ملخص مادة القانون الجنائي العام السداسي الثاني
محاضرات مادة القانون الجنائي العام السداسي الثاني
تعريف القانون الجنائي :
يقصد به مجموع من القواعد القانونية التي تحدد أفعال الإنسان التي تعتبرها جرائم لكونها تمس امن واستقرار المجتمع وتوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية ، أو بمعنى أخر مجموعة القواعد التي تهتم بتجريم فعل يلحق أضرار بالمجتمع ويحدد العقوبات المقررة لها وكما يحدد الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في تحريك الدعوة العمومية .
أقسام القانون الجنائي :
يشمل القانون الجنائي ضربين من القواعد :
أ - القواعد الموضوعية أو قانون الموضوع الذي يطبق على موضوع القضايا الجنائية ويقسم إلى قسمين :
+ القانون الجنائي العام الذي يهتم بالأحكام العامة المتعلقة بكل من الجريمة والمجرم والعقوبة والتدبير الوقائي والتي تطبق مبدئيا على كافة الجرائم .
+ القانون الجنائي الخاص: يتناول الأحكام المتعلقة بكل جريمة على حدة وبيان الجرائم المختلفة وهي عديدة ومتباينة وكذا العقوبات المطبقة عليها .
فهذا القسم من القانون الجنائي يعد تطبيقا للمبدأ الشهير " لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص سايق " حيث يتولى فيه المشرع تحديد التصرفات التي يعدها جرائم واحدا واحدا حتى يتيسر للمخاطب بأحكام القانون الجنائي ممارسة حياته بطمأنينة تامة .
ب- القواعد الشكلية :
أو ما يسميه المشرع المغربي بالمسطرة الجنائية لأنه يهتم بموضوع القضايا الجنائية بل فقط بالإجراءات الواجب اتخاذها منذ وقوع الجريمة إلى حيث صدور الحكم أي قواعد المسطرة الواجبة التطبيق من طرف الأجهزة المكلفة بالعدالة الجنائية .
وقواعد المسطرة الجنائية تعد ضرورية لأنها القواعد التي تضع القوانين الجنائية موضع التنفيذ . وتشمل المسطرة الجنائية القواعد المنظمة للبحث التمهيدي و القواعد المتابعة عن الجريمة والتحقق فيها ومسطر محاكمة مرتكبي الجريمة بالإضافة إلى إجراءات الطعن في الأحكام الجنائية .
طبيعة القانون الجنائي :
يعتبر القانون الجنائي من بين فروع القوانين التي يصعب تصنيفها ضمن فروع القانون العام أو ضمن فروع القانون الخاص وفي هذا الصدد هنالك إشكالية فقهية انقسمت إلى عدة اتجاهات في تحديد طبيعته :
+ اتجاه الأول :
يعتبر القانون الجنائي فرعا من فروع القانون العام نظرا لطبيعة قواعده التي تسهر على من الدولة الداخلي والخارجي والمرتبطة بحماية النظام العام حيث لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها كما أن الجريمة في نظر هذا الاتجاه لا تشكل اعتداء على المجني عليه فحسب بل تلحق أضرار بالمجتمع بكامله .
+ الاتجاه الثاني :
يرى بأن القانون الجنائي يندرج ضمن فروع القانون الخاص ما دامت معظم الجرائم التي يحددها تمثل عدوانا على المصالح الشخصية للأفراد كما هو الشأن في جرائم القتل والسرقة والنصب وخيانة الأمانة والإيذاء بمختلف صوره وبالتالي فهو يسهر على حماية الأفراد .
+ الاتجاه الثالث :
يرى بان القانون الجنائي فرع مستقل بذاته لأنه ينفرد عن غيره من فروع القوانين بتحديد موضوعي التجريم والعقاب كما أن في نطاق القانون الجنائي خطأ جسيم وفادح وبالتالي فهو يرتب جزاءات خطيرة وشديدة مقارنة بالجزاءات المترتبة عن مخالفة مقتضيات القوانين الأخرى .
علاقة القانون الجنائي بفروع القوانين الأخرى :
- على مستوى القانون الخاص :
تتجلى العلاقة التي يربطها القانون الجنائي بفروع القانون الخاص )ق المدني ق لتجاري ق الشغل ( في كون هذه الفروع القانونية تحدد جزاءات فير رادعة بما فيه الكفاية لاحترام مقتضيايها فادا كانت قواعد القانون المدني نتظلم حق الملكية فإن القانون الجنائي يحمي الاعتداء على هذا الحق بتجريم السرقة وغيرها من أشكال الاعتداء على الملكية وإذا كانت قواعد القانون التجاري تتولى تنظيم المعاملات التجارية فان القانون الجنائي يحرم الأفعال التي تمس بالحرية التجارية كتجريم المنافسة الغير المشروعة وإصدار شيك بدون رصيد ونفس الشيء بالنسبة لقانون الشغل حيث توجد العديد من النصوص الجنائية تحمي الطبقة الشغيلة كتجريم تشغيل القاصرين .
- على مستوى القانون العام :
فللقانون الجنائي علاقة بالقانون الدستوري فإذا كان هذا الأخير يتولى تحديد النظام السياسي للدولة والسلطات فيها ويبين حقوق وحريات المواطنين فان القانون الجنائي يحرم الاعتداء على نظام الدولة كتجريم المؤامرة والخيانة والتجسس كما انه يجرم الأفعال التي تعتبر مساسا بالحقوق والحريات الفردية المعترف بها لدستور حرية التجول حرية الرأي والتعبير .
وللقانون الجنائي أيضا صلة وثيقة بالقانون الإداري وهي جزاءات تشبه إلى حد ما الجزاءات الجنائية غير أنها تبقى جزاءات تأديبية ذات طبيعة معنوية كتوبيخ أندار أو مهنية كوقف الترقية وتخفيض الرتبة .
مفهوم الجريمة :
- الجريمة من زاوية علم الاجتماع يكون المقصود بها كل فعل ينبذه المجتمع ويستحق العقاب بغض النظر عن تأسيس عقوبة له في القانون .
- أما التعريف القانوني هو الذي أخذ به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من القانون الجنائي : ” الجريمة هي عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه ".
- أما التعريف الفقهي " الجريمة هي كل فعل أو امتناع صادر عن شخص قادر على التمييز يحدث اضطرابا اجتماعيا ويعاقب عليه التشريع الجنائي ".
أركان الجريمة :
يتوقف وجود الجريمة على توفر ثلاثة أركان أساسية تسمى بالأركان العامة للجريمة وهي كالتالي :
1 - الركن القانوني : ومعناه ضرورة وجود نص قانوني سابق يحدد نوع الجريمة والعقوبة المطبقة عليها فإذا انتفى النص القانوني ، فلا وجود للفعل الإجرامي ولا مبرر لإيقاع العقاب وهذا الركن يعبر عنه في التشريعات الجنائية الحديثة بمبدأ الجرائم والعقوبات .
* مضمون مبدأ شرعية التجريم والعقاب
هذا المبدأ هو ما يعبر عنه أحيانا بمبدأ " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" وهو يعني أن إي تصرف للفرد ولو أضر بالآخرين لا يعتبر جريمة إلا إذا نص القانون الجنائي على تجريمه وحدد له عقابا على المخالف وأصل هذا المبدأ في الشريعة الإسلامية قوله " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " .
ولأهمية هذا المبدأ فقد كرسه المشرع الجنائي المغربي في المادة الثالثة من القانون الجنائي "لايسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعتبر جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون ".
ويقضي مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي بأن تكون قواعد القانون الجنائي من مستوى القانون أي أن تصدر عن السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان بمقتضى 45 من الدستور المغربي وهو ما يؤكده الفصل 46 من الدستور الذي ينص صراحة في فقرته الثالثة على أن القانون يختص في " تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها المسطرة الجنائية " .
* الغاية من هذا المبدأ
الغاية من هذا المبدأ هي حماية الفرد من المشرع ومن القاضي فبمقتضى هذا المبدأ يتحتم على المشرع أن يحدد أفعال الإنسان التي يعتبرها جرائم والعقوبات المقررة لها فيكون الفرد بذلك على بنية من التصرفات التي يعاقب عليها القانون فيجتنبها ويسلم من العقاب .
وتظهر الغاية من المبدأ في حماية الفرد من القاضي وذلك بالحد من سلطته التحكمية في الميدان الجنائي فلا يكمن للقاضي أن يجرم أفعالا لم يجرمها القانون ولا يمكنه أن يعاقب بعقوبات لم يحددها القانون كذلك .
كما يرفع عن الأفراد ظلم السلطة التنفيذية التي لا يمكنها أن تعاقب عن أي فعل كان إلا بالعقوبة المحددة وبالضمانات التي قررها القانون .
* النتائج العامة المترتبة على المبدأ
يترتب على مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي ضرورة التقيد بثلاثة قواعد أساسية هما :
قاعدة عدم رجعية القانون الجنائي : مقتضى هذا المبدأ أن النص الجنائي لا يجوز أن يسري على الماضي وإنما على المستقبل فقط وبعبارة أخرى فإن قواعد القانون الجنائي لا تطبق على الأفعال التي ترتكب قبل الشروع في تطبيق القانون الذي ينص على تجريمها وبناءا على ذلك تلتزم المحكمة بتطبيق القانون الذي كان ساريا وقت ارتكاب الجريمة لا القانون النافذ وقت المحاكمة وهذا المبدأ يطبق فقط على قواعد الموضوع دون القواعد الشكلية أو الإجرائية .
* الاستثناء الواردة على المبدأ
يمكن أن تدخل على مبدأ عدم رجعية القوانين الاستثنائية التالية :
- القانون الاصلح للمتهم : هذا الاستثناء الهام من مبدأ "عدم رجعية القواعد الجنائية " كرسه المشرع المغربي في المادة 6 من القانون الجنائي التي جاء فيها " في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها يتعين تطبيق القانون الاصلح للمتهم " فإذا كان القانون الجديد هو الاصلح فن القاضي يطبقه على تلك الجريمة ولو انها ارتكبت قبل سريان مفعوله .
ولتطبيق هذا الاستثناء لابد من توفر شرطين :
ش 1- يلزم ان يكون النص الجنائي الجديد اصلح للمتهم من القديم : قد يتدخل المشرع المغربي بطرق مختلفة ليجعل من القانون الجديد قانونا اصلح كأن يزيل الصفة الاجرامية عن
فعل ما وأن ينزل به من درجة جنائية الى درجة جنحة وقد يعمد المشرع كذلك الى تخفيض عقوبة او تعويض عقوبة بعقوبة اخرى اقل شدة او تخفغيض مبلغ الغرامة وفي كل هذه الاحوال فإن القانون الجديد يطبق بأثر رجعي .
ش 2 - يلزم ألا يكون قد صدر حكم نهائي في موضوع الجريمة المرتكبة حتى يطبق عليها القانون الاصلح : والمقصود بالحكم النهائي هو الذي لا يكون قابلا لأي طعن عاديا كان ام استثنائيا .
وعلة هذا الاستثناء ان المشرع عندما يستبدل عقوبة اشد بعقوبة اخف او يقرر محو الجريمة او تغيير شروط التجريم فمعناه انه ادرك قساوة المقتضيات وعدم ملاءمتها لظروف الجتمع ولا مصلحة من الاستمرار في تطبيقها .
- التدابير الوقائية : اذا كان القانون قد منع تطبيق العقوبه التي يصد عنها قانون جديد بأتر رجعي على افعال ارتكبت في ظل قانون قديم ف 4 ما لم تمن اصلح للمتهم ف 6 فإنه على العكس من ذلك قد سمح بتطبيق التدابير الوقائية ياثر فوري ف 8 من قج .
وعلة هذا الاستثناء ان التدابير الوقائية لل تعد عقابا عن افعال وقعت وإنما هي مقررة لحماية المجتمع من الخطورة الاجرامية الكامنة في شخص المتهم وتهذف اساسا الى اصلاحه باعادة ادماجه في المجتمع وتهذيبه .
- القوانين المفسرة : يعمد المشرع المغربي في بعض الاحيان الى اصدار قوانين قديمة وتسمى قوانين مفسرة لذلك يجب تطبيقها بأثر رجعي على الحالات المعروضة على المحاكم والمطبق بشأنها النص الاصلي ما لم تكن هذه الحالات قد فصل فيها بحكم نهائي .
قاعدة اقليمية القوانين الجنائية :
يقصد بهذا المبدأ ان قانون الدولة هو الذي يطبق على كل الوقائع والافعال الاجرامية التي تقع داخلها وعلى كل الافراد المقيمين بها بغض النظر عن جنسيتهم سواء كانوا مواطينها او اجانب كما انه وفقا لهذا المبدأ فإن قانون الدولة لا يسري على مواطنبها الذين يوجدون خارج اقليمها لأنه سيصطدم بسيادة دولة اخرى .
الاسثتناءات الواردة على المبدأ :
هناك استثناءات ادخلها القانون الجنائي والمسطرة الجنائية على مبدأ الاقليمية ومن اهمها :
- الاخد بقواعد القانون الدولي العام الخاصة بالحصانة الدبلوماسية التي تقضي بتمتيع ممثلي الدولة الاجنبية المعتمدين رسميا بالمغرب بحصانة تجعلهم لا يخضعون للقانون المغربي بالنسبة للجرائم التي يرتكبونها فوق اقليمية ويخضعون لقوانين دولهم .
- حالة ارتكاب جرائم خارج اقليم الدولة اذا كان فيها مساس بأمن الدولة الداخلي او الخارجي كإرتكاب جناية حمل السلاح ضد المغرب اوتزييف نقود او اوزاق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية حيث يمتد اليها القانون المغربي حتى ولو ارتكبت خارج اقليم الدولة .
2 - الركن المادي : يعتبر الركن المادي أحد الأركان الأساسية التي تتحقق معها الجريمة، وهو النشاط المادي المجسد للفعل الإجرامي وهو يتحقق بارتكاب الجريمة تامة أو على الأقل تن تجري محاولة ارتكابها .
المطب الأول : الركن المادي في الجريمة التامة :
يتحقق الركن المادي في الجريمة التامة بتوافر ثلاثة عناصر أساسية نشاط إجرامي تحقيق نتيجة ضارة عن هذا النشاط وجود علاقة سببية بين هذا النشاط والنتيجة .
* نشاط إجرامي : لا تسمح قواعد القانون الجنائي، كقاعدة عامة بالتدخل قبل ارتكاب الجريمة لا يعاقب على مجرد الأفكار والنوايا الإجرامية إلا إذا تحولت إلى نشاط مادي ملموس هذا النشاط الذي يعتبر العنصر الأول في الركن المادي للجريمة أما أن يكون ايجابيا ( فهو عبارة عن فعل مادي يصدر من الشخص يتم بواسطة اليد كالضرب في جرائم القتل
والإيذاء عموما، أو الاختلاس في السرقة أو كتابة عبارات القذف والسب في جرائم القذف ) .
أما بالنسبة للنشاط السلبي فهو يتحقق بالامتناع أي بعدم القيام بما يوجب القانون القيام به في بعض الحالات ( كعدم التصريح بالولادة عدم الحضور للإدلاء بالشهادة عدو تقديم المساعدة لشخص في خطر انكارالعدالة ).
* نتيجة إجرامية : هي دلك الأثر المترتب عن نشاط الجاني ايجابيا كان أو سلبيا الذي يظهر في التغير الذي يحدث في العالم الخارجي، كّأثر ملازم لهذا النشاط، ففي جريمة القتل بنوعيه تكون النتيجة هي إزهاق روح الضحية، وفي جرائم الإيذاء بنوعيها عمديه وغير عمديه، تكون النتيجة هي ما أصاب المجني عليه من جراح أو كسور أو مرض،
وفي جرائم الاعتداء على الأموال ( سرقة النصب خيانة الأمانة ) والنتيجة هي فقدان حق الملكية - - .
وجود علاقة سببية بين الفعل والنتيجة : يعني أن يكون النشاط الإجرامي الفعل أو الامتناع هو السبب المباشر لصول النتيجة فإذا انتقلت العلاقة السببية وانعدمت الجريمة ويطرح هذا العنصر أشكالا كبيرا عندما تتضافر عدة أسباب أو تتابع فيما بينها، لكي تِؤِِدي إلى حصول نتيجة معينة مثال : شخص يضرب شخصا أخر فيموت هذا الشخص تم يتضح فيما بعد أنه كان مريضا فهل تعتبر الوفاة نتيجة للضرب أو المرض ؟ .
للايجابة عن هذا ا لسؤال اقترح الفقه 3 نظريات أساسية :
+ نظرية تكافؤ الأسباب : وتعني أن كل الأسباب تكون متكافئة فيما بينها وتوجد في نفس المرتبة أو بمعنى أخر فإن كل من يأتي نشاطات يكون من جملة الأسباب التي اسهمت في حدوث النتيجة إلا ويكون مسؤولا مسؤولية جنائية كاملة أخرى كانت أقوى أثرا في إحداث النتيجة ..
+ نظرية السبب المباشر : وتقضي هذه النظرية بأنه يجب إهمال الأسباب البعيدة من حيث الزمن والاحتفاظ فقط بالسبب القريب زمنيا أي السبب المباشر الذي تبعه حصول النتيجة، فحسب هذه النظرية الجاني لا يسأل عن نشاطه إلا إذا كانت النتيجة الحاصلة متصلة اتصالا مباشرا بهذا النشاط .
+ نظرية السببية الملائمة : وهي تقول بضرورة البحث من بين كل الأسباب البعيدة منها والقريبة، عن السبب الذي من شأنه أن يؤدي عادة وبحسب المجرى العادي والمألوف إلى حصول النتيجة ومعناه استبعاد الأسباب العارضة أو الثانوية التي لا يمكن أن تؤدي بحسب المجرى العادي للأمور لتحقق النتيجة ( المرض ).
+ المحاولة المحاولة : "هي الجريمة التي يبدل المجرم فيها كل ما في وسعه في سبيل الوصول إلى تحقيق النتيجة المقصودة دون أن يتأتى له ذلك نظرا لظروف خارجة عن إرادته ".
فهي إذن جريمة غير تامة لتخلف عنصر أساسي النتيجة الإجرامية ومع ذلك فالقانون ج م يعاقب عليها في حدود معينة .
1- النصوص المنظمة للمحاولة :
خص المشرع المغربي المحاولة بالفصول الآتية : ف 114 " كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى مهنا إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها، تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهدف الصفة " ف 115 " لا يعاقب على محاولة الجنحة إلا بمقتضى نص خاص في القانون " ف 117 " يعاقب على المحاولة حتى في الأحوال التي يكون الغرض فيها غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل ".
2- عناصر المحاولة :
* الشروع أو البدء في التنفيذ : ويعني أن المجرم يبدأ و يشرع في تنفيذ الركن المادي للجريمة بأي عمل يهدف إلى تحقيق نتيجتها، فلا محاولة إذن إذا لم يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة أو لم يأت أي عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة من ورائه إلى تحقيق جريمته .
* انعدام العدول الإرادي : هذا العنصر يعني توقف المجرم عن إتمام الركن المادي للجريمة بسبب ظروف لا دخلى لإرادة الجاني فيها.
فهناك ظرف أو مانع خارجي يتدخل فيحول دون إتمام التنفيذ. وذلك كأن يرى المجرم أثناء قيامه بفعلته رجال الشرطة مقبلين نحو مكان الحادث، فهذا عدول غير إرادي .
3- صور المحاولة :
* الجريمة الموقوفة : وهي التي تقف فيها أعمال التنفيذ لأسباب خارجية عن إرادة الجاني قبل أن يشغل ما أعده من الوسائل لاقتراف الجريمة كالقبض عليه، أو مقاومة المجني عليه، أو تدخل شخص من الغير لإنقاذه أو هروب الجاني لسبب من الأسباب خارجة عن إرادته .
* الجريمة الخائبة : هي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها الإجرامية دون عدول من الجاني أو تدخل لأي عامل أجنبي رغم أن الفاعل استنفذ كل الأنشطة التي اعتقد أنها سوف توصله إلى النتيجة التي أرادها. ومثال ذاك أن يريد شخص سرقة مال شخص آخر وعندما يضع يده في جيبه يجده فارغا من النقود .
* الجريمة المستحيلة : وهي الجريمة التي لا يمكن فيها أن تتحقق فيها النتيجة الإجرامية لأن ذلك مستحيل و محاولة إجهاض امرأة وهي غير حامل « غير ممكن و مثال ذلك "..
4- عقاب المحاولة :
محاولة الجناية : يعاقب عليها بالعقوبة المقررة للجناية التامة الفصل 114 محاولة الجنحة : يعاقب عليها إذا نص القانون صراحة على ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجنحة الفصل 115 .
محاولة المخالفة : غير معاقب عليها إطلاقا الفصل 116 . مثال: شخص وقف ليلا أمام متجر، فربما فعل ذلك لينظر إلى الملابس المعروضة داخل الواجهة الزجاجية للمتجر، أو ربما لسرقته .
فحارس الأمن لا يمكنه استفسار هذا الشخص عن وقوفه، ولكن إذا شرع في تكسير الواجهة الزجاجية، وجب آنذاك التدخل وإيقافه لأن محاولة الجريمة تحققت .
3- الركن المعنوي :
لا يكفي لتقرير المسؤولية الجنائية أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي ذو مظهر مادي بل لابد من توافر ركن معنوي الذي هو عبارة عن نية داخلية أو باطنية يضمرها الجاني في نفسه . و يتخذ الركن المعنوي إحدى صورتين أساسيتين : إمّا صورة الخطأ ألعمدي : أي القصد الجنائي ، و إمّا صورة الخطأ غير العمدي :أي الإهمال أو عدم الحيطة .
المطلب الأول : الخطأ الجنائي العمدي
عبارة عن توجيه الإرادة فعلا إلى تحقيق واقعية إجرامية معينة مع العلم بحقيقة تلك الواقعة وبأن القانون يجرمها، ولتحقيق هذا القصد الجنائي لا بد من توافر شرطين أساسين :
+ توجيه الإرادة إلى تنفيذ الواقعة الإجرامية : إذا لم يعتمد الجاني تنفيذ الواقعة المكونة للجريمة لا يتوفر القصد الجنائي، كمن يسوق سيارته بسرعة مفرطة مخالفا بذلك قانون السير فيصدم أحد المارة ويرديه قتيلا، لا يتوافر عنده القصد الجنائي، كقاتل عمد لأنه لم يوجه إرادته إلى تحصيل النتيجة التي هي إزهاق روح أحد المارة . وعكس دلك في حالة إذا ما تربص شخص بأحد له عداوة به فأطلق عليه النار، مما أدى إلى قتله وبذلك توافر لديه القصد الجنائي .
+ العلم بحقيقة الواقعة الإجرامية من حيث الواقع : يتوجب على الجاني أن يكون عالما بتلك الواقعة تمام العلم ومحيطا بها إحاطة تامة، وينتفي العلم بالواقعة الإجرامية كما عرفها القانون بالجهل أو الغلط، يقصد بجهل واقعة ما انعدام العلم بحقيقتها أما الغلط فيها فيعني فهمها على نحو مخالف لحقيقتها، كجهل الموثق الذي يتلقى معلومات غير صحيحة من المتعاقدين فيكتبها وهو
يجهل زوريتها فلا يؤاخد بجريمة التزوير . ومثال الغلط في الواقعة أن يأخذ المسافرين في قطار الحقيبة العائدة لشخص أخر معتقدا أنها له، فلا يعد سارقا لوقوعه في غلط جوهري في صفة الحقيبة وهو غلط في الواقع .
المطلب الثاني : الخطأ الجنائي غير العمدي في الجرائم غير العمدية
يشترط في الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية توافر فقط سلوك خاطئ يأتيه الفاعل عن إرادة ولكن دون استهداف لنتيجة الجريمة التي قد تترتب عن هذا السلوك . ويتضمن القانون ج م مجموعة من النصوص التي تقرر العقاب على أساس الخطأ الجنائي الغير العمدي تحتوي على تعابير مختلفة منها .
صور الخطأ غير العمدي :
- عدم التبصر : وهو خطأ يرتكب في الغالب من طرف بعض الفننين كالاطباءوالصيادلة والرياضيين، في كل حالة يتسببون في جريمة نتيجة جهلهم بقواعد فنهم أو حرفتهم التي لا يجوز لمثلهم جهلها أو عدم القيام بها كما هو متطلب.
كالطبيب الذي يجهض المرأة وهي في حالة صحية لا تسمح لها بذلك .
- عدم الاحتياط : و يقصد به الخطأ الذي ينطوي على نشاط إيجابي من الجاني ، و هذا الخطأ الذي يدرك فيه الجاني طبيعة عمله و ما قد يترتب عليه من نتائج ضارة ، كقيادة السيارة بسرعة زائدة في شارع مزدحم بالمارة يفضى إلى قتل أو جرح أحدهم .
- الإهمال وعدم الانتباه : ينصرف معنى الإهمال و عدم الانتباه لتقاربهما في المعنى إلى الخطأ الذي ينطوي عليه نشاط سلبي ترك أو امتناع يتمثل في إغفال الفاعل اتخاذ الحيطة التي يوجبها الحذر ، و الذي لو أتخذه لما وقعت النتيجة . كأن يتسبب الشخص في قتل إنسان أو جرحه بإهماله . -الرعونة : يقصد بالرعونة سوء التقدير ، وقد تتجسد الرعونة في واقعة مادية تنطوي على خفة و سوء تصرف كأن يطلق الشخص النار ليصيد طير فيصيب أحد المارة ، وقد يتجسد في واقعة معنوية تنطوي على جهل و عدم كفاءة كالخطأ في تصميم بناء يرتكبه مهندس ، فيتسبب في سقوط البناء و موت شخص .
- عدم مراعاة النظم أو القوانين : يقصد به عدم تنصيب الأنظمة المقررة على النحو المطلوب، أي مخالفة كل ما تصدره جهات الإدارة المختلفة من تعليمات لحفظ النظام و الأمن و الصحة في صورة قوانين أو لوائح أو منشورات . المجرم من حيث دوره المادي في الجريمة قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويتم التمييز على هذا الأساس بين 3 أنواع من المجرمين الفاعل الأصلي والمساهم والفاعل المعنوي المشارك :
* الفاعل الأصلي والمساهم : لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول : ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها ”. ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة .
* الفاعل المعنوي : ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه : ” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص ”. فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان .
2- المشارك : إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع
الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين .
* الأفعال المكونة للمشاركة :
تنطرق المشرع المغربي إلى للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الأفعال التي تتحقق بها المشاركة وهي :
- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛
- قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك .
- تساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك .
- تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي .
* شروط تحقق المشاركة :
لتحقق المشاركة في الجريمة لابد من توفر شروط يحددها الفقه فيما يلي :
- ضرورة ارتباط المشاركة بفعل رئيسي معاقب عليه .
- جود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة .
- ضرورة توافر النية الإجرامية عند المشارك .
- وجود علاقة سببية بين فعل المشارك وبين تنفيذ الجريمة .
* عقاب المشاركة
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن: ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها . أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة .
+ المسؤولية الجنائية
1- مفهومها : هي الإلتزام بتحمل الآثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، و موضوع هذا الإلتزام هو فرض عقوبة أو تدبير إحترازي، حددهما المشرع في حالة قيام مسؤولية أي شخص. و يعني هذا التعريف أن المسؤولية ليست ركن من أركان الجريمة ولا تدخل في تكوينها القانوني، و إنما هي الأثر المترتب عن تحقيق كل عناصر الجريمة، حيث تؤدي عند ثبوت أركان الجريمة إلى خضوع الجاني للجزاء الذي يقرره القانون و ذلك بموجب حكم قضائي .
2- أساس المسؤولية الجنائية : إن تحقق المسؤولية ا لجنائية في حق الفاعل يستلزم توقيع الجزاء ، وعندما تتقرر مسؤولية الفاعل عن الجريمة فمعنى ذلك أن المسؤولية إستندت إلى أساس خاص يبرر مشروعية الجزاء تبعا لهذه المسؤولية ولقد اختلف الفقه في تحديد أساس المسؤولية الجنائية بحسب المدارس العقابية المتبعة :
* المدرسة التقليدية : مفاد هذه النظرية أن الإنسان يملك حرية التصرف في أعماله، ويستطيع أن يختار الطريق الذي يريده من بين شتى الطرق التي تعرض عليه، دون أن يكون مجبرا على إتباع طريق معين، فإذا سلك طريق الجريمة بمحض إختياره أين كان يسعه ألا يرتكبها، فإنه يكون مسؤولا عنها . وعلى هذا فالجريمة هي وليدة إرادة الفاعل الحرة، ويكون أساس المسؤولية الجنائية تبعا لذلك هو المسؤولية الأدبية أو الأخلاقية .
* المدرسة الوضعية : إنتقدت هذه المدرسة الرأي السابق القائل بحرية الإختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، كون أن ذلك يؤدي إلى حصر المسؤولية في نطاق ضيق، فأساس هذا المذهب أن سلوك الإنسان لا يعد و أن يكون نتيجة حتمية بحكم خضوعه لمجموعة من الظروف والعوامل التي تفرض عليه هذا السلوك . وعليه فالإنسان لم يختر الجريمة بمحض إرادته، وإنما هي نتيجة حتمية تعود إلى مجموعة من الظروف قد تكون ظروف كامنة فيه، أو ظروف إجتماعية والتي تحيط به .
3- موانع المسؤولية الجنائية : حسب الفصل 134 من القانون الجنائي فإن الأسباب الشخصية التي تعدم الإدراك والتميز لدى الشخص هي : الخلل العقلي والضعف العقلي+ قصور الجنائي + بعض الظروف التي يجد الشخص نفسه فيها كحالة السكر الاضطراري .
* العاهات العقلية : لقد ميز المشرع المغربي بين حالة الخلل العقلي الذي اعتبره مانعا من الموانع الكلية للمسؤولية الجنائية وبين حالة الضعف العقلي الذي اعتبره سببا من أسباب تخفيفها فقط . وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 134 ق.ج على أنه: " لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه،في حالة يستحيل عليه معها الإدراك، أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية ".
- وفي الجنايات والجنح يحكم بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المقررة في الفصل 76 من ق,ج .
- أما في مواد المخالفات فإن الشخص الذي يحكم بإعفائه إذا كان خطرا على النظام العام يسلم إلى السلطة الإدارية .
- أما الفصل 135 من ق.ج فينص على مفهوم المسؤولية الجنائية الناقصة وعلى تخفيف العقوبة، وهكذا يشير الفصل المذكور إلى " تكون مسؤولية لشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي تنقيص مسئوليته جزئيا " .
- وفي الجنايات والجنح تطبق على الجاني العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 78 ق.ج . أما في المخالفات فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية ". وهكذا نجد أن المشرع المغربي قد تخلى عن مسؤولية المجنون لأن المسؤولية الجنائية تفرض الإدراك والإرادة وحرية التصرف،وهذا يتنافى مع حالة المجنون والمعتوه .
* حالة صغر السن :
+ حالة الصغير الذي لم يبلغ 12 سنة :
( الفصل 138 من ق.ج ) إذا ارتكب الصبي الجريمة ولم يتجاوز عمره هذا السن ، فإن مسئوليته الجنائية تنعدم بصفة مطلقة لأنه يكون غير آهل لها، وبالتالي يجب الحكم بإعفائه من العقوبة. وإذا كان إجرامه لا يحول دون ذلك فيمكن الحكم عليه بأحد التدابير كالحماية أو التهذيب المنصوص عليهما في الفصل 516 من قانون م.ج،
+ حالة الصغير في سن 12 ولم يصل بعد إلى 18 سنة :
ذهب الفصل 139 من ق . ج إلى التعبير : " الصغير الذي أتم 12 عاما ولم يصل إلى 18 تعتبر مسؤوليته ناقصة." فمفهوم هذا النص هو أن الصغير في هذه السن يعتبر مسؤولا عن الأفعال التي يرتكبها لكن مسؤوليته تبقى ناقصة أو مخففة وذلك بسبب عدم اكتمال تمييزه وتمتعه بصغر السن . إلا أن القاضي له الخيار في أن يحكم عليه بأحد تدابير الحماية والتهذيب الواردة في الفصل 516 ق.م.ج .
* السكر الغير الاختياري : الفصل 137 ق.ج ينص على أنه :" السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشيء عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها. ويجوز وضع المجرم في مؤسسة علاجية طبقا لأحكام الفصلين 80 و 81 من ق.ج ." وبهذا يكون القانون الجنائي صريحا بالنسبة لأحوال السكر والفزع والجرائم العاطفية والجرائم التي تنتج عن تناول مواد مخدرة عمدا.
لكن وبعد قراءة هذا الفصل نجد أن المشرع لم يتعرض صراحة إلى السكر غير الاختياري كمانع من موانع المسؤولية، لكن باستعمالنا لقاعدة مفهوم المخالفة لنص الفصل 137 نجد أن المشرع المغربي جعل من حالة السكر غير الإختياري مانعا من موانع المسؤولية . و نشير أن الفصل 137 سمح في حالة السكر الاختياري بوضع مجرم وضعا قضائيا في مؤسسة للعلاج
بمقتضى حكم صادر عن قضاء الحكم .
يقصد به مجموع من القواعد القانونية التي تحدد أفعال الإنسان التي تعتبرها جرائم لكونها تمس امن واستقرار المجتمع وتوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية ، أو بمعنى أخر مجموعة القواعد التي تهتم بتجريم فعل يلحق أضرار بالمجتمع ويحدد العقوبات المقررة لها وكما يحدد الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في تحريك الدعوة العمومية .
أقسام القانون الجنائي :
يشمل القانون الجنائي ضربين من القواعد :
أ - القواعد الموضوعية أو قانون الموضوع الذي يطبق على موضوع القضايا الجنائية ويقسم إلى قسمين :
+ القانون الجنائي العام الذي يهتم بالأحكام العامة المتعلقة بكل من الجريمة والمجرم والعقوبة والتدبير الوقائي والتي تطبق مبدئيا على كافة الجرائم .
+ القانون الجنائي الخاص: يتناول الأحكام المتعلقة بكل جريمة على حدة وبيان الجرائم المختلفة وهي عديدة ومتباينة وكذا العقوبات المطبقة عليها .
فهذا القسم من القانون الجنائي يعد تطبيقا للمبدأ الشهير " لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص سايق " حيث يتولى فيه المشرع تحديد التصرفات التي يعدها جرائم واحدا واحدا حتى يتيسر للمخاطب بأحكام القانون الجنائي ممارسة حياته بطمأنينة تامة .
ب- القواعد الشكلية :
أو ما يسميه المشرع المغربي بالمسطرة الجنائية لأنه يهتم بموضوع القضايا الجنائية بل فقط بالإجراءات الواجب اتخاذها منذ وقوع الجريمة إلى حيث صدور الحكم أي قواعد المسطرة الواجبة التطبيق من طرف الأجهزة المكلفة بالعدالة الجنائية .
وقواعد المسطرة الجنائية تعد ضرورية لأنها القواعد التي تضع القوانين الجنائية موضع التنفيذ . وتشمل المسطرة الجنائية القواعد المنظمة للبحث التمهيدي و القواعد المتابعة عن الجريمة والتحقق فيها ومسطر محاكمة مرتكبي الجريمة بالإضافة إلى إجراءات الطعن في الأحكام الجنائية .
طبيعة القانون الجنائي :
يعتبر القانون الجنائي من بين فروع القوانين التي يصعب تصنيفها ضمن فروع القانون العام أو ضمن فروع القانون الخاص وفي هذا الصدد هنالك إشكالية فقهية انقسمت إلى عدة اتجاهات في تحديد طبيعته :
+ اتجاه الأول :
يعتبر القانون الجنائي فرعا من فروع القانون العام نظرا لطبيعة قواعده التي تسهر على من الدولة الداخلي والخارجي والمرتبطة بحماية النظام العام حيث لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها كما أن الجريمة في نظر هذا الاتجاه لا تشكل اعتداء على المجني عليه فحسب بل تلحق أضرار بالمجتمع بكامله .
+ الاتجاه الثاني :
يرى بأن القانون الجنائي يندرج ضمن فروع القانون الخاص ما دامت معظم الجرائم التي يحددها تمثل عدوانا على المصالح الشخصية للأفراد كما هو الشأن في جرائم القتل والسرقة والنصب وخيانة الأمانة والإيذاء بمختلف صوره وبالتالي فهو يسهر على حماية الأفراد .
+ الاتجاه الثالث :
يرى بان القانون الجنائي فرع مستقل بذاته لأنه ينفرد عن غيره من فروع القوانين بتحديد موضوعي التجريم والعقاب كما أن في نطاق القانون الجنائي خطأ جسيم وفادح وبالتالي فهو يرتب جزاءات خطيرة وشديدة مقارنة بالجزاءات المترتبة عن مخالفة مقتضيات القوانين الأخرى .
علاقة القانون الجنائي بفروع القوانين الأخرى :
- على مستوى القانون الخاص :
تتجلى العلاقة التي يربطها القانون الجنائي بفروع القانون الخاص )ق المدني ق لتجاري ق الشغل ( في كون هذه الفروع القانونية تحدد جزاءات فير رادعة بما فيه الكفاية لاحترام مقتضيايها فادا كانت قواعد القانون المدني نتظلم حق الملكية فإن القانون الجنائي يحمي الاعتداء على هذا الحق بتجريم السرقة وغيرها من أشكال الاعتداء على الملكية وإذا كانت قواعد القانون التجاري تتولى تنظيم المعاملات التجارية فان القانون الجنائي يحرم الأفعال التي تمس بالحرية التجارية كتجريم المنافسة الغير المشروعة وإصدار شيك بدون رصيد ونفس الشيء بالنسبة لقانون الشغل حيث توجد العديد من النصوص الجنائية تحمي الطبقة الشغيلة كتجريم تشغيل القاصرين .
- على مستوى القانون العام :
فللقانون الجنائي علاقة بالقانون الدستوري فإذا كان هذا الأخير يتولى تحديد النظام السياسي للدولة والسلطات فيها ويبين حقوق وحريات المواطنين فان القانون الجنائي يحرم الاعتداء على نظام الدولة كتجريم المؤامرة والخيانة والتجسس كما انه يجرم الأفعال التي تعتبر مساسا بالحقوق والحريات الفردية المعترف بها لدستور حرية التجول حرية الرأي والتعبير .
وللقانون الجنائي أيضا صلة وثيقة بالقانون الإداري وهي جزاءات تشبه إلى حد ما الجزاءات الجنائية غير أنها تبقى جزاءات تأديبية ذات طبيعة معنوية كتوبيخ أندار أو مهنية كوقف الترقية وتخفيض الرتبة .
مفهوم الجريمة :
- الجريمة من زاوية علم الاجتماع يكون المقصود بها كل فعل ينبذه المجتمع ويستحق العقاب بغض النظر عن تأسيس عقوبة له في القانون .
- أما التعريف القانوني هو الذي أخذ به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من القانون الجنائي : ” الجريمة هي عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه ".
- أما التعريف الفقهي " الجريمة هي كل فعل أو امتناع صادر عن شخص قادر على التمييز يحدث اضطرابا اجتماعيا ويعاقب عليه التشريع الجنائي ".
أركان الجريمة :
يتوقف وجود الجريمة على توفر ثلاثة أركان أساسية تسمى بالأركان العامة للجريمة وهي كالتالي :
1 - الركن القانوني : ومعناه ضرورة وجود نص قانوني سابق يحدد نوع الجريمة والعقوبة المطبقة عليها فإذا انتفى النص القانوني ، فلا وجود للفعل الإجرامي ولا مبرر لإيقاع العقاب وهذا الركن يعبر عنه في التشريعات الجنائية الحديثة بمبدأ الجرائم والعقوبات .
* مضمون مبدأ شرعية التجريم والعقاب
هذا المبدأ هو ما يعبر عنه أحيانا بمبدأ " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" وهو يعني أن إي تصرف للفرد ولو أضر بالآخرين لا يعتبر جريمة إلا إذا نص القانون الجنائي على تجريمه وحدد له عقابا على المخالف وأصل هذا المبدأ في الشريعة الإسلامية قوله " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " .
ولأهمية هذا المبدأ فقد كرسه المشرع الجنائي المغربي في المادة الثالثة من القانون الجنائي "لايسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعتبر جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون ".
ويقضي مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي بأن تكون قواعد القانون الجنائي من مستوى القانون أي أن تصدر عن السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان بمقتضى 45 من الدستور المغربي وهو ما يؤكده الفصل 46 من الدستور الذي ينص صراحة في فقرته الثالثة على أن القانون يختص في " تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها المسطرة الجنائية " .
* الغاية من هذا المبدأ
الغاية من هذا المبدأ هي حماية الفرد من المشرع ومن القاضي فبمقتضى هذا المبدأ يتحتم على المشرع أن يحدد أفعال الإنسان التي يعتبرها جرائم والعقوبات المقررة لها فيكون الفرد بذلك على بنية من التصرفات التي يعاقب عليها القانون فيجتنبها ويسلم من العقاب .
وتظهر الغاية من المبدأ في حماية الفرد من القاضي وذلك بالحد من سلطته التحكمية في الميدان الجنائي فلا يكمن للقاضي أن يجرم أفعالا لم يجرمها القانون ولا يمكنه أن يعاقب بعقوبات لم يحددها القانون كذلك .
كما يرفع عن الأفراد ظلم السلطة التنفيذية التي لا يمكنها أن تعاقب عن أي فعل كان إلا بالعقوبة المحددة وبالضمانات التي قررها القانون .
* النتائج العامة المترتبة على المبدأ
يترتب على مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي ضرورة التقيد بثلاثة قواعد أساسية هما :
قاعدة عدم رجعية القانون الجنائي : مقتضى هذا المبدأ أن النص الجنائي لا يجوز أن يسري على الماضي وإنما على المستقبل فقط وبعبارة أخرى فإن قواعد القانون الجنائي لا تطبق على الأفعال التي ترتكب قبل الشروع في تطبيق القانون الذي ينص على تجريمها وبناءا على ذلك تلتزم المحكمة بتطبيق القانون الذي كان ساريا وقت ارتكاب الجريمة لا القانون النافذ وقت المحاكمة وهذا المبدأ يطبق فقط على قواعد الموضوع دون القواعد الشكلية أو الإجرائية .
* الاستثناء الواردة على المبدأ
يمكن أن تدخل على مبدأ عدم رجعية القوانين الاستثنائية التالية :
- القانون الاصلح للمتهم : هذا الاستثناء الهام من مبدأ "عدم رجعية القواعد الجنائية " كرسه المشرع المغربي في المادة 6 من القانون الجنائي التي جاء فيها " في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها يتعين تطبيق القانون الاصلح للمتهم " فإذا كان القانون الجديد هو الاصلح فن القاضي يطبقه على تلك الجريمة ولو انها ارتكبت قبل سريان مفعوله .
ولتطبيق هذا الاستثناء لابد من توفر شرطين :
ش 1- يلزم ان يكون النص الجنائي الجديد اصلح للمتهم من القديم : قد يتدخل المشرع المغربي بطرق مختلفة ليجعل من القانون الجديد قانونا اصلح كأن يزيل الصفة الاجرامية عن
فعل ما وأن ينزل به من درجة جنائية الى درجة جنحة وقد يعمد المشرع كذلك الى تخفيض عقوبة او تعويض عقوبة بعقوبة اخرى اقل شدة او تخفغيض مبلغ الغرامة وفي كل هذه الاحوال فإن القانون الجديد يطبق بأثر رجعي .
ش 2 - يلزم ألا يكون قد صدر حكم نهائي في موضوع الجريمة المرتكبة حتى يطبق عليها القانون الاصلح : والمقصود بالحكم النهائي هو الذي لا يكون قابلا لأي طعن عاديا كان ام استثنائيا .
وعلة هذا الاستثناء ان المشرع عندما يستبدل عقوبة اشد بعقوبة اخف او يقرر محو الجريمة او تغيير شروط التجريم فمعناه انه ادرك قساوة المقتضيات وعدم ملاءمتها لظروف الجتمع ولا مصلحة من الاستمرار في تطبيقها .
- التدابير الوقائية : اذا كان القانون قد منع تطبيق العقوبه التي يصد عنها قانون جديد بأتر رجعي على افعال ارتكبت في ظل قانون قديم ف 4 ما لم تمن اصلح للمتهم ف 6 فإنه على العكس من ذلك قد سمح بتطبيق التدابير الوقائية ياثر فوري ف 8 من قج .
وعلة هذا الاستثناء ان التدابير الوقائية لل تعد عقابا عن افعال وقعت وإنما هي مقررة لحماية المجتمع من الخطورة الاجرامية الكامنة في شخص المتهم وتهذف اساسا الى اصلاحه باعادة ادماجه في المجتمع وتهذيبه .
- القوانين المفسرة : يعمد المشرع المغربي في بعض الاحيان الى اصدار قوانين قديمة وتسمى قوانين مفسرة لذلك يجب تطبيقها بأثر رجعي على الحالات المعروضة على المحاكم والمطبق بشأنها النص الاصلي ما لم تكن هذه الحالات قد فصل فيها بحكم نهائي .
قاعدة اقليمية القوانين الجنائية :
يقصد بهذا المبدأ ان قانون الدولة هو الذي يطبق على كل الوقائع والافعال الاجرامية التي تقع داخلها وعلى كل الافراد المقيمين بها بغض النظر عن جنسيتهم سواء كانوا مواطينها او اجانب كما انه وفقا لهذا المبدأ فإن قانون الدولة لا يسري على مواطنبها الذين يوجدون خارج اقليمها لأنه سيصطدم بسيادة دولة اخرى .
الاسثتناءات الواردة على المبدأ :
هناك استثناءات ادخلها القانون الجنائي والمسطرة الجنائية على مبدأ الاقليمية ومن اهمها :
- الاخد بقواعد القانون الدولي العام الخاصة بالحصانة الدبلوماسية التي تقضي بتمتيع ممثلي الدولة الاجنبية المعتمدين رسميا بالمغرب بحصانة تجعلهم لا يخضعون للقانون المغربي بالنسبة للجرائم التي يرتكبونها فوق اقليمية ويخضعون لقوانين دولهم .
- حالة ارتكاب جرائم خارج اقليم الدولة اذا كان فيها مساس بأمن الدولة الداخلي او الخارجي كإرتكاب جناية حمل السلاح ضد المغرب اوتزييف نقود او اوزاق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية حيث يمتد اليها القانون المغربي حتى ولو ارتكبت خارج اقليم الدولة .
2 - الركن المادي : يعتبر الركن المادي أحد الأركان الأساسية التي تتحقق معها الجريمة، وهو النشاط المادي المجسد للفعل الإجرامي وهو يتحقق بارتكاب الجريمة تامة أو على الأقل تن تجري محاولة ارتكابها .
المطب الأول : الركن المادي في الجريمة التامة :
يتحقق الركن المادي في الجريمة التامة بتوافر ثلاثة عناصر أساسية نشاط إجرامي تحقيق نتيجة ضارة عن هذا النشاط وجود علاقة سببية بين هذا النشاط والنتيجة .
* نشاط إجرامي : لا تسمح قواعد القانون الجنائي، كقاعدة عامة بالتدخل قبل ارتكاب الجريمة لا يعاقب على مجرد الأفكار والنوايا الإجرامية إلا إذا تحولت إلى نشاط مادي ملموس هذا النشاط الذي يعتبر العنصر الأول في الركن المادي للجريمة أما أن يكون ايجابيا ( فهو عبارة عن فعل مادي يصدر من الشخص يتم بواسطة اليد كالضرب في جرائم القتل
والإيذاء عموما، أو الاختلاس في السرقة أو كتابة عبارات القذف والسب في جرائم القذف ) .
أما بالنسبة للنشاط السلبي فهو يتحقق بالامتناع أي بعدم القيام بما يوجب القانون القيام به في بعض الحالات ( كعدم التصريح بالولادة عدم الحضور للإدلاء بالشهادة عدو تقديم المساعدة لشخص في خطر انكارالعدالة ).
* نتيجة إجرامية : هي دلك الأثر المترتب عن نشاط الجاني ايجابيا كان أو سلبيا الذي يظهر في التغير الذي يحدث في العالم الخارجي، كّأثر ملازم لهذا النشاط، ففي جريمة القتل بنوعيه تكون النتيجة هي إزهاق روح الضحية، وفي جرائم الإيذاء بنوعيها عمديه وغير عمديه، تكون النتيجة هي ما أصاب المجني عليه من جراح أو كسور أو مرض،
وفي جرائم الاعتداء على الأموال ( سرقة النصب خيانة الأمانة ) والنتيجة هي فقدان حق الملكية - - .
وجود علاقة سببية بين الفعل والنتيجة : يعني أن يكون النشاط الإجرامي الفعل أو الامتناع هو السبب المباشر لصول النتيجة فإذا انتقلت العلاقة السببية وانعدمت الجريمة ويطرح هذا العنصر أشكالا كبيرا عندما تتضافر عدة أسباب أو تتابع فيما بينها، لكي تِؤِِدي إلى حصول نتيجة معينة مثال : شخص يضرب شخصا أخر فيموت هذا الشخص تم يتضح فيما بعد أنه كان مريضا فهل تعتبر الوفاة نتيجة للضرب أو المرض ؟ .
للايجابة عن هذا ا لسؤال اقترح الفقه 3 نظريات أساسية :
+ نظرية تكافؤ الأسباب : وتعني أن كل الأسباب تكون متكافئة فيما بينها وتوجد في نفس المرتبة أو بمعنى أخر فإن كل من يأتي نشاطات يكون من جملة الأسباب التي اسهمت في حدوث النتيجة إلا ويكون مسؤولا مسؤولية جنائية كاملة أخرى كانت أقوى أثرا في إحداث النتيجة ..
+ نظرية السبب المباشر : وتقضي هذه النظرية بأنه يجب إهمال الأسباب البعيدة من حيث الزمن والاحتفاظ فقط بالسبب القريب زمنيا أي السبب المباشر الذي تبعه حصول النتيجة، فحسب هذه النظرية الجاني لا يسأل عن نشاطه إلا إذا كانت النتيجة الحاصلة متصلة اتصالا مباشرا بهذا النشاط .
+ نظرية السببية الملائمة : وهي تقول بضرورة البحث من بين كل الأسباب البعيدة منها والقريبة، عن السبب الذي من شأنه أن يؤدي عادة وبحسب المجرى العادي والمألوف إلى حصول النتيجة ومعناه استبعاد الأسباب العارضة أو الثانوية التي لا يمكن أن تؤدي بحسب المجرى العادي للأمور لتحقق النتيجة ( المرض ).
+ المحاولة المحاولة : "هي الجريمة التي يبدل المجرم فيها كل ما في وسعه في سبيل الوصول إلى تحقيق النتيجة المقصودة دون أن يتأتى له ذلك نظرا لظروف خارجة عن إرادته ".
فهي إذن جريمة غير تامة لتخلف عنصر أساسي النتيجة الإجرامية ومع ذلك فالقانون ج م يعاقب عليها في حدود معينة .
1- النصوص المنظمة للمحاولة :
خص المشرع المغربي المحاولة بالفصول الآتية : ف 114 " كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى مهنا إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها، تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهدف الصفة " ف 115 " لا يعاقب على محاولة الجنحة إلا بمقتضى نص خاص في القانون " ف 117 " يعاقب على المحاولة حتى في الأحوال التي يكون الغرض فيها غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل ".
2- عناصر المحاولة :
* الشروع أو البدء في التنفيذ : ويعني أن المجرم يبدأ و يشرع في تنفيذ الركن المادي للجريمة بأي عمل يهدف إلى تحقيق نتيجتها، فلا محاولة إذن إذا لم يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة أو لم يأت أي عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة من ورائه إلى تحقيق جريمته .
* انعدام العدول الإرادي : هذا العنصر يعني توقف المجرم عن إتمام الركن المادي للجريمة بسبب ظروف لا دخلى لإرادة الجاني فيها.
فهناك ظرف أو مانع خارجي يتدخل فيحول دون إتمام التنفيذ. وذلك كأن يرى المجرم أثناء قيامه بفعلته رجال الشرطة مقبلين نحو مكان الحادث، فهذا عدول غير إرادي .
3- صور المحاولة :
* الجريمة الموقوفة : وهي التي تقف فيها أعمال التنفيذ لأسباب خارجية عن إرادة الجاني قبل أن يشغل ما أعده من الوسائل لاقتراف الجريمة كالقبض عليه، أو مقاومة المجني عليه، أو تدخل شخص من الغير لإنقاذه أو هروب الجاني لسبب من الأسباب خارجة عن إرادته .
* الجريمة الخائبة : هي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها الإجرامية دون عدول من الجاني أو تدخل لأي عامل أجنبي رغم أن الفاعل استنفذ كل الأنشطة التي اعتقد أنها سوف توصله إلى النتيجة التي أرادها. ومثال ذاك أن يريد شخص سرقة مال شخص آخر وعندما يضع يده في جيبه يجده فارغا من النقود .
* الجريمة المستحيلة : وهي الجريمة التي لا يمكن فيها أن تتحقق فيها النتيجة الإجرامية لأن ذلك مستحيل و محاولة إجهاض امرأة وهي غير حامل « غير ممكن و مثال ذلك "..
4- عقاب المحاولة :
محاولة الجناية : يعاقب عليها بالعقوبة المقررة للجناية التامة الفصل 114 محاولة الجنحة : يعاقب عليها إذا نص القانون صراحة على ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجنحة الفصل 115 .
محاولة المخالفة : غير معاقب عليها إطلاقا الفصل 116 . مثال: شخص وقف ليلا أمام متجر، فربما فعل ذلك لينظر إلى الملابس المعروضة داخل الواجهة الزجاجية للمتجر، أو ربما لسرقته .
فحارس الأمن لا يمكنه استفسار هذا الشخص عن وقوفه، ولكن إذا شرع في تكسير الواجهة الزجاجية، وجب آنذاك التدخل وإيقافه لأن محاولة الجريمة تحققت .
3- الركن المعنوي :
لا يكفي لتقرير المسؤولية الجنائية أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي ذو مظهر مادي بل لابد من توافر ركن معنوي الذي هو عبارة عن نية داخلية أو باطنية يضمرها الجاني في نفسه . و يتخذ الركن المعنوي إحدى صورتين أساسيتين : إمّا صورة الخطأ ألعمدي : أي القصد الجنائي ، و إمّا صورة الخطأ غير العمدي :أي الإهمال أو عدم الحيطة .
المطلب الأول : الخطأ الجنائي العمدي
عبارة عن توجيه الإرادة فعلا إلى تحقيق واقعية إجرامية معينة مع العلم بحقيقة تلك الواقعة وبأن القانون يجرمها، ولتحقيق هذا القصد الجنائي لا بد من توافر شرطين أساسين :
+ توجيه الإرادة إلى تنفيذ الواقعة الإجرامية : إذا لم يعتمد الجاني تنفيذ الواقعة المكونة للجريمة لا يتوفر القصد الجنائي، كمن يسوق سيارته بسرعة مفرطة مخالفا بذلك قانون السير فيصدم أحد المارة ويرديه قتيلا، لا يتوافر عنده القصد الجنائي، كقاتل عمد لأنه لم يوجه إرادته إلى تحصيل النتيجة التي هي إزهاق روح أحد المارة . وعكس دلك في حالة إذا ما تربص شخص بأحد له عداوة به فأطلق عليه النار، مما أدى إلى قتله وبذلك توافر لديه القصد الجنائي .
+ العلم بحقيقة الواقعة الإجرامية من حيث الواقع : يتوجب على الجاني أن يكون عالما بتلك الواقعة تمام العلم ومحيطا بها إحاطة تامة، وينتفي العلم بالواقعة الإجرامية كما عرفها القانون بالجهل أو الغلط، يقصد بجهل واقعة ما انعدام العلم بحقيقتها أما الغلط فيها فيعني فهمها على نحو مخالف لحقيقتها، كجهل الموثق الذي يتلقى معلومات غير صحيحة من المتعاقدين فيكتبها وهو
يجهل زوريتها فلا يؤاخد بجريمة التزوير . ومثال الغلط في الواقعة أن يأخذ المسافرين في قطار الحقيبة العائدة لشخص أخر معتقدا أنها له، فلا يعد سارقا لوقوعه في غلط جوهري في صفة الحقيبة وهو غلط في الواقع .
المطلب الثاني : الخطأ الجنائي غير العمدي في الجرائم غير العمدية
يشترط في الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية توافر فقط سلوك خاطئ يأتيه الفاعل عن إرادة ولكن دون استهداف لنتيجة الجريمة التي قد تترتب عن هذا السلوك . ويتضمن القانون ج م مجموعة من النصوص التي تقرر العقاب على أساس الخطأ الجنائي الغير العمدي تحتوي على تعابير مختلفة منها .
صور الخطأ غير العمدي :
- عدم التبصر : وهو خطأ يرتكب في الغالب من طرف بعض الفننين كالاطباءوالصيادلة والرياضيين، في كل حالة يتسببون في جريمة نتيجة جهلهم بقواعد فنهم أو حرفتهم التي لا يجوز لمثلهم جهلها أو عدم القيام بها كما هو متطلب.
كالطبيب الذي يجهض المرأة وهي في حالة صحية لا تسمح لها بذلك .
- عدم الاحتياط : و يقصد به الخطأ الذي ينطوي على نشاط إيجابي من الجاني ، و هذا الخطأ الذي يدرك فيه الجاني طبيعة عمله و ما قد يترتب عليه من نتائج ضارة ، كقيادة السيارة بسرعة زائدة في شارع مزدحم بالمارة يفضى إلى قتل أو جرح أحدهم .
- الإهمال وعدم الانتباه : ينصرف معنى الإهمال و عدم الانتباه لتقاربهما في المعنى إلى الخطأ الذي ينطوي عليه نشاط سلبي ترك أو امتناع يتمثل في إغفال الفاعل اتخاذ الحيطة التي يوجبها الحذر ، و الذي لو أتخذه لما وقعت النتيجة . كأن يتسبب الشخص في قتل إنسان أو جرحه بإهماله . -الرعونة : يقصد بالرعونة سوء التقدير ، وقد تتجسد الرعونة في واقعة مادية تنطوي على خفة و سوء تصرف كأن يطلق الشخص النار ليصيد طير فيصيب أحد المارة ، وقد يتجسد في واقعة معنوية تنطوي على جهل و عدم كفاءة كالخطأ في تصميم بناء يرتكبه مهندس ، فيتسبب في سقوط البناء و موت شخص .
- عدم مراعاة النظم أو القوانين : يقصد به عدم تنصيب الأنظمة المقررة على النحو المطلوب، أي مخالفة كل ما تصدره جهات الإدارة المختلفة من تعليمات لحفظ النظام و الأمن و الصحة في صورة قوانين أو لوائح أو منشورات . المجرم من حيث دوره المادي في الجريمة قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويتم التمييز على هذا الأساس بين 3 أنواع من المجرمين الفاعل الأصلي والمساهم والفاعل المعنوي المشارك :
* الفاعل الأصلي والمساهم : لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول : ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها ”. ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة .
* الفاعل المعنوي : ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه : ” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص ”. فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان .
2- المشارك : إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع
الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين .
* الأفعال المكونة للمشاركة :
تنطرق المشرع المغربي إلى للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الأفعال التي تتحقق بها المشاركة وهي :
- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛
- قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك .
- تساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك .
- تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي .
* شروط تحقق المشاركة :
لتحقق المشاركة في الجريمة لابد من توفر شروط يحددها الفقه فيما يلي :
- ضرورة ارتباط المشاركة بفعل رئيسي معاقب عليه .
- جود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة .
- ضرورة توافر النية الإجرامية عند المشارك .
- وجود علاقة سببية بين فعل المشارك وبين تنفيذ الجريمة .
* عقاب المشاركة
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن: ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها . أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة .
+ المسؤولية الجنائية
1- مفهومها : هي الإلتزام بتحمل الآثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، و موضوع هذا الإلتزام هو فرض عقوبة أو تدبير إحترازي، حددهما المشرع في حالة قيام مسؤولية أي شخص. و يعني هذا التعريف أن المسؤولية ليست ركن من أركان الجريمة ولا تدخل في تكوينها القانوني، و إنما هي الأثر المترتب عن تحقيق كل عناصر الجريمة، حيث تؤدي عند ثبوت أركان الجريمة إلى خضوع الجاني للجزاء الذي يقرره القانون و ذلك بموجب حكم قضائي .
2- أساس المسؤولية الجنائية : إن تحقق المسؤولية ا لجنائية في حق الفاعل يستلزم توقيع الجزاء ، وعندما تتقرر مسؤولية الفاعل عن الجريمة فمعنى ذلك أن المسؤولية إستندت إلى أساس خاص يبرر مشروعية الجزاء تبعا لهذه المسؤولية ولقد اختلف الفقه في تحديد أساس المسؤولية الجنائية بحسب المدارس العقابية المتبعة :
* المدرسة التقليدية : مفاد هذه النظرية أن الإنسان يملك حرية التصرف في أعماله، ويستطيع أن يختار الطريق الذي يريده من بين شتى الطرق التي تعرض عليه، دون أن يكون مجبرا على إتباع طريق معين، فإذا سلك طريق الجريمة بمحض إختياره أين كان يسعه ألا يرتكبها، فإنه يكون مسؤولا عنها . وعلى هذا فالجريمة هي وليدة إرادة الفاعل الحرة، ويكون أساس المسؤولية الجنائية تبعا لذلك هو المسؤولية الأدبية أو الأخلاقية .
* المدرسة الوضعية : إنتقدت هذه المدرسة الرأي السابق القائل بحرية الإختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، كون أن ذلك يؤدي إلى حصر المسؤولية في نطاق ضيق، فأساس هذا المذهب أن سلوك الإنسان لا يعد و أن يكون نتيجة حتمية بحكم خضوعه لمجموعة من الظروف والعوامل التي تفرض عليه هذا السلوك . وعليه فالإنسان لم يختر الجريمة بمحض إرادته، وإنما هي نتيجة حتمية تعود إلى مجموعة من الظروف قد تكون ظروف كامنة فيه، أو ظروف إجتماعية والتي تحيط به .
3- موانع المسؤولية الجنائية : حسب الفصل 134 من القانون الجنائي فإن الأسباب الشخصية التي تعدم الإدراك والتميز لدى الشخص هي : الخلل العقلي والضعف العقلي+ قصور الجنائي + بعض الظروف التي يجد الشخص نفسه فيها كحالة السكر الاضطراري .
* العاهات العقلية : لقد ميز المشرع المغربي بين حالة الخلل العقلي الذي اعتبره مانعا من الموانع الكلية للمسؤولية الجنائية وبين حالة الضعف العقلي الذي اعتبره سببا من أسباب تخفيفها فقط . وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 134 ق.ج على أنه: " لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه،في حالة يستحيل عليه معها الإدراك، أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية ".
- وفي الجنايات والجنح يحكم بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المقررة في الفصل 76 من ق,ج .
- أما في مواد المخالفات فإن الشخص الذي يحكم بإعفائه إذا كان خطرا على النظام العام يسلم إلى السلطة الإدارية .
- أما الفصل 135 من ق.ج فينص على مفهوم المسؤولية الجنائية الناقصة وعلى تخفيف العقوبة، وهكذا يشير الفصل المذكور إلى " تكون مسؤولية لشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي تنقيص مسئوليته جزئيا " .
- وفي الجنايات والجنح تطبق على الجاني العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 78 ق.ج . أما في المخالفات فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية ". وهكذا نجد أن المشرع المغربي قد تخلى عن مسؤولية المجنون لأن المسؤولية الجنائية تفرض الإدراك والإرادة وحرية التصرف،وهذا يتنافى مع حالة المجنون والمعتوه .
* حالة صغر السن :
+ حالة الصغير الذي لم يبلغ 12 سنة :
( الفصل 138 من ق.ج ) إذا ارتكب الصبي الجريمة ولم يتجاوز عمره هذا السن ، فإن مسئوليته الجنائية تنعدم بصفة مطلقة لأنه يكون غير آهل لها، وبالتالي يجب الحكم بإعفائه من العقوبة. وإذا كان إجرامه لا يحول دون ذلك فيمكن الحكم عليه بأحد التدابير كالحماية أو التهذيب المنصوص عليهما في الفصل 516 من قانون م.ج،
+ حالة الصغير في سن 12 ولم يصل بعد إلى 18 سنة :
ذهب الفصل 139 من ق . ج إلى التعبير : " الصغير الذي أتم 12 عاما ولم يصل إلى 18 تعتبر مسؤوليته ناقصة." فمفهوم هذا النص هو أن الصغير في هذه السن يعتبر مسؤولا عن الأفعال التي يرتكبها لكن مسؤوليته تبقى ناقصة أو مخففة وذلك بسبب عدم اكتمال تمييزه وتمتعه بصغر السن . إلا أن القاضي له الخيار في أن يحكم عليه بأحد تدابير الحماية والتهذيب الواردة في الفصل 516 ق.م.ج .
* السكر الغير الاختياري : الفصل 137 ق.ج ينص على أنه :" السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشيء عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها. ويجوز وضع المجرم في مؤسسة علاجية طبقا لأحكام الفصلين 80 و 81 من ق.ج ." وبهذا يكون القانون الجنائي صريحا بالنسبة لأحوال السكر والفزع والجرائم العاطفية والجرائم التي تنتج عن تناول مواد مخدرة عمدا.
لكن وبعد قراءة هذا الفصل نجد أن المشرع لم يتعرض صراحة إلى السكر غير الاختياري كمانع من موانع المسؤولية، لكن باستعمالنا لقاعدة مفهوم المخالفة لنص الفصل 137 نجد أن المشرع المغربي جعل من حالة السكر غير الإختياري مانعا من موانع المسؤولية . و نشير أن الفصل 137 سمح في حالة السكر الاختياري بوضع مجرم وضعا قضائيا في مؤسسة للعلاج
بمقتضى حكم صادر عن قضاء الحكم .
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم