المحل في عقد البيع
المحل في عقد البيع
مقدمة
إن دراسة عقد البيع أهمية بالغة خاصة باعتباره الطريقة الأساسية لتدول القيم الاقتصادية بين الأفراد .
و من أجل ضبط و تنظيم هذه العلاقة الاقتصادية قام المشرع الجزائري بوضع قواعد عامة و لم يكتفي بذلك بل أعطاه أحكاما خاصة و ذلك ما يجسده في المواد من 351 إلى 412 من ق.م.ج.
حينما نتكلم عن عقد البيع فإننا نكون أمام التزامين من احدهم التزام البائع وهو نقل ملكية المبيع إلى المشتري والالتزام الآخر التزام المشتري حيث يلتزم بدفع الثمن و من هنا نقول أن لعقد البيع محلين و هما الشيء المبيع و الثمن المدفوع من قبل المشتري و من هذا كله علما على طرح الإشكالية التالية ما هي الأحكام المتعلقة بكل من هذين المحلين؟
و من أجل حل هذا الإشكال اعتمدنا على بعض المراجع و وضعنا الخطة المبينة أدناه.
المحل في عقد البيع
مقدمة
المبحث الأول : ماهية المحل في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم المحل في عقد البيع
المطلب الثاني : شروط المحل في عقد البيع
الفرع الأول : شرط المشروعية
الفرع الثاني : شرط الوجود أو إمكانية لوجود
الفرع الثالث : شرط التعين أو القابلية للتعين
الفرع الرابع : شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
المبحث الثاني : الثمن كمحل ثاني في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم الثمن في عقد البيع
المطلب الثاني : شروط الثمن في عقد البيع
الفرع الأول : أن يكون الثمن نقدا
الفرع الثاني : أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير
الفرع الثالث : أن يكون الثمن حقيقا
الفرع الرابع : الأثر المترتب على وجود الغبن
الخاتمة
المبحث الأول : ماهية المحل في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم المحل في عقد البيع
يقصد بالمحل في عقد البيع الحق الذي يرد على شيء من الأشياء و قد يكون الحق عينيا كحق الملكية أو حق الارتفاق أو انتفاع أو ما إلى غير ذلك و قد يكون حقا شخصيا كما في حوالة الحق و قد يكون حقا أدبيا معنويا كحق المؤلف و أيضا المحل في أي عقد هو العملية القانونية ، أي أنها يصبا الشيء المتفق على نقل ملكيته في قالب قانوني أي الالتزامات التي يراد إنشائها سواء التزام البائع بنقل الملكية والتزام المشتري بدفع الثمن.
المطلب الثاني : شروط المحل في عقد البيع
هناك أربعة شروط للمحل و هي :[1]
1. شرط المشروعية
2. شرط الوجود أو إمكانية لوجود
3. شرط التعين أو القابلية للتعين
4. شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
الفرع الأول : شرط المشروعية
يكون المبيع مشروعا أي قابل للتعامل فيه طبقا لنص المادة 93 من ق.م.ج. " إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته مخالفا لنظام العام او للآداب العامة كان باطلا بطلان مطلق " و تنص المادة 682 من ق.م.ج. "
كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو حكم القانون يصلح أن يكون محل للحقوق المالية . [2]
و الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها و أما الخارجة بحكم القانون فهي التي يجيز القانون أن تكون محل للحقوق المالية "
يتبين لنا من نص المادة 96 لبد أن يكون محل أي عقد و بالخصوص عقد البيع أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة، و هذا ما بينته المادة 682 من ق.م.ج و قصدته بقولها " كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو حكم القانون يصلح أن يكون محل للحقوق المالية.
1. الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها : هي الأشياء التي لا يستطيع احد أن يستأثر بـحيازتها مثل : الهواء، الشمس، ماء البحر و بالتالي لاتصل حان تكون محل لعقد البيع فهي من الأشياء الغير قابلة للتملك ، لكن استحالة التعامل بهذه الأشياء متوقف على بقاء هذه الاستحالة فإذا زالت أمكن التعامل بها .
2. الأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون : و هي نوعان [3]
a. أشياء خرجت عن التعامل بحكم القانون تقديرا للغرض الذي خصصت له كالأموال العامة، كما حددت في المادة 688 من القانون المدني ما يدخل ضمن أموال الدولة بقولها " تعتبر أموالا للدولة العقارات والمنقولات التي تخص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة ، أو لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري ، أو اشتراكي أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلية في نطاق الثورة الزراعية ". و هذا النوع من الأشياء لا يجوز أن تكون محلا للتعامل بها بحكم القانون و كذلك لا يجوز الحجز عليها أو تمليكها بالتقادم.
b. أشياء خرجت عن التعامل بحكم القانون لأنها محرمة حيث يرى المشرع التعامل فيها إخلالا بالنظام العام كالمخدرات ـ و تجارة الأسلحة المحظورة ، و السموم ، و كذلك الحقوق السياسية و الحقوق المتعلقة لأحول الشخصية .
الفرع الثاني : شرط الوجود أو إمكانية الوجود
معنى الوجود و هو أن يكون المبيع موجودا وقت انعقاد عقد البيع أو يكون ممكن الوجود مستقبلا فإن كان المبيع غير موجود أصلا أو لا يمكن وجده في المستقبل هما البيع باطل بطلان مطلق و كذلك ان وجد وهلك قبل البيع فالبيع باطل أيضا أما إذا كان المبيع موجود وقت انعقاد البيع لكن هلك قبل التسليم فهنا العقد يفسخ .
و و لقد نصت المادة 92 من ق.م.ج. " يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبليا و محققا..." كالمحصول الزراعي في المستقبل .و لقد ورد استثناء في هذه المادة في الفقرة الثانية و هو بطلان التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة حتى ولو كان برضاه إلى في الأحوال المنصوص عليها قانونا. زد إلى ذلك ان يكون المشتري غير ممنوعا من اكتساب الحق المبيع أو ناقصا لأهلية الوجوب مثل منع المدافعين القضائيين و المحامين من شراء الحقوق المتنازع عليها المادة 403 من ق.م.ج.
الفرع الثالث : شرط التعين أو القابلية للتعين
تنص المادة 94 من ق.م.ج " إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه، و مقداره و إلا كان العقد باطلا
ويكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطيع به تعين مقداره و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء، من حيث جودته ولم يمكن تبين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر، التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط "
إذا تخلف شط التعين أو القابلية للتعين يكون العقد باطلا بطلان مطلق[4]
و من بين أحدى الطرق المتبعة لتعين المبيع هي البيع على أساس العينة حسب نص المادة 353 من ق.م.ج. "إنه إذا انعقد البيع بالعينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها ..."
الفرع الرابع : شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
و كذلك اشترط المشرع العلم الكاف بالمبيع و إذا تخلق يكون قابل للإبطال لمصلحة المشتري تنص المادة 352 من ق.م.ج. " يجب أن المشتري
عالما بالمبيع علما كافيا و يعتبر العلم كافيا إذا أشتمل العقد على بيان المبيع و أوصافه الأساسية بحيث يمكن التعرف عليه.
و إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حق هذا الأخير في طلب إبطال البيع بدعوة عدم العلم به إلا إذا أثبت غش البائع."
نصت هذه المادة على حق المشتري في طلب الإبطال ، إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حقه في الإبطال إلا إذا اثبت غش البائع .
في شرط التعيين يكفي فيه ما يميزه عن غيره أما شرط العلم فهو ذكر أوصافه الأساسية و إذا تخلف شرط التعيين يترتب عليه بطلانا العقد بطلانا مطلقا أما تخلف العلم الكافي هو القابلية للإبطال.[5]
المبحث الثاني : الثمن كمحل ثاني في عقد البيع
بنا أن عقد البيع من عقود المعوضة و هو ملزم لجانبين فمن بين التزامات المشتري هو دفع الثمن فهو بمثابة محل ثاني في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم الثمن في عقد البيع
تنص المادة 351 من ق.م.ج. " البيع عقد يلتزم بمقتضاه، البائع أن تلتزم أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا أخر في مقابل ثمن نقدي. " من خلال هذه المادة نفهم انه نقل شيء أو حقا ماليا أخر بمقابل و هو الثمن النقدي. و يكون عبارة عن مبلغ من النقود يلتزم المشتري بدفعه في مقابل ما نقل له من ملك أو مقابل المبيع و لا يشترط في الدفع أن يكون عاجلا أو مؤجلا ، كما لا يصح أن يكون الدفع عن طريق الوراق المالية أو الأسهم أو غير ذلك إلى بعد تحديد الثمن ، ومتى حدد يمكن تحويله إلى أوراق مالية محل النقود مثل : السفتجة أو سند الأمر أو الشيك [6]
المطلب الثاني : شروط الثمن في عقد البيع
الثمن في عقد البيع له عدة شروط و هي أن يكون الثمن نقدا و أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير وأن يكون الثمن حقيقا
الفرع الأول : أن يكون الثمن نقدا
بمعنى أن الثمن لبد أن يكون مبلغ من النقود حتى نستطيع التفرقة بين البيع و المقايضة ، حتى وإن كانت سبائك ذهبية مقابل الشيء المبيع يعتبر ذلك مقايضة و ليس بيع ، حيث بعد تحديد الثمن و المبلغ يمكن الاستغناء عن النقود و تعويضها بالوراق المالية محل النقود في الوفاء بالثمن [7]
الفرع الثاني : أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير
في عقد البيع يجب الاتفاق على الثمن و تعينه تعينا دقيقا كافيا في مقداره و يمكن الاتفاق عليه صراحة أو ضمنيا على الأسس لتقدير الثمن حسب المادة 356 من ق.م.ج. " يجوز أن تقتصر تقدير الثمن على بيان الأساس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد ....."
الأسس التي يحدد بمقتضاها مقدار الثمن هي [8] :
1. الأساس الأول : سعر السوق : حسب المادة 356 من ق.م.ج. " ... و إذا وقع الاتفاق على أن الثمن هو سعر السوق وجب عند الشك
الرجوع إلى السوق الذي يقع فيه تسليم المبيع للمشتري في الزمان ، و في المكان ، فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف أن تكون أسعاره هي سارية."
2. الأساس الثاني : السعر المتداول في التجارة : حسب المادة 357 من ق.م.ج. " إذا لم يحدد المتعاقدان الثمن ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع
متى تبين من أن المتعاقدين قد نويا الاعتماد على السعر المتداول في التجارة ، أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما " حسب هذه المادة يكون التعين ضمني و لا يبطل البيع ما ثبت نية الاعتماد على السعر المداول في التجارة أو ما جرى التعامل به بينهما.
3. الأساس الثالث : الثمن الذي اشترى به البائع: وهذا الأساس لم ينص عليه المشرع الجزائري إلى أننا نجد التعامل به في بعض الأحيان مثل:
المرابحة : و هي عقد بيع يحدد فيه ثمن الشراء مع ربح معلوم للطرفين
التولية : و هو عقد بيع بنفس الثمن الشراء
الوضيعة : و هي عقد بيع بخسارة بنسبة مئوية
4. الأساس الرابع : أن يتولى أجنبي تحديد الثمن : وهذا الأساس أيضا لم ينص عليه المشرع الجزائري إلى أنا نجده في التشريع الفرنسي [9]
الفرع الثالث : أن يكون الثمن حقيقا
أن يكون الثمن متناسبا مع قيمة المبيع المقدر بحسب سعر السوق و هو الذي تكون إرادة طرفي العقد و قد اتجهت إلى إلزام المشتري بدفع هذا الثمن باعتباره مقابلا حقيقا للمبيع [10] ويكون غير حققي إذا كان صوريا أو تافها [11]
الثمن الصوري: هو الذي لا يطابق ما اتفق عليه الطرفان و ذكر في العقد استفاء للشكل فقط و متى ثبت أن الثمن صوري فإن العقد لا يكون بيعا بل يكون هبة مستترة
الثمن التافه : يكون قليلا إلى حد يجعل التناسب بينه و بين قيمة المبيع الحقيقة مفقودة تماما و هنا أيضا لا يكون العقد بيعا بل يكون هبة
الثمن البخس : فهو ثمن حققي لكنه يقل بكثير عن قيمة المبيع و لا ينزل لدرجة التافه
حالة الاستغلال التي تنص عليها المادة 90 من ق.م.ج. لأي حالة أن يستغل أحد المتعاقدين المتعاقد آخر و ذلك بسبب وجود نقص فيه مثل الطيش
الفرع الرابع : الأثر المترتب على وجود الغبن
تنص المادة 358 من ق.م.ج. "إذا بيع عقار بغبن يزيد عم خمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل ..."
شروط لحدوث على الغبن هي:
• أن يكون صاحب المبيع كامل أو ناقص الأهلية
• أمن يكون العين المبيع عقار
• و لا تكون عملية البيع في المزاد العلني
• و لا يقل على خمس 1/5
وللبائع الحق في طلب تكملة الثمن بدعوى تكملة الثمن إلى 4/5 من ثمن عقار يماثله أو يشبهه و إذا لم يكمل المشتري الثمن بعد الحكم عليه فعلى البائع أن يطلب الفسخ بدعوى الفسخ و إذا تصرف المشتري بالعقار و باعه بدوره للغير و كان الغير حسن النية فما على البائع إلا الرجوع إلى المطالبة
بالتعويض .
حيث دعوى تكملة الثمن تسقط حسب المادة 359 من ق.م.ج.
• تسقط بالتقادم بعد ثلاثة سنوات من يوم انعقاد البيع
• و تسقط بالنسبة لعديم الأهلية من يوم انقطاع العجز
• و لا تلحق ضرر للغير حسن النية
و كذلك لا يطعن في البيع عقار بيع بالمزاد العلني و يجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد عن الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع.[12]
الخاتمة
و من هنا نصل إلى القول أن لعقد البيع محلين و هما كل من الشيء المبيع الذي يجب أن يكون مشروعا وجود أو إمكانية لوجود و معينا أو قابل للتعين و أن يكون معلوما علما كافيا للمشتري و المحل الثاني هو الثمن الذي يلتزم به المشتري بدفعه و الذي يجب أن يكون نقدا و أن يكون مقدرا أو قابل للتقدير وأن يكون حقيقا. و بتخلف أحد من هذين المحلين يكون عقد البيع بطل .
المراجع •
- محمد حسنين عقد البيع في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الرابعة 2005،بن عكنون الجزائر•
- الدكتورة سي يوسف زهية حورية ،الوجيز في عقد البيع ، طبعة 2008 ،دار الأمل للباعة و النشر و التوزيع ،تيزي وزو الجزائر
ـــــــــــــــــــــــ
[1] أنضر : محمد حسنين ، عقد البيع في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الرابعة 2005،بن عكنون الجزائر ، صفحة 45 الى الصفحة 60
2 أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، صفحة 45
[3] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،الوجيز في عقد البيع ، طبعة 2008 ،دار الأمل للباعة و النشر و التوزيع ،تيزي وزو الجزائر، صفحة 77- 78
[4] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 73
1 أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، صفحة 55
[6] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 79
[7] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 80
[8] أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، من صفحة 64 إلى 65
[9] أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، من صفحة 64 إلى 65
[10] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88
[11] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88
[12] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88 إلى 89
المحل في عقد البيع
مقدمة
إن دراسة عقد البيع أهمية بالغة خاصة باعتباره الطريقة الأساسية لتدول القيم الاقتصادية بين الأفراد .
و من أجل ضبط و تنظيم هذه العلاقة الاقتصادية قام المشرع الجزائري بوضع قواعد عامة و لم يكتفي بذلك بل أعطاه أحكاما خاصة و ذلك ما يجسده في المواد من 351 إلى 412 من ق.م.ج.
حينما نتكلم عن عقد البيع فإننا نكون أمام التزامين من احدهم التزام البائع وهو نقل ملكية المبيع إلى المشتري والالتزام الآخر التزام المشتري حيث يلتزم بدفع الثمن و من هنا نقول أن لعقد البيع محلين و هما الشيء المبيع و الثمن المدفوع من قبل المشتري و من هذا كله علما على طرح الإشكالية التالية ما هي الأحكام المتعلقة بكل من هذين المحلين؟
و من أجل حل هذا الإشكال اعتمدنا على بعض المراجع و وضعنا الخطة المبينة أدناه.
المحل في عقد البيع
مقدمة
المبحث الأول : ماهية المحل في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم المحل في عقد البيع
المطلب الثاني : شروط المحل في عقد البيع
الفرع الأول : شرط المشروعية
الفرع الثاني : شرط الوجود أو إمكانية لوجود
الفرع الثالث : شرط التعين أو القابلية للتعين
الفرع الرابع : شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
المبحث الثاني : الثمن كمحل ثاني في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم الثمن في عقد البيع
المطلب الثاني : شروط الثمن في عقد البيع
الفرع الأول : أن يكون الثمن نقدا
الفرع الثاني : أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير
الفرع الثالث : أن يكون الثمن حقيقا
الفرع الرابع : الأثر المترتب على وجود الغبن
الخاتمة
المبحث الأول : ماهية المحل في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم المحل في عقد البيع
يقصد بالمحل في عقد البيع الحق الذي يرد على شيء من الأشياء و قد يكون الحق عينيا كحق الملكية أو حق الارتفاق أو انتفاع أو ما إلى غير ذلك و قد يكون حقا شخصيا كما في حوالة الحق و قد يكون حقا أدبيا معنويا كحق المؤلف و أيضا المحل في أي عقد هو العملية القانونية ، أي أنها يصبا الشيء المتفق على نقل ملكيته في قالب قانوني أي الالتزامات التي يراد إنشائها سواء التزام البائع بنقل الملكية والتزام المشتري بدفع الثمن.
المطلب الثاني : شروط المحل في عقد البيع
هناك أربعة شروط للمحل و هي :[1]
1. شرط المشروعية
2. شرط الوجود أو إمكانية لوجود
3. شرط التعين أو القابلية للتعين
4. شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
الفرع الأول : شرط المشروعية
يكون المبيع مشروعا أي قابل للتعامل فيه طبقا لنص المادة 93 من ق.م.ج. " إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته مخالفا لنظام العام او للآداب العامة كان باطلا بطلان مطلق " و تنص المادة 682 من ق.م.ج. "
كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو حكم القانون يصلح أن يكون محل للحقوق المالية . [2]
و الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها و أما الخارجة بحكم القانون فهي التي يجيز القانون أن تكون محل للحقوق المالية "
يتبين لنا من نص المادة 96 لبد أن يكون محل أي عقد و بالخصوص عقد البيع أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة، و هذا ما بينته المادة 682 من ق.م.ج و قصدته بقولها " كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو حكم القانون يصلح أن يكون محل للحقوق المالية.
1. الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها : هي الأشياء التي لا يستطيع احد أن يستأثر بـحيازتها مثل : الهواء، الشمس، ماء البحر و بالتالي لاتصل حان تكون محل لعقد البيع فهي من الأشياء الغير قابلة للتملك ، لكن استحالة التعامل بهذه الأشياء متوقف على بقاء هذه الاستحالة فإذا زالت أمكن التعامل بها .
2. الأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون : و هي نوعان [3]
a. أشياء خرجت عن التعامل بحكم القانون تقديرا للغرض الذي خصصت له كالأموال العامة، كما حددت في المادة 688 من القانون المدني ما يدخل ضمن أموال الدولة بقولها " تعتبر أموالا للدولة العقارات والمنقولات التي تخص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة ، أو لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري ، أو اشتراكي أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلية في نطاق الثورة الزراعية ". و هذا النوع من الأشياء لا يجوز أن تكون محلا للتعامل بها بحكم القانون و كذلك لا يجوز الحجز عليها أو تمليكها بالتقادم.
b. أشياء خرجت عن التعامل بحكم القانون لأنها محرمة حيث يرى المشرع التعامل فيها إخلالا بالنظام العام كالمخدرات ـ و تجارة الأسلحة المحظورة ، و السموم ، و كذلك الحقوق السياسية و الحقوق المتعلقة لأحول الشخصية .
الفرع الثاني : شرط الوجود أو إمكانية الوجود
معنى الوجود و هو أن يكون المبيع موجودا وقت انعقاد عقد البيع أو يكون ممكن الوجود مستقبلا فإن كان المبيع غير موجود أصلا أو لا يمكن وجده في المستقبل هما البيع باطل بطلان مطلق و كذلك ان وجد وهلك قبل البيع فالبيع باطل أيضا أما إذا كان المبيع موجود وقت انعقاد البيع لكن هلك قبل التسليم فهنا العقد يفسخ .
و و لقد نصت المادة 92 من ق.م.ج. " يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبليا و محققا..." كالمحصول الزراعي في المستقبل .و لقد ورد استثناء في هذه المادة في الفقرة الثانية و هو بطلان التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة حتى ولو كان برضاه إلى في الأحوال المنصوص عليها قانونا. زد إلى ذلك ان يكون المشتري غير ممنوعا من اكتساب الحق المبيع أو ناقصا لأهلية الوجوب مثل منع المدافعين القضائيين و المحامين من شراء الحقوق المتنازع عليها المادة 403 من ق.م.ج.
الفرع الثالث : شرط التعين أو القابلية للتعين
تنص المادة 94 من ق.م.ج " إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه، و مقداره و إلا كان العقد باطلا
ويكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطيع به تعين مقداره و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء، من حيث جودته ولم يمكن تبين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر، التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط "
إذا تخلف شط التعين أو القابلية للتعين يكون العقد باطلا بطلان مطلق[4]
و من بين أحدى الطرق المتبعة لتعين المبيع هي البيع على أساس العينة حسب نص المادة 353 من ق.م.ج. "إنه إذا انعقد البيع بالعينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها ..."
الفرع الرابع : شرط العلم الكافي بالمبيع للمشتري
و كذلك اشترط المشرع العلم الكاف بالمبيع و إذا تخلق يكون قابل للإبطال لمصلحة المشتري تنص المادة 352 من ق.م.ج. " يجب أن المشتري
عالما بالمبيع علما كافيا و يعتبر العلم كافيا إذا أشتمل العقد على بيان المبيع و أوصافه الأساسية بحيث يمكن التعرف عليه.
و إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حق هذا الأخير في طلب إبطال البيع بدعوة عدم العلم به إلا إذا أثبت غش البائع."
نصت هذه المادة على حق المشتري في طلب الإبطال ، إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حقه في الإبطال إلا إذا اثبت غش البائع .
في شرط التعيين يكفي فيه ما يميزه عن غيره أما شرط العلم فهو ذكر أوصافه الأساسية و إذا تخلف شرط التعيين يترتب عليه بطلانا العقد بطلانا مطلقا أما تخلف العلم الكافي هو القابلية للإبطال.[5]
المبحث الثاني : الثمن كمحل ثاني في عقد البيع
بنا أن عقد البيع من عقود المعوضة و هو ملزم لجانبين فمن بين التزامات المشتري هو دفع الثمن فهو بمثابة محل ثاني في عقد البيع
المطلب الأول : مفهوم الثمن في عقد البيع
تنص المادة 351 من ق.م.ج. " البيع عقد يلتزم بمقتضاه، البائع أن تلتزم أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا أخر في مقابل ثمن نقدي. " من خلال هذه المادة نفهم انه نقل شيء أو حقا ماليا أخر بمقابل و هو الثمن النقدي. و يكون عبارة عن مبلغ من النقود يلتزم المشتري بدفعه في مقابل ما نقل له من ملك أو مقابل المبيع و لا يشترط في الدفع أن يكون عاجلا أو مؤجلا ، كما لا يصح أن يكون الدفع عن طريق الوراق المالية أو الأسهم أو غير ذلك إلى بعد تحديد الثمن ، ومتى حدد يمكن تحويله إلى أوراق مالية محل النقود مثل : السفتجة أو سند الأمر أو الشيك [6]
المطلب الثاني : شروط الثمن في عقد البيع
الثمن في عقد البيع له عدة شروط و هي أن يكون الثمن نقدا و أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير وأن يكون الثمن حقيقا
الفرع الأول : أن يكون الثمن نقدا
بمعنى أن الثمن لبد أن يكون مبلغ من النقود حتى نستطيع التفرقة بين البيع و المقايضة ، حتى وإن كانت سبائك ذهبية مقابل الشيء المبيع يعتبر ذلك مقايضة و ليس بيع ، حيث بعد تحديد الثمن و المبلغ يمكن الاستغناء عن النقود و تعويضها بالوراق المالية محل النقود في الوفاء بالثمن [7]
الفرع الثاني : أن يكون الثمن مقدرا أو قابل للتقدير
في عقد البيع يجب الاتفاق على الثمن و تعينه تعينا دقيقا كافيا في مقداره و يمكن الاتفاق عليه صراحة أو ضمنيا على الأسس لتقدير الثمن حسب المادة 356 من ق.م.ج. " يجوز أن تقتصر تقدير الثمن على بيان الأساس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد ....."
الأسس التي يحدد بمقتضاها مقدار الثمن هي [8] :
1. الأساس الأول : سعر السوق : حسب المادة 356 من ق.م.ج. " ... و إذا وقع الاتفاق على أن الثمن هو سعر السوق وجب عند الشك
الرجوع إلى السوق الذي يقع فيه تسليم المبيع للمشتري في الزمان ، و في المكان ، فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف أن تكون أسعاره هي سارية."
2. الأساس الثاني : السعر المتداول في التجارة : حسب المادة 357 من ق.م.ج. " إذا لم يحدد المتعاقدان الثمن ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع
متى تبين من أن المتعاقدين قد نويا الاعتماد على السعر المتداول في التجارة ، أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما " حسب هذه المادة يكون التعين ضمني و لا يبطل البيع ما ثبت نية الاعتماد على السعر المداول في التجارة أو ما جرى التعامل به بينهما.
3. الأساس الثالث : الثمن الذي اشترى به البائع: وهذا الأساس لم ينص عليه المشرع الجزائري إلى أننا نجد التعامل به في بعض الأحيان مثل:
المرابحة : و هي عقد بيع يحدد فيه ثمن الشراء مع ربح معلوم للطرفين
التولية : و هو عقد بيع بنفس الثمن الشراء
الوضيعة : و هي عقد بيع بخسارة بنسبة مئوية
4. الأساس الرابع : أن يتولى أجنبي تحديد الثمن : وهذا الأساس أيضا لم ينص عليه المشرع الجزائري إلى أنا نجده في التشريع الفرنسي [9]
الفرع الثالث : أن يكون الثمن حقيقا
أن يكون الثمن متناسبا مع قيمة المبيع المقدر بحسب سعر السوق و هو الذي تكون إرادة طرفي العقد و قد اتجهت إلى إلزام المشتري بدفع هذا الثمن باعتباره مقابلا حقيقا للمبيع [10] ويكون غير حققي إذا كان صوريا أو تافها [11]
الثمن الصوري: هو الذي لا يطابق ما اتفق عليه الطرفان و ذكر في العقد استفاء للشكل فقط و متى ثبت أن الثمن صوري فإن العقد لا يكون بيعا بل يكون هبة مستترة
الثمن التافه : يكون قليلا إلى حد يجعل التناسب بينه و بين قيمة المبيع الحقيقة مفقودة تماما و هنا أيضا لا يكون العقد بيعا بل يكون هبة
الثمن البخس : فهو ثمن حققي لكنه يقل بكثير عن قيمة المبيع و لا ينزل لدرجة التافه
حالة الاستغلال التي تنص عليها المادة 90 من ق.م.ج. لأي حالة أن يستغل أحد المتعاقدين المتعاقد آخر و ذلك بسبب وجود نقص فيه مثل الطيش
الفرع الرابع : الأثر المترتب على وجود الغبن
تنص المادة 358 من ق.م.ج. "إذا بيع عقار بغبن يزيد عم خمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل ..."
شروط لحدوث على الغبن هي:
• أن يكون صاحب المبيع كامل أو ناقص الأهلية
• أمن يكون العين المبيع عقار
• و لا تكون عملية البيع في المزاد العلني
• و لا يقل على خمس 1/5
وللبائع الحق في طلب تكملة الثمن بدعوى تكملة الثمن إلى 4/5 من ثمن عقار يماثله أو يشبهه و إذا لم يكمل المشتري الثمن بعد الحكم عليه فعلى البائع أن يطلب الفسخ بدعوى الفسخ و إذا تصرف المشتري بالعقار و باعه بدوره للغير و كان الغير حسن النية فما على البائع إلا الرجوع إلى المطالبة
بالتعويض .
حيث دعوى تكملة الثمن تسقط حسب المادة 359 من ق.م.ج.
• تسقط بالتقادم بعد ثلاثة سنوات من يوم انعقاد البيع
• و تسقط بالنسبة لعديم الأهلية من يوم انقطاع العجز
• و لا تلحق ضرر للغير حسن النية
و كذلك لا يطعن في البيع عقار بيع بالمزاد العلني و يجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد عن الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع.[12]
الخاتمة
و من هنا نصل إلى القول أن لعقد البيع محلين و هما كل من الشيء المبيع الذي يجب أن يكون مشروعا وجود أو إمكانية لوجود و معينا أو قابل للتعين و أن يكون معلوما علما كافيا للمشتري و المحل الثاني هو الثمن الذي يلتزم به المشتري بدفعه و الذي يجب أن يكون نقدا و أن يكون مقدرا أو قابل للتقدير وأن يكون حقيقا. و بتخلف أحد من هذين المحلين يكون عقد البيع بطل .
المراجع •
- محمد حسنين عقد البيع في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الرابعة 2005،بن عكنون الجزائر•
- الدكتورة سي يوسف زهية حورية ،الوجيز في عقد البيع ، طبعة 2008 ،دار الأمل للباعة و النشر و التوزيع ،تيزي وزو الجزائر
ـــــــــــــــــــــــ
[1] أنضر : محمد حسنين ، عقد البيع في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الرابعة 2005،بن عكنون الجزائر ، صفحة 45 الى الصفحة 60
2 أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، صفحة 45
[3] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،الوجيز في عقد البيع ، طبعة 2008 ،دار الأمل للباعة و النشر و التوزيع ،تيزي وزو الجزائر، صفحة 77- 78
[4] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 73
1 أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، صفحة 55
[6] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 79
[7] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 80
[8] أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، من صفحة 64 إلى 65
[9] أنضر : محمد حسنين ، المرجع السابق ، من صفحة 64 إلى 65
[10] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88
[11] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88
[12] أنضر : دسي يوسف زهية حورية ،المرجع السابق ، صفحة 88 إلى 89
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم