القائمة الرئيسية

الصفحات



عقد الملكية في القانون الكويتي.

 عقد الملكية في القانون الكويتي





حق الملكية :

حق الملكية هو أهم الحقوق العينية الأصلية، وعنه تتفرع الحقوق الأخرى، وقد عرض المشروع لتنظيم الملكية في فصلين: الأول في أحكام حق الملكية أي في القواعد التي تنظم الحق الموجود فعلاً، فبدأ أولاً ببيان نطاق حق الملكية من حيث مضمونه أي السلطات التي يخولها الحق صاحبه (م 810)، ومن حيث محل الحق (م 811 و812) ومن حيث القيود التي ترد على حق المالك (م 813 – 817)، ثم عرض المشروع للملكية الشائعة حيث يتعدد أصحاب الحق على الشيء فبدأ بأحكام الشيوع التي تبين كيفية ممارسة الشركاء حقوقهم على الشيء المملوك لهم جميعًا (م 818 – 829). ثم تناول انقضاء الشيوع بالقسمة فعرض للحق في طلب القسمة، وكيف تتم القسمة، اتفاقًا أو قضاءً، وأثر القسمة سواء من حيث إفراز الأنصبة أو ضمان التعرض والاستحقاق (م 830 – 842)، وبعد القسمة النهائية التي يترتب عليها إنهاء حالة الشيوع، عرض المشروع لقسمة المهايأة (م 843 – 846)، ثم عرض المشروع بعد ذلك لما يسمى الشيوع الإجباري حيث وضع قاعدة عامة (م 847). ثم عقب عليها بتنظيم ملكية الطبقات والشقق حيث يوجد أهم تطبيق من تطبيقات فكرة الشيوع الإجباري وهو ملكية الأجزاء المشتركة في البناء الذي يتعدد فيه الملاك، كل منهم يملك جزءًا مفرزًا، وحصة شائعة في الأجزاء المشتركة (م 848 – 874).

وبعد أحكام حق الملكية، عرض المشروع في الفصل الثاني لأسباب كسب الملكية، مبتدئًا بكسب الملكية ابتداءً عن طريق الاستيلاء أي حيازة المباح (م 875 – 879)، ثم كسب الملكية انتقالاً فيما بين الأحياء بالالتصاق (م 880 – 887)، والتصرف القانوني (م 888 – 890)، والشفعة (م 891 – 904)، كما عرض للحيازة بتنظيم شامل لا يقتصر على ما قد يترتب عليها من كسب الملكية، أو غيرها من الحقوق العينية، وإنما يشمل كل ما يتعلق بالحيازة (م 905 – 939)، وأخيرًا عرض المشروع لكسب الملكية انتقالاً بسبب الوفاة، فبدأ بالإشارة إلى الميراث مكتفيًا بالإحالة على أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنه (م 940)، ثم عرض للوصية فأحال أيضًا على أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها، ثم بين التصرفات التي تأخذ حكم الوصية (م 941 – 943).

الفصل الأول: أحكام الملكية:

الفرع الأول – نطاق حق الملكية:

بدأ المشروع أحكام حق الملكية بنص المادة (810) التي تبين مضمون حق الملكية، أي السلطات التي يخولها الحق صاحبه، وفيه تعريف بهذا الحق أو هو يغني عن التعريف، وحق الملكية هو أوسع الحقوق نطاقًا من حيث ما يخول صاحبه من سلطات، فهو يخول المالك بأصل وضعه كل السلطات المتصورة لتمكينه من الحصول على كافة مزايا الشيء محل الحق، ومن الممكن أن يذكر هذا في نص تشريعي فيقال: (لمالك الشيء السلطات، التي تمكن من الحصول على كل مزاياه) دون ذكر هذه السلطات، ولكن نظرًا إلى أن السلطات التي تمكن من الحصول على كافة مزايا الشيء لا تعدو أن تكون الاستعمال والاستغلال والتصرف، فقد رُئي اتباع مسلك التشريعات المختلفة بذكر هذه السلطات الثلاث.

وتمتع المالك بهذه السلطات جميعًا هو الأصل في حق الملكية بمعنى أن المالك يتمتع بها ما لم يُحرم من بعضها مؤقتًا، كما لو حرم المالك من الاستعمال والاستغلال نتيجة لوجود حق انتفاع لغيره على الشيء أو حرم من سلطة التصرف كأثر لشرط صحيح بعدم التصرف، والحد من سلطات المالك نتيجة وجود حق للغير ليس محلاً للشك ويبقى المالك، برغم حرمانه من إحدى السلطات مالكًا.



هذا ولم يشر في النص إلى بعض العبارات التي ترد في النصوص المقابلة في بعض التشريعات لعدم الحاجة إليها من ناحية ولما قد يترتب على ذكرها من لبس من ناحية أخرى:

أولاً: ترد في بعض النصوص ألفاظ أو عبارات لإبراز ما يقال عادة في الفقه عند بيان خصائص حق الملكية من أنه حق مانع بمعنى أن تقتصر السلطات التي يخولها الحق على المالك دون غيره، مثل ما ورد في القانون المصري والقوانين التي نقلت عنه من أن لمالك الشيء وحده … (والواقع أن حق الملكية لا يختلف في هذا عن غيره من الحقوق فكل صاحب حق له وحده أن يباشر السلطات التي يخولها حقه).



ثانيًا: لم يشر النص إلى الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية، فأولاً من الخطأ أن يُقال، كما يقول البعض، أن الملكية وظيفة اجتماعية لأن هذا يتضمن إنكارًا لفكرة الحق ذاتها، فصاحب الحق يباشر سلطاته لحسابه ولتحقيق مصلحته الخاصة أما مصلحة الجماعة فتتحقق بطريق غير مباشر. ولذلك فالصحيح أن يقال إن للملكية وظيفة اجتماعية، ولكن هذا لا يستدعي النص، كما فعلت بعض التشريعات، على تقييد مباشرة المالك لسلطاته بالقول إن ذلك يكون (متفقًا مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية) (المادة 684) من القانون السوداني رقم (29) لسنة 1971، ذلك أن حق الملكية لا يختلف عن غيره من الحقوق من هذه الناحية، فكل حق له وظيفة اجتماعية، وليس من حسن السياسة التشريعية أن يرد مثل هذا القيد في نص تشريعي لا يُستبعد أن يساء استغلاله، هذا بالإضافة إلى أن مشروع القانون قد تضمن تنظيمًا عامًا لعدم جواز التعسف في استعمال الحق.



وبعد أن عرض المشروع لنطاق حق الملكية من حيث مضمونه أي لسلطات المالك، عرض في المادتين (811 و812) لنطاق الحق من حيث محله، فنصت المادة (811) على أن ملكية الشيء تشتمل أجزاءه وثماره ومنتجاته وملحقاته ما لم يوجد نص أو تصرف قانوني يخالف ذلك.

والنص على أجزاء الشيء يقابل ما ورد في القانون المصري والقوانين العربية التي نقلت عنه أو تأثرت به من أن (مالك الشيء يملك كل ما يعده من عناصره الجوهرية بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير) (م 803/ 1 مصري، 769/ 1 سوري – 812/ 1 ليبي، 685/ 1 سوداني، 682/ 1 صومالي، 675/ 1 تونسي، 1049 عراقي، 1019/ 1 أردني) وقد آثر المشروع كلمة (أجزاءه) مع إيجازها على تلك العبارة وذلك (لأن كلمة جزء أكثر ملاءمة لنصوص التشريع من كلمة عنصر، كما أن وصف العناصر التي يملكها المالك بأنها جوهرية يفيد أن العناصر غير الجوهرية لا تشملها الملكية وهو غير صحيح، فكل ما يعتبر جزءًا أو عنصرًا من الشيء محل الحق تمتد إليه الملكية أيًا كانت درجة أهميته حتى ولو كان من الكماليات، وإذا كانت التشريعات المشار إليها قد حرصت على تحديد معنى العنصر الجوهري بأنه الذي (لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير) فهذا التحديد يكتنفه الغموض إذ يدعو إلى التساؤل عن الشيء الذي تعود عليه عبارة (دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير) هل هو العنصر الجوهري أم الشيء الأصلي ؟ فإذا كان المقصود هو العنصر الجوهري أي الجزء فالضابط غير صحيح لأن بعض ما يعتبر جزءًا من الشيء يمكن فصله دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير مثل كثير من أجزاء السيارة وبعض أبواب ونوافذ المبنى، وإذا كان المقصود هو هلاك أو تلف أو تغير الشيء الأصلي، فالضابط غير مفيد إذ كيف يمكن مثلاً أن نميز بواسطته بين صور معلقة على حائط المنزل وهي بلا شك ليست جزءًا منه وبين تمثال مثبت على قاعدة في مدخل المنزل ؟ إن كلمة يتغير التي يقال إنها تعين على التفرقة تصدق في الحالين على نفس الوجه، وإذا كان نص المشروع قد اكتفى بفكرة الجزئية، فهذا القدر من التحديد يكفي تشريعيًا، وإذا أثير النزاع في العمل حول ما إذا كان شيء ما يُعتبر أو لا يُعتبر جزءًا من شيء آخر، فالقاضي يفصل فيه على ضوء الظروف وبالاستعانة عند اللزوم بالعرف وتقدير أهل الخبرة.



وبالإضافة إلى أجزاء الشيء تشمل الملكية منتجاته وثماره، ويقصد بالمنتجات ما ينتج عن الشيء غير الثمار، وإذا كانت الثمار تشمل ما ينتجه الشيء من غلة دورية دون أن يترتب على أخذها الانتقاص من أصل الشيء فالمنتجات غير دورية ويترتب على أخذها الانتقاص من أصل الشيء.

كما تشمل الملكية ملحقات الشيء ويقصد بها كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال الشيء وفقًا لعرف الجهة وقصد من أعدها دون أن تكون جزءًا من الشيء ذاته ولا متولدة عنه.

واستمرارًا لتحديد نطاق الحق من حيث الشيء الذي يرد عليه، نصت المادة (812) من المشروع على أن ملكية الأرض تشمل ما تحتها وما فوقها إلى الحد المفيد في التمتع بها وفقًا للمألوف. فتفريعًا على فكرة الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ينبغي ألا يتجاوز حق المالك الحدود التي له فيها فائدة من الاستئثار بباطن الأرض وما يعلوها من فضاء فالملكية ولو إنها تخول المالك بحسب الأصل كل ما يتصور من سلطات للانتفاع بالشيء الذي يملكه فذلك ينبغي أن يكون في حدود الانتفاع المألوف، ولهذا حرص المشروع على النص على قيد للحد المفيد في التمتع بالعمق والعلو، فذكر أن ذلك يكون (وفقًا للمألوف) حتى يضع حدًا لما يمكن أن يدعيه المالك من وجود منفعة له في الاستئثار بما في باطن الأرض أو فيما يعلوها من فضاء.

واشتمال الملكية لأجزاء الشيء ومنتجاته وملحقاته، وكذلك امتداد ملكية الأرض لما تحتها وما فوقها، كل ذلك هو الأصل في حق الملكية، وقد ينص القانون على خلافه، كما قد يرد في تصرف قانوني ما يخالفه، سواء كان التصرف عقدًا أو وصية، فقد يبيع الشخص ثمار الشيء كثمر الحديقة أو منتجاته كالأحجار في باطن الأرض أو حتى بعض أجزاء الشيء مثل أبواب المنزل، فتنفصل ملكية الشيء عن ملكية المبيع، وقد يحدث مثل هذا الانفصال بالوصية كأن يوصي شخص لآخر بملكية الطابق العلوي في الدار مع حق القرار على السفل.

قيود الملكية:

وبعد النص على مضمون حق الملكية ونطاقه من حيث المحل، عرض المشروع لبعض قيود الملكية، فإذا كان الأصل أن يستأثر المالك بكل السلطات التي تمكن من الحصول على كل مزايا الشيء الذي يملكه، فثمة قيود قد تحد من ذلك إما لتحقيق مصلحة عامة وإما لتحقيق مصالح خاصة، وقد ترد القيود بحكم القانون، وقد ترد في تصرف قانوني عقدًا كان أو وصية.

وإذا كان من الطبيعي أن يعرض القانون المدني، عند تنظيم حق الملكية، لما يرد على هذا الحق من قيود تحد من سلطات المالك أو من استئثاره بها، فالأمر على خلاف ذلك بالنسبة لما يرد من قيود على حق التملك أو حرية التملك، فهذه القيود ليست من موضوعات القانون المدني، ولهذا لم يعرض لها المشروع.



وبالنسبة للقيود التي ترد على حق الملكية ذاته، فمنها أولاً ما ينشأ نتيجة حتمية لوجود حق لشخص آخر غير المالك، كالحد من سلطات المالك بسبب وجود حق انتفاع على الشيء أو حق رهن، وهذه القيود لا تحتاج إلى تنظيم خاص، في باب الملكية، تبقى القيود القانونية والإدارية، التي تحد من سلطات المالك أو من استئثاره بملكه والتي تتقرر ابتداءً لتحقيق مصلحة عامة أو مصلحة خاصة يقدر القانون أنها جديرة بالحماية، وهذه هي التي عرض لها المشروع بنصوص المواد (من 813 إلى 817) مع ملاحظة أن المشروع آثر استبعاد النص على بعض القيود التي تنص عليها تشريعات أخرى، إما لعدم الحاجة إلى النص عليها وإما لاعتبارات تتعلق بالظروف الخاصة بدولة الكويت، وذلك على النحو التالي:

( أ ) رُئي أنه لا داعي للنص، كما تفعل بعض التشريعات (المادة 806 مصري والنصوص العربية المستمدة منها) على أن المالك يجب عليه أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة، أو النص على أن المصانع والآبار والآلات البخارية وجميع المحال المضرة بالجيران يجب أن تنشأ على المسافات المبينة في اللوائح وبالشروط التي تفرضها (م 822 مصري)، فمثل هذه النصوص لا فائدة منها، بمعنى أنه يستوي في العمل وجود النص أو عدم وجوده، فمراعاة القوانين واجب تفرضه تلك القوانين ذاتها.

(ب) رُئي عدم النص على القيد الخاص بمضار الجوار غير المألوفة اكتفاءً بالنص العام على عدم جواز التعسف في استعمال الحق، حيث جعل المشروع الاستعمال الذي يترتب عليه ضرر غير مألوف أي ضرر فاحش صورة من صور التعسف في استعمال الحق (المادة 30 من المشروع).

(جـ) وفيما يتعلق بالقيود التي ترد على ملكية الأرض الزراعية ومرافقها كموارد المياه والصرف، آثر المشروع ألا يعرض لها تاركًا أمرها للعرف وما قد تصدره الدولة في شأنها من تشريعات خاصة.

(د) فيما يتعلق بالقيود القانونية لم يعرض المشروع لبعض القيود التي تنظمها عادة قوانين البلاد الأخرى، وذلك لعدم الحاجة إليها في الكويت، وهي: القيد الخاص بملكية الحائط الذي يفصل بين بناءين من حيث تقيد حق المالك في هدمه إذا كان الهدم يضر الجار الذي يستتر ملكه بالحائط، وكذلك القيد الخاص بحق المرور القانوني الذي يتقرر لمالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام على الأراضي المجاورة.



ولهذا اقتصر الأمر، في شأن القيود القانونية، على نص المادتين (813، 814) وذلك على النحو التالي:

فيتضمن نص المادة (813) قيدًا على حرية المالك في ملكه، فالأصل أن كل مالك حر في ملكه، ومن بين مظاهر هذه الحرية حريته في وضع أو عدم وضع علامات ظاهرة تبين حدود هذا المالك تمييزًا له عن ملك جاره، وعلى خلاف هذا الأصل نص المشروع على أن “ لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة “، والفرض الذي يعرض له النص هو حالة وجود أرضين غير مبنيتين متلاصقتين لمالكين مختلفين، ونظرًا إلى أن اتصال حدود كل منهما بحدود الأخرى قد يؤدي إلى صعوبة التصرف على الحد الفاصل بين كل منهما، الأمر الذي يثير المنازعات بين المالكين المتجاورين عند مباشرة كل منهما حقه، هيأ النص لكل منهما الوسيلة للتعرف على حدود ملكه في وضوح، فإذا لم يتراضَ المالكان على بيان الحدود كان لكل منهما أن يجبر الآخر على أن يُسهم معه في وضع الحدود بدعوى تعيين الحدود، وهي دعوى تثبت للمالك ولكل صاحب حق عيني على العقار.
ويتم وضع الحدود أولاً بتطبيق مستندات ملكية الجارين على الطبيعة لمعرفة الحد الفاصل بين ملكيهما، ثم توضع علامات مادية ظاهرة تميز ذلك الحد.

وتكون نفقات التحديد مناصفةً بين المالكين ولو اختلفت مساحة أرض كل منهما عن مساحة الأرض الأخرى، ونفقات التحديد التي يشترك فيها المالكان مناصفةً تقتصر على ما يلزم لوضع الحدود ذاتها كثمن الأوتاد ونفقات المحضر الذي يُحرر لبيان الحدود، أما ما يقتضيه التحديد من نفقات لمسح الأراضي المتجاورة فتكون على أصحابها كل بحسب ما تتكلفه أرضه.

ويعرض نص المادة (814) للقيود الخاصة بفتحات البناء التي تمكن من رؤية ملك الجار، وهي المطلات والمناور، وقد كان على المشروع أن يختار بين سياستين: فإما أن يضع النصوص التي تنظم الموضوع أسوة بأكثر التشريعات العربية، وإما أن يكتفي – كما فعل القانون السوداني – بالإحالة في شأن هذه القيود إلى القوانين الخاصة التي تصدر بخصوص تنظيم أعمال البناء، ونظرًا للارتباط الشديد بين هذه القيود، وقيود البناء بوجه عام، وبين السياسة العمرانية التي تتطور بشكل ملحوظ في الكويت، ونظرًا للطابع الفني لقيود البناء، فقد رُئي الاكتفاء بالإحالة إلى القوانين الخاصة.

شروط عدم التصرف:

بعد أن عرض المشروع لبعض القيود القانونية، تناول في المواد من (815 إلى 817) شرط المنع من التصرف في الملك، وحيث تتقيد سلطة المالك بمقتضى تصرف قانوني، فبين أولاً متى يكون الشرط صحيحًا (م 815)، ثم جزاء مخالفة المالك للشرط الصحيح (م 816) وأخيرًا الاحتجاج بالشرط على الغير (م 817).

( أ ) ففيما يتعلق بصحة أو عدم صحة مثل هذا الشرط، نجد سواء في فقه الشريعة الإسلامية أو في القوانين الوضعية، اتجاهين أحدهما ينتهي إلى عدم صحة الشرط، والثاني إلى صحته، فالشرط غير صحيح عند الحنفية والمالكية والشافعية، وصححه بعض الحنابلة كابن تيمية وابن القيم، ومرجع عدم صحة الشرط عندهم أنه يخالف مقتضى العقد أو الوصية وهو إطلاق الحرية للمالك في الانتفاع بما ملك والتصرف فيه بأي تصرف أراد ولم يقم الدليل الشرعي المعين الذي يدل على صحته فلا يجوز اشتراطه وإذا اشترط لا يُعمل بموجبه، وعلى رأي الفقهاء الذين يرون أن الأصل في الشروط الجواز والصحة ولا يحرم شرط ولا يبطل إلا إذا ورد نهي بخصوصه أو كان اشتراطه يؤدي إلى إلغاء المقصود الأصلي من العقد وهو الأثر الذي وُضع العقد لإفادته في جميع صوره، فإن شرط المنع المؤقت الذي يستند إلى باعث مشروع، يكون صحيحًا لأنه لم يرد عن الشارع نهي عنه بخصوصه واشتراطه لا يؤدي إلى إلغاء المقصود الأصلي من العقد أو الوصية وهو الملك، هذا بالإضافة إلى أن من فقهاء المسلمين من نص على أنه إذا باع شخص لآخر شيئًا بشرط ألا يبيعه من شخص معين كزيد فإن هذا الشرط يكون صحيحًا لأنه لا يخالف الغاية من البيع، وهي الملك، لأن المشتري يستطيع أن يبيعه من أي شخص آخر غير زيد (الخالصي وهو من علماء الشيعة الإمامية في كتابه “ الإسلام سبيل السعادة “)، ويؤخذ من هذا الكلام جواز الشرط الذي يمنع من التصرف في المال خلال مدة معقولة، لأن هذا الشرط لا يمنع المالك من التصرف فيما ملك بالعقد أو الوصية بعد انتهاء تلك المدة، وعلى هذا لا يكون اشتراطه مخالفًا لمقتضى العقد أو الوصية وهو الغاية المقصودة من كل منهما وقد آثر المشروع الأخذ بهذا الرأي.



هذا في فقه الشريعة الإسلامية، وفى القوانين الوضعية ذهب القضاء الفرنسي في أول الأمر، وحيث لا يوجد نص، إلى اعتبار شرط المنع سواء كان مؤبدًا أو مؤقتًا ودون نظر إلى البواعث التي دفعت إلى اشتراطه، باطلاً، ثم تطور القضاء فجرى على تصحيح شروط المنع إذا كانت مؤقتة وتهدف إلى تحقيق مصلحة مشروعة، وجاء القانون المصري القديم، الذي استمد من القانون الفرنسي، خلوًا من نص في الموضوع، وجرى القضاء على تصحيح شروط المنع على نحو ما فعل القضاء الفرنسي، ثم جاء القانون المصري الحالي فنص في المادة (823/ 1) على أنه “ إذا تضمن العقد أو الوصية شرطًا يقضي بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع ومقصورًا على مدة معقولة “. وقد نقل هذا النص حرفيًا كل من القانون السوري (م 778/ 1) والقانون الليبي (م 832/ 1) والقانون الصومالي (م 696/ 1) أما القانون السوداني فنص على صحة الشرط إذا كان مبينًا على باعث مشروع ومقصورًا على مدة معقولة، كما فعل المشرع المصري، ولكنه صاغ النص على نحو يفيد أنه يجب أن يرد شرط المنع في التصرف القانوني الذي تلقى به المشروط عليه الملك (م 703/ 1) كما أخذ المشرع الأردني بحكم القانون المصري مع تعديل في صياغة النصوص (م 1028 و1029).

ونظرًا إلى أن الشرط المانع أو المقيد للتصرف يحقق مصالح معتبرة، فقد رأى المشروع النص على صحته بشروط تحول دون أن يُستخدم هذا الشرط لتحقيق أغراض تنافي مبادئ الشريعة الإسلامية، وتجعله غير منافٍ لمقتضى العقد أو الوصية، فقد يشترط الواهب على الموهوب له عدم التصرف في الموهوب حماية له من طيشه وإلى أن يبلغ سنًا معينة، أو احتياطيًا لاحتمال تحقق عذر من الأعذار التي يتيح للواهب الرجوع في الهبة وبالتالي استرداد الشيء الموهوب، وقد يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى تمام الوفاء بالثمن، أو يشترط البائع أو الواهب الذي استبقى لنفسه حق الانتفاع عدم التصرف في المبيع أو الموهوب تجنبًا للتعامل مع مالك رقبة لا يعرفه ولا يأمن مضايقته، وقد يشترط الواهب على الموهوب له عدم التصرف في الموهوب ضمانًا لبقاء قدرة الموهوب له على الوفاء بالتزام بالنفقة التزم به نحو شخص ثالث يحرص المشترط على ضمان حصوله على النفقة.

والنصوص المقترحة تختلف عن نص القانون المصري، الذي نقلته أو حورت فيه بعد القوانين العربية الأخرى في النواحي الآتية:

أولاً: ذكر المشروع أن الشرط قد يكون مانعًا أم مقيدًا للتصرف، في حين أن النص المصري، ونصوص القوانين الأخرى التي استمدت منه، تتكلم عن شرط المنع من التصرف، ولكن الشراح يجرون حكم النص، ليس فقط على الشروط التي تمنع التصرف بصفة مطلقة خلال مدة المنع، بل كذلك على الشروط التي تقيد حرية التصرف دون أن تمنعه كما لو اشترط الواهب على الموهوب له، إذا أراد بيع الموهوب أن يعرضه أولاً بالأفضلية على شخص معين، أو اشترط المتصرف عدم جواز التصرف إلا مع استبدال مال آخر بالمال المتصرف فيه، لهذا رأى المشروع زيادة في الإيضاح النص على الشرط المانع أو المقيد للتصرف.

ثانيًا: حرص المشروع على حسم مسألة خلافية سواء عند شراح القانون الفرنسي أو شراح القوانين العربية، وهي ما إذا كان يشترط أن يرد شرط المنع من التصرف في التصرف الذي تلقى به المشترط عليه الملكية أم يمكن أن يكون في تصرف آخر، كعقد الرهن أو عقد وعد بالبيع مثلاً وقد أخذ المشروع بالرأي القائل بوجوب ورود شرط المنع في التصرف الذي تلقى به المشروط عليه الملكية، وهو ما يضيق من نطاق استخدام شرط المنع، خصوصًا والمثالين اللذين يرددهما أنصار الرأي الآخر لا يخلو فيهما شرط المنع من مخاطر، الأول أن يشترط الموعود له في الوعد بالبيع، على الواعد ألا يتصرف في الشيء الموعد ببيعه خلال مدة الوعد حتى يضمن، إذا ما أراد الشراء، أن يجد الشيء في ملك الواعد، وخطورة تصحيح شرط المنع من التصرف في هذا الفرض أنه يمكن كل مالك، ولو مؤقتًا من إخراج أي مال من أمواله من ضمان دائنيه وذلك بأن يتفق مع أي شخص على أن يعده ببيع هذا المال ويتفق في عقد الوعد على منع التصرف فيه خلال مدة الوعد، فيمتنع التنفيذ عليه، لأن المنع من التصرف يقتضي منع التنفيذ، والمثال الثاني هو أن يرد شرط المنع في عقد الرهن حيث يشترط المرتهن على الراهن عدم التصرف في المرهون إلى أن يتم استيفاء الدين المضمون بالرهن، حتى يتفادى اتباع إجراءات التنفيذ ضد من تنتقل إليه الملكية وهي أكثر تعقيدًا من إجراءات التنفيذ ضد الراهن نفسه، وخطورة تصحيح مثل هذا الشرط، أنه لو كان صحيحًا لأصبح شرطًا جاريًا يوضع في كل عقود الرهن وحيث يكون المرتهن في مركز من القوة يسمح له بفرض شروطه، وينتهي الأمر إلى تفويت ما يهدف إليه التنظيم التشريعي للرهن من التوفيق بين حرية المالك في التصرف في المرهون ليتمتع بأكبر قدر من مزايا الملكية وبين ضمان حصول الدائن على حقه عن طريق ما له من سلطة التتبع.

ثالثًا: اكتفى نص المشروع بالقول إن الشرط لا يكون صحيحًا (ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع ومقصورًا على مدة معقولة) وهي العبارة التي استخدمها المشرع المصري، ومن بعده التشريعات التي نقلت عنه، فلم ينص على ما نصت عليه هذه التشريعات في بيان مشروعية الباعث، والمدة المعقولة، فقد نصت المادة (823) مصري، ومن بعدها نصوص القانون السوري والقانون الليبي، والقانون السوداني والقانون الصومالي على أنه (ويكون الباعث مشروعًا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير) وهذا الذي أريد به إيضاح معنى مشروعية الباعث، لا يضيف في الواقع جديدًا لأن عبارة (المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة) تساوي تمامًا في المعني (… المنع مبنيًا على باعث مشروع) كما أن القول إن المصلحة قد تكون مصلحة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، يجمع كل المصالح المتصورة، ولعل هذه العبارة قد قُصد بها إلى التأكيد على أن المصلحة قد تكون للغير، وقد آثر المشروع الاكتفاء بالمعيار المرن الوارد في النص تمشيًا مع سياسته العامة في إعطاء القضاء حرية التقدير كلما أمكن ذلك دون ضرر.

(ب) وعرضت المادة (816) للجزاء الذي يترتب على تصرف المالك المخالف للشرط. فإذا تصرف المشروط عليه بما يخالف الشرط فالجزاء الذي يحقق الغرض من شرط المنع ليس هو فسخ التصرف الأصلي أي الذي ورد به الشرط، وإنما هو إبطال التصرف المخالف للشرط حتى يبقى المال في ذمة المشترط عليه وبالتالي يتحقق الغرض المشروع الذي أُريد بشرط المنع تحقيقه، وكان على المشروع أن يختار بين أحد اتجاهين في تحديد من له حق التمسك بالبطلان. الاتجاه الأول وهو ما يدل عليه نص القانون المصري والقوانين التي نقلت عنه ويدافع عنه بعض الشراح أن البطلان مطلق وبالتالي يكون لكل ذي مصلحه أن يطلبه وللقاضي أن يحكم به ولو لم يطلب منه، ولا ترد عليه الإجازة، والاتجاه الثاني وهو ما دعا إليه بعض الشراح، وأخذ به القانون السوداني أن يقتصر حق التمسك بالبطلان على المشترط الذي تتوفر مصلحته دائمًا ولو كان الشرط قد وضع لمصلحة غيره فتكفي مصلحته الأدبية ليكون له حق التمسك بالبطلان، وكذلك لمن تقرر الشرط لمصلحته إن كان غير المشترط، وذلك تأسيسًا على أن شرط المنع قد أُريد به تحقيق مصلحة خاصة لشخص معين فيجب أن يكون هذا الشخص هو صاحب الحق في التمسك بالبطلان، وأن يكون لهذا الشخص النزول عن حقه هذا بإجازة التصرف المخالف فيصبح صحيحًا وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى أن أحكام هذا البطلان لا تتفق تمامًا لا مع أحكام البطلان المطلق ولا مع أحكام البطلان النسبي، وإنما تدور كلها حول فكرة الغرض الذي يراد تحقيقه من شرط المنع من التصرف، وقد آثر المشروع الأخذ بهذا الرأي الأخير.

(جـ) وأخيرًا عرض المشروع في المادة (817) للاحتجاج بالشرط على الغير فنظرًا إلى أن الشرط ينشئ قيدًا عينيًا يرد على المال ذاته كان من اللازم حماية من يتعاملون مع المالك، وهو ما لم يعرض له المشرع المصري والتشريعات التي تأثرت به، وهو نقص عمد المشروع إلى تلافيه فنص على عدم الاحتجاج على الغير إلا إذا كان يعلم بالشرط وقت إبرام العقد الذي ترتب عليه كسب حقه أو كان في مقدوره أن يعلم به، وافترض العلم لمجرد ورود الشرط في تصرف وارد على عقار تم شهره.

الفرع الثاني – الملكية الشائعة:

الملكية الشائعة هي التي يتعدد فيها الملاك لشيء واحد غير مفرزة حصة كل منهم، وتعدد الملاك لشيء واحد، أي الشيوع من شأنه أن يجعل استغلال هذا الشيء أكثر تعقيدًا مما لو انفرد بملكيته شخص واحد، إذ كثيرًا ما تختلف وجهات نظر الملاك في كيفية الاستغلال مما يؤدي إلى صعوبات قد تصل إلى حد التهديد بتعطيل استغلال الشيء، ولهذا تعتبر حالة الشيوع، من الناحية الاقتصادية، غير مرغوب فيها، ولكنها مع ذلك حالة ضرورية لا يمكن تجنبها، إذ يكفي الإشارة إلى أنه يترتب على الوفاة وانتقال أموال الشخص إلى ورثته أن تصبح ملكية الأشياء الموجودة في التركة شائعة بين الورثة فترة من الزمن، قد تطول أو تقصر، ولهذا فلا بد من تنظيم الملكية الشائعة على نحو يقلل بقدر الإمكان من الصعوبات التي تنشأ عن تعدد أصحاب الحق الواحد كما ينبغي تيسير إنهاء حالة الشيوع عن طريق القسمة.

وقد بدأ المشروع بتنظيم أحكام الشيوع، وفى سبيل التغلب على الصعوبات الناشئة عن تعدد الملاك، سلك المشروع مسلك التشريعات الحديثة في تيسير القيام بأعمال الإدارة وأعمال التصرف عن طريق الاكتفاء بقرار من الأغلبية وعدم التقيد بالمنطق الصارم الذي كان يقتضي إجماع الشركاء.

ثم عرض المشروع بعد ذلك للقسمة مبتدئًا بتقرير حق كل شريك في طلب القسمة وما يمكن أن يرد على هذا الحق من قيود ثم نظم كيفية إجراء القسمة وأثرها، وعقب على القسمة التي تنهي حالة الشيوع ببيان أحكام قسمة المهايأة. وأخيرًا عرض للشيوع الإجباري موليًا عناية خاصة لملكية الطبقات والشقق.

أولاً: أحكام الشيوع:

عرضت المادة (818) بفقرتيها لتعريف الشيوع، ومقدار حصة كل شريك ثم لبيان نطاق تطبيق النصوص الخاصة بالملكية الشائعة.
فبينت الفقرة الأولى من النص معنى الشيوع فذكرت تعريفًا لا يقتصر على الملكية الشائعة وإنما يصدق على كل صور الشيوع، وذلك على خلاف القانون المصري والقوانين العربية الأخرى التي نقلت عنه أو تأثرت به والتي تقتصر على تحديد معنى الشيوع في الملكية، فلما كان المسلم أن حالة الشيوع كما تتحقق في الملكية تتحقق في الحقوق العينية الأخرى، كالشيوع في حق الانتفاع أو في حق الارتفاق أو حتى في الرهن، رُئي البدء بالنص على معنى الشيوع بوجه عام، وهو يقتصر على الحقوق العينية، أما تعدد أصحاب الحق الشخصي وهو ما عبرت عنه المجلة بشركة الدين فلا يعتبر شيوعًا ويخضع لأحكام أخرى غير أحكام الشيوع.

كما تضمنت الفقرة الأولى قرينة بسيطة على مقدار حصة كل شريك فنصت على أن تكون حصص الشركاء متساوية ما لم يثبت عكس ذلك.

ونظرًا إلى أن الشيوع في الملكية هو أهم صور الشيوع وأكثرها تحققًا في الواقع العملي، فقد رُئي وضع النصوص الخاصة بالشيوع في باب الملكية، وهو مسلك التشريعات المختلفة بوجه عام ولما كان المسلم في القوانين التي تنظم الشيوع في باب الملكية أن النصوص الخاصة بهذا الحق تسري أيضًا على حالات الشيوع في الحقوق العينية الأخرى ما لم تتعارض مع طبيعة هذه الحقوق أو مع نصوص القانون، فقد رُئي النص على ذلك دفعًا لكل شك، وهو الحكم الذي أورده المشروع في الفقرة الثانية من النص.

وبينت المادة (819) سلطات المالك على الشيوع، وهي الاستعمال والاستغلال والتصرف.

( أ ) فبالنسبة للاستعمال والاستغلال نص المشروع على أن للشريك الحق في استعمال الشيء الشائع واستغلاله بقدر حصته وبمراعاة حقوق شركائه، وبهذا يقرر النص مبدأ الحق في الاستعمال والاستغلال بقيدين الأول يتعلق بمدى الحق فنص على أن تكون الاستعمال والاستغلال بقدر الحصة، والثاني يتعلق بكيفية مباشرة الحق وهو القيد الذي تدل عليه عبارة (وبمراعاة حقوق شركائه) ونظرًا لتعدد الشركاء ووحدة المحل الذي تباشر عليه السلطات فكثيرًا ما تثير مباشرة الاستعمال والاستغلال صعوبات في العمل ولهذا بعد أن قرر المشروع المبدأ على النحو السابق عاد إلى تنظيم إدارة المال الشائع في المواد التالية ذلك التنظيم الذي يهدف إلى بيان كيفية إفادة كل شريك من سلطتي الاستعمال والاستغلال.

(ب) أما بالنسبة لسلطة التصرف، فقد عرض لها المشروع في الفقرة الثانية من النص، فللشريك أن يتصرف في حقه الشائع أي في حصته سواء كان التصرف في الحصة كلها أو بعضها، في كل الأموال التي تدخل في الشيوع أو في مال منها فقط، وسواء كان التصرف بنقل الحصة أو بترتيب حق عيني عليها غير الملكية كالانتفاع أو الرهن.

فإذا كان التصرف بنقل الحق الشائع أي الحصة، كالبيع أو الهبة، حل المتصرف إليه محل المتصرف فيصبح شريكًا بقدر الحصة التي آلت إليه، وإذا كانت الحصة المتصرف فيها هي حصة في مال معين من بين عدة أموال مملوكة على الشيوع، فيترتب على التصرف تعدد حالات الشيوع لوجود شريك في ملكية أحد الأموال دون أن يكون شريكًا في الأموال الأخرى، ولا شك أن هذه النتيجة لتصرف الشريك فيها بعض الضرر لباقي الشركاء نظرًا لما يتضمنه نظام الشيوع من قدر من التعقيد في كيفية الانتفاع ولما يترتب على تعدد حالات الشيوع من الحاجة إلى أكثر من قسمة إذا أريد إنهاء حالة الشيوع، ولهذا نص القانون الألماني (م 2033) على منع الشريك من التصرف في حصة من أحد الأموال المملوكة، على الشيوع، وكان على المشروع أن يختار بين مثل هذا الحكم والحكم الذي يعطي الشريك حرية التصرف ما دام يتصرف في حقه، فاختار الحكم الأخير مؤثرًا مصلحة المالك المتمثلة في حريته في التصرف فيما يملك على مصلحة الشركاء الآخرين المتمثلة في تفادي الصعوبات التي تنشأ عن تعدد حالات الشيوع.
أما إذا كان التصرف بترتيب حق عيني غير الملكية كالانتفاع أو الرهن على الحصة، فالتصرف صحيح لأنه تصرف الشريك فيما يملك، ولكنه يُبقي الشريك المتصرف كما كان شريكًا في الملك ويصبح المتصرف إليه بحق الانتفاع هو صاحب الحق في الثمار بقدر الحصة التي يرد عليها حقه، ويكون للمرتهن إذا حل أجل الدين المضمون والشيوع لا يزال قائمًا أن ينفذ على الحصة المرهونة فتباع جبرًا ويحل الراسي عليه المزاد محل الشريك الراهن فيصبح شريكًا في الشيوع.

أما مصير حق المتصرف إليه، المنتفع أو المرتهن، إذا ما تمت القسمة والحق لا يزال قائمًا، فيعرض له المشروع عند بيان أثر القسمة (المادة 839).

وبعد تقرير المبدأ العام في حق كل شريك في استعمال الشيء واستغلاله بقدر حصته وبمراعاة حقوق شركائه، أخذ المشروع في تنظيم أعمال الإدارة، المعتادة منها وغير المعتادة، وكذلك التصرف في الشيء.

فبدأ في المادة (820) ببيان الأصل العام فيمن له الحق في إدارة الشيء الشائع والتصرف فيه، ونظرًا لتعلق حق كل شريك بالمال الشائع كله، فمقتضى المبادئ العامة ألا يستقل شريك أو أكثر بأي عمل يمكن أن يؤثر في حقوق الباقين، بل لا بد من اتفاق الجميع، وهو ما يظهر من نص مجلة الأحكام العدلية في المادة 1069 على أنه (كيفما يتصرف صاحب الملك المستقل في ملكه يتصرف أيضًا في الملك المشترك أصحابه بالاتفاق كذلك) مع ملاحظة أن التصرف المقصود هو كل الأعمال سواء كانت من أعمال الإدارة أو أعمال التصرف.

ولكن نظرًا إلى تعذر الإجماع في كثير من الأحيان، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعطيل الانتفاع بالمال أو إلى ضياع صفقة رابحة، نظرًا لهذا اتجهت القوانين الحديثة إلى الاكتفاء بالأغلبية، في أعمال الإدارة والتصرف مع تفاوت في نسبة الأغلبية المطلوبة وفقًا لمدى خطورة المعارضة في قرار الأغلبية، وهو ما سار عليه المشروع في النصوص التالية.

أعمال الإدارة المعتادة:

تعرض نصوص المواد (821 و822 و823) لأعمال الإدارة المعتادة وهي التي لا تؤدي إلى إحداث تغييرات أساسية في المال الشائع ولا التعديل في الغرض الذي أُعد له، كتأجيره لمدة مألوفة في تأجير مثله أو استغلاله فيما أعد له.

وبديهي أنه إذا اتفق الشركاء جميعًا على أي عمل من أعمال الإدارة فاتفاقهم صحيح يلزم الجميع، وكان المنطق القانوني، الذي يتفق تمامًا مع مبدأ حرية المالك، يقضي موافقة الجميع على كل ما يمكن أن يمس مصالحهم بما في ذلك أعمال الإدارة أيًا كانت أي سواء كانت إدارة عادية أو غير عادية، ولكن نظرًا إلى أنه كثيرًا ما يتعذر اتفاق الجميع، وبخاصة إذا كثر عدد الشركاء اكتفى المشروع بالأغلبية متمشيًا في ذلك مع اتجاه القوانين الحديثة.

وقد استمد المشروع نصوص المواد الثلاث من القانون المصري (م 828) الذي استمد بدوره من القانون الإيطالي، وقوانين البلاد العربية التي أخذت عن القانون المصري، مع بعض التعديلات، كما يتضح مما يلي:

( أ ) جمع المشروع في المادة (821) كل ما يمكن أن تقوم به الأغلبية التي حددها على أساس قيمة الحصص وهو ما يعني من يملكون أكثر من نصف الحصص، فبعد أن ذكر النص أن لها أن تقوم بأعمال الإدارة المعتادة، والمقصود هو قيامها مباشرةً بالأعمال اللازمة للاستغلال، ذكر أن لها أن تعين مديرًا – سواء من الشركاء أنفسهم أو من غيرهم – يقوم بهذه الأعمال، كما نص على أن للأغلبية أن تضع نظامًا للإدارة وهو ما تظهر فائدته بوجه خاص عندما يكون القائم بأعمال الإدارة هو المدير، كأن تقرر الأغلبية مثلاً عدم جواز التأجير لأكثر من مدة معينة أو على إيداع ريع المال في مصرف معين … إلخ، ثم عقب النص على بيان ما للأغلبية أن تقوم به، بأن ما تتخذه الأغلبية يسري على جميع الشركاء وخلفائهم سواء كان الخلف عامًا أو خاصًا، متفاديًا بذلك عيبًا في التشريع المصري والتشريعات المنقولة عنه (السوري والليبي والسوداني) الذي أورد الحكم الخاص بالسريان على الخلف مقصورًا على وضع نظام للإدارة، وهو ما لا مبرر له إذ يجب أن يسري في حق الخلف كل ما تقوم به الأغلبية سواء باشرت بنفسها عملاً من أعمال الإدارة كالتأجير أو عينت مديرًا أو وضعت نظامًا للإدارة.

(ب) وعرض المشروع في المادة (822) لحالة ما إذا لم يتفق من لهم أغلبية الحصص، فنص على حق كل شريك في أن يلجأ إلى المحكمة لتتخذ ما يلزم لمنع تعطيل الانتفاع بالمال الشائع، ولم يقتصر المشروع على ما قرره المشرع المصري من أن المحكمة لها أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه الضرورة (م 821/ 1) وإنما أضاف إلى ذلك ما تقتضيه المصلحة، فللمحكمة إذا وجد مستأجر يعرض الاستئجار بأجر مناسب أن تقرر التأجير، ولها أن تعين من يدير المال الشائع إذا كانت الظروف تبرر ذلك.

(جـ) ثم عرض المشروع في المادة (823) لحالة ما إذا قام شريك بمفرده بعمل من أعمال الإدارة، فإذا لم يعترض من يملكون أغلبية الحصص، وهم أصحاب الحق في أعمال الإدارة المعتادة، في وقت مناسب، كان الشريك فيما قام به نائبًا عن الجميع، أما إذا اعترض من لهم أغلبية الحصص في وقت مناسب فيكون ما قام به الشريك غير نافذ في حق سائر الشركاء، من اعترض منهم ومن لم يعترض، والنص المقترح في المشروع يختلف عن النص المصري، والنصوص التي نقلت عنه من النواحي الآتية:

أولاً: نص المشروع على أنه إذا تولى أحد الشركاء عملاً من أعمال الإدارة (دون الاعتراض من الأغلبية) في حين أن النص المصري يقول (دون اعتراض من الباقين) مما يوحي أن المقصود هو دون اعتراض من أي شريك آخر والواقع أنه لو اعترض البعض ولم يعترض البعض الآخر، وكان الذين لم يعترضوا يملكون أغلبية الحصص، أي يملكون الإدارة، فافتراض موافقتهم، وهو الأساس الذي يقوم عليه حكم النص، يكفي لجعل تصرف الشريك نافذًا كما لو كان صدر من الأغلبية.

ثانيًا: ينص المشروع على اعتبار الشريك الذي قام بالعمل، ولم يعترض من يملكون الأغلبية، نائبًا عن الجميع فيما قام به، وفي هذا يختلف نص المشروع عن النص المصري والنصوص المنقولة عنه من وجهين: الوجه الأول أن المشروع يعتبر الشريك نائبًا في حين أن النص المصري يعتبره وكيلاً، وهذا التعديل يؤدي إلى تفادي صعوبة يثيرها النص المصري تتعلق بالمدة التي يسري فيها الإيجار الذي يعقده الشريك، فاعتبار الشريك وكيلاً يدعو إلى التساؤل عن أثر عدم الاعتراض وقيل – في رأي – إنه دليل على وجود وكالة سابقة ومن ثم لا ينفذ الإيجار إلا للمدة التي تدخل في سلطة الوكيل، وقيل – في رأي آخر – إن عدم الاعتراض يعتبر الاعتراض إقرارًا من الأغلبية لما قام به الشريك وبالتالي ينفذ الإيجار في كل مدته ولو جاوزت المدة التي يملك الوكيل التأجير فيها، والواقع أن الذي أدى إلى هذا الخلاف في الرأي هو النص على اعتبار الشريك وكيلاً وهو ما يخالف جوهر فكرة الوكالة وهي أنها عقد يتم بالإرادة، والواقع أن الشريك يعتبر نائبًا بحكم القانون وتبقى مسألة المدة التي يسري فيها الإيجار والرأي فيها في ظل النص المقترح هو أن العبرة بكون الإيجار لمدة يعتبر معها عملاً من أعمال الإدارة المعتادة أم لا، والوجه الثاني أن النص المقترح حرص على أن يذكر أن الشريك يعتبر نائبًا (فيما قام به) في حين أن النص المصري يقول (عُد وكيلاً عنهم) الأمر الذي قد يظن معه أن النيابة تمتد إلى أعمال أخرى وهو غير مقبول ويجب أن تقتصر النيابة على العمل الذي تم دون اعتراض.

ثالثًا: لم ينظم المشروع المصري الاعتراض لا من حيث الوقت الذي يتضح فيه وجود اعتراض أو عدم وجوده ولا من حيث أثر الاعتراض إن وجد، أما مشروع النص فقد ذكر أن الاعتراض يجب أن يكون في وقت مناسب تاركًا تقدير المناسبة للقاضي على ضوء الظروف المختلفة، كما ذكر المشروع أن أثر الاعتراض هو عدم نفاذ ما قام به الشريك في حق غيره من الشركاء.

أعمال الإدارة غير المعتادة:

بعد أن عرض المشروع في المواد السابقة لأعمال الإدارة المعتادة عرض في المادة (824) لأعمال الإدارة غير المعتادة وهي التي تقتضي إحداث تغيير أساسي في المال الشائع أو التعديل في الغرض الذي أعد له، كالبناء في الأرض أو هدم جزء من البناء لإعادة بنائه على شكل آخر أو تحويل المبنى المعد للسكنى إلى فندق أو تحويل الأرض المعدة للزراعة إلى غرض آخر، وحكم النص مستمد من القانون المصري الذي أخذت به بعض قوانين البلاد العربية الأخرى (السوري، والليبي، والسوداني، والأردني، والصومالي، والجزائري، والعراقي) مع بعض التعديلات.

وحكم الفقرة الأولى مماثل لحكم القانون المصري فيما عدا أن المشروع صرح بأن يكون الإخطار (قبل إحداث التغيير أو التعديل) زيادة في إيضاح أن الأغلبية لا تملك ابتداءً إلا اتخاذ القرار أما تنفيذه فلا يكون إلا بعد أن تنقضي مدة اعتراض الأقلية دون أن يعترض أحد منهم أو بعد أن تفصل المحكمة وتوافق على القرار، كما نص المشروع على أن يكون الإخطار بقرار الأغلبية كتابة حسمًا للمنازعة في مسألة حصول الإخطار أو عدم حصوله. كما نص المشروع على أن تكون مدة الاعتراض ثلاثين يومًا بدلاً من شهرين كما هو نص القانون المصري.

أما الفقرة الثانية من النص فتعرض لسلطة المحكمة إذا اعترض أحد الشركاء من الأقلية على قرار الأغلبية، وبدهي أن المحكمة لها أن تحكم بعدم جواز إجراء التغيير أو التعديل الذي قررته الأغلبية إذا تبين لها أنه لا يؤدي إلى تحسين الانتفاع بالشيء (كما لها أن تعتمد القرار كما هو دون أي قيد، ولها، كما ينص المشروع أن توافق على قرار الأغلبية وتقرر مع الموافقة ما تراه مناسبًا من التدابير) ولم ينقل المشروع ما نص عليه القانون المصري، والقوانين العربية الأخرى التي نقلت عنه من أن للمحكمة (بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يُستحق من التعويضات) لأن هذه العبارة قد تفهم على معنى أن المحكمة، بعد أن توازن بين مبررات قرار الأغلبية ووجه اعتراض من اعترض، قد توافق على القرار وهي تقدر في الوقت نفسه احتمال أن يكون ضارًا فلا تحسم مسألة ملاءمة القرار أو عدم ملاءمته وإنما تحكم على مسؤولية الأغلبية وتكون الكفالة لضمان ما قد يُستحق للمخالف من تعويضات بسبب أن القرار نفسه كان ضارًا، وهذا الفهم هو ما تدل عليه عبارة المذكرة الإيضاحية لمشروع النص المصري إذ تقول (… بما قد يُستحق له من تعويض، من جراء تنفيذ قرار الأغلبية فيما إذا تبين أن هذا القرار ضار بالمصلحة)، وهو ما يدل عليه نص القانون السوداني إذ يقول (… بما قد يستحقه من تعويض من جراء تنفيذ قرار الأغلبية إذا ما تبين أن ذلك القرار ضار بمصلحته) وصياغة النص، مفهومة بهذا المعنى، تعني في الواقع أن المحكمة تتخلى عن مهمتها الأساسية وهي التحقق من ملاءمة القرار نفسه، وتحكم للأغلبية بأن تقوم بما قررته على مسؤوليتها، وهو أمر غير مقبول.
ولهذا اكتفى المشروع بالنص على أن المحكمة، عند اعتماد قرار الأغلبية أن تقرر ما تراه من التدابير، ولا يمنع هذا من أن تحكم بكفالة لضمان ما قد ينشأ من أخطاء في التنفيذ، أما القرار نفسه فبعد موافقة المحكمة يجب أن يُفترض أنه في محله.

أعمال الحفظ:

بعد بيان أعمال الإدارة بنوعيها، المعتادة وغير المعتادة، عرض المشروع بنص المادة (825) لأعمال الحفظ، فأعطى لكل شريك الحق في أن يتخذ ما يلزم لحفظ الشيء الشائع دون حاجة لموافقة باقي الشركاء، ويستوي أن تكون أعمال الحفظ مادية مثل الترميم والصيانة وجني الثمار في موعدها قبل أن تتلف، أو إجراءات أو تصرفات قانونية مثل رفع دعاوى الحيازة ضد من يعتدي على حيازة الشركاء أو قطع التقادم الساري لمصلحة من يحوز المال بنية تملكه أو الوفاء بدين الدائن المرتهن توقيًا للتنفيذ على المال، ونظرًا إلى أن مثل هذه الأعمال لا تحتمل التأخير لم يخضعها المشروع للقواعد الخاصة بأعمال الإدارة بوجه عام من حيث ضرورة توفر أغلبية للقيام بها، فلكل شريك أن يقوم بها وحده، والشريك إذ يقوم بهذه الأعمال يقوم بها بحكم القانون لحساب الشركاء جميعًا، ولهذا فهو يرجع على كل منهم بحصته فيما أنفق.

نفقات الحفظ والإدارة:

وبعد أن عرض المشروع لمن له الحق في القيام بأعمال الإدارة بصورها المختلفة، عرض في نص المادة (826) لنفقات الحفظ والإدارة وسائر التكاليف المقررة على المال كالضرائب والرسوم، فيتحمل جميع الشركاء هذه النفقات التي تنفق لمصلحة الجميع كل بقدر حصته في الشيوع، وليس ثمة ما يمنع من أن يتفق الشركاء على نسبة أخرى في توزيع النفقات أو أن يُعفى أحدهم منها أو من بعضها كما قد ينص القانون في حالة خاصة على خلاف حكم هذا النص الذي يقرر القاعدة العامة.

التصرف في الشيء الشائع:

وبعد أن عرض المشروع بنص المواد السابقة لتنظيم إدارة المال الشائع، عرض للتصرف في هذا المال، وبدهي أن للشركاء باتفاقهم جميعًا أن يتصرفوا في المال الشائع بكافة صور التصرف ويكون تصرفهم صحيحًا نافذًا في حق الجميع.

والأصل، وفقًا للقواعد العامة التي تتفرع على حرية المالك فيما يملك أن التصرف يجب أن يتم بموافقة جميع الشركاء وليس للأغلبية أيًا كانت قيمة حصصهم أن يفرضوا إرادتهم في التصرف على الأقلية، وتمشيًا مع هذا الأصل لم تخول بعض التشريعات العربية للأغلبية سلطة التصرف وهذا هو مسلك القانون العراقي والقانون التونسي والقانون الأردني.

وقد آثر المشروع أن يسلك مسلك التشريعات العربية الأخرى التي تعطي الأغلبية التصرف مع ضمان حماية مصالح الأقلية لما في ذلك من مصلحة، وهذا هو مسلك القانون المصري والقانون السوري والقانون الليبي والقانون السوداني والقانون الجزائري والقانون الصومالي.

ومن نص المادة (827) من المشروع يتضح أن الأغلبية لا تستطيع أن تفرض إرادتها في التصرف دون مراعاة لرأي الأقلية، فالتصرف لا يتم إلا في أحد فرضين، إما أن تعلم به الأقلية ولا يعترض أحد منهم فيحمل ذلك على موافقتهم، وإما أن يعترض أحدهم يكون أمر التصرف أو عدم التصرف من سلطة المحكمة التي توازن بين دواعي التصرف التي تستند إليها الأغلبية ودواعي الاعتراض.
والأغلبية التي لها أن تقرر التصرف ليست أغلبية عادية بل أغلبية خاصة فيجب أن تتوفر لهم ثلاثة أرباع الحصص، والخطوة الأولى في سبيل التصرف هي أن تتخذ الأغلبية قرارًا بالتصرف وذلك بشرطين: الشرط الأول أن توجد أسباب قوية تبرر التصرف كما لو كان استغلال المال الشائع بحالته متعذرًا أو كان لا يغل إلا غلة ضئيلة قورنت بريع ما يمكن الحصول عليه من ثمن، والشرط الثاني أن تكون قسمة هذا المال ضارة بمصالح الشركاء، فإذا كانت القسمة ممكنة دون ضرر فلا يجوز التصرف بقرار من الأغلبية وعلى من يرغب في التخلص من الوضع القائم أن يطلب القسمة.


وقبل إتمام التصرف يجب على الأغلبية أن يخطروا باقي الشركاء بقرارهم وأن يكون الإخطار كتابة، ولكل شريك من الأقلية، خلال ستين يومًا من وصول الإخطار إليه أن يعترض على قرار الأغلبية بالرجوع إلى القضاء، فإذا لم يعترض أحد خلال فترة الاعتراض كان للأغلبية أن تبرم التصرف الذي يكون عندئذٍ صحيحًا نافذًا في حق الجميع، وليس في هذا اعتداء على حقوق الأقلية إذ يحمل سكوت الأقلية مع القدرة على الاعتراض على محمل الرضا، وإذا اعترض أحدهم فعلى المحكمة أن تتثبت من توفر الشرطين السابق بيانهما، أي قوة الأسباب التي تستند إليها الأغلبية في تقرير التصرف وكون القسمة ضارة بمصالح الشركاء، مع الموازنة بين دواعي التصرف وأسباب اعتراض المعترض، وعلى ضوء هذه الموازنة إما أن تحكم بعدم جواز التصرف وإما أن تحكم بالتصريح للأغلبية بالتصرف، فإذا صرحت المحكمة للأغلبية بالتصرف فتصرفهم يكون صحيحًا نافذًا في حق الأقلية، وهنا يظهر بوضوح وجه الخروج على الأصل العام في حرية المالك فيما يملك وهو خروج تبرره مصلحة الأغلبية التي قدرتها المحكمة.

وللحد من عيوب الأخذ بنظام الأغلبية، سواء في أعمال الإدارة (المواد من 821 إلى 824) أو في التصرف (المادة 827) استحدث المشروع نص المادة (828) الذي يحول دون أن يكون من حق شريك واحد القيام بعمل من الأعمال باعتباره الأغلبية، أيًا كانت حصته في المال الشائع، ذلك أنه حتى مع الأخذ بمبدأ حساب الأغلبية على أساس حصص الشركاء وهو المبدأ الذي روعي فيه وزن المصالح، إلا أن وزن المصالح ليس هو كل شيء، فيجب أن يتعدد الرأي وبالتالي يجب أن تكون الأغلبية لشريكين على الأقل.
ويعرض نص المادة (829) لحكم تصرف الشريك في جزء مفرز من المال أو الأموال المملوكة على الشيوع، سواء كان التصرف بنقل الملكية أو بإنشاء حق عيني آخر بالانتفاع أو الرهن.

وإذا كان للشريك، وفقًا للقواعد العامة أن يتصرف في حصته الشائعة على نحو ما ذكره المشروع في المادة (819) فليس من حقه أن يتصرف فيما يعتبر من حق غيره من الشركاء، ولهذا فإذا تصرف في جزء مفرز، فنظرًا لورود حقوق الشركاء الآخرين على هذا الجزء، فلا شك أن التصرف يكون غير نافذ في حقهم، أما حكم التصرف في العلاقة بين الشريك المتصرف والمتصرف إليه، فهو الذي يثير الصعوبة واختلف في شأنه موقف التشريعات، ويمكن أن يقال فيه عدة آراء.

فقد يقال إن الشريك تصرف فيما يملك، وهو حصته، وفيما لا يملك وهو حصص باقي الشركاء، وذلك على أساس أن الملكية المفرزة وهي التي وقع عليها التصرف هي مجموع حقوق الشركاء أي حصصهم، وبالتالي يكون التصرف صحيحًا نافذًا في حق الجميع بالنسبة لحصة الشريك المتصرف، ويأخذ حكم التصرف في ملك الغير بالنسبة لحصص الشركاء الآخرين، ولكن يعترض على هذا بأنه يخالف إرادة المتعاقدين التي انصرفت إلى التصرف في الحق المفرز دون تفريق، وليس من المقبول أن ينظم المشرع أثر التصرف على خلاف إرادة أطرافه.

وقد يقال إن التصرف صحيح، نافذ في كل آثاره بما فيها نقل الملكية أو إنشاء الحق العيني، بالنسبة لطرفيه، ولكنه غير نافذ بالنسبة لباقي الشركاء، وذلك على أساس أن الشريك المتصرف يعتبر مالكًا لما تصرف فيه ولكن ملكيته مقيدة بحقوق الشركاء الآخرين، ومقتضى هذا أن المتصرف إليه يمكن – حتى قبل القسمة – أن يكون مالكًا أو صاحبًا لحق عيني غير الملكية، ولكن حقه غير نافذ بالنسبة لباقي الشركاء، ولكن يعيب هذا الرأي أولاً من الناحية النظرية أن الشريك لا يملك إلا ملكية شائعة وقد تصرف في ملكية مفرزة وهو حق لا يملكه وبالتالي لا يصح القول إن الشريك مالك وقد تصرف فيما يملك، وثانيًا فهو يؤدي إلى نتائج عملية غير مقبولة فالقول إن المتصرف إليه يصبح مالكًا في مواجهة الشريك المتصرف وغير مالك بالنسبة لباقي الشركاء غير مقبول ويغفل مسألة هامة وهي: من هو المالك في مواجهة الكافة ؟ وإذا فرض أن تصرف شريك آخر في نفس الجزء فمن هو المالك ؟ إن صاحب الحق العيني يجب أن يتحدد بالنسبة للكافة.

والرأي المقبول، والذي يتفق مع القواعد العامة، في انعقاد التصرف وآثاره، هو أن يقال إن الشريك قد تصرف في حق لا يملكه، ولا يحول هذا دون انعقاد التصرف، وترتيب آثاره الشخصية أي الالتزامات بين طرفيه، أما الآثار العينية أي نقل الملكية أو إنشاء الحق العيني غير الملكية فلا تترتب ما بقي الشيوع قائمًا، وإذا تمت القسمة ووقع الجزء المتصرف فيه في نصيب المتصرف زال المانع الذي منع ترتيب الأثر العيني، وهذا هو ما أخذ به المشروع.

هذا وقد يكون المتصرف إليه عالمًا وقت إبرام التصرف أن المتصرف لا يملك الشيء المتصرف فيه ملكية مفرزة وإنما يملك حصة شائعة فيه، وقد يكون غير عالم أي معتقدًا أنه يتعامل مع من يملكه مفرزة للشيء المتصرف فيه. وفي الفرض الأول ليس له حق طلب إبطال التصرف، ويمكن اعتباره قابلاً للتصرف موقوفًا أثره العيني على نتيجة القسمة، وفي الفرض الثاني يكون المتصرف إليه قد وقع في غلط وبالتالي يكون له حق طلب إبطال التصرف على هذا الأساس، ولم يرَ المشروع ما يدعو إلى النص على حق طلب الإبطال للغلط في هذه الحالة لأنه محض تطبيق للقواعد العامة.

هذا ولم يأخذ المشروع بالحكم الوارد في القانون المصري والذي نقلته قوانين بعض البلاد العربية، وهو انتقال حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى ما يقع في نصيب المتصرف من أموال أخرى غير المال المتصرف فيه عند القسمة، لأن هذا الحكم غير منطقي من الناحية النظرية وغير مقبول من الناحية العملية، فمن الناحية النظرية يثور التساؤل: ما هو الحق الذي ينتقل ؟ وهو سؤال يستدعي التساؤل عن ماهية حق المتصرف إليه قبل القسمة، وهو الحق الذي يقال إنه ينتقل، وقد بينا أنه لا يصح أن يقال إنه حق عيني، فهو ليس حق ملكية مفرزة ولا حق ملكية شائعة، ومن الناحية العملية ليس من المقبول أن يشتري شخص شيئًا معينًا بذاته ويُفرض عليه أن يمتلك شيئًا آخر حتى ولو كان معادلاً له في القيمة إذ قد لا يحقق الشيء الآخر الغرض الذي قصد إليه – حتى ولو كان كل من الشيئين جزءًا من كل، مثال ذلك أن يشتري شخص قطعة أرض ليبني عليها وهي جزء من أرض شائعة واسعة ولكنها قريبة من العمران ثم يقع في نصيب البائع أرض بعيدة عن العمران وقد لا تصلح للبناء عليها.

وما يقال عن التصرف الذي من شأنه نقل الملكية يقال كذلك عن التصرف الذي يراد منه إلى إنشاء حق عيني كالرهن مثلاً، فالتصرف الذي يصدر من شريك لا يملك إلا حصة شائعة إذا ورد على جزء مفرز لا يمكن أن ينشئ الحق العيني، وبالتالي فلا محل للقول بانتقال حق لم يكن موجودًا قبل القسمة.

ثانيًا: انقضاء الشيوع بالقسمة:

بدأ المشروع النصوص الخاصة بالقسمة، بنص المادة (830) التي تقرر حق كل شريك في إنهاء حالة الشيوع بأن يطلب القسمة، وما يرد على هذا الحق من قيود، فنظرًا إلى أن حالة الشيوع تؤدي إلى شيء من التعقيد في طريقة الانتفاع بالمال الشائع والتصرف فيه، ولأن الغالب أن يكون استقلال الفرد في استغلال ما يملك حافزًا قويًا على العمل وحسن التصرف، الأمر الذي ينعكس أثره على المصلحة العامة للمجتمع، نظرًا لهذا كان الأصل هو حق الشريك في أي وقت أن يطلب القسمة، رضاءً أو قضاءً، لإنهاء حالة الشيوع، ومع هذا فقد توجد اعتبارات تدعو إلى الإجبار على البقاء في الشيوع، وهذه الاعتبارات قد يقدرها المشرع فيضع نصًا يمنع طلب القسمة كما هي الحال بالنسبة للأجزاء المشتركة أي المملوكة على الشيوع في ملكية الطوابق والشقق (م 3/ 2 من القانون رقم 39 لسنة 1976 في الكويت)، وقد يقدرها الأفراد ذوو الشأن فيتفق الشركاء مثلاً على عدم جواز طلب القسمة خلال مدة معينة تقديرًا منهم أن تجزئة المال المشترك تقلل من غلته، وقد يوصي شخص بمال إلى أكثر من واحد شائعًا بينهم ويشترط في الوصية عدم جواز القسمة لاعتبارات يقدرها، ولهذا نص المشروع على أن الإجبار في الشيوع قد يكون بمقتضى تصرف قانوني ليشمل ذلك العقد والوصية، ولما كان الأصل هو الحق في طلب القسمة، والاستثناء هو الإجبار على البقاء في الشيوع، وقد تتغير الظروف التي دفعت الشركاء إلى اشتراط عدم جواز طلب القسمة، نظرًا لهذا يضع المشروع حدًا أقصى للمدة التي يصح فيها الاتفاق على الإجبار، وانقضاء المدة لا يمنع الشركاء إذا رأوا مصلحتهم في ذلك أن يتفقوا من جديد على الإجبار لمدة ثانية وثالثة وهكذا، والمهم ألا يجد الشريك نفسه في أي وقت مجبرًا على البقاء في الشيوع لمدة أكثر من الحد الأقصى وهو وفقًا لنص المشروع خمس سنوات، فإذا اتُفق على مدة تزيد على خمس سنوات كان الاتفاق باطلاً في الزيادة ويستطيع كل شريك أن يطلب القسمة فور انقضاء السنوات الخمس، أما إذا كان الاتفاق لا يجاوز خمس سنين فهو صحيح يلزم كل شريك كما يلزم من يخلفه سواء كان الخلف عامًا أو خاصًا، ويستوي أن يكون الخلف الخاص يعلم وقت تعاقده مع سلفه أو لا يعلم بالاتفاق على عدم جواز طلب القسمة، وذلك حمايةً لباقي الشركاء حتى لا يفاجئوا، وبعد الاتفاق وترتيب أمورهم على أساس أن الشيوع سيبقى طوال المدة المتفق عليه، بأن من اشترى من شريكهم يطلب القسمة على أساس أنه اشترى دون أن يعلم بالاتفاق.

وقد أورد المشروع في الفقرة الثانية حكمًا يحقق شيئًا من المرونة في حق الشريك في طلب القسمة من ناحية وفي إلزام الشريك بالبقاء في الشيوع من ناحية أخرى: فأجاز للمحكمة، إذا كانت القسمة العاجلة ضارة بمصالح الشركاء، أن تأمر بالبقاء في الشيوع مدة تحددها إذا لم يوجد اتفاق على عدم جواز طلب القسمة أو إلى أجل لاحق للأجل المتفق عليه، كما أجاز لها أن تأمر بالقسمة في الحال رغم وجود اتفاق على عدم جواز طلب القسمة خلال مدة لم تنتهِ بعد، إذا وُجد مبرر قوي للقسمة، وقد أُريد بهذا الحكم مواجهة الظروف التي قد تطرأ أثناء قيام الشيوع وتغير من توقعات الشركاء وذلك نظرًا لما يترتب على حسن أو سوء استغلال الأموال من انعكاس على المصلحة الاقتصادية للجماعة.

وقد استمد المشروع حكم الفقرة الثانية من النص، من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري (م 1202/ 2) الذي استمده بدوره من مشروع القانون المدني الإيطالي. وبعد أن عرض المشروع لحق كل شريك في طلب القسمة، عرض في نص المادة (831) للقسمة الاتفاقية أو الرضائية، وهذه القسمة لا تتم باعتبارها قسمة تنهي حالة الشيوع إلا باتفاق جميع الشركاء، وتتم هذه القسمة بالطريقة التي يرتضيها المتقاسمون، بطريق القرعة أو بطريق التجنيب، وقد يلجؤون إلى خبير يتولى تكوين الأنصبة إلى غير ذلك من الوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى اتفاق.

ولم يجز المشروع القسمة الاتفاقية إذا كان بين الشركاء غير كامل الأهلية، سواء كان صغيرًا عديم الأهلية أو ناقصها أو كان عدم كمال أهليته لعارض من جنون أو عته أو سفه أو غفلة، إلا إذا كان له ولي شرعي فيجوز للولي أن يتفق على القسمة، وكذلك لا تجوز القسمة الاتفاقية إذا كان بين الشركاء من يثبت غيبته أو فقده، فليس لمن تعينه المحكمة للولاية على ماله أن يبرم عقد القسمة، ففي هذه الحالات يجب الالتجاء إلى إجراءات القسمة القضائية.

ولم يذهب المشروع مذهب القوانين التي تمنع القسمة الاتفاقية كلما وجد بين الشركاء غائب أو غير كامل الأهلية دون أن تستثني الحالة التي يوجد فيها للمراد حمايته ولي شرعي، وهي القانون العراقي والقانون التونسي والقانون الأردني.
كما لم يذهب المشروع مذهب القوانين التي تجيز القسمة الاتفاقية التي تتم بواسطة الوصي أو القيم أو وكيل الغائب أو المفقود، بشرط الحصول على إذن من القضاء، وهذا هو ما يتضح في مصر من نص المادة (835) مدني والمادتين (40 و79) من قانون الولاية على المال، كذلك في الكويت من نص المادة (18) من القانون رقم (4) لسنة 1974 في شأن إدارة شؤون القصر، وقد راعى المشروع في ذلك أن القسمة القضائية فيها الضمانات اللازمة لحماية غير كامل الأهلية أو الغائب أو المفقود، وفى الوقت نفسه ليس في الالتجاء إليها مشقة أكثر من الالتجاء أولاً إلى القضاء لطلب الإذن بإجراء القسمة الاتفاقية، ثم الالتجاء إلى المحكمة مرة ثانية للتثبت من عدالة القسمة، وقد ترى المحكمة بعد هذا كله أن تقر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية، فالأولى من هذا كله أن يلجأ الوصي أو القيم ابتداءً إلى إجراءات القسمة القضائية.

ويعرض نص المادة (832) للحق في طلب إبطال القسمة الاتفاقية للغبن، أو كما يعبر عنه عادةً بنقض القسمة، وقد آثر المشروع النص على الإبطال لأن كلمة نقض القسمة لا تعني أكثر من إزالتها أو هدمها دون أن تدل على ماهية الوسيلة الفنية التي توصل إلى ذلك، ونظرًا إلى أن سبب نقض القسمة هو الغبن وهو أمر معاصر للاتفاق على القسمة، ولأن القسمة مع وجود الغبن تنعقد وتبقى قائمة منتجة لآثارها إلى أن تنقضي فحقيقة النقض إذن هي الإبطال، ويترتب على ذلك أن يخضع حق الإبطال للقواعد العامة في غير ما يرد بشأنه حكم خاص، من ذلك مثلاً القواعد الخاصة بالإجازة.

وعبارة (للمتقاسم الحق في طلب إبطال القسمة …) الواردة في صدر النص تفيد أن الحكم بالإبطال وجوبي بالنسبة للمحكمة إذا ما توفرت شروطه، ولذلك آثر المشروع هذه العبارة على العبارة الواردة في صدر النص المصري (يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي …) (م 845) والتي نقلتها تشريعات عربية أخرى (السوري، والليبي، والعراقي، والصومالي، والجزائري) إذ قد يفهم الجواز على أنه للمحكمة.

وقد جعل المشروع الغبن الذي يترتب عليه الحق في طلب الإبطال أي الغبن الفاحش، هو الذي يزيد على الخمس على نحو ما فعلت أكثر التشريعات العربية (المصري، والسوري، والليبي، والصومالي، والجزائري) ولم يكتفِ بوصف الغبن بأنه فاحش كما فعلت بعض التشريعات (م 1050 أردني) كما أن المشروع فضل عدم الأخذ بحكم القانون العراقي الذي يجعل حد الغبن يختلف باختلاف ماهية الأشياء إذ تنص المادة (1077/ 2) منه على أنه (ويعتبر الغبن فاحشًا متى كان على قدر ربع العشر في الدراهم ونصف العشر في العروض والعشر في الحيوانات والخمس في العقار) ذلك أن هذا التنوع في مقدار الغبن يؤدي إلى صعوبات عملية في التطبيق يحسن تفاديها إذ كثيرًا ما يكون المقسوم عدة أموال متنوعة وتتم بالنسبة لها جميعًا قسمة واحدة.

وحتى تستقر القسمة نهائيًا في وقت قريب قرر المشروع في الفقرة الثانية سقوط دعوى الإبطال للغبن بمرور سنة من وقت القسمة.

ونصت الفقرة الثالثة من النص على حق المدعى عليه، وهم المتقاسمون الآخرون، في الحيلولة دون إبطال القسمة وذلك بتكملة نصيب المغبون، وهو تطبيق للقواعد العامة التي تقتضي عدم جواز التمسك بالإبطال على نحو يخالف حسن النية، وقد فضل المشروع عبارة (أن يمنع طلب الإبطال) الواردة في النص، على العبارة المقابلة التي نجدها في كثير من التشريعات العربية وهي (للمدعى عليه أن يقف سيرها (أي الدعوى) ويمنع القسمة من جديد) (المصري، والسوري، والليبي، والعراقي، والصومالي، والجزائري) وذلك لأن المسألة ليست مسألة وقف الدعوى، ولأن التشريعات المذكورة تستعمل دون مبرر عبارتين (يقف سير الدعوى) و(يمنع القسمة من جديد) وقد أدى هذا بالبعض استنادًا إلى العبارة الأخيرة إلى القول إن المدعى عليه له أن يكمل النصيب حتى بعد الحكم النهائي بالنقض وهو أمر غير مقبول فما دام الحكم النهائي قد صدر بنقض القسمة عادت حالة الشيوع إلى ما كانت عليه، ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق من كان مدعيًا عليه أن يطلب تكملة النصيب، ولا يبقى بعد الحكم النهائي إلا العمل على الاتفاق على القسمة من جديد أو رفع دعوى القسمة.

وبعد أن بين المشروع، أحكام القسمة الاتفاقية، عرض في المواد (من 833 إلى 836) للقسمة القضائية، وكان على المشروع، فيما يتعلق بمكان النصوص المتعلقة بهذه القسمة أن يختار بين إحدى سياستين تلجأ إلى كل منهما بعض التشريعات فبعض الدول لا تنظم أحكام القسمة القضائية في مدونة القانون المدني، كما هي الحال في القانون السوداني وفي القانون الليبي، وبعض الدول تنظم دعوى القسمة في مدونة القانون المدني مثل القانون المصري والقانون السوري، هذا بالإضافة إلى أن بعض القوانين تقتصر على وضع بعض أحكام دعوى القسمة في القانون المدني دون أن تعرض لكيفية إجراء القسمة مثل القانون الأردني، وقد اختار المشروع سياسة القوانين التي تنظم الأحكام الخاصة بدعوى القسمة، والتي لا تكفي في شأنها القواعد العامة في المرافعات، في مدونة القانون المدني، وذلك حتى لا يعرض قانون المرافعات للقواعد التي تخص كل دعوى من الدعاوى، مثل دعوى الشفعة ودعاوى الحيازة ودعوى القسمة.

( أ ) وقد بدأ المشروع في المادة (833) بيان المحكمة المختصة بدعوى القسمة، فنص على أن ترفع أمام المحكمة الكلية، وهو ما يفيد اختصاص هذه المحكمة بدعوى القسمة أيًا كانت قيمة المال أو الأموال المطلوب قسمتها، وقد راعى المشروع في ذلك أولاً أن أحكام المحاكم الجزئية، في ظل قانون المرافعات الحالي لا تقبل الاستئناف، ومن ناحية أخرى فاختصاص المحكمة الكلية يؤدي إلى أن تحكم المحكمة في كافة المنازعات التي تعرض أثناء نظر دعوى القسمة.

كما نص المشروع على أن للمحكمة أن تندب خبيرًا أو أكثر لإفراز الأنصبة إن كان المال يقبل القسمة عينًا دون نقص كبير في قيمته، والغالب أن تلجأ المحكمة إلى ذلك.

(ب) ثم عرض المشروع في المادة (834) لكيفية تكوين الأنصبة، والغالب أن يقوم بذلك الخبير، وإذا كان النص لم يأخذ بعبارة المشروع المصري (يكون الخبير الحصص …) وإنما قال (تكون الأنصبة …) فذلك لأن ندب الخبير جوازي للمحكمة وإن كان من الناحية العملية هو ما يحدث في كل دعاوى القسمة.

والأصل أن تكون الأنصبة على أساس أصغر حصة تمهيدًا لإجراء القرعة بين الشركاء، فإذا كانت أصغر حصة هي السدس مثلاً قسم المال إلى ستة أقسام، وهذه الطريقة وإن كانت تتفادى احتمال أي تحيز لشريك على حساب غيره، إلا أنها تؤدي إلى تفتيت نصيب الشريك صاحب الحصة الكبيرة فيحصل على عدة أجزاء متفرقة، فيحصل صاحب النصف مثلاً على نصيبه في ثلاث قطع كل منها منفصلة عن الأخرى، هذا بالإضافة إلى أنه قد يتعذر تقسيم المال إلى أجزاء صغيرة أو قد يترتب على مثل هذه التجزئة ضرر للشركاء.

ولهذا نص المشروع، في الفقرة الثانية من النص، على أنه يجب الالتجاء إلى طريقة أخرى لتكوين الأنصبة، وهي طريق التجنيب، فيعين لكل شريك جزءًا مفرزًا من المال أو الأموال الشائعة يعادل حصته، وذلك في حالتين، الأولى أن يتفق الشركاء جميعًا على ذلك، فالشركاء أنفسهم هم أصحاب الحق الأول في تقدير ما إذا كانت القسمة على أساس أصغر حصة ثم القرعة تضرهم أم لا، والحالة الثانية هي حالة ما إذا تعذرت القسمة على أساس أصغر حصة. وقد خالف المشروع، في هذا الخصوص، نص القانون المصري (م 837) والقانون السوري (م 791) من ناحيتين، الأولى أنه جعل التجاء الخبير إلى طريقة التجنيب ليس مقصورًا على حالة تعذر القسمة على أساس أصغر حصة بل أضاف حالة اتفاق الشركاء، والناحية الثانية أنه جعل العدول عن القسمة على أساس أصغر حصة إلى القسمة بطريق التجنيب وجوبيًا وليس جوازيًا.

(جـ) وبعد أن يكون الخبير الأنصبة إما على أساس أصغر حصة أو بطريق التجنيب، يكون لكل شريك، بل كذلك لكل ذي مصلحة كدائن الشريك، أن ينازع في تكوين الحصص، فإذا حدثت منازعة، فعلى المحكمة أن تفصل أولاً فيها، كما عليها أن تفصل فيما قد يثور من منازعات أخرى مثل المنازعة في ملكية جزء من الأموال المطلوب قسمتها.

وبعد الانتهاء من الفصل في المنازعات، تأتي المرحلة الأخيرة في دعوى القسمة التي عرضت لها المادة (835) فإذا كانت الأنصبة قد كونت بطريق التجنيب، تصدر المحكمة حكمها بإعطاء كل متقاسم نصيبه المفرز، وإن كانت الأنصبة قد كونت على أساس أصغر حصة، فيكون تحديد ما يخص كل شريك من هذه الأنصبة بطريق الاقتراع، وعلى المحكمة أن تثبت ما تم في الاقتراع في المحضر وتحكم بإعطاء كل متقاسم نصيبه المفرز الذي تحدد بالاقتراع.

ويعرض نص المادة (836) لبيع المال الشائع بالمزاد تمهيدًا لقسمة الثمن على الشركاء وهو ما يعرف بالقسمة بطريق التصفية، فإذا تبين للمحكمة أن المال الشائع لا يمكن قسمته عينًا، كما لو كان منزلاً معدًا لسكنى أسرة واحدة، أو تبين لها أن قسمته عينًا من شأنها أن تنقص من قيمته نقصًا كبيرًا، كما لو كان هذا المال قطعة أرض معدة للبناء ولو قسمت لأصبح كل جزء منها صغيرًا إلى حد ينقص من منفعته فتقل قيمته، فتعدل المحكمة عن القسمة العينية إلى القسمة بطريقة التصفية وذلك بأن تحكم بأن يباع المال بالمزاد العلني بالطريقة المبنية في قانون المرافعات للبيع الجبري.

والأصل أنه يجوز لأي شخص، سواء كان من الشركاء أو من غيرهم، أن يتقدم بالمزايدة عند بيع المال الشائع حتى يمكن الحصول على أكبر ثمن ممكن، ولكن قد يرى الشركاء أنفسهم قصر المزايدة عليهم لاعتبارات يقدرونها، كأن يكون المال هو منزل الأسرة ويريدون أن يبقى في يد واحد منهم، ولما كانت المصلحة التي يمكن أن تتأثر بقصر المزايدة على الشركاء هي مصلحتهم فيكفي لحمايتهم أن يكون قصر المزايدة عليهم دون غيرهم بموافقتهم جميعًا، لكن إذا كان بين الشركاء غائب أو مفقود أو غير كامل الأهلية ولا يمثله الولي الشرعي، فرعاية لمصلحته لا يجوز للمحكمة أن تأمر بقصر المزايدة على الشركاء حتى ولو طلبوا ذلك ووافق على الطلب من ينوب عن الغائب أو المفقود أو غير كامل الأهلية، تبقى حماية دائني الشركاء، ولهم بلا شك مصلحة في رسو المزاد بأعلى ثمن ممكن، وقد اكتفى المشروع في شأنها بالقواعد العامة التي تعطي الدائن حق التدخل في الدعوى والنص الخاص بحماية دائني الشركاء من أخطار القسمة (م 837 من المشروع) خاصةً وقصر المزايدة على الشركاء جوازي للمحكمة التي لها برغم إجماع الشركاء على طلب قصر المزايدة عليهم أن ترفض طلبهم إذا اعترض عليه أحد الدائنين لاعتبارات مقبولة.

حماية دائني المتقاسمين من القسمة:

عرض نص المادة (837) لحماية خاصة بدائني الشركاء المتقاسمين من القسمة التي قد يتواطأ فيها الشركاء على الإضرار بحقوق بعض الدائنين كأن يتفق شريك مدين مع بقية الشركاء على أن يختص بأموال يسهل إخفاؤها كالنقود أو المجوهرات أو السندات لحاملها، أو على أن يختص بحصة عينية تقل عن نصيبه ويكمل النصيب بنقود يقبضها دون علم الدائنين، وإذا كانت القواعد العامة تخول دائن المتقاسم حق التدخل في دعوى القسمة باعتباره صاحب مصلحة، وبالتالي يتمكن من مراقبة سير إجراءات القسمة حتى لا تتم على نحو يضر بمصلحته، كأن ينازع في تكوين الأنصبة أو يعترض على إجراء القسمة بطريق التجنيب ما دام إجراؤها بطريق القرعة ممكنًا أو يعترض على طلب الشركاء قصر المزايدة عليهم، إذا كان الأمر كذلك، فقد يحدث عملاً أن تُرفع دعوى القسمة دون أن يعلم بها الدائن وبالتالي تفوته فرصة الدفاع عن مصلحته، لهذا يحمي المشروع دائني المتقاسم حماية خاصة بتمكينهم من تفادي إجراء القسمة في غيبتهم، ويفرق في هذا الخصوص بين الدائنين أصحاب الحقوق المشهرة من جهة، والدائنين العاديين من جهة أخرى.

( أ ) ففيما يتعلق بالدائنين المشهرة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة أو قبل إبرام القسمة الاتفاقية، أوجبت الفقرة الأولى من النص على الشركاء أن يدخلوهم في القسمة، فإذا حصل الإدخال فللدائن أن يعمل على تفادي المساس بحقه، فإن كانت القسمة قضائية فالمحكمة هي التي تقدر ما يطلبه الدائن وتحكم في الدعوى بما تراه محققًا مصالح المتقاسمين وبمراعاة مصلحة الدائن، وإن كانت القسمة اتفاقية فقد يراعي المتقاسمون ما أبداه الدائن رعاية لحقه وتتم القسمة باتفاق كل ذوي الشأن بما في ذلك موافقة الدائن، فإن اختلفوا فلا مفر من الالتجاء إلى القسمة القضائية، أما إذا لم يُدخل المتقاسمون الدائن فلا تكون القسمة، قضائية كانت أم اتفاقية، نافذة في حقه.

(ب) وفيما يتعلق بالدائنين العاديين لا يتصور إلزام المتقاسمين ابتداءً وبحكم القانون أن يدخلوا الدائن لأنه غير معلوم لهم. ولهذا تكون الخطوة الأولى في سبيل الحماية من الدائن نفسه وذلك بأن يعارض في أن تتم القسمة في غيبته، فإذا تمت المعارضة وجب على الشركاء إدخال من عارض في القسمة وإلا كانت غير نافذة في حقه.

وقد عرضت الفقرة الثانية من النص لمعارضة الدائنين وأثرها وقصرت الحكم على القسمة القضائية، وقد خالف المشروع في هذا بعض التشريعات العربية التي تعمم الحكم ليشمل القسمة الاتفاقية أيضًا مثل القانون السوري والقانون الأردني، وفي القانون المصري يدل ظاهر النص (م 842) على أن حكمه خاص بالقسمة القضائية كما تصرح المذكرة الإيضاحية باستبعاد القسمة الاتفاقية، ومع ذلك ذهب بعض الشراح إلى أنه ليس ثمة مبرر معقول للتفرقة بين القسمة الاتفاقية والقسمة القضائية بل إن الحاجة إلى تخويل الدائن حق المعارضة أظهر في القسمة الاتفاقية منه في القسمة القضائية إذ أن الدائن له وفقًا للقواعد العامة حق التدخل في دعوى القسمة، هذا بالإضافة إلى أن القسمة الاتفاقية خالية من ضمانات القسمة القضائية وبالتالي فالدائن أحوج إلى التدخل فيها، وبالتالي يدعون إلى التوسع في تفسير النص ليشمل القسمة الاتفاقية، ومع هذا آثر المشروع قصر المعارضة وما يترتب عليها من إلزام المتقاسمين بإدخال من عارض على القسمة القضائية، فمع التسليم بما قيل من أن الدائن في حاجة إلى حماية من القسمة الاتفاقية لا تقل عن حاجته إلى الحماية من القسمة القضائية بل لعل حاجته الأولى أكبر مع هذا فإعطاء الدائن العادي حق التدخل في القسمة الاتفاقية أمر غير مقبول إذ يؤدي إلى تمكين الدائن الذي لم يتعلق حقه بذات المال أو الأموال المراد قسمتها من التحكم الذي لا حد له وينتهي الأمر إلى أن يكون في قدرة أي دائن لأي شريك أن يحبر الشركاء جميعًا على العدول عن القسمة الاتفاقية والالتجاء إلى القضاء، وفي هذا خروج على مبدأ حرية التعاقد لا مبرر له، فإذا كان الشريك يستطيع أن يتصرف في حقه بسائر التصرفات كالبيع والهبة … إلخ دون موافقة دائنيه، فلا مبرر لإقحام الدائن في القسمة بالذات، ولهذا يكتفى في حماية الدائن العادي من القسمة الاتفاقية بالقواعد العامة التي تجيز للدائن الطعن في تصرفات مدينه بدعوى عدم نفاذ التصرفات.

وبالنص المقترح يستطيع كل دائن لشريك يخشى أن تؤثر القسمة القضائية التي تنهي حالة الشيوع بين مدينه وشركائه في ضمانه، يستطيع أن يبادر منذ نشوء حقه بأن يعارض في أن تتم القسمة القضائية في غيبته، وقد نص المشروع على أن تكون المعارضة بإنذار رسمي يوجه إلى جميع الشركاء، فلم يسلك مسلك المشرع المصري في ترك طريقة المعارضة دون تحديد، وإنما نص على أن تكون بإنذار رسمي حسمًا لما قد يثور من منازعة فيما إذا كان الدائن قد عارض أم لا، ويجب أن توجه المعارضة إلى جميع الشركاء فإذا وجهت إلى البعض دون البعض الآخر ولم يدخل المتقاسمون الدائن الذي عارض فتكون القسمة نافذة في حقه فلا يصح أن يقال إنها تنفذ بالنسبة للبعض دون البعض الآخر لأنها لا تقبل التجزئة.

أثر القسمة:

إذا تمت القسمة، رضاءً أو قضاءً، ترتب عليها أثرها الجوهري الذي يهدف إليه المتقاسمون وهو إفراز نصيب من الأموال الشائعة لكل شريك، وحتى يستقر للمتقاسم الجزء المفرز الذي اختص به في القسمة، يلتزم نحو غيره من المتقاسمين بضمان ما يحدث له من تعرض أو استحقاق.

ويعرض نص المادة (838) لأثر القسمة الجوهري وهو إفراز نصيب كل شريك أي استقلال كل شريك بجزء من المال الشائع يملكه ملكية مفرزة.

ولم يأخذ المشروع بفكرة الأثر الرجعي للقسمة التي أخذت بها أكثر القوانين العربية، تأثرًا بالقانون الفرنسي، فقد نصت المادة (843) مصري على أنه (يعتبر المتقاسم مالكًا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئًا في بقية الحصص) وهذا النص قد نقله حرفيًا كل من المشرع السوري (م 797) والمشرع الليبي (م 847) والمشرع الصومالي وأخذت بحكمة تشريعات أخرى مع شيء من الاختلاف في عبارة النص كالقانون العراقي الذي قرر الحكم نفسه ومهد له بعبارة (ترجح جهة الإفراز على جهة المبادلة في القسمة) (م 1075) والقانون اللبناني (م 946 من قانون الموجبات) والقانون التونسي (م 123)، أما القانون الأردني فقد وضع نصًا تفادى فيه التعرض لوقت استقلال كل شريك بالنصيب الذي آل إليه بالقسمة فذكرت المادة (1047) أنه (يعتبر المتقاسم مالكًا على وجه الاستقلال لنصيبه الذي آل إليه بعد القسمة).

وإسناد أثر القسمة إلى وقت التملك في الشيوع، بحيث يعتبر كل متقاسم أنه كان يملك وحده النصيب الذي آل إليه منذ بدء الشيوع، هو تحايل أو مجاز قانوني لأنه يخالف الحقيقة مخالفة مؤكدة، ذلك أن كل متقاسم كان يملك قبل القسمة فيما وقع في نصيب غيره وأن غيره كانوا يملكون فيما وقع في نصيبه، والحيلة أو المجاز هي وسيلة فنية يلجأ إليها المشرع عندما يجدها ضرورية لتحقيق ما يهدف إليه، والهدف الذي يراد الوصول إليه من وراء تقرير الأثر الرجعي للقسمة هو حماية كل شريك من تصرفات غيره من الشركاء التي تمت أثناء فترة الشيوع بالنسبة للنصيب الذي اختص به الشريك بالقسمة. وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف يقرر المشرع في القوانين التي تأخذ بالأثر الرجعي أن الشريك يعتبر مالكًا وحده لما آل إليه بالقسمة منذ أن تملك في الشيوع ليصل من وراء ذلك إلى اعتبار التصرفات التي تمت من غيره صادرة من غير مالك وبالتالي لا أثر لها بالنسبة للمتقاسم فتخلص له ملكية النصيب الذي اختص به خالية من كل أثر لتصرفات غيره من الشركاء.

وإذا كانت هذه الوسيلة الفنية، وهي كما يقال عنها في عبارة مشهورة (كذب فني تقتضيه الضرورة) توصل فعلاً إلى تحقيق هدفها المذكور، فهي تؤدي منطقيًا إلى نتائج لا يمكن قبولها، فقد قيل مثلاً إننا لو التزمنا منطق نص من النصوص الذي اختص به في القسمة، لوجب القول أن كل شريك يستحق ثمار النصيب الذي اختص به في القسمة، ويتحمل تكاليفه، في الفترة التي سبقت القسمة أي أثناء حالة الشيوع، وهو حكم غير مقبول، كذلك كان منطق فكرة الأثر الرجعي للقسمة أن يعتمد في تقويم الأنصباء عند القسمة بقيمة الأموال وقت بدء الشيوع لا وقت القسمة، وفعلاً قضت محكمة النقض الفرنسية بذلك في وقت ما وكان قضاؤها محلاً للنقض فعدلت عنه واستقرت على الاعتداد بالقيمة وقت القسمة، وكان منطق الأثر الرجعي كذلك أنه إذا كان هناك حق ارتفاق لخدمة العقار الذي وقع في نصيب الشريك فالأعمال التي قام بها غيره أثناء الشيوع والتي تعتبر ممارسة لحق الارتفاق لا تقطع التقادم المسقط للحق، وكذلك فإن وقف التقادم الذي حدث أثناء فترة الشيوع لمصلحة شريك آخر لا يجعله موقوفًا بالنسبة للشريك الذي اختص بالعقار، بل إن منطق فكرة الأثر الرجعي للقسمة أدى إلى القول إنه إذا صدر قانون جديد أثناء حالة الشيوع بغير من القواعد المنظمة للقسمة فإن هذا القانون لا ينطبق على أساس أن القسمة تفرز لكل متقاسم حقه من وقت بدء الشيوع أي من وقت سابق على صدور القانون الجديد وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية وكان قضاؤها محل نقد الكثيرين.

هذه أمثلة لما يمكن أن يؤدي إليه النص على رجعية أثر القسمة، صحيح أن قيل بوجوب قصر تطبيق النص على الحالات التي تتحقق فيها الحكمة من وضعه، ولكن هذا لن ينهي الخلاف، والأفضل أن يواجه المشرع المسائل التي يريد تقرير حكمها مواجهة مباشرة ويقرر الحكم الذي يراه مناسبًا، دون الالتجاء إلى التحايل وهو ما فعله المشروع بالنص في المادة (838) بعد أن قرر الأثر الجوهري للقسمة وهو الإفراز، على أن تكون ملكية المتقاسم النصيب المفرز الذي اختص به في القسمة ” خالصة من كل حق رتبه غيره من الشركاء ما لم يكن الحق قد تقرر بإجماع الشركاء أو بأغلبيتهم وفقًا للقانون “. وبإعمال هذا النص، مع النصوص الأخرى التي قررها المشروع، في شأن التصرف في المال الشائع، نصل إلى النتائج الآتية:

أولاً: إذا كان الشريك قد تصرف في حصته الشائعة، فالتصرف صحيح وفقًا لنص المادة (819) من المشروع، ولا صعوبة إن كان التصرف بنقل الحق الشائع إذ يدخل المتصرف إليه شريكًا في الشيوع محل المتصرف ويكون أحد المتقاسمين عند القسمة.
وإذا كان التصرف في الحصة بترتيب حق عيني عليها، كالانتفاع أو الرهن، فهو أيضًا تصرف صحيح لأن الشريك قد تصرف فيما يملك، وقد كان على المشروع أن يضع نصًا يبين مصير الحق، وهو ما قرره في المادة (839).

ثانيًا: إذا كان التصرف قد تم أثناء الشيوع على جزء مفرز، فإن كان قد تم بإجماع الشركاء أو بواسطة الأغلبية في حدود ما يسمح به القانون، فالتصرف صحيح يترتب عليه أثره، ولا صعوبة إن كان من التصرفات الناقلة للملكية، أما إذا كان التصرف بإنشاء حق عيني غير الملكية كالرهن، فيبقى الحق قائمًا لا يتأثر بالقسمة ويجب على المتقاسمين أن يدخلوا وجوده في اعتبارهم عند القسمة، ولهذا حرص المشروع على النص في نهاية المادة (838) بعد أن قرر أن تكون ملكية المتقاسم خالصة من كل حق رتبه غيره من الشركاء دون موافقته، على أنه ” … ما لم يكن الحق قد تقرر بإجماع الشركاء أو بأغلبيتهم وفقًا للقانون “.

أما إذا كان التصرف في الجزء المفرز قد أبرمه أحد الشركاء فلا يترتب عليه قبل القسمة أي أثر فيما يتعلق بنقل أو إنشاء الحق العيني، وفقًا لنص المادة (829) من المشروع، فإذا وقع الجزء المتصرف فيه في نصيب المتصرف زال المانع الذي منع ترتب الأثر العيني وأمكن نقل الحق أو إنشاؤه، وإذا وقع الجزء المتصرف فيه في نصيب متقاسم آخر فلا يكون أمام المتصرف إليه إلا الرجوع على المتصرف، وفقًا للقواعد العامة.

ويعرض نص المادة (839) لمصير الحقوق العينية التي كانت تثقل حصة الشريك، كلها أو بعضها، قبل القسمة، فنظرًا إلى أن الشريك من حقه أن يتصرف في حصته الشائعة، فيمكن أن يقرر عليها حق انتفاع، أو حق رهن، وقد يكون هذا الشريك قد اشترى الحصة ولم يدفع الثمن فيكون للبائع عليها حق امتياز البائع.

فإذا تمت القسمة، فإن إعمال القاعدة التي تقرر أن كل شريك يحصل على نصيبه المفرز الذي اختص به في القسمة خالصًا من الحقوق التي رتبها غيره، يثير مسألة مصير الحقوق التي كانت تثقل حصة الشريك الشائعة.

ولم تواجه التشريعات المختلفة مصير الحقوق التي كانت واردة على الحصة الشائعة بقاعدة عامة تتناول الفروض المختلفة التي يمكن أن تعرض في العمل، وإنما اهتمت التشريعات التي عرضت للمسألة بالرهن الرسمي الذي ينشئه الشريك على حصته الشائعة، وهذا هو مسلك القانون المصري والقوانين التي تأثرت به ومنها القانون الكويتي والقانون الليبي والقانون السوداني والقانون الجزائري والقانون الصومالي والقانون الأردني.

وقد آثر المشروع أن يضع قاعدة عامة لا يقتصر تطبيقها على الرهن وإنما يتناول الحقوق العينية الأخرى، كما يتناول تطبيقها الفروض المختلفة التي يمكن أن تتحقق في العمل، فقد يرد الحق ابتداءً على كل حصة الشريك، في كل الأموال الشائعة أو في مال واحد من بين الأموال المتعددة الداخلة في الشيوع، وقد يرد الحق على حصة أقل مما يملك الشريك كما لو كان يملك النصف ورهن الربع، وعند القسمة قد يقع المال الذي ورد عليه الحق ابتداء في نصيب الشريك، وقد يقع جزء منه فقط، وقد يقع في نصيب الشريك مال آخر ولا يختص بشيء من المال الذي ورد عليه الحق ابتداء.

وقد روعي في صياغة النص أن يواجه هذه الفروض المختلفة، وذلك على خلاف التشريعات التي لا تواجه نصوصها إلا بعض الفروض، حتى في نطاق الرهن الرسمي الذي عرضت له.

( أ ) فإذا كان الحق قد ورد ابتداء على كل حصة الشريك في كل الأموال الشائعة، فيترتب على القسمة أن يثقل هذا الحق كل الجزء المفرز الذي آل إليه.

(ب) وإذا كان الحق قد ورد على بعض حصة الشريك في كل الأموال الشائعة، كما لو كان يملك النصف ورهن الربع، ترتب على القسمة أن يثقل الحق نصف النصيب الذي آل إليه.

(جـ) وإذا كان الحق قد ورد ابتداء على كل حصة الشريك أو بعضها في مال واحد من الأموال الشائعة، فإن وقع هذا المال في نصيبه عند القسمة بقي الحق كما هو، ولهذا لم يستخدم النص عبارة ” انتقل الحق ” أو ” تحول الحق ” التي وردت في نصوص التشريعات التي نظمت الموضوع بالنسبة للرهن، وإذا لم يقع هذا المال في نصيب الشريك وإنما وقعت في نصيبه أموال أخرى تحول الحق إلى جزء مما وقع في نصيبه يعادل قيمة الحصة التي ورد عليها الحق ابتداء، وتعين المحكمة الجزء الذي يعادل قيمة الحصة عند عدم اتفاق ذوي الشأن.

ضمان التعرض والاستحقاق:

عرض المشروع بنصوص المواد (840، 841، 842) لضمان التعرض والاستحقاق في القسمة، والاستحقاق الذي يترتب عليه الضمان هو استحقاق ما وقع في نصيب الشريك مدعي الضمان، وليس استحقاق المقسوم كله أو حصة شائعة فيه كله، فإذا حدث لواحد من المتقاسمين تعرض فله أن يطلب من بقية المتقاسمين المساهمة معه في دفع هذا التعرض، فإذا كان المتعرض يدعي ملكيته للمقسوم كله أو حصة شائعة فيه ونجح في إثبات ما يدعيه، فمقتضى القواعد العامة اعتبار القسمة باطلة لا أثر لها إما لأنها وقعت على مال غير مملوك للمتقاسمين وإما لأنها تمت بين بعض الشركاء دون البعض الآخر. وهذا الحكم هو ما ورد في صدر المادة (112) من المجلة إذ تقول: ” شرط المقسوم هو كونه ملك الشركاء حين القسمة فإذا ظهر مستحق للمقسوم بعد القسمة بطلت وكذا إذا ظهر مستحق لجزء شائع منه ويتعين حينئذٍ إعادة القسمة فيما بقي منه ” وهذا الفرض ليس هو الذي عرض له المشروع مكتفيًا في شأنه بحكم القواعد العامة.

أما الفرض الذي عرضت له النصوص فهو أن يكون الاستحقاق خاصًا بما يقع في نصيب من يدعي الضمان، وهنا لا تبطل القسمة لمجرد أن المتقاسمين أدخلوا فيها ما ليس لهم، وتكون في نطاق الالتزام بالضمان وإن كانت المجلة تقرر البطلان ليس فقط عند استحقاق المقسوم كله أو حصة شائعة فيه كله بل كذلك إذا ظهر مستحق لمجموع حصة أحد المتقاسمين.

وقد عرضت المادة (840) لضمان كل متقاسم للآخر ما يقع في النصيب الذي اختص به من تعرض واستحقاق لسبب سابق على القسمة، وبعد أن قررت في الفقرة الأولى الالتزام بالضمان، عرضت في الفقرة الثانية لأثر الاستحقاق فأعطت لمن استحق نصيبه كله أو بعضه حق طلب الفسخ وإجراء قسمة جديدة إن كان ذلك ممكنًا دون ضرر لباقي المتقاسمين أو للغير، فإذا لم يطلب الفسخ أو تعذر إجراء قسمة جديدة لما يترتب عليها من ضرر، كان له أن يرجع على باقي المتقاسمين بمقدار ما نقص من نصيبه بسبب الاستحقاق على أساس قيمة الأموال المقسومة كلها وقت الاستحقاق، ويتحمل كل متقاسم، مما يستحقه مدعي الضمان بنسبة حصته فإن كان أحدهم معسرًا وزع ما يلزمه على مستحقي الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين، وفي هذا النص تجديد خالف به المشروع أكثر القوانين العربية، فمعظم هذه القوانين تقصر أثر الاستحقاق في رجوع مستحق الضمان على غيره من المتقاسمين بالتعويض كل منهم بنسبة حصته على أن تكون العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة (المصري والسوري والليبي والصومالي والجزائري والعراقي والتونسي)، وتقدير الشيء بقيمته وقت القسمة يخالف القاعدة المقرة في ضمان الاستحقاق في عقد البيع حيث العبرة في تقدير الشيء بوقت الاستحقاق. ويقال في تبرير الفرق في الحكم بين الضمان في البيع والضمان في القسمة أن الالتزام بالضمان في البيع يقوم على أساس ضرورة حصول المشتري على القيمة التي يمثلها وقد تزيد أو تنقص بعد البيع والعبرة بالقيمة وقت الاستحقاق لأن البيع عقد مضاربة يتعرض فيه المشتري للربح والخسارة، أما القسمة فليست عقد مضاربة وإنما تراعى فيها المساواة بين المتقاسمين ولذلك تكون العبرة عند تقدير ما يرجع به مستحق الضمان بقيمة الشيء وقت القسمة لا وقت الاستحقاق.

والواقع أن كون القسمة ليست عقد مضاربة وإنما تراعى فيها المساواة التامة بين المتقاسمين لا يستتبع أن تكون العبرة عند النظر في التعويض عند الاستحقاق بقيمة ما نقص من نصيب مستحق الضمان وقت القسمة، ذلك أن المساواة التي ينبغي أن تحققها القسمة هي المساواة وقت القسمة، أما بعد تمام القسمة فقد تتغير قيم الأشياء التي اختص بها المتقاسمون كلها أو بعضها دون البعض، وليس من العدل أن تتغير قيم الأشياء المقسومة بعد القسمة ثم يبقى لكل متقاسم نصيبه بقيمته الحالية التي يحتمل أن تكون قد زادت أو نقصت ثم نعوض مستحق الضمان بالقيمة وقت القسمة، فإذا افترضنا أن الأسعار قد ارتفعت بوجه عام فيضار المتقاسم الذي استحق نصيبه إذ يعوض على أساس قيمة الشيء قبل ارتفاع الأسعار ويحتفظ الآخرون بأنصبائهم بقيمتها المرتفعة، والعكس هو الصحيح إذا انخفضت الأسعار بوجه عام، كما يحتمل أن ترتفع قيمة بعض الأشياء دون البعض أو العكس وبالتالي يؤدي التعويض على أساس القيمة وقت القسمة إلى الإضرار بمستحق الضمان أو إلى إفادته، ولهذا قد يقال إن الأفضل تطبيق القاعدة العامة المقررة بالنسبة للضمان في عقد البيع وحيث تكون العبرة بقيمة الشيء الذي استحق وقت الاستحقاق، وهذا هو ما قرره القانون اللبناني الذي نص في المادة (948) على أن (يضمن كل من الشركاء المتقاسمين أنصبة سائر الشركاء للأسباب السابقة على القسمة طبقًا للأحكام الموضوعة للبيع)، ويكون وجه تفضيل هذا الحكم أنه بعد أن تتم القسمة – والمفروض أنها ستقبل المساواة وقت إبرامها – يتحمل كل متقاسم ما يطرأ على قيمة ما اختص به من نقص ويستفيد مما يطرأ عليها من زيادة.

وقد آثر المشروع أن يعمل على تفادي كل ما يترتب على الاستحقاق من إخلال بالمساواة بين المتقاسمين، فأعطى أولاً لمن استحق نصيبه الحق في طلب الفسخ وإجراء قسمة جديدة بشرط أن يكون ذلك ممكنًا دون ضرر لباقي المتقاسمين أو للغير، فإذا لم يكن ممكنًا، كما لو كان المتقاسمون كلهم أو بعضهم قد أجرى تعديلات أو تحسينات فيما اختص به أو تصرف لغيره، ففي هذه الحالة، وكذلك حالة ما إذا لم يطلب مستحق الضمان الفسخ، فلجأ إلى التعويض وهنا استحدث المشروع حكمًا يحول دون الإخلال بما تهدف إليه القسمة من تحقيق المساواة بين المتقاسمين فقرر أن يكون التعويض على أساس قيمة الأموال المقسومة جميعًا وقت الاستحقاق، وهذا يعني القيام بما يشبه ما يحدث لو كنا بصدد إجراء قسمة جديدة، فتقوم الأموال المقسومة جميعًا – بعد استبعاد ما استحق – ويحدد على ضوء ذلك قيمة ما يخص الشريك الذي استحق نصيبه، ويعوض بهذه القيمة إن كان نصيبه كله قد استحق أو بما يكمل ما بقي معه بعد الاستحقاق إن كان بعض نصيبه هو الذي استحق.

هذا وقد استحدث المشروع القاعدة الواردة في المادة (841) وبيان ذلك أن نصوص التشريعات العربية تقصر الضمان على حالة ما إذا كان سبب الاستحقاق سابقًا على القسمة، وهي الحالة التي ورد حكمها في المادة السابقة، (المصري، والسوري، والليبي، والعراقي، والصومالي، والجزائري، والتونسي، والسوداني) في حين أن المعروف أن الضمان في البيع يشمل كذلك حالة ما إذا كان سبب الاستحقاق لاحقًا للبيع إذا كان حق المستحق قد آل إليه من البائع، وربما كان السبب في عدم نص التشريعات العربية على مثل هذا الحكم بالنسبة للقسمة هو تصور واضعي النصوص أن حالة الاستحقاق لسبب لاحق للقسمة غير ممكنة، والواقع أنها ممكنة فإذا فرضنا أن أحد المتقاسمين، بعد القسمة التي لم تسجل، قد باع إلى الغير حصة شائعة في عقار اختص به غيره من المتقاسمين تساوي ما كان للبائع في هذا العقار قبل القسمة، ثم سجل المشتري عقد البيع، فتنتقل إليه ملكية تلك الحصة الشائعة، فإذا ما طالب بحقه فيعتبر هذا تعرضًا للمتقاسم الذي اختص بالعقار في القسمة، ويكون لهذا الأخير أن يرجع بالضمان على المتقاسم البائع وحده دون غيره من المتقاسمين، ولهذا نص المشروع على أن يضمن المتقاسم ما يقع لغيره من المتقاسمين من تعرض أو استحقاق لاحق للقسمة يرجع إلى فعله، وجعل الرجوع في هذه الحالة بالتعويض عما نقص من نصيب مستحق الضمان مقدرًا وقت الاستحقاق، كما هي الحالة في ضمان الاستحقاق في عقد البيع، ولما كنا في هذا الفرض بصدد ضمان عدم التعرض الشخصي فكل اتفاق على خلاف حكم النص يقع باطلاً.

أما المادة (842) فتعرض لحكم الاتفاق على عدم الضمان، وهي تبدأ بتحفظ خاص بعدم الإخلال بما تقتضي به المادة السابقة، والمقصود هو بطلان كل اتفاق على خلاف ما يقضي به النص، ثم قضى النص بعد ذلك بأنه لا يكون للضمان محل في حالتين: الحالة الأولى أن يوجد اتفاق صريح على الإعفاء من الضمان في الحالة الخاصة التي نشأ عنها، فيجب أولاً أن يكون الاتفاق صريحًا، ويجب ثانيًا أن يكون الاتفاق خاصًا بالإعفاء من الضمان في الحالة الخاصة التي نشأ عنها فلا يكفي في ذلك شرط الإعفاء العام من الضمان، والحالة الثانية هي أن يكون الاستحقاق راجعًا إلى خطأ المتقاسم الذي استحق شيء من نصيبه.
وقد حذا المشروع في الأخذ بحكم النص حذو القانون المصري (م/ 844/ 2) والقوانين العربية الأخرى التي تأثرت به (السوري، والليبي، والتونسي)، وذلك على خلاف بعض القوانين التي لم تأخذ بهذا الحكم (العراقي واللبناني).

ثالثًا: قسمة المهايأة:

بعد أن عرض المشروع للقسمة التي تؤدي إلى إنهاء حالة الشيوع، عرض في المواد (من 843 إلى 846) لقسمة المهايأة، التي لا تنهي حالة الشيوع وإنما تنظم بطريقة خاصة كيفية انتفاع الشركاء بالمال الشائع، والمهايأة إما مكانية وإما زمانية.

وقد عرض النص المادة (843) للمهايأة المكانية، وفيها يتفق الشركاء على تقسيم المال الشائع أجزاء لينتفع كل شريك منهم بجزء في مقابل انتفاع غيره بالأجزاء الأخرى، والمهايأة في الانتفاع على هذا الوجه وسيلة مقبولة يتفادى بها الشركاء مشاكل إدارة المال الشائع، وما بقي الشيوع قائمًا فلا بئس من أن تستمر المهايأة في الانتفاع لآية مدة، ولكن نظرًا إلى أنه لا يجوز الاتفاق على الالتزام بالبقاء في الشيوع أي عدم طلب القسمة مدة تزيد على خمس سنين، نص المشروع على أن الاتفاق على المهايأة لا يصح فيما زاد من مدته على خمس سنين وذلك حتى لا يحمل الاتفاق على المهايأة لمدة تزيد على خمس سنين محمل الاتفاق على الالتزام بالبقاء في الشيوع لهذه المدة.

والاتفاق على المهايأة يكون صحيحًا ولو لم يتفق فيه على مدة، فإذا اتُفق على مدة معينة، في حدود خمس سنين، انتهت القسمة بانقضاء المدة المتفق عليها دون حاجة إلى أن ينبه أحد الشركاء على الآخرين، قبل انقضاء هذه المدة، برغبته في الإنهاء، أما إذا لم يتفق على مدة، فتكون المدة بحكم القانون هي سنة، وتمتد هذه المدة سنة فسنة إلى أن ينبه أحد الشركاء على الآخرين قبل انقضاء السنة الجارية بستين يومًا برغبته في إنهاء القسمة، فإذا حصل التنبيه انتهت القسمة بنهاية السنة.
وإذا انتهت القسمة إما بانتهاء المدة المتفق عليها، أو بنهاية السنة على الوجه السابق، فقد يحدث مع ذلك أن يظل الشركاء على ما هم عليه كل منهم ينتفع بالجزء الذي اختص به دون أن يعترض أحدهم على ذلك خلال مدة معقولة، فتكون القسمة قد تجددت تجديدًا ضمنيًا، والتجديد الضمني عقد جديد ينعقد بشروط العقد الذي انتهى، فيما عدا أنه يكون غير محدد المدة فيسري عليه حكم العقد الذي لم يتفق فيه على مدة أي تكون مدته سنة تمتد سنة فسنة إلى أن ينبه أحد الشركاء على الآخرين قبل انقضاء السنة الجارية بستين يومًا برغبته في إنهاء القسمة.

هذا ولم يأخذ المشروع بحكمين وردا في كل من القانون المصري (م 846/ 2) والقوانين التي حذت حذوه (السوري، والصومالي، والجزائري)، محتذيًا في ذلك حذو القانون العراقي والقانون الليبي والقانون السوداني والقانون التونسي والقانون الأردني، والحكم الأول الذي لم يأخذ به المشروع هو أن المهايأة المكانية إذا دامت خمس عشرة سنة انقلبت قسمة نهائية ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، وهو حكم يقال في تبريره إن دوام المهايأة خمس عشرة سنة أكبر دليل على أن هذه المهايأة هي خير قسمة للمال الشائع، وهو قول محل نظر فقط توجد اعتبارات تجعل الشركاء يقبلون القسمة باعتبارها مهايأة في الانتفاع دون أن يرتضوها قسمة نهائية لاختلاف غاية كل من نوعي القسمة، كما لو كان المقسوم مهايأة أرضًا زراعية تستوي أجزاؤها في الجودة من حيث الاستغلال الزراعي ولكن بعض الأجزاء التي يزرعها أحدهم قد أصبحت قريبة من منطقة المباني فارتفع سعرها، والحكم الثاني الذي لم يأخذ به المشروع هو أنه إذا حاز الشريك على الشيوع جزءًا مفرزًا من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة، وهذا في الواقع حكم غير مقبول، خاصة إذا لوحظ أن بعض الشراح، عند تفسير النص، قد قالوا إن الافتراض لا يقبل إثبات العكس، وحتى إذا كان يقبل إثبات العكس كما يقول البعض الآخر، فالقرائن تُبنى على الغالب وليس الغالب أن تكون حيازة الشريك لجزء مفرز مستندة إلى قسمة مهايأة.

والنوع الثاني من قسمة المهايأة هي المهايأة زمانًا، وقد عرض لها المشروع بنص المادة (844) وهي كالمهايأة مكانًا، لا تتم إلا باتفاق الشركاء جميعًا، وفيها يتفق الشركاء على أن ينتفع كل منهم بالمال الشائع كله لمدة معينة ثم يبدأ شريكه في الانتفاع به وهكذا بحيث تكون مدة الانتفاع كل منهم تتناسب مع حصته في الشيوع، وفي هذه القسمة لا بد من الاتفاق على المدة، فإذا لم يتفق عليها كان العقد باطلاً لأن مدة انتفاع كل شريك والنسبة بينها وبين مدة انتفاع الآخر هي الأمر الجوهري في هذه القسمة.

وبعد أن عرض المشروع لنوعي المهايأة، المكانية والزمانية، عرض بنص المادة (845) لقسمة مهايأة تتم أثناء إجراءات القسمة النهائية، وتتميز بأمرين: الأول أنها لا تخضع للقواعد الخاصة بالمدة وإنما تستمر حتى تتم القسمة النهائية، والأمر الثاني أن هذه القسمة يمكن – إذا لم يتفق عليها الشركاء – أن تتم بأمر المحكمة بناءً على طلب أحد الشركاء، وذلك على خلاف الأصل وهو أن المهايأة لا تكون إلا باتفاق الشركاء جميعًا عليها.

وأخيرًا يعرض نص المادة (846) للقواعد التي تحكم قسمة المهايأة في غير ما ورد به نص المواد (843 و844 و845).

ونظرًا إلى أن كلاً من المتقاسمين يلتزم بمقتضى الاتفاق بتمكين غيره من الانتفاع إما بالجزء الذي يخصه إن كانت القسمة مكانية وإما بكل المال الشائع إن كانت زمانية، وذلك في مقابل أن يمكنه غيره من الانتفاع بالجزء الخاص به، فهي تشبه الإيجار بحيث يعتبر كل متقاسم في مركز يشبه مركز المؤجر والمستأجر في الوقت نفسه. ولهذا نص المشروع، شأنه في ذلك شأن القوانين العربية الأخرى، على أن تخضع المهايأة لأحكام عقد الإيجار، وكل هذه القوانين، وكذا المشروع، أحالت على أحكام الإيجار فيما يتعلق بالأهلية وحقوق والتزامات المتعاقدين وقد اكتفى القانون العراقي بذلك، وزادت القوانين الأخرى الإحالة فيما يتعلق بالإثبات والاحتجاج على الغير، وقد رأى المشروع الإحالة فيما يتعلق بالاحتجاج على الغير حمايةً لمن يشتري من أحد الشركاء حصته الشائعة مثله في هذا مثل من يشتري الشيء المؤجر من المؤجر، أما بالنسبة للإثبات فقد آثر المشروع أن يبقى خاضعًا للقواعد العامة.

رابعًا: الشيوع الإجباري:

يعرض نص المادة (847) للمبدأ العام فيما يسمى الشيوع الإجباري وذلك ببيان الخاصة المميزة لهذا النوع من الشيوع وأهم أحكامه.

والخاصة المميزة هي أن الغرض الذي خصص له المال الشائع يقتضي أن يبقى شائعًا، ولهذا فأهم حكم يترتب هو أنه لا يجوز لأي شريك أن يطلب القسمة، وهو حكم يصدق على كل صور الشيوع الإجباري ولهذا وضعه المشروع في النص الوحيد الذي يتناول الشيوع الإجباري بوجه عام، بالإضافة إلى الحكم الخاص بعدم جواز طلب القسمة، فسلطة الشريك في التصرف في الحصة الشائعة لا بد أن تتأثر، على نحو ما، بالغرض الذي أُعد له المال الشائع، وإن كان هذا التأثر ليس واحدًا في جميع الصور، فإذا كان الشيوع الإجباري أصليًا، وهو ما يتحقق بالنسبة للأشياء التي تخصص مستقلة لخدمة أو استعمال الشركاء على وجه الدوام مثل مدافن الأسرة وصورها ووثائقها، فلا يجوز للشريك أن يتصرف في حصته لأجنبي عن الشركاء إلا بموافقتهم جميعًا، وإذا كان الشيوع الإجباري تبعيًا، وهو ما يتحقق بالنسبة للأشياء الشائعة التي تخصص لخدمة العقارات أو أجزاء من عقار واحد مملوكة للشركاء ملكيات مفرزة، مثل الطرق والآبار والمساقي والمصارف التي تخصص لخدمة عقارات يملكها لشركاء ملكيات مفرزة، فلا يجوز للشريك أن يتصرف في حصته إلا مع التصرف في العقار الذي تعتبر هذه الحصة من توابعه، ولهذا اكتفى النص في شأن التصرف في الحصة بالقول إنه ليس للشريك أن يتصرف فيها تصرفًا يتعارض مع الغرض الذي أُعد له المال الشائع.
وبعد هذا النص العام، عرض المشروع لتنظيم ملكية الطبقات والشقق، حيث يوجد فيها أهم صورة من صور الشيوع الإجباري وهي ملكية الأجزاء المشتركة.

خامسًا: ملكية الطبقات والشقق:

نظام ملكية الطبقات، أو ملكية الطبقات والشقق، على النحو الذي تناوله المشروع في المواد (848) وما بعدها نظام حديث نسبيًا في قوانين الدول التي عنيت بتنظيمه، وقد أخذ في الانتشار في كثير من الدول لما يحققه من مزايا، ففي العصر الحديث حيث كثرت الأبنية الكبيرة التي تحتوي كل منها على عدد كبير من الوحدات السكنية، نجد هذا النظام يوفق بين اعتبارين أبرزت ظروف العصر تعارضوهما: الاعتبار الأول هو ميل الإنسان إلى التملك وبخاصة بالنسبة لمسكنه حتى يشعر بشيء من الاستقرار ويهيئ مسكنه على النحو الذي يرضيه، والاعتبار الثاني هو عدم قدرة كثير من الأشخاص، وبخاصة من أبناء الطبقة المتوسطة، على تملك منزل خاص يستقل المالك بملكيته وحده، أو عدم قدرته على تملك منزل مستقل تتوفر فيه المزايا التي تتوفر في شقة في بناء كبير.

وللتوفيق بين هذين الاعتبارين، وُجد نظام ملكية الطبقات والشقق، الذي يقوم أساسًا على أن يتملك عدة أشخاص بناء، كل منهم يملك فيه جزءًا محددًا ملكية مفرزة، أي ملكية يستقل بها، سواء كان هذا الجزء هو طبقة بأكملها في البناء أو جزءًا من طبقة، غالبًا ما يكون شقة هي وحدة سكنية متكاملة، وقد يكون الجزء دكانًا سواء في الطابق الأرضي أو في طابق علوي، ويمكن أن نصطلح على التعبير عن الجزء من الطبقة بمصطلح (شقة)، وبالتبعية لملكية الطبقة أو الشقة يتملك مالكها حصة شائعة في أجزاء أخرى من البناء هي الأجزاء المشتركة.

وبهذا يختلف نظام ملكية الطبقات والشقق، اختلافًا جوهريًا، عن نظام السفل والعلو، أو حق التعلي، الذي عرض له فقهاء الشريعة الإسلامية، وحيث يمتلك شخص سفل البناء والأرض المقام عليها، ويمتلك آخر علوه، كل منهما يملك ملكية مفرزة، ولا توجد أجزاء شائعة لا في الأرض ولا في البناء، ويكون لمالك العلو حق القرار، أو حق التعلي على السفل، وهو ما يستتبع التزام صاحب السفل بالتزامات معينة تهدف إلى تمكين صاحب العلو من الإفادة من ملكه، والتزام صاحب العلو بالتزامات أخرى تهدف إلى عدم الإضرار بالسفل، ويتبين من الأحكام التي ذكرها فقهاء الشريعة الإسلامية لنظام السفل والعلو، وأخذت بها بعض قوانين البلاد العربية أنها تواجه صورة خاصة للملكية هي البناء الصغير الذي يتكون من طابقين فقط وكل طابق يتكون من مسكن واحد، وهذه الصورة أصبحت في الوقت الحالي نادرة، فالغالب أنه عندما يفكر الأفراد في تجزئة ملكية البناء الواحد يفكرون في الأبنية الكبيرة ذات الوحدات المتعددة حتى يمكن الحصول على المسكن الملائم بنفقات معتدلة.

وقد صدر في الكويت القانون رقم (39) لسنة 1976، بتنظيم ملكية الطبقات والشقق، الذي تأثر إلى حد كبير بما ورد في القانون المدني المصري بخصوص ملكية الطبقات (المواد من 856 إلى 869)، والذي تأثر بدوره بالقانون الفرنسي الذي صدر سنة 1938.
وقد حذا القانون الكويتي حذو القانون المصري في الجمع بين نظامين جد مختلفين، النظام المستمد من القانون الفرنسي، ونظام العلو والسفل المستمد من الفقه الإسلامي، فبينما نجد التنظيم التشريعي يقوم بوجه عام على أساس تعدد الملكيات المفرزة ووجود أجزاء مشتركة أي مملوكة على الشيوع، نجد المواد (6 و7 و8) وتقابل المواد (859 و860 و861) من القانون المصري تأخذ بأحكام مستمدة من الفقه الإسلامي في شأن ملكية السفل والعلو فتفرض على صاحب السفل التزامًا بالقيام بالترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو (م 6) والتزامًا بإعادة بناء سفله إذا تهدم البناء (م 7) وتفرض على صاحب العلو التزامًا بألا يزيد في ارتفاع بنائه بحيث يضر بالسفل (م 8)، وهذه الأحكام تواجه في الواقع صورة خاصة لملكية الطبقات تختلف عن الصورة التي تواجهها النصوص الأخرى في القانون ولا يمكن تطبيق نوعي الأحكام بالنسبة لبناء واحد بحيث يمكن القول بأن ثمة خلطًا يجب تفاديه، وإذا كان القانون الكويتي قد تأثر في هذا الخلط بقوانين البلاد العربية التي وضعت من قبل، وأولها القانون المصري، فقد نبه شراح القانون المصري إلى اختلاف النظامين وتناولوا بالشرح أحكام كل نظام على حدة.

وتفاديًا لهذا الخلط آثر المشروع في تنظيمه لملكية الطبقات وحيث توجد الأجزاء المشتركة، الاقتصار على النظام الخاص بالصورة الغالبة في الوقت الحالي لملاءمتها للبنايات الكبيرة.

وقد بدأ المشروع النصوص المنظمة لملكية الطبقات بنص المادة (848) التي تحدد الملكية التي تسري عليها تلك النصوص، فنظرًا لوجود نظامين لملكية الطبقات، الأول هو الذي يعرض له المشروع هنا مع أحكام الملكية الشائعة، والثاني هو نظام العلو والسفل المستمد من فقه الشريعة الإسلامية، بدأ المشروع بتحديد مجال تطبيق النصوص الخاصة بملكية الطبقات والشقق فذكر أنها تسري على كل بناء أو مجموعة أبنية لعدة أشخاص كل منهم يملك جزءًا مفرزًا وحصة شائعة في الأجزاء المشتركة.

وتحديد مجال تطبيق النصوص على هذا الوجه هو الذي يميز ملكية الطبقات والشقق التي تحكمها نصوص المواد (848) وما بعدها عن نظام العلو والسفل، ولهذا يجب، تمهيدًا لتحديد النصوص الواجبة التطبيق، معرفة ما انصرفت إليه إرادة ذوي الشأن، فإن كانت قد انصرفت إلى اشتراك مالك الطبقة أو الشقة في ملكية الأجزاء المشتركة، كلها أو بعضها، وجب تطبيق نصوص ملكية الطبقات والشقق، وإن كانت قد انصرفت إلى الاقتصار على ملكية جزء مفرز دون الاشتراك في ملكية الأراضي أو الأجزاء المشتركة الأخرى، كنا بصدد حق القرار أو حق التعلي، وهو حق ارتفاق، فيجب تطبيق أحكام حق الارتفاق.

هذا وقد روعي في النص على بناء أو ” مجموعة أبنية ” أنه قد يحدث أن تقام على أرض واحدة عدة أبنية منفصلة بمرافق مشتركة وإدارة مشتركة بحيث يكون مجموعها وحدة متكاملة ولم يكن الفصل بين كل بناء وغيره إلا لاعتبارات تتعلق بفن البناء نفسه.

ونظرًا إلى أنه قد يغفل ذوو الشأن الاتفاق على تملك من يملك جزءًا مفرزًا حصة شائعة في الأجزاء المشتركة، وضع المشروع في الفقرة الثانية من النص قرينة بسيطة فنص على أن من يملك جزءًا مفرزًا يُعتبر مالكًا حصة شائعة في الأجزاء المشتركة ما لم يثبت خلافه.

ثم عرض المشروع بنصوص المواد (من 849 إلى 852) لتحديد الأجزاء المشتركة ومقدار حصة كل شريك فيها، والأحكام المترتبة على وضعها الخاص باعتبارها شائعة شيوعًا إجباريًا لتبعيتها لملكية الأجزاء المملوكة ملكية مفرزة.

فعرض المشروع في المادة (849) لبيان ما تشمله الأجزاء المشتركة، ووضع في ذلك ثلاثة ضوابط أو معايير عامة، ثم ذكر بصفة خاصة أهم الأجزاء التي تصدق عليها، والضوابط أو المعايير الثلاثة هي: الأرض، وهيكل البناء، وأجزاء البناء وملحقاته غير المعدة للاستعمال الخاص بأحد الملاك، والمشروع في هذا يختلف عن القانون الكويتي الحالي (م 3 / 1 من قانون 1976) الذي يضع بالإضافة إلى الأرض معيارًا واحدًا كما هي الحال في القانون المصري (م 856 / 1 من القانون المدني) والقوانين العربية الأخرى التي نقلت عنه، هو معيار ” أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع ” فهذا المعيار لا يجمع كل الأجزاء المشتركة فهو لا يصدق مثلاً على أجزاء هيكل البناء كالأسقف والأعمدة البعيدة عن الجزء الذي يملكه الشريك مفرزًا، كما لا يصدق بمعناه الحرفي على الأجزاء المشتركة المعدة لاستعمال الحراس وغيرهم من العاملين في خدمة البناء.

وبعد أن ذكر النص المعايير التي تمكن في مجموعها من تحديد ما يدخل في الأجزاء المشتركة، ذكر بوجه خاص، أي ليس على سبيل الحصر، ما تصدق عليه تلك المعايير وهي:

( أ ) الأرض المقام عليها البناء والأفنية والممرات الخارجية والحدائق ومواقف السيارات وكلها أجزاء الأرض التي يشترك فيها جميع الملاك.

(ب) أساسات البناء والأسقف والأعمدة المعدة لحملها والجدران الرئيسية، وهذه هي الأجزاء التي يصدق عليها معيار هيكل البناء.

(جـ) المداخل والممرات الداخلية والسلالم والمصاعد، وهذه يصدق عليها معيار أجزاء البناء غير المعدة للاستعمال الخاص بأحد الملاك.

(د) الأماكن المخصصة للحراس وغيرهم من العاملين في خدمة البناء مثل حجرة المدير أو عامل التليفون أو حجرات عمال النظافة… إلخ، وهي مما يصدق عليه المعيار السابق.

(هـ) الأماكن المخصصة للخدمات المشتركة مثل الأماكن المخصصة لوضع الأجهزة العامة للتكيف المركزي أو المفاتيح العامة للكهرباء، وحجرات غسل الملابس المشتركة إلى غير ذلك.

(و) وأخيرًا – كل أنواع الأنابيب والأجهزة إلا ما كان منها داخل الأجزاء المفرزة وتقتصر منفعتها على ملاك هذه الأجزاء، وقد حرص المشروع عندما استبعد الأنابيب والأجهزة التي تكون داخل الأجزاء المفرزة أن يقيد ما يستبعد منها بأن تكون منفعتها مقصورة على ملاك الأجزاء المفرزة الموجودة فيها، ذلك أنه يمكن أن تقتضي الاعتبارات الفنية أن تمر بعض الأنابيب المشتركة داخل شقة أحد الملاك ولا يحول ذلك دون كونها مشتركة.

وهذا التحديد للأجزاء المشتركة هو الأصل، ويمكن أن يتفق على خلافه كما لو بنى شخص البناء وبدأ في تمليكه طبقات أو شقق واحتفظ لنفسه بملكية الأرض كلها أو بملكية جزء من الفناء أو الحديقة ليتمكن من أن يبني فيه بناءً آخر، ولهذا نص المشروع في آخر النص على جواز أن تتضمن سندات الملك ما يخالف ما ورد بالنص.

والأصل في الأجزاء المشتركة أن تكون مملوكة على الشيوع لجميع الملاك، ولكن نظرًا إلى أن بعض الأجزاء التي يصدق عليها وصف الأجزاء المشتركة وفقًا لنص المادة (849) تقتصر منفعتها على بعض الملاك دون البعض الآخر، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (850) على أن تكون ملكًا مشتركًا لهؤلاء الملاك، وقصر منفعة بعض الأجزاء على بعض الملاك دون غيرهم قد يتم بالاتفاق فقد يتفق على أن يكون أحد مداخل المبنى وجزءً من الفناء أو الحديقة مقصورًا على أصحاب الشقق الموجودة في الطابق الأرضي، كما قد يكون اقتصار منفعة بعض الأجزاء على بعض الملاك مما يفرضه وضع هذه الأجزاء، وقد نصت الفقرة الثانية من النص تطبيقًا لذلك، على أن تكون الحواجز الفاصلة بين جزأين من أجزاء الطبقة ملكًا مشتركًا لمالكيها.

وبعد بيان الأجزاء المشتركة في المادتين (849 و850) عرض المشروع في المادة (851) لبيان مقدار حصة كل شريك في تلك الأجزاء، والمبدأ الذي قرره المشروع في هذا الخصوص، هو الوارد في المادة الثالثة من القانون الكويتي، وهو أن يكون نصيب كل مالك في الأجزاء المشتركة بنسبة قيمة الجزء الذي يملكه مفرزًا، ولكن بينما اقتصر نص القانون الحالي على بيان هذا المبدأ كما فعل من قبل القانون المصري والقوانين العربية التي تأثرت به، حسم المشروع المسائل التي يثيرها تطبيق هذا المبدأ واختلفت في شأنها الآراء.

والمسألة الأولى هي الأساس الذي يُبنى عليه تقدير قيمة كل جزء من الأجزاء المفرزة، فهل يعتد بكل ما يؤثر في قيمة هذا الجزء أم نقف عند بعض الاعتبارات دون البعض الآخر ؟ أخذ المشروع بأن تكون العبرة بالمساحة والموقع، وبالتالي لا يدخل في الاعتبار عند التقدير ما قد تتميز به شقة عن غيرها من الشقق بسبب ما يوجد بداخلها من أشياء مرتفعة القيمة كأنواع جيدة من الأخشاب أو الأدوات الصحية أو بوجه عام أعمال الزينة (الديكور).

والمسألة الثانية هي الوقت الذي يعتد به عند تقدير القيمة، هل هو وقت إنشاء المبنى أم الوقت الذي يثور فيه النزاع حول التقدير، فقد يحدث بعد إنشاء المبنى أن تتغير الظروف المحيطة به فتتغير قيمة بعض الأجزاء زيادة أو نقصًا، كأن يتحول الشارع إلى شارع تجاري، وقد أثارت هذه المسألة خلافًا في الرأي سواء في فرنسا أو في مصر، وأخذ المشروع بالرأي القائل إن العبرة بالقيمة وقت الإنشاء.

وبهذين القيدين، تحديد القيمة على أساس المساحة والموقع دون اعتداد بما يوجد من تحسينات داخل الجزء المفرز، وأن تكون العبرة في التحديد بوقت إنشاء البناء، تستقر نسبة ما يملكه كل شريك في الأجزاء المشتركة فلا يعاد النظر فيها كلما حدث تغيير في الظروف المحيطة بالمبنى أو فيما يوجد داخل الشقة.

وبعد تحديد الأجزاء المشتركة، وحصة كل شريك فيها عرض المشروع في المادة (852) للأحكام الخاصة بملكية هذه الأجزاء المترتبة على وضعها الخاص باعتبارها شائعة شيوعًا إجباريًا لتبعيتها المملوكة ملكية مفرزة.

وأول مظاهر الإجبار على البقاء في الشيوع هو عدم جواز طلب قسمة الأجزاء المشتركة لأنها مخصصة لأغراض تقتضي بقاءها شائعة، وهذا ما نص عليه المشروع في صدر النص.

ومن ناحية أخرى فالغرض من جعل الأجزاء المشتركة مملوكة على الشيوع لملاك الأجزاء المفرزة هو تمكين هؤلاء الملاك من الانتفاع بما يملكون، الأمر الذي يقتضي التلازم بين ملكية الأجزاء المفرزة والاشتراك في الأجزاء المشتركة، ويترتب على ذلك حكمان قررهما نص المشروع، بعد أن قرر الحكم الخاص بعدم جواز طلب القسمة، الحكم الأول أنه لا يجوز لمالك أن يتصرف في حصته في الأجزاء المشتركة مستقلة عن الجزء الذي يملكه مفرزًا، وهو الحكم الذي قررته الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون الكويتي الصادر سنة 1976 وقرره من قبل القانون المدني المصري (م 856) والقوانين العربية التي استمدت منه، والحكم الثاني هو أنه إذا تصرف مالك في الجزء الذي يملكه مفرزًا، سواء كان التصرف ناقلاً للملك أو غير ذلك من التصرفات كالرهن مثلاً، فتدخل حصة المتصرف في الأجزاء المشتركة بقوة القانون فيما يشمله التصرف، وهذا الحكم الأخير لم ينص عليه القانون الكويتي كما لم ينص عليه القانون المصري ولا القوانين التي استمدت منه، ولكنه مع ذلك مسلم ويمكن تخريجه على أساس أن الحصة الشائعة في الأجزاء المشتركة تعتبر من ملحقات الجزء المفرز المتصرف فيه، وقد آثر المشروع النص عليه صراحة.

وبعد الأحكام الخاصة بتحديد الأجزاء المشتركة، وحصة كل شريك فيها، والأحكام الخاصة بملكية هذه الأجزاء، بدأ المشروع في تنظيم كيفية الانتفاع بالعقار وإدارته، وحق كل شريك في التصرف فيما يملك.

فبدأ في المادة (853) بالنظام الاتفاقي لملكية الطبقات والشقق، والقانون الحالي في الكويت ينص في الفقرة الأولى من المادة العاشرة على أن (يضع جميع أعضاء الاتحاد نظامًا له ولحسن إدارة العقار والانتفاع به، فإذا وافقت أغلبية أصحاب الأنصبة في العقار المشترك على النظام، واعترض بعض الملاك عليه، فللقاضي بناءً على طلب الأغلبية إقراره، ويكون نافذًا في حق الجميع)، فالأصل هو ضرورة موافقة جميع الملاك على النظام، فإذا لم يوافق الجميع فلا يوجد النظام ويكون نافذًا في حق الجميع إلا بموافقة الأغلبية وإقرار المحكمة، فجاء المشروع وجعل وضع النظام من سلطة أغلبية خاصة هي من يملكون ثلاثة أرباع الأنصبة دون حاجة إلى إقرار المحكمة.

ولتفادي ما قد يحدث من وضع قيود، في النظام الاتفاقي، على الملكية تفقدها كثيرًا من مزاياها، ونظرًا إلى أن الراغب في التملك قد يقبل ما يرد في النظام المعد من قبل لشدة حرصه على التملك أو لعدم تقديره لمدى القيود الواردة في النظام على الملكية، نظرًا لهذا نص المشروع في الفقرة الثانية من النص على أنه لا يجوز أن تفرض في النظام قيود على ملكية الأجزاء المفرزة أو المشتركة لا يبررها تخصيص هذه الأجزاء أو موقعها، وهو الحكم الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون الفرنسي الصادر سنة 1965، وهذا يعني أن كل قيد ليس له ما يبرره يُعتبر كأن لم يكن، ولكل مالك حتى ولو كان قد وافق على النظام أن يطلب إلى القضاء اعتبار الشرط المتضمن هذا القيد باطلاً.

ثم عرض المشروع بالمواد (من 854 إلى 858) لسلطات المالك وواجباته سواء بالنسبة لما يملكه مفرزًا أو بالنسبة للأجزاء المشتركة.

فالمادة (854) تعرض لسلطات المالك على الجزء الذي يملكه مفرزًا، طبقة كان أو شقة، فتقرر أولاً المبدأ العام في حق المالك في التصرف فيما يملك شأنه في ذلك شأن أي مالك، وإطلاق النص في هذا الخصوص يفيد أن للمالك أن يتصرف سواء كان التصرف معاوضة أو تبرعًا، وله أن يتصرف لمن يشاء سواء كان المتصرف إليه من الملاك الآخرين أو من غيرهم، وله أن يتصرف فيما يملك كله تصرفًا واحدًا كما له أن يجزئ الطبقة أو الشقة ويتصرف في جزء ويستبقي جزء الآخر أو يتصرف فيه لغير المتصرف إليه الأول، وللمالك أن يتصرف تصرفًا ناقلاً للملك أو غير ذلك من تصرفات كأن يرتب على ما يملك حق انتفاع أو يرهنه.
ولكن ليس ثمة ما يمنع المالك من الاتفاق مقدمًا، في نظام الملكية الاتفاقي، على تقييد حرية المالك في التصرف وذلك في الحدود التي يصح فيها مثل هذا الاتفاق وفقًا للقواعد العامة ومع مراعاة حكم الفقرة الثانية من المادة (853) من المشروع. فلهم أن يتفقوا مثلاً على أنه لا يجوز لأي منهم أن يقسم طبقته أو شقته إلى أجزاء يتصرف في كل جزء منها لشخص، ويكون الباعث على مثل هذا الاتفاق هو الاحتفاظ بمستوى معين للمبنى والحد من عدد الأشخاص الذين ينتفعون به، ونكون بصدد حق ارتفاق مقرر على كل طابق أو شقة لمصلحة الطبقات أو الشقق الأخرى، فيخضع لأحكام حق الارتفاق وبخاصة من حيث أنه لا يشترط له مدة.

كما عرض النص نفسه لسلطتي الاستعمال والاستغلال بالنسبة للجزء المفرز مع التخصيص المتفق عليه في نظام الملكية الاتفاقي أو مع ما أُعد له، فإذا كانت الشقة مثلاً مخصصة للسكنى، فلا يجوز للمالك أن يباشر فيها هو أو من يستأجرها منه تجارة أو حرفة.

ثم عرض المشروع في المادتين (855 و856) لسلطات المالك على الأجزاء المشتركة، فنص في المادة (855) على أن لكل مالك – في سبيل الانتفاع بالجزء الذي يملكه مفرزًا – أن يستعمل الأجزاء المشتركة فيما خصصت له، مع مراعاة حقوق غيره من الملاك، فنظرًا إلى أن هذه الأجزاء مملوكة على الشيوع بالتبعية لملكية الأجزاء المفرزة، ولتمكين الملاك من الانتفاع بهذه الأجزاء، فيترتب على ذلك أن يتقيد استعمال الملاك أو انتفاعهم بوجه عام بالقيود الني تتفق مع هذه التبعية، وهذه القيود هي:
أولاً: أن يكون استعمال الشريك لجزء من الأجزاء المشتركة في سبيل انتفاعه بما يملكه مفرزًا، فلا يجوز للشريك في المنزل مثلاً أن يستعمل الجزء المخصص من الفناء لوقوف السيارات بوضع السيارات الخاصة بمتجره أو مصنعه وخصوصًا إذا كانت من سيارات نقل البضائع، ويتقيد استعمال الشريك للأجزاء المشتركة ثانيًا بأن يكون فيما خصصت له تلك الأجزاء، فلا يجوز للشريك مثلاً أن يستعمل المدخل أو الممرات أو السلم أو الفناء في عرض منتجاته أو بضائعه حتى ولو كان الجزء الذي يملكه مفرزًا مخصصًا للتجارة، هذا إلا إذا كان هناك اتفاق على خلاف ذلك، وأخيرًا يتقيد استعمال الشريك للأجزاء المشتركة بوجوب مراعاة حقوق غيره من الشركاء، فنظرًا إلى أن لكل شريك ما لغيره من حق استعمال الأجزاء المشتركة، فيجب ألا يكون من شأن استعمال أحدهم حرمان غيره من الاستعمال أو عرقلة هذا الاستعمال على نحو يجعل بعض الشركاء أكثر انتفاعًا من غيره، وإنما يجب تحقيق التوازن بين حقوق الجميع، وقد آثر المشروع أن يستبدل بعبارة (على ألا يحول دون استعمال باقي الشركاء لحقوقهم) الواردة في المادة الرابعة من قانون سنة 1976، وفي المادة (857/ 1) من القانون المصري والقوانين العربية التي نقلت عنها، آثر أن يستبدل بتلك العبارة عبارة (مع مراعاة حقوق غيره من الملاك) لأن العبارة الأولى تفيد أن كل ما يتقيد به استعمال الشريك هو ألا يحول هذا الاستعمال دون استعمال الآخرين لحقوقهم، في حين أن التقيد المطلوب أكثر من ذلك، إذ يجب ألا يصل الاستعمال إلى حد فيه شيء من الطغيان على حقوق الآخرين، وهي حقوق متساوية مع حق الشريك الذي يباشر الاستعمال، حتى ولو لم يصل الأمر إلى حد الحيلولة دون استعمال الآخرين، وبناءً على هذا القيد، إذا كان الاستعمال المشترك يمكن أن يتحقق للشركاء جميعًا في وقت واحد دون تعارض إذا روعيت فيه درجة من العناية فيجب على كل شريك أن يلتزم هذه الدرجة من العناية، وإذا كان استعمال الجميع في وقت واحد متعذرًا ويقتضي الأمر أن يتناوب الشركاء في الاستعمال كما هي الحال لو وجدت غرفة مشتركة لغسل الملابس، فيجب أن يتيح كل مالك لغيره فرصة متكافئة في الاستعمال على الوجه المألوف.

أما المادة (856) فتعرض لحق الشريك في أن يُحدث تعديلاً في الأجزاء المشتركة على نفقته هو، ويتضمن النص حكمًا يوفق بين مصلحة الشريك الذي يرغب في إحداث التعديل من جهة، ومصالح غيره من الشركاء من جهة أخرى، فالأصل وفقًا للقواعد العامة أن الشريك في الشيوع ليس له أن يحدث تعديلاً في الشيء الشائع، وإنما يكون التعديل من سلطة الشركاء مجتمعين أو بموافقة الأغلبية، ولكن قد يرغب شريك في إجراء تعديل ما يراه محققًا لمصلحته، وفي الوقت نفسه لا يقبل الآخرون أو الأغلبية التي يعطيها القانون سلطة إجراء هذا التعديل، لا يقبلون إجراءه على نفقة الجميع، فإذا بلغت درجة حرص الشريك الراغب في إجراء التعديل إلى حد أن يقبل القيام به على نفقته وحده ولم يكن من شأن إجراء هذا التعديل المساس بمصالح الشركاء الآخرين، فلا مبرر لحرمان الشريك الراغب في التعديل من إجرائه.

وللتوفيق بين المصالح، قيد النص حق الشريك في إجراء التعديل، بالإضافة إلى كونه على نفقته هو، بقيود ثلاثة: الأول أن يكون من شأن التعديل تحسين استعمال الجزء أو الأجزاء التي يحدث فيها، والثاني ألا يترتب على التعديل تغيير في تخصيص تلك الأجزاء، والثالث ألا يترتب عليه ضرر لباقي الملاك، وبناءً على هذا، يجوز للشريك مثلاً، أن يستبدل بأنابيب المياه الموجودة خارج شقته، وهي مشتركة، أنابيب أوسع حتى تصل المياه إلى شقته الموجودة في الأدوار العليا على نحو أفضل، كما يجوز للشريك أن يضيف إلى المصعد جهازًا يرفع من مستوى أداء وظيفته، وكذلك للشريك أن يستبدل ببلاط مدخل المبنى نوعًا أفضل يسهل تنظيفه.

وإذا كان إجراء التعديل بالشروط الواردة في النص من حق الشريك، فهذا لا يعني أن له أن يباشر إجراء التعديل دون إذن، فنظرًا لتعلق حق الشركاء الآخرين بالجزء المشترك الذي يُراد إجراء التعديل فيه، ولتقدير ما إذا كانت الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التعديل متحققة أم لا، نظرًا لهذا نص المشروع في الفقرة الثانية من النص على ضرورة حصول المالك الذي يرغب في إجراء التعديل قبل إحداثه، على إذن أغلبية الملاك التي يدخل في سلطتها إجراء مثله، أي أنه يلزم موافقة من يملكون ثلاثة أرباع الحصص إن لم يوجد اتحاد ملاك، أو موافقة الجمعية العمومية لاتحاد الملاك بأغلبية أصوات جميع الأعضاء (م 867 من المشروع)، فإذا لم توافق الأغلبية على التصريح للمالك الذي يرغب في إحداث التعديل، كان له أن يطلب من المحكمة الإذن له بإجرائه.
وعرض المشروع في المادة (857) لمنع كل مالك من أن يقوم بعمل من شأنه أن يهدد سلامة البناء أو يغير من شكله أو مظهره الخارجي، وهو الحكم الوارد في المادة (4/ 3) من قانون سنة 1976، وهو حكم عام يصدق على كل عمل سواء في الجزء الذي يملكه الشريك مفرزًا أو في الأجزاء المشتركة، فلا يجوز للشريك مثلاً أن يضع في شقته أشياء ثقيلة الوزن إلى الحد الذي يزيد عن المعتاد ويهدد سلامة السقف، أو يضع في الجزء الذي يملكه آلات يترتب على تشغيلها سلامة هيكل البناء، ولا يجوز لصاحب الشقة طلاء الحوائط من الخارج أو طلاء النوافذ بألوان تتنافر مع المظهر الخارجي للبناء وتشوه مظهره.

وأخيرًا عرض المشروع في المادة (858) للنفقات المشتركة ومقدار ما يتحمله كل مالك منها، وهذه من أهم المسائل التي يثيرها نظام ملكية الطبقات والشقق.

والقانون الحالي، أي قانون سنة 1976، ينص في المادة الخامسة منه على أن يشترك كل مالك في تكاليف حفظ الأجزاء المشتركة وصيانتها وإدارتها وتجديدها ويكون نصيبه في هذه التكاليف بنسبة قيمة الجزء الذي له في الدار ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك، كما نص في الفقرة الثانية من النص على أنه لا يحق لمالك أن يتخلى عن نصيبه في الأجزاء المشتركة للتخلص من الاشتراك في التكاليف المتقدمة الذكر، وهو حكم مأخوذ من القانون المصري (م 858) الذي أخذه بدوره من المادة (6/ 2) من القانون الفرنسي الصادر سنة 1938.

وقد لوحظ بحق، في فرنسا أن توزيع النفقات المشتركة كلها بنسبة ما يملكه كل شريك يتنافى مع العدالة بالنسبة لبعض النفقات، فقيل مثلاً إنه ليس من العدل أن يتساوى صاحب الشقة الموجودة في الدور الأرضي أو في دور من الأدوار المنخفضة مع صاحب الشقة الموجودة في دور من الأدوار العليا في تحمل نسبة من تكاليف تشغيل المصعد، أو أن يشترك صاحب جراج ليس فيه تكييف مركزي في النفقات المشتركة للتكييف، وكان علاج هذا، في ظل قانون سنة 1938، هو الاتفاق على خلاف القاعدة التي نص عليها القانون، والتي كانت تسمح بالاتفاق المخالف.

ثم جاء قانون سنة 1965 وقرر قاعدة آمرة، لا يجوز الاتفاق على ما يخالف حكمها، وتفرق بين نوعين من النفقات، النوع الأول هو نفقات حفظ وصيانة وإدارة الأجزاء المشتركة، وتوزع على الملاك بنسبة حصة كل منهم في هذه الأجزاء. والنوع الثاني هو النفقات التي تستلزمها الخدمات المشتركة والأجهزة والأدوات المشتركة وهذه توزع بنسبة ما يعود من الخدمات أو الأجهزة والأدوات من منفعة على كل طابق أو شقة، وقد حذا القانون الجزائري حذو القانون الفرنسي في الأخذ بهذه التفرقة بين نوعي النفقات.
وبرغم ما لوحظ بحق في فرنسا من أن التفرقة بين نوعي النفقات ليست بالدرجة من الانضباط الذي يمنع التردد في اعتبار نفقة معينة من النوع الأول أو من النوع الثاني، برغم هذا آثر المشروع أن يسير في اتجاه القانون الفرنسي من حيث عدم التسوية بين كل النفقات وذلك سعيًا إلى تحقيق العدالة بقدر الإمكان، فاستوحى نص المادة (858) بفقرتيها من نص المادة العاشرة من القانون الفرنسي مع شيء من التعديل، فنصت الفقرة الأولى من المادة (858) على أن نفقات حفظ الأجزاء المشتركة وصيانتها وإدارتها وتجديدها يتحملها جميع الملاك كل بنسبة حصته في تلك الأجزاء، وهو حكم يتفق مع الحكم الوارد في المادة الخامسة من القانون الكويتي الحالي والمادة (858) مصري والقوانين العربية التي تأثرت به، فيما عدا أن المشروع لم ينص على جواز الاتفاق على خلاف ما قرره النص، ويدخل في نطاق هذه النفقات، على سبيل المثال، نفقات نظافة الأفنية والمداخل والسلم وواجهة المبنى، وصيانة الأنابيب المشتركة، وأجور من يتولون الإدارة والحراسة وأقساط التأمين على الأجزاء المشتركة وما ينفق على الإدارة من مكاتبات واجتماعات … إلخ.

ثم نصت الفقرة الثانية من النص على أنه: (ومع ذلك فنفقات الخدمات المشتركة التي تخص بعض الملاك أو يتفاوت الانتفاع بها تفاوتًا واضحًا توزع بنسبة ما يعود منها على كل طابق أو شقة من منفعة)، وقد استرشد المشروع في صياغة هذه الفقرة بالفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون الفرنسي والفقرة الأولى من المادة (750) جزائري مع شيء من التعديل قصد به إبراز الفكرة الأساسية التي تبرر توزيع النفقات بنسبة ما يعود منها على كل طابق أو شقة من منفعة، وليس بنسبة حصة كل مالك في الأجزاء المشتركة، وذلك بالنص على أن الخدمات المشتركة التي توزع نفقاتها على هذا الأساس هي التي (تخص بعض الملاك أو يتفاوت الانتفاع بها تفاوتًا واضحًا)، ويدخل في هذه النفقات نفقات تشغيل المصعد، والنفقات المشتركة للتكييف المركزي والمياه الساخنة، ونفقات رفع فضلات المنازل، ونفقات سجاد السلم إن وجد. وإذا كان المشروع قد نص على توزيع هذه النفقات بنسبة ما يعود من الخدمات المشتركة من منفعة على كل طابق أو شقة، برغم ما يثيره ذلك من صعوبات عملية، فذلك حرصًا منه على تحقيق العدالة بقدر الإمكان في مسألة هامة هي دائمًا محل الشكوى في الدول التي انتشر فيها نظام ملكية الطبقات والشقق، وربما كان الأقرب إلى العدالة أن تُقاس المنفعة التي تعود على الملاك بالنظر إلى الانتفاع الفعلي الذي يراعي فيه أشخاص المنتفعين بالطابق أو الشقة، ولكن للتقليل من الصعوبات العملية التي تثور عند تطبيق الحكم لم ينص المشروع على أن العبرة بالمنفعة التي تعود على مالك الطبقة أو الشقة، وإنما جعل العبرة بالمنفعة التي تعود على الطبقة أو الشقة، وذلك حتى لا يتأثر قياس المنفعة بأشخاص المنتفعين، وإنما يكون القياس على ضوء اعتبارات موضوعية يُراعى فيها موقع الطبقة أو الشقة والحجم والتخصيص.

ومع التسليم بأنه مهما بلغت الدقة في طريقة توزيع النفقات، فلن نصل إلى حد التوزيع العادل الذي يزول معه كل شعور بالظلم، فإن الطريقة المنصوص عليها أكثر عدالة من توزيع النفقات جميعًا على أساس حصة كل مالك في الأجزاء المشتركة.
ويعرض نص المادة (859) لاتحاد الملاك من حيث وجوده أو عدم وجوده والقانون الكويتي الحالي قد حذا حذو القانون المصري والقوانين العربية الأخرى التي تأثرت به (السوري والليبي والأردني) من حيث أنه جعل تكوين الاتحاد جوازيًا للملاك، أما القانون التونسي والقانون الجزائري فقد أخذ بحكم القانون الفرنسي الذي يقرر وجود الاتحاد بقوة القانون بمجرد وجود ملكية الطبقات أو الشقق.

وقد آثر المشروع الإبقاء على حكم القانون الكويتي الحالي، أي قانون 1976 من حيث جعل تكوين الاتحاد جوازيًا في جميع الأحوال، ولكن تمشيًا مع الاتجاه العام في الملكية الشائعة حيث تكفي الأغلبية للقيام بأعمال الإدارة، نص المشروع في الفقرة الأولى من المادة (859) على أنه يجوز للملاك، بأغلبية الأنصبة أن يكونوا اتحادًا لإدارة العقار وضمان حسن الانتفاع به، وذلك على خلاف نص القانون الحالي الذي أطلق العبارة فقال (حيثما وُجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى طوابق أو شقق جاز للملاك أن يكونوا اتحادًا فيما بينهم لإدارة العقار المشترك)، مما يقتضي أن يلزم موافقة جميع الملاك على تكوين الاتحاد.

وعرضت الفقرة الثانية من النص للشخصية الاعتبارية للاتحاد فقررت صراحة أن يكون للاتحاد شخصية اعتبارية من تاريخ شهر الاتفاق على تكوينه، وتمتع الاتحاد بالشخصية وإن لم يكن منصوصًا عليه في القانون الكويتي الحالي فهو يستخلص من نصوص هذا القانون، ومن ذلك فعلاً نص الفقرة الثانية من المادة (13) التي تقول (ويمثل المأمور الاتحاد أمام القضاء حتى في مخاصمة الملاك إذا اقتضى الأمر) وهو ما يدل على أن الاتحاد له حق التقاضي ويمثله في ذلك المأمور، وقد كانت شخصية اتحاد الملاك محل خلاف في فرنسا في ظل قانون سنة 1938 الذي لم ينص عليه صراحةً وساد الرأي القائل بوجود الشخصية، كما أن التسليم بوجود الشخصية هو الرأي السائد في القانون المصري رغم عدم النص على ذلك صراحةً، والواقع أن اتحاد الملاك يفقد أهم دواعي وجوده إذا لم يُعترف له بالشخصية، وفيما يتعلق بالوقت الذي تثبت فيه الشخصية نص المشروع صراحةً على أن يكون ذلك من تاريخ شهر الاتفاق على تكوين الاتحاد، وذلك على أساس الربط بين وجود الشخصية والوقت الذي تتاح فيه الفرصة للغير أن يعلموا بوجود الاتحاد، ونصت الفقرة الثالثة على أن ينظم شهر الاتفاق على تكوين الاتحاد بقرار من وزير العدل.

هذا ولم ينص المشروع على الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون الحالي وهو أنه (يجوز للأفراد تكوين اتحاد بقصد بناء العقارات أو مشتراها لتوزيع أجزائها على أعضاء الاتحاد، فإذا تم البناء أو الشراء تحول هذا الاتحاد إلى اتحاد لإدارة العقار المشترك). وقد راعى المشروع في ذلك أن الاتحاد الذي يُتفق على تكوينه بقصد بناءً عقارات أو مشتراها ليس اتحاد ملاك، ويُقصد منه إلى أغراض أخرى غير التي يهدف إليها اتحاد الملاك وهي ضمان حسن الانتفاع بالعقار وإدارته، وبالتالي لا تسري عليه القواعد التي توضع لاتحاد الملاك، ولا فائدة من النص عليه مع النصوص الخاصة بملكية الطبقات أو الشقق، ولهذا فإذا رغب بعض الأفراد في الشروع في جهد مشترك بقصد بناء العقارات أو مشتراها لتوزيع أجزائها على أنفسهم، أو على أنفسهم وعلى غيرهم، فإما أن يكونوا جمعية تعاونية تخضع لأحكام الجمعيات التعاونية، وإما أن يكونوا شركة تخضع لأحكام الشركات.

ويعرض نص المادة (860) لبيان ما يرجع إليه في إدارة الأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات والشقق، والقانون الحالي إذ نص في المادة (11) على أنه إذا لم يوجد نظام للإدارة أو إذا خلا النظام من النص على بعض الأمور تكون إدارة الأجزاء المشتركة من حق الاتحاد، لم يشر إلى ما يتبع في الإدارة في حالة عدم وجود اتحاد للملاك، وقد آثر المشروع أن ينص صراحة على مما يجب تطبيقه إذا لم يوجد اتحاد للملاك، فنص في الفقرة الأولى من النص على أنه (إذا لم يوجد اتحاد للملاك تكون إدارة الأجزاء المشتركة وفقًا لما يتم الاتفاق عليه في النظام المشار إليه في المادة (853) والقواعد العامة في إدارة الملكية الشائعة)، فإذا ما وجد اتحاد الملاك فتسري النصوص التي وضعها المشروع لإدارة الملكية الشائعة.

ولما كانت ملكية الطبقات والشقق تثير كثيرًا من المسائل التفصيلية، وبخاصة فيما يتعلق بكيفية عمل الهيئات والأشخاص الذين يباشرون أعمال الإدارة كالجمعية العمومية ومدير الاتحاد ومجلس الإدارة إن وجد، فيجب أن تصدر لائحة تنظم هذه المسائل، وهو ما حدث في فرنسا إذ بعد صدور القانون في 10 يوليو سنة 1965 صدر مرسوم باللائحة العامة لتطبيق هذا القانون وذلك في 17 مارس 1967، ولهذا نص المشروع في الفقرة الثانية من النص على أن تسري نصوص المواد التالية واللائحة العامة لإدارة ملكية الطبقات والشقق.

ويعرض نص المادة (861) لحق اتحاد الملاك في تملك جزء مفرز، أو أكثر، في البناء، وتظهر أهمية النص على ذلك إذا روعي أن الاتحاد رغم أن له شخصية مستقلة عن أشخاص الملاك، ليس مالكًا للأجزاء المشتركة إذ أن هذه الأجزاء تكون مملوكة على الشيوع لملاك الأجزاء المفرزة، وليس ثمة ما يمنع من أن يمتلك الاتحاد، بشخصيته المستقلة، طابقًا أو شقة لغرض من الأغراض كأن يخصصها لمكاتب الإدارة، أو يستغلها ويخصص إيرادها لتغطية بعض النفقات المشتركة.

ويكون مركز الاتحاد، بوصفة مالكًا ملكية مفرزة لجزء من المبنى، كمركز أي مالك لطبقة أو شقة، فيما عدا أنه لا يتمتع بسبب ملكيته هذه بأصوات في الجمعية العمومية، وهو ما نص عليه المشروع في الفقرة الثانية من النص، وحرمان الاتحاد من التصويت في الجمعية العمومية أمر واضح الحكمة إذ برغم استقلال شخصية الاتحاد عن أشخاص الملاك فليس له مصالح مستقلة عن مصالحهم وكل ما يتعلق بالشخص الاعتباري يكون الرأي فيه لمجموع الملاك.

ويعرض نص المادة (862) لصورة من صور مسؤولية اتحاد الملاك عن الأضرار التي تلحق أحد الملاك أو الغير. فالاتحاد، باعتباره شخصًا مستقلاً يمكن أن يسأل وفقًا للقواعد العامة في المسؤولية سواء كانت عقدية أو غير عقدية، وسواء كانت المسؤولية ناتجة عن قرار من الهيئة التي تعبر عن إرادة الاتحاد وهي الجمعية العمومية أو عن بفعل تابع من تابعيه أو عن فعل الأشياء التي في حراسته.

وقد رُئي من ذلك النص صراحةً على مسؤولية اتحاد الملاك باعتباره حارسًا على الأجزاء المشتركة منعًا لأي شك في مسؤوليته بهذه الصفة، فنظرًا إلى أن الاتحاد ليس مالكًا لهذه الأجزاء فقد يثور الشك حول صفته كحارس لها، أو في الأقل قد تثور مسألة انتقال الحراسة من الملاك إلى الاتحاد نفسه، ولهذا حسم المشروع الأمر إذ يعتبر الاتحاد بمقتضى النص حارسًا دون حاجة إلى إثبات انتقال الحراسة إليه من الملاك، ونتيجة لهذا لا تُرفع دعوى المسؤولية على كل الملاك وإنما تُرفع على الاتحاد نفسه.
ومسؤولية الاتحاد هذه لا تخل بحقه في الرجوع على غيره ممن يكونون مسؤولين عن الأضرار التي حدثت وفقًا للقواعد العامة، كحقه في الرجوع على المهندس والمقاول عندما يكون الضرر ناشئًا عن عيب في البناء.

وعرض المشروع في المواد (863) وما بعدها لمن يقومون على تسيير شؤون الاتحاد، فبدأ أولاً بالجمعية العمومية، وهي المعبرة عن إرادة الاتحاد فتصدر القرارات التي تنسب إليه، فبين تكوينها ومدى مساهمة كل شريك في التصويت على القرارات التي تصدرها ثم القرارات المختلفة التي تصدر من الجمعية، ثم عرض المشروع بعد ذلك لمدير الاتحاد، وهو العضو التنفيذي الذي يشرف على تنفيذ القرارات وأخيرًا عرض لمجلس الإدارة، فنظرًا لما قد يكون من تفاوت في حجم الملكيات وبالتالي في عدد أعضاء الاتحاد وقيمة البناء، فقد نص المشروع على أنه يجوز تكوين مجلس لإدارة الاتحاد، والأمر جوازي ليقدر ذوو الشأن على ضوء ظروف المبنى إن كان ثمة حاجة إلى تكوين هذا المجلس أم لا.

ويعرض نص المادة (863) لتكوين الجمعية العمومية لاتحاد الملاك، وقد نص في الفقرة الأولى على أنها تتكون من جميع الملاك، فنظرًا إلى أن الجمعية العمومية هي التي تعبر أصلاً عن إرادة الاتحاد، وهو الشخص الذي يوجد للعمل على تحقيق مصلحة الجميع، كان لا بد من أن يكون لكل مالك رأي فيما تتخذه الجمعية من قرارات، وعضوية كل مالك في الجمعية العمومية حكم آمر لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه فلا يجوز الاتفاق على استبعاد أحد الملاك من عضوية الجمعية.

وقد عرضت الفقرة الثانية للحالة التي يتعدد فيها الأشخاص الذين يملكون طبقة أو شقة من حيث عضوية الجمعية العمومية، فنصت على أن يعتبروا مالكًا واحدًا وعليهم أن يوكلوا من يمثلهم في الجمعية، فإذا لم يتفقوا فللمحكمة بناءً على طلب أحدهم أو على طلب مدير الاتحاد أن تعين من يمثلهم، وتعدد الأشخاص الذين يملكون طبقة أو شقة واحدة يتحقق إما لأنهم يملكونها على الشيوع فيما بينهم، وإما لأن أحدهم يملك الرقبة والآخر له حق الانتفاع، وقد نص القانون الفرنسي صراحةً على الحالتين، واكتفى المشروع بالنص على تتعدد الملاك لتشمل الحالتين معًا.

واعتبار الملاك المتعددين، فيما يتعلق بعضوية الجمعية العمومية، مالكًا واحدًا، هو الحكم الذي يتفق مع الأساس الذي يقوم عليه مدى الإسهام في القرارات التي تفرض على الملاك جميعًا وهو وزن المصالح، سواء في القواعد العامة في الشيوع أو في ملكية الطبقات، وحيث يكون إسهام كل شريك بنسبة حصته في المال الشائع، والوسيلة العادية للتعبير عن إرادة ملاك الطبقة أو الشقة عند تعددهم هي أن يوكلوا من يمثلهم، سواء أكان الوكيل واحد منهم أو كان من غيرهم، فإذا لم يتفقوا على توكيل أحد واجتمعت الجمعية بغير من يمثلهم فلا يؤثر هذا في صحة الاجتماع، ولكن لا شك أن لكل منهم أن يحرص على ضرورة تمثيلهم فيطلب من المحكمة أن تعين من يمثلهم، كما أعطى النص لمدير الاتحاد أن يطلب من المحكمة تعيين من يمثلهم عملاً على استكمال تمثيل الملاك في الجمعية.

ثم يعرض نص المادة (864) للأساس الذي يقوم عليه مدى إسهام كل من الملاك في اتخذ قرارات الجمعية العمومية، فإذا تركنا مقدار الأغلبية المطلوبة، وهي ما عرض له المشروع في المواد التالية، نجد القانون الكويتي الحالي، شأنه في هذا شأن القانون المصري والقوانين العربية الأخرى، ينص على أن تكون الأغلبية (محسوبة على أساس قيمة الأنصبة) (م 11)، وهو الأساس الذي أخذ به المشروع سواء في القواعد العامة في الملكية الشائعة أو في ملكية الطبقات والشقق.

والطريقة العملية لإعمال هذا الأساس، لمعرفة ما إذا كان القرار قد وافقت عليه الأغلبية المطلوبة، هي أن تتعدد أصوات كل عضو وتكون النسبة بين عدد ما لكل عضو من أصوات وما لغيره هي النسبة بين قيمة حصة كل منهم إلى حصة الآخر، وهذه القاعدة التي نص عليها المشروع في الفقرة الأولى من النص مستمدًا إياها من القانون الفرنسي، والقانون التونسي والقانون الجزائري.
وللعمل على الحد من سيطرة واحد من الملاك على قرارات الجمعية العمومية، بحكم مقدار ما يملك في البناء، استحداث المشروع الفرنسي بقانون 1965 الحكم الذي أخذ به المشروع في الفقرة الثانية من النص استثناء من القاعدة الواردة في الفقرة الأولى، فإذا كانت حصة أحد الملاك في الأجزاء المشتركة تزيد عن النصف فلا يكون له، مع ذلك من الأصوات من الجمعية العمومية إلا عدادًا من الأصوات يساوي عدد الأصوات التي لباقي الملاك، فإذا افترضنا أن عدد الأصوات جميعًا، على أساس حصص الملاك هي (100) وكان أحد الشركاء يملك 60 % من الحصص فلا يكون له إلا (40) صوتًا ولباقي الملاك (40) صوتًا ويُجرى التصويت على أساس أن مجموع الأصوات (80) صوتًا فقط بدلاً من مائة صوت.

وقد لوحظ على هذا الحكم أنه يؤدي إلى الحيلولة دون أن تتمكن الجمعية من إصدار قرار بالأغلبية، عندما يكون المطلوب هو أغلبية أصوات الأعضاء، وذلك إذا كان المالك الذي أنقص عدد أصواته من رأي يخالف رأي باقي الملاك، ومع هذا قيل إن هذه النتيجة أفضل من ترك مالك واحد يتحكم في قرارات الجمعية العمومية، وفي مثل هذا الفرض الذي يتعذر فيه اتخاذ القرار، يمكن كما ذهب بعض الفقهاء في فرنسا، الالتجاء إلى المحكمة لتقرر ما تراه مناسبًا.

ويعرض نص المادة (865) لحضور اجتماعات الجمعية العمومية بالوكالة، فنصت الفقرة الأولى على أنه يجوز لكل مالك أن يوكل غيره في حضور اجتماعات الجمعية العمومية والتصويت فيها، وليس ثمة ما يمنع من أن يكون الوكيل مالكًا من الملاك الآخرين أعضاء الجمعية، وقد يكون من غير الملاك أصلاً.

أما الفقرة الثانية فقد عرضت لمسألة يمكن التردد في شأنها بين أكثر من رأي وهي مسألة ما إذا كان يمكن للشخص الواحد أن يكون وكيلاً عن أكثر من عضو، فيمكن أن يُقال إنه يجوز للوكيل أن ينوب عن أي عدد من الملاك استنادًا إلى أن الموكل وقد ارتضى أن يوكل شخصًا معينًا فهو يرتضي ما يراه الوكيل في الجمعية العمومية سواء كان وكيلاً عنه وحده أو وكيلاً عن غيره في الوقت نفسه، وقد يقال بضرورة تقييد عدد الملاك الذين يمكن أن ينوب عنهم وكيل واحد، ذلك أنه مع التسليم أن الموكل إذ يرتضي توكيل شخص معين فهو يرتضي رأيه في الجمعية العمومية، إلا أن الواقع أن الوكيل له إرادة واحدة وكثيرًا ما يصعب التوفيق بهذه الإرادة الواحدة بين المصالح المتعارضة، وقد وقف المشروع الفرنسي موقفًا وسطًا فأجاز تعدد التوكيلات بحد أقصى فلا يجوز للشخص الواحد أن يكون وكيلاً عن أكثر من ثلاث ملاك في التصويت على قرارات الجمعية العمومية فيما عدا حالة معينة ليس لها نظير في المشروع وهي حالة وجود اتحاد أساسي واتحادات ثانوية.

وقد آثر المشروع الحكم الوارد في الفقرة الثانية وهو أنه لا يجوز لشخص واحد أن يكون وكيلاً عن أكثر من مالك عملاً على تحقيق أكبر قدر ممكن من الجدية لمداولات الجمعية العمومية.

ونظرًا إلى أن مدير الاتحاد هو الذي يتولى تنفيذ قرارات الجمعية وهو الذي يعرض عليها كثيرًا من الموضوعات، وغالبًا ما يكون له رأي خاص بصفته مديرًا، نص المشروع في الفقرة الثالثة من النص أسوة بالقانون الفرنسي، على أنه لا يجوز لمدير الاتحاد ولا لأحد معاونيه ولا لأزواجهم أن يكونوا وكلاء عن الملاك.

وتعرض نصوص المواد من (866 إلى 870) من المشروع لقرارات الجمعية العمومية والأغلبية اللازمة للموافقة على كل منها، وهي تميز بين طوائف من القرارات تتفاوت من حيث درجة خطورتها، ولهذا تحتاج كل طائفة منها إلى أغلبية خاصة:

( أ ) فالمادة (866) تضع القاعدة الأصلية، أي الواجبة التطبيق ما لم ينص على أغلبية خاصة، وبمقتضى هذه القاعدة تكفي الأغلبية المطلقة أي أغلبية أصوات الملاك الحاضرين في الاجتماع بأنفسهم أو بمن يمثلهم، وبهذه الأغلبية تتخذ القرارات الخاصة بالإدارة المعتادة، مثل صيانة العقار وعمل الإصلاحات اللازمة، والموافقة على الحسابات التي يقدمها المدير والتعليمات الخاصة بطريقة الانتفاع بالأجزاء المشتركة في حدود ما اتفق عليه في نظام الملكية.
وقد استمد المشروع نص المادة (866) من القانون الفرنسي (م 24 فقرة أولى) والقانون التونسي (م 92/ 2) والقانون الجزائري (م 764).

(ب) وتعرض المادة (867) للقرارات التي تجب الموافقة عليها بأغلبية أصوات جميع الملاك، سواء من حضر منهم الاجتماع ومن لم يحضر، وهي قرارات تجاوز أعمال الإدارة العادية المألوفة وتتعلق بأمور عارضة لها قدر من الأهمية دون أن تصل إلى مستوى أعمال التصرف أو التعديل في النظام الاتفاقي للملكية (اللائحة).

وأول هذه القرارات هو قرار الجمعية العمومية بالتفويض في اتخاذ قرار من القرارات التي تكفي فيها الأغلبية المطلقة فيما لو اتخذت الجمعية القرار بنفسها، كما لو فوضت الجمعية مجلس الإدارة إن وجد في الموافقة على ما يقدمه المدير من حسابات، وهذا الحكم مأخوذ من القانون الفرنسي (م 25/ أ).

كما تلزم موافقة أغلبية الأعضاء على قرار الجمعية بتعيين أو عزل مدير الاتحاد أو أعضاء مجلس الإدارة إن وُجد (المادة 25 جـ من القانون الفرنسي والمادة 765 جزائري).

وكذلك قرار الجمعية بالتصريح لأحد الملاك بإحداث تعديل في الأجزاء المشتركة وفقًا لما يقضي به القانون، وقد سبق أن نص المشروع في المادة (856) على حق كل مالك في إحداث تعديل في الأجزاء المشتركة على نفقته بشروط معينة، وأوجب النص الحصول، قبل إحداث التعديل على موافقة أغلبية الملاك الذين يدخل في سلطتهم إحداث مثل هذا التعديل، فإذا لم توافق الأغلبية كان للمالك الراغب في التعديل أن يطلب من المحكمة التصريح له بإحداثه، ونص الفقرة جـ من المادة (867) مأخوذ من المادة (25) من القانون الفرنسي، ونص المادة (765) جزائري.

كما يلزم موافقة أغلبية الأعضاء على القرار بتعديل نسب توزيع النفقات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (858)، وهي النفقات التي توزع بنسبة ما يعود منها على كل طابق أو شقة من منفعة، إذا أصبح التعديل ضروريًا بسبب تغيير تخصيص بعض الطوابق أو الشقق، فإذا كانت الشقة مثلاً مخصصة للسكنى ثم تغير تخصيصها إلى مكتب تجاري أو للمحاماة أو عيادة طبيب الأمر الذي يترتب عليه وجوب إعادة النظر في تحديد ما يخصها من نفقات المصعد، فيكون القرار بموافقة الجمعية العمومية بأغلبية أصوات جميع الأعضاء، والحكم مأخوذ من المادة (25) فرنسي، والمادة (765) جزائري.

وإذا فرضت القوانين أو اللوائح أعمالاً معينة في البناء أو ملحقاته، كما لو فرضت احتياطات معينة للأمن من الحريق أو لاعتبارات صحية، فيجب موافقة الجمعية العمومية بأغلبية أصوات جميع الأعضاء على شروط تنفيذ تلك الأعمال، والحكم مأخوذ من المادة (25) فرنسي والمادة (765) جزائري.

وإذا وجب القيام بعمل من أعمال التصرف في جزء من الأجزاء المشتركة بمقتضى القوانين أو اللوائح، كما لو اقتضى تطبيق لوائح التنظيم تعديل حدود الأملاك وضم قطعة من فناء المبنى إلى ملك آخر، فيجب موافقة الجمعية العمومية بأغلبية أصوات جميع الأعضاء على الشروط التي يتم بها التصرف، والحكم مأخوذ من القانون الفرنسي (م 25/ د) والقانون الجزائري (765) وأخيرًا يجب موافقة الجمعية العمومية بأغلبية أصوات جميع الأعضاء على القرار بتجديد البناء في حالة هلاكه هلاكًا كليًا أو جزئيًا، وفي حالة الموافقة على التجديد يجب أن تقرر الجمعية العمومية بنفس الأغلبية على توزيع نفقات التجديد، والحكم مأخوذ من القانون الفرنسي (م 38، 40) والقانون الجزائري (م 771)، وقد حرص المشروع على أن ينص صراحةً على أن ما قد يستحق بسبب هلاك البناء، كليًا أو جزئيًا، مثل مبلغ التأمين أو التعويض الذي يدفعه المسؤول عن الهلاك، يخصص لأعمال التجديد ما لم يجمع الملاك على غير ذلك، (المادة 868 من المشروع).

(جـ) وتعرض المادة (869) للقرارات التي يجب أن تتم الموافقة عليها بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات جميع الأعضاء، نظرًا لما لها من طابع استثنائي ولا تحتمها ضرورات كالقرارات الواردة في المادة السابقة والتي تكفي بالنسبة لها أغلبية أصوات جميع الأعضاء، وهذه القرارات هي:

أولاً: القرار الخاص بوضع النظام الاتفاقي للملكية (اللائحة) أو تعديله.

ثانيًا: القرار بإحداث تعديل أو تغيير أو إضافة في الأجزاء المشتركة، إذا كان من شأن ذلك تحسين الانتفاع بها في حدود ما خصص له العقار، وقد روعي في تطلب أغلبية ثلاث أرباع أصوات جميع الملاك أننا بصدد تغيير في الوضع القائم الذي ارتضاه جميع الملاك، وعندما تقرر الجمعية إحداث أمر من هذه الأمور يجب في الوقت نفسه أن تقرر، وبنفس الأغلبية، توزيع نفقات ما قررته من أعمال ونفقات تشغيل وصيانة ما استُحدث، ونظرًا إلى أن الأعمال التي يقتضيها تنفيذ قرار الجمعية قد تعوق أو تعطل انتفاع بعض الملاك بما يملكون وقد يعمد بعضهم بسبب ذلك إلى عرقلة التنفيذ، نص المشروع على أنه لا يجوز لأي مالك أن يمنع أو يعطل تنفيذ ما قررته الجمعية ولو اقتضى هذا التنفيذ القيام بأعمال داخل طبقته أو شقته، ونص في الوقت نفسه على حق من يلحقه ضرر بسبب تنفيذ تلك الأعمال في التعويض، وحكم هذه الفقرة مأخوذ من القانون الفرنسي (م 26/ جـ 30)، والقانون الجزائري (م 766، 768).

ثالثًا: القرار بعمل من أعمال التصرف التي من شأنها نقل أو إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية بالنسبة للأجزاء المشتركة في غير الحالة المنصوص عليها في المادة (867) (و) أي دون أن يكون التصرف مفروضًا بحكم القوانين أو اللوائح، كما لو أريد بيع جزء من فناء المنزل أو رهنه ضمانًا لدين على الاتحاد، وكذلك شراء قطعة أرض مجاورة لإلحاقها بفناء المنزل، وقد أُخذ الحكم من القانون الفرنسي (م 26/ أ) والقانون الجزائري.

رابعًا: وأخيرًا القرار الخاص بالتصريح بتملك الاتحاد جزءًا من الأجزاء المفرزة أو التصرف فيما يملكه من هذه الأجزاء. فقد سبق للمشروع أن قرر في المادة (861) حق الاتحاد في تملك طابق أو شقة وحقه في التصرف فيما يملك، ولما كانت الجمعية العمومية هي التي تعبر عن إرادة الاتحاد فقرار التملك أو التصرف يصدر من هذه الجمعية، وإذا كان الطابق أو الشقة التي يملكها الاتحاد لا تُعتبر من الأجزاء المشتركة من حيث أن الذي يملكها هو الاتحاد نفسه باعتباره شخصًا في حين أن الأجزاء المشتركة تكون ملكيتها لمجموع الملاك على الشيوع، إلا أن درجة خطورة التصرف في الحالين واحدة، ولهذا تطلب المشروع أغلبية ثلاثة أرباع أصوات جميع الملاك سواء بالنسبة للأجزاء المشتركة أو الأجزاء المفرزة التي يملكها الاتحاد نفسه.

(د) وعرضت المادة (870) من المشروع لقرارين يجب موافقة الجمعية العمومية على كل منهما بإجماع أصوات الأعضاء، وهما أولاً القرار الخاص بالتصرف في جزء من الأجزاء المشتركة إذا كان الاحتفاظ به ضروريًا للانتفاع بالعقار وفقًا للتخصيص المتفق عليه، فبرغم ضرورة هذه الأجزاء للانتفاع بالعقار وفقًا للتخصيص المتفق عليه مما يجعل التصرف في شيء منها بقرار من الأغلبية أمرًا غير مقبول، فليس ثمة ما يمنع الملاك جميعًا من أن يقرروا التصرف والاستغناء عن الخدمة التي كان يؤديها الجزء المتصرف فيه، كما لو قرروا بيع الجزء من الأرض المخصص لوقوف السيارات والقرار الثاني الذي يلزم اتخاذه بالإجماع هو القرار الخاص بإنشاء طوابق أو شقق جديدة مملوكة ملكية مفرزة، وذلك أن مثل هذا القرار يؤدي إلى تغيير أساسي في المبنى وفي حقوق وواجبات الملاك.

ويعرض المشروع في المواد (ج 871 و872 و873) لمدير الاتحاد الذي يسميه القانون الحالي، وكذلك القانون المصري والسوري والليبي، مأمور الاتحاد، وقد آثر المشروع مصطلح مدير الاتحاد الذي أخذ به القانون التونسي.

ووجود المدير، الذي يختص بالأعمال التنفيذية، أمر ضروري في ظل تنظيم جماعي لملكية الطبقات والشقق.

وقد عرض المشروع في المادة (871) لتعيين المدير، والأصل أن يكون تعيينه بقرار من الجمعية العمومية وقد سبق أن قرر المشروع في المادة (867) الأغلبية المطلوبة لهذا القرار وهي أغلبية أصوات جميع أعضاء الاتحاد، ويجوز أن يكون المدير من بين الملاك كما يجوز أن يكون من غيرهم، ولم يعرض القانون الحالي، شأنه في ذلك شأن القانون المصري وغيره من القوانين العربية، للمدة التي تستمر خلالها صفة المدير المعين، وفي القانون الفرنسي لا يجوز تعيين المدير لمدة تزيد عن ثلاث سنوات (م 28 من المرسوم رقم 67 – 223 الصادر في 17 مارس سنة 1967)، أما القانون الجزائري فنص على أن يُعين الوكيل (المدير) لمدة لا تزيد عن سنتين ويجوز أن يُعين بعدها مرة أخرى، وقد آثر المشروع الأخذ بهذا الحكم فنص على أن يعين المدير لمدة لا تزيد على سنتين قابلة للتجديد.

فإذا فرض لسبب ما أن الجمعية لم تعين مديرًا، لعدم عرض الموضوع عليها أو لعدم توافر الأغلبية اللازمة لتعيين المدير، وقد يترتب على ذلك الإضرار بمصالح الملاك، فيكون لكل منهم أن يطلب من محكمة الأمور المستعجلة تعيين مدير مؤقت يباشر عمله إلى أن تتخذ الجمعية العمومية قرارًا بتعيين المدير.

ثم بينت المادة (872) أن المدير هو الذي يمثل الاتحاد أمام المحاكم والجهات الإدارية وفي التعامل مع الغير، وبينت المادة (873) اختصاصات المدير فذكرت أولاً أنه يتولى تنفيذ نظام الملكية (وهو النظام المنصوص عليه في المادة 853) الأمر الذي يقتضي منه الإشراف على قيام كل مالك بواجباته الواردة في النظام مثل استعمال الأجزاء المشتركة، فيما أُعدت له، والوفاء بالتزامه بنصيب في النفقات المشتركة، واستعمال الجزء المفرز الذي يملكه فيما خُصص له، إلى غير ذلك من الواجبات، كما يتولى المدير تنفيذ قرارات الجمعية العمومية، ويقوم بجميع الأعمال اللازمة للمحافظة على الأجزاء المشتركة سواء كان الحفظ ماديًا أو قانونيًا، ثم تحفظ النص وقال إن ذلك بالإضافة لما يتقرر للمدير من اختصاصات أخرى وفقًا للقانون

وأخيرًا عرض المشروع في المادة (874) لمجلس إدارة الاتحاد، وقد استمد النص من القانون الفرنسي والقانون الجزائري، وقد كان القانون الفرنسي الصادر سنة 1938 خلوًا من أي إشارة إلى مجلس الإدارة، ولكن العمل جرى في فرنسا، حتى قبل قانون 1938 على أن يتفق الملاك في كثير من الأحيان على تكوين مجلس للإدارة، وقد أثبتت التجربة فائدة وجود مثل هذا المجلس وبخاصة في البنايات الكبيرة، فجاء قانون 1965 وقنن ما يجري عليه العمل.

وأول ما يُستخلص من نص المادة (874) أن تقرير إنشاء مجلس للإدارة أمر جوازي، فإذا كان وجود مثل هذا المجلس، عندما يكون البناء كبيرًا يشمل عددًا كبيرًا من الطوابق أو الشقق، يفيد في حسن إدارة المبنى، فقد يبدو أنه لا فائدة منه بالنسبة للأبنية الصغيرة.

وقد عرض النص للغرض من إنشاء المجلس، والأصل أن وظيفته استشارية، فلا يملك اتخاذ قرارات ملزمة لا في توجيه الإدارة ولا في الأعمال التنفيذية، ولكن ليس ثمة ما يمنع من أن تخوله الجهة التي تقرر إنشاءه سلطة اتخاذ قرارات ملزمة. وقد تفوضه الجمعية العامة في اتخاذ قرارات مما يدخل أصلاً في اختصاصها، وذلك على النحو التالي:

1 – ففيما يتعلق بالغرض الأول من الأغراض المنصوص عليها، وهو مساعدة المدير، فللمجلس أن يقدم رأيه للمدير في كافة الأعمال التي يختص بها هذا الأخير، إما من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب المدير، مثل إبداء الرأي في العقود التي يزمع المدير إبرامها مع الغير كمقاول أو محامٍ.

2 – وفيما يتعلق بالغرض الثاني، وهو الرقابة على أعمال المدير، فللمجلس في سبيل تحقيق هذه الرقابة أن يراجع كافة الأوراق المتعلقة بأعمال المدير وبخاصة دفاتر الحسابات، ومن حق كل عضو من أعضاء المجلس أن يطلب من المدير اطلاعه على الأوراق – وللمجلس أن يقدم تقريرًا للجمعية العمومية برأيه في أعمال المدير.

3 – وللمجلس أن يبدي رأيه للجمعية العمومية في أي أمر يرى فيه مصلحة، مثل ملاءمة عمل إصلاح معين أو عدم ملاءمته، أو تركيب مصعد أو تغيير نظام التكييف، أو اقتراح تعديل نسب توزيع النفقات التي تتفاوت درجة الانتفاع بها … إلخ.

4 – وأخيرًا يجب على المجلس أن يقوم بما تكلفه به الجمعية العمومية من أعمال، وقد يكون من بين ما تكلفه به الجمعية العمومية اتخاذ قرارات ملزمة بخصوص بعض الأمور التي تدخل أصلاً في اختصاصها، فيكون المجلس عندئذٍ مفوضًا من الجمعية العمومية إعمالاً لنص المادة (867) فقرة ( أ )، وذلك مثل تفويض المجلس في اعتماد الحسابات التي يقدمها المدير، أما كيفية إنشاء المجلس فقد عرضت لها الفقرة الثانية من النص، فقد ترد الأحكام الخاصة بإنشاء المجلس في نظام الملكية الذي قد يوجد وفقًا لنص المادة (853) من المشروع، فإذا لم يوجد هذا النظام، أو لم ينص فيه على إنشاء مجلس للإدارة، يجوز للجمعية العمومية بأغلبية أصوات جميع الأعضاء أن تقرر إنشاء المجلس.

هذا وقد آثر المشروع ألا يضع قواعد تتعلق بعدد أعضاء مجلس الإدارة، وشروط العضوية، ومدة العضوية، تاركًا ذلك للملاك في نظام الملكية أو في الجمعية العمومية ليقرروا ما يرونه ملائمًا وفقًا للظروف.

ونشير في النهاية إلى أن وضع النصوص الخاصة بملكية الطبقات والشقق موضع التنفيذ، يقتضي لتيسير أعمالها، وضع لائحة تتناول المسائل التفصيلية، هي التي أشارت إليها الفقرة الثانية من المادة (860) من المشروع باسم (اللائحة العامة لإدارة ملكية الطبقات والشقق)، والتي تصدر بمرسوم .

تعليقات