القائمة الرئيسية

الصفحات



موقف الدستور الكويتي من حقوق الإنسان.

موقف الدستور الكويتي من حقوق الإنسان
الكاتب: المحامي د.فهد مرزوق العنزي





الدستور ليس مجرد وثيقة لتنظيم علاقات سلطات الدولة فيما بينها وحسب، وإنما هو وثيقة لضمان الحقوق والحريات. 
وباعتبار ان الدستور هو أسمى القواعد القانونية، والتي يجب احترامها واعطاؤها نوعا من التقدير والاحترام، وبالتالي فان السلطة تكون دائما مقيدة به ولا يجوز لها ان تخالف احكامه، بحيث اصبح مبدأ سمو الدستور من اهم خصائص الدولة الحديثة، ونص الدستور على حقوق الانسان وحرياته، يترجم لنا مدى أهمية حقوق الانسان وحرياته.

الدستور الكويتي خصص الباب الثالث منه على «الحقوق والواجبات العامة» والغالب من الحقوق والحريات المقررة فيه يدخل في إطار الحريات ذات الطابع الفردي أو ما يطلق عليه «الجيل الأول لحقوق الإنسان». 
والباب الثاني من الدستور وعنوانه «المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي» يحتوي على عدد مهم من الحقوق ذات الطابع الاجتماعي، والتي تفترض تدخل الدولة لتفعيلها ويطلق عليها «الجيل الثاني لحقوق الانسان «

من الملاحظات المهمة مثلا، ان الإعلان العالمي لحقوق الانسان وتبني القواعد التي تم وضعها في الباب الثالث من الدستور، مع الحرص ان تكون تلك القواعد متفقة مع احكام الشريعة الاسلامية وطبيعة المجتمع الكويتي، وهذا ما أوضحته المذكرة التفسيرية، حين تم شرح المادة 29 من الدستور، وبينت المذكرة التفسيرية للدستور هذه المادة بقولها «نصت هذه المادة.. علي مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات العامة بصفة خاصة، ثم خصت بالذكر اهم تطبيقات هذا المبدأ بقولها لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».



الجدير بالذكر ان تضمين قواعد حقوق الانسان في الدستور الكويتي يجعلها احكاما دستورية، وبالتالي يجب ان تأتي اعمال السلطات العامة متوافقة مع احكام حقوق الانسان في الدستور الكويتي، ومع وجود الرقابة الدستورية على اعمال السلطات العامة، يرتب أثرا بالغ الأهمية بما يطلق عليه «دسترة حقوق الإنسان» لذلك تنص المادة 173 من الدستور «يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح.. ويكفل القانون حق كلا من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح….».

ويتضح أن الدستور الكويتي يقرر لمحكمة خاصة حق الرقابة على دستورية القوانين، وقد صدر عن المحكمة عدد من الأحكام التي ألغت التشريعات المخالفة لحقوق الانسان منها إلغاء قانون التجمعات لمخالفته حق الأفراد في الاجتماع، وكذلك عدم دستورية نص في قانون جوازات السفر الذي يوجب موافقة الزوج لحصول الزوجة على جواز السفر، وهي لم تستند فقط الى احكام الدستور الكويتي، التي تكفل للأفراد المساواة في التمتع بحرية السفر، لكنها اشارت الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

القانون رقم 109 لسنة 2014 بتعديل بعض احكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية قرار الحق في الطعن لكل شخص طبيعي أو اعتباري بدعوى اصلية امام المحكمة الدستورية في أي قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة، اذا قامت لديه شبهات جدية بمخالفته لاحكام الدستور، وبلا شك ان هذا القانون جعل للأفراد حق الاتصال المباشر بالمحكمة، وهذا التنظيم بلا شك عالج القصور الذي كان موجودا بالسابق. 
كذلك فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحريّة الشخصية، بما قررته حكم المحكمة الدستورية من ابطال القانون رقم 78 لسنة 2015 في شأن البصمة الوراثية الذي كان مزمعا تطبيقه على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين للبلاد، وبلا شك ان هذا الحكم يتفق مع المبادئ الدستورية، ويصون الحق في الخصوصية ويعد انتصارا لمبادئ الحقوق، لا سيما ان احكام القانون المذكور تتعارض مع احكام الدستور الكويتي ذات الصِّلة بالحقوق والحريات الانسانية والتي يطلق عليها كما ذكرنا بالجيل الاول لحقوق الانسان، وبصفة خاصة مع حكم المادة 30 من الدستور التي تنص «الحرية الشخصية مكفولة» وهذا حق اصيل كفلته الشريعة الاسلامية والدستور وحقوق الإنسان الدولية للجميع من دون تفرقة أو تمييز بينهم.

تعليقات