القائمة الرئيسية

الصفحات



التأمين الإسلامي فكرا وآلية وتطبيقا

التأمين الإسلامي فكرا وآلية وتطبيقا




العنوان : التأمين الإسلامي فكرا وآلية وتطبيقا 
المؤلف : رضا أمين دحبور 


بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرة 

التأمين الإسلامي

فكراً .. وآليةً.. وتطبيقاً

______________________

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، وبعد ،



قبلَ البدء في الحديث عن التأمين، نَودُ ولو بإيجاز الإشارة إلى عِلمَين يُعتبران من أهم العلوم وأعرقها، لِما لهما من تأثير عميق على العلوم الحديثة الأخرى، من ناحية، ولارتباط كلٍّ منهما بالآخر عَبر التاريخ، من ناحية ثانية.

فقد أجمع الدارسون والمهتمون في هذين العِلمين، على أنّ أبا العلوم كافةً هو علم الاجتماع، ذلك لأنه قديم قِدم الإنسان نفسِه، إذْ وَجد الإنسان نفسَه في البداية بحاجةٍ إلى تنظيم علاقاته بغيره في شتى النواحي، خاصة الحياتية منها، والتي كان من بين أهمها، البحث عن الوسائل التي تكفل له توفير احتياجاته المعيشية التي توفِر له ولِمن حوله، حياةً هادئةً مستقرةً في بيتِه وبين أفرادِ المجتمعِ الذي يعيشُ فيه .

ومن هنا، بَرَزَت حاجتهُ إلى البحث عن الدخلِ الذي يكفلُ له ولأسرتِه هذا الاستقرار . ولكنه ومع تطورِ أساليب بحثه عن هذا الدخل، وجد نفْسَه بحاجةٍ إلى إيجادِ وتنظيمِ مصادرَ لهذا الدخل وتطويره - وهذا في حدِ ذاته ما عُرِف " باقتصاد الأسرة"- أسبقِ النظريات الاقتصادية على الإطلاق؛ إذْ منها انطلقت النظريات الاقتصادية الأخرى المعروفة في عصرنا هذا، والتي لا مجالَ للخوضِ فيها من خلالِ هذه الورقة .

ومع تعدُّدِ مصادر هذا الدخل، والتي من أهمها المصادر الزراعية والصناعية والتجارية، تعدَّدت المخاطر التي يواجهها الأفراد والمجتمعات، وبالتالي "المجمّعات" التي تُوفِر هذه المصادر. وقد كان من الطبيعي حُكماً، أن تتولد عن توفير وتحريك هذه المصادر، حركةٌ نقديةٌ، عُرِّفت فيما بعد، " بالدورة النقدية" في شتى أشكالها .

وفي هذه المرحلةِ، ظهرت الحاجة الماسّة إلى التفكير في إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية هذه "الدورة النقدية".

فعلى المستوى الأُسْرَوي، ظهرت أولى مظاهر هذه الحماية في الصين، وكان ذلك قبل حوالي خمسة آلاف سنة، عندما اتفق عددٌ من الأُسَرِ التي كانت تعيش في بيوتٍ عائمةٍ على ربط بيوتهم ومتاجرهم الملتصقة بها، حتى إذا تعرَّض أحدها إلى خطر الغرق، تقاسموا خسائره، الأمر الذي أدى إلى تشكيل مجموعات من هذه الأُسَر المتجاورة، مَثَّلت في مجموعها بمفاهيمنا العصرية "تجمعات الحماية"، تخفيفاً للمخاطر التي تهددها من وقتٍ لآخر.

ومع ازديادِ الحركةِ الزراعيةِ والصناعية والتجارية في العصور الأولى، شَعَر المتعاملون مع هذه المِهَن أن أخطار النقل هي التي تهدد سلامةَ "الدورة النقدية" لديهم. وقد استحوذ هذا الخطر على اهتمام الكثيرين من المفكرين عبر التاريخ، إلى أنْ أتى "حمورابي" ملك بابل بمجموعةِ قوانينه الشهيرة في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، والتي أفردَ واحداً منها لفرض عقوباتٍ قاسيةٍ على أصحاب القوافلِ التجارية الذين لا يفون بالتزامهم في تسليم البضائع إلى أصحابها مقابل الأجر الذي يتقاضونه لذلك، ضمن ظروفٍ معيَّنة لم يغفل "حمورابي" عن تحديدها، ليصبحَ أولَ مَن وضَع اللَّبِنات الأولى التي قام عليها نظام التأمين .

وقد حذا حذوه الفينيقيون ومِنْ بعدِهم اللومبارديون في شمال إيطاليا من حيث وضعُ الأسسِ الكفيلةِ بتخفيف الخسائر التي يتعرض لها صاحب البضاعة أثناء نقلها "بحراً" وذلك بانشاء مجمعاتٍ يشترك في تمويلها أصحابُ البضائع أنفسُهم، تنحصر مهمتُها في تخفيف الآثار المالية التي يتعرض لها أيٌّ من أصحاب هذه البضائع، تحقيقاً لضمان استمرار "الدورة النقدية" خلال القرن الخامسَ عشرَ .





ومع بداية القرن التالي، انتقل اللومبارديون إلى بريطانيا ليقيموا في أحد شوارع لندن الذي مازال يعرف باسمهم حتى يومنا هذا وهو "لومبارد ستريت" وليُمارسوا أعمالَ ما أصبح يُعرف "بالتأمين" على أسس أكثرَ حداثة، مقرِنين ذلك بوسائل إضافية لإحكام السيطرة على الأموال، وتحديداً على "الدورة النقدية" عن طريق تنظيم حفظ الأموال لديهم، ليصبحوا بذلك أول مَنْ بادر بإنشاء التجمعات المالية، والتي عُرفت فيما بعد ب "المصارف" .

ولم يأتِ تفكير هؤلاء اللمبارديين في الربط بين أعمالِ التأمين وأعمال المصارف من فراغ طبعاً، بل أتي نتيجةً لثقتهم الراسخة في أن استمرار وضمان "الدورة النقدية" وهي العنصر الأساس في بقاء أي اقتصادٍ قويًّا معافىً، يعتمد كليًّا على قوة الدعم المتبادل بين أعمال التأمين والأعمال المصرفية .وقد بدا هذا واضحاً عندما لجأت المجموعات المصرفية في عصرنا هذا، إلى تأسيس، أو الإسهام في تأسيسِ شركاتِ تأمينٍ تكون لها عوناً وسنداً وضمانةً لسلامة أعمالها النقدية والمصرفية المتشعبة .

ولم يقفْ تقييمُ رجالِ المال والاقتصاد لأهمية سلامة ومتانة العلاقة بين شركات التأمين والمصارف إلى حدِّ اعتبارهما وجهين لعملةٍ واحدةٍ، بل إنهم تجاوزوا ذلك في أوائل التسعينيات، بأن قاموا بالتنسيق مع شركات التأمين من أجل تحقيق التكامل الهادف إلى قيام المصارف بتسويق ما أمكنها من أعمال التأمين من خلال استحداث آلية داخلية مشتركة تقوم شركات التأمين بموجبها أيضاً بتسويق بعض الأعمال المصرفية وحمياتها في آنٍ واحد. وهذا ما يعرف حاليًّا بال  "BANKINSURANCE”

ولا يخفى على حضراتكم مدى أهمية هذا التنسيق الذي يكاد يكون بمثابة الارتباط العضوي. فالعمليات المصرفية بمجملها، سواء أكانت تسهيلات ماليةً لأغراض الاستيراد والتصدير أو الصناعة، أو منح القروض أو لأغراض الاستثمار فإنها جميعاً تحتاج إلى الضمانِ أو التأمين اللازم. هذا بالإضافة إلى حاجة المصارف المُلحّة إلى التأمين على موجوداتها من أموال ثابتةٍ ومنقولةٍ، حتى تطمئنَ إلى استمرارية ممارستها لأعمالها وتحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها بأمان .

ولهذا فإنني أعتقد أنني لا أجانبُ الحقيقةَ عندما أقول إن من بين أهم السِّمات التي يتميز بها الاقتصاد الراقي لأي بلد هو مدى التناغم والترابط القائمين بين قطاع التأمين والقطاع المصرفي وذلك من خلال السياسات والقوانين الموضوعة بهذا الشأن؛ مروراً بتحقيق استمرار تنمية روافد هذا الاقتصاد، زراعيًّا وتجاريًّا  وثقافيًّا، وصولاً إلى اقتصادٍ متينٍ متكامل.

وفي الوقت نفسه، يجب التأكيد على الدور الكبير الذي تلعبه القوانين ذات العلاقة في التأثير على مدى النجاح الذي يحققه كلٌ من قطاع التأمين وقطاع المصارف. فغالبًا ما تتحدد ملامح هذين القطاعين تبعًا لطبيعة القوانينِ التي تنظم أعمالها .

لا شكّ أن للتأمين أثرَه الملحوظَ على الإنتاج، فالتأمين بما يمنحه من أمان للتاجر والصانع والعامل، يدعم في نفسه الثقة والطمأنينة، وهما من أهم عوامل زيادة الإنتاج.

وكثيرةٌ هي الأخطار التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية، وهي إن حدثت سببت له خسارة مالية. والخطر هو كل حادث محتمل تنشأ عن وقوعه حاجةُ الإنسان إلى تعويض يُخفف مِن آثاره، والحوادث المحتملة التي تتسبب في تعرُّض الإنسان إلى خسارة، تتعدد أسبابها، فقد تكون أسباباً طبيعية، كحدوث الزلازل والفيضانات والسيول، وقد تكون أسباباً اجتماعية يتعرض لها الإنسان باعتباره كائناً اجتماعياً، كخطر المرض والعجز والإصابة والموت.  

وإذا كان التأمين يحقق هذه الأهداف بالنسبة للمؤمَّن لهم، فإنه يحقق للاقتصاد القومي فائدةً أكبر لا تُنكر، فهو يساعد على تكوين رؤوس الأموال أو يعمل على إنشائها، وهو يمتص من سوق التداول كمية لا بأس بها  من المبالغ الضئيلة المعدَّة للاستهلاك في الغالب وهكذا تجمِّع شركات التأمين من أقساط التأمين رؤوس أموال ضخمة وهذه الأموال لا تبقى دون استغلال فكثيراً ما يتم استثمارها في العديد من المشروعات التي تحقق انتعاشاً للاقتصاد القومي. وقد ازداد هذا الدور بشمول التأمين جوانب اجتماعية واقتصادية مختلفة الأمر الذي زاد من احتياطي مبالغ التأمين . ولأن التأمين يلعب دوراً خطيراً مؤثراً وفعالاً في الاقتصاد القومي ، فقد عَمِدَت الدولة إلى بسْط رقابتِها وسيطرتِها على شركات التأمين.

فكيف يمكن مجابهة تلك الأخطار التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية مع وجود الموانع الشرعية التي تمنع فئة من الناس من الإقدام على التأمين خوفاً من انجرافهم إلى الحرام ومن حرصهم الشديد على عدم مخالفة الشرع في كل جانب من جوانب حياتهم اليومية وإبقاء أموالهم منزهة عن كل شبهة سواء الربا أو اختلاط الأموال أو أن يقعوا في عقود يشوبها الغرر ؟

وقد حثّ الله سبحانه، على التعاون والتكافل في أكثر من موضع في كتابه العزيز حيث قال عز وجلّ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" صدق الله العظيم ذلك التعاون الذي تتحقق من خلاله مبادئ التأمين الإسلامي التعاوني.

ومما لا ريب فيه أن المجتمع الذي لا يتضامن أفرادُه وجماعاتُه في التعاون على ما فيه مكرمة وبرّ وطاعة ومصلحة وخير وعدل،  وعلى تجنب كلِّ ما فيه ضررٌ وخطرٌ وإثمٌ  وشرٌ وأذىً وفسادٌ، يؤول أمرُه إلى التفكك ويستشري فيه السوء. وهنا تتجلّى حكمةُ الله سبحانه وتعالى في وجوب التعاون على البرّ والتقوى بين المسلمين.

ولذلك ليس غريباً أن يكون مبدأ التكافل  الاجتماعي دعامةً أساسية من دعائم المجتمع الإسلامي، وأن يكون مفهوم التكافل في موضوع التأمين الإسلامي قائماً على جَمعِ القوى الإنسانية في المجتمع بُغيَةَ المحافظة على دفع الأضرار عن البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة.

ولعلّ أبلغ صورة  للتكافل الاجتماعي ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً" وقوله أيضاً صلى الله عليه وسلم " مثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثَل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وإعمالاً لمبدأ التكافل فقد نظم الإسلام العلاقات في المجتمعات الصغيرة على أساس التعاون بين آحادها، فالقبيلة كلّها متآزرة فيما بينها، يُعين الغنيُّ الفقيرَ ويمدّ القادر ُالعاجزَ بما يكفيه، وإذا كانت أموال الزكاة في قبيلة أو قرية لا تسدّ حاجة الفقراء، وجب على القرية أو القبيلة مجتمعة أن تجمع من المال ما تُسَدّ به حاجةُ الفقراء.






ومما هو جديرٌ بالذكر، أن الأردن كان من أوائل الدول الإسلامية التي تنبهت إلى أهمية وجود مؤسسة إسلامية مصرفية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، ومن هنا جاء القانون الخاص بتأسيس البنك الإسلامي الأردني عام 1978 مُنظِماً العمل الاقتصادي الإسلامي، حيث جاء تلبية لحاجات فئة غير قليلة من الناس، وذلك لتقديم الخدمات المصرفية وأعمال التمويل والاستثمار غير القائمة على أساس الفائدة وإلى تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار بالأسلوب المصرفي غير القائم على أساس الفائدة، وكذلك تقديم الخدمات الهادفة لإحياء صور التكافل الاجتماعي المنظم على أسس المنفعة المشتركة .

وذلك كان نتيجة التنبه لما لإنشاء مؤسسة مصرفية إسلامية من آثار اجتماعية واقتصادية، فهناك فئة كبيرة من المواطنين لم تكن تجد وسيلة لقضاء حوائجها دون تحرِّجٍ شرعي، قد تمّ تنشيطها وتحريكها والتفاعل مع دورة الاقتصاد الوطني . 

وقد وجدت البنوك الإسلامية في شركات التأمين الإسلامية ما يتوافق مع تطلعاتها وتطلعات عملائها حيث أن شركات التأمين الإسلامية جاءت مكملة لدورة الاقتصاد الإسلامي التي ابتدأتها البنوك الإسلامية، كما أنها جاءت لتتعاضد معها في حماية مدخراتها، ولأن البنك الإسلامي يتعامل مع مختلف فئات المجتمع ، يترتب عليه بعض المخاطر التي تكون نتيجةَ تعرُّض المقترض لحادثٍ أصابَه بعجزٍ دائم  أو تعرُّضِه لمصيبة الموت حيث تصبح مقدرتُه على الوفاء بالتزاماته  تجاه البنك الإسلامي الذي قام بتمويله معدومةً تماماً، فنحن في شركة التأمين الإسلامية اجتهدنا لإصدار وثيقة التكافل الاجتماعي التي تغطي آثار مصيبة الموت ، إضافةً إلى العجز الكلي الدائم للمستأمنين وتصدر هذه الوثيقة للأفراد  والجماعات .

فؤلائك الذين يتمولون أو الذين يقومون بالتموُّل من قِبَل البنوك الإسلامية من أجل بناء بيوت لهم أو شراء سيارات أو تعليم أبنائهم في الجامعة ويطلب البنك منهم ضامناً، يقدِّم هذه الوثيقة (وثيقة التكافل الاجتماعي) إلى البنك والتي بموجبها تقوم شركة التأمين، إذا توفي المقترض، بتسديد باقي الرصيد المستحق على ذلك المستأمن، وبذلك تبقى الأرملة في بيتها ويبقى الشاب في جامعته والرجل في متجره وتستمر الحياة ضمن إطار من التعاون والتكافل . وهذه الوثيقة تبقى لنهاية السنة وقسطها بسيط ولا توجد بها مشكلة الاستثمار لمدد طويلةٍ ولا تعرِّضها لمخاطر انخفاض أسعار العملات . 

ولإيجاد السبيل الأمثل لتحديد العلاقة بين المساهمين وحمَلة الوثائق في شركات التأمين الإسلامية، تضافرت  جهودُ ثلاثةِ رجالٍ زملاءٍ من ذوي الباعِ الطويلِ في مجال التأمين ، وقد شاء اللهُ أن يكونوا من المملكة العربية السعودية وتونس والأردن ، حيث تمكّنوا بفضلٍ من الله تعالى ثم بمساعدة وتوجيه فضيلة الدكتور/ عبد الستار عبد الكريم أبو غدة، رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة التأمين الإسلامية، من التقدم بورقةِ عملٍ هدفُها إيجادُ علاقةِ مشاركةٍ بين المستأمنين (حمَلة الوثائق) والمساهمين إلى الحلقة الفقهية السادسة التي انعقدت في عمّان خلال شهر تموز من سنة 1996 ، حيث حازت على موافقة "اللجنة الشرعية الموحدة" بعد إجراء بعضِ التعديلاتِ عليها ، ومن ثَّم تم اعتمادُها كأساسٍ "لتنظيم علاقة المشاركة العادلة" والتي تنسجمُ وأحكامَ الشريعةِ الإسلاميةِ السمْحة0

وقد ترتب على اعتماد النظامِ الواردِ في ورقة العمل هذه ، وهو النظام الذي تبنَّته شركة التأمين الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية ، أَنْ تحدَّدتْ وبشكلٍ جَلِيٍّ المعالمُ الحقيقيةُ "للتأمين الإسلامي"، بحيث أصبح من السهلِ تحديدُ الجوانبِ التي يتميزُ بها "التأميُن الإسلامي التعاوني" عن "التأمين التجاري0



ومن أهم هذه المميزات نذكر ما يلي :-






التأمين التعاوني الإسلامي

التأمين التجاري



1) التأمين التعاوني  الإسلامي قائم على التعاونِ ويخلو من الربا وغيرِه من المحظوراتِ الشرعيةِ.

1) التأمين التجاري لا يخلو من الربا والغَررِ وغيره من المحظورات الشرعية .

حيث لا تتحرج شركات التأمين التجارية أو التقليدية أن تقوم بالتأمين على أمور محرمة وأن تستثمر أموالها بأسلوب ربوي.



2) وجود هيئة رقابة شرعية .

حيث أن هيئة الرقابة الشرعية تقوم بالتدقيق على سجلات الشركة وعقودها، وفي اتفاقيات إعادة التأمين، وفي مجالات استثماراتها، وتتأكد من أن جميع هذه الأعمال قد تمت إدارتها وفق الأصول الشرعية وخالية من أي محظور .

2) وجود لجنة فنية فقط.



3) العلاقة القائمة بين المؤمَّن له ومجموعة المستأمِنين كشركاء متضامنين في الغُنْم والغُرم0

3) العلاقة القائمة هي بين الشركة والمؤمن له على أساسٍ تجاري تحكمه ظروف العرض والطلب 0



4) يعودُ أصلُ قيمةِ القسطِ المدفوعِ إلى صاحبه بعد استقطاعِ حصتهِ من التعويضاتِ والمصاريف نظاماً.

4) لايعودُ أصلُ أو أيُّ جزء من قيمةِ القسطِ المدفوعِ بأيِّ حالٍ من الأحوالِ إلى صاحبه المؤمن له 0



5) عوائدُ استثماراتِ أصولِ الأقساطِ تخصُّ أصحابَها المؤمَنّين بَعدَ استقطاع حصةِ الشركةِ "كمضارب".

5) عوائدُ استثماراتِ أصولِ الأقساط تؤول لصالح الشركةِ التجاريةِ فقط دون غيرِها 0



6) تهدفُ الشركةُ في المقام الأولِ إلى توفير التعاونِ بين أفرادِ المجتمع وتنميته 0

6) تهدفُ الشركةُ إلى تحقيقِ أعلى ربحيةٍ ممكنةٍ لأصحابها 0



7) أرباحُ الشركةِ ناتجةٌ عن استثمارِ أموالِها الذاتية وعن حصتِها "كمضاربٍ"من عوائدِ استثمارِ فائض أقساط التأمين،وعن الأجر مقابل إدارتها لموجودات التأمين.

7) أرباحُ الشركةِ ناتجةٌ عن استثمار أموالِها الذاتيةِ بالإضافة إلى الأرباح التجارية الناتجة عن عمليات التأمين كاملةً 0



8) تمتاز بوجودِ رأسِ مالٍ "ثابت" يخص "المساهمين" ورأسِ مالٍ آخرَ "متغير" يخص "حمَلةَ الوثائق" 0

8) لديها رأسُ مالٍ واحد يخص "المساهمين" فقط0

 وشركة التأمين الإسلامية التي تطبق التأمين التعاوني وهو ذلك النوع من التأمين الذي أقرَّته المجامع الفقهية والذي فحواه أنّ أشخاصاً محددين معينين، ومعرضين لنوع واحدٍ من الأخطار يقومون بإنشاء صندوق تعاوني من أموالهم (صندوق حملة الوثائق) لترميم أضرار من يقع عليه حادث أو خطر من تلك الأخطار المتوقعة ويمتاز هذا التأمين التعاوني بالملامح التالية :-

أولاً : أن العلاقة التي تربط المستأمنين فيما بينَهم هي علاقة مُشاركة في الغُنْم والغُرْم والتي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والإسهام في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض مَنْ يصيبه الضرر . فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيعَ الأخطار بينَهم والتعاونَ على تحمل الضرر .

ثانياً : خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه (ربا الفضل) و (ربا النَّسِيئَة) فعقود الشركة ليست ربوية كما لا تستغل الأقساط المجمّعة في معاملاتٍ رِبوية ولتأكيد الالتزام بذلك من قِبَل شركة التأمين الإسلامية، تقوم هيئة الرقابة الشرعية بشكل دائم بدراسة وتدقيق سجلات جميع دوائر الشركة المختلفة ،للتأكد من مدى التزام الشركة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء في معاملاتها ومن مدى التزام الشركة أيضاً بتنفيذ التوصيات المنبثقة عن اجتماعات هيئة الرقابة الشرعية فهي تنوب عمَّن لا نائب له. وبعد الانتهاء من هذه العمليات تقوم هيئة الرقابة الشرعية بإعداد التقارير الدورية بالإضافة إلى التقرير السنوي الخاص بها.

وتقوم شركة التأمين الإسلامية باستثمار أموال "حمَلة الوثائق" بطرق مشروعة بعيدة عن المعاملات الرِبوية، وتتم هذه الاستثمارات بواسطة شراء أسهم شركات هي أيضاً لا تتعامل بالربا ، إضافة إلى أن هذه الأموال تودع لدى البنك الإسلامي الأردني والذي يقوم بدوره باستثمار هذه الأموال بصفته مضارباً مقابل حصة معلومة .

 وتكون علاقة الشركة بمجموع المستأمنين علاقة النائب بالأصيل، نيابة اتفاقية مقابل أجر معلوم، وهذا النوع من "الوكالة بأجر"،  مشروع وذلك لأنه لما كانت الحكمة من شرعية الوكالة التعاضد والتعاون بين الناس وكانت عملاً من أعمال البرّ والتقوى، ومن ثمّ كان الأصل فيها عدم الأجر، لأن العمل الصالح أجرُه على الله، لكن يجوز شرعاً أن تكون بأجر، لأن الحياة الاجتماعية تطورت وتنوعت فيها المصالح وتعقدت المشاكل.

أما علاقة المستأمنين (حمَلة الوثائق) فيما بينهم فهي قائمة على أساس التعاون والتضامن فيما بينَهم ، وذلك يظهر في كل عقد من عقود التأمين التعاوني الذي تطرحه الشركة للاكتتاب وبخطٍ بارز والذي ينص على :  "يُعتبر المؤمن له بقبوله التعامل مع الشركة على أساس هذه الوثيقة مشتركاً مع غيره من المؤمَّن لهم لديها على أساس تعاوني وتقوم الشركة باستثمار أقساط التأمين كلياً أو جزئياً على أساس عقد المضاربة نظيرَ حصةٍ شائعةٍ للشركة من الربح بصفتها مضارباً، تحدد في الإعلان العام في مركز الشركة وفروعها قبيل بداية كل عام ميلادي.

وتتحدد بوجه خاص علاقة الشركة بالمؤمن له بشأن استحقاقات هذا الأخير لنصيبه من الفائض الذي يتحقق في حساب عمليات التأمين لدى الشركة، بموجب اللائحة التي يضعها مجلس إدارة الشركة مع مراعاة تكوين ما يلزم من الاحتياطيات اللازمة للشركة وتغطية نفقاتها الإدارية".

يتبين مما سبق أن التأمين التعاوني الذي تمارسه شركات التأمين الإسلامية يتميز في هذا الإطار بتكريسٍ لفكرة التعاون والتكافل وتَحقيقٍ لمبدأ العدالة والإنصاف بين" المساهمين" و"حمَلة الوثائق" من جهة، وبين "حمَلة الوثائق" أنفسِهم من جهة ثانية .

ويتضح ذلك مما يلي :-

أ  - أن الشركة تحتفظ بنوعين اثنين من الحسابات :

الأول : حساب "المساهمين" والذي يتمثل برأس المال .

الثاني : حساب "حمَلة وثائق التأمين" وهو الذي يبدأ بأقساط هذه الوثائق.

ب- قيام الشركة بالاحتفاظ بجميع أقساط "حمَلة الوثائق" في حسابٍ واحد، تحقيقاً لفكرة التكافل فيما بينَهم، وسيتم جبر أضرار من يتعرضون للخسارة من هذا الحساب؛ وهذا هو معنى التكافل .

وبذلك تُصبح صورة الحقوق والالتزامات لكلا الطرفين كالآتي :-







حقوق المستأمنين (حملة الوثائق)

حقوق المساهمين 



1- الاشتراكات المكتسبة.

2- حصتهم من عوائد استثمار الاشتراكات .

3- الاحتياطيات الفنية.

تُخصم منها  الالتزامات التالية؛

أ  - المطالبات الفنية .

ب- مصروفات العمليات التأمينية .

ج-أجرة "وكيل الخدمات" للمساهمين كنسبة معلومة من الاشتراكات.

د  - حصة المساهمين من عوائد استثمار الاشتراكات بصفتهم "مُضارباً"

و  -الضرائب التي تتعلق بالوعاء التأميني.





الناتج يُمثل "الفائض التأميني" ويُوزع على المستأمنين (حملة الوثائق) .

- رأس المال .

- الاحتياطي القانوني أو الاختياري الذي يخص المساهمين.

ثم يضاف إليه العوائد التالية :-

1- عائد استثمار رأس المال .

2- عمولة "وكيل الخدمات" .

3- حصتهم "كمضارب" في استثمار الاشتراكات.

تُخصم منها الالتزامات التالية :-

أ  - الرواتب والإيجارات والمصاريف الإدارية الأخرى.

ب- قيمة إهلاك الأصول الثابتة .

ج -الضرائب التي تتعلق برأس المال .

الناتج يُمثل الفائض المستحق للمساهمين ويُوزع عليهم .







أما تحقق مبدأ العدالة والإنصاف فيتمثل في الميزة التالية وهي توزيع عوائد الشركة على "المساهمين" و"حمَلة الوثائق" بالكيفية التالية :-



يتم توزيع الأرباح المستحقة للمساهمين بنسبة ما يملك كل مساهم من إجمالي أسهم الشركة .



بينما يتم توزيع الفائض التأميني على المستأمنين (حملة الوثائق) بالكيفية التالية :-

"يتم توزيع "الفائض التأميني" على "حملة الوثائق" بنسبة إجمالي الأقساط التي شارك بها كل "مؤمَّن له" بغض النظر عن دوائر التأمين التي اشترك فيها بعد خصم مخصص الأخطار السارية حسب النسب المقررة نظاماً ،  وذلك مرفق المعادلة التالية :-







قاعدة توزيع الفائض التأميني :- 

-      يُحسب نصيب كل مشترك ( حامل وثيقة ) من الفائض المخصص للتوزيع وفق         المعادلة التالية :- 





الفائض المخصص للتوزيع × أقساط التأمين لكل مشترك



=



نصيب المشترك من الفائض



إجمالي أقساط التأمين



هذا بالإضافة إلى :-

حرصِ الشركةِ الشديد على تنظيم عِلاقةٍ جديدةٍ بينها وبين معيدي التأمين، تضمن بُعْدَها عن الحرام في تعاملاتِها المالية مع السعي الدؤوب لإيجاد شركاتِ إعادة تأمينٍ إسلامية بديلةٍ للشركات الأجنبية .



وشركات التأمين الإسلامية حديثة الوجود لا يزيد عمرها عن عشرين عاماً ، حيث أن أول شركة تأمين إسلامية أنشئت في السودان سنة 1979 يعني ما يزيد عن 25 عاماً  مما  أوجب إنشاء شركات إعادة تأمين.ولكن وجب على شركات التأمين الإسلامية أن تحذوَ حذونا وتعملَ كما عمِلْنا نحن في شركة التأمين الإسلامية .حيث إنه في السنة الأولى من عمر الشركة كانت نسبة احتفاظنا من الأخطار 10% بينما نعيد تأمين 90% ، حيث كان رأس مال الشركة آنذاك مليوني دينار أردني فقط.



ولكننا لم نلبث أن تمكنّا بالتدرج من إعادة تأمين 40% واحتفظنا ب 60%  من الأخطار بعد أن رفعنا رأس مال الشركة إلى أربعة ملايين ديناراً ستزداد إلى ثمانية ملايين ديناراً خلال عام 2007 حتى تتوافق مع متطلبات نظام الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين المختلطة والتي تزاول التأمينات العامة وتأمينات الحياة في الأردن ، وهذا بدوره ينعكس ايجاباً على ملاءتُنا المالية مما يزيد    في توسعة نشاط الشركة ، وكذلك أقساطُ التأمين لدينا وبهذا أصبحت الشركة بفضلٍ من الله     أكثر قوة وملاءة .

إن هناك هيئة رقابة شرعية لدى شركة التأمين الإسلامية ، تقوم بعملية الفحص والتدقيق الشرعي لمجموع أنشطة شركة التأمين ومن هذه الأنشطة، موضوع إعادة التأمين، فأي اتفاقية تبرمها شركة التأمين  يجب أن تُعرض على هيئة الرقابة الشرعية حيث تُنَقَّى من أية شوائب بالإضافة إلى عرض كل ما يستجد من أعمال تحتاج إلى رأي شرعي ناهيك عن قيامها بالتدقيق الشرعي على جميع نشاطات واستثمارات الشركة حيث يصدر عنها التقرير الشرعي السنوي لمواءمة أعمال ونشاطات الشركة لأحكام الشريعة الإسلامية.

وبذلك أرجو أن أكون قد وُفِّقْتُ في توضيح العِلاقات التي تربط بين جميع الأطراف في شركة التأمين الإسلامية وفي تحقيق الفصل بين حقوق المستأمنين وحقوق المساهمين وذلك ترسيخاً لمبدأ العدل والتكافل من جهة، وتشجيعاً لأصحاب رؤوس الأموال على المساهمة في هذه المشاريع الإسلامية مما يُعزز مكانة الاقتصاد الإسلامي ليأخذ دوره الريادي كبديل عن الاقتصاد التقليدي من جهة ثانية،  وإلى توضيح الفكرة والهدف من وراء إنشاء شركة التأمين الإسلامية، من جهةٍ أخرى.

تعليقات