حل المنازعات التجارية عن طريق التوفيق
حل المنازعات التجارية عن طريق التوفيق
عبدالرحمن محمد المالكي
مقدمة البحث :
ان المتعاملون في الاعمال التجارية يتعرضون مع كل فرصة عمل جديدة إلى
مخاطر جديدة ولذلك اصبحت طرق حل المنازعات في هذا العصر مقبولة كعنصر هام من عناصر
إدارة المخاطر , وتوجد هناك صعوبات في المنازعات التجارية الدولية - خاصة – مثل :
تباين الاختصاص القضائي واختلاف القوانين و الاعراف التجارية و تعدد الاجراءات . فكيف يحل المشتغلون في
الاعمال التجارية الدولية منازعاتهم أثناء المراحل المختلفة .
سيقدم البحث بشكل مبسط بتوضيح البدائل المختلفة لإجراءات التقاضي في
الدولة . والتي يمكن اللجوء اليها لمنع او لحسم المنازعات التجارية ذات الطابع
الدولي لحديثي العهد بالتجارة الدولية .
وقد تاسست الكثير من مراكز التحكيم والتوفيق حول العالم , وقد كبرة
اهمية وفائدة هذة المراكز في الحسم الفعال للمنازعات التجارية الدولية , ولقد زادة بالفترة الاخيرة أهمية الوسائل
البديلة لحسم المنازعات كوسيلة فعالة لحسم المنازعات التجارة والاستثمارات الدولية
في الدول العربية بسبب لما لهذا الوسائل من ميزات , وسرعة البت النزاع , ومع ان
التحكيم يبقى هو الوسيلة الاساسية البديلة
لحسم المنازعات , ولكن لا نستطيع اغفال وتقليل أهمية الوسائل البديلة الاخرى
كالتوفيق والوساطة والتي تتميز بأنها من الوسائل غير القضائية لحل المنازعات
التجارية .
تتعاظم اهمية هذة الوسائل كل يوم خاصة بعد تكريس المعاهدات الدولية
لها , مثل ملحق تسوية المنازعات في اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار و
اتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول
الاخرى و كما وضعت لجنة الأمم المحتدة لقانون التجارة الدولية ( الأونسيترال )
قواعد للتوفيق ساعدت في انتشار هذة الوسيلة .
أهداف
اختيار البحث :
فهذا الوسائل تساعد في حل النزاع بأقصر الطرق الممكنة وأكثرها إيجابية
, وبأقل جهد ووقت , وأكثر سرية حفاظا على سمعتهم مع منحهم مرونة وحرية لا تتوفر في
المحاكم , فلا غرابة اذن ان تلقى الوسائل البديلة لحل النزاعات اهتماما متزايد على
مستوى مختلف الانظمة القانونية والقضائية وتزايد الاهتمام الدولي بها . وجدير
بالذكر ان الوسائل البديلة لحل المنازعات قد اصبحت من الوسائل الملائمة للفصل في
مجموعة هامة من المنازعات التجارية الدولية وحماية المستهلك , والمنازعات الناشئة
في بيئة الانترنت , والتجارة الالكترونية , والملكية الفكرية في العصر الرقمي
وغيرها , حتى اصبح يطلق الفقهاء على هذه الوسائل بالنظر إلى طابعة العملي ( الطرق
المناسبة لفض المنازعات ) بل لقد اصبح اللجوء إلى التحكيم مشروطا في غالب الأحيان
بضرورة اللجوء مسبقا إلى الوساطة أو التوفيق .
مشكلة
البحث و فروض وتساؤلات البحث :
قلة المراجع وحداثة الموضوع المتطرق له في البحث , تعد مشكلة للباحثين
فيه وانه بسبب طبيعة الخصوصية للشركات وعدم الكشف عن أسرارها التجارية تعد أحد
المعوقات التي يصعب فيها على الباحث الوصول إلى أرقام أو طريقة تقريبيه للتوفيق
الوساطة و بالطبع هناك احترام من الموفق او الوسيط في العمليات البديلة لحل او
لحسم النزاع بعدم إفشاء اي معلومات للغير .
ومع تبيان اهمية الوسائل البديلة لحل المنازعات وانها اصبحت الوسائل
الملائمة للفصل في مجموعة من المنازعات كما اسلفنا . هل يمكن الاعتماد على الوسائل
البديلة كالتوفيق والوساطة وجعلها وسائل رئيسية لحسم المنازعات التجارية ؟ بمعنى
هل ترتقي هذه الوسائل لتكون في مرتبة التحكيم التجاري أم انها ستظل مجرد وسائل
لحسم النزاع ولا ترتقي لمرتبة التحكيم ؟
وأيضا مامدى أخذ هذه الوسائل في الدول العربية لتطبيقها وما مدى
فعالية تطبيقها كمرحلة قبل التحكيم ؟ وهل
هناك شروط أو عوائق تؤدي إلى عدم الأخذ بهذه الوسائل ؟ وهاهي أكثر المشكلات
العلمية التي تواجه الموفقين والوسطاء بين الشركات التجارية أو الاطراف المتقدمين
لحسم المناعزعات بالوسائل البديلة ؟ وماهي أكثر المخاوف من عدم الأخذ بالتوفيق أو
الوساطة في العقود التجارية ؟ هذه بعض التساؤلات التي تطرح عن هذا الموضوع .
طريقة
منهج البحث :
سأتناول دراسة موضوع البحث متبعا المنهج التحليلي التأصيلي للقواعد
والاحكام ( قانون الأونسيترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي عام 2002 ) التي
تنظم هذا النوع من الوسائل البديلة لحسم المنازعات التجارية , وبعض المراجع الاخرى المساعدة.
الفصل الاول التوفيق التجاري
المبحث الاول :ماهية التوفيق التجاري
-
تعريف التوفيق :
ورد في قانون الأونسيترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي الصادر عام
2002 بأنه (( أي عملية سواء أشير إليها بتعبير التوفيق أو الوساطة أو تعبير آخر ذى
مدلول مماثل يطلب فيها الطرفان إلى شخص
آخر أو أشخاص اخرين ( الموفق ) مساعدتهما في سعيهما الى التوصل لتسوية ودية
لنزاعهما الناشئ عن علاقة تعاقدية , أو علاقة قانونية أو المتصل بتلك العلاقة ,
ولا يكون للموفق الصلاحية لفرض حل النزاع على الطرفين )) ([1]).وعرفه
الفقه ( نوع من انواع الوسائل البديلة لحسم المنازعات التجارية يتم بواسطة شخص
ثالث حيادي ونزية, يحاول ان يقرب أطراف النزاع , ويقترح إتفاق صلح بينهم , ويطلق
على هذا الشخص اسم الموفق ( conciliater
) وتكون قراراته غير ملزمة ولايمكن تنفذها
جبرا ) ([2]).
-
التوفيق نوعين :
1-
التوفيق الرضائي : فهو ودي رضائي يتم دون تتدخل من القضاء
والتوفيق
بهذا المعنى هو الاصل الذي تنص عليه الشروط التعاقدية ([3])
2-
التوفيق القضائي : يتم امام القضاء إبان رفع الدعوى بالنزاع إليه
ويحدث في حالتين :
-
الحالة الاول : حيث يطلب الخصوم بانفسهم من المحكمة التدخل لتسوية
النزاع بطريق التوفيق وتفوضهم المحكمة باختيار موفق يرتضونه للقيام بتلك المهمة او
بقيام هيئة المحكمة ذاتها بمساعي التوفيق , وفي هذا الحالة يكون التوفيق اقرب إلى
التوفيق الاتفاقي رغم تسميته توفيقا قضائيا وهي تسمية تعكس جانبا مهما , حيث ان
مايتم التوصل اليه تصادق عليه المحكمة أو تصدر به حكما , أو تلحقه بمحضر جلستها ,
ويصير بتلك المثابة سندا تنفيذيا ([4]).
-
الحالة الثانية : حيث تعرض المحكمة بنفسها , في بعض التشريعات
المقارنة , التوفيق في المنازعات على الخصوم قبل اتخاذ إجراءات التقاضي بشأنها ,
ومن التشريعات التي أخذت بالحالتين السابقتين للتوفيق القضائي قانون المرافعات
الفرنسي في تعديله لعام 1995,1996 حيث نصت المادة (21) على أنه (( يدخل في مهمة
القاضي التوفيق بين الاطراف )) كما جاء بنص المادة (127) انه (( يستطيع الاطراف
التوفيق أو التصالح من تلقاء انفسهم أو بمبادرة من القاضي طوال فترة الخصومة )) ([5]).
- خصائص
التوفيق :
(طريقة ودية
لتسوية المنازعات - طريق قوامه تدخل احد من الغير - قرارات ليست لها
حجية الامر المقضي).
-
مميزات التوفيق التجاري :
الفرع
الاول : السرعة والاقتصاد في الاجراءات
تحقيق
العدالة السريعة المرضية
تعد العدالة السريعة المرضية اهم الاهداف التي يسعى المنظمون للوصول إليها وتحقيقها فهي تظل الهاجس الذي
يشغل بالهم ويسيطر عليهم دوما , وسرعة حسم المنازعات بالوسائل البديلة ومنها
التوفيق أمر مشجع لعلاقات التجارية الدولية التي تتأثر بتقلبات سعر الصرف والبضائع
, فالثقة الموفق عن حل النزاع خير من ضياع
الوقت امام القضاء للوصول إلى الحق بكاملة([6]).حيث لاتستغرق عملية التوفيق وقتا طويل فأكثر عملية
قد تستغرق من شهر إلى ثلاث شهور([7]).
الحصول
على عدالة أقل تكلفة
فهي لاتحتاج إلى
محامين او مصاريف شهود وخبراء وقليلة التكلفة مقارنة بالتحكيم ولما توفره من كسب
الوقت الذي قد يتقلب معه اسعار البضائع والخدمات وأسعار الصرف ([8]).
الفرع
الثاني : المحافظة على العلاقات التعاقدية
إن اختيار الأطراف للتوفيق كوسيلة لحسم النزاع لايأتي إلا من اجل غاية
وهي علاقتهم المستقبلية , فهذه الوسيلة لاتهدف فقط إلى إصلاح الأضرار المترتبة على
خروج العلاقة , أو بعد أن يثور النزاع , خصوصا بالنسبة للاطراف المتعاقدة على
مشروع طويل الأجل , فقد يكون من المهم بالنسبة لهم الحفاظ على علاقة جيدة في حالة
نشوء نزاع بينهم , وذلك من اجل الابقاء على المعاملات التجارية المستقبلية ,ويكون
من الضروري في مثل هذه الاحوال محاولة حسم النزاع بين الاطراف بشكل ودي , فتحى
المنازعات الدولية بين الدول عندما تلجأ للوسائل البديلة للنزاع فهي تهدف إلى
استمرار العلاقة والتعاقد بيهنم , لأن مصالحهم الحيوية مترابطة فتحاول ان تتفادى
القضاء والتحكيم , حتى لا يكون هناك حدة بعد صدور القرار بشكل ملزم ([9]).
اصلاح
اضرار أطراف العلاقة وسريتها
يهدف التوفيق إلى جبر الأضرار التي لحقت بأحد اطراف العلاقة من جراء
عدم التنفيذ , عكس الطرق القضائية أو التحكيمية فالتوفيق يعسى إلى إصلاح الضرر الناشئ
عن العلاقة من خلال حل ودي نابع من ارادة صادقة للأطراف لتجنب الوقوف موقف المنازعين
([10]).وسرية
الوساطة تبقي العلاقات مترابطة قوية بين طرفي النزاع , وتؤدي إلى التعايش الايجابي
بينهما في المستقبل , والمحافظة على الأسرار التجارية أو التكنولوجية أو الصناعية
لدرجة أن بعض الشركات تفضل خسارة حقها على كشف أسرارها التجارية , أو الصناعية ,
أو التكنولوجية , والتي تحرص على إبقائها سرا غير معروف للغير , لأنها هي سر
نجاحها , وفي إذاعتها أمام القضاء لتحقيق مبدأ العلانية وبال على نجاحها ([11]).
اقامة
التوازن والتعادل بين الأطراف
تسعى التوفيق لجانب إصلاح الاضرار المتولدة عن العلاقة التعاقدية إلى
ايجاد نوع م التوازن او التعادل بين التزامات الاطراف , وكل ذلك من طريق عمل الموفق
, فهذا الاخير يصل للحلول التي تعبر عن رضاء أطراف النزاع وبتكثيف جهدة يتوصل إلى
حل نهائي مرضي للطرفين ( عند التقاء وجهات النظر على نقطة اتفاق فإن هذا من شأنة
إقامة نوع من التوازن العقدي بين التزامات الأطراف تهيئة وتساعد بدورها على إعادة
التوازن بين الإلتزامات المتولدة عن العلاقة العقدية ) ([12]).
المبحث الثاني :اشكال السند القانوني للتوفيق
الفرع الاول : شرط التوفيق
هو اتفاق اطراف
العلاقة القانونية على اللجوء إلى التوفيق لتسوية ماقد ينشأ بينهم من منازعات
مستقبلا , سواء ورد هذا الإتفاق ضمن شورط أو بنود عقد معين أم ورد في صورة إتفاق
مستقل ملحق به ([13])
يترتب على ذلك :
1-
ان الشرط لا يكون إلا في التوفيق الرضائي
2-
انه لا تحدد موضوع النزاع في شرط التوفيق
3-
لابد ان يستوفي اركان الاتفاق ( الاهلية – المشروعية – المحل – السبب)
4-
على غرار شرط التحكيم , فان شرط التوفيق مستقل عن العقد المدرج فيه او
الملحق به , فلا يبطل ببطلان ذلك العقد ولايثأثر بما يلحق به من اسباب تؤدي إلى
تعطيله , طالما استجمع شرط التوفيق في ذاته شروط وجوده وصحته ([14]).
الفرع الثاني : مشارطة التوفيق
هو نوع من الاتفاق على اللجوء إلى التوفيق الذي يتم التراضى عليه بعد
وقوع النزاع بين أطرافه , ولابد أن يراعى من ناحية ضرورة ان يتضمن المشارطة بيانا
بموضوع التوفيق , المسائل والمشكلات التي سيتناولها التوفيق , وتحديد مايريده
الطرفان , ومن ناحية ثانية ان تلك المشارطة يتم الاتفاق عليها وتوقيعها من الاطراف
في حال التوفيق الرضائي أو الاتفاقي الذي يتم خارج حدود القضاء , سواء كانت
بمبادرة من الاطراف او القاضي , او المحكم , ومن ناحية اخيرة فانه لامشكله على
اطراف النزاع إذا ابرموا مشارطة توفيق بعد وقوع النزاع رغم وجود التوفيق في العقد
او المعاملة بينهم والمدرج به قبل وقوع النزاع , فهو مفيد لتحديد الموضوع والمسائل
التي سيدور حولها التوفيق , ولايؤدي إبرام مشارطة التوفيق إلى إلغاء شرط التوفيق
كما ان بطلان احدهما لا يؤدي إلى بطلان الاخير ([15]).
الفرع الثالث : التوفيق بالإحالة
من المتصور أن يجئ الإتفاق على تسوية النزاع القائم بين الأطراف بطريق
التوفيق عن طريق إحالة ترد في العقد أو المعاملة إلى مستند , أو محرر يتضمن شرط
التوفيق ومن ذلك مثلا : أن يضمن أطراف عقد مقاولة من الباطن إتفاقهم بندا حول
تسوية المنازعات , وبدلا من النص الصريح على وسيلة تسوية النزاع يتخصرون الطريق
ويكتبون بندا في عقد المقاولة من الباطن يحيل الى بند أو شرط وارد في عقد المقاولة
الاصلي المبرم بين المقاول العام ورب العمل أو المالك , وينص على تسوية المنازعات
وديا عن طريق التوفيق , كان ينص في عقد المقاولة من الباطن على ان (( تسوى منازعات
هذا العقد بذات وسائل تسوية منازعات عقد المقاولة بين المقاول ورب العمل )) ويكون
عقد المقاولة الاخير ينص على ان (( اي نزاع ينشا بين الاطرفين , حول تفسير او
تنفيذ هذا العقد , او اي امر يتعلق به يحاول الاطراف تسويته بطريق التوفيق , فإن
لم ينجح ماعيهم في ذلك يعرض النزاع على هيئة تحكيم يتم الاتفاق على تشكيلها وتحديد
الاجراءات امامها ([16]),
وللاعتراف بصحتها لابد من توفير شرطين :
1-
أن يكون العقد المحال له مكتوب .
2-
ان تكون الاحالة واضحه في إعتبار شرط التوفيق المحال إليه جزء من
العقد المحال له.
المبحث الثالث:التمييز بين التوفيق والتحكيم
يشترك التوفيق مع التحكيم في بعض الصفات فهما يتميزان بطابع إختياري
ملزم بعد الاتفاق عليه فهدفهما الاساسي هو الوصول إلى نقطة تفصل في النزاع القائم
, وان المسائل التي يرد على التحكيم يمكن الاتفاق على إجراء التوفيق بشأنها ([17]).
يتشابه التوفيق والتحكيم بأنهما وسيلتان لتسوية المنازعات التجارية بدلا من القضائ
والهدف من الاتفاق بين طرفي النزاع على التحكيم او التوفيق هو لحل نزاع قائم أو
محتمل , اذا تم الاشتراط بين الطرفين في النزاع على حل المنازعات بالتحكيم أو
التوفيق , فإنة يجب عليهما احترام هذا الشرط وعدم عرض المنازعة على القضاء , ان كل
من الوسيلتين يوجد طرف ثالثا او طرفا اخر يقوم بعملية التحكيم او بعملية التوفيق ,
ويسمى في التحكيم المحكم ويسمى في التوفيق الموفق او الوسيط ([18])
ومع ذلك فان التحكيم يتختلف عن التوفيق في :
التوفيق غير ملزم ام التحكيم فقراره ملزم دون استلزام موافقة اطراف
النزاع ولا يمكن التراجع عن التحكيم قبل
انتهائه بصدور الحكم فيه على خلاف التوفيق الذي يمكن العدول عنه ([19]).و
تختلف امكانية مساهمة الأطراف في صنعه , فكما هو معروف يقوم المحكم بعمل قضائي خاص
بهدف تسوية مايعرض عليه من منازعات وعليه فإن مايصدره من قرارات تفرض على الاطراف ([20]),
اما الموفق فيفصل في النزاع عن طريق تخلي كل طرف عن جزء من مطالبه أي عن طريق
تنازلات متبادلة فان اصر كل طرف على موقفه او متمسك بكل مطالبة فلن يكون هناك
توفيق , فعمل الموفق يعتمد على دور الاطراف في المساعدة والتعاون في حل وانهاء
النزاع ([21]).
المبحث الرابع : التزامات وحقوق الموفق
-
التزامات الموفق
أولا : الكشف عن الظروف والوقائع التي من شأنها
إثارة شكوك حول حياده واستقلاله فلابد أن
يقوم الموفق بشرح وإدلاء كل الأمور، أو الظروف، أو الوقائع التي ربما تثير الشكوك
حول حياديته واستقلاله عند قبوله للتوفيق -سواء لفظا أو كتابة- ويجب أن يبين ويظهر
حياده منذ موافقته لمهمة التوفيق ويستمر عليها حتى صدور التوصية، ويتم ذلك عن طريق
أن يكتب تقريرا عن علاقته، ومصالحه، واهتماماته، وأعماله الحالية والسابقة والقادمة
المتعلقة بموضوع نزاع التوفيق وأطرافه، وأقاربهم، ويجب على الموفق البوح عن أسباب
رده عن مهمة التوفيق لطرفي النزاع، ولا يباشر مهمته إلا بموافقة جميع أطراف النزاع
وعدم اعتراض أحدهم عليه في الوقت المحدد حتى يحاطوا علما بتلك الظروف والوقائع([22]).
ثانيا :أداء المهمة بنزاهة وعدالة , إن دور الموفق
ما هو إلا دور إرشادي لطرفي النزاع عن طريق تقديم دعوة لهما بتقديم إيضاحات حول
مشكلة أو نزاع نشأ بينهما، وبدون الحلول المقترحة للنزاع فهنا يجب أن يكون الموفق
ملتزما بأداء مهمته بنزاهة، وعدالة، وعدم الانحياز لأحد طرفي النزاع أو ضده، ولا
يصح مع نزاهة وعدالة الموفق استغلال الموفق لعدم خبرة أحد طرفي النزاع أو محاميه
من خلال حرمانه من الاطلاع على مستندات خصمه وارتكاب غش، أو تدليس، أو غدر، أو خطأ
مهني جسيم بسوء نية بقصد الإضرار بأحد طرفي النزاع، أو لتحقيق مصلحة خاصة بالموفق،
أو وصف مستند على غير حقيقته أو قيام الموفق بتصرف معين يضر بأحد طرفي النزاع
نتيجة رشوة من الطرف الآخر، أو انحراف الموفق عن الوقائع أو الأقوال أو المستندات
أو حقائق عملية التوفيق، أو سوء نية الموفق وغشه تجاه طرفي النزاع([23]).
ثالثا : احترام مبدأ سرية التوفيق , يقع على عاتق
الموفق أحد أهم الالتزامات، وهي المحافظة على الأسرار المهنية التي في المهمة التي
تعهد على القيام بها، ويجب عليه احترام مبدأ سرية التوفيق، وإلا وقع تحت طائلة المساءلة
القانونية، فجلسات التوفيق تكون سرية، ولا يجوز حضور أحد ممن ليس له علاقة بالنزاع
مالم يتفق طرفا النزاع على غير ذلك استنادا إلى خصوصية منازعة التوفيق، فعملية التوفيق
تكون سرية إلا على أطراف التوفيق وممثليهم
بخلاف القضاء، فالأصل فيه العلانية, ويشمل نطاق الحظر على الموفق: عدم
إفشاء أسرار إجراءات التوفيق، والجلسات، وتسريب المعلومات، والوثائق، والأقوال والأفعال
والأدلة الخاصة بعملية التوفيق والاستفادة بالمعلومات ماديا أو معنويا، وإطلاع
الغير على المستندات، أو الإدلاء بشهادة أمام القضاء عن مهمة الوساطة، أو إفشاء
المعلومات إلى وسائل الإعلام للتربح من ورائها، أو نشر إجراءات التوفيق، ولا يحق
للموفق العمل كمستشار قانوني لأحد طرفي النزاع، أو كمحكم، ضمانا لسرية التوفيق, ويرجع
السبب في وجوب التزام الموفق بسرية عملية التوفيق إلى أنه يتأمل الطرفان فى توطيد
ثقتهما في التوفيق كوسيلة بديلة لفض المنازعات لعدم إثارة أو خروج معلومات وأدلة
التوفيق أثناء متابعة إجراءات الخصومة القضائية، نظرا لاستقلال إجراءات التوفيق عن
الإجراءات القضائية([24]).
-
حقوق الموفق
اولا : الحق في قبول أو رفض مهمة التوفيق,إن
الطابع الأساسي الذي تقوم عليه التوفيق هي الإرادة الحرة لطرفي النزاع والموفق عند
إبرام عقد التوفيق بينهما، ومن هذا المنطلق فإن الموفق له كامل الحرية في إصدار
موافقته على قبول التوفيق أو رفضها، ولا يستطيع أحد غصب طرف من طرفي النزاع على
الموافقة على تعيين موفق ما لا يرغب به الآخر، كذلك الحال بالنسبة للموفق، فلا يستطيع
أحد إجباره على مهمة التوفيق مالم يرغب بتولي المهمة، فهو حق مطلق غير مقيد للموفق,
ولكن متى قبل الموفق القيام بمهمة التوفيق فإنه يصدر موافقته وقبوله بشكل صريح، أو
ضمني، شفويا، أو كتابيا، ويجب أن يكون قبول الموفق لمهمة التوفيق نهائيا ومنجزا
ودون أي تحفظات، وغير معلق على شرط أو مضافا إلى أجل, وإذا امتنع الموفق عن قبول
التوفيق فإنه غير ملزم بإيضاح الأسباب، فهي تقدير شخصي للموفق إذا أراد الإفصاح
عنها أو كتمها، والرفض أيضا قد يكون مكتوبه أو شفويا، صريحا، أو ضمنيا، ولا يمكن
اعتبار الموفق مرتكبا لجريمة إنكار العدالة، - لأنه ليس قاضيا – إلا إذا امتنع عن
القيام بمهمة التوفيق بعد قبولها، لأنه سيكون محلا للمساءلة القانونية مالم يكن
لديه عذر مقبول يبرر امتناعه([25]).
ثانيا : حق الموفق في الأتعاب والمصاريف والتعويض,إن
أحد الحقوق المكفولة للموفق بمقتضى العقد المبرم بينه وبين طرفي النزاع حقه في
المصاريف والأتعاب، مالم قد يكون قد تنازل عنها، والمقصود هنا بأتعاب الموفق
المبالغ المالية التي يحصل عليها الموفق كمقابل للعمل والجهد الذي يقدمه أثناء
عملية التوفيق، ويقصد بها المبالغ المالية التي تكبدها الموفق في التنقلات إلى
مكان التوفيق، ومصاريف الإقامة، ونفقات المعاونين له في عملية التوفيق، ويقصد بالتعويض
المبالغ المالية التي يستحقها الموفق مقابل خطأ طرفي النزاع أو أحدهما الذي ترتب
عليه ضرر مادى أو أدبي طبقا للقواعد العامة في المسئولية المدنية وكما –أيضا- لو
قام طرفا النزاع أو أحدهما برد أو عزل الموفق دون مبرر قانوني لمجرد التشهير به
وإساءة سمعته، وكان ذلك سوء نية, ويتم دفع مصاريف الموفق بالإتفاق بينه وبين طرفي
النزاع وتحديد الطرف الذي سيتحمل دفعها كلها أو بعضها وقد يكون الدفع بين الطرفين
بالتساوي، وفي حال عدم وجود اتفاق بشأنها يجوز للموفق أن يقوم بتقديرها وتحديد
كيفية دفعها ومن سيتحملها في التوصية، ويستحق الموفق أتعابه بمقدار ما بذله في
عملية التوفيق من تعب ومجهود في معاينة ودراسة وفحص ملف عملية التوفيقولكن قد يسأل
الموفق إذا انقضتمهمة التوفيق بسبب إهمال الموفق، أو خطئه، أو سوء نيته، لأنه يكون
قد تسبب في ضياع وقت وجهد طرفي النزاع دون جدوى، ربما أدى إلى اتساع الفجوة
والخلاف بينهما ويكون محلا للمساءلة القانونية عن ذلك الخطأ والإهمال([26]).
ثالثا : احترام الموفق وتقديم المعونة له ومساعدته
على فض النزاع فمن حق الموفق على طرفي النزاع -عندما يوافق على قبول مهمة التوفيق-
احترامه وتوقيره وعدم الإساءة إليه، أو إتهامه بما ليس فيه مما قد يخدش عدالته،
وأمانته، ونزاهته، ومخاطبته بشكل يليق به كموفق، ومعاملته بحسن نية فهو ليس خصما
لأحد الطرفين، واتباعه فيما يقرره من تعليمات لحل النزاع بطريقة سليمة وسريعة،
ومساعدته بتقديم الإيضاحات والمعلومات الضرورية، والأدلة المفيدة لإظهار الحقيقة
والعدالة, وحق الموفق في عرض النزاع عليه هو حق شخصي له، وبالتالي لا يجوز لطرفي
النزاع عرض نزاعهما على غيره، وإلا كان إخلالا بالتزاماتهما تجاه الموفق بعرض
النزاع عليه، وكانا محلا للمساءلة القانونية بالتعويض عن الأضرار التي أصابت الموفق
– خاصة إذا كان قد بدأ فعلا في تنفيذ مهمة التوفيق – ماديا ومعنويا بالإساءة إلى
المركز الأدبي له([27]).
المبحث الخامس :سير عملية التوفيق
- ابداء الرغبة في التوفيق
إن أساس عملية التوفيق هي إرادة ورغبة طرفي
النزاع التوصل إلى تسوية ودية غير ملزمة، لكي تذوب الخلافات بينهما وتقريب وجهات
النظر المتعارضة والوصول إلى حل مقنع ومرض للطرفين بمساعدة طرف ثالث محايد يكون
محل ثقة لهما, و الأصل العام في المنازعات أو الخصومات هو لجوء الشخص المتضرر إلى
القضاء أو التحكيم لتسوية الخلافات الناشئة, ولكن قد يتغير الوضع عندما يلتمس هذا
الشخص المتضرر أن هناك محاولة جادة للصلح أو التوفيق أو الوساطة قد تكون أفضل من
الذهاب للمحاكم, أو لتفادي حالة الخصوم, وبهذا يبدي الشخص المتضرر رغبة صادقة في
المصالحة ([28]).
نص على ذلك صراحة قانون الاونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي عام
2002المادة (1) الفقرة (6) يطبق هذا القانون ايضا على التوفيق
التجاري عندما يتفق الطرفان على ان التوفيق دولى او عندما يتفقان على قابلية
انطباق هذا القانون ([29]).
- إجراءات ومراحل التوفيق
وتكون أول مراحل الاجراءات أرسال طلب الأتفاق على اللجوء إلى التوفيق من قبل أحد
الطرفين وإذا لم يرد عليه الطرف الأخر في خلال المدة المحددة في طلب الدعوة فأن
ذلك يعتبر رفضاً وذلك مانصت عليه المادة
(4) من قانون الأونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري بأنه : " (1) تبدأ
إجراءات التوفيق , المتعلقة بنزاع كان قد نشأ , في اليوم الذي يتفق فيه طرفا ذلك
النزاع على المشاركة في إجراءات توفيق
.(2) إذا لم يتلق الطرف الذى دعا طرفاً اخر الى التوفيق قبولا للدعوة في غضون
ثلاثين يوماً من اليوم الذي ارسلت فيه الدعوة , او في غضون مدة اخرى محددة في
الدعوة , جاز للطرف ان يعتبر ذلك رفضاً للدعوة إلى التوفيق " ([30]).
أول جلسة يجتمع فيها الموفق أو هيئة التوفيق بأطراف النزاع للتباحث حول سير
عملية حل النزاع , ومن هنا يجئ التزام الموفق بدعوة الأطراف إلى جلسة مشتركة,
وتوجه الدعوه, بالطريقة التي يحددها الموفق بالاتفاق مع هؤلاء بمكاتبة تسلم إلى كل
طرف شخصيا، أو في مقر عمله , أو في محل إقامته, أو في عنوانه البريدي المعروف
للطرفين، أو في مشارطة التوفيق، أو في الوثيقة المنظمة للعلاقة التي يتناولها
التوفيق([31])
.
ثم
يأتي بعد هذا التحديد دور الموفق، حيث يلعب دورا أساسيا في التقريب بين وجهات
النظر المتباينة للأطراف، وصولا بهم إلى نقطة التقاء تتحقق عندها أمانيهم ورغباتهم
بعيدا عن مشقة اللجوء إلى التحكيم أو القضاء، فعادة ما تمر عملية التوفيق بمراحل
عدة حتى يمكن الوصول إلى حل يرتضيه الطرفان([32]).
وإننا نرى أن للطرفين حرية اختيار سير الإجراءات، والطريقة التي يجرى بها
التوفيق، وذلك وفقا للمادة (6) قانون الأونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري في
المادة الفقرة (1) بأنه : " للطرفين الحرية في أن يتفقا, بالرجوع إلى مجموعة
قواعد، أو بطريقة أخرى, على الطريقة التي التي يجرى بها التوفيق ([33])
" , في حال عدم اتفاق الطرفين على الطريقة التي يجرى بها التوفيق وفقا للمادة (6) من قانون الأونيسترال النموذجي
للتوفيق التجاري الدولي الفقرة (2) بأنه : " في حال عدم اتفاق على الطريقة
التي يجرى بها التوفيق, يجوز للموفق تسيير إجراءات التوفيق بالطريقة التي يراها
مناسبة, مع مراعاة ظروف القضية، وأي رغبات قد يبديها الطرفان، والحاجة إلى تسوية
سريعة للنزاع ([34])
".
وعادة تبدأ بعملية الإعداد والتحضير، وبعد
ذلك يعقبها التقديم والعرض، ثم بيان المشكلة وتوضيحها، وبعد ذلك يتم طرح وتقديم
البدائل التي يمكن الاختيار من بينها، وأخيرا الاتفاق على الحل الذي يشبع رغبات
الأطراف ويحقق أمانيهم([35]).
عادة في الجلسة المشتركة توضع الخريطة للطريق الإجرائي الذي ستسير عليها عملية
التوفيق , لاسيما تحديد كل مايتعلق بالآتي :((القواعد الإجرائية التي يجب اتباعها.,مكان
جلسات التوفيق. ,لغة الإجراءات.,موعد تقديم المستندات.,الاستعانة بالخبراء والشهود
.,المدة التي يجب أن تنتهي عملية التوفيق خلالها .. الخ.)) , وفي كل الأحوال
للطرفين الحرية في أن يتفقا بالرجوع إلى مجموعة قواعد، أو بطريقة أخرى على الطريقة
التي يجري بها التوفيق، وفي حالة عدم الاتفاق يجوز للموفق تسيير إجراءات التوفيق
بالطريقة التي يراها مناسبة مع مراعاة ظروف النزاع، وأية رغبات قد يبديها الطرفان
والحاجة إلى تسوية سريعة للنزاع([36]).ويستطيع
الموفق مقابلة الطرفين معاً أو يجتمع مع كل طرف لوحده تأكيد ذلك في المادة (7) من
قانون الأونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري التي تنص بأنه : " يجوز للموفق
الاجتماع أو الاتصال بالطرفين معاً , او بكل منهما على حدة " ([37])
.
وعند صدور التوصية في الجلسة الأخيرة من
التوفيق سواء كان الحضور طرفي النزاع أو ممثليهما، فإن الموفق يقوم بكتابة تلك
التوصية في مسودة وإعطاء كل طرف نسخة منها، فإذا قبلت تلك التوصيات، واتفق عليها
طرفا النزاع يقوم بتحرير محضر يكتب فيه مضمون التوصية الصادرة، ويقوم الأطراف
بالتوقيع عليها ومن ثم يصبح اتفاقا رسميا ملزما للطرفين ([38]).
-
انتهاء عملية التوفيق
في الواقع إن سير عملية التسوية الودية بنجاح
يعتمد كما سبق أن قررنا على روح الود والمحاولة الصادقة من الأطراف للوصول إلى حل
ودي ينهي هذا الخلاف، ويزيل ما قد ترسب في نفوس أحدهم من مشاعر البغض وروح العداء،
لهذا يمثل فقدان هذه الروح السبب الرئيسي في فشل المحاولة، وتقليلا من الدور الذي
تلعبه السبل الودية في تسوية المنازعات الدولية، وأيا كان مصير المحاولة فإنه يمكن
القول بأنها تنتهي في أحوال ثلاثة:
أولهما: توقيع اتفاق بين الأطراف , وبمجرد اتفاق
الأطراف على قبول الحل الذي اقترحه الموفق يصبح هذا الاتفاق ملزما واجبا للتنفيذ،
وتنتهي في تاريخ اتفاق الطرفين على التسوية، وذكرت المادة (11) قانون الأونيسترال
النموذجي للتوفيق التجاري الفقرة (أ) بأنه : " تنتهي إجراءات التوفيق بإبرام
الطرفين اتفاق تسوية , في تاريخ إبرام الاتفاق ([39])
".
ثانيها:
إصدار الموفق قراراً بفشل محاولة التوفيق، فعندما يتأكد للموفق أنه من
الصعب الوصول إلى ترضية ودية للنزاع المثار بين الأطراف، فإنه من الضروري عدم
الاستمرار في تلك المحاولة وإضاعة الوقت طالما أن النتيجة أصبحت معروفة ومؤكدة,
ولاشك أنه توجد العديد من الأسباب والدلائل التي تدفع الطرف المحايد إلى إصدار هذا
القرار، إلا أنه يبرز من بينها عدم تعاون الأطراف، وعدم وإظهار الرغبة الصادقة في
التوصل إلى تسوية ودية للنزاع، فالالتزام بالتعاون يعد أحد أهم العوامل التي تساعد
على نجاح محاولة المصالحة، ويبدو هذا الالتزام بوضوح عندما يقوم كل طرف بتحديد أغراضه
وأهدافه من تلك المحاولة, ويؤكد ذلك المادة (11) من قانون الأونيسترال النموذجي
للتوفيق التجاري الفقرة (ب) بأنه : " بإصدار الموفق, بعد التشاور مع الطرفين
, اعلانا يبين أنه لايوجد مايسوغ القيام بمزيد من جهود التوفيق , في تاريخ صدور
الإعلان ([40])
".
ثالثها:
إخبار الطرف المحايد من قبل الأطراف، أو أحدهم في أي مرحلة من مراحل
التسوية بنيته في عدم مواصلة المحاولة، فإعلام الموفق بهذه الرغبة يقضي على الأمل
في إزالة أسباب الخلاف وإعادة العلاقات بين الأطراف إلى مجراها الطبيعي , ويؤكد
ذلك المادة (11) من قانون الأونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري الفقرة (ب) و (ج)
بأنه : " تنهى إجراءات التوفيق : (ج) بإصدار الطرفين إعلاناً موجهاً إلى
الموفق يفيد بإنهاء إجراءات التوفيق , في تاريخ صدور الإعلان , او (د) بإصدار أحد
الطرفين إعلانا موجها غلى الطرف الاخر او الاطراف الاخرى وإلى الموفق , في حال
تعيينه , يفيد بإنهاء إجراءات التوفيق , في تاريخ صدور الاعلان ([41])
".
- القوة الإلزامية للتوصية
إن طبيعة توصية التوفيق لا تتمتع بأية قوة
إلزامية في حالة عدم قبولها، ويكون أثرها القانوني معنويا استشاريا لا يتمتع بأية
صفة قضائية أو غير قضائية، لأن أساسها سلطان الإرادة من طرفي النزاع، وهي لا تعد
قرارا ولا حكما، ولا تكون لها حجية الأمر المقضي([42]).
أما في حالة توقيع طرفي النزاع على التوصية
وقيام الموفق بتصديقها من القاضي، فإنها تتمتع بالقوة الملزمة للعقد، ، وعلى ذلك
يتأسس التزام طرفي النزاع بالتوصية وتنفيذها على مبدأ القوة الملزمة للعقد بعد
توقيعها من طرفي النزاع وتصديقها من القاضي المختص([43]).
أما مسألة نفاذ اتفاق التسوية فذكرته المادة
(14) من قانون الأونيسترال النموذجي للتوفيق التجاري بأنه : " إذا أبرم
الطرفان اتفاقا يسوي النزاع كان ذلك الاتفاق ملزما وواجب النفاذ([44])
" .
التوصيات
أولا: تعميم وتبسيط إجراءات التوفيق والوساطة
والإجراءات الودية والتظلم المسبق.
ثانيا : تحديد إجراءات
التوفيق و الوساطة وهيئاتها ومنحها سلطات واسعة للنظر في المنازعات التجارية و
ايضاً المدنية والإدارية مع توسيع مجالاتهما وموازاة مع ذلك حث المتنازعين على
اللجوء إلى هذا الإجراء في جميع مراحل الدعوى.
ثالثا : تشجيع
اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاع
كآلية أساسية لحل النزاعات التجارية.(التوفيق – الوساطة – الصلح – المفاوضة –
المساعي الحميدة ).
رابعا: توعية المعنيين كالمتقاضين والمحامين والوسطاء والموفقين بفوائد الحلول البديلة، وتزويدهم
بالمعلومات والإجراءات المطلوب اللجوء إليها.
الخلاصة
إن التوفيق من الوسائل البديلة في حل المنازعات بين الأطراف وهي فكرة
قديمة عرفتها الشعوب منذ تاريخ ٍ قديم جدا ً, لكن فقهاء القانون الحديث خصوصا في
الولايات المتحدة الأمريكية حولوها إلى فكرة مرنة قابلة للتطوير والتعديل بما يخدم
أطراف النزاع من جهة، ويخدم رفع الضغط عن المحاكم من خلال تقليل الدعاوى التي
يرفعها الناس يوميا إلى القضاة من جة أخري. هذه الفكرة قائمة على تقليل
التكاليف المالية, السرعة في حل النزاع , والسرية بما يحفظ أسرار الخصوم – وفي
الثلاثين سنة الماضية اهتمت الجامعات الأمريكية بتدريس وتطوير الوسائل البديلة في
حل المنازعات، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي الرائدة في هذا المجال
القانوني .
كذلك فإن المهم في استخدام
وسيلة التوفيق في حل النزاعات سيرفع عن كاهل القضاء الكثير من الدعاوى التي يمكن
حلها بعيداً عن المحاكم, وبذلك سيوفر الوقت الكافي للقضاة في تطوير عمل المحاكم من
جهة و استخدام الوقت في إصدار أحكامهم في القضايا المهمة الأخرى من جهة
ثانية وإن تطوير الوسائل البديلة لتسوية
النزاعات هو أكثر من تطوير فــي الأسلوب، إنه يظهر في الواقع الحاجة إلى تغيير
عميق في النظام القضائي المعاصر، ينقلنا هذا التغيير من القانون المفروض إلى
القانون القابل للمفاوضة، وهذا يعتبر نهاية للدولة صاحبة النفوذ القوي التي تكون
فيها القوانين والأنظمة الوسائل الوحيدة والمفضلة لتسوية النزاعات، فنحن
أصبحنا نعيش في عالم يعطي أهمية كبرى للعقد.
المستخلص العربي
المقدمة ومشكلة الدراسة:
|
|
|
|
ان في هذا العصر اتسعت التعاملات التجارية ومع كثرتها ازدات المنازعات بين
المتعاقدين فكان لا بد من تطور طرق حل النزاعات لكي تحقق السرعة والعدالة
المطلوبة عن طريق وسائل حل النزاع البديلة ومن احد هذه الطرق هي التوفيق وهذه
مرحلة تسبق مرحلة التحكيم ولكنها تفضل عنه بعدة وجوه ولكن هناك عقبة في هذا
البحث وهي قلة الابحاث عن الموضوع
|
|
المنهج المتبع للدراسة:
|
|
|
|
المنهج المتبع للدراسة هو المنهح التحليلي التأصيلي
|
|
ملخص النتائج:
|
|
|
|
ان هذه الطريقة تفضل لانها اسرع طريقة ممكنه و اقل تكلفة و تساعد الاطراف
على التدخل في ايجاد حلول للنزاع وتجعل من علاقتهم المستقبلية اكثر ود وايجابية
|
|
الخلاصة وأهم التوصيات:
|
|
|
|
هي فكرة قديمة قديمة وجيده ولكنها تحتاج إلى تطوير
اهم التوصيات
1- تبسيط اجراءات التوفيق
2- تحديد اجراءاتها ومنحها سلطات اوسع للنظر في
المنازعات التجارية والمدنية والادارية
3- تشجيع اللجواء الى الوسائل البديلة ومن ضمنها
التوفيق
4- توعية المعنيين كالمتقاضين والمحامين بفوائد
الحلول البديلة ومن ضمنها التوفيق
|
المراجع
العربية
أ.د/ أحمد أبو الوفا .
-
التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري, منشأة المعارف,
الإسكندرية ,1988.
أ.د/ أحمد عبد الكريم سلامه .
-
ا لنظرية العامة
للنظم الودية لتسوية المنازعات (المفاوضات – الوساطة – التوفيق – الصلح ) بديلا عن
المعترك القضائي , , دار النهضة العربية ,2013.
أ. د / الخير
قشي .
- الوسائل التحاكمية وغير
التحاكمية لتسوية المنازعات الدولية , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع,
1999.
د/
خيري عبدالفتاح البتاتوني.
-
الوساطة " كوسيلة بديلة لفض المنازعات المدنية
والتجارية" ,الطبعة الثانية, دار النهضة العربية, 2012.
أ.د/عبد الحميد
الشواربي .
-
التحكيم
والتصالح في ضوء الفقه والقضاء ,الطبعة الثانية ,منشأة المعارف بالإسكندرية, 1988.
د/ علاء أباريان .
-
الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية " دراسة
مقارنة " , منشورات الحلبي الحقوقية 2008.
د/علي عوض
حسن .
-
التعليق
على القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن التوفيق في المنازعات, دار المطبوعات الجامعية,
2001
د/ محمد إبراهيم موسى .
-
التوفيق التجاري الدولي (وتغير النظرة السائدة حول سبل
تسوية منازعات التجارة الدولية ), دار الجامعة الجديدة للنشر 2005 .
د/ مصطفى المتولى قنديل .
-
دور الأطراف في تسوية المنازعات العقدية , دار الجامعة الجديدة للنشر
, 2005.
المراجع الاجنبية ومواقع الانترنت :
- Law on
Intemational Commercial Conciliation(2002), United Nations Publication - UVCITRAL Model
- Diaz, Luis Miguel,
Mediation Year 2051?, 56 Dis. Res. J. 24, 2001, article ,http://search.proquest.com.
الفهرس
مقدمة البحث ص2
اهداف البحث ص2
مشكلة البحث وفروض وتساؤلات البحث ص3
طريقة منهج البحث ص3
الفصل الأول : التوفيق التجاري ص4
المحبث الاول : ماهية التوفيق التجاري ص4
المحبث الثاني : أشكال السند القضائي للتوفيق ص7
المحبث الثالث : التمييز بين التوفيق والتحكيم ص9
المبحث الرابع : التزامات وحقوق الموفق ص10
المبحث الخامس : سير عملية
التوفيق ص12
التوصيات
ص17
الخلاصة ص17
مستخلص البحث
ص18
المراجع
ص19
الفهرس
ص20
http;//search.proqest.com
[7]))أ.د / الخير قشي . الوسائل التحاكمية وغير التحاكمية لتسوية
المنازعات الدولية , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , 1999 ص29
[14])) ا.د. أحمد عبدالكريم سلامه , النظرية العامة للنظم الودية لتسوية
المنازعات , المرجع السابق ص 261 وص 262.
[15]))خيري عبدالفتاح البتانوني , الوساطة كوسيلة بديلة لفض المنازعات
المدنية والتجارية, دار النهضة العربية , 2012 ص264.
[16]))ا.د/ احمد عبدالكريم سلامة , النطرية العامة للنظم الودية لتسوية
المنازعات , المرجع السابق , ص 265.
[17]))د. علي عوض حسن , التعليق على القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن
التوفيق في المنازعات , دار المطبوعات الجامعية , 2001 ص 10 و11 وراجع اختيار طرق
التحكيم ومفهومه , مجلة المحاماة العدد الاول 2001 ص 567.
([19])غير ان
هذا الحق قيدته المادة 5/4 من مذكرة التفاهم بتدقريرها بانه عند الشروع في المساعي
الحميدة او الوساطة في غضون ستين يوم بعد تاريخ طلب عقد المشاورات يتعين على الطرف
الشاكي ان يتيح فترة ستين يوم بعد تسلم طلب عقد المشاورات قبل ان يطلب انشاء فريق
التحكيم , انطر كتاب التوفيق التجاري الدولي , د/ محمد ابراهيم موسى ص 39.
(1) ويعد هذا هو الوضع الغالب اذ عادة ماتجرى
التسوية الودية بناء على مبادرة احد الطرفين بعد نشأة النزاع ولكن في احوال اخرى
تجرى تلك التسوية امتثالا لاتفاق بين الطرفين قبل نشوء النزاع او بناء على دعوة من
مركز اوغرفة تحكيم . ولقد وضحت الفقرة الرابعة من المادة الاولى من القانون
النموذجي الذي وضعه (الاونيسترال) تلك الاحوال بنصها على ان ( تنطبق هذه الاحكام
التشريعية النموذجية دون اعتبار لما اذا كان التوفيق يجرى بناء على مبادرة احد
الطرفين بعد نشوء النزاع او امتثالا لاتفاق بين الطرفين قبل نشوء التزاع او عملا
بتوجيه اوطلب من محكمة او هيئة تحكيمية مختصة) راجع في ذلك : د/
محمد ابراهيم موسى , المرجع السابق, ص155.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم