شركات الأسهم
د. علي بن سعيد الغامدي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد عمت البلوى بكثير من المعاملات المالية المعاصرة، وأصبح تحصيل المال بأيسر الأسباب وأسرعها مطلب الكسول والعامل، النبيه والخامل، وفي العقدين الأخيرين كثرت مسائل البيوع والمعاملات المالية المختلفة، وتداخلت أعيان تلك المسائل، واشتبه الحلال بالحرام، فلا تدرك أحكام تلك المسائل إلا بالتنقيب والبحث؛ حتى يحرر الفاصل بين الحلال والحرام، ومن تلك المعاملات: المشاركة في شركات الأسهم، فلا بد من البحث والنظر الدقيق في نظام هذه الشركات، وكيفية معاملتها مع المشتركين، ومن ثم إصدار الحكم الشرعي إزاء هذا النوع من المعاملات الذي طم وعم في عصرنا الحاضر، وانخدع به كثير من الناس؛ ظانين حلَّه وإباحته، غير مطلعين على أقوال أهل العلم في هذا النوع من المعاملات.
وهذا بيان يعبر عن رأيي الشخصي إزاء هذه القضية، مع احترامي لآراء طلبة العلم المجتهدين في هذا الباب، والخلاف لا يفسد للود قضية.
وقد جعلته مقسماً إلى فقرات، وهي:
1) نشأة شركات الأسهم.
2) نظام شركات الأسهم المعمول به اليوم.
3) موقف العلماء من نظام شركات الأسهم الوضعي.
4) الأسباب الحاملة على الاشتراك في شركات الأسهم.
5) مخالفة نظام شركات الأسهم للتشريع الإسلامي في الشركات.
6) مفاسد مترتبة على المساهمة في شركات الأسهم.
7) البدائل الشرعية العملية للمساهمة القائمة على غير الشريعة الإسلامية.
والله ولي التوفيق
أولاً: نشأة شركات الأسهم:
إن نشأة شركات الأسهم في دول العالم الثالث تابع لنشأتها في دول الغرب؛ حيث إن القانون الذي يحكم تلك الشركات هو المطبق الآن في العالم الإسلامي وغيره.
وقد نشأت الشركات في الغرب على أساس استعماري، وأول ما يذكر في تاريخها (شركة المغامرين المكتشفين الإنجليز)، ثم ظهرت بعد ذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة بريطانية احتكرت تجارة الهند. وكذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة هولندية احتكرت التجارة في جزر الهند الشرقية (إندونيسيا وما جاورها).
ثم ظهرت الشركات التي نشأت في مصر من أجل الاستيلاء على خيراتها، وخاصة تجارة القطن، وقد طبق على تلك الشركات القانون الفرنسي. ثم تبعتها -أي: مصر- جميع الدول التي تحتاج إلى الخبرة المصرية باعتبارها بوابة العالم العربي والإسلامي.
وقد اشتهر من القانونيين في ذلك الحين السنهوري، فهو كما يقال: (أبو القانون) وقد ألف موسوعة ضخمة في القانون، وكل ذلك مبني على قانون نابليون؛ أول قانون في العالم ينشأ ويأخذ صبغة النظام.
ثم نشأت شركات الرقيق في أفريقيا التي كانت تبيع الرقيق السود لأمريكا وغيرها، وقد ساد عند الناس -من جراء ذلك- أن كل أسود يعتبر رقيقاً ولو كان أصله حراً.
ثم نشأت شركات البترول، والتي سيطرت على بترول العالم الإسلامي، وتحكمت في إخراجه وتوزيعه وتسويقه بنسب محدودة مع الحكومات.
ومما \سبق يتبين أن الشركات المساهمة ارتبطت في نشأتها تاريخياً بالاستعمار والاحتكار، وما يعرف بالمذهب الرأسمالي، والذي انبثق من فلسفة نفعية وهي ما يسمى: بالبرجماتية، وهو مذهب لا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً، وهدفه الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المال بأقل كلفة.
ولِما كان لهذه الشركات من الآثار السلبية والضغوط ظهر ما يعرف بنظام الاشتراك، وظهر ما يعرف باسم: المؤسسات العامة التي تدرأ عن الدول الغربية خطر الثورات والاضطرابات العمّالية، وتقبل مساهمات العمال في تلك الشركات، ولتظهر الدولة بمظهر العدالة الاجتماعية؛ لتبقى المحافظة على النظام الرأسمالي النفعي ولو لبس ثوباً آخر.
نشأ مع هذه الشركات نظامان خادعان:
1- الانتخابات.
2- مجلس الإدارة.
وهما أكذوبتان لا يعرفهما أكثر الناس؛ فإن الانتخابات التي تجري في هذه الشركات تنبني على الديمقراطية التي يحكم فيها الشركاء أنفسهم بأنفسهم، والذي يحكمهم في الحقيقة هم فئة متسلطة معينة مجهزة من وراء الكواليس، لا يعرفها إلا من يدبّر الأمر.
وكذلك أكذوبة مجلس الإدارة في الشركة المساهمة أو في المؤسسات العامة، فهو الآمر الناهي المتصرف بما يشاء كيف شاء، والمساهم فيها لا يعلم شيئاً مما ما يدور في تلك الإدارات أبداً.
ثانياً: نظام شركات الأسهم المعمول به اليوم:
عند وضع النظام المعمول به في شركات الأسهم أُلغي الفصل الخاص بالشركات من نظام المحكمة التجارية، وأُحل محلّه النظام المعمول به حالياً، وهو مأخوذ من القانون المدني المصري، وقد جاء في مقدمته: "بالرغم من أن الشركات التي أسست في تلك الفترة القصيرة قد شملت في أعرافها كافة أوجه النشاط المالي والتجاري والصناعي، وبلغت رءوس الأموال المملوكة لها عدة مئات من الملايين، وزاد إقبال الدوائر الحكومية والأفراد على التعامل معها- فإن نصوص الأنظمة التي تحكمها لا تزيد حتى الآن على بضع مواد وردت في نظام المحكمة التجارية لم تكن كافية لمواجهة كافة المسائل المتعلقة بالشركات عند إنشائها؛ إما خلال مزاولة نشاطها، وإما عند انقضائها وتصفيتها.
وإزاء هذا القصور لجأ الأفراد في تأسيس شركاتهم ومعالجة أمورها إلى اقتباس القواعد المعمول بها في الدول الأخرى، فاختلفت السبل، واختلطت الأمور في كثير من الأحوال اختلاطاً عززت مهمة الوزارة في مراقبتها والإشراف عليها، من هنا بدت الحاجة ملحة إلى وضع نظام شامل للشركات ينص على الأحكام الواجبة الاتباع في تأسيسها ومزاولتها نشاطها..."اه.
إذاً: فالمشكلة الشاخصة عند المقننين هي أنهم لم يجدوا عندنا تشريعاً يضبط الشركات -مع تشعبها وكثرتها- إلا بضع مواد في نظام المحكمة التجارية، الذي كان في أصله امتداداً للقانون العثماني المستمد من فرنسا.
والخلاصة التي نريد الوصول إليها: أن نظام الشركات القائم الآن هو نظام قانوني مستمد من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي.
ثالثاً: موقف العلماء من نظام شركات الأسهم الوضعي:
والسؤال الذي يطرح نفسه عند وضع هذا النظام: أين الشريعة الإسلامية؟! أين الفقه الإسلامي؟! أين علماء الشريعة وفقهاؤها وهم متوافرون وعلى رأسهم فضيلة العلامة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك؟!
وإذ قد ثبت أن في الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي ما يكفي لوضع نظام متكامل للشركات، فتُرك واستمد نظام الشركات من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي؛ فكيف يجوز الدخول في أسهم الشركات بأي وجه من الوجوه؟!
وكان قد عرض هذا النظام على سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عند صدوره عام (1369ه) للمرة الثانية، وبعد دراسته قال رحمه الله: "وبعد دراسة النظام وجدناه نظاماً وضعياً قانونياً لا شرعياً؛ فتحققنا بذلك أنه حيث كانت تلك الغرفة هي المرجع عند النزاع فإنه سيكون فيها محكمة، وسيكون الحكام فيها غير شرعيين؛ بل نظامييين قانونيين، ولا ريب أن هذه مصادمة لما بعث به الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الشرع، الذي هو وحده المتعين للحكم به بين الناس، والمستضاء منه عقائدهم وعباداتهم، ومعرفة حلالهم وحرامهم، وفصل النزاع عندما يحصل التنازع، واعتبار شيء من القوانين بالحكم بها ولو في أقل القليل لا شك أنه عدم رضاً بحكم الله ورسوله، ونسبة حكم الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم - إلى النقص وعدم القيام بالكفاية في حل النزاع وإيصال الحقوق إلى أربابها".
بل مما ورد في كلامه رحمه الله: كفر من اعتقد في تلك الأنظمة والقوانين كفاية وغنية عن حكم الله ورسوله، قال رحمه الله: "واعتقاد هذا كفر ناقل عن الملة".
وقال رحمه الله: "والأمر كبير مهم، وليس من الأمور الاجتهادية، وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، وقد قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) [النساء:59].
وقال تعالى: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)) [النساء:65]".
والخلاصة: أن أصل النظام واستمداده، ثم واضعه، وجهة التحاكم فيه؛ كلها مرجعها ومآلها إلى غير شرع الله، وهذا في الجملة.
وحتى تصح المشاركة والمساهمة في الشركات القائمة؛ لابد من إصلاح وضعها، واستمداد نظامها من الشريعة الإسلامية وفق الضوابط الشرعية، وحسبما نص عليه أهل العلم، وقد أبلى علماؤنا وفقهاؤنا في كتاب الشركات بلاءً حسناً، حتى إن الموفق ابن قدامة رحمه الله كتب فيه أكثر من ثمانين صفحة (1).
رابعاً: الأسباب الحاملة على الاشتراك في شركات الأسهم:
لعل أهم الأسباب التي حملت أكثر الناس على الوقوع في المساهمات دون دراسة وتحقق ما يلي:
1- الدعاية والإعلان، وترغيب الناس في ارتفاع قيمة الأسهم فور بداية التداول.
2- كثرة الطمع في الإثراء السريع بدون تعب.
3- تقصير بعض المسلمين في أداء الزكاة والحقوق الواجبة عليهم؛ فسلط الله على أموالهم من يستنزفها ويضحك عليهم.
4- سد باب القرض الحسن، الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم في الأجر بثمانية عشر ضعفاً، والصدقة بعشر حسنات، وكون القرض مرتين يقوم مقام صدقة.
5- التساهل في الفتوى، فتجد البعض يقولون: هذه شركات نقية، وأخرى مختلطة، وثالثة محرمة، دون دراسة لواقع تلك الشركات ومخاطر المساهمات، وما يقع فيها من الكذب والتحايل والجهالة والغرر ما الله به عليم.
وكل يوم تسمع فتوى غير الأخرى، فشيخ يقول: ساهم في الشركات السعودية وقلبك مطمئن دون تفريق، وآخر يفصل ويدخل بعض الشركات في النقية، ثم لا يلبث أن يظهر له عدم نقائها فيلحقها إما بالمختلطة أو بالمحرمة.. وقد أحدث هذا الاختلاف بلبلة بين الناس، فلا يدرون من يصدقون!
خامساً: مخالفة نظام شركات الأسهم للتشريع الإسلامي في الشركات:
بعد النظر في نظام شركات الأسهم الموضوع لها والمستمد من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي -يتبين لكل منصف أن هناك مخالفات شرعية واضحة، لا يتردد الناظر فيها عن القول بتحريم التعامل مع هذه الشركات، بناءً على القول بتحريم إقامة وتأسيس هذه الشركات ابتداءً.
وهذه المخالفات نجملها فيما يلي:
1- الأصل أن عقد الشراكة بين اثنين فأكثر عقد جائز بإجماع الفقهاء، أي أن لكل أحد من الشركاء أن يفسخ العقد متى شاء، ويتفاسخ الشركاء بالطريقة التي نص عليها الفقهاء رحمهم الله.
أما نظام شركات الأسهم فإنه يجعل عقد الشراكة عقداً إلزامياً؛ بدليل: أن المساهم في أي شركة لا يستطيع أن يبيع حصته على الشركاء؛ بل لابد أن يكون ذلك عن طريق الشركة وبواسطة البنوك، فلو أراد شخص أن يتخلص من أسهمه في شركة بسبب تعاملها بالربا، أو لكونها تبيح بيع الأسهم وتداولها قبل أن يبدأ العمل بها، فلا يجوز له ذلك في نظامهم إلا أن يأتي بمشترٍ يحلّ محلّه، أو يصبر على الحرام، فلو خرج مليون مشترك فلابد أن يحل محلهم بعددهم، وهذا مخالف لنظام الشركات في الإسلام، الذي يجعل للشريك الحق في فسخ عقده وسحب سهمه متى شاء، وبدون أي شروط أو قيود.
2- الأصل أن الشركات تنبني على عقود مشاركات تضبطها، ولا تلزم بنمط معين بحيث تصبح وكأنها ليست عقوداً اتفاقية بين الشركاء، فالعقد هو الذي يضبطها، وهو الذي يلزم الشركاء بالعمل وفق ما جاء فيه، وما تم الاتفاق عليه بين الشركاء أنفسهم.
أما في ظل النظام القائم لشركات الأسهم فإن القانون هو الذي يحكم وليس العقد، ومن يخرج عن القانون ولو ابتغاء التصحيح يدخل تحت طائلة العقوبات التي يقررها القانون، وفي هذا مخالفة صريحة للتشريع الإسلامي في الشركات، وفيه إلزام للشركاء بما لم يلزموا به شرعاً.
3- النقص الظاهر في القانون المنظم للشركات؛ إذ لا يشتمل في مواده إلا على نوعين من الشركات هما: شركة الأموال، وشركة المضاربة؛ على نقص في النوع الثاني، أما شركة الأبدان، وشركة الوجوه، وشركة المفاوضة، فلا وجود لها في نظام الشركات القائم؛ لأن أعمال الشركات تدار من خلال البنوك، وهي لا تعرف إلا المال.
4- اجتماع الأجرة مع نسبة الأرباح؛ وهذا مخالف للقول الصحيح وما عليه جمهور أهل العلم؛ حيث إن القول المختار بالدليل: أنه لا يجمع العامل في المضاربة بين نسبة الربح والأجرة؛ لأنه ربما استهلكت الأجرة كامل الربح، فلم يبق لصاحب رأس المال شيء، فشركات الأسهم تجمع بين أخذ نسبة من الأرباح من أموال المساهمين، وبين أخذ أجرة زائدة على الأرباح، ومن ذلك: مكافأة مجلس الإدارة التي تستوعب أكثر عائد من الأرباح كما هو معلوم، وفي هذا غبن وإضرار بالمساهمين في هذه الشركات لا تقره الشريعة الإسلامية.
5- نسبة الخسارة إذا حصلت؛ فإن المقرر في الشريعة الإسلامية أن الخسارة -وتسمى: الوضيعة- على قدر رأس المال، بخلاف النظام المعمول به في هذه الشركات.
ووجه المخالفة: أن الشريعة تضع الخسارة على حسب رأس المال ما لم يحصل تعد أو تفريط، فيتحمل المتعدي والمفرط الخسارة، ففي العنان -وهي الشراكة بالأموال من الأطراف المتشاركين- لا يكون العدل إلا إذا كانت الخسارة حسب رأس المال؛ لأنه ليس أحد أولى من أحد، بخلاف نظام الشركات؛ فإن الخسارة تكون حسب الشروط المتفق عليها بين الشركاء، والتي يقرها ذلك النظام.
وهذا بخلاف الربح؛ فربما يتفقون على أن يكون لأحدهما نسبة أعلى؛ نظراً لما يقدمه من خبرة، وما إلى ذلك، وهذا مقتضى العدل والإنصاف.
وفي المضاربة: إذا خسر المضارب دون تعدٍ أو تفريط منه فيكفيه خسارة عمله، بينما في نظام الشركات لو شرط صاحب رأس المال أن لا خسارة عليه؛ ضمنها العامل، وهذا ظلم ظاهر، ومخالف للشريعة الإسلامية.
6- تقييد المعاملات وتسلّط مجلس الإدارة، ومن ذلك:
أ)تحويل الشركة الكبيرة إلى شركة مساهمة دون وجه حق، وهذا أشبه بنظام التأميم والمصادرة والمشاركة بالقوة، وقد تبين لي أن الشركات الكبرى التي أفلست كانت تطرح مساهمات لأجل خداع الناس، فمجرد الإعلان عن طرح أسهم تلك الشركة ينكب عليها الناس، فتغطي خسارتها وتزيد الضعف، وقد فطن المتربصون لذلك ممن أفلست شركاتهم فاستغلوا جهل الناس بالوضع الاقتصادي وإدارة اللعبة.
لكن إذا كانت الشركة رابحة فلا يجوز إلزامها بأن تطرح مساهمة؛ لما في ذلك من الظلم.
ب)استغلال مجلس الإدارة واستئثاره بالأصوات؛ مدعياً أن لديه توكيلات أو تفويضات، وهي في الحقيقة شراء أسماء ليس لها علاقة بالشراكة لا من قريب ولا من بعيد، ولا يخفى ما في هذا من التسلط والظلم والاستبداد الذي يأباه الإسلام ولا يقره.
7- دعوى التقادم: فنظام الشركات ينصُّ على أنه إذا وقع خطأ في الشراكة، ولم يتقدم المساهم بالشكوى خلال سنة من وقوع ذلك الخطأ؛ سقطت دعواه، بدعوى التقادم، وفي هذا القانون مخالفة للتشريع الإسلامي؛ فإن الحق لا يسقط في الشريعة الإسلامية إلا بالأداء أو الإبراء، ولا دخل لمسألة التقادم في إسقاط الحقوق.
8- فيما يتعلق بإثبات الحق: فإن الشريعة الإسلامية تعتبر البينة على المدعي، وهي ما أبان الحق وأظهره من شهود، أو اعتراف، أو قرينة ظاهرة.
لكن نظام الشركات لا يعتد بالبينة إلا بما هو مكتوب؛ بل يجعل ذلك ركناً في عقد الشراكة، ولا يعتد إلا بتوثيق ذلك كتابياً من الشركة، ولا يعتد بغير ذلك من البينات، فلو كانت البينة مائة شاهد لما نظر إليها، وإنما ينظر إلى ورقة معتمدة من الشركة ولو كانت مزورة!!
9- التذبذب في أسعار الأسهم؛ بحيث لو استقال وزير من وزراء التجارة في الدول المشهورة، أو اعتدي على وزير، أو نحو ذلك؛ فلا تسمع إلا ارتفاع الأسهم وانخفاضها، وهذا يدل على عدم الاستقرار، وقد ثبت لدي -كما أخبرني بعض المتعاملين عن طريق شبكة الإنترنت- أنه في حال ارتفاع الأسهم وإرادته البيع يقفل في وجهه الخط ولا يستطيع الوصول للبيع، فالأمر فيه تلاعب وسيطرة من متنفذين وراء الأكمة.
وكم من متعامل يدخل صالة التداول ويخرج فرحاً جذلاً يكاد يطير من الفرح! وكم من باكٍ شاكٍ يعضّ أصابع الندم بسبب ما سبق من التذبذب والتلاعب! وهذا يكفي في تحريم التعامل مع شركات الأسهم؛ لأن في ذلك غرراً لا يرضاه الإسلام.
10- المخالفة الشرعية فيما يصدر عن الشركات مما يتعلق بالصكوك، وهي التي تصدرها الشركات المساهمة.
فقد جاء في نظام الشركات في الفصل الرابع منه في المادة (98): «أن الصكوك التي تصدرها الشركة المساهمة، تكون في شكل سندات أو حصص تأسيس أو أسهم.
فأما السندات فهي أن تطرح سندات يشتريها كبار المستثمرين بقيمة عاجلة مقابل زيادة تدفع مع قيمة السندات آجلاً».
وهذه العملية ربا قطعاً باتفاق جميع المسلمين، حتى القانونيين منهم.
وأما حصص التأسيس فيقول النظام عنها: «هي براءة اختراع أو التزام حصل من شخص اعتباري عام يكون مشاركاً بحصة تأسيس».
وهذه الحصة قد تكون خدمة معنوية يقدمها أحد الناس، فتسجل له حصة تأسيس، ويصدر له صك مقابل ذلك، وهذا فيه من الجهالة والغرر الشيء الكثير؛ إذ ليس هناك ضابط يحدد الخدمة وما يقابلها.
وقد تكون رشوة؛ كأن تكون الحصة مقابل تسهيل إجراءات إدارية أو جمركية.
ولا نشك أن الشركات العالمية -والكل تبع لها- يدخلها كثير من الغش والخداع والرشاوي باسم الإكراميات تارة، وباسم غيرها تارات أخرى، وهذا النوع أيضاً يلحق بالسندات، فهو حرام.
وأكثر الشركات القائمة تتعامل بهذين النوعين من الإصدارات.
أما النوع الثالث -وهو المهم- فهو الأسهم، وقد أصبح حديث الناس، واستولى على جل أوقاتهم وأموالهم، وأشغلهم أيما إشغال.
والأسهم نوعان: أسهم بالاسم، وأسهم لحامل السند:
فأما الأسهم لحامله: فهي حرام؛ لما في ذلك من إضاعة الحقوق، ولما يعتريها من الجهالة؛ حيث لا يعرف الشريك من هو شريكه، ولو ضاعت الأوراق الخاصة بالسندات فوقعت في يد شخص آخر، لأصبح حاملاً له وهو غير مستحق له.. فمن هنا نشأ التحريم.
وأما الأسهم التي بالاسم: فهي نوعان أيضاً: أسهم عادية، وأسهم ممتازة.
ومعنى الامتياز في الأسهم: أن يكون لأصحابها ميزة، وهي التي يبقى لأصحابها الحق عند إفلاس الشركة أو تصفيتها في أخذ حقوقهم كاملة.
ومن المعلوم أن هذا التمييز باطل؛ إذ أن الأصل هو التساوي بين الشركاء وعدم التمييز بينهم بأي وجه من الوجوه، فهم شركاء في الربح وفي الخسارة، أما إذا جعلنا لأحد المساهمين ميزة بأن نضمن له عدم الخسارة، أو أن له الحق في أن يسحب ماله متى شاء دون غيره؛ فهذا حرام بلا شك؛ لما فيه من الظلم لباقي الشركاء، وعدم تساويهم؛ لأنه ليس لبعضهم فضل على بعض فيما اشتركوا فيه.
ومن هذا التمييز نوع يسمى: أسهم التمتع، وهي التي يستحق أصحابها ربحاً بعد بيع أسهمهم وسحب أموالهم؛ وهذا حرام؛ لأنه لم يبق له حق في الشراكة بعد سحب ماله، فعلى أي أصل يعطى مثل ما يعطى بقية الشركاء وقد سحب أسهمه؟!
وأما الأسهم العادية: فلا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تقوم الشركة على أصول شرعية، وتمارس جميع أعمالها على نقاء وبُعد عن الربا والكذب والجهالة والغرر والنجش، وتطبق جميع الضوابط الشرعية التي نص عليها أهل العلم في كتبهم، فهذه تباح المشاركة فيها؛ بل يندب دعمها ولو قلّت أرباحها؛ لما في ذلك من إحياء سنة المشاركة، والتوحد على إقامة المشاريع المربحة والمنتجة، ولكونها تستوعب قدراً كبيراً من الطاقات الشابة، فتقضي على البطالة، ويكثر الإنتاج ويعم الخير.
لكن مثل هذه الشركات عزيزة الوجود؛ لأن قيامها مرهون بوجود نظام إسلامي يحميها ويرعاها، إلا أن إقامتها غير مستحيلة، وممكنة إذا صلحت النيات، واجتمعت الخبرات من علماء الشريعة وعلماء الاقتصاد المعاصر لبناء تلك الشركات على أصول شرعية في جميع أحوالها ونشاطها، وقد تحقق أرباحاً تفوق الخيال بمباركة الله تعالى لها؛ لكونها قائمة على أصول شرعية.
الحالة الثانية: ما هو منتشر الآن من قيام شركات على نظم قانونية بحتة، لاتحل حلالاً ولا تحرم حراماً، تتعامل بالربا، وتقترض بالربا، وتأخذ الأرباح الربوية، فتسجل تحت بند (أرباح بنكية)، أو يقال: (أرباح أخرى)، فمتى عُرف هذا عن أي شركة من الشركات فإنه يحرم المساهمة فيها أياً كانت نسبة الربا؛ لأن الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) [البقرة:278]، و(ما) من ألفاظ العموم. وقال صلى الله عليه وسلم: (وكل ربا موضوع تحت قدمي هاتين). و(كل) أيضاً من ألفاظ العموم، فيدخل في ذلك الربا بكل صوره وأشكاله ونسبه؛ فهو حرام بتحريم الله تعالى له وتحريم رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تفريق بين نسبة وأخرى منه.
والشركات القائمة الآن منها ما هي صريحة في تعاملها بالربا، فهذه لا يجوز الدخول في أسهمها؛ لا مساهمة، ولا بيعاً، ولا شراءً، ولا تداولاً، ولا تورقاً.
ومنها شركات لا تأخذ الربا والفوائد البنكية، لكنها تعطيها؛ حيث تقترض من البنوك لحاجتها إلى المال وتدفع لهم فوائد ربوية، ولاشك أنها كالمعطي له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الآخذ والمعطي فيه سواء)، ولا أظن شركة تسلم من هذا النوع، فلو لم تكن آخذة للربا فهي معطية له.
سادساً: مفاسد مترتبة على المساهمة في شركات الأسهم:
هناك مفاسد عظيمة مترتبة على هذا النوع من أنواع الشركات، وهذه المفاسد منها ما هو متعلق بالشركات نفسها، ومنها ما هو متعلق بالمساهمين.. وهاكها فيما يلي:
1- إن تجارة الأسهم يعتريها الكذب والمخادعة والجهالة بالحال، فقد يعلن عن أسعار بعض أسهم الشركات بسعر وهي لم تصل إلى ذلك؛ لإغراء الناس بالشراء، ولا تكاد تستقر الأمور حتى يتراجع المؤشر.. وهكذا، فهناك لعبة يمارسها المتنفذون مع الهوامير في تجارة الأسهم، فإذا أرادوا بيع الأسهم رفعوا الأسعار، وإذا أرادوا الشراء خفضوا أسعارها، وجمهرة المشاركين هم المتضرر الحقيقي في هذه اللعبة القذرة وهم لا يعلمون!!
2- ومن العجيب أنه قد تخسر شركة من الشركات إلى حد الإفلاس، وإذا بها تعلن عن أسهم للمشاركين، فإذا بها ترد خسارتها؛ بل وأكثر من ذلك، حتى إن شركة مشهورة بلغت خسارتها أكثر من سبعمائة مليون ريال، وكانت الفكرة -بدلاً من إعلان الإفلاس- طرحها مساهمة، فأقبل الناس عليها لشهرتها، فغطت العجز وزاد ميزان الفائض!! وفي هذا مخادعة وكذب، وأكل لأموال الناس بالباطل.
بل إن بعض الشركات أعلنت عن تكبدها خسائر فادحة، ثم طرحت أسهماً، فتنافس الناس عليها!!
3- والأعجب من هذا كله أنك لا تكاد تسمع بمساهمة إلا وانكب الناس عليها دون دراسة لجدواها، أو معرفة لكيفية ممارستها، والكثرة الكاثرة من المساهمين يقترضون بالآجل، فيشترون الأسهم بزيادة ويبيعونها بخسارة كبيرة؛ للحصول على المال من أجل المضاربة في الأسهم، وبعضهم يبيع منزله أو سيارته ويغامر بماله، فربما ربح (وقليل ما هم)، ومثل هؤلاء يمدحون المتاجرة بالأسهم؛ لأنه لا يمدح السوق إلا من ربح فيه!
والكثرة الكاثرة إما أن يخسروا، أو يربحوا ربحاً زهيداً، فمثلاً: تجد قيمة السهم في بعض الشركات بمبلغ ألف وستمائة ريال، وعند توزيع الأرباح السنوية قد لا يحصل المساهم إلا على بضعة عشر ريالاً لمدة عام أو أكثر، فهل هذا معقول؟!!
4- ومن المفاسد: أن بعض الشركات تبدأ في بيع وشراء الأسهم وهي لم تقمْ بعدُ على وجه الواقع، فهذا بيع وشراءٌ للمال بالمال، وهو حرام بالاتفاق.
5- مما لاشك فيه أن طرح أسهم الشركات للاكتتاب من أعظم ما أشغل الناس حتى عن أداء الواجبات، فمنهم من أشغلته عن الصلاة، أو استولت على فكره فلا يدري كم صلى إمامه !
ومن الموظفين من يغلق بابه ويدخل عن طريق الإنترنت في عملية البيع والشراء، ويستغرق ذلك ساعات طويلة، وبذلك يضيع عمله، وإذا سئل عنه قالوا: عنده اجتماع في الداخل!! ونندب القارئ الكريم إلى الدخول إلى موقع (تداول) لكي يحكم عن قرب ومشاهدة، فينظر السّعار الذي يصاحب هذا النوع من المعاملة، وكذلك يطل على منتديات المستثمرين فينظر ما يدار من حديث بين المشاركين، وما يقع فيه من سورة للمغالبة والكسب.
ومن الموظفين والمعلمين من يستأذن، أو يخرج بغير إذن ليذهب إلى صالة تداول الأسهم في البنوك، تاركاً عمله مضيعاً طلابه، ولو دخلت عليهم وهم محدقون بالشاشات ولا يدرون ما حولهم؛ لعلمت كيف أشغلتهم الأسهم وتداولها حتى عن أنفسهم! وما أدى إلى إضاعة الحقوق والواجبات فهو حرام، وهذا من أهداف اليهود عليهم غضب الله!!
6- الانشغال بالأسهم يعطل كثيراً من الأعمال الإنتاجية؛ كالتجارة الحلال، والزراعة، والصناعة؛ نظراً لاستيعاب السوق لرءوس الأموال التي يمكن توظيفها في مشاريع إنتاجية تدر أرباحاً حلالاً وطيبة، وتقضي على البطالة، وتفتح بيوتاً، وتسد كثيراً من الحاجات.
7- ومما يجب التنبيه عليه: أن اليهود مسيطرون على إدارات البنوك العالمية الكبرى، وغيرها تبع لها، ومكاتب تجمع لها المال؛ ليكون تحت سمعهم وبصرهم وتحكمهم، فلا يكاد ينتهي الاكتتاب في شركة حتى تقوم أخرى، وبهذا يضمنون سيطرتهم على المال، وأكثر الناس لا يدري عن اللعبة القذرة لليهود عليهم لعائن الله!
سابعاً: البدائل الشرعية العملية للمساهمة القائمة على غير الشريعة الإسلامية:
وبعد هذا كله لقائل أن يقول: إذاًَ فما هي البدائل الشرعية لهذه الشركات؛ حتى يتسنى لنا أن نتعامل تعاملاً إسلامياً بعيداً عن المحرمات والمشتبهات؟
فنقول:
هناك بدائل شرعية عن هذه المعاملة، ومنها:
1- إيقاف الإعلان والدعاية للمساهمات في جميع الشركات؛ حتى تصحح الأوضاع من جذورها وفق الشرع الحنيف.
2-إصدار فتوى موحدة من أهل الاختصاص في أنظمة المشاركات القائمة؛ ليعرف الناس الحلال من الحرام، ومن ثم إلغاء ما قام على الحرام.
3-المسارعة في تكوين لجان من ذوي الاختصاص الشرعي والاقتصادي لحل الإشكال القائم، ومع صدق النية فلن يستغرق الأمر زمناً طويلاً، مع الدعم من الجهات المختصة.
4-ومن المهم جداً إلغاء المحاكم القانونية تماماً، وتحويل جميع القضايا إلى المحاكم الشرعية وديوان المظالم، بعد إعادة النظر في لوائحه؛ لتتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويوحد القضاء.
5-إحياء طريقة الجمعيات التعاونية بين الموظفين، ووضع أنظمة لها، واختيار من يديرها، مع إخضاعها لرقابة شرعية ومتابعة لمنع التلاعب بأموال الناس، ويرخص لها من الجهة المسئولة عن ذلك.
6-إحياء سنة المضاربة، وتشغيل الأموال في التجارة، وإقامة المشاريع الزراعية الناجحة وحمايتها، وتشييد المصانع، وتشجيع الحرفيين على العمل والإنتاج، بدلاً من المضاربات بالأسهم؛ فكم من خسائر مادية وصحية ونفسية تتكبدها الأمة بسبب تجارة الأسهم!
7-إحياء سنة القرض الحسن، ووضع نظام له يكفل سداد الحقوق واقتضائها من المقترضين؛ منعاًً للمماطلة، عن طريق معاملة بنكية إسلامية، وإحياء سنة الرهن الإسلامي، والاستقطاع من الراتب عن طريق المصارف الإسلامية، ولها مقابل ذلك رسوم معقولة.
8-توزيع الثروة توزيعاً عادلاً، وخاصة أموال الزكاة، فلو أخرجت الزكاة على وجهها الصحيح لقضي على الفقر والحاجة، وفجرت الطاقات الكامنة؛ حيث يعطى من لديه خبرة أو مهنة آلات من أموال الزكاة ليتكسب بها، فيقضى على ما يسمى بالبطالة، ويوكَّل بذلك رجال مخلصون لدينهم ووطنهم وأمتهم، ولا مانع من أن يكون للزكاة وزارة مستقلة تعنى بجمع أموال الزكاة على الوجه الحقيقي، وتخرج في مصارفها المشروعة المنصوص عليها.
وبناءً على ماسبق: فإني أدعو سماحة المفتي واللجنة الدائمة للفتوى أن تسعى عاجلاً غير آجل إلى تكوين لجنة من أهل الاختصاص الشرعي والاقتصادي يعكفون على دراسة أنظمة الشركات، وطريقة المساهمات والتداول، وتصدر عنهم فتوى قاطعة تريح المجتمع من هذه البلبلة، والأمر جد خطير، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
والواجب إقامة الشركات على قواعد الشرع المنظمة لها، وإذا طرأ جديد من الأنظمة فيدرس ويجتهد فيه وفق أصول الاجتهاد والنظر، لا وفق تتبع الرخص في المذاهب؛ فإن من تتبع الرخص تزندق.
ولا أشك أن نظام الشركات القائم مخالف للشريعة في أساسه وليس في جزئيات فقط، فالأصل أن تقوم الشراكة على ما نص عليه الشرع، وما بينه أهل العلم في كتبهم، ويعمل بالاجتهاد بشرائطه فيما لا نص فيه، وعندئذ نكون قد قدمنا للأمة والشريعة الإسلامية خدمة عظيمة عملية، وليس مجرد تنظير أو أفكار بعيدة عن الواقع.
وختاماً: أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذه الكلمات كل من قرأها، وأرجو أن تجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية، والله تعالى يعلم أنني لم أكتب هذه الأسطر إلا إعذاراً وإنذاراً، وليس بيني وبين أحد عداء أو تقصد، وإنما هو رأيي أبديه، فإن كان صواباً فمن الله وحده، وإن كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. علي بن سعيد الغامدي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد عمت البلوى بكثير من المعاملات المالية المعاصرة، وأصبح تحصيل المال بأيسر الأسباب وأسرعها مطلب الكسول والعامل، النبيه والخامل، وفي العقدين الأخيرين كثرت مسائل البيوع والمعاملات المالية المختلفة، وتداخلت أعيان تلك المسائل، واشتبه الحلال بالحرام، فلا تدرك أحكام تلك المسائل إلا بالتنقيب والبحث؛ حتى يحرر الفاصل بين الحلال والحرام، ومن تلك المعاملات: المشاركة في شركات الأسهم، فلا بد من البحث والنظر الدقيق في نظام هذه الشركات، وكيفية معاملتها مع المشتركين، ومن ثم إصدار الحكم الشرعي إزاء هذا النوع من المعاملات الذي طم وعم في عصرنا الحاضر، وانخدع به كثير من الناس؛ ظانين حلَّه وإباحته، غير مطلعين على أقوال أهل العلم في هذا النوع من المعاملات.
وهذا بيان يعبر عن رأيي الشخصي إزاء هذه القضية، مع احترامي لآراء طلبة العلم المجتهدين في هذا الباب، والخلاف لا يفسد للود قضية.
وقد جعلته مقسماً إلى فقرات، وهي:
1) نشأة شركات الأسهم.
2) نظام شركات الأسهم المعمول به اليوم.
3) موقف العلماء من نظام شركات الأسهم الوضعي.
4) الأسباب الحاملة على الاشتراك في شركات الأسهم.
5) مخالفة نظام شركات الأسهم للتشريع الإسلامي في الشركات.
6) مفاسد مترتبة على المساهمة في شركات الأسهم.
7) البدائل الشرعية العملية للمساهمة القائمة على غير الشريعة الإسلامية.
والله ولي التوفيق
أولاً: نشأة شركات الأسهم:
إن نشأة شركات الأسهم في دول العالم الثالث تابع لنشأتها في دول الغرب؛ حيث إن القانون الذي يحكم تلك الشركات هو المطبق الآن في العالم الإسلامي وغيره.
وقد نشأت الشركات في الغرب على أساس استعماري، وأول ما يذكر في تاريخها (شركة المغامرين المكتشفين الإنجليز)، ثم ظهرت بعد ذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة بريطانية احتكرت تجارة الهند. وكذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة هولندية احتكرت التجارة في جزر الهند الشرقية (إندونيسيا وما جاورها).
ثم ظهرت الشركات التي نشأت في مصر من أجل الاستيلاء على خيراتها، وخاصة تجارة القطن، وقد طبق على تلك الشركات القانون الفرنسي. ثم تبعتها -أي: مصر- جميع الدول التي تحتاج إلى الخبرة المصرية باعتبارها بوابة العالم العربي والإسلامي.
وقد اشتهر من القانونيين في ذلك الحين السنهوري، فهو كما يقال: (أبو القانون) وقد ألف موسوعة ضخمة في القانون، وكل ذلك مبني على قانون نابليون؛ أول قانون في العالم ينشأ ويأخذ صبغة النظام.
ثم نشأت شركات الرقيق في أفريقيا التي كانت تبيع الرقيق السود لأمريكا وغيرها، وقد ساد عند الناس -من جراء ذلك- أن كل أسود يعتبر رقيقاً ولو كان أصله حراً.
ثم نشأت شركات البترول، والتي سيطرت على بترول العالم الإسلامي، وتحكمت في إخراجه وتوزيعه وتسويقه بنسب محدودة مع الحكومات.
ومما \سبق يتبين أن الشركات المساهمة ارتبطت في نشأتها تاريخياً بالاستعمار والاحتكار، وما يعرف بالمذهب الرأسمالي، والذي انبثق من فلسفة نفعية وهي ما يسمى: بالبرجماتية، وهو مذهب لا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً، وهدفه الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المال بأقل كلفة.
ولِما كان لهذه الشركات من الآثار السلبية والضغوط ظهر ما يعرف بنظام الاشتراك، وظهر ما يعرف باسم: المؤسسات العامة التي تدرأ عن الدول الغربية خطر الثورات والاضطرابات العمّالية، وتقبل مساهمات العمال في تلك الشركات، ولتظهر الدولة بمظهر العدالة الاجتماعية؛ لتبقى المحافظة على النظام الرأسمالي النفعي ولو لبس ثوباً آخر.
نشأ مع هذه الشركات نظامان خادعان:
1- الانتخابات.
2- مجلس الإدارة.
وهما أكذوبتان لا يعرفهما أكثر الناس؛ فإن الانتخابات التي تجري في هذه الشركات تنبني على الديمقراطية التي يحكم فيها الشركاء أنفسهم بأنفسهم، والذي يحكمهم في الحقيقة هم فئة متسلطة معينة مجهزة من وراء الكواليس، لا يعرفها إلا من يدبّر الأمر.
وكذلك أكذوبة مجلس الإدارة في الشركة المساهمة أو في المؤسسات العامة، فهو الآمر الناهي المتصرف بما يشاء كيف شاء، والمساهم فيها لا يعلم شيئاً مما ما يدور في تلك الإدارات أبداً.
ثانياً: نظام شركات الأسهم المعمول به اليوم:
عند وضع النظام المعمول به في شركات الأسهم أُلغي الفصل الخاص بالشركات من نظام المحكمة التجارية، وأُحل محلّه النظام المعمول به حالياً، وهو مأخوذ من القانون المدني المصري، وقد جاء في مقدمته: "بالرغم من أن الشركات التي أسست في تلك الفترة القصيرة قد شملت في أعرافها كافة أوجه النشاط المالي والتجاري والصناعي، وبلغت رءوس الأموال المملوكة لها عدة مئات من الملايين، وزاد إقبال الدوائر الحكومية والأفراد على التعامل معها- فإن نصوص الأنظمة التي تحكمها لا تزيد حتى الآن على بضع مواد وردت في نظام المحكمة التجارية لم تكن كافية لمواجهة كافة المسائل المتعلقة بالشركات عند إنشائها؛ إما خلال مزاولة نشاطها، وإما عند انقضائها وتصفيتها.
وإزاء هذا القصور لجأ الأفراد في تأسيس شركاتهم ومعالجة أمورها إلى اقتباس القواعد المعمول بها في الدول الأخرى، فاختلفت السبل، واختلطت الأمور في كثير من الأحوال اختلاطاً عززت مهمة الوزارة في مراقبتها والإشراف عليها، من هنا بدت الحاجة ملحة إلى وضع نظام شامل للشركات ينص على الأحكام الواجبة الاتباع في تأسيسها ومزاولتها نشاطها..."اه.
إذاً: فالمشكلة الشاخصة عند المقننين هي أنهم لم يجدوا عندنا تشريعاً يضبط الشركات -مع تشعبها وكثرتها- إلا بضع مواد في نظام المحكمة التجارية، الذي كان في أصله امتداداً للقانون العثماني المستمد من فرنسا.
والخلاصة التي نريد الوصول إليها: أن نظام الشركات القائم الآن هو نظام قانوني مستمد من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي.
ثالثاً: موقف العلماء من نظام شركات الأسهم الوضعي:
والسؤال الذي يطرح نفسه عند وضع هذا النظام: أين الشريعة الإسلامية؟! أين الفقه الإسلامي؟! أين علماء الشريعة وفقهاؤها وهم متوافرون وعلى رأسهم فضيلة العلامة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك؟!
وإذ قد ثبت أن في الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي ما يكفي لوضع نظام متكامل للشركات، فتُرك واستمد نظام الشركات من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي؛ فكيف يجوز الدخول في أسهم الشركات بأي وجه من الوجوه؟!
وكان قد عرض هذا النظام على سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عند صدوره عام (1369ه) للمرة الثانية، وبعد دراسته قال رحمه الله: "وبعد دراسة النظام وجدناه نظاماً وضعياً قانونياً لا شرعياً؛ فتحققنا بذلك أنه حيث كانت تلك الغرفة هي المرجع عند النزاع فإنه سيكون فيها محكمة، وسيكون الحكام فيها غير شرعيين؛ بل نظامييين قانونيين، ولا ريب أن هذه مصادمة لما بعث به الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الشرع، الذي هو وحده المتعين للحكم به بين الناس، والمستضاء منه عقائدهم وعباداتهم، ومعرفة حلالهم وحرامهم، وفصل النزاع عندما يحصل التنازع، واعتبار شيء من القوانين بالحكم بها ولو في أقل القليل لا شك أنه عدم رضاً بحكم الله ورسوله، ونسبة حكم الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم - إلى النقص وعدم القيام بالكفاية في حل النزاع وإيصال الحقوق إلى أربابها".
بل مما ورد في كلامه رحمه الله: كفر من اعتقد في تلك الأنظمة والقوانين كفاية وغنية عن حكم الله ورسوله، قال رحمه الله: "واعتقاد هذا كفر ناقل عن الملة".
وقال رحمه الله: "والأمر كبير مهم، وليس من الأمور الاجتهادية، وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، وقد قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) [النساء:59].
وقال تعالى: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)) [النساء:65]".
والخلاصة: أن أصل النظام واستمداده، ثم واضعه، وجهة التحاكم فيه؛ كلها مرجعها ومآلها إلى غير شرع الله، وهذا في الجملة.
وحتى تصح المشاركة والمساهمة في الشركات القائمة؛ لابد من إصلاح وضعها، واستمداد نظامها من الشريعة الإسلامية وفق الضوابط الشرعية، وحسبما نص عليه أهل العلم، وقد أبلى علماؤنا وفقهاؤنا في كتاب الشركات بلاءً حسناً، حتى إن الموفق ابن قدامة رحمه الله كتب فيه أكثر من ثمانين صفحة (1).
رابعاً: الأسباب الحاملة على الاشتراك في شركات الأسهم:
لعل أهم الأسباب التي حملت أكثر الناس على الوقوع في المساهمات دون دراسة وتحقق ما يلي:
1- الدعاية والإعلان، وترغيب الناس في ارتفاع قيمة الأسهم فور بداية التداول.
2- كثرة الطمع في الإثراء السريع بدون تعب.
3- تقصير بعض المسلمين في أداء الزكاة والحقوق الواجبة عليهم؛ فسلط الله على أموالهم من يستنزفها ويضحك عليهم.
4- سد باب القرض الحسن، الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم في الأجر بثمانية عشر ضعفاً، والصدقة بعشر حسنات، وكون القرض مرتين يقوم مقام صدقة.
5- التساهل في الفتوى، فتجد البعض يقولون: هذه شركات نقية، وأخرى مختلطة، وثالثة محرمة، دون دراسة لواقع تلك الشركات ومخاطر المساهمات، وما يقع فيها من الكذب والتحايل والجهالة والغرر ما الله به عليم.
وكل يوم تسمع فتوى غير الأخرى، فشيخ يقول: ساهم في الشركات السعودية وقلبك مطمئن دون تفريق، وآخر يفصل ويدخل بعض الشركات في النقية، ثم لا يلبث أن يظهر له عدم نقائها فيلحقها إما بالمختلطة أو بالمحرمة.. وقد أحدث هذا الاختلاف بلبلة بين الناس، فلا يدرون من يصدقون!
خامساً: مخالفة نظام شركات الأسهم للتشريع الإسلامي في الشركات:
بعد النظر في نظام شركات الأسهم الموضوع لها والمستمد من القانون المدني المصري المستمد من القانون الفرنسي -يتبين لكل منصف أن هناك مخالفات شرعية واضحة، لا يتردد الناظر فيها عن القول بتحريم التعامل مع هذه الشركات، بناءً على القول بتحريم إقامة وتأسيس هذه الشركات ابتداءً.
وهذه المخالفات نجملها فيما يلي:
1- الأصل أن عقد الشراكة بين اثنين فأكثر عقد جائز بإجماع الفقهاء، أي أن لكل أحد من الشركاء أن يفسخ العقد متى شاء، ويتفاسخ الشركاء بالطريقة التي نص عليها الفقهاء رحمهم الله.
أما نظام شركات الأسهم فإنه يجعل عقد الشراكة عقداً إلزامياً؛ بدليل: أن المساهم في أي شركة لا يستطيع أن يبيع حصته على الشركاء؛ بل لابد أن يكون ذلك عن طريق الشركة وبواسطة البنوك، فلو أراد شخص أن يتخلص من أسهمه في شركة بسبب تعاملها بالربا، أو لكونها تبيح بيع الأسهم وتداولها قبل أن يبدأ العمل بها، فلا يجوز له ذلك في نظامهم إلا أن يأتي بمشترٍ يحلّ محلّه، أو يصبر على الحرام، فلو خرج مليون مشترك فلابد أن يحل محلهم بعددهم، وهذا مخالف لنظام الشركات في الإسلام، الذي يجعل للشريك الحق في فسخ عقده وسحب سهمه متى شاء، وبدون أي شروط أو قيود.
2- الأصل أن الشركات تنبني على عقود مشاركات تضبطها، ولا تلزم بنمط معين بحيث تصبح وكأنها ليست عقوداً اتفاقية بين الشركاء، فالعقد هو الذي يضبطها، وهو الذي يلزم الشركاء بالعمل وفق ما جاء فيه، وما تم الاتفاق عليه بين الشركاء أنفسهم.
أما في ظل النظام القائم لشركات الأسهم فإن القانون هو الذي يحكم وليس العقد، ومن يخرج عن القانون ولو ابتغاء التصحيح يدخل تحت طائلة العقوبات التي يقررها القانون، وفي هذا مخالفة صريحة للتشريع الإسلامي في الشركات، وفيه إلزام للشركاء بما لم يلزموا به شرعاً.
3- النقص الظاهر في القانون المنظم للشركات؛ إذ لا يشتمل في مواده إلا على نوعين من الشركات هما: شركة الأموال، وشركة المضاربة؛ على نقص في النوع الثاني، أما شركة الأبدان، وشركة الوجوه، وشركة المفاوضة، فلا وجود لها في نظام الشركات القائم؛ لأن أعمال الشركات تدار من خلال البنوك، وهي لا تعرف إلا المال.
4- اجتماع الأجرة مع نسبة الأرباح؛ وهذا مخالف للقول الصحيح وما عليه جمهور أهل العلم؛ حيث إن القول المختار بالدليل: أنه لا يجمع العامل في المضاربة بين نسبة الربح والأجرة؛ لأنه ربما استهلكت الأجرة كامل الربح، فلم يبق لصاحب رأس المال شيء، فشركات الأسهم تجمع بين أخذ نسبة من الأرباح من أموال المساهمين، وبين أخذ أجرة زائدة على الأرباح، ومن ذلك: مكافأة مجلس الإدارة التي تستوعب أكثر عائد من الأرباح كما هو معلوم، وفي هذا غبن وإضرار بالمساهمين في هذه الشركات لا تقره الشريعة الإسلامية.
5- نسبة الخسارة إذا حصلت؛ فإن المقرر في الشريعة الإسلامية أن الخسارة -وتسمى: الوضيعة- على قدر رأس المال، بخلاف النظام المعمول به في هذه الشركات.
ووجه المخالفة: أن الشريعة تضع الخسارة على حسب رأس المال ما لم يحصل تعد أو تفريط، فيتحمل المتعدي والمفرط الخسارة، ففي العنان -وهي الشراكة بالأموال من الأطراف المتشاركين- لا يكون العدل إلا إذا كانت الخسارة حسب رأس المال؛ لأنه ليس أحد أولى من أحد، بخلاف نظام الشركات؛ فإن الخسارة تكون حسب الشروط المتفق عليها بين الشركاء، والتي يقرها ذلك النظام.
وهذا بخلاف الربح؛ فربما يتفقون على أن يكون لأحدهما نسبة أعلى؛ نظراً لما يقدمه من خبرة، وما إلى ذلك، وهذا مقتضى العدل والإنصاف.
وفي المضاربة: إذا خسر المضارب دون تعدٍ أو تفريط منه فيكفيه خسارة عمله، بينما في نظام الشركات لو شرط صاحب رأس المال أن لا خسارة عليه؛ ضمنها العامل، وهذا ظلم ظاهر، ومخالف للشريعة الإسلامية.
6- تقييد المعاملات وتسلّط مجلس الإدارة، ومن ذلك:
أ)تحويل الشركة الكبيرة إلى شركة مساهمة دون وجه حق، وهذا أشبه بنظام التأميم والمصادرة والمشاركة بالقوة، وقد تبين لي أن الشركات الكبرى التي أفلست كانت تطرح مساهمات لأجل خداع الناس، فمجرد الإعلان عن طرح أسهم تلك الشركة ينكب عليها الناس، فتغطي خسارتها وتزيد الضعف، وقد فطن المتربصون لذلك ممن أفلست شركاتهم فاستغلوا جهل الناس بالوضع الاقتصادي وإدارة اللعبة.
لكن إذا كانت الشركة رابحة فلا يجوز إلزامها بأن تطرح مساهمة؛ لما في ذلك من الظلم.
ب)استغلال مجلس الإدارة واستئثاره بالأصوات؛ مدعياً أن لديه توكيلات أو تفويضات، وهي في الحقيقة شراء أسماء ليس لها علاقة بالشراكة لا من قريب ولا من بعيد، ولا يخفى ما في هذا من التسلط والظلم والاستبداد الذي يأباه الإسلام ولا يقره.
7- دعوى التقادم: فنظام الشركات ينصُّ على أنه إذا وقع خطأ في الشراكة، ولم يتقدم المساهم بالشكوى خلال سنة من وقوع ذلك الخطأ؛ سقطت دعواه، بدعوى التقادم، وفي هذا القانون مخالفة للتشريع الإسلامي؛ فإن الحق لا يسقط في الشريعة الإسلامية إلا بالأداء أو الإبراء، ولا دخل لمسألة التقادم في إسقاط الحقوق.
8- فيما يتعلق بإثبات الحق: فإن الشريعة الإسلامية تعتبر البينة على المدعي، وهي ما أبان الحق وأظهره من شهود، أو اعتراف، أو قرينة ظاهرة.
لكن نظام الشركات لا يعتد بالبينة إلا بما هو مكتوب؛ بل يجعل ذلك ركناً في عقد الشراكة، ولا يعتد إلا بتوثيق ذلك كتابياً من الشركة، ولا يعتد بغير ذلك من البينات، فلو كانت البينة مائة شاهد لما نظر إليها، وإنما ينظر إلى ورقة معتمدة من الشركة ولو كانت مزورة!!
9- التذبذب في أسعار الأسهم؛ بحيث لو استقال وزير من وزراء التجارة في الدول المشهورة، أو اعتدي على وزير، أو نحو ذلك؛ فلا تسمع إلا ارتفاع الأسهم وانخفاضها، وهذا يدل على عدم الاستقرار، وقد ثبت لدي -كما أخبرني بعض المتعاملين عن طريق شبكة الإنترنت- أنه في حال ارتفاع الأسهم وإرادته البيع يقفل في وجهه الخط ولا يستطيع الوصول للبيع، فالأمر فيه تلاعب وسيطرة من متنفذين وراء الأكمة.
وكم من متعامل يدخل صالة التداول ويخرج فرحاً جذلاً يكاد يطير من الفرح! وكم من باكٍ شاكٍ يعضّ أصابع الندم بسبب ما سبق من التذبذب والتلاعب! وهذا يكفي في تحريم التعامل مع شركات الأسهم؛ لأن في ذلك غرراً لا يرضاه الإسلام.
10- المخالفة الشرعية فيما يصدر عن الشركات مما يتعلق بالصكوك، وهي التي تصدرها الشركات المساهمة.
فقد جاء في نظام الشركات في الفصل الرابع منه في المادة (98): «أن الصكوك التي تصدرها الشركة المساهمة، تكون في شكل سندات أو حصص تأسيس أو أسهم.
فأما السندات فهي أن تطرح سندات يشتريها كبار المستثمرين بقيمة عاجلة مقابل زيادة تدفع مع قيمة السندات آجلاً».
وهذه العملية ربا قطعاً باتفاق جميع المسلمين، حتى القانونيين منهم.
وأما حصص التأسيس فيقول النظام عنها: «هي براءة اختراع أو التزام حصل من شخص اعتباري عام يكون مشاركاً بحصة تأسيس».
وهذه الحصة قد تكون خدمة معنوية يقدمها أحد الناس، فتسجل له حصة تأسيس، ويصدر له صك مقابل ذلك، وهذا فيه من الجهالة والغرر الشيء الكثير؛ إذ ليس هناك ضابط يحدد الخدمة وما يقابلها.
وقد تكون رشوة؛ كأن تكون الحصة مقابل تسهيل إجراءات إدارية أو جمركية.
ولا نشك أن الشركات العالمية -والكل تبع لها- يدخلها كثير من الغش والخداع والرشاوي باسم الإكراميات تارة، وباسم غيرها تارات أخرى، وهذا النوع أيضاً يلحق بالسندات، فهو حرام.
وأكثر الشركات القائمة تتعامل بهذين النوعين من الإصدارات.
أما النوع الثالث -وهو المهم- فهو الأسهم، وقد أصبح حديث الناس، واستولى على جل أوقاتهم وأموالهم، وأشغلهم أيما إشغال.
والأسهم نوعان: أسهم بالاسم، وأسهم لحامل السند:
فأما الأسهم لحامله: فهي حرام؛ لما في ذلك من إضاعة الحقوق، ولما يعتريها من الجهالة؛ حيث لا يعرف الشريك من هو شريكه، ولو ضاعت الأوراق الخاصة بالسندات فوقعت في يد شخص آخر، لأصبح حاملاً له وهو غير مستحق له.. فمن هنا نشأ التحريم.
وأما الأسهم التي بالاسم: فهي نوعان أيضاً: أسهم عادية، وأسهم ممتازة.
ومعنى الامتياز في الأسهم: أن يكون لأصحابها ميزة، وهي التي يبقى لأصحابها الحق عند إفلاس الشركة أو تصفيتها في أخذ حقوقهم كاملة.
ومن المعلوم أن هذا التمييز باطل؛ إذ أن الأصل هو التساوي بين الشركاء وعدم التمييز بينهم بأي وجه من الوجوه، فهم شركاء في الربح وفي الخسارة، أما إذا جعلنا لأحد المساهمين ميزة بأن نضمن له عدم الخسارة، أو أن له الحق في أن يسحب ماله متى شاء دون غيره؛ فهذا حرام بلا شك؛ لما فيه من الظلم لباقي الشركاء، وعدم تساويهم؛ لأنه ليس لبعضهم فضل على بعض فيما اشتركوا فيه.
ومن هذا التمييز نوع يسمى: أسهم التمتع، وهي التي يستحق أصحابها ربحاً بعد بيع أسهمهم وسحب أموالهم؛ وهذا حرام؛ لأنه لم يبق له حق في الشراكة بعد سحب ماله، فعلى أي أصل يعطى مثل ما يعطى بقية الشركاء وقد سحب أسهمه؟!
وأما الأسهم العادية: فلا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تقوم الشركة على أصول شرعية، وتمارس جميع أعمالها على نقاء وبُعد عن الربا والكذب والجهالة والغرر والنجش، وتطبق جميع الضوابط الشرعية التي نص عليها أهل العلم في كتبهم، فهذه تباح المشاركة فيها؛ بل يندب دعمها ولو قلّت أرباحها؛ لما في ذلك من إحياء سنة المشاركة، والتوحد على إقامة المشاريع المربحة والمنتجة، ولكونها تستوعب قدراً كبيراً من الطاقات الشابة، فتقضي على البطالة، ويكثر الإنتاج ويعم الخير.
لكن مثل هذه الشركات عزيزة الوجود؛ لأن قيامها مرهون بوجود نظام إسلامي يحميها ويرعاها، إلا أن إقامتها غير مستحيلة، وممكنة إذا صلحت النيات، واجتمعت الخبرات من علماء الشريعة وعلماء الاقتصاد المعاصر لبناء تلك الشركات على أصول شرعية في جميع أحوالها ونشاطها، وقد تحقق أرباحاً تفوق الخيال بمباركة الله تعالى لها؛ لكونها قائمة على أصول شرعية.
الحالة الثانية: ما هو منتشر الآن من قيام شركات على نظم قانونية بحتة، لاتحل حلالاً ولا تحرم حراماً، تتعامل بالربا، وتقترض بالربا، وتأخذ الأرباح الربوية، فتسجل تحت بند (أرباح بنكية)، أو يقال: (أرباح أخرى)، فمتى عُرف هذا عن أي شركة من الشركات فإنه يحرم المساهمة فيها أياً كانت نسبة الربا؛ لأن الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) [البقرة:278]، و(ما) من ألفاظ العموم. وقال صلى الله عليه وسلم: (وكل ربا موضوع تحت قدمي هاتين). و(كل) أيضاً من ألفاظ العموم، فيدخل في ذلك الربا بكل صوره وأشكاله ونسبه؛ فهو حرام بتحريم الله تعالى له وتحريم رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تفريق بين نسبة وأخرى منه.
والشركات القائمة الآن منها ما هي صريحة في تعاملها بالربا، فهذه لا يجوز الدخول في أسهمها؛ لا مساهمة، ولا بيعاً، ولا شراءً، ولا تداولاً، ولا تورقاً.
ومنها شركات لا تأخذ الربا والفوائد البنكية، لكنها تعطيها؛ حيث تقترض من البنوك لحاجتها إلى المال وتدفع لهم فوائد ربوية، ولاشك أنها كالمعطي له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الآخذ والمعطي فيه سواء)، ولا أظن شركة تسلم من هذا النوع، فلو لم تكن آخذة للربا فهي معطية له.
سادساً: مفاسد مترتبة على المساهمة في شركات الأسهم:
هناك مفاسد عظيمة مترتبة على هذا النوع من أنواع الشركات، وهذه المفاسد منها ما هو متعلق بالشركات نفسها، ومنها ما هو متعلق بالمساهمين.. وهاكها فيما يلي:
1- إن تجارة الأسهم يعتريها الكذب والمخادعة والجهالة بالحال، فقد يعلن عن أسعار بعض أسهم الشركات بسعر وهي لم تصل إلى ذلك؛ لإغراء الناس بالشراء، ولا تكاد تستقر الأمور حتى يتراجع المؤشر.. وهكذا، فهناك لعبة يمارسها المتنفذون مع الهوامير في تجارة الأسهم، فإذا أرادوا بيع الأسهم رفعوا الأسعار، وإذا أرادوا الشراء خفضوا أسعارها، وجمهرة المشاركين هم المتضرر الحقيقي في هذه اللعبة القذرة وهم لا يعلمون!!
2- ومن العجيب أنه قد تخسر شركة من الشركات إلى حد الإفلاس، وإذا بها تعلن عن أسهم للمشاركين، فإذا بها ترد خسارتها؛ بل وأكثر من ذلك، حتى إن شركة مشهورة بلغت خسارتها أكثر من سبعمائة مليون ريال، وكانت الفكرة -بدلاً من إعلان الإفلاس- طرحها مساهمة، فأقبل الناس عليها لشهرتها، فغطت العجز وزاد ميزان الفائض!! وفي هذا مخادعة وكذب، وأكل لأموال الناس بالباطل.
بل إن بعض الشركات أعلنت عن تكبدها خسائر فادحة، ثم طرحت أسهماً، فتنافس الناس عليها!!
3- والأعجب من هذا كله أنك لا تكاد تسمع بمساهمة إلا وانكب الناس عليها دون دراسة لجدواها، أو معرفة لكيفية ممارستها، والكثرة الكاثرة من المساهمين يقترضون بالآجل، فيشترون الأسهم بزيادة ويبيعونها بخسارة كبيرة؛ للحصول على المال من أجل المضاربة في الأسهم، وبعضهم يبيع منزله أو سيارته ويغامر بماله، فربما ربح (وقليل ما هم)، ومثل هؤلاء يمدحون المتاجرة بالأسهم؛ لأنه لا يمدح السوق إلا من ربح فيه!
والكثرة الكاثرة إما أن يخسروا، أو يربحوا ربحاً زهيداً، فمثلاً: تجد قيمة السهم في بعض الشركات بمبلغ ألف وستمائة ريال، وعند توزيع الأرباح السنوية قد لا يحصل المساهم إلا على بضعة عشر ريالاً لمدة عام أو أكثر، فهل هذا معقول؟!!
4- ومن المفاسد: أن بعض الشركات تبدأ في بيع وشراء الأسهم وهي لم تقمْ بعدُ على وجه الواقع، فهذا بيع وشراءٌ للمال بالمال، وهو حرام بالاتفاق.
5- مما لاشك فيه أن طرح أسهم الشركات للاكتتاب من أعظم ما أشغل الناس حتى عن أداء الواجبات، فمنهم من أشغلته عن الصلاة، أو استولت على فكره فلا يدري كم صلى إمامه !
ومن الموظفين من يغلق بابه ويدخل عن طريق الإنترنت في عملية البيع والشراء، ويستغرق ذلك ساعات طويلة، وبذلك يضيع عمله، وإذا سئل عنه قالوا: عنده اجتماع في الداخل!! ونندب القارئ الكريم إلى الدخول إلى موقع (تداول) لكي يحكم عن قرب ومشاهدة، فينظر السّعار الذي يصاحب هذا النوع من المعاملة، وكذلك يطل على منتديات المستثمرين فينظر ما يدار من حديث بين المشاركين، وما يقع فيه من سورة للمغالبة والكسب.
ومن الموظفين والمعلمين من يستأذن، أو يخرج بغير إذن ليذهب إلى صالة تداول الأسهم في البنوك، تاركاً عمله مضيعاً طلابه، ولو دخلت عليهم وهم محدقون بالشاشات ولا يدرون ما حولهم؛ لعلمت كيف أشغلتهم الأسهم وتداولها حتى عن أنفسهم! وما أدى إلى إضاعة الحقوق والواجبات فهو حرام، وهذا من أهداف اليهود عليهم غضب الله!!
6- الانشغال بالأسهم يعطل كثيراً من الأعمال الإنتاجية؛ كالتجارة الحلال، والزراعة، والصناعة؛ نظراً لاستيعاب السوق لرءوس الأموال التي يمكن توظيفها في مشاريع إنتاجية تدر أرباحاً حلالاً وطيبة، وتقضي على البطالة، وتفتح بيوتاً، وتسد كثيراً من الحاجات.
7- ومما يجب التنبيه عليه: أن اليهود مسيطرون على إدارات البنوك العالمية الكبرى، وغيرها تبع لها، ومكاتب تجمع لها المال؛ ليكون تحت سمعهم وبصرهم وتحكمهم، فلا يكاد ينتهي الاكتتاب في شركة حتى تقوم أخرى، وبهذا يضمنون سيطرتهم على المال، وأكثر الناس لا يدري عن اللعبة القذرة لليهود عليهم لعائن الله!
سابعاً: البدائل الشرعية العملية للمساهمة القائمة على غير الشريعة الإسلامية:
وبعد هذا كله لقائل أن يقول: إذاًَ فما هي البدائل الشرعية لهذه الشركات؛ حتى يتسنى لنا أن نتعامل تعاملاً إسلامياً بعيداً عن المحرمات والمشتبهات؟
فنقول:
هناك بدائل شرعية عن هذه المعاملة، ومنها:
1- إيقاف الإعلان والدعاية للمساهمات في جميع الشركات؛ حتى تصحح الأوضاع من جذورها وفق الشرع الحنيف.
2-إصدار فتوى موحدة من أهل الاختصاص في أنظمة المشاركات القائمة؛ ليعرف الناس الحلال من الحرام، ومن ثم إلغاء ما قام على الحرام.
3-المسارعة في تكوين لجان من ذوي الاختصاص الشرعي والاقتصادي لحل الإشكال القائم، ومع صدق النية فلن يستغرق الأمر زمناً طويلاً، مع الدعم من الجهات المختصة.
4-ومن المهم جداً إلغاء المحاكم القانونية تماماً، وتحويل جميع القضايا إلى المحاكم الشرعية وديوان المظالم، بعد إعادة النظر في لوائحه؛ لتتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويوحد القضاء.
5-إحياء طريقة الجمعيات التعاونية بين الموظفين، ووضع أنظمة لها، واختيار من يديرها، مع إخضاعها لرقابة شرعية ومتابعة لمنع التلاعب بأموال الناس، ويرخص لها من الجهة المسئولة عن ذلك.
6-إحياء سنة المضاربة، وتشغيل الأموال في التجارة، وإقامة المشاريع الزراعية الناجحة وحمايتها، وتشييد المصانع، وتشجيع الحرفيين على العمل والإنتاج، بدلاً من المضاربات بالأسهم؛ فكم من خسائر مادية وصحية ونفسية تتكبدها الأمة بسبب تجارة الأسهم!
7-إحياء سنة القرض الحسن، ووضع نظام له يكفل سداد الحقوق واقتضائها من المقترضين؛ منعاًً للمماطلة، عن طريق معاملة بنكية إسلامية، وإحياء سنة الرهن الإسلامي، والاستقطاع من الراتب عن طريق المصارف الإسلامية، ولها مقابل ذلك رسوم معقولة.
8-توزيع الثروة توزيعاً عادلاً، وخاصة أموال الزكاة، فلو أخرجت الزكاة على وجهها الصحيح لقضي على الفقر والحاجة، وفجرت الطاقات الكامنة؛ حيث يعطى من لديه خبرة أو مهنة آلات من أموال الزكاة ليتكسب بها، فيقضى على ما يسمى بالبطالة، ويوكَّل بذلك رجال مخلصون لدينهم ووطنهم وأمتهم، ولا مانع من أن يكون للزكاة وزارة مستقلة تعنى بجمع أموال الزكاة على الوجه الحقيقي، وتخرج في مصارفها المشروعة المنصوص عليها.
وبناءً على ماسبق: فإني أدعو سماحة المفتي واللجنة الدائمة للفتوى أن تسعى عاجلاً غير آجل إلى تكوين لجنة من أهل الاختصاص الشرعي والاقتصادي يعكفون على دراسة أنظمة الشركات، وطريقة المساهمات والتداول، وتصدر عنهم فتوى قاطعة تريح المجتمع من هذه البلبلة، والأمر جد خطير، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
والواجب إقامة الشركات على قواعد الشرع المنظمة لها، وإذا طرأ جديد من الأنظمة فيدرس ويجتهد فيه وفق أصول الاجتهاد والنظر، لا وفق تتبع الرخص في المذاهب؛ فإن من تتبع الرخص تزندق.
ولا أشك أن نظام الشركات القائم مخالف للشريعة في أساسه وليس في جزئيات فقط، فالأصل أن تقوم الشراكة على ما نص عليه الشرع، وما بينه أهل العلم في كتبهم، ويعمل بالاجتهاد بشرائطه فيما لا نص فيه، وعندئذ نكون قد قدمنا للأمة والشريعة الإسلامية خدمة عظيمة عملية، وليس مجرد تنظير أو أفكار بعيدة عن الواقع.
وختاماً: أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذه الكلمات كل من قرأها، وأرجو أن تجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية، والله تعالى يعلم أنني لم أكتب هذه الأسطر إلا إعذاراً وإنذاراً، وليس بيني وبين أحد عداء أو تقصد، وإنما هو رأيي أبديه، فإن كان صواباً فمن الله وحده، وإن كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم