القائمة الرئيسية

الصفحات



قراءة في المشروع قانون المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية د / العربي محمد مياد

قراءة في المشروع قانون المتعلق بالتحديد الإداري 
لأراضي الجماعات السلالية 
د / العربي محمد مياد




قراءة في المشروع قانون المتعلق بالتحديد الإداري 
لأراضي الجماعات السلالية 
د / العربي محمد مياد
استكمالا للترسانة القانونية المنظمة للأراضي الجماعية ، صادق المجلس الحكومي بتاريخ 14 فبراير 2019 على المشروع قانون رقم 63.17 يتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية وأحيل على مكتب مجلس النواب يوم 20 مارس 2019 ، الذي أحاله بدوره يوم 22 من نفس الشهر على لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكن وسياسة المدينة . ثم برمج للمناقشة في الدورة استثنائية مقبلة لمجلس النواب التي دعا إليها رئيس الحكومة إلى جانب نصوص قانونية أخرى . 
ومن خلال استطلاعنا للنص كما أودع بمكتب مجلس النواب ، يتضح أنه يتكون من 15 مادة ، عكس الظهير الشريف بتاريخ 18 فبراير 1924 في تأسيس ضابط خصوصي يتعلق بتحديد الأراضي المشتركة بين القبائل كما وقع تعديله وتتميمه الذي يحتوي على 11 فصلا ( وقد تضمن الفصل العاشر منه كما طبعته وزارة الداخلية في ما يسمى ب "دليل الأراضي الجماعية" خطأ في مضمونه تداركته في موقع الجماعات السلالية والأراضي الجماعية ).
ومما يثير الانتباه مايلي :
_ بداية أن هذا المشروع قانون غير مرفق بمذكرة تقديم على غير عادة مشاريع قوانين التي تحال على ممثلي الأمة حتى يتسنى معرفة أسباب النزول ومبررات تقديم المشروع قانون في حلته الجديدة ، وهذا ليس خطأ جسيما مادام باستطاعة السلطة الحكومية المعنية تلافيه عند البدء في المناقشة من طرف لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكن وسياسة المدينة، ما لم تكن هناك طبعا ظروف تتطلب الموافقة عليه بسرعة فائقة؛ 
_ اعتماد منهجية غير مألوفة في إعداد مشاريع القوانين عن طريق سرد جملة من المواد غير مبوبة ولا برزخ بينها؛ 
_ إن واضع النص تبنى المواد عوضا عن الفصول ، علما أن الترسانة المغربية القحة تمتاز باعتماد الفصول وليس المواد ، لأن المادة مستوردة من قاموس المدرسة السنهورية التي سادت لدى جل التشريعات العربية ولاسيما في مصر ومن خلالها باقي الدول العربية في المشرق العربي ، وليست ابنة شرعية للمدرسة المغربية العريقة التي حاولت على مر السنين أن تكون فلسفة قانونية مستقلة سواء من خلال اعتماد الفصول أو من خلال الابتعاد عن التعارف التي ابتليت بها مؤخرا في جملة من القوانين في محاكاة غير مبررة للمدرسة الأنكلوساكسونية، وبذلك بدأ المشرع المغربي يفقد بوصلته.
ومما ينبغي التذكير، أن المشرع خلال الحماية منح للجماعات السلالية إمكانية تصفية أملاكها سواء بالنصوص العامة الواردة في قانون التحفيظ العقاري شأنها في ذلك شأن جميع الأشخاص الذاتية أو المعنوية، أو سلوك مسطرة خاصة تتمثل في مسطرة التحديد الإداري طبقا لمقتضيات ظهير 12 رجب 1342 الموافق ل 18 فبراير 1924 السالف الذكر، وهو النص الذي كان سائدا في المناطق الخاضعة للنفوذ الفرنسي قبل تعميمه على المناطق الأخرى التي كانت خاضعة للنفوذ الاسباني والمنطقة الدولية طنجة.
ودون الدخول في المقارنة بين مميزات القانون الاسباني والفرنسي لأن الواقع تجاوز هذا الأمر يلاحظ أن ظهير 1924 استمد فلسفته من ظهير 3 يناير 1916 المتعلق بالتحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة الذي يعتمد على ما يسمى بتقنية "القرينة" ويهم بالأساس المساحات الكبرى التي غالبا ما توجد خارج المدار الحضري .




والحاصل أنه في مجال التحديد الإداري تتنازل السلطات العمومية عن مبدأ المساواة بين المرتفقين وتلجأ إلى قواعد خاصة من أجل تصفية أملاكها العقارية وخاصة تلك التي لا تتوفر على وثائق التملك الدامغة تدحض بها حجج الغير. وبمعنى أدق أن منطلق التحديد الإداري هو الظن والشك قبل اليقين في الملكية العقارية،بحيث كلما وجدت بعض القرائن حتى لو كانت بسيطة تفيد بأن قطعة أرضية بمساحة كبيرة لا مالك لها ظاهر تنسبها الدولة (الملك الخاص ) لنفسها ، وتعفيها من الإثبات ولا يلزم تدعيمها بحجة التملك . وهذا المبدأ هو الذي وجد فيه مشرع ظهير 18 فبراير 1924 السالف الذكر ضالته بتنصيصه في الفصل الأول "بأن العقارات المظنون أنها مشتركة بين القبائل يمكن مباشرة تحديدها بقصد تعيين صورتها أو مشتملاتها من الوجهة المادية وتقرير حالتها الشرعية القانونية ..." 
وبذلك تطلب الوصاية مباشرة مسطرة تحديدها تحديدا إداريا باعتبارها مسطرة خاصة وليس استثنائية كما يحلو لبعض الفقه وصفها بها، بحيث يكفي البدء في مسطرة التحديد الإداري بمرسوم بناء على طلب وزير الداخلية ، حتى تصبح الجماعة السلالية في وضعية مريحة ويتحول مدعي الملك حتى لو كان حقيقيا إلى مدعي عليه،يلزم بإثبات ما يدعيه ، عن طريق تقديم تعرض أمام اللجنة أو الجهاز الإداري المعني مع العمل على إيداع مطلب تأكيدي لمدعاه، مرفقا بوثائق التملك وتحمل نفقات ذلك والكل على أقصى تقدير داخل أجل ستة أشهر ابتداء من تاريخ نشر المرسوم بالجريدة الرسمية. والكل يعلم أن المغربي في البادية مجبول على الثقة والنية الحسنة ولا يسعى إلى الدخول في النزاعات وخاصة ضد الجهاز الإداري. 
وفي حالة عدم قدرة المدعي على إثبات المطلوب منه تضيع ممتلكاته العقارية أو حقوقه العينية ، ويصدر مرسوم يقضي بالمصادقة على التحديد الإداري، ومن تم يتطهر العقار من كل الادعاءات والحقوق التي كانت عليه قبل ذلك حتى لو لم تباشر الجماعة السلالية مسطرة التحفيظ لكي يصبح للعقار رسم عقاري خاصا به .
وهذه المسطرة كثيرا ما جنت على المواطنين المغاربة البسطاء في عهد الحماية وجعلتهم مجردين من ممتلكاتهم عن طريق مسطرة التحديد الإداري ، ويكفي الرجوع إلى الآفات الاجتماعية الناجمة عن التحديد الإداري للملك الغابوي في مناطق سوس ، حيث يكون المرء في طمأنينة وحامدا لله على نعمه ، مستقرا في ممتلكاته العقارية حتى يفاجأ بمسطرة التحديد الإداري ويتحول من مواطن بسيط لا مطالب له معقدة في الحياة اليومية إلى منازع "شرايعي" . 
هذا كان شرع ما قبلنا ، والآن نتساءل إلى أي حد تم أخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار من خلال المشروع قانون رقم 63.17 السالف الذكر في ظل دستور تضمن تصديره أن " المملكة المغربية ، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه ، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة ، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة ، وإرساء دعائم مجتمع متضامن ، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة ، وتكافؤ الفرص ، والعدالة الاجتماعية ، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة ".
إن القراءة الأولية لهذا النص تؤكد بأن الفلسفة التي يقوم عليها لم تخرج قيد أنملة عن الفلسفة المعتمد في ظهير 1924 المشار إليه أعلاه ، كما سنبين :




1 : مبدأ القرينة : تنص المادة الأولى صراحة على أنه " يمكن مباشرة عملية التحديد الإداري للأراضي التي تتوفر فيها قرينة أملاك الجماعات السلالية "
وهذا يعني أن التحديد الإداري لا ينصب فقط على الأراضي الجماعية الثابتة ملكها ، وإنما يمتد إلى تلك التي تتوفر فيها الجماعة السلالية فقط على قرينة أنها تدخل في ملكها حتى لو كان يحوزها الغير حيازة هادئة وعلنية ومستمرة ، وإلا كان من المفروض التنصيص هكذا " يمكن مباشرة عملية التحديد الإداري للأراضي الجماعية "
2 : المسطرة إدارية في الأصل ، بحيث تبدأ بطلب من وزير الداخلية وتنتهي بمرسوم : وهذا ما نصت عليه المواد 2 و 3 و4 و 12 من المشروع قانون ، وهذا هو المعول عليه في ظهير 1924 كما وقع تغييره .
3 : النشر والإشهار: تم اعتماد نفس الأسلوب الذي نهجه ظهير 1924 في مجال إشهار مسطرة التحديد الإداري والمتمثل في اعتماد الجريدة الرسمية "وكل الوسائل المتاحة " فضلا عن التعليق في مقرات السلطة المحلية والمحكمة الابتدائية والمصالح التابعة للمحافظة العقارية وأملاك الدولة والمياه والغابات التي يقع العقار في دائرة نفوذها الترابي.
ولا غرو أن كل هذه المصالح الإدارية وحتى القضائية منها لا يلجها المواطن البسيط وخاصة في العالم القروي إلا مرغما وعلى فترات متقطعة ، بل إن لبعضها معه خصومة نفسية دائمة ، بحكم نزاعه معها حول الملكية ولاسيما التحديد الإداري الغابوي. 
لكن التساؤل المطروح ، بأي لغة سيتم تعليق نسخة المرسوم وإشهاره ، هل باللغات المعترف بها دستوريا في الفصل 5 ، أي الأمازيغية والعربية أم الإفرنجية ؟ ونحن نعلم بأن المراسيم لا تصدر بالجريدة الرسمية باللغة الأمازيغية ولا الحسانية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة.
4 _ عقل الأملاك الخاصة : تنص المادة 4 من المشروع قانون بأنه ابتداء من تاريخ نشر المرسوم المتعلق بافتتاح عمليات التحديد الإداري وإلى غاية تاريخ نشر المرسوم بالمصادقة عليه يمنع تحت طائلة البطلان إبرام أي تصرف يتعلق بالأراضي موضوع عملية التحديد، باستثناء الحالات المنصوص عليها في المواد 16 إلى 21 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها .
وهذا يعني أن المالك لا حق له في التصرف في أملاكه إلا إذا تعلق الأمر بتصرفات تتعلق بالمنفعة أو التفويت لفائدة الدولة والجماعات الترابية أو الجماعات السلالية أو المؤسسات العمومية، وهذا ضدا على القواعد التي تحكم حق الملكية كما نظمتها مدونة الحقوق العينية وكذا الدستور، بحيث يضمن القانون حق الملكية ولا يمكن الحد من نطاقها وممارستها إلا إذا اقتضت متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ذلك.وبالتالي كان من المفروض تعليق التصرفات العقارية المنصبة على الأراضي الجماعية التي شبهة فيها على إقرار المالك الحقيقي عوضا عن القول ببطلانها .
5 _ التعرض على عملية التحديد الإداري : يجب تقديم التعرض بسبب المنازعة في الحدود أو المطالبة بحق من الحقوق العينية العقارية المتعلقة بالأراضي موضوع التحديد من طرف المالك المفترض أو صاحب الحق العيني إما في عين المكان إلى لجنة التحديد الإداري أو خلال 3 أشهر ابتداء من تاريخ نشر الإعلان عن إيداع محضر التحديد والتصميم المؤقت لدى السلطة المحلية ونسخة لهذا المحضر لدى المحافظة العقارية، في الجريدة الرسمية وإشهاره بالطرق أعلاه.
ويتم هذا النوع الأخير من التعرضات إما بتصريح شفوي أو كتابي أمام السلطة المحلية مقابل إثبات كتابي مقابل وصلا أو نسخة محضر حسب الأحوال ، ويتم ذلك بالمجان .





غير أن تقديم هذا التعرض _ حيادا على ما يجري عليه الأمر بالنسبة لمسطرة التحفيظ العقاري _ لا ينتج أي اثر قانوني ، ويكون هو والعدم سواء، ما لم يبادر المتعرض على نفقته بتقديم مطلب تأكيدا لتعرضه لدى المحافظة العقارية المختصة داخل أجل 3 أشهر الموالية لانقضاء الأجل المحدد لتقديم التعرضات أي 3 أشهر ابتداء من تاريخ نشر الإعلان أعلاه. وفي حالة إغفال المتعرض أو سهوه على القيام بهذه المسطرة يصبح تعرضه لا غيا وحقوقه في مهب الريح .
وهنا نلاحظ أن المشروع قانون الذي نحن بصدده أبقى على هذه المكنة القانونية التي كثيرا ما كانت سببا في ضياع حقوق المغاربة البسطاء بسبب الأمية وعدم الإلمام بمسطرة الإشهار أو التعليق ويدق الأمر أكثر بالنسبة ل "مغاربة العالم "الذين لا يعلمون بمسطرة التحديد الإداري التي قد تجتاح أملاكهم وهم في الغربة بعيدا عن أرض الوطن .
الم يكن من الأجدى الإبقاء فقط على التعرض المقدم لدى اللجنة أو السلطة المحلية عوضا عن فرض تقديم مطلب تأكيدي مع ما يستتبعه من انتقال إلى مقر المحافظة العقارية التي قد تكون بعيدة عن مقر سكنى المتعرض فضلا عن أداء وجيبة المحافظة كرها ، وهو الذي كان إلى وقت قريب ينعم بالطمأنينة والهناء بعيدا عن مشاكل العصر إلى أن ساقته الظروف القاهرة إلى منازعة السلطات العمومية في تحديد إداري منازعة غير متكافئة ، بحيث هو الذي يجب عليه تقديم حججه وهو المدعي وليس مدعى عليه،طالب التحديد الإداري. والقاعدة أن البينة على المدعي، وهذا مناف للقواعد العامة السارية في نزاعات التحفيظ العقاري إذ طالب التحفيظ هو المدعى عليه.
والأنكى من ذلك أن المادة 11 من مشروع القانون المذكور تنص على أنه " يباشر المحافظ على الأملاك العقارية إجراءات التحفيظ المتعلقة بالمطلب المقدم تأكيدا للتعرض على عملية التحديد الإداري وفقا لأحكام الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331(12 أغسطس 1913) بشأن التحفيظ العقاري ، كما وقع تغييره وتتميمه .
يقع عبء الإثبات على عاتق طالب التحفيظ بصفته متعرضا على عملية التحديد الإداري. 
وهنا تظهر الازدواجية في التعامل ، إذ وزير الداخلية يكفيه مباشرة مسطرة التحديد الإداري حتى تستفيد الجماعة السلالية من مركز قانوني مريح يتمثل في أنها مدعى عليها، بينما المتعرض يخضع لنظامين نظام التحفيظ العقاري عند تقديم مطلبه التأكيدي ونظام التحديد الإداري عند تقديم تعرضه، وعليه في جميع الأحوال عبء إثبات ملكه بحجج لا غبار عليها ، تحت طائفة تجريده من ملكه ولا ينفعه في ذلك لا حيازة مكسبة، ولا لفيف عدلي ، علما أن الحصول على وثيقة إدارية تثبتت أن ملكه ليس جماعيا لن يحصل عليها بسهولة على اعتبار أن السلطة المحلية ، تصبح في ذات الوقت حكما وخصما ، على اعتبار أنها هي التي تعطي الشهادة الإدارية بانعدام الصبغة الجماعية ، وهنا يختل مبدأ المساواة الذي نفاحت وناضلت من أجله الجمعيات الحقوقية وكرسه الدستور . 
6_ يترتب على المصادقة على التحديد الإداري تحديد الوضعية القانونية للعقار وحدوده ومشتملاته بصفة نهائية .
وهنا مربط الفرس ، ذلك أنه لا يمكن قبول أي تعرض أو إيداع مطلب تحفيظ داخل القطعة الأرضية المشمولة بالتحديد الإداري المصادق عليه حتى لو ظهر بعد ذلك المالك الحقيقي لها . ويستمر هذا الآثار إلى ما لانهاية ، حتى لو لم تبادر سلطة الوصاية بتقديم مطلب لتحفيظ العقار موضوع التحديد الإداري المصادق عليه.
ولنا في الواقع المعاش كوارث ، إذ نجد بعض المراسيم تصدر في الجريدة الرسمية بالمصادقة على تحديدات إدارية تعود إلى عقود غابرة .
وهنا نتساءل لماذا المشرع رخص للمحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرضات الاستثنائية طبقا للفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري حتى لو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق ، شريطة ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية في الوقت الذي ولم يمنح هذه المكنة القانونية ظهير 1924 السالف الذكر، وخلفه المشروع قانون الذي نحن بصدده، وكذا ظهير 3 يناير 1916 بسن نظام خاص لتحديد أملاك الدولة كما وقع تغييره وتتميمه ؟ خاصة وأن مسطرة التحفيظ العقاري أو التحديد الاداري مصيرهما الطبيعي استخراج رسم عقاري .
هذا ، وإنه استثناء من القاعدة المذكورة نصت الفقرة الثالثة من المادة 12 من مشروع القانون على أن المصادقة لا تمنع أن تكون القطع الأرضية المغطاة بالحلفاء الخاضعة للنظام الغابوي ، والموجودة داخل العقار المصادق على تحديده، موضوع تحديد جديد يباشر وفق المسطرة المنصوص عليها في ظهير 1916 المشار إليه أعلاه .
لكن ما ذا لو تعلق الأمر بتحديد إداري شمل أملاك عامة طبقا لظهير فاتح يوليوز 1914 بشأن الأملاك العمومية أو أوقاف عامة ، فهل لا تخضع لهذا الاستثناء ؟
ومهما يكون، فإن المادة 14 جمعت كل المساوئ التي تفرقت في مجموعة من النصوص القانونية التي تهم الأنظمة العقارية ، حيث نصت حرفيا على أنه " تطبق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بأملاك الجماعات السلالية على العقارات موضوع مسطرة التحديد الإداري ، بما في ذلك القطع الأرضية المتنازع في شأنها إلى أن يتم البت النهائي في النزاع ."
وهذا ما يجب أن يفتح المجال أمام المتضرر من أجل اللجوء إلى القضاء من أجل جبر الضرر.
7 _ الاستغناء عن تقنية الإحالة على صدور مراسيم تطبيقية كما جرى به العمل بإفراط بالنسبة للمشروع قانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها . وهذا يعد من حسنات هذا النص .
8_ الخروج عن القواعد العامة الواردة في مدونة الحقوق العينية ولاسيما المادة 4 المتعلقة بوجوب أن تحرر جميع التصرفات _ تحت طائلة البطلان _ وكذا الوكالات الخاصة بها المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية أو نقلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يحرره محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض. بحيث إنه بمجرد ما تنتهي إجراءات التحديد الإداري بالمصادقة حتى صبح المرسوم حجة قاطعة على تملك العقار المعني ، ويشرع الباب أمام سلطة الوصاية من أجل تقديم مطلب التحفيظ دون أن يطلب منها أية وثيقة مثبتة للتملك .ويقوم بعد ذلك المحافظ بتأسيس رسم عقاري للعقار موضوع التحديد الإداري بمجرد التحقق من وضع الأنصاب والتصميم العقاري . 




وهذا ما يدفعنا إلى القول في الختم بأن المجلس الحكومي بمصادقته على هذا النص القانوني لم يصن المساواة بين المرتفقين في مجال النزاعات العقارية بحيث قدم مصلحة الجماعة السلالية على مصلحة الغير حتى لو كانت الدولة ( الملك الخاص ) ولم يحم الملك الغابوي إلا بقدر ما تعلق بمناطق الحلفاء دون غيره ، ويبقى من حسنات المشروع قانون الذي نحن بصدده أنه كتب بمحبرة مغربية بعيدا عن التعالي الذي ساد ظهير 18 فبراير 1924 غير أنه لم يجعل لحضور لا المترجم ولا العدول أي مبررا رغم ما لوجود العدول من رمزي ديني ، وأبقى على الحالة التي يتقدم بتعرض أحد ذوي الحقوق بحيث يكون مصيره طبقا للمشروع قانون 62.17 الذي عالجناه على خفيف في مقالين سابقين التجريد من هويته كسلالي .
وصفوة القول وكما أسلفنا في مجموعة من المنتديات والندوات التي تشرفت بحضورها أنه من الخطأ الاعتقاد بأنه يوجد في المغرب تعدد الأنظمة العقارية وإنما تعدد المتدخلين، وكل حزب ما لديهم فرحون ، فمديرية أملاك الدولة تعتبر نفسها مالكة للملك الخاص للدولة غير الغابوي وأودعت مشروع قانون منذ سنة 2014 يوجد بدرج الأمانة العامة للحكومة ولم يسلك بعد المسطرة القانونية رغم التكلفة المالية الذي تكبدته المالية العامة من أجل انجازه عن طريق مكتب الدراسات ، كما أن مصالح المياه والغابات تضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون ينظم هذا الملك ، كما أن مصالح الملك العام بصدد إعداد نص قانوني خاص بهذا الملك ، أما وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فقد بادرت بإدخال تعديلات على الترسانة القانونية المنظمة للأوقاف وماليتها، تفاجأت شخصيا بنشرها في الجريدة الرسمية ليوم 11 مارس 2019 في غيبة من أعين وفضول رجال القانون والسياسة، والآن يوجد في جعبة لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكن وسياسة المدينة ثلاثة مشاريع قوانين تهم الأراضي الجماعية وضعت مسودتها وزارة الداخلية . ومن تم فإن المغرب لا يتوفر على تعدد الأنظمة العقارية كما أسلفت وإنما تعدد المتدخلين أما ما يتوفر عليه المغرب حقيقة هو نظامان لا غير ، ملك عام يدخل في حكمه الملك العمومي للدولة والجماعات الترابية ويمكن إضافة الأوقاف العامة وما سواها أملاك خاصة بنصوص خاصة من إعداد الجهات الإدارية التي تشرف عليها.
غير أنه بالنسبة للتحديد الإداري فتبقى الجماعات السلالية ضيفة عن المسطرة وتبقى الوصاية هي من يقبض بخيوط المسطرة منذ انطلاقها إلى حين انتهائها بصدور الرسم العقاري النهائي رغم ادعاء بأن الجماعات السلالية شخص معنوي كامل الرشد .

تعليقات