القائمة الرئيسية

الصفحات



خصوصيات التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة

خصوصيات التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة 
الاستاذ صالح لهمام
دكتور في الحقوق



يتميز التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة بمجموعة من الخصوصيات تميزه عن باقي التقييدات الإحتياطية الأخرى  اقتضتها طبيعة الدعوى المؤسس عليها   وكذا غايته التي أراد له المشرع تحقيقها لكن مع ذلك فإن غالبية الدراسات و المقالات التي تناولت هذا النوع من التقييد الإحتياطي تركز فقط على مسألة عدم خضوعه لمسطرة التمديد التي تشترط في التقييد الإحتياطي بناء على مقال لذلك سنقف عند بعض   الخصوصيات  الأخرى محاولين توضيحها من خلال مستويين كالتالي :
-على مستوى التقييد
-على مستوى التشطيب
أولا-على مستوى التقييد

1 –التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة منصوص عليه بمقتضى نص خاص
إن التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة  نص عليه المشرع في الفصل 316 من مدونة الحقوق العينية التي جاء نصها قبل التعديل كما يلي :
«لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء و تم تقيدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ»
كما أن المشرع نص في الفقرة الأخيرة من الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري على :
«تبقى التقييدات الإحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص»
 و يعد التقييد التقييدالإحتياطي لدعوى القسمة من بين التقييدات الإحتياطية المنصوص عليها بمقتضى نص خاص لكن رغم ذلك فقد أثارهذا التقييد الإحتياطي منذ البداية التساؤل حول مدى إلزامية سلوك مسطرة التمديد المنصوص عليها في الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري و كان هناك خلاف في التوجهات بين اتجاه يتمسك بمقتضيات الفقرة الاخيرة من الفصل 85 و التي بموجبها اعتبر المشرع أن التقييدات الاحتياطية المنصوص عليها بمقتضى نصوص خاصة لا تخضع للأحكام المنصوص عليها بالفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري وبالتالي فإن التنصيص على هذا  التقييد الاحتياطي  بمقتضى نص خاص ينبئ بشكل مسبق عن توجه المشرع للقول بعدم اشتراط التمديد بالنسبة للتقييد الاحتياطي لدعوى القسمة والذي قد يكون بناء على مقال الدعوى المعروضة على القضاء أو بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة بإجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري الجارية بشأنه دعوى القسمة مع الإشارة إلى رقم الملف المفتوح لهذه الدعوى و بين اتجاه يرى ضرورة خضوع التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة للقاعدة العامة التي تقتضي سلوك مسطرة التمديد وذلك لأن اساسه هو المقال المرفوع للقضاء  وبالتالي شأنه شأن باقي التقييدات الإحتياطية بناء على مقال يتعين أن يخضع للتمديد•




لكن المشرع قد تصدى لهذا الاختلاف في الرؤى و تبنى موقف الإتجاه الأول الذي لا يشترط التمديد بحيث جاء القانون رقم 18-13 المعدل للمادة 316 من مدونة الحقوق العينية  والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 12مارس 2018 ليؤكد ان التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة  لا يستلزم سلوك مسطرة التمديد وذلك من خلال التنصيص في الفقرة الثانية من المادة 316 على :
«يستمر مفعول التقييد الإحتياطي  المذكور إلى حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به•»
و تبني المشرع لهذا التوجه و الذي نؤيده  يستند على مجموعة من المؤيدات هي كالتالي:
- إذا كان التقييد الاحتياطي وفقا للتعريف المتعارف عليه هو تقييد مؤقت يهدف للحفاظ على رتبة التقييد بالنسبة لحق تعذر تقييده لحين زوال المانع فإن ذلك لا ينطبق على دعوى القسمة التي لا تهدف إلى تقييد حق ما إذ أن الحقوق موضوع الدعوى مقيدة ويتعلق الأمر فقط بالخروج من حالة الشياع.
- أن مسألة المنازعة في الحق التي تبرر اللجوء إلى التقييد الاحتياطي بهدف المحافظة على رتبة التقييد ليست قائمة بالنسبة لدعوى القسمة.
- أن القسمة هي كاشفة للحق وليست منشئة له.
- أن السلطة التي منحها المشرع للسيد رئيس المحكمة لإمكانية الأمر بتمديد التقييد الاحتياطي والتي تتعلق بتقدير صحة الأسباب وجديتها ليست قائمة في هذه الحالة طالما أن الخروج من حالة الشياع يبقى حقا قائما لكل شريك ولا يمكن إجباره على غير ذلك كما هو منصوص عليه بالفصل 978 من قانون الالتزامات والعقود والمادة 27 من مدونة الحقوق العينية .
لكن ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أنه أحيانا قد يتقدم المدعي بدعوى ترمي إلى استحقاق نصيب في عقار محفظ  مع إجراء القسمة  هنا هل يمكن القول بأن التقييد الإحتياطي يقتضي التمديد ام أن تضمنه لطلب القسمة يجعله معفيا من مسطرة التمديد•
اعتقد أنه ما دام الطلب الأول يرمي إلى استحقاق نصيب أي أن الطلب بداية يرمي إلى تأكيد صفة المالك فالتقييد الإحتياطي في هذه الحالة شأنه شأن باقي التقييدات الإحتياطية بناء على مقال الرامية إلى المطالبة بالحق و بالتالي قد يكون الطلب غير جدي الأمر الذي يقتضي إخضاعه لمراقبة القضاء أما طلب القسمة فهو موقوف على نتيجة الطلب الأول و ذلك بخلاف الدعوى التي يكون موضوعها هو القسمة حيث تكون الملكية تابثة لأطراف الدعوى و يكون الهذف هو الخروج من حالة الشياع الذي يبقى حقا لكل مالك على الشياعلذلك نقول أن الدعاوى التي يكون موضوعها المطالبة بالإستحقاق و القسمة  يتعين أن تخضع لمسطرة التمديد•
 2-التقييد الاحتياطي لدعوى القسمةتقييد احتياطي إجباري
لقد نص المشرع المغربي على ضرورة تقييد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا ويعتبر هذا الإجبار في إجراء التقييد الاحتياطي من بين المستجدات التي أتت بها مدونة الحقوق العينية حيث تنص المادة 316 من هذه المدونة على: "لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ" .
والملاحظ أن المشرع قد رتب جزاء عدم القبول في حالة عدم احترام مقتضيات هذه المادة فالمحكمة تلزم المدعي بالإدلاء بما يفيد إجراء التقييد الاحتياطي وفي حالة عدم إثبات القيام بذلك فإن المحكمة تحكم بعدم قبول الدعوى.
والملاحظة الأساسية التي يمكن تسجيلها في هذا الإطار هي أن المشرع قد انتقل من تقرير عدم إمكانية الاحتجاج في مواجهة الغير المنصوص عليها بالمادة 13 من مدونة الحقوق العينية إلى جزاء عدم القبول وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على انتباه المشرع لأهمية التقييد الاحتياطي ودوره في الحفاظ على الحقوق والتقليل من المنازعات التي قد تنتج بمناسبة تقييد الأحكام القضائية.
ولا يسعنا نحن في هذا المقام إلا أن نؤيد التوجه الذي سار فيه المشرع وإن كنا نتمنى أن يتم التنصيص على هذه القاعدة بشكل أعم لتشمل جميع الدعاوى التي يكون موضوعها العقار المحفظ وذلك في إطار المادة 13 من مدونة الحقوق العينية الأمر الذي سيحقق إجبارية التقييد الاحتياطي في جميع الحالات ودافعنا إلى ذلك الحالات الكثيرة التي تضيع فيها الحقوق بسبب عدم القيام بهذا الإجراء الذي يعتبر بسيطا لكنه ذو أهمية كبيرة فهو بحق مؤسسة حمائية بالنسبة للحق العيني بامتياز عندما يتعلق الأمر بالعقار المحفظ إضافة إلى ذلك فهو من مستلزمات مسطرة الإشهار التي يتأسس عليها نظام التحفيظ العقاري
وأعتقد ان المشرع ربما سيسير في اتجاه فرض إجبارية التقييد الاحتياطي في جميع الحالات التي تكون فيها المنازعة متعلقة بعقار محفظ وتهم المطالبة بحق قابل للتقييد الشيء الذي سيساهم لا محالة في تحيين الرسوم العقارية وحفظ الحقوق.
وهو ما ذهب إليه الأستاذ محمد بن الحاج السلمي قائلا: "يتعين على المشرع أن يجعل التقييد الاحتياطي بناء على مقال واجبا تحت طائلة عدم القبول ويجب أن يحدد لهذا التقييد أجلا إذا لم يقم به المدعي فإن دعواه لا تقبل وذلك تفاديا لخلق وضعيات حرجة وشائكة للقضاء الذي سيرى أحكامه النهائية غير قابلة للتقييد النهائي ولا بالنسبة للمحافظ الذي يكون مضطرا بحكم التشريع الذي يطبقه إلى رفض تقييد أحكام القضاء وأيضا بالنسبة للأطراف المتنازعة  التي ستضيع حقوقها وتفقد بالتالي الثقة في نظام التحفيظ العقاري وفي العدالة. - 



3-ضرورة رفع مقال الدعوى لإجراء التقييد الإحتياطي
أعتقد أنه بالنسبة للتقييد الاحتياطي لدعوى القسمة فإنه يتعين أن يكون تقييدا بناء على مقال لأن هذا الأخير هو الذي يجسد دعوى القسمة وهو الذي يتضمن رقم الملف المخصص لها بالمحكمة والذي سيمكن المحافظ من مراقبة كون الأحكام المطلوب تقييدها صادرة فعلا في الدعوى المقيدة تقييدا احتياطيا وحتى تستفيد أيضا من أثر التقييد الاحتياطي ذلك أن القول بإمكانية إجراء التقييد بناء على أمر لن يحقق كل ذلك اللهم إذا تضمن الأمر القضائي الإشارة إلى رقم الملف المخصص لهذه الدعوى ولا ينبغي الاقتصار على عبارة إجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري عدد كذا. الجارية بشأنه دعوى القسمة دون الإشارة إلى رقم الملف المفتوح لدعوى القسمة.

ثانيا:على مستوى التشطيب
1-التشطيب على التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة بناء على عقد
إذا كانت القاعدة العامة هي إمكانية التشطيب على التقييد الاحتياطي استنادا للتنازل الصادر عن المستفيد من هذا التقييد أو من ينوب عنه وهي الإمكانية المقررة تشريعيا بموجب الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري فإن التساؤل مع ذلك يطرح بالنسبة للتقييد الاحتياطي لدعوى القسمة.
أعتقد أن هذا التقييد الاحتياطي هو ذو طبيعة خاصة تتجلى في كون المشرع رتب جزاء عدم القبول بالنسبة لهذه الدعوى في حالة عدم إجرائه كما هو منصوص عليه بالفصل 316 من مدونة الحقوق العينية وهو ما يمكننا أن نستنتج منه أن هذا التقييد الاحتياطي ودعوى القسمة شيئان متلازمان يتعين انقضاؤهما معا ولا يمكن التشطيب على هذا التقييد الاحتياطي إلا استنادا للأحكام القضائية الصادرة في الموضوع ومن بينها الحكم القاضي بالإشهاد على التنازل.
وبالتالي فإن تنازل صاحب التقييد الاحتياطي عن هذا الإجراء قد يترتب عنه بقاء الدعوى جارية ومستمرة أمام القضاء دون التقييد الاحتياطي المعلق عليه قبول الدعوى وقد يترتب عنه إجراء التفويت بالرسم العقاري لفائدة الغير الأمر الذي تصبح معه وضعية الرسم العقاري غير مطابقة لوضعية الدعوى الرائجة أمام المحكمة وعليه فإن ضمان استمرارية بقاء التقييد الاحتياطي لحين بت المحكمة في الدعوى يبقى مرتبطا بشكل أساسي باستبعاد إمكانية التشطيب على التقييد الاحتياطي استنادا لعقد التنازل فقط بل يتعين التنازل على الدعوى أيضا وهنا نتساءل هل يكفي فقط الإدلاء بالتنازل عن الدعوى مؤشر عليه بتأشيرة كتابة الضبط أم أنه يتعين الإدلاء بالحكم القاضي بالإشهاد على التنازل؟
اعتقد أن المسألة تقتضي ضرورة تحقق الغاية من التنازل وهذه الغاية لا تتحقق إلا بإشهاد المحكمة على التنازل وبالتالي فإن الإدلاء بالحكم القاضي بالإشهاد على التنازل يبقى مسألة أساسية لا محيد عنها ومستند ذلك أن الدعوى ليست ملكا خاصا للمدعي الأصلي بل يمكن للمدعى عليه أن يتقدم بطلبات مقابلة وبالتالي فإن تنازل المدعي الأصلي في هذه الحالة يمكن أن يكون محل تعرض من الطرف الآخر الذي تقدم بالدعوى المقابلة وصدور الحكم بالإشهاد على التنازل هو الذي يؤكد تحقق الغاية من هذا التنازل وهذا ما نص عليه المشرع في الفصل 121 من قانون االمسطرة المدنية: "تسجل المحكمة على الأطراف اتفاقهم على التنازل ولا يقبل ذلك أي طعن.
إذا تعرض الطرف المواجه على التنازل بالنسبة للدعوى أو لحق الترافع بعلة أنه أقام دعوى مقابلة أو لسبب آخر بتت المحكمة في صحة التنازل بحكم قابل للاستئناف".
وكما هو واضح من الفصل أعلاه فإن التنازل يمكن أن يكون محل تعرض من الطرف الآخر لذلك يجب عدم الاكتفاء بطلب التنازل المؤشر عليه من طرف المحكمة بل يتعين الإدلاء بالحكم القضائي النهائي.
و بالإضافة إلى ذلك فإن إثارة احد الأطراف امام المحكمة مسالة التشطيب على التقييد الإحتياطي من الرسم العقاري و الإدلاء بشهادة الملكية لا تتضمن تقييد الدعوى تقييدا احتياطيا يقتضي من المحكمة الحكم بعدم القبول لكن مع ذلك قد يطرح التساؤل في الحالة التي تبت فيها المحكمة في الجانب الشكلي للدعوى بمناسبة حكم تمهيدي حيث تقضي بقبول الدعوى لكون المدعي قد قيد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا لكن بعد ذلك قد يتنازل المدعي عن التقييد الإحتياطي و يطلب من المحافظ التشطيب عليه •
هنا نتساءل هل بت المحكمة في الجانب الشكلي للدعوى و قضائها بقبول الدعوى في الحكم التمهيدي يحول دون تراجعها عن هذا الحكم و القضاء بعدم القبول إذا ثبث لها أن التقييد الإحتياطي الذي علق عليه المشرع قبول الدعوى لم يعد قائما و تم التشطيب عليه أم أن المحكمة يمكنها دائما الحكم بعدم القبول كلما تبث لها ان دعوى القسمة لم تعد مقيدة تقييدا احتياطيا •
أعتقد أن الحل الثاني هو الأقرب للصواب  وهو الذي ينسجم مع إرادة المشرع ثم إن التعامل مع النصوص القانونية  يجب أن يكون بهذف تحقيق غاياتها التي من أجلها تم سنها  ولا يجب الإلتفاف حولها لإفراغها من محتواها  و هنا نقول أن الغاية التي من أجلها أقر المشرع إجبارية التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة  لا تتحقق إلا إذا تأكد بقاء التقييد الإحتياطي  إلى غاية صدور الأحكام النهائية في الدعوى سواء بالبت فيها أو بالإشهاد على التنازل عليها •
 الخلاصة هي ان التشطيب على التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة لا ينبغي إخضاعه لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري على إطلاقه بل يتعين القول ان التشطيب عليه لا يمكن أن يتم إلا بناء على الحكم الصادر في الدعوى•
2-التشطيب على التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة بمقتضى أمر استعجالي
و نتساءل  هنا حول مدى إمكانية التشطيب على هذا التقييد الاحتياطي بناء على أمر استعجالي؟
مما لاشك فيه أن المشرع قد أقر إمكانية التشطيب على التقييد الإحتياطياستنادا إلى أمر استعجالي بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري لكن بالرغم من عمومية هذا النص أعتقد أنه لا يشمل التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة وذلك لاعتبارين اثنين:
أولهما: أن المشرع علق قبول دعوى القسمة على ضرورة تقييدها تقييدا احتياطيا وهو التقييد الذي ينبغي أن يبقى مستمرا إلى حين صدور أحكام قضائية مكتسبة لقوة الشيء المقضي و إلا سيحكم بدون شك بعدم قبولها •

ثانيهما: أن المشرع خول لرئيس المحكمة الأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي بصفته قاضيا للمستعجلات كلما كانت الأسباب المستند عليه غير جدية أو غير صحيحة وأعتقد أن المدعي في دعوى القسمة هو مالك مقيد والسبب الذي يستند إليه وهو انهاء حالة الشياع لاشك أنه سبب جدي وصحيح وبالتالي فإن مبررات تدخل قاضي المستعجلات للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي هي غير متوافرة.
قد يقول البعض بأنه يمكن مثلا أن يكون هناك اتفاق بين الأطراف مضمنه البقاء في حالة الشياع لمدة معينة وأن هذه المدة لم تنصرم بعد ومع ذلك يتقدم أحدهم  بدعوى القسمة وأن هذا يعتبر سببا للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي بناء على أمر استعجالي، المشرع المغربي أجاب على هذه النقطة حيث خول للمحكمة إمكانية فسخ هذا الاتفاق والحكم بالقسمة بناء على طلب أحد الشركاء حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها إن كان لذلك مبرر مشروع وذلك بموجب المادة 27 من مدونة الحقوق العينية في فقرتها الأخيرة.
وخلاصة القول هي أن التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة يبقى غير خاضع لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 86 من ظهير التحفيظ العقاري.

- التشطيب على التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد
كما هو معلوم فإن دعوى القسمة إما أن يصدر بشأنها حكم يقضي بالقسمة العينية و ذلك في الحالة التي تكون فيها  هذه القسمة ممكنة  وفق ما هو مقرر في المادة 317 من مدونة الحقوق العينية كما قد يصدر بشأنها حكم يقضي بقسمة التصفية  إذا كانت القسمة العينية متعذرة  أو كان من شأن قسمة العقار مخالفة القوانين و الضوابط الجاري بها العمل أو إحداث نقص كبير في قيمته عملا بالمادة 318 من مدونة الحقوق العينية•
إن الحكم القاضي بقسمة التصفية يقتضي طبعا بيع العقار بالمزاد العلني  وتوزيع منتوج البيع بين المالكين بحسب نصيب كل واحد منهم لكن ما يهمنا في هذا الإطار هو هل يمكن التشطيب على التقييد الإحتياطي لدعوى القسمة  نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد أم أن التشطيب يقتضي الإدلاء بالأحكام النهائية الصادرة في الدعوى و هنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة لا تقتضي تقرير الجواب المقرر في المادة 221 من مدونة الحقوق العينية بل  ان التشطيب على التقييد الإحتياطي في هذه الحالة يقتضي التمييز بين أمرين:
1 إذا تمت مباشرة مسطرة البيع بناء على القرار الإستئنافي الصادر في دعوى القسمة و القاضي ببيع العقار في المزاد العلني فهنا يتعين القول بان التقييد لا يمكن التشطيب عليه إلا بالإدلاء بما يفيد نهائية القرار الإستئنافيو ذلك بالإدلاء إما بشهادة عدم الطعن بالنقض أو الإدلاء بقرار محكمة النقض •
2 إذا تم البيع بالمزاد العلني في احترام تام لمقتضيات  المادة 319 من مدونة الحقوق العينية التي تشترط لتنفيذ الأحكام القضائية القاضية بقسمة التصفية الإدلاء بما يفيد استيفاء مرحلة النقض عند الإقتضاء و عبارة عند الإقتضاء المنصوص عليها في هذه المادة يقصد بها طبعا شيء  وحيد و هو قضايا التحفيظ العقاري بمفهومها الواسع بحيث إذا تعلقت دعوى القسمة بعقار محفظ أو بعقار في طور التحفيظ فإنه لا يمكن سلوك مسطرة البيع بالمزاد العلني إلا إذا أصبح الحكم نهائيا و في هذه الحالة يمكن القول أن تقييد محضر إرساء المزاد يقتضي التشطيب على التقييد الإحتياطي في الحالة التي يتعلق فيها الأمر بعقار محفظ•


الهوامش:
 - جاء في المادة 27 من مدونة الحقوق العينية: "لا يجبر أحد على البقاء في الشياع ويسوغ لكل شريك أن يطلب القسمة وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر.
يجوز للشركاء أن يتفقوا كتابة على البقاء في الشياع لمدة معينة لا ينفذ هذا الاتفاق في حق الشريك أو من يخلفه إلا في حدود المدة المذكورة.
للمحكمة ان تحكم بناء على طلب أحد الشركاء بفسخ الاتفاق وإجراء قسمة حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها إن كان لذلك مبرر مشروع".
 - فالمشرع قصر تقييد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا على الحالة التي يكون فيها العقار عقارا محفظا أما إذا كان الأمر يتعلق بمطلب تحفيظ فإنه ليس إلزاميا تقييد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا تحت طائلة عدم القبول والمشرع بذلك كان منسجما مع مقتضيات المادة 85 من ظهير التحفيظ العقاري التي خولت إجراء التقييد الاحتياطي فقط لكل من يدعي حقا على عقار محفظ حيث جاء في الفقرة الأولى من هذه المادة: "يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا".
 - محمد بن الحاج السلمي: التقييد الاحتياطي وآثاره في التشريع المغربي م س الصفحة 178.
 - وفي هذا الصدد نجد بأن المشرع المصري قد اعتبر شهر المقال الدعوى واجبا وليس اختياريا وإن كان بأخذ التأشير في الشهر  الشخصي وليس العيني بحيث جاءت المادة 15 من قانون الشهر العقاري المصري تنص على: "يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودا أو صحة ونفذا كما يجب تسجيل صحيفة التعاقد على حقوق عينية عقارية.....وتحصل التأشيرات في السجلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة".
لكن هذا الإشهار لا يعتبر تقييدا احتياطيا لأن القوانين التي تأخذ بنظام الشهر الشخصي لا تعرف ما يسمى بمؤسسة التقييد أو التقييد الاحتياطي لعدم إمكان تطبيق أحكامه طالما أن التقييد في هذا النوع من الإشهار العقاري لا يتمتع بالعلنية والقوة الثبوتية المنبثقة عن قيود السجل العيني.
للمزيد من التوسع بخصوص هذه النقطة انظر: "عفيف شمس الدين: الوسيط في القانون العقاري الطبعة الثانية الصفحة 265.

تعليقات