من مجراه تكون ملكيتها خاضعة للقوانين الخاصة بها، وهو ما نصت عليه المادة 781 من القانون المدني الجزائري وهنا تظهر لنا أن المشرع المصري أعطى له صبغة الأملاك الخاصة[7](1) للدولة بينما المشرع الجزائري بالرجوع إلى المواد 15 الذكورة سابقا جعله مالا عاما.
كما نص على أنها أملاك خاصة بالدولة المشرع السوري في المادة 925 تقنين مدني.
لكن المشرع العراقي في المادة 1114 من التقنين المدني ذهب إلى أنه لا يوجد فرق بين طمي النهر وطرحه كما أعطاهما حكما واحدا بجعلها من الأملاك الخاصة للدولة لكن يمكن للأفراد تملكها بثمن المثل وهذا طبقا للمادة 1113 وقد نصت المادة 1114 من التقنين المدني العراقي "يكون ملكا للدولة طمي البحيرات والجزر التي تتكون في مجاري الأنهر أو داخل البحيرات".
كما نص المشرع الفرنسي على الطرح l’avulsion في المادة 559 مدني وأعطى أحكاما شأنه، وهذا ما يقودنا إلى التطرق إلى أحكام طرح النهر وأكله.
المطلب الثاني: - أحكام الطرح وأكله.
سنتطرق إليه من خلال التشريع الجزائري والتشريعات العربية الأخرى وبصفة خاصة التشريع المصري. فلقد ذكرنا سابقا أنه لا يمكن تملك الأراضي الملتصقة عن الطرح أعمالا لقواعد الالتصاق إذ أن الطمي هو الوسيلة الوحيدة لذلك وهذا كون ما يتكون بالطرح يكون ضمن الأملاك الوطنية العامة وهذا ما تؤكد عليه المادة 113 من قانون 91/454 بتوضيحها أن ما ينطبق على أحكام المادة 778 أي على كونه طميا كل الرواسب المتواجدة خارج الأملاك العامة المائية وهذا ضمن الحدود التي وضعت بموجب قانون الأملاك الوطنية العامة والذي أرجع تحديدها إلى السلطات المختصة بذلك، وهذا طبقا للمادة 109 من نفس المرسوم 91/ 454 والذي أرجع تحديد الحدود وضبطها إلى الوالي وذلك بعد القيام بتحقيق إداري من طرف المصالح المختصة بالري وإدارة أملاك الدولة مع تسجيل كل الاعتراضات من طرف المجاورين، فيصدر الوالي المقرر ويبلغه إلى الملاك المجاورين بعد تلقيه قرار الضبط النهائي وهو قرار وزاري  مشترك بين الوزير الكلف بالري والوزير المكلف بالمالية.




لكن ما يجب الإشارة إليه هو كيفية توزيع الطرح أي ما مصير الملاك الذين تغمر النهر أراضيهم ويسبب أكلا لقطع أراضيهم بنقلها من مكانها؟
فلقد نصت المادة 110 من المرسوم التنفيذي السابق الذكر التي تنص على أن الوالي يضبط بقرار بعد القيام بتحقيق إداري يتم حسب الإجراء المبين في المادة 109 السابقة حدود عمق السواقي والوديان تبعا للخاصيات الجهوية إذا كان منسوب سيلانها غير منتظم وكان أعلى مستوى المياه لا يبلغ حدود التدفق الأقوى وينطبق نفس الإجراء على مجرى السواقي والأنهار والوديان النابضة".
كما نصت المادة 06 من قانون المياه على أنه يمكن توزيع مجرى الوادي القديم بعد احتمال إصلاحه كمعاوضة لملاك الأراضي التي يغطيها المجرى الجديد وذلك في حدود قيمة الأرض التي فقدوها أو أخذت منهم". أما إذا لم تنحرف أراضيهم بانحراف كلي للمجرى القديم كونه لم يتكون مجرى جديد والذي عن الانحراف الكلي للمجرى القديم فإنهم يعوضون عنه بقيمة مالية وفقا لقواعد التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة إذن فالأصل في القانون الجزائري التعويض عينا والاستثناء هو التعويض نقدا وهو الفرق بين المشرع الجزائري والمشرع المصري في هاته الحالة حيث أن هذا الأخير وصل إلى أن التعويض النقدي هو الأصل.
وقد أكد ذلك المشرع المصري بوضع آليات له لا نجد مثلها في البلدان العربية فقد صدر قرار من رئيس الجمهورية بإنشاء صندوق سماه صندوق –طرح النهر وأكله- والقرار تحت رقم 1884 لسنة 1958 ومنح هيئة الصندوق الشخصية الاعتبارية.
أما بالنسبة للأراضي التي التصقت بالملاك الآخرين فإنه يقوم باستئجارها لواضعي اليد عليها وأعطى الأولوية لصغار الفلاحين إذا رغبوا في ذلك وإذا مر عن طرح النهر سنتان واستقر على حاله جاز بيعه لصغار المزارعين الذين لا يملكون أطيانا أوأنهم يملكون أطيانا لا تزيد مساحة حددها القانون ووصل إلى حد الآن تساعد هيئة الصندوق على خدمة أراضي الطرح بنزع كل ما يعيق سقيها وذلك بموجب قانون إيضاحي ينص بموجب المادة 16 منه التي تخول لإدارة الصندوق حق نزع ملكية العقارات التي يكون عليها آلات رافعة مملوكة للأفراد لكي تروي أراضي طرح النهر المبيعة لصغار المزارعين، وما نلاحظه أن كلا القانونين الجزائري والمصري لم يتطرقا إلى حالة مرور المجاري الجديدة على أراضي الغير ويفهم من ذلك بالنسبة للمشرع الجزائري أنه يضبط الحدود تصبح ملكا للدولة.
وقد تطرقت إلى ذلك الشريعة الإسلامية حيث جعلت مجرى السقي بمعيار ارتفاعه في أرض الغير فإذا ارتفع بقسط معين صار له وصار عليه أن يترك للملاك الأراضي المجاورة السقي منه[8](1) وهذا رأي الإمام مالك وقول أبي حنيفة على خلاف ذلك إذ حسبه كان عليه لزاما ترك غيره الاستفادة منه بما لا تضره واتفقا على أنه لا يمكن أن يحده[9](2) بمعنى ليس له أن يضع سداً يمنع جريان المجرى الجديد للآخرين، إذن ما نستخلصه أن الشريعة الإسلامية رجحت مصلحة الأفراد مع عدم المساس بالمصلحة العامة.
المبحث الثالث: الأراضي التي يكشف عنها مياه البحيرات والبحر والمياه الراكدة:
لقد تطرق إليها المشرع الجزائري في المادة 779 من القانون المدني "تكون ملكا للدولة الأرض التي تنكشف عنها البحر ولا يجوز التعدي على أرض البحر، والأرض التي ستخلص بكيفية صناعية من مياه البحر تكون ملكا للدولة". كما نصت المادة 780 على الأراضي التي تتغير بفعل المياه الراكدة ولهذا سنقسم هذا المبحث إلى قسمين:
المطلب الأول: الأراضي التي ينكشف عنها البحر:
الفرع الأول: الأراضي التي ينكشف عليها البحر وهي ليست ملكا لأحد:
وهي الأراضي التي تؤول إلى الدولة بمآل البحر إليها وتكون بذلك الوحيدة التي تجاورها. ولقد نصت المادة 100 من المرسوم 91/454 تحت عنوان الأملاك العامة البحرية الطبيعة على كيفيات ضبط الحدود بحيث يجب ضبط الحدود لكي نفرق بين ما ينتمي إلى الأملاك البحرية العامة وأملاك الأفراد وهي نفس الطرق التي ذكرناها سابقا، غير أنه في هاته الحالة تكون إدارة الشؤون البحرية طرفا وليس إدارة المياه بالاشتراك مع إدارة أملاك الدولة وبعدها يصدر الوالي مقرر ضبط الحدود وعند الاعتراض عليه يرفع إلى الوزير المعني فيصدر قرارا مشتركا مع وزير المالية، وهذا القرار يعبر على أن المساحات التي غطتها الأمواج في أعلى مستواها قد أدرجت فعلا في الأملاك العامة البحرية الطبيعية فتصير أملاكا خاصة بالدولة فما هو إلا قرار كاشف للمال العام كالشواطئ والامتداد القاري.




الفرع الثاني:  إذا كانت الأراضي التي انكشف عنها البحر ملكا لأحد الأفراد:
وهذا لا يغير شيئا بحيث لم يفرق المشرع بين الحالتين وهذا ما أكده في المادة 779 من التقنين المدني الجزائري في فقرتها الثانية على أنه لا يجوز التعدي على أرض البحر والأرض التي تستخلص بكيفية صناعية من مياه البحر تكون ملكا للدولة" حتى لو عادت وانحسرت عنه المياه فلا تعود له الملكية، وهذا على عكس ما ذهبت إليه أغلب التشريعات العربية فإن طغت المياه على جزء من الأرض ثم عادت وانحسرت عنه فإنها تعود إلى صاحبها لأن ملكيته لا تزول عنه وحسب المشرع المصري بقوله في المادة 919 على أن الأراضي التي تنكشف عنها البحر تكون ملكا للدولة ولا يجوز التعدي على أرض البحر إلا إذا كان ذلك لإعادة حدود الملك طغى عليه البحر".
وهذا ما ذهب إليه المشرع السوري في المادة 919 واللبناني في المادة 208 من قانون الملكية العقارية اللبناني التي تؤكد على أن الملاك لا يملكون ما ينكشف عنه البحر لكن لا تزول ملكيتهم فيما تطغى عليه هذه المياه، وهذا ما يقودنا إلى القول أن المشرع الجزائري اتجه إلى حماية الأملاك الوطنية العامة على حساب الملكية الخاصة.
المطلب الثاني: الأراضي المتكونة بفعل المياه الراكدة والبرك والبحيرات:
لقد نصت المادة 780 من القانون المدني الجزائري صراحة على عدم إمكانية تملك مياه البرك والبحيرات والمياه الراكدة إلا ما كان مملوكا للأفراد من قبل وهو ما وافق المادة 920 من التقنين المدني المصري والمادة 209 من قانون الملكية العقارية اللبناني.
فإذا كانت قد تكونت من أول وهلة من جراء المياه الراكدة فهي مملوكة للدولة وذلك يتم بآلية صدور مقرر من المصالح المعنية بالولاية وكذا الوزارة المعنية إذا اقتضى الأمر بنفس الطرق المحددة سابقا طبقا للمواد 115،114 من المرسوم التنفيذي رقم 91/454 .
أما بالنسبة لإمكانية وجود صعوبات في ضبط الحدود فإن بالإمكان الاستعانة بلجنة استشارية من الخبراء تحت إشراف الوزير المكلف بالري لضبط المقاييس والثوابت التي تساعد الوالي على اتخاذ القرار المناسب.
ولقد نصت المادة 116 على إمكانية الطعن في قرارات ضبط الحدود الصادرة من الوالي.
أما في حالة ما إذا كان طغيان الماء على أراضي كانت مملوكة للغير فإن الملاك الذين كانوا يملكونها من قبل لهم الحق في استردادها دون التعدي على ما زاد مما كان لهم من قبل.












[1] - Article 556 du code civil français dit « les terrain qu’il se dons un cour d’eau s’appelant alluvions quand ils consistent en un depot de graviers en se portant insensiblement d’une rive à l’autre » 
[2]  وهو التعريف الذي أتى به في دالوز Alex will- edition N°06
[3]  الدكتور محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي  دار النشر-صفحة 385.
- القوانين الفقهية مختصرة عند المالكية والحنابلة والشافعية- دار التوزيع الحديث-ص: 75
[4]  . مع ملاحظة عدم وجود  الأنهار في الجزائر، وأن ورود هذا المصطلح في القانون الجزائري هو نتيجة نقل هذه المواد من القانون المصري.
2عبد الرزاق السنهوري- الوسيط في شرح القانون المدني الجزء -9- صفحة 254
[5]  لقد نصت المادة 17 من الدستور في آخرها بعد ذكرها لما ينتمي إلى الأملاك الوطنية العامة فأضافت وأملاك أخرى محددة في القانون وهذا ما يحيلنا على نص المادة 15 من قانون الأملاك العامة.
[6]  دعوى ثبوت الملكية- الدكتور محمد المنجي- صفحة132 – توزيع دار الفكر العربي-
[7]  عبد المنعم فرج الصدة- مرجع سابق- صفحة35-
[8]  محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي- القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية.
[9]  نور الدين عنتر- الكسب في فقه أبي حنيفة-

تعليقات